كيف تتسم قسمة الشركة بين الشركاء بعد انقضائها؟

أولاً – مفهوم القسمة

يقصد بالقسمة في مجال الشركات، إيصال كل شريك إلى حقه في أموال الشركة المنقضية. فهي العملية التي تتبع التصفية.

ويتفق الشركاء عادة على من يتولى القسمة، وغالبا ما يندبون لذلك المصفي نفسه.

وفي هذه الحالة يعد المصفي وكيلا عن الشركاء لا ممثلا للشركة، لأن الشركة زالت من الوجود نهائية كشخص اعتباري بعد انتهاء عملية التصفية.

ولم ينظم قانون الشركات رقم 3 لعام 2008 أحكام القسمة على خلاف ما اتبعه في أحكام التصفية، ويبدو أن سبب ذلك هو استقرار الفقه والقضاء على أحكام القسمة المنصوص عليها في القانون المدني، الذي ينص على أن تتبع في قسمة الشركات القواعد المتعلقة بقسمة المال الشائع (مادة 505 مدني).

 وكنا نفضل أن يأتي قانون الشركات بتفصيل لأحكام القسمة.

ثانياُ – كيفية إجراء القسمة

1 – القسمة الرضائية:

الأصل أن يتبع في القسمة ما يكون الشركاء قد اتفقوا عليه في عقد الشركة. أما إذا لم ينص عقد الشركاء على كيفية قسمة صافي موجودات الشركة بعد تصفيتها، كان للشركاء، إذا انعقد إجماعهم، أن يقتسموا المال الشائع بالطريقة التي يرونها.

 وإذا كان مثل هذا الإجماع وارد في شركات الأشخاص فهو صعب المنال في الشركات التي تضم عددا كبيرا من الشركاء كالشركة المساهمة.

وتجري القسمة عادة على أساس اختصاص كل شريك بمبلغ يعادل الحصة التي قدمها في رأس المال كما هي مبينة في العقد، أو بما يعادل قيمة هذه الحصة وقت تسليمها إذا لم تبين قيمتها في العقد.

 وإذا قدم الشريك حصته على سبيل الانتفاع، فإنه يستردها قبل القسمة لأن ملكية الرقبة مازالت له.

 أما الشريك بالعمل فلا يستحق مبلغاً يقابل حصته لأنه لم يقدم حصة مالية في الشركة، وإنما يسترد حريته في القيام بأعمال أخرى وإن كانت من نفس طبيعة أعمال الشركة قبل انقضائها .

وإذا ما استرد كل شريك حصته، وتبقى شيئا بعد ذلك من حصيلة التصفية، وهو ما يسمى بفائض التصفية، اعتبر ذلك بمثابة أرباح متراكمة ويجري توزيعها على جميع الشركاء دون تمييز بحسب نصيب كل منهم في الأرباح، وفقا للأسس التي اتفق عليها الشركاء في عقد تأسيس الشركة، وفي حال عدم وجود مثل هذا الاتفاق، توزع وفقا لأحكام التوزيع القانوني للأرباح، أي بنسبة حصة كل شريك في رأس مال الشركة.

 أما إذا لم يكن فائض التصفية كافية لتغطية قيمة الحصص المالية، فإنه يتم توزيعه على الشركاء بحسب نصيب كل منهم في الخسائر، وهذا يخص الشركاء المتضامنون، إذ يتحملون نصيبهم في الخسائر وفقا لحصتهم في رأس المال (مادة 12/25 شركات).

 وإذا كان أحد الشركاء ناقص الأهلية، فلابد من الحصول على موافقة المحكمة الشرعية على القسمة الرضائية الجارية بموافقة النائب القانوني – الولي أو الوصي أو القيم، طبقا لأحكام المادتين 181 و 182 من قانون الأحوال الشخصية.

 2 – القسمة القضائية:

إذا لم يتفق الشركاء على القسمة رضائيا، جاز للمصفي أو لأي من الشركاء مراجعة محكمة البداية المدنية لقسمة أموال الشركة عينا أو بيعها بالمزاد وتوزيع الثمن على الشركاء، كل ذلك مع مراعاة أحكام عقد الشركة واتفاق الشركاء بهذا الصدد.

 أ- القسمة العينية:

تتم القسمة العينية من خلال ندب المحكمة، إن رأت وجها لذلك، خبيرا أو أكثر لتقويم المال الشائع وقسمته حصصا إن كان المال يقبل المقسمة عينة دون أن يلحقه نقص كبير في قيمته (مادة 2/790مدني).

ومن ثم يكون الخبير الحصص على أساس أصغر نصيب حتى ولو كانت القسمة جزئية، فإن تعذرت القسمة على هذا الأساس جاز للخبير أن يجنب لكل شريك حصته. وإذا تعذر أن يختص أحد الشركاء بكامل نصيبه عينا، عوض بمعدل عما نقص

من نصيبه (مادة 791 مدني). ويفصل القاضي في المنازعات المتعلقة بتكوين الحصص، ومن ثم يحكم بإعطاء كل شريك النصيب المفرز الذي آل إليه (مادة 792 مدني).

فإذا لم يخص الخبير كل شريك بحصة مفرزة، جرت القسمة بطريق الاقتراع، وتثبت المحكمة ذلك وتصدير حكما بإعطاء كل شريك نصيبه المفرز (مادة 3/493).

وإذا كان بين الشركاء غائب أو ناقص الأهلية، طلب القاضي من المحكمة المختصة تعيين من يمثلها في دعوى القسمة، إذا لم يكن ثمة وصي أو قيم أو وكيل قضائي مقام عليهما أصولاً مادة 794 مدني).

ولا يملك المصفي تجنيب الحصص وقسمة الأموال مالم تفوضه محكمة البداية المدنية بذلك.

ب – بيع الأموال بالمزاد وقسمة الثمن نقداً:

إذا تعذرت القسمة عينا، أو كان من شأنها إحداث نقص كبير في قيمة المال المراد قسمته، يقرر القاضي بيع المال بالمزاد العلني، طبقا لأحكام قانون أصول المحاكمات المتعلقة بكل نوع من أموال الشركة سواء أكانت عقارات أو منقولات أم قيمة منقولة أم ديونا في ذمة الغير. وتقتصر المزايدة على الشركاء إذا طلبوا هذا بالإجماع (مادة 795 مدني).

 3 – أثار القسمة:

أ- ضمان التعرض والاستحقاق:

يضمن المتقاسمون بعضهم لبعض ما قد يقع من تعرض أو استحقاق لسبب سابق على القسمة، ويكون كل منهم ملزما بنسبة حصته أن يعوض مستحق الضمان، على أن تكون العبرة في تقدير الشيء بقيمته وقت القسمة، فإذا كان أحد المتقاسمين معسرا، وزع القدر الذي يلزمه على مستحق الضمان وجميع المتقاسمين غير المعسرين.

غير أن لا محل للضمان إذا كان هناك اتفاق صريح يقضي بالإعفاء منه في الحالة الخاصة التي نشأ عنه، ويمتنع الضمان أيضا إذا كان الاستحقاق راجعة إلى خطأ المتقاسم نفسه (مادة 798 مدني).

 ب – الأثر الكاشف للقسمة:

يعد المتقاسم مالكا للحصة التي آلت إليه منذ أن تملك في الشيوع وأنه لم يملك غيرها شيئا في بقية الحصص (مادة 797 مدني).

ويطبق هذا الحكم فقط على القسمة العينية عندما تنقضي شخصية الشركة لانتهاء أعمال التصفية وتحول موجودات الشركة إلى أموال شائعة بين الشركاء قبل قسمتها.

ج – إبطال القسمة الرضائية:

يجوز لأحد المتقاسمين طلب نقض القسمة الحاصلة بالتراضي، إذا أثبت أنه قد لحقه منها غبن يزيد على الخمس، على أن تكون العبرة في التقدير بقيمة الشيء وقت القسمة.

ويجب أن ترفع الدعوى خلال السنة التالية للقسمة.

ويحق للمدعى عليه أن يطلب وقف سير الدعوى ويمنع القسمة من جديد إذا أكمل للمدعي نقدا أو عينا ما نقص من حصته (مادة 799 مدني).

Scroll to Top