الوسم: مكتب محاماة

  • ماهي إجراءات تأسيس وتسجيل وإشهار شركة التضامن؟

    تأسيس شركة التضامن

    يتطلب تأسيس شركة التضامن إبرام عقد الشركة فيما بين الشركاء ومن ثم طلب تسجيل أو تأسيس الشركة من أجل شهر الشركة.

    إبرام عقد الشركة بعد أن يتفاهم الشركاء على إنشاء شركة فيما بينهم يبادرون إلى إبرام عقد الشركة، ويكون ذلك عملياً بتنظيمه من قبل محام، يتولى تنظيم علاقة الشركاء فيما بينهم وفقاً لما اتفقوا عليه وبما نص عليه قانون الشركات.

     هذا وقد نصت الفقرة الثالثة من المادة 32 على أنه:

    “يجب أن يتضمن عقد الشركة البيانات التالية:

     أ- عنوان الشركة.

     ب- نوع الشركاء.

    ج- أسماء الشركاء وجنسيتهم وموطنهم المختار.

     د- موضوع الشركة.

    هـ – مركز الشركة وفروعها إن وجدت.

     و- رأسمال الشركة وحصص كل من الشركاء بما فيها المقدمات العينية أو العمل وكيفية تسديد هذه الحصص أو تقديمها.

     ز- تاريخ تأسيس الشركة ومدتها.

    ح- كيفية إدارة الشركة وأسماء المفوضين بالإدارة والتوقيع عن الشركة وصلاحياتهم ومدة تعيينهم.

     ط- نصاب مجلس الشركاء والأغلبية المطلوبة لاتخاذ القرارات.

     ي- السنة المالية للشركة وكيفية توزيع الأرباح والخسائر.

    ك- أسلوب حل النزاعات بين الشركاء .”.

     ويلاحظ أن البيانات السالفة الذكر قد فرض المشرع و أوجب ضرورة ذكرها في عقد الشركة، وبالتالي فهي بيانات إلزامية، ولا نرى مبرر إلزام الشركاء على ضرورة إيراد أسلوب حل النزاعات فيما بينهم في عقد الشركة، ولطالما كان هذا الموضوع اختيارية.

    إجراءات تسجيل الشركة وشهرها

    قبل صدور قانون الشركات رقم 3 لعام 2008 كان تسجيل شركات الأشخاص وشهرها يقتضي إيداع نسخة من عقد الشركة في ديوان محكمة البداية المدنية ومن ثم طلب تسجيله في سجل التجارة في السجل الخاص بالشركات، وبالإيداع والتسجيل تكتمل عملية شهر الشركة.

    وبعد صدور قانون الشركات اقتصر شهر الشركة على تسجيل عقدها في سجل التجارة، وألغي إجراء الإبداع، ويكون الشهر بتقديم طلب تسجيل عقد الشركة أو تعديلاته إلى أمين سجل التجارة الذي يحق له الموافقة على طلب التسجيل أو رفضه مع حق الشركاء بالاعتراض والطعن بقرار الرفض أمام القضاء.

     أولا ً- تسجيل الشركة

    يقدم الشركاء طلب تسجيل الشركة إلى أمين سجل التجارة الموجود في مركز الشركة مرفقاً به نسخة عن عقد الشركة، ويجري التوقيع على طلب التسجيل وعقد الشركة من قبل جميع الشركاء أمام أمين السجل أو من يقوم مقامه أو أمام الكاتب بالعدل أو أمام أي موظف يحدده وزیر الاقتصاد والتجارة (مادة1/32 شركات).

     ويجب أن يتضمن طلب التأسيس البيانات التالية:

     أ- عنوان الشركة

    ب- أسماء الشركاء وجنسياتهم وموطنهم المختار .

     ج- موضوع الشركة.

     د- نوع الشركة.

     هـ- مركز الشركة وفروعها إن وجدت.

     و- رأسمال الشركة وحصص كل من الشركاء.

     ز- مدة الشركة.

    ح- أسماء المديرين وأسماء المفوضين بالإدارة والتوقيع عن الشركة وصلاحيتهم ومدة تعيينهم. (مادة 2/32 شركات).

     يقوم أمين سجل التجارة بقيد الشركة في سجل الشركات خلال يومي العمل التاليين لاستلامه الطلب وتصريح المديرين بتوافر الشروط اللازمة لتوليهم لهذا المنصب، ويمنح ذوي العلاقة شهادة بتسجيلها إن اكتملت كافة الوثائق والشروط التي أوجبها قانون الشركات أو تعليماته التنفيذية الصادرة عن وزارة الاقتصاد والتجارة. (مادة 4/32 شركات).

    غير أنه يحق لأمين سجل التجارة رفض تسجيل الشركة أو تسجيل أي تعديل على عقدها، خلال مهلة يومي العمل التاليين لاستلام طلب تسجيل عقد الشركة أو تعديله، إذا كان طلب تسجيل الشركة أو كان عقد تأسيسها أو طلب تسجيل تعديلها أو عقد الشركة المعدل لا يتضمن المعلومات والبيانات التي يفرضها القانون أو إذا كان عقد الشركة مخالفة للقانون أو النظام العام، وفي هذه الحالة يقوم أمين السجل بإعلام الشركاء أو من يمثلهم بالمخالفات الموجودة ليتولوا استدراكها.

     ثانياً – حق الاعتراض والطعن بقرار رفض التسجيل

    إذا رفض أمين سجل التجارة قيد الشركة في سجل الشركات خلال يومي العمل التاليين الاستلامه طلب التسجيل، فإن الشركاء الاعتراض على قرار الرفض خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تبلغهم قرار أمين السجل برفض التسجيل، ويقدم هذا الاعتراض إلى أمين سجل التجارة نفسه فإما أن يقبل الاعتراض ويقيد الشركة في سجل الشركات أو أن يرفض الاعتراض ويؤكد قراره برفض قيد الشركة.

     وفي حال رفض أمين سجل التجارة الاعتراض المقدم من الشركاء جاز لأي شريك أو للمدير الطعن بقرار الرفض أمام محكمة البداية المدنية الموجودة في مكان وجود أمانة سجل التجارة، وعادة تنظر محكمة البداية المدنية الأولى بمثل هذه الطعون، ويتوجب على محكمة البداية أن تبت في موضوع الاعتراض على وجه السرعة وذلك بقرار مبرم (مادة 5/32 شركات).

     ثالثا – شهر التعديلات

     يتوجب على الشركاء تسجيل أي تعديل يطرأ على عقد الشركة في سجل الشركات، وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ وقوع هذا التعديل. ويقدم الشركاء طلب تعديل عقد الشركة إلى أمين سجل التجارة وتذكر فيه التعديلات المطلوب إدخالها على عقد الشركة وترفق به نسخة عن عقد الشركة متضمنا التعديلات التي أدخلت عليه.

     ويجري التوقيع على طلب التعديل و على عقد الشركة المعدل من قبل جميع الشركاء أمام أمين سجل التجارة أو من يقوم مقامه أو أمام الكاتب بالعدل أو أمام أي موظف يعينه وزير الاقتصاد والتجارة (مادة6/32 و 7 شركات).

    ومن الأمثلة على هذه التعديلات تبديل المديرين وأسماء المفوضين بالإدارة والتوقيع عن الشركة، أو انضمام شريك جديد أو انسحاب أحد الشركاء من الشركة، أو تحويل نوع الشركة من تضامن إلى توصية أو محدودة المسؤولية … الخ.

    وبما أن المشرع فرض شهر عقد الشركة أو ما يطرأ عليه من تعديلات، فإن عدم ذكر أي نص يهم الغير في عقد الشركة المودع لدى أمانة سجل التجارة أو في الوثائق المتممة له يجعل هذا النص غير نافذ في حق ذوي الشأن، كما أن عدم شهر التعديلات التي أدخلت على عقد الشركة يجعل هذه التعديلات غير نافذة في حق الغير، وبالتالي تبقى نافذة وصحيحة بالنسبة للشركاء أو أطراف هذا التعديل (مادة 8/32 شركات).

     فإذا انسحب أحد الشركاء من الشركة دون أن يشهر هذا الانسحاب، فإنه يعتبر كأنه لا يزال شريكاً فيها ويظل مسؤولاً عن ديون الشركة ولو كانت لاحقة على انسحابه.

    كما أن عدم تسجيل الشركة وشهرها يؤدي إلى عدم اكتسابها الشخصية الاعتبارية وإلى بطلانها وعدها شركة فعلية وتكون مسؤولية الشركاء فيها تضامنية، وهذا ما سبق لنا بحثه بالتفصيل.

  • اكتساب الشريك صفة التاجر في الشركات التضامنية

     لما كان كل شريك في شركة التضامن مسؤولا بصفة شخصية وبوجه التضامن عن ديون الشركة، فإنه يعد يتعاطى بنفسه التجارة تحت عنوان الشركة.

     وبالتالي يكتسب الشريك في شركة التضامن صفة التاجر (مادة /29 شركات)، بشرط أن يكون موضوع الشركة تجاريا، ذلك أن شركة التضامن تعد شركة تجارية بموضوعها، وبالتالي فإنها لا تكتسب صفة التاجر ومن ثم الشركاء فيها لا يكتسبون هذه الصفة ما لم يكن موضوع عملها ذو صفة تجارية.

    2 ويترتب على ذلك أن الشريك المتضامن يجب أن تتوافر فيه الأهلية التجارية، أي أن يكون متمتعاً بكامل الأهلية (مادة 4/29شركات).

    بيد أنه لا يلتزم بمسك الدفاتر التجارية ولا بالقيد في السجل التجاري إذا لم تكن له تجارة مستقلة عن الشركة، وذلك اكتفاء بدفاتر الشركة التي يتضح منها مركز سائر الشركاء فيها وبذكر اسمه ضمن البيانات الخاصة بالشركة في السجل التجاري.

     وإن أهم ما يترتب على اكتساب الشريك المتضامن صفة التاجر من آثار هو أن إفلاس الشركة يؤدي بحكم القانون إلى إفلاس كل الشركاء شخصية (مادة 3/29 شركات).

     فإذا توقفت الشركة عن دفع ديونها وتوقف الشريك المتضامن عن دفع ديون الشركة، فإن ذلك يؤدي إلى شهر إفلاس الشركة ومن ثم شهر إفلاس جميع الشركاء المتضامنين فيها.

    وإذا كان شهر إفلاس شركة التضامن يؤدي إلى شهر إفلاس الشركاء المتضامنين، فإن العكس غير صحيح.

    ذلك أن شهر إفلاس الشريك المتضامن لا يؤدي إلى شهر إفلاس الشركة، لأن الشركة لا تكون مسؤولة عن ديون الشركاء الشخصية، ولأن الشركاء الآخرين قد يتمكنون من الوفاء بديونها إذا ما أفلس أحد الشركاء.

     وإنما يترتب على إفلاس الشريك إلى حل الشركة وانقضائها، وفقاً لما ذكرناه سابقاً، في الحالات الخاصة لانقضاء الشركات التي تقوم على الاعتبار الشخصي.

  • ماهي شركة التضامن وماهو عنوانها؟

    شركة التضامن

    تعد شركة التضامن من أبسط الشركات التجارية، وهي شكل قديم من أشكال الشركات، ونموذج شركة الأشخاص القائمة على الاعتبار الشخصي.

     وقد عرف قانون الشركات شركة التضامن بأنها:

     “شركة تعمل تحت عنوان معين تتألف من شريكين أو أكثر يكونون مسؤولين بصفة شخصية وبوجه التضامن في جميع أموالهم عن التزامات وديون الشركة”. (مادة 1/29 شركات)).

     وقد أبرز هذا التعريف الخاصة الجوهرية لشركة التضامن، وهي مسؤولية الشركاء الشخصية والتضامنية عن ديون الشركة، كما أكد أن الشركة تعمل تحت عنوان معين وهو ما يبرز تأثر الشركة بشخصية الشركاء أو أحدهم، وفي الواقع يعد عنوان الشركة من طبيعة شركة التضامن إلا أنه ليس من مستلزماتها، أي ليس شرطاً جوهرياً لوجود شركة التضامن، وإن كانت هذه الشركة تتخذ على الغالب عنواناً خاصاً بها.

     وقد أكدت الفقرة الثانية من المادة 29 من قانون الشركات على اكتساب الشريك في شركة التضامن صفة التاجر ويعتبر كأنه يتعاطى التجارة بنفسه تحت عنوان الشركة.

    عنوان الشركة

    لشركة التضامن عنوان يميزها عن غيرها، يتفق الشركاء على إعطائه للشخص الاعتباري ليظهر به أمام الجمهور، وتوقع به التعهدات التي تتم لحساب الشركة.

     ويتألف عنوان الشركة من أسماء الشركاء، حتى يتسنى للغير العلم بشخصية الشركاء الذين يكمل انتمائهم ائتمان الشركة وتكون أموالهم ضامنة للوفاء بديونها، استناداً لمسؤوليتهم الشخصية والتضامنية عن التزامات وديون الشركة، كما سنرى.

     وليس من الضروري ذكر أسماء جميع الشركاء خاصة إذا كان عددهم كبيرة، بل يكفي ذكر اسم واحد أو أكثر من الشركاء مع إضافة كلمة أوشركاؤهم” أو بما معناها وذلك للدلالة على شخصية الشركة المستقلة عن شخصية الشركاء والإعلام الغير بوجود شركاء غيره في الشركة التي يتعاملون معها.

    ويكون الاسم المذكور وحده في العنوان هو اسم أهم الشركاء، عادة، وأكثرهم جذبا للائتمان.

    ويجب أن يتوافق عنوان الشركة مع أسماء الشركاء الحاليين فيها (مادة 2/30شركات).

     وبالتالي يجب رفع اسم الشريك من عنوان الشركة وذلك في حالة وفاته أو انسحابه أو خروجه من الشركة، إذا لم يرد في عقد الشركة نص يقضي عليها في مثل هذه الأحوال.

    غير أنه يحق للشركاء أو لورثتهم في حال وفاة جميع الشركاء أو بعضهم الطلب من أمين سجل التجارة الإبقاء على اسم الشركاء المتوفين في عنوان الشركة، إذا كان هذا الاسم قد اكتسب شهرة تجارية، شرط أن تتم الإشارة إلى ما يفيد استخلاف اسم هذه الشركة، كإضافة عبارة “خلفاء فلان” مثلا.

     ومبرر ذلك الاستفادة من الشهرة التجارية لعنوان الشركة، ولكي لا يعتقد الغير بقيام شركة جديدة بدلا من الشركة القديمة.

    ولا يجوز أن يتضمن عنوان الشركة إلا أسماء الشركاء، فإذا تضمن اسم شخص أجنبي عن الشركة مع علمه بذلك، أي أن يرضى عن علم بإدراج اسمه في عنوان الشركة، كان هذا الشخص مسؤولا على وجه التضامن عن ديونها.

     وفي ذلك تنص الفقرة الثالثة من المادة 30 من قانون الشركات بأن:

     “3- كل شخص أجنبي عن الشركة يرضى عن علم بإدراج اسمه في عنوان شركة يصبح مسؤولاً بصفته الشخصية وبوجه التضامن عن ديونها تجاه أي شخص ينخدع بذلك”.

     وطبقا لهذا النص يكون الشخص الأجنبي الذي أدرج اسمه في عنوان الشركة مسؤولاً عن دیونها مسؤولية شخصية تضامنية.

     إلا أن هذا الحكم ليس مطلقا وإنما اشترط القانون لتطبيقه توافر شرطين:

     1– أن يكون الشخص الأجنبي عالما بإدراج اسمه في عنوان الشركة، فهو بذلك قد رضي بمعاملة الشريك المتضامن في الشركة.

    أما إذا كان صاحب الاسم يجهل إدراج الشركاء لاسمه في عنوان الشركة، فإنه لا يجوز إلزامه بديون الشركة.

     2– أن ينخدع الغير من إدراج اسم الشخص الأجنبي في عنوان الشركة.

    ويعني ذلك اعتقاد الغير بحسن نية أن الشخص المدرج اسمه في عنوان الشركة إنما هو شريك فيها، أو بعبارة أخرى أن الغير يجهل بأن صاحب الاسم ليس في الحقيقة شريكاً في الشركة.

     وأساس ذلك وجوب حماية الغير حسن النية الذي اعتمد بالأوضاع الظاهرة وتعامل مع الشركة باعتبار الشخص الوارد اسمه في عنوان الشركة شريكا فيها.

     إلا أن الاعتداد بالأوضاع الظاهرة في هذا المقام رهن بخطأ يرتكبه صاحب الاسم الذي يرضى عن علم بإدراج اسمه في عنوان الشركة ولا يعارض في ذلك ويطالب بإزالة اسمه من عنوان الشركة.

     وذلك لأنه في الفرض العكسي يجب حماية صاحب الاسم الذي يجهل بالواقعة، ولا يمكن بالتالي نسبة ثمة خطأ إليه.

    ويكون عبء الإثبات واقعاً على عاتق الشخص الذي يدرج اسمه في عنوان الشركة، إذ يتوجب عليه أن يثبت أنه كان يجهل بواقعة إضافة اسمه إلى العنوان أو أنه عارض بشكل ثابت هذا الإدراج، أو إثبات سوء نية الغير وعلمه بأن صاحب الاسم ليس شريكاً في شركة التضامن: ويمكن إثبات ذلك بكافة وسائل الإثبات لأنها مسألة تتعلق بالواقع.

    وتجدر الإشارة إلى أن القانون لم يتعرض لصفة هذا الشخص الأجنبي، ونلاحظ أنه لم يعده شريكاً كسائر الشركاء الحقيقيين في الشركة، فلا يجوز بالتالي منحه صفة التاجر.

     واقتصر الحكم على اعتباره مسؤولاً عن ديون الشركة بصفته الشخصية وبوجه التضامن.

    وقد تتخذ شركة التضامن تسمية مبتكرة لها وهي عبارة يراعى فيها الطرافة أو الابتكار، وتضيفها إلى عنوانها، مثل “سيدتي الجميلة، لكن لا يجوز التوقيع على تعهدات الشركة بهذه التسمية، وإنما يجب أن يتم التوقيع بعنوان الشركة.

  • كيف تتم عملية تصفية الشركة واغلاقها؟

    أعمال التصفية

     أولاً – واجبات المصفي وصلاحياته:

    تتحدد سلطات المصفي وواجباته في سند تعيينه، سواء كان ذلك السند هو عقد الشركة أم قرار المحكمة. فإن خلا هذا السند من مثل هذا التحديد، فإن قانون الشركات نص على هذه الواجبات والصلاحيات.

     1 – واجباته:

     أ – استلام موجودات الشركة وجردها:

    يتم تسليم المصفي دفاتر الشركة وسجلاتها ومستنداتها وأوراقها وأموالها وجميع أصولها، وينظم سجلات خاصة بعملية التصفية تتضمن ما للشركة من مطاليب أو حقوق وما عليها من التزامات، ويحق لأي من الشركاء الاطلاع على سجلات التصفية المذكورة آنفا (مادة 1/24 شركات).

     ب – دعوة الدائنين :

    يجب على المصفي خلال ثلاثة أشهر من تاريخ شهر تعيينه نشر إعلان في صحيفتين يوميتين ولمرتين على الأقل يتضمن دعوة الدائنين لمراجعة مقر الشركة وبيان دين كل منهم وعنوانه خلال مهلة تسعين يوما من تاريخ الإعلان الأول (مادة 3/24/ شركات).

    وفي حال عدم تقديم أي دائن للشركة بمطالبته خلال مهلة تسعين يوما من تاريخ الإعلان الأول، جاز له بعد انقضاء هذه المهلة وقبل انتهاء التصفية تقديم مطالبته، على أن تصبح مرتبة هذه المطالبة بعد مرتبة الدائنين الذين تقدموا بمطالبتهم خلال المهلة المحددة، أي مهلة التسعين يوما.

    وعليه فإن الدائن المهمل أو غير العالم بالإعلان لا يسقط حقه بالمطالبة وإنما يتقدمه الدائنون الذين تقدموا بمطالبتهم خلال المهلة المحددة قانونا.

     ج – تحصيل أموال الشركة ووفاء ديونها:

    يقوم المصفي بالأعمال اللازمة لتحصيل ما للشركة من ديون في ذمة الغير أو في ذمة الشركاء، ووفاء ما عليها من الديون وذلك حسب الأولوية المقرر قانونا (مادة 5/24 شركات).

     وبناء على ما تقدم، يحق للمصفي أن يطالب مديني الشركة بالوفاء ويطالب الشركاء بتقديم ما تعهدوا به من حصص.

     وفي شركات التضامن والتوصية، إذ للمصفي مطالبة الشركاء المتضامنين بأداء المبالغ اللازمة لتسديد الديون في حال عدم كفاية أموال الشركة لتسديدها (مادة 10/24 شركات).

     وفيما يتعلق بحقوق الشركة تجاه الغير، فإنه يجب التمييز بين الديون العاجلة والديون الآجلة. فيحق للمصفي مطالبة مديني الشركة بأداء الديون العاجلة.

    أما بالنسبة إلى الديون الآجلة فيتعين على المصفي احترام آجال الديون، ولا يترتب على انقضاء الشركة سقوط آجال الديون.

    وفي حال امتناع المدين عن الوفاء بالديون التي تكون مستحقة الدفع، فإنه يتعين على المصفي اتخاذ الإجراءات الاحتياطية والتنفيذية للمحافظة على حقوق الشركة، فضلا عن إمكانية تقدمه بطلب شهر إفلاس مدين الشركة التاجر إذا كان دين الشركة تجارية.

     ويجب على المصفي قيد الرهون المقررة لمصلحة الشركة، وقطع التقادم حفاظاً على حقوق الشركة.

    د – الامتناع عن القيام بأعمال جديدة:

    إن تصفية الشركة يقتضي وقف استثمار المشروع الذي أسست لأجله و عدم القيام بأعمال جديدة. على أن المحافظة على أموال الشركة، قد تستوجب متابعة استثمار مشروعها للمحافظة على قيمته وزبائنه وتنفيذ عقود تعود بالنفع على الشركة. لذلك أجاز المشرع للمصفي بأن يقوم بإنجاز أعمال الشركة العالقة وتنفيذ العقود القائمة قبل التصفية (مادة 5/24/ شركات).

    فعليه متابعة تسليم البضائع المباعة ودفع ثمن المشتريات السابقة وإبرام عقود النقل والتأمين واستخدام اليد العاملة اللازمة لمتابعة تنفيذ العقود القائمة.

    هـ – عدم القيام بالتصرفات الخطيرة أو التبرعية:

    لا يجوز للمصفي قبل الحصول على موافقة الشركاء الذين يملكون أغلبية رأس مال الشركة أو موافقة الهيئة العامة للشركة، أن يعقد أي تسوية مع دائني الشركة نيابة عنها أو أن يتخلى عن أي رهن أو تأمين أو ضمان مقرر لمصلحتها، كما لا يجوز له أن يبيع موجوداتها وأموالها ومشاريعها صفقة واحدة دون الحصول على هذه الموافقة (مادة 8/24 شركات).

     و – وضع الميزانية السنوية:

    إذا تجاوزت مدة التصفية عامة واحدة، وجب على المصفي أن يضع الميزانية السنوية للشركة ويتولى نشرها في صحيفتين يوميتين على الأقل (مادة

    2/24 شركات).

     2- صلاحيات المصفي:

     يجوز للمصفي تعيين الخبراء اللازمين لمساعدته في أعمال التصفية.

     كما يجوز له أن ينيب شخصا آخر أو أكثر في اتخاذ إجراء أو القيام بعمل مما يدخل في نطاق التصفية. ويكون للمصفي الصلاحية لتمثيل الشركة أمام المحاكم في الدعاوى المقامة من الشركة أو عليها واتخاذ أي إجراء احترازي للمحافظة على مصالحها وتوكيل المحامين باسم الشركة (مادة 7/24 شركات).

    ويمكن للمصفي أن يعقد تحكيما في المنازعات المتعلقة بالأعمال التي تدخل ضمن حدود سلطته.

    وبما أن وفاء ديون الشركة وقسمة أموالها بين الشركاء يقتضي عادة تحويلها إلى نقد، فإنه للمصفي أن يبيع هذه الأموال بالمزاد أو التراضي ما لم تقيد سلطته في قرار التعيين.

     3 – بطلان التصرفات أثناء التصفية:

    حظر المشرع على المصفي القيام ببعض التصرفات التي تتعارض مع أعمال التصفية وغايتها، فاعتبر التصرفات التالية باطلة إذا تمت في فترة التصفية:

     أ- إبرام عقود باسم الشركة للاستمرار بعملها.

    وهذا يتنافى مع الحظر الذي فرضه المشرع من مواصلة استثمار مشروع الشركة، وقد يؤدي إلى جعلها شركة فعلية إذا تابعت نشاطها رغم انحلالها بسبب آخر غير حلول أجلها.

    ب – التصرف بحصص الشركاء أو بأسهمها.

    ج – أي تصرف من شأنه إنقاص أموال الشركة ما لم يوافق عليه جميع الشركاء أو الهيئة العامة للشركة كأن يتنازل عن ديون الشركة أو حقوقها بدون عوض.

     4 – حقوق الشركاء والمساهمين من التصفية:

    نصت المادة 25 من قانون الشركات على أنه:

     “1 – تستعمل أموال وموجودات و حقوق الشركة في تسوية الالتزامات المترتبة عليها وفق الترتيب التالي:

     أ- نفقات التصفية وأتعاب المصفي.

     ب – المبالغ المستحقة على الشركة للخزينة العامة.

     ج – المبالغ المستحقة على الشركة للعاملين فيها.

     د – الديون المستحقة على الشركة لغير الشركاء فيها.

    هـ – القروض التي قدمها الشركاء للشركة ولم تكن من بين حصصهم في رأس المال.

    2 – يوزع ما تبقى من أموال وموجودات الشركة فيما بين الشركاء والمساهمين كل بنسبة حصته من رأس المال، ويتحمل الشركاء المتضامنون نصيبهم في الخسائر وفقا لحصتهم في رأس المال”

    وسنبحث رد حصص الشركاء ومساهمتهم بشكل مفصل عند عرضنا للقسمة.

    إغلاق التصفية عند انتهاء أعمال التصفية:

     يلزم المصفي بتقديم حساب ختامي عن أعمال التصفية إلى الشركاء وميزانية نهائية إلى الهيئة العامة إن كانت الشركة مساهمة أو محدودة المسؤولية، ويتضمن الحساب الختامي الأعمال والإجراءات التي قام بها لإتمام عملية التصفية ونصيب كل شريك أو مساهم في توزيع موجودات الشركة.

    وبمعنى آخر يظهر الحساب الختامي الميزانية النهائية للشركة التي تظهر الرصيد السالب أو الموجب لموجودات الشركة ومطاليبها والرصيد القابل للقسمة بين الشركاء في حال وجوده، أو حصة كل مساهم في توزيع موجودات الشركة المساهمة.

    وفي الشركات المساهمة والمحدودة المسؤولية يتولى مفتش الحسابات إعداد تقرير عن الحسابات التي قدمها المصفي ويعرضه على الهيئة العامة للشركة لإقراره أو الموافقة عليه، فإذا وافقت الهيئة العامة على التقرير تم إعلان براءة ذمة المصفي، وإلا تقدمت الهيئة العامة باعتراضها مع الحسابات أمام محكمة البداية المدنية التي تبت بهذه الاعتراضات على وجه السرعة.

    هذا ولم يرد في قانون الشركات ما يشير إلى شهر إغلاق التصفية رغم ما يترتب عليه من آثار ولاسيما بالنسبة لانتهاء شخصية الشركة الاعتبارية، على أن انتهاءها لا يحول دون مطالبة دائني الشركة بحقوقهم، ما دامت لم تسقط بعد بالتقادم، وحقهم في التنفيذ على أموال الشركة في حال وجودها وذلك حتى بعد القسمة، وهذا ما سنتناوله بالتفصيل عند بحثنا في التقادم الخمسي الدعاوی دائني الشركة الناشئة عن التصفية نفسها اعتبارا من إغلاق التصفية.

  • ماحي حالات أنقضاء أو حل الشركة؟

    انقضاء وحل الشركات

    مقدمة:

    يقصد بالانقضاء في مجال الشركات انحلال الرابطة القانونية التي تجمع الشركاء فيما بينهم.

    وقد يستند انقضاء الشركاء وانحلال الرابطة إلى إرادة الشركاء أي يكون إرادياً ويطلق عليه الحل، وقد تنقضي الشركة في بعض الأحوال دون إرادة من الشركاء أي بشكل عفوي ويطلق عليه انحلال الشركة.

    ومتى انقضت الشركة فإن آثارها لا تزول عن الوجود حتما أي بمجرد توافر حالة من حالات الانقضاء. فالشركة وقد باشرت نشاطاً وتملكت أموالها في سبيله ودخلت في علاقات قانونية مع الغير لا بد من تصفيتها، وذلك بتسوية المراكز القانونية التي نشأت بمناسبة نشاط الشركة وقسمة أموالها بين الشركاء.

    ورغبة من المشرع في عدم تعليق المراكز القانونية الناشئة بمناسبة الشركة مدة طويلة بعد انقضائها، نص القانون على مدة تقادم قصيرة (مادة 3/25 شركات).

    وسوف نعرض في هذا الفصل الحالات التي يترتب عليها انقضاء الشركات ثم نعرض الآثار التي تترتب على هذا الانقضاء.

    يمكن تقسيم الحالات المختلفة التي تنقضي بها الشركات إلى : حالات انقضاء عامة تنقضي بها الشركات، مهما كان نوعها أو شكلها، وحالات انقضاء خاصة تتعلق بشركات الأشخاص لأن حالات الانقضاء هذه تتعلق بالاعتبار الشخصي للشريك سواء بالنسبة للشركاء الآخرين أو بالنسبة للغير المتعاملين مع الشركة وأيا كان سبب انقضاء الشركة فلا بد من شهره.

    الحالات العامة لانقضاء الشركات

    أولاً : الحالات الإرادية لانقضاء الشركات

    هناك أربعة حالات إرادية لانقضاء الشركات وهي:

    انقضاء المدة المحددة للشركة، وانتهاء المشروع موضوع الشركة، واتفاق الشركاء على حل الشركة، واندماج الشركة في شركة أخرى.

    1 – المبدأ:

    الأصل أن تنتهي الشركة بانقضاء الميعاد المعين لها.

    فلو أسست شركة لمدة معينة، عشر سنوات مثلاً، فإنها تنقضي بانتهاء هذه المدة.

    وقد تكون مدة الشركة قابلة للتعيين، كما لو أسست الشركة لمزاولة نشاط طوال حرب دائرة، فبانتهاء هذه الحرب تنقضي الشركة.

    وقد تكون الشركة غير محدودة المدة، عندها تبقى الشركة قائمة ما دامت تزاول نشاطها.

    ومع ذلك لا يجوز إجبار الشريك على البقاء أبدا فيها، وإنما يجوز له الانسحاب من الشركة.

    ولا يكون الانسحاب مؤثراً في استمرار الشركة ما لم يكن لشخص الشريك اعتبار وهذا ما سنوضحه في طرق الانقضاء الخاصة فيما بعد.

    2 – الاتفاق على استمرار الشركة:

    يجوز للشركاء الاتفاق صراحة على استمرار الشركة بمد أجلها لمدة أخرى. وفي هذه الحالة لا تنقضي الشركة، ولكن يشترط لذلك أن يقع الاتفاق على مد أجل الشركة قبل انتهاء مدتها المنصوص عليها في عقد تأسيسها، وأن يصدر هذا الاتفاق عن جميع الشركاء، أو عن أغلبيتهم المنصوص عليها في عقد تأسيس الشركة، وذلك لأن مد أجل الشركة يعد بمثابة تعديل لأحد شروط العقد، وهذا التعديل لا يجوز إلا بإجماع المتعاقدين، أو بموافقة الأغلبية في حالة النص على ذلك في العقد ذاته أما إذا كان الاتفاق على مد أجل الشركة قد تم بعد انقضاء المدة المحددة من عقد تأسيسها، ففي هذه الحالة نكون بصدد شركة جديدة تألفت على أنقاض الشركة القديمة التي انقضت بانتهاء المدة المحددة لها.

    ويتعين في هذه الحالة اتباع إجراءات التأسيس التي نص عليها القانون بالنسبة للشركة الجديدة.

    وقد يكون تمديد أجل الشركة مستندة إلى اتفاق الشركاء ضمنياً، كما لو استمر الشركاء، بعد انتهاء المدة المحددة للشركة، في مزاولة نفس عمل الشركة.

    وفي هذه الحالة لا تنقضي الشركة ولا تتكون شركة جديدة، بل تستمر الشركة كشخص معنوي.

    3 – اعتراض دائني الشركاء على مد أجل الشركة:

    سواء كان مد أجل الشركة قد تم باتفاق صريح أو ضمني، فإنه يحق لدائني أحد الشركاء الشخصيين أن يعترضوا على هذا التمديد، إذا كان دينهم ثابتا بسند تنفيذي، وذلك كي يستطيعوا التنفيذ على حصة مدينهم عند تصفية الشركة، لأنه إذا كان دائن الشريك لا يستطيع أن ينفذ بحقه

    على حصة الشريك قبل حصول التصفية والقسمة، وجب أن يسمح له بأن يمنع الشريك من أن يؤخر استعماله لحقه في التنفيذ على أموال المدين، وذلك بأن يعترض على تمديد أجل الشركة، فإذا اعترض اعتبرت الشركة منقضية بالنسبة إليه وجاز له التنفيذ على حصة مدينه فيها.

    ومتی اعترض دائن الشريك على هذا التمديد، جاز لسائر الشركاء أن يقرروا إخراج الشريك الذي وقع الاعتراض من جانب دائنيه، بحيث تستمر الشركة فيما بينهم.

    وحينئذ يقدر نصيب هذا الشريك من مال الشركة ومن الأرباح في اليوم الذي تقرر به الإخراج، وذلك حتى يتمكن دائنه من التنفيذ عليه .

    ثانياً – انتهاء المشروع موضوع الشركة:

    إذا اتفق الشركاء عند تأسيس الشركة على بقائها قائمة لتحقيق غرض محدد فإن الشركة تنقضي بانتهاء ذلك الغرض من إنشائها.

    ومن الأمثلة على ذلك تأسيس شركة لإنشاء مجموعة فنادق أو إنشاء مطار أو منطقة سكنية، فتنتهي بانتهاء العمل الذي حددته لنفسها.

    ولكن إذا استمر الشركاء في مزاولة نفس الأعمال التي تأسست من أجلها الشركة، كبناء منطقة سكنية جديدة، فإن عقد الشركة يمتد سنة فسنة وبالشروط ذاتها.

    ومع ذلك يحق لدائني أحد الشركاء الشخصيين الاعتراض على مد الشركة، ويترتب على هذا الاعتراض عدم سريان مد الشركة في مواجهته .

    ثالثا : اتفاق الشركاء على حل الشركة:

    قد يتفق الشركاء على حل الشركة قبل انتهاء المدة المعينة لها.

    ويشترط لذلك إجماع الشركاء على الحل أو موافقة الأغلبية المنصوص عليها في عقد الشركة.

    ففي الشركات المساهمة يشترط لحل الشركة موافقة الهيئة العامة بنسبة 75% من الحصص الممثلة في الاجتماع على ألا تقل هذه الأغلبية عن نصف رأس مال الشركة ( مادة 74 شركات).

    ويشترط للاتفاق على حل الشركة أن تكون الشركة موسرة أي قادرة على الوفاء بالتزاماتها، فلا يعتد بحل الشركة بإرادة الشركاء إذا كانت الشركة في حالة توقف عن الدفع.

    والحكمة من ذلك استبعاد التحايل على أحكام شهر الإفلاس حتى لا يكون الاتفاق على الحل سبيلاً للإفلات من الإفلاس.

    رابعاً : اندماج الشركة في شركة أخرى

    1 – مفهومه:

    تقضي الشركة بناء على رغبة الشركاء قبل انتهاء الأجل المحدد لها إذا ما قرروا إدماجها في شركة أخرى قائمة.

    ويعد الاندماج سبباً خاصاً لانقضاء الشركة، ولكنه ينطبق على جميع أنواع وأشكال الشركات، ذلك أنه يجوز للشركات مهما كان شكلها القانوني الاندماج لتشكيل شركة جديدة مادة 2/219 شركات).

    ويتم الاندماج بإبرام عقد بين شركتين أو أكثر يترتب عليه اتحاد ذمتها المالية بحيث يجتمع جميع الشركاء في شركة واحدة. ويتم الاندماج عملياً بأحد أسلوبين:

    إما بأن تندمج شركة “الشركة المندمجة بشركة أخرى “الشركة الدامجة” بحيث تنقضي الشركة المندمجة وتزول شخصيتها الاعتبارية وتبقى الشركة الدامجة وحدها القائمة بعد الدمج، ويطلق عليه الاندماج بطريق الضم.

    أو باندماج شركتين لتأسيس شركة جديدة تكون هي الشركة الناتجة عن الاندماج بحيث تنقضي الشركتان المندمجتان وتزول شخصيتهما الاعتبارية اعتباراً من تاريخ شهر الشركة الناتجة عن الدمج، ويطلق عليه الاندماج بطريق المزج(مادة 2/218 شركات).

    ويجوز للشركات ذات الشكل القانوني الواحد الاندماج ببعضها كما يجوز للشركات مهما كان شكلها القانوني الاندماج بطريق المزج لتشكيل شركة جديدة.

    ويجوز للشركات التضامينة والتوصية الاندماج بشركات محدودة المسؤولية أو مساهمة، كما يجوز للشركة المحدودة المسؤولية الاندماج بشركة مساهمة أو العكس. وسنبحث لاحقاً بالتفصيل بإجراءات الاندماج وآثاره.

     

    الحالات اللاإرادية لانقضاء الشركات

    تتمثل الحالات اللاإرادية لانقضاء الشركة في حل الشركة بحكم قضائي لسبب مشروع، ونقص عدد الشركاء عن الحد الأدني قانوناً، وهلاك موجودات الشركة، وشهر إفلاس الشركة.

    أولا – الحل القضائي لسبب مشروع:

    نصت المادة 498 من القانون المدني على أنه:

    “1- يجوز للمحكمة أن تقضي بحل الشركة بناء على طلب أحد الشركاء، لعدم وفاء شريك بما تعهد به أو لأي سبب آخر لا يرجع إلى الشركاء، ويقدر القاضي ما ينطوي عليه هذا السبب من خطورة تسوغ الحل.

    2 – ويكون باطلا كل اتفاق يقضي بغير ذلك”.

    ويتضح من هذا النص أن القانون يجيز لكل شريك أن يطلب من المحكمة حل الشركة إذا كان هناك أسباب مشروعة كقيام خلافات هامة بين الشركاء أو عدم تنفيذ أحدهم أو عدد منهم التزاماتهم تجاه الشركة أو كان تنفيذها مستحيلا.

    1 – عدم وفاء شريك بالتزاماته:

    إذا امتنع الشريك عن القيام بما التزم به في عقد الشركة، كأن يمتنع عن تقديم حصته في الشركة أو لم يقم بالعمل المترتب عليه، جاز للشركاء أو للشركة، بعد إعذاره، طلب حل الشركة، ومع ذلك يجوز للشركاء طلب فصل الشريك و استمرار الشركة مع الآخرين، مالم يكن عدم تقديم الشريك الالتزامه يؤدي إلى انتفاء المحل، وإضافة إلى طلب حل الشركة يمكن إلزام هذا الشريك بالتعويض على الشركة والشركاء، وكل ذلك يعد تطبيقا للقواعد العامة ولاسيما المنصوص عليها في المادتين 158 و 159 من القانون المدني فيما يتعلق بالعقود الملزمة للجانبين .

    2 – الخلاف المستعصي بين الشركاء:

    يحق لأحد الشركاء طلب حل الشركة في حالة قيام خلافات هامة بين الشركاء، ويشترط أن تكون الخلافات بين الشركاء هامة، أي على قدر من الجسامة بحيث تعوق أو تعرقل قيام الشركة بنشاطها.

    وبناء عليه، يعد خلافاً هاماً إعاقة نشاط الشركة واتهام الشركاء بعضهم البعض بتبديد أموال الشركة وتزوير دفاترها، مما يتضح منه استحالة استمرار المشاركة بعد ذلك، أو مما يؤدي إلى شل أعمال الشركة من خلال تعنت الشركاء وانقسامهم إلى فئتين متعارضتين بما يؤدي إلى زوال نية المشاركة ويحول دون اتخاذ أي قرار جماعي، ويجعل التعاون بينهم مستحيلاً.

    ولا يلزم بالضرورة أن يترتب على الخلافات بين الشركاء عجز الشركة عن مزاولة نشاطها، وإنما يكفي لطلب الحل أن يترتب على هذه الخلافات تحمل الشركة خسائر فادحة.

    ومعرفة ما إذا كان السبب ينهض مبررا لحل الشركة من عدمه مسألة تتعلق بالواقع يعود أمر البت فيها المحكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية.

    ومع ذلك يجب على القاضي قبل الحكم بالحل أن يقدر وجاهة الأسباب المبررة له، وغالباً يستند القاضي إلى دفاتر الشركة لتحديد مدى تأثير الخلافات بين الشركاء على حسن أداء الشركة.

    وتجدر الإشارة إلى أن طلب حل الشركة لأسباب عادلة يعد حقاً مقرراً لكل شريك في الشركة. ويتعلق هذا الحق بالنظام العام، فيكون باطلا كل اتفاق يحد من حقوق الشركاء في طلب هذا الحل.

    وعند صدور الحكم القاضي بالحل فلا يكون بأثر رجعي، بل تنحل الشركة بالنسبة للمستقبل فحسب.

    ثانياً – تركيز الحصص في يد شريك واحد:

    ذكرنا من قبل أن تعدد الشركاء ركن من أركان عقد الشركة يجب توافره ابتداء وبقاء.

    وبالتالي إذا تركزت ملكية جميع الحصص في يد شريك واحد لم يعد ركن قائماً، فتنقضي الشركة. هذا ويتعذر مبدئياً، على الشريك المتبقي تلافي الانحلال بالتصرف بجزء من حصته إلى الغير أو بإدخاله شريكاً معه، إذ أن الشركة تعد منحلة حكماً ويشكل إدخال شريك فيها تأسيس شركة جديد .

    ولتلافي ما يترتب على ذلك من أعباء ونفقات، فقد أجاز المشرع تصحيح وضع الشركة وتوفيقه مع القانون خلال مهلة ستة أشهر من تاريخ الإنذار الذي توجهه وزارة الاقتصاد والتجارة إلى الشريك مادة 7/18 شركات).

    فإذا انقضت هذه المهلة اعتبرت الشركة منحلة حكما ويكون لكل ذي مصلحة أن يطلب إلى المحكمة الحكم بانحلالها.

    ثالثاً – انتفاء محل الشركة وشهر إفلاسها:

    يتناول محل الشركة كلا من موضوعها ورأسمالها وموجوداتها.

    وإن زوال أي من هذه العناصر أو فقده لمعظم قيمته، أو شهر إفلاسها يؤدي إلى انحلال الشركة، مالم ينتهي الإفلاس بالصلح مع الدائنين فتعود الشركة إلى مزاولة نشاطها.

    1 – زوال موضوع الشركة:

    إذا أسست الشركة للقيام بنشاط معين وتم حصره بالقطاع العام أو ألغى الترخيص الممنوح للشركة لتنفيذ مشروع يحتاج إلى ترخيص، كمنحها رخصة استثمار شبكة هاتف جوال، فإن ذلك يؤدي مبدئياً إلى انحلال الشركة.

    على أن زوال موضوع الشركة لا يؤدي إلى انحلالها مالم يكرس باتفاق الشركاء أو بحكم قضائي بناء على طلب أحدهم.

    فقد توقف الشركة نشاطها فترة من الزمن إلى أن تحل أو تتعاطى مشروعاً آخر تستثمر فيه أو تعدل موضوعها.

    2 – هلاك موجودات الشركة أو إفلاسها:

    تنقضي الشركة بهلاك جميع أموالها أو جزء كبير منها بحيث لا تبقى فائدة من استمرارها مادة 1/495مدني).

    ولا يلزم في هلاك المال الذي يؤدي إلى انقضاء الشركة أن يكون كليا، بل يكفي أن يكون جزئياً ما دام يؤدي إلى عدم قدرة الشركة على مواصلة عملها، كأن يشب حريق في المتجر الرئيسي للشركة ويأتي على البضائع جميعها أو معظمها.

    فالشرط الجوهري لانقضاء الشركة هو أن يترتب على الهلاك عجز الشركة عن الاستمرار في نشاطها أو لا يتسنى للشركة بعد الهلاك القيام باستثمار مفيد.

    ويعود تقدير ذلك إلى قاضي الموضوع لأنه من أمور الواقع.

    وإذا كان أحد الشركاء قد تعهد بأن يقدم حصته شيئاً معيناً بالذات، كأن يتعهد بتقديم حق الانتفاع بشيء معين، فإن هلاك هذا الشي قبل تقديمه يستتبع حل الشركة في حق جميع الشركاء مادة 2/495 مدني).

    ويستند هذا الحكم إلى أن التزام الشريك بتقديم حصة في الشركة يصبح مستحيلاً، ومن ثم ينعدم عنصر أساسي من عناصر الشركة، فتنحل بالنسبة لجميع الشركاء.

    أما هلاك الحصة بعد تأسيس الشركة، فلا يؤدي إلى انحلالها إلا إذا كان لابد منها لتنفيذ مشروعها أو كانت قيمتها هامة لدرجة أن يتعذر استمرار العمل بدونها، وذلك أسوة بموجودات الشركة بصورة عامة .

    4- شهر إفلاس الشركة:

    يقاس على هلاك موجودات الشركة شهر إفلاسها الذي يؤدي إلى حلها لزوال موجوداتها، لأنه بشهر إفلاسها تغل يد الشركاء في إدارة أموالها، ويتم جرد أموالها وتصفيتها من خلال وفاء دیونها، ويوزع الباقي، إن وجد، على الشركاء، فشهر إفلاس الشركة يؤدي إلى انحلالها حتما.

    الحالات الخاصة بانقضاء شركات الأشخاص

    تقوم شركات الأشخاص على الاعتبار الشخصي أي على الثقة المتبادلة بين الشركاء.

    ولهذا الاعتبار أثر هام في تكوين الشركة وبقائها.

    بمعنى أن الاعتبار الشخصي ليس شرط ابتداء فحسب، بل هو شرط بقاء أيضا.

    وبالتالي تنحل الشركة إذا حل بشخص الشريك حادث من شأنه زوال الاعتبار الشخصي.

    ومن هذه الحوادث التي تطرأ على شخصية الشريك وفاته أو فقده الأهلية العامة، أو شهر إفلاسه، أو انسحاب أحد الشركاء. وتعد هذه الطوارئ من الحالات الخاصة التي تنقضي بها شركات الأشخاص، ونعرضها تباعاً

    اولاً: وفاة أحد الشركاء

    إذا توفي أحد الشركاء ترتب على ذلك انقضاء الشركة (مادة1/496 مدني)، سواء أكانت معينة المدة أم غير معينة المدة، ولا يحل، مبدئياً، ورثة الشريك المتوفي محله في الشركة، لأن شخصيته محل اعتبار لدى باقي الشركاء الذين تعاقدوا بالنظر إلى صفات الشريك الشخصية لا الصفات الورثة.

    على أنه قد يؤدي انقضاء الشركة لوفاة أحد الشركاء خطرا على الشركة، ذلك أن الوفاة أمر محقق قد تصيب الشركاء من يوم لآخر مما يؤدي إلى بقاء الشركة في حالة من القلق يضر بائتمانها، لاسيما إذا أسست الشركة للقيام بأعمال طويلة الأجل أو كانت تحقق نجاحا في أعمالها.

    كما أن مصلحة ورثة الشريك المتوفي قد تتطلب الحلول محل مورثهم في الشركة.

    لذلكم كان لابد من تنظيم استمرار الشركة مع ورثة المتوفي إما بنص تشريعي أو اتفاقي.

    ثانياً – استمرار الشركة مع ورثة الشريك المتوفي:

    يجوز الاتفاق على أنه إذا مات أحد الشركاء تستمر الشركة مع ورثته ولو كانوا قصرة مادة 2/496 مدني).

    كما نص قانون الشركات فيما يتعلق بشركة التضامن على أن تستمر شركة التضامن، في حالة وفاة أحد الشركاء، بين باقي الشركاء الأحياء، وتؤول حقوق الشريك المتوفي إلى ورثته وتستمر الشركة مع هؤلاء الورثة وتكون لهم صفة الشركاء الموصين مالم يكن هناك نص مخالف في عقد الشركة. وتكون تركة الشريك المتوفی مسؤولة عن الديون والالتزامات التي ترتبت على الشركة حتى تاريخ شهر تحويل صفة ورثته في الشركة إلى شركاء موصين (مادة 40 شركات).

    وقد ينص عقد الشركة على حصر استمرار الشركة ببعض الورثة دون الآخرين، كأحد أبنائه الذين اعتادوا على مساعدته في أمور الشركة، مع تحديد كيفية تقدير حصته في الشركة.

    كما قد ينص عقد الشركة على تخصيص أحد الورثة بالحصة المذكورة على أن يعوض للورثة عن قيمتها بغيرها من موجودات التركة.

    ثالثاً : استمرار الشركة فيما بين الباقين من الشركاء:

    يجوز الاتفاق في عقد الشركة على أنه إذا توفي أحد الشركاء تستمر الشركة فيما بين الباقين من الشركاء (مادة 3/496 مدني).

    كذلك نص قانون الشركات في الفقرة الأولى من المادة 40 على أنه:

    ” إذا لم يرد في عقد الشركة نص مخالف، فإن شركة التضامن في حالة وفاة أحد الشركاء تستمر بين باقي الشركاء الأحياء”.

    وعليه، فإن المشرع افترض في قانون الشركات استمرار شركة التضامن، رغم وفاة أحد الشركاء، بين الشركاء الأحياء، مالم يتفق الشركاء على انحلال الشركة في حال وفاة أحدهم.

    وينطبق هذا الحكم على شركة التوصية، في حال وفاة أحد الشركاء المتضامنين، لنفس العلة التي استند المشرع فيها إلى النص على هذا الاستمرار، كل ذلك مالم يرد سبب آخر يؤدي إلى حل الشركة، كأن يكون الشريك المتضامن هو الشريك الوحيد في شركة التوصية، أو أن يبقى شريك متضامن واحد في شركة التضامن.

    وفي حال وفاة الشريك يكون لورثته أن يستوفوا نصيب مورثهم في رأسمال الشركة وفي الأرباح يوم الوفاة، ولا يكون لهم الاشتراك في الأرباح والخسائر التي تستجد بعد ذلك إلا بقدر ما تكون الأرباح والخسائر ناتجة عن عمليات سابقة على الوفاة، أي أن تكون نتيجة ضرورية مباشرة للأعمال السابقة على الوفاة (مادة 3/496 مدني).

    ولما كان تقدير نصيب الشريك المتوفى في أموال الشركة يوم الوفاة مثار اضطراب في نشاط الشركة لما يتطلبه من القيام بجرد خاص يوم الوفاة ومن نفقات باهظة، فإنه غالباً ما ينص في العقد على تقدير حصة الشريك المتوفي بحسب آخر جرد تم قبل الوفاة.

    وقد يتفق على أن تدفع قيمة الحصة على أقساط، لما يتضمنه الوفاء بقيمة الحصة دفعة واحدة من تأثير في مركز الشركة المالي).

    فقدان أهلية الشريك

    أولا – فقدان الأهلية أو إعلان الغيبة:

    تنقضي الشركة لفقدان الشريك أهليته (مادة 39 شركات).

    وقد يكون فقدان الأهلية نتيجة العلة عقلية تستوجب توقيع الحجر عليه، وقد يكون لسبب آخر، كذلك إذا غاب الشريك بحيث انقطعت أخباره وصار من غير المعروف إذا كان حياً أو ميتاً فإن هذا الغياب يؤدي منذ إعلانه بحكم قضائي إلى انقضاء الشركة.

    ذلك أنه لا يجوز للمثل القانوني المحجور عليه أو للغائب أن يحل محله في الشركة، لأن شركات الأشخاص تقوم على الاعتبار الشخصي والثقة بشخص الشريك، وقد لا تتعدى هذه الثقة إلى ممثله القانوني.

    ثانياً – استمرار الشركة فيما بين الباقين من الشركاء :

    يجوز للشركاء الاتفاق على استمرار الشركة فيما بينهم بمعزل عن الشريك الذي فقد أهليته شرط إجراء معاملة الشهر (مادة 39 شركات ومادة 3/496 مدني).

    وفي هذه الحالة يحق للمثلين القانونيين للمحجور عليه أو الغائب أن يستوفوا نصيب هذا الشريك من رأسمال الشركة ومن الأرباح، ويتم تقدير هذا النصيب بحسب قيمته وقت توقيع الحجر أو إعلان الغيبة.

    ولا يكون لهم الحق في المطالبة بحصة فيما يستجد بعد ذلك من حقوق إلا بقدر ما تكون تلك الحقوق ناتجة عن عملیات سابقة عن فقدان الأهلية.

    إفلاس أحد الشركاء تحل شركة التضامن إذا شهر إفلاس أحد الشركاء (مادة 39 شركات)، وذلك لزوال الثقة التي وضعها فيه الشركاء، ولأنه يستحيل على الشريك في هذه الحالة القيام بتعهداته تجاه الآخرين، كل ذلك يؤدي إلى تقويض الاعتبار الشخصي الذي تقوم عليه الشركة.

    ومع ذلك، يجوز الاتفاق على استمرار الشركة مع الشركاء الباقين بمعزل عن الشريك المفلس، وحينئذ يستوفي وكيل التفليسة نصيب هذا الشريك في أموال الشركة بعد تقديره بحسب قيمته يوم الإفلاس، ويشمل ذلك حصته في رأسمال الشركة وأرباحها.

    انسحاب أحد الشركاء

    أولاً – مفهومه:

    قد يؤدي انسحاب أحد الشركاء إلى حل الشركة، وذلك لزوال الاعتبار الشخصي الذي تقوم عليه، نظرا لأن شركات الأشخاص تقوم على هذا الاعتبار حيث يعلق الشركاء رضاءهم وارتباطهم بالشركة على وجود كل واحد منهم وبقائه فيها.

    غير أن حرية الشريك في الانسحاب تتأثر بما إذا كانت الشركة محددة المدة أم غير محددة المدة. إذا كانت الشركة محددة المدة فلا يحق للشريك الانسحاب من الشركة قبل انقضاء مدتها إلا بموافقة باقي الشركاء.

    وعليه أن يبقى في الشركة حتى انقضاء المدة المحددة لها (مادة 1/42 شركات).

    ويستند هذا الحكم إلى القواعد العامة التي لا تجيز لأحد المتعاقدين أن يستقل بإنهاء العقد من جانبه دون رضاء باقي المتعاقدين.

    أما إذا كانت الشركة غير محددة المدة، فيجوز للشريك أن ينسحب منها بشرط إبلاغ شركائه قبل مدة كافية (مادة 497 مدني).

    كما يحق له أن يطلب من القضاء إخراجه من الشركة متى استند في ذلك إلى أسباب معقولة، وفي هذه الحالة تنحل الشركة مالم يتفق باقي الشركاء على استمرارها.

    ذلك أن الشريك في شركة الأشخاص لا يجوز له التنازل عن حصته في الشركة، ولو امتنع عليه الانسحاب لظل مرتبطة بالشركة طيلة حياتها، ولا يجوز للشخص أن يرتبط بالتزام يقيد حريته إلى أجل غير محدد لتعارض ذلك مع الحرية الشخصية التي هي من النظام العام.

    ثانياً – شروط الانسحاب:

    يشترط لصحة الانسحاب توافر الشروط الآتية:

    1 – أن تكون الشركة غير محددة المدة بمقتضى العقد أو بحسب ماهية العمل موضوع الشركة.

    2 – أن لا يكون للشريك حق التنازل عن حصته في الشركة. لأن الحكمة من منحه حق الانسحاب هو تمكينه من أن يتحل في أي وقت يشاء من الالتزام الذي يقيد حريته لمدة غير محددة.

    3 – أن يكون الانسحاب صادرة عن نية حسنة. فلا يكون الانسحاب صحيحا إذا صدر عن سوء نية، كما لو انسحب الشريك بقصد الاستئثار بصفقة رابحة.

    4- أن يكون الانسحاب حاصلاً في وقت مناسب، ويعد الوقت غير مناسب إذا حدث بعد الشروع في الأعمال بحيث أصبح من مصلحة الشركة أن يؤجل انحلالها، أو حدث والشركة وشيكة التوقف عن دفع ديونها ومعرضة للإفلاس.

    5 – أن يبلغ الشريك إرادته في الانسحاب إلى باقي الشركاء، وأن يتم شهر الانسحاب لأنه لا يكون  الانسحاب الشريك من الشركة أي أثر قبل شهره (مادة 2/42 شركات). 

    ثالثا – أثر الانسحاب:

    متى توافرت شروط الانسحاب فإذن ذلك يؤدي، مبدئياً، إلى حل الشركة، لأن الشخصية الشريك المنسحب اعتبار في تكوينها وبقائها.

    على أنه يجوز الاتفاق على استمرار الشركة فيما بين باقي الشركاء بمعزل عن الشريك المنسحب.

    وفي هذه الحالة لا يكون لهذا الشريك إلا نصيبه في رأسمال الشركة وأرباحها، ويقدر هذا النصيب بحسب قيمته يوم الانسحاب.

    وبما أن انسحاب الشريك من الشركة لا يكون له أي أثر قبل شهره، فإن الشريك يكون مسؤولاً عن التزامات الشركة التي قد تنشأ بعد انسحابه وقبل شهر هذا الانسحاب، وبعبارة أخرى إذا انسحب الشريك من الشركة فلا يكون مسؤولاً عن الالتزامات التي تنشأ في ذمة الشركة بعد شهر انسحابه (مادة 3/44 شركات).

    شهر انقضاء الشركة

    يجب شهر انقضاء الشركة في جميع الحالات حتى يعلم به الغير، وذلك فيما عدا الحالة التي يكون فيه الانقضاء واضحةاًمن نص عقد الشركة المشهر کانتهاء المدة المعينة للشركة.

    ويكون شهر الانقضاء وفقاً للإجراءات المقررة لشهر عقد الشركة نفسه، وذلك بتسجيل سنة الانقضاء في سجل الشركات الممسوك في سجل التجارة في المحافظة التي يقع فيها مركز الشركة.

    ويجب أن يتم الشهر خلال شهر من تاريخ الانقضاء.

    وجزاء عدم الشهر هو البطلان كما هو الحكم في التأسيس، أي أنه لا يجوز الاحتجاج على الغير بالانقضاء غير المشهر.

    ومن ثم يحق للغير أن يتعامل مع مدير الشركة كما لو كانت الشركة قائمة، ويظل الشريك مسؤولاً عن الأعمال التي تجري باسم الشركة ولو بعد انقضائها، وهذا ما  أكده المشرع في حال انسحاب الشريك المتضامن من ضرورة شهر انسحابه وإلا كان انسحابه غير ذي أثر.

  • الشخصية الاعتبارية للشركات : مفهومها وطبيعتها

    الشخصية الاعتبارية للشركات

    مفهومها

    الشخصية القانونية هي الصلاحية لثبوت الحقوق والالتزامات.

    وهذه الصلاحية لثبوت الحقوق والالتزامات، كما تتوافر للشخص الطبيعي أو الإنسان، قد تتوافر للشخص المعنوي أو الاعتباري.

    والشخص الاعتباري هو مجموع من الناس يبتغون تحقيق غرض معين.

    وبمقتضی الشخصية الاعتبارية يحق للشركة كالفرد الطبيعي أن تكتسب الحقوق وتلتزم بالالتزامات، فيكون لها أن تشتري وتبيع وترهن وتؤجر، كما أنها تسأل مسؤولية تعاقديه و غير تعاقديه وفقاً لأحكام المسؤولية المدنية التعاقدية والتقصيرية.

    حتى أنها تسأل جزائية في حدود ما يتناسب وشخصها الاعتباري كالحكم عليها بالغرامة عند مخالفة المدير للقوانين بناء على أمر الشركاء، هذا بالإضافة إلى أنه بمجرد ثبوت الشخصية الاعتبارية للشركة يمكن رفع الدعاوى عليها باعتبارها شخصية مستقلة عن شخصية الشركاء.

    وقد ظهرت فكرة الشخصية الاعتبارية لأول مرة، في الشرع الإسلامي مستمدة من الحديث الشريف

    “المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على سواهم”

    وقد طبقت هذه الفكرة، وبصورة عملية، في الوقف والتركات والشركات و أخذ بها المشرع العثماني عند وضعه مجلة الأحكام العدلية، إذ شعر، بالنسبة للشركات، أن عقد الشركة ينشئ حقوق وواجبات مستقلة عن حقوق الشركاء وواجباتهم باعتبارهم أشخاصا طبيعيين، فرأى من الضروري تمييز شخصية الشركة عن شخصية الشركاء فاستند من أجل ذلك إلى نظرية الوكالة تارة وإلى نظرية الكفالة تارة أخرى، وعليه فكان كل قسم من شركة العقد يتضمن الوكالة، فكل واحد من الشريكين، في تصرفه، يعني في الأخذ والبيع وتقبل العمل بالأجرة وكيل الآخر.

    وقد اعترف المشرع السوري بثبوت الشخصية الاعتبارية لجميع الشركات ما عدا شركة المحاصة سواء في نص المادة 58 من قانون التجارة رقم 149 لعام 1949 أو في قانون الشركات الجديد رقم (3) لعام 2008.

    وقد أكد من خلال هذه النصوص أن الشركة ليست مجرد عقد مبرم بين أطرافها بل هي شخص اعتباري يستمر وجوده خلال حقبة من الزمن يمارس خلالها فعالیته ويكتسب ذمة مالية بما فيها من حقوق والتزامات ويقوم بعدد من التصرفات فإذا انقضت مدته بالانحلال وجبت تصفيته.

    أما مبرر استثناء شركة المحاصة من الشخصية الاعتبارية، فيقوم على أساس أنها مجرد عقد بين الشركاء وأن الشركة غير معدة لاطلاع الغير عليها ويتم تنفيذ أعمالها باسم أحد الشركاء بصفته الشخصية، أما نتيجة هذه الأعمال وحصيلتها، فتعود لمجموع الشركاء، لذلك لا حاجة لمنح شركة المحاصة الشخصية الاعتبارية ولا لشهرها.

    طبيعتها الحقوقية

    اختلف الفقهاء في تفسير الشخصية الاعتبارية للشركة وتحديد طبيعتها الحقوقية، ونشأت عن اختلافهم نظريات ثلاث هي: نظرية الفرض القانوني ونظرية الوجود الواقعي ونظرية الملكية الجماعية أو ثروة التخصيص.

    أولا – نظرية الفرض القانوني 

    قال بهذه النظرية معظم الفقهاء حتى أواخر القرن التاسع عشر، فقد اعترفوا للشركات التجارية بالشخصية الاعتبارية بشرط أن تؤسس وتشهر وفقا للأصول المبينة في القانون.

    وقد استخلصوا هذه النظرية عن طريق الفرض القانوني، ولاعتبارات عملية بحتة، من بعض النصوص القانونية ومثالها تلك التي تجيز إقامة الدعوى على الشركة أمام المحكمة التي يقع في دائرتها مركزها الرئيسي، وكذلك من النصوص التي تسمح بشهر إفلاس الشركة بصورة مستقلة عن الشركاء. وتبعاً لهذه النظرية، فإن أنصارها لا يقرون للهيئات أو مجموعات الأشخاص بالشخصية الاعتبارية إلا إذا أقر لها المشرع بهذه الشخصية لأن لا وجود لها إذا لم يحدثها القانون.

    ثانياً – نظرية الوجود الواقعي

    انتقد فقهاء آخرون، وأهمهم الأستاذ هوريو بالنسبة للأشخاص الاعتبارية من الحقوق العامة كالدولة والبلديات، والأستاذ كابيتان بالنسبة للأشخاص الاعتبارية من الحقوق الخاصة كالشركات، انتقدوا نظرية الفرض القانوني، وقالوا أن الشخصية الاعتبارية ليست ضرباً من ضروب الوهم والخيال وليست ناتجة عن حيلة شرعية، بل هي حقيقة حسية.

    وبالتالي لا يعلق وجود الشخصية الاعتبارية على إرادة المشرع، فهي موجودة بدون نص قانوني وبمجرد تكوين الشركة وشهرها .

    واعتبروا أن للمجموعة كيانا قائما بذاته ومستقلا عن الأفراد الذين تتكون منهم ما دامت تتمتع بفعالية خاصة بها وبإرادة يعبر عنها ممثلوها بصورة مستقلة عن إرادتهم الشخصية.

    فإذا ثبت للمجموعة ذلك الكيان المستقل، تمتعت حتما بالشخصية الحقوقية سواء أقر لها بها المشرع أم لا.

    وقد عبر الاجتهاد القضائي الفرنسي عن هذه النظرية في قرار المحكمة النقض الفرنسية جاء فيه: “أن الشخصية الاعتبارية ليست وليدة القانون وإنما تكتسب مبدئيا لكل مجموعة لها وسيلة جماعية للتعبير عن الإرادة للدفاع عن مصالح مشروعة وجديرة، وبالتالي، بأن تقرها الحقوق وتحميها”.

    ثالثا – نظرية الملكية الجماعية

    ويطلق عليها أيضا نظرية ” ثروة التخصيص”  ، يستبعد القائلون بهذه النظرية وجود شخصية حقوقية لغير الإنسان، وهم لا يرون ضرورة لها من أجل تفسير النتائج القانونية التي وصل إليها الاجتهاد في الاعتراف للشركات بموطن مستقل وبجنسية تختلف عن جنسية الشركاء، وإنما يبررون هذه النتائج بقولهم أن الأفراد عندما يتفقون على تكوين شركة يقدم كل منهم حصته من رأس المال المشترك، فتنشأ عن ذلك ملكية جماعية ليس لأحد حق فردي عليها طالما أن الشركة قائمة، لأن تمتاز بتخصيصها لوجهة معينة هي تحقيق موضوع الشركة، وتعد هذه الأموال بمثابة رهن لفئة خاصة من الدائنين هم دائنو الشركة.

    ومهما يكن تفسير الطبيعة الحقوقية للشخصية الاعتبارية، فقد أقر المشرع السوري صراحة وجود الشخصية الاعتبارية للشركات فقد نصت المادة 54 من القانون المدني على أن من جملة الأشخاص الاعتبارية الشركات المدنية والتجارية، كما نصت المادة 13 من قانون الشركات رقم العام 2008 على أنه “تتمتع جميع الشركات المنصوص عليها في هذا القانون -ما عدا شركة المحاصة- بالشخصية الاعتبارية بمجرد شهرها”.

  • آثار بطلان عقد الشركة ونظرية الشركة الفعلية

    آثار البطلان ونظرية الشركة الفعلية

    نشأة الشركة الفعلية

    إذا ما حكم ببطلان الشركة لأي سبب من الأسباب الموجبة للبطلان، فإنه وفقاً للقواعد العامة التي تحكم بطلان العقود، والتي قررها القانون المدني في المادة 143 منه بقوله

    “في حالتي إبطال العقد وبطلانه يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد، فإذا كان هذا مستحيلا جاز الحكم بتعويض عادل”.

    ولو أخذنا بهذا المبدأ لوجب علينا، في هذه الحالة، أن نعتبر أثر بطلان عقود الشركات منسحباً إلى الماضي فنقضي ببطلان جميع التصرفات الجارية في ظل عقد الشركة الباطل.

    أي أنه يترتب على هذا البطلان امتداد أثره إلى الماضي منذ تاريخ انعقاد الشركة وعدم ترتيب أي أثر قانوني على تكوينها.

    ولما كان من شأن تطبيق هذه القاعدة العامة تجاهل مراكز قانونية تمت فعلا وعلاقات قانونية نشأت مع الغير منذ نشأت الشركة حتى صدور الحكم بالبطلان؛ فقد استرعي انتباه الاجتهاد القضائي والفقه، خطورة هذا البطلان وتطبيقه على العقود المتتابعة وأهمها عقود الشركات، نظرا لكثرة العمليات التي تكون الشركة قد أجرتها، بوصفها شخصا اعتبارية، منذ وجودها فعلا حتى تاريخ إعلان بطلانها،

    ورأى في ذلك مخالفة لمبدأ العدالة لما ينتج عن الأخذ بانسحاب أثر البطلان إلى الماضي من ضرر بالغير الذي تعامل مع الشركة المقرر بطلانها ومن ضرر بالشركاء أنفسهم.

    فلو أردنا أن نعتبر عقد الشركة المقرر بطلانها كأنه لم يكن لوجب أن تعاد إلى الشركاء حصصهم في رأسمال الشركة بكاملها، دون حساب لما تكون الشركة قد خسرته أثناء قيامها، ولوجب أيضا عدم تطبيق القواعد التي اتفق عليها الشركاء في عقد الشركة من أجل تصفيتها وتوزيع الأرباح والخسائر بينهم، ولوجب أخيراً اعتبار جميع التزامات الشركة منذ بدئها بالعمل حتى إقرار بطلانها، باطلة أيضا.

    أمام هذه الصعوبات القانونية التي قد تنجم عن بطلان عقد الشركة، وخاصة فيما يتعلق منها بالمحافظة على حقوق الغير، ولاسيما في حال وقوع خلافات بين دائني الشركة من جهة ودائني الشركاء الشخصيين من جهة ثانية، لذلك كان لابد للفقه والاجتهاد من إيجاد نظرية حقوقية كاملة الموضوع الشركات الفعلية.

    ويلاحظ ضرورة ذلك بالنسبة لقانون الشركات الذي أغفل تنظيم وتصفية الشركات الفعلية، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 54 من قانون الشركات على أنه:

    “يجوز أن تعامل شركة المحاصة التي تظهر تجاه الغير بهذه الصفة كشركة فعلية ويصبح الشركاء فيها مسؤولين تجاه ذلك الغير بالتضامن”.

    على أن المادة / 4/ من قانون الشركات نظمت آثار البطلان في علاقة الشركاء في مواجهة بعضهم بعضا من جهة، وفي علاقة الغير مع الشركاء من جهة أخرى. وهذا ما سنتناوله بدراستنا بشكل مفصل لاحقا.

    وقبل البحث في آثار البطلان وبالتالي القواعد التي تحكم الشركات الفعلية لابد من التمييز بين البطلان المطلق والبطلان النسبي لعقد الشركة من جهة، وبين الشركات الفعلية والشركات التي تنشأ بشكل فعلي من جهة أخرى.

     المطلب الأول – التمييز بين البطلان المطلق والبطلان النسبي لعقد الشركة

     أولاً – البطلان المطلق

    يعد عقد الشركة باطلاً بطلاناً مطلقاً إذا كان محلها أو سببها غير مشروع كما لو كان القصد من تكوين الشركة الاتجار بالمخدرات أو البضائع الممنوع التعامل فيها أو القيام بنشاط محظور على الشركة كقيام الشركة المحدودة المسؤولية بأعمال التأمين أو التوفير أو المصارف.

     ويعتبر البطلان في هذا الخصوص من النوع المطلق الذي يجيز للشركاء كما يجيز للغير التمسك به، بل إن للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.

    ولا يصحح هذا البطلان بالتقادم لأنه من العيوب الدائمة.

    والعبرة في تقدير مشروعة نشاط الشركة هي حقيقة ما تزاوله من أعمال وليس ما هو مدون بنظامها أو عقد تأسيسها.

    كما تبطل الشركة في حال انعدام الرضا أو المحل أو لاستحالة تنفيذ غرض الشركة.

    ويترتب على صدور حكم ببطلان الشركة اعتبار عقدها كأن لم يكن بالنسبة لجميع الشركاء، والتمسك بالبطلان في هذه الحالات حق لكل شريك في مواجهة باقي الشركاء.

    أن البطلان مطلق في هذا الخصوص فإنه يجوز للشركاء مطالبة مدير الشركة باسترداد الحصص على أساس أنه ليس هناك ما يبرر احتفاظ المدير بحصص الشركاء رغم اشتراكه معهم في مخالفة القانون .

    كما يفقد دائنو الشركة امتيازهم في تحصيل ديونهم من أموال الشركة بمواجهة دائني الشركاء الشخصيين ويتساوون في ذلك، إذ تعود الحصص التي قدمها الشركاء إلى ذمتهم المالية وتعد كأن لم تخرج منها.

    ثانياً – البطلان النسبي (البطلان لعدم الكتابة أو الشهر)

    يترتب على عدم كتابة عقد الشركة أو شهرها البطلان.

    وقد اعتبر البعض أن هذا البطلان هو بطلان من نوع خاص، فهو ليس بالبطلان المطلق السابق ذكره أو النسبي، ذلك أنه يجوز تصحيح البطلان الناشئ عن عدم كتابة العقد ويصبح العقد صحيحاً ويحتج به في مواجهة الغير من يوم إتمام هذا الإجراء، طالما تم تصحيح العقد قبل الحكم بالبطلان .

    ويذهب أصحاب هذا الرأي إلى إمكان تصحيح هذا الإجراء أمام محكمة الاستئناف في الحالات التي تقتصر فيها محكمة أول درجة على الفصل في مسألة إجرائية دون المساس بالموضوع، كذلك قد يمنح القاضي أجلاً التصحيح البطلان، فإذا تم التصحيح خلاله فلا يحكم به.

    على أن منح الشركاء مهلة للقيام بإجراءات الشهر يعد من الرخص المخولة لمحكمة الموضوع وأن عزوفها عن استعمال تلك الرخصة لا يعيب حكمها. 

    ولا يجوز للشركاء الاحتجاج بالبطلان بسبب عدم شهرها في مواجهة الغير إذ لا يقبل إفادة الشريك من تقصيره وإنما يجوز التمسك بالبطلان من قبل الشركاء في مواجهة بعضهم بعضا (مادة 1/4 شركات).

    ويختلف أثر هذا البطلان وفق من يطلبه، فإذا طلبه الغير كان له أثر رجعية وتعدو الشركة كأن لم تكن. أما إذا طلبه أحد الشركاء فإن الشركة لا تبطل في الفترة السابقة ما بين إنشائها وتاريخ قید دعوى البطلان في سجلات المحكمة (مادة3/4 شركات).

    ويعد هذا تطبيقاً صريحاً النظرية الشركة الفعلية التي أسسها القضاء، وقد قصد المشرع بذلك وضع حد لعدم استقرار هذه الشركات وحماية الوضع الظاهر لجميع المتعاملين مع الشركة والذين يجهلون عدم اتباع المؤسسين الإجراءات التأسيس وفقا للقانون، وهو هدف يستحق هذه الحماية في الواقع لاستقرار المعاملات، خاصة وإن شهر الشركة يجب أن يرتب أثر قانونية على الأقل من حيث قيام شركة صحيحة في مواجهة الغير.

    على أن هذا لا يمنع بطلانها لأسباب أخرى غير مخالفة إجراءات التأسيس كعدم توافر الشروط الموضوعية العامة أو الخاصة وفقاً للقواعد العامة التي لا يترتب على تخلفها بطلان الشركة بطلاناَ مطلقاً.

    المطلب الثاني – التمييز بين الشركات الفعلية وبين الشركات التي تنشأ بصورة فعلية

    لابد من التفريق بين الشركات الفعلية وبين الشركات التي تنشأ بصورة فعلية  ، فالشركات الفعلية هي الشركات التي تظهر للوجود بصورة مادية أي بعقد خطي ينظم بين الشركاء، فيبين العقد نوع الشركة وما وقع الاتفاق عليه بين الشركاء في صدد المساهمة في تكوين رأس المال المشترك وفي توزيع الأرباح والخسائر وتصفية الشركة، إلا إن رافق تأسيسها أحد العيوب التي أدت إلى بطلانها.

    أما الشركات التي تنشأ بصورة فعلية فهي التي لا ينظم بها عقد خطي، ولا تتجه إرادة الأطراف فيها إلى تكوين عقد شركة، وإنما يستفاد وجودها من العمل المشترك الذي يرمي إلى اجتناء الربح.

    وتظهر نية الشركاء في إيجاد شركة بينهم من الأعمال المشتركة التي يقومون بها والتي لا يمكن تفسيرها إلا بوجود الشركة.

    وتظهر فوائد التمييز بين الشركات الفعلية والشركات التي تنشأ بصورة فعلية خاصة بالنسبة النوع الشركة وللقواعد المتبعة في تصفيتها.

    فالشركات التي تنشأ بصورة فعلية تعد دائما من نوع شركات التضامن، في حين أن الشركات الفعلية يعين نوعها في العقد المقرر إبطاله، فقد تكون من شركات الأشخاص كما قد تكون من شركات الأموال.

    القواعد التي تحكم الشركات الفعلية

    لمعرفة القواعد التي تحكم الشركات الفعلية، لابد من بحث مسألتين الأولى وتتعلق بأثر عقد الشركة قبل البطلان وبعده، والثانية تتعلق بمدى احتفاظ الشركة الفعلية بشخصية اعتبارية وذمة مالية مستقلة.

    المطلب الأول- أثر عقد الشركة قبل البطلان وبعده

    أولا – بالنسبة للشركاء:

    تعد الشركاء قائمة فيما بين الشركاء قبل المطالبة بإبطال عقد الشركة، وينتج عن ذلك أن جميع ما قام به ممثلو الشركة من أعمال يسري أثره على الشركاء، وإن من حق هؤلاء أن يقتسموا الربح إن وجد، كما أن من واجبهم أن يساهموا في الخسارة إن حصلت، وفقاً لما هو منصوص عليه في عقد الشركة، كما أنه تطبق القواعد التي نص عليها عقد الشركة من أجل تصفيتها وقسمتها، إذا حكم ببطلان الشركة، ويعد ذلك تأييداً من المشرع لنظرية الشركة الفعلية حيث يعترف بعقد الشركة وتنفيذ بنوده رغم الحكم ببطلانه.

    وعليه فإن بطلان عقد شركة التضامن أو التوصية لعدم تسجيله أو شهره هو من قبيل حل الشركة قبل أن يحين ميعاد انتهائها وتتبع في تسوية حقوق الشركاء، في هذه الحالة، نصوص العقد استنادا إلى المادة 54 من قانون الشركات.

    كما أنه إذا حكم ببطلان الشركة، وكان أحد الشركاء لم يقدم كامل حصته فعليه أن يفي رصيدها، مراعاة لشروط العقد.

    على أن يستبعد من تطبيق شروط العقد الشروط المخالفة للقانون أو النظام العام.

    ثانياً – بالنسبة للغير:

    يتمثل الغير بكل من دائني الشركة وخلفائها الخاصين من جهة ودائني الشركاء الشخصيين وخلفائهم الخاصين من جهة أخرى.

    وهذا يقتضي التمييز بين حالتين:

    الأولى: الدائني الشركاء الشخصيين حق الخيار، فهم إما أن يحتجوا ببطلان الشركة أو يعتبروها صحيحة بالنسبة لهم.

    فإذا تمسكوا بصحتها كان عقد الشركة نافذا بالنسبة للماضي وقائمة بجميع فوائده وموجباته.

    أما إذا تمسكوا ببطلان الشركة فتعد الشركة كأن لم توجد أصلا .

    الثانية: ويختلف فيها وضع دائني الشركة فيما لو كان النزاع قائمة بينهم وبين الشركاء أو الشركة من جهة، أو كان قائما بينهم وبين دائني الشركاء الشخصيين.

    فإذا كان النزاع قائمة بين دائني الشركة وبين الشركاء أو الشركة، كان لدائني الشركة حق الخيار بين أن يعتبروا الشركة صحيحاً أو يحتجوا بالبطلان، فإذا فضلوا اعتبار الشركة صحيحة فإنهم يرجحون على دائني الشركاء الشخصيين، ويحق لهم إثبات قيام الشركة وشروطها ومن يديرها بكافة وسائل الإثبات بما فيها البينة الشخصية، وبالمقابل لا يحق للشركاء أن يحتجوا تجاههم ببطلان الشركة، كما ذكرنا سابقا.

    أما إذا احتج دائنو الشركة ببطلان الشركة، فيعد الأشخاص الذين تعاقدوا معهم باسم الشركة مسؤولين بالتضامن عن الالتزامات الناتجة عن العقود المبرمة معهم، كما تعد الأموال المشتركة في هذه الحالة ملكة شائعة بين الشركاء، ويقوم دائنو الشركة بالتنفيذ عليها بالتزاحم مع دائني الشركاء الشخصيين. وتزول التأمينات التي حصل عليها دائنو الشركة فيصبحون في حكم الدائنين العاديين للشركة.

    وإذا تمسك بعض الغير بصحة الشركة وآخرون ببطلانها، رجح البطلان، إذ يتعذر تكريس وجود الشركة وصحة تصرفاتها قبل الحكم بالبطلان، كما أنه كان باستطاعة الغير تبين أسباب البطلان فيما لو بذلوا العناية الكافية في الوقوف على أوضاع الشركة.

    وإذا احتج دائنو الشركة بالبطلان بالنسبة للشركاء فليس لهم في هذه الحالة، الاحتجاج بصحة الشركة تجاه دائني الشركاء الشخصيين لعدم جواز تجزئة البطلان.

    الشخصية الاعتبارية للشركة الفعلية

    ذهب الاجتهاد القضائي الفرنسي إلى عدم الاعتراف للشركة الفعلية بشخصية اعتبارية، وبالتالي بذمة مالية مستقلة عن ذمة الشركاء .

    ورتب على ذلك أنه ليس لدائني الشركة حق أفضلية بالنسبة لدائني الشركاء الشخصيين على موجودات الشركة في استيفاء ديونهم، وتوزع هذه الموجودات، قسمة غزماء، بين دائني الشركة ودائني الشركاء الشخصيين، كما يحق لدائني الشركاء الشخصيين أن يعارضوا في شهر إفلاس الشركة الفعلية إذ يؤدي شهر الإفلاس إلى منح دائني الشركة حق أفضلية بالنسبة لدائني الشركاء الشخصيين.

    ونرى بأن المشرع السوري حاد عن هذا الموقف عندما أجاز للغير الحق في التمسك بوجود الشركة ومطالبتها بتنفيذ الالتزامات التي رتبتها العقود عليها ، وبذلك فقد اعترف لها المشرع بالشخصية الاعتبارية إلى أن تصفى وبالقدر اللازم لتصفية أعمال الشركة التي حكم ببطلانها وذلك حتى تتمكن من تأدية كل ما يلزم من تصرفات خلال فترة التصفية.

    وبناء على ذلك يجوز شهر إفلاس الشركة التي حكم ببطلانها إذا ما توقفت عن دفع ديونها التجارية سواء أكان ذلك التوقف عن الدفع سابقاً أو لاحقاً للحكم بالبطلان. وقد ذهبت محكمة النقض المصرية في هذا الاتجاه عندما قررت بأنه :

    ” إذا كان الثابت في الدعوى أن الشركة القائمة هي شركة تضامن لم تشهر ومن ثم فهي شركة فعلية وبالتالي فإن الشخصية المعنوية تثبت لها بمجرد تكوينها وتكون حصة الشريك في مالها غير شائعة” .

    كما أن الحكم بشهر إفلاس هذه الشركة يستتبع شهر إفلاس الشركاء المتضامنين فيها.

    وطبقا لما جاء في قانون الشركات بالمادة 4 التي تقضي باعتبار الشركة صحيحة بين الشركاء حتى تاريخ إقامة دعوى البطلان فإنه لا شك في اعتبار وجود شخصية للشركة خلال فترة وجودها الفعلية وحتى تاريخ إقامة الدعوى.

1