التصنيف: القواعد الفقهية والقانونية

  • شرح القاعدة الفقهية:الأصل في الصفات العارضة العدم مع أمثلة

    شرح القاعدة الفقهية:الأصل في الصفات العارضة العدم مع أمثلة

    محامي عربي

    الأصل في الصفات العارضة العدم

    الأصل في الصفات العارضة العدم، كما أن الأصل في الصفات الأصلية الوجود حتى يقوم الدليل على خلافه والمراد بالصفات ما يكون وجودها في الشيء طارئاً وعارضاً، بمعنى أن الشيء بطبيعته يكون خالياً عنها غالباً، أما الصفات التي يكون وجودها في الشيء مقارناً لوجوده أو مشتملاً عليها بطبيعته غالباً تسمى صفات أصلية، والأصل فيها البقاء بعد ثبوت وجودها، كما جاء: الأصل بقاء ما كان على ما كان.

    جاء نص هذه القاعدة في المجلة كما ذكر، والفقهاء كثيراً ما يعبرون في تعليلاتهم بلفظ الأمور بدلاً من الصفات كالجنون والمرض مثلاً، كي تشمل  الأمورالمستقلة، مثل العقود والإتلافات، فلو ادعى شخص على آخر أنه عقد معه عقداً أو أتلف له مالاً وأنكر الآخر، فالقول للمنكر حتى يثبت المدعي هذه الأفعال، لأن العقد والإتلاف أمور ،عارضة والحالة الأصلية المتيقنة قبلاً هي عدمها .

    من فروع هذه القاعدة:

    لو قال الوصي: لم أتجر في مال اليتيم، أو اتجرت ولم أربح، أو ما ربحت إلا كذا، فالقول قوله، لأن الأصل العدم ، أي عدم الربح لأن الربح صفة عارضة. لو أدخلت المرأة حلمة ثديها في فم الرضيع ولم تعلم هل دخل اللبن في حلقه أم لا ، فالنكاح لا يحرم لأن الاصل عدم المانع الذي هو دخول اللبن،

    وفي الأشباه : يحرم النكاح لأن في المانع من النكاح شك، والأصل في الأبضاع التحريم.

    لو قال رجل لامرأته: إن لم أدفع لك نفقتك اليوم فأنت طالق، ثم مضى اليوم فاختلفا، فقال: دفعتها لك، وقالت: لم تدفعها لي، فالقول قولها ويترتب عليه وقوع الطلاق؛ لأن الأصل عدم وصول النفقة إليها حيث إن المعلق عليه مما يصح التنازع فيه لذاته، فيكون القول لمنكره، أما لو كان المعلق عليه مما لا يصح التنازع فيه لذاته كدخول الدار وعدمه، فلا يُنظر فيه إلى صورة التنازع بل ينظر فيه إلى المقصود منه، فلو قال لها : إن لم أدخل الدار اليوم فأنت طالق ثم اختلفا، فقال: دخلت وقالت لم يدخل، فالقول قوله؛ لأن المقصود من الدخول أو عدمه هو وقوع الطلاق أو عدمه، والأصل في الطلاق عدم وقوعه.

    ومن فروعها : لو ادعى الوطء وهو عنّين وأنكرت الزوجة، فإن كانت بكراً فالقول قولها لأن الظاهر يكذبه، وإن كانت ثيباً فالقول قوله، لأن الأصل السلامة من العنة .

    لو افترق الزوجان فقالت : افترقنا بعد الدخول وقال : قبله، فالقول قولها لأنها تنكر سقوط نصف المهر، والأصل عدم وجود المانع للوطء. لو زعم ورثة عاقد أن مورثهم كان حين التعاقد مجنوناً فعقده باطل، وأنكر الخصم واعتبر العاقد عاقلاً حتى يثبت جنونه، فيكون القول قوله؛ لأن الجنون آفة عارضة والأصل سلامة العقل بالفطرة الغالبة، فكان الظاهر شاهداً لمدعي صحة العقد دون البطلان .

    ويستثنى من هذه القاعدة لو قال لها : إن لم تدخلي الدار اليوم فأنت طالق، فقالت: لم أدخلها، وقال: بل دخلتها، فالقول قوله؛ لأن الزوج يدعي صفة أصلية وهي النكاح الثابت – والأصل في الصفات الأصلية الوجود ـ وينكر وقوع الطلاق، مع أن المرأة تدَّعي زوال العصمة وهي صفة عارضة، الأصل فيها العدم.

    ويستثنى أيضاً: لو تصرف الزوج في غلات زوجته ثم ماتت، فادعى تصرفه كان بإذنها فأنكر الورثة، فالقول قوله بيمينه مع أن الأصل عدم الإذن للتصرف في ملك الغير، وأن الإذن يعتبر من الصفات العارضة بين الزوجين.

    وكذا لواختلف الزوجان في هبة المهر، فقالت الزوجة: وهبته لك بشرط ألا تطلقني، وقال الزوج بغير شرط فالقول قولها، لأن الظاهر حصول التنازل عن الحق مقابل إسقاط حق، والشرط من العوارض الأصل عدمه.

    وأيضاً لو طلبت المرأة نفقة أولادها الصغار بعد أن فرضها القاضي لهم، فادعى الأب أنه أنفق عليهم، فالقول قوله بيمينه لأنها تدعي عدم وفور شفقته مع أن الأصل عدم الإنفاق .

  • شرح القاعدة الفقهية: الأصل براءة الذمة- مع أمثلة تطبيقية

    شرح القاعدة الفقهية: الأصل براءة الذمة- مع أمثلة تطبيقية

    محامي عربي

     الأصل براءة الذمة 

    لأن الذمم خلقت بريئة غير مشغولة بحق من الحقوق، والذمة لغةً: العهد، واصطلاحاً وصف يصير الشخص به أهلاً للإيجاب له أو عليه  .

    وعرفها البعض بأن الذمة وعاء اعتباري لاستقرار الحقوق ممن هو أصل للالتزامات، وهي تشغل بالحقوق في حياة صاحبها ولا تبقى بعد الموت إلا إذا ترك صاحبها مالا، وهي خلاف العهدة التي هي حافظة للحقوق وهي ظرف التكليف وتبقى بعد الموت مطلقاً .

    ودليل مشروعية هذه القاعدة من الحديث الشريف : «البينة على المدعي واليمين على من أنكر» [رواه البيهقي عن ابن عمر، فمن ادعى التزاماً على غيره أو حقاً فعليه الإثبات لأن الخصم يتمسك بحالة أصلية وهي براءة ذمته، فيكون ظاهر الحال شاهداً له ما لم يثبت خلافه .

    والمراد بالأصل هو الحالة العامة التي هي بمثابة قانون مرعي ابتداءً بلا حاجة إلى دليل خاص عليه، ويعتبر مسلماً بنفسه.

    عندما يتنازع خصمان وتتخالف مزاعمهما ، فيحتاج في فصل الخصومة إلى مرجح لترجيح قول على آخر، ولدى تتبع المسائل والنظر في وجوه الترجيح الأولية، يظهر أن الترجيح في مبدأ الأمر يكون بأحد شيئين هما: الأصل، ودلالة الحال  ، ويعرفان بالظاهر الضعيف لأنهما لا يصلان إلى درجة يطرح معها احتمال خلافهما .

    والأصل وجوهه كثيرة منها :

    الأصل بقاء ما كان على ما كان

    الأصل في الأمور العارضة العدم، وفي الأمور الأصلية الوجود .

    الأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته.

    الأصل في الكلام الحقيقة .

    الأصل فيما جهل قدمه وحدوثه أن يعتبر قديماً .

    الأصل في الوكالة الخصوص.

    الأصل فيما لا يعلم إلا من جهة أحد الخصمين أن يقبل قوله بيمينه، كقبول قول المرأة في انقضاء عدتها أو عدم انقضائها .

    الأصل في العقود أن تكون صحيحة ولازمة.

    الأصل حين الاختلاف في بطلان العقد وصحته أن يكون باطلاً؛ لأن الاختلاف في البطلان معناه النزاع في وجود العقد وعدمه، والعدم هو السابق المعهود. وهذا التعليل مقيد بما إذا لم يكن ظاهر الحال شاهداً لمدعي الصحة .

    الأصل حين الاختلاف في فساد العقد وصحته أن يكون صحيحاً؛ لأن  الاختلاف بالصحة والفساد معناه الطعن في سلامة العقد من الشوائب بعد تسليم وجوده وانعقاده، وصفة السلامة من العلل هي الحالة الأصلية للموجودات..

    الأصل في الطلاق أن يكون رجعياً .

    الأصل عدم وجود المانع للنكاح.

    الأصل في الأبضاع التحريم.

    الأصل عدم وصول النفقة.

    الأصل عدم الإذن للتصرف بمال الغير .

    الأصل بقاء الحق بعد ثبوته .

    الأصل في العقود والإقرارات والإلزامات الطوع لا الإكراه. وغير ذلك كثير

    ودلالة الحال أيضاً على وجوه منها :

    وضع اليد : فيما لو ادعى شخصان ملك عين، فالقول قول ذي اليد.

    تأييد مهر المثل : فلو اختلف الزوجان في مقدار المهر المسمى، فالقول لمن يشهد له مهر المثل ،بيمينه فإن كان مهر المثل كما قال أو أقل فالقول قوله، وإن كان كما قالت أو أكثر فالقول قولها .

     السعي بإسقاط واجب عن الذمة : فلو بعث زوج إلى زوجته شيئاً ثم اختلفا فقالت إنه هدية وقال : إني أرسلته من المهر، فالقول قول الزوج بيمينه في غير المعد للأكل .

     العمل بالظاهر وترك الأصل : كما في مسألة العنّين إذا ادعى الوصول إلى زوجته التي تزوجها بكراً وأنكرت الوصول وقال النساء إنها ثيب، فالوصول إليها أمر عارض والأصل عدمه، فيقدم الظاهر وهو الثيوبة، فكان القول للزوج .

    العمل بالظاهر وترك البينة:

    كأن يكون الظاهر قد وصل في الظهور إلى درجة اليقين القطعي، فإنه يترجح على البينة حتى لا تقام على خلافه .

    فقد نصَّ الفقهاء على أن الوصي إذا ادعى أنه أنفق على اليتيم مبلغاً لا يكذبه فيه الظاهر فالقول قوله بيمينه، وإن كان مبلغاً يكذبه فيه الظاهر فلا يقبل فيه قوله ولا تقبل بينته على ذلك .

    العمل بالظاهر وترك الإقرار كما لو أقر إنسان لمن كان مجهول النسب بأنه ابنه وكان لا يولد مثله لمثل المقر ، فإن الإقرار يبطل والبينة لا تقبل عليه لأن الظاهر يكذبه .

    ومن هنا كان التقييد للمادة (۷۷) التي تقول : البينة لإثبات خلاف الظاهر، بأن المراد بالظاهر هو الذي لم يطرح احتمال خلافه.  .

    ومن فروع هذه القاعدة:

    لو أقر شخص بقوله إن فلاناً له عندي أمانة بدون ذكر مقدارها فيجبر المقر على أن  يبين ما هي الأمانة وما مقدارها، فإن ادعى المقرّ له الزيادة فالقول للمقِر مع اليمين؛ لأن الظاهر يؤيده من حيث إقراره بالمتيقن به، والبينة على المقر له لإثبات الزيادة.

    ومنها : لو شك هل طلق أم لا ، لم يقع الطلاق ولو شك أنه طلق واحدة أو أكثر، بنى على الأقل إلى أن يستيقن بالأكثر، لأن الذمة لا تبرأ إلا بالمتيقن.

    ومنها : ولو شك هل حلف بالله أو بالطلاق، فحلفه باطل، لأن الأصل براءة ذمته فلا يجب الكفارة بالشك.  .

    كما مر أن الأصل والظاهر من المرجحات الأولية، أما وجوه الترجيح الثانوية فهي حجج الشرع الثلاثة البينة والإقرار والنكول عن اليمين  .

    وقد زادت المجلة في مادتها (١٧٤١) إلى المرجحات الثانوية الأمارة القاطعة، كأن يقول لزوجته : إن سررتك فأنت طالق ثم ضربها فقالت: سررتني، لا تطلق ؛ لأن الضرب أمارة قاطعة على عدم السرور.

  • شرح القاعدة الفهية: الضرر لا يكون قديماً, مع أمثلة

    شرح القاعدة الفهية: الضرر لا يكون قديماً, مع أمثلة

    محامي عربي

     الضرر لا يكون قديماً

    نفي الضرر في هذه القاعدة مجازي وليس على حقيقته، فالضرر يمكن أن يكون قديماً في الحقيقة بأن لا يعرف أحد أوله ، إلا أن المنفي هنا هو الحكم بإبقائه فيكون المعنى (الضرر لا يحكم ببقائه استناداً لقدمه).

    وهذه القاعدة بمنزلة القيد أو الاستثناء للتي قبلها (القديم يترك على قدمه)؛ لأن القدم إنما اعتبر لغلبة الظن بأنه ما وضع إلا بوجه شرعي، فإذا كان مضراً ففي ذلك دلالة على أنه لم يوضع بوجه شرعي.  .

    ولا بد من ضبط الضرر المراد بهذه القاعدة، والضابط هو القول بأن كل ضرر يباح التنازل عنه والإذن به من المتضرر يحكم ببقائه إذا كان قديماً كالأضرار التي تصيب حقوقاً خاصة للإنسان، وما لا يباح بالتراضي والإذن من الأضرار كالتي تمس بالجماعة أو بحقوق الله، فإنها لا تباح بالإذن ولا يعتد بقدمها، ولكن تُمنع مطلقاً قديمة كانت أم حادثة .

    وهذا في الضرر الفاحش، أما غير الفاحش فيُراعى قدمه ويُعتبر لأنه يمكن أن يكون مستحقاً بوجه من الوجوه الشرعية وهذا التعليل يشعر بأن القديم الذي يُراعى قدمه هو الذي يمكن أن يُستحق بوجه شرعي.

    ولهذا قالوا : (لا عبرة للقديم المخالف للشرع القويم).

  • شرح القاعدة الفقهية:القديم يترك على قدمه – مع أمثلة تطبيقية

    شرح القاعدة الفقهية:القديم يترك على قدمه – مع أمثلة تطبيقية

    القديم يترك على قدمه

    القديم يترك على قدمه

    القديم  هنا : هو الذي لايوجد من الأحياء من يعرف أوله،

    ومعنى هذه القاعدة: أن ما كان قديماً في أيدي الناس من حقوق مشروعة في أصلها وعينات وغيرها يعتبر ثابتاً بدليل شرعي حكماً ولا يحكم بعدم شرعيته إلا إذا قام دليل على ذلك، وذلك لحسن الظن بالمسلمين ولغلبة الظن بأنه ما وضع بأيديهم إلا بوجه شرعي.

    وهذه القاعدة قريبة من قاعدة (الأصل بقاء ما كان على ما كان)، إلا أنها أخص منها، فتلك تشمل القديم والحادث، وهذه تختص بالقديم،

    وفي معناها قاعدة أخرى وردت على لسان أبي يوسف في كتاب الخراج وهي : (ليس للإمام أن يخرج شيئاً من يد أحد إلا بحق ثابت معروف).

    وهذه القاعدة جاءت في المادة ١٢٢٤ من المجلة وغيرها كالتالي:

    (القديم يترك على قدمه ما لم يقم الدليل على خلافه) 

    والقديم المخالف للشرع لا يترك على قدمه مهما تقادم عهده، لأن الضرر لا يكون قديماً .

    أما التصرف القديم فلا يشترط في اعتباره أن يكون مايتصرف به  قائماً في يد المتصرف إلى حين الخصومة، بل يكفي أن يثبت المدعي وجوده في يده قبل الخصومة، لأن اليد الحادثة لا عبرة بها بل العبرة لليد الحقيقية. واختلف الإفتاء في اعتبار التصرف القديم في الحقوق، فأفتى خير الدين الرملي بما يفيد عدم اعتباره واستشهد له ابن عابدين من أن الوقف إذا كان على قرابة وادعى رجل أنه من القرابة وأقام بينة شهدت أن الواقف كان يعطيه كل سنة مع القرابة، فلا يستحق بهذه القرابة شيئاً، وكذا لو شهدوا بإعطاء القاضي له مع القرابة كل سنة لا يكون إعطاء القاضي حجة .

    إلا أن كتب المذهب ناطقة باعتباره، وقد صرح أهل الفتوى في المذهب بأن اعتباره هو استحسان.

    من فروع هذه القاعدة:

    لو ادعى أحد الخصمين الحدوث، وادعى الآخر القدم، فالقول قول من يدعي القدم، والبينة بينة من يدعي الحدوث. ولو ادعى أحدهما الحدوث وادعى الآخر مرور الزمن، يكلف مدعي الحدوث البينة، فلو ثبت الحدوث لا تسمع دعوى مرور الزمن؛ كأن مدعي القدم يدعي مضي مدة على الأمر المتنازع هي أضعاف مدة مرور الزمن، لأن القديم ما لا يوجد من يعرف أوله، وهذا لا يكون غالباً إلا بعد مضي أكثر من ثمانين أو تسعين سنة، فكأنه بدعوى القدم يدعي مروراً للزمن مضاعفاً، فلم يجعلوا لمدعي مرور الزمن غير كون القول قوله فقط والبينة بينة مدعي الحدوث بلا استثناء . .

    تنبيه : إن الادعاء بمرور الزمن هو ادعاء بعدم صلاحية الحاكم لرؤية الدعوى، وهي منازعة للحاكم قبل الدخول بالدعوى، أما الادعاء بالقدم فإن المدعي يطلب إبقاء ما كان على ما كان، وقد اختار جهة للدخول بالدعوى وذلك منه تسليم بصلاحية الحاكم لسماع الدعوى.

  • شرح القاعدة الفقهية:الأصل بقاء ما كان على ما كان مع أمثلة

    شرح القاعدة الفقهية:الأصل بقاء ما كان على ما كان مع أمثلة

     الأصل بقاء ما كان على ما كان

     الأصل بقاء ما كان على ما كان

    هذه القاعدة من فروع قاعدة ( اليقين لا يزول بالشك)، وتتمتها : حتى يقوم الدليل على خلافه، ومعنى هذه القاعدة أنه إذا جهل في وقت الخصومة حال الشيء وليس هناك دليل للحكم بمقتضاه، وكان لذلك الشيء حال سابق معهود، فإن الأصل أن نحكم ببقائه واستمراره على تلك الحال التي كان عليها حتى يقوم الدليل على خلافه  .

    والاستصحاب بقسميه: استصحاب الماضي بالحال، واستصحاب الحال بالماضي، حجة تُدفع به دعوى الغير ولا يلزمهم بشيء ولا يُثبت حقاً.

    والبينات أربع : البرهان، والإقرار، والنكول، والأمارة الظاهرة التي تعرف بتحكيم الحال .

    من فروع هذه القاعدة:

    – لو ادعت امتداد الطهر وعدم انقضاء العدة صدقت بيمينها ولها نفقة العدة؛ لأن الأصل بقاء العدة ،بعد، وجودها.

    – لو اختلف الزوجان بعد انقضاء العدة في الرجعة فيها فالقول لها لأن الأصل عدمها، ولو كانت العدة قائمة فالقول قوله لأنه يملك الإنشاء فيمتلك الإخبار. .

    -لو اختلف الزوجان في التمكين من الوطء فالقول لمنكره لأن الأصل عدمه. .

    ولدت وطلقها فقال : طلقت بعد الولادة فلي رجعة وقالت قبلها فلا رجعة، وإن لم يعيّنا وقتاً للولادة ولا للطلاق فالقول قوله، لأن الأصل بقاء سلطة النكاح.  .

    ومن فروعها:

    -لو مات نصراني فجاءت امرأته مسلمة وقالت : أسلمت بعد موته فلي الميراث، وقال الورثة : أسلمت قبل موته فلا ميراث لها، فالقول للورثة ؛ لأن كلاً من الطرفين متمسك بنوع من الاستصحاب، فالمرأة تتمسك بالاستصحاب الحقيقي إلا أن هذا الاستصحاب لا يكفي لاستحقاق الإرث، والورثة يتمسكون بالاستصحاب المعكوس، وهذا استصحاب يكفي لدفع مشاركتها لهم بالإرث.

    ونفس المسألة فيما لو مات مسلم وزوجته نصرانية، فجاءت بعد موته مسلمة وطالبت بالميراث، فالقول للورثة لأن الاستصحاب الحقيقي يدفع مشاركتها الإرث ولا عبرة بالاستصحاب المعكوس لأنه لا يصلح للاستحقاق.

    ومن هنا قال الإمام الكرخي: (الأصل أن الـظـاهـر يـدفـع بالاستحقاق ولا يوجب استحقاقاً).  .

    ومنها: لو كان للابن الغائب مال عند أبيه فأنفق الأب منه على نفسه ثم اختلفا، فقال الابن للأب : إنك أنفقت على نفسك منه وأنت موسر، وقال الأب : أنفقت وأنا معسر ولا بينة لأحدهما، فإنه يحكم بالحال، فلو كان الأب حال الخصومة معسراً فالقول له، ولو كان موسراً فالقول لابنه، ولو قدم كل منهما البينة تقدم بينة الابن؛ لأن قيام صفة اليسار حين الخصومة أمارة ظاهرة في تأييد كلام مدعيه، والأصل اعتبار الصفة الأصلية في الإنسان وهي الإعسار إلا أن هذا الأصل لم يعتبر لقيام الدليل على خلافه وهو قيام صفة اليسار حين الخصومة فتكون أمارة ظاهرة في طرح ذلك الأصل.

    . واستشكل البعض أن تحكيم الحال من قبيل العمل بالظاهر، والظاهر يصلح حجة للدفع لا لاستحقاق، ففي حال كان الأب معسراً حين الخصومة فكيف يجعل الأب بظاهر إعساره بريء الذمة من إتلاف مال ابنه من نفقة نفسه وقد ثبت إتلافه له يقيناً؟

    فينبغي أن يقيم بينة على إعساره ولا يكفي ظاهر حاله! والجواب فإن الأخذ مع اليسار هو الذي يوجب الضمان نصاً لا مطلق الأخذ، والمتيقن هو الأخذ لا اليسار فلم يثبت سبب الضمان فالظاهر ينفي الاستحقاق.

    ويستثنى من هذه القاعدة : لو ادعت امرأة مضيّ في مدة تحتمل ودون الفترة المعتادة منها، صدقت بيمينها ؛ لأن مضي العدة لا تعلم إلا منها مع أن الأصل بقاء العدة بعد وجودها فقبل قولها فيه ضرورة

  • شرح القاعدة الفقهية : اليقين لا يزول بالشك مع أمثلة تطبيقية

    شرح القاعدة الفقهية : اليقين لا يزول بالشك مع أمثلة تطبيقية

    اليقين لا يزول بالشك

    اليقين لا يزول بالشك

    اليقين عند الأصوليين هو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع الثابت،

    وفي اللغة: هو العلم الذي لا تردد معه، وهو في أصل اللغة الاستقرار،  يقال: يقن الماء في الحوض إذا استقر فيه ،

    والفرق بين اليقين والاعتقاد : أن اليقين هو جزم القلب مع الاستناد إلى دليل قطعي، والاعتقاد هو جزم القلب من غير استناد إلى دليل قطعي .

    أما الشك فهو الوقوف بين شيئين بحيث لا يميل القلب إلى أحدهما  .

    ومن إيضاحات الشك واليقين يُفهم أنه لا يوجد الشك في شيء عند وجود اليقين، ولا اليقين حين يوجد الشك، فإنهما نقيضان ولا يجوز اجتماع النقيضين، وقد اعترض البعض على وضع هذه المادة إذ لا موجب لوضعها، ولكن القصد هنا بالشك هو الشك الطارئ بعد حصول اليقين في الأمر، فلا محل للاعتراض. وجملة القول : أن اليقين السابق لا يزول بالشك الطارئ ولا يزول إلا بيقين مثله.

    هذه القاعدة تدخل في جميع أبواب الفقه، والمسائل المخرجة عليها تكاد تبلغ ثلاثة أرباع الفقه  ، ودليلها ما جاء في الصحيحين، أن رجلاً شكى إلى النبي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال عليه والصلاة والسلام: «لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً»

    ومن فروعها : لو أقرّ رجل وقال : لفلان بذمتي مبلغ كذا فيما أظن، فلا يعد ذلك إقراراً بالدين، لأن الأصل براءة الذمة وهو متيقن فلا يزول بالشك .

    ومنها : لو سافر رجل إلى بلاد بعيدة فانقطعت أخباره مدة طويلة، فانقطاع أخباره يجعل شكاً في حياته إلا أن ذلك الشك لا يزيل اليقين وهو حياته المتيقنة قبلاً، وعلى ذلك لا يجوز الحكم بموته، وليس لورثته اقتسام التركة ما لم يثبت موته يقيناً، بخلاف ما إذا كان بسفينة وثبت غرقها فيحكم بموت الرجل لأن موته ظن غالب والظن الغالب بمنزلة اليقين.

    تنبيه: إن وجود الشك قد يمنع حصول ما يزيله بعد وجوده، فلو برهن المدعى عليه بعد الحكم أن المدعي أقر قبل الدعوى إنه لا حق له في المدعى به، فلا يبطل الحكم لجواز أن يكون لا حق له قبل الدعوى ثم حصل له حق فادعاه، فلا يبطل الحكم ويبقى الشك قائماً، ولو برهن على ذلك قبل الحكم لا يحكم؛ لأن الشك يدفع الحكم ولا يرفعه وإمكان التوفيق بين الحكم والبرهان اللاحق به ليس من بناء المسألة، وإنما هو توجيه وتعليل لعدم بطلان الحكم بخلاف ما كان قبل وقوع الحكم فإنه دفع له عن الوقوع، والدفع أسهل من الرفع، وهذا بما يمكن تكراره وتجدده من الأسباب،

    أما ما لا يمكن تجدده الأسباب فإنه لا يمكن فيه هذا التأويل فلو ادعت امرأة بفرار زوجها المتوفى من إرثها وحكم لها، ثم برهن الورثة بأن زوجها كان أبانها بطلبها أو أنه أبانها في صحته، فالظاهر أنه يبطل الحكم إمكان تجدد سبب الإرث بعد وفاته.

    ولو ادعى رجل متاعاً أنها له وأقام البينة وقضى القاضي له، ولم يقبضه حتى أقام المدعى عليه المحكوم عليه البينة بأن المدعي أقرّ عند غير القاضي أنه لا حق له فيه فلو شهد الشهود أنه أقرّ بذلك قبل القضاء بطل القضاء، وإن شهدوا أنه أقر به بعد القضاء بقوله (لا حق لي فيه) لا يبطل القضاء لأن قوله يتناول الحال فقط وليس من ضرورة انتفاء الحق في الحال انتفاؤه في الماضي، وإن شهدوا بعد القضاء بقوله (لم يكن لي فيه حق )فإن القضاء يبطل لأن قوله يتناول الماضي.  .

    ومن المسائل التي لا بد فيها من اليقين ولا يعتبر فيها الظن، لو طلق واحدة معينة من نسائه ثم نسيها، فإنه لا يجوز له أن يطأ واحدة منهن إلا بعد العلم بالمطلقة ولا يسع الحاكم أن يخلّي بينه وبين نسائه حتى يتبين؛ لأن التحري إنما يجوز فيما يباح عند الضرورة والفروج لا تحلّ للضرورة.

    ومنها: الحمل فإنهم لم يعتبروا ظهور علاماته دليلاً جازماً على وجود الحمل ولم يبنوا عليه الأحكام الجازمة، فلو أوصى إنسان للحمل بشيء أو أوقف، لا تصح الوصية له أو الوقف عليه إلا إذا ولد لأقل من ستة أشهر من وقت الوصية أو الوقف لكي يتيقن بوجوده وقتهما ؛ نعم إنهم جعلوا ظهور علامات الحبل أمارة رجحوا بها قول المرأة أنها ولدت عند إنكار الزوج للولادة وأوقفوا بها الميراث للحمل، إلا أن الأمارة هذه لا تعتبر موجباً لصحة الوصية والوقف لجواز أن هذا الحمل أسقط ثم حصل بعد الوصية أو الوقف حمل جديد.

  • شرح القاعدة الفقهية :  الضرر يدفع بقدر الإمكان – مع أمثلة

    شرح القاعدة الفقهية :  الضرر يدفع بقدر الإمكان – مع أمثلة

    محامي عربي

     الضرر يدفع بقدر الإمكان

    هذه القاعدة توجب العمل على منع وقوع الضرر قبل أن يقع وقاية منه، وتشترط أن يدفع الضرر بأقل ضرر ممكن، فما كان من الضرر يدفع بقليل لا يجوز دفعه بكثير أخذاً بمبدأ ضرورية الدفع، هذا ما لم يترتب على دفع الضرر ضرر أكبر منه وإلا لم يجز رفعه للضرر الأكبر تطبيقاً لقاعدة : إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما ضرراً.

    من تطبيقات هذه القاعدة :

    يحق للقاضي منع المدين من السفر بناءً على طلب الدائن منعاً للضرر الذي قد يلحق بهذا الدائن.

    ومنها: مشروعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك رفعاً لضرر المنكر وعمومه وانتشاره، وقد وضع الفقهاء لذلك درجات خمساً هي:

    ١ – البيان والتوضيح والتعريف بالمنكر .

    2- النصح والإرشاد.

    ٣ ـ التعنيف والتوبيخ والتقريع باللسان .

    ٤ – التغيير باليد .

    ه ـ التهديد بالضرب أو القتل.

    ٦ – الضرب أو القتل فعلاً .

    فلا يجوز لمن أراد أن ينكر المنكر أن يرتقي درجة مع غناء درجة دونها عنها، فإذا تخطى ذلك كان تعدّياً ؛ لأن الأمر بالمعروف يجب أن يكون بقدر الحاجة وقدر الإمكان.

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1