الوسم: اشطر محامي في حمص

  • الحضور أمام المحاكم في قانون أصول المحاكمات المدنية

    الحضور أمام المحاكم في قانون أصول المحاكمات المدنية

    الحضور أمام المحاكم في قانون أصول المحاكمات المدنية

    تمهيد وتقسيم:
    يقتضي الفصل في الخصومات الحضور والمواجهة أمام المحاكم، وتحويل الحقائق المادية أو الواقعية إلى حقائق قضائية قبل إصدار الأحكام من قبل القاضي الذي ينظر في ادعاءات الخصوم وحججهم من خلال ما يتم تقديمه من قبلهم عملا بمبدأ حياد القاضي في صنع الأدلة، وإن كان هذا لا يمنعه من توجيه إجراءات الخصومة بحيث تؤدي إلى الغاية من رفع الدعوى وهي الوصول إلى الحقيقة، إلا أن مسألة الحضور أمام المحاكم ليس عملا عشوائية، بل هو عمل قانوني منظم ينطوي تحت مفهوم إجراءات الخصومة والفصل في. فلذلك، يحتاج الأمر إلى توضيح وبيان بعض التحديدات مثل الحضور والغياب وبيان إجراءات الخصومة أمام المحكمة، وإدارة تلك الخصومة من خلال الجلسات العلنية للمحاكمة لأن ذلك يدخل في مفهوم أقنية العدالة وإجراءاتها الشكلية التي رسمها القانون وصولا إلى إحقاق الحق وإقامة العدل في الدولة.
    لذلك سوف نعرض هذا الفصل في البحثين الآتيين:هما الحضور والغياب أمام المحاكم

    أولاً : الحضور أمام المحاكم

    يبلغ الخصوم بالميعاد المحدد لجلسة المحاكمة في الدعوى المرفوعة أمام القضاء وفق الإجراءات والأصول المحددة لذلك، بهدف عدم مفاجأة المدعى عليه بالدعوى المرفوعة عليه، وقد أوجب القانون أن يسبق التاريخ المحدد للجلسة فترة كافية يستطيع المدعى عليه خلالها مراجعة خصمه لإنهاء النزاع ودياً، أو لتمكينه من إعداد دفاعه وتجهيز مستنداته، أو الاتصال بمحاميه لتكليفه بمتابعة الدعوى،
    كما أنه لم يهدف من الحضور مجرد مراجعة عادية لدائرة من دوائر الدولة، بل أراد من ذلك تمكين الخصم من الدفاع عن نفسه، ولهذا لم يجعل الحضور من عدمه سواء، بل رتب آثارة قانونية على الغياب. لهذا، فإن الحضور والغياب يستلزم بیان مواعيد الحضور، وتحديد مفهوم الحضور وأهميته، ومن ثم تحديد معنى الغياب وأثاره في المطالب الأتية:

    میعاد الحضور أمام المحاكم

    يقصد بالميعاد لغة الوقت لأمر ما ، والمواعيد بالمعنى الاصطلاحي هي أجال أو أوقات أو فترات زمنية لمباشرة إجراء مقترن بها، أو مهلة زمنية بين لحظتين يحددها القانون للقيام بإجراء قضائي،
    أو هو الحد الأدنى للمدة التي يجب انقضاءها بين وقت التبليغ وموعد الجلسة المحدد للنظر في الدعوى من قبل القاضي، والتي يجب أن لا تقل عن مدة معينة، لتمكين المدعى عليه من اتخاذ ما يلزم من أجل إعداد الدفاع قبل أن يحضر أمام المحكمة،
    لأن المشرع أراد من تحديد المواعيد المباشرة الإجراءات القضائية هو أن لا تترك تلك المسألة دون قيد زمني فتطول الخصومات أمام المحاكم، وهي تحقق مصلحة الخصوم من جهة باستقرار مراكزهم القانونية في وقت مقبول، وتؤدي إلى حسن سير العدالة بعدم التراخي في إجراءات التقاضي حتى لا تشغل في خصومات راكدة تعطلها،
    وبالتالي فإن المشرع نظم هذه المسألة بحيث لا تكون بالغة القصر تؤدي إلى عدم التروي في فصل الخصومات وتؤدي إلى نتيجة عكسية، ولا هي متراخية طويلة تؤدي إلى المماطلة والتسويف في أروقة العدالة فتموت الحقوق وأصحابها قبل أن يفصل القضاء في الخصومات،

    وتختلف المواعيد الإجرائية عن ميعاد التقادم، حيث أن المواعيد الإجرائية أو الأصولية تتصل بالخصومة القضائية وجود وسببة، وينظمها قانون أصول المحاكمات، أما مواعيد التقادم فتتصل بالحقوق الموضوعية وينظمها القانون الموضوعي، وللمواعيد في قانون الأصول استخدامات متعددة، وهي أنواع، ولها حسابات، ويمكن أن تمتد.

    لذلك سوف نوضح هذه المصطلحات وفق الآتي:

    أولا – أنواع المواعيد :

    يمكن أن تكون المواعيد حتمية، وتكون كذلك عندما يتعين على الخصوم التقيد بمباشرة الإجراء خلالها تحت طائلة سقوط الحق به، ويترتب على مخالفتها البطلان المطلق لأنها من النظام العام، وعلى المحكمة أن تلتزم بها وبالتالي يمكن التمسك بها في أية مرحلة كانت عليها الدعوى حتى لو كان ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، مثل ميعاد رفع الطعن بالأحكام، وميعاد رفع دعاوى الحيازة،
    كما يمكن أن تكون مواعيد تنظيمية، لا يترتب على مخالفتها البطلان أو سقوط الحق بمباشرة الإجراء، ومنها مواعيد تبادل اللوائح، ومواعيد الحضور أمام المحاكم، وإن كان المشرع قد حدد هذه المواعيد، ونص على الجزاء المترتب على مخالفة بعضها، ولم ينص على الجزاء عند مخالفة البعض الأخر مثل عدم التقيد بمواعيد تبادل اللوائح. لهذا، يعد ميعاد الحضور أمام المحاكم من حيث المبدأ موعد تنظيمية،
    وقد حدده المشرع بثلاثة أيام على الأقل أمام محاكم الصلح، ومحاكم البداية، ومحاكم الاستئناف، وأجاز في حال الضرورة إنقاص هذا الميعاد إلى أربع وعشرون ساعة، وحدده في الدعاوى المستعجلة بأربع وعشرين ساعة، وأجاز إنقاصه عند الضرورة إلى ساعة بشرط أن يحصل التبليغ للخصم نفسه، ويعد هذا الميعاد من المواعيد الكاملة.
    إذ أوجب القانون أن يكون الميعاد المذكور الحد الأدني الذي يمضي بين تاريخ التبليغ وتاريخ الجلسة المحددة للنظر في الدعوى. بمعنى أنه ينبغي أن لا تحدد جلسة قبل فوات تلك المدة على الأقل، أي أنه يجب أن تكون مدة الثلاثة أيام كاملة غير منقوصة، وعدم مراعاة تلك المدة يرتب البطلان النسبي الذي يزول بحضور المطلوب تبليغة إلى المحكمة دون أن يخل ذلك بحقه في طلب تأجيل الدعوى لاستكمال الموعد.

    ثانيا – حساب المواعيد:

    يقضي المبدأ القانوني أن تحسب المواعيد المعينة بالشهور والسنة بالتقويم الشمسي ما لم ينص القانون على غير ذلك، وبالتالي إذا عين القانون میعادة للحضور أو الحصول إجراء، وكان الميعاد مقدرة بالأيام أو الشهور أو بالسنين فلا يحسب منه يوم التفهيم أو التبليغ أو حدوث الأمر المعتبر في نظر القانون مجرية للميعاد بل يدخل فيه اليوم الأخير، وعلى هذا، فإن الميعاد المحدد بالأيام للقيام بإجراء من إجراءات الخصومة، أو للحضور أمام المحكمة في موعد الجلسة، فلا يبدأ إلا من اليوم التالي للتبليغ، ولا ينقضي إلا بانقضاء نهاية دوام اليوم الأخير منه، وإذا كان الميعاد مقدرة بالساعات كان حساب الساعة من الساعة التالية للتبليغ، ولا ينقضي بانتهاء الساعة المحددة للحضور ولو في أخر ثانية منها مالم تكن قد انتهت ساعات الدوام الرسمي.

    ثالثا- امتداد المواعيد :

    يقضي المبدأ القانوني أن ميعاد الحضور ليس مقدساً، وينهي حتماً وفقا لما ذكر في الفقرة السابق بل يمتد إذا صادف أخر الميعاد عطلة رسمية إلى أول يوم عمل بعدها، سواء كان الميعاد محددة بالساعات أم الأيام أو السنين.
    كما يمتد الميعاد بإضافة مهلة سفر أو مسافة لمن كان موطنه ضمن الجمهورية العربية السورية وخارج النطاق المحلي الصلاحية المحلية للمحكمة أو في لبنان، حيث يزاد الميعاد بإضافة سبعة أيام عليه. كذلك يمتد الميعاد بإضافة مهلة مسافة لمن يكون موطنهم في الخارج مقدارها ستون يوماً، ويجوز بأمر رئيس المحكمة تقصير هذا الميعاد تبعا لسهولة المواصلات و ظروف الاستعجال،
    ولا تضاف هذه المهلة لمن تبلغ من هؤلاء في سورية بشخصه أثناء وجوده فيها، وإنما يجوز للمحكمة عند النظر في الدعوى أن تأمر بتمديد الميعاد العادي أو اعتباره ممتدة على أن لا يتجاوز في الحالتين الميعاد الذي كان يستحقه لو بلغ في موطنه بالخارج، ويترتب على عدم مراعاة المواعيد المذكورة أعلاه البطلان النسبي، بمعنى أنه إذا حضرالمدعى عليه ولم يدفع بالعيب الناجم عن عدم مراعاة مواعيد الحضور، فإن الإعلان يكون صحيحة ومنتجة الآثاره، أما إذا تمسك بالعيب، فيمكن أن يعطى مهلة إضافية، ولكن إذا لم يحضر المدعى عليه فعلى القاضي أن يدقق في مراعاة الميعاد بحيث إذا لم يكن تامة قرر إهمال التبليغ واعادته دون نفقات.

    ثانياً : الحضور أمام المحاكم وأهميته

    ترتبط فكرة الحضور أمام المحكمة تاريخية بفكرة المبارزة باعتبارها وسيلة للدفاع عن الحقوق، وقد كانت المبارزة في العصور البدائية جسدية وكان الأقوى هو المنتصر وبانتصاره يضع حداً للنزاع، ومن مقتضی المبارزة حضور الأطراف بأنفسهم لخوض معركة المبارزة،
    وقد انتقلت فكرة الخصومة والحضور والمبارزة الجسدية في نظام العدالة بحلول عدالة الدولة محل عدالة الأفراد إلى الحضور والمبارزة الكلامية واللحن في الحجة لإقناع القاضي بوجهة نظر كل خصم، والانتقال من قيام الخصوم بتطبيق القانون بأنفسهم إلى تطبيقه بواسطة القاضي بمواجهة الطرفين، وإن هذه المواجهة مشرعة أصلاً استناداً إلى حق المساواة أمام القانون، وتمكين كل خصم من الدفاع عن نفسه بذات وسيلة خصمه من جهة، وضماناً لحسن سير العدالة من جهة أخرى لأنه لا يجوز الحكم على شخص من غير سماع دفاعه أو أقواله، وإذا غابت المواجهة غابت العدالة.
    لذلك، فإن الحضور ضد الغياب، وأن الخصومة وفق الشرائع الحديثة لا تنعقد إلا بالحضور المادي أو الحضور الاعتباري، وإن الحضور المادي يكون بشخوص الخصوم بأنفسهم أمام المحكمة، أو بحضور ممثل قانون عنهم،
    أما الحضور الاعتباري فيكون عندما يتم تبليغ الخصوم أصولاً إلا أنه لم يحضر أمام المحكمة، ولم يرسل وكي عنه صالحة لتمثيله في الخصومة، فعندئذ يتعين على العدالة في المسائل المدنية وما في حكمها أن لا تتوقف على مشية الخصم المعني في الدعوى وبالتالي فإن ميزان العدالة ينتصب في غيابه وكأنه حاضرة فيها.
    لذلك نبين الأشخاص الذين يحق لهم الحضور أمام المحاكم، والتوكيل بالخصومة وآثاره، وفق الآتي:
    أولاً- الأشخاص الذين يحق لهم الحضور أمام المحاكم
    يقضي المبدأ العام أنه لا يجوز للمتداعين . من غير المحامين . أن يحضروا أمام المحاكم لنظر الدعوى إلا بواسطة محامين يمثلونهم بمقتضی سند توكيل مصدق من فرع نقابة المحامين الذي تبرز الوكالة في دائرة عمله، ويجب على المحكمة التثبت من هوية المدعى عليه و خاصة إذا كان حضوره إلى المحكمة من تلقاء نفسه ودون أن يكون قد تبلغ مذكرة الدعوة، إلا أنه يستثنى من هذا المبدأ الحالات الآتية:
    1- من تجيز له المحكمة المرافعة بنفسه في دعوى له أو لزوجته أو لأقاربه لغاية الدرجة الثالثة، والأشخاص الذين يجوز لهم المرافعة بأنفسهم القضاة ومحامو الدولة. 2
    – القضايا التي تنظر فيها محاكم الصلح، حيث يحق للخصوم أن يحضروا بأنفسهم، وإذا أرادوا
    توكيل غيرهم بالخصومة فيجب أن يكون من المحامين أو من أقربائهم حتى الدرجة الثالثة الذين يحق لهم المرافعة وفق الفقرة السابقة، ويجب في هذه الحالة إبراز سند توكيل رسمي مصدق من الكاتب بالعدل، ويقبل في هذه الدعاوى في المناطق التي لا يعتمد فيها نقیب المحامين أحدة التصديق الوكالات القضائية، سند التوكيل المصدق من المختار.
    3- القضايا الشرعية عدا دعاوى النسب و الإرث و الوقف، حيث يجوز للخصوم أن يحضروا
    بأنفسهم في هذه الدعاوى، ويجوز لهم فيها توكيل أحد الأشخاص وفق السابق.
    4- إذا لم يبلغ عدد المحامين ثلاثة أساتذة في دائرة المحكمة، يجوز للخصوم أن يحضروا بأنفسهم في جميع الدعاوى أو أحد الأقرباء الذين يجوز لهم المرافعة.
    أما في غير الاستثناءات المشار إليها، فلا يصح حضورهم أمام المحاكم وإذا حضر أحدهم تكلفه المحكمة بتوكيل محام وتعطيه مهلة لذلك، فإن امتنع تنظر الدعوى باعتباره حاضرا ويصدر الحكم بحقه بمثابة الوجاهي، وإذا حضر الموكل مع المحامي أو الوكيل وأثبت ذلك في محضر الجلسة يقوم ذلك مقام التوكيل المصدق عليه، لأنه يجوز أن يعطى التوكيل في الجلسة بتقرير يكون في محضرها يوقع عليه، الموكل أو يختمه بخاتمه أو بصمة إبهامه، ولا يجوز للوكيل أن يحضر جلسة المحاكمة دون علم وكيله، ويعتبر ذلك مخالفة لصحة التمثيل الذي يعتبر من النظام العام،
    وإذا حضر الوكيل وتبين للمحكمة عدم صحة وكالته عن المدعى عليه، فلا يجوز تثبیت تخلف هذا الأخير عن الحضور قبل تبليغه موعد الجلسة لتستدرك حضوره .
    ويجوز للمحامي أن ينيب عنه محامي أخر في الحضور والمرافعة أمام المحاكم في الدعاوى الموكل فيها بموجب كتاب إنابة موقع منه مالم يكون ممنوعة من ذلك في سند التوكيل، وله الحق في الإنابة في دعاويه الشخصية , وينوب المحامي المدرب عن أستاذه في حضور جلسات المحاكمة ولو كانت صفة الأستاذ في الدعوى حارسا قضائيا،
    إلا أنه لا يجوز تبليغ المحامي المناب لأن التبليغ لا ينتج آثاره ولا يجعل مهل الطاعن سارية بحق الوكيل الأصيل، وإذا اعتزل المحامي الوكيل وكالته لا يحق له التغيب عن حضور الجلسات قبل تبليغ الموكل الاعتزال وموعد المحاكمة تحت طائلة إجراء المحاكمة بحق الموكل بمثابة الوجاهي، وتجدر الإشارة إلى أنه على الخصم الذي لا يكون له وكيل في بلد مقر المحكمة أن يتخذ له في أول جلسة يحضرها موطنا فيه.
    ثانياً – التوكيل بالخصومة وآثاره:
    جاء في قانون أصول المحاكمات أنه بمجرد صدور سند التوكيل للوكيل فإن موطن الوكيل هو المعتمد للتبليغ في درجة التقاضي التي صدر التوكيل بشأنها، وأن سند التوكيل يخول الوكيل القيام بكل ما نص عليه سنده مع ضرورة التفويض الخاص في الإقرار بالحق والتنازل عنه، والصلح، والتحكيم، وقبول اليمين وتوجيهها وردها، وترك الخصومة، والتنازل عن الحكم كلياً أو جزئياَ، والتنازل عن أي طريق من طرق الطعن، ورفع الحجز، وترك التأمينات، والطعن بالتزوير، ورد القاضي ومخاصمته، ورد الخبير،
    وكل عمل لا يدخل في باب رفع الدعوى ومتابعتها والدفاع فيها واتخاذ الإجراءات التحفظية، وكل تصرف أو إجراء يقرر القانون أنه يحتاج إلى تفويض خاص،
    وإذا تعدد الوكلاء، جاز لأحدهم الانفراد بالعمل في القضية، ما لم يكن ممنوعة من ذلك سند في التوكيل، وللمحامي اعتزال الوكالة في أي وقت ولا يجوز ذلك في وقت غير ملائم، وبالتالي فلا يصح الاعتزال إلا بعد موافقة المحكمة التي نظر في الدعوى، وبعد تبليغ الموكل عن طريق فرع نقابة المحامين المعني، ويجب أن يراعى دائماً أن المحامي ليس خصمة وليس له صفة في الدعوى سوى تمثيل موكله في الدفاع عنه وفقا لما تقتضيه قواعد مهنة المحاماة، وبالطريقة التي يراها مناسبة، وإن أي نزاع يتعلق بعمل المحامي هو نزاع على سلطته وليس على صفته، وتجدر الإشارة إلى  إن الحضور أمام المحكمة يغطي عدم صحة التبليغ.

  • المصلحة كشرط لاقامة الدعوى في القانون السوري

    المصلحة كشرط لاقامة الدعوى في القانون السوري

    المصلحة كشرط لاقامة الدعوى في القانون السوري

    يقضي المبدأ القانوني العام أن أهم شرط لقبول الدعوى هو وجود مصلحة للمدعي في رفعها، وإن الصفة غالبا ما تكون مندمجة معها.

    لذلك يقال : لا توجد دعوی بلا مصلحة والمصلحة مناط الدعوى، لأن مهمة القضاء محصورة بحماية حقوق الأفراد وتوزيع العدالة بين الناس، ولا يجوز صرفه عن مهمته السامية في أمور لا جدوى منها،

     وعليه جعلت هذه القاعدة أو المبدأ من النظام العام فلا يجوز الإخلال به، وإذا اختلف الفقهاء في مدى ضرورة توفر الصفة في الادعاء فهم متفقون على ضرورة توفر المصلحة، وبهذا أخذت أكثر التشريعات، ويقابل وجود المصلحة الجواب على سؤال : لماذا ترفع الدعوى؟ أو لماذا هذا الدفاع، أو التدخل أو الطعن؟ فشرط المصلحة مطلوب في كل ادعاء أو دفاع أو تدخل، ويجب أن تتوافر في المصلحة المعتبرة أمام المحاكم الشروط الأتية:

    1- المصلحة القانونية:

    تكون المصلحة قانونية عندما تستند في وجودها إلى حق أو مركز قانوني، وتهدف الدعوى إلى اقتضاء الحق أو حمايته، أو إلى الحفاظ على المركز القانوني، والمصلحة القانونية يمكن أن تكون مادية وأدبية، أما المصلحة الاقتصادية المجردة، أو المصلحة الأدبية وحدها لا تكفي لقبول الدعوى،

    فلا يكفي لقبول الدعوى التي ترفعها الخطيبة على خطيبها لتأكيد الزواج منه للعلاقة الحميمة التي قامت بينهما أثناء الخطبة، ويجب أن تكون أيضأ مشروعة. لذا، لا تقبل دعوى التعويض التي تقيمها الخليلة بسبب قتل خليلها بحادث كون المصلحة وإن كانت موجودة إلا أنها غير مشروعة بينما تكون الدعوى مقبولة لو أقيمت من أحد الأقارب الذين كان يعيلهم المتوفى على نحو دائم ومستمر لأن التعدي أخل بمصلحة مالية مشروعة للمذكور،

    وإن تقدیر وجود المصلحة من عدمها يعود للقضاء في ضوء كل قضية على حدة دون وضع معيار عام يطبق على الدعاوى،

     وبغض النظر عما إذا كانت المصلحة ذات قيمة مالية كبيرة أو صغيرة، ولكن يشترط أن تكون جدية، فقد ذهب القضاء في بعض الأحكام مثلا إلى القول أن الابن صاحب مصلحة بالادعاء أن والدته كانت معتوهة حين التصرف لأنه خلف عام لها، وأن الحيازة كافية لإضفاء صفة المصلحة على المدعي الحائز للسيارة المتضررة للمطالبة بالتعويض ولو لم يكن مالكة لها.

    2- المصلحة شخصية ومباشرة:

    تكون المصلحة شخصية ومباشرة عندما يكون المدعي هو الدائن أو صاحب الحق المعتدى عليه، أو من يمثله قانونا أو اتفاقاً ، وهذا يعني أن الدعوى الشعبية غير مقبولة أمام القضاء لأن الهدف من الدعوى في مجال القانون الخاص هي حماية المصالح الخاصة وليس حماية المصالح

    العامة من خلال الحفاظ على مبدأ الشرعية وسيادة القانون، ومع ذلك فإن بعض التشريعات تعطي بعض الجمعيات أو النقابات المهنية الحق بإقامة الدعاوى باسمها لحماية المصالح المهنية الأعضائها،

    أما إذا كانت المسألة تشكل ضررة يمس المجتمع فإن الادعاء العام هو الذي يملك الصفة والمصلحة في إقامة الدعوى لحماية أمن وسلامة المجتمع، كما أن المحكمة النقض في سلطنة عمان أجازت دعوى الحسبة بحيث أعطت الحق لمجموعة من الناس أو أحدهم إقامة الدعوى عن الباقين في الأمور العامة.

    3- المصلحة قائمة وحالة:

    تكون المصلحة قائمة وحالة عندما تكون مؤكدة وموجودة عند رفع الدعوى، وأن لا تكون احتمالية، لذلك يقول الفقهاء: إن الضرر الموجب للتعويض هو الضرر الواقع فعلا وهذا ما استقر عليه الاجتهاد،

     وهو الذي يكون محلا للدعوى أما الضرر الاحتمالي الذي يمكن أن يقع ويمكن أن لا يقع فلا يكون موجبة للتعويض وتكون الدعوى به غير مقبولة،

     وعلى هذا فإن دعوى الدائن بالمطالبة بالدين تكون غير مسموعة قبل حلول أجل الدين، أما إذا كان يواجه مسألة جدية تتعلق بإنكار الدين فإنه يملك الحق بإقامة الدعوى لإثبات وجود الدين، وقد خرج المشرع على هذا المبدأ بسماع الدعوى إذا كانت المصلحة محتملة في بعض الحالات على الرغم من أنها غير محققة منها:

    أ. حالة كون المصلحة مهددة:

     قد يباشر المدعى عليه أفعالا من شأنها أن تهدد حق المدعي أو مركزه تهديدا جدية محدقة، كتلك التي تمس حيازة المدعي العقار ما حيث تسمع دعاوى حماية الحيازة كدعوى وقف الأعمال، ودعوى استرداد الحيازة، ودعوى منع التعرض، كما يمكن سماع الدعاوى المتعلقة بمنع اعتداء غير مشروع أو وقفه، أو إثبات الصفة غير المشروعة لذلك الاعتداء.

    ب . حالة تأكيد واقعة خشية زوال الدليل:

     ينحصر قبول مثل هذه الدعاوى في القضايا المستعجلة كونها لا تمس أصل الحق بل تهدف إلى اتخاذ تدابير لحماية الحق، فهي تهدف إلى إثبات واقعة أو تهيئة دليل مسبقا بصدد نزاع قد يقوم بالمستقبل كطلب إجراء معاينة أو وصف حالة راهنة، أو إقامة الدعوى الأصلية بإثبات التزوير في سند معين. لذلك يشترط لسماع مثل هذه الدعاوی تحقق الأتي:

    1- أن يكون موضوع الدعوى إثبات واقعة مادية، وليس تقریر مراکز قانونية.

    2- أن تكون الواقعة المراد إثباتها يمكن أن تصبح محل نزاع مستقبلاً أمام القضاء، وبالتالي

    تكون غير مقبولة إذا كان بشأنها معروضة أمام القضاء، أو أنه يستحيل نشوء نزاع بشأنها.

     3- أن يوجد تهدید جدي بضياع معالم الواقعة إذا تم الانتظار حتى يعرض بشأنها على القضاء

    4- أن لا تؤدي مثل هذه الدعاوى إلى المساس بالموضوع.

    فهكذا، نجد أنه يمكن أن ينشأ خلط بين الصفة والمصلحة، لأنهما يردان غالباً كتعبيرين متلازمين، لأن الفرق بينهما دقيق جدا إذ أن الصفة تدل على الرابطة القائمة بين المدعي وبين الدعوى بغض النظر عن مضمون الحق المراد حمايته، أما المصلحة فهي الرابطة التي تقوم بين المدعي ومضمون الحق المراد حمايته.

     لذلك فكما أنه لا يسمع أي طلب أو دفع ليس لصاحبه مصلحة قائمة فيه، كذلك لا يسمع أي طلب أو دفع لا يملك مقدمه صفة في تقديمه.

     

  • الاختصاص النوعي لمحكمة البداية المدنية – شرح مفصل

    الاختصاص النوعي لمحكمة البداية المدنية – شرح مفصل

     الاختصاص النوعي لمحكمة البداية المدنية - شرح مفصل

    تختص محكمة البداية اختصاصا نوعية شامة في كل دعوى ليست من اختصاص محكمة أخرى سواء تعلق الأمر بالاختصاص الولائي أو النوعي، حيث يدخل في اختصاصها كل منازعة مهما كان نوعها أو مقدارها مالم يخرجها القانون منه بنص خاص، وهذا يعني أنه لا يوجد لائحة تتضمن الدعاوی كافة التي تنظر فيها المحكمة البدائية، كما هو الأمر بالنسبة لمحكمة الصلح، ومع ذلك فهي تختص اختصاصا نوعية شاملا مهما كانت قيمة النزاع في الدعاوى الآتية: 

    أولاً- الدعاوى المتعلقة بتنفيذ الأحكام والسندات الأجنبية:

    أعطى المشرع السوري صلاحية الحكم بتنفيذ السندات التنفيذية الأجنبية سواء كانت أحكامة، أم أحكام محكمين، أم سندات رسمية في سورية لمحكمة البداية المطلوب تنفيذ تلك الأحكام والسندات في دائرتها، وذلك عن طريق الدعوى، وبشرط المعاملة بالمثل،

    وتعد سندات تنفيذية أجنبية تلك التي لا تصدر في دولة القاضي أو في الدولة المطلوب تنفيذه فيها، لكنها تكون صادرة عن جهة رسمية أو جهة لها الصفة الرسمية في إصدارها،

    ونميز في تنفيذ تلك السندات بين حالتين: حالة عدم وجود معاهدة دولية بين الدولة المطلوب التنفيذ فيها والدولة التي صدر السند فيها، وحالة وجود معاهدات ثنائية أو دولية تتعلق بتنفيذ تلك السندات، فإذا وجدت معاهدة دولية بتنفيذ الأحكام والأوامر القضائية

    طبقت أحكام الاتفاقية الدولية أو المعاهدة عملا بمبدأ سمو المعاهدة على التشريع الداخلي ، أما إذا لم توجد معاهدة فإنه للمحكمة أن تأمر بتنفيذ الأحكام والأوامر وأحكام المحكمين، والمحررات الرسمية الصادرة في دولة أجنبية وفق القواعد والشروط التي تنفيذ فيها الدولة الأجنبية الأحكام والأوامر وسائر السندات الصادرة في دولة التنفيذ.

    لذلك، يخضع الحكم القضائي الأجنبي قبل تنفيذه إلى أمر وطني بتنفيذه، لأن تلك مسألة تتعلق من حيث المبدأ بسيادة الدولة على أرضها، وعلى المقيمين فيها مع مراعاة الاتفاقات الدولية المبرمة بهذا الشأن، ولأن القاضي الوطني لا يمكن أن يأتمر بأوامر قاضي أجنبي، لهذا يخضع الحكم الأجنبي إلى الصيغة التنفيذية الوطنية،

    وتختلف الكيفية التي تتم بها إعطاء الأحكام الأجنبية الصيغة التنفيذية من دولة إلى أخرى، إلا أن معظم التشريعات العربية تتفق على أن إعطاء الصيغة التنفيذية أو الأمر بالتنفيذ إنما يتم عن طريق الدعوى إلى المحكمة المختصة وفقا للقوانين الوطنية. ويعطى الأمر بتنفيذ الأحكام وأحكام المحكمين والسندات الرسمية في سورية إذا  توافرت الشروط الآتية:

    1- أن يكون الحكم أو السند صادرة عن هيئة قضائية أو هيئة أو جهة مختصة ومشكلة تشكيلاً

    صحيحا وفق قانون الدولة التي صدر فيها، وأنه لم يصدر بناء على غش أو تدليس.

    2- أن يكون الحكم صدر في قضاء خصومة، وأن يكون الخصوم قد كلفوا بالحضور أو مثلوا تمثيلا صحيحاً في الدعوى التي صدر الحكم فيها، أو أن يكون السند قد صدر وفق الإجراءات المحددة في الدولة التي صدر فيه.

    3- أن يكون الحكم صادرة في مادة من مواد القانون الخاص (مدني – تجاري – أحوال شخصية…)، وبالتالي لا يعتد بتنفيذ الأحكام الجزائية إلا إذا كان المطلوب تنفيذ الشق المتعلق بالالتزامات المدنية. 4- أن لا تتعارض الأحكام مع حكم سبق صدوره عن المحاكم الوطنية في دولة القاضي، متى كان الحكمان متحدين في الموضوع والسبب والأطراف، إلا إذا كان الحكم الأجنبي يحقق مصلحة أو حماية أكبر للعناصر الوطنية،

    والمحكمة المختصة بنظر دعوى إعطاء الأمر بالتنفيذ هي التي تحقق في مسألة ترجيح العناصر الوطنية.

    5- أن لا يخالف الحكم أو السند النظام العام أو الآداب العامة في سورية، وأن لا يخل بالقوانين الأساسية المعمول بها في دولة القاضي.

    6- أن تعترف الدولة التي صدر فيها الحكم المراد تنفيذه بتنفيذ الأحكام الوطنية لدولة القاضي.

    7- أن يكون الحكم أو السند قابل للتنفيذ في الدولة التي صدر فيها وفقا للإجراءات المعمول بها في ذلك البلد، وعلى القاضي أن يتحقق من ذلك.

    ثانياً – دعاوى الإفلاس والصلح الواقي:

    تختص محكمة البداية اختصاصاً شاملاً في دعاوى الإفلاس والصلح الواقي من الإفلاس مهما كانت قيمة النزاع سواء تعلقت تلك الدعاوى بتاجر صغير، أم بشركة تجارية كبيرة، ويكون اختصاصها شاملاً في كافة المنازعات التي سببها أو منشأها الأحكام الخاصة بالصلح الواقي من الإفلاس، الإفلاس المنصوص عليهما في قانون التجارة بدء من دعوة الدائنين وتعيين وكيل التفليسة، ومروراً بإدارة التفليسة، وحتى إقفالها بالتصديق على الصلح، أو بالتصفية وتوزيع الديون.

    ثالثاً- دعاوى العاملين في الدولة:

    تختص محكمة البداية اختصاصا نوعيا حصريا شاملا في جميع الدعاوى الناشئة عن تطبيق قانون العاملين الأساسي في الدولة بوصفها محكمة قضاء إداري وفقا لأحكام المادة (160) بدلالة المادة (143) من القانون المذكور وبالتالي فإن الأحكام الصادرة عن المحكمة الابتدائية بهذه الصفة تخضع للطعن أمام المحكمة الإدارية النقض.

    رابعاً – منازعات الضرائب:

    تختص المحكمة الابتدائية بوصفها محكمة قضاء إداري في جميع منازعات الضرائب إذا كان مبلغ التكليف الضريبي لا يزيد على مئة ألف ليرة سورية، ويطعن في أحكامها أمام المحكمة الإدارية  النقض.

    خامساً- دعاوى الأحوال الشخصية للأجانب:

    تختص محكمة البداية اختصاصا نوعية شاملاً في دعاوى الأحوال الشخصية للأجانب الذين يخضعون في بلادهم لقانون مدني سواء كانوا مسلمين أم غير مسلمين،

    وإذا أقيمت هذه الدعوى أمام المحكمة الشرعية، فعلى القاضي أن يحكم برد الدعوى لعدم الاختصاص دون الإحالة إلى المحكمة المختصة لأنه لا يملك قانونا سلطة الإحالة في عدم الاختصاص النوعي، وعلى هذا تختص محكمة البداية أيضاً في إبطال وثيقة طلاق صادرة عن القاضي الشرعي تتعلق بأجنبي يخضع في بلاده القانون مدني، كما لو تعلقت الدعوى بإبطال وثيقة الطلاق العائدة لزوجة تركية الجنسية، وبأية دعوی تقوم بين عدة أجانب يعتنق أحدهم على الأقل جنسيه بلد تتبع فيه بموجب الأحكام المرعية الأحوال الشخصية للحقوق المدنية،

    إلا أنها لا تختص بدعوى تثبيت المخالعة إذا كانت قد جاءت إثر زواج ديني، ولو تم الانتساب إلى جنسية دولية أجنبية بعد الزواج تطبق الشريعة المدنية على الأحوال الشخصية، حيث يبقى الاختصاص خاضعاً لقانون الزواج، وفي جميع الأحوال فإن المحاكم الشرعية هي المختصة لتثبيت زواج المسلم السوري من أجنبية.

    سادساً – الاختصاص في الطلبات العارضة والمرتبطة:

    تختص محكمة البداية بالطلبات العارضة التي يجوز تقديمها من المدعي أو المدعى عليه بعد رفع الدعوى مهما كان موضوعها أو نوعها، ولو كانت تدخل في الاختصاص النوعي أو القيمي المحكمة الصلح لأن من يملك الأكثر يملك الأقل

    سابعاً – منازعات العمل للعاملين في القطاع الخاص :

    أصبحت محكمة البداية المدنية المؤلفة برئاسة قاضي وممثل عن العمال، وممثل عن أرباب عمل تختص بنظر الدعاوى العمالية للعاملين في القطاع الخاص الخاضعين لأحكام القانون رقم (17) العام 2010، وفق أحكام المادة (205) من القانون المذكور .

    ثامناً – اختصاص محكمة البداية بوصفها مرجعة استئنافياً :

    إذا رفض رئيس المكتب العقاري طلب تسجيل أو ترقين، فيمكن استئناف قرار الرفض إلى محكمة البداية التي يقع العقار في دائرتها ،

    وتنظر المحكمة في غرفة المذاكرة، بناء على الوثائق المقدمة لها، فيما إذا كانت الأسباب التي رد أمين السجل العقاري طلب القيد من أجلها، هي مستندة إلى الأحكام القانونية والنظامية النافذة،

    وتثبت المحكمة قرار الرد إذا كان مستندة إلى سبب قانوني، وإلا فتأمر أمين السجل بإجراء القيد في المكان المناسب له، وفقا لمرتبة قيد الطلب في السجل اليومي وقرار المحكمة مبرم في هذا الصدد.

    (محمد واصل، الإجازة في الحقوق، من منشورات الجامعة الافتراضية السورية، الجمهورية العربية السورية، 2018 )

  • الاختصاص النوعي للمحاكم في القانون السوري ( طبيعته – آثاره )

    الاختصاص النوعي للمحاكم في القانون السوري ( طبيعته – آثاره )

    الاختصاص النوعي للمحاكم في القانون السوري ( طبيعنه - آثاره )

     يتضمن الاختصاص النوعي تحديد المحكمة المختصة بحسب نوع الدعوى، وقد جاء في قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني أن

     ((الاختصاص النوعي: وبمقتضاه يتعين صنف ودرجة المحكمة التي تنظر الدعوى من بين المحاكم التابعة لجهة قضائية واحدة)).

     فلهذا، يقوم الاختصاص النوعي للمحاكم على معيار طبيعة النزاع محل الدعوى، إذ حدد المشرع أنواع معينة من الدعاوى المستمدة من موضوعها وجعل كل منها من اختصاص نوع من أنواع المحاكم التي نص عليها قانون السلطة القضائية وقانون أصول المحاكمات.

     لذلك نعرض لطبيعة الاختصاص النوعي وآثاره، وتبين الاختصاص النوعي لمحاكم القضاء العادي في المطالب الآتية:

    الطبيعة القانونية لقواعد الاختصاص الولائي والنوعي :

    تفيد النظرية العامة في القانون بتقسيم قواعد القانون ومنها قواعد الاختصاص إلى قواعد آمرة واجبة الاحترام لا يمكن مخالفتها أو التحلل من أحكامها، ولا يجوز الاتفاق على ما يخالفها، وقواعد مفسرة أو مقررة، وهي قواعد مكملة لإرادة الأشخاص يمكن للأشخاص الاتفاق على ما يخالف أحكامها، ويجوز التنازل عنها، ولكنها واجبة الاحترام والتطبيق إذا لم يتم استبعاد أحكامها أو التنازل عنها .

    وهناك عدة ضوابط للتفريق بين القواعد الأمرة والقواعد المفسرة، ويمكن أن نميز بين معيارين بارزين هما المعيار الشكلي والمعيار الموضوعي ويترتب على طبيعة الاختصاص النوعي والولائي مجموعة من الآثار.

     لذلك نعرض لمعياري تحديد طبيعة القواعد المتعلقة بالاختصاص النوعي والآثار المترتبة على اعتبار تلك القواعد آمرة من النظام العام وفق الأتي:

    أولا- الطبيعة القانونية لقواعد الاختصاص النوعي والولائي:

    يتم تحديد طبيعة القواعد المتعلقة بالاختصاص النوعي والولائي للمحاكم وفق المعايير المعتمدة في تحديد طبيعة القواعد القانونية بشكل عام .

    ويوجد معیاران في هذه المسألة هما إما بالاستناد إلى المعيار الشكلي من خلال ضوابط النص التشريعي، أو من خلال معيار موضوعي يقوم على أساس مضمون النص التشريعي وذلك وفق الآتي:

    1- المعيار الشكلي:

    يستمد المعيار الشكلي من ألفاظ النص القانوني، فإذا كانت تفيد هذه الألفاظ أنه لا يجوز الاتفاق على خلافها، أو أنه يترتب على مخالفتها البطلان المطلق، أو أنها من النظام العام، كانت القاعدة أمرة لا يجوز الاتفاق على ما يخالف أحكامها، أما إذا جاعت بعبارات عامة، أو أنها تطبق مالم يتفق الأطراف على خلافها، وهذا يعني أنها قاعدة تكميلية مفسرة.

    2- المعيار الموضوعي:

    يمكن التعرف إلى طبيعة القاعة القانونية من خلال موضوعها أو معناها، ولذلك يقال أيضاً عن هذا المعيار إنه معیار معنوي،

     وهذا، يقودنا إلى تحليل مضمون النص، حيث إذا وجدنا أنه يتعلق بحماية مصالح أساسية للدولة أو المجتمع، أو يتعلق بتنظيم المرافق العامة وحسن إدارتها، فإن القاعدة تكون أمرة لا يجوز مخالفتها،

    أما إذا لم تتعلق بذلك فإنها تكون قاعدة تكميلية مفسرة يجوز الاتفاق على خلافها.

     فبإسقاط هذين المعيارين على قواعد الاختصاص القضائي الولائي والنوعي نجد الآتي:

    أ. نصت المادة (146) من قانون أصول المحاكمات على أن

     ((عدم اختصاص المحكمة بسبب عدم ولايتها أو بسبب نوع الدعوى أو قيمتها تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى))

     وبالوقوف عند المعيار الشكلي نجد أن النص يفيد أنه للمحكمة إثارة عدم الاختصاص الولائي والنوعي في أية مرحلة كانت عليها الدعوى،

     وهذا يعني أنه لا يجوز الاتفاق على ما يخالف هذا الاختصاص وإنه يتعلق بالنظام العام، لأنه يتعلق بتنظيم التقاضي أمام الجهات القضائية أو أمام محاكم محددة سابقة من قبل المشرع.

    ب- يفيد المعيار المعنوي أن قواعد الاختصاص من حيث المبدأ موضوعة لتنظيم مرفق العدالة وحسن إدارته بوصفه من مرافق الدولة ومن وظائفها الأساسية، وهي بذلك تعد من القواعد الآمرة التعلقها بالنظام العام .

    ثانيا- الاثار المترتبة على طبيعة قواعد الاختصاص الولائي والنوعي:

    يترتب على عد قواعد الاختصاص الولائي والنوعي من النظام العام مجموعة من النتائج الهامة تتوضح في الأتي:

    1- يجب على المحكمة من تلقاء نفسها أن تتصدی مباشرة لمسألة الاختصاص، وتحكم به دون

    طلب أو دفع من الخصوم دون أن يعد ذلك خروجاً على مبدأ حياد القاضي، وهي لا تملك

    هذا الحق لون الاختصاص لارتبط بالنظام العام.

    2- النيابة العامة سواء كانت طرفا أصلياً أم طرفاً منضماً أن تثير مسألة الاختصاص المتعلقة

    بالنظام العام، ولو لم يثره أحد الخصوم في الدعوى، وهي لا تملك هذا الحق لو لم يكن الأمر يتعلق بالنظام العام عندما تكون طرفا منضماً إلى أحد الخصوم في الدعوى الذي عليه هو أن يتمسك به.

     3-  للخصوم الحق بالتمسك بعدم اختصاص المحكمة وبالتالي يمكن إثارته من المدعي أو المدعى عليه أو المتدخل في الدعوى، ولو لم يكن الأمر متعلقة بالنظام العام لما استطاع التمسك به إلا من وضع لمصلحته.

    4- للخصوم أن يتمسكوا بعدم اختصاص المحكمة النوعي أو القيمي في أية حالة كانت عليه

    الدعوى سواء تم الدخول في الموضوع أم لم يتم ذلك ،كما يمكن التمسك بعد الاختصاص في أي مرحلة كانت عليها الدعوي سواء كان ذلك في مرحلة الاستئناف أم في مرحلة الطعن بالنقض. . 5- لا يجوز للخصوم أن يتفقوا على اختصاص محكمة للنظر في نزاع قائم أو يحتمل قيامه

    فيما بينهما غي مختصة نوعية أو قيمية فيه وفق قواعد تحديد الاختصاص القيمي والنوعي،

    ولا يجوز التنازل عن تطبيق قاعدة متعلقة بالنظام العام.

     6- يتعين على المحكمة البت في مسألة الاختصاص قبل الدخول في موضوع، وإن الحكم في

    هذه المسألة يقبل الطعن أمام محكمة الاستئناف على وجه الاستقلال، لأنه يترتب على عدم اختصاص المحكمة في الفصل في الدعوى رفع يدها عنها، وإن الحكم الصادر لهذه الناحية يقبل الاستئناف،

     وإذا قررت محكمة الاستئناف أن محكمة أول درجة مختصة في نظر الدعوى عليها أن تعيد الدعوى إليها لا أن تفصل في الموضوع.

    (محمد واصل، الإجازة في الحقوق، من منشورات الجامعة الافتراضية السورية، الجمهورية العربية السورية، 810 )

  • رد القضاة في القانون السوري ( اجراءاته – المحكمة المختصة – آثاره – الحكم فيه)

    رد القضاة في القانون السوري ( اجراءاته – المحكمة المختصة – آثاره – الحكم فيه)

    رد القضاة في القانون السوري ( اجراءاته - المحكمة المختصة - آثاره - الحكم فيه)

    اولاً :  إجراءات دعوى رد القضاة :

    يتعين على القاضي في جميع الحالات التي يمكن أن يطلب رده فيها أن يخبر من تلقاء نفسه رئيس المحكمة التي يعمل بها إذا كانت محكمة جماعية (نقض – استئناف)، وإلى محكمة الاستئناف إذا كان قاضي فرد( بداية . صلح) بوجود سبب من أسباب الرد يتعلق به وبالتالي الإذن له بالتنحي عن الاستمرار في النظر في الدعوى التي بها سبب التنحي، ويتم ذلك بغرفة المذاكرة وبالطريق الإداري دون الحاجة إلى دعوى أو طلب من صاحب المصلحة بذلك.

    أما إذا لم يطلب القاضي تنحيه عن النظر في الدعوى من تلقاء نفسه الرد، يستطيع الخصم الذي وجد سبب الرد لمصلحته أن يلجأ إلى المحكمة المختصة بطلب الرد وفق الإجراءات الآتية:

    1- يقدم طلب الرد إلى المحكمة المختصة بنظر طلب الرد باستدعاء من قبل محام مسجل في جدول المحامين الأساتذة بالاستناد إلى توكيل خاص يخوله برد القاضي أو القضاة المشكو من عدم حياديتهم في نظر الدعوى.

    2- يجب أن يشمل استدعاء الرد السبب أو الأسباب التي يستند إليها طالب الرد والأدلة المؤيدة له، وعندما يصل استدعاء الرد إلى ديوان المحكمة المختصة يقوم كاتب المحكمة بتسجيل استدعاء الرد الذي يقدم بصيغة دعوى في سجل خاص بالمحكمة قد يسمى سجل دعاوی رد القضاة ومخاصمتهم، ومن ثم يعمل على رفعه إلى مرجعه ( المحكمة المختصة في ميعاد أربع وعشرين ساعة، ثم يقوم رئيس المحكمة بتبليغ طلب الرد إلى القاضي وإلى النيابة العامة التي لها الحق في التدخل في مثل هذه الدعاوى بقوة القانون. .

     3- يودع طالب الرد تأمین قدره خمسة آلاف ليرة سورية إذا كان المطلوب رده أحد قضاة الدرجة الأولى أو الثانية أو أحد ممثلي النيابة العامة الاستئنافية وعشرة آلاف ليرة سورية إذا كان المطلوب رده من قضاة محكمة النقض أو أحد ممثلي النيابة العامة لديها، وخمسة وعشرون ألف ليرة سورية إذا كان المطلوب ارده أحد قضاة الهيئة العامة لمحكمة النقض أو أحد ممثلي النيابة العامة لديه، لأن القانون أحاط القاضي بالضمانات التي تتأى به عن كل الدعاوى الكيدية أو غير الجدية.

     4- يرد طلب الرد شكلاً في حال عدم توفر الشروط السابقة.

     5- يجب تقديم طلب الرد قبل أي دفع أو دفاع شكلي أو موضوعي والا سقط حق طالبه فيه، وتحكم المحكمة بعدم قبوله شكلاً لأن سقوط الحق لا يمكن إعادته، ولو قبل الخصم بذلك ما لم ينشأ سبب الرد أثناء النظر في الدعوى فعندئذ يبقى الحق بطلب الرد قائما، وعلى الخصم المعني أن يبادر إلى طلب الرد فور علمه به وقبل أن أي دفع أخر، ولم يحدد القانون مهلة لطلب الرد سوى قيام صاحب المصلحة التمسك به قبل أي طلب أو دفع آخر يتعلق بالدعوى المنظورة أما القاضي المطلوب وقفه عن النظر فيها.

    6- على القاضي المطلوب رده أن يجيب كتابة على وقائع الرد وأسبابه أثناء الأيام الثلاثة التالية لتاريخ التبليغ. فإذا أقر القاضي بوجود سبب الرد أو امتنع عن الإجابة رغم انقضاء المهلة القانونية، تحكم المحكمة بالرد إذا كانت الأسباب تصلح قانونا للرد.

     أما إذا أنكر القاضي ما ورد في طلب الرد تتولى المحكمة في اليوم التالي لانقضاء الميعاد القانوني النظر في طلب الرد في جلسة سرية تعقد في غرفة المذاكرة وتقوم بالتحقيق وتستمع أقوال طالب الرد، وملاحظات القاضي عند الاقتضاء وممثل النيابة العامة ثم تصدر الحكم وفقا لما تقتنع به من الأدلة المعروضة في الدعوى.

     ثانياً :  أثر طلب رد القضاة :

    على الرغم من أن قانون أصول المحاكمات لم ينص على حالات ما يسمى بعدم صلاحية القاضي في نظر بعض الدعاوى إلا أن اجتهاد القضاء السوري نص عليها وجعل مخالفتها من النظام العام ورتب عليها بطلان الحكم بطلانا مطلقا، وبالتالي يجوز التمسك بالبطلان في المراحل جميعها ولو لأول مرة أمام قاضي التنفيذ، لأن البطلان والعدم سواء، وكما أن قيام حالات عدم الصلاحية لا يحتاج إلى طلب رد كما لا يمكن التنازل عنها أو الاتفاق عليها من قبل الخصوم.

     بينما ذهب أكثر الفقهاء إلى القول إن قيام حالة عدم الصلاحية في القاضي لا يجعل من الحكم الذي أصدره معدومة، ولا يجوز رفع دعوى مبتدأه ببطلانه لأن ذلك يكون خروجاً على الأصل العام المقرر بالنسبة للأحكام القضائية التي لا يتم بطلانها أو إبطالها إلا بالطرق المحددة قانوناً لذلك، بل يتم البطلان عن طريق الطعن بالطرق المحددة قانوناً، وعند تفويت طرق الطعن يزول عيب البطلان ويصبح حكمه صحيحاً،

    وبالتالي لا يمكن التمسك بالبطلان إلا عن طريق الطعن ووصف الحكم المنعدم لا يطلق إلا على الأحكام التي فقدت أحد أركانها الأساسية أو الجوهرية، وليس منها وجود حالة من حالات عدم الصلاحية، فعيب عدم الاختصاص من النظام العام ومع ذلك لا يحكم ببطلان الحكم إلا عن طريق الطعن .

    أما بالنسبة لأسباب الرد التي نص عليها قانون أصول المحاكمات، وإن كانت تصلح سيبا لتنحي القاضي عن النظر في الدعوى، وكذلك سببة لطلب رده إلا أن المشرع لم يرتب أي أثر قانوني إذا لم يكن القاضي، أو إذا لم يطلب رده، وقد رتب القانون على تقديم دعوى الرد الأحكام الآتية:

    1- لا يترتب على تقديم طلب الرد وقف الدعوى الأصلية ما لم تتوفر أسباب تستدعي ذلك فتقرر المحكمة الناظرة بطلب الرد عندئذ ولو قبل أن يتم التبليغ وقف الدعوى الأصلية مبينة الأسباب.

    2- إذا قررت المحكمة وقف الدعوى وطلب الخصم الآخر انتداب قاض بدلا ممن طلب رده وتوفرت حالة العجلة قررت المحكمة ذلك.

     3- إذا بت القاضي المطلوب رده بالدعوى الأصلية ثم قضي بقبول طلب رده بحكم اكتسب الدرجة القطعية اعتبر الحكم الصادر في الدعوى الأصلية باطلا وللمحكوم له بالرد أن يطلب إعلان بطلان الحكم المذكور بمذكرة يقدمها إلى المحكمة الناظرة في الطعن في أية مرحلة كان عليها الطعن وعلى هذه المحكمة أن تقرر البطلان لهذا السبب، وللمحكوم له بالرد في حال فوات مدة الطعن أو سبق البت بالطعن أن يتقدم إلى محكمة الموضوع التي أصدرت الحكم في الدعوى الأصلية أو إلى محكمة النقض في حال أن كان القاضي المحكوم برده أحد قضاتها بطلب لإعلان بطلانه خلال خمسة عشر يوما من تاريخ اكتساب الحكم الصادر بقبول الرد الدرجة القطعية، وتبت المحكمة بالطلب في غرفة المذاكرة بعد خمسة عشر يوما من تاريخ تبليغة إلى الخصم الآخر فإن قررت إعلان البطلان باشرت النظر بالدعوى الأصلية وفق الأصول المعتادة.

    ثالثاً : المحكمة المختصة بطلب الرد:

    تنظر في طلب الرد محكمة الاستئناف إذا كان القاضي المطلوب رده قاضية في محكمة صلح، أو في محكمة بداية أو في محكمة استئناف، أو قاضيا عقارية، أو أحد ممثلي النيابة العامة الاستئنافية عندما يكون خصما منضمة. فإذا طلب رد عدد من قضاة محكمة الاستئناف بحيث لا يبقى من عددهم ما يكفي للحكم رفع طلب الرد إلى محكمة النقض فإن قضت بقبوله أحالت الدعوى إلى أقرب محكمة استئناف بالنسبة إلى المحكمة الواضعة يدها على الدعوى. كما تنظر غرفة مخاصمة القضاة وردهم في محكمة النقض في طلب الرد إذا كان القاضي المطلوب رده من قضاتها أو أحد ممثلي النيابة العامة لديها، وتنظر إحدى دائرتي الهيئة العامة لمحكمة النقض في طلب رد أحد قضاة أو قضاة الدائرة الأخرى فيها، وتعد هذه الحالة اجتهادية لعدم ورود نص عليها في القانون إلا أنه يستفاد ضمنا من الفقرة (3) من المادة (7) من القانون رقم (1) لعام 2010 والتي نصت على أن يكون التأمين الواجب دفعه في دعوى الرد هو (خمسة وعشرون ألف ليرة سورية إذا كان المطلوب رده أحد قضاة الهيئة العامة لمحكمة النقض).

    ثالثاً :  التنازل عن طلب الرد:

    ذهب بعض الفقهاء إلى القول بعدم جواز الرجوع أو التنازل عن طلب الرد كون دعوى الرد تشبه الدعوى العامة، وأن المسألة تتعلق بكرامة القاضي وسمعة القضاء ولا يصح أن تكون هذه محلا للمساومة أو الصلح، وأن المصلحة العامة تقضي بأن يحكم في طلب الرد دفعا للشبهة والريبة ودوام احترام القضاء (9). بينما استقر الرأي في الفقه والاجتهاد على أن التنازل عن طلب رد القاضي شأنه شأن أي طلب آخر ولصاحبه حق التمسك به، أو التنازل عنه في أية مرحلة كانت عليها الدعوى، تأسيسا على أن القاضي ليس خصما ذا مصلحة شخصية، وأنه مما يتنافى مع كرامة القاضي التشبث بالحكم في الدعوى أو التمادي في الخصومة.

    رابعاً:  الحكم في طلب الرد والطعن فيه:

    تقوم المحكمة المختصة بالتدقيق في طلب الرد بعد سماع الأقوال والأدلة في غرفة المذاكرة، فإذا وجدت أن سبب الرد ثابت فيها حكمت المحكمة بقبوله شكلا وموضوعة ورفع يد القاضي أو استبعاده عن النظر في الدعوى، إضافة إلى إعادة التأمين لطالب الرد.

     أما إذا وجدت المحكمة أنه ليس هناك سبب قانوني للرد حكمت برفض الطلب ومصادرة التأين وقيده إيرادا لخزينة الدولة، وهذا، وفي حالتي القبول أو الرفض يجب أن يتلى الحكم مع أسبابه في جلسة علنية.

     فإذا صدر الحكم بقبول طلب الرد يكون نهائية، أما إذا صدر برفض الطلب فإنه يجوز لطالب الرد الطعن بالحكم أمام محكمة النقض إذا كان صادرة عن محكمة الاستئناف، ويتم ذلك باستدعاء يقدم إلى محكمة الاستئناف التي أصدرت الحكم في ميعاد ثمانية أيام تلي تاريخ إصداره، ويقوم كاتب المحكمة بإرسال الطعن إلى محكمة النقض أثناء ثلاثة أيام تلي تاريخ قيده في ديوان المحكمة،

    وبعد صدور الحكم بقبول الطعن أو رفضه من محكمة النقض يقوم دیوان محكمة النقض بإعادة الحكم مع الملف إلى المحكمة التي حكمت بالرد خلال اليومين التاليين لصدور الحكم، ويصبح الحكم قطعية لا يقبل أي طريق أخر من طرق الطعن.

    أما إذا صدر الحكم بقبول طلب الرد أو كانت المحكمة المختصة بطلب الرد إحدى غرف محكمة النقض فإن الحكم يصدر بالدرجة القطعية ولا يقبل الطعن أمام أبي مرجع أخر لأنه ليس للقاضي مصلحة في الطعن الصادر عن محكمة الاستئناف، ولم يعين القانون مرجعا للطعن في الحكم الصادر عن محكمة النقض، وإن تذمر القضاة من دعاوى الرد يجب أن يقابله تشدد من الجهة القائمة على صيانة وحصانة القضاء بمواجهة القضاة الذين يعبثون بحقوق المتقاضين وحرياتهم.

    (محمد واصل، الإجازة في الحقوق، من منشورات الجامعة الافتراضية السورية، الجمهورية العربية السورية، 810 )

     

  • رد القضاة في القانون السوري ( تعريفه – حالاته أو أسبابه)

    رد القضاة في القانون السوري ( تعريفه – حالاته أو أسبابه)

    رد القضاة في القانون السوري ( تعريفه - حالاته أو أسبابه)

    تم وضع ضمانات لحياد القاضي في الفصل في الخصومات المرفوعة إليه بمواجهة ميوله وعواطفه بوصفه إنسان قد يتأثر بها كباقي البشر.

     لذلك فقد أكدت بعض التشريعات على عدم صلاحية القاضي للنظر في بعض الدعاوی، ورده عن النظر في بعضها الآخر لأسباب محددة.

    كما سمحت له التنحي عن رؤية أية دعوى لأسباب خاصة تعود إليه عندما يستشعر الحرج وخوفه من نفسه أن لا يكون حيادية فيها، ويفرق فقهاء القانون بين الحالات المذكورة،

     حيث قالوا عن الحالة الأولى إنها عدم الأهلية المطلقة للحكم في الدعوى، وجعلوا كل حكم يصدر فيها باطل بطلانة مطلقة، وأنه يمكن إثارتها في أية مرحلة كانت عليه الدعوى، بينما أطلقوا على الحالة الثانية بأنها عدم الأهلية النسبية وبالتالي تحتاج إلى طلب أو دعوی وعلی صاحب المصلحة أن يتمسك بها قبل أي دفع أخر.
     أما مسألة التنحي فهي مسألة ذاتية لا تخضع إلى قواعد أو ضوابط سوى مشيئة القاضي وإرادته بعدم الرغبة في النظر في الدعوى لأسباب يمكن أن يبررها ،

     ولم يفرق المشرع السوري بين عدم الصلاحية المطلقة وعدم الصلاحية النسبية، بل نص على جواز رد القاضي في حالات محددة دون أن يقيم مثل التفريق الذي سبق ذكره، وأجاز القاضي التنحي عن الدعوى عند استشعار الحرج، وإن كانت محكمة النقض قد ذهبت في بعض أحكامها إلى أن رد القاضي وعدم الصلاحية بمفهوم واحد، ويقضي المبدأ القانوني أنه يمكن رد القضاة جميعهم بمن فيهم قضاة النيابة العامة عندما يكونا خصماً منضماً في الدعوى،

     أما إذا كانوا خصماً أصلياً فيها فلا يجوز ردهم، كما أنه لا يجوز رد جميع قضاة محكمة النقض بحيث لا يبقى عدد منهم كافية للنظر في دعوى الرد، فلذلك سوف نبين حالات الرد، وإجراءات دعوى الرد، والمحكمة المختصة بنظر الدعوى، والحكم في الدعوى، والطعن في الحكم الصادر

    وإجراءات دعوى الرد، والمحكمة المختصة بنظر الدعوى، والحكم في الدعوى، والطعن في الحكم الصادر فيها، ومن ثم بیان وضع التنحي وفق الآتي:

    أولا- تعريف رد القضاة:

     يعني رد القاضي منعه من النظر في دعوى مرفوعة إليه بصدد نزاع معين في حالات محددة حصرأ في القانون حماية الحياد القاضي، لأنه لا يكفي في النظام القضائي أن تكون الأحكام عادلة بل يجب أن تكون بعيدة عن التحيز والشبهات كي يبقى القضاء موضع احترام يدخل الطمأنينة إلى النفوس بوصفه ضمانة الحقوق الناس وحرياتهم، فلا تصدر أحكامه عن الهوى ولا يغفل حقوقهم، فلذلك شرع الرد حق من الحقوق الأساسية للخصوم كي يثقوا بعدالة قضائهم لأنه يرتبط بحق التقاضي أمام المحاكم.

    ثانيا – حالات رد القضاة وأسبابه :

    للرد أسباب حصرية حددها القانون بثمانية حالات، ولا يجوز القياس عليها لأن الرد شرع لضمان حياد القاضي وحماية القضاء من الأهواء والعواطف، ولكي لا يتم استخدام هذه الأسباب بصورة تعسفية أو كيدية، وأسباب الرد هي:

    1 إذا كان له أو لزوجته مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في الدعوى ولو بعد انحلال عقد الزواج:

     يمتنع على القاضي أن ينظر في دعوى له فيها أو لزوجته مصلحة مباشرة أو غير مباشرة، ويقصد بالمصلحة أن يكون مالك أو شريكا في الحق المدعى به، أو أنه يمكن أن يستفيد بشكل مباشر أو غير مباشر من تلك الدعوة وذلك عن طريق تحقيق كسب مادي أو حتى منع ضرر يمكن أن يلحق به من خلالها،

     فالمصلحة تتحقق سواء كانت تؤدي إلى الربح أو إلى دفع خسارة كان يمكن أن تصيبه لولا الحكم الموقف أو المانع لها کدعوى وقف الأعمال الجديدة التي يقيمه جار له بمواجهة شخص آخر، وكان من شأن تلك الأعمال أن تهدد عقاره أو عقار زوجته بشكل مباشر أو غير مباشر، أو بمعنى آخر إذا كان القاضي أو زوجه مركز قانوني يمكن أن يتأثر بالحكم الفاصل في الدعوى،

    ولا يشترط أن يكون القاضي أو زوجه طرفا في الدعوى، بل يكفي أن تكون المصلحة تسوغ تدخل أي منهما فيها، كما لا يشترط أن تكون الزوجية لا تزال قائمة، بل يكفي أن تكون هذه الحالة قائمة بتاريخ سابق على رفع الدعوى، لأن المانع الأدبي لا يزول بالطلاق بين الزوجين، وقد ذهبت الهيئة العامة لمحكمة النقض السورية إلى القول أن كون زوج القاضي محامية أو مستخدمة أو عامة لدى أحد الخصوم لا يصلح سبأ للرد.

    2- إذا كان بينه وبين أحد الخصوم قرابة أو مصاهرة حتى الدرجة الرابعة:

    يترتب على وجود قرابة بين القاضي وأحد الخصوم حتى الرجة الرابعة في الدعوى عدم صلاحية القاضي للنظر في الدعوى،

    وتكون تلك القرابة سبب من أسباب رده ورفع يده عنها لأن من شأنها أن تؤثر في حياده والانحراف عن طريق العدالة، سواء كانت تلك القرابة أو المصاهرة مصدر ود وثيق أو كراهية عميقة لأنه إذا كانت رابطة القرابة لا يمكن أن تنقضي من حيث المبدأ لأنها تقوم على الدم سواء كانت قرابة مباشرة على عمود النسب أم قرابة حواشي، فإن قرابة المصاهرة قد تنقضي بالفرقة بين الزوجين ويمكن أن تترك جراحة لا تندمل بمرور الزمن، ويمكن أن يكون العكس، لذلك فإنه لأبرأ للنفس وأدرأ للشبهة أن لا يكون القاضي صالحة للنظر في دعوى إذا كانت تربطه بأحد أطرافها علاقة مصاهرة أكانت المصاهرة قائمة أو أنها قد انقضت،

    ولم يبين القانون ما إذا كانت القرابة أو المصاهرة مع زوج القاضي تصلح سيبأ للرد، وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أنها تعد كذلك لأن القانون المدني نص في المادة (9) على أن أقارب أحد الزوجين في القرابة والدرجة بالنسبة للزوج الآخر نفسها، إلا أن التشريعات المقارنة وأكثر الفقهاء لم يعثروا قرابة الزوجة لأحد الخصوم سبيا من أسباب عدم الصلاحية أو الرد.

    3 – إذا كان خطيبة لأحد الخصوم:

     تعد الخطبة القائمة بين القاضي وأحد الخصوم سببا من أسباب رد القاضي لشبهة المودة والمحاباة والانحراف عن الطريق السليم، وإن كانت الخطبة ليست زواجأ ولكنه مشروع زواج حيث يكون الخطيبين أكثر مداهنة ورياء لبعضهما،

     كما أن العواطف الجياشة تكون في أوجها، ولا يصح معها النزاهة والحياد في الحكم، ولا يحبذ أن ينظر في الدعوى حتى ولو فسخت الخطبة لاحتمال أن الفسخ ترك أثرا سيئا في نفس القاضي قد يجعل شبهة عدم الحياد قائمة.

    4- إذا سبق أن كان وكيلا لأحد الخصوم في أعماله الخصوصية أو وصية عليه:

    يكون القاضي عرضه لدعوى الرد وعدم الصلاحية في نظر الدعوى إذا كان وكيلا لأحد الخصوم في أعماله الخصوصية أو وصية عليه لمظنة أو شبهة عدم الحياد، لأن العناية التي يتصف بها الوكيل أو الوصي لا تتفق مع ما يتصف به القاضي من حياد، ولا يلزم أن تكون تلك الوكالة أو الوصاية قائمة بتاريخ النظر في الدعوى بل يكفي أن تكون قائمة في يوم ما سابق عليها ولو انقطعت الصلة من فترة طويلة، كما لو عمل القاضي قبل تعيينه في القضاء محام وكان وكيلاً عن أحد الخصوم في دعاويه أو بعض منها. أما إذا كان أحد الخصوم محامياً عن القاضي في دعوى سابقة فإنه لا يمنع القاضي من النظر في الدعوى التي يكون محاميه السابق أحد الخصوم فيها.

    5- إذا سبق له أن كان شاهدة في القضية:

     يقضي المبدأ القانوني أن القاضي يكون غير صالح للنظر في الدعوى مما يمكن رده عن النظر فيها إذا سبق إن أبدى فيها ميلا معينا عن طريق سماعه كشاهد فيها لأنه لا يستطيع في هذه الحالة أن يضع الشهادة في ميزان العدالة دون وجود شبهة التحيز لشهادته والتمسك بها في الإثبات مما يخالف مبدأ الحياد والتجرد الواجب توافرهما في القاضي لأنه في هذه الحالة يحكم القاضي بعلمه الشخصي بخلاف ما هو متفق عليه بعدم جواز ذلك،

    وعلى هذا لا يجوز للقاضي أن يحكم في قضية سبق له النظر فيها بإصدار حكم فاصل فيها، أو قرر فيها أي إجراء أو حكم فرعي يشف عن عقيدته أو وجهة نظره فيها، ولا يجوز له أن يجلس للنظر فيها إذا سبق له إن نظر فيها في المرحلة الابتدائية، ولا أن ينظر فيها عن طريق الطعن بالنقض إذا سبق إن نظر فيها في الاستئناف،

    وقد أوجب الاجتهاد المستمر على القاضي التنحي عن النظر في الدعوى تحت طائلة البطلان، وقد عدت محكمة النقض السورية أن اشتراك القاضي ذاته في مرحلتين من مراحل التقاضي يجعل تشكيل المحكمة في المرحلة الثانية غير صحيح يؤدي إلى بطلان الحكم،

    إلا أن المحكمة قد خففت من هذا الحظر إذا كان دور القاضي دورة شكلياً فقط كما لو أكمل النصاب في تشكيل المحكمة، أو قبل دفاع أو سمع شاهد فيها، وجعلت ذلك لا يفصح عن رأي للقاضي وبالتالي لا بطل الحكم الصادر في الدعوى إذا اشترك القاضي في مرحلة لاحقة فيه .

    6- إذا كان أحد المتداعين قد اختاره حكم في قضية سابقة:

     إن اختيار أحد الخصوم للقاضي الذي ينظر في الدعوى محكمة في نزاع سابق يقيم الشبهة بعدم حياد القاضي بالنسبة للشخص الذي سبق أن قام بتعيينه، حيث يمكن أن يحابيه على حساب الخصم الآخر،

    وهناك من الفقهاء من يقول إن المحكم المختار بحكم الوكيل، ونرى أن ذلك ليس صحيحا. فاختيار المحكم من قبل أحد الخصوم لا يجعله ممثلا أو وكي؟ عنه في التحكيم، بل هو يقوم بمهمته كما لو كان قاضية، وإن الاختيار يتم على أساس الثقة بعلمه واستقامته.

    7 – إذا وجد بين القاضي وبين أحد المتداعين عداوة شديدة:

     يكون القاضي غير صالح للنظر في الدعوى لوجود شبهة عدم الحياد إذا كان بينه وبين أحد الخصوم عداوة شديدة، وتعد العداوة الشديدة مسألة من مسائل الواقع التي يعود الأمر في إثباتها لمحاكم الموضوع، ويكون ذلك بكل وسائل الإثبات،

     وقد ساوی القضاء لهذه الناحية بين العداوة الشديدة والمحبة العالية لأنه لا يكفي في الأحكام القضائية أن تكون عادلة، بل يجب أن تكون بعيدة عن مظنة التحيز لتصبح موضع الطمأنينة والاحترام. فأسباب رد القضاة في المادة (174) أصول لا تخرج في مجملها عن التحري عن وجود علاقات شخصية القاضي بالدعوى المطروحة أمامه أو بأحد الخصوم فيها دونما تفريق بين أن تكون علاقات عداوة أو مودة مادامت قد تؤثر في حياده مما يرجح معه عدم استطاعته إصدار الحكم بالقضية بغير ميل.

     كما أن العداوة الشديدة التي تصلح لرد القاضي هي التي تكون قائمة بين الخصم والقاضي وليس بين وكيله (المحامي والقاضي، وليس للمحامي أن يرفع الدعوى باسمه الشخصي، وقد جعل الاجتهاد القضائي

    ((الملاسنة الهاتفية بين أحد أعضاء هيئة المحكمة وبين أحد أطراف الدعوى أثناء إجراء كشف، ثم جلب الطرف المذكور من بلده عن طريق مدير المخابرات العسكرية إلى قصر العدل للاعتذار من القضاة المجتمعين من أجل التداول بموقف مشترك إزاء طلبه الرد، إنما ينم عن العداوة بينه وبين القضاة المطلوب ردهم ويثير شكلاً جدياً حول استطاعتهم الحكم في القضية بغير تأثير بالأحداث المشار إليها، مما يوجب ردهم، لأنه لا يكفي في الأحكام القضائية أن تكون عادلة بل يجب أن تكون بعيدة عن مظنة التحيز لتصبح موضع الطمأنينة والاحترام)) .

    إلا أن مجرد قیام القاضي بتنظيم ضبط بممانعة الخصم في إجراء كشف أو تحقیق محلي دون اتخاذ صفة الادعاء الشخصي لا يشكل سببا كافية لطلب رد القاضي ما لم يثبت أن القاضي يبيت له العداء وينوي الإضرار به، كما أن مجرد تقديم شكوى من الخصم إلى التفتيش القضائي بحق القاضي غير كاف لعده سبب موجبة لرد القاضي.

    8- إذا أقيمت بين القاضي وبين أحد المتداعين أو أحد أقاربه أو مصاهريه حتى الدرجة الرابعة دعوی مدنية أو جزائية خلال السنوات الخمس السابقة :

    يكون القاضي غير صالح للفصل في الدعوى بتجرد وحياد إذا سبق أن أقيمت بينه وبين أحد الخصوم أو أحد أقارب ذلك الخصم أو مصاهريه حتى الدرجة الربعة دعوى مدنية أو جزائية أثناء السنوات الخمس السابقة على تاريخ افتتاح الجلسة الأولى للدعوى المرفوعة أمامه،

    لأن الخصومات السابقة بين القاضي وهؤلاء تثير الأحقاد لدى البشر وقد تحمل على التشفي، ويخشی فيها من انحراف القاضي من طريق العدالة، وقد ذهبت محكمة النقض في قرار لها أن إقامة دعوى مخاصمة بين أحد الخصوم والقاضي لا تصلح سببة للرد. بينما ذهبت في أكثر من قرار إلى جعل دعوى المخاصمة تصلح سيبة لرد القاضي المخاصم لأن دعوى المخاصمة قد تكون أشد وقعا على القاضي من دعاوى أخرى.

    (محمد واصل، الإجازة في الحقوق، من منشورات الجامعة الافتراضية السورية، الجمهورية العربية السورية، 810 )

  • واجبات ومحظورات القضاة في القانون السوري

    واجبات ومحظورات القضاة في القانون السوري

    واجبات ومحظورات القضاة في القانون السوري

     يخضع القاضي بحكم عمله الإداري أو الولائي أو القضائي، إلى مجموعة من الواجبات والمحظورات سواء لكونه يتولى وظيفة عامة في مرفق عام، أو من أجل الحفاظ على مكانة القضاء في الدولة والمجتمع،

    ويترتب على عدم الالتزام بالموجبات أو بالسلوك الذي يتعين عليه سلوكه قيام المسؤولية المسلكية، لذلك سنبين الموجبات، ومن ثم نبحث في المسؤولية المسلكية وفق الآتي:

    أولاً- الواجبات الملقاة على القاضي:

    ألقى قانون السلطة القضائية على القاضي مجموعة من الواجبات والمحظورات التي يتعين عليه الابتعاد عنها أو القيام بها نبينها في الآتي:

    1- لا يجوز للقاضي الجمع بين الوظيفة القضائية وبين مهنة أخرى أو أي عمل تبعي أخر يؤديه بالذات أو بالواسطة إذا كان من شأنه أن يضر بأداء واجب الوظيفة أو كان غير متفق مع ما يقتضيه المنصب عدا التدريس في كليات الحقوق.

     2- لا يجوز للقاضي القيام بالتحكيم من غير موافقة مجلس القضاء الأعلى ولو من دون أجر ولو كان غير مطروح أمام القضاء إلا إذا كان أحد أطراف من أقاربه وأصهاره لغاية الدرجة الرابعة.

    3- يحظر على القاضي إبداء الآراء و الميول السياسية والاشتغال بالسياسة، وهذا الحظر أصبح من التاريخ لأن واقع الحال يقول أنه لا يمكن فصل القانون عن السياسة لأنه الوسيلة لممارسة الحكم، ولكن يجب التفرق في هذا المجال بين التنظيم السياسي (أحزاب)، والعمل السياسي لأنه واجب وطني، وبالتالي فإذا كان الأول محظورة فإن الثاني حق وواجب على كل مواطن بغض النظر عن انتمائه وعمله.

    4- يحظر على القاضي إفشاء أسرار المداولات.

     5- يمتنع على القاضي أن يجتمع في محكمة واحدة مع قاضي حكم أو قاضي نيابة عامة تربطه به صلة مصاهرة أو قرابة من الدرجة الرابعة فما دون.

     6- يجب على القاضي الإقامة في المركز الذي يقع به مقر المحكمة التي يعمل بها، وعدم الإقامة في مكان أخر بغير رخصة من مجلس القضاء الأعلى، وإن خالف ذلك ينبه بالتقيد بالإقامة في مقر مركز المحكمة، واذ عاد يعد مرتكبة ذلة مسلكية توجب إحالته إلى مجلس القضاء الأعلى،

    وإن هذا الواجب كان قائما عندما كانت الدولة تؤمن سكن القاضي في مقر المحكمة، أما وأنها لم تعد تفعل ذلك، فإن من حق القاضي أن يسكن في المكان الأقرب للمحكمة، وأصبح الالتزام الأهم وجوده على رأس عمله، لأن النص جاء بتحديد الإقامة في مقر المحكمة، وهذا غير قائم.

     7- يتعين على القاضي عدم التغيب عن مقر عمله قبل إعلام المرجع المرتبط به، أو الانقطاع عن عمله لسبب غير ملجئ دون إجازة.

     8- يجب على القاضي ارتداء الرداء والشارات أثناء الجلسات وفي المناسبات الخاصة والتي تحدد بقرار من وزير العدل يصدر بالاتفاق مع مجلس القضاء الأعلى.

    (محمد واصل، الإجازة في الحقوق، من منشورات الجامعة الافتراضية السورية، الجمهورية العربية السورية، 810 )

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1