الوسم: افضل محامي

  • طرق الحصول على التعويض في عقد التأمين البحري

    ذكرنا أن المؤمن يلتزم بتعويض المؤمن له عن الضرر الناتج من وقوع الخطر المؤمن منه بشرط ألا يجاوز قيمة التأمين، أي أنه يتوجب على الطرفين تسوية العلاقة بينهما بأن يبادر المؤمن إلى تسديد مبلغ التأمين، وذلك إذا توافرت الشروط المذكورة في عقد التأمين وللمؤمن له في سبيل اقتضاء حقه من المؤمن اتباع إحدى الدعويين :

    1- الدعوى الأولى: دعوى الخسارة البحرية (دعوى التعويض):

    ويتم بموجبها تحديد مقدار التعويض الذي يدفعه المؤمن وهي الطريق العادي الذي يستعمل في كل المخاطر.

    2 – الدعوى الثانية: دعوى التخلي أو الترك وهي طريق استثنائي وتكون في حال وقوع أخطار ينتج

    عنها أضرار بالغة، وفيها يترك المؤمن له الشيء المؤمن عليه للمؤمن في مقابل أن يدفع هذا الأخير مبلغ التأمين كاملاً.

    المطلب الأول : تقدير قيمة الشيء المؤمن عليه:

    عقد التأمين من عقود التعويض، وعليه فإن المؤمن يلتزم بتعويض المؤمن له عما يلحقه من ضرر من جراء تحقق أحد الأخطار التي يضمنها المؤمن.

    والذي يجدر ملاحظته بأن تعويض التأمين يختلف عن مبلغ التأمين، إذ بينما يقتصر الأول على حدود الضرر الذي يلحق المؤمن له فإن مبلغ التأمين يمثل الحد الأقصى لالتزام المؤمن، ولو قل عن قيمة الضرر الذي لحق المؤمن له وتطبق في هذه الحالة قاعدة النسبية إذا لم يصل الضرر إلى حد الهلاك الكلي الشيء المؤمن عليه.

    أولاً – الوثيقة محددة القيمة Valued Policy :

    وهي الوثيقة التي تحدد قيمة الشيء المؤمن عليه، وبالتالي فإن المبلغ الذي يمكن استرداده من المؤمن تحدده الوثيقة.

    وتحدد قيمة الشيء المؤمن عليه بالاتفاق، ويتم بعد ذلك إدخاله في وثيقة التأمين على أنه المبلغ الذي يمكن المطالبة باسترداده من المؤمن عند حدوث الحادث المؤمن منه.

    وهذا التقييم أو التقدير لقيمة الشيء المؤمن عليه ملزم، وعلى ذلك فلا يستطيع المؤمن له أن يطالب بأكثر من هذه القيمة إذا كانت خسارة المؤمن له أكثر من القيمة التي تغطيها الوثيقة، فهذا التقدير لا يتأثر بزيادة أو بنقص القيمة الفعلية للشيء المؤمن عليه.

    إلا أن هذا الإلزام يشترط فيه عدم وجود الغش، وعلى أي حال ففي الخسارة الجزئية فإن التقدير لا أثر له، وللمؤمن له أن يسترد المقدار الفعلي لخسارته التي يقع عبء إثباتها عليه.

    ونشير أن الفقرة الثانية من المادة (27) من قانون التأمين البحري الإنكليزي لسنة 1906 تبين أن الوثيقة محددة القيمة:

    “هي الوثيقة التي تحدد القيمة المتفق عليها للشيء المؤمن عليه”.

    وتتابع الفقرة الثالثة من المادة نفسها قولها: “أنه إذا انتفى الغش فإن القيمة المحددة في الوثيقة بين المؤمن والمؤمن له تعتبر قطعية فيما يتعلق بالقيمة التأمينية للشيء الذي يطلب التأمين عليه سواء أكانت الخسارة كلية أو جزئية.

    ثانياً – الوثيقة غير محددة القيمة Unvalued Policy :

    في هذه الوثيقة لا يتم تحديد المبلغ الذي يدفع للمؤمن له ولكن تحديده يترك لما بعد وقوع الحادث. أي أن المبلغ يحدد في الوثيقة على أنه يمثل مبلغ التأمين يدل فقط على المبلغ الذي لا يمكن أن تمتد مسؤولية المؤمن إلى ما يتعداه، فلا يمكن للمؤمن له أن يسترد إلا القيمة الفعلية والحقيقية لبضائعه.

    وتعرف المادة (28) من قانون التأمين البحري الإنكليزي لسنة 1906 الوثيقة غير محددة القيمة بأنها: “تلك التي لا تحدد قيمة الشيء المؤمن عليه، ولكنها تترك القيمة التأمينية ليصار إلى تحديدها فيما بعد في حدود القيمة المؤمن عليها، وعليه يكون الفرق بين الوثيقة محددة القيمة والوثيقة غير محددة القيمة في أن المؤمن يلتزم في الحالة الأولى بدفع مبلغ من النقود لا يجوز أن يزيد على المبلغ المنصوص عليه في الوثيقة.

    فالتعويض يتناسب مع القسط الذي يتناسب بدوره مع الخطر، فلا يجب على المؤمن أن يدفع مبلغا يزيد عما تعهد به، أما في الحالة الثانية، فلا تتضمن الوثيقة مبلغ تأمين ثابت، وبالتالي لا يلتزم المؤمن في مواجهة المؤمن له بالتزام محدد من حيث المبلغ الذي يجب أن يدفعه إلى المؤمن له ولا يحد من التزام المؤمن في هذه الحالة إلا قید واحد في تأمين الأضرار هو الضرر الذي أصابه المؤمن له أو المستفيد من التأمين . 

    وعقد التأمين هو عقد تعويض فلا يجوز للمؤمن له أن يحصل على تعويض من وقوع الحادث المؤمن منه يزيد على مقدار ما أصابه من ضرر، وهذا المبدأ من النظام العام ولا يجوز مخالفته، لذا يبطل كل اتفاق يخالفه (المادة 354 من قانون التجارة البحرية).

    فلو لم يكن تقدير التعويض بمقدار الضرر الأصبح التأمين خطر يهدد الجماعة إذ يتحول التأمين من عملية اطمئنان في نفس المؤمن له إلى مضاربة، ولأنه بغير ذلك تكون للمؤمن مصلحة في وقوع الخطر.

    وهذا المبدأ يمنع المؤمن من أن يدفع للمؤمن له عند تحقق الخطر مبلغا يزيد على مقدار الضرر الفعلي الذي نجم عن وقوع الخطر.

    وإذا كان الأصل أن يكون المبلغ المؤمن به مساوية لقيمة الشيء المؤمن عليه، إلا أنه قد يكون أعلى من هذه القيمة أو أقل، فما الحكم في هذه الفروض؟

    1- إذا كان المبلغ المؤمن به مساوية لقيمة الشيء المؤمن عليه،

    فإن القسط الذي يلتزم المؤمن له بدفعه يتحدد على هذا الأساس، ومن ثم إذا وقع الخطر المؤمن منه فإن أداء التعويض الذي يلتزم المؤمن بدفعه للمؤمن له عن الضرر الناتج يكون مساوية لكل الضرر بشرط ألا يجاوز التعويض قيمة مبلغ التأمين (المادة 353 من قانون التجارة البحرية).

    فمهما بلغت الأضرار التي لحقت بالمؤمن له فإن أداء المؤمن لا يجوز أن يزيد عن المبلغ المؤمن به، والغالب في وثائق التأمين أن يتحدد مبلغ التأمين المتفق عليه بقيمة تعادل قيمة الشيء المؤمن عليه، وبالتالي يتساوى الضرر مع مبلغ التأمين المتفق عليه في حالة الهلاك الكلي للشيء .

    2- فإذا تعذر تحديد قيمة الشيء المؤمن عليه بشكل دقيق فإنه يغلب أن يتقدم المؤمن له بتقديرالشيء المؤمن عليه، ويقبل المؤمن هذا التقدير ومع أن قبول المؤمن لهذه القيمة يعتبر مؤقتة إلا أن المؤمن له يعفى من إقامة الدليل على القيمة الحقيقية للشيء المؤمن عليه عند وقوع الخطر، إذ يفترض أن القيمة المقدرة تساوي القيمة الحقيقية، ومن ثم يلتزم المؤمن بالتعويض عن الضرر على هذا الأساس، إلا إذا أقام الدليل على أن القيمة المقدرة للشيء هي أعلى من القيمة الحقيقية حتى لا يتكسب المؤمن له من وراء التأمين .

    وتصدر قانون التجارة البحرية للحالات العملية التي تعقد فيها عقود التأمين بمبلغ يزيد أو ينقص عن قيمة الشيء المضمون (المؤمن عليه) وذلك على النحو الآتي: 

    في حالة ما إذا كانت القيمة المصرح بها تزيد على قيمة الشيء المضمون (المؤمن عليه): 

    إذا بالغ المؤمن له في تحديد قيمة الشيء المؤمن فقدرها في عقد التأمين بمبلغ يزيد عن القيمة الحقيقية الشيء المؤمن عليه، فإن الجزاء الذي وضعه المشرع في مثل هذه الحالة يختلف باختلاف نية المؤمن

    أ- فإذا كان تقدير المؤمن له أو وكيله لمبلغ التأمين في العقد يزيد على قيمة الشيء المؤمن عليه وثبت أن ذلك قد حصل بتدليس من جانب أي منهما، فإن للمؤمن أن يبطل عقد التأمين، ويبقى القسط كاملا من حقه المادة 370 من قانون التجارة البحرية).

    ويلجأ المؤمن له عادة إلى تقدير قيمة الشيء بأكثر من قيمته الحقيقية طمعا في الحصول على فائدة من عقد التأمين في حالة وقوع الخطر – أي أنه يسعى أن يكون مركزه بعد حدوث الخطر المؤمن منه أفضل من وضعه قبل حدوث الخطر – وهو ما يخالف مبدأ اعتبار عقد التأمين عقدة تعويضية.

    وما نلاحظه هنا بأن المشرع قد أعطى المؤمن حق الخيار، فإن شاء نفذ العقد، وإن شاء أبطله، وفي هذه الحالة يتقاضى كامل القسط على سبيل التعويض.

    ولكن يجب على المؤمن أن يثبت غش وتدليس المؤمن له أو وكيله حتى يمكن تطبيق الجزاء).

    ب – أما إذا كان تقدير المؤمن له لقيمة الشيء بأكثر من قيمته الحقيقية ناجمة عن خطأ أو حسن نية،

    فإن العقد يبقى صحيحاً في حدود القيمة الفعلية للشيء المؤمن عليه، ويبطل فيما يزيد على ذلك (الفقرة الأولى من المادة 370 من قانون التجارة البحرية) .

    وعلى ذلك فإن المؤمن لا يأخذ قسط التأمين الذي يقابل الزيادة في تقدير قيمة الشيء المؤمن عليه، ولكنه يستحق تعويضة من المؤمن له إذا لحقه ضرر من جراء الزيادة في التقدير .

    2 – التأمين بأقل من قيمة الشيء محل التأمين :

    فإذا كان المبلغ المؤمن به أقل من القيمة الحقيقية للشيء المؤمن عليه، ويطلق على هذا النوع من التأمين عادة بالتأمين (الناقص، أو الجزئي) فلا يمكن للمؤمن له أن يحصل على تعويض عن الضرر الحاصل له عند تحقق الخطر بما يزيد عن المبلغ المؤمن به مهما كانت قيمة الضرر الذي أصاب المؤمن له.

    وما نلاحظه هنا بأن تطبيق قاعدة النسبية في حالة الهلاك الجزئي ليست من النظام العام ويستطيع كلا من المؤمن والمؤمن له أن يتفقا على أن تبعة الهلاك الجزئي تقع بأكملها على عاتق المؤمن طالما أنها لم تتجاوز مبلغ التأمين المحدد في العقد (المادة 326).

     

    طرق الحصول على تعويض التأمين

     

    ذكرنا سابقاً بأن الالتزام الرئيسي الذي يقع على عاتق المؤمن هو الالتزام بدفع التعويض عند تحقق الخطر.

    ويتوقف نمط الوفاء بهذا الالتزام على كيفية مطالبة المؤمن له بتعويضه عن الضرر الذي الحق به، فله إما اللجوء على دعوى الخسارة وإما اللجوء إلى دعوى الترك.

    أولاً – دعوى الخسارة البحرية :

    تعد دعوى الخسارة وسيلة حصول المؤمن له على مبلغ التعويض المتفق عليه ونميز هنا بين طرق تقدير التعويض بحسب ما إذا كان محل التأمين الذي لحقته الخسارة سفينة أو بضائع.

    أ- تقدير التعويض في التأمين على السفينة :

    قد لا يلحق السفينة نتيجة الخطر البحري أضرار مادية، ولكن المؤمن له يكون قد تكبد نفقات ومصاريف نقدية في سبيل تفادي الخطر أو في سبيل المحافظة على السفينة وتخفيف آثار الحادث، ففي مثل هذه الحالة يلتزم المؤمن بدفع قيمة هذه النفقات والمصاريف في حدود مبلغ التعويض المتفق عليه وذلك متى قدم الدليل.

    وقد تكون السفينة نتيجة تحقق الخطر بحاجة إلى إصلاحات، ففي هذه الحالة يلتزم المؤمن بدفع نفقات الإصلاح اللازمة لضمان صلاحية السفينة للملاحة البحرية، على أن يخصم من هذه النفقات فرق التجديد وهو ما ينتج عن الزيادة في قيمة السفينة نتيجة الإصلاح واستبدال أجزاء جديدة لها بأجزاء قديمة منها .

    ومما تجدر ملاحظته أن المؤمن وإن كان يلتزم بمصاريف الإصلاح أو الاستبدال إلا أنه لا يلتزم بالقيام بعملية الإصلاح أو الاستبدال للأشياء المؤمن عليها (المادة 381 من قانون التجارة البحرية).

    أما إذا هلكت السفينة هلاكاً كلياً فيقدر التعويض في ضوء قيمة السفينة المقدرة في وثيقة التأمين أو ما يقدرها أهل الخبرة قبل وقوع الحادث مباشرة وذلك بناء على قيمتها في يوم بدء الأخطار، أي بدء الرحلة البحرية .

    ويشمل التعويض جسم السفينة ومصاريف التجهيز اللازمة لإبحار السفينة (الفقرة الأولى من المادة 397 من قانون التجارة البحرية).

    وقد تناولت الفقرة الثانية من المادة السابقة إلى حالة التأمين على ملحقات السفينة المملوكة للمؤمن له بعقد تأمين منفصل عن عقد تأمين السفينة وبأي تاريخ، فإذا حدث أن هلكت السفينة المؤمن عليها كلية أو تركت للمؤمن، فإنه يجب تخفيض القيمة المتفق عليها في العقد للسفينة بما يعادل قيمة هذه الملحقات كي لا يعوض المؤمن له عنها مرتين، وكذا الحال إذا بقي من السفينة حطامة حيث يضم قيمة هذا الحطام من التعويض المستحق للمؤمن له إلا إذا تركها المؤمن له للمؤمن فإنه يستحق التعويض کاملا في هذه الحالة .

    وقد يقع الضرر نتيجة تعاقب الحوادث التي يضمنها المؤمن أثناء سريان عقد التأمين فيلتزم المؤمن بتعويض المؤمن له بما لا يتجاوز قيمة التأمين بضمان الأضرار الناشئة عن كل حادث يقع أثناء سريان وثيقة التأمين رغم تعدد الحوادث، ويجوز للمؤمن أن يشترط في وثيقة التأمين أن يدفع المؤمن له بعد كل حادث قسط تكميلي يتفق عليه (المادة 395 من قانون التجارة البحرية ).

    ب – تقدير التعويض في التأمين على البضاعة:

    1- إذا كان الضرر الذي لحق البضاعة يتمثل في مبالغ نقدية تتمثل في مصاريف أنفقت عليها بقصد

    الأخطار أو التخفيف من آثارها عند وقوعها، فإنه لا صعوبة في تقدير التعويض المستحق للمؤمن له

    وعلى المؤمن دفع هذه النفقات والمصاريف في حدود مبلغ التأمين المتفق عليه .

    2 – فإذا كان الضرر الذي لحق البضاعة ضررة كلية، فإن للمؤمن له أن يطالب المؤمن بدفع التعويض

    عنها طبقا لقيمة التأمين المحددة في وثيقة التأمين، وللمؤمن أن يدقق في حقيقة هذه القيمة أو يطلب من المؤمن له إثباتها وبالتالي فإن المؤمن لا يلتزم إلا بدفع القيمة الحقيقية للبضاعة وفي حدود مبلغ التأمين الذي أمن به المؤمن له على البضاعة في وثيقة التأمين.

    وتقدر قيمة البضاعة في ميناء الشحن وفي وقت الشحن بحيث إن مبلغ التأمين لا يجوز أن يزيد على هذه القيمة في ذلك الوقت، فإذا قدرت في ميناء الوصول أضيف إلى هذه القيمة أجرة النقل أو خسارة التأمين عليها والربح المتوقع (المادة 404 والمادة 405 من قانون التجارة البحرية السوري).

    ذلك أنه يجوز أن يكون محلا للتأمين كل مصلحة مشروعة بما في ذلك الربح المتوقع (الفقرة الأولى من المادة 259 من قانون التجارة البحرية).

    3 – أما إذا كان قد لحق البضاعة ضرر أو تلف جزئي، فتؤخذ النسبة بين قيمتها سالمة وقيمتها تالفةفي ميناء الوصول، ثم تطبق النسبة على القيمة المؤمن بها (المادة 405 من قانون التجارة البحرية). وهذه هي طريقة التسوية بالنسبة أو بالحصة المتبعة في تسوية الخسارات البحرية المشتركة.

    والسبب في الأخذ بقيمة البضاعة في ميناء الوصول في حالة التلف، أنه لا يمكن تطبيق النسبية على وجه عادل إلا بالأخذ بهذه القيمة، إذ أن مقدار التلف الذي يلحق البضاعة لم يقدر إلا في ميناء الوصول وعلى أساس قيمة البضاعة في هذا الميناء .

    ومما تجدر الملاحظة إليه أنه يجب الاعتداد بقيمة البضاعة قائمة في ميناء الوصول بدون إسقاط نفقات التفريغ والرسوم الجمركية المترتبة عليها. وذلك لأن هذه النفقات كان يتعين على المؤمن له أن يدفعها لو وصلت البضاعة سالمة، وأنه بذلك يوضع في نفس المركز الذي كان يوجد فيه حال وصول البضاعة سالمة.

    وقانون التجارة البحرية السوري لعام 2006 قد أشار إلى الحالات التي لا يسأل المؤمن عنها ومن إحدى هذه الحالات حالة:

    النقص الطبيعي الذي يطرأ على البضائع أثناء الطريق (المادة 379 من القانون) .

    بالإضافة إلى نص المادة (210) من قانون التجارة البحرية السوري السابق والتي جعلت الناقل غير مسؤول عما يلحق البضاعة ناقصة وذلك إذا كانت نسبة النقص مما يتم التسامح بها عادة والتي تعرف بالنقص الطبيعي للبضاعة الذي يمكن أن يلحق بها أثناء عملية نقلها أو أثناء شحنها وتفريغها وهو ما يسمى بنقص أو عجز الطريق (كما لو كانت البضاعة المشحونة حبوبة وسقطت كمية بسيطة منها أثناء عمليتي الشحن والتفريغ، أو كان النقص قد سببته الفئران).

    فإذا كانت نسبة النقص التي أصابت البضاعة تقع ضمن النسبة المتسامح بها عرفاً، فهنا لا يسأل الناقل عن هذا النقص.

    ج – مباشرة دعوى التعويض :

    على أن المؤمن له إذا أراد الحصول على تعويض من المؤمن، عليه أن يثبت تعرض الشيء محل التأمين للخطر وتعرض المؤمن له للضرر من جراء هذا الخطر وعليه إخطار المؤمن بوجود التلف.

    1 – إثبات تعرض الشيء محل التأمين للخطر وإثبات الضرر الذي لحق به:

    إذا أراد المؤمن له الحصول على تعويض من المؤمن أن يطالب بذلك ولكن هذه المطالبة لا تجدي نفعا إلا إذا اقترنت بإثبات وقوع الخطر المؤمن منه، وأنه بسبب ذلك وقع ضرر لحق بالمؤمن له أو بالمستفيد، وطبقا للقواعد العامة في الإثبات في دعاوى التأمين البحري، على المدعي أن يقيم الدليل على دعواه.

    فلا يكفي إثبات وقوع الخطر المؤمن منه لتحقق مسؤولية المؤمن، بل يلزم أن يلحق المؤمن له أو المستفيد ضرر بسبب هذا الخطر، ويقع عبء إثبات هذا الضرر ومداه على المؤمن له أو المستفيد حسب الأحوال، مما يعني أنه إذا وقع الخطر ولم يترتب عليه ضرر للمؤمن له فلا مجال للمطالبة

    بالتعويض.

    2 – إخطار المؤمن بوجود التلف:

    على المؤمن له في جميع حالات التأمين عن البضائع، إخطار المؤمن بحصول الضرر خلال خمسة أيام من تاريخ تسليم البضائع المؤمن عليها، فإن لم يفعل فإنه يفترض أنه تسلمها بحالة سليمة ما لم يثبت خلاف ذلك (المادة 409 من قانون التجارة البحرية)، ويلاحظ أن هذا النص خاص بالتأمين على البضاعة، فلا يسري على تأمين السفينة، وأنه يتعلق فقط بتلف البضاعة دون هلاكها الكلي أو الضياع، لأن مدة الإخطار محسوبة من تاريخ التسليم الذي يقصد به وضع البضاعة فعلا تحت تصرف المرسل إليه في مكان الوصول المتفق عليه، ولذا فلا يتوافر هذا المعنى إذا سلمت البضاعة أثناء الطريق لشخص آخر بسبب عدم إمكان توصيلها أو سلمت تسليما حكيمة للمرسل إليه بأن سلمت إليه المستندات الممثلة له.

    فإذا تقررت مسؤولية المؤمن بتحقق الخطر المؤمن منه وإلحاقه ضررة بالمؤمن له، التزم بدفع التعويض المؤمن له، وهذا التعويض يكون مساوية لمبلغ التأمين أو أقل منه دون أن يتجاوزه، وفقا لنص المادتين (353) و (354) من قانون التجارة البحرية.

    د – حلول المؤمن (شركة التأمين) في دعاوى المؤمن له:

    دعوى الرجوع البحري التي يحل فيها المؤمن محل المؤمن له في مواجهة الغير المسؤول عن الضرر، تعد من أهم ما يتمتع به المؤمن به في مقابل ما يتحمله من أعباء ومسؤوليات في مواجهة المؤمن له فهي تمنحه الفرصة للتعويض إذا حدثت الكارثة نتيجة خطأ الغير، وفي مقابل ذلك يتعرض لكل ما كان يمكن أن يتعرض له المؤمن له من دفوع في مواجهة هذه الدعوى.

    ومتى قام المؤمن بدفع تعويض التأمين للمؤمن له، فإنه يحل بما دفعه في حقوق المؤمن له والدعاوی التي تكون للمؤمن له تجاه من تسبب بفعله في الضرر الذي نجمت عنه مسؤولية المؤمن .

    ولما كان الحلول يفترض الوفاء، فإنه يشترط أن يكون المؤمن قد دفع مبلغ التأمين للمؤمن له، وإلا كانت دعوى المؤمن على من أحدث الضرر غير مقبولة.

    ومتی حل المؤمن محل المؤمن له في حقوقه، أمكن للغير أن يحتج في مواجهته بالدفوع التي تكون له تجاه المؤمن له.

    ويشترط لحلول المؤمن محل المؤمن له في الرجوع على المسؤول توافر شرطين:

    1- أن يكون المؤمن قد أدى فعلا مبلغ التأمين للمؤمن له.

    2 – أن تكون هناك دعوى مسؤولية يرجع بها المؤمن له على المسؤول وأن يطالب المؤمن بنفس مطالب المؤمن له، فليس له أن يحصل على وضع أفضل من وضع المؤمن له.

    ويكون حلول المؤمن محل المؤمن له بما له من حقوق أو تعويضات ممكناً في حالة الهلاك الجزئي والكلي وهذا ما نصت عليه المادة 386 تجارة بحرية :

    “يحل المؤمن قانونا بما دفعه من تعويض في الدعاوى التي تكون للمؤمن له إزاء من تسبب بفعله في الضرر الذي نجمت عنه مسؤولية المؤمن”.

    وتواجهنا هنا مسألة أخرى وهي أنه في حالة التأمين الجزئي، عندما تعود شركة التأمين على المسؤول وكذلك يعود المؤمن له عن الضرر المتبقي، فهل تقدم شركة التأمين على المؤمن له، أم ماذا؟ 

    لم يجب قانون التجارة البحرية على ذلك ولكن الأحكام العامة في القانون المدني في المادة (323) نصت على ما يلي :

    “1 – إذا قام الغير بوفاء الدين، كان له حق الرجوع على المدين بقدر ما دفعه.

    2 – ومع ذلك للمدين الذي حصل الوفاء بغير إرادته أن يمنع رجوع المدين بما وفاه عنه كلا أو بعضا إذا أثبت أن له مصلحة في الاعتراض على الوفاء”.

    وهذا يعني أن المؤمن له يتقدم على المؤمن أو شركة التأمين في الرجوع على المسؤول التي تعهدت بضمان الضرر الذي يسببه.

    واختلف الفقه في تكييف الطبيعة الحقوقية والقانونية للحلول: فذهب رأي في الفقه الفرنسي إلى أن شركة التأمين ترجع على المسؤول بدعوى الحلول وفقا للقواعد العامة، إذ أنه بوفائها مبلغ التأمين للمؤمن تكون قد دفعت دين الغير المسؤول، إلا أن القضاء الفرنسي لم يقر هذا الرأي لأن شركة التأمين إنما تدفع ديناً يقع على عاتقها منشأ من عقد التأمين لا دين المسؤول الناشئ عن الخطأ.

    “فليس للناقل البحري الحق في أن يجادل مؤسسة التأمين في توفر الشروط التي تلزمها بالتعويض للمؤمن له لأن تقرير ذلك متروك لطرفي عقد التأمين والناقل البحري شخص أجنبي عنه”.

    والئن كانت إقامة الدعوى من قبل شركة التأمين على الناقل البحري مشروطة بدفعها التعويض للمضمون المؤمن له) لكي تحل محله وتمارس حقوقه وترفع دعاويه، إلا أن هذا لا يمنع من سماع دعواها إذا دفعت التعويض للمضمون (المؤمن له) بعد رفع الدعوى لأن صفتها في الادعاء تكون قد تحققت بعد دفع التعويض “

    والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : حول إمكانية المؤمن له الذي حصل على تعويض التأمين من الرجوع على الغير المسؤول والحصول على مبلغ التعويض مرة ثانية. وبعبارة أخرى هل يجوز للمؤمن له الجمع بين دعوى التأمين ودعوى المسؤولية أو التعويض؟

    لقد ذهب القضاء في مصر وفرنسا على جواز الجمع بين دعوى التأمين ودعوى المسؤولية، لأنه لا يقبل من الغير المسؤول أن يحتج بعقد التأمين الذي لم يكن طرفا فيه للتهرب من مسؤوليته، ولأن أساس تعويض التأمين الذي لم يكن طرفا فيه للتهرب من مسؤوليته، ولأن أساس تعويض التأمين هو عقد التأمين ذاته فلا يمكن أن يمس حق الشاحن (الناقل) قبل الغير المسؤول والناشئ عن فعله الضار .

    ونرى بأنه لا يقبل من المؤمن له أن يجمع بين دعوى التأمين ودعوى المسؤولية، وأن يقيم الدعوى على الغير المسؤول بعد أن حصل على تعويض التأمين وحل المؤمن محله قانوناً في الدعاوى التي تكون له قبل الغير المسؤول، إذ أن حصوله على التعويض مرة ثانية يحقق له إثراء يتنافى مع مبدأ التعويض في التأمين وعلى هذا يسير القضاء البلجيكي والقضاء الفرنسي الحديث .

    ولو فرض العكس وأن المؤمن له رجع على المسؤول عن الضرر أولاً وحصل منه على تعويض الضرر اللاحق به، فهل يقبل منه الرجوع على المؤمن بمبلغ التعويض؟

    في الواقع : الضرر قد زال بقبض التعويض من الغير المسؤول وبالتالي فلا وجه لمطالبة المؤمن بمبلغ التعويض حتى لا يجني المؤمن له ربحا من التأمين كما أن المؤمن لا يدفع للمؤمن له إلا بشرط أن يتنازل هذا الأخير عن حقوقه في مواجهة الغير المسؤول لصالح المؤمن.

    وبالتالي فإن المبدأ الأساسي الذي يحكم عقد التأمين باعتباره عقد تعويض يمنع المؤمن له من الرجوع على المؤمن ليطالبه بمقابل التأمين، إذ أنه ليس له أن يجمع بين تعويض التأمين والتعويض من الغير المسؤول عن الضرر .

    ومما تجدر الملاحظة إليه بأن للمؤمن له الخيار في الرجوع إما على المؤمن بمبلغ التأمين أو في حق الرجوع على الغير المسؤول عن الضرر ووقع الخطر المؤمن عليه.

    وقانون تجارة البحرية السوري يتفق وقانون التأمين البحري الإنكليزي لعام 1906 في المادة (79) على حق المؤمن في الرجوع على الغير المسؤول عن الضرر بعد وفائه بالتعويض اللازم للمؤمن له وذلك بقولها “بأنه يحق للمؤمن الحلول محل المؤمن له في حقوقه وتعويضاته المستحقة عن الخطر المؤمن عليه من وقوع الحادث الذي سبب الهلاك، وفي حالة الهلاك الكلي له أن يستولي على حطام الشيء ويقتصر حقه على الحلول في الخسارة الجزئية”.

    ثانياً – دعوى الترك 

    يعد نظام الترك من النظم التي جرى بها العرف التجاري منذ زمن قديم، وقد وجد سبيله إلى التشريعات البحرية في أواخر القرن السابع عشر. وبموجبه ينزل المؤمن له عن ملكية الشيء المؤمن عليه للمؤمن نظير حصوله على كامل مبلغ التأمين .

    أ- ماهية دعوى الترك:

    إن دعوى الخسارة البحرية هي الدعوى العادية التي يلجأ إليها المؤمن له للحصول على تعويض الضرر الذي الحقه.

    إلا أن للمؤمن له في الأحوال التي يصاب فيها الشيء المؤمن عليه بمخاطر كبرى أن يستعمل حق الترك، وبمقتضاه يطالب المؤمن له بدفع کامل مبلغ التأمين في مقابل أن يتخلى عن حقوقه في الشيء المؤمن عليه للمؤمن المادة (380) و المادة (383) من قانون التجارة البحرية .

    فالترك هو الطريق الاستثنائي الذي لا يلجأ إليه إلا في أحوال المخاطر الكبرى. غير أنه حتى في هذه الأحوال فإن المؤمن له غير ملزم بالترك بل له الخيار في الترك أو دعوى الخسارة البحرية وذلك حسبما تقتضيه مصلحته.

    أما في غير أحوال المخاطر الكبرى فليس للمؤمن له إلا دعوى الخسارة البحرية وفي ذلك تنص المادة 349 من قانون التجارة البحرية على أنه :

    “يتحتم مبدئية على المضمون أن يقيم دعوى الخسارة البحرية على الضامن. لكن له في حال حدوث طوارئ من التي تدعى بالغة أن يترك للضامن الشيء المضمون وأن يطالب بالتعويض عن الهلاك الكلي”.

    وما نلاحظه أيضا بأن دعوى الترك هو نظام خاص بالتأمين البحري وحده، فلا يطبق في التأمين العادي.

    ويرجع الأصل التاريخي لنظام الترك إلى العادات البحرية القديمة في العصور الوسطى، إذ كان يجوز للمؤمن له إذا انقطعت أخبار السفينة أن يحصل على مبلغ التأمين بأكمله من المؤمن مقابل ترك السفينة بحيث إذا ظهرت بعد ذلك كانت ملكة للمؤمن. ثم انتقل هذا النظام إلى الأمر الملكي الفرنسي الصادر سنة 1681 ومنه إلى التقنين التجاري الفرنسي .

    وقد أخذ القانون الإنكليزي بهذا النظام ويطلق عليه اسم abandonment في المواد (57 ولغاية 63).

    ولا يزال الترك محتفظة بفائدته في حالة انقطاع أخبار السفينة والهلاك الحكمي المشبه بالهلاك الحقيقي، إذ يحصل المؤمن على مبلغ التأمين بأكمله دون أن يلزم بإثبات هلاك السفينة في الحالة الأولى، ومع أن الشيء لم يهلك هلاكا تاما في الحالة الثانية، على أن فائدته الرئيسية هي في تيسير تسوية تعويض التأمين بطريقة أبسط وأسرع من تسويته بطريق الخسارة.

    ب – حالات الترك :

    حدد المشرع في المادتين 398 و 406 من قانون التجارة البحرية حالات الترك في حالتين هما حالة تأمين السفينة وحالة تأمين البضاعة، والقاسم المشترك بين هاتين الحالتين هو عنصر الخطر الذي تتعرض له هذه الأشياء المؤمن عليها، وفي كل هذه الحالات يجوز للمؤمن له ترك الشيء المؤمن عليه مما يعني ذلك أنه من الجائز اتفاق الطرفين على خلاف ذلك. وتنظم المادتان (398) و (406) من قانون التجارة البحرية حالتي الترك، حيث تعالج الأولى حالة ترك السفينة، وتعالج الثانية حالة ترك البضائع.

    أولاً – حالة ترك السفينة :

    وفقا للمادة 398 من قانون التجارة البحرية فإنه يجوز للمؤمن له ترك السفينة للمؤمن في الأحوال الآتية:

    1 – حالة الهلاك الكلي للسفينة:

    والهلاك الكلي إما أن يكون هلاكا فعلية أو هلاكا حكمية وتحدث الخسارة الفعلية أو المطلقة (كما تسمى أحيانة) إذا هلك الشيء المؤمن عليه أو إذا كان المؤمن له قد فقد الشيء بحيث لا يمكن استرداده أو أن الشيء المؤمن عليه قد تضرر بشكل فقد معه خواصه التجارية.

    وفي حالة الهلاك الكلي الفعلي لا توجد حاجة لتوجيه إخطار بالترك.

    ومثال الهلاك الكلي الفعلي حالة سفينة تركت وهي تغرق، وقد تم قطرها بواسطة منقذين وباعوها بأمر من المحكمة بثمن يقل عن تكاليف الإنقاذ فحكمت المحكمة باعتبار ذلك هلاكا كلياً فعلياً.

    ومثال تجريد المؤمن له من حق استرداد السفينة، حالة سفينة تمت مصادرتها من قبل السلطات الفيتنامية التي اكتشفت أنها تحمل بضائع بدون بيانات، فحكمت باعتبار ذلك هلاكا كلية فعلية لتحرم المؤمن له من حقه في استردادها . 

    أما الهلاك الكلي الحكمي: فيحدث إذا كان هلاك الشيء المؤمن عليه كلية هلاكا فعلية لا يمكن تجنبه، ومن ثم يتم تركه أو أنه لا يمكن حفظه من الهلاك الكلي الفعلي بدون مصاريف تفوق قيمته عندما يتم إنفاق المصاريف .

    وما يميز الهلاك الكلي الفعلي عن الهلاك الحكمي هو أنه في الهلاك الكلي الفعلي يهلك الشيء المؤمن عليه كلية ولا يمكن استرداده وبالتالي لا يمكن للمؤمن له سوى استرداد الخسارة من المؤمن، بينما في حالة الهلاك الحكمي فإن الضرر يكون قابلا للإصلاح ولو بثمن باهظ ومرتفع وعلى ذلك يكون المؤمن له الحق بالخيار بين الخسارة الجزئية أو أن يترك الشيء المؤمن عليه للمؤمن وتعد في حكم الخسارة الكلية.

    ويترتب على هذا التمييز بين الهلاك الفعلي أو الهلاك الحكمي بأن المؤمن له لا يحتاج إلى إعلان أو إخطار المؤمن برغبته في الترك ولكن إذا كان الهلاك حكمية فإن المؤمن له ملزم بإخطار المؤمن ليعبر عن رغبته بالترك وللدلالة على أي طريق يختار، فإذا لم يقم بالإخطار أو به فإن الهلاك يعد هلاكا جزئياً فقط.

    فإذا تبع الهلاك الحكمي للبضاعة بيعة من جانب الريان فإن ذلك يعد هلاكا فعليا، وبالتالي فلا حاجة للإعلان عن الترك، لأن البضائع في مثل هذه الحالة تكون هالكة وغير قابلة للاسترداد ولا فائدة يمكن أن تعود على المؤمن إذا بلغ بالإخطار.

    2 – انقطاع أخبار السفينة:

    انقطاع أخبار السفينة هو أقدم حالات الترك وأكثرها فائدة للمؤمن له، فقد تسافر السفينة في عرض البحر وتنقطع الأخبار عنها، فإذا استمر هذا الانقطاع مدة معينة من الزمن فإنه يفترض أنها قد تعرضت إلى هلاك كلي أي أنها قد هلكت فعلا.

    ومن ثم يجوز للمؤمن له أن يترك الشيء المؤمن عليه ويطالب بمبلغ التأمين كله دون أن يكون ملزمة بإثبات الهلاك (الفقرة الثانية من المادة 398 من قانون التجارة البحرية).

    وإن اعتبار انقطاع أخبار السفينة قرينة على هلاكها هو أمر يتفق والواقع العملي المطبق في السفن من حيث احتوائها على أجهزة اتصالات لاسلكية تمكنها من الاتصال مع الموانئ المختلفة. ومن ثم فإن انقطاع الاتصال هو دليل أكيد على غرقها أو هلاكها.

    ومما تجدر الملاحظة هنا بأنه إذا دفع المؤمن التعويض عن السفينة المفقودة بعد التخلي عنها ثم ظهرت بعد ذلك فإن ملكيتها تكون للمؤمن ،

    وقد حددت الفقرة الثانية من المادة (398) من قانون التجارة البحرية مدة الانقطاع التي يعتد بها في اعتبار السفينة هالكة بثلاثة أشهر بعد وصول آخر أنباء عنها، أي أن مدة ثلاثة أشهر تحتسب بعد ورود آخر أخبار عن السفينة، فإذا لم يرد أي خبر أصلاً عن السفينة، فتحسب المدة من تاريخ مغادرة السفينة، ويقع عبء إثبات ذلك على المؤمن له ويكون ذلك بأن يحلف اليمين على أنه لم يرد إليه خبر أصلا عن السفينة المؤمن عليها أو السفينة التي شحنت عليها البضاعة المؤمن عليها.

    وتنطبق أحكام انقطاع المدة سواء كان التأمين معقودة عن الرحلة التي انقطعت فيها أخبار السفينة أو عن فترة زمنية معينة منذ ابتداء السفر. وفي هذه الحالة الأخيرة إذا كان التأمين سارية في إرسال آخر خبر عن السفينة فإنه يفترض أن هلاك السفينة قد وقع في الفترة التي يغطيها التأمين. وهذه القرينة بسيطة تقبل إثبات العكس من جانب المؤمن بكافة طرق الإثبات، فإذا نجح المؤمن في إثبات أن هلاك السفينة قد وقع في وقت لم تكن فيه مغطاة بالتأمين يزول حكم الترك ويلتزم المؤمن له برد التعويض المدفوع مع الفوائد القانونية .

    وورود أخبار عن السفينة لشخص آخر غير المؤمن له ينفي مظنة هلاكها وبالتالي فلا يحق للمؤمن له مباشرة إجراءات الترك.

    3 – إصابة السفينة بتلف يستحيل إصلاحه:

    إذا أصيبت السفينة بأضرار تمنعها من الاستمرار بالسفر وكان من الاستحالة بمكان إجراء الإصلاحات اللازمة لها نظرا لخطورة الكسر الذي تعرضت له السفينة، بحيث تصبح غير صالحة للملاحة بشكل مطلق وعندئين للمؤمن له أن يتخلى عن السفينة للمؤمن مقابل حصوله على التعويض الكامل منه على اعتبار أن السفينة أصبحت تالفة كليا “.

    ويستنتج من هذا النص بأنه يجب أن تكون هناك استحالة في الإصلاح لامكان التخلي عن السفينة، على أنه إذا كانت الأضرار قابلة للإصلاح ولكن تعذر بسبب عدم وجود قطع غيار أو الفنيين في مكان الحادث فلا يجوز للمؤمن له طلب ترك السفينة 

    4 – إذا كانت نفقات إصلاح السفينة تعادل ثلاثة أرباع قيمتها على الأقل:

    إذا أصيبت السفينة بأضرار تمنعها من الاستمرار في الإيجار، إلا إذا تم إصلاحها بمعنى أن السفينة تصبح بعد إصابتها بالضرر غير صالحة للملاحة وأنه إذا جرى إصلاحها وكانت قيمة هذه الإصلاحات تعادل ثلاثة أرباع قيمتها، فإن للمؤمن له أن يطلب ترك السفينة مقابل حصوله على التعويض کاملاً منه، علما بأن المؤمن ملزم أصلا بإجراء الإصلاحات التي تحتاجها السفينة بموجب وثيقة التأمين، فإذا لم يتم إصلاحها ولكن الخبراء قدروا مصاريف الإصلاحات بثلاثة أرباع قيمة السفينة، فإن للمؤمن له أن يستعمل حق الترك (المادة 398 من قانون التجارة البحرية).

    ثانياً – حالات ترك البضائع المؤمن عليها:

    عددت المادة 406 من قانون التجارة البحرية، الحالات التي يجوز فيها للمؤمن له ترك البضاعة للمؤمن بشرط أن يكون الحادث الذي استوجب الترك مما يشمله التأمين،

    وهذه الحالات هي:

    1 – انقطاع أخبار السفينة مدة ثلاثة أشهر بعد وصول آخر أنباء عنها:

    فكما أن انقطاع السفينة يعتبر من الأسباب التي تجيز للمؤمن له تركها للمؤمن في احتمال هلاكها، كذلك أيضا يعتبر انقطاع الأخبار من الأسباب التي تجيز للمؤمن له ترك البضاعة المشحونة على السفينة للمؤمن لأن هلاك السفينة يعني بالضرورة هلاك البضائع المشحونة على ظهرها أيضا، ولهذا يجوز للمؤمن له أن يتمسك بالتخلي عن البضائع في مواجهة المؤمن، والمطالبة بالتعويض کاملا إذا اعترف أنه لم يرد إليه أو إلى أي شخص آخر أي خبر عن السفينة التي شحنت فيها البضائع المؤمنة. طيلة ثلاثة أشهر من تاريخ وصول آخر خبر عنها أو من تاريخ إقلاعها إذا لم يرد أي خبر عنها منذ ذلك الحين.

    2 – عدم صلاحية السفينة للملاحة:

    في حال أصيبت السفينة التي تنقل البضائع بحادث بحري من الحوادث المؤمن منها، بحيث أصبحت عاجزة عن الاستمرار في الرحلة إلى مكان الوصول، فإنها تكون غير صالحة للملاحة، إما بشكل مطلق إذا كانت إصابتها يستحيل إصلاحها، وإما بشكل نسبي إذا تعذر وجود قطع الغيار أو الخبراء الفنيين اللازمين لإصلاحها بحيث أنه إذا استحال لسبب أو لآخر نقل البضائع المشحونة على ظهرها إلى مكان الوصول المتفق عليه في سند الشحن بواسطة سفينة أخرى، واستمرت هذه الاستحالة قائمة لمدة ثلاثة أشهر بدءا من تاريخ إخطار المؤمن له المؤمن بعدم صلاحية السفينة.

    ويستنتج من ذلك بأن عدم صلاحية السفينة للملاحة لا يجيز وحده ترك البضائع المؤمن عليها، بل يجب على المؤمن له إبلاغ وإخطار المؤمن حالة عدم صلاحية السفينة للملاحة، ويجب على الربان أن يبذل كل جهده في الحصول على سفينة أخرى لنقل البضائع إلى الميناء المقصود.

    ويلاحظ بأنه لا يجوز التخلي عن البضائع لمجرد غرق السفينة أو إصابتها بكسر طالما أنه لم يلحق البضاعة ضرر ما بسبب الفرق أو الجنوح .

    بمعنى أن الترك أو التخلي يرتبط بإصابة البضاعة بضرر أو تلف حتى يمكن للمؤمن له طلب الترك، ذلك أن ما يحدث عملا أن الربان يعمد أحيانا إلى إنقاذ البضاعة إذا أوشكت سفينة على الغرق فينقلها إلى سفينة أخرى التي تتولى نقل البضاعة إلى ميناء الوصول بسلام .

    3 – هلاك ما يعادل ثلاثة أرباح قيمة البضائع على الأقل:

    في حال هلك ما يعادل ثلاثة أرباع قيمة البضاعة المؤمن عليها فإن للمؤمن له أن يتركها للمؤمن ويطالب بكامل التعويض عنها.

    وفي مجال تقدير قيمة البضائع المؤمن عليها لا تثور صعوبة في تقدير قيمة البضائع إذا تعرضت للهلاك لأن ذلك يعني انعدام نسبة معينة من البضاعة المؤمن عليها تعادل ثلاثة أرباع قيمتها، أما الصعوبة الحقيقية فتثور في حالة التلف حيث تظل البضاعة كاملة ومع ذلك تنقص قيمتها بسبب الفساد أو التلف الذي لحقها 

    4 – بيع البضائع أثناء الرحلة بسبب إصابتها بتلف مادي، متى نشأ الضرر عن خطر يشمله التأمين:

    ذلك أن البيع بمثابة هلاك كلي للبضاعة  كما أن البيع الذي يجيز للمؤمن له ترك البضاعة هو البيع الذي يكون سببه ضررة ماديا لحق بالبضاعة والذي كان ناجمة عن خطر من الأخطار المشمولة بالتأمين، وعليه فإذا كان البيع لغير ضرر مادي فإن ذلك يخرج من نطاق حالات الترك.

    ج – إجراءات الترك:

    لا يتم الترك تلقائية بل على المؤمن له إذا أراد استعمال حقه في الترك اتباع الإجراءات الآتية:

    1 – يبلغ المؤمن له عن رغبته في الترك إلى المؤمن وذلك إما عن طريق إعلان أو بكتاب مسجل على يد محضر مصحوب بعلم الوصول إلى المؤمن، يعلمه فيه عن رغبته في الترك .

     2 – إن إبداء المؤمن له عن رغبته بترك الشيء المؤمن عليه لا يعفيه من واجب اتخاذ جميع الإجراءات الاحتياطية والتدابير اللازمة لحفظ حقوق المؤمن، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه منه، دون أن يؤثر ذلك على حقوق المؤمن له الناشئة عن عقد التأمين (المادة 369 من قانون التجارة البحرية). بمعنى أن المؤمن له لا يفقد حقه في الترك وإن بقي ملتزمة بتعويض المؤمن عما لحقه من ضرر، فإذا لحق المؤمن ضرر من جراء إهمال المؤمن له بالقيام بالإجراءات التحفظية التي تحفظ حق المؤمن وبالقيام بعمليات إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الشيء المؤمن عليه، فإنه يسأل في مواجهة المؤمن عن الضرر الذي يلحقه من جراء الخطأ أو الإهمال في تنفيذهذا الالتزام الفقرة الثانية من (المادة 369 من قانون التجارة البحرية).

    3 – يجب على المؤمن له عند تبليغ رغبته في الترك أن يصرح بجميع عقود التأمين التي أجراها على الشيء محل التأمين أو التي يعلم بوجودها المادة 385 من قانون التجارة البحرية).

    وذلك حتى يتسن للمؤمن أن يقف على حقيقة ما يترتب عليه من التزامات أو ما يكون له من حقوق، وما إذا كان المؤمن له سيحصل على مبالغ أكثر وأكبر من قيمة مبلغ التأمين لكي لا يثري على حساب المؤمن، كما أن معرفة المؤمن بجميع عقود التأمين المعقودة على الشيء المؤمن عليه تمكنه من التمسك بالفشل أو التدليس في مواجهة المؤمن له إذا كان لذلك مقتضی وما يترتب على ذلك بالتالي إبطال عقد التأمين المادتان 368 و 370 من قانون التجارة البحرية).

    4 – موعد إعلان المؤمن له عن رغبته في الترك مقيد بمرور ثلاثة أشهر من تاريخ علم المؤمن له الحادث الذي يجيز الترك (الفقرة الأولى من المادة 384 من قانون التجارة البحرية).

    وعلى هذا الأساس فإعلان المؤمن له عن رغبته في الترك يجب أن يكون في غضون ثلاثة أشهر من وقت انقطاع أخر أخبار عن الشيء المؤمن عليه، سواء أكان الترك يتعلق بالسفينة المؤمن عليها، أو البضائع المشحونة على السفينة.

    وفي حال لم يقم المؤمن له بإبلاغ المؤمن بالتأمينات المعقودة على الشيء المؤمن عليه فلا يؤثر ذلك على صحة الترك وإنما يجوز للمؤمن أن يمتنع عن دفع مبلغ التأمين حتى يخبر بالتأمينات. على أنه لا يترتب على إغفال الإبلاغ إطالة الميعاد المقرر لرفع دعوى الترك  .

    د – أحكام التسوية بطريق الترك:

    لا يقبل الشيء المؤمن عليه التجزئة فلا يجوز للمؤمن له أن يترك جزءا من الأشياء المؤمن عليها في مقابل الحصول على جزء من تعويض التأمين، على أن يحتفظ بحقه في رفع دعوى الخسارة أو التعويض فيما يتعلق بالجزء الباقي، فالترك أو التخلي يجب أن يكون شاملا للشيء المؤمن عليه، ومع ذلك إذا قسمت البضاعة إلى مجموعات جاز للمؤمن له أن يقصر التخلي أو الترك على مجموعة دون أخرى.

    وكذلك هو الحال إذا كان التأمين لا ينصب إلا على جزء من البضاعة المشحونة، فإن الترك لا يقع إلا على الجزء الذي يرد عليه التأمين.

    وإذا تعدد المؤمنون لذات الشيء وجب أن يحصل الترك لكل منهم بجزء من الأشياء المؤمن عليها بنسبة مبلغ التأمين الذي يخص كل واحد منهم، فإذا كان مبلغ التأمين أقل من قيمة الشيء المؤمن عليه، فإن المؤمن لا يتحمل نصيبا من المخاطر بقدر الباقي من قيمة الشيء، ولذلك يكون للمؤمن له في حالة الترك الاحتفاظ لنفسه بجزء من الشيء المؤمن عليه بنسبة ما ينقص به مبلغ التأمين عن قيمته.

    ويصبح الشيء المؤمن عليه في مثل هذه الحالة مملوكة على الشيوع بين المؤمنين المتعددين أو بين المؤمن له بحسب الأحوال. ويجب ألا يكون الترك معلقا على شرط (م 383 ف1) تجارة بحرية، فلا يجوز للمؤمن له أن يعلن الترك باشتراط استرداد السفينة في حالة ظهورها، كما أن المؤمن لا يجوز أن يعلق قبول للترك على شرط أو الرجوع في قبوله للترك أو المطالبة بأن تتم التسوية بطريق التعويض أو أن يمتنع عن دفع مبلغ التأمين بحجة ظهور السفينة أو البضائع بعد الترك لانقطاع الأخبار ).

    هـ – آثار الترك:

    يترتب على الترك أو التخلي بعد قبول المؤمن أو صدور حكم قضائي ونهائي به عدة آثار تناولها المشرع على النحو الآتي:

    1 – انتقال ملكية الشيء المؤمن عليه إلى المؤمن:

    يترتب على الترك أو التخلي انتقال ملكية الأشياء المؤمن عليها إلى المؤمن (الفقرة الثانية من المادة 383)، ولذلك يعتبر التخلي أو الترك من الأسباب الخاصة لاكتساب الملكية في القانون البحري .

    وإعلان المؤمن له عن رغبته في الترك وقبول المؤمن لذلك أو صدور حكم نهائي به وانتقال ملكية الشيء للمؤمن يكون نهائية، فلا يجوز الرجوع في أي من التصرفات السابقة حتى ولو عادت السفينة التي تم التخلي عنها إلى الميناء لانقطاع أخبارها.

    وانتقال الملكية في حالة السفينة يوجب على المؤمن أن يسجلها في سجل السفن باسمه، وكذلك الحال عند ترك البضاعة حيث يحرص المؤمن على استلامها حتى يمنع المؤمن له من التصرف بها إلى حائز حسن النية .

    خوفاً من أن تنتقل ملكيتها إلى هذا الأخير وفق قاعدة “الحيازة في المنقول سند الحائز”.

    وكما تنتقل ملكية الشيء المؤمن عليه فتنتقل إليه أيضا الحقوق المتصلة به، كما لو كانت هناك دعاوی تعويض متعلقة به، فإنها قد تنتقل إلى المؤمن أيضا تبعا لانتقال الشيء محل التأمين إليه عن طريق الترك .

    2 – انتقال الملكية من وقت إعلان المؤمن له عن رغبته في الترك:

    يترتب على الترك انتقال ملكية الشيء المؤمن عليه، أو ما تبقى منه إلى المؤمن،

    وقضت الفقرة الثالثة من المادة 383 من قانون التجارة البحرية بأن يحدث انتقال الملكية أثره بين الطرفين من يوم إعلان المؤمن له رغبته في الترك إلى المؤمن.

    ذلك أن للمؤمن له أن يختار بين التسوية بطريق التعويض والتسوية بطريق الترك، فإذا اختار طريق الترك فلا ينتج هذا الاختيار أثره إلا من تاريخ الإفصاح عنه للمؤمن، ويكون لهذا الإعلان أثره الرجعي حتى ولو اختلف المؤمن والمؤمن له على قبول الترك أو رفضه ثم صدر حكم بذلك، لأن الموافقة في الحالة الأولى وصدور الحكم في الحالة الثانية يقتصر أثر كل منهما على مجرد إثبات حق المؤمن له في التخلي أي أنه يعتبر كل منهما كاشفا لحقه السابق لا منشأ له.

    3 – رفض المؤمن لملكية الأشياء المؤمن عليها:

    انتقال ملكية الأشياء المؤمن عليها إلى المؤمن قد ينطوي في بعض الأحيان على خطر كبير أو ضررة بالغة على المؤمن. كما لو وقع الترك على حطام سفينة تسيره الرياح والتيارات المائية بعد أن هجره الربان والبحارة، فمن المحتمل اصطدامه بسفينة أو بأي منشأة عائمة ويلحق بها ضررة يسأل عنه المؤمن بصفته حارسا للأشياء. 

    لذلك أجاز المشرع في الفقرة الرابعة من المادة 383 من قانون التجارة البحرية للمؤمن دون إخلال بالتزامه بدفع مبلغ التأمين أن يرفض انتقال ملكية الأشياء المؤمن عليها إليه. وعليه فقد جرى بعض المؤمنين على تضمين وثيقة التأمين شرطة صريحة يجيز لهم رفض انتقال ملكية الأشياء المؤمن عليها إليهم.

    4 – أداء مبلغ التعويض:

    يتوجب في حال التخلي التزام المؤمن أن يدفع للمؤمن له مبلغ التأمين كاملا، وذلك لأن الشيء المؤمن عليه قد هلك هلاكا كلياً.

    ويلتزم المؤمن بدفع التعويض في الوقت المحدد في عقد التأمين فإذا لم يكن هناك وقت متفق عليه فإن المؤمن يلتزم بدفع التعويض خلال مدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ تبليغه بالترك (الفقرة الثانية من المادة 384 من قانون التجارة البحرية)، وإذا امتنع المؤمن عن تنفيذ التزامه بدفع التعويض المتفق عليه في وثيقة التأمين أو تأخر فيه بدون عذر أو سبب مقبول جاز للمؤمن له أن يطالبه بالتنفيذ الجبري وبالتعويض عما لحقه من ضرر وخسارة بسبب هذا التأخير

  • أهم الشهادات المهنية في مجال التأمين

    بداية يجب أن نعرف ما هي الشهادة المهنية وفي ماذا تختلف عن الشهادة الاكاديمية ولماذا نعتبرها ضرورية واخيراً طرق الحصول عليها ونوعية الاسئلة والاختبارات والجهات المقدمة لها.

    تعتبر الشهادة المهنية مستند يثبت خبرة ومعرفة الشخص في مجاله وهي تكون متخصصة ومتعمقة في تخصص محدد في المجال ككل واحد اكبر الفروقات بينها وبين الشهادات الاكاديمية ان الاكاديمية اوسع واشمل من الشهادة المهنية المتخصصة لكنها تعتبر احيانا حجر الاساس للحصول على شهادة مهنية متخصصة.

    نطرح الان اهم سؤال وهو ايش مزايا الحصول عليها ؟ لماذا نعتبرها ضرورية ونحرص على حصولنا عليها رغم صعوبتها مرات ؟

    اولاً: تساعدك على اكتساب مهارات جديدة ناهيك عن انها راح تكون احد اسباب تفردك وتميزك في مجالك ،

     ثانياً: تزيد من فرصة حصولك على ترقيات في عملك

    ثالثاً: وليس اخراً الجميع يتفق على حقيقه ان العلم يتحدث بإستمرار ، على سبيل المثال في كتاب اساسيات التأمين الصادر عن الاكاديمية المالية مذكور نص مهم جداً اعتبره ( مالا يمكن التأمين عليه اليوم قد يكون قابل للتأمين عليه غداً )

    والمزايا كثيرة جداً ماذكر فقط على سبيل المثال لا الحصر.

    الان بعد ان عرفنا كل ذلك من المهم معرفة انواعها ومتى نعتبر الوقت مناسب للحصول عليها وكيف نحصل عليها

    اول واهم شهادة هي أساسيات التأمين IFCE

    وهي متطلب اساسي من البنك المركزي السعودي SAMA للعمل في مجال التأمين ونعتبرها مهمة جداً لانها بمثابة الرخصة للعمل في المجال هي حجر الاساس ايضا وتعد مدخل لفهمك لالية عمل التأمين ، انواع المنتجات ، بعض التشريعات والانظمة ، والمبادئ الاساسية

    متى نحصل على IFCE ؟

    انصح خريجي مجال التأمين بالحصول عليها مباشرة بعد التخرج ، وبحال لم يتم الحصول عليها وتم الالتحاق بسوق العمل في المجال ذاته جهة عملك ستطالب بحصولك عليها

    الشهادات المهنية الصادرة عن معهد التأمين البريطاني Chartered Insurance Institute او CII وهي تعد من اكبر الجهات المعتمدة لاعداد الامتحانات في مجال التأمين. الشهادات المهنية الصادرة عن معهد التأمين البريطاني :

    ١- شهادة في التأمين Cert Cii

    ٢- شهادة الدبلوم Dip Cii

    ٣- شهادة الدبلوم المتقدم Advanced Diploma , ACII ٤- شهادة الزمالة FCII موقع معهد التأمين البريطاني  cii.co.uk

    شهادة في التأمين Certificate in Insurance/ Cert Cii هي مؤهل اساسي لجميع العاملين في مجال التأمين بجميع قطاعات المهنة وهي المرحلة الاولى وبداية طريقك ومشوارك في الزمالة.

    لكل مرحلة من المراحل المذكورة عدد علامات مطلوب (Credits)بحال تم اكمالها يتم الانتقال للمرحلة التي تليها.

    مرحلة الشهادة او Cert Cii لانهائها يستلزم الحصول على الاقل على 40 علامة او Credits المرحلة تحتوي على وحدة ( مادة ) أساسية وهي Award in General Insurance ( وهي المادة التي تتعادل مع مادة أساسيات التأمين ) و مواد او وحدات اختيارية.

    المقصود بوحدات اختيارية اختيار المتقدم لمواد من مجموعة متنوعه من المواد بحيث يكمل 40 علامة وينهي مرحلة الشهادة ، على سبيل المثال ؛ بعد معادلة شهادة أساسيات التأمين مع الوحدة الاساسية تضاف 15 علامة فيتبقى 25 علامة لاتمام مرحلة الشهادة ؛ فيختار المتقدم مادتين اضافية لانهاء المتبقي

    جميع وحدات / مواد المرحلة الاولى او مرحلة الشهادة تقدم بكلتا اللغتين العربية والانجليزية فيختار المتقدم من بينها – المتطلب الوحيد لاجتياز مواد المرحلة الاولى هو النجاح في الاختبارات فقط ( Coursework assignment غير مطلوب في مرحلة الشهادة ) بخلاف مرحلة الدبلوم.

    نقلاً عن Asrar Almalki

  • التزام المؤمن بالتصريح عن تحقق الكارثة وما إليه

     التزام المؤمن بالتصريح عن تحقق الكارثة وما إليه

    الالتزام بالتصريح عن تحقق الكارثة (الخطر المؤمن) وما إليه

    إذ تحقق الخطر المؤمن أثناء تنفيذ العقد وتولد عن ذلك التزام شركة التأمين بالتعويض، تكون الكارثة قد وقعت، وبالتالي فإنه يقع على عاتق المؤمن التزام أساسي وهو التصريح عن الكارثة. على أنه قد تنص وثائق التأمين على التزامات اتفاقية أخرى تقع على عاتق المؤمن وتختلف باختلاف الأخطار التي تغطيها هذه الوثائق.

    وسنعرض أبرز هذه الالتزامات الاتفاقية قبل أن نبحث بشكل مفصل في الالتزام بالإعلان عن تحقق الكارثة.

    أولاً- اتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على حقوق الشركة:

    فقد نصت الفقرة الثانية من المادة الثامنة من عقد تأمين المركبات ضد المسؤولية المدنية أو الأضرار المادية للمركبة المؤمنة على التزام المتعاقد :

    ” باتخاذ الإجراءات الكفيلة بإثبات مسؤولية سبب الحادث وحفظ حقوق المؤسسة تجاه الغير، کمراجعة رجال الضابطة من أجل تنظیم ضبط بالحادث ومعاينة المصابين وتقدير الأضرار المادية اللاحقة بالغير والسعي على هوية المسبب والشهود وغير ذلك”.

    3 – على المتعاقد أن يسلم للمؤسسة كل إعلام أو كتاب أو مذكرة قضائية توجه إليه أو إلى سائق المركبة أو تابعة بنتيجة حادث ما وذلك فور تبلغه أو تبلغهم إياها قانونا”.

    ثانياً – أن يسعى إلى اتخاذ الإجراءات كافة الكفيلة بحصر الضرر وأن ينقذ ما يمكن إنقاذه من الأشياء المؤمنة وأن يحافظ على ما أنقذه منها:

    وغالبا ما يرد مثل هذا الشرط في وثائق التأمين من الأضرار ولاسيما التأمين من الحريق. وكذلك وثيقة تأمين أخطار النقل البري، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة الخامسة من هذه الوثيقة على التزام المؤمن:

    ” ببذل الهمة المعقولة للمحافظة على البضائع المؤمنة والعمل على تلافي وقوع الأضرار بقدر الإمكان أو التقليل من الخسائر إلى أدنى حد ممكن كما لو كانت بضاعة غير مؤمنة أصلا”.

    هذا بالنسبة لبعض الشروط الاتفاقية التي تفرض التزامات بعد وقوع الكارثة.

    أما بالنسبة للالتزام بالتصريح عن وقوع الكارثة فهو التزام تفرضه طبيعة عقد التأمين وقد نصت عليه أغلب القوانين المتعلقة بالتأمين،

    ولم يرد في القانون المدني السوري نص خاص بهذا الالتزام إلا أن سائر وثائق التأمين المعتمدة من المؤسسة العامة السورية للتأمين قد نصت على هذا الالتزام.

    فقد نصت الفقرة من المادة التاسعة من وثيقة التأمين من الحريق على التزام المتعاقد:

    ” بأن يبلغ المؤسسة عن الحادث فور وقوعه. وعليه أن يقدم لها الوثائق التالية خلال خمسة عشر يوما من وقوع الحادث على الأكثر أو خلال مدة أطول على أن تسمح المؤسسة بذلك خطية”.

    وأضافت الوثيقة في الفقرة الأخيرة من المادة نفسها على أن:

    ” إذا أقدم المتعاقد أو من يعمل لحسابه على تقديم بيانات احتيالية أو كاذبة أو استعمل في دعم هذه البيانات وسائل احتيالية، بغية الحصول على الضمانات المنصوص عليها في هذا العقد، أو إذا حصل الضرر نتيجة فعل المتعاقد أو بتوجيه منه…، فإن المتعاقد أو خلفاؤه في الحق يفقدون جميع الحقوق المترتبة بموجب هذا العقد”.

    كما نصت الفقرة الثامنة من وثيقة التأمين من المسؤولية المدنية أو الأضرار المادية للمركبة المؤمنة على ما يلي:

    “1- على المتعاقد عند وقوع حادث أن يقدم لمركز المؤسسة أو الأقرب فرع أو وكالة لها تصريحا خطية وذلك خلال أسبوع من تاريخ الحادث، وإذا وقع الحادث بمناسبة سرقة المركبة وجب على المتعاقد إبلاغ السلطة المختصة فور علمه به.. .

    وفي حال عدم قيام المتعاقد بالتزاماته المبينة في هذه المادة يسقط حقه بالتأمين، ويحق للمؤسسة أن تعود عليه بكل مبلغ اضطرت لدفعه من جراء الحادث مع كافة الفوائد والمصاريف التي تكبدتها دون حاجة لأي إنذار وكذلك يسقط حق المتعاقد بالتأمين ويحق للمؤسسة أن تعود عليه بكل مبلغ دفعته إذا أبرز مستندات غير صحيحة أو أدلى بتصريحات كاذبة عن كيفية وقوع الحادث أو مدى الأضرار الحاصلة”.

    أما القانون الفرنسي فقد أورد التزام المؤمن بالتصريح عن الكارثة بنص الفقرة الرابعة من المادة التشريعية 113-2 والتي تقضي بأن يقع على عاتق المؤمن:

    ” أن يخطر شركة التأمين بكل كارثة، يترتب عليها التزام الشركة بالتعويض، فور علمه بها وخلال خمسة أيام”.

    من خلال استعراض هذه النصوص نجد أنه يقع على عاتق المؤمن التزام بالتصريح عن حدوث الكارثة وإخبار شركة التأمين بها. فما هو مضمون هذا الالتزام (المبحث الأول) وما هو جزاء الإخلال به المبحث الثاني) أي مؤيد هذا الالتزام.

    مضمون الالتزام، التصريح عن الكارثة

    أولاً – مبررہ:

    يتوجب على المؤمن أن يصرح لشركة التأمين عن كل حادثة من شأنها أن تجعلها مسؤولة نتيجة تحقق الخطر المؤمن.

    وهذا التزام بديهي، يمس حقوق شركة التأمين التي يعنيها أن تعلم بوقوع الخطر المؤمن بأقرب وقت ممكن لتتخذ كافة الاحتياطات اللازمة وفي الوقت المناسب.

    حيث تتأكد من أن الخطر الذي تحقق هو فعلا من الأخطار المؤمنة، ثم تبادر إلى إجراء التحقيق اللازم، إن استدعى الأمر، لجمع الأدلة الممكنة عن ظروف وقوع الحادث وسؤال الشهود إن وجدوا، واتخاذ ما تستطيع من تدابیر تحصر الضرر في أضيق نطاق ممكن، وتبحث عن المسؤول عن تحقق الخطر لكي تعود عليه بالتعويض محل المؤمن.

    ثانياً – شكله:

    ويجب أن يصدر التصريح بوقوع الكارثة من المؤمن، أو من خلفه العام إذا مات أو من خلفه الخاص إذا انتقلت ملكية الشيء المؤمن إلى مالك آخر.

    على أنه قد يصدر التصريح من المستفيد ولاسيما في حالة التأمين على الحياة إذا استحق هذا الأخير مبلغ التأمين. وكذلك فإنه يصح التصريح عن الكارثة إذا قام به المتضرر، في التأمين من المسؤولية، تمهيدا لاستعمال حقه في الدعوى المباشرة.

    ويوجه التصريح إلى شركة التأمين، في مركز عملها إما في الإدارة العامة أو الأقرب فرع أو وكالة وذلك بموجب إخطار يتضمن البيانات كافة التي استطاع المؤمن العلم بها عند وقوع الكارثة.

    ومن أبرزها: وقت وقوع الحادث والمكان الذي وقع فيه، والظروف والملابسات التي أحاطت به، وبالشهود إذا وجدوا، وبالنتائج المباشرة التي نجمت عن الحادث… وغير ذلك من البيانات التي يعلمها المؤمن وتكون ذات فائدة في تقدير الظروف التي وقع فيها الحادث، مع تقديم كافة الوثائق والمستندات التي تثبت وقوع الخطر (205).

    ويمكن أن يتم الإخطار بأي وسيلة اتصال برسالة مسجلة أو بكتاب عادي يودع في ديوان الشركة أو أحد فروعها أو وكلائها الذين أبرم العقد معهم أو بموجب برقية أو فاكس أو حتى مشافهة. إلا أنه يقع على عاتق المؤمن إثبات صدور التصريح عنه بإخطار شركة التأمين بوقوع الكارثة.

    على أن وثائق التأمين السورية تشترط أن يكون التصريح بشكل خطي تحاشيا لأي تواطؤ قد يحصل بين المؤمن ومندوب الشركة من أنه أخطر هذا الأخير مشافهة بالحادث.

    ثالثاً – میعاده:

    أما عن ميعاد التصريح فلم يرد في القانون المدني السوري أي نص يحدد ميعادا للتصريح عن الكارثة، لذلك يجب أن يتم ذلك في وقت معقول. أما وثائق التأمين فقد نصت على ضرورة التصريح عن الكارثة فور وقوعها وخلال مدة أسبوع من تاريخ حدوثها.

    فإذا تأخر المؤمن عن هذه المدة ولحق بشركة التأمين ضرر نتيجة هذا التأخير، جاز للشركة أن تخفض قيمة التعويض بمقدار ما أصابها من ضرر.

    ويجب أن نلاحظ أن المهل كافة التي حددتها وثائق التأمين لا تبدأ بالسريان، وهذا طبيعي، إلا بدءا من اليوم التالي لليوم الذي علم فيه المؤمن بالحادث، وتنقضي في الساعة الأخيرة من اليوم الأخير .

    ويجب أن نلاحظ أنه في حالة التأمين على الحياة، لا توجد أي مهلة محددة للتصريح عن الكارثة. صحيح أنه لابد من إبلاغ شركة التأمين بتحقق الخطر المؤمن لتنفيذ التزامها في التعويض، إلا أنه ليس هنالك من إجراءات تحفظية ضرورية يمكن أن تتخذها الشركة للحفاظ على مصالحها.

    فإذا كان التأمين في حالة الحياة، فلا يوجد أي إشكال. أما إذا كان التأمين في حالة الوفاة، فإن افتراض انتحار أو قتل المؤمن على حياته من قبل المستفيد، أمر هامشي لفرض مدة إلزامية على أسرة الضحية أن تصرح خلالها عن الحادث، تحت طائلة سقوط حقوقها. يضاف إلى ذلك أن المستفيدين من هذا التأمين، لهم مصلحة طبعا، بالتصريح عن الحادث المؤمن بأسرع وقت ممكن (.

    مؤيد الالتزام بالتصريح عن الكارثة

    سقوط الحق”

    يفهم من سقوط الحق، خسارة حق ما.

    وفي مجال التأمين لابد من تحديد مفهوم سقوط الحق وشروطه وآثاره، وذلك لأن سقوط الحق كجزاء خاص لإخلال المؤمن بالتزامه بالتصريح عن الحادث أو على إخلاله بالالتزامات الاتفاقية الأخرى التي نص عليها عقد التأمين، لم يفرضه المشرع بموجب أحكام القانون المدني.

    وإنما ترك تنظيمه لأطراف العقد ومع ذلك تدخل المشرع في حالات منع فيها تعسف شركة التأمين في إيراد شرط سقوط الحق في عقد التأمين .

    أولاً- تعريفه

    هو شرط اتفاقي بين المؤمن وشركة التأمين، ويقضي بسقوط حق المؤمن في مبلغ التأمين إذا هو أخل بالتزاماته وقت وقوع الكارثة.

    من خلال هذا التعريف نجد أن شرط سقوط الحق يتمتع بالخصائص التالية:

    1- إن سقوط الحق هو جزاء اتفاقي ينظمه عقد التأمين. ذلك أنه لم يرد نص في القانون يفرض جزاء سقوط الحق في حال إخلال المؤمن لالتزامه بالتصريح عن الكارثة .

    2- إن سقوط الحق يقتضي فقدان الحق بالحصول على مبلغ التأمين من شركة التأمين فإذا كان المؤمن وقت الكارثة ليس له حق بالحصول على مبلغ التأمين إما لأن الخطر المحقق مستبعد من التأمين، أو لبطلان عقد التأمين، أو لأن التأمين موقوف بسبب عدم تسديد المؤمن لبدل التأمين، فإننا لا نكون أمام سقوط الحق، وإنما أمام خطر مستبعد أو بطلان أو وقف لسريان التأمين.

    إذن فسقوط الحق يفترض وقوع الكارثة بتحقق الخطر المؤمن في عقد التأمين من جهة ويترتب على ذلك التزام شركة التأمين بدفع مبلغ التأمين من جهة أخرى.

    إذن فسقوط الحق يعني أن للمؤمن الحق بالحصول على مبلغ التأمين ولكنه فقد هذا الحق كجزاء لأخطار ارتكبها بعد وقوع الكارثة.

    3- يعتبر سقوط الحق جزاء لإخلال المؤمن لالتزاماته بعد وقوع الكارثة. ذلك لأن حق المؤمن بالحصول على مبلغ التأمين لا يولد إلا بعد وقوع الكارثة ومن ثم يفقده هذا المؤمن.

    وسقوط الحق هو مفهوم واضح ومتماسك إذا ما حدد بالنسبة للأخطاء التي يرتكبها المؤمن بعد وقوع الكارثة.

    4 – إن سقوط الحق لا يعني زوال عقد التأمين، بل يبقى العقد سارية، ويبقى المؤمن ملتزمة بدفع الأقساط على الرغم من سقوط حقه بالتعويض.

    ويبقى العقد سارية بالنسبة للمستقبل حيث يحق للمؤمن له أن يرجع على شركة التأمين بالتعويض عن جميع الحوادث التي تقع في المستقبل إلا إذا سقط حقه مرة أخرى بالنسبة إلى أي حادث منها .

    ثانياً – شروطه

    فرض المشرع شروطا شكلية معينة لصحة شرط سقوط الحق على أنه لم يتعرض إلى الشروط الموضوعية له.

    أ – الشروط الموضوعية لشرط سقوط الحق:

    هناك حالات يطبق فيها شرط السقوط وأخرى لا يطبق فيها.

    1 – يطبق شرط سقوط الحق سواء أكان المؤمن سيء النية متعمدة الإخلال بالتزامه بالتصريح عن الخطر خلال المدة المحددة، أم كان حسن النية لم يتعمد الإخلال بالالتزام ولم ينسب إليه إلا مجرد التقصير، وسواء أصاب شركة التأمين ضرر من إخلال المؤمن بالتزامه أم لم تصب بأي ضرر من جراء ذلك. فهو شرط يراد به أن يردع المؤمن من الإخلال بالتزامه بالتصريح عن الكارثة.

    2 – يفرض شرط سقوط الحق كجزاء لمختلف الالتزامات التعاقدية التي تقع على عاتق المؤمن بعد وقوع الكارثة ولا سيما تلك المتعلقة ببيان الخسائر والأضرار الناتجة من الحادث إذا كانت مقدرة بشكل مغالی به عن غش من المؤمن.

    3 – يطبق شرط سقوط الحق ولو لم يلحق أي ضرر بشركة التأمين، فهو لا يقوم على أساس من المسؤولية التقصيرية. كما أنه ليس بالشرط الجزائي، ذلك أن الشرط الجزائي ليس إلا تقدير اتفاقية للتعويض عن الضرر الذي يصيب أحد التعاقدين.

    4 – يعد شرط سقوط الحق باطلا ولا يطبق إن كان يقضي بسقوط حق المؤمن بالتعويض بسبب مخالفة القوانين والأنظمة، إلا إذا انطوت هذه المخالفة على جناية أو جنحة قصدية .

    5- يعد شرط سقوط الحق باطلاً إذا كان جزاء لتأخر المؤمن عن التصريح بالحادث للسلطات المختصة، غير شركة التأمين، كحالة السرقة حيث يجب على المؤمن أن يتقدم بشكوى للنيابة العامة بهذه السرقة.

    فإذا تأخر المؤمن عن تقديم هذه الشكوى لعذر مقبول أو كان التأخر بسيطة، فإن شرط السقوط يعد باط؟ إذا ورد في عقد التأمين جزاء لمثل هذه الحالة.

    على أنه يبقى من حق شركة التأمين أن ترجع على المؤمن بالتعويض عن الضرر الذي لحق بها نتيجة تأخر المؤمن في التبليغ عن الحادث للسلطات المختصة، ويكون من حقها أن تلجأ إلى التخفيض النسبي للتعويض بما يتناسب مع الضرر الذي لحق بشركة التأمين، ويقع على عاتقها إثبات الضرر الذي لحق بها من جراء تأخر المؤمن في التبليغ عن الكارثة للسلطات المختصة.

    6 – يعد باطلاً أيضا شرط سقوط الحق إذا كان جزاء لتأخر المؤمن في تقديم المستندات المتعلقة بالكارثة لشركة التأمين لتتمكن من الدفاع عن مصالحها. إذا تبين أن التأخر كان لعذر مقبول.

    وهنا أيضا يعد هذا الشرط باطلا للتعسف. فإذا اشترطت شركة التأمين في التأمين من الحريق على المؤمن أن يقدم لها سائر الفواتير والوثائق والبراهين والدفاتر والمخالصات التي لها علاقة بالمطالبة بالتعويض أو بأصل الحريق وسببه وما إلى ذلك من وثائق، وكان جزاء التأخر في تقديم هذه الوثائق يؤدي إلى سقوط حق المؤمن بالتعويض، ولو كان لعذر مقبول، يعد الشرط باطلا للتعسف.

    على أنه يعد هذا الشرط صحيحا إذا تعمد المؤمن عدم تقديم المستندات أو تأخر في تقديمها لعذر غير مقبول. وفي جميع الأحوال وحتى لو كان شرط سقوط الحق باطلا للتعسف، فإنه يجوز لشركة التأمين، إذا أثبتت أن ضررة لحق بها من جراء التأخر في تقديم المستندات، أن تعود على المؤمن بالتعويض .

    7 – وقد أضاف المشرع الفرنسي بأحكام المادة التشريعية 124-2 المتعلقة بالتأمين من المسؤولية على بطلان شرط سقوط حق المؤمن بالتعويض، إذا اعترف بمسؤوليته أو تصالح مع المتضرر دون علم شركة التأمين. على أن شرط عدم حجية الاعتراف أو المصالحة مع المتضرر، تجاه شركة التأمين يعد صحيحة .

    ب – الشروط الشكلية لشرط سقوط الحق:

    بما أن شروط سقوط الحق هو جزاء اتفاقي يتضمنه عقد التأمين, لذلك فقد وضع المشرع والاجتهاد القضائي بعض الشروط الشكلية لصحته من أبرزها:

    1 – يجب أن يكون هناك اتفاق بين شركة التأمين والمؤمن على سقوط الحق، وأن يكون واضحة ومحددة، فشرط سقوط الحق لا يفترض، ولا يجوز التوسع في تفسيره.

    ذلك لكي يعرف المؤمن بشكل صحيح ما يترتب على تخلفه في تنفيذ التزامه من نتائج. فإذا كان الشرط غامضة أو مبهمة فإنه يفسر المصلحة المؤمن، ذلك لأن شركة التأمين هي التي نظمته في عقد التأمين .

    2 – يجب أن يكتب شرط سقوط الحق، إذا ورد بين الشروط العامة المطبوعة في وثيقة التأمين، بارزة بشكل ظاهر.

    إما بخط غامق أو بكلمات مدونة بخط مكبر يميزه عن باقي النصوص. وهذا الشكل الظاهر يجب أن يشمل سقوط الحق والالتزام الذي يترتب عليه .

    3 – يجب أن يرد شرط سقوط الحق ضمن وثيقة التأمين نفسها.

    وقد عد الاجتهاد القضائي باط شرط سقوط الحق الذي يتضمنه النظام الداخلي للشركة دون أن ينص عليه عقد التأمين .

    ويطبق نفس الحكم إذا لم يحصل المؤمن من شركة التأمين إلا على مذكرة التغطية التي تستند إلى الشروط العامة لوثيقة التأمين التي لم تسلم بعد للمؤمن .

    ثالثاً- آثار شرط سقوط الحق

    إن الأثر الأساسي لسقوط الحق هو حجب مبلغ التأمين عن المؤمن الذي لولا أن أخل بالتزامه بعد وقوع الكارثة لكان من حقه قبضه. على أن الاحتجاج بسقوط الحق تجاه المؤمن يختلف عنه تجاه الغير.

    أ- الاحتجاج بسقوط الحق في علاقة شركة التأمين بالمؤمن:

    1 – إن الأثر الأساسي لسقوط الحق بالنسبة للمؤمن هو فقده لحقه بمبلغ التأمين الذي منحه إياه عقد التأمين. ويقتصر ذلك على الكارثة التي أخل المؤمن بعدها تنفيذ التزامه. أما بالنسبة لباقي شروط العقد، فيبقى العقد نافذا ويلتزم المؤمن بدفع أقساط التأمين. وتلتزم شركة التأمين بالتعويض عن الحوادث التي قد تقع بعد هذه الكارثة.

    ويقع على عاتق المؤمن إثبات أنه قد نفذ التزاماته بعد وقوع الكارثة، وبالمقابل يقع على عاتق شركة التأمين، إذا تمسكت بسقوط الحق، أن تثبت خطأ المؤمن في تنفيذ التزامه بالتصريح عن الكارثة.

    2 – ومع ذلك يحق للمؤمن أن يدفع بعدم تطبيق شرط سقوط الحق في حالات ثلاث:

    الحالة الأولى: إذا تنازلت شركة التأمين عن المطالبة بسقوط حق المؤمن، ويجب أن يكون هذا التنازل واضحة لا لبس فيه ولا غموض.

    وقد أعطى الاجتهاد القضائي أمثلة عن هذا التنازل، حيث يستخلص من تصرفات شركة التأمين، مشاركة شركة التأمين في تعيين خبراء لتقدير قيمة الخسائر التي نجمت عن الكارثة .

    ومثل ذلك أيضا أن تعرض شركة التأمين على المؤمن أو على المتضرر مبلغ على سبيل التعويض .

    من خلال هذه الأمثلة نجد أن تنازل شركة التأمين عن المطالبة بسقوط الحق وإن لم يكن صريحا، فهو تنازل واضح لا لبس فيه.

    الحالة الثانية: يمكن للمؤمن أن يتمسك بالقوة القاهرة، كسبب لإخلاله بالتزاماته بعد وقوع الكارثة، والتي منعته من تنفيذها، ويقع على عاتقه عبء إثباتها.

    وقد تشدد الاجتهاد القضائي في قبول القوة القاهرة، وافترض انه لا يمكن للمؤمن، في التأمين من الإصابات، أن يتمسك بإصابته التي جعلته عاجزة عن القيام بالتزامه في إخطار شركة التأمين بوقوع الحادث في الميعاد المحدد، وذلك إذا تبين من ظروف الحال أن باستطاعته أن يكلف شخصا آخر بالقيام بهذا الإخطار .

    كما أن جهل المستفيد بوجود التأمين لصالحه لا يعد من قبيل القوة القاهرة، وبخاصة إذا صرحت وثيقة التأمين بأن جهل المستفيد لا يعد عذرة، وكان على المؤمن أن يخبر المستفيد بالتأمين وبالشروط الواردة فيه .

    وكذلك لا يكون نجهل المستفيد قوة قاهرة، إذا كان هو المسؤول عن ذلك الجهل أو التأخر في التصريح عن الكارثة .

    الحالة الثالثة: يمكن للمؤمن أن يستبعد تطبيق شرط سقوط الحق إذا ما أصلح الخطأ الذي ارتكبه، قبل أن تتمسك شركة التأمين بسقوط الحق.

    كما لو قدم المؤمن لشركة التأمين بيانا مغالى فيه وغشأ منه عن الخسائر التي نجمت عن الحادث. فإذا ندم المؤمن على فعلته، وبادر من تلقاء نفسه، وقبل أن تتمسك شركة التأمين بهذا الغش، إلى إصلاح خطئه وقدم بيان صحيحة عن الخسائر، فأزال بذلك كل أثر يمكن أن يترتب على البيان المغالى فيه، فإن إخلاله بالتزامه في بداية الأمر يمحوه ما فعله بعد ذلك من إصلاح لهذا الخطأ، فترفع عنه عقوبة سقوط الحق.

    ويجب أن نلاحظ بأنه لا يكون الإخلال بالالتزام قابلا للإصلاح، إذا كان تنفيذ الالتزام واجبة في ميعاد محدد وانقضى هذا الميعاد، كما لو تخلف المؤمن على تنفيذ التزامه بالتصريح عن الكارثة ومضت المدة المحددة لهذا التصريح .

    ب- الاحتجاج بسقوط الحق بالنسبة للغير:

    يختلف أثر الاحتجاج بسقوط الحق بالتأمين بالنسبة للغير حسب صفة هذا الغير وحسب نوع التأمين.

    1 – فبالنسبة للمستفيد من التأمين، يحق لشركة التأمين أن تتمسك بسقوط الحق ليس فقط تجاه طالب التأمين، وإنما أيضا تجاه المستفيد الذي اشترط التأمين لمصلحته. كما لو كان مستفيدة من تأمين في حالة الوفاة .

    2 – أما في التأمين من المسؤولية، فلا يحق لشركة التأمين أن تحتج بسقوط الحق، تجاه المتضررين.

    هذا ما استقر عليه الاجتهاد القضائي، ذلك لأن حق المتضرر في إقامة الدعوى المباشرة للمطالبة بالتعويض قد نشأ من لحظة وقوع الكارثة، ولا يتأثر هذا الحق بتخلف المؤمن عن تنفيذ التزاماته بعد وقوع الكارثة .

    وهذا ما أكدته المادة 207 من قانون السير رقم 19 لعام 1974 المتعلق بالتأمين الإلزامي على المركبات الآلية، التي نصت على ما يلي:

    ” أ- يعطي عقد التأمين الإلزامي للمتضرر حقة مباشرة تجاه شركة التأمين ولا تسري بحق الدفوع التي يجوز لشركة التأمين أن تتمسك بها قبل المؤمن له..”.

    3 – عدم حجية شرط سقوط الحق تجاه الدائنين المرتهنين أو صاحبي حق امتیاز على الشيء المؤمن.

    وهذا ما قضت به محكمة النقض الفرنسية التي أقرت لمصلحة الدائن إذا كان له حق رهن أو حق امتیاز على الشيء المؤمن، فانتقل حقه بعد وقوع الكارثة إلى مبلغ التأمين، فلا تستطيع شركة التأمين أن تحتج بسقوط حق المؤمن على الدائن المرتهن أو الدائن صاحب حق الامتياز، ورجع هؤلاء الدائنون عليها بمبلغ التأمين، على أنه يحق لشركة التأمين أن ترجع بدورها على المؤمن بما دفعته للدائنين، فهي بمثابة الكفيل الذي وفي دين من كفله.

    وقد جاءت المادة 736 من القانون المدني السوري بما يدعم هذه الفكرة بنصها على أنه:

    “1- إذا كان الشيء المؤمن عليها مثقلا برهن أو تأمين أو غير ذلك من التأمينات العينية انتقلت هذه الحقوق إلى التعويض المستحق للمدين بمقتضى عقد التأمين.

    2 – فإذا شهرت هذه الحقوق أو أبلغت إلى المؤمن (شركة التأمين) ولو بكتاب مضمون، فلا يجوز له أن يدفع ما في ذمته للمؤمن له إلا برضاء الدائنين”.

    وتطبيق هذا النص يقتضي أن يكون هناك عقد تأمين على الأشياء وأن يكون للدائن حق خاص بالشيء المؤمن وأن يعلن عن هذا الحق خاصة لشركة التأمين إما برسالة مسجلة أو بتسجيله أصولا على صحيفة الشيء المؤمن (السجل العقاري مثلا) .

  • المصلحة في التأمين أو المصلحة التأمينية ( لزومها – ضرورتها – مداها )

    سبق أن قدمنا تعريف التأمين وضرورة توافر الخطر، والقسط، ومبلغ التأمين والتي تعد محل عقد التأمين.

    ويثور التساؤل هل تدخل المصلحة في نطاق محل هذا العقد، وهل من الضرورة توافرها؟

     ويقصد بالمصلحة هنا معرفة ما إذا كان للمؤمن أو للمستفيد مصلحة من عدم وقوع الخطر المؤمن، ومن أجل هذه المصلحة أم من هذا الخطر، حتى إذا وقع واصطدم وقوعه مع المصلحة في عدم وقوعه، ولحق المؤمن أو المستفيد ضرر نتيجة ذلك، رجع على شركة التأمين بتعويضه عن هذا الضرر..

     ولهذا سنتعرض في هذا البحث إلى ضرورة توافر المصلحة من التأمين ومن ثم نعرض نطاق تطبيق المصلحة في التأمين

    ضرورة التوفر المصلحة في التأمين

     عندما يبرم المؤمن عقد التأمين مع شركة التأمين فإنه يقوم بالتأمين على مصلحة ما تتمثل في عدم تحقق الكارثة أو الحادث من جهة وفي تعويضه عن الضرر الذي لحق به، أيا كانت صفته، في حال تحقق الحادث أو الكارثة من جهة أخرى.

    وقد اختلف الفقهاء في لزوم توافر المصلحة، ومدى ما للمؤمن من مصلحة في إبرام عقد التأمين .

    لزوم توفر المصلحة

     يهدف المؤمن من وراء إبرام عقد التأمين إلى تأمين نفسه ضد خطر معين مقابل قسط.

    فهو بذلك يسعى للحصول على التأمين، تأمين مصلحته من هذا الخطر الذي يخشی وقوعه.

    وقد اختلف الفقهاء في ضرورة توافر المصلحة في سائر أنواع التأمين وأقسامه بعدها عنصراً أساسياً من العناصر التي تشكل محل عقد التأمين.

    فقد ذهب بعض الفقهاء (128) إلى أن المصلحة ليست عنصراً من عناصر محل التأمين إلا في التأمين من الأضرار.

     أما في التأمين على الأشخاص فلا يشترط فيه توافر عنصر المصلحة.

     ولا تظهر أهمية اشتراط المصلحة في التأمين على الأشخاص إلا في حالة التأمين على الغير.

     ففي هذه الحالة وحدها يمكن التساؤل عما إذا كان من الضروري أن يكون للمؤمن مصلحة في بقاء المؤمن على حياته.

     وذهب آخرون إلى ضرورة توافر المصلحة في التأمين، فإذا لم تكن للمؤمن مصلحة في عدم تحقق الخطر، كما لو كان من قام بالتأمين غير مالك أو لم يكن صاحب حق على الشيء المؤمن، فإن هذا قد يدفعه على افتعال الخطر، فيعمل على تحقيق الكارثة لكي يقبض مبلغ التأمين وبذلك يصير التأمين في حالة عدم توافر المصلحة للمؤمن عملية من عمليات المغامرة تبطل العقد .

    ولهذا كان استلزام المصلحة في التأمين أمراً يمليه النظام العام، هو خشية تعمد إحداث الكوارث ومنع المغامرة.

     فالخشية من الكوارث المتعمدة تقتضي ألا يستفيد المؤمن من الكارثة، ولا يتقاضى إلا ما يعوضه في حالة التأمين من الأضرار، كما تقضي كذلك أن يكون للمؤمن مصلحة في حفظ الشیء عدم تحقق الكارثة.

    وأما من ناحية منع المغامرة فإن هذا يستلزم أن تكون للمؤمن مصلحة في حفظ الشيء.

     ذلك أنه إذا كان هلاك الشيء لا يهم المؤمن، فإنه سيضارب عليه.

     وإذا كان توافر المصلحة في التأمين أمرأ لازماً باعتبار أن ذلك يتعلق بالنظام العام فإن لزوم المصلحة واجب توفره في عقود التأمين كافة، إذ تعد المصلحة شرطة في وجود التأمين.

    كما يجب أن تبقى المصلحة متوافرة طوال مدة التأمين.

    وهذا ما دعا بعضهم إلى القول أنه لا تأمين بلا مصلحة.

    فهي بذلك شرط ابتداء وبقاء في التأمين.

     ولهذا يترتب على عدم وجودها بطلان التأمين منذ البداية.

     كما يترتب على زوالها بعد قيام التأمين فسخ العقد، مع ترتيب الآثار القانونية في حالتي البطلان أو الفسخ بالنسبة لهذا النوع من العقود.

    وقد ذهب المشرع بنص المادة 715 من القانون المدني إلى أنه:

     ” يكون محلاً للتأمين كل مصلحة اقتصادية مشروعة تعود على الشخص من عدم وقوع خطر معين”.

    من خلال ورود هذا النص بين الأحكام العامة للتأمين، فإننا نجد بأن المشرع جعل من المصلحة شرطة عامة في التأمين من الأضرار والتأمين على الأشخاص معا.

     كما أن النص جاء مطلقا، ولهذا لا ينبغي قصره على تأمين الأضرار فقط، خلافا لما ذهب إليه بعضهم إلى أن المصلحة ليست إلا عنصراً في تأمين الأضرار فقط، دون التأمين على الأشخاص واستندوا إلى أن نص المادة 715 إنما يتكلم عن المصلحة الاقتصادية التي لا تقوم إلا في تأمين الأضرار أما في تأمين الأشخاص، فإن المصلحة لا تكون عند اشتراطها مصلحة اقتصادية، بل معنوية.

    ونرى أن الاتجاه الذي سار فيه الفقه، من حيث تعميم عنصر المصلحة على جميع أنواع التأمين هو الذي يتفق مع ما ينص عليه المشروع السوري.

    فطالما كانت المادة 715 وإرادة ضمن الأحكام العامة، فإنه يجب إعمال حكمها، على هذا الأساس، سواء بالنسبة للتأمين من الأضرار، أم بالنسبة للتأمين على الأشخاص.

     خلافاً لما ذهب إليه الفقه الفرنسي وبعض الفقه المصري.  إذ ينبغي أن ندخل في الحسبان ما هنالك من فارق بين القانون الفرنسي والقانون السوري.

     فقد استلزم القانون الفرنسي عنصر المصلحة في صدر الكلام عن تأمين الأضرار، ولهذا فإن من المنطقي أن يقال أن القانون الفرنسي لا يستلزم عنصر المصلحة إلا في هذا النوع من التأمين.

    فقد نصت المادة التشريعية 121-6 من قانون التأمين الفرنسي على أن:

    ” يمكن لكل شخص التأمين على شيء له مصلحة في الحفاظ عليه. وتكون محلا للتأمين كل مصلحة مباشرة أو غير مباشرة تنتج عن عدم تحقق الخطر”.

    لذلك يتجه الفقه الفرنسي إلى أن لزوم توافر المصلحة لا يكون إلا في التأمين من الأضرار واضعة في الحسبان موقف القانون من إيراد النص ضمن نصوص تأمين الأضرار، حيث تكلم النص عن المصلحة في المحافظة على الشيء.

     وإذا كان يتضح من النص صراحة أن يعرض عندهم للتأمين على الأشياء، أو من الأضرار بصفة عامة، فإن الفقه الفرنسي، يعترف بذلك، إلا أنه يقرر من جهة أخرى إمكان تصور عنصر المصلحة في تأمين الأشخاص، على الرغم من أن القانون الفرنسي لم ينص عليه كما فعلت بعض القوانين الأخرى.

    وبناء على ذلك لا بد من إعمال المصلحة على أشكال التأمين باختلاف أنواعه، حتى ولو بالنسبة التأمين الأشخاص، وذلك لما لهذا النص من العمومية من حيث صياغته ولوروده ضمن القواعد العامة

    مدى ما للمؤمن من مصلحة في عقد التأمين

     تؤثر قيمة الشيء المؤمن أو أهمية الشخص في مدى مصلحة المؤمن في عقد التأمين.

     حيث أن مدى ما للمؤمن من مصلحة يعد أحد عناصر تقدير الخطر.

     ولذلك، كلما كبرت مصلحة المؤمن في المحافظة على الشيء أو على الشيء المؤمن على حياته، كان ذلك حافزاً على أن تقبل شركة التأمين إبرام عقد التأمين.

    فإذا كان الشيء المراد تأمينه جديداً، كانت مصلحة المؤمن في المحافظة علية كبيرة.

    ولهذا يكون الشركة التأمين من وراء ذلك منفعة في التأمين على هذا الشيء لأن عوض التأمين الذي سيحصل عليه المؤمن، مهما كان، لن يزيد على قيمة هذا الشيء إذا هلك.

    ومن هنا تظهر مصلحة المؤمن في المحافظة على الشيء حتى لا تتحقق الكارثة المؤمنة، إذ لن يغريه مبلغ التأمين، طالما كان باستطاعته الحصول على ثمن أعلى لو باع الشيء الجديد.

     وبالعكس لو كان الشيء المؤمن قديماً. فكلما قدم الشيء قلت مصلحة المؤمن في المحافظة عليه، إذ انه لن يحصل على معادلة لقيمة مبلغ التأمين في حالة رغبته في بيع هذا الشيء.

     ولا شك أن مصلحة المؤمن في المحافظة على الشيء المؤمن تبدو ضئيلة ولا تشجع شركة التأمين على قبول التأمين في هذه الحالة، حيث يتمنى المؤمن حصول الكارثة.

     وهذا ما يدعو شركة التأمين في بعض الحالات إلى رفض التأمين، وذلك بالنظر إلى ضآلة مصلحة المؤمن في المحافظة على الشيء المراد تأمينه وكذلك الأمر في التأمين على الأشخاص من الحوادث، تأخذ شركة التأمين في حسابها عند التعاقد مدى مصلحة المؤمن في محافظته على سلامته الجسمانية، ولهذا فإنها تحدد بنفسها هذه المصلحة عند تحديد المبلغ المؤمن، فلا تقبل أن تؤمن بمبالغ أعلى من القيمة الاقتصادية للشخص المؤمن عليه وبذلك لا تدفع شركة التأمين المؤمن إلى تعريض نفسه للحوادث، بغية تقاضي مبلغ التأمين.

     وفي التأمين من السرقة تأخذ مصلحة المؤمن طابعاً خاصاً، إذ تتعلق بأخلاقيته وبما لديه من شعور نحو ملكيته أو الاحتفاظ بالشيء المؤمن، أكثر من تعلقها بالقيمة الاقتصادية التي للشيء المؤمن عنده.

    وفي التأمين على الحياة، إذ استلزمنا شرط المصلحة، فإن مقدار المصلحة لا يمكن تحديده عادة.

     فمتى وجدت المصلحة في التأمين، فإنها تكفي، ولا ينظر في هذا الصدد إلى صلتها بالمبلغ الذي يدفع بمقتضى وثيقة التأمين.

     ومع ذلك فإنه يمكن القول بالنظر إلى مقدار ما للمتعاقد من مصلحة في هذاالنوع من التأمين في بعض الحالات بالنسبة إلى التأمين الذي يقوم به الدائن على حياة مدينه، إذ يجب أن يكون هناك تناسب بين قيمة الوثيقة وحجم الدين عند تحرير الوثيقة، بحيث تكون المصلحة في حدود الدين .

  • تحديد المبلغ في التأمين من الأضرار وقاعدة النسبية في التأمين وشروطها

    تحديد المبلغ في التأمين من الأضرار وقاعدة النسبية في التأمين وشروطها   يختلف الأمر في التأمين من الأضرار عنه على الأشخاص.

    هناك حدود للمبلغ الذي تلتزم شركة التأمين بدفعه للمؤمن عن وقوع الضرر المؤمن.

    فإذا كان هذا المبلغ محرراً على أساس الاتفاق، إلا أنه يتوقف من جهة أخرى على ما يلحق بالمؤمن أو المستفيد من أضرار،

    ولذلك يخضع التأمين من الأضرار لمبدأ أساسي هو مبدأ التعويض، فهو ذو صفة تعويضية، بحيث لا يمكن للمؤمن أو المستفيد أن يتقاضى، عند وقوع الكارثة، ما يزيد على الضرر، مهما كانت جسامته، مراعاة في الوقت ذاته المبلغ المحدد بمقتضى الاتفاق.

    إذن يجب ألا يتجاوز المبلغ الذي تدفعه شركة التأمين القدر المتفق عليه في عقد التأمين، حتى ولو زادت الأضرار التي لحقت بالمؤمن عن هذا القدر المتفق عليه.

    وهذا حد مشترك بين التأمين من الأضرار والتأمين على الأشخاص. على أن التأمين من الأضرار يزيد في الحدود التي يتقيد بها مبلغ التأمين بحدين آخرين هما الصفة التعويضية أو مبدأ التعويض من جهة وقاعدة النسبية في التعويض من جهة أخرى.

    أولاً : مبدأ التعويض (الصفة التعويضية ):

    يقضي هذا المبدأ بأن لا يجوز أن يكون التأمين وسيلة ثراء المؤمن. أي أن التزام شركة التأمين بدفع مبلغ التأمين يتوقف على الضرر الذي أصاب المؤمن من جراء تحقق الكارثة، ويتحدد أداء الشركة بهذا القدر، حتى ولو كان مبدأ التأمين المتفق عليه يزيد عن ذلك.

    فاذا أمن الشخص على منزله من الحريق بمبلغ مليون ليرة , واحترق المنزل , فلا يستطيع المؤمن , أولا : أن يحصل من شركة التأمين على أكثر من مليون ليرة , و هو المبلغ المؤمن , حتى ولو كنت قيمة المنزل وقت احتراقه تزيد على ها المبلغ .

    وهذا مايفرضه عقد التأمين . ويضاف الى ذلك حق التعويض عن الضرر بمقدار هذا الضرر دون زيادة . فلو فرضنا أن قيمة المنزل قد تدنت , وقت الاحتراق , الى أقل من سبعمائة الف ليرة , فإن شركة التأمين لاتلتزم بدفع هذا المبلغ لا أكثر , وهذا على الرغم من أن المبلغ المؤمن هو مليون ليرة , وأن الأقسط التي كان المؤمن يدفعها حسبت على اساس هذا المبلغ .

    ويعود سبب ذلك، إلى أن التأمين من الأضرار، يقوم على مبدأ أساسي هو مبدأ التعويض. وبالتالي لا يمكن أن يكون التأمين مصدرأً لإثراء المؤمن، فهو لا يتقاضى من شركة التأمين إلا مبلغاً يعادل قيمة الضرر الذي أصابه.

    والا فإن الزيادة تكون إثراء لهذا المؤمن، قد يغريه أن يقدم على احراق منزله عمداً مع إخفاء ذلك، حتى يتمكن من الحصول على مبلغ يزيد على الضرر الذي لحق به. وقد أكدت الماد 717 على هذه الصفة التعويضي إذ نصت على أنه:

    لا يلتزم المؤمن (شركة التأمين) في تعويض المؤمن له إلا عن الضرر الناتج عن وقوع الخطر المؤمن منه بشرط ألا يتجاوز في ذلك قيمة التأمين” .

    وفكرة التعويض بقدر الضرر تتصل اتصالاً وثيقاً بالمصلحة العامة، وتعتبر هذه القاعد من  النظام العام، فلا يجوز الاتفاق على ما يخالفها.

    وتترتب على هذه الصفة التعويضي نتائج مهمة. وهي:

    1 – إذا كانت الكارثة قد تحققت بفعل الغير، لا يحق للمؤمن أن يجمع بين مبلغ التأمين ومبلغ التعويض الذي يتحقق من دعوى المسؤولية إذا ما رفعها على هذا الغير.

    2 – إذا دفعت شركة التأمين مبلغ التأمين للمؤمن أو المستفيد حلت الشركة محله، بمقدار ما دفعته، في الرجوع على الغير المسؤول عن الكارثة.

    فالمؤمن لا يكون له حق إلا في الحصول على ما يعوضه، واذا رجع على الشركة لا يكون له حق في الرجوع على الغير، وانما يكون للشركة أن تحل محله في الرجوع على هذا الغير.

    وهذا ما نصت عليه الماد 737 من القانون المدني فيما يتعلق بالتأمين من الحريق:

    يحل المؤمن (شركة التأمين) قانوناً بما دفعه من تعويض عن الحريق في الدعاوى التي تكون للمؤمن له قبل من تسبب بفعله في الضرر الذي نجمت عنه مسؤولية المؤمن (شركة التأمين…) .

    3 – إذا أمن شخص على منزله من الأضرار(من الحريق في مثالنا السابق)  لدى شركات متعدد، لا يحق له أن يحصل فيها جميعاً على مبلغ يزيد على قيم الضرر الذي لحق به.

    وهذا المنع ينصرف إلى حال تعدد التأمين في آن واحد، بالنسب لشيء واحد، وعن الخطر نفسه، وذلك متى كان المبلغ الاجمالي يزيد على قيمة الشيء المؤمن.

    تلك ىي أبرز النتائج المترتبة على مبدأ التعويض أو الصفة التعويضية للتأمين من الأضرار.

    ثانياً – قاعد النسبية في التعويض:

    إذا كان مبلغ التأمين أقل من قيمة الشيء المؤمن، وهو ما يسمى التأمين البخس فلا يكون للمؤمن في أي حال، وبالنظر إلى الضرر الذي لحق به، إلا الحق في تعويض جزئي،

    فإذا كان هلاك الشيء كلياً بسبب الكارث فإنه يستحق مبلغ التأمين فقط، وهو بحسب هذه الفريضة لا يمثل إلا جزءاً من هذا الضرر الذي لحق بالمؤمن.

    فالتزام شركة التأمين هنا يتحدد بالمبلغ المتفق عليه. ويكون المؤمن مؤمناً لذاته عن الفارق بين المبلغ المتفق عليه ومقدار الضرر الذي لحق به.

    ففي مثالنا السابق لنفرض أن قيم المنزل مليون ليرة وكان مبلغ التأمين مليون ليرة فإن مبلغ التأمين الذي تلتزم به شركة التأمين هو مليون ليرة فقط حتى ولو كان ذلك يشكل جزءاً من الضرر الذي لحق بالمؤمن نتيجة هلاك منزله بالحريق هلاكاً كلياً.

    إلا أنه إذا كان الهلاك جزئياً بسبب الحريق، أي أن مبلغ التأمين هو مليون ليرة وقيمة المنزل مليونا لير وهلك نصف المنزل، فهنا لا تدفع شركة التأمين مليون لير قيمة نصف المنزل وانما تطبق قاعد النسبية في التعويض بين ما هلك من الشيء المؤمن ومبلغ التأمين.

    فلا يحصل المؤمن على المبلغ المتفق عليه، ولكنه يحصل على مقدار النسبة بين المبلغ المؤمن به ومقدار ما احترق من المنزل.

    فإذا احترق المنزل المؤمن من الحريق بمقدار النصف استحق المؤمن نصف مبلغ التأمين وهو في مثالنا نصف مليون ليرة. ويجب ان نشير إلى أن قاعد النسبية، بخلاف مبدأ التعويض، ليست من النظام العام إذ يجوز الاتفاق على ما يخالفها.

    فيشترط المؤمن على شركة التأمين أن يتقاضى مبلغاً يعوض كل الضررالجزئي الذي أصابه ما دام لا يزيد على مبلغ التأمين، أي يتقاضى المليون ليرة، في مثالنا الأخير. وفي هذه الحال تتقاضى شركة التأمين قسطاً أعلى.

    فإذا لم يرغب المؤمن بدفع قسط أعلى، ولم يرغب في الوقت ذاته أن يفاجأ وقت تحقق الخطر بأن يرى قيمة الشيء أعلى من مبلغ التأمين فيضطر إلى الخضوع لقاعد النسبية، فإنه يستطيع تفادي تطبيق هذه القاعدة باللجوء إلى شرط الدلالة المتغيرة على الشكل التالي:

    يتخذ المتعاقدان دلالة اقتصادية معينة تنبئ بحركة تغير الأسعار، ويستعان بهذه الدلالة كل سنة على تعديل مبلغ التأمين ومقدار القسط تلقائياً، رفعاً أو خفضاً، بحسب ارتفاع الأسعار أو انخفاضها، وبذلك يبقى مبلغ التأمين معادلاً لقيمة الشيء بقدر الامكان .

    و لإعمال قاعد النسبية في التعويض لا بد من توافر شروط ثلاثة وهي:

    1 – أن تكون هناك قيمة مؤمن عليها مقدلاة أو قابلة للتقدير.

    2 – أن يكون التأمين بخساً، أي أن يكون التأمين أقل من مقدار القيمة المؤمن عليها وقت تحقق الخطر.

    3 – أن يتحقق الخطر المؤمن تحققاً جزئياً لا كلياً. ذلك أنه إذا تحقق الخطر تحققاً كلياً، فإن المؤمن له يتقاضى جميع مبلغ التأمين، فلا يظهر وضوح عمل قاعد النسبية وتختفي وراء الصفة التعويضية التي تقضي بأن يحصل المؤمن على الأقل من قيمة الضرر ومبلغ التأمين، وقد تقاضى الأقل وهو مبلغ التأمين.

    مما تقدم، تبين لنا المقصود من مبلغ التأمين وكيفية تحديده في كل من التأمين على الأشخاص والتأمين من الأضرار، وتعرضنا للصعوبات التي تواجه تحديد مبلغ التأمين سواء في حال زياد التأمين، لتأمين البخس أو في تعدد عقود التأمين.

  • الشركة الخارجية ( مفهومها و أحكاها)

    الشركة الخارجية ( مفهومها و أحكاها)

     محامي-استشارة-قانونية

    مفهوم الشركة الخارجية

    استكمالا لأحكام الشركات في سورية، فقد أفرد المشرع باباً خاصاً بالشركة الخارجية في قانون الشركات، وهو الباب الثامن منه المتكون من ثلاثة مواد ( 209 – 211) تحت عنوان الشركة الخارجية، بين فيها تعريف الشركة الخارجية وماهيتها والأحكام التي تخضع لها.

    وقد عرف القانون الشركة الخارجية على أنها

    ” شركة محدودة المسؤولية تقوم بممارسة جميع نشاطاتها الواردة في نظامها الأساسي خارج سورية، ويجوز أن يكون للشركة مقر في سورية، إلا أنه لا يجوز للشركة الخارجية تملك أي أموال غير منقولة في سورية، كما لا يحق لها ممارسة أي نشاط لها مهما كان في سورية”. (مادة 209 شركات).

    ماهية الشركة الخارجية

    بما أن الشركة الخارجية هي شركة محدودة المسؤولية فإنها تعد حكماً وبنص القانون دائماً شركة تجارية وتخضع لأحكام قانون الشركات وقانون التجارة. ويجب أن يتبع عنوان الشركة عبارة :

    ” شركة خارجية محدودة المسؤولية”،

    وعليه تطبق على الشركة الخارجية جميع الأحكام الخاصة بالشركات المحدودة المسؤولية المنصوص عليها في قانون الشركات من حيث تأسيسها وإدارتها وماليتها، وبما لا يتعارض مع الأحكام الخاصة بالشركة الخارجية المنصوص عليها في الباب الثامن من قانون الشركات.

    وبالنظر إلى ما تقدم من أحكام نجد أن المشرع شجع على تأسيس شركات محدودة المسؤولية خارجية يكون مقرها في سورية دون أن يحق لها أن تمارس أي نشاط فيها أو أن تتملك أموال غير منقولة، ولا أری أي فائدة من ذلك إذا لم تكن هذه الشركات تتمتع بامتيازات وإعفاءات لا تجدها في دول أخرى.

  • مفتشو الحسابات في شركات الساهمة

    يصعب على المساهمين متابعة أعمال الشركة مع ضخامة عددهم، وعدم حرصهم على حضور اجتماعات الهيئة العامة، وبشكل خاص مراقبة حسابات الشركة التي تتطلب خبرة فنية خاصة ودراية تحتاج للعديد من المساهمين ليقوموا بدورهم الرقابي.

    لذلك استوجب القانون أن يكون لشركة المساهمة مفتش للحسابات أو أكثر وخصهم بأحكام في المواد من 185 حتى193 تتعلق بتعيينهم وعزلهم واختصاصاتهم ومسؤوليتهم.

    وسنعرض هذه الأحكام على التوالي.

    تعيين مفتشي الحسابات وعزلهم

     أولاً – تعيينهم

    تتولى الهيئة العامة التأسيسية انتخاب مفتشي الحسابات الأوائل للشركة المساهمة، ثم تتولى الهيئة العامة العادية انتخاب مفتشي الحسابات وتنتخب الهيئة العامة جهة لتفتيش حساباتها لمدة سنة واحدة قابلة للتجديد، وتقرر هذه الهيئة بدل أتعاب المفتشين أو تفوض مجلس الإدارة بتحديد هذه الأتعاب.

    ويجوز أن تكون هذه الجهة مفتش حسابات أو أكثر من قائمة مفتشي الحسابات المعتمدين من هيئة الأوراق المالية. وإذا أهملت الهيئة العامة انتخاب مفتش لحساباتها أو اعتذر هذا المفتش أو امتنع عن العمل، توجب على مجلس الإدارة أن يقترح على وزارة الاقتصاد ثلاثة أسماء من قائمة مفتشي الحسابات المعتمدين من هيئة الأوراق المالية، لتنتقي منهم من يملا المركز الشاغر.

    وقد نص القانون على شروط تعيين مفتش الحسابات بالمادة 186 شركات التي تقضي بأنه:

    1- لا يجوز أن يعين مفتشا للحسابات من يتقاضى أجرأ أو تعويضا من الشركة أو كان موظفاً أو

    شريكاً لأحد أعضاء مجلس الإدارة أو كان قريبا له حتى الدرجة الرابعة.

    2 – يجب على الجهة التي ستقوم بتفتيش حسابات الشركة وقبل انتخابها تقديم تصريح للهيئة العامة للشركة تبين فيه أي علاقة عمل تربطها بأي من أعضاء مجلس الإدارة بصورة مباشرة أو غير مباشرة وعدد الأسهم التي تملكها في الشركة.

    وتلتزم الجهة التي ستقوم بتفتيش حسابات الشركة بتعويض الشركة عن أي ضرر يلحق بها بسبب عدم صحة التصريح فيه.

    ثانياً – عزلهم:

    يثبت حق عزل مفتش الحسابات لمن تولى تعيينه. فيجوز للهيئة العامة عزل مفتش الحسابات الذي قامت بتعيينه، وكذلك لوزارة الاقتصاد عزل مفتش الحسابات الذي قررت انتقاءه من المفتشين المقترحين من قبل مجلس الإدارة، وذلك عفوا من قبل الوزارة أو بناء على اقتراح مجلس الإدارة.

    على أنه لا يجوز عزل مفتشي الحسابات إلا إذا كانت هناك أسباب مشروعة تبرر ذلك.

    مثال ذلك ارتكاب مفتش الحسابات الأخطاء جسيمة، أو ارتكابه لأفعال عاقب عليها قانون الشركات كأن يكتم مفتش الحسابات معلومات يوجب القانون ذكرها بقصد إخفاء حالة الشركة الحقيقية عن المساهمين، أو أن يضارب بأسهم الشركة التي يدقق حساباتها.

    وإذا تم عزل مفتش الحسابات بشكل تعسفي جاز له مطالبة الشركة بتعويض الضرر الناشئ عن العزل.

    وبالمقابل يحق لمفتشي الحسابات اعتزال العمل في الشركة بتقديم استقالته بشرط ألا تصدر هذه الاستقالة عن غش، وأن تكون في وقت ملائم، وإلا التزم بتعويض الشركة.

    مهام وواجبات مفتش الحسابات

    أولاً – مهام مفتش الحسابات:

    يتمثل جوهر مهمة مفتش الحسابات، بشكل عام، في مراقبة سير أعمال الشركة وتدقيق حساباتها، وبصورة خاصة فيما يلي:

    1 – الاطلاع على دفاتر الشركة وأن يبحث فيما إذا كانت منظمة بصورة أصولية.

    2 – البحث فيما إذا كانت الميزانية وحسابات الشركة قد نظمت بصورة توضح حالة الشركة

    الحقيقية.

    3 – لمفتش الحسابات حق الاطلاع على دفاتر الشركة وحساباتها و أوراقها وصندوقها وله أن يطلب

    من مجلس الإدارة أن يوافيه بالمعلومات اللازمة للقيام بوظيفته، وعلى مجلس الإدارة أن يضع

    تحت تصرف مفتش الحسابات كل ما من شأنه تسهيل مهمته.

    4 – حق مفتش الحسابات في دعوة الهيئة العامة للانعقاد، وذلك بطلب يقدمه إلى مجلس الإدارة يطلب فيه الدعوة إلى انعقاد الهيئة العامة العادية أو غير العادية للشركة بناء على كتاب خطي يبين فيه الأسباب الداعية للانعقاد، وكذلك إذا أهمل مجلس الإدارة دعوة الهيئة العامة للاجتماع في المواعيد المقررة في النظام الأساسي أو في قانون الشركات فيجب على مفتش الحسابات أن يطلب إليه دعوتها (مادة 1/190 شركات).

    ثانياً – واجبات مفتش الحسابات:

    1- وضع التقرير السنوي:

    يجب على مفتش الحسابات أن يضع تقرير خطيا يتلوه أمام الهيئة العامة عن الحالة المالية للشركة وميزانيتها والحسابات التي قدمها أعضاء مجلس الإدارة و عن الاقتراحات المختصة بتوزيع أنصبة الأرباح وأن يقترح في هذا التقرير إما المصادقة على الميزانية السنوية بصورة مطلقة أو مع التحفظ وإما بإعادتها لمجلس الإدارة. ويجب أن يتضمن تقرير مفتش الحسابات ما يلي:

    1 – مدى حصوله على جميع المعلومات والبيانات والوثائق التي طلبها في سبيل القيام بمهمته أو بيان بما وجده من صعوبات أو معوقات في الحصول على تلك المعلومات.

    2 – إن الشركة تمسك حسابات وسجلات ومستندات منتظمة، وإن بياناتها المالية معدة وفقا لمعايير المحاسبة المعتمدة، وتظهر المركز المالي الحقيقي للشركة ونتائج أعمالها وتدفقاتها النقدية بصورة عادلة، وإن الميزانية وبيان الأرباح والخسائر متفقة مع القيود والدفاتر.

    3 – إن البيانات المالية الواردة في تقرير مجلس الإدارة المقدم للهيئة العامة تتفق مع قيود الشركة

    وسجلاتها.

    4 – المخالفات لأحكام القانون أو النظام الأساسي للشركة التي حصلت خلال السنة المالية موضوع

    التدقيق والتي من شأنها أن تؤثر بشكل جوهري على نتائج أعمال الشركة ووضعها الماليز.

    5 – مدى قدرة الشركة على الاستمرار في مزاولة أعمالها ويتم ذلك بشكل مستقل عما أبداه مجلس الإدارة بهذا الخصوص (مادة 188 شركات).

    2 – الإبلاغ عن المخالفات:

    إذا اطلع مفتش الحسابات على أي مخالفة ارتكبتها الشركة للقانون أو لنظامها الأساسي أو للأنظمة المحاسبية، فعليه أن يبلغ ذلك خطية إلى رئيس مجلس الإدارة و إلى الهيئة العامة إن لم تزل المخالفة قائمة (مادة 2/190 شركات).

    3- واجب السرية:

    لا يحق لمفتش الحسابات أو لموظفيه أن ينقل للمساهمين أو للغير ما حصل عليه من معلومات ذات طابع سري لا يوجب القانون الإفصاح عنها في معرض قيامه بعمله لدى الشركة، تحت طائلة العزل والتعويض (مادة 192 شركات).

    4 – عدم المضاربة بأسهم الشركة:

    لا يحق لمفتش الحسابات أو لموظفيه المضاربة بأسهم الشركة التي يدقق حساباتها سواء جرى هذا التعامل بالأسهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة تحت طائلة العزل والتعويض.

    مسؤولية مفتشي الحسابات:

    طبقا لنص المادة 191 من قانون الشركات يكون مفتشو الحسابات مسؤولين بصورة فردية أو على وجه التضامن عن الأخطاء التي يرتكبونها في مواجهة الشركة عند تدقيق حساباتها وتجاه المساهمين عن تعويض الضرر الذي سببته الأخطاء التي ارتكبوها في تنفيذ عملهم أو عدم قيامهم بالواجبات التي تقع على عاتقهم بموجب أحكام القانون أو النظام الأساسي للشركة.

    كما قد يسأل مفتشو الحسابات تجاه الغير وعلى وجه التضامن عن الأخطاء التي يرتكبوها وتلحق ضررا به.

    وتسقط دعوى المسؤولية المدنية تجاه مفتش الحسابات بمضي ثلاث سنوات من تاريخ انعقاد الهيئة العامة للشركة التي تلي فيها تقرير مفتش الحسابات. على أنه إذا كان الفعل المنسوب للمفتش يشكل جرمأ جزائية فلا تسقط دعوى المسؤولية المدنية إلا وفقاً لأحكام القواعد العامة، أي بتقادم الدعوى الجزائية (مادة 191 شركات).

    وقد نص قانون الشركات على معاقبة مفتش الحسابات بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ثلاثمائة ألف ليرة سورية ولا تزيد عن ثلاثة ملايين ليرة سورية، إذا ضمن تقريره بيانات غير صحيحة بصورة متعمدة عن ميزانية الشركة وحساب أرباحها وخسائرها، أو في حال كتمه لمعلومات يوجب القانون ذكرها بقصد إخفاء حالة الشركة الحقيقية عن ذوي العلاقة، أو قيامه بعمليات التلاعب في أسعار أسهم الشركة في أسواق الأوراق المالية أو شراء وبيع الأسهم .. الخ (مادة 203 شركات).

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1