التصنيف: أصول المحاكمات الجزائية

  • سماع الشهود لدى قاضي التحقيق كإجراء لجمع الأدلة

    سماع الشهود لدى قاضي التحقيق كإجراء لجمع الأدلة

    سماع الشهود لدى قاضي التحقيق كإجراء لجمع الأدلة

    مقدة عن سماع الشهود لدى قاضي التحقيق كإجراء لجمع الأدلة

    يتمتع قاضي التحقيق بسلطة تقديرية واسعة في استدعاء الشهود وسماعهم حتى يتمكن من الوصول إلى المعلومات التي تؤدي إلى ظهور الحقيقة، كما يعود إليه أمر الأخذ بقيمة الشهادة أو الاعتداد ببعض أقوال الشهود دون البعض الأخر أو الترجيح فيما بينها وفق اقتناعها.

    أ- دعوة الشهود

    أوجب قانون أصول المحاكمات الجزائية أن يدعى الشهود بموجب مذكرة دعوة مكتوبة يصدرها  قاضي التحقيق، ويتم إبلاغها للشهود قبل اليوم المعين لاستماعهم بأربع وعشرين ساعة على الأقل.

    ولقاضي التحقيق أن يدعو الأشخاص الواردة أسماؤهم في الإخبار والشكوى وفي طلب النائب العام، وكذلك الأشخاص الذين يبلغه أن لهم معلومات بالجريمة أو بأحوالها والأشخاص الذين يعينهم المدعى عليه.

    ودون هذه المذكرة يكون سماع الشاهد غير صحيح، ولكن يجوز القاضي التحقيق الذي يحقق في جرم مشهود أن يدعو الشهود دون مذكرة دعوة، بصورة شفهية أو بواسطة أحد رجال الأمن۔

    وكل من يدعى أصولاً أمام قاضي التحقيق لأداء الشهادة، مجبر على الحضور أمامه لأدائها، والا استهدف بغرامة لا تتجاوز (300) ل.س يفرضها عليه قاضي التحقيق بموجب قرار نافذ في الحال بعد استطلاع رأي النائب العام.

    وقد لا يكتفي قاضي التحقيق بتقرير هذه العقوبة المالية جزاء امتناع الشاهد عن الحضور، لكنه يملك أيضا أن يصدر مذكرة إحضار بحق الشاهد نفسه، وهذا يعني الأمر بسوق الشاهد المستنكف قسراً إلى قاضي التحقيق وإجباره بالقوة على الحضور .

    وإذا حضر الشاهد الذي فرضت عليه الغرامة وأبدى عذرا مشروعا لعدم حضوره، جاز لقاضي التحقيق أن يعفيه من الغرامة بعد استطلاع رأي النائب العام. لكن رأي النائب العام غير ملزم لقاضي التحقيق.

    ب – سماع الشهود

    إن سماع شهادة الشاهد من قبل قاضي التحقيق تتم بصورة سرية، أي إنه لا يجوز أن يحضر غير قاضي التحقيق الذي يتولى سماع شهادة الشاهد وكاتبه فقط.

    فلا يجوز للمدعى عليه أو المسؤول بالمال أو المدعي الشخصي أو وكلائهم أو غيرهم، حضور سماع الشاهد.

    والسبب هو الخشية من خوف الشاهد من الإدلاء بشهادته أمام الآخرين فيحجم عن قول الحقيقة. وبعد أن يتثبت القاضي من هوية الشاهد يسأله عن اسمه وشهرته وعمره ومهنته وموطنه وهل هو متزوج أو في خدمة أحد الفريقين أو من ذوي قرباه وعن درجة القرابة ويحلفه أن يشهد بواقع الحال من دون زيادة أو نقصان ويدون كل ذلك في المحضر.

     يستمع قاضي التحقيق بحضور كاتبه إلى كل شاهد على حدة، وتدون إفادة كل شاهد في المحضر على حدة، وتتضمن الأسئلة الموجهة إليه وأجوبته عنها.

    لكن سرية سماع الشاهد أمام قاضي التحقيق لا تمنع من إجراء المقابلة بين الشهود بعد سماع شهادتهم وتنظيم محضر ضبط بالمقابلات التي تتم بينهم ثم تتلى على الشاهد إفادته فيصادق عليها أو يطلب تعديل بعض العبارات الواردة فيها إذا كانت لا تعبر تعبيراً دقيقاً عما في نفسه، ويوقع على كل صفحة منها أو يضع بصمة إصبعه عليها إن كان أمياً، وإذا تمنع أو تعذر الأمر عليه يشار إلى ذلك في المحضر. ثم يذكر في ذيل المحضر عدد الصفحات التي تضمنت إفادة الشاهد ويوقع على كل صفحة منها قاضي التحقيق وكاتبه.

    وعند انتهاء التحقيق ينظم جدول بأسماء الأشخاص المستمعين و تاریخ سماعهم وعدد صفحات محاضر إفاداتهم.

     وبعد أن يقوم الشاهد بتوقيع إفادته يجوز له أن يطلب نفقة انتقاله فيقرر له التعويض الذي يستحقه ويأمر بصرفه وتأديته إياه .

    وإذا تعذر على الشاهد المقيم في مركز قاضي التحقيق الحضور بداعي المرض المثبت بتقرير طبي، ينتقل القاضي إلى منزله لسماع شهادته.

     أما إذا كان الشاهد مقيماً خارج مركز قاضي التحقيق فلهذا أن ينيب قاضي الصلح أو ضابط الدرك أو ضابط الشرطة أو رئيس مخفر الدرك التابع له موطن الشاهد لسماع إفادته.

     وتعين في الاستنابة النقاط التي يجب الإفادة عنها.

  • الانتقال والمعاينة كإجراء لجمع الأدلة لدى قاضي التحقيق

    الانتقال والمعاينة كإجراء لجمع الأدلة لدى قاضي التحقيق

    الانتقال والمعاينة كإجراء لجمع الأدلة لدى قاضي التحقيق

    مقدمة عن جمع الأدلة لدى قاضي الحقيق

    إن الإجراءات التي ترمي إلى جمع الأدلة وردت على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر، إذ يحق لقاضي التحقيق أن يلجأ إلى أية وسيلة أخرى من شأنها الكشف عن الحقيقة طالما أنها لا تتضمن اعتداء على حق يصونه القانون.

    وتشمل إجراءت جمع الأدلة: الانتقال والمعاينة، ندب الخبراء، سماع الشهود، التفتيش والاستجواب.

    1- الانتقال والمعاينة

    يقصد بالانتقال أن ينتقل قاضي التحقيق إلى المكان الذي وقعت فيه الجريمة لمعاينة الأدلة والآثار المادية التي نتجت عن ارتكاب هذه الجريمة قبل أن تندثر معالمها أو طمس أدلتها فيتعذر الوصول إلى الحقيقة.

    ويقصد بالمعاينة الكشف الحسي لإثبات حالة الأمكنة والأشياء والأشخاص وكل ما يفيد في كشف الحقيقة.

    وهي بهذا المعنى تستلزم الانتقال إلى محل الواقعة أو إلى أي محل أخر توجد فيه أشياء أو آثار يرى قاضي التحقيق أن لها صلة بالجريمة. كما يمكن جلب موضوع المعاينة إلى مقره.

    فإذا كان الجرم مشهودة، ينتقل قاضي التحقيق إلى مكان اقتراف الجريمة، على أن يعطي النائب العام علما بانتقاله لمرافقته، ويضبط أو يأمر بضبط جميع الأشياء التي يراها ضرورية لإظهار الحقيقة، وينظم بها محضراً ويعني بحفظها بالحالة التي كانت عليها .

    فانتقال قاضي التحقيق إلى إجراء المعاينة أو المباشرة معاملة أخرى من معاملات التحقيق متروك لمطلق تقديره، فلا يقوم به إلا إذا رأى فائدة منه.

    فقد يرى قاضي التحقيق أن ينتقل لسماع أقوال شاهد، كما هي الحال حين يتعذر على الشاهد الحضور بداعي المرض المثبت بتقرير طبي، فينتقل إلى مقره لسماع شهادته.

    وفي جميع الأحوال، فإن على قاضي التحقيق عندما ينتقل إلى موقع الجريمة أن يصطحب معه كاتب دائرته أو مستنابة عنه، على أن يعطي النائب العام علما بانتقاله لمرافقته إذا شاء.

    والأصل أن يخطر المحقق الخصوم في الدعوى بانتقاله، وأن يمكنهم من الحضور أثناء إجراء المعاينة، ومع ذلك، فإن له أن يجري ذلك في غيابهم، إن كان هناك ضرورة تستدعي ذلك، أو كان هناك مبرر للاستعجال، على أن يحرر محضر بذلك، ولا تغني عن ذلك شهادة من أجرى المعاينة، لأنها من إجراءات التحقيق التي يجب تدوينها.

    2- ندب الخبراء

    قد يتعرض قاضي التحقيق في إثباته لبعض الوقائع المسائل فنية تحتاج إلى أهل الخبرة لإبداء الرأي فيها، كتحديد أسباب الوفاة وفحص حالة المتهم العقلية وغير ذلك من المسائل التي غالباً ما يتوقف عليها بناء القاضي لقناعته الشخصية في الدعوى.

    وقانون أصول المحاكمات الجزائية لم يتضمن أحكاماً مستقلة بالخبرة، وإنما اعترف بها من ضمن الإجراءات التي يستطيع قاضي التحقيق اللجوء إليها إذا رأي ضرورة لذلك، فإذا توقف تمييز ماهية الجناية أو الجنحة وأحوالها على معرفة بعض الفنون والصنائع، أو إذا مات شخص مثلا لأسباب مجهولة باعثة على الشبهة فيستعين بطبيب أو أكثر لتنظيم تقرير بأسباب الوفاة وبحالة جثة الميت.

    ومن المسلم به فقها واجتهادة أن قاضي التحقيق يحق له تقرير اللجوء إلى الخبرة الفنية مهما كان الأمر الذي وضع يده بمقتضاه على الدعوى العامة، وسواء أكان ذلك في حالة الجرم المشهود، أو بطريق الادعاء الأولي، أو الادعاء الشخصي، أو تعيين المرجع.. الخ.

    لأن الاستعانة بالخبراء لا تعدو أن تكون عملا تحقيقية، وقاضي التحقيق يحق له القيام بجميع الأعمال التحقيقية التي يراها ضرورية لجلاء الحقيقة. فهو سيد التحقيق.

    والخبير ملزم بحلف اليمين القانونية أمام قاضي التحقيق قبل مباشرته لمهمته بأن يقوم بالمهمة الموكولة إليه بصدق وأمانة. ويقوم الخبير بالعمل المندوب له تحت إشراف المحقق.

     وإذا اقتضى الأمر إثبات الحالة دون حضور المحقق نظرا إلى ضرورة القيام ببعض أعمال تحضيرية أو تجارب متكررة أو لأي سبب أخر، وجب على المحقق أن يصدر أمراً يبين فيه أنواع التحقيقات وما يراد إثبات حالته والنقاط الفنية المطلوب استطلاع الرأي فيها.

     ويحدد القاضي ميعادا للخبير ليقدم تقريره كتابة من خلاله، وله أن يستبدل به خبيراً أخر إذا لم يقدم التقرير في الميعاد المحدد.

    ويجوز في جميع الأحوال أن يؤدي الخبير مهمته بغير حضور الخصوم.

     وحين يقوم الخبير بمهمته، فإنه يعتمد في ذلك على خبرته الشخصية.

    ولهذا فإنه ينبغي أن تتوافر في الخبير الحيدة والنزاهة، لأنه وفي كثير من الأحيان، يكون الرأي الخبير وزنه أمام القضاء، كما أن له تأثيرة واضحة على الفصل في الدعوى، مما يدعو إلى السماح للخصوم بطلب رده، إن وجدت أسباب جدية يخشى منها انحرافه في أداء المهمة الموكولة إليها.

    وفي كثير من الأحيان لا يمكن فصل مسألة المعاينة عن مسألة إجراء الخبرة، لأن القاضي قد يضطر في كثير من الأحيان إلى الاستعانة بخبير أثناء معاينة موقع الجريمة، لقياس أبعاده مثلاً، وبيان طبيعته وتحديد منافذه، وإمكانية الدخول إليه والخروج منه، وما إلى ذلك من أمور قد يحتاج الكشف عنها إلى معرفة خاصة.

    وفي جميع الأحوال، فإن القاضي ليس ملزمة بإجراء الخبرة إلا إذا لم يجد في الأدلة ما يكفي التكوين قناعته، أو وجد غموضأ يقتضي الكشف عنه من قبل خبرة فنية أو علمية لا يملكها القاضي.

  • الحدود العينية والشخصية للدعوى أمام قاضي التحقيق

    الحدود العينية والشخصية للدعوى أمام قاضي التحقيق

    الحدود العينية والشخصية للدعوى أمام قاضي التحقيق

     أ- عينية الدعوى لدى قاضي التحقيق

    متى اتصل قاضي التحقيق بالدعوى نتيجة ادعاء من النيابة العامة أو المدعي الشخصي فإنها تدخل في حوزته بصورة عينية، بمعنى أن ولايته تنحصر في حدود الواقعة أو الوقائع المدعي بها ولا يكون له أن يوجه التحقيق إلى وقائع أخرى لم يشملها الادعاء المقدم إليه.

     أي ليس له أن يبحث من تلقاء ذاته في وقائع أخرى لم تطلب النيابة العامة منه التحقيق فيها ولو اكتشفها أثناء التحقيق .

    فالقاعدة هي عينية الدعوى، إلا أن القاضي التحقيق استثناء من هذه القاعدة أن يتناول بتحقيقه واقعة أخرى خلاف الواقعة المدعى بها وذلك في حالتين:

    أ- إذا كانت الواقعة الجديدة مرتبطة بالفعل المدعى به ارتباطا وثيقاً لا يقبل التجزئة، كما هي الحال عندما تدعي النيابة العامة ضد شخص بالتزوير ثم يتبين من التحقيق أنه استعمل المحرر المزور، فاستعمال المحرر في هذه الحالة يعد واقعة جديدة إلا أنها مرتبطة بواقعة التزوير برباط لا يقبل التجزئة.

    ومن ثم يستطيع قاضي التحقيق أن يتجاوز واقعة التزوير إلى التحقيق في واقعة استعمال المزور دون حاجة إلى ادعاء جديدة.

    ب- أن تكون الواقعة الجديدة من طبيعة الواقعة المدعى بها، فإن قاضي التحقيق يملك حق التحقيق فيها ولا يعد ذلك خروجا عن مضمون الادعاء.

    فإذا ادعت النيابة العامة ضد شخص اعتاد الإقراض بربا فاحش ونسب إليه أنه أقرض مرتين، فليس هناك ما يحول دون أن يمد قاضي التحقيق صلاحيته لتشمل كل القروض التي يكون المدعى عليه قد أقرضها دون أن ترد في الادعاء.

    لأن هذه القروض جميعها من طبيعة واحدة وهي تكون بذلك جريمة واحدة باعتبارها تشكل ماديات جريمة الاعتياد على الإقراض بربا فاحش.

    وفي غير هاتين الحالتين، لا يجوز لقاضي التحقيق أن يباشر التحقيق إلا في نطاق الواقعة المعينة في الادعاء.

     فإذا اكتشف واقعة جديدة لم يدع بها لديه ولم تكن مرتبطة بالواقعة المعروضة عليه ولا من طبيعتها، كان من الواجب عليه أن يحرر محضرة بما اكتشف من جرم جديد لا بوصفه قاضية للتحقيق، وإنما بصفته من الضابطة العدلية.

    ويكون الغرض من تحرير المحضر هو تمكين النيابة العامة أو المدعي بالحق الشخصي من الادعاء مجددا أمامها.

    واذا كان القاضي مقيداً بالواقعة المدعى بها، فهو غير مقيد بالوصف الجرمي أو بالتكييف القانوني الذي أعطته النيابة العامة في ادعائها لهذه الواقعة، لأن وصف النيابة العامة هو للدلالة لا للحصر، والقاضي التحقيق تغيير الوصف أو التكييف في قراره النهائي شريطة أن تبقى الواقعة كما هي.

    فإذا أقامت النيابة العامة الدعوى العامة بجنحة احتيال ثم تبين القاضي التحقيق أن الواقعة تشكل سرقة لا احتيالاً، فله في قراره النهائي أن يحيل المدعى عليه إلى المحكمة المختصة بتهمة السرقة لا بتهمة الاحتيال المدعى بها أصلاً، ما دامت الواقعة هي نفسها لم يطرأ عليها تبديل أو تغيير.

     لكن على قاضي التحقيق أن يتقصى الأسباب المشددة، والأعذار المحلة والمخففة القانونية، وأسباب الإباحة وموانع العقاب، لكي يعطي الفعل وصفه القانوني الصحيح. لكن ليس له أن يبحث في الأسباب المخففة التقديرية، لأن ذلك من حق محاكم الحكم.

    ثانياً – شخصية الدعوى لدى قاضي التحقيق

    إذا كان قاضي التحقيق مقيداً بالواقعة المدعى بها، فإنه غير مقيد بأشخاص عليهم. وهنا لابد من أن نفرق بين حالتين:

    أ- الادعاء ضد مجهول :

    حسب ما ورد في المادة 67 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، فإن النائب العام إذا تبين له أن الشكوى غير واضحة الأسباب أو أن الأوراق المبرزة لا تؤيدها بصورة كافية، أن يطلب إلى قاضي التحقيق مباشرة التحقيق توصلا إلى معرفة الفاعل، ولقاضي التحقيق أن يستمع إلى من يشاء من الأشخاص، سواء أكانت أسماؤهم واردة في الشكوى أم لم تكن.

    وحين يترجح لديه بأن شخصا معينة هو الفاعل فيحقق معه، ثم يعيد الملف إلى النيابة العامة لكي تدعي بحق شخص معين.

     ب- الادعاء ضد شخص معين :

     إذا ادعت النيابة العامة على شخص معين بأنه فاعل الجريمة، فإن على قاضي التحقيق أن يحقق معه.

     لكن إذا تبين له أثناء التحقيق أن لهذا الشخص شركاء، فإن من حقه أن يحقق معهم.

     وهو غير ملزم بتوقيف من ادعت عليه النيابة العامة، أو متابعة التحقيق معه، إذا تبين أنه بريء مما نسب إليه.

     فادعاء النيابة العامة ليس إلا من قبيل المعلومات بالنسبة لقاضي التحقيق لأنه حين يكتشف أشخاصة جددأ، فإنه يحقق معهم دون حاجة إلى ادعاء جديدا.

    فقاضي التحقيق يتناول في تحقيقاته وفي قراره النهائي جميع الأشخاص الذين أسهموا في ارتكاب الجريمة فاعلين كانوا أو محرضين أو متدخلين، أيا كانت صفتهم وأيا كان دورهم، وسواء وردت أسماؤهم في ادعاء النيابة العامة أم لم ترد.

  • متى يضع قاضي التحقيق يده على الدعوى في القضاء السوري

    متى يضع قاضي التحقيق يده على الدعوى في القضاء السوري

    متى يضع قاضي التحقيق يده على الدعوى في القضاء السوري

    نصت المادة (54) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أنه:

    “ليس لقاضي التحقيق في غير الجرم المشهود أن يباشر تحقيقاً أو أن يصدر مذكرة قضائية قبل أن تقام الدعوى لديه”

    يتبين من المادة (54) من قانون أصول المحاكمات الجزائية أن قاضي التحقيق لا يملك حق مباشرة الإجراءات التحقيقية إلا إذا دخلت الدعوى في حوزته بشكل قانوني، وتدخل الدعوى في حوزة قاضي التحقيق في خمس حالات:

    أولا- الجرائم المشهودة

    نصت المادة (52) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أن:

    “1- لقاضي التحقيق عند وقوع الجرائم المشهودة أن يباشر جميع المعاملات التي هي من اختصاص النائب العام.

    2- عن إجراء وله أيضا أن يطلب حضور النائب العام ولكن دون أن يتوقف المعاملات المذكورة”.

    يتضح من هذه المادة أنه في حالة الجرم المشهود يتصل قاضي التحقيق بالدعوى مباشرة،  دون أن ينتظر إقامة الدعوى العامة أمامه من قبل النيابة العامة أو المدعي الشخصي، لأنه يجمع في شخصه، في هذه الحالة، بين سلطة النيابة العامة وسلطة التحقيق ويمارس الوظيفتين معاً.

    ويتصل قاضي التحقيق بالدعوى سواء كانت الجريمة المشهودة من نوع الجناية أم الجنحة.

     أي لابد من أن يكون قد ضبط الجريمة بنفسه في إحدى حالات الجرم المشهود المحددة في المادة (28) من قانون أصول المحاكمات الجزائية.

    وفي غير هذه الحالات، لا تعد الجريمة مشهودة بالنسبة إليه.

    ثانيا- ادعاء النيابة العامة

     نصت المادة 51 من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أنه:

    “1- إذا كان الفعل جناية أودع النائب العام التحقيقات التي أجراها أو التي أحال إليه أوراقها موظفو الضابطة العدلية إلى قاضي التحقيق.

     1- أما إذا كان الفعل جنحة فله أن يحيل الأوراق إلى قاضي التحقيق أو إلى المحكمة مباشرة حسب مقتضيات الحال.

     2- وفي جميع الأحوال يشفع الاحالة بادعائه ويطلب ما يراه لازماً “.

    فالنيابة العامة هي الجهة المختصة بإقامة الدعوى العامة، فإن كانت الجريمة جناية أقامت الدعوى بها بصورة إلزامية أمام قاضي التحقيق.

     وإذا كانت الجريمة جنحة وكان فاعلها معروفة فهي بالخيار في إقامتها أمام محكمة الدرجة الأولى المختصة أو أمام قاضي التحقيق.

     أما إذا كان فاعل الجنحة غير معروف وتتطلب معرفته إجراء تحقيقية أوسع بمعرفة قاضي التحقيق، فحينئذ تحيل النيابة العامة الأوراق إلى قاضي التحقيق مع ادعائها وطلباتها.

    ثالثاً- الادعاء الشخصي

    نصت المادة (57) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أنه :

     “لكل شخص يعد نفسه متضررة من جراء جناية أو جنحة أن يقدم شكوى يتخذ فيها صفة الادعاء الشخصي إلى قاضي التحقيق المختص وفقا لأحكام المادة (3) من هذا القانون”.

    يتبين من هذه المادة أن المشرع أعطى المضرور من جراء جناية أو جنحة أن يتقدم بشكوى يتخذ فيها صفة الادعاء الشخصي ويطالب بالتعويض عن الضرر الذي لحقه بسبب الجريمة إلى قاضي التحقيق المختص.

    وفي هذه الحال يضع قاضي التحقيق يده على الدعويين العامة والمدنية.

    ومتى وضع قاضي التحقيق يده على الدعوى بناء على الادعاء الشخصي تحركت الدعوى الجزائية بقوة القانون حتى لو رأت النيابة العامة غير ذلك طالما كان الادعاء الشخصي المباشر جائزة قانوناَ.

    رابعا- إحالة القضية بتعيين المرجع

    قد يحدث أن يتنازع قاضيان للتحقيق تنازعة إيجابية أو سلبية، بأن يدعي كلاهما الاختصاص أو عدم الاختصاص بالتحقيق، وفي هذه الحالة يعرض الأمر على الجهة المختصة بتعيين المرجع، حيث تتولى تحديد أي القاضيين هو المختص.

     ويكون قرارها بهذا الشأن ملزمة القاضي الذي عينته فلا يجوز له أن يعترض على هذا القرار أو يمتنع عن تنفيذه، ويجب عليه أن يجري التحقيق في الدعوى المحالة إليه.

    خامسا- إحالة القضية بطريق نقل الدعوى

    قد يكون قاضي التحقيق مختصاً أصلاً في التحقيق في الدعوى العامة، ومع ذلك فقد تقتضي المحافظة على الأمن العام أو تبديد الشبهات، أي وجود ما يسمى بالارتياب المشروع، عندما تثير وقائع الحال الشبهة في نزاهة قاضي التحقيق أن تقرر الغرفة الجزائية في محكمة النقض بناء على طلب النائب العام لديها نقل الدعوى التي يحقق فيها قاضي التحقيق إلى قاضي تحقيق أخر.

    كما يمكن نقل الدعوى بناء على طلب المدعى عليه أو المدعي الشخصي في حالة الارتياب المشروع.

  • اختصاص قاضي التحقيق السوري ( النوعي – الشخصي – المكاني )

    اختصاص قاضي التحقيق السوري ( النوعي – الشخصي – المكاني )

    قاضي-التحقيق-واختصاصه-في-القانون-السوري

    أولاً : تعريق قاضي التحقيق

    لم يضع قانون أصول المحاكمات الجزائية تعريف خاص بقاضي التحقيق ولم يتطلب القانون شروط معينة في القضاة الذين يمارسون وظيفة التحقيق.

    وقد اكتفت المادة (60) من قانون السلطة القضائية بالقول:

    “يتولى التحقيق قضاة يمارسون الوظائف المعهودة إليهم بموجب القوانين النافذة”.

    ولكن يمكن القول إن القاضي التحقيق دورة مزدوجة، فهو من ناحية يرمي إلى جمع الأدلة والتثبت منها، وهذا يستلزم إجراء المعاينة والاستعانة بالخبراء وسماع الشهود واستجواب المدعي عليه، كما يتميز دوره من ناحية ثانية في إمكانية اتخاذ القرارات في المطاليب والدفوع المقدمة إليه، وفي إيقاف التعقبات أو منع المحاكمة لعدم كفاية الأدلة، أو الإحالة إلى المحكمة إذا ارتأى أن الفعل يؤلف جرمأ أو قام دليل كاف على اتهام المدعى عليه بالجريمة.

    اختصاص قاضي التحقيق

    إن مراعاة قواعد الاختصاص في الأمور الجزائية هي من النظام العام، وعلى قاضي التحقيق البحث فيها من تلقاء ذاته ولو لم يثره أحد من الخصوم.

     لذلك ينبغي على قاضي التحقيق قبل البدء بإجراء أي عمل تحقيقي أن يتثبت من اختصاصه. فإذا تبين له أنه غير مختص، عمد إلى إصدار قراره بذلك وتخلي عن التحقيق، وأودع الأوراق قاضي التحقيق المختص، وإلا كان كل إجراء يقوم به باطلا. وقد نصت المادة (65) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أنه:

     “إذا رفعت الشكوى إلى قاضي تحقيق غير مختص، أودعها قاضي التحقيق المختص”.

    لذلك لابد من أن يكون قاضي التحقيق مختصة من نواح ثلاث:

    1- الاختصاص النوعي

    جاء في المادة (51) من قانون أصول المحاكمات الجزائية أنه إذا كان الفعل جناية، أودع النائب العام التحقيقات التي أجراها أو التي أحال إليه أوراقها موظفو الضابطة العدلية إلى قاضي التحقيق.

     أما إذا كان الفعل جنحة، فله أن يحيل الأوراق إلى قاضي التحقيق أو إلى المحكمة مباشرة حسب مقتضيات الحال.

    أي إن قاضي التحقيق له صلاحية التحقيق في جميع جرائم الجنايات والجنح، ولا يجوز له أن يحقق في المخالفات إلا إذا كانت المخالفة تلازم جنحة أو جناية وترتبط بها.

     لكن إذا أقيمت الدعوى أمام قاضي التحقيق بجنحة، ثم اتضح أن الجرم عبارة عن مخالفة، فيحيل عندئذ قاضي التحقيق المدعى عليه إلى محكمة الصلح الجزائية المختصة ويأمر بإطلاق سراحه إن كان موقوفاً.

    ب- الاختصاص الشخصي

    يتناول اختصاص قاضي التحقيق الشخصي جميع الجرائم التي يرتكبها الأشخاص الذين يقطنون فوق أرجاء الجمهورية العربية السورية، والمعاقب عليها في القانون السوري، باستثناء من يتمتع منهم بحصانات وامتیازات بالنسبة لإقامة الدعوى ضدهم وفق الطرق العادية.

    وإذا تناول ادعاء النيابة أحدا منهم امتنع على قاضي التحقيق القيام بأي إجراء ضدهم.

     وكل إجراء يصدر ضدهم يعد باطلاً لصدوره عن غير ذي صفة.

    وهؤلاء هم: رئيس الجمهورية، والوزراء والنواب، وموظفو السلك الدبلوماسي والقضاة والعسكريون.

    ج- الاختصاص المكاني

    حددت المادة (3) من قانون أصول المحاكمات الجزائية، قواعد الاختصاص المكاني في الدعوى الجزائية على الشكل التالي:

     1- تقام الدعوى العامة على المدعى عليه أمام المرجع القضائي المختص التابع له مكان وقوع الجريمة أو موطن المدعى عليه أو مكان إلقاء القبض عليه.

     2- في حالة الشروع تعد الجريمة أنها وقعت في كل مكان وقع فيه عمل من أعمال التنفيذ.

    وفي الجرائم المستمرة يعد مكاناً للجريمة كل محل تقوم فيه حالة الاستمرار.

    وفي جرائم الاعتياد والجرائم المتتابعة يعد مكانا للجريمة كل مكان يقع فيه أحد الأفعال الداخلة فيها.

    3- أما بالنسبة إلى الجرائم التي تقع خارج سورية و يطبق عليها القانون السوري، فإنه إذا لم يكن لمرتكبها محل إقامة في سورية ولم يلق القبض عليه فيها، فإن الدعوى العامة تقام عليه أمام المرجع القضائي في العاصمة (دمشق).

    فالاختصاص المكاني لقاضي التحقيق يحدد إما بالنسبة إلى مكان وقوع الجريمة، أو بالنسبة إلى محل إقامة المدعى عليه، أو بالنسبة إلى مكان إلقاء القبض عليه، ولا تفضيل لمكان على أخر إلا في أسبقية إقامة الدعوى العامة. وقواعد الاختصاص المحلي هي من النظام العام وتجوز إثارتها في جميع مراحل الدعوى.

  • صفات التحقيق الابتدائي في القانون السوري

    صفات التحقيق الابتدائي في القانون السوري

     

     

     صفات-التحقيق-الابتدائي

     يتميز التحقيق الابتدائي بثلاث صفات هي: سرية التحقيق، السرعة في إنجاز التحقيق، وتدوين المحاضر.

    أ- سرية التحقيق

    نصت المادة 70 في فقرتيها 1و2 من قانون أصول المحاكمات الجزائية على ما يلي:

    “1 – للمدعى عليه والمسؤول بالمال والمدعي الشخصي ووكلائهم الحق في حضور جميع أعمال التحقيق ما عدا سماع الشهود.

    2- ولا يحق للأشخاص المذكورين في الفقرة الأولى، بحال تخلفهم عن الحضور، بعد دعوتهم حسب الأصول، أن يطلعوا على التحقيقات التي جرت في غيابهم”.

    يتبين من هاتين الفقرتين، أن التحقيق الابتدائي سري بالنسبة لعامة الناس، لكنه علني بالنسبة للخصوم ووكلائهم.

     فلا يجوز حضور الجمهور جلسات التحقيق ولا الاطلاع على محاضر الجلسات.

    كما منع المشرع نشر أية وثيقة من وثائق التحقيق الجنائي أو الجنحي قبل تلاوتها في جلسة علنية وعاقب عليها بغرامة تصل إلى مئة ليرة، وذلك تجنبا لتأثير وسائل الإعلام في سير التحقيق سواء أكان ذلك في مصلحة المتهم أم ضد مصلحته، بالإضافة إلى حماية المتهم من سوء السمعة في حال ثبتت براعته خلال التحقيق.

     وينتفي مبدأ السرية بالنسبة إلى الخصوم في الدعوى وهم المدعي الشخصي والمدعى عليه والمسؤول بالمال ووكلاؤهم الذين لهم الحق في حضور جميع أعمال التحقيق ما عدا سماع الشهود.

    وقد فرض المشرع هذا القيد بالنسبة إلى أقوال الشهود، حتى يتمكن هؤلاء من الادلاء بأقوالهم دون حرج، على أن يوجه قاضي التحقيق دعوة إلى الخصوم والوكلاء حسب الأصول لحضور أعمال التحقيق، فإذا تخلف هؤلاء بعد ذلك عن الحضور ، فيجري التحقيق بمعزل عنهم، وليس لهم في هذه الحالة أن يطلعوا على التحقيقات التي جرت في غيابهم.

    غير أن من حق قاضي التحقيق أن يجري التحقيق بمعزل عن الخصوم في حالتين، الاستعجال أو متى رأى ضرورة لإظهار الحقيقة، وقراره في هذا الشأن لا يقبل المراجعة، إنما يجب عليه عند انتهائه من التحقيق المقرر على هذا الوجه أن يطلع عليه ذوي العلاقة.

    لذلك يمكن القول إن مبدأ سرية التحقيق يجب أن يكون مطلقا بالنسبة لجمهور الناس كافة، وتبقى السرية قائمة إلى أن تتم إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة، فيحل محله عندئذ مبدأ علانية المحاكمة.

    ب- السرعة في إنجاز التحقيق

    يجب أن تتسم إجراءات التحقيق الابتدائي بالسرعة من أجل تحديد هوية الفاعل واتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل معاقبته والمحافظة على معالم الجريمة وأثارها، وحتی لا يبقى المتهم موقوفا مده طويلة من الزمن في حال كان بريئاً.

    والنصوص القانونية التي تسبغ على الإجراءات التحقيقية صفة السرعة متعددة، منها مثلاً عندما أوجب المشرع أن تبلغ قرارات قاضي التحقيق للخصوم خلال أربع وعشرين ساعة من تاريخ صدورها، وعندما حدد مهلة تقديم الاستئناف إلى قاضي الإحالة بأربع وعشرين ساعة.

    كذلك عندما ألزم قاضي التحقيق بأن يودع النائب العام معاملات التحقيق لدى انتهائه منها ليعطي النائب العام مطالبته فيها خلال ثلاثة أيام على الأكثر، وعندما خص الجريمة المشهودة بإجراءات خاصة تتسم بالسرعة .

    لكن مع ذلك لا يجوز أن تفهم قاعدة السرعة في الإجراءات التحقيقية، على أنها تعني العجلة في فصل الدعوى، وإنما تعني السرعة في اتخاذ الإجراء، والدقة والتأني في مباشرتها.

    ج- تدوين المحاضر :

     من أهم ضمانات التحقيق الابتدائي، إثبات جميع إجراءاته خطية، حتى تكون هذه الإجراءات أساسأ صالحة للاستدلال والإثبات، ولما توفره من وضوح للإجراءات المتخذة وتحديد الأثار المترتبة عليها، وذلك تسهيلا لعمل المحكمة للفصل في موضوع الدعوى فيما بعد.

    فيصطحب قاضي التحقيق عندما ينتقل إلى موقع الجريمة كاتب دائرته أو مستنابة عنه ويعطي النائب العام علما بانتقاله لمرافقته.

    ويستمع بحضور كاتبه إلى كل شاهد على حدة.

     وتدون إفادة كل شاهد في محضر يتضمن الأسئلة الموجهة إليه وأجوبته عليها.

     وتتلى على الشاهد إفادته فيصادق عليها ويوقع على كل صفحة منها ويضع بصمة إصبعه عليها إن كان أمي، واذا تمنع أو تعذر الأمر عليه يشار إلى ذلك في المحضر.

    يذكر في أخر المحضر عدد الصفحات التي تضمنت إفادة الشاهد ويوقع على كل صفحة منه قاضي التحقيق وكاتبه.

    وتتبع الأصول نفسها بشأن إفادات المدعي والمدعى عليه والخبراء.

    عند انتهاء التحقيق ينظم جدول بأسماء الأشخاص المستمعين وتاریخ سماعهم وعدد صفحات محاضر إفاداتهم.

     أي لابد من ذكر تاريخ كل إجراء تحقیقی کتاریخ سماع الشاهد أو استجواب المدعى عليه، حتى يكون للإجراء آثاره، مثل قطع التقادم أو بدء سريان ميعاد الطعن.

    ويتم التدوين بأن يملي قاضي التحقيق على الكاتب ما يجب تدوينه في الضبط بصوت مسموع من قبل الحضور، ليكونوا على بينة مما يدون على لسانهم من أقوال وايضاحات، ويكون لهذا المحضر قوة ثبوتية لا يجوز الطعن فيها إلا بالتزوير.

     لذلك اشترط المشرع عدم حصول أي حك في محضر التحقيق ولا أن يتخلل سطوره تحشية، فإذا اقتضى الأمر شطب أو إضافة كلمة وجب على قاضي التحقيق والكاتب والشخص المستجوب أن يوقعوا ويصادقوا على الشطب والإضافة في هامش المحضر وذلك تحت طائلة تغريم الكاتب خمسين ليرة سورية وتعرض قاضي التحقيق للمؤاخذة المسلكية، وتعد لاغية كل تحشية أو شطب أو إضافة.

    والسؤال الذي يمكن طرحه هنا في حال قيام قاضي التحقيق بتدوين المحضر بنفسه هو: هل يؤدي ذلك إلى البطلان؟.

    نحن مع الرأي الذي يقول، إن البطلان النسبي يسري في مثل هذه الحالة، فتبطل الإجراءات إذا دفع بها صاحب المصلحة قبل ختام المحاكمة أمام محكمة الأساس.

     

  • المبادئ الأساسية في التحقيق الابتدائي في القانون السوري

    المبادئ الأساسية في التحقيق الابتدائي في القانون السوري

    التحقيق الابتدائي والمبادئ الأساسية له في القانون السوري

    تعريف التحقيق الابتدائي

    يطلق تعبير التحقيق الابتدائي على البحث الذي يقوم به قاضي التحقيق وقاضي الإحالة لجمع الأدلة التي تثبت قيام الجريمة، وتقدير قيمتها، للتأكد مما إذا كانت كافية أو غير كافية لإثبات هذه الجريمة، وقوعاً وفاعلاً .

     أي هو مرحلة وسط تلي مرحلة التحقيق الأولي وتسبق مرحلة المحاكمة.

    لذلك يمكن تعريف التحقيق الابتدائي بأنه مجموعة من الإجراءات التي تسبق المحاكمة وتهدف إلى جمع الأدلة بشأن وقوع فعل يعاقب عليه القانون وملابسات وقوعه ومرتكبه وفحص الجوانب المختلفة لشخصية الجاني ثم تقدیر ذلك كله لتحديد كفايته لإحالة المتهم للمحاكمة.

     أي يهيئ التحقيق الابتدائي ملف الدعوى العامة كي يتسني لقضاء الحكم أن يقول كلمته في تلك الدعوى.

    فالهدف الأساسي من التحقيق الابتدائي الوصول إلى الحقيقة عن طريق تمحيص الأدلة والتأكد من كفايتها حول نسبة الجريمة إلى المدعى عليه. فأهمية التحقيق الابتدائي تكمن في كونه يعمل على اكتشاف الأدلة المتعلقة بالجريمة في الوقت المعاصر لها، أي قبل أن تتشوه أو تتلاشى، كما يعمل على الموازنة بين هذه الأدلة لاستبعاد الدليل الضعيف وتكوين رأي أولي حولها ليكفل إحالة الحالات التي تتوافر فيها أدلة كافية إلى المحاكم، حتى لا يمثل أمام المحكمة إلا من توافرت ضده أدلة كافية لاتهامه مستندة إلى أسس قانونية وواقعية متينة.

    وقد أثبتت الوقائع أن التحقيق الابتدائي يلعب دورا أساسياً في تقرير مصير الدعوى الجزائية، لأن قضاة الموضوع يعتمدون عليه كثيرة، ولو كانوا غير ملزمين به، الأن ضغط العمل عليهم لا يتيح لهم أن يقوموا بأنفسهم دوماً بإجرائه أو بالتوسع فيه.

    لذلك وصف التحقيق بأنه (ابتدائي)، لأنه يهدف إلى التمهيد لمرحلة المحاكمة عن طريق تجميع العناصر التي تتيح لسلطة الحكم الفصل في الدعوى، فقضاء التحقيق ليس من شأنه أن يفصل في الدعوى العامة بالبراءة أو بالإدانة.

    ومن أجل ذلك كله، لابد للسلطة المختصة بالتحقيق الابتدائي من أن تتخذ بعض الإجراءات التي تمس حقوق الأفراد وحرياتهم من أجل الكشف عن الحقيقة مع توفير الضمانات الكافية للمدعى عليه ليتمكن من الدفاع عن نفسه.

    لذلك لابد من تقسيم هذا الجزء إلى ثلاثة أجزاء نتعرف فيها على:

    أولا: المبادئ الأساسية في التحقيق الابتدائي.

    ثانيا: قاضي التحقيق.

     ثالثا: قاضي الإحالة.

    المبادئ الأساسية في التحقيق الابتدائي

    تقسم المبادئ الأساسية في التحقيق الابتدائي الى:

    1- الفصل بين التحقيق الابتدائي والادعاء.

     2- الفصل بين التحقيق الابتدائي والحكم.

     3- صفات التحقيق الابتدائي

    الفصل بين التحقيق الابتدائي والادعاء

     الأصل أن الادعاء من اختصاص النيابة العامة وهو إقامة الدعوى العامة على مرتكب الجريمة واحالته إلى الهيئات القضائية المختصة.

     أما التحقيق الابتدائي فهو ما يتخذ من إجراءات تهدف إلى جمع الأدلة التي تؤيد وجود الجريمة والقيام بالتحريات التي تفيد في إسناد الجريمة إلى المتهم بارتكابها.

     فالتحقيق الابتدائي يقوم في جوهره على التنقيب عن أدلة الدعوى سواء أكانت لمصلحة المتهم أو في غير مصلحته واتخاذ قرار بمدى كفايتها لإحالته إلى المحاكمة.

     وبذلك يظهر أن سلطة الادعاء تقف موقف الخصومة من المتهم، بينما تمثل سلطة التحقيق حكمة محايدة بين الادعاء والمتهم.

    لذلك كان لابد من إسناد مهمة التحقيق الابتدائي إلى سلطة تتصف بالحياد والنزاهة والكفاءة، أي أن تتوافر فيها صفات تبعث على الاطمئنان لتحقيق العدالة فيما يتعلق بالمتهم، إلى جانب اهتمامها بالتنقيب عن أدلة الاتهام.

    فالفصل بين سلطتي التحقيق والادعاء، يكفل للأفراد تحقيق العدالة، لأن مثل هذا  الفصل يمنع النيابة العامة من أن تجمع بين هاتين السلطتين التي تجعل منها عندئذ خصمة وحكمة في الوقت ذاته.

    الفصل بين سلطة التحقيق الابتدائي والحكم

     نصت المادة 56 من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أنه:

     “لا يجوز القاضي التحقيق أن ينظر أو يحكم في الدعوى التي حقق فيها”.

     وهذا المنع يسري أيضا على قاضي الإحالة، لأنه يعد من قضاة التحقيق ولا يحق له أن ينظر أو يحكم في الدعوى التي حقق فيها.

    يتبين من هذه المادة أن المشرع حرص عندما شرع هذه القاعدة على إعطاء سلطة التحقيق استقلاله في عملها عن قضاء الحكم.

    والهدف هو تحقيق العدالة، فلا يجوز لمن قام بالتحقيق في قضية معينة أن يتولى الفصل فيها، لأنه قد يتأثر بما تكون لديه من قناعة أثناء التحقيق في الدعوى.

    فالهدف من وراء هذا الفصل بين سلطتي التحقيق الابتدائي والحكم هو ضرورة ابتعاد قاضي الحكم عن تكوين رأي مسبق في الدعوى التي حقق فيها.

    فالقاضي المحقق الذي قرر إحالة المتهم إلى المحكمة، يكون مقتنعا بجرميته، فإذا جلس لمحاكمته كقاضي حكم، فمن الجائز أن يتشبث برأيه الأولي ويستمر في الاتجاه ذاته وإن ظهر له خطأ هذا الرأي، لذلك فإنه من الأفضل القضاء الحكم أن لا يحكمه أي رأي مسبق في الدعوى المطروحة أمامه حتى يستطيع الحكم فيها بصورة مجردة وبحياد تام.

     ولكن التساؤل الذي يمكن أن يطرح هو ما هي الأعمال التحقيقية التي تمنع القاضي إذا قام بها من أن يحكم في الدعوى، أي ما هي الأعمال التي تعد كافية لتكوين رأي للقاضي في الدعوى؟.

    يكفي أن يكون المحقق قد أقدم على عمل تحقيقي بالمعنى الحقيقي، فإذا قام بجزء من تحقيق في الدعوى سواء أكان ذلك داخلاً في عمله أو قام به بطريق الإنابة، كما لو استجوب المدعى عليه، أو قرر توقيفه، أو سمع شاهدأ، أو قرر لزوم محاكمة المدعي عليه… الخ فهذه الأعمال كلها تعد أعمالاً تحقيقية جوهرية تسمح له بتكوين رأي واضح في القضية.

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1