الوسم: استشارات محامي مجانية

  • تعريف شركة التوصية ونشأتها

    تعرف المادة 44 من قانون الشركات شركة التوصية على أنها:

     “شركة تعمل تحت عنوان معين يكون فيها أحد الشركاء على الأقل شريكاً متضامناً إضافة إلى شريك أو شركاء موصين.

    أ- الشركاء المتضامنون:

     هم الذين يحق لهم الاشتراك في إدارة الشركة ويكونون مسؤولين

    بالتضامن عن ديون الشركة والالتزامات المترتبة عليها في أموالهم الخاصة.

     ب- الشركاء الموصون:

     هم الذين يقدمون حصة في رأسمال الشركة دون أن يكون لهم الحق بالاشتراك في إدارة الشركة وتكون مسؤولية كل منهم عن ديون الشركة والالتزامات المترتبة عليها محصورة بمقدار حصته في رأسمال الشركة”.

     فشركة التوصية تنطوي إذا على نوعين من الشركاء:

    شرکاء متضامنون مسؤولون عن جميع ديون الشركة مسؤولية شخصية غير محدودة وعلى وجه التضامن، وشركاء موصون تتحدد مسؤوليتهم بمقدار الحصة التي قدموها في رأس المال، ولا يحق لهم الاشتراك في إدارة الشركة.

     وترجع جذور شركات التوصية إلى نظام “قرض المخاطرة الجسيمة” الذي عرفه الإغريق في القرن السادس قبل الميلاد ومارسوه في التجارة البحرية.

    وبمقتضى هذا النظام كان صاحب المال يقرض مالك السفينة ما يحتاج إليه من نقود لتجهيز سفينة وشراء البضائع، فإذا وصلت السفينة سالمة إلى بر الأمان استوفى المقرض مبلغ القرض مضافا غليه فائدة تتمثل في نسبة من الأرباح التي يكون المقترض قد حققها، أما إذا غرقت السفينة لم يكن للمقرض أن يطالب مالك السفينة بشيء وضاعت عليه نقوده.

    وقد تفرع عن هذا النظام عقد التوصية “عقد الكومندا” ووضع الثقة.

    حيث أخذ النبلاء والقضاة ورجال الدين المحظور عليهم تعاطي التجارة، وكان الإقراض بالفائدة محظورة، كل ذلك دفع هؤلاء الأشخاص للتعاقد مع أحد التجار لاستثمار أموالهم، وسميت العقود المنظمة لعلاقتهم مع التاجر بعقود التوصية، لأن صاحب المال إنما يوصي التاجر بموجبها القيام بتجارة معينة.

     وانتقلت هذه التسمية إلى التشريعات الحديثة أولها كان الأمر الملكي للتجارة الذي صدر في فرنسا عام 1673، ولعدم شهر وضع الشريك الموصي فيها صدر قانون التجارة الفرنسي لعام

    1807 فنظم أحكام الشركات ومنها التوصية ووضع مؤيدات الشهر الشريك الموصي. وقد عرفت الشريعة الإسلامية عقدا شبيها بعقد التوصية، سمي بعقد المضاربة، وهو عبارة عن شركة في الربح يقدم أحد الشركاء فيها المال والآخر العمل. وأخذت المجلة بهذا النوع من الشركات وسميت بشركة المضاربة.

    وتختلف شركة المضاربة عن شركة التوصية اختلافاً كليا، لأن المضارب تنحصر حصته في رأسمال الشركة بعمله فقط، في حين يساهم الشريك الموصي، في تكوين رأس المال بالمال المقدم من قبله، ولكن مسؤوليته تنحصر بحصة منه بالنسبة لديون الشركة.

    وقد تكون شركة المضاربة أقرب إلى شركة التضامن، التي يمكن أن تكون مساهمة أحد الشركاء فيها مقتصرة على عمله والآخرون على مساهمات نقدية، منها على شركة التوصية التي نحن بصددها.

    وكان قانون التجارة السوري الملغي قد تبني نوعان من شركات التوصية: شركة التوصية البسيطة وشركة التوصية المساهمة.

     الأولى: يقسم فيها رأس المال إلى حصص غير قابلة للتداول بالطرق التجارية، ولا تقبل، من حيث المبدأ، الانتقال للغير إلا بموافقة الشركاء.

     والثانية: يقسم رأسمالها إلى أسهم ويكون الشريك الموصي فيها خاضعة للنظام القانوني الذي يخضع له المساهم في الشركات المغفلة.

    ونظرا لعدم شیوع شركات التوصية المساهمة في سورية وندرتها، فقد ألغي المشرع هذا النوع من الشركات وأقتصر على تنظيم أحكام شركة التوصية في قانون الشركات رقم 3 لعام 2008، مما دفعه لإلغاء كلمة “بسيطة” لعدم الحاجة إلى التمييز بينها وبين التوصية المساهمة.

     وتعد شركة التوصية من الشركات الواسعة الانتشار في سورية، نظراً لأن بإمكان الأشخاص الممنوعين من التجارة كالأطباء والمحامين والموظفين تأسيس شركة توصية كشركاء موصين فيها أضف إلى ذلك إمكانية استمرار شركة التضامن وتحويلها إلى شركة توصية في حال وفاة أحد الشركاء المتضامنين وحلول ورثته القصر محله كشركاء موصين.

    كما نص قانون الشركات على تطبيق أحكام شركة التضامن على شركة التوصية المنصوص عليها في هذا القانون وذلك في الحالات والأمور التي لم يرد عليها نص خاص في باب شركة التوصية وبما لا يتعارض مع أحكام شركة التوصية، واخضع الشركاء المتضامنين في شركة التوصية إلى الأحكام المطبقة على الشركاء المتضامنين في شركة التضامن (مادة 1/50 و2 شركات).

    وبما أن شركة التوصية تنفرد ببعض الأحكام الخاصة بها التي جاء بها قانون الشركات.

    فإننا سنقتصر في دراستنا على دراسة هذه الأحكام من خلال دراسة خصائص الشركة وإدارتها.

  • اكتساب الشريك صفة التاجر في الشركات التضامنية

     لما كان كل شريك في شركة التضامن مسؤولا بصفة شخصية وبوجه التضامن عن ديون الشركة، فإنه يعد يتعاطى بنفسه التجارة تحت عنوان الشركة.

     وبالتالي يكتسب الشريك في شركة التضامن صفة التاجر (مادة /29 شركات)، بشرط أن يكون موضوع الشركة تجاريا، ذلك أن شركة التضامن تعد شركة تجارية بموضوعها، وبالتالي فإنها لا تكتسب صفة التاجر ومن ثم الشركاء فيها لا يكتسبون هذه الصفة ما لم يكن موضوع عملها ذو صفة تجارية.

    2 ويترتب على ذلك أن الشريك المتضامن يجب أن تتوافر فيه الأهلية التجارية، أي أن يكون متمتعاً بكامل الأهلية (مادة 4/29شركات).

    بيد أنه لا يلتزم بمسك الدفاتر التجارية ولا بالقيد في السجل التجاري إذا لم تكن له تجارة مستقلة عن الشركة، وذلك اكتفاء بدفاتر الشركة التي يتضح منها مركز سائر الشركاء فيها وبذكر اسمه ضمن البيانات الخاصة بالشركة في السجل التجاري.

     وإن أهم ما يترتب على اكتساب الشريك المتضامن صفة التاجر من آثار هو أن إفلاس الشركة يؤدي بحكم القانون إلى إفلاس كل الشركاء شخصية (مادة 3/29 شركات).

     فإذا توقفت الشركة عن دفع ديونها وتوقف الشريك المتضامن عن دفع ديون الشركة، فإن ذلك يؤدي إلى شهر إفلاس الشركة ومن ثم شهر إفلاس جميع الشركاء المتضامنين فيها.

    وإذا كان شهر إفلاس شركة التضامن يؤدي إلى شهر إفلاس الشركاء المتضامنين، فإن العكس غير صحيح.

    ذلك أن شهر إفلاس الشريك المتضامن لا يؤدي إلى شهر إفلاس الشركة، لأن الشركة لا تكون مسؤولة عن ديون الشركاء الشخصية، ولأن الشركاء الآخرين قد يتمكنون من الوفاء بديونها إذا ما أفلس أحد الشركاء.

     وإنما يترتب على إفلاس الشريك إلى حل الشركة وانقضائها، وفقاً لما ذكرناه سابقاً، في الحالات الخاصة لانقضاء الشركات التي تقوم على الاعتبار الشخصي.

  • كيف تتسم قسمة الشركة بين الشركاء بعد انقضائها؟

    أولاً – مفهوم القسمة

    يقصد بالقسمة في مجال الشركات، إيصال كل شريك إلى حقه في أموال الشركة المنقضية. فهي العملية التي تتبع التصفية.

    ويتفق الشركاء عادة على من يتولى القسمة، وغالبا ما يندبون لذلك المصفي نفسه.

    وفي هذه الحالة يعد المصفي وكيلا عن الشركاء لا ممثلا للشركة، لأن الشركة زالت من الوجود نهائية كشخص اعتباري بعد انتهاء عملية التصفية.

    ولم ينظم قانون الشركات رقم 3 لعام 2008 أحكام القسمة على خلاف ما اتبعه في أحكام التصفية، ويبدو أن سبب ذلك هو استقرار الفقه والقضاء على أحكام القسمة المنصوص عليها في القانون المدني، الذي ينص على أن تتبع في قسمة الشركات القواعد المتعلقة بقسمة المال الشائع (مادة 505 مدني).

     وكنا نفضل أن يأتي قانون الشركات بتفصيل لأحكام القسمة.

    ثانياُ – كيفية إجراء القسمة

    1 – القسمة الرضائية:

    الأصل أن يتبع في القسمة ما يكون الشركاء قد اتفقوا عليه في عقد الشركة. أما إذا لم ينص عقد الشركاء على كيفية قسمة صافي موجودات الشركة بعد تصفيتها، كان للشركاء، إذا انعقد إجماعهم، أن يقتسموا المال الشائع بالطريقة التي يرونها.

     وإذا كان مثل هذا الإجماع وارد في شركات الأشخاص فهو صعب المنال في الشركات التي تضم عددا كبيرا من الشركاء كالشركة المساهمة.

    وتجري القسمة عادة على أساس اختصاص كل شريك بمبلغ يعادل الحصة التي قدمها في رأس المال كما هي مبينة في العقد، أو بما يعادل قيمة هذه الحصة وقت تسليمها إذا لم تبين قيمتها في العقد.

     وإذا قدم الشريك حصته على سبيل الانتفاع، فإنه يستردها قبل القسمة لأن ملكية الرقبة مازالت له.

     أما الشريك بالعمل فلا يستحق مبلغاً يقابل حصته لأنه لم يقدم حصة مالية في الشركة، وإنما يسترد حريته في القيام بأعمال أخرى وإن كانت من نفس طبيعة أعمال الشركة قبل انقضائها .

    وإذا ما استرد كل شريك حصته، وتبقى شيئا بعد ذلك من حصيلة التصفية، وهو ما يسمى بفائض التصفية، اعتبر ذلك بمثابة أرباح متراكمة ويجري توزيعها على جميع الشركاء دون تمييز بحسب نصيب كل منهم في الأرباح، وفقا للأسس التي اتفق عليها الشركاء في عقد تأسيس الشركة، وفي حال عدم وجود مثل هذا الاتفاق، توزع وفقا لأحكام التوزيع القانوني للأرباح، أي بنسبة حصة كل شريك في رأس مال الشركة.

     أما إذا لم يكن فائض التصفية كافية لتغطية قيمة الحصص المالية، فإنه يتم توزيعه على الشركاء بحسب نصيب كل منهم في الخسائر، وهذا يخص الشركاء المتضامنون، إذ يتحملون نصيبهم في الخسائر وفقا لحصتهم في رأس المال (مادة 12/25 شركات).

     وإذا كان أحد الشركاء ناقص الأهلية، فلابد من الحصول على موافقة المحكمة الشرعية على القسمة الرضائية الجارية بموافقة النائب القانوني – الولي أو الوصي أو القيم، طبقا لأحكام المادتين 181 و 182 من قانون الأحوال الشخصية.

     2 – القسمة القضائية:

    إذا لم يتفق الشركاء على القسمة رضائيا، جاز للمصفي أو لأي من الشركاء مراجعة محكمة البداية المدنية لقسمة أموال الشركة عينا أو بيعها بالمزاد وتوزيع الثمن على الشركاء، كل ذلك مع مراعاة أحكام عقد الشركة واتفاق الشركاء بهذا الصدد.

     أ- القسمة العينية:

    تتم القسمة العينية من خلال ندب المحكمة، إن رأت وجها لذلك، خبيرا أو أكثر لتقويم المال الشائع وقسمته حصصا إن كان المال يقبل المقسمة عينة دون أن يلحقه نقص كبير في قيمته (مادة 2/790مدني).

    ومن ثم يكون الخبير الحصص على أساس أصغر نصيب حتى ولو كانت القسمة جزئية، فإن تعذرت القسمة على هذا الأساس جاز للخبير أن يجنب لكل شريك حصته. وإذا تعذر أن يختص أحد الشركاء بكامل نصيبه عينا، عوض بمعدل عما نقص

    من نصيبه (مادة 791 مدني). ويفصل القاضي في المنازعات المتعلقة بتكوين الحصص، ومن ثم يحكم بإعطاء كل شريك النصيب المفرز الذي آل إليه (مادة 792 مدني).

    فإذا لم يخص الخبير كل شريك بحصة مفرزة، جرت القسمة بطريق الاقتراع، وتثبت المحكمة ذلك وتصدير حكما بإعطاء كل شريك نصيبه المفرز (مادة 3/493).

    وإذا كان بين الشركاء غائب أو ناقص الأهلية، طلب القاضي من المحكمة المختصة تعيين من يمثلها في دعوى القسمة، إذا لم يكن ثمة وصي أو قيم أو وكيل قضائي مقام عليهما أصولاً مادة 794 مدني).

    ولا يملك المصفي تجنيب الحصص وقسمة الأموال مالم تفوضه محكمة البداية المدنية بذلك.

    ب – بيع الأموال بالمزاد وقسمة الثمن نقداً:

    إذا تعذرت القسمة عينا، أو كان من شأنها إحداث نقص كبير في قيمة المال المراد قسمته، يقرر القاضي بيع المال بالمزاد العلني، طبقا لأحكام قانون أصول المحاكمات المتعلقة بكل نوع من أموال الشركة سواء أكانت عقارات أو منقولات أم قيمة منقولة أم ديونا في ذمة الغير. وتقتصر المزايدة على الشركاء إذا طلبوا هذا بالإجماع (مادة 795 مدني).

     3 – أثار القسمة:

    أ- ضمان التعرض والاستحقاق:

    يضمن المتقاسمون بعضهم لبعض ما قد يقع من تعرض أو استحقاق لسبب سابق على القسمة، ويكون كل منهم ملزما بنسبة حصته أن يعوض مستحق الضمان، على أن تكون العبرة في تقدير الشيء بقيمته وقت القسمة، فإذا كان أحد المتقاسمين معسرا، وزع القدر الذي يلزمه على مستحق الضمان وجميع المتقاسمين غير المعسرين.

    غير أن لا محل للضمان إذا كان هناك اتفاق صريح يقضي بالإعفاء منه في الحالة الخاصة التي نشأ عنه، ويمتنع الضمان أيضا إذا كان الاستحقاق راجعة إلى خطأ المتقاسم نفسه (مادة 798 مدني).

     ب – الأثر الكاشف للقسمة:

    يعد المتقاسم مالكا للحصة التي آلت إليه منذ أن تملك في الشيوع وأنه لم يملك غيرها شيئا في بقية الحصص (مادة 797 مدني).

    ويطبق هذا الحكم فقط على القسمة العينية عندما تنقضي شخصية الشركة لانتهاء أعمال التصفية وتحول موجودات الشركة إلى أموال شائعة بين الشركاء قبل قسمتها.

    ج – إبطال القسمة الرضائية:

    يجوز لأحد المتقاسمين طلب نقض القسمة الحاصلة بالتراضي، إذا أثبت أنه قد لحقه منها غبن يزيد على الخمس، على أن تكون العبرة في التقدير بقيمة الشيء وقت القسمة.

    ويجب أن ترفع الدعوى خلال السنة التالية للقسمة.

    ويحق للمدعى عليه أن يطلب وقف سير الدعوى ويمنع القسمة من جديد إذا أكمل للمدعي نقدا أو عينا ما نقص من حصته (مادة 799 مدني).

  • كيف تتم عملية تصفية الشركة واغلاقها؟

    أعمال التصفية

     أولاً – واجبات المصفي وصلاحياته:

    تتحدد سلطات المصفي وواجباته في سند تعيينه، سواء كان ذلك السند هو عقد الشركة أم قرار المحكمة. فإن خلا هذا السند من مثل هذا التحديد، فإن قانون الشركات نص على هذه الواجبات والصلاحيات.

     1 – واجباته:

     أ – استلام موجودات الشركة وجردها:

    يتم تسليم المصفي دفاتر الشركة وسجلاتها ومستنداتها وأوراقها وأموالها وجميع أصولها، وينظم سجلات خاصة بعملية التصفية تتضمن ما للشركة من مطاليب أو حقوق وما عليها من التزامات، ويحق لأي من الشركاء الاطلاع على سجلات التصفية المذكورة آنفا (مادة 1/24 شركات).

     ب – دعوة الدائنين :

    يجب على المصفي خلال ثلاثة أشهر من تاريخ شهر تعيينه نشر إعلان في صحيفتين يوميتين ولمرتين على الأقل يتضمن دعوة الدائنين لمراجعة مقر الشركة وبيان دين كل منهم وعنوانه خلال مهلة تسعين يوما من تاريخ الإعلان الأول (مادة 3/24/ شركات).

    وفي حال عدم تقديم أي دائن للشركة بمطالبته خلال مهلة تسعين يوما من تاريخ الإعلان الأول، جاز له بعد انقضاء هذه المهلة وقبل انتهاء التصفية تقديم مطالبته، على أن تصبح مرتبة هذه المطالبة بعد مرتبة الدائنين الذين تقدموا بمطالبتهم خلال المهلة المحددة، أي مهلة التسعين يوما.

    وعليه فإن الدائن المهمل أو غير العالم بالإعلان لا يسقط حقه بالمطالبة وإنما يتقدمه الدائنون الذين تقدموا بمطالبتهم خلال المهلة المحددة قانونا.

     ج – تحصيل أموال الشركة ووفاء ديونها:

    يقوم المصفي بالأعمال اللازمة لتحصيل ما للشركة من ديون في ذمة الغير أو في ذمة الشركاء، ووفاء ما عليها من الديون وذلك حسب الأولوية المقرر قانونا (مادة 5/24 شركات).

     وبناء على ما تقدم، يحق للمصفي أن يطالب مديني الشركة بالوفاء ويطالب الشركاء بتقديم ما تعهدوا به من حصص.

     وفي شركات التضامن والتوصية، إذ للمصفي مطالبة الشركاء المتضامنين بأداء المبالغ اللازمة لتسديد الديون في حال عدم كفاية أموال الشركة لتسديدها (مادة 10/24 شركات).

     وفيما يتعلق بحقوق الشركة تجاه الغير، فإنه يجب التمييز بين الديون العاجلة والديون الآجلة. فيحق للمصفي مطالبة مديني الشركة بأداء الديون العاجلة.

    أما بالنسبة إلى الديون الآجلة فيتعين على المصفي احترام آجال الديون، ولا يترتب على انقضاء الشركة سقوط آجال الديون.

    وفي حال امتناع المدين عن الوفاء بالديون التي تكون مستحقة الدفع، فإنه يتعين على المصفي اتخاذ الإجراءات الاحتياطية والتنفيذية للمحافظة على حقوق الشركة، فضلا عن إمكانية تقدمه بطلب شهر إفلاس مدين الشركة التاجر إذا كان دين الشركة تجارية.

     ويجب على المصفي قيد الرهون المقررة لمصلحة الشركة، وقطع التقادم حفاظاً على حقوق الشركة.

    د – الامتناع عن القيام بأعمال جديدة:

    إن تصفية الشركة يقتضي وقف استثمار المشروع الذي أسست لأجله و عدم القيام بأعمال جديدة. على أن المحافظة على أموال الشركة، قد تستوجب متابعة استثمار مشروعها للمحافظة على قيمته وزبائنه وتنفيذ عقود تعود بالنفع على الشركة. لذلك أجاز المشرع للمصفي بأن يقوم بإنجاز أعمال الشركة العالقة وتنفيذ العقود القائمة قبل التصفية (مادة 5/24/ شركات).

    فعليه متابعة تسليم البضائع المباعة ودفع ثمن المشتريات السابقة وإبرام عقود النقل والتأمين واستخدام اليد العاملة اللازمة لمتابعة تنفيذ العقود القائمة.

    هـ – عدم القيام بالتصرفات الخطيرة أو التبرعية:

    لا يجوز للمصفي قبل الحصول على موافقة الشركاء الذين يملكون أغلبية رأس مال الشركة أو موافقة الهيئة العامة للشركة، أن يعقد أي تسوية مع دائني الشركة نيابة عنها أو أن يتخلى عن أي رهن أو تأمين أو ضمان مقرر لمصلحتها، كما لا يجوز له أن يبيع موجوداتها وأموالها ومشاريعها صفقة واحدة دون الحصول على هذه الموافقة (مادة 8/24 شركات).

     و – وضع الميزانية السنوية:

    إذا تجاوزت مدة التصفية عامة واحدة، وجب على المصفي أن يضع الميزانية السنوية للشركة ويتولى نشرها في صحيفتين يوميتين على الأقل (مادة

    2/24 شركات).

     2- صلاحيات المصفي:

     يجوز للمصفي تعيين الخبراء اللازمين لمساعدته في أعمال التصفية.

     كما يجوز له أن ينيب شخصا آخر أو أكثر في اتخاذ إجراء أو القيام بعمل مما يدخل في نطاق التصفية. ويكون للمصفي الصلاحية لتمثيل الشركة أمام المحاكم في الدعاوى المقامة من الشركة أو عليها واتخاذ أي إجراء احترازي للمحافظة على مصالحها وتوكيل المحامين باسم الشركة (مادة 7/24 شركات).

    ويمكن للمصفي أن يعقد تحكيما في المنازعات المتعلقة بالأعمال التي تدخل ضمن حدود سلطته.

    وبما أن وفاء ديون الشركة وقسمة أموالها بين الشركاء يقتضي عادة تحويلها إلى نقد، فإنه للمصفي أن يبيع هذه الأموال بالمزاد أو التراضي ما لم تقيد سلطته في قرار التعيين.

     3 – بطلان التصرفات أثناء التصفية:

    حظر المشرع على المصفي القيام ببعض التصرفات التي تتعارض مع أعمال التصفية وغايتها، فاعتبر التصرفات التالية باطلة إذا تمت في فترة التصفية:

     أ- إبرام عقود باسم الشركة للاستمرار بعملها.

    وهذا يتنافى مع الحظر الذي فرضه المشرع من مواصلة استثمار مشروع الشركة، وقد يؤدي إلى جعلها شركة فعلية إذا تابعت نشاطها رغم انحلالها بسبب آخر غير حلول أجلها.

    ب – التصرف بحصص الشركاء أو بأسهمها.

    ج – أي تصرف من شأنه إنقاص أموال الشركة ما لم يوافق عليه جميع الشركاء أو الهيئة العامة للشركة كأن يتنازل عن ديون الشركة أو حقوقها بدون عوض.

     4 – حقوق الشركاء والمساهمين من التصفية:

    نصت المادة 25 من قانون الشركات على أنه:

     “1 – تستعمل أموال وموجودات و حقوق الشركة في تسوية الالتزامات المترتبة عليها وفق الترتيب التالي:

     أ- نفقات التصفية وأتعاب المصفي.

     ب – المبالغ المستحقة على الشركة للخزينة العامة.

     ج – المبالغ المستحقة على الشركة للعاملين فيها.

     د – الديون المستحقة على الشركة لغير الشركاء فيها.

    هـ – القروض التي قدمها الشركاء للشركة ولم تكن من بين حصصهم في رأس المال.

    2 – يوزع ما تبقى من أموال وموجودات الشركة فيما بين الشركاء والمساهمين كل بنسبة حصته من رأس المال، ويتحمل الشركاء المتضامنون نصيبهم في الخسائر وفقا لحصتهم في رأس المال”

    وسنبحث رد حصص الشركاء ومساهمتهم بشكل مفصل عند عرضنا للقسمة.

    إغلاق التصفية عند انتهاء أعمال التصفية:

     يلزم المصفي بتقديم حساب ختامي عن أعمال التصفية إلى الشركاء وميزانية نهائية إلى الهيئة العامة إن كانت الشركة مساهمة أو محدودة المسؤولية، ويتضمن الحساب الختامي الأعمال والإجراءات التي قام بها لإتمام عملية التصفية ونصيب كل شريك أو مساهم في توزيع موجودات الشركة.

    وبمعنى آخر يظهر الحساب الختامي الميزانية النهائية للشركة التي تظهر الرصيد السالب أو الموجب لموجودات الشركة ومطاليبها والرصيد القابل للقسمة بين الشركاء في حال وجوده، أو حصة كل مساهم في توزيع موجودات الشركة المساهمة.

    وفي الشركات المساهمة والمحدودة المسؤولية يتولى مفتش الحسابات إعداد تقرير عن الحسابات التي قدمها المصفي ويعرضه على الهيئة العامة للشركة لإقراره أو الموافقة عليه، فإذا وافقت الهيئة العامة على التقرير تم إعلان براءة ذمة المصفي، وإلا تقدمت الهيئة العامة باعتراضها مع الحسابات أمام محكمة البداية المدنية التي تبت بهذه الاعتراضات على وجه السرعة.

    هذا ولم يرد في قانون الشركات ما يشير إلى شهر إغلاق التصفية رغم ما يترتب عليه من آثار ولاسيما بالنسبة لانتهاء شخصية الشركة الاعتبارية، على أن انتهاءها لا يحول دون مطالبة دائني الشركة بحقوقهم، ما دامت لم تسقط بعد بالتقادم، وحقهم في التنفيذ على أموال الشركة في حال وجودها وذلك حتى بعد القسمة، وهذا ما سنتناوله بالتفصيل عند بحثنا في التقادم الخمسي الدعاوی دائني الشركة الناشئة عن التصفية نفسها اعتبارا من إغلاق التصفية.

  • مصفي الشركة ( تعيينه- عزله – مركزه القانوني)

    أولا – تعيين المصفي وعزله

     1 – تعيينه:

    تنتهي عند حل الشركة سلطة المدير ويفقد صفته في تمثيل الشركة، ويحل بدلاً منه شخص آخر يسمى المصفي توكل إليه مهمة إجراء العمليات اللازمة لتصفية الشركة.

    ويعين المصفي بموجب عقد الشركة أو بقرار صادر عن أغلبية الشركاء أو عن الهيئة العامة وفقا للأصول والأغلبية المقررة لصدور قرارات الهيئة العامة العادية للشركة. ويسمى في مثل هذه الحالة بالمصفي المعين (مادة1/20 شركات).

    فإذا خلا عقد الشركة أو نظامها الأساسي من بيان كيفية تعيين المصفي وتعذر تعيينه بقرار من الشركاء أو الهيئة العامة العادية لشركة، تولت تعيينه محكمة البداية المدنية الموجودة في مركز الشركة بناء على طلب صاحب المصلحة ومن قبل المحكمة التي قضت بحل الشركة لأسباب عادل أو التي عزلت المصفي المعين من قبل الشركاء. ويكون قرار محكمة البداية المدنية القاضي بتعيين المصفي مبرما (مادة 2/20 شركات).

    ولابد من الإشارة إلى أنه لا يملك دائنو الشركة أو دائنو الشركاء الحق بطلب تعيين مصفي من المحكمة.

     2 – عزله:

     نصت المادة 28 من قانون الشركات على أنه:

     ” يعزل المصفي بالكيفية التي عين بها وكل قرار أو حكم بعزل يجب أن يشتمل على تعيين من يحل محله ويشهر ذلك العزل في سجل الشركات ولا يحتج به من قبل الغير إلا من تاريخ إجراء الشهر”.

     وعليه يتم عزل المصفي بذات الطريقة التي عين بها.

     فإن كان تعيينه بالإجماع أو بأغلبية الشركاء فإن عزله يتطلب أيضا الإجماع أو الأغلبية. وأن عينته محكمة البداية المدنية فإن عزله لا يكون إلا عن طريقها متى توفر السبب المسوغ لهذا العزل.

    وفي جميع الأحوال أن يشتمل قرار عزل المصفي أو الحكم القضائي المتضمن عزله، على تسمية مصف يحل محله، ويتوجب على المصفي الجديد شهر قرار العزل وتعيينه وذلك بتسجيل القرار في سجل الشركات، وإلا فإن قرار العزل لا يعد ذو أثر تجاه الغير، وبعبارة أخرى لا يحتج به من قبل الغير إلا من تاريخ إجراء هذا التسجيل والشهر.

    3- شهر تصفية الشركة

    يجب على المصفي شهر قرار تصفية الشركة وقرار تعيينهم سواء كان اختيارياً بموجب عقد الشركة أو باتفاق لاحق، أو كان بموجب قرار قضائي، لدى أمانة سجل التجارة خلال مدة أقصاها ثلاثة أيام تبدأ من تاريخ صدور قرار تعيينهم.

    ويقوم أمين السجل التجاري، وعلى نفقة الشركة، بالإعلان عن تصفية الشركة وأسماء المصفين في الجريدة الرسمية وفي صحيفتين يوميتين ولمرتين، وذلك خلال مدة أقصاها أسبوع من تاریخ شهر قرار الحل أو شهر قرار تعيين المصفي.

     وإذا تعلقت التصفية بشركة مساهمة، وجب على المصفي تبليغ قرار تصفية الشركة إلى هيئة الأوراق المالية خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدور قرار التصفية.

    كما يخضع قرار التصفية للشهر الدائم، ذلك أنه يجب الإشارة في جميع الأوراق والمراسلات والإيصالات والإنذارات الصادرة عن الشركة إلى أنها شركة قيد التصفية (مادة 21 شركات ).

     ثانياً – المركز القانوني للمصفي

     1 – صفته:

     يعد المصفي ممثلاً للشركة إلى أن تنتهي التصفية، فهو ينوب عن الشركة أسوة بمديرها، ولكنه لا ينوب عن الشركاء شخصياً ولا عن دائني الشركة.

     وبالتالي يحق للمصفي رفع الدعاوی على الغير مطالبة بحقوق الشركة، كما أن الشركة تقاضي في شخصه (مادة 7/24 شركات).

    وبالمقابل يحتفظ كل دائن بحقه في مقاضاة الشركة أو الشركاء والتنفيذ على أموالها أو أموالهم.

     وذلك على عكس الحال في التفليسة حيث تتألف من الدائنين جماعة تتمتع بالشخصية ويمثلها وكيل التفليسة، وليس للدائنين حق المقاضاة الفردية ضد المفلس أو ضد الغير، وإنما يمثلهم وكيل التفليسة ويعمل باسمهم.

     وإذا كان حل الشركة وتعيين مصف لها أثره زوال صفة مديرها في تمثيلها واعتبار المصفي صاحب الصفة في تمثيلها أمام القضاء قصد به حماية حقوق الشركاء.

    فإن صفة مدير الشركة، محل التصفية، في تمثيلها أمام القضاء تتحقق في حال اتخاذ تدابير احتياطية من شأنها إفادة الشركاء مع اختصامه المصفي صاحب الصفة الذي لم يقم بهذا الإجراء التحفظي .

     ولما كان من يمثل الشركة خلال فترة التصفية هو المصفي المعين لذلك دون الشركاء، فإن وفاة أحد الشركاء لا يترتب عليه وقف الدعوى المنظورة في مواجهة المصفي المعين بحجة إدخال ورثة الشريك المتوفي.

     2 – أجره:

     و بالرغم من أن المصفي هو نائب قانوني عن الشركة وليس وكيلا بالمعنى الصحيح، إلا أن له الحق في أجر أسوة بالوكيل التجاري بشكل عام، ويحدد أجر المصفي باتفاق الشركاء إذا تم تعيينه من قبلهم، أما إذا عينته المحكمة فإن حق تقدير أجره يعود لها، ويبقى للشركاء حق الاعتراض على ذلك التقدير، عند الضرورة، إن كان مبالغاً فيه.

     3 – مسؤوليته:

    نصت المادة 26 من قانون الشركات على:

    ” يعتبر المصفي مسؤولاً إذا أساء تدبير شؤون الشركة خلال مدة التصفية كما يسأل عن تعويض الضرر الذي يلحق الغير بسبب أخطائه استنادا لأحكام مسؤولية مدير الشركة أو مسؤولية أعضاء مجلس إدارتها”.

    وبناء عليه يكون المصفي مسؤولاً تجاه الشركة والشركاء والغير عن مخالفته لأحكام القوانين أو لنظام الشركة الأساسي أو لقرارات الهيئات العامة.

    وإذا تعدد المصفون كانوا مسؤولين بالتضامن تجاه الشركة والشركاء عن أخطائهم في إدارة شؤون الشركة خلال فترة التصفية.

    ذلك أنه يجب على المصفي أن يبذل في أعمال التصفية عناية الرجل المعتاد، أسوة بالوكيل المأجور، لذلك يمكن للمصفي أن يدفع مسؤوليته بإقامة الدليل على أنه اعتني بإدارة أعمال الشركة اعتناء الوكيل المأجور.

    وهذه الأحكام مستمدة من المادة 69 من قانون الشركات المتعلقة بمسؤولية المديرين.

    وقد تكون مسؤولية المصفي حيال الغير كدائني الشركة أو دائني الشركاء مسؤولية تقصيرية عن مخالفة القوانين أو الأنظمة أو عقد الشركة.

    فيلتزم المصفي بتعويض الغير عما لحقه من ضرر نتيجة فعله الضار الذي قد يتمثل في عدم شهر تعيينه أو دفعه لمبالغ غير مستحقة بذمة الشركة.

    وإذا تعدد المصفون كانوا مسؤولين بالتضامن تجاه الشركة والشركاء عن أخطائهم التي يرتكبونها أثناء فترة التصفية.

    على أنه يحق لأي مصفي الرجوع على باقي المصفين المسؤولين عندما يثبت هذا المصفي اعتراضه خطية عن العمل الذي تضمن المخالفة أو الخطأ الموجوب اللمسؤولية.

     وتسقط دعوی مسؤولية المصفي بالتقادم بمرور ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ انعقاد الهيئة العامة التي تلي فيه تقرير المصفي عن الحسابات التي قدمها، حتى ولو وافقت الهيئة العامة على إعلان براءة ذمة المصفي (مادة3/69 و مادة 2/27) شركات.

    أما إذا كانت مسؤولية المصفي ناتجة عن عمل أو امتناع عن عمل متعمد، أو متعلقة بأمور أخفاها عن الشركاء وكان الفصل المنسوب له جرما فلا تسقط دعوى المسؤولية إلا وفقا لأحكام القواعد العامة (مادة3/69 شركات).

  • تصفية الشركة وأثرة على شخصيتها

    تصفية الشركة

    يقصد بالتصفية مجموع العمليات اللازمة لتحديد صافي أموال الشركة الذي يوزع بين الشركاء بطريق القسمة بعد استيفاء حقوقها وسداد ديونها وبيع أموال الشركة منقولات أو عقارات،

    أو بمعنى آخر تحويل الذمة المالية للشركة إلى مال صاف من الديون وجاهز للقسمة بين الشركاء.

    وقد نص قانون الشركات على أحكام التصفية بشكل مفصل سنعرضه من خلال بيان أثر التصفية على الشخصية الاعتبارية للشركة وشهر التصفية وكيفية تعيين المصفي والمركز القانوني له، ثم ننتقل إلى البحث في أعمال التصفية وبيان حقوق الشركاء والمساهمين من التصفية، وكيفية انتهاء أعمال التصفية.

    أثر التصفية على شخصية الشركة

     أولاً – مبرر استمرار شخصية الشركة:

     تدخل الشركة بمجرد حلها في طور التصفية، وقد ذكرنا بأن الشخصية الاعتبارية للشركة لا تزول بمجرد انقضائها وإنما تبقى قائمة طيلة المدة اللازمة للتصفية ولأجل حاجة التصفية فقط. وقد نص قانون الشركات على هذا الحكم بنص المادة 19 منه.

    ومبرر ذلك أن عمليات التصفية تقتضي إجراء بعض التصرفات القانونية كالمطالبة بحقوق الشركة تجاه الغير أو مطالبتها بالديون التي عليها، هذا من جهة.

    ومن جهة أخرى لكي يتفادى دائنو الشركة مزاحمة دائني الشركاء لهم في التنفيذ على أموال الشركة تحت التصفية، ذلك أن زوال الشخصية الاعتبارية يؤدي إلى اعتبار أموال الشركة مملوكة للشركاء فيتعلق حق لدائنيهم على هذه الأموال باعتبارها صارت جزءاً من ضمانهم العام، مما يترتب عليه مزاحمتهم لدائني الشركة في التنفيذ على تلك الأموال .

    ولتجنب كل هذه المضار التي قد تلحق الشركاء ودائني الشركة على السواء تقرر احتفاظ الشركة بشخصيتها الاعتبارية إلى أن تصفى أموالها، سواء أكانت هذه التصفية نتيجة لحل الشركة أو لإبطالها.

    فبقاء الشخصية الاعتبارية للشركة هو وحده الذي يتفق واحترام الحقوق المكتسبة الدائني الشركة الذي تعاملوا مع شخص اعتباري له ذمته المستقلة عن ذمم الشركاء.

    ثانياً – آثار استمرار شخصية الشركة:

    يترتب على احتفاظ الشركة بالشخصية الاعتبارية أثناء التصفية النتائج الآتية:

     أ- تبقى للشركة ذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء، وتعتبر أموالها ضمانا لدائني الشركة وحدهم، ولا ضمان لدائني الشركاء على هذه الأموال.

     ب – تحتفظ الشركة بموطنها وهو مركزها الرئيسي، وترفع الدعاوى على الشركة في هذا الموطن

    مالم ينقل المركز الرئيسي إلى مقر آخر لضرورات التصفية.

     ج – تحتفظ الشركة باسمها أو عنوانها التجاري في فترة التصفية، ولكن يجب أن يتبع اسمها في جميع معاملاتها التي تباشرها عبارة أنها شركة قيد التصفية (مادة 4/21 شركات).

    د – يمثل الشركة المصفي بدلا من المديرين الذين تنتهي سلطتهم عند حل الشركة، فيوفي الدائنين، ويستوفي حقوق الشركة، ويمثل الشركة أمام القضاء عند ممارستها لحق التقاضي.

    هـ – إذا توقفت الشركة في فترة التصفية عن دفع ديونها التجارية جاز شهر إفلاسها.

    ثالثاً -حدود الشخصية الاعتبارية:

    على أن الشخصية الاعتبارية المحتفظ بها للشركة طيلة فترة التصفية يجب أن تتمشى مع الحكمة التي أوحت بها وبقدر الضرورة التي دعت إليها. وبالتالي فإنها لا تبقى إلا بالقدر اللازم للتصفية ولأجل حاجة التصفية فقط (مادة19 شركات).

    ويترتب على ذلك أنه لا يجوز للمصفي البدء بأعمال جديدة لحساب الشركة مالم تكن هذه الأعمال نتيجة لازمة لإنهاء أعمال قديمة، أي أن المصفي يقوم بإنجاز أعمال الشركة العالقة وتنفيذ العقود القائمة قبل التصفية وما تحتاجها من عقود، دون أن يكون له القيام بأعمال جديدة باسمها (مادة 5/24 شركات).

    ومع ذلك يجوز للشركة الاندماج في شركة أخرى أو تجزئة نفسها إلى عدة شركات أو التنازل للغير عن مجمل موجوداتها والتزاماتها.

  • جنسية الشركة وتمثيلها وإدارتها

    جنسية الشركة

    أولا – مفهومها

    يكون للشركة جنسية خاصة بها لا تختلط بجنسية الأشخاص الطبيعيين المكونين لها أي الشركاء.

    ويعد معرفة جنسية الشركة لازماً لمعرفة مدى تمتع الشركة بالحقوق التي تقتصرها كل دولة على رعاياها ومنها الحق في الاتجار (مادة 28 شركات)، ولتحديد الدولة التي يكون لها الحق في حماية الشركة في المجال الدولي، كما يمكن من خلال جنسية الشركة تحديد القانون الواجب التطبيق فيما يتعلق بصحة تكوينها وأهليتها وإدارتها وحلها وتصفيتها بوجه عام.

     ثانياً – معيارها

    عدة ضوابط ظهرت وتتبناها التشريعات لتحديد جنسية الشركة، منها معیار مركز الإدارة ومعيار الرقابة والإشراف.

    1- معیار مركز الإدارة:

    تتحدد جنسية الشركة وفقا لهذا المعيار بموطنها أي بالدولة التي تتخذ فيها مركز إدارتها بصرف النظر عن جنسية الشركاء أو جنسية القائمين على الإدارة أو مصدر الأموال التي تقوم عليها. والعبرة في هذا الشأن بمركز الإدارة الرئيسي الفعلي.

     فإذا توزعت الإدارة فيعتد بالمركز الرئيسي للإدارة دون مراكز الإدارات المحلية أو الفرعية.

    كما أنه لا يعتد بالمركز الذي تتخذه الشركة في الخارج والذي ينص عليه في نظامها إذا كان صورياً لا يتفق مع حقيقة الواقع.

    وتنص الفقرة الثانية من المادة 12 من القانون المدني على أنه تعد سورية كل شركة مؤسسة في سورية ويقوم فيها مركزها الرئيسي، كما أخضع المشرع النظام القانوني للشركات الأجنبية إلى قانون الدولة التي اتخذت فيها مركز إدارتها الرئيسي الفعلي.

    على أن قانون الشركات رقم 3 لعام 2008 قد اعتبر جنسية الشركة سورية حكماً، رغم كل نص مخالف في عقدها أو نظامها الأساسي، إذا تأسست في سورية وتم قيدها في سجل الشركات في الجمهورية العربية السورية. (مادة1/10شركات).

    ونرى أن جنسية الشركة وفقا لأحكام قانون الشركات لا يمكن تحديدها من خلال معرفة محل تأسيسها وتسجيلها وحده بل لابد من إيجاد صلة بين محل التأسيس وبين مركز الإدارة الرئيسي للشركة طالما أن قانون الشركات يشترط على الشركة المؤسسة في سورية أن تتخذ مركزا لها فيها يكون موطنا لها. (مادة 1/12 شركات).

     وبناء عليه فإنه يمكن القول بأن المعيار الذي يجب الأخذ به وفقا لقانون الشركات الجديد في مجال تحديد جنسية شركة ولاسيما المساهمة هو مركز الشركة مع مراعاة محل التأسيس، وهذا ما ذهب إليه الفقه الحديث .

    2- معيار الرقابة والإشراف:

    إذا كانت جنسية الشركة تتحدد بمكان تأسيسها أو بالمكان الذي يوجد فيه مركز إدارتها الرئيسي الفعلي، فإن البعض استند في تحديد جنسية الشركة إلى معيار الرقابة والإشراف، بمعنی أنه العبرة في تحديد جنسية الشركة إلى جنسية الشركاء الذين يحوزون أغلبية رأسمالها ويتولون إدارتها ومن ثم يهيمنون عليها ويستقلون بأمر توجيهها والإشراف عليها.

    وهذا ما دعا إلى تدخل المشرع السوري عندما اشترط أن تكون أغلبية أعضاء مجلس إدارة الشركة المساهمة من جنسية الجمهورية العربية السورية، وأجاز لوزارة الاقتصاد تخفيض هذه النسبة إذا كانت نسبة مساهمة الأجانب برأسمال الشركة تتجاوز 65%.

    ونرى أن تدخل المشرع في مجال الإدارة لا يمكن عده معيارا لتحديد جنسية الشركة بقدر ما هو وسيلة لحماية المصالح الوطنية من خلال الاعتداد بجنسية القائمين على الإدارة.

    وتجدر الإشارة إلى أن مركز الإدارة الرئيسي الفعلي هو المعيار الذي يراه أغلب الفقهاء صالحة لتحديد جنسية الشركة، وذلك في ظل التعسف في استعمال الشخصية الاعتبارية للشركات.

    ومع ذلك فإن للمحكمة أن تستند إلى معيار المركز الرئيسي وإلى مكان تأسيس الشركة لمعرفة ما إذا كانت جنسية الشركة سورية ولتحديد الحقوق والواجبات التي تخضع لها، وهذا يتناسب مع ما سعى إليه المشرع في قانون الشركات لتحقيق المصلحة العامة للدولة ودعم الاقتصاد الوطني وحمايته.

    تمثيل الشركة

    أولاً – طبيعة تمثيل الشركة:

     رغم أن الشركة تتمتع بالشخصية شأنها في ذلك شأن الشخص الطبيعي بحيث تكون لها مثله حقوق والتزامات، فإنها مع ذلك، بالنظر إلى طبيعة تكوينها، لا تقدر على ممارسة النشاط بذاتها، بل لابد من شخص طبيعي يقوم بتمثيلها والعمل باسمها ولحسابها في الحياة القانونية، وهذا الشخص هو مدير الشركة أو عضو مجلس الإدارة في الشركة المساهمة، الذي يتولى تمثيلها سواء تجاه الغير أو في ممارسة حق التقاضي فهو الذي تخاطب الشركة في شخصه.

    ويعتبر البعض المدير نائباً قانونياً عن الشركة كشخص اعتباري، بالرغم من أن الاجتهاد يخضعه لأحكام الوكالة تبعاً لقيام الشركاء أو أغلبيتهم باختياره، إلا أن نيابته قانونية لأن القانون هو الذي يحدد أصول تعيينه وسلطاته ومسؤولياته أسوة بالوصي والقيم ومصفي الشركة والحارس القضائي.

     ويذهب آخرون إلى أن مدير الشركة ليس نائباً أو وكيلا عنها، إذ أن الوكالة تفترض عقداً بين الشركة والمدير أي تطابق إرادتيهما على الوكالة، في حين أن الشركة ليست لها إرادة مستقلة عن إرادة المدير ولا يمكنها أن تعمل إلا بوساطة المدير، ويمتنع قانون أن يمنح المدير نفسه الوكالة عن الشركة.

     كما أن المدير قد يعين بمعرفة أغلبية الشركاء، ولو كان وكيلا لما كانت له أية صفة في تمثيل من لم يوافق على تعيينه.

    ويؤيدون ما ذهب إليه الفقه الحديث الذي تبني نظرية الجهاز أو الإدارة أو العنصر الجوهري ، ومقتضاها أن الشخص الاعتباري لا يتصور وجوده دون أجهزة معينة تحقق نشاطه في الحياة القانونية، بحيث تعد هذه الأجهزة جزأ لا يتجزأ منه، فلا كيان له بذاته منفصلاً عنها.

    فهي في الواقع بمثابة جسمه القانوني يستخدمها لتحقيق نشاطه وأغراضه كما يستخدم الشخص الطبيعي عضو من أعضائه.

    وعلى ذلك يرى هؤلاء الفقهاء أن المدير ليس وكيلاً عن الشركة أو الشركاء، بل هو عضو جوهري في الشركة و عنصر من العناصر الداخلة في تكوينها وبنيانها، ولا تستطيع الشركة أن تعمل إلا بواسطته.

    ثانياً – نطاق نشاط ممثل الشركة:

     يقوم المدير بأعمال الإدارة وبالتصرفات التي تدخل في غرض الشركة.

    فيبرم العقود مع الغير، ويوقع عن الشركة، ويدفع نصيب كل شريك من الأرباح، ويمثل الشركة أمام القضاء والسلطات العامة، كما يتمتع بالصلاحيات التجارية في تمثيل الشركة عند تنفيذ المشروع الذي تستثمره من شراء التجهيزات والمواد الأولية والبضائع وتسويقها واستخدام اليد العاملة وتوفير التحويل اللازم للشركة وإدارة أموالها وتوظيفها.

    ومع ذلك يتوجب على المدير التقيد بنصوص القانون و عقد الشركة أو نظامها الأساسي والقرارات أو التوجيهات الصادرة عن الشركاء أو أجهزة الشركة الأخرى، والسعي باستمرار التحقيق مصلحة الشركة.

    وتتأثر الشركة بتصرفات مديرها ليس فقط بالنسبة للتصرفات القانونية بل أحيانا بالنسبة لما يصدر عنه من أعمال غير مشروعة ترتب عليها المسؤولية المدنية والجزائية للشركة، وبالمقابل يحق للشركة أن تعود إلى المدير بموجب أحكام المسؤولية المدنية والجزائية، كما لو اختلس أموالها، المطالبته بالتعويض عما لحقها من ضرر.

     ثالثاً – المدير الفعلي للشركة :

    قد يكون مدير الشركة مديراً ظاهراً يلتزم بتنفيذ التعليمات التفصيلية التي يصدرها له أحد الشركاء، وبالتالي تحجب عنه السلطة الفعلية في إدارة الشركة.

    فإذا ثبت أن الشريك يتدخل باستمرار في اتخاذ القرارات ويمارس الرقابة الفعلية على إدارة الشركة، فيصدر التعليمات للعاملين ويتعامل مع المصارف ويتحكم في أعمال الشركة، أمكن عده مديراً فعلياً وجعله مسؤولاً عن الإدارة، فلو كان شريكاً موصياً ومارس هذا الدور أمكن اعتبار ذلك تدخلاً في الإدارة الخارجية للشركاء ووصفه بالشريك المتضامن مع ما ينجم عن ذلك من آثار.

    ومن البديهي أن ممارسة الشريك صلاحياته القانونية في الاطلاع على أعمال الشركة وإبداء الرأي في تسييرها والموافقة على بعض تصرفات مديرها حسبما يقضي به النظام أو العرف لا يجعل منه مديرا فعلية بالمعنى الذي أسلفناه ولا يعرضه للمسؤولية.

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1