التقادم الخمسي في الشركات التجارية

التقادم الخمسي

استمرار مسؤولية الشريك بعد انقضاء الشخصية الاعتبارية للشركة إذا انقضت الشركة وزالت شخصيتها الاعتبارية من الوجود بعد تصفيتها وقسمة أموالها على الشركاء، فليس للدائنين الذين لم يستوفوا كامل حقوقهم أثناء التصفية إلا الرجوع على الشركاء أنفسهم بوصفهم خلفاء الشخص الاعتباري المنقضي.

 ذلك لأن الشريك لا يبرأ من المسؤولية عند انقضاء الشركة، فهو مسؤول في شركة التضامن عن ديون الشركة بأمواله الخاصة، وهو مسؤول في الشركات الأخرى عن تقديم الحصص التي تعهد بها عند تأسيسها.

 كما قد تنشأ عن أعمال التصفية حقوق للغير تجاه الشركة قيد التصفية وتجاه الشركاء، فيجوز عندئذ مطالبة الشركاء أو المسؤول عن الضرر الذي لحق بالغير بما له من حقوق.

ولما كانت الالتزامات التجارية، طبقا للقواعد العامة، تنقضي بوجه عام بمضي عشر سنوات، وهي مدة قدر المشرع طولها إذا ما طبقت على العلاقات الناشئة بمناسبة ممارسة الشركة النشاطها أو بمعرض تصفيتها.

 وتخفيفا من المشرع عن الشركاء وحماية لهم من مطالبات الدائنين المتأخرة، فقد أقام تقادما قصير المدة تسقط بموجبه دعاوی دائني الشركة عن الشركاء أو خلفائهم في الحقوق بعد انقضاء خمس سنوات.

وعليه، فقد نصت الفقرة 3 من المادة 25 من قانون الشركات على أنه:

 ” في جميع الشركات التجارية، تسقط بالتقادم دعاوی دائني الشركة عن الشركاء أو ورثتهم أو خلفائهم في الحقوق بعد انقضاء خمس سنوات على انحلال الشركة أو على خروج أحد الشركاء فيما يختص بالدعاوى الموجهة على هذا الشريك. وتبدأ مدة التقادم من يوم إتمام الشهر في جميع الحالات التي يكون الشهر فيها واجبا، ومن يوم إغلاق التصفية في الدعاوى الناشئة عن التصفية نفسها. ويوقف التقادم أو يقطع وفقا لأحكام القواعد العامة”.

من خلال هذا النص يتبين لنا أن المشرع وضع شروطا للتقادم الخمسي وحدد نطاقه، وكيفية وقفه أو انقطاعه.

 

شروط تطبيق التقادم الخمسي

يتطلب تطبيق التقادم الخمسي الذي نص عليه قانون الشركات شرطين اثنين الأول، أن يكون الأمر متعلقاً بشركة انقضت أو انحلت، والثاني، أن يكون قد جرى شهر الانحلال أو الانقضاء أصولا.

الشرط الأول :

 انقضاء الشركة يقتصر تطبيق هذا التقادم على الشركات التجارية فقط، ولا يطبق على شركات المحاصة، لأن هذه الشركات لا تتمتع بشخصية اعتبارية ، فلا يمكن بالتالي حلها.

ويسري التقادم الخمسي طالما انقضت الشركة التجارية، سواء كان انقضاءها راجعاً إلى حالات الانقضاء العادية، كانقضاء أجل الشركة أو انتهاء المشروع الذي تأسست الشركة من أجله، أو كان هذا الانحلال نتيجة أسباب خاصة أو حادثة طارئة أدت إلى حل الشركة أو الحكم ببطلانها.

وليس من الضروري أن تجري تصفية الشركة المنحلة عن طريق القضاء ليستفيد الشركاء من أحكام التقادم الخمسي، بل يسري هذا التقادم حتى ولو جرت تصفية الشركة بصورة ودية بين الشركاء.

 كما يسري حكم التقادم الخمسي أيضا في حالة خروج أحد الشركاء من الشركة، لأن الشركة تعد منقضية بالنسبة غليه، ومن ثم يجوز له الدفع بالتقادم، حتى ولو استمرت الشركة بعد انسحابه من الشركة.

الشرط الثاني: شهر انقضاء الشركة

تسري مدة التقادم اعتباراً من تاريخ شهر انقضاء الشركة في الحالات التي يكون الشهر فيها واجبة.

 أما إذا لم يكن شهر الانقضاء واجباً فإن التقادم يسري بدءا من تاريخ انقضاء الشركة، والحالات التي لا يلزم فيها شهر الانقضاء هي تلك التي يتضح فيها انقضاء الشركة من خلال الاطلاع على عقد تأسيسها؛ كانقضاء المدة المحددة لها حيث يسري التقادم من اليوم الذي تنقضي فيها مدة الشركة، وكذلك الحال من تاريخ انتهاء المشروع موضوع الشركة.

 وإذا خرج أحد الشركاء من الشركة، فإن التقادم الخمسي يسري من تاريخ شهر هذا الخروج وذلك فيما يختص بالدعاوى الموجهة على هذا الشريك.

 وقد أكدت المادة 42 من قانون الشركات عدم نفاذ انسحاب الشريك من شركة التضامن واعتبرته غير ذي أثر، قبل شهر انسحابه.

وعليه، إذا لم يشهر خروج الشريك من الشركة فلا يكون نافذا في مواجهة الغير.

 ويترتب على ذلك أنه يجوز للغير الرجوع على هذا الشريك بوصفه لا يزال شريكاً في الشركة، ولا مجال والحال هذه السريان التقادم الخمسي.

أما إذا كان الحق المدعى به ناشئا عن عمل من أعمال التصفية نفسها، أي بعد انقضاء الشركة أو شهر هذا الانقضاء، فإن التقادم الخمسي لا يسري إلا من تاريخ إغلاق التصفية وانتهائها.

ونشير إلى أنه إذا كان الدين مستحق الأداء بعد انقضاء الشركة أو بعد تصفيتها فلا يسري التقادم إلا من وقت استحقاق الدين. وذلك طبقا للقواعد العامة التي تقتضي بأن الحق لا يتقادم قبل وجوده واستحقاقه.

نطاق تطبيق التقادم الخمسي

ذكرنا أن التقادم الخمسي يطبق على الشركات التجارية، وهنالك دعاوی تخضع لهذا التقادم وأخرى لا يسري عليها، ويستفيد منه الشركاء وورثتهم أو خلفائهم في الحقوق.

 أولاً – الدعاوى الخاضعة للتقادم الخمسي:

تخضع للتقادم الخمسي الدعاوى التي يرفعها دائنو الشركة على الشركاء أو ورثتهم أو خلفائهم في الحقوق.

وهي الدعاوى التي تقام بطلب دين التزمت به الشركة، سواء أثناء وجودها أو خلال تصفيتها، ولا فرق بين أن تكون هذه الدعاوى قد اقترنت بحكم قضائي أو لم تقترن.

ومثال ذلك أيضأ مطالبة الشركاء بديون الشركة أو بتقديم حصصهم أو برد ما حصلوا عليه من أرباح صورية.

 ولا يقتصر التقادم الخمسي على دعاوی دائني الشركة على الشركاء، بل يشمل أيضا إجراءات التنفيذ.

 فإذا حصل الدائن على حكم ضد الشركة قبل انقضائها، وأراد التنفيذ بمقتضاه على الشريك، كان للشريك أن يدفع بالتقادم الخمسي.

ثانياً – الدعاوى غير الخاضعة للتقادم الخمسي

لا يشمل التقادم الخمسي الدعاوى التالية:

1 – لا يستفيد من التقادم الخمسي سوى الشركاء غير المصفين.

أما الشريك المصفي فيجب النظر إلى الصفة التي أقيمت عليه الدعوى بسببها، فإذا أقيمت الدعوى عليه بصفته مصفية، خضعت هذه الدعوى للأحكام العامة المتعلقة بمسؤوليته كمصف.

 أما إذا أقيمت عليه الدعوى بصفته شريكا، خضعت هذه الدعوى للتقادم الخمسي.

 2 – الدعاوى التي تقام من قبل الشركاء على بعضهم البعض، كأن يدفع أحد الشركاء دينا على

الشركة فيرجع على باقي الشركاء بنسبة ما ينوبهم من الدين.

 3 – الدعاوى التي تقام من قبل الشركاء على المصفي لمطالبته بحساب التصفية.

 4 – دعاوى الشركة على الغير أو ضد أحد الشركاء، كمطالبة أحد الشركاء برصيد حصته في رأسمال الشركة أو إقامة دعوى المسؤولية على أحد الشركاء بوصفه مديرا للشركة.

 ثالثاً – الاحتجاج بالتقادم الخمسي

يمكن الاحتجاج بالتقادم الخمسي ضد دائني الشركة وضد المصفي، ولا فرق في ذلك بين أن يكون المصفي من الشركاء أو شخصاً غريبة عن الشركة، وقد تقرر هذا التقادم والاحتجاج به المصلحة الشركاء لا لمصلحة دائني الشركة.

 ويستفيد أيضاً من هذا التقادم الخلف العام للشركاء وكذلك الخلف الخاص الذي آلت إليه حقوق الشريك.

وقف التقادم الخمسي أو قطعه

نصت الفقرة الأخيرة من المادة 3/25 من قانون الشركات على أنه:

 ” .. ويوقف التقادم أو يقطع وفقا لأحكام القواعد العامة “. 

أولاً – وقف التقادم :

يستفاد من نص المادة 379 من القانون المدني أنه:

يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه، ولو كان المانع أدبياً، وكذلك لا يسري التقادم فيما بين الأصيل والنائب.

 وإذا وقف التقادم فإنه يعود للسريان بعد زوال المانع الذي كان سبب وقفه.

ثانياً – انقطاع التقادم

عدد القانون المدني بنص المادتين 380 و 381 أسباب انقطاع التقادم، وهي المطالبة القضائية وإقرار المدين بالدين صراحة أو ضمنا.

 1 – المطالبة القضائية:

يقصد بالمطالبة القضائية الاستدعاء المقدم إلى المحكمة بطلب الحق، أو بطلب شهر إفلاس المدين. ويجب أن يسجل هذا الاستدعاء بصورة قانونية.

ويعد رفع الدعوى قاطعا للتقادم، ولو رفعت إلى محكمة غير مختصة، لطالما أنه طلب قضائي يظهر إرادة المدعي في أن حقه لا يزال عالقة في ذمة المدعى عليه وأنه لا يريد ترك هذا الحق يزول.

كما ينقطع التقادم بالتنبيه، وبالحجز وبالطلب الذي يتقدم به الدائن لقبول حقه في التفليسة أو في توزيع موجوداتها وبأي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير في إحدى الدعاوی، كأن يدفع بالمقاصة في دعوى أقيمت عليه تجاه المدعي “مدينه في ذات الوقت”.

 2 – الإقرار بالدين:

ينقطع التقادم إذا اقر المدين بحق الدائن، والإقرار إما أن يكون صريحة أو ضمنية.

ويعد الإقرار ضمنية أن يترك المدين تحت يد الدائن مالأ له مرهونا رهن حيازية تأميناً لوفاء الدين (مادة 381 مدني).

كما ينقطع التقادم بتثبيت الدين في تفليسة المدين، ويبدأ سريان التقادم من جديد اعتباراً من آخر إجراءات الإفلاس.

وإذا انقطع التقادم، يبدأ تقادم جديد يسري من وقت انتهاء الأثر المترتب على سبب الانقطاع وتكون مدته هي مدة التقادم الأول (مادة1/382 مدني).

على أنه إذا حكم بالدين وحاز الحكم قوة القضية المقضية، كانت مدة التقادم الجديد خمس عشر سنة في الديون المدنية و عشر سنوات في الديون التجارية.

وإذا انقطع التقادم بالنسبة لأحد الشركاء المتضامنين أو وقف سريانه، فلا يجوز للدائن أن يتمسك بالانقطاع أو بالوقف حيال باقي الشركاء (مادة2/292 مدني).

Scroll to Top