الوسم: استشارات قانونية مجانية في سوريا

  • الأحكام العامة لجرائم المعلوماتية والانترنت

    تضمن الفصل الخامس من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية الأحكام العامة المتعلقة بهذا القانون، كالظروف المشددة التي تشمل جميع نصوصه التجريمية، والشروع، والعلنية، والمصادرة وغيرها من القواعد العامة المتعلقة بالجرائم التقليدية والنواحي الإجرائية.

    واستناول في هذا الجزء القواعد المتعلقة بظروف التشديد والشروع والعلنية والمصادرة على التتالي:

     أولا: ظروف التشديد:

    نصت المادة 30 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية على ما يلي:

    ( تشدد العقوبات، وفق القواعد العامة للتشديد المنصوص عليها في قانون العقوبات النافذ، في الحالات التالية:

    1- إذا كان موضوع الجريمة يمس الدولة أو السلامة العامة.

    2) إذا جرى ارتكاب الجريمة بواسطة عصابة منظمة.

    3) إذا وقعت الجريمة على قاصر أو من في حكمه.

    4) إذا استغل مرتكب الجريمة عمله الوظيفي لارتكاب الجريمة.)

     وعليه فقد حدد المشرع أربعة ظروف تؤدي إلى تشديد العقوبة وفق المادة 247 من قانون العقوبات وهذه الظروف هي:

    أ- إذا كان موضوع الجريمة يمس الدولة أو السلامة العامة:

    ويتحقق ظرف التشديد هذا عندما يكون محل الجريمة يمس الأجهزة الحكومية كالوزارات والإدارات والشركات والمؤسسات والجهات الأخرى التابعة للقطاع العام والمشترك،

    ويستوي هنا أن يكون محل الجريمة المعلومات أو الأموال العائدة للدولة، وتشمل المعلومات مختلف أنواعها سواء أكانت معلومات تمس أمن الدولة أو لا، كالمعلومات المتعلقة بشؤون الموظفين أو المعلومات المتعلقة بموارد الدولة وغير ذلك من المعلومات.

    كما لو قام الجاني بالدخول بطريقة غير مشروعة إلى المعلومات المخزنة في حواسيب إحدى الوزارات سواء تم الدخول بطريقة مباشرة أم غير مباشرة، وقام بنسخ هذه المعلومات أو إتلافها أو تغييرها.

    كما يتحقق ظرف التشديد إذا كان محل الجريمة أموال عائدة للدولة سواء أكانت هذه الأموال منقولة أم غير منقولة، أم كانت عائدة برمتها إلى القطاع العام أو المشترك، كما لو قام الجاني باختراق موقع إلكتروني عائد لأحد مصارف الدولة وقام بتحويل الأموال لحسابه بطريقة غير مشروعة.

    و يتحقق ظروف التشديد أيضاً إذا كان محل الجريمة يمس السلامة العامة والحقيقة أن مفهوم السلامة العامة من الأتساع بمكان بحيث يصعب تحديده تحديدا دقيقة، فالمشرع لم يقم بتحديد معنى هذه العبارة، ولم تقم التعليمات التنفيذية لهذا القانون بذلك أيضا.

    ويمكن أن نحدد مفهوم السلامة العامة هنا في الحالات التي ينتج عن الجريمة ضرر بالصحة العامة أو بفئة معينة من الناس، كما لو قام الجاني باختراق حواسيب معمل للأدوية عن طريق الإنترنت، ثم قام بالتلاعب بكميات المواد الدوائية الداخلة في تصنيع الأدوية، الأمر الذي أدى إلى حدوث أضرار صحية عند مستخدمي هذه الأدوية.

     ففي هذه الحالة نكون أمام جريمة إيذاء مقصود مع ظرفين للتشديد، الأول هو ظرف التشديد المنصوص عليه بالفقرة ب من المادة 28 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية والذي يضاعف الحد الأدنى لعقوبة الجريمة المنصوص عليها في القوانين الجزائية إذا ارتكبت باستخدام الشبكة الإنترنت، أما ظرف التشديد الثاني فهو المنصوص عليه في المادة 30 لأن الجريمة أدت إلى الأضرار بالسلامة العامة.

    ب- ارتكاب الجريمة بواسطة عصابة منظمة:

    عرف المشرع في المادة الأولى من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية العصابة المنظمة بأنها:

     (جماعة أشخاص أو فعاليات، عادة ما تكون ذات تنظيم مركزي، تهدف إلى ممارسة الأنشطة الإجرامية، سواء على الصعيد الوطني أو الإقليمي أو الدولي).

    والواقع أن المشرع لم يحدد في هذا التعريف الحد الأدنى المطلوب قانون الأفراد هذه العصابة، وفي تقديرنا أن الحد الأدنى لأفراد العصابة المنظمة يجب أن يكون ثلاثة أشخاص فأكثر، وذلك تماشياً مع سياسة المشرع السوري في المادة 326 عقوبات المتعلقة بجمعيات الأشرار، وتعريف الجماعة الإجرامية في قانون مكافحة الاتجار بالأشخاص رقم 3 لعام 2010، حيث اشترط المشرع في كلا الحالتين أن تتكون الجماعة من ثلاثة أشخاص فأكثر.

    وبناء على ذلك فيتحقق ظرف التشديد المذكور، إذا تم تكوين جماعة من ثلاثة أشخاص فأكثر، ذات تنظيم مركزي، بهدف ارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية، ويقصد بالتنظيم المركزي أن يكون هناك توزيع لدور كل فرد من أفراد الجماعة في ارتكاب الجرائم، سواء أكانت هذه الجماعة تعمل على الصعيد الوطني أو الإقليمي أو الدولي.

    ج- إذا وقعت الجريمة على قاصر أو من في حكمه:

    ويقصد بالقاصر كل ذكر أو أنثى لم يتم الثامنة عشر من عمره، أما من هو في حكم القاصر فهم فاقدو وناقصو الأهلية كالمجنون والمعتوه والسفيه وذو الغفلة، وعلة التشديد في هذه الحالات هو حاجة هؤلاء للحماية القانونية أكثر من غيرهم بسبب ضعفهم وعدم قدرتهم على حماية أنفسهم، ومثال ذلك الأفلام والصور الخلاعية الموجهة للقاصرين على الانترنت.

    د- إذا استغل مرتكب الجريمة عمله الوظيفي لارتكاب الجريمة:

    ويتحقق ظرف التشديد هنا عندما يقوم العامل في إحدى الجهات العامة أو الخاصة بارتكاب إحدى جرائم المعلوماتية مستغلا وضعه الوظيفي، أي عندما تسهل الوظيفة ارتكاب الجريمة، كما لو قام أحد العاملين بالدخول إلى الأجهزة الحاسوبية لشركة ما ونسخ المعلومات دون أن يكون مصرح له بذلك.

     ثانيا: الشروع:

    نصت المادة 31 من قانون الجريمة المعلوماتية على ما يلي:

    ( يعاقب على الشروع في الجنح المنصوص عليها في هذا القانون، وفق الأحكام الواردة في قانون العقوبات النافذ.)

    والشروع وفقا للقواعد العامة- هو كل محاولة لارتكاب جناية أو جنحة (معاقب على الشروع فيها) بدأت بأفعال ترمي مباشرة إلى اقترافها، تعتبر کالجريمة نفسها إذا لم يحل دون إتمامها سوى ظروف خارجة عن إرادة الفاعل .

    فالشروع هو جريمة بدأت فيها الأفعال التنفيذية إلا أن النتيجة الجرمية لم تتحقق لظروف خارجة عن إرادة الفاعل.

     والمعيار الذي أخذ به المشرع السوري للتمييز بين الأفعال التحضيرية والأفعال التنفيذية، هو المعيار الشخصي الذي ينظر إلى مقدار الخطورة التي وصل إليها الجاني من خلال أفعاله، وهو المعيار الذي يحقق للمجتمع حماية أكبر.

    أما المعيار المادي فهو ضيق؛ لأنه لا يعاقب الفاعل على أفعاله إلا إذا كانت داخلة ضمن الركن المادي للجريمة أو لظرف مشدد لها .

    والأصل أنه إذا وقف نشاط الفاعل عند العمل التحضيري فلا عقاب عليه، إلا إذا كانت الأفعال التي قام بها تشكل جرائم بحد ذاتها.

    والشروع نوعان: شروع تام، وفيه يقوم الجاني بجميع الأفعال التنفيذية إلا أن النتيجة الجرمية لا تتحقق لظروف خارجة عن إرادته.

     ويطلق على هذا الشروع أيضا اسم الجريمة الخائبة.

     أما النوع الثاني فهو الشروع الناقص، وفيه لا يكتمل النشاط الجرمي، وتتوقف الجريمة في مراحلها الأولى لظروف خارجة عن إرادة الفاعل. ويطلق على هذا الشروع اسم الجريمة الموقوفة.

    والشروع بنوعيه يمكن تصوره في جرائم المعلوماتية، فمن يقوم باختراق نظام معلوماتي الأحد المصارف عن طريق الإنترنت، ويقوم بإدخال البيانات اللازمة لإجراء التحويلات المالية غير المشروعة، ثم لا تتحقق النتيجة الجرمية المتمثلة بتحويل النقود، نتيجة وجود خطأ في إدخال بعض البيانات، فإن نشاط الفاعل يشكل هنا شروعة تامة في الاحتيال.

    وقد يقف نشاط الفاعل عند حد الشروع الناقص، كما لو تم إلقاء القبض على أحد الهكرة أثناء وجوده في أحد مقاهي الإنترنت، وهو يقوم باختراق إحدى شبكات المصارف، بغية إجراء تحويلات غير مشروعة.

     ثالثا: العلنية على الشبكات المعلوماتية:

    نصت المادة 32 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية على ما يلي:

     ( تعد الشبكة من وسائل العلنية المنصوص عليها في قانون العقوبات والقوانين الجزائية

    النافذة.)

    وقد حدد المشرع وسائل العلنية في قانون العقوبات بالمادة 208 التي نصت على ما يلي:

     ( تعد وسائل للعلنية:

    1. الأعمال والحركات إذا حصلت في محل عام أو مكان مباح للجمهور أو معرض للأنظار أو شاهدها بسبب خطأ الفاعل من لا دخل له بالفعل.
    2. الكلام أو الصراخ سواء جهر بهما أو نقط بالوسائل الآلية بحيث يسمعهما في كلا الحالين من لا دخل له بالفعل.
    3. الكتابة والرسوم والصور اليدوية والشمسية والأفلام والشارات والتصاوير على اختلافها إذا عرضت في محل عام أو مكان مباح للجمهور أو معرض للأنظار أو بيعت أو عرضت للبيع أو وزعت على شخص أو أكثر.)

    وبناء على ذلك فقد جعل المشرع من الشبكة الانترنت والشبكات الداخلية وشبكات الهاتف النقال وغيرها من الشبكات، وسيلة من وسائل العلنية، بمعنى أنها أصبحت تنزل منزلة المحل العام أو المكان المباح للجمهور، فالعلنية تتحقق في المعلومات التي توضع في متناول عامة الجمهور أو فئة منه على موقع إلكتروني، والتي يمكن لأي فرد الوصول إليها.

    ولا يدخل في مفهوم العلنية المراسلات ذات الطابع الشخصي التي تتم عبر البريد الإلكتروني، أو في المحادثات الشخصية على الشبكة.

    والحقيقة أن هناك طائفة من الجرائم التقليدية التي اشترط المشرع فيها أن ترتكب بوسيلة علنية، كجريمتي الذم والقدح العلني المنصوص عليهما بالمادتين 568 و 570 عقوبات، وجريمتي الذم والقدح العلني الموجه إلى موظف المنصوص عليهما بالمادتين 376 و 378 عقوبات، وجريمة تحقير علم الدولة بشكل علني المنصوص عليها بالمادة 374 عقوبات، وغير ذلك من الجرائم. فشرط العلنية المطلوب يتحقق في جميع هذه الجرائم إذا ارتكبت على الشبكة.

    رابعا: المصادرة:

     نصت المادة 34 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية على ما يلي:

    ( أ- مع عدم الإخلال بحقوق الغير الحسني النية، تحكم المحكمة بمصادرة الأجهزة والبرمجيات الحاسوبية، أو أي وسائل أخرى مستخدمة في ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون. .

    ب- و يجوز أيضا الحكم بوقف أو إغلاق الموقع الإلكتروني المستخدم في ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، أو أي منظومة مشابهة، إذا كانت الجريمة قد ارتكبت بعلم صاحب هذا الموقع أو المنظومة.)

    و المصادرة هنا هي مصادرة عينية و هي عقوبة مالية إضافية، تنزع بموجبها ملكية شيء للمحكوم عليه جبرة، ومن غير مقابل ليصبح ملكا للدولة.

     وقد جعل المشرع من مصادرة الأجهزة والبرمجيات الحاسوبية، أو الوسائل الأخرى المستخدمة في ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية عقوبة إضافية وجوبية، أي يجب على المحكمة أن تحكم بها في حكمها النهائي.

    أما الحكم بوقف أو إغلاق الموقع الإلكتروني المستخدم في ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية، أو أي منظومة مشابهة، إذا كانت الجريمة قد ارتكبت بعلم صاحب هذا الموقع أو المنظومة. فهو أمر جوازي يعود تقديره إلى المحكمة، وهو من قبيل تدابير الاحتراز العينية التي تهدف علاج المجرم، ومنعه من العودة إلى ارتكاب الجريمة، وحماية المجتمع من خطره.

  • جريمة تزوير بطاقة الدفع الالكتروني

     نصت الفقرة ب من المادة 22 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية على ما يلي:

    ( يعاقب بالحبس من ثلاث إلى خمس سنوات والغرامة من خمسمئة ألف إلى مليونين ونصف مليون ليرة سورية، كل من:

    1-قام بتزوير بطاقة دفع.

     2-استعمل بطاقة دفع مزورة أو مسروقة أو مفقودة في الدفع أو سحب النقود.)

    وقد عرف المشرع السوري التزوير في المادة /443/ من قانون العقوبات بأنه:

    (تحريف مفتعل للحقيقة في الوقائع والبيانات التي يراد أثباتها بصك أو مخطوط يحتج بهما، يمكن أن ينجم عنه ضرر مادي أو معنوي أو اجتماعي ).

    وقد عددت المادة (445) عقوبات طرق التزوير المادية، كما حددت المادة /446/ عقوبات طرق التزوير المعنوية.

    وطرق التزوير المادية كما يستدل من اسمها، طرق أو وسائل مادية تترك أثراً مادياً على المحرر يمكن إدراكه إما بالحواس أو بالخبرة الفنية، وذلك بعكس طرق التزوير المعنوية التي لا تترك أثراً يدركه الحس، وبالتالي يصعب إثبات التزوير المعنوي لعدم وجود الأثر المادي.

     وعلى ذلك فإن طرق التزوير المادية من الممكن أن تتم أثناء تحرير المحرر أو بعد الانتهاء من تحريره، أما طرق التزوير المعنوية فلا تتحقق إلا أثناء تحرير المحرر .

    وعلى ذلك سنعمد إلى دراسة الركن المادي والركن المعنوي لجريمة تزوير بطاقة الدفع في ضوء مفهوم التزوير المنصوص عليه في قانون العقوبات على التالي:

    أ- الركن المادي:

    ينطوي الركن المادي في جريمة التزوير التقليدية على تغيير الحقيقة في محرر بإحدى الطرق المحددة قانونية، ولتوافر هذا الركن يجب أن يكون هناك محلا يرد عليه فعل تغيير الحقيقة وهذا المحل هو المحرر، ونشاط جرمي يتمثل بتغيير الحقيقة بإحدى الطرق المحددة قانوناً ويندمج في هذا النشاط النتيجة الجرمية وهي أيضا تغيير الحقيقة وعلاقة السببية بينهما.

    ثم يجب أن يترتب على التزوير عنصر الضرر، وهو شرط منفصل عن الركن المادي إلا أن غالبية الفقه الجزائي جرى على دراسته في إطار الركن المادي.

    ويقصد بتغيير الحقيقة تحريفها أي استبدالها بغيرها، وذلك بإحلال أمر غير صحيح محل أمر صحيح، فإذا لم يكن هناك حقيقة مغيرة أو محرفة فلا يكون هناك تزوير، كمن يقلد توقيع شخص آخر على وثيقة بإذن صاحب الإمضاء ورضائه فلا يعد ذلك تزويراً لأن الحقيقة لم تتغير .

    أما المحرر فيقصد به كل مكتوب يفصح عن مصدره ويتضمن وقائع أو بيانات تصلح الأن يحتج بها.

    فالتزوير هو الكذب المكتوب، والمحل الذي يجب أن يرد عليه التزوير يجب أن يكون مكتوباً، أي أن يكون محرراً.

    ويقصد بالكتابة في مجال التزوير العبارات الخطية أو العلامات أو الرموز التي تصلح السرد واقعة أو للتعبير عن إرادة، أي تصلح لنقل المعنى من شخص لآخر، فلا تعد كتابة ولا تصلح محلا لجريمة التزوير عدادات الكهرباء أو المياه أو الغاز، ولا الأختام المنسوبة لجهة عامة، ولا الرسومات أو لوحات الفن عموماً وإن كان يمكن أن يتوفر في تغيير الحقيقة لهذه الأشياء جرائم أخرى.

    كما يخرج من مفهوم المحرر في جريمة التزوير التقليدي الاسطوانات أو أشرطة التسجيل أو الشريط الممغنط الذي سجلت عليه عبارات أيا كانت أهميتها،

    وبالتالي فإن تغيير الحقيقة الذي يطرأ على المعطيات والمعلومات المخزنة والمسجلة على اسطوانات أو شرائط ممغنطة لا يعد تزويرة، لأن هذه المعلومات المعالجة آلية لا تعتبر محررة، لأنه لا يمكن مشاهدة هذه المعلومات المسجلة كهرومغناطيسية على هذه الشرائط عن طريق النظر .

    إلا أنه وبعد صدور قانون الجريمة المعلوماتية أصبح يدخل في مفهوم المحرر تزویر المعلومات والبيانات المخزنة أو المسجلة على الأشرطة الممغنطة ولو لا يمكن مشاهدتها بالعين المجردة.

    وبناء على ذلك فيقصد بتزوير بطاقة الدفع كل تغيير في أحد بيانات البطاقة كرقمها أو اسم حاملها أو توقيعه، وكذلك البيانات الالكترونية المسجلة على الشريط الممغنط أو المخزنة ضمن البطاقة.

    والواقع أن المشرع السوري لم يحدد طرق تزوير بطاقات الدفع، وبالتالي فيمكن أن يتم التزوير بأي وسيلة كانت، كالتلاعب بشريطها الممغنط أو ببياناتها مثل تاريخ الصلاحية واسم الحامل، أو تقليد البطاقة برمتها، أي صناعة بطاقة دفع على غرار بطاقة أخرى.

    كما يمكن أن يقع التزوير بوسيلة معنوية، كما لو انتحل الجاني شخصية صاحب الحساب في أحد المصارف، من أجل الحصول على بطاقة باسم صاحب الحساب الحقيقي .

    ولا يكفي لقيام جريمة تزوير بطاقات الدفع أن يقع تغيير في الحقيقة في هذه البطاقات، بل لا بد لهذا التغيير من أن يسبب ضررا للغير، وإن كان يكفي أن يكون هذا الضرر احتمالياً .

    والضرر هو إهدار أو انتقاص لحق أو لمصلحة يقررها ويحميها القانون، وهو شرط لازم القيام جريمة التزوير، فإذا انتفى انتفت الجريمة، ويتنوع الضرر إلى ضرر مادي و معنوي، وضرر حال ومحتمل، وضرر فردي واجتماعي.

    والضرر المادي هو الذي يصيب المجني عليه في ذمته المالية، والضرر المعنوي هو الذي ينال من شرف وكرامة واعتبار إنسان أو جماعة.

     أما الضرر الحال فهو الضرر الذي تحقق فعلا، و أما الضرر المحتمل فهو الضرر الذي لم يقع بعد ولكن يحتمل وقوعه، ولا يشترط القيام جريمة التزوير أن يكون الضرر قد وقع فعلا، بل يكفي أن يكون وقوعه محتم .

    أما الضرر الفردي أو الخاص فهو الضرر الذي يصيب فرد أو هيئة أو جماعة خاصة سواء كان مادياً أو أدبياً حالاً أو محتملاً.

    أما الضرر الاجتماعي أو العام فهو الذي يصيب المجتمع ككل أو الجسم الاجتماعي أي يمس الصالح العام، ومن أمثلة الضرر الاجتماعي المادي تزوير إيصال بسداد ضريبة، ومن أمثلة الضرر الاجتماعي المعنوي، دخول شخص إلى الامتحان باسم شخص آخر ليحصل على شهادة باسم الأخير .

    وبالنسبة لتزوير بطاقات الدفع، فإن الضرر الذي يترتب عليه هو ضرر مادي محتمل بالنسبة لحامل البطاقة، بالإضافة إلى ضرر اجتماعي مادي و معنوي نظراً لما يصيب المجتمع من اهتزاز بالثقة في المعاملات .

    ب: الركن المعنوي:

    جريمة التزوير جريمة مقصودة يتخذ فيها الركن المعنوي صورة القصد الجرمي، والقصد الجرمي الواجب توافره لقيام جريمة التزوير ليس فقط القصد العام وإنما يجب أن يضاف إليه القصد الخاص.

    والقصد العام اللازم لقيام جريمة التزوير هو العلم والإرادة، أي العلم بأركان الجريمة وعناصرها، والإرادة التي تتجه إلى السلوك الجرمي ونتيجته.

    أما القصد الخاص الذي يجب توافره لتحقق القصد الجرمي في جريمة التزوير هو نية إحداث ضرر مادي أو معنوي أو اجتماعي بالمعنى الذي سبق الإشارة إليه في شرح عنصر الضرر.

  • جريمة شغل اسم موقع إلكتروني

    نصت المادة 16 من قانون الجريمة المعلوماتية على ما يلي:

    يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر والغرامة من مئة ألف إلى خمسمئة ألف ليرة سورية، كل من شغل اسم موقع إلكتروني من دون علم صاحبه، أو حد من قدرة مالك نطاق على الإنترنت على التحكم في هذا النطاق.

    و سنتناول الركن المادي والركن المعنوي لهذه الجريمة فيما يلي:

     أ- الركن المادي:

     يتمثل النشاط الجرمي في جريمة شغل اسم موقع إلكتروني من دون علم صاحبه بانتحال شخصية موقع إلكتروني، وهو شكل من أشكال سرقة الهوية على الإنترنت.

     و يتم هذا الأسلوب عن طريق إنشاء مواقع مزيفة على شبكة الإنترنت، على غرار مواقع الشركات والمؤسسات التجارية الأصلية الموجودة على هذه الشبكة، بحيث يبدو هذا الموقع المزيف وكأنه الموقع الأصلي المقدم لتلك الخدمة.

    ويقوم الجناة عادة بالحصول على البيانات الخاصة بالموقع الأصلي وعنوانه ورقمه عن طريق الإنترنت، ثم يستخدمون هذه البيانات لإنشاء الموقع المزيف، بحيث يبدو للعيان شبيهة بالموقع الأصلي، وبعد ذلك يقومون بتعديل البيانات السابقة على الموقع الأصلي، بحيث لا يكون على الإنترنت إلا موقع واحد بنفس العنوان. وهنا تظهر النتيجة الجرمية المتمثلة بالحد من قدرة صاحب الموقع من التحكم بموقعه.

    والمشرع السوري لم يشترط لتحقيق جريمة شغل اسم موقع الكتروني أن يحصل الجاني على معلومات من المتعاملين مع هذا الموقع، بل تعتبر الجريمة قائمة متى استطاع الجاني شغل اسم هذا الموقع دون علم صاحبه أو الحد من قدرة مالكه من التحكم به.

     فهذه الجريمة تعتبر إحدى صور إعاقة الوصول إلى الخدمة أو الاستفادة منها، لأنها لا تهدف للحصول على المعلومات بصورة غير شرعية.

    والحقيقة أن الحالات الواقعية والتطبيقات القضائية تشير إلى أن جريمة شغل اسم موقع إلكتروني غالبا ما ترتبط بجريمة الحصول على بيانات بطاقات الائتمان دون وجه حق.

    فبعد إنشاء الموقع المزيف، يستقبل الجناة عليه جميع المعاملات المالية والتجارية التي يقدمها عادة الموقع الأصلي لعملائه عبر شبكة الإنترنت، فيتم استقبال الرسائل الإلكترونية الخاصة بالموقع الأصلي والاطلاع عليها، ومن ثم يتم الاستيلاء على البيانات الخاصة بهم.

    ففي إحدى القضايا، تم القبض في مصر على عصابة مكونة من ثلاثة أشخاص، القيامهم بتصميم مواقع تشبه مواقع بعض المصارف، ثم قيامهم بإرسال رسائل عشوائية عن طريق البريد الإلكتروني إلى عملاء حقيقين، فينخدعون ويقومون بكتابة بياناتهم ويتبعون الخطوات التي يحددها لهم المتهمون. وبعد التعرف على البيانات السرية للعملاء، خاصة كلمات المرور السرية، يتم الاستيلاء على أرصدة هؤلاء الضحايا .

    كما يمكن أن يتم انتحال الشخصية باستخدام بريد إلكتروني لخداع المتلقين، من أجل أن يتصلوا بمواقع إلكترونية مزيفة، وحملهم على إفشاء بياناتهم الشخصية والمالية، مثل أرقام بطاقات الائتمان وكلمات السر وأرقام الضمان الاجتماعي..

    والمثال على هذه العملية عندما يستلم أحد الأشخاص رسالة إلكترونية تتضمن طريقة اتصال بموقع إلكتروني (link)، فعندما ينقر المستلم على هذا الربط (link) فإنه يدخل إلى موقع مثل موقع e-bay، ولكن هذا الموقع يكون مزيفة، إلا أنه وبالتفحص الجيد يمكن أن يظهر أن عنوان الصفحة مختلف عن الموقع الحقيقي.

    ولكن الضحية لن يلاحظ هذا الفرق، وسوف يقوم بإعطاء معلومات عنه، مثل كلمة السر وعنوان البريد.

    ومن أمثلة هذا الأسلوب، أن شخص يدعى “ويليام جاكسون” استلم رسالة إلكترونية تظهر أنها من موقع paypal، وهذه الرسالة تحذره بأن حسابه سوف يغلق ما لم يجنده بمعلومات مالية محددة، وكان يوجد في هذه الرسالة ربط (link) بالموقع الذي يستطيع من خلاله تجديد هذه المعلومات.

    وقد قام “جاكسون” بإدخال أرقام بطاقة الإئتمان والحسابات المصرفية وأرقام الضمان الاجتماعي الخاصة به، ومعلومات شخصية أخرى، وانتهت هذه العملية الاحتيالية بخسارة “جاكسون” مئات الدولارات .

    كما تم تجريم الأخوين “ستيفينز” من “هيوستن” لقيامهما بتنصيب موقع إلكتروني مزيف الجيش الانقاذ Salvation Army، وقاما بجمع أكثر من 48000 دولار باسم جمعية إعصار كاترينا .

    وفي قضية أخرى، ورد بلاغ إلى إدارة جرائم الحاسوب بوزارة الداخلية المصرية عبر البريد الإلكتروني، من إحدى شركات مكافحة جرائم الاحتيال العالمية، التي تمثل قانوناً أحد البنوك البريطانية الكبرى، بوجود موقع مزيف على الإنترنت لهذا البنك البريطاني، يستخدم لخداع عملاء البنك وجمع المعلومات عنهم، والاستيلاء على أرصدتهم بطريقة احتيالية.

    ونتيجة البحث والمتابعة، تم إلقاء القبض على طالب بكلية الهندسة مقيم بالإسماعيلية، لإنشائه هذا الموقع المزيف الذي يحمل نفس مواصفات الموقع الرئيسي للبنك، وقد استطاع الطالب خداع عملاء البنك في الخارج، كما استطاع بمعاونة أشخاص مقيمين في أوربا الشرقية وروسيا تحويل بعض أرصدة العملاء، عن طريق شركات تحويل الأموال وتقسيمها فيما بينهم، وقد ارتكب هذا الطالب جريمته عن طريق مقهى إنترنت عائد لوالده في الإسماعيلية .

    ولابد من الإشارة هنا إلى أن الجريمة شغل اسم موقع إلكتروني قد تشكل حالة اجتماع جرائم مادي مع عن جريمة الحصول دون وجه حق على بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني باستخدام الأجهزة الحاسوبية أو الشبكة المنصوص عليها في المادة 22 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية.

    ب- الركن المعنوي :

    جريمة شغل اسم موقع إلكتروني جريمة مقصودة، تتطلب القصد الجرمي العام بعنصريه العلم والإرادة، فيجب أن يعلم الجاني وأن تتجه إرادته إلى انتحال شخصية موقع إلكتروني دون علم صاحبه أو الحد من قدرة مالكه من التحكم به.

     ج- العقوبة:

    عاقب المشرع على جريمة شغل اسم موقع إلكتروني بعقوبة جنحوية الوصف وهي الحبس من شهر إلى ستة أشهر والغرامة من مئة ألف إلى خمسمئة ألف ليرة سورية.

  • اساءة الأمانة في عقود الوديعة

    الوديعة عقد يلتزم به شخص أن يتسلم شيئاً من أخر على أن يتولى حفظ هذا الشيء وعلى أن يرده عينة (المادة 684 من القانون المدني).

    وكما أسلفنا فإن مناط العقاب هنا ليس الإخلال بالتزامات المودع لديه، وإنما هو الاعتداء على ملكية الشيء محل الوديعة.

    بالتالي لا عقاب على الإهمال في حفظ الوديعة ولو ترتب عليه هلاكها، ولا على استعمال الوديعة بغير إذن مالكها، ولا مجرد التأخير في ردها ما دام المودع لديه لا ينكر ملكية المودع للوديعة.

    ويتضح من التعريف

    الذي أوردناه أنه لا بد لقيام الوديعة من توافر شرطين:

    1- تسليم مال منقول إلى أخر.

     فلا وديعة إذا لم يكن هناك تسليم للمال من المودع إلى المودع لديه. ويستوي أن يكون التسليم حقيقياً أو أن يكون حكمياً.

     ومن أمثلة التسليم الحكمي بقاء الشيء المباع لدى البائع على سبيل الوديعة بعد أن انتقلت ملكيته إلى المشتري .

    فإذا اختلس البائع هذا الشيء قامت في حقه جريمة إساءة الائتمان.

    كما يستوي أن يحصل التسليم من المودع إلى المودع لديه مباشرة، وهذا هو الأصل، أو أن يحصل التسليم بطريقة غير مباشرة.

     ومن أمثلة التسليم غير المباشر حالة وارث المودع لديه. فالوارث يكون مسئولاً عن الوديعة التي تسلمها المورث، فإذا اختلسها وهو يعلم بحقيقتها قامت في حقه جريمة إساءة الائتمان .

     

    2- يشترط أن يكون تسليم الوديعة بقصد حفظها وردها بذاتها،

     أي أن يكون تسليم الوديعة مقتصراً على نقل الحيازة الناقصة، أما إذا لم يكن استلام الشيء بقصد حفظه، أو لم يكن الاتفاق منصباً على رد الشيء بذاته فلا يعد اختلاسه إساءة ائتمان .

     فيعد سارقاً لا مسيئاً للأمانة من تسلم مالاً من الغير بقصد معاينته وتقدير قيمته ورده في الحال ففر هارباً به.

    ولا جريمة أيضا إذا كان التسليم ناقلا للحيازة التامة، إلا إذا كان هذا التسليم نتيجة غش وخداع فيعتبر الفعل احتيالاً إذا توافرت سائر أركانه.

    والأصل في محل الوديعة أن يكون مالا قيمياً، لأن المال القيمي هو الذي يفترض أن يرد بالذات .

    ومع هذا فمن الممكن أن تتحقق الوديعة بالنسبة لمال مثلي، كالغلال والنقود، إذا اتفق الطرفان أن يسترد المودع هذا المال بذاته.

     إذن فالوديعة التي تكون محلا للحماية الجزائية هي الوديعة التي يلتزم فيها المودع لديه بالرد عينا، سواء أكان المال قيمية أم كان مثلية.

    وبناء عليه لا يعتبر مرتكبا لجريمة إساءة الائتمان المودع لديه إذا كان ملتزماً برد مقابل المال المودع لديه كماً ونوعاً، دون رده بذاته أو بعينه، لأن التسليم في هذه الحالة قد اقترن بنية نقل الحيازة التامة وليس الناقصة، أي اقترن بالسماح للمودع لديه أن يتصرف بالشيء محل الوديعة ثم رد قيمته أو مثله دون الالتزام برده عيناً.

     وتطبيقا لذلك لا يعد مسيئا للائتمان مدير البنك الذي يتصرف في النقود المودعة في البنك والتي يتقاضى عليها المودعون فائدة معينة نظير انتفاع البنك بها ، أو المدين الذي يلزمه دائنه بالتوقيع على سند أمانة باعتبار أن المال لديه على سبيل الوديعة.

    ففي هذه الحالات تم تسليم المال تسليما ناقلا للحيازة التامة وليس الناقصة، ويكيف العقد على حقيقته بأنه قرض أو عارية استهلاك وليس وديعة.

     ويستوي أخيرة أن تكون الوديعة تعاقدية أو قانونية أو قضائية.

    فكما سبق و أشرنا إلى أن الحصر التشريعي للعقود الائتمانية يتسع لبعض المراكز الائتمانية غير التعاقدية، فتقوم جريمة إساءة الائتمان فيها بالرغم من عدم وجود عقد من الناحية القانونية.

     وأبرز أمثلة لهذه المراكز تتمثل في حالتي الوديعة والوكالة. فالوديعة كما تكون تعاقدية قد تكون قانونية أو قضائية.

     ومن أمثلة الوديعة القانونية حالة الوريث الذي يتسلم شيئاً مودعة لدى مورثه، وهو يعلم بكونه وديعة، فهذا الشيء يعتبر لديه على سبيل الأمانة، فإذا تصرف به يعتبر مسيئاً للائتمان.

     ومن أمثلة الوديعة القضائية، حالة الحارس القضائي على المال المحجوز عليه، والمسلم له كشخص ثالث، فالمال يكون لديه وديعة، فإذا اختلسه أو تصرف به قام في حقه جرم إساءة الائتمان.

  • إساءة الائتمان في عقود الايجار

    الإيجار هو عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين، منقول أو عقار، مدة معينة، لقاء أجر معلوم (المادة 526 من القانون المدني).

    والأصل أن تقع إساءة الائتمان على المنقول إذا كان قد سلم على سبيل الإيجار، ويكون ذلك باختلاسه والتصرف به.

    أما مجر التأخير في رد الشيء المستأجر أو استمرار الانتفاع به بعد الميعاد المحدد في عقد الإيجار، أو الامتناع عن دفع الأجرة، أو الإهمال في المحافظة على الشيء مما أدى لهلاكه، فلا تقوم به إساءة الائتمان ما دام المستأجر لا ينكر ملكية المؤجر لهذا المال.

     إلا أن مستأجر العقار يمكن أن يرتكب جريمة إساءة الائتمان.

     فمن يستأجر شقة مفروشة، وهي عقار بطبيعته، ثم پستولى على أثاث الشقة، أو ينتزع أبوابها ونوافذها، ويستولي عليها فهو يرتكب جريمة إساءة الائتمان، باعتبار أن الأثاث هو عقار بالتخصيص، أما الأبواب والنوافذ، فهي عقار بالاتصال، وفق مفهوم قانون العقوبات الواسع للمنقول والأصل في محل الإيجار أن يكون مالا قيمية يرد بذاته بعد انقضاء المدة.

    ومع هذا فمن الممكن أن يكون هذا المحل مثلية يرد بذاته، وفي هذه الحالة يشترط انصراف إرادة المتعاقدين إلى ذلك.

    وتطبيقاً لذلك أن يؤجر شخص لأخر سندات لحاملها، وهي مال مثلي، ليستعين بها في الحصول على ثقة شخص يطلب منه قرضاً على أن پردها بذاتها، ولكنه اختلسها، فهو يرتكب جريمة إساءة الائتمان.

     وتجدر الإشارة إلى أن عقد الإيجار لا يفقد طبيعته باعتباره أحد العقود الائتمانية إذا نص في هذا العقد على دفع قيمة الشيء محل التعاقد في حالة عدم رده، لأن ذلك لا ينفي أن تكون نية المتعاقدين قد انصرفت إلى اعتبار العقد إيجاراً.

    واستخلاص هذه النية لتكييف العقد وإعطاءه الوصف الحقيقي من صلاحيات محكمة الموضوع وقرارها في ذلك يخضع لرقابة محكمة النقض.

  • إساءة الأمانة في عقود العارية

    إن المقصود بالعارية التي أشارت إليها المادة 656 هي عارية الاستعمال وليس عارية الاستهلاك أو القرض.

    و عارية الاستعمال هي عقد يلتزم بمقتضاه المعير أن يسلم المستعير شيئاً ليستعمله بلا عوض لمدة معينة أو في غرض معين على أن يرده عيناً بعد الاستعمال ( المادة 602 من القانون المدني ).

     ورد الشيء عينة أو بذاته في عارية الاستعمال يفيد أن هذا الشيء غير قابل للاستهلاك، فإذا استولى عليه المستعير يعتبر مسيئاً للائتمان.

     أما إذا كان هذا الشيء قابلا للاستهلاك أو مما ترد قيمته أو مثله فإن تسليمه للمستعير لا يعد عارية استعمال بل عارية استهلاك أو قرض لا تقوم بها جريمة إساءة الائتمان لأنهما ليسا من عقودها.

    وعقد القرض مرادف لعارية الاستهلاك لأن تسليم الشيء بناء عليه يتضمن نقلا للحيازة التامة، فاستهلاك ذلك الشيء لا يعد جريمة ولو لم يرد مثله وكان المقترض سيء النية معتزماً عدم الرد وقت تسليم الشيء.

    و عارية الاستعمال ترد على مال قيمي لا يهلك بالاستعمال، وتظل ملكية المعير له قائماً، بينما ترد عارية الاستهلاك على مال مثلي تنتقل ملكيته إلى المستعير، ويلتزم هذا بأن يرد مقداراً يماثله نوعاً وصفة.

    بيد أنه وإن كان الأصل أن عارية الاستعمال ترد على مال قيمي، فليس هناك ما يحول دون ورودها على مال مثلي إذا انصرفت إرادة المتعاقدين إلى الالتزام بالرد عينة.

    ومثال ذلك أن يعير شخص لأخر نقودا نادرة لعرضها في معرض، أو يعيره سندات لحاملها كي يستعملها المستعير في ضمان دين معين، على أن يرها عيناً، فإذا رفض المستعير الرد اعتبر مسيئا للائتمان.

     ويرتكب المستعير إساءة الائتمان عندما يستغل وجود الشيء في حيازته فيستولي عليه ناكرة ملكية المعير له ومخ بالتزامه برده بالذات.

     أما إخلاله بأي التزام أخر غير الاستيلاء على الشيء فلا تقوم به جريمة إساءة الائتمان، إذ لا يكفي لقيامها إهماله أو تقصيره في المحافظة عليه مما أدى لهلاکه، أو خروجه في استعماله له عن الوجه المنصوص عليه في العقد أو المستفاد من العرف.

    وغني عن البيان أنه لا قيام الإساءة الائتمان إلا إذا كان موضوع عارية الاستعمال منقولا فاستولى عليه المستعير .

     أما إذا كان موضوع العارية عقارا فإن الاستيلاء عليه لا يشكل إساءة ائتمان، بل نزاعا مدنية، يستطيع مالك العقار أن يسترد عقاره بدعوى استرداد الحيازة

  • ماهو عقوبة جرم الاحتيال لتأمين وظيفة عامة؟

    إن علة تشدید عقاب هذا الاحتيال تتمثل في أنه يخل بثقة المواطنين عامة في القواعد القانونية التي بمقتضاها يتم شغل الوظائف العامة أو أعمال الإدارة العامة، من حيث شروط التعيين فيها ونزاهة إجراءات هذا التعيين.

    فقد نصت المادة 51 من قانون العقوبات على أن

     ” تتراوح مدة الحبس بين عشرة أيام وثلاث سنوات إلا إذا انطوى القانون على نص خاص “.

    وهذه الحالة تفترض أن يقوم المحتال بخداع المجني عليه بزعمه القدرة على تعيينه في وظيفة عامة أو العمل لدى إحدى الإدارات العامة في الدولة، فيؤدي خداعه إلى وقوع المجني عليه في غلط يدفعه إلى تسليم المال للمحتال لقاء قيامه بهذه المهمة.

     ويستوي لقيام الاحتيال بهذه الحالة أن تتوافر في المجني عليه شروط التعيين في الوظيفة أو العمل العام أو لا تتوافر فيه تلك الشروط.

    والشرط الأساسي لقيام هذا الظرف المشدد هو الإدعاء كذبة بالقدرة على تأمين الوظيفة أو العمل.

     بالتالي لا يتوافر هذا الظرف المشدد، ولا يقوم الاحتيال أصلاً، إذا كان المدعى عليه صادقاً في إدعائه واتجهت نيته فعلا إلى تأمين هذه الوظيفة.

     وإن كان من الممكن أن يتوافر في حقه جرم الرشوة أو جرم صرف النفوذ إذا توافرت أركانهما.

    ويشترط كذلك لتوافر هذا الظرف أن يكون إدعاء المحتال منصبة على تأمين وظيفة عامة أو عمل في إحدى الإدارات العامة أيا كانت درجة هذه الوظيفة أو العمل، وأياً كان الراتب، وأياً كان النظام القانوني لهذه الوظيفة أو لهذا العمل.

    وينتفي الظرف المشدد، تبعا لذلك، إذا انصب الاحتيال على تأمين عمل خاص لدى شخص طبيعي أو شركة أو مؤسسة خاصة.

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1