الكاتب: rami

  • تعميم وزارة العدل رقم 3 حول حرية التعبير عن الرأي

    تعميم وزارة العدل رقم 3 حول حرية التعبير عن الرأي

    المحامي السوري

    الجمهورية العربية السورية

    وزارة العدل الرقم : ۱۹۸۱

    تعميم رقم « ٣ »

    کرس دستور الجمهورية العربية السورية في الفقرة ٢ من المادة ٤٢ حق كل مواطن أن يعبر عن رأيه بحرية وطنية، سواء بالقول، أم بالكتابة، أم بوسائل التعبير كافة. كما حمى المواطن من الاعتداء على كرامته وأمنه وحياته الخاصة.

    وقد نظم القانون هذه الحقوق والحريات وضبطها منعاً لانتشار الجريمة، وأعطى السلطة القضائية الحق كي تعالج كل حالة وفقاً لضررها، وبناءً على الأثر الذي تتركه في المجتمع.

    ومع انتشار وسائل التقنية الحديثة، باتت الجريمة المعلوماتية واحدة من الجرائم التي تهدد سلامة المجتمع واستقراره ووجب التعامل معها وفقاً لفيصل دقيق، لذلك فقد كافح المرسوم التشريعي ١٧ لعام ۲۰۱۲ هذه الجريمة وعاقب على كل سلوك غير مشروع بعقوبات تتناسب وخطورته.

    . وبما أن حق التعبير قد سمح بالانتقاد والإشارة إلى أماكن الخلل في حال وجودها دون أن يتعدى ذلك إلى الإساءة إلى الإدارة العامة أو القائمين عليها في أشخاصهم وشرفهم وحياتهم الخاصة لذلك يتوجب على القاضي التمييز بين حرية التعبير وهذه الجرائم.

    وبما أن المشرع قد نظم مؤسسة التوقيف الاحتياطي وفقاً لقواعد واضحة وأسس علمية، تعتمد على خطورة الجريمة وآثارها السلبية على المجتمع، مع الإشارة إلى أن بقاء الفاعل طليقاً في بعض الحالات يزيد من جسامة الأضرار، ويؤدي إلى تكرار الأفعال، إضافة إلى الخوف من عبثه بالأدلة، ومن قراره أو من ردة فعل المجتمع عليه.

    لهذا كان من واجب القاضي الجزائي الحارس على تطبيق القانون أن ينظر في ظروف وملابسات كل قضية؛ ليكون قناعة موضوعية وواقعية تنسجم مع تلك المبادئ والتأكيد على أن التوقيف ليس سلفة على العقوبة، وبالتالي يتوجب استخدام تلك المؤسسة بحذر وموضوعية لمراعاة الحد الفاصل بين حرية التعبير عن الرأي، وحقوق المواطنين والإدارة العامة والموظف العام.

    مما يتوجب معه محاكمة الفاعل طليقاً في الجرائم التي لا تستدعي التوقيف حتى صدور الحكم القضائي كعنوان للحقيقة.

    لذلك نطلب من السادة المحامين العامين وإدارة التفتيش مراعاة هذه الضوابط وحسن تطبيق هذا التعميم وإعلامنا عن كل مخالفة له.

    دمشق في ۲۰۲۲/۱/۲۳

                                                                           وزير العدل القاضي أحمد السيد

  • شرح قاعدة :  ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله 

    شرح قاعدة :  ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله 

     ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله 

    ذكر بعض ما لا يتجزأ على وجه الشيوع كنصفه مثلاً، كذكر كله؛ لأننا إذا لم نقل بذلك والمقصود تجزئة ما لا يتجزأ ، يلزم منه إهمال الكلام بالمرة، والحال إعمال الكلام ما أمكن أولى من إهماله .

    والأشياء من حيث تماسك وحدتها على قسمين :

    أ ـ أشياء متماسكة لا تقبل التبعيض بحال، فذكر بعضها كذكر كلها في الأحكام الشرعية من عقود والتزامات ،وغيرها، فإن جُزئت تضررت وخرجت عن كنهها، كالطلقة الواحدة وحق الشفعة والقصاص.

     ب ـ أشياء تقبل التبعيض دون ضرر ولا يدخل في الحكم منها إلا الجزء المذكور ولا غير كالدية والديون والعقار . . . .

     من فروع هذه القاعدة : لو أضاف الطلاق إلى عضو من أعضاء المرأة، فإن كان يعبر عن كلها كالرأس والرقبة وأضافه إليها وقع الطلاق، فإن لم يضفه إليها بأن قال : الرأس منك أو الرقبة منك طالق، أو كان عضواً لا يعبر به عن الكل كالظفر والشعر لم يقع فيهما .

    ومنها : لو أضاف كفيل النفس الكفالة إلى جزء شائع من المديون كربعه مثلاً، كان كفيلاً بالنفس، ولو قال شخص لآخر : إنني كفلتك على مائتين من الستمائة المطلوبة منك ، تنعقد الكفالة على المائتين لأن الدين مما يتجزأ .

    فلو قال لامرأة : تزوجت نصفك، فقبلت، صح العقد على المفتى به .

     وفي الخانية : الأصح عدم الصحة، وفي التنوير: على الأصح لا ينعقد؛ لأن الفروج يحتاط فيها فلا يكفي ذكر البعض لاجتماع ما يوجب الحل والحرمة في ذات واحدة فتترجح الحرمة لكن في الفتاوى الصيرفية انه ينعقد وعليه الفتوى. فتكون هذه المسألة من فروع القاعدة لا من مستثنياتها.

    من ذلك : أقل المهر عشرة دراهم قال الزيلعي : فإن سماها أو دونها، فلها العشرة خلافاً لزفر فيما ،دونها، فإنه يوجب مهر المثل لفساد التسمية وعليه الفتوى.

     من مستثنيات هذه القاعدة لو قال لامرأته : أنت طالق واحدة إن شئت، فقالت : شئت نصف واحدة, لم يقع شيء كما في فتاوى قاضيخان. ومقتضى القاعدة أن تطلق، لأن ذكرَ النصف ذكر للكل فهي مما خرج عن القاعدة.

    ومما يستثنى أيضاً لو قال لها : أنت طالق واحدة ونصف، تطلق واحدة على الصحيح كما في الجوهرة. .

    وقد يزيد حكم البعض عن حكم الكل كما إذا قال لزوجته: أنت عليّ كظهر أمي فإنه طلاق صريح، ولو كان قوله : كأمي، كان كناية .

  • شرح قاعدة :  إذا تعذر إعمال الكلام يهمل 

    شرح قاعدة :  إذا تعذر إعمال الكلام يهمل 

    المحامي السوري

     هذه القاعدة ذكرت في بعض المواضع كالتالي: إن تعذرت الحقيقية والمجاز، أو كان اللفظ مشتركاً بلا مرجح، أهمل لعدم إمكان إعمال الكلام. 

    ومعناها أنه إذا تعذر إعمال الكلام بأن كان لا يمكن حمله على معنى حقيقي له ممكن لتعذر الحقيقة بوجه من وجوه التعذر، أو لتزاحم متنافيين من الحقائق ولا مرجح ، أو لعدم إمكان الحمل على المعنى المجازي لكونه غير مستعمل، أو لتكذيب الحس وما هو في حكمه، فإن الكلام يُهمل حينئذٍ ويُلغى ولا يعمل به . 

    مثال تعذر الحقيقة التعذر الشرعي : كما لو أقرّ شخص بأن أخته ترث ضِعْفَي حصته من تركة أبيه، فذلك كلام مهمل غير ملزم، بخلاف ما إذا اعترف لها شقيقها أنها تستحق مقداراً المال من في التركة مساوياً لحصته أو أكثر ولم يعيّن أنه من طريق الإرث، فإن هذا الإقرار صحيح وملزم لأن استحقاق الأخت لذلك ممكن بأسباب كثيرة مشروعة، كما لو أقرضت مورثها قبل موته مبلغاً من المال أو غير ذلك .

    ومثال تزاحم المتنافيين : كما لو كفل بالعهدة، فإن الكفالة لا تصح لأن العهدة اسم مشترك يقع على الصك القديم، وعلى العقد، وعلى حقوق العقد، وعلى الدَّرَك، وعلى خيار الشرط .

     مثال تعذر الحقيقة وعدم إمكان الحمل على المعنى المجازي: كما إذا أقر لزوجته التي هي من نسب آخر معروف وأكبر منه سناً بأنها ابنته، فلا يمكن حمل كلامه على المعنى الحقيقي لأنها أكبر منه سناً ومن نسب معروف، ولا يمكن حمله على المعنى المجازي ـ أي معنى الوصية ـ لكونها وارثة له، والوصية للوارث لا تصح.

    مثال تكذيب الحس للكلام كدعوى قتل المورّث وهو ما زال حياً، وكدعوى دخول المجبوب بالزوجة، أما مثال تكذيب ما في حكم الحس: فكدعوى البلوغ من لا يحتمله سنه أو جسمه، وكدعوى صرف المتولي أو الوصي على الوقف أو الصغير مبلغاً لا يحتمله الظاهر، فإن كل ذلك يلغى ولا يعتبر ولا يعمل به وإن أقيمت عليه البينة .

  • شرح قاعدة: إذا تعذرت الحقيقة يصار إلى المجاز

    شرح قاعدة: إذا تعذرت الحقيقة يصار إلى المجاز

     إذا تعذرت الحقيقة يصار إلى المجاز

    المجاز خلف عن الحقيقة وهو طريق متعين لإعمال الكلام واجتناب إهماله، فإذا تعسّرت أو هجرت الحقيقة يصار إليه ، وتعذر الحقيقة يكون بثلاثة وجوه :

    أولاً: تعذر عقلي، وهو عدم الإمكان أصلاً، كما لو وقف على أولاده وليس له إلا أحفاد.

     ثانياً: تعذر شرعي، وهو عدم الإمكان شرعاً، كالوكالة بالخصومة، فإن الخصومة محظورة شرعاً فينصرف اللفظ إلى المرافعة والمدافعة، وكما لو حلف لينكحنّ هذه المرأة وهي أجنبية عنه، فإن كلامه يحمل على العقد لا الوطء لحرمة وطء الأجنبية قبل العقد عليها، والنكاح مجاز في العقد حقيقة في الوطء .

    ثالثاً : تعذر عرفي، وهو عدم الإمكان إلا بمشقة كما لو حلف لا يأكل من هذه الحنطة فيحنث بالأكل مما يصنع منها، وهو قول الصاحبين، وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا عبرة بالتعذر العرفي بل يطلق الكلام . معه على الحقيقة لإمكانه عقلاً، فيحنث بالأكل من عينها، وذهب الصاحبان إلى إلحاق التعذر العرفي بالتعذر العقلي. .

    ومثل تعذر الحقيقة هجرها، فلو حلف لا يضع قدمه في الدار، فالحقيقة فيه ممكنة ولكنها مهجورة، والمراد من ذلك في العرف الدخول، فلو وضع قدمه فيها بدون دخول لا يحنث ولو دخلها راكباً حنث .

    ومن فروع هذه القاعدة: إذا أقرَّ من لا وارث له لمن ليس من نسبه وأكبر منه سناً بأنه ابنه ووارثه، ثم توفي المُقِرِّ، فحيث لا يمكن حمل كلامه هذا على معناه الحقيقي فيصار إلى المجاز وهو حمل معناه على الوصية فيأخذ المقرّ له جميع التركة . ..

  • شرح قاعدة:  إعمال الكلام أولى من إهماله مع أمثلة

    شرح قاعدة:  إعمال الكلام أولى من إهماله مع أمثلة

    إعمال الكلام أولى من إهماله

    إعمال الكلام: إعطاؤه حكماً، وإهماله عدم ترتيب ثمرة عملية عليه المدخل العام، فإعماله ما أمكن أولى من إهماله؛ لأن كلام العاقل يصان عن اللغو فيجب حمله على أقرب وجه معمولاً به من حقيقة ممكنة وإلا فمجاز.

    ولذا فقد اتفق الحنفية في الأصول على أن الحقيقة ! كانت متعذرة فإنه يُصار إلى المجاز ، فلو حلف لا يأكل من النخلة ولا من هذا الدقيق لم يحنث بأكل عين الشجرة أو من عين الدقيق، ويحنث لو أكل من ثمار النخلة وبثمن الثمار إن باعها واشترى به مأكولاً، كما يحنث بأكل ما يتخذ من الدقيق.

     والمهجور شرعاً أو عرفاً كالمتعذر، والفرق بينهما أن المتعذر ما لا يتيسر الوصول إليه إلا بمشقة كالمثالين المذكورين (النخلة والدقيق)، والمهجور ما تيسر الوصول إليه ولكن الناس تركوه ومثال المهجور شرعاً : ما لو وكله بالخصومة، فإنه ينصرف إلى الجواب مجازاً فيتناول الإنكار والإقرار باعتبار عموم المجاز، إذ الخصومة منازعة وهي حرام، فانصرف إلى الجواب لأنها سببه.

     والمهجور عرفاً كما لو علق طلاق زوجته على وضع قدمه في منزل فلان فيقع الطلاق بدخول داره لا بوضع قدمه فيه.

    من فروع هذه القاعدة لو أوصى بمائة في وجوه الخير، ثم أوصى بمائة كذلك، تعتبر الوصية مائتين ولا يقبل قول الورثة إنه أراد بالثانية عين الأولى .

    ومنها: لو وقف على أولاده وليس له إلا أولاد أولاد، حمل عليهم صوناً للفظ،

    ومنها : لو جمع بين امرأته وما ليس محلاً الإهمال عملاً بالمجاز، عن للطلاق كبهيمة أو جدار وقال : إحداكما طالق، فتطلق عند الإمام وأبي يوسف لأن البهيمة والجدار ليسا محلّاً للطلاق، فأعمل اللفظ امرأته تعييناً وعند محمد لا تطلق . .

     

    ومنها: قولهم إن التأسيس خير من التأكيد، فإذا دار اللفظ بينهما تعيَّن الحمل على التأسيس لأرجحيته كما هو الظاهر، فلو قال لزوجته المدخول بها : أنت طالق طالق طالق طلقت ثلاثاً، فإن قال : أردت به التأكيد، صدق ديانة لا قضاء  .

     والتأكيد هو اللفظ الذي يقصد به تقرير وتقوية معنى لفظ سابق له : ويقال له : إعادة

    والتأسيس : هو اللفظ الذي يفيد معنى لم يفده اللفظ السابق له ويقال له : إفادة

    منها: لو قال زوج لوكيله في طلاقه من زوجته طلقني طلقني من زوجتي، فيحمل كلام الموكل على التأسيس ما لم يصرّح الموكل أنه أراد التأكيد؛ لأن قصد الموكل في توكيله معتبر ولا عبرة هنا بالظاهر.

    ويستثنى من هذه القاعدة ما في الخانية أن رجلاً له امرأتان فقال لإحداهما : أنت طالق أربعاً، فقالت : الثلاثة تكفيني، فقال: أوقعت الزيادة على فلانة، فلا يقع على الأخرى شيء، وكذا لو قال الزوج : الثلاث لك والباقي لصاحبتك لا تطلق الأخرى، لعدم إمكان العمل حيث إن الشارع حكم ببطلان ما زاد عن الثلاث فلا يمكن إيقاعه على أحد فيكون مما وراء الثلاث غير عامل .

  • شرح قاعدة :  الممتنع عادة كالممتنع حقيقة مع أمثلة

    شرح قاعدة :  الممتنع عادة كالممتنع حقيقة مع أمثلة

    الممتنع عادة كالممتنع حقيقة

    الممتنع عادة هو الذي لا يُعهد وقوعه وإن كان فيه احتمال عقلي بعيد، والممتنع حقيقة هو الذي لا يمكن وقوعه.

    فمن ادعى على مساويه سناً أنه ابنه أو أبوه يُرفض ادعاؤه لأنه ممتنع حقيقة، ولو ادعى المتولي أو الوصي أنه أنفق على عقار الوقف أو على القاصر مبالغ غير محتملة والظاهر يكذبه، فإنه لا يصدق ولا تقبل بينته .  .

    وكل من الممتنع عادة وحقيقية لا تسمع الدعوى به ولا تقام البينة عليه للتيقن بكذب مدعيه.

    وقد جاء في الأشباه أن الممتنع حقيقة يستقل الحاكم برد الدعوى فيه بدون حاجة إلى سؤال الخصم عنها ويستبد به ولا حاجة إلى أن يدفع الخصم بأنها ممتنعة حقيقة وإنها لا تسمع، ولا فائدة في سؤال الخصم عنها لأن السؤال يكون رجاء الاعتراف وهو في هذه الحال لا يملك الاعتراف.  .

    من فروع هذه القاعدة تكذيب جم غفير أتى للشهادة ممتنع عادة فلا تقبل البينة ضد الشهرة  ، ومنها : لو ادَّعى المدَّعي إقرار المدعى عليه بحقه بعد أن طالت الخصومة بينهما فلا تسمع بينته على الإقرار لأنه ممتنع عادة.

    ومن مستثنيات هذه القاعدة لو تزوج شرقي بغربية بالوكالة بينهما مسافة ستة أشهر، فجاءت الزوجة بولد لستة أشهر فأكثر من تاريخ العقد دون أن يثبت بينهما لقاء، فإن الولد يثبت شرعاً من أبيه على رغم الاستحالة العرفية للاتصال بينهما، ولو ولدته لأقل من ستة أشهر من العقد لم يثبت النسب للاستحالة الحقيقية في ذلك  .

     مع أن المسافات الطويلة قد قصرت بتطور المواصلات حول العالم .

  • شرح القاعدة الفقهية: الأصل في الكلام الحقيقة مع تطبيق

    شرح القاعدة الفقهية: الأصل في الكلام الحقيقة مع تطبيق

     الأصل في الكلام الحقيقة

    الأصل في الكلام الحقيقة، والمجاز فرع فيه وخلف عنها، فكان العمل بها أولى من العمل به، وإن تعذرت الحقيقة لعدم وجود فرد لها في الخارج يصار إلى المجاز.

    فالحقيقة هي المعنى الذي وضع اللفظ له أصلاً ويدل عليه لا بلا قرينة ويقابلها المجاز وهو المعنى المفهوم من اللفظ بواسطة قرائن تحيط به على وجه لم يكن ليفهم منه هذا المعنى ،بدونها، وهو معنى تربطه بالمعنى الحقيقي علاقة ، وذلك مثل لفظ النكاح فإنه حقيقة في الوطء مجاز في العقد لعلاقة استحلال الرجل للمرأة.

     إذا أوقف شخص ماله قائلاً : إني أوقفت مالي على أولادي وكان له أولاد وأولاد أولاد، فيصرف قوله على أولاده لصلبه ولا يستفيد أولاد أولاده من الوقف.

    فلو انقرض أولاده لصلبه فلا تصرف غلة الوقف على أحفاده بل تصرف إلى الفقراء إلا إذا كان لا يوجد للواقف أولاد حين الوقف، وكان له أحفاد فبطريق المجاز يعد المال موقوفاً على أحفاده.

     أما إذا ولد للواقف مولود بعد إنشاء الوقف في الصورة الثانية فيرجع الوقف إلى ولده لصلبه لأن اسم الولد مأخوذ من الولادة، ولفظ الولد حقيقة في الولد الصبي ذكراً أو أنثى، فعند عدم وجود أولاد للواقف لصلبه يصرف الوقف إلى الأحفاد الذين تستعمل فيهم كلمة (أولاد) مجازاً لأنه لا يمكن استعمال معنى المجاز والحقيقة في لفظ واحد وفي وقت واحد معاً.

    ذلك لأن الحقيقة إذا كانت مرادة فلا بد أن يتنحى المجاز أمامها عند الحنفية، أما عند المالكية والشافعية فقد أجازوا الجمع بين الحقيقة والمجاز إذا كان ذلك ممكناً.

     أما إذا كان المعنى الحقيقي فرداً من أفراد المعنى المجازي فيقدم المجاز على الحقيقة عملاً بعموم المجاز، كما لو حلف بطلاق امرأته على ألا يأكل من هذه الغنم المقتناة للدَّرِّ والنسل، فالمعنى الحقيقي هو الأكل من عينها والمجازي هو الأكل مما يخرج منها، فعند أبي حنيفة يقع الطلاق بالأكل من عينها وعند الصاحبين يقع الطلاق بأكل ما يخرج منها عملاً بعموم المجاز.

    و عموم المجاز هو عبارة عن استعمال اللفظ في معنى كلّي شامل للمعنى الحقيقي والمعنى المجازي، فلو قال الواقف وقفت مالي هذا على أولادي نسلاً بعد نسل، فقرينة ( نسلاً بعد نسل )تدل على شمول لفظ الأولاد ولكل ولد سواء أكان ولداً حقيقة أم ولداً مجازاً من أولاد أبنائه وأبنائهم.

    ولو أوصى شخص لآخر بثمر بستانه فتحمل وصيته على الثمر الموجود أثناء وفاة الموصي ولا تحمل على الثمر الذي سيحصل في السنين المقبلة؛ لأن الثمر يحمل حقيقة على الثمر الموجود ولا يحمل على الثمر المستقبل إلا بطريق المجاز، وبما أنه من الممكن حمل هذا اللفظ على معناه الحقيقي فلا يحمل على البدل وهو المجاز. أما ذكر الموصي كلمة (أبداً أو دائماً) حينما ذكر الثمر فيكون من عموم المجاز، فتحمل وصيته على الثمر الحاصل أثناء وفاة الموصي والثمر الذي سيحصل في المستقبل .

    لو حلف بطلاق زوجته ألا يتزوج، فوگل آخر فزوجه، حنث ووقع الطلاق، لأن الوكيل بالزواج سفير ومعبر عن الموكل وناقل لعبارته، ولأن حقوق هذه التصرفات لا تتعلق بالوكيل بل بالموكل فاعتُبر الموكل فاعلاً لها فيحنث.

     أما لو حلف بطلاق زوجته ألا يشتري كذا فوكل غيره ففعل عنه، لا يحنث، لأن هذه التصرفات يستغني المأمور فيها عن إضافتها إلى أمره ويضيفها إلى نفسه، فلا يعتبر الموكل فاعلاً لها فلا يحنث.

    ففي الحالة الأولى يرجح المجاز لأن إرادة الموكل تشمل فعل الوكيل وفي الثانية ترجح الحقيقة لأن الفاعل حقيقة هو الوكيل .  .

     تنبيه : إن الأفعال بالنسبة لقبول التوكيل وعدمه على ثلاثة أنواع :

     1 – أفعال لا تقبل التوكيل أصلاً، وهي الأفعال الجبلية كالأكل والشرب والنوم… فلو حلف على عدم فعل شيء منها فأمَرَ غيرَهُ ففعل لا يحنث لعدم صحة أمره بها .

    ٢أفعال تقبل التوكيل ولا يجب على الوكيل إضافتها إلى الموكل، بل تقع عنه وتنفذ عليه وإن لم يضفها الوكيل إلى موكله وهي سبعة أفعال من التصرفات : البيع والشراء، والإيجار، والاستئجار، والقسمة، والخصومة، والصلح عن مال بمال، لأن هذه التصرفات يستغني المأمور فيها عن إضافتها إلى آمره ويضيفها إلى نفسه فيقول : بعت، اشتريت . . .

    ٣ ـ أفعال تقبل التوكيل ويجب على الوكيل ـ لأجل وقوعها عن الموكل ـ أن يضيفها إليه ,كالنكاح والطلاق والإبراء والصلح عن دم العمد والصدقة وغيرها، لأن الوكيل في هذه التصرفات سفير ومعبر، وحقوق هذه التصرفات تتعلق بالموكل فقط ولذلك يصح لشخص واحد أن يتولى طرفي العقد في هذه الأمور عند الحنفية . تنبيه آخر : اللفظ عند اللغويين ثلاثة أقسام: حقيقة ومجاز وكناية، وعند الأصوليين قسمان: حقيقة ومجاز، وكل منهما على ثلاثة أقسام :

     ١ – حقيقة لغوية كلفظ حصان في الدلالة على الحيوان المعروف ،

     ٢ ـ حقيقة شرعية : كلفظ صلاة للدلالة على الأقوال والأفعال المفتتحة بالتكبير والمختتمة بالتسليم ،

    ٣ – حقيقة عُرفية : كلفظ دابة للدلالة على الحيوانات التي تمشي على أربع .

     ٤ – مجاز لغوي : وهو مرادف للحقيقة العرفية ،

     ٥ ـ مجاز شرعي : كلفظ النكاح في الدلالة على العقد لا الوطء،

     ٦ ـ مجاز عقلي: ويسمى المجاز الحكمي، وهو إسناد غير حقيقي ويكون في التركيب دون اللفظ، وإدراك المراد يكون بالعقل لا بالقرائن المانعة.

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1