شرح قاعدة:  إعمال الكلام أولى من إهماله مع أمثلة

إعمال الكلام أولى من إهماله

إعمال الكلام: إعطاؤه حكماً، وإهماله عدم ترتيب ثمرة عملية عليه المدخل العام، فإعماله ما أمكن أولى من إهماله؛ لأن كلام العاقل يصان عن اللغو فيجب حمله على أقرب وجه معمولاً به من حقيقة ممكنة وإلا فمجاز.

ولذا فقد اتفق الحنفية في الأصول على أن الحقيقة ! كانت متعذرة فإنه يُصار إلى المجاز ، فلو حلف لا يأكل من النخلة ولا من هذا الدقيق لم يحنث بأكل عين الشجرة أو من عين الدقيق، ويحنث لو أكل من ثمار النخلة وبثمن الثمار إن باعها واشترى به مأكولاً، كما يحنث بأكل ما يتخذ من الدقيق.

 والمهجور شرعاً أو عرفاً كالمتعذر، والفرق بينهما أن المتعذر ما لا يتيسر الوصول إليه إلا بمشقة كالمثالين المذكورين (النخلة والدقيق)، والمهجور ما تيسر الوصول إليه ولكن الناس تركوه ومثال المهجور شرعاً : ما لو وكله بالخصومة، فإنه ينصرف إلى الجواب مجازاً فيتناول الإنكار والإقرار باعتبار عموم المجاز، إذ الخصومة منازعة وهي حرام، فانصرف إلى الجواب لأنها سببه.

 والمهجور عرفاً كما لو علق طلاق زوجته على وضع قدمه في منزل فلان فيقع الطلاق بدخول داره لا بوضع قدمه فيه.

من فروع هذه القاعدة لو أوصى بمائة في وجوه الخير، ثم أوصى بمائة كذلك، تعتبر الوصية مائتين ولا يقبل قول الورثة إنه أراد بالثانية عين الأولى .

ومنها: لو وقف على أولاده وليس له إلا أولاد أولاد، حمل عليهم صوناً للفظ،

ومنها : لو جمع بين امرأته وما ليس محلاً الإهمال عملاً بالمجاز، عن للطلاق كبهيمة أو جدار وقال : إحداكما طالق، فتطلق عند الإمام وأبي يوسف لأن البهيمة والجدار ليسا محلّاً للطلاق، فأعمل اللفظ امرأته تعييناً وعند محمد لا تطلق . .

 

ومنها: قولهم إن التأسيس خير من التأكيد، فإذا دار اللفظ بينهما تعيَّن الحمل على التأسيس لأرجحيته كما هو الظاهر، فلو قال لزوجته المدخول بها : أنت طالق طالق طالق طلقت ثلاثاً، فإن قال : أردت به التأكيد، صدق ديانة لا قضاء  .

 والتأكيد هو اللفظ الذي يقصد به تقرير وتقوية معنى لفظ سابق له : ويقال له : إعادة

والتأسيس : هو اللفظ الذي يفيد معنى لم يفده اللفظ السابق له ويقال له : إفادة

منها: لو قال زوج لوكيله في طلاقه من زوجته طلقني طلقني من زوجتي، فيحمل كلام الموكل على التأسيس ما لم يصرّح الموكل أنه أراد التأكيد؛ لأن قصد الموكل في توكيله معتبر ولا عبرة هنا بالظاهر.

ويستثنى من هذه القاعدة ما في الخانية أن رجلاً له امرأتان فقال لإحداهما : أنت طالق أربعاً، فقالت : الثلاثة تكفيني، فقال: أوقعت الزيادة على فلانة، فلا يقع على الأخرى شيء، وكذا لو قال الزوج : الثلاث لك والباقي لصاحبتك لا تطلق الأخرى، لعدم إمكان العمل حيث إن الشارع حكم ببطلان ما زاد عن الثلاث فلا يمكن إيقاعه على أحد فيكون مما وراء الثلاث غير عامل .

Scroll to Top