الوسم: موقع المحامي

  • شرح القاعدة الفقهية: التصرف على الرعية منوط بالمصلحة

    شرح القاعدة الفقهية: التصرف على الرعية منوط بالمصلحة

    محامي عربي

    التصرف على الرعية منوط بالمصلحة

    هذه القاعدة مأخوذة من قاعدة (تصرف القاضي فيما له فعله في أموال الناس والأوقاف مقيد بالمصلحة)، والرعية هنا هي عموم الناس الذين هم تحت ولاية ولي الأمر ، ولما كان لولي أمر المسلمين ولاية نظارة على عموم الرعية في الأمور العامة، كانت تصرفاته منوطة بالمصلحة؛ لأن السلطان إنما أعطي السلطة من الله تعالى لأجل صيانة ووقاية أموال رعيته ودمائهم وأعراضهم ، فإن لم يوجد في ضمن تصرفه مصلحة أو منفعة دينية كانت أو دنيوية لا يلزمهم ولا ينفذ عليهم .

    ذلك لأن الولاة ومن دونهم من الموظفين في فروع السلطة الحكومية ليسوا عمالاً لأنفسهم وإنما هم وكلاء عن الأمة في القيام بأصلح التدابير لإقامة العدل ودفع الظلم وصياغة الحقوق والأخلاق وتطهير المجتمع من الفساد وتحقيق كل ما هو خير للأمة مما يعبر عنه بالمصلحة العامة، فليس لإمام أو أمير أو قاضي أن يمنع محاسبة من تحت أيديهم في أموال العامة أو القاصرين كالمتولين على الأوقاف والأوصياء، ولا أن يولي غير أمين أو غير كَفِي عملاً  من الأعمال العامة.

    والأصل في ذلك قول الرسول عليه الصلاة والسلام: ” ما من عبد يسترعيه الله على رعية يموت وهو غاش رعيته إلا حرم الله تعالى عليه الجنة” (رواه الشيخان)، وقوله عليه الصلاة والسلام: “ما من أمير يلي أمور المسلمين ثم لم يجهد لهم وينصح لهم كنصحه وجهده لنفسه إلا لم يدخل معهم  الجنة” (رواه مسلم في الأقضية، وقوله عليه الصلاة والسلام «من استعمل رجلاً في عصابة وفيهم من هو أرضى الله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين» (رواه الحاكم)  .

    من فروع هذه القاعدة:

    لو زوّج القاضي الصغيرة من غير كفء أو قضى بخلاف شرط الواقف أو أبرأ عن حق من حقوق العامة لم يجز .

     ومنها : ليس لمتولي الوقف ولا للقاضي إحداث وظيفة في غير ما شرطه الواقف وإن كان في الغلة فضلة .

    ومنها : لو أجر المتولي عقار الوقف بغبن فاحش لا يصح .

     ومنها: لو صالح الولي أو الوصي عن الصغير صلحاً مضراً به لا يصح ، كما  لو صالح الخصم قبل أن ينوي رد دعواه بالبينة لا يصح .

    ومنها: لو أمر القاضي شخصاً بأن يستهلك مالاً من بيت المال أو مالاً لشخص آخر فإذنه غير صحيح، حتى إن القاضي نفسه لو استهلك ذلك المال يكون ضامناً ، وقد جاء في ذلك عن عمر بن الخطاب له قوله : (إني أنزلت نفسي من مال الله تعالى بمنزلة والي اليتيم إن احتجت أخذت، وإن أيسرت رددته وإن استغنيت استعففت).

     ومنها : لا يجوز للقاضي أن يهب أموال الوقف وأموال الصغير لأن تصرفه فيهما يجب أن يكون لمصلحة لهما .  ومنها: أن القاضي إذا قرر فرّاشاً للمسجد بغير شرط الواقف لم يحل للقاضي ذلك، ولم يحلّ للفرّاش تناول المعلوم، وبه عُلم حرمة إحداث الوظائف بالأوقاف بالطريق الأولى.  .

    ومنها: لو قرر القاضي صرف فائض وقف لوقف آخر اتحد واقفهما أو اختلف لم يجز . كما في الدرر والغرر ، قال العلامة الحموي: المفهوم من الدر والغرر أنه إذا اتحد الواقف ونوع المصرف بأن بنى رجل مسجدين ووقف لهما أوقافاً مستغلة أو مدرستين يجوز صرف زائد أحدهما إلى الآخر.

    أما إذا اختلف الواقف بأن يقف رجل مسجداً ويقف رجل آخر مسجداً أو اختلف المصرف بأن بنى الآخر مسجداً ومدرسة فلا يجوز، وإذا اتحد الواقف والجهة بأن بنى رجل مسجدين وعيَّن لمصالح كل منهما وقفاً وقل مرسوم بعض الموقوف عليه جاز للحاكم أن يصرف من فاضل الوقف الآخر عليه لأنهما كشيء ء واحد .

    ويستثنى من هذه القاعدة أن الأب أو الجد إذا لم يكن بسكران ولم يكن معلوماً بسوء الاختيار، ، ينفذ تزويجه للصغير والصغيرة من غير كفء وبغبن فاحش .

  • نص مرسوم العفو العام رقم 36 لعام 2023 في سوريا

    نص مرسوم العفو العام رقم 36 لعام 2023 في سوريا

    محامي عربي

    الرئيس الأسد يصدر مرسوماً بمنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 16/ 11/ 2023
    دمشق-سانا
    أصدر السيد الرئيس بشار الأسد المرسوم التشريعي رقم (36) لعام2023 القاضي بمنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 16-11-2023.
    وفيما يلي نص المرسوم
    المرسوم التشريعي رقم / 36 /
    رئيس الجمهورية
    بناءً على أحكام الدستور.
    يرسم ما يلي:
    المـــادة 1- يُمنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 16 / 11 /2023 وفقاً لأحكام هذا المرسوم التشريعي.
    الفصل الأول
    العفو عن كامل العقوبة
    المـــادة 2 –
    ‌أ- عن كامل العقوبة في الجنح والمخالفات.
    ‌ب- عن جميع تدابير الإصلاح والرعاية للأحداث.
    المـــادة 3 – عن كامل العقوبة المؤبدة أو المؤقتة للمصاب بمرض عضال غير قابل للشفاء، يجعله بحاجة إلى معونة غيره لقضاء حاجاته الشخصية.
    المـــادة 4 – عن كامل العقوبة المؤبدة أو المؤقتة للمحكوم عليه بحكم مبرم، الذي بلغ السبعين من عمره بتاريخ صدور هذا المرسوم التشريعي.
    المـــادة 5 – عن كامل العقوبة في الجرائم المنصوص عليها في المادتين /285/ و/ 286/ من قانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم (148) لعام 1949 وتعديلاته إذا كان الجرم مقترفاً من سوري.
    المـــادة 6 –
    ‌أ- عن كامل العقوبة بالنسبة للجريمة المنصوص عليها في المادة /1/ من المرسوم التشريعي رقم (20) لعام 2013 إذا بادر الخاطف إلى تحرير المخطوف بشكل آمن ودون أي مقابل أو قام بتسليمه إلى أي جهة مختصة خلال عشرة أيام من تاريخ نفاذ هذا المرسوم التشريعي.
    ‌ب- تسري أحكام الفقرة /أ/ من هذه المادة على الجرائم المنصوص عليها في المادة /556/ من قانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم (148) لعام 1949 المعدلة بالمرسوم التشريعي رقم (1) لعام 2011 والقانون رقم (21) لعام 2012.
    المـــادة 7 – عن كامل العقوبة في الجرائم المنصوص عليها في المادة /43/ من القانون رقم (2) لعام 1993.
    المـــادة 8 –
    أ‌- عن كامل العقوبة في الجرائم التالية المنصوص عليها في قانون العقوبات العسكرية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم (61) لعام 1950 وتعديلاته:
    1- جريمة الفرار الداخلي المنصوص عليها في المادة /100/.
    2- جريمة الفرار الخارجي المنصوص عليها في المادة /101/.
    3- جريمة الفرار المنصوص عليها في الفقرة /4/ من المادة /103/.
    ب‌- لا تشمل أحكام الفقرة /أ/ من هذه المادة المتوارين عن الأنظار والفارين من وجه العدالة إلا إذا سلموا أنفسهم خلال ثلاثة أشهر بالنسبة للفرار الداخلي وستة أشهر بالنسبة للفرار الخارجي.
    الفصل الثاني
    العفو الجزئي عن العقوبة
    المـــادة 9 – عن نصف العقوبة الجنحية في الجرائم المنصوص عليها في المواد التالية من قانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم (148) لعام 1949 وتعديلاته:
    /341/ و/345 إلى 355/ و/361/ و/386/ و/387/ و/428/ و/450/ و/451/ و/453/ و/455/ و /584/.
    المـــادة 10 –
    ‌أ- عن ثلث العقوبة الجنائية المؤقتة.
    ‌ب- عن ثلث العقوبة في جرائم الأحداث.
    المـــادة 11 – عن نصف العقوبة في الجنح المنصوص عليها في المادة /134/ من قانون العقوبات العسكرية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم (61) لعام 1950 وتعديلاته.
    المـــادة 12 –
    ‌أ- تُبدل عقوبة السجن المؤبد من عقوبة الإعدام.
    ‌ب- تُبدل عقوبة السجن المؤقت لمدة /20/ عاماً من عقوبة السجن المؤبد.
    ‌ج- تُبدل عقوبة الاعتقال المؤقت لمدة /20/ عاماً من عقوبة الاعتقال المؤبد.
    ‌د- لا تطبق أحكام التخفيف المنصوص عليها في هذه المادة في الجنايات التي ينتج عنها ضرر شخصي إلا إذا أسقط الفريق المتضرر حقه الشخصي، ولا يعد تسديد مبلغ التعويض المحكوم به بحكم الإسقاط، وفي الحالات التي لم يتقدم فيها الفريق المضرور بادعاء شخصي، فله الحق بتقديمه خلال ستين يوماً من تاريخ نفاذ هذا المرسوم التشريعي، وإذا انقضت هذه المدة ولم يتم تقديم الادعاء تطبق أحكام التخفيف المنصوص عليها في هذه المادة.
    الفصل الثالث
    الاستثناءات من شمول العفو
    المـــادة 13 – يستثنى من شمول أحكام هذا المرسوم التشريعي:
    ‌أ- الجرائم المنصوص عليها في المواد الآتية من قانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم (148) لعام 1949 وتعديلاته:
    /263 /264 /265 /266 /268 /271 /272 /273 /274 /275 /276 /277/، والفقرة /3/ من المادة /305/ إذا أفضى الفعل إلى موت إنسان، والفقرة /3/ من المادة /326/ و/397 /398 /402 /403 /405/ و/476 إلى 478/ و/489 إلى 496/ و/499 إلى 502/ و/520/ و/573 /574 /575 /577 /578 /730/.
    ‌ب- الجرائم المنصوص عليها في المواد الآتية من قانون العقوبات العسكرية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم (61) لعام 1950 وتعديلاته: /102/، والفقرة/5/ من المادة /103/، والمواد /154 /155 /156 /157 /158 /159 /160/.
    ‌ج- الجرائم المنصوص عليها في المرسوم التشريعي رقم (68) لعام 1953.
    ‌د- الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم (286) لعام 1956.
    ‌ه- الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم /10/ لعام 1961.
    ‌و- الجرائم المنصوص عليها في المرسوم التشريعي رقم (13) لعام 1974 وتعديلاته.
    ‌ز- الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم (49) لعام 1980.
    ‌ح- جنايات تهريب الأسلحة والمتفجرات المنصوص عليها في المرسوم التشريعي رقم (51) لعام 2001.
    ‌ط- الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم (24) لعام 2006 وتعديلاته.
    ‌ي- الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم (19) لعام 2012.
    ‌ك- الجرائم المنصوص عليها في المرسوم التشريعي رقم (40) لعام 2012 وتعديلاته.
    ‌ل- الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم (3) لعام 2013.
    ‌م- الجرائم المنصوص عليها في المرسوم التشريعي رقم (54) لعام 2013 وتعديلاته.
    ‌ن- الجريمة المنصوص عليها في المادة /29/ من القانون رقم (6) لعام 2018.
    ‌س- الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم (14) لعام 2015، والمرسوم التشريعي رقم (8) لعام 2021.
    المـــادة 14 – لا تشمل أحكام هذا المرسوم التشريعي كافة الغرامات مهما كان نوعها.
    الفصل الرابع
    أحكام عامة وختامية
    المـــادة 15 – مع مراعاة أحكام المادة /12/ من هذا المرسوم التشريعي يشترط للاستفادة من أحكامه:
    ‌أ- تسديد المحكوم عليه بحكم مبرم للمبالغ والتعويضات والإلزامات المحكوم بها لصالح الجهة المدعية وفقاً للأصول المعمول بها، أو تقديم إسقاط حق شخصي.
    ‌ب- بالنسبة للجنايات، والجنح المنصوص عليها في المواد /628 وحتى 659/ من قانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم (148) لعام 1949 وتعديلاته، إذا كانت الدعوى العامة لم يتم تحريكها أو كانت في طور المحاكمة لا يتم الاستفادة من العفو إلا بوجود إسقاط حق شخصي، وللمضرور دفع سلفة الادعاء خلال ثلاثين يوماً من نفاذ هذا المرسوم التشريعي، وإذا انقضت هذه المدة ولم يتم تقديم الادعاء تطبق أحكام هذا المرسوم التشريعي، وفي حال صدور حكم مبرم يستفيد المحكوم عليه من أحكام هذا المرسوم التشريعي بقيامه بتسديد الإلزامات المحكوم بها حيث يقوم تسديدها مقام إسقاط الحق الشخصي.
    المـــادة 16 – لا يستفيد من هذا العفو المتوارون عن الأنظار والفارون من وجه العدالة في الجنايات المشمولة جزئيا ً بأحكام هذا المرسوم التشريعي إلا إذا سلموا أنفسهم خلال ستة أشهر من تاريخ صدوره الى السلطات المختصة.
    المـــادة 17 –
    ‌أ- يشكل وزير العدل بالتنسيق مع وزير الدفاع اللجان الطبية اللازمة لفحص المستفيدين من أحكام المادة /3/ من هذا المرسوم التشريعي، بناءً على طلب يتقدم به المستفيد خلال مدة أقصاها شهر من تاريخ صدوره.
    ‌ب- تصدر تقارير اللجان الطبية بقرار من وزير العدل أو وزير الدفاع كل فيما يخصه.
    المـــادة 18 – لا يؤثر هذا العفو على دعوى الحق الشخصي وتبقى هذه الدعوى من اختصاص المحكمة الواضعة يدها على دعوى الحق العام، وللمضرور في جميع الأحوال أن يقيم دعواه أمام المحكمة الجزائية خلال مدة سنة واحدة من تاريخ صدور هذا المرسوم التشريعي ويسقط حقه في إقامتها بعد هذه المدة أمام هذه المحكمة ويبقى له الحق في إقامتها أمام المحكمة المدنية المختصة.
    المـــادة 19 – ينشر هذا المرسوم التشريعي في الجريدة الرسمية، ويعد نافذاً من تاريخ صدوره.
    دمشق في 2 / 5 /1445 هجري الموافق لـ 16 / 11 /2023 ميلادي
    رئيس الجمهورية
    بشار الأسد

  • شرح القاعدة الفقهية: يُغتفر في البقاء ما لا يغتفر في الابتداء – مع أمثلة

    شرح القاعدة الفقهية: يُغتفر في البقاء ما لا يغتفر في الابتداء – مع أمثلة

    محامي عربي

     يُغتفر في البقاء ما لا يغتفر في الابتداء

    يعبرعن هذه القاعدة بلفظ آخر : (ما لا يجوز ابتداءً يجوز بقاء)، (ما لا يثبت قصداً . يجوز أن ثبوته ضمناً وتبعاً)، ذلك لأن وجود الشيء ابتداء لا يخلو عن شروط وربما لا تبقى هذه الشروط إلى الانتهاء لانعدامها أو لاعتراض ما ينافيها، فيصبح ما لا يجوز الشروع فيه يجوز البقاء عليه لاستمرار أحكام أخرى . وعلى هذه القاعدة يمكن أن يغتفر اختلال بعض شرائط العقود في حال استمرارها بعد وجودها ولا يغتفر ذلك في حال انعقادها .

    ولأن البقاء أسهل من الابتداء كان الاستصحاب يكفي حجة للدفع لا للاستحقاق ؛ لأن الدفع استبقاء وتقرير ما كان على ما كان والاستحقاق نزع وابتداء، ورفع الأول أسهل بخلاف الثاني فإنه أهم فلا بد فيه من البينة، فقد قال أبو يوسف الله في كتابه الخراج: (لا ينزع شيء من يد أحد إلا بحق ثابت معروف).  .

    الأولى أن يضاف لفظ «قد» في بداية القاعدة للتنبيه على أنها ليست بقاعدة مطردة بل لها الكثير من المستثنيات نحو : لو فوَّض طلاق امرأته لعاقل فجنّ فطلق لم يقع الطلاق، ولو فوضه إلى مجنون فطلق وقع، فاغتفر في الابتداء ما لم يغتفر في البقاء   .

    ويستثنى أيضاً أنه يصح تقليد الفاسق القضاء ،ابتداء ولو كان عدلاً ابتداء ففسق انعزل وذكر ابن الهمام إن الفتوى على ذلك .

    ويستثنى كذلك لو أوقف على ولده وليس له ولد وله ولد ولد، صرف الوقف الى ولد الولد، ولو كان له ولد وقت الوقف ثم مات يصرف وقفه إلى الفقراء لا إلى ولد الولد، فاغتفر في الابتداء ما لم يغتفر في البقاء.

     من فروع هذه القاعدة : لو اعترفت المرأة بالعدة فإنها تمنع عن التزوج، أما لو تزوجت ثم ادعت العدة فلا يلتفت إلى قولها . 

     ومنها : لو طرأت العدة على المرأة بعد النكاح كما لو وطئت بشبهة لا يبطل نكاحها، أما لو عقد عليها وهي معتدة فإن النكاح لا يصح ..

     ومنها: لو عقد النكاح على أن لا مهر لها لم يصح الحط  ووجب مهر المثل، ولو حطت المهر عن الزوج بعد العقد صح حطها وبرىء الزوج من المهر. 

     ومنها : لو وهب شخص في مرض موته داره التي لا يملك سواها ثم توفي الواهب تبطل الهبة في الثلثين وتصح في الثلث مع أن الهبة لا تصح في الشائع؛ لأن من شروطها قبض الموهوب وقت العقد.

    ومنها: لو استخلف القاضي عنه والإمام لم يفوض له الاستخلاف لم يجز، ومع هذا لو حكم خليفته وهو يصلح أن يكون قاضياً وأجاز القاضي أحكامه فيجوز حكمه عندئذ .

    وهذه المسألة على ما يبدو لا ترتبط بالقاعدة لأن الفعل لم يبدأ صحيحاً أصلاً، والأجدر أن يكون هذا المثال على قاعدة ( الإجازة اللاحقة كالإذن السابق).

  • شرح القاعدة الفقهية: الحقيقة تترك بدلالة العادة

    شرح القاعدة الفقهية: الحقيقة تترك بدلالة العادة

    محامي عربي

    الحقيقة تترك بدلالة العادة والعرف؛ لأن التعارف يجعل إطلاق اللفظ على ما تعورف استعماله حقيقة بالنسبة للمستعملين ويجعل إطلاقه على معناه الوضعي الأصلي في نظرهم مجازاً.

    وفائدة وضع هذه بعد المادة  (العادة محكمة) والمادة  (استعمال الناس حجة يجب العمل بها ) لدفع ما عساه يتوهم من أن تحكيم العادة والعمل باستعمال الناس إنما يكونان حيث لم تعارضهما حقيقة، فنبهوا أن تحكيمهما لا تقوى الحقيقة على معارضتهما بل يعمل بها دونها ؛ لأن العرف قاض على الوضع .  .

    فيتضح أن العرف اللفظي بوجه عام تنشأ به لغة جديدة تكون هي المعتبرة في تحديد ما يترتب على تصرفات أهل ذاك العرف القولية من حقوق وواجبات، واللغة العامية في كل مكان هي من هذا القبيل، وإن ما تفيده أساليب العوام البيانية من عقد أو تعليق أو تنجيز أو إذن أو غير ذلك هو المعتبر وإن خالف قواعد اللغة الفصحى.

    لذلك ذكر الفقهاء أن المفتي عندما يُستفتى عن مسألة يجب عليه إذا كان المستفتي من بلدة أخرى أن لا يفتي قبل أن يعلم المعنى المستعمل للفظ المستفتى به في بلدة المستفتي. 

    تنبيه : استعمال اللفظ في المعنى المجازي يحتاج إلى قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي، وهذه القرينة المانعة على وجوه :

    أ ـ إما لأن المعنى الحقيقي متعذر عقلاً، كمن حلف لا يأكل من هذه الشجرة لامتناع أكله من جسمها أي خشبها والمجاز الأكل من ثمرها أي أن المجاز اللغوي صار حقيقة عرفية .

    ب ـ أو لأن المعنى الحقيقي مهجور عادةً كمن حلف لا يدوس دار فلان فالمقصود له لا يدخلها لا أن لا يدخل رجله فيها  ج ـ أو لأن المعنى الحقيقي مهجور شرعاً كما لو قال شخص : وكلت فلاناً بالخصومة، فالمعنى الحقيقي للخصومة هو المنازعة والمقاتلة ومعناها الشرعي المرافعة والمجاوبة عن الموكل في الدعوى المقامة منه أو عليه.

    من فروع هذه القاعدة:

    إذا اشترط الواقف في صك وقفيته تعيين ناظر على وقفه وكان معنى الناظر في عرف زمانه المتولي الذي يتولى إدارة الوقف من جباية وتعمير وإنفاق حمل على معنى المتولي كما عليه العرف، وإن كان معناه المشرف المراقب على المتولي انصرف إليه .

    لو وقف مالاً على ذريته وشرط أن توزع الغلة بينهم حسب الفريضة الشرعية فالراجح من رأي الحنفية أنه يعطى للذكر منهم مثل حظ الأنثيين؛ لأن هذا هو المعنى العرفي بين الناس لكلمة فريضة شرعية التي تفسر بها إرادة الواقف، وإن كان الأحسن شرعاً أن يسوّي الإنسان في العطية بين الذكور والإناث من أولاده، وكلام الواقف ينزل على لغته وعرفه لا على المسلك الأفضل شرعاً. 

    ومن فروعها : لو أوقف رجل ماله أو أوصى به للفقهاء، يدخل فيهم المقلد؛ لأن لفظ الفقيه يطلق عليه عرفاً فينصرف كلام الواقف إليه لأنه حقيقة عرفية تترك به الحقيقة الأصلية.

    ومنها: أن الإقرار بدين المعلق بالشرط باطل إلا إذا علق بزمان يصلح أ يكون أجلاً للدين في عرف الناس، فإنه يحمل حينئذ على الإقرار بالدين المؤجل. فالمعنى الحقيقي في قول شخص : إذا جاء أول الشهر الفلاني فلفلان عندي ألف . وهو تعليق الإقرار بالشرط بدلالة العادة إلى أنه إقرار بدين مؤجل.

     وكذلك الإبراء المعلق على الموت يعتبر ويحمل على الوصية.

  • شرح القاعدة الفقهية: المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً 

    شرح القاعدة الفقهية: المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً 

    محامي عربي

    في الكتب الفقهية عبارات أخرى بهذا المعنى (الثابت بالعرف كالثابت بدليل شرعي)، (المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً)، (الثابت بالعرف كالثابت بالنص) (المعروف بالعرف كالمشروط باللفظ) .

    إذا تعارف الناس واعتادوا التعامل على شرط بدون اشتراط صريح فهو مرعي ويعتبر بمنزلة الاشتراط الصريح، أما إذا كان الشرط المتعارف الصريح غير معتبر شرعاً بأن كان مصادماً للنص بخصوصه فلا يكون معتبراً ولا يراعى  .

    وهذه القاعدة تؤكد ناحية خاصة وهي أن العرف في العقود ينزل منزلة الشروط الجعلية المباحة، فيعتبر ملزماً للمتعاقدين في كل ما يجوز الإلزام به بالشرط الجعلي عند عدم الشرط. 

    لو قدم الأب لابنته في زواجها جهازاً من ماله ثم اختلف وإياها في أنه ما قدمه لها كان على سبيل العارية فيحق له استرداده وإن كان على سبيل التمليك فهو لها، فلو ماتت البنت والحالة هذه موقع اختلاف بين الأب والزوج من أجل نصيبه الإرثي، فالذي استقر عليه رأي الفقهاء في هذا المقام هو تحكيم العرف، فإن كان العرف غالباً أن مثل هذا الأب يخرج مثل هذا الجهاز عادة على سبيل التمليك، فالقول للزوج أو للبنت إن كانت حية، وإن كانت العادة أن مثل هذا الأب لا يخرج مثل هذا الجهاز تمليكاً، فالقول للأب في أنه عارية .

    لو ادعى الزوج أن هدايا الخطبة هي جزء من المهر المعجل، أو ادعت الزوجة استحقاقها للمهر المؤجل والزوجية قائمة ترد دعواها لأن العرف على خلاف ذلك إلا ما نص عليه صراحة.

    لو أوصى بثلث ماله لطلاب العلم، تنفذ الوصية لطلاب العلوم الشرعية لا لطلاب سائر العلوم لأن العرف يتناول طلاب الشريعة دون غيرهم، وكذا لو أوقف على فقهاء بلدته لا يستفيد من هذا الوقف فقهاء القانون لأن العرف لا يتناولهم باللفظ المذكور

  • شرح القاعدة الفقهية : العادة محكمة مع تطبيقاتها

    شرح القاعدة الفقهية : العادة محكمة مع تطبيقاتها

    محامي عربي

    العادة هي الاستمرار على شيء مقبول للطبع السليم والمعاودة إليه مرة بعد أخرى، وسواء كانت العادة عامة أم خاصة تُجعل حكماً لإثبات حكم شرعي لم ينص على خلافه بخصوصه، ولا تُعتبر إلا إذا كانت سابقة على ورود النص التشريعي، أو كانت حادثة دون أن تتعارض معه .   .

    وأصل هذه القاعدة قول ابن مسعود ( ر ض) :

    (ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحاً فهو عند الله قبيح)

    وهو حديث حسن، قال فيه السخاوي في المقاصد الحسنة : رواه أحمد في كتاب السنة ووهم من عزاه للمسند، وجعله العلائي موقوفاً على ابن مسعود  ، وإنه وإن كان موقوفاً عليه فله حكم المرفوع لأنه لا مدخل للرأي فيه، والظاهر إنه يصلح دليلاً على الإجماع لا على العرف.

    كل عمل اختياري لا بد له من باعث وهذا الباعث إما خارجي كظهور منفعة من شيء أو عمل، وإما داخلي كحب الانتقام الدافع إلى الكيد وكحياء البكر الباعث على الصمت.

    فإذا ارتاح الإنسان للفعل الذي مال إليه بذلك الباعث وكرره أصبح بالتكرار عادة له، فإذا حاكاه غيره فيه بدافع حب التقليد وتكررت هذه المحاكاة وانتشرت بين معظم الناس، يتكون عندئذ بها العرف الذي هو في الحقيقة عادة الجماعة  .

    والعادات التي تشيع في البلاد أو بين أصناف مخصوصة من الناس لا تنشأ عن دواع واحدة وبطريقة واحدة لكن معظم العادات إنما تنشأ عن الحاجة، ، إذ يعرض للناس ظرف خاص يدعوهم إلى عمل خاص فيتكرر العمل ويشيع حتى يصبح عرفاً دارجاً كما في نشأة وقف أنواع من الأموال المنقولة،

    وقد تنشأ العادات والأعراف بأمر صاحب السلطان الحاكم أو برغبته وتوجيهه، كعادة حساب الأيام بالتقويم الشمسي، وقد تكون العادات وراثية عن الأسلاف دون أن تدعو إليها حاجة حقيقية.

    وللعادات سلطان على النفوس وتحكم في العقول، فمتى رسخت العادة اعتبرت من ضروريات الحياة، لأن العمل بكثرة تكراره تألفه الأعصاب والأعضاء، لذا قالوا (إن العادة طبيعة ثانية) و

    قد قال ابن عابدين : (إن في نزع الناس عن عاداتهم حرجاً عظيماً).

    ويتضح من ذلك أن العادات منها الحسن ومنها القبيح؛ إذ ليس كل ما يعتاده الناس ويتعارفونه ناشئاً عن حاجة صادقة ومصلحة حكيمة يكون الأمر المعتاد وسيلة ميسرة لها، فقد يعتاد الناس عادات تقوم على جهالات موروثة يشقى بها المجتمع وليس فيها منفعة، كأخذ أولياء البنات مهورهن عند تزوجهن .

    والعادة لا تسمى عرفاً إلا في الأمور المنبعثة عن تفكير واختيار، وقد عرفه الفقهاء بقولهم : هو ما استقر في النفوس من جهة العقول، كالتعامل في الزواج على أن المرأة تشتري بمهرها جهازاً من ملبوس ومفروش تحضره معها إلى بيت الزوج، وأنها لا تُزف قبل أن يدفع الرجل معجل مهرها كله أو بعضه…

    أما ما يكون ناشئاً عن عوامل طبيعية لا عن تفكير واختيار، كإسراع بلوغ الأشخاص في الأقاليم الحارة وبطئه في الأقاليم الباردة، لا يسمى عرفاً بل عادة، فتكون النسبة بين العرف والعادة هي العموم والخصوص المطلق، لأن العادة أعم.

    ولاعتبار العرف أربعه شروط، وهي :

    ١ ـ أن يكون العرف مطرداً بحيث يكون العمل به بين متعارفيه مستمراً في جميع الحوادث لا يتخلف، كالعرف على تقسيم المهر في النكاح الى معجل

    ومؤجل، أو يكون غالباً بحيث يكون جريان أهله عليه في أكثر الحوادث .

    ٢ ـ أن يكون العرف المراد تحكيمه في التصرفات قائماً عند إنشائها ولا عبرة بالعرف الطارىء، وكذلك نصوص الشريعة لا يؤثر فيها إلا ما قارنها من

    العادات .

    ٣ ـ أن لا يعارض العرف تصريح بخلافه سواء كان التصريح في النص أو في شروط أهل التصرفات القولية.

    ٤ ـ أن لا يكون في العرف تعطيل لنص ثابت، أو لأصل قطعي في الشريعة.

    لو نكح أو طلق هازلاً صحت تصرفاته، وإن كان عرفاً لا يعتد بالمعقود عليه هزلاً ؛ لأن الشرع حكم عليه بالصحة للحديث: ((ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة)) على ما في رواية الترمذي وأبو داود.

    أما  عن حالات مخالفة العرف للأدلة الشرعية فعلى وجوه كما فندها العلّامة مصطفى الزرقا حفظه الله :

    أ ـ أن يصطدم العرف اصطداماً بنص تشريعي خاص من كتاب أو سنة ثابتة، آمراً بخلاف ما جرى عليه العرف بحيث يكون وارداً عن الشارع بشأن الأمر الذي هو موضوع العرف فيقدم النص بالاتفاق كالنهي عن نكاح الشغار الذي كان متعارفاً عليه في الجاهلية.

    ب ـ أن يتعارض العرف اللفظي مع نص تشريعي عام يكون فيه الحكم شاملاً للأمر الجاري فيه العرف وغيره، بحيث تكون دلالة اللفظ الذي استعمله الشارع في أصل اللغة أوسع من دلالته العرفية، فينزل النص التشريعي العام على حدود معناه العرفي؛ لأن العرف اللفظي يجعل المعنى المتعارف حقيقة عرفية وهي مقدمة في الفهم على الحقيقة اللغوية التي تصبح بالنسبة إلى الحقيقة العرفية مجازاً يحتاج إلى قرينة عند إرادته، كلفظ (عدة الطلاق) يراد به تربص المطلقة، أما عند وجود القرينة فيمكن حمله على معنى الاستعداد للطلاق.

    ج ـ أن يتعارض النص التشريعي العام مع العرف العملي الخاص القائم عند ورود النص، فعند الحنفية ليس للعرف الخاص ما للعرف العام من قوة في معارضة النص العام، ولا يصلح هذا العرف لتخصيصه ؛ لأن التخصيص بيان لمراد الشارع من النص لا تعديل طارىء عليه، والعرف الخاص لا يصلح دليلاً على أن الشارع لم يرد من نصه العام عموم معناه وذهب محققو المالكية إلى أن العرف العملي سواء كان عاماً أو خاصاً يخصص النص العام كما يقيد النص المطلق .

    ومن فروعهم:

    إذا كانت المرأة شريفة القدر لا يلزمها إرضاع ولدها إن كان يقبل ثدي غيرها للمصلحة العرفية في ذلك وهي مراعاة العرف الجاري في صون النساء الشريفات، ولأن من عادات أشراف العرب أن يسترضعوا لأولادهم مرضعات من البادية ابتغاء صحة الجسم وتقويم اللسان، وهو تخصيص لقوله تعالى : ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَدَهُنَّ ).

    د ـ أن يتعارض النص التشريعي مع العرف العملي العام القائم عند ورود النص فحينئذ يكون العرف العام مخصصاً للنص العام إذ يكون ذلك العرف قرينة دالة على أن الشارع لم يرد شمول ذلك الأمر كحديث النهي عن بيع ما ليس عند الإنسان ورخّص في السلم، وهو نص عام في منع كل أنواع البيع للمعدوم سوى السلم. وعقد الاستصناع يشمله المنع لعموم النص المانع الا أنه قد تعارفه الناس لاحتياجهم إليه فكان هذا العرف مخصصاً لعموم النص المانع فكأنما ورد النص باستثناء الاستصناع ضمناً كما استثنى السلم صراحة

    هـ ـ أن يتعارض النص التشريعي العام مع العرف الحادث بعد ورود النص وهو ما يعرف بالعرف الطارىء، فلا يعتبر هذا العرف في مواجهة النص وليس له سلطان على النص في تخصيصه إلا أن يكون النص معللاً بعلة يزيلها العرف كأن يكون النص مبنياً على عرف عملي قائم عند وروده، فإذا تبدل العرف تبدل حكم النص تبعاً، وهو رأي أبي يوسف وهو الراجح في المذهب والجمهور على خلافه، من ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري بشأن البكر البالغة «إذنها صماتها» فقد اتفقت آراء الفقهاء على أن هذا الحكم مبني على ما هو معروف في البكر من خجل في إظهار رغبتها في الزواج عند استئمار وليها لها بحسب التربية والتقاليد الاجتماعية، فإذا فرض أن هذه التربية قد تبدل اتجاهها وأصبحت الأبكار لا يتحرجن من إعلان هذه الرغبة أو عدمها ، فإن الإذن منهن حينئذ بالتزويج لا يكفي فيه السكوت بل يحتاج إلى بيان كما مع الثيبات، أو عند عدم الإذن يعتبر تزويجها عملاً فضولياً يحتاج إلى إجازة ليصبح نافذاً عليها .

    و ـ إذا تعارض العرف سواء كان قولياً أو عملياً وسواء كان قديماً أو طارئاً مع عبارة أهل التصرفات كعبارة الواقف أو المطلق. فتحمل هذه العبارات على المعاني العرفية دون المعاني اللغوية شرط أن تكون المعاني العرفية قائمة حين صدور هذه التصرفات من أصحابها، فلو أوقف على ذريته حسب فريضة الشرع، فيحمل لفظ الفريضة على معناه العرفي ويعني للذكر مثل حظ الأنثيين. وإذا تعارف الناس إيقاع الطلاق بألفاظ أو تعابير جديدة فشا استعمالها بينهم فإنه يقع بها الطلاق ولو كانت في أصل اللغة لا تقتضي وقوعه بها، كلفظ (عليّ الطلاق) الذي يستعمله الرجال في هذا الزمان عند إرادة التطليق مع أن الطلاق وصف يقع على المرأة التي هي محله شرعاً لا على الرجل.

    ولو قال لزوجته (أنا منك طالق) لا يقع به الطلاق وإن نواه لأن الرجل لا يكون طالقاً بل مطلقاً. وقد صح تطليق الزوجة باللفظ الأول لأنه أصبح في العرف والاستعمال نظير قوله لامرأته (أنت طالق).

    ز ـ إذا تعارض العرف مع الأحكام الاجتهادية التي يثبتها الفقهاء المجتهدون استنباطاً وتخريجاً بطريق القياس النظري على حكم أوجبه الشارع بالنص فيترك القياس ويعتبر العرف؛ لأن العرف أقوى من القياس لما ذكره العلامة ابن الهمام (العرف بمنزلة الإجماع شرعاً عند عدم (النص)، ومن المعلوم أن ترجيح العرف على القياس يعتبر عند الحنفية من قبيل الاستحسان الذي تترك فيه الدلائل القياسية لأدلة أخرى منها العرف.

    من فروع هذا المبدأ:

    أن الأصل القياسي يقضي بأن على الحاكم أن يستمع إلى كل دعوى ترفع إليه ثم يقضي للمدعي أو للمدعى عليه بحسب ما  يثبت لديه، لكن الفقهاء تركوا هذا القياس فيما إذ ادعت الزوجة المدخول بها أن زوجها لم يدفع إليها شيئاً من معجل مهرها فقالوا لا تسمع دعواها هذه بل يردها القاضي، وعللوا ذلك بأن عادة الناس التي لا تكاد تتخلف أن المرأة لا تزف إلى زوجها ما لم يدفع المهر المعجل فتكون دعواها مما يكذبه الظاهر من الحال  بعد الدخول، إلا أن العرف لم يبق كما هو فكثير من الناس يزففن دون قبض شيء من المهر تيسيراً على الزوج فيبقى سماع هذه الدعوى اليوم.

    ومنها:

    إن القواعد القياسية تقضي بأنه لا يجوز دفع الدين لغير صاحبه ولا ينفذ قبضه على الدائن من ولاية أو وكالة لكن الفقهاء تركوا القياس في البنت البكر البالغة إذا قبض أبوها أو جدها عند عدم الأب مهرها من زوجها حين زواجها، واعتبروا هذا القبض نافذاً عليه ومبرئاً لذمة الزوج للعرف والعادة ما لم يصدر منها نهي عن دفع المهر الى سواها .

    من فروع هذه القاعدة :

    إذا كان النص الشرعي . يقتضي الخصوص والعرف القولي يقتضي العموم فالمعتبر الخصوص، من ذلك فلو أوصى لأقاربه لا يدخل الوارث اعتباراً لخصوص الشرع لأنه من قبيل مصارعة العرف القولي للنص المخالف له، وهو قوله عليه الصلاة والسلام ((لا وصية لوارث)) .   .

    ومنها:

    العرف الزائد على اللفظ لا عبرة به كما لو قال لأجنبية إن دخلت بك فأنت طالق فنكحها ودخل بها لا تطلق وإن كان يراد في العرف من هذا اللفظ دخوله بها عن ملك النكاح ؛ لأن هذه الزيادة على اللفظ بالعرف أي أن الدخول المعلق أعم من مدلول لفظ دخول، ومن هنا قال الامام محمد (بالعرف يخص ولا يزاد  . أما إذا قال لها : إن تزوجتك فأنت طالق، فيقع الطلاق بالجماع مرة؛ لأن معنى الجماع المعلق عليه أخص من معنى مدلول لفظ الزواج .

    تنبيه :

    اعتاد الباحثون في مباحث العرف أن يوردوا مسائل القرائن العرفية لما فيها من خطر وعظيم أثر في إثبات الأحكام ذلك أن الفقه الإسلامي اعتبر القرائن من الأدلة المثبتة التي يعتمد عليها في القضاء بدرجات مختلفة، فإذا كانت القرينة قطعية كانت وحدها بينة نهائية كافية للقضاء كما لو حصل الحمل بعد وجود العقد فالنسب ثابت بالفراش. أما إذا كانت القرينة غير قطعية ولكنها أغلبية فإن الفقهاء يعتمدونها دليلا أولياً يترجح بها زعم أحد المتخاصمين حتى يثبت خلافها ببينة أقوى، وهذه تسمى قرائن عرفية أو ظاهر الحال.

    من ذلك : إذا اختلف الزوجان في بعض أمتعة البيت إنها ملك الرجل أو المرأة ولا بينة لأحدهما، فيترجح قول الرجل فيما يستعمله الرجال، ويترجح قول المرأة فيما تستعمله النساء، وذلك بقرينة عادة الاستعمال، أما ما يصلح لكل منهما كالمفروشات فيترجح قول الزوج لأنه يعتبر صاحب اليد عليه واليد قرينة على الملك، ومنها طلاق الفرار، فقد اعتبره الاجتهاد الحنفي قرينة شرعية على أن الرجل أراد بهذا الطلاق حرمان زوجته من ميراثها عند يأسه من الحياة فأوجبوا ميراث زوجته منه بشرائط .

  • شرح القاعدة الفهية: لا عبرة بالظن البيّن خطؤه

    شرح القاعدة الفهية: لا عبرة بالظن البيّن خطؤه

     

    محامي عربي

    إن الاحتجاج شرعاً يكون : باليقين وبطمأنينة الظن وبالظن، ولا يكون فيما دون ذلك، وهذه القاعدة تعتبر قيداً أو استثناءً من ذلك المبدأ لأنها تنفي الحجية عن الظن إذا ثبت خطؤه بدليل مقبول ؛ لأن هذا الدليل يذهب بمكان الغلبة فيه ويهبط به إلى درجة أدنى من الظن، فتنتفي عنه الحجية لذلك. 

    من فروع هذه القاعدة:

    لو دفع شيئاً على ظن وجوبه، أو صالح عن حق مدعی به عليه ولم يكن قد أقر به، ثم تبين عدم الحق فله استرداد ما دفع .أما اذا لم يكن الدفع على ظن الوجوب بل بقصد التبرع، فإنه يجري عليه حكم الهبة ويكون عندئذ من فروع قاعدة (الأمور بمقاصدها) لو دفع نفقة فرضها القاضي، ثم تبين عدم وجوبها، رجع بها لأن الفرض باطل .

    ومنها : لو أقر بطلاق زوجته ظاناً الوقوع بإفتاء مفتي، فتبين عدم الوقوع لم يقع، وعدم الوقوع ديانة، أما قضاء فيقع لإقراره به. فإن قيل: كيف يمكن أن يتبين خلافه؟

    الجواب بأنه يحتمل أن يكون المفتي أفتى بغير ما هو في المذهب، ثم أفتى من هو أعلم منه بعدم الوقوع، ويحتمل أن المفتي أفتى أولاً بالوقوع من غير تثبت، ثم أفتى بعد التثبت بعدمه.

     ومنها: لو تكلمت فقال لها زوجها : هذا كفر وحرمت عليَّ به، فتبين أن ذلك اللفظ ليس بكفر لا تحرم.

    ومنها : لو خاطب امرأته بالطلاق ظانّاً أنها امرأة أجنبية، ثم بان أنها زوجته طلقت .

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1