وبناء عليه فإن ملكية هذه ( المؤسسة – الشركة. الأرض) وغلتها وما ينتج عنها وغنمها لمالكهما الحقيقي وغرمها عليه، وقد جعلت هذه ( المؤسسة -الشركة -الأرض) باسمي بشكل صوري دون شرط على مالكها ولا قيد، وذلك بطوعي واختياري، وليس لي مقابل تسجيلها باسمي أي نسبة ولا عمولة، ولا حق مادي و معنوي
وبناء عليه فليس لي ولا لورثتي أي حق مادي و معنوي في المؤسسة – الشركة الأرض المحددة في هذا الإقرار، وفي المقابل ليس علي ولا على أي أحد من ورئتي التزامات أو متطلبات نحوها. ولإبراء الذمة وبيان الحقيقة جرى تحرير هذا المستند والتوقيع عليه، وقد أذنت لمن يشهد بما فيه، والله المسؤول أن يوفق ويسدد وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
س – هل يجوز للمدعي أن يرفع الدعوى باستدعاء واحد على عدة مدعى عليهم ولو اختلفت الطلبات الموضوعية الموجهة إلى كل منهم واختلف سبب كل منها ؟
وهل يُقيد ذلك المحكمة التي رفع لها هذا الاستدعاء ؟
ج – نعم يجوز ذلك طالما أن المحكمة المرفوعة إليها الدعوى مختصة بها من جميع الوجوه، ولكن للمحكمة تبعا لمقتضيات حسن سير العدالة أن تفرق بينها ولو من تلقاء نفسها حتى تتمكن من الفصل فيها بغير عناء.
( نقض أساس 346 قرار 116 تاريخ 27 / 1 / 1965 ، المحامون لعام1965 ص 6 )
(نقض 1297 رقم تاريخ 15 / 6 / 1964 ، المحامون لعام 1964 )
س -إذا كان المدعى به أمام محكمة الصلح يشكل جزءاً من موضوع النزاع الذي يخرج عن اختصاصها النوعي ويتوقف الفصل بالمدعى به لديها على الفصل في كامل موضوع النزاع ، فماذا يترتب على محكمة الصلح تقريره ؟
ج – ينبغي على محكمة الصلح أن تقرر عدم اختصاصها النوعي لعدم جواز تجزئة موضوع النزاع ، ومن ثم فلا يكون من اختصاص محكمة الصلح النظر في الدعوى بقسم من الالتزام الخارج عن اختصاصها ما لم يكن موضوع النزاع والفصل فيه قاصراً فحسب على الجزء الداخل في اختصاصها.
(نقض رقم 1086 تاريخ 22 / 4 / 1956 ، مجلة القانون لعام 1956 ص 419 )
س – اذكر أمثلة لدعاوى لا تقبل تقدير القيمة وبالتالي تعد من اختصاص محكمة البداية ؟ ج –
1 – حقوق الشركاء التي لا يمكن تعيينها إلا بعد إجراء التصفية .
( نقض رقم 316 تاريخ 9 / 5 / 1955 )( استانبولي ج 1 ص 496 ) 2 – طلب حل أو تصفية شركة محاصة قبل التصفية .
( نقض رقم 80 تاريخ 20 / 2 / 1965 ، القانون لعام 1965 ص 328 )
(نقض رقم 23 تاريخ 26 / 1 / 1956 ، مجلة القانون لعام 1956 ص 218 )
(استانبولي ج 1 ص 499 ، 502 ) 3 – المنازعة على الأجزاء المشتركة من البناء والمعدة للاستخدام المشترك بين جميع ملاك طبقات العقار .
( نقض غرفة مدنية 2 ،أساس 196 قرار 282 تاريخ 20 / 2 / 2006 )
(المحامون العددان 3 و 4 السنة 72 لعام 2007 ص 386 ) 4 -المطالبة بهدم جدار الذي أقامه شخص بين عقار وعقار مجاور له ، على اعتبار أن أهمية هذا الجدار تتفاوت وفق رغبات الأطراف.
( نقض غرفة مدنية 2 أساس 603 قرار 1038 تاريخ 22 / 5 / 1966 )
دائما ما تثير لفظة «قاتل متسلسل» اهتمام الجميع ونفورهم في ذات الوقت!..
لكن الاهتمام بسبر أغوار هؤلاء الناس لمعرفة الدافع النفسي والظاهرة غير الطبيعية التي تؤدي بشخص ما ليقتل أكبر عدد من الأبرياء الذين لا ذنب لهم..
وسنحاول هنا معرفة الأسباب والدوافع التي تترك القتلة السنيين بعرض أشهر القتلة المتسلسلين عبر التاريخ..
ولكن دعونا أولا نعرف.. من القاتل المتسلسل؟
يصف مكتب إحصائيات القضاء الأمريكي (Bureau of Justice Statistics) القاتل المتسلسل بأنه «الشخص الذي يقتل ثلاث ضحايا فأكثر في أماكن منفصلة بفارق زمني غير محدد المدة»
يعني: أن القاتل المتسلسل هو شخص ذو تاريخ من حوادث القتل المتعددة وغير المعد لها مسبقاً..
تلك الظاهرة بدأت في النصف الأخير من القرن العشرين إذا استثنينا حالة واحدة مسجلة في التاريخ للكونتيسة (إليزابيث باثوري) المتوقاة عام 1614م، والتي دارت الأساطير حول موتها و سایتها وقتلاها الذي تحكي الأساطير أنهم يقربون من ستمائة شخص!
ومن أوائل القتلة المتسللين في سجلات التاريخ الحديث اللندني «جاك السفاح» عام: 1888، والألماني «فريتز هارمان» عام 1924م.
وتعد الولايات المتحدة الأمريكية أكثر البلاد ابتلاء بهذا النوع من القتلة؛ حيث يتركز فيها نسبة 76٪ منهم..
ولا يزالون في ازدياد، طبقا للإحصائيات فقد زادت نسبة القتلة المتسلسلين في أمريكا بنسبة 94% في الثلاثين سنة الأخيرة..
ويتوقع الخبراء إذا استمرت الزيادة على هذا المنوال أنه سيكون هناك 11 ضحية يوميا للقتلة المتسلسلين.
صفات القاتل المتسلسل
على عكس ما يتصور السواد الأعظم من الناس عن القتلة المتسلسلين فإنهم يبدون طبيعيين تماماً في تعاملهم مع المجتمع، ومن الصعب جداً معرفة أن الجار اللطيف أو مدرس الرياضيات الهادئ هو في الحقيقة قاتل متسلسل.
وأشهر مثال من القتلة المتسلسلين ممن ينطبق عليهم هذا الكلام هو «تید بندي» الذي سيأتي الحديث عنه بالتفصيل لاحقا.. إنه رجل وسيم ساحر يملك روحاً مرحة ويعيش حياة طبيعية جدا. ولم يشك أحد فيه أو يصدق حتى لحظة القبض عليه أنه ذلك الوحش.
وغالباً ما يكون القاتل المتسلسل ذكراً أبيض البشرة، يتراوح سنه ما بين الخامسة والعشرين والخامسة والثلاثين، مستوى ذكائه متوسط (أحياناً أقل من المعدل الطبيعي وأحيانا أكبر)، لا يشترط انتماؤه لفئة معينة من المجتمع..
يمكن أن يكون من الأغنياء أو الفقراء، أعمار ضحاياه متفاوتة إلى حد كبير، ليس هناك أي رابط بينه وبين ضحاياه, ليس هناك دوافع كراهية أو انتقامية ضدهم، يمثل ضحاياه له رمزا ما في عقله مما يصنع الرابط الذي يدفعه لقتلهم.
كيف نحدد نوع الجريمة؟
صنف الجريمة عادة كجرائم للقتل المتسلسل كالآتي:
عندما ترتكب أكثر من جريمة يكون العامل المشترك بينها ألا يكون هناك أية علاقة تربط القاتل بالضحية .. يكون غالباً موعد ارتكاب الجريمة ومكانها مختلفين عن الجرائم السابقة، وألا يكون هناك ما سرق من الضحية.. أي أن الجريمة ليست لدافع السرقة.
وغالبا ما يكون ضحايا القاتل المتسلسل من المهمشين اجتماعا أو من غير القادرين على الدفاع عن أنفسهم لوضاعة شأنهم أو لضعفهم الجسدي (مثل: العاهرات، والمشردين من المهاجرين غير الشرعيين، والشواذ جنسيا، والأطفال التائهين، أو السيدات المسنات العوانس).
الفارق بين القاتل المتسلسل والعشوائي والهوسي.
مصطلح «قاتل متسلسل» ظهر لأول مرة لوصف «تید بندي»، القاتل الأمريكي الذي قتل حوالي مائة شخص في فترة زمنية قدرها خمس سنوات ما بين عامي 1974م. و1979م.
دائما ما يترادف مصطلحي «قاتل متسلسل» (Serial Killer) و«قاتل عشوائي» (Mass Murderer) إلا أن خبراء علم الجريمة لهم رأي آخر!.. فهم يرون فارقاً كبيراً بين المصطلحين.
فالقاتل المتسلسل: هو القاتل الذي يترك فترة زمنية طويلة نسبياً بين كل ضحية والأخرى.. يكون القاتل عادة في تلك الفترة بين كل جريمة والأخرى في حالة نفسية سوية كأي شخص عادي.
أما القاتل العشوائي: فهو يقتل عدداً من الأشخاص في نفس الوقت، كمن يقتحم مکانا ليفرغ مدفعه الرشاش في كل من يعترض طريقه.. وأفضل مثال للقتلة العشوائيين يكون غالبا في الحروب.. حيث تكثر المذابح والإبادات العرقية وما إلى ذلك.. كما يحدث في فلسطين على سبيل المثال.
وهناك أيضا نوع آخر من القتلة يسمى «القاتل الهوسي».. وهو كالقاتل المتسلسل يقتل واحداً أو اثنين في المرة.. لكنه لا يترك وقتاً بين كل جريمة وأخرى.. والفارق بينه وبين القاتل المتسلسل أن القاتل المتسلسل دوافع القتل لديه تتلخص في استدراج الضحية للموت، أما القاتل الهوسي فدافعه هو أن يذهب للصيد.. .
ومن أشهر الأمثلة للقاتل الهوسي «هوارد أونروا» الأمريكي الذي عاد لبيته في نيوجيرسي» ليكتشف أن بوابة الحديقة قد تمت سرقتها..
ليدخل لسحب سلاحه من البيت ويخرج للشارع ليطلق النار على 26 شخصا مات منهم 13 وأصيب الآخرون بجروح متفرقة.
دوافع القاتل المتسلسل
القاتل المتسلسل ما هو إلا قاتلاً متسلسلاً .. أليس كذلك؟ فهناك أنواع للقتلة المتسلسلين حسب الدوافع طبقا لتصنيفات الخبراء.
وهناك أربعة تصنيفات أساسية لهم:
1- هم من قتلوا؟
ويسمى بقاتل الى (Visionary).. هذا النوع غالباً ما يكون مصابا بانفصام الشخصية والدهان (اضطراب عقلي).. ودائما ما يتوهم أن (هم) من دفعوه للقتل.. و(هم) يوجهون حياته عن طريق سماعه لأصواتهم داخل عقله المريض..
وغالبا لا يتم القاتل من هذا النوع نفسه للشرطة أبدا.. لأنه لا يؤمن حقيقة أن (هو) من ارتكب تلك الجرائم.. (هم) فعلوا.
۲- مهمة من السماء؟
ويسمى بالقاتل المكلف بمهمة ( Mission-Oriented)..
وغالباً ما يؤمن القاتل من ذلك النوع بأن مهمته هي تخليص العالم من العناصر الفاسدة والتي لا تحدث فارقاً في سير الحياة .. وغالبا ما يمتزج بشعوره أنه التخلص أو المسيح القادم لينقذ العالم.. .
وهذا النوع يكون غير واع للعالم من حوله.. منفصل تماماً عن المجتمع حتى وإن أظهر اندماجه فيه.
٣- قتل للقتل؟
يضطلح على تسميته القاتل بدافع الاستمتاع ( Thrill-Oriented )..
وذلك النوع يقتل لمتعته الشخصية.. وكلما استمر في القتل كلما زادت لذته .
وهذا النوع من القتلة مريض غالبا بالسادية التي هي حب تعذيب الآخرين.
4 – سادية مطلقة؟
ويسمى بقاتل الشهوة (Lust).. ويقتل هذا النوع لإشباع رغبته الجنسية.. وهذا النوع هو أعنف أنواع القتلة المتسلسلين.. فهو يتلذ بتعذيب الضحية والتمثيل بها بعد موتها بأبشع الطرق.
وللأسف فإن القاتل من هذا النوع صعب جدا القبض عليه .. فهو يتمتع بالذكاء الاجتماعي الشديد .. ومن المستحيل تقريباً التفرقة بينه وبين أي شخص عادي لكثرة اختلاطه بالناس وعدم ظهور ساديته على الملأ.
وعموما فدوافع القاتل المتسلسل في أغلب الأحيان ناتجة عن دوافع سادية.. وغالبا ما يصف بأنه سيكوباثي (کاره للمجتمعات وغير قادر على التعاطف والإحساس بمعاناة الآخرين).. ويقوم بعض القتلة المتسلسلين بتعذيب ضحاياهم قبل القتل أو التمثيل بجثهم بعد القضاء عليهم.
وعلى الرغم من تفاوت دوافع القتلة المتسلسلين كما سنرى لاحقا فإن القاتل المتسلسل لا يتوقف أبدا عن قتل ضحاياه إلا إذا تمت إعادة تأهيله أو القبض عليه..
أما غير ذلك فإن القاتل سيستمر في إهلاك أرواح ضحاياه حتى لو كان الفارق الزمني بين كل ضحية والأخرى سنوات .. وتلك قاعدة عامة في نفسية القتلة المسلسلين إلا في استثناءات نادرة.
وفي العديد من محاكمات القتلة المتسلسلين يكون الحكم بأن القاتل ليس مذنبا لدوافع جنونه.. وقليلا ما صدر الحكم على أحدهم بالإعدام.. وفي معظم الحالات تم شهور طويلة أو سنوات للقبض على قاتل متسلسل.. على حسب الفترات الزمنية التي يقتل بينها واكتشاف الشرطة للدافع الذي يقتل من أجله .
ليس من الغريب أن تتشابه أخلاق وسلوكيات أفراد بعض العائلات، ولا غرو أن للوراثة دوراً كبيراً في ذلك، ولهذا نجد بعض العائلات تشتهر بالجود والكرم، وأخرى بميلها للعنف وسرعة الغضب.
وهناك أيضا عائلات يجمع بين أفرادها خصلة سوء الأخلاق ورداءة الطبع، فتری الناس تتحاشى الاختلاط بها وتتجنب جیرتها.
ربما تكون قصة «ريا وسكينة» هي من أشهر قصص القتلة المتسلسلين (Serial killers) في مصر والعالم العربي، وقد يعود جزء كبير من هذه الشهرة إلى الإعلام المصري الذي تناول القصة منذ منتصف القرن المنصرم في عدة أفلام ومسرحيات نالت نجاحاً واسعاً.
ربما يعود جزء من شهرة القصة أيضاً إلى سخر الماضي، فمطلع القرن العشرين كان زمانا له نكهة خاصة ليس في مصر فحسب بل في جميع أرجاء المعمورة، فذلك العهد شكّل انعطافة كبيرة في تاريخ البشرية جمعاء، حيث بدأت الاختراعات والاكتشافات تتوالى بشكل متسارع في جميع المجالات فظهرت الطائرات والسيارات وشبكات الكهرباء والسينما.. إلخ.
لذلك أصبحت تلك الحقبة تمل مزيجاً سحریاً غريباً تداخل فيه القديم مع الحديث، فكانت العربة التي تجرها الحمير تسير في الشارع جنباً إلى جنب مع السيارة والقطار .
وكانت الأزياء والألوان تختلط في الأسواق والمقاهي ما بين القديم المتمثل في جلاليب وعباءات الناس بسطاء و الحديث الذي جسده البذلات و الفساتين البراقة والأنيقة لطبقة الأفندية و الهوانم، وعلى الرغم من أن معظم الناس كانوا فقراء لكن الحياة بشكل عام كانت سهلة وبسيطة، لذلك دأب العجائز وكبار الش على تذكر تلك الأيام قائلين بحسرة: «الله يرحم زمان و أيام زمان». .
ينبغي أن نذكر قبل الخوض في تفاصيل القصة، للأمانة والتاريخ، بأن جرائم الشقيقتين لم تكن غريبة ولا جديدة على العالم العربي، فمن ينبش في كتب التراث سيجد جرائم مماثلة، بل ربما أسوأ وأبشع ذكرها المؤرخون القدماء في كتبهم.
جرائم جرت أحداثها ووقائعها خلال القرون المنصرمة في بغداد والقاهرة وغيرها من الحواضر العربية والإسلامية، لكنها حيث من الذاكرة وطواها النسيان لتقادم الزمان ولقناعة البعض الساذجين في أن الأقدمين كانوا منين عن جرائم وآفات المجتمع العصري.
ولعل عصابات الختاقين هي الأشهر في هذا المجال، وهي أبلغ مثال على جرائم – وهم قتلة الأزمان الغابرة، فهؤلاء السفاحين تفننوا في استدراج ضحاياهم والإيقاع بهم، ومثلما كانت «ريا وسكينة» تخدعان الضحية و تجيرانها إلى حتفها بالحيلة والكلام المعسول.
فإن نساء الخناقين كانت وظيفتهن تنحصر غالباً في الإيقاع بالضحية واستدراجها إلى الكمين المتفق عليه حيث يتولى أفراد العصابة من الرجال قتلها ودفنها.
الإسكندرية في مطلع القرن العشرين لم تكن كما يعرفها الناس اليوم، كان قسم كبير منها يغص بالأحياء القديمة والمنازل المتهالكة التي كان يتقاسم غرفها عدة مستأجرين في آن واحد، فالبناء العمودي و نظام الشقق لم يكن منتشراً آنذاك كما هو الحال الآن، وكانت الشقيقتان «ريا وسكينة» تعيشان في أحد تلك الأحياء القديمة والفقيرة الذي كان يدعی ب: «حي اللبان». .
وفي عام 1920م. بدأت ترد إلى قسم شرطة اللبان بلاغات من بعض الأهالي حول اختفاء نسوة من أقاربهم بشكل غامض، الطريف في الأمر أن بعض ذوي النساء المفقودات ذكروا اسم «سكينة» ضمن إفاداتهم على أنها كانت آخر شخص تم مشاهدته مع بعض المفقودات قبل اختفائهن.
والأطرف من ذلك هو أن بعض جرائم القتل حدثت في أماكن لا تبعد عن قشم الشرطة سوى أمتار معدودات. لكن بالطبع يجب أن لا ني بأننا نتكلم عن أحداث جرت قبل ما يقارب القرن من الزمان، عندما كانت وسائل وتقنيات التحقيق لدى الشرطة تتصف بالبدائية، وفي زمان كانت الشرطة تعمل فيه جاهدة لبسط سطوتها على الأحياء والحارات التي كان يحكمها الفتوات والبلطجية.
لذلك تم إهمال العديد من الأدلة التي كان يمكن أن تدين السفاحتين اللتين تمضين في قتل المزيد من الضحايا بدون خوف أو وجل، ومع ازدياد عدد ضحاياهن، تزاید أيضاً وانتشر الرعب والهلع في المدينة انتشار النار في الهشيم، وصارت النساء تتحاشی مغادرة منازلهن إلا عند الاضطرار، وذلك بسبب خوفهن من عصابات الخطف.
في النهاية كانت الصدفة وحدها هي التي أوقعت الشقيقتين في يد العدالة، فسکينة كانت تستأجر غرفة من الباطن، أي أنها كانت مستأجرة لدى أحد الأشخاص الذي كان هو أيضاً بدوره مستأجراً من صاحب العقار الأصلي، ويبدو أن العلاقة بين المستأجر والمؤجر لم تكن على ما يرام، فوصلت خلافاتها إلى أقسام الشرطة والمحاكم.
وحين أمرت المحكمة بإخلاء المنزل لصالح مالك العقار الأصلي اضطرت سكينة أيضاً إلى إخلاء غرفتها، وقد حاولت بكل وسيلة وحيلة إقناع صاحب الدار بأن يؤجر لها الغرفة مرة أخرى، لكنه رفض ذلك بشكل قاطع بسبب سيرتها المشينة وتصرفاتها التي طالما أزعجت الجيران.
فسكينة كانت بائعة هوى في شبابها، ثم أصبحت قوادة تستأجر عددا من البيوت والغرف لإقامة حفلات السّكر والعربدة، مستعينة بعدد من بائعات الهوى والنساء سيئات الصيت،
وقد ورد في حيثيات الحكم الصادر بحق الشقيقتين من محكمة جنايات الإسكندرية ما يؤكد طبيعة عملهن، حيث ذكر أن:
«هذه المحلات جميعها أعدت للدعارة سراً، وكانت البغايا من النساء تتردد إليها تارة من تلقاء أنفسهن، وطوراً بطلب من «ريا وسكينة» لتعاطي المسكرات وارتكاب الفحشاء فيها، وكانت إدارة المحلات المذكورة مشتركة بين ريا وسكينة، و أرباحها قسم بينهما»..
ويشاء الله أن يقرر مالك العقار الذي أخليت منه سكينة إجراء بعض الترميمات في أرجاء المنزل، ومن ضمنها الغرفة التي كانت مستأجرة من قبل سكينة، حيث شرع في حفر أرضيتها لغرض تبديل بعض أنابيب المياه المتأليلة.
لكن الرجل ما يلبث أن يعثر على بعض العظام البشرية مدفونة تحت البلاط، فيمضي في الحفر حتى يعثر على جثة كاملة متفسّخة لامرأة لم يتبق مما يدل على هويتها سوى بعض خصلات الشعر الطويلة المعلقة بالكاد إلى جمجمتها.
يهرع الرجل إلى قسم الشرطة مصطحباً إياهم إلى داره لمعاينة الجثة، فيقرر هؤلاء الاستمرار في حفر أرضية الغرفة على أمل العثور على المزيد من الجثث، وبالفعل يتم العثور على جثة أخرى في نفس الغرفة، وعلى جثة ثالثة في غرفة مجاورة كانت مستأجرة أيضا من قبل سكينة.
ثم تبدأ الشرطة في البحث في المنازل والأماكن التي كانت سكينة تتردد عليها فتعثر على جثة رابعة في منزل آخر كانت سكينة تستأجر إحدى غرفه أيضاً.
ويؤدي اكتشاف الجثث إلى أن ترتاب الشرطة أيضاً في «ریا» شقيقة «سكينة» وتبدأ في مراقبتها. ويشاء الله أن يشاهد أحد المخبرين «ریا» في منزل يقع بالضبط خلف مبنى قسم شرطة اللبان، يشك الخبر في تصرفات «ریا» لأنها كانت تعطر إحدى غرف المنزل بكمية كبيرة من البخور لا تتناسب مع حجم الغرفة الصغيرة، فتداهم الشرطة المنزل وتبدأ بتفتیش تلك الغرفة التي كانت تنبعث منها رائحة كريهة تزكم الأنوف لم تستطع أبخرة العود والبخور الكثيفة والمتصاعدة في أرجاء المنزل من إخفائها.
في تلك الغرفة تعثر الشرطة على اثنتي عشرة جثة تحت البلاط، ومخبأة بين الأخشاب الملحقة بالغرفة، كما تعثر الشرطة على جثة إضافية في غرفة ملاصقة للغرفة الأولى ليصبح العدد الكلي للجثث المكتشفة سبع عشرة جثة.
تقوم الشرطة بإلقاء القبض على «ريا وسكينة» اللائي تحاولن في البداية إنكار أي علاقة لهن بالجثث، لكن حين تحاصرهما الشرطة بالأدلة والشهود تعترفان أخيراً بجرائمها التي تتمثل في استدراج النساء إلى مجموعة من البيوت والغرف المستأجرة الغرض قتلهن والاستيلاء على مصوغاتهن وځلهن الذهبية.
وأغلب الضحایا كنّ إما من بنات هوى أو من النساء المتبعات في أحد الأسواق التجارية القريبة من حي اللبان. أما طريقة القتل فقد قالت الشقيقتان بأنها كانتا في البداية تغريان و تخدعان الضحية بالكلام المعسول حتى تنالا ثقتها، ثم تسقيانها شرابا فيه خمرة قوية تؤدي بها إلى الشكر والثالة، فتفقد القدرة على التركيز والقوة على المقاومة .
حينئذ كان أحد أفراد العصابة من الرجال يتسلل بهدوء خلف الضحية ثم يقوم بحركة سريعة ومباغتة بلف منديل من القماش على رقبتها بإحكام، ثم يبدأ بخنقها بكل ما أوتي من قوة، وفي هذه الأثناء أيضا يرتمي بقية أفراد العصابة على الضحية كما ترتمي الذئاب على طريدتها المذعورة، فيقوم بعضهم بتكميم فمها لمنعها من الصراخ، فيما يمسك الآخرون بيديها ورجليها ويثبتونها حتى تلفظ آخر أنفاسها.
وما أن تفارق الضحية الحياة حتى يجدونها من څليها ومصوغاتها الذهبية وملابسها، ثم يقومون بدفنها في نفس المكان الذي قتل فيه، وكانت الشقيقتان تبيعان الذهب المسروق إلى أحد الصاغة في السوق ثم تقتسان ثمنه مع بقية أفراد العصابة.
المجرمون الرئيسيون في جرائم القتل كانوا كل من: ريا وزوجها حسب الله، وسكينة وزوجها محمد عبد العال، وشخصين آخرين باسم: عرابي و عبد الرازق.
وقد قضت محكمة جنايات الإسكندرية بإعدامهم جميعاً، وتم تنفيذ الحكم فيهم بتاريخ 21 – 22 كانون الأول / ديسمبر عام 1921م.، كما شمل الحكم سجن الصائغ الذي كان يشتري الذهب المسروق من الشقيقتين لمدة خمسة أعوام، في حين بأت المحكمة ثلاثة أشخاص آخرين كانوا على علاقة بالمجرمين وتم إخلاء سبيلهم.
جثتي رسا وسكينة بعد تنفيذ حكم الاعدام
مع إعدام الشقيقتين السفاحتين تم طوي صفحة جرائمها البشعة إلى الأبد، لكن الرعب والإثارة التي سببتها تلك الجرائم استمرت حتى اليوم، ولا زال الناس في حي اللبان في الإسكندرية يتذكرون قصة ريا وسكينة، ويحدثون الزائرين عنها كأنها حدثت بالأمس.
أما قسم شرطة اللبان نفسه فقد تحول اليوم إلى ما يشبه المتحف، حيث يضم بين جدرانه بعض متعلقات القضية كأوراق التحقيق وحكم المحكمة، وصور قديمة للشقيقتين، مع صور بعض ضحاياهن.
بالنسبة للمنزل الذي عثرت الشرطة فيه على جثث الضحايا فهناك اختلاف بين السكان حول مكان المبنى الأصلي، لكن الأرجح أنه هيرم في خمسينيات القرن المنصرم وشدت مكانه عمارة صغيرة لا زال بعض شكانها يذكرون قصصا طريفة حول خوفهم وهلعهم من السكن فيها في بداية تشييدها.