الوسم: موقع المحامي

  • جرم سرقة المزروعات المتصلة أو المنفصلة عن الأرض

    سرقة المزروعات المنفصلة عن الأرض

    جاء النص على هذه السرقة في المادة 631 كما يلي:

    “1- كل من يسرق ما كان محصودة أو مقلوعة من المزروعات وسائر محصولات الأرض النافعة أو كدساً من الحصيد يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وبغرامة مائة ليرة.

     2- وإذا تعدد السارقون أو وقعت السرقة نقلا على العربات أو الدواب يكون الحبس من ستة أشهر إلى سنتين والغرامة مائة ليرة.

    بتحليل هذا النص نلاحظ أن موضوع السرقة فيه عبارة عن محصولات الأرض النافعة المحصودة أو المقلوعة، أي المنفصلة عن الأرض.

    وقد أشار النص إلى ظرفي تشديد لهذه السرقة.

    – والمحصولات المحصودة أو المقلوعة تعني كل ما تنتجه الأرض تلقائياً أو بفعل الإنسان، بشرط أن يكون نافعاً.

    ونفع هذه المحصولات غير مقيد بمجال معين، فقد يكون المحصول غذاء للإنسان أو الحيوان، وقد يستعمل في صناعة أو تجارة، أما إذا كانت غير نافعة كالأشواك وأوراق الشجر التي سقطت على الأرض فينتفي عنها وصف المال ولا يعاقب على أخذها.

     وكل ما هو مطلوب أن تقع السرقة على المحصول النافع في حالته الطبيعية في الحقل بعد الحصاد أو القلع مباشرة، أي يشترط انفصاله عن الأرض.

     وما إشارة المشرع إلى عبارة ” كدسة من الحصيد ” إلا من قبيل التأكيد على أن هذه المحصولات يجب أن تكون منفصلة عن الأرض.

    وما يميز كدس الحصيد عن غيرها من المحصولات المنفصلة عن الأرض هو أنها صنفت أقسام وربطت وحدات كل قسم على حدة.

    ويفترض لتطبيق نص الفقرة الأولى من المادة 631 أن تتعرض هذه المحصولات إلى السرقة من قبل شخص واحد، عندئذ يعاقب فاعلها بالحبس من شهر إلى سنة وبالغرامة.

    – أما إذا تعدد فاعلى هذه السرقة أو استعان السارق الواحد بالعربات أو الدواب لنقل المسروقات تصبح العقوبة، وفق الفقرة الثانية من المادة 631، الحبس من ستة أشهر إلى سنتين والغرامة.

     ويفسر هذا التشديد بكون التعدد و استعمال العربات أو الدواب يفيد أن كمية المحصولات المسروقة كبيرة مما اقتضى اشتراك أكثر من شخص في السرقة، أو اقتضی استخدام العربات أو الدواب لنقلها، مما يجعل هذه السرقة على قدر من الخطورة يبرر تشدید عقابها.

    سرقة المزروعات المتصلة بالأرض.

    جاء النص على هذه السرقة في المادة 632 كما يلي:

     إذا كانت المزروعات وسائر محصولات الأرض التي ينتفع بها لم تقلع و سرقت من الحقل بالزنابيل أو الأكياس أو الأوعية المماثلة أو بنقلها على العربات أو الدواب أو سرقت بفعل عدة أشخاص مجتمعين كانت العقوبة الحبس من شهرين إلى سنة”.

    بتحليل هذا النص نلاحظ أن موضوع السرقة فيه هو محصولات الأرض النافعة التي لم تحصد أو تقلع، أي المحصولات التي ما زالت بالحقل متصلة بالأرض.

    ويفترض النص الإيقاع العقوبة على السرقة أن ترتكب إما من شخص واحد بواسطة الزنابيل، أي السلال، أو الأكياس أو أي شيء مماثل، أو ينقلها بالعربات أو الدواب.

     وإما أن ترتكب هذه السرقة من قبل عدة أشخاص مجتمعين، سواء استخدموا الوسائل السابقة أم لا.

     والذي يجمع بين الصورتين هو أن كمية المال المسروق كبيرة، مما اضطر السارق لاستخدام الوسائل المذكورة، أو مما جعل مجموعة أشخاص يقومون بالاستيلاء عليها.

    وعند تحقق إحدى هاتين الصورتين يكون العقاب الحبس من شهرين إلى سنة.

    بيد أن هذه العقوبة تفترض وقوع السرقة في مكان لا يعتبر بذاته ظرفاً مشدداً للسرقة.

     فلو أن الحقل كان محاطاً بسياج أو مسورة بجدار وله باب مقفل، أو كان ملحقا بمسكن، لاعتبرت السرقة من داخله مشدداً تشديداً جنائياً، لأن الاعتداء فيها قد تم على مكان مقفل مصان بالجدران، أو على حرمة المسكن وملحقاته.

    سرقة المحاصيل المتصلة بالأرض ذات القيمة الزهيدة

    جاء النص على هذه الصورة الأخيرة في المادة 633 كما يلي:

     من سرق شيئا من محصولات الأرض أو ثمارها التي لم يتناولها المالك ولم يجنها وكانت قيمتها أقل من ليرة يعاقب بغرامة لا تتجاوز المائة ليرة.

    بتحليل هذا النص نلاحظ أن موضوع السرقة فيه يتمثل بمحصولات زراعية تطلب فيها المشرع شرطين: أن المالك الم يجنها بعد، وأن قيمتها أقل من ليرة.

     فلو أن شخصا قطف تفاحة أو برتقالة من أرض يملكها غيره، وكانت قيمة الثمرة لا تتجاوز الليرة الواحدة لتحقق الجرم الوارد في هذا النص.

    والملاحظ أن هذا الجرم هو أخف السرقات عقاباً، وهي السرقة الوحيدة التي تعتبر مخالفة عقابها الغرامة فقط، وهو الجرم الوحيد من جرائم السرقة الذي لم يفرض له المشرع عقوبة سالبة للحرية نظرا لتفاهة المال المسروق.

  • جرم السرقة أثناء الكوارث والاضطرابات والحرب

    جاء النص على هذه السرقة المشددة في الفقرة الأولى من المادة 627، كما يلي:

    يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة:

     1- كل من ارتكب سرقة في حالة العصيان أو الاضطرابات أو الحرب أو غرق سفينة أو أية نائبة أخرى”.

    إن علة تشديد السرقة في هذه الحالة تتمثل، من جهة، في سهولة ارتكاب الجريمة في الظروف المذكورة بالنص، نظراً لانشغال الناس بالكارثة الحاصلة و عدم حماية أموالهم بالشكل المعتاد في الأحوال العادية، ومن جهة أخرى، في الروح الإجرامية الدنيئة لدى الشخص الذي يستغل مصائب الناس فيقدم على سرقة أموالهم بدل أن يساهم كغيره في مواجهة الكارثة.

    والملاحظ من النص أن التشديد مناطه الوحيد هو ارتكاب السرقة خلال زمن معين يتميز بظروف خاصة استثنائية  تجعل السرقة أشد خطورة.

     ولم يشترط النص أي ظرف أخر للتشديد، كالوسيلة المستخدمة أو صفة السارق مثلا.

     ويجب التحقق هذا الظرف المشدد أن يكون هناك ظرف استثنائي أو كارثة عامة، أورد المشرع أمثلة عنها، كحالة العصيان أو الاضطرابات أو الحرب أو غرق سفينة، ثم أردف ذلك بالعبارة العامة أو أي نائبة أخرى”، مثل الزلازل والفيضانات والبراكين والحرائق والأوبئة، وأن ترتكب السرقة أثناء الكارثة حتى يمكن القول أن السارق قد انتهز هذا الوضع الاستثنائي لارتكاب جريمته.

    ولقد حددت محكمة النقض السورية مفهوم الذائبة في قرار لها، فقضت بأن

     ” مفهوم النائية يعني تعرض مجموعة كبيرة من المواطنين لحادث يلفتهم عن الاهتمام بحماية أموالهم ولا يجوز التوسع بحيث يشمل الحوادث الفرعية”.

     بالتالي لا مجال للتوسع بمضمون النص الذي أتي على ذكر كوارث عامة لها صفة الشمول بأثرها البالغ على المجتمع الذي تقع فيه، ولا مجال لشمول هذا النص على الحوادث الفردية ذات الأثر المحدود.

    وتطبيقا لذلك فإن السرقة المرتكبة أثناء ثورة بركان أو خلال فيضان أو سيول جارفة أو إيان انتشار وباء تعتبر سرقات مرتكبة إبان نائبة عامة.

     وقد اعتبرت محكمة النقض السورية أن

     «وقوع السرقة في زمن إعلان الإدارة العرفية أو حالة الطوارئ لا يكفي لتطبيق هذا الظرف المشدد، لأن إعلان حالة الطوارئ لا يجعل البلاد في حالة  نائية عامة” .

    ولقد حدد المشرع عقوبة السرقة المرتكبة أثناء الكوارث بالأشغال الشاقة المؤقتة من ثلاث إلى خمس عشرة سنة.

  • جرم سرقة السيارات في القانون السوري – المادة 625 عقوبات

    نص المشرع على سرقة السيارات في المادة 625، المحدثة بموجب القانون رقم 18 تاریخ

    1975/11/29 ، كما يلي:

    “1- يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن خمس سنوات وبغرامة من (2000 إلى 5000) ليرة سورية كل من أقدم بأي طريقة ومن أي مكان على سرقة أي سيارة من السيارات المعرفة في الفقرة الثالثة من المادة الأولى من قانون السير رقم 19 تاریخ 1974/3/30.

    2- أ- يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة من 1500 إلى 3000 ليرة سورية كل من أخذ أو استعمل دون حق وسائل النقل المبينة في البند الأول من هذه المادة إذا لم يكن قاصدا سرقتها.

    ب- تخفض العقوبة المنصوص عليها في الفقرة (أ) من البند (2) من هذه المادة إلى الحبس مع الشغل سنة واحدة على الأقل والغرامة من 500 إلى 5000 ليرة سورية إذا أعاد الفاعل ما أخذه أو استعمله إلى صاحبه أو مكان أخذه خلال ثلاثة أيام على الأكثر من تاريخ الفعل دون إحداث تلف فيه…”.

    وتبدو علة تدخل المشرع بإحداث هذا النص المشدد من خلال رغبته في التصدي بشدة لهذا النوع من الجرائم الذي يتميز بسهولة الاستيلاء على السيارة، وسهولة الهرب من مكان الجريمة بذات المحل المسروق، والإمكانية تجزئة السيارة وتفكيكها وبيعها قطعاً لإخفاء الجريمة.

    وقد أحال نص الفقرة الأولى من هذه المادة في تعريف السيارة إلى قانون السير رقم 19 لعام 1974.

    إلا أن صدور قانون السير والمركبات رقم 31 لعام 2004، المعدل بالمرسوم التشريعي رقم 11 لعام 2008، يقتضي منا تبني تعريف السيارة الوارد به بالرغم من التطابق شبه التام بين التعريفين.

     وقد عرفت المادة الأولى من المرسوم التشريعي رقم 11 في فقرتها الثالثة السيارة بأنها:

    “مركبة مزودة بمحرك ألي تسير بوساطته معدة لنقل الأشخاص أو الأشياء أو كليهما، أو مزودة بالات ذات استعمال خاص.

    وبذلك يخرج من مفهوم السيارة العربات التي يجرها الدواب والدراجات النارية والعربات ذات العجلات الثلاث.

    والملاحظ من نص المادة 625 مكرر أن المشرع عاقب في كل فقرة من فقراتها على نوع من الجرائم تطال السيارات، النوع الأول وهو جرم سرقة السيارة، والنوع الثاني وهو جرم استعمال سيارة الغير دون قصد سرقتها.

    وقد قضت محكمة النقض السورية في معرض التمييز بين الجرمين بأن

    “مناط التفريق بينهما هو أن جريمة سرقة السيارة تتعلق بالاعتداء على ملكية السيارة، لأن السرقة هي الأساس في التجريم، وهي كما عرفتها المادة 621  عقوبات أخذ مال الغير دون رضاه وبنية امتلاكه، وأما الحيازة فإنها تأتي عرضاً وهي غير مقصودة لذاتها، وإنما من أجل استطاعة الاعتداء على الملكية… في حين أن جريمة استعمال سيارة الغير تتعلق بالاعتداء على الحيازة فقط وتأتي بصورة فعل تستخدم به السيارة في أداء خدمة أو انتفاع بها دون أن يؤدي ذلك إلى نية التملك. فأخذ السيارة دون رضا صاحبها يقتضي النظر فيه إلى نية الفاعل عند أخذها لتقدير ما إذا كان ينوي التصرف بها كمالك أو كمستعير فقط، ويأتي في ضوء ذلك تقرير التكييف القانوني للجريمة .

    وتطبيقاً لذلك إذا كان الاستيلاء على السيارة يستهدف تفكيكها والاستفادة من قيمة أجزائها، أو تغيير معالمها ولوحتها ليصار إلى بيعها كما هي، فالفعل يعتبر سرقة، لأن التصرف بهذه الصور يتضمن نية الفاعل التصرف بالمال المسروق تصرف المالك، ويعاقب الفاعل بموجب الفقرة الأولى من المادة 625 مكرر بالأشغال الشاقة من خمس إلى خمس عشرة سنة وبالغرامة من 2000 إلى 5000 ليرة سورية.

    أما إذا كان الاستيلاء على السيارة يستهدف استعمالها فقط، سواء لقضاء حاجة بها أو للقيام بنزهة، أو استخدامها لارتكاب جريمة بواسطتها، كما لو استخدمها لنقل شحنة أسلحة أو مواد مهربة، ولم يكن استيلاءه عليها يتضمن نية التصرف بها تصرف المالك، بل اتجهت النية إلى مجرد استعمال السيارة لغرض ما ومن ثم إعادتها إلى المكان الذي أخذت منه أو تركها في مكان آخر، فالفعل لا يعتبر سرقة، بل جريمة استعمال أشياء الغير بدون وجه حق، وهي من الجرائم الملحقة بالسرقة والمعاقب عليها في المادة 637 من قانون العقوبات بعقوبة جنحية الوصف، ونصها كل من استعمل بدون حق شيئا يخص غيره بصورة تلحق به ضرراً ولم يكن قاصدا اختلاس الشيء عوقب بالحبس حتى ستة أشهر وبالغرامة مائة ليرة أو بإحدى هاتين العقوبتين” .

     إلا أنه نظرا لخطورة الاستيلاء على السيارة وسهولتها فلقد أفرد لها المشرع نص الفقرة الثانية من المادة 625 مكرر وعاقب عليها بالأشغال الشاقة من ثلاث إلى خمس عشرة سنة وبالغرامة من 1500 إلى 3000 ليرة سورية.

     وتخفف هذه العقوبة إلى الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات والغرامة إذا أعاد الفاعل طوعاً السيارة سليمة إلى صاحبها أو إلى المكان الذي أخذها منه خلال ثلاثة أيام من تاريخ أخذها  .

    ويشترط لتوافر ظرف تشدید سرقة السيارة أن تقع السرقة على السيارة بكاملها لا على أجزائها الله، وتطبيقا لذلك لا يتوفر الظرف المشدد على سرقة إطارات السيارة أو على المسجلة أو على أي شيء بداخلها.

     فظرف التشديد يتناول سرقة السيارة ذاتها ولا يشمل ما تحمله من بضائع أو أشخاص أو أموال.

     كما يشترط أن تكون السيارة صالحة للاستخدام والسير بها.

     أما إذا كانت غير صالحة للاستعمال البتة فلا تشديد، لانتفاء الحكمة منه.

    وتجدر الشارة هنا إلى أن الحيازة المشروعة للسيارة واستعمالها بغير الوجه المصرح به ينفي عن الفاعل جرم السرقة وجرم استعمال السيارة دون حق.

     وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض السورية بأنه

    “لا يعد مرتكبا لإحدى الجريمتين المنصوص عنهما في المادة 625 مكرر من يحوز السيارة بصورة مشروعة، ولكنه استعملها على غير الوجه المصرح له به، أو بعد انقضاء المدة التي كان مصرح له بالاستعمال خلالها، أو في غير ذلك من الأحوال، ويعتبر الخلاف مدنيا بين الطرفين ” .

    ويطبق هذا الحكم على فرضية وجود السيارة في ورشة التصليح، وقيام صاحب الورشة باستخدامها في مواصلاته الخاصة أو لارتكاب جريمة من خلالها .

    فانتفاء جرم السرقة واضح لعدم قصد تملك السيارة.

     أما انتفاء جرم استعمال سيارة الغير دون حق فمرده إلى أن هذه الجريمة هي جريمة اعتداء على الحيازة لعدم توفر نية التملك بها، وهذا الاعتداء على الحيازة يتعين فيه أن يكون بغير حق.

    وعليه إذا تمت الحيازة في صورة مشروعة غير أن استعمالها جرى على غير الوجه المصرح به فلا جريمة، إذ لا يتصور اعتداء على الحيازة ممن له الحيازة.

  • صور التشديد الجنحي في جريمة السرقة

    جاء النص على جنح السرقة المشددة في المادتين 628 و629 من قانون العقوبات.

    وقد تضمنت هاتان المادتان مجموعة من الظروف المشددة للعقاب مع بقاء الجرم جنحي الوصف، والعقاب المشدد يتراوح بين الحبس سنة إلى ثلاث سنوات والغرامة.

     ونص المادة 628 جاء كما يلي يقضي بالحبس مع الشغل سنة على الأقل وبالغرامة من مائة ليرة إلى ثلاثمائة ليرة إذا ارتكبت السرقة في إحدى الحالات الآتية:

     أ- ليلا و السارق اثنان فأكثر، أو في إحدى هاتين الصورتين في مكان سكنى الناس أو في معبد.

     ب- أن يكون السارق مقنعاً أو حاملا سلاح ظاهراً أو مخبأ.

     ج- أن يكون السارق خادماً مأجورة ويسرق من مال مخدومه، أو مال إنسان في بيت مخدومه أو في بيت أخر رافقه إليه، أو أن يكون السارق مستخدم أو عاملاً أو صانعة ويسرق في مصنع مخدومه أو مخزنه، أو في الأماكن التي يشتغلان عادة فيها.

     د- أن يكون السارق عسكرياً أو شبيهه ويسرق من أنزله عنده.

    أما المادة 629 فتنص على أنه

    “تنزل العقوبة نفسها بكل من أقدم على النشل أو السرقة بالصدم أو السرقة في القطارات أو السفن أو الطائرات أو الحافلات الكهربائية أو غيرها من الناقلات العامة أو في محطات سكك الحديد أو المطارات أو الجمارك أو على الأرصفة.

    وبتحليل هذين النصين نستخلص أنهما، تارة تشترطا لتشديد العقاب توفر ظرف مشدد واحد، وتارة أخرى توافر ظرفي تشديد.

     والحالات التي يشترط فيها توفر ظرفي تشديد جاءت في الفقرة (أ) من نص المادة 628 وهذه الحالات هي:

    • الليل + تعدد السارقين
    • • الليل + مسكن أو معبد (وجود سارق واحد)
    • تعدد السارقين + مسكن أو معبد (النهار)

     أما الحالات التي يشترط فيها توفر ظرف مشدد واحد فقد جاءت في الفقرات (ب – ج – د) من نص المادة 628، والمادة 629 وهي:

    • التقنع أو حمل السلاح الظاهر أو المخبأ.
    • كون السارق خادمة أو مستخدمة أو عاملا أو صانعة أو عسكريا.
    • السرقة بالنشل أو الصدمه
    • السرقة في وسائل النقل العامة وملحقاتها.

    و سندرس كل حالة من هذه الحالات على حدة.

  • السرقة البسيطة في القانون السوري

    جاء النص على السرقة البسيطة في المادة 634 ق. ع كما يلي:

    “1- كل سرقة أخرى غير معينة في هذا الفصل تستوجب عقوبة الحبس مع الشغل من شهر إلى سنة والغرامة حتى مائتي ليرة.

     2- ولا تنقص مدة الحبس مع الشغل عن ستة أشهر إذا كانت السرقة واقعة على الطاقة الكهربائية، ولا تطبق على الجرائم المعاقب عليها في هذه الفقرة الأسباب المخففة التقديرية وأحكام وقف التنفيذ …

    بتحليل هذا النص نستخلص النتائج التالية:

    1- إن هذا النص يتناول السرقة التي استكملت أركانها ولم يقترن بها أي ظرف مشدد أو مخفف. – إن المشرع قرر للسرقة البسيطة عقوبتي الحبس والغرامة معا، ولم يعط القاضي سلطة الخيار بينهما، وإن كان يتمتع بسلطة تقديرية بمر او حة عقوبتي الحبس والغرامة بين حديهما الأدنى والأعلى .

    2- إن الشروع في ارتكاب السرقة البسيطة معاقب عليه بصریح نص المادة 638 يتناول العقاب محاولة ارتكاب الجنح المنصوص عليها في هذا الفصل”.

     أي كل الجنح المنصوص عليها في فصل السرقة بما فيها السرقة البسطة.

    3- يمكن إضافة للعقوبة الحكم بوضع السارق تحت الحرية المراقبة أو بمنعه من الإقامة في مكان محدد كتدبير احترازي، وذلك بصریح نص المادة 639 ق.ع. ونصها

     “يمكن أن يوضع تحت الحرية المراقبة أو يمنع من الإقامة كل من حكم عليه بعقوبة مانعة للحرية من أجل سرقة أو محاولة سرقة.

     وهذا النص يشمل كل صور السرقة، جنائية أو جنحية، سواء كانت تامة أو مشروعا بها، بشرط أن يكون قد حكم على السارق بعقوبة مانعة للحرية.

    إذا يستبعد توقيعهما في جنح السرقة التي يحكم من أجلها بالغرامة فقط، كالسرقة المنصوص عليها في المادة 633 ق.ع.

     4- أشار المشرع صراحة إلى الطاقة الكهربائية، بخلاف كثير من التشريعات، وبذلك حسم الخلاف الذي كان محتدماً حول اعتبار الكهرباء مالاً منقولاً مادياً قابلاً ليكون محلاً لجرم السرقة.

  • السرقة التامة والشروع فيها

     

    متى تقع السرقة تامة وما هي الحدود الفاصلة بين تمام السرقة والشروع فيها والأعمال التحضيرية لها؟

     يمر السلوك الإجرامي لجريمة السرقة بمرحلتي التنفيذ، فالإتمام، وقد تسبقهما مرحلة التحضير للجريمة. ولكل من هذه المراحل الثلاث ضابطه وحكمه.

     القاعدة العامة أن القانون لا يعاقب على الأعمال التحضيرية للجريمة إلا إذا شكلت بحد ذاتها جرائم مستقلة.

     والعقاب لا يكون إلا على ارتكاب الجريمة تامة أو على الشروع فيها على الأقل. والقاعدة في القانون السوري أن الشروع في الجنايات معاقب عليه دوماً، أما الشروع في الجنح فلا عقاب عليه إلا بنص، ولا عقاب على الشروع في المخالفات إطلاقاً.

    والسرقة منها ما هو جنائي الوصف ومنها ما هو جنحي .

    ولقد نص المشرع صراحة في صلب المادة 638 على عقاب الشروع في الجنح.

    لهذا كان من الأهمية بمكان وضع الحدود الفاصلة بين هذه المراحل الثلاث.

     هناك من الأعمال ما لا يثير تكييفها جدلا جدية. فإعداد المفاتيح المصنعة، أو الأدوات التي ستستخدم في السرقة تعتبر من الأعمال التحضيرية للسرقة.

     لكن قد يدق التكييف أحيانا بين العمل التحضيري و الشروع في الجرم، لذلك لا بد لنا أولا من تحديد الحالات التي تعتبر شروعة في السرقة النخلص إلى أن ما دون ذلك يعتبر عملاً تحضيرياً.

    ويمكن إيجاز الحالات التي تعتبر شروعاً في السرقة بثلاث:

    1- إذا بدء الفاعل في تنفيذ الركن المادي للسرقة، أي البدء في فعل الأخذ ذاته، بأن يضع الفاعل يده على الشيء المراد الاستيلاء عليه.

    كإمساك المجني عليه يد الفاعل وهي في جيبه وقد أطبقها على المال الذي قصد سرقته.

     2- إذا بدء الفاعل بفعل يعتبر ظرفاً مشددة لجريمة السرقة.

     كأن يبدأ بكسر الباب أو تسلق السور أو تجريب مفتاح مصنع في باب المكان المراد سرقته .

     3- إذا بدء الفاعل بفعل سابق على فعل الأخذ، إذا كان مثل هذا الفعل يدل دلالة قاطعة على انعقاد نيته وتصميمه على ارتكاب جريمته، بحيث يؤدي فعله فيما لو ترك يكمله إلى وقوع الجريمة مباشرة.

     ومن قبيل ذلك فتح باب المنزل لسرقة محتوياته و الدخول إلى فنائه.

    وإذا كانت هذه الحالات تشكل الحد الفاصل بين الأعمال التحضيرية للسرقة والشروع فيها، فإن الحد الفاصل بين السرقة التامة والشروع فيها يتجسد بتمام فعل الأخذ، الذي يفترض إخراج الشيء من حيازة المجني عليه و إدخاله في حيازة الفاعل أو أي شخص غيره، منشئاً بذلك حيازة جديدة للشيء كاملة وهادئة ومستقلة عن الحيازة الأولى التي أنهاها، ففي هذه الحالة تعتبر السرقة قد ارتكبت تامة.

    ويترتب على هذا التحديد نتیجتان هامتان و هما :

    1- إن السرقة من مسكن لا تعتبر تامة إلا إذا استطاع السارق مغادرة المسكن حاملاً معه المسروقات.

     أما استيلائه على المسروقات وبقاءه داخل المسكن، والقبض عليه في هذه المرحلة، فإن فعله يبقى في مرحلة الشروع التام في السرقة.

    وتعليل ذلك أن تمام السرقة يتم بنقل الحيازة أو تبديلها وإنشاء حيازة جديدة، وهذا لم يحصل، فمادام السارق موجوداً في المنزل فإن المسروقات التي استولى عليها لا تزال تعد في حيازة حائز المسكن، إذ هو يحوز مسكنه وما فيه.

    إلا أن هذه النتيجة ممكن أن لا تؤخذ على إطلاقها واعتبار السرقة تامة دون مغادرة السارق المسكن بالمسروقات إذا استطاع السارق إخراج الشيء من حيازة المجني عليه بحيث لم يعد في وسعه أن يباشر عليه سلطاته، كما لو كان المال المسروق طعاماً فأكله السارق في المنزل، أو إذا استطاع دفن المسروقات في حديقة المنزل بحيث لم يعد في وسع المجني عليه أن يعثر

    عليها

    2- إذا تنبه صاحب المال المسروق على السرقة وقاوم السارق، فالسرقة تبقى في مرحلة الشروع.

    ذلك لأن المقاومة تعني أن صاحب المال لا يزال متمسكا به، وأنه لم يخرج بعد من نطاق حيازته، حتى لو كان السارق واضعاً يده عليه، فإن المقاومة تبقيه عاجزا عن مباشرة سلطات المالك عليه.

    بالتالي فإن تمام السرقة في هذه الحالة تكون في حالة استطاع السارق أن يتغلب على مقاومة المجني عليه، وأن يخلص بالشيء لنفسه، وتكون له حيازة مستقرة يستطيع بموجبها مباشرة سلطات المالك على الشيء المسروق.

    – وتجدر الإشارة إلى أن عدم وجود المال المنوي سرقته وقت السرقة لا يحول دون قيام الشروع في السرقة طالما أن نية الفاعل قد اتجهت إليها.

    فمن يضع يده في جيب أخر لسرقة نقوده يعتبر شارعا في السرقة وإن تبين أن الجيب كانت خالية من النقود.

     وأن العدول الطوعي عن الشروع في السرقة ينفي الشروع بها إلا أن ذلك لا يحول دون معاقبة الفاعل إذا كانت أفعاله قبل العدول تشكل جرائم بحد ذاتها .

    فلو أن شخصاً مسلحاً دخل منزلا قاصدا سرقته، فاكتشف أن المنزل الشخص فقير، فأنه ضميره على فعلته و عدل عن رأيه بمحض إرادته، فخرج من المنزل، فقبض عليه، فلا يلاحق بجرم الشروع في السرقة لعدوله الطوعي عنها، وإنما يلاحق عن جرم خرق حرمة منزل، وجرم حيازة سلاح دون ترخيص.

    ويختلف الأمر إذا كان العدول قسرية، فهذا العدول لا ينفي الشروع.

     فلو هم سارق بمعالجة قفل سيارة بنية سرقتها أو سرقة محتوياتها، ففوجئ بسيارة شرطة قادمة، فلاذ بالفرار، وطورد حتى قبض عليه، فيسأل عن شروع في السرقة.

     ولكن ما الحل إذا ارتكب الفاعل السرقة تامة، ثم ندم على فعلته، فأعاد المال المسروق لصاحبه، أو دل صاحب المال على المكان الذي أخفى به المسروقات؟

    هذه الحالة ليست في الحقيقة سوى صورة من صور الندم الإيجابي التي عالجتها المادة 200 من قانون العقوبات.

     والتي يمكن تلخيصها بأن الفاعل في هذه الحالة يبقى مسئولاً عن جريمة سرقة تامة، ولكن إن نجحت مساعيه بعد ندمه، فذلك يعتبر ظرف مخففة للعقاب يعود تقديره للقاضي.

     أما إذا لم تنجح مساعيه فلا تخفيف .

    فالسارق الذي يعيد المال لصاحبه، فمساعيه قد نجحت. وذلك بخلاف الحالة التي يدل صاحب المال على المكان الذي أخفى به المسروقات، فيسعى المجني عليه إلى المكان فيفاجأ بأن شخصا أخر قد اكتشف وجودهم فاستولى عليهم .

    فهنا خابت مساعي السارق، فيلاحق عن سرقة تامة دون إمكانية إفادته من طرف الندم الإيجابي.

  • الركن المادي في جريمة السرقة

     

    إن الركن المادي لجريمة السرقة يتجسد، كما عرفته المادة 621 من قانون العقوبات، بالأخذ دون الرضاء.

    وككل الجرائم لا بد أن يتوافر في الركن المادي ثلاثة عناصر:

     النشاط الجرمي – النتيجة – العلاقة السببية التي تربط بين النشاط والنتيجة.

    والنشاط الجرمي في السرقة يتمثل بفعل الأخذ دون الرضاء، أما النتيجة فتتمثل بتبديل الحيازة، بخروج الشيء المسروق من حيازة المجني عليه ودخوله في حيازة السارق أو غيره.

    ويجب أخيراً أن ترتبط النتيجة بالسلوك برابطة سببية، معناها أن يكون انتقال الحيازة سيبه سلوك الفاعل.

    وتتميز السرقة عن غيرها من الجرائم بتداخل واندماج النشاط الجرمي مع النتيجة في التطبيق، بحيث يجتمع في الفعل النتيجة والعلاقة السببية.

    فعندما ترتكب السرقة تامة بالأخذ دون الرضا فإن نتيجتها، وهي تبديل الحيازة، تتحقق مع الفعل وتندمج فيه، بحيث تصبح دراسة الفعل هي دراسة للنتيجة والعلاقة السببية بذات الوقت، بحيث لا يصبح هناك مبرر لدراسة كل عنصر من عناصر الركن المادي بشكل منفصل.

    ولا تتضح أهمية الفصل بين الفعل والنتيجة إلا عندما تتوقف السرقة في مرحلة الشروع، فيكون لدينا الفعل الذي لم تتحقق نتيجته، فيصبح من الضرورة الفصل بينهما في الدراسة.

     و المشرع لم يحدد بنص المادة 621 المقصود بكلمة الأخذ التي يمكن تعريفها بأنها الاستيلاء على الحيازة التامة لمال منقول بدون رضاء مالكه أو حائزه.

    نستخلص من هذا التعريف أن الأخذ لا يقوم إلا إذا توافر عنصران:

    عنصر مادي يتمثل بالاستيلاء على الحيازة.

     وعنصر معنوي يتمثل بعدم رضاء مالك المنقول أو حائزه عن الفعل  .

    الأخذ (الاستيلاء على الحيازة)

    يتوافر الأخذ عندما يقوم الفاعل بنشاط مادي ينقل به المال إلى حيازته، بغض النظر عن الطريقة التي اتبعها، سواء بالخطف أو النقل أو النزع أو السلب.

    المهم في ذلك أن يتم الاستيلاء على المنقول بنشاط الفاعل، ولكن ليس من الضروري أن يكون هذا الاستيلاء بيده.

     فيعد سارقاً من يدرب قرداً على النشل ويطبقها القرد فعلا.

     كما يعد سارقاً من يطلب من نادل في مطعم أن يناوله معطفاً موضوع على مقعد موهما إياه أنه صاحبه، فيناوله النادل المعطف بحسن نية، فيستولي عليه ويفر به.

    كذلك يكفي أن يهيئ السارق أسباب انتقال الحيازة إليه، كمن يحول مجرى مياه جاره إلى أرضه، بإزالة عقبة أو عائق، حتى تتحدر إليها عند ورودها.

    بيد أنه يشترط لاعتبار الفاعل سارقاً أن ينقل الشيء إلى حيازته، أما إذا أعدمه في مكانه، بإحراقه مثلا أو أطلقه، كما لو كان طائراً في قفص وفتح له الباب فطار، فلا يعد الفاعل سارقاً. والاستيلاء الذي يقوم به الأخذ هو الاستيلاء على الحيازة التامة.

     والحيازة التامة تعطي صاحبها على الشيء المحاز كافة سلطات المالك على ملکه، بغض النظر إذا كانت مستندة إلى حق مشروع الملكية، أو غير مشروع كالسرقة.

     وللحيازة التامة عنصران: عنصر مادي ويعني السيطرة المادية على الشيء، وعنصر معنوي معناه إرادة الحائز التصرف بالشيء تصرف المالك.

    إذن، فالاستيلاء الذي يقوم به الأخذ، ويلاحق بموجبه الفاعل عن جرم السرقة هو الاستيلاء على الحيازة التامة بعنصریها المادي والمعنوي.

    أي أن يستولي الفاعل مادياً على الشيء، مريداً إنهاء حيازة صاحبه عليه و إنشاء حيازة جديدة له أو لغيره، متصرفاً بالمال تصرف المالك.

     أما إذا كان الاستيلاء على الحيازة الناقصة، مريدا استعمال الشيء فقط، وإعادته لمالكه، فلا تقوم بذلك السرقة، لأن الفاعل لم ينكر ملكية صاحب المال.

     ومن هذا القبيل أيضا الاستيلاء على اليد العارضة، فمن يستولي على مال منقول بهدف معاينته أو فحصه ويعيده مباشرة لصاحبه، لا يعتبر سارقة أيضا.

     يستخلص من تحديد الأخذ استنادا لهذا المفهوم نتيجتان:

    الأولى: أن الأخذ لا يتوافر إذا كان الشيء في حيازة المدعى عليه بشكل مسبق.

     الثانية: أن التسليم ينفي الأخذ.

    أولا- الحيازة المسبقة للمدعى عليه.

    فعندما يكون الشيء المنقول في حيازة المدعى عليه ابتداء، ويمتنع عن رده إلى مالكه أو حائزه، متصرفاً به تصرف المالك، فلا يعد سارقاً له لأنه لم يحصل منه أخذ.

     فالبائع الذي يرفض تسليم المبيع إلى المشتري بعد قبضه للمنه، لا يعد سارقا له، لأنه لم يخرج من حيازته أصلاً ويأخذه من المشتري خفية أو عنوة.

    أما لو سلمه المبيع ثم قام بالاستيلاء عليه بعد ذلك، فهنا يكون قد فقد حيازته للشيء بتسليمه، فيعد سارقا له.

    وكأمثلة أخرى لهذه الحالة، إذا كان الشيء المنقول في حيازة شخص ونازعه الغير على ملكيته، وحكم لهذا الغير بأحقيته بملكيته، فرفض تسليمه، فلا يعد سارقاً له لأنه ظل محتفظاً بحيازة الشيء أثناء المنازعة على الملكية، فانتفي بذلك الركن المادي للسرقة المتمثل بالأخذ. أو إذا كان الشخص يحوز الشيء بناء على عقد ائتماني، كالإيجار أو العارية، وانتهت مدة العقد، فوجب عليه رد المال للمؤجر أو المعير، فرفض رده ناكر ملكيته له، ومتصرفا به تصرف المالك، فهذا لا يعد سارقاً أيضا لأنه لم يتنازل عن الحيازة أصلاً ثم يستولي على الشيء بعد ذلك كي يعد سارقاً.

     ففي هذا المثال يعتبر الفاعل مرتكباً لجرم إساءة الائتمان.

    ثانيا – التسليم النافي للأخذ.

    إن تسليم الشيء المنقول يمنع توافر عنصر الركن المادي، المتمثل بالأخذ.

     فالتسليم يتعارض مع فكرة سلب الحيازة أو الاستيلاء عليها. والتسليم المسبق ينفي الأخذ سواء كان حر، أو كان مبنية على غلط، أو كان مشوبة بالغش والخداع. إلا أنه ليس كل تسليم ينفي الأخذ، بل لا بد أن يتوافر به ثلاثة شروط مجتمعة.

    شروط التسليم النافي للأخذ

    لا بد أن يتوافر في التسليم النافي للأخذ الشروط التالية: الصفة – الإرادة الحرة المميزة – التسليم الناقل للحيازة التامة أو الناقصة.

    1- الصفة.

    كي ينفي التسليم الأخذ يجب أن يكون حاصلا من شخص له صفة على الشيء فينقل بموجب هذه الصفة حيازة المال، وشرط الصفة يتوافر بمالك الشيء أو حائز.

     ففي المثال السابق عن النادل والمعطف، فصحيح أن النادل سلم المعطف إلى الزبون السارق، إلا أن هذا التسليم لا ينفي الأخذ باعتبار أن النادل ليس بذي صفة على هذا المعطف، فهو ليس إلا أداة استخدمها الزبون في سرقة المعطف بدل أن يأخذه بيده مباشرة.

     إلا أن الأمر يختلف إذا كان هذا النادل قد تسلم المعطف من صاحبه على سبيل الأمانة، فيصبح ذا صفة على المعطف، وهو ما يجري عليه العمل ببعض المطاعم الراقية، ويدعى (الفيستيير – vestiere)، حيث يسلم الزبون معطفه للفيستيير فيسلمه الأخير کرتاً مرقماً يستطيع بموجبه استلام معطفه عند مغادرة المكان.

    فلو أخطأ الفيستيير وسلم المعطف الزبون آخر غير صاحبه، فهذا الزبون لا يعتبر سارقاً للمعطف إذا اكتشف الأمر وسكت عنه، لأنه استلمه من صاحب صفة عليه، وهذا التسليم ينفي الأخذ.

    2- الإرادة الحرة المميزة

    يجب أن يكون التسليم النافي للأخذ صادرة عن شخص ذي صفة باختياره وبإرادته الحرة، ومدرك للآثار القانونية للعمل الذي يقوم به. فلا عبر بتسليم المكره والصبي غير المميز والمجنون والمعتوه.

     فالتسليم في هذه الأحوال هو تسليم أني لا يعتد به. فمن تسلم منقولا من مكره أو مجنون واستولى عليه متصرفا به تصرف المالك يعتبر سارقاً.

    3- التسليم الناقل للحيازة التامة أو الناقصة

    إن التسليم الذي ينفي ركن الأخذ في جريمة السرقة هو الذي ينقل الحيازة كاملة بقصد التخلي نهائيا عن حيازة الشيء، أو هو التسليم الذي ينقل الحيازة الناقصة، وهي الحيازة على سبيل الأمانة بموجب إحدى العقود الائتمانية.

    أما مجرد التسليم المادي الذي لا ينقل حيازة، تامة أو ناقصة، وتكون به يد المستلم على الشيء يد عارضة فلا ينفي الأخذ. والحيازة التامة، كما أسلفنا ، تعطى صاحبها على الشيء المحاز ممارسة كافة سلطات المالك على ملکه، بغض النظر إذا كانت مستندة إلى حق مشروع كالملكية، أو غير مشروع كالسرقة .

    وللحيازة التامة عنصران: عنصر مادي ويعني السيطرة المادية على الشيء، و عنصر معنوي ويعني إرادة الحائز التصرف بالشيء تصرف المالك.

    أما الحيازة الناقصة فتكون للشخص الذي يتوفر في حيازته للشيء العنصر المادي فقط، أي السيطرة على الشيء، دون عنصرها المعنوي.

     وهي الحيازة على سبيل الأمانة بموجب إحدى العقود الائتمانية كالوديعة و العارية والإيجار والرهن…

     والحائز على سبيل الأمانة إنما يحوز الشيء لحساب مالكه بناء على عقد يلتزم برد الشيء عند نهاية مدته، مما يستبعد معه أي إدعاء من جانبه بملكية الشيء .

    أما اليد العارضة فلا تعتبر نوعا من الحيازة، بل هي مجرد وضع يد مادي على الشيء دون أن يكون لواضع اليد أي حق أو سلطة على الشيء .

     و الحيازة تبقى لمن سلم الشيء، أما المستلم فيكون اتصاله بالشيء اتصلا مادية بحتاً، أي يكون الشيء عرضاً بين يديه ويتوجب عليه أن يرده بعد وقت يسير ، ويخضع دوما لرقابة من له الحق على الشيء.

     ومن أمثلتها حالة الجمال الذي يحمل للمسافر حقيبته في المطار أو في محطة القطار تحت بصره ورقابته، والخادمة في المنزل بالنسبة لمحتوياته، والعامل في المصنع بالنسبة للأدوات التي يستخدمها أثناء عمله، ومن هذا  القبيل أيضا من يتناول شيئا لمعاينته أو لتفحصه أو لتقدير ثمنه، كمالك السيارة الذي يسلمها إلى آخر لفحصها وتجريبها تمهيدا لشرائها، وصاحب محل المجوهرات الذي يسلم قطعة ذهبية لزبون أو زبونة ليعاينها قبل شرائها.

    إلا أن التسليم لا يشترط أن يكون حقيقياً كما في الأمثلة السابقة، بل قد يكون التسليم حكمياً، من هذا القبيل الأدوات التي يقدمها صاحب المطعم للزبائن و الفندق للنزلاء ومتاع المنزل بالنسبة للضيوف، ففي هذه الحالات جميعا إذا  استولى صاحب اليد العارضية على الشيء يعتبر سارقاً له.

    وتطبيقا لما سبق شرحه، لو أن مالكة لمنقول سلمه إلى شخص آخر، فإن الاحتمالات التي نواجهها تكون كالتالي:

    – إذا كان التسليم بقصد التخلي النهائي عن المنقول، فهو تسليم ناقل للحيازة التامة، بالتالي فالمستلم لا يعد سارقا له إذا تصرف به تصرف المالك.

     – إذا كان التسليم بقصد الإعارة أو الوديعة أو الإيجار، فهو تسليم ناقل للحيازة الناقصة، إذا فالمستلم لا يعد سارقا له إذا تصرف به تصرف المالك، بل مسيئا للأمانة.

    – إذا كان التسليم بقصد المعاينة أو الفحص أو تقدير قيمة الشيء أو القيام بعمل معين تحت إشراف ورقابة المسلم, أو كان التسليم حكمياً، كحالة متاع المنزل بالنسبة للضيوف، وأدوات المطعم والفندق بالنسبة للزبائن والنزلاء، فهو تسليم يد عارضة، بالتالي إذا استولى المستلم على الشيء مريداً التصرف به تصرف المالك، يعتبر سارقا له، لأن تسليم اليد العارضة لا يعتبر تسليماً ناقلاً للحيازة التامة أو الناقصة.

     باختصار، فإن التسليم الناقل للحيازة التامة أو الناقصة ينفي ركن الأخذ، إذا ينفي جرم السرقة. أما تسليم اليد العارضة فيقوم به ركن الأخذ، وبالتالي جرم السرقة.

    – وبالرغم من وضوح فكرة اليد العارضة، فإن تطبيقها في بعض الحالات يثير التساؤل حول حكمها.

     كحالة تسليح شيء بداخله شيء آخر يجهله المسلم، وحالة متاع المنزل بالنسبة للزوجين والأولاد.

     – من صور الحالة الأولى أن يسلم زبون معطفه لصاحب محل تنظيف الثياب، فيكتشف صاحب المحل وجود مبلغ من المال، أو خاتم ثمين، في جيب المعطف، فيستولى عليه، فهل يعتبر سارقا له؟

    ما من شكك في أن تسليم الزبون لمعطفه هو تسلیم ناقل للحيازة الناقصة، فإذا استولى صاحب المحل على المعطف عد مسيئا للائتمان.

     إلا أن هذا التسليم الناقل للحيازة الناقصة يتناول المعطف فقط، باعتبار أن صاحبه يجهل وجود المبلغ أو الخاتم بداخله، بالتالي فلا وجود للتسليم أصلا بالنسبة لهما، باعتبار أن من خصائص التسليم أنه إرادي.

    إلا أن عدم وجود التسليم لا يعني أن الاستيلاء عليهما يشكل جرم السرقة، فصاحب المحل لم يقم بأي نشاط إيجابي ينقل به حيازة الشيء من صاحبه إلى حيازته أو حيازة غيره، بل دخل الشيء في حيازته بصورة طارئة نتيجة عدم علم صاحب المعطف بوجود المبلغ أو الخاتم بداخله.

     فحكم هذه الحالة يطاله نص المادة 659 الخاص بالأشياء الضائعة أو المفقودة، السالفة الذكر، وهي من الجرائم الملحقة بإساءة الائتمان، كل من استملك أو اختلس …..أي شيء منقول دخل في حيازته…… أو بصورة طارئة أو بقوة قاهرة عوقب بالحبس……

    أما بالنسبة لحالة متاع المنزل، فما من شك بأن يد الابن على المنقولات المملوكة لوالده يد عارضة، فإذا استولى على أي شيء منها عد سارقا له، إلا إذا سلم إليه على سبيل الأمانة .

     أما عن حالة الزوجين، فإذا كان المال خاصة بأحدهما، كالنقود، واستولى عليه الأخر عد سارق له .

    أما إذا كان المال في حيازته على سبيل الأمانة، فاستولى عليه متصرفاً به تصرف المالك، عد مسيئا للائتمان، وإذا كان المال مملوكة للزوجين معا وفي حيازتهما معا في نفس الوقت، فيعتبر كل منهما في هذه الحالة أمينة على حصة الأخر من المال، فإذا استولى عليه وتصرف به تصرف المالك اعتبر مسيئا للائتمان.

    – ومتى كان التسليم ناقلاً للحيازة الكاملة أو الناقصة فإنه ينفي السرقة لانتفاء ركن الأخذ ولو بني على غلط، أو كان نتيجة غش أو خداع.

    أ- التسليم الناشئ عن غلط.

    يخلط الشخص عندما يتوهم أو يعتقد بما يخالف الحقيقة والواقع. والتسليم الناشئ عن غلط قد يكون في ذات الشيء أو في قيمته أو كميته أو في شخص المستلم.

    ومن أمثلة الغلط في ذات الشيء أن يرد کواء إلى زبون عنده معطف غير معطفه ظان أنه له فيأخذه الزبون مع علمه بالغلط الذي وقع به الكواء.

     أو يرد مصلح الساعات لزبون ساعة زبون آخر فيأخذها الزبون مع علمه بالغلط الذي وقع به المسلم.

    ومن قبيل الغلط في قيمة الشيء أو كميته أن يسلم المشتري للبائع ورقة من فئة الخمسمائة ليرة ظنا منه أنها من فئة المائة ليرة فيأخذها البائع وهو يعلم بما وقع به المشتري من غلط.

    أو أن يسلم المدين لدائنه أكثر من الدين المستحق عليه متوهم أن ما سلمه هو قيمة الدين، فيستلم الدائن المبلغ وهو عالم بالغلط الذي وقع به المدين.

    ومن أمثلة الغلط في شخص المستلم أن يسلم شخص بضاعة لأخر معتقدا أنه صاحب الحق فيها، أو أن يوفي المدين بدين عليه إلى شخص يظنه دائنه، فيستلم الشخص البضاعة أو الدين ويسكت عن الغلط الذي وقع به المسلم.

    ففي هذه الأمثلة عندما يمتنع المستلم عن رد الشيء، ويتصرف به تصرف المالك، فلا يعد سارقا، لأن التسليم هنا ينفي الأخذ، فهو قد تم عن إدراك واختيار من ذي صفة وناقلا للحيازة.

    وليس من شك في أن القانون المدني يجيز لمن وقع في غلط من هذا النوع أن يبطل التصرف إذا كان الطرف الأخر عالما بالغلط، ولكن ما يعنينا هو موقف القانون الجزائي بهذا الخصوص.

     ولقد حسم المشرع السوري هذه المسألة باعتباره الفاعل مرتكبا للجريمة الواردة في المادة 659 من قانون العقوبات، وهي من الجرائم الملحقة بإساءة الائتمان، كما أسلفنا، ونصها

     “1- كل من استملك أو اختلس، أو رفض أن يرد، أو كتم لقطة، أو أي شيء منقول دخل في حيازته غلط، أو بصورة طارئة، أو بقوة قاهرة، يعاقب بالحبس حتى سنة وبغرامة….

    ب- التسليم الناشئ عن غش أو خداع

    لاحظنا في التسليم الناشئ عن غلط أن موقف المستلم يكون فيه سلبياً.

     فالمسلم هو الذي يقع بالغلط من تلقاء نفسه. أما في حالة التسليم الناشئ عن غش أو خداع فموقف المستلم هنا مختلف، فلا يقتصر على موقف سلبي منه بعلمه بالغلط والسكوت عنه، وإنما يقوم بإيقاع المستلم في الغلط، بالكذب عليه و غشه، مما يدفعه إلى تسليمه المال.

    وهذا الغلط بدوره قد ينصب على ذات الشيء أو على قيمته أو كمیته أو على شخص المستلم. والتسليم الناشئ عن الغش يأخذ حكم التسليم الناشئ عن الغلط بكونهما ينفيا الأخذ، ولا يعد المستلم فيهما سارقاً، لأن إرادة المسلم، بغض النظر عما شابها من عيب، قد اتجهت فعلا إلى نقل الحيازة.

     وقد يقتصر الغش في هذه الحالة على مجرد التدليس وفق المفهوم المدني، الذي يعطي المتضرر منه الحق بإيطال التصرف أو العقد أمام القضاء المدني.

    وقد يتجاوز الغش المفهوم المدني إذا ترافق مع وسائل احتيالية أوقعت المسلم بالغلط ودفعته إلى تسليم المال، فهنا نكون أمام جريمة احتيال إذا توافرت سائر أركانها.

     إذاً المعيار الذي يمكن اعتماده هنا هو درجة الغش.

    فإذا  كان الغش يسيراً فقد لا تقوم به جريمة، أما إذا كان جسيما، فهو يشكل جرم الاحتيال  ومن قبيل ذلك أن يستولي الشخص على مال غيره مقابل إيداع شيء لديه على سبيل الرهن ثم يتضح فيما بعد أن ما أودعه عديم القيمة.

    أو أن يشتري الشخص سلعة ويدفع ثمنها بورقة مالية لم تعد قابلة للتداول قانوناً موهماً البائع بأنها ورقة نقد متداولة.

     أو يعرض الشخص على أخر سلعة تافهة موهما إياه بأنها ذات قيمة كبيرة، ويطلب ثمناً كبيراً زاعما أن الصفقة في مصلحة الشخص الأخر ويستولي بذلك على مال قيمته أضعاف قيمة السلعة.

     ففي جميع هذه الحالات يكون هناك تسليما نافية للأخذ، ولكن الفعل قد يشكل جرم احتيال إذا توافرت سائر أركانه الأخرى.

     

    عدم الرضا

    إضافة لوجوب توفر الأخذ المتمثل بالاستيلاء على الحيازة التامة، لا بد لاكتمال عناصر الأخذ، أن يتم الاستيلاء دون رضاء المالك أو الحائز للمال.

     وهذا ما أفصح عنه نص المادة 621 بتعريفه للسرقة “بأخذ مال الغير المنقول دون رضاه “. وبتوافر هذين العنصرين يكتمل الركن المادي للسرقة.

    أما إذا تحقق العنصر الأول، أي الاستيلاء على المال، ولكن برضاء المالك أو الحائز ، فينتفي بذلك الأخذ، ولا تقوم بالتالي جريمة السرقة .

    ورضاء المالك كاف لانتفاء السرقة سواء كان المال في حيازته أو في حيازة غيره.

    أما إذا كان المال في حيازة غير المالك، فإن رضاء كل من المالك أو الحائز على حدة يكفي لانتفاء الأخذ.

     فلو أن مستأجرة المنقول قام بتسليمه الشخص أخر، دون رضاء المالك، فلا يعد من استلمه سارقا له إذا تصرف به تصرف المالك.

     ولكنه قد يسأل مع المستأجر عن جريمة إساءة الائتمان.

     أما لو قام المالك بتسليم المنقول المؤجر إلى شخص آخر، دون رضاء المستأجر، فلا يعد من استلمه سارقا له، ولا يستطيع المستأجر العودة على المؤجر إلا بدعوى مدنية، كتنفيذ العقد أو فسخ العقد، دون إمكانية ملاحقة المالك و المستلم بدعوى جزائية، ما دام المالك قد تصرف بملكه، ولكنه يكون قد خالف شروط عقد الإيجار.

    أما إذا كان المال في يد عارضة فلا عبرة بالرضا الصادر عن صاحبها . فاليد العارضة لا تعطي صاحبها أي حق أو سلطة على الشيء، فإذا قام بالاستيلاء على الشيء عد سارقاً له، وإذا سلم الشيء لشخص أخر، يعتبر الشخص الأخر سارقاً أيضا، إذا كان يعلم بطبيعة حيازته للمال .

    فالحمال في المطار أو في محطة القطار تعتبر بده عارضة على الحقيبة التي يسلمه إياها المسافر، بالتالي لا يعتد برضائه بتسليم الحقيقية لشخص أخر، لأن الرضا يكون في هذه الحالة لصاحب الحقيبة.

    وتجدر الإشارة إلى أن نص المادة 621 أشار إلى عدم الرضا وليس عدم العلم.

    نستنتج من ذلك أن لا تلازم بين عدم الرضا و عدم العلم .

    فالمطلوب عدم الرضا ولو كان المجني عليه يعلم بفعل الأخذ.

     وهذه الحالة تتوفر في السرقة بالإكراه، أو عند عدم اعتراض المجني عليه واستدراجه للسارق ليتمكن من القبض عليه متلبساً .

     ففي هذه الحالات يعتبر الفاعل سارقا، بالرغم من علم المجني عليه بالسرقة، وذلك لانتفاء رضاءه. وعلى العكس من ذلك فقد يأخذ الفاعل المال دون علم صاحبه، ولكن ظروف الحال تثبت أنه كان راض عن أخذه، فلا تقوم بذلك السرقة.

     فصاحب الدار لا يرى ضيوفه وهم يأكلون من ثمار حديقته ولكن ظروف الحال يستدل منها على موافقته.

    والأب لا يبصر ولده وهو يستولي على بعض ماله، ولكن طبيعة العلاقة بينهما تدل على أن الأب راض بفعل ابنه في حدود معينة.

    والرضا ينتج أثره في نفي السرقة ولو كان الفاعل لا يعلم به.

     فعدم الرضا من المالك أو الحائز هو أحد عناصر الركن المادي الذي ينتج أثره دون اشتراط علم الفاعل به.

     فقد يقدم شخص على الاستيلاء على مال مملوك للغير، ويكون هذا الغير راضيا بذلك، فلا يعتبر الفعل سرقة إلا بنظر الفاعل.

    ويستوي في عدم الرضا أن يكون صريحاً أو ضمنياً. ويمكن استخلاص عدم الرضا الصريح من تمسك المجني عليه بالمال ومقاومته للسارق.

    أما عدم الرضا الضمني فيمكن استخلاصه من ظروف وملابسات الواقعة، كعدم المقاومة نتيجة خوف المجني عليه من أن يلحق السارق به الأذى، أو وجود المال في خزنة محكمة الإغلاق، احتاج السارق لفتحها استخدام أدوات مخصوصة.

    وغني عن البيان أن الرضا النافي للأخذ يشترط فيه أن يصدر من ذي صفة وهو المالك أو الحائز حيازة ناقصة، وأن يكون صادرة عن إرادة مميزة حرة، كما أشرنا سابقا في التسليم النافي للأخذ، فلا قيمة للرضا الصادر عن مجنون أو معتوه أو صبي غير مميز أو مكره. والعبرة في توافر الرضا النافي للأخذ هو وقت فعل الأخذ، أما إذا كان لاحقا للفعل فهو لا ينفيه، ولا يمنع من قيام السرقة. فلو أقدم شخص على سرقة مال مملوك للغير دون رضاه، ثم صفح عنه، أو رضي أن يحتفظ بالمال المسروق، فهذا لا ينفي عن الفعل وصف السرقة.

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1