الوسم: افضل محامي

  • تعريف شركة المحاصة ونشأتها وتطبيقاتها

    تعريفها:

    لم يكن قانون التجارة الملغي قد أعطى تعريفا لشركة المحاصة، بل اكتفى بتمييزها عن الشركات التجارية الأخرى من خلال إبراز الخصائص المميزة لها، وترك للفقه استخلاص تعريف لها من الفوارق الخاصة بها.
    أما قانون الشركات رقم 3 لعام 2008 فقد جاء بتعريف الشركة المحاصة وذلك بنص المادة 51 منه التي تقضي بأن:
    1- شركة المحاصة هي شركة تعقد بين شخصين أو أكثر ليست معدة لاطلاع الغير عليها وينحصر كيانها بين المتعاقدين ويمارس أعمالها شريك ظاهر يتعامل مع الغير.
    2- ليس لشركة المحاصة شخصية اعتبارية ولا تخضع لمعاملات الشهر المفروضة على الشركات الأخرى”.
    ويستفاد من هذا النص أن شركة المحاصة مستترة وليس لها عنونة تجارية تظهر به تجاه الغير، ولا تملك شخصية اعتبارية وبالتالي فليس لها ذمة مالية خاصة بها، كما أنها غير خاضعة الإجراءات الشهر التي فرضها المشرع على الشركات الأخرى، وأن التعامل مع الغير يكون باسم أحد الشركاء، إذ لا يمكن أن يوقع باسم الشركة أو يتخذ لها عنونة تجارية. وقد تختص هذه الشركة بعمل أو أكثر الذي قد يكون مدنية (كالزراعة) أو تجارية.
    وتعد شركة المحاصة من شركات الأشخاص لأنها تقوم على الاعتبار الشخصي للشركاء.

    وينتج عن ذلك أن الغلط في شخص أحد الشركاء يفسد العقد، كما أن وفاة أحدهم، أو إفلاسه أو فقدانه الأهلية قد يؤدي إلى انحلال عقد الشركة، لاسيما إذا ثبت أن شخصية هذا الشريك كانت الباعث على قيام الشركة، لما لذلك الشريك من صفات إدارية خاصة بحيث لا يمكن القيام بغرض الشركة وعملها بدونه.
    كما أنه لا يمكن أن تمثل حصص الشركاء، أسوة بشركات الأشخاص الأخرى، بأسناد قابلة للتداول بالطرق التجارية، ولا يجوز التفرغ عن هذه الحصص إلا برضاء جميع الشركاء ما لم ينص عقد الشركة على خلاف ذلك.

    تطبيقاتها:

    ينتشر هذا النوع من الشركات في الحياة العملية نظرا لصفتها المستترة، ويمكن أن تظهر التطبيقات العملية لشركة المحاصة في مجالات كثيرة:
    كأن يتفق شخص يرغب في الاستتار وإخفاء اسمه عن الجمهور مع شخص آخر على القيام بعمل معين.
    أو أن يتفق شخصان على أن يرسل أحدهما بضاعة فيصرفها الآخر ويتقاسمان الأرباح.
    أو أن يتفق مهندس مع مالكي أرض على تشييد بناء وبيعه واقتسام ما قد ينشأ عن ذلك من ربح أو خسارة.
    أو أن يتفق شخصان على شراء ثمار أرض زراعية وإعادة بيعها واقتسام الربح والخسارة.

    وعليه نجد أن انتشار شركة المحاصة في الحياة العملية يعود إلى بساطتها، ولأنها لا تحتاج لأي شكل من أشكال الشهر وقد تبقى مجهولة للغير إذا رغب الشركاء في ذلك، لذلك لا نجد لها تطبيقا في مشاريع طويلة وواسعة.

    نشأتها:

    ترجع أصول شركة المحاصة إلى عقد التوصية أو “الكومندا” ووضع الثقة الذي التجأ إليه أصحاب الأموال تحايلا على تحريم الربا الذي فرضته الكنيسة إبان العصور الوسطى.
    فأدى هذا العقد، عندما كان يمارس بطريقة مستترة وخفية، إلى إرساء اللبنات الأولى لهذا النوع من الشركات.
    وهذا ما حدا بالبعض على صعوبة التمييز بين شركة المحاصة وشركة التوصية عندما كانت هذه الأخيرة غير متمتعة بالشخصية الاعتبارية .
    كما شبه آخرون شركة المحاصة بشركة المضاربة في الفقه الإسلامي والتوصية، حيث كان المتمولون يرغبون في استثمار أموالهم في التجارة دون تعاطيها بأنفسهم لأن وضعهم السياسي أو الاجتماعي أو المهني كان يحظر عليهم ذلك. حيال الغير، على أن يحاسب شريكه بنتائج عمله.

    وهذا حال شركة المحاصة في تشريعنا حيث يتم العمل المشترك باسم أحد الشركاء فقط ويطلق عليه اسم المدير الذي يتعامل مع الغير باسمه الشخصي ويلتزم وحده حيالهم، غير أنه في علاقته مع شركائه المتخاصمون- يحول لهم الحقوق المستمدة من العمل المشترك ويطالبهم بما ينوبهم من الالتزامات كل بالنسبة والشروط المتفق عليها في عقد الشركة .

  • لماذا يمنع الشريك الموصي من التدخل في ادارة شركة التوصية؟

    منع الشريك الموصي من التدخل في الإدارة

    أولاً – المبدأ ومبرراته:

    نصت الفقرة الأولى من المادة 46 شركات على أنه:

    “لا يحق للشريك الموصي التدخل في إدارة أعمال الشركة تجاه الغير وليس له سلطة تمثيلها ولو كان ذلك بناء على توكيل…..

    يستفاد من هذا النص أن الشريك الموصي لا دخل له في إدارة الشركة. فلا يجوز أن يقوم بعمل من أعمال الإدارة، أو أن يكون مديرا للشركة، وإنما يجب أن تكون الإدارة لأحد الشركاء المتضامنين أو لشخص أجنبي عن الشركة.

     وعليه لا يجوز للشريك الموصي أن يشتري نيابة عن الشركة أو أن يعبر عن إرادتها حتى ولو وافق جميع الشركاء المتضامنين والموصين.

     ولا يقتصر هذا الحظر على إبرام العقود وإنما يشمل أيضا الأعمال الممهدة لعقدها كالتفاوض عن الشركة من أجل تصرف قانوني ما. كما ليس للشريك الموصي إلزام الشركة حيال الغير بعمله غير المشروع لانتفاء نیابته عنها أو تبعيته لها.

    ويقوم حظر تدخل الشريك الموصي في إدارة أعمال الشركة على اعتبار مزدوج:

    الأول وجوب حماية الغير، والثاني هو وجوب حماية الشركاء المتضامنين.

    فحماية الغير، كما هو الحال في قاعدة منع ذكر اسم الموصي في عنوان الشركة، تقضي أن مسؤولية الشريك الموصي عن ديون الشركة محدودة بالحصة المالية التي يقدمها للشركة، وقد يوحي تدخله في أعمال الإدارة للغير أنه شريك متضامن مسؤول مسؤولية غير محدودة عن ديون الشركة فيوليها ائتمانة كبيرة اعتمادا على أمواله، ثم يتبين بعد ذلك أنه شريك موص لا يسأل إلا في حدود حصته. لذلك حظر المشرع على الموصي التدخل في أعمال إدارة الشركة ليدفع هذا الخطأ الذي قد يقع فيه الغير.

    وقد يعترض على هذا التبرير أن في مقدور الغير الاطلاع على عقد الشركة المشهر في سجل التجارة ليعلم أن الشريك الذي يتعامل معه إنما هو شريك موص غير مسؤول إلا في حدود حصته، ومن ثم يمتنع عليه الاحتجاج بإهماله أو تقصيره أو أنه يكفي أن يصرح الشريك الموصي في حال تصرفه عن الشركة عن صفته.

    ويرد على ذلك أن الحياة التجارية تقوم على السرعة مما لا يتيسر معه عملياً الرجوع إلى ملخص عقد الشركة المشهر للتحري عن صفة الشريك الذي يتعامل معه الغير.

     كما أن مبرر المنع ليس مرده هذا السبب لوحده وإنما لسبب آخر سنبينه، يتعلق بحماية الشركاء ومنعا للاحتيال على القانون. .

    أما بالنسبة لحماية الشركاء المتضامنين، فإن مسؤولية الشريك الموصي المحدودة قد دفعه إلى عدم اتخاذ الحيطة وبذلك العناية اللازمة إذا ما سمح له بتولي إدارة الشركة، ومن شأن ذلك الإضرار بالشركاء المتضامنين الذين يسألون عن ديون الشركة في جميع أموالهم.

    فلا يقبل أن يتحمل الشركاء المتضامنون مخاطر أخطاء الشريك الموصي الذي لا يحسن أعمال الإدارة بسبب اطمئنانه إلى مسؤوليته المحدودة عن ديون الشركة والتزاماتها.

    ولا يجوز الاعتراض على ذلك بأن الشركاء المتضامنين قد أساءوا اختيار شركائهم الموصين الذين خالفوا حظر التدخل في الإدارة، مما عرضهم للمسؤولية تجاه دائني الشركة.

    ولا شأن لحسن اختيار الشريك الموصي بتدخله في إدارة الشركة، وليس هناك ثمة ما يمنع تدخل المشرع بحماية الشركاء المتضامنين من سواء اختيارهم لشركائهم الموصين في شركة التوصية، وعليه فرض المشرع هذا الحظر

     ثانياً – نطاق المنع من التدخل في الإدارة:

     لما كان منع الشريك الموصي التدخل في إدارة أعمال الشركة، وفقا للرأي الراجح، مقصوداً به حماية الغير الذي يتعامل مع الشركة، فمن الطبيعي أن يقتصر نطاقه على أعمال الإدارة الخارجية المتصلة بصلة الشركة بالغير، وعليه يجب التمييز بين فئتين من أعمال الإدارة.

     ما يعرف بأعمال الإدارة الخارجية وما يعرف بأعمال الإدارة الداخلية.

     1- أعمال الإدارة الخارجية:

    وهي تلك الأعمال المتعلقة بعلاقة الشركة بالغير، كأن يعمل الشريك الموصي مديراً للشركة أو أحد فروعها، أو أن يبيع ويشتري، يؤجر ويستأجر باسم الشركة ولحسابها.

     أو أي عمل يفضي إلى دخول الشركة في علاقة قانونية مع الغير، تجعلها دائنة أو مدينة للغير.

     ويعود تقدير عمل ما من قبيل أعمال الإدارة الخارجية إلى قاضي الموضوع بما له من سلطة تقديرية دون معقب على قضائها من محكمة النقض، لأن ذلك يتعلق بمسألة من مسائل الواقع.

    2- أعمال الإدارة الداخلية:

    وهي تلك الأعمال التي تتم داخل الشركة دون أن يكون للغير شأن بها.

     ذلك أنه يجوز للشريك الموصي إتيانها، لأن قيامه بها لا يؤدي على إيقاع الغير في غلط ما. وعليه يحق للشريك الموصي أن يشترك في أعمال مجلس الشركاء ولا تعد هذه المشاركة مساهمة منه في إدارة الشركة أو تدخلا فيها أو أعمالها.

     كما يحق للشريك الموصي أن يطلع على دفاتر الشركة وحساباتها والسجلات الخاصة بالقرارات المتخذة في سياق إدارتها وأن يتداول مع الشركاء المتضامنين أو مع مديري الشركة بشأنها (مادة

    2/46و3 شركات).

     ولا يجوز حرمان الشريك الموصي من المشاركة في تلك الأعمال، سواء في عقد تأسيس الشركة أو بموجب قرار لاحق.

     ذلك أن من شأن حرمانه من المساهمة في إدارة الشركة، وفقا لما أشرنا إليه أعلاه، القضاء على نية المشاركة التي تعد ركن من أركان عقد الشركة.

    كما أن منع تدخل الشريك الموصي في أعمال الإدارة لا يمنع من إمكانية تعامله مع الشركة بالبيع والشراء أو بغيرها من التصرفات القانونية.

    ذلك أن منع الشريك الموصي يقتصر على تمثيل الشركة والتعبير عن إرادتها، وبالتالي لا ينشأ العارض بين مصلحة الشركة كشخص اعتباري ومصلحة الشريك الموصي الشخصية.

    ولابد من الإشارة إلى أن مبدأ منع تدخل الشريك الموصي في أعمال الإدارة لا يحول دون قيامه بأي عمل داخل الشركة، أو تولي منصب فيها، كأن يعمل محاسبة أو مهندسة أو محامية في الشركة.

     طالما أنه لا يمثل الشركة تجاه الغير، ولا يحدث ذلك لبسا في صفته ما دام يظهر كعامل لا كنائب قانوني عن الشركة.

     ثالثاً – جزاء مخالفة المنع من التدخل في الإدارة:

     1- مضمونه:

     تكفل المشرع بتقرير الجزاء على مخالفة مبدأ منع الشريك الموصي من التدخل في إدارة أعمال الشركة تجاه الغير أو تمثيلها بناء على توكيل، فنص في نفس الفقرة الأولى من المادة 46 من قانون الشركات على أنه إذا خالف الشريك الموصي هذا المنع عد “مسؤولاً عن ديون الشركة والتزاماتها التي تحملتها الشركة بسبب تدخله أو مساهمته في إدارتها مسؤولية الشريك المتضامن”.

     وعليه، فقد قصر المشرع مسؤولية الشريك الموصي التضامنية على الديون والالتزامات التي تحملتها الشركة بسبب تدخله أو مساهمته في إدارتها، وحسنا فعل.

     ذلك أنه وبموجب أحكام الفقرة الثالثة من المادة 314 من قانون التجارة الملغى، كان جزاء الشريك الموصي إذا خالف هذا المنع أنه يصبح “مسؤولاً بوجه التضامن حتى النهاية مع الشركاء المتضامنين عن الالتزامات الناشئة عن عمله الإداري فتكون التبعة الملقاة عليه محصورة في النتائج الناجمة عن الأعمال التي تدخل فيها” وهذا أمر وجوبي.

     “وأما شاملة لجميع ديون الشركة على نسبة عدد تلك الأعمال وجسامتها” وهذا أمر جوازي يعود تقديره لمحكمة الموضوع تستهدي به حسب أهمية الأعمال التي يقوم بها وخطورتها وحسب تكرارها بحيث أصبحت كافية لكي يتولد لدى الغير الاعتقاد بأن هذا  الشريك شريك متضامن، فيجوز للمحكمة أن تؤاخذه عن كافة ديون الشركة والتزاماتها التي ترتبت منذ تدخله بالإدارة دون استثناء.

    ويستوي بالنسبة للغير أن يكون الشريك الموصي قد تدخل في إدارة أعمال الشركة بناء على توكيل من الشركاء المتضامنين أو بدون توكيل منهم.

     ذلك أن الغير لا شأن له بعلاقات الشركاء فيما بينهم ويكفيه أن الشريك الموصي تدخل في أعمال الإدارة الخارجية للشركة.

     ويذهب بعض الفقه  والقضاء إلى قصر هذا المؤيد على الغير حسن النية، فإذا أثبت الشريك الموصي أن الغير الذي تعامل معه كان عالماً بصفته تعذر عليه مطالبته كشريك متضامن. ونرى أنه لا يشترط لاعتبار الشريك المخالف للمنع مسؤولاً كشريك متضامن، أن يكون الغير حسن النية، أي لا يعلم أنه بصدد التعامل مع شريك موص وليس شريكا متضامناً.

     ذلك أن المشرع لم يشترط حسن النية لدى الغير، خلافا لحكم حظر إدراج اسم الشريك الموصي في عنوان الشركة.

     ولا يمكن تفسير ذلك إلا باعتبار مبدأ منع الشريك الموصي من التدخل في أعمال الشركة مقررة المصلحة الشركاء المتضامنين وليس فقط حماية للغير.

     2- أثره:

    يثور التساؤل عن أثر مسؤولية الشريك الموصي مسؤولية تضامنية نتيجة تدخله في إدارة أعمال الشركة الخارجية، على اكتسابه صفة التاجر نتيجة ذلك، وأثر هذا الجزاء على علاقته بباقي الشركاء.

     أ- مدى اكتساب الشريك الموصي صفة التاجر:

    إن اعتبار الشريك الموصي مسؤولاً مسؤولية تضامنية عن ديون الشركة والتزاماتها التي تحملتها الشركة بسبب تدخله أو مساهمته في إدارتها ليس من شأنه إضفاء صفة التاجر عليه. ويترتب على ذلك أن إفلاس شركة التوصية لا يستتبع شهر إفلاسه.

    أما إذا تكررت مساهمته وتدخله في الإدارة وكانت من الأهمية بمكان، وأصبحت مسؤوليته تضامنية، فإنه يكتسب صفة التاجر، ويترتب على شهر إفلاس الشركة شهر إفلاسه أيضا، ويمكن ملاحقته، عند الاقتضاء، بجرائم الإفلاس التقصيري أو الاحتيالي.

    وقد لجأ الاجتهاد القضائي الفرنسي إلى مثل هذه المؤيدات الشديدة عندما تبين له أن الشريك الموصي شريكا صوريا وهو في الحقيقة أهم شريك متضامن.

     ب- أثره في مواجهة الشركاء:

    إن مسؤولية الشريك الموصي عن ديون الشركة والتزاماتها على وجه التضامن بسبب تدخله في الإدارة الخارجية للشركة، يستوجب التمييز بين أن يكون هذا التدخل قد تم باتفاق وتفويض مع شركائه، فعندئذ، يقتصر أثر الجزاء في علاقته مع الغير، ويبقى متمتعا بمركزه القانوني كشريك موص بالنسبة لشركائه، ويحق له الرجوع عليهم بما دفعه من ديون الشركة زيادة على حصته، لأن حظر تدخله هنا استهدف حماية الغير، وتنازل الشركاء عن الحماية، بتفويضه إدارة الشركة ويرجع عليهم بناء على قواعد الوكالة.

    أما إذا كان تدخله بالإدارة تم بدون توكيل أو اتفاق مع شركائه، فإن هذه الأعمال لا تلزم الشركة على الإطلاق ويعد كأنه تصرف باسمه ولحسابه الخاص، فيما عدا الحالات التي يمكنه الرجوع فيها على الشركة تطبيقا لقواعد الإثراء بلا سبب إذا توافرت شروطها.

     أو على أساس أحكام الفضالة بحيث لا يحق للشريك الموصي أن يسترد ما يجاوز قيمة حصته إلا في حدود ما أفادت به الشركة من العمل الذي قام به الشريك .

    مما تقدم بينا كيفية إدارة شركة التوصية، أما بالنسبة لانقضائها، فتخضع لنفس أحكام انقضاء شركة التضامن باعتبارها من شركات الأشخاص التي تقوم على الاعتبار الشخصي، واستثنى المشرع من ذلك، أن إفلاس الشريك الموصي أو إعساره أو وفاته أو فقده الأهلية أو إصابته بعجز دائم لا يؤثر على حياة الشركة، ولا يؤدي إلى حلها (مادة 3/50 شركات).

     كما تسري عليها القواعد المتعلقة بشهر الانقضاء وآثاره من تصفية الشركة وقسمتها وسقوط حق دائني الشركة في مطالبة الشركاء بمضي خمس سنوات على انقضائها، أي جميع ما تناولناه في دراستنا لأحكام انقضاء الشركات.

  • أحكام إدارة شركة التوصية

    ذكرنا أن شركة التوصية تضم فئتين من الشركاء: وهما الشركاء المتضامنون من جهة والشركاء الموصون من جهة أخرى.

    ويحق للشركاء المتضامنين الاشتراك في إدارة الشركة، كما يجوز إسناد إدارة الشركة إلى شخص أجنبي عن الشركة، وهذا لا يعني إسناد هذه الإدارة إلى شريك موصي، وإنما يجب أن يكون شخص من الغير، لما رتب المشرع من جزاء، على ما سنفصله في حال تدخل الشريك الموصي في الإدارة.

    وعليه، يتم إدارة شركة التوصية من قبل مدير يجوز أن يكون من الشركاء المتضامنين أو من الغير، كما يتولى الإدارة بصفته صاحب السلطة العليا فيها مجلس الشركاء والذي تكون قراراته ملزمة لمدير الشركة سواء أكان من الشركاء المتضامنين أم من الغير، وقد سبق أن فصلنا الأحكام القانونية لمدير الشركة ومجلس الشركاء عند دراستنا لإدارة شركة التضامن.

    ومع ذلك فقد جاء قانون الشركات ببعض الأحكام الخاصة، التي يقتضي ذكرها، فيما يتعلق باتخاذ القرارات في الشركة.

    ذلك أن القرارات في شركة التوصية تصدر بأصوات الشركاء المتضامنين فقط ما لم يعط عقد تأسيس الشركة للشركاء الموصين حق التصويت (مادة 1/49 شركات).

    كما تصدر القرارات في مجلس الشركاء بالإجماع ما لم ينص عقد الشركة على عقد الاكتفاء بأغلبية معينة. (مادة 249 شركات).

    على أنه إذا تعلق الأمر بقرارات خاصة بحياة الشركة ومصيرها كتعديل عقد الشركة أو حلها أو دمجها، فإن هذه القرارات لا تكون صحيحة ما لم يتفق عليها الشركاء المتضامنون والموصون في عقد يوقعون عليه جميعهم ويشهر أصولا بتسجيله في سجل الشركة لدى أمانة السجل التجاري. (مادة 3/49 شركات).

    فيما عدا هذه الأحكام الخاصة، تطبق أحكام إدارة شركة التضامن فيما يتعلق بصلاحيات مدير الشركة وواجباته ومسؤوليته عن إدارة الشركة تجاه الشركة والشركاء، وضرورة تعين مفتش للحسابات إذا زاد عدد الشركاء المتضامنين عن خمسة شركاء أو بلغ رأس مال شركة التوصية خمسة وعشرين مليون ليرة سورية. كذلك الأمر بالنسبة لعزل المدير واعتزاله.

  • هل يجوز تداول حصص الشركاء في شركات التوصية؟

    أولاً – التنازل عن الحصص:

    تعد شركة التوصية من شركات الأشخاص التي تقوم على الاعتبار الشخصي للشركاء.

    ويمتد الاعتبار الشخصي إلى جميع الشركاء، سواء كانوا متضامنين أو موصين.

    ويترتبً علًى ذلك أنه لا يجوز تداول الحصص في شركة التوصية إلا بموافقة جميع الشركاء، إذا كان المتفرغ عن حصته في الشركة متضامناً وشرط القيام بمعاملات الشهر (مادة 38 شركات).

    أما إذا كان الشريك المتنازل عن حصته للغير شريكاً موصياً فلابد من موافقة الشركاء المتضامنين (مادة 47 شركات).

    على أن وفاة أحد الشركاء لا يؤدي إلى انقضاء الشركة بل تستمر بين باقي الشركاء الأحياء وتؤول حقوق الشريك المتوفي إلى ورثته وتستمر الشركة مع هؤلاء الورثة وتكون لهم صفة الشركاء الموصين إن كان مورثهم متضامنا ما لم يكن في عقد الشركة نص مخالف.

    إلا أن وفاة الشريك المتضامن الأوحد في شركة التوصية يؤدي إلى انقضائها، ما لم يقبل أحد الشركاء الموصين، أو ورثة الشريك المتضامن تحويل صفته إلى شريك متضامن بموجب صك رسمي ويشهر أصولا.

    ثانيا – ضم شريك جديد إلى الشركة:

    1- دخول شريك متضامن جديد:

    نص قانون الشركات على جواز ضم شريك متضامن جديد إلى الشركة لما في ذلك من زيادة في ملاءة وائتمان الشركة. إلا أن المشرع علق قبول دخول شريك متضامن جديد إلى شركة التوصية على موافقة جميع الشركاء المتضامنين فيها، وعدم ضرورة موافقة الشركاء الموصين على ذلك (مادة 1/48 شركات).

    ومبرر ذلك أن الشريك المتضامن الجديد سيشارك في إدارة الشركة واتخاذ القرارات التي تصدر عن الشركاء المتضامنين، بخلاف الشريك الموصي الممنوع من إدارة الشركة، إضافة لطبيعة المسؤولية غير المحدودة للشركاء المتضامنين،

    كل ذلك دفع المشرع إلى النص على وجوب موافقة الشركاء المتضامنين. ونرى انه لا مانع من أن يرد نص في عقد الشركة يقضي بضرورة موافقة الشركاء الموصين أيضا نظرا لطبيعة عقد شركة التوصية الذي يقوم على الاعتبار الشخصي.

    2- تحويل صفة الشريك الموصي إلى شريك متضامن:

    قد يرغب الشريك الموصي تحويل صفته إلى شريك متضامن، إما لأنه لم يعد ممنوعا من تعاطي التجارة، أو أنه أصبح كامل الأهلية لتعاطي التجارة، أو رغبة منه في المشاركة الفعلية في الإدارة الخارجية للشركة.

    لذلك فقد أجاز القانون تحويل صفة الشريك الموصي إلى شريك متضامن، وذلك بموجب عقد رسمي موقع من قبله ومن قبل الشركاء المتضامنين ويتم شهره أصولاً، بتسجيله لدى أمين سجل التجارة في سجل الشركات.

    وبالتالي فإن هذا الشريك الموصي لا يكتسب صفة الشريك المتضامن في الشركة، ما لم يتم إجراء هذا التسجيل.

    ويجب أن نميز بين هذه الحالة، والحالة التي عامل فيها المشرع الشريك الموصي كشريك متضامن كجزاء ومؤيد لحظر ذكر اسمه في عنوان الشركة، لأن هذا الجزاء يطبق بالنسبة للغير حسن النية فقط دون باقي الشركاء. أما تحويل صفة الشريك الموصي على متضامن فيكون نافذا تجاه الشركاء والغير بعد توقيع العقد من قبل الشركاء المتضامنين وشهره أصولا.

    3- دخول شريك موص جديد:

    قد تحتاج الشركة إلى زيادة في رأسمالها أو إلى خبرة فنية معينة، فيعمد الشركاء إلى قبول إدخال شريك موص جديد أو أكثر وذلك بهدف رفع مستوى أداء الشركة أو بما يحقق مصالح الشركة والشركاء.

    لذلك أجاز القانون قبول دخول شريك موص جديد في شركة التوصية شرط موافقة جميع الشركاء المتضامنين والموصين فيها.

    ولم يشترط المشرع ضرورة شهر دخول شريك موص جديد في سجل الشركات، وقد يكون مبرر ذلك أن أسماء الشركاء الموصين لا تدرج في عنوان الشركة، وليس لهم الحق بالاشتراك في إدارتها، كما أن مسؤولية الشريك الموصي عن ديون الشركة والتزاماتها قاصرة على حدود حصصهم في رأسمال الشركة،

    كل ذلك دفع المشرع عدم النص على ضرورة الشهر صراحة إذ لا يؤثر عدم شهر هذا الدخول على الغير المتعاملين مع الشركة.

    ونرى مع ذلك أن دخول شريك موص جديد يعد تعديلا لعقد شركة التوصية ويستوجب توقيع عقد جديد وشهره أصولاً طبقاً لأحكام الفقرة الثالثة من المادة 49 من قانون الشركات.

  • كيف تتم عملية تصفية الشركة واغلاقها؟

    أعمال التصفية

     أولاً – واجبات المصفي وصلاحياته:

    تتحدد سلطات المصفي وواجباته في سند تعيينه، سواء كان ذلك السند هو عقد الشركة أم قرار المحكمة. فإن خلا هذا السند من مثل هذا التحديد، فإن قانون الشركات نص على هذه الواجبات والصلاحيات.

     1 – واجباته:

     أ – استلام موجودات الشركة وجردها:

    يتم تسليم المصفي دفاتر الشركة وسجلاتها ومستنداتها وأوراقها وأموالها وجميع أصولها، وينظم سجلات خاصة بعملية التصفية تتضمن ما للشركة من مطاليب أو حقوق وما عليها من التزامات، ويحق لأي من الشركاء الاطلاع على سجلات التصفية المذكورة آنفا (مادة 1/24 شركات).

     ب – دعوة الدائنين :

    يجب على المصفي خلال ثلاثة أشهر من تاريخ شهر تعيينه نشر إعلان في صحيفتين يوميتين ولمرتين على الأقل يتضمن دعوة الدائنين لمراجعة مقر الشركة وبيان دين كل منهم وعنوانه خلال مهلة تسعين يوما من تاريخ الإعلان الأول (مادة 3/24/ شركات).

    وفي حال عدم تقديم أي دائن للشركة بمطالبته خلال مهلة تسعين يوما من تاريخ الإعلان الأول، جاز له بعد انقضاء هذه المهلة وقبل انتهاء التصفية تقديم مطالبته، على أن تصبح مرتبة هذه المطالبة بعد مرتبة الدائنين الذين تقدموا بمطالبتهم خلال المهلة المحددة، أي مهلة التسعين يوما.

    وعليه فإن الدائن المهمل أو غير العالم بالإعلان لا يسقط حقه بالمطالبة وإنما يتقدمه الدائنون الذين تقدموا بمطالبتهم خلال المهلة المحددة قانونا.

     ج – تحصيل أموال الشركة ووفاء ديونها:

    يقوم المصفي بالأعمال اللازمة لتحصيل ما للشركة من ديون في ذمة الغير أو في ذمة الشركاء، ووفاء ما عليها من الديون وذلك حسب الأولوية المقرر قانونا (مادة 5/24 شركات).

     وبناء على ما تقدم، يحق للمصفي أن يطالب مديني الشركة بالوفاء ويطالب الشركاء بتقديم ما تعهدوا به من حصص.

     وفي شركات التضامن والتوصية، إذ للمصفي مطالبة الشركاء المتضامنين بأداء المبالغ اللازمة لتسديد الديون في حال عدم كفاية أموال الشركة لتسديدها (مادة 10/24 شركات).

     وفيما يتعلق بحقوق الشركة تجاه الغير، فإنه يجب التمييز بين الديون العاجلة والديون الآجلة. فيحق للمصفي مطالبة مديني الشركة بأداء الديون العاجلة.

    أما بالنسبة إلى الديون الآجلة فيتعين على المصفي احترام آجال الديون، ولا يترتب على انقضاء الشركة سقوط آجال الديون.

    وفي حال امتناع المدين عن الوفاء بالديون التي تكون مستحقة الدفع، فإنه يتعين على المصفي اتخاذ الإجراءات الاحتياطية والتنفيذية للمحافظة على حقوق الشركة، فضلا عن إمكانية تقدمه بطلب شهر إفلاس مدين الشركة التاجر إذا كان دين الشركة تجارية.

     ويجب على المصفي قيد الرهون المقررة لمصلحة الشركة، وقطع التقادم حفاظاً على حقوق الشركة.

    د – الامتناع عن القيام بأعمال جديدة:

    إن تصفية الشركة يقتضي وقف استثمار المشروع الذي أسست لأجله و عدم القيام بأعمال جديدة. على أن المحافظة على أموال الشركة، قد تستوجب متابعة استثمار مشروعها للمحافظة على قيمته وزبائنه وتنفيذ عقود تعود بالنفع على الشركة. لذلك أجاز المشرع للمصفي بأن يقوم بإنجاز أعمال الشركة العالقة وتنفيذ العقود القائمة قبل التصفية (مادة 5/24/ شركات).

    فعليه متابعة تسليم البضائع المباعة ودفع ثمن المشتريات السابقة وإبرام عقود النقل والتأمين واستخدام اليد العاملة اللازمة لمتابعة تنفيذ العقود القائمة.

    هـ – عدم القيام بالتصرفات الخطيرة أو التبرعية:

    لا يجوز للمصفي قبل الحصول على موافقة الشركاء الذين يملكون أغلبية رأس مال الشركة أو موافقة الهيئة العامة للشركة، أن يعقد أي تسوية مع دائني الشركة نيابة عنها أو أن يتخلى عن أي رهن أو تأمين أو ضمان مقرر لمصلحتها، كما لا يجوز له أن يبيع موجوداتها وأموالها ومشاريعها صفقة واحدة دون الحصول على هذه الموافقة (مادة 8/24 شركات).

     و – وضع الميزانية السنوية:

    إذا تجاوزت مدة التصفية عامة واحدة، وجب على المصفي أن يضع الميزانية السنوية للشركة ويتولى نشرها في صحيفتين يوميتين على الأقل (مادة

    2/24 شركات).

     2- صلاحيات المصفي:

     يجوز للمصفي تعيين الخبراء اللازمين لمساعدته في أعمال التصفية.

     كما يجوز له أن ينيب شخصا آخر أو أكثر في اتخاذ إجراء أو القيام بعمل مما يدخل في نطاق التصفية. ويكون للمصفي الصلاحية لتمثيل الشركة أمام المحاكم في الدعاوى المقامة من الشركة أو عليها واتخاذ أي إجراء احترازي للمحافظة على مصالحها وتوكيل المحامين باسم الشركة (مادة 7/24 شركات).

    ويمكن للمصفي أن يعقد تحكيما في المنازعات المتعلقة بالأعمال التي تدخل ضمن حدود سلطته.

    وبما أن وفاء ديون الشركة وقسمة أموالها بين الشركاء يقتضي عادة تحويلها إلى نقد، فإنه للمصفي أن يبيع هذه الأموال بالمزاد أو التراضي ما لم تقيد سلطته في قرار التعيين.

     3 – بطلان التصرفات أثناء التصفية:

    حظر المشرع على المصفي القيام ببعض التصرفات التي تتعارض مع أعمال التصفية وغايتها، فاعتبر التصرفات التالية باطلة إذا تمت في فترة التصفية:

     أ- إبرام عقود باسم الشركة للاستمرار بعملها.

    وهذا يتنافى مع الحظر الذي فرضه المشرع من مواصلة استثمار مشروع الشركة، وقد يؤدي إلى جعلها شركة فعلية إذا تابعت نشاطها رغم انحلالها بسبب آخر غير حلول أجلها.

    ب – التصرف بحصص الشركاء أو بأسهمها.

    ج – أي تصرف من شأنه إنقاص أموال الشركة ما لم يوافق عليه جميع الشركاء أو الهيئة العامة للشركة كأن يتنازل عن ديون الشركة أو حقوقها بدون عوض.

     4 – حقوق الشركاء والمساهمين من التصفية:

    نصت المادة 25 من قانون الشركات على أنه:

     “1 – تستعمل أموال وموجودات و حقوق الشركة في تسوية الالتزامات المترتبة عليها وفق الترتيب التالي:

     أ- نفقات التصفية وأتعاب المصفي.

     ب – المبالغ المستحقة على الشركة للخزينة العامة.

     ج – المبالغ المستحقة على الشركة للعاملين فيها.

     د – الديون المستحقة على الشركة لغير الشركاء فيها.

    هـ – القروض التي قدمها الشركاء للشركة ولم تكن من بين حصصهم في رأس المال.

    2 – يوزع ما تبقى من أموال وموجودات الشركة فيما بين الشركاء والمساهمين كل بنسبة حصته من رأس المال، ويتحمل الشركاء المتضامنون نصيبهم في الخسائر وفقا لحصتهم في رأس المال”

    وسنبحث رد حصص الشركاء ومساهمتهم بشكل مفصل عند عرضنا للقسمة.

    إغلاق التصفية عند انتهاء أعمال التصفية:

     يلزم المصفي بتقديم حساب ختامي عن أعمال التصفية إلى الشركاء وميزانية نهائية إلى الهيئة العامة إن كانت الشركة مساهمة أو محدودة المسؤولية، ويتضمن الحساب الختامي الأعمال والإجراءات التي قام بها لإتمام عملية التصفية ونصيب كل شريك أو مساهم في توزيع موجودات الشركة.

    وبمعنى آخر يظهر الحساب الختامي الميزانية النهائية للشركة التي تظهر الرصيد السالب أو الموجب لموجودات الشركة ومطاليبها والرصيد القابل للقسمة بين الشركاء في حال وجوده، أو حصة كل مساهم في توزيع موجودات الشركة المساهمة.

    وفي الشركات المساهمة والمحدودة المسؤولية يتولى مفتش الحسابات إعداد تقرير عن الحسابات التي قدمها المصفي ويعرضه على الهيئة العامة للشركة لإقراره أو الموافقة عليه، فإذا وافقت الهيئة العامة على التقرير تم إعلان براءة ذمة المصفي، وإلا تقدمت الهيئة العامة باعتراضها مع الحسابات أمام محكمة البداية المدنية التي تبت بهذه الاعتراضات على وجه السرعة.

    هذا ولم يرد في قانون الشركات ما يشير إلى شهر إغلاق التصفية رغم ما يترتب عليه من آثار ولاسيما بالنسبة لانتهاء شخصية الشركة الاعتبارية، على أن انتهاءها لا يحول دون مطالبة دائني الشركة بحقوقهم، ما دامت لم تسقط بعد بالتقادم، وحقهم في التنفيذ على أموال الشركة في حال وجودها وذلك حتى بعد القسمة، وهذا ما سنتناوله بالتفصيل عند بحثنا في التقادم الخمسي الدعاوی دائني الشركة الناشئة عن التصفية نفسها اعتبارا من إغلاق التصفية.

  • كيف يتم إقتسام الأرباح والخسائر في الشركات التجارية؟

    اقتسام الأرباح والخسائر

    يجب أن يساهم الشركاء جميعاً في الأرباح والخسائر، والشركاء أحرار في تحديد أنصبتهم في الأرباح والخسائر باتفاق يرد في عقد الشركة.

    وفي حال عدم وجود اتفاق على نسبة الاشتراك في الأرباح والخسائر فإن القانون أعطى حلولاً لهذه الحالات:

    أولاً – في حال وجود اتفاق:

     1 – حرية الشركاء في تحديد أنصبتهم من الربح والخسارة:

    ترك القانون الحرية للشركاء في تعيين الأساس التي يجب أن يقوم عليها توزيع الأرباح والخسائر بينهم، فلهم أن يشترطوا في عقد الشركة أنصبة متساوية أو مختلفة في الربح والخسارة بالنسبة لحصة كل منهم في رأسمال الشركة، بشرط أن لا يخفي ذلك احتياء على القانون .

     وعليه يعد صحيحاً الشرط القاضي بتوزيع الأرباح والخسائر بصورة متساوية بين الشركاء ولو كانت حصصهم في رأس المال متفاوتة،

    أو بتوزيع الأرباح والخسائر بين الشركاء بصورة متفاوتة وإن كانت حصصهم في رأس المال متساوية، أو بتوزيع الأرباح والخسائر بنسب مختلفة،

    أو بتحديد ربح وخسارة أحد الشركاء بالنسبة لحصته في رأسمال الشركة.

    وكذلك يعد صحيحاً الشرط القاضي بإعفاء الشريك الذي دخل في الشركة بعمله من الخسارة على أن لا يستفيد من ربح لقاء عمله، باعتبار أن حرمان الشريك من أجرة عمله يعد خسارة بالنسبة له إذ يكون في هذه الحالة قد تحمل من الخسارة ضياع عمله بدون مقابل.

     وعلى هذا نصت الفقرة الثانية من المادة 483 من القانون المدني، بقولها:

    يجوز الاتفاق على إعفاء الشريك الذي لم يقدم غير عمله من المساهمة في الخسائر، بشرط ألا يكون قد تقرر له أجر عن عمله”.

    2- شرط الأسد 

    ماهو شرط الأسد في أرباح الشركات وما أثره على عقد الشركة؟

     ثانيا – في حال عدم وجود اتفاق:

    إذا لم يبين عقد الشركة نصيب كل من الشركاء في الأرباح والخسائر، كان نصيب كل منهم في ذلك بنسبة حصته في رأسمال الشركة (مادة

    1/482 مدني).

     وإذا اقتصر عقد الشركة على تعيين نصيب الشركاء في الربح، وجب اعتبار هذا النصيب في الخسارة أيضا، وكذلك الحال إذا اقتصر العقد على تعيين النصيب في الخسارة (مادة

    2/482 مدني).

     وإذا كانت حصة أحد الشركاء مقصورة على عمله، وجب أن يقدر نصيبه في الربح والخسارة تبعا لما تفيده الشركة من هذا العمل، فإذا قدم فوق عمله نقودا أو أي شيء آخر، كان له نصيب عن العمل وآخر عما قدمه فوقه (مادة

    3/482مدني).

    ولا تطبق هذه القاعدة القانونية إذا كانت جميع حصص الشركاء في رأسمال الشركة عملا بل يصار في هذه الحالة إلى توزيع الأرباح والخسائر بصورة متساوية بين الشركاء.

    ولم يلاحظ القانون احتمال تقديم أحد الشركة كحصة له في رأسمال الشركة مجرد الانتفاع من مال معين، ولاشك أنه يجب على الشريك في مثل هذه الحالة، أن يساهم في الخسارة.

     على أن مساهمته فيها تكون بحرمانه من الربح المحتمل أسوة بالشريك الذي يقدم عمله حصة في رأسمال الشركة .

  • الأركان الموضوعية العامة للشركات(الرضا- الأهلية- المحل- السبب)

    بما أن الشركة هي عبارة عن عقد فإنه لابد من أن تستوفي الأركان الموضوعية العامة في العقود (الفرع الأول من الرضا والمحل والسبب، بالإضافة إلى الأركان الموضوعية الخاصة الفرع الثاني)، التي تميزها عما قد يشبهها من عقود أو أنظمة قانونية.

    الأركان الموضوعية العامة للشركات

    الأركان الموضوعية العامة لعقد الشركة هي نفس الأركان التي لا تستقيم بقية العقود الأخرى بدونها. وتتمثل هذه الأركان في الرضا والأهلية والمحل والسبب.

    1- الرضا :

    يشترط لانعقاد الشركة رضاء الشركاء بها، فالرضا يعد بمثابة الركن الأول الانعقاد العقد، إذ لا يمكن أن نتصور أن تنشأ رابطة عقدية دون أن تستند إلى رضاء أطرافها.

     ويجب أن ينصب هذا الرضا على شروط العقد جميعاً، أي على رأس مال الشركة وغرضها ومدتها وطريقة إدارتها وغير ذلك من الشروط.

     ويشترط في الرضا أن يكون سليمة صحيحا خالية من كل عيب، أي غير مشوب بغلط أو تدليس أو إكراه، وإلا كان العقد قابلا للإبطال لمصلحة من شاب العيب رضاه.

    المطلب الأول – الغلط

    يجعل الغلط العقد قابلا للإبطال إذا كان جوهرية يبلغ حداً من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام العقد لو لم يقع في هذا الغلط (مادة 122 مدني)، وعليه يكون عقد الشركة قابلاً للإبطال إذا وقع الغلط في شخص الشريك وكانت شخصيته محل اعتبار في العقد كما هو الحال في شركات الأشخاص.

     وكذلك يكون العقد قابلاً للإبطال إذا تعاقد أحد الشركاء على اعتبار أنه شريك موص في شركة توصية مع أن العقد شركة تضامن، لأن التزامات الشريك تتوقف على نوع الشركة.

    أما إذا لم يكن الغلط قد انصب على السبب الرئيسي في التعاقد، أو لم يكن هو الباعث إلى التعاقد فلا يعد جوهرية ولا يؤثر بالتالي على صحة العقد، كالغلط في تقدير قيمة الحصص الملتزم كل شريك بتقديمها أو في احتمالات نجاح الشركة في أعمالها

    المطلب الثاني: التدليس :

    يجوز إبطال عقد الشركة التدليس إذا كان هو الدافع إلى التعاقد (مادة 126 مدني)، وكثيراً ما يقع التدليس في الاكتتاب بأسهم شركات المساهمة، ولكن يشترط أن يكون التدليس صادرة من أحد الشركاء على شريك آخر، أو من المؤسسين على المكتتبين، أما إذا صدر التدليس من الغير ودون أي تدخل من الشريك الآخر فليس من حق الشريك المدلس عليه أن يطلب إبطال عقد الشركة، ما لم يثبت أن المتعاقد الآخر كان يعلم به عند إنشاء العقد (مادة 127 مدني).

    فإذا فشل في إقامة الدليل على ذلك، بقي عقد الشركة صحيحاً واقتصر حق الشريك المدلس عليه على مجرد مطالبة المدلس بالتعويض.

    المطلب الثالث: الإكراه:

    يعد الإكراه نادر الوقوع عند إبرام عقد الشركة. ومع ذلك فإن الإكراه بنوعية المادي والمعنوي، هو سبب من أسباب بطلان عقد الشركة، على أنه يشترط في الإكراه ليكون مبطلا لعقد الشركة:

     1- أن يكون صادرة عن أحد المتعاقدين، أو عن شخص ثالث، بشرط أن يثبت المكره أن المتعاقد الآخر كان يعلم أو كان من المفروض حتماً أن يعلم بهذا الإكراه (مادة 129 مدني).

     2 – أن تكون الرهبة الناتجة عن الإكراه قائمة على أساس، كأن تصور ظروف الحال للطرف الذي يدعي الإكراه أن خطر جسيمة محدقا يهدده هو أو غيره في النفس أو الجسم أو الشرف أو المال.

    ويراعى في تقدير الإكراه جنس من وقع عليه هذا الإكراه، وسنه، وحالته الاجتماعية والصحية، وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر في جسامة الإكراه (مادة 128 مدني).

    2- الأهلية

    فما يتعلق بالأهلية لا بد من التمييز بين الشخص الطبيعي وبين الشخص الاعتباري .

     الشخص الطبيعي:

    يجب أن يكون الرضا في عقد الشركة صادرة عن ذي أهلية.

     والأهلية اللازمة لإبرام عقد الشركة هي أهلية التعاقد، أي أهلية الرشيد البالغ من العمر ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة، ومتمتعة بقواه العقلية، ولم يحجر عليه (مادة 46مدني).

    وعلى ذلك لا يجوز للقاصر دون سن الثامنة عشرة أن يبرم عقد شركة مع آخرين، وإلا كان عقد الشركة باطلاً بطلاناً نسبياً لا يتمسك به إلا القاصر وحده، ذلك أن هذا البطلان مقرر لمصلحته، طالما أن هذا التصرف يدور بين النفع والضرر (مادة112 مدني).

    على أنه إذا بلغ الصبي المميز الخامسة عشرة من عمره وأذن له في تسلم أمواله لإدارتها، أو تسلمها بحكم القانون، فإن هذا الإذن في الاتجار لا يكفي لوحده لجعله أهلا للدخول في شركة تضامن أو توصية كشريك متضامن، لأن مخاطر اكتساب صفة الشريك المتضامن أكبر من مجرد مباشرة التجارة، لأنه يكون مسؤولا مسؤولية شخصية وتضامنية عن التزامات الشركة.

     ولابد من الحصول على إذن خاص وصريح من الولي أو الوصي أو المحكمة لإبرام عقد الشركة.

    على أن تصرف القاصر المأذون له يعد صحيحا إذا لم يكن دخوله في الشركة يكسبه صفة التاجر ويجعله مسؤولا عن التزامات الشركة مسؤولية غير محدودة.

     كأن يشتري حصة شريك متضامن في شركة توصية ويتفق مع شركائه على تحويل صفته من متضامن إلى موص؛ أو أن يدخل شريكا في شركة محدودة المسؤولية فعندئذ لا يشترط لذلك إلا توفر الأهلية العامة للتصرف، حتى ولو كان لهذا التصرف صفة العمل التجاري. وبالنسبة للأجانب الذين يشترط قانون بلدهم الحصول على إذن الزوج لتستطيع الزوجة القيام بالاتجار، فإن هذا الإذن العام بالاتجار لا يكفي لأن تدخل الزوجة شريكاً متضامناً في شركة تضامن أو توصية بل لابد من حصولها على إذن خاص بذلك.

    كذلك لا يجوز للولي أو الوصي على القاصر أن يبرم عقد شركة أشخاص لمصلحة القاصر يكون فيها القاصر شريكاً متضامناً، لما يترتب على ذلك من اكتساب القاصر لصفة التاجر ومسؤوليته الشخصية والتضامنية عن التزامات الشركة.

     ومع ذلك يجوز للولي أو الوصي أن يوظف أموال القاصر بشراء أسهم له في شركة مساهمة لأنه بذلك لا يكتسب صفة التاجر وتكون مسؤوليته محدودة بحدود قيمة الأسهم التي يملكها في رأس مال الشركة.

    وكذلك لا يجوز للأب أن يبرم عقد شركة مع ابنه الذي لا يزال خاضعة لولايته، وكذلك الأمر بين الوصي والقاصر إلى أن يبلغ القاصر سن الرشد، وقد روعي في هذا المنع درء فطنة إساءة استعمال السلطة وتغليب مصلحة الأب أو الوصي على مصحة الابن أو القاصر.

    الشخص الاعتباري

    إذا كان الشريك شخصاً اعتبارياً من القطاع الخاص كالشركة أو العام كالدولة أو إحدى الإدارات العامة، فلابد أن يكون من يبرم عقد الشركة هو النائب القانوني لهذا الشخص الاعتباري كمدير الشركة أو رئيس مجلس الإدارة.

    وبالتالي فإن هذا النائب القانوني هو من يقوم بتمثيل الشخص الاعتباري في الشركة ويمارس حقوقه فيها.

    3- المحل:

    يجب أن يكون محل الشركة معينة في عقد الشركة وأن لا يكون مخالفة للنظام العام .

    المطلب الأول – تحديده محل الشركة

    هو المشروع المالي الذي اشترك من أجله أطراف العقد وخصصت له حصص الشركاء الذين يسعون لتحقيقه.

    فهو موضوع النشاط الذي ستوجه إليه أموال الشركة.

    ويجب أن يكون موضوع الشركة محددة، إذ لابد من تعيين موضوع الشركة تعيينا كافياً ( مادة 134 مدني). فلا يجوز إبرام شركة لممارسة التجارة من غير تحديد نوعها،

    وهذا ما يحصل في الواقع العملي، عندما يعمد الشركاء إلى تحديد موضوع الشركة “بالتجارة العامة” أو بعدد من المشاريع المختلفة، بحيث تستطيع الشركة ممارسة أي واحد منها دون حاجة لتعديل عقدها أو الحصول على ترخيص جديد بتأسيسها في حال كانت الشركة من نوع المحدودة المسؤولية؛

    في مثل هذه الحالة فإن العبرة تكون للنشاط الذي تمارسه الشركة فعلية وليس وفقا لما نص عليه عقد الشركة.

    فإذا كان النشاط الفعلي للشركة يخرج عن نطاق موضوعها المحدد في العقد جاز لكل ذي مصلحة أن يأخذ بهذا الواقع.

    وتظهر أهمية تعيين موضوع الشركة لتحديد صفة الشركة التجارية أو المدنية، بالنسبة الشركات الأشخاص، كما يظهر ذلك في تحديد شكل الشركة في شركات الأموال.

    فتعاطي العمل المصرفي والتأمين مثلا محظور على الشركات محدودة المسؤولية، وبالتالي قد يتوقف شكل الشركة على تعيين موضوعها.

    كذلك إذا تعاطت شركة مدنية مشروعا تجاريا، اكتسبت صفة التاجر وجاز شهر إفلاسها، تطبيقا لأحكام الصورية عامة.

     المطلب الثاني – أن يكون المحل مشروعاً

    يجب أن لا يكون محل الشركة مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة وإلا كانت الشركة باطلة بطلاناً مطلقا (مادة 136 مدني).

     فلا يصح أن تتكون شركة مثلاً بقصد الاتجار بالرقيق أو بالمخدرات أو بتهريب البضائع الممنوعة أو إدارة محال للدعارة، وإلا كانت الشركة باطلة بطلاناً مطلقاً، ويجوز التمسك بهذا البطلان ممن له مصلحة، ولا يزول هذا البطلان بالتقادم لأنه عيب دائم ومستمر.

    كذلك يجب أن يكون محل الشركة ممكناً، أي قابلا للتحقيق وليس مستحيلاً في ذاته (مادة 133 مدني).

    فإذا قام مانع يحول دون ذلك، كاحتكار صناعة الأسلحة مثلا، فيكون محل عقد الشركة في تصنيع السلاح الحربي مستحيل التحقيق ويشوبه البطلان، وتنقضي الشركة لأن نشاطها أصبح ممنوع قانوناً.

    4- السبب:

     الأصل أنه يجب أن يكون للالتزام سبب وإلا كان العقد باطلا لعدم توفر السبب أو إذا كان السبب مخالفاً للنظام العام أو الآداب (مادة 137 مدني).

    ويقصد بالسبب الباعث الدافع على التعاقد، ويتمثل الباعث في تحقيق غرض الشركة المتمثل في استغلال مشروع مالي معين.

     ويرى البعض بأن السبب يختلط بمحل العقد، بحيث يصبح المحل والسبب في عقد الشركة شيئا واحدا، وعلى ذلك إذا انصب محل عقد الشركة على استغلال غير مشروع، فإن العقد يلحقه البطلان لعدم مشروعية المحل والسبب في آن واحد.

     ويرى أستاذنا الدكتور جاك الحكيم : “بأن السبب غير المشروع يختلف عن المحل غير المشروع بأن المحل يكون غير مشروع بذاته لأن القانون يحظر حيازته أو التعاقد عليه كما هو حال موضوع الشركة إذا تعلق بتجارة الرقيق مثلا، أما الباعث غير المشروع، فقد يرد على محل مشروع ولكنه يستهدف تحقيق هدف غير مشروع لولاه لما أقدم صاحبه على التعاقد ويطلق على ذلك الهدف ” الباعث الدافع المؤثر للتعاقد”  

    فتأسيس شركة لغرض مشروع صحيح بمحله. لكن إذا استهدف منه الشركاء تهريب النقد إلى الخارج أو تهريب البضائع، أضحى العقد غير مشروع إذا اشتركوا في تحقيق ذلك الهدف، لذلك أطلقت بعض القوانين بالمعنى المذكور “سبب العقد” لأنه يتناول المتعاقدين كافة.

    ويعد البطلان الناجم عن السبب غير المشروع بطلاناً مطلقاً يجوز لكل ذي مصلحة التمسك فيه باستثناء المتعاقد الذي سعى لتحقيق الهدف المحظور وذلك عملاً بالقاعدة الرومانية القائلة: “ليس للمرء أن يتمسك بفعله الشائن”، وعليه فإذا استهدف أحد من الشركاء الشركة التي أسسها تلافي الحظر الذي يخضع إليه في تعاطي مهنة معينة (لسبق الحكم عليه مثلاً بجريمة ارتكبها خلافا لواجبات المهنة)، أمكن كل ذي مصلحة طلب الحكم ببطلان ذلك العقد، غير أنه تعذر ذلك على الشريك المذكور.

     ونشير إلى أن سبب الشركة هو غرضها وهو يختلف عن سبب التزام كل شريك والذي يتمثل في قصد الدخول في الشركة لتحقيق ربح واستثمار الأموال.

    ويجوز أن يتعدد غرض الشركة مبدئيا، على أنه في هذه الحالة يجب أن يكون هناك ارتباط وتجانس بين أغراض الشركة عند تعددها.

    كما يجوز أن يكون للشركة غرض أساسي وبعض الأغراض المساعدة أو المكملة لهذا الغرض الأساسي.

     وسبب جواز تعدد أغراض الشركة هو الفائدة العملية والاقتصادية خاصة وذلك عندما يكون الغرض الأساسي من إنشاء الشركة يحتاج إلى فترة معينة لتحقيق أرباح فتكون الأغراض الأخرى أو المكملة سريعة العائد للإنفاق على المشروع وتشجيع المساهمين على الاكتتاب.

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1