Blog

  • الشهادة في الدعاوى الجزائية كوسيلة للإثبات – بحث كامل +pdf

    الشهادة في الدعاوى الجزائية كوسيلة للإثبات – بحث كامل +pdf

    الشهادة

    مقدمة عن الشهادة

    الشهادة هي تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه بإحدى حواسه الأخرى ، فهي التعبير الصادق عن مضمون الإدراك الحسي للشاهد بالنسبة للواقعة التي شاهدها أو سمعها أو أدركها بحاسة من حواسه بطريقة مباشرة والمطابقة الحقيقة الواقعة التي يشهد عليها في مجلس القضاء ممن تقبل شهادتهم بعد أداء اليمين .

    وتعد الشهادة من أهم الأدلة التي يستمد منها القاضي قناعته الشخصية، وقد يبني عليها حكمه، على الرغم من أنها كوسيلة إثبات أو نفي تبقى موضع نقد شديد.

    فالتجربة دلت على أن صدق الشهادة أمر يتوقف على ضمير الشاهد وأخلاقه وسلوكه ومدی شعوره بمسؤوليته.

    أ- موضوع الشهادة

    يتناول موضوع الشهادة وقائع الجريمة ساعة تنفيذها، كما قد يتناول إيضاح بعض الحقائق التي سبقت ارتكاب الجريمة أو لحقت بها، وقد يكون مضمون الشهادة متعلقة بوقائع ليس بينها وبين الجريمة صلة مباشرة، ولكن الاطلاع عليها يفيد في استنباط بعض القرائن المتعلقة بركن الجريمة المادي أو المعنوي .

    وفي جميع الأحوال، يجب أن يكون موضوع الشهادة ذا أهمية قانونية في الدعوى في وقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم، وأن تنصب على ما رأه الشاهد أو سمعه أو أدركه بحواسه من وقائع، فلا يجوز أن تتناول أراءه الشخصية أو تصوراته أو مدى تقديره لمسؤولية المتهم أو جسامة الواقعة، أي يجب أن ينطق بواقع الحال دون زيادة أو نقصان

    ب- أنواع الشهادة

    الشهادة إما أن تكون مباشرة أو غير مباشرة:

    1- الشهادة المباشرة:

    هي الشهادة التي تنجم عن الاتصال المباشر لحواس الشاهد بالواقعة المشهود عنها سواء كان اتصاله عن طريق البصر كأن يرى بعينه إطلاق النار، أو عن طريق السمع كأن يسمع كلمات الذم، أو عن طريق حاسة الشم كأن يشم رائحة المخدر، أو عن طريق حاسة الذوق كأن يذوق المادة المسكرة، أو عن طريق حاسة اللمس كأن يلمس الدم الحار.

    2- الشهادة غير المباشرة:

    ويطلق عليها الشهادة السماعية أو شهادة النقل، وهي تلك التي ينقل فيها الشاهد الواقعة بالتواتر عما سمعه من غيره.

     فالشاهد يشهد أنه سمع الواقعة التي يرويها له شاهد يكون هو الذي رأها بعينه أو سمعها بأذنه أو أدركها بحاسة من حواسه.

     فالشهادة السماعية هي شهادة على الشهادة.

     وهذه الشهادة لا تصلح وحدها دلية في الإثبات، وإنما هي مجرد استدلال لا يصل إلى مرتبة الدليل.

     إنما يمكن للمحكمة أن تستند إليها إذا توافرت أدلة أخرى أو قرائن تعززها، فإذا استندت المحكمة على الشهادة السماعية وحدها كان حكمها مشوبة لفساد في الاستدلال، ذلك لأنها مبنية على الظن لا اليقين، لأن الأقوال تتعرض دائما للتحريف والتغيير والشك حين تنتقل من شخص إلى آخر.

    ج- أهلية أداء الشهادة

    هناك بعض الشروط التي لابد من توافرها حتى تعد الشهادة دليلا في الإثبات وهي:

    1-التمييز:

     أن يكون الشاهد قد بلغ الخامسة عشرة من عمره وقت أداء الشهادة، وأن يكون سليم الإدراك وقت حدوث الواقعة المشهود عنها ووقت الادلاء بشهادته.

    أي أن يكون واعيا لما يدور حوله، فاهماً معنى القسم الذي يؤديه والنتائج التي تترتب على أقواله.

    كما يجوز سماع شهادة الأيكم الأصم، فإذا كان يعرف الكتابة يجيب عن الأسئلة الموجهة إليه من المحكمة خطياً.

    كما يمكن الاستعانة بمترجم إذا كان لا يعرف الكتابة.

    2- اليمين:

     أوجب المشرع تحليف الشاهد اليمين بأن يشهد بواقع الحال دون زيادة أو نقصان وأن يدون ذلك في محضر التحقيق الابتدائي أو المحاكمة.

    والهدف من أداء اليمين استرعاء انتباه الشاهد إلى خطورة ما هو مقدم عليه وإيقاظ للقيم الأخلاقية فلا يكذب.

     وإذا لم يحلف الشاهد اليمين القانونية فإن شهادته تكون باطلة ولا يمكن الاستناد إليها.

     وكل حكم يستند إلى شهادة كهذه يكون مخالفة للأصول وجديرة بالنقض.

    وتحليف الشاهد اليمين القانونية قبل أدائه لشهادته هو إجراء يتعلق بالنظام العام ويجب مراعاته ولو رضي الخصوم بغير ذلك .

    3- حرية الاختيار:

    أي أن يكون الشاهد متمتعاً بإرادة حرة عند الإدلاء بشهادته، بمعنى أن لا تكون أقواله صادرة إثر تهديد أو إكراه، وإنما يشترط أن تكون صادرة عنه اختياراً .

    د- القيود الواردة على الشهادة

    کي تكون الشهادة تعبيرا صادقا عما أدركه الشاهد، وخوفاً من عدم الحايدة والنزاهة، فإن المشرع لم يقبل بشهادة بعض الأشخاص إما لأن لهم مصلحة في الدعوى، أو لأن الصفة التي يحملونها لا تتفق مع صفة الشاهد.

    1- الممنوعون من أداء الشهادة بموجب نص قانوني :

     تنص المادة 193 من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أنه :

    “لا تقبل شهادة أصول المدعى عليه وفروعه وإخوته وأخواته ومن هم في درجتهم عن طريق المصاهرة وزوجه حتى بعد الحكم بالطلاق. ولكن إذا سمعت شهادتهم دون أن يعترض عليها المدعي الشخصي أو المدعى عليه فلا تكون باطلة”.

    كما نصت المادة 292 على أنه:

    1- لا تقبل شهادة الأشخاص الآتي ذكرهم:

    أ- أصول المتهم وفروعه.

    ب- إخوته وأخواته.

    ج – ذوو القرابة الصهرية الذين هم في هذه الدرجة.

    د – الزوج والزوجة ولو بعد الطلاق.

    ه- المخبرون الذين يمنحهم القانون مكافأة مالية على الإخبار.

    واذا سمعت شهادتهم ولم يعترض عليها النائب العام أو المدعي الشخصي أو المتهم، لا تكون باطلة.

    أما إذا اعترض على سماعها فلرئيس المحكمة أن يأمر بالاستماع لإفادتهم على سبيل المعلومات”.

    يتبين من هاتين المادتين أن عدم قبول شهادة هؤلاء الأشخاص لا يورث بطلاناً مطلقاً بل نسبياً .

    فحتى لا تقبل شهادة هؤلاء، يجب أن يعترض عليها من قبل أحد الخصوم (النيابة العامة أو المدعي عليه أو المدعي الشخصي).

    فإذا تم الاعتراض قبل سماع الشهادة كانت باطلة، أما الاعتراض الواقع بعد ذلك فإنه لا قيمة له.

    كذلك لا يجوز أن يكون المدعى عليه شاهدة في دعواه. والحال نفسه بالنسبة إلى المدعي الشخصي فلا يجوز أن يدلي بأقواله بعد تحليفه اليمين.

    لكن محكمة النقض أخذت اتجاها معاكساً عندما لم تستبعد المدعي الشخصي بالذات من الاستماع إلى شهادته بصفته شاهداً في الدعوى العامة فاعتبرت المدعي الشخصي ما هو إلا مدع في دعوى مدنية مضافة إلى دعوى جزائية لاختلاف الدعويين، فيجوز تحليفه اليمين في دعوى مدنية مضافة إلى الدعوى الجزائية التي يعد طرفها الأساسي النيابة العامة لا المدعي الشخصي.

     فإذا ما أدى الشهادة بعد حلف اليمين لم يكن على القضاء حينئذ إلا تقدير قيمة هذه الشهادة  .

    كما يستمع إلى الشاكي الذي لم يتخذ صفة المدعي الشخصي شاهدا في الدعوى العامة، إذا كان لديه معلومات تفيد التحقيق بعد تحليفه اليمين.

    وإذا كان المشرع قد استبعد من الشهادة من تربطهم بالمدعى عليه أو المتهم صلة قرابة. فإنه لم يمنع سماع شهادة أصول المدعي الشخصي وفروعه وإخوته وأخواته.

    2- الممنوعون من الشهادة بسبب صفتهم:

    هناك بعض الأشخاص الذين تتعارض صفتهم مع الشاهد، ومن هؤلاء القضاة وممثل النيابة العامة الذي يحضر جلسات المحكمة.

     فالقاضي لا يجوز أن يكون شاهد في الدعوى التي ينظر فيها، لأنه يكون قد كون رأياً مسبقا في هذه القضية، فلا يجوز أن يكون القاضي شاهداً وحكماً أو شاهداً وخصماً.

     ولا يجوز قبول شهادة ممثل النيابة العامة لأنه يعد جزءا متممة في تشكيل المحكمة.

     كما لا تجوز سماع شهادة كاتب الجلسة. ولا تجوز شهادة المترجم في الدعوى نفسها لأنه يكون قد تأثر بالأقوال التي ترجمها.

    ه – الشهادة على سبيل المعلومات :

    إن الشهادة على سبيل المعلومات، كما تدل عليها تسميتها، هي التي لا تصل إلى مرتبة الدليل وإنما تسمع على سبيل الاستئناس، أي لا يمكن الاستناد إليها وحدها في الحكم، وإنما لابد من أن تكون معززة بأدلة أخرى في الدعوى. وهذه الشهادة تسمع دون توجيه اليمين القانونية إلى الشاهد، وتكون في الحالات التالية:

    1- ما نصت عليه المادة (292) وهو عدم قبول شهادة بعض الأقرباء. فإذا اعترض

    على سماع شهادة هؤلاء الأشخاص كان لرئيس محكمة الجنايات أن يستمع إلى إفاداتهم على سبيل المعلومات.

    2- تستمع المحكمة إلى القاصر الذي لم يبلغ الخامسة عشرة من عمره دون حلف اليمين وعلى سبيل المعلومات .

    3- جاء في المادة 266 من قانون أصول المحاكمات الجزائية أن الرئيس محكمة الجنايات أن يجلب قبل المحاكمة وأثناءها أي شخص كان لسماعه ولو بطريقة الإحضار . والأشخاص الذين يجلبون على هذه الصورة يستمع إلى إفاداتهم على سبيل المعلومات إذا اعترض النائب العام أو جهة الدفاع أو المدعي الشخصي على سماعهم محلفين.

    وفي جميع الأحوال إن المشرع لم يبين قيمة الشهادة التي تؤخذ على سبيل الاستدلال دون حلف اليمين، لكنه لم يحرم على القاضي الأخذ بشهادة من لا يحلفون اليمين إذا وجد فيها الصدق، فهي عنصر من عناصر الإثبات يقدره القاضي حسب قناعته الشخصية.

     ويظهر أن المشرع أراد أن يلفت نظر القاضي إلى ما في هذه الشهادة من ضعف  بأن يكون أكثر حيطة في تقديرها، وترك له بعد ذلك  الحرية التامة في الأخذ بها من عدمه.

    و- واجبات الشهود:

    يترتب على الشاهد واجبات أخلاقية وقانونية، فإذا أخل بهذه الواجبات تعرض للمساعلة الجزائية. وهذه الواجبات هي:

    1- المثول :

     أي أن يلبي الدعوة إلى الحضور فيمثل أمام المرجع المختص الذي دعاه.

     فكل شاهد يتخلف عن الحضور من دون عذر مقبول أمام القاضي المحقق أو المحكمة، يعرض نفسه لغرامة يقضي بها المرجع الذي كان قد دعاه للمثول أمامه.

    2- أداء اليمين :

    على الشاهد أن يحلف اليمين القانونية قبل أداء شهادته سواء أثناء التحقيق الابتدائي أو المحاكمة.

     أي أن يشهد بواقع الحال دون زيادة أو نقصان.

    ويترتب البطلان على عدم حلف اليمين، وهو بطلان يتصل بالنظام العام، فلا يجوز التنازل عنه.

     وكل حكم يستند إلى شهادة غير موثقة باليمين يعد مخالفة للأصول والقانون.

    3- قول الصدق :

    على الشاهد بعد أن يؤدي اليمين القانونية أن يقول ما يعرفه بصدق وأمانة وموضوعية إحقاق للحق وانتصارا للعدالة، وبما يمليه عليه ضميره.

     فإذا امتنع عن أداء الشهادة أو ثبت كذبه، لوحق بجريمة شهادة الزور المنصوص عليها في المادة 397 وما يليها من قانون العقوبات.

    وللشاهد أن يعتصم بالصمت فلا يجيب إذا كان ما سيقوله يؤدي إلى إفشاء سر مسلكي، مما

    يؤدي إلى ارتكابه الجريمة المنصوص عليها في المادة (565) من قانون العقوبات.

    لكن هذه الحالة تعد من حالات الضرورة التي يمتنع فيها العقاب.

    لكن بما أن عليه واجبا أن يقول الحق أمام القضاء، فإن مبدأ الإعفاء من واجب الإدلاء بالشهادة يجب أن يفسر وأن يطبق في أضيق الحدود.

    ز – حقوق الشاهد :

    للشاهد حقوق مقابل الواجبات التي فرضها عليه المشرع. وهذه الحقوق هي:

    1- يحق للشاهد تقاضي مقابل للمصاريف التي أنفقها وتعويضه عنها وعما أضاعه من وقت في سبيل الحضور والمثول أمام الجهة القضائية التي دعي إلى أداء الشهادة أمامها. والقاضي هو من يقدر المبلغ الواجب أداؤه للشاهد ويدفع من ميزانية الدولة إذا كان الشاهد من شهود الحق العام، أي وجهت الدعوة إليه بناء على طلب النيابة العامة.

     أما إذا كان من شهود الدفاع أو دعي بناء على طلب المدعي الشخصي أو المسؤول مدنية، فإن الفريق الطالب هو الذي يؤدي نفقات الشاهد المطلوبة.

    2- من حقوق الشاهد الحق في حمايته وحماية شرفه واعتباره، لأنه شخص يؤدي خدمة عامة، ويستهدف تحقيق مصلحة عامة، ومن ثم كان من الواجب حمايته من أن يتعرض إلى أي اعتداء أو أي إهانة قد تلحق به من جراء أدائه لشهادته.

    فالمشرع أضفى على الشاهد حصانة بحيث يمتنع أن تقام عليه أي دعوى عامة أو مدنية من أجل جرائم القدح أو الذم أو غيرها التي قد يرتكبها أثناء قيامه بواجب الادلاء بشهادته.

    ح- تقدير قيمة الشهادة:

    الشهادة كغيرها من أدلة الإثبات، تخضع لتقدير قاضي الموضوع، فلا تصح مناقشته في قناعته الشخصية.

     وللمحكمة أن تأخذ بأقوال شاهد واحد وتطرح أقوال الشهود الآخرين، لأن العبرة في الاقتناع ليست بعدد الشهود، وإنما بالاطمئنان إلى ما يدلي به الشهود، قل عددهم أو كثر. كما يمكن للمحكمة أن تأخذ بأقوال شاهد أدلى بشهادته في التحقيق الابتدائي دون الشهادة التي أدلى بها أمامها.

    وللمحكمة أن تجزيء الشهادة الواحدة فتأخذ ببعض ما جاء فيها وتطرح البعض الآخر، شريطة أن تذكر المحكمة في حكمها أنها قصدت هذه التجزئة، وأن تقدم في حكمها المسوغات الكافية التي دفعتها إلى الأخذ بجزء من الشهادة وعدم الأخذ بالجزء الأخر منها.

    وللمحكمة أن تأخذ بأقوال شاهد استمع إليه على سبيل المعلومات، وتطرح شهادة موثقة باليمين، إذا كان بين أدلة الدعوى ما يدعم الشهادة التي أخذت على سبيل المعلومات، لكنها ملزمة ببيان الأسباب التي حملتها على الأخذ بشهادة دون أخرى.

     فتقدير الأدلة والشهادات واستنباط الواقع منها يعود إلى قاضي الموضوع الذي يترتب عليه بيان الأسباب التي حدت به إلى الأخذ ببعض الشهادات واهمال البعض الآخر في حال تعارضها.

     فمناقشة القاضي حول أخذه بشهادة أو طرحها أو اعتماده على دليل دون أخر هو تدخل في استقلال القاضي ورقابة على قناعته، وهذا لا يستقيم طالما أن تلك القناعة مبنية على أسباب صحيحة. فقاضي الموضوع لا يخضع في تقديره للشهادة لرقابة محكمة النقض طالما كان تقديره لهذه الشهادات يأتلف والمنطق ويسلم به العقل.


    لتحميل الموضوع كاملاً بصيغة pdf – يرجى الضغط هنا

     

     

  • الاعتراف في الدعاوى الجزائية كوسيلة للإثبات

    الاعتراف في الدعاوى الجزائية كوسيلة للإثبات

    الاعتراف في الدعاوى الجزائية كوسيلة للإثبات

    مقدمة عن الاعتراف

    كان للاعتراف شأن كبير في نظم التحقيق القديمة. ففي عهد الأسلوب الاتهامي كان للاعتراف مقام مرموق بين البينات، غير أنه بقي بينة غير كافية، أي لابد من أن ترافقه بينة أخرى من أجل اعتماده سببة للحكم.

    أما في ظل الأسلوب التفتيشي، فقد بلغ الاعتراف الأوج وأصبح سيد البينات. وقد أشاد الفقيه Jousse  بشأن الاعتراف فقال:

     “ليس أعدل من عقوبة تطبق على شخص يعترف بمحض إرادته ودون أي تعذيب بأنه الفاعل الحقيقي“.

    غير أن كثيرا من الاعترافات جاءت مكذبة لهذا الزعم .

    ويعرف الاعتراف بأنه:

    إقرار المدعى عليه على نفسه بكل أو ببعض ما نسب إليه من وقائع جرمية.

     فالفاعل يقر بأنه ارتكب جرم، أي يشهد على نفسه بأن ما تدعيه النيابة العامة أو المدعي الشخصي صحيح”.

    ويجب الحذر من سوء التأويل فيما يسمى بالاعتراف الضمني أو السلبي، والذي هو في الحقيقة من جملة القرائن وليس اعترافاً.

     مثاله سكوت المتهم عند تقرير أمر في حضوره يؤذيه وعلى مسمع منه، في حين كان عليه إنكاره أو نفيه أو تقديم إيضاح عنه، وللقاضي تقدير هذه الظروف مع الاحتراس من سوء التأويل.

    والاعتراف قد يكون كاملاً : وهو إقرار المدعى عليه بكل ما نسب إليه.

     وقد يكون جزئياً : أي أن يقر المدعى عليه ببعض ما نسب إليه، كأن يعترف باقترافه جريمة الضرب دون القتل، أو بارتكاب الفعل دون قصد، أو دفاعا عن النفس… الخ.

    وقد يكون الاعتراف قضائياً : أي حين يصدر عن المتهم في مجلس القاضي، وتكون له قوة ثبوتية، لأن الفاعل يشهد على نفسه وهو مدرك خطورة قوله.

    وقد يكون غير قضائي : وهو ما يصدر خارج مجلس القضاء، ويثبت إما بموجب مستند خطي كإدراجه في محضر منظم من قبل رجال الضابطة العدلية أو في كتاب موقع من المدعى عليه نفسه، واما أمام الشهود، ويقام عندها الدليل عليه بالشهادة إذا كان موضوع الدعوى يقبل الإثبات بهذه البينة.

    ويكون الاعتراف بسيطاً إذا أقر المدعى عليه بالواقعة الجرمية وحدها، ويكون موصوفاً إذا زاد عليها أفعالاً أو ظروف للتخفيف من مسؤوليته أو إزالة الصفة الجرمية عن فعله.

    أ- شروط الاعتراف

    لابد في الاعتراف حتى يكون صحيحا من أن تتوافر فيه ثلاثة شروط:

    1- أن يكون صريحة واضحة لا لبس فيه ولا غموض، دون أن يحتمل تأويلا.

     فسكوت المدعى عليه لا يعد إقرارة منه بما نسب إليه، لأنه لا ينسب إلى ساکت قول. وكل دليل يحمل في طياته شكا أو شبهة أو احتمالاً يكون مصيره الإهماله، وأن يكون هذا الاعتراف مطابقاً للحقيقة، لذلك يترتب على القاضي أن يتحرى في أمور الاعترافات التي تصدر عن المتهمين، وعن الدافع الذي ألجأهم إلى الإدلاء بها وضرورة مراعاة توفر التوافق بين الاعتراف وبين الأدلة الأخرى في الدعوى.

    فكثيرا ما يعترف شخص بجريمة قتل مثلا ولكنه إذا ما نوقش في اعترافه اتضح كذبه من اختلاف الطريقة التي يدعي ارتكاب جريمة القتل بها عما تحققه الطبيب الشرعي من معاينة الجثة.

    2– أن يكون صادراً عن شخص يتمتع بالأهلية وعن إرادة حرة.

    فإذا تبين أن المدعى عليه غير مميز بسبب مرض عقلي أو مجنون. فلا يكون لاعترافه أي قيمة ثبوتية. فيجب أن يكون الاعتراف صادرة عن إرادة حرة، أي بغير عنف أو إكراه أو تهديد أو تعذيب مما يؤثر في حرية المتهم في الاختيار بين الإنكار والإقرار .

    فكل اعتراف أدلى به صاحبه تحت تأثير التعذيب أو الإكراه بنوعية المادي والمعنوي يكون مصيره الإهمال لأن صاحبه يكون في هذه الحالة معيب الإرادة مضطرب التفكير لا يدرك نتائج ما أدلى به من أقوال. فلكي يكون الاعتراف صحيحة يجب أن يكون المعترف مدركة لكل ما يحيط به ولكل ما يترتب على اعترافه من نتائج.

    والأخذ بالاعتراف، وكونه صحيحة غير مشوب بشائبة الضغط، من المسائل التقديرية الخاصة بقضاة الموضوع، ولا تدخل تحت تمحيص محكمة النقض.

    3- يجب أن يكون الاعتراف صادرة عن المدعى عليه بالذات

    لأن الاعتراف حق شخصي، فاعتراف الوكيل عن موكله لا يعد دليلاً من أدلة الإثبات، فإذا أقر الوكيل في أحد دفوعه بأن موكله هو الذي ارتكب الجريمة المدعى بها أو شارك فيها، فإن لهذا الأخير أن ينكر اعتراف وكيله. كما أن اعتراف الولى لا يعد اعترافا للحدث، ولا يؤخذ بإقراره.

    4- أن يكون الاعتراف مستنداً إلى إجراءات صحيحة،

    فإذا كان ثمرة إجراءات غير قانونية وباطلة، فيع باطلاً ولا يؤخذ به كدليل في الإثبات ولو كان هذا الاعتراف صادقا.

     كأن يصدر الاعتراف نتيجة الاستجواب باطل جرى من أحد موظفي الضابطة العدلية، أو جرى تحليف المتهم اليمين عند استجوابه.

    لكن الاعتراف لا يكون باطلاً إلا إذا جاء متصلاً بالإجراء الباطل ومتأثرة به، فإن كان مستقلا عنه جاز التعويل عليه، ويعود تقدیر اتصاله أو استقلاله المطلق تقدير محكمة الموضوع حسبما يتكشف لها من ظروف الدعوى وملابساتها.

    قيمة الاعتراف:

    إذا صدر الاعتراف مستكملاً شروط صحته، فيعد عندئذ بينة كغيره من البينات متروكاً أمر تقديره للقاضي، بشرط أن يكون المعترف مدركاً نتائج اعترافه، وأن يدلي به بصورة حرة.

    وللقاضي سلطة مطلقة أن يأخذ بالاعتراف الصادر عن المتهم والذي أدلى به سواء في مرحلة التحقيق الأولي أو التحقيق الابتدائي أو في جلسة المحاكمة طالما أنه اطمأن إلى صحته واقتنع بمطابقته للحقيقة.

    أما اعتراف مدعى عليه على آخر فهو استدلال عادي تقدره المحكمة ولو أنكر هذا الأخير ما نسب إليه، ولها أن تستنتج منه النتائج المنطقية، لأن الحكم في الموضوع وتقدير البينات متعلق بوجدان قاضي الموضوع، ولا رقابة لمحكمة النقض عليه.

    ويسمى هذا الاعتراف في التعامل القضائي بالعطف الجرمي.

    وقد قررت محكمة النقض:

    “أن عطف الجرم من منهم على آخر ليس بالدليل القاطع ولا بالبينة المثبتة للواقعة وإنما مجرد قول يحتاج إلى دليل على حجيتها”.

    والمعترف قد يرجع عن اعترافه ولو كان واقعاً أمام المحكمة.

     وللقاضي عندئين حق تقدير قيمة هذا الرجوع، فإما أن يقره أو يرفضه حسب قناعته.

    وفي جميع الأحوال، فإن القاضي هو الذي يحدد قيمة الاعتراف وفق تقديره، فإما أن يقتنع به ويستند إليه في الحكم بالإدانة، وإما أن يرفضه ويتجرد من قيمته كدليل، وهو يخضع لسلطته التقديرية التي تفترض تحديد دلالته وبواعثه سواء أكان الاعتراف قضائية أو غير قضائي.

     أي إن للقاضي سلطة تقديرية في أن يأخذ باعتراف المتهم متى اطمأن إليه أو يأخذ بجزء منه.

    فالاعتراف قابل للتجزئة، والقاضي غير ملزم بالأخذ باعتراف المتهم بنصه، بل له في سبيل تكوين قناعته أن يجزئ الاعتراف ويأخذ منه ما يراه مطابقة للحقيقة، وأن يعرض عما يراه مغايرة لها. ولا معقب على القاضي في ذلك طالما أنه قد بني قناعته بالاعتراف على أسباب مقبولة عقلا ومنطقا.

    كما يجب أن ينظر إلى الاعتراف بالحذر الشديد، لأنه قد يكون دليلاً ضعيفة لاحتمال اعتراف الظنين باقتراف الجرم المسند إليه وتحمل مسؤوليته تخليصأ لغيره أو في مقابل نفع يأمله أو دفع ضرر يخشاه.

     أو أن يكون ما جاء في الاعتراف بعيداً عن الواقع أو ليس من شأنه في الحقيقة أن يؤلف العنصر الجنائي.

  • الضابطة العدلية في القانون السوري – pdf

    الضابطة العدلية في القانون السوري – pdf

    الضابطة العدلية

    لتحميل بحث شرح الضابطة العدلية في القانون السوري بصيغة pdf – يرجى الضغط هنا

  • الإثبات في الدعوى الجزائية في القانون السوري – pdf

    الإثبات في الدعوى الجزائية في القانون السوري – pdf

     الإثبات-في-الدعوى-الجزائية

    لتحميل شرح الاثبات في الدعوى الجزائية في القانون السوري بصيغة pdf – يرجى الضغط هنا

  • عبء الإثبات في الدعوى الجزائية في القانون السوري

    عبء الإثبات في الدعوى الجزائية في القانون السوري

    عبء الإثبات في الدعوى الجزائية

    يقع عبء الإثبات في القضايا المدنية على عاتق المدعي، فالقاعدة العامة تقول: “البينة على من ادعى واليمين على من أنكر .

     أما في القضايا الجزائية فإن عبء الإثبات يقع على عاتق النيابة العامة بالدرجة الأولى، لأن عليها أن تتثبت من توافر جميع العناصر المكونة للجريمة سواء أكانت مادية أم معنوية. فهي ليست خصماً ككل الخصوم بل هي خصم عادل يهمها البحث عن الحقيقة وليس الحكم على الأبرياء.

    وقد يحصل أحياناً أن تكون الدعوى العامة قد حركت بناء على اتخاذ المجني عليه صفة الادعاء الشخصي وتكون النيابة العامة غير قانعة بوجود وجه لإقامة الدعوى العامة، ففي هذه الحالة يقع عبء الإثبات في الدرجة الأولى على عاتق المدعي الشخصي.

      أي إن عبء الإثبات يقع على عاتق المدعي أي النيابة العامة والمدعي الشخصي إن وجد.

    كما أن القاضي الجزائي لا يقف مكتوف اليدين، فهو يبحث أيضاً عن كل ما من شأنه كشف الحقيقة، كطلبه أدلة لم يتعرض لها الخصوم أو لم يتعرض لها التحقيق. أي يقوم القاضي الجزائي باتخاذ جميع التدابير التي تساعد على إظهار الحقيقة في الدعوى وجمع أدلتها وعناصرها سواء في دور التحقيق الابتدائي أو أثناء المحاكمة.

    أما موانع المسؤولية أو العقاب كالجنون والإكراه والقصر وحالة الضرورة التي يترتب عليها عدم مسؤولية الفاعل، فلا يكلف المدعى عليه في رأي معظم الفقهاء بإثباتها، لأن قرينة البراءة تؤكد أنه بريء حتى يدان.

    ويكفي أن يدفع المتهم بوجود أحد موانع العقاب حتى يترتب على النيابة العامة إقامة الدليل على عدم قيام هذا المانع المدعى به.

    ولا جدال في أن تطبيق مبدأ القناعة الشخصية يسهل على فريق الادعاء في المواد الجزائية

    مهمة الإثبات.

     فحرية القاضي في تكوين قناعته الشخصية بما يرتاح إليه ضميره من الأدلة تجعل المتهم

    شديد الحرص على أن لا يقف موقفا سلبية من سير المحاكمة، وانما تدفعه مصلحته إلى اتخاذ موقف إيجابي في دفع التهمة عن نفسه لإثبات براءته أو حتى إثارة الشكوك حول أدلة الاتهام حتى يصل إلى تطبيق المبدأ القائل إن الشك يفسر لمصلحة المتهم .

    لكن من الأمور التي يلقي عبء الإثبات فيها على المدعى عليه، وجود الأعذار المحلة، والأعذار المخففة، والأسباب المخففة. وقد حكمت محكمة النقض ب: أن من يدعي بدفع أن يتقدم بأدلته عليه دونما حاجة إلى تكليف بذلك من المحكمة.


     

    لتحميل شرح الاثبات في الدعوى الجزائية في القانون السوري بصيغة pdf – يرجى الضغط هنا

  • القيود الواردة على حرية القاضي في تكوين قناعته الشخصية في الدعوى الجزائية

    القيود الواردة على حرية القاضي في تكوين قناعته الشخصية في الدعوى الجزائية

    القيود الواردة على حرية القاضي في تكوين قناعته الشخصية في الدعوى الجزائية

    إن القاضي الجزائي غير مقيد بطريق محدد من طرق الإثبات، لكن هذا لا يعني غياب أصول وضوابط يجب اتباعها من أجل حسن تطبيق القانون وهي:

    أولاً- على القاضي أن يبني قناعته على أدلة صحيحة طرحت أمامه وتناقش فيها الخصوم.

    ثانياً– يجب أن تكون الأدلة التي يستمد القاضي منها قناعته، أدلة مشروعة وناتجة عن إجراءات قانونية صحيحة.

    ثالثاً– يجب أن يكون اقتناع القاضي يقينية قائمة على الجزم واليقين، لا على الظن والاحتمال في مرحلة المحاكمة.

    فإذا شك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم، فما عليه إلا أن يقضي ببراءته،  لأن الشك يفسر لمصلحة المتهم ۔

    رابعاً– إن القاضي الجزائي حر دائما في أن يختار من أدلة الإثبات القائمة أمامه ما يطمئن ويرتاح إليه ضميره ووجدانه، إلا أن حريته مقيدة بضرورة تسييب حكمه والا كان عرضة للرقابة من محكمة النقض.

    خامساً – يجب أن يكون للأدلة التي يعتمد عليها القاضي في تكوين قناعته، أصل في ملف الدعوى، أي أن تكون مدونة في محضر الجلسة.

    سادساً– لا يجوز للقاضي الاستغناء عن كل تحقيق منتج في الدعوى بحجة عدم إطالة أمد المحاكمة.

    سابعاً– يجب أن تكون قناعة القاضي وما توصل إليه من نتائج في حكمه متفقة مع المنطق ويقبلها العقل السليم.


    لتحميل شرح الاثبات في الدعوى الجزائية في القانون السوري بصيغة pdf – يرجى الضغط هنا

  • المحاضر والضبوط وقوتها في الإثبات في الدعوى الجزائية

    المحاضر والضبوط وقوتها في الإثبات في الدعوى الجزائية

    المحاضر والضبوط وقوتها في الإثبات في الدعوى الجزائية

    نصت المادة (178) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أنه:

    “1- يعمل بالضبط الذي ينظمه ضباط الضابطة العدلية ومساعدو النائب العام في الجنح والمخالفات المكلفون باستثباتها حتى يثبت العكس.

    2- ويشترط في إثبات العكس أن تكون البينة كتابية أو بواسطة الشهود”.

    كما نصت المادة (182) من القانون نفسه على أنه:

    “لا يسوغ تحت طائلة البطلان إقامة البينة الشخصية على ما يخالف أو يجاوز مضمون المحاضر التي يوجب القانون اعتبارها والعمل بها حتى ثبوت تزويرها”.

    يتبين من هاتين المادتين أن المشرع خرج عن مبدأ جواز الإثبات بطرق الإثبات كاقة في

    المسائل الجزائية، بأن أضفى على بعض الضبوط الرسمية قوة خاصة في الإثبات، وعلى القاضي أن يتقيد بما ورد بها.

    وهذه الضبوط على نوعين:

    أ- الضبوط التي يعمل بها حتى يثبت عكسها

    ويعد من قبيل هذه الضبوط تلك التي تنظم في جرائم الجنح والمخالفات الواقعة على الأنظمة البلدية والصحية وأنظمة السير .

     فإذا كان الضبط منظمة أصوط ومستوفي شروطه القانونية، فيأخذ به القاضي ما لم يقم الدليل على ثبوت عکسه، والدليل العكسي يكون بالبينة الكتابية أو بشهادة الشهود .

    ب- الضبوط التي يعمل بها حتى يثبت تزويرها

    ويعد من هذا القبيل الضيوط التي ينظمها موظفو الحراج والجمارك، ومحاضر جلسات التحقيق والمحاكم، ونصوص الأحكام الصادرة من القضاء.

    ولابد من أن تتحقق في هذه الضبوط والمحاضر الشروط القانونية الصحيحة. وهذه الضبوط يلتزم القاضي بما ورد فيها ويأخذ بها إلى أن يثبت تزويرها .

    وهذه الضبوط تعد من أقوى أنواع الضبوط.


    لتحميل شرح الاثبات في الدعوى الجزائية في القانون السوري بصيغة pdf – يرجى الضغط هنا