التصنيف: أصول المحاكمات المدنية

قانون أصول المحاكمات المدنية السوري

  • الغياب عن الحضور أمام المحاكم في قانون أصول المحاكمات المدنية

    الغياب عن الحضور أمام المحاكم في قانون أصول المحاكمات المدنية

    الغياب عن الحضور أمام المحاكم في قانون أصول المحاكمات المدنية

    يترتب على التخلف عن حضور جلسة أو جلسات المحاكمة بعد التبليغ أصولاً اعتبار الشخص المعني سواء كان مدعية، أم مدعى عليه غائبة، وتتم محاكمته بالصورة الوجاهية أو بمثابة الوجاهي، ويستدعي هذا بیان متى يعد الخصم غائبة، وما هي الحالات المفترضة للغياب، و تحديد الآثار القانونية المترتبة على ذلك وفق الآتي:

    أولا- متى بعد الخصم غائباً

    لا يجوز تثبيت التخلف بحق أحد من الخصوم عن الحضور وعده غائبة إلا بعد انقضاء ساعة على الميعاد المعين للمحاكمة، كما أنه على المحكمة قبل عد الخصم غائبة أن تدقق فيما إذا كانت له معذرة مقبولة تمنعه من الحضور، وإذا قبلت المحكمة المعذرة عليها أن تقرر تأجيل الجلسة، ويعد الخصم الذي قبلت معذرته مبلغة الميعاد الجديد للجلسة حكمة وبقوة القانون دون الحاجة إلى تبليغ جديد أو إخطار،

     كما أنها لا يتم تثبيت غياب الخصم لمجرد عدم حضوره في الساعة المحددة للمحاكمة، بل عليها أن تنادي عليه في الساعة المذكورة، وأن تنتظر ساعة على انقضاء الميعاد المذكور، وأن تقوم بالنداء عليه ثانية بعد انقضاء تلك الساعة، ولا يكتفي بالنداء على الوكيل إذا كان له وكيل يمثله في الدعوى، بل عليها النداء على الخصم بالذات، وإن عدم تحديد ساعة للحضور يلزم المحكمة أن تبقي الدعوى مفتوحة حتى نهاية الدوام، وإذا تم تثبيت غياب أحد الخصوم في الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى بصورة غير قانونية، فإن حضوره أمام محكمة الدرجة الثانية من شأنه أن يغطي هذا الخلل بالإجراء، الأمر الذي لا يترك مجالا للتمسك بأي بطلان قد ينجم عن العيب الإجرائي.

    أما إذا كان سبب الغياب يعود إلى تنسيب الدعوى لأي سبب كان سواء لعدم اكتمال الهيئة الحاكمة، أو لمصادفة ميعاد الجلسة يوم عطلة رسمية أو غير رسمية فعندئذ يتعين الإعلان عن الميعاد الجديد في لوحة إعلانات المحكمة في اليوم التالي لتنسيب الدعوى ويعد ذلك الإعلان تبليغة لمن كان حاضراً من الخصوم قبل التنسيب دون الحاجة إلى أي إجراء أخر، وإذ لم يحضر في ميعاد الجلسة الجديد بعد انتظاره الساعة القانونية عد غائبة وتتم محاكمته بمثابة الوجاهي.

    ثانيا- فرضيات حالات الغياب:

    فعند حضور الخصوم في الجلسة المحددة للمحاكم أن تدون أسماؤهم على ضبط أو محضر الجلسة، كما عليها أن تبين ما إذا كانت المحاكمة وجاهية أم بمثابة الوجاهي، إلا أن الحضور لا يتم دائما وفقا لما هو مقرر وتتحقق الوجاهية المطلوبة، بل نجد عدة حالات من عدم الحضور تستلزم كل منها حكماً معيناً نبينها في الآتي:

    1- حضر المدعي وحضر المدعى عليه:

    إذا حضر المدعي أو من يمثله قانونا، وكذلك حضر المدعى عليه أو من يمثله قانون انعقدت الخصومة في الدعوى وغدت المحاكمة وجاهية بحق الطرفين، ولو تغيب أي منهما بعد ذلك، وتشرع أو تبدأ المحكمة في المحاكمة العلنية في قاعتها المخصصة لها.

    2- حضر المدعي ولم يحضر المدعى عليه:

    تدقق المحكمة في سند تبليغ المدعى عليه، فإذا ثبت لها صحة التبليغ وأن التبليغ قد تم إلى المخاطب به بالذات، ولم يحضر رغم انتظاره الساعة القانونية والنداء عليه بعدها، تثبت غيابه وتشرع بالمحاكمة بحقه بمثابة الوجاهي لأن المحاكمة لا تكون إلا وجاهية أو بمثابة الوجاهي لعدم وجود نظام الأحكام الغيابية في المسائل المدنية، وما في حكمها.

    أما إذ لم يكن التبليغ قد تم إلى المخاطب بالذات يتعين على المحكمة أن توجه إليه إخطاراً يتضمن عبارة أنه إذا لم يحضر أو يحضر من يمثله قانونا فإن الحكم سيصدر بمثابة الوجاهي بحقه وتؤجل المحاكمة إلى جلسة تحددها في ميعاد لاحق.

    3- حضر المدعى عليه ولم يحضر المدعي:

    إذا حضر المدعى عليه، ولم يحضر المدعي، يكون للمدعى عليه الخيار بين طلب شطب الدعوى أو السير فيها، وإذا طلب المدعى عليه السير في الدعوى، وجب إخطار المدعي أنه إذا لم يحضر أو لم يرسل من يمتله قانوناً فإن الحكم سيصدر بحقه بمثابة الوجاهي،

    ولا يجوز للمدعى عليه طلب السير في الدعوى إلا إذا كان له مصلحة، وتكون المصلحة محققة إذا لم يطلب الحكم لخصمه بطلباته، ولا تكون هذه المصلحة قائمة إذا طلب الحكم لخصمه بطلباته.

    4- لم يحضر المدعي ولا المدعى عليه:

    إذا لم يحضر المدعي ولا المدعى عليه في الجلسة الأولى للمحاكمة، أو في أية جلسة لاحقة تحكم المحكمة بشطب الدعوى، ولا يجوز لها أن تحكم في الموضوع ولو كانت مهيأة للحكم فيه، لأن العدالة المدنية لا تتحرك من تلقاء نفسها، بل تحتاج إلى متابعة من أصحاب المصلحة.

    كما يوجد رأي يقول بوجوب التفرقة بين ما إذا كانت الدعوى صالحة للحكم في الموضوع أم غير صالحة، والدعوى تكون صالحة للحكم في الموضوع إذا تمكن الخصوم من إبداء دفوعهم وبيان مستنداتهم، والعبرة في التمكين وليس بالممارسة الفعلية، ويكفي هنا جواب المدعى عليه على الدعوى في حالة تبادل اللوائح، والمحكمة هي التي تقدر الصلاحية، ولا ضرورة لرد المدعي، لأنه لا يتصور أن تكون الدعوى صالحة للحكم من الجلسة الأولى إلا في الدعاوى التي تخضع لتبادل اللوائح، فعندئذ يمكن للمحكمة أن تفصل الدعوى وتصدر حكمها ولو في غياب الطرفين، بخلاف ما ذهبت إليه محكمة النقض السورية.

    5- حضر بعض المدعين وتخلف بعضهم:

    إذا تعدد المدعون وتخلف بعضهم عن حضور الجلسة وجب على المحكمة تأجيل القضية التبليغ المتخلفين إذا لم يتم تبليغهم بالذات عند قيد الدعوى شخصية، أو بواسطة وكيلهم، وإذا ثبت سبق تبلغهم، وكان بالإمكان تجزئة النزاع، قررت المحكمة شطب ادعائهم وعده كأنه لم يكن إلا إذا طلب المدعى عليه الحكم بالموضوع ورفض الدعوى، عندئذ يتعين إخطارهم بأن الحكم سيصدر بحقهم بمثابة الوجاهي إذا لم يحضروا، أو لم يحضر من يمثلهم قانونأ، أما إذا كان النزاع غير قابل للتجزئة، تقوم المحكمة بتثبيت غياب من لم يحضر وتتم المحاكمة بمثابة الوجاهي بحقهم.

    6- حضر بعض المدعى عليهم وتخلف بعضهم الآخر:

    إذا تعدد المدعى عليهم وحضر بعضهم أجلت المحكمة القضية إلى جلسة ثانية وأبلغ من لم يحضر میعادها إذا لم يثبت تبليغهم الميعاد أصولاً، أما إذا كان قد سبق تبليغهم بالميعاد، يتم تثبيت غياب من لم يحضر وتبدأ المحاكمة بمواجهة من حضر وبمثابة الوجاهي من تغيب.

    ثالثاً- آثار الغياب عن الحضور:

    تترتب آثار هامة على اعتبار الخصم غائبة، منها ما يتعلق بإجراءات المحاكمة أو الخصومة، ومنها ما يتعلق بالدعوى ذاتها، وأخرى تتعلق تعلق بالإثبات. لذلك سنعرض تلك الآثار وفق الآتي:

    1- آثار الغياب على إجراءات المحاكمة :

     تبدأ الخصومة بقيد الدعوى، وتصبح صالحة للانعقاد أو للمواجهة بالتبليغ وتباشر بالحضور أمام المحكمة في جلسة المحاكمة، ويترتب على عدم الحضور للمواجهة في موعد الجلسة رغم التبليغ الأصولي اعتبار الخصم المعني غائباً، وهذه يفقده حقوق الدفاع التي يمكن أن يبديها بمواجهة خصمه لاسيما في الدعاوى البسيطة غير الخاضعة لتبادل اللوائح، أو إذا لم يرد على الدعوى عندما تكون خاضعة له، ويفقد الفرصة في الرد عند انعقاد الخصومة. كما تترتب على الغياب النتائج الآتية:

    أ- اعتبار المحاكمة بمثابة الوجاهی، حيث يترتب على تثبيت غياب الخصم متابعة إجراءات الخصومة كما لو كان حاضر جلسات المحاكمة دون أن تكون المحكمة ملزمة بتبليغه إجراءات المحاكمة مع إهمال جميع حقوق الدفاع لأنه قصر بحق نفسه والمقصر أولى بالخسارة.

    ب . تصبح المحكمة غير ملزمة بالنداء على الخصم الجاري تثبيت غيابه بشكل أصولى بتاريخ سابق للجلسة الجاري النظر فيها بالدعوى والجارية بحضور خصومهم الذين لم يسبق تثبيت غيابهم قبلاً، ولكن بعد حضور المدعى عليه جلسات المحاكمة، إذا صدف موعد إحدى الجلسات يوم عطلة رسمية فعلى المحكمة تبليغه موعد الجلسة التالية ولكن لا يتوجب عليها إخطاره ثانية لعدم النص، فإذا لم يحضر اعتبرت المحاكمة بحقه بمثابة الوجاهي، كما يجب إخطاره بكافة الطلبات الجديدة التي تقدم في غيابه.

     . عدم حضور الشخص أية جلسة من جلسات المحاكمة أمام محكمة الدرجة الأولى يوجب عدم سماع دعواه المتقابلة أمام محكمة الاستئناف.

    2- آثار الغياب على الدعوى ذاتها (شطب الدعوى) :

    يترتب على تثبيت غياب المدعي في أي جلسة من جلسات المحاكمة سواء كان مدعية أصلية أم مدعية بالتقابل نشوء حق للخصم المدعى عليه بطلب شطب الدعوى، وشطب الدعوى هو إبطال الاستدعائها وزوال كل ما ترتب عليها، من حجوز أو إشارات، دون أن يؤثر على الإجراءات التي تمت صحيحة قبل الشطب، كما أن الشطب لا يسقط الادعاء أوتجديده مرة أخرى كمان أنه لا يؤثر على الحق مضمون الدعوى المشطوبة، ولا يحق للمدعي طلب شطب دعواه بعد حضور المدعى عليه إلا بموافقة هذا الأخير، وإن الشطب يكون غير صحيح ومخالف للقانون إذا حالت موانع قانونية من الحضور كالوفاة مثلا، لهذا، فإن القرار أو الحكم الصادر بشطب الدعوى لا يقبل أي طريق من طرق الطعن إلا لخطأ في تطبيق القانون.

    3- آثار الغياب على الإثبات في الدعوى:

    يعد الغياب عن حضور جلسات المحاكم على الرغم من التبليغ الأصولي قرينة قانونية جوازية المصلحة المدعي من القاضي من الفصل في الدعوى وفق الطلبات الواردة فيه، إذ يمكن أن تتخذ المحكمة من غيابة وسيلة لإجازة المدعي بإثبات دعواه بغير الطرق القانونية المحددة للإثبات، كما لو كان الالتزام مدنية وتزيد فيه القيمة عن ألف ليرة سورية، ويحتاج إثباته إلى دليل كتابي أو ما يقوم مقامه، فمع الغياب يستطيع القاضي أن يجيز الإثبات بالبينة الشخصية، إلا أن تخلف أحد المدعى عليهم وحضور الأخرين لا يسوع الإثبات بالبينة الشخصية،

    كما لا يجوز للمحكمة بعد أن تكلف المدعي لإثبات دعواه أن تستند في الحكم على المدعى عليه على قرينة تخلفه عن الحضور، لأنها تكون قد تنازلت عن الأخذ بهذه القرينة وأسقطتها، كما لا يصح اعتماد قرينة التخلف مسوغاً للحكم على المدعى عليه إذا حضر وأنكر الدعوى ثم تغيب بعد ذلك، وذهبت محكمة النقض السورية إلى القول أنه في قضايا الإخلاء لا يجوز اعتبار غياب المدعى عليه مسوغا للحكم عليه، وإذا كان لوكيل المدعى عليه معذرة صادرة عن نقابة المحامين،

    فلا يجوز تثبيت غيابه والحكم عليه بقرينة التخلف، كما أن قرينة الغياب لا تصلح مستندة للحكم على المؤسسات العامة والدوائر الرسمية، لأن إقرار هذه الدوائر غير كاف للحكم بما يدعى به عليها من حقوق بل يتعين إثبات الدعوى وفق القواعد العامة في الإثبات، وإن غياب المدعى عليه يعد قرينة على إقراره بما هو معلوم منه على المدعى به، ولكن لا يعد إقرارا بما ليس معلومة ويقتضي جلاءه بالخبرة، كتحديد الضرر ومداه.

  • الحضور أمام المحاكم في قانون أصول المحاكمات المدنية

    الحضور أمام المحاكم في قانون أصول المحاكمات المدنية

    الحضور أمام المحاكم في قانون أصول المحاكمات المدنية

    تمهيد وتقسيم:
    يقتضي الفصل في الخصومات الحضور والمواجهة أمام المحاكم، وتحويل الحقائق المادية أو الواقعية إلى حقائق قضائية قبل إصدار الأحكام من قبل القاضي الذي ينظر في ادعاءات الخصوم وحججهم من خلال ما يتم تقديمه من قبلهم عملا بمبدأ حياد القاضي في صنع الأدلة، وإن كان هذا لا يمنعه من توجيه إجراءات الخصومة بحيث تؤدي إلى الغاية من رفع الدعوى وهي الوصول إلى الحقيقة، إلا أن مسألة الحضور أمام المحاكم ليس عملا عشوائية، بل هو عمل قانوني منظم ينطوي تحت مفهوم إجراءات الخصومة والفصل في. فلذلك، يحتاج الأمر إلى توضيح وبيان بعض التحديدات مثل الحضور والغياب وبيان إجراءات الخصومة أمام المحكمة، وإدارة تلك الخصومة من خلال الجلسات العلنية للمحاكمة لأن ذلك يدخل في مفهوم أقنية العدالة وإجراءاتها الشكلية التي رسمها القانون وصولا إلى إحقاق الحق وإقامة العدل في الدولة.
    لذلك سوف نعرض هذا الفصل في البحثين الآتيين:هما الحضور والغياب أمام المحاكم

    أولاً : الحضور أمام المحاكم

    يبلغ الخصوم بالميعاد المحدد لجلسة المحاكمة في الدعوى المرفوعة أمام القضاء وفق الإجراءات والأصول المحددة لذلك، بهدف عدم مفاجأة المدعى عليه بالدعوى المرفوعة عليه، وقد أوجب القانون أن يسبق التاريخ المحدد للجلسة فترة كافية يستطيع المدعى عليه خلالها مراجعة خصمه لإنهاء النزاع ودياً، أو لتمكينه من إعداد دفاعه وتجهيز مستنداته، أو الاتصال بمحاميه لتكليفه بمتابعة الدعوى،
    كما أنه لم يهدف من الحضور مجرد مراجعة عادية لدائرة من دوائر الدولة، بل أراد من ذلك تمكين الخصم من الدفاع عن نفسه، ولهذا لم يجعل الحضور من عدمه سواء، بل رتب آثارة قانونية على الغياب. لهذا، فإن الحضور والغياب يستلزم بیان مواعيد الحضور، وتحديد مفهوم الحضور وأهميته، ومن ثم تحديد معنى الغياب وأثاره في المطالب الأتية:

    میعاد الحضور أمام المحاكم

    يقصد بالميعاد لغة الوقت لأمر ما ، والمواعيد بالمعنى الاصطلاحي هي أجال أو أوقات أو فترات زمنية لمباشرة إجراء مقترن بها، أو مهلة زمنية بين لحظتين يحددها القانون للقيام بإجراء قضائي،
    أو هو الحد الأدنى للمدة التي يجب انقضاءها بين وقت التبليغ وموعد الجلسة المحدد للنظر في الدعوى من قبل القاضي، والتي يجب أن لا تقل عن مدة معينة، لتمكين المدعى عليه من اتخاذ ما يلزم من أجل إعداد الدفاع قبل أن يحضر أمام المحكمة،
    لأن المشرع أراد من تحديد المواعيد المباشرة الإجراءات القضائية هو أن لا تترك تلك المسألة دون قيد زمني فتطول الخصومات أمام المحاكم، وهي تحقق مصلحة الخصوم من جهة باستقرار مراكزهم القانونية في وقت مقبول، وتؤدي إلى حسن سير العدالة بعدم التراخي في إجراءات التقاضي حتى لا تشغل في خصومات راكدة تعطلها،
    وبالتالي فإن المشرع نظم هذه المسألة بحيث لا تكون بالغة القصر تؤدي إلى عدم التروي في فصل الخصومات وتؤدي إلى نتيجة عكسية، ولا هي متراخية طويلة تؤدي إلى المماطلة والتسويف في أروقة العدالة فتموت الحقوق وأصحابها قبل أن يفصل القضاء في الخصومات،

    وتختلف المواعيد الإجرائية عن ميعاد التقادم، حيث أن المواعيد الإجرائية أو الأصولية تتصل بالخصومة القضائية وجود وسببة، وينظمها قانون أصول المحاكمات، أما مواعيد التقادم فتتصل بالحقوق الموضوعية وينظمها القانون الموضوعي، وللمواعيد في قانون الأصول استخدامات متعددة، وهي أنواع، ولها حسابات، ويمكن أن تمتد.

    لذلك سوف نوضح هذه المصطلحات وفق الآتي:

    أولا – أنواع المواعيد :

    يمكن أن تكون المواعيد حتمية، وتكون كذلك عندما يتعين على الخصوم التقيد بمباشرة الإجراء خلالها تحت طائلة سقوط الحق به، ويترتب على مخالفتها البطلان المطلق لأنها من النظام العام، وعلى المحكمة أن تلتزم بها وبالتالي يمكن التمسك بها في أية مرحلة كانت عليها الدعوى حتى لو كان ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، مثل ميعاد رفع الطعن بالأحكام، وميعاد رفع دعاوى الحيازة،
    كما يمكن أن تكون مواعيد تنظيمية، لا يترتب على مخالفتها البطلان أو سقوط الحق بمباشرة الإجراء، ومنها مواعيد تبادل اللوائح، ومواعيد الحضور أمام المحاكم، وإن كان المشرع قد حدد هذه المواعيد، ونص على الجزاء المترتب على مخالفة بعضها، ولم ينص على الجزاء عند مخالفة البعض الأخر مثل عدم التقيد بمواعيد تبادل اللوائح. لهذا، يعد ميعاد الحضور أمام المحاكم من حيث المبدأ موعد تنظيمية،
    وقد حدده المشرع بثلاثة أيام على الأقل أمام محاكم الصلح، ومحاكم البداية، ومحاكم الاستئناف، وأجاز في حال الضرورة إنقاص هذا الميعاد إلى أربع وعشرون ساعة، وحدده في الدعاوى المستعجلة بأربع وعشرين ساعة، وأجاز إنقاصه عند الضرورة إلى ساعة بشرط أن يحصل التبليغ للخصم نفسه، ويعد هذا الميعاد من المواعيد الكاملة.
    إذ أوجب القانون أن يكون الميعاد المذكور الحد الأدني الذي يمضي بين تاريخ التبليغ وتاريخ الجلسة المحددة للنظر في الدعوى. بمعنى أنه ينبغي أن لا تحدد جلسة قبل فوات تلك المدة على الأقل، أي أنه يجب أن تكون مدة الثلاثة أيام كاملة غير منقوصة، وعدم مراعاة تلك المدة يرتب البطلان النسبي الذي يزول بحضور المطلوب تبليغة إلى المحكمة دون أن يخل ذلك بحقه في طلب تأجيل الدعوى لاستكمال الموعد.

    ثانيا – حساب المواعيد:

    يقضي المبدأ القانوني أن تحسب المواعيد المعينة بالشهور والسنة بالتقويم الشمسي ما لم ينص القانون على غير ذلك، وبالتالي إذا عين القانون میعادة للحضور أو الحصول إجراء، وكان الميعاد مقدرة بالأيام أو الشهور أو بالسنين فلا يحسب منه يوم التفهيم أو التبليغ أو حدوث الأمر المعتبر في نظر القانون مجرية للميعاد بل يدخل فيه اليوم الأخير، وعلى هذا، فإن الميعاد المحدد بالأيام للقيام بإجراء من إجراءات الخصومة، أو للحضور أمام المحكمة في موعد الجلسة، فلا يبدأ إلا من اليوم التالي للتبليغ، ولا ينقضي إلا بانقضاء نهاية دوام اليوم الأخير منه، وإذا كان الميعاد مقدرة بالساعات كان حساب الساعة من الساعة التالية للتبليغ، ولا ينقضي بانتهاء الساعة المحددة للحضور ولو في أخر ثانية منها مالم تكن قد انتهت ساعات الدوام الرسمي.

    ثالثا- امتداد المواعيد :

    يقضي المبدأ القانوني أن ميعاد الحضور ليس مقدساً، وينهي حتماً وفقا لما ذكر في الفقرة السابق بل يمتد إذا صادف أخر الميعاد عطلة رسمية إلى أول يوم عمل بعدها، سواء كان الميعاد محددة بالساعات أم الأيام أو السنين.
    كما يمتد الميعاد بإضافة مهلة سفر أو مسافة لمن كان موطنه ضمن الجمهورية العربية السورية وخارج النطاق المحلي الصلاحية المحلية للمحكمة أو في لبنان، حيث يزاد الميعاد بإضافة سبعة أيام عليه. كذلك يمتد الميعاد بإضافة مهلة مسافة لمن يكون موطنهم في الخارج مقدارها ستون يوماً، ويجوز بأمر رئيس المحكمة تقصير هذا الميعاد تبعا لسهولة المواصلات و ظروف الاستعجال،
    ولا تضاف هذه المهلة لمن تبلغ من هؤلاء في سورية بشخصه أثناء وجوده فيها، وإنما يجوز للمحكمة عند النظر في الدعوى أن تأمر بتمديد الميعاد العادي أو اعتباره ممتدة على أن لا يتجاوز في الحالتين الميعاد الذي كان يستحقه لو بلغ في موطنه بالخارج، ويترتب على عدم مراعاة المواعيد المذكورة أعلاه البطلان النسبي، بمعنى أنه إذا حضرالمدعى عليه ولم يدفع بالعيب الناجم عن عدم مراعاة مواعيد الحضور، فإن الإعلان يكون صحيحة ومنتجة الآثاره، أما إذا تمسك بالعيب، فيمكن أن يعطى مهلة إضافية، ولكن إذا لم يحضر المدعى عليه فعلى القاضي أن يدقق في مراعاة الميعاد بحيث إذا لم يكن تامة قرر إهمال التبليغ واعادته دون نفقات.

    ثانياً : الحضور أمام المحاكم وأهميته

    ترتبط فكرة الحضور أمام المحكمة تاريخية بفكرة المبارزة باعتبارها وسيلة للدفاع عن الحقوق، وقد كانت المبارزة في العصور البدائية جسدية وكان الأقوى هو المنتصر وبانتصاره يضع حداً للنزاع، ومن مقتضی المبارزة حضور الأطراف بأنفسهم لخوض معركة المبارزة،
    وقد انتقلت فكرة الخصومة والحضور والمبارزة الجسدية في نظام العدالة بحلول عدالة الدولة محل عدالة الأفراد إلى الحضور والمبارزة الكلامية واللحن في الحجة لإقناع القاضي بوجهة نظر كل خصم، والانتقال من قيام الخصوم بتطبيق القانون بأنفسهم إلى تطبيقه بواسطة القاضي بمواجهة الطرفين، وإن هذه المواجهة مشرعة أصلاً استناداً إلى حق المساواة أمام القانون، وتمكين كل خصم من الدفاع عن نفسه بذات وسيلة خصمه من جهة، وضماناً لحسن سير العدالة من جهة أخرى لأنه لا يجوز الحكم على شخص من غير سماع دفاعه أو أقواله، وإذا غابت المواجهة غابت العدالة.
    لذلك، فإن الحضور ضد الغياب، وأن الخصومة وفق الشرائع الحديثة لا تنعقد إلا بالحضور المادي أو الحضور الاعتباري، وإن الحضور المادي يكون بشخوص الخصوم بأنفسهم أمام المحكمة، أو بحضور ممثل قانون عنهم،
    أما الحضور الاعتباري فيكون عندما يتم تبليغ الخصوم أصولاً إلا أنه لم يحضر أمام المحكمة، ولم يرسل وكي عنه صالحة لتمثيله في الخصومة، فعندئذ يتعين على العدالة في المسائل المدنية وما في حكمها أن لا تتوقف على مشية الخصم المعني في الدعوى وبالتالي فإن ميزان العدالة ينتصب في غيابه وكأنه حاضرة فيها.
    لذلك نبين الأشخاص الذين يحق لهم الحضور أمام المحاكم، والتوكيل بالخصومة وآثاره، وفق الآتي:
    أولاً- الأشخاص الذين يحق لهم الحضور أمام المحاكم
    يقضي المبدأ العام أنه لا يجوز للمتداعين . من غير المحامين . أن يحضروا أمام المحاكم لنظر الدعوى إلا بواسطة محامين يمثلونهم بمقتضی سند توكيل مصدق من فرع نقابة المحامين الذي تبرز الوكالة في دائرة عمله، ويجب على المحكمة التثبت من هوية المدعى عليه و خاصة إذا كان حضوره إلى المحكمة من تلقاء نفسه ودون أن يكون قد تبلغ مذكرة الدعوة، إلا أنه يستثنى من هذا المبدأ الحالات الآتية:
    1- من تجيز له المحكمة المرافعة بنفسه في دعوى له أو لزوجته أو لأقاربه لغاية الدرجة الثالثة، والأشخاص الذين يجوز لهم المرافعة بأنفسهم القضاة ومحامو الدولة. 2
    – القضايا التي تنظر فيها محاكم الصلح، حيث يحق للخصوم أن يحضروا بأنفسهم، وإذا أرادوا
    توكيل غيرهم بالخصومة فيجب أن يكون من المحامين أو من أقربائهم حتى الدرجة الثالثة الذين يحق لهم المرافعة وفق الفقرة السابقة، ويجب في هذه الحالة إبراز سند توكيل رسمي مصدق من الكاتب بالعدل، ويقبل في هذه الدعاوى في المناطق التي لا يعتمد فيها نقیب المحامين أحدة التصديق الوكالات القضائية، سند التوكيل المصدق من المختار.
    3- القضايا الشرعية عدا دعاوى النسب و الإرث و الوقف، حيث يجوز للخصوم أن يحضروا
    بأنفسهم في هذه الدعاوى، ويجوز لهم فيها توكيل أحد الأشخاص وفق السابق.
    4- إذا لم يبلغ عدد المحامين ثلاثة أساتذة في دائرة المحكمة، يجوز للخصوم أن يحضروا بأنفسهم في جميع الدعاوى أو أحد الأقرباء الذين يجوز لهم المرافعة.
    أما في غير الاستثناءات المشار إليها، فلا يصح حضورهم أمام المحاكم وإذا حضر أحدهم تكلفه المحكمة بتوكيل محام وتعطيه مهلة لذلك، فإن امتنع تنظر الدعوى باعتباره حاضرا ويصدر الحكم بحقه بمثابة الوجاهي، وإذا حضر الموكل مع المحامي أو الوكيل وأثبت ذلك في محضر الجلسة يقوم ذلك مقام التوكيل المصدق عليه، لأنه يجوز أن يعطى التوكيل في الجلسة بتقرير يكون في محضرها يوقع عليه، الموكل أو يختمه بخاتمه أو بصمة إبهامه، ولا يجوز للوكيل أن يحضر جلسة المحاكمة دون علم وكيله، ويعتبر ذلك مخالفة لصحة التمثيل الذي يعتبر من النظام العام،
    وإذا حضر الوكيل وتبين للمحكمة عدم صحة وكالته عن المدعى عليه، فلا يجوز تثبیت تخلف هذا الأخير عن الحضور قبل تبليغه موعد الجلسة لتستدرك حضوره .
    ويجوز للمحامي أن ينيب عنه محامي أخر في الحضور والمرافعة أمام المحاكم في الدعاوى الموكل فيها بموجب كتاب إنابة موقع منه مالم يكون ممنوعة من ذلك في سند التوكيل، وله الحق في الإنابة في دعاويه الشخصية , وينوب المحامي المدرب عن أستاذه في حضور جلسات المحاكمة ولو كانت صفة الأستاذ في الدعوى حارسا قضائيا،
    إلا أنه لا يجوز تبليغ المحامي المناب لأن التبليغ لا ينتج آثاره ولا يجعل مهل الطاعن سارية بحق الوكيل الأصيل، وإذا اعتزل المحامي الوكيل وكالته لا يحق له التغيب عن حضور الجلسات قبل تبليغ الموكل الاعتزال وموعد المحاكمة تحت طائلة إجراء المحاكمة بحق الموكل بمثابة الوجاهي، وتجدر الإشارة إلى أنه على الخصم الذي لا يكون له وكيل في بلد مقر المحكمة أن يتخذ له في أول جلسة يحضرها موطنا فيه.
    ثانياً – التوكيل بالخصومة وآثاره:
    جاء في قانون أصول المحاكمات أنه بمجرد صدور سند التوكيل للوكيل فإن موطن الوكيل هو المعتمد للتبليغ في درجة التقاضي التي صدر التوكيل بشأنها، وأن سند التوكيل يخول الوكيل القيام بكل ما نص عليه سنده مع ضرورة التفويض الخاص في الإقرار بالحق والتنازل عنه، والصلح، والتحكيم، وقبول اليمين وتوجيهها وردها، وترك الخصومة، والتنازل عن الحكم كلياً أو جزئياَ، والتنازل عن أي طريق من طرق الطعن، ورفع الحجز، وترك التأمينات، والطعن بالتزوير، ورد القاضي ومخاصمته، ورد الخبير،
    وكل عمل لا يدخل في باب رفع الدعوى ومتابعتها والدفاع فيها واتخاذ الإجراءات التحفظية، وكل تصرف أو إجراء يقرر القانون أنه يحتاج إلى تفويض خاص،
    وإذا تعدد الوكلاء، جاز لأحدهم الانفراد بالعمل في القضية، ما لم يكن ممنوعة من ذلك سند في التوكيل، وللمحامي اعتزال الوكالة في أي وقت ولا يجوز ذلك في وقت غير ملائم، وبالتالي فلا يصح الاعتزال إلا بعد موافقة المحكمة التي نظر في الدعوى، وبعد تبليغ الموكل عن طريق فرع نقابة المحامين المعني، ويجب أن يراعى دائماً أن المحامي ليس خصمة وليس له صفة في الدعوى سوى تمثيل موكله في الدفاع عنه وفقا لما تقتضيه قواعد مهنة المحاماة، وبالطريقة التي يراها مناسبة، وإن أي نزاع يتعلق بعمل المحامي هو نزاع على سلطته وليس على صفته، وتجدر الإشارة إلى  إن الحضور أمام المحكمة يغطي عدم صحة التبليغ.

  • آثار التبليغ في قانون أصول المحاكمات المدنية

    آثار التبليغ في قانون أصول المحاكمات المدنية

     آثار التبليغ في قانون أصول المحاكمات المدنية

    يعد محضر التبليغ سند رسمية يحوز الحجية بما دون فيه من أفعال ماديه قام بها الموظف في حدود مهمته أو وقعت من ذوي الشأن بحضوره وفق المادة (6) من قانون البينات، إلا أن ذلك لا يمنع في القوت نفسه من إقامة البرهان على إثبات عكس التصريحات التي تلقاها المحضر من ذوي الشأن،

    وتختلف آثار التبليغ بحسب الغرض منه فإذا كان يتعلق برفع الدعوى فإن بعض الإجراءات لا تتم إلا بعد التبليغ، كما أن الخصومة لا تنعقد إلا به، وإذا كان يتعلق بمذكرات أو أوراق أخرى فإنها تعد غير موجودة قبل تبليغها لخصم سواء كان مدعية أو مدعى عليه، وإذا كانت تتعلق بالأحكام وطرق الطعن فيها فإن المهلة لا تبدأ إلا بعد تبليغها.

     لذلك سوف نقصر أثر التبليغ على إجراءات قيد الدعوى، وأثره على انعقاد الخصومة، ومن ثم بيان الآثار المترتبة على عدم صحة الإعلان وفق الآتي:

    أولاً- آثار التبليغ على إجراءات الدعوي ( تبادل اللوائح):

    يظهر أثر التبليغ في إجراءات الدعوى المنظورة أمام المحكمة الابتدائية، إذ أن الأصل في هذه الدعوى أنه تكون خاضعة لتبادل اللوائح، ولا تكون بسيطة إلا بقرار من رئيس المحكمة على ذيل استدعائها، وبالتالي فإن أثر التبليغ في هذه الحالة يقتصر على انعقاد الخصومة،

     أما المجرى العادي هو أن تكون خاضعة لتبادل اللوائح وبالتالي فإنه بالتبليغ تفتتح إجراءات تبادل اللوائح أو المذكرات والمستندات بين الخصوم.

    فلهذا، لا يتم تحديد موعد للجلسة للنظر في الدعوى البدائية إلا بعد استنفاذ إجراءات تبادل اللوائح، وتبدأ هذه الإجراءات بعد تبليغ استدعاء الدعوى للمدعى عليه الذي عليه أن يقدم جواباً أو رداً كتابياً على الدعوى، وأن يرفق معه كافة المستندات التي يرى أنها لازمة للدفاع، وذلك خلال ثمانية أيام تبدأ من تاريخ التبليغ، وتنتهي في نهاية دوام اليوم الثامن، وأن المهلة المذكورة هي مهلة سقوط لا تقبل التوقف أو الانقطاع، ولكن يمكن أن تمتد إذا صادف اليوم الأخير يوم عطلة. كما سنبين في موضوع الميعاد . إلى أول يوم دوام بعد العطلة مهما طالت.

     فإذا رد المدعى عليه خلال الفترة المذكورة، يبلغ الجواب للمدعي وفق القواعد العامة للتبليغ، وينتظر ثلاثة أيام، وهذه المهلة مفتوحة للمدعي لتقديم تعقيب على جواب المدعى عليه إذا كان يرغب بذلك، ولكن إذا انقضت مهلة الرد ولم يقم المدعى عليه بالجواب على الدعوى، وإذا انقضت مهلة الأيام الثلاثة ولم يعقب المدعي على الرد، يرفع الأمر إلى قاضي المحكمة لتعيين موعد للجلسة النظر في الدعوى يبلغ للخصوم وفق القواعد العامة، إلا أن المشرع وضع استثناء لصالح المدعي إذا لم يعقب على جواب المدعى عليه خلال ثلاثة أيام، حيث أجاز للقاضي أن يرجئ تعيين موعد للجلسة ويسمح له بتقديم رد على جواب المدعى عليه، إلا أن المشرع لم يعطي الحق ذاته للمدعى عليه من أجل التعقيب على تعقيب المدعي،

     وبالتالي فإنه بعد انتهاء المهلة المحددة من قبل قاضي المحكمة يتم تحديد موعد الجلسة النظر في الدعوى في قضاء الخصومة بعد إن تم اكتمال الإجراءات في مرحلة تبادل اللوائح وتصبح الدعوى مهيأة للحكم في الموضوع في موعد الجلسة، إلا أنه ليس ما يمنع القاضي من إعادة فتح باب المرافعة في الجلسة العلنية وبالتالي يصبح من حق الخصوم تقديم كل ما لديهم من طلبات ودفوع و مستندات.

     فلقد، هدف المشرع من تنظيم تبادل اللوائح اختصار وقت التقاضي وحسم المنازعات بأسرع وقت ممكن، وعدم إشغال المحاكم في مسألة أبرز واستمهل، أو بعبارة للسبب السابق الذي قد تمتد سنوات دون معرفة ما هو السبب السابق، وقد يكون هذا السبب عدم رجوع مذكرة التبليغ، أو عدم تحريرها أصلاً، أو عدم بيان الموطن، وزحمة العمل لا تسمح للقاضي بتدقيق الملف الذي يكون بين يدي كاتب المحكمة، وأن عدم تطبيق إجراءات تبادل اللوائح يعود بالدرجة الأولى إلى عدم وجود الجهاز الذي يمكنه أن يقوم بها.

    ثانياً- آثار التبليغ على الخصومة:

    فإذا كانت الخصومة تبدأ بقيد الدعوى إلا أنها لا تنعقد ولا تفتتح إلا إذا تم التبليغ صحيحة ووفقاً للإجراءات المحددة لذلك قانونا، فبالتبليغ تنعقد الخصومة في الدعوى وتسري إجراءات العدالة سواء حضر المطلوب تبليغه أم لم يحضر، لأنه لا يمكن ربط الإجراءات القضائية والفصل في المنازعات على إرادة الخصوم، ولأن من واجب المحكمة بعد قيد الدعوى لديها أن تتبع الأصول التي رسمها القانون وصولا إلى الفصل في الدعوى تحت طائلة إنكار العدالة.

    ثالثا – آثار التبليغ الباطل:

    يقضي المبدأ أنه إذا تم التبليغ دون مراعاة الإجراءات التي سبق بيانها فإنه يكون باطلاً ، وعلى الرغم من النص على البطلان لعدم التقيد بتلك الإجراءات في المادة (38) أصول محاكمات، أو لأنه شاب تلك الإجراءات عيب لم تتحقق بسببه الغاية منه، فإنه لا يحكم بالبطلان إذا ثبت للمحكمة أن الغاية منه تحققت، كما لو حضر الشخص المعني ولم يتمسك بالبطلان، وفي جميع الأحول فإن البطلان المترتب على عدم مراعاة إجراءات التبليغ هو بطلان نسبي، بحيث يزول إذا تنازل عنه من شرع لمصلحته، أو رد عليه بما يدل على أنه عده صحيحة، أو إذا أجاب على الموضوع، أو إذا رفع الطعن خلال المهلة القانونية ، وعلى هذا، فإن المحكمة لا تحكم بالبطلان من تلقاء نفسها، مالم يكن متعلق بالنظام العام، ولا يجوز أن يتمسك به إلا من شرع لمصلحته، ويجب التمسك به قبل أي دفع أخر، ولا تصح إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.

  • تبليغ العسكريين والسجناء والبحارة في قانون أصول المحاكمات المدنية

    تبليغ العسكريين والسجناء والبحارة في قانون أصول المحاكمات المدنية

    تبليغ العسكريين والسجناء والبحارة في قانون أصول المحاكمات المدنية

    أحكام خاصة في تبليغ الأشخاص النظاميين

    يقصد بالأشخاص النظاميين أولئك الأشخاص الطبيعيين الذين ينتمون إلى أنظمة قانونية صارمة لا تسمح لهم بتلبية نداء التبليغ بالحضور أمام المحاكم في الوقت المحدد في سندات التبليغ مالم تمكنهم الجهة التي ينتمون إليها من ذلك، وبالتالي لا يجوز توجيه محاضر التبليغ إليهم في موطنهم الأصلي لأنها لا تحقق الغاية المطلوبة منها بل يجب أن توجه عبر أقنية خاصة إلى حيث هم، ونميز من هؤلاء الآتي:

    أ- تبليغ العسكريين :

     يقيم أفراد القوات المسلحة في مقار وحداتهم العسكرية التي يجب أن تبقى سرية غير معروفة إلا بالرموز العسكرية ولا يسمح للمحضرين بالتردد عليها للقيام بمهمة التبليغ، أو لأنهم موجودون في ساحات القتال وليس لهم مقر ثابت معروف، وبالتالي فإنه يتعين تبليغهم أوراق الدعوى إلى حيث يقيمون عن طريق وحداتهم وبواسطة الشرطة العسكرية سواء كانوا محترفين، أم متطوعين، أم مجندين، وسواء كانوا بصفة دائمة أم مؤقتة لأداء خدمة احتياطية أم للتدريب بشرط أن يكونوا موجودين تحت الأنظمة العسكرية،

     إلا أن تطبيق هذه القاعدة يبقى قائماً إلى أن يوكلوا وكيلاً عنهم فإذا وكلوه صار التبليغ له وامتناعه عنه يعد تبليغة، ومع ذلك ذهبت محكمة النقض السورية إلى القول بجواز تبليغ العسكري إلى محل إقامته الأصلية عند عدم وضوح عنوان قطعته العسكرية، والالتفاتات عن تبليغه بطريق الشرطة العسكرية.

    ب- تبليغ السجناء :

    ففي الحالات التي يصح فيها مخاصمة السجين أن توجه مذكرات الدعوة أو محاضر التبليغ إليه إلى المكان الذي احتجز فيه عن طريق مدير السجن أو من يقوم مقامه، ولا يجوز توجيهها إلى موطنه الأصلي أو العادي لعدم الجدوى من ذلك، ولا يجوز تثبيت غياب من لم يحضر إذا تم التبليغ عن غير طريق إدارة السجن, كما أنه لا يحق للمحضر أن يدخل إلى السجون حيث يتواجد السجناء، وعلى فرض أنه يسمح له بذلك فإنه لا فائدة من قيام المحضر بالتبليغ إذا لم تقم إدارة السجن بإحضار السجين إلى المحكمة في موعد الجلسة، لذلك فإن التبليغ عن طريق إدارة السجن يهدف إلى تحقيق أمرين في وقت واحد هما إشعار إدارة السجن بضرورة تمكين السجين من الحضور إلى المحكمة في موعد الجلسة بإحضاره إليها، وابلاغ السجين بالدعوى المرفوعة عليه تحت طائلة البطلان.

    ج- تبليغ البحارة ومن في حكمهم :

    إن التبليغات الموجهة إلى بحارة السفن التجارية. دون السفن الحربية التي يخضع طاقمها لقواعد تبليغ العسكريين وخدمها أو العاملين فيها تسلم إلى ربان السفينة، على اعتبار أن الربان هو قائدها والمشرف عليها، والممثل لكل من يعمل فيها سواء كانوا في البر أو البحر أم كانون على متنها في عرض البحر، وسواء كانت السفينة سورية أم أجنبية، أكانت مبحرة في عرض البحر أم راسية في أحد الموانئ السورية، وأن التبليغ إلى الموطن الأصلي غير مجد لأن هؤلاء لا يستقرون في مكان معين، وعلى هذا، يعد التبليغ نافذة ومنتجة لآثاره القانونية بمجرد تسلیم محضر التبليغ إلى الربان أو من يقوم مقامه في قيادة السفينة.

  • تبليغ الشخص الاعتباري في قانون أصول المحاكمات المدنية

    تبليغ الشخص الاعتباري في قانون أصول المحاكمات المدنية

    تبليغ الشخص الاعتباري في قانون أصول المحاكمات المدنية

    يقصد بالشخص الاعتباري الشخص الذي أعطاه القانون هذه الصفة الافتراضية لتمكينه من ممارسة بعض الأنشطة الخاصة تمييزا له عن شخصية الإنسان أو الأشخاص الذين يقومون عليه، وهذا التمييز انعكس على كيفية تبليغه الأوراق القضائية بما فيها استدعاء الدعوى، وقد فرق المشرع في هذه الكيفية بين الأشخاص الاعتبارية العامة، وبين الشركات التجارية وسائر الأشخاص الاعتبارية الخاصة لذلك سنبين كيفية التبليغ لكل منها وفق الآتي:

    أ- تبليغ الأشخاص الاعتبارية العامة :

     فرق المشرع في تبليغ الأشخاص العامة بين الدولة والمصالح العامة، وبين الأشخاص العامة الأخرى، حيث ع أن الدولة هي الوزارات والمصالح المرتبطة بها متى كانت تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري،

    أما الجهات العامة الأخرى فيقصد بها المؤسسات العامة والشركات العامة التي تملكها الدولة وتتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري وتباشر نشاطة إدارية من خلال الإشراف على مجموعات شركات، أو تباشر نشاط تجارية في حدود الغاية التي أنشئت لأجلها، ولم يأخذ المشرع بفكرة التبليغ إلى رئيس الدولة، أو رئيس مجلس الوزراء، وإن كان لكل منهما صفة تمثيلية لمصالح الدولة، بحسبان أنه لايمكن الادعاء على رئيس الدولة لأن رئيس الجمهورية  لايكون مسؤولا عن الأعمال التي يقوم بها في مباشرة مهامه، وعليه فإن الادعاء يكون على وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية إضافة لوظيفته وبالتالي يسري عليه ما يسري على الوزراء في أحكام التبليغ،

    أما بالنسبة لرئيس مجلس الوزراء، فلا يتمتع بحصانة عدم جواز الادعاء عليه في أي أمر، ويعد بمنزلة الوزير الأول في الوزارة ويطبق بشأن تبليغه ما يطبق على الوزراء. لذلك سوف نبين في تبليغ الأشخاص العامة وفق الأتي :

    (1) . الوزارات :

     يمثل الوزراء كل في حدود صلاحياته شؤون وزارته، وبالتالي فإن الوزير ينوب عن الدولة في المسؤولية أو في الالتزامات، وفي كل ما ينسب إليه خلال توليه لمنصبه، أو بما ينسب لتابعيه في العمل، ويجب أن يسلم محضر تبليغ الأوراق القضائية بالنسبة للدعاوى المرفوعة على الوزارة والتي يتعين فيها توجيه الخصومة إليه بصفته الممثل القانوني للوزاري إلى الوزير شخصية أو إلى من قوم مقامه من نائب أو معاون أو وكيل،

    وقد خفف الاجتهاد القضائي من هذا التحديد والتقييد عندما أجاز التبليغ إلى الموظف أو العامل المكلف بذلك في ديوان الوزارة المعنية، ولا يصح أن يسلم محضر الإعلان في موطن الوزير، وعلى هذا لا يجوز تبليغ إدارة قضايا الدولة مذكرات الدعوة القضائية قبل تبليغها إلى الوزير المختص بخلاف الأحكام التي تبلغ إلى الإدارة المذكورة مباشرة.

    (2) . المصالح العامة :

     يقصد بالمصالح العامة تلك الجهات الحكومة التي تتمتع بالاستقلال المالي والإداري، وتحقق بذلك الشخصية الاعتبارية كالمحافظات والبلديات والجامعات، وغيرها والتي يعد فيها المحافظ، ورئيس الجامعة، ورئيس المجلس البلدي ممثلين قانونيين لها، ولو كانت تتبع إلى وزارات أو جهات إشراف أخرى. ففي هذه المصالح، وإن كانت تمثلها إدارة قضايا الدولة أمام القضاء بقوة القانون، فإن التبليغ يوجه إلي ممثليها في مقر عملهم ليقوموا باستلامه هم أو من يقوم مقامهم أو الموظف المكلف في ديوان المصلحة المعنية، ولا يجوز أن يحضر محامي الدولة قبل تبليغ الجهة المعنية.

    (3) . الأشخاص الاعتبارية العامة الأخرى :

     يقصد بالأشخاص الاعتبارية العامة الأخرى الهيئات والمؤسسات والشركات العامة التي تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، والتي يمثلها القائم عليها سواء كان اسمه مديرة أم رئيس هو نائب عنها أمام الغير بما فيها القضاء، وإن بعض هذه الجهات ولاسيما منها الشركات الاقتصادية التي تعد تاجرة في علاقتها مع الغير لا تمثلها إدارة قضايا الدولة،

     وفي جميع الأحوال فإن مذكرات التبليغ توجه إلى النائب القانوني عنها وفق قانون أو مرسوم إحداثها بصفته الوظيفية وليس بصفته الشخصية في مقر وظيفته وليس في موطنه الشخصي، يصح تسليمها إلى الموظف المكلف في ديوان الجهة المعنية كي ينتج آثاره القانونية :

    ب- تبليغ الأشخاص الاعتبارية الخاصة:  

    إن التبليغ الموجه إلى الأشخاص الاعتبارية الخاصة سواء كانت شركات تجارية أم مدنية أو مؤسسات أو جمعيات أم غيرها إنما يجب أن يسلم في مركز إدارتها للنائب عنها مقتضی عقد إنشائها أو نظامها الداخلي، وهذا يمكن أن يكون رئيس مجلس الإدارة أو المدير، أو الشركاء المتضامنين في شركات التضامن وشركات التوصية، وإذا لم يكن للشركة أو المؤسسة أو الجمعية مركز إدارة مشهور أو محدد يتم تسليم محضر التبليغ في الموطن الشخصي لهؤلاء، وهذا بخلاف الجهات والأشخاص الاعتبارية العامة التي لا يجوز التسليم فيها في الموطن الشخصي للنائب عنها، وعلى هذا فإن التبليغ الجاري في مقر الشركة إلى ممثلها والذي مهر التبليغ بخاتم المؤسسة يعتبر تبليغة صحيحة و مرتبا لآثاره القانونية.

     أما فيما يتعلق يتعلق بالشركات الأجنبية التي لها فرع أو وكيل في سورية، فيسلم محضر التبليغ في مقر هذا الفرع أو إلى الوكيل بشخصه أو في موطنه، وإذا لم يكن لها فرع في سورية، وكانت المحاكم السورية مختصة في النظر في الدعوى وفق قواعد الاختصاص العام الدولي فيجب تبليغها إلى مركز إدارتها الرئيسي.

  • تبليغ الشخص الطبيعي في قانون أصول المحاكمات المدنية

    تبليغ الشخص الطبيعي في قانون أصول المحاكمات المدنية

    كيفية تبليغ الشخص الطبيعي في قانون أصول المحاكمات المدنية

    ينتج الإعلان أثاره القانونية إذا تم تسليمه إلى أشخاص محددين نص عليهم القانون على سبيل الحصر ووفقاً لأوضاع قانونية محددة، وقد فرق المشرع بين تبليغ الشخص الطبيعي وتبليغ الشخص الاعتباري، والأشخاص النظاميين أو الخاضعين لقيود خاصة، وإن كان قد وضع قاعدة عامة في تبليغ الأوراق القضائية تقضي بأن يتم في موطن الشخص المطلوب إعلانه، ومع ذلك سوف نبين كيفية تبليغ كل من الشخص الطبيعي والشخص الاعتباري، والأشخاص النظاميين وفق الأتي:

    1- تبليغ الشخص الطبيعي:

    يقصد بالشخص الطبيعي الإنسان الذي يصح أن يكون خصما في الدعوى، ويتم إبلاغه بالدعوى أو بأية أوراق قضائية بواسطة محضر (مذكرة التبليغ أو الدعوة عن طريقه تسليمه بإحدى الوسائل أو الطرق الآتية:

    أ- التسليم إلى المطلوب تبليغه شخصية:

    يقضي المبدأ العام في التبليغ أن يقوم الأشخاص المكلفون به بتسليم محضر الإعلان إلى المعلن إليه بالذات أينما وجد، بعد التأكد من هويته مالم ينص القانون على خلاف ذلك، وإذا امتنع عن الاستلام أو التوقيع على الاستلام ثبت المحضر ذلك على أصل الإعلان، وينتج الإعلان أثاره من ذلك التاريخ، إلا أن تبليغ المخاطب بالذات إحدى مذكرات الدعوة أثناء وجوده في مكان ما لا يعني أن المكان أصبح موطنا له.

    ب- التسليم في الموطن:

    إن الطريق الطبيعي لتسليم مخضر ( مذكرة . سند) التبليغ هو ذهاب الموظف المختص بالتبليغ إلى موطن المطلوب إعلانه أو تبليغه والمبين في سند الإعلان، وهو المكان المعتاد لإقامة الشخص، وتشمل كلمة الموطن في صدد التبليغ كل موطن سواء أكان دائما أم مؤقت أو قانونية أو مختارة أو موطن أعمال،

    وعلى المحضر أن يوضح سبب عدم تبلیغ مذكرة الدعوة إلى المطلوب تبليغه بالذات في موطنه تحت طائلة البطلان، وعلى هذا، يجب تبليغ المخاطب للموطن سواء كان سكنة أو محلا للعمل، لأن المكان الذي يمارس فيه الشخص تجارة أو حرفة يعد موطنا صالحا لتبليغ مذكرات الدعوة، وإن وجود المطلوب تبليغه خارج البلاد السورية وقت التبليغ لا يؤثر في صحة إجراءات التبليغ إلى محل إقامته طالما أن التبليغ تم مستوفية لكافة الشرائط القانونية، والى من يجوز تبليغه بدلا عنه في الموطن المذكور،

    ويكون التبليغ في قضايا الإيجار للمأجور ما لم يثبت علم المؤجر أن المستأجر لا يقيم في المأجور (كالمستودع مثلا)، وأنه يقيم في مكان آخر معروف، إلا أن دائرة الموظف لا تعد موطنا له، ولا يصح تبليغه فيها إلا إذا كان موجود بذاته بحسبان أن الموظفين الآخرين الذين يعملون مع المخاطب في دائرته لا يعدون وكلاء عنه ولا مستخدمين لديه، و عندما يذهب موظف التبليغ إلى موطن المدعى عليه يكون أمام إحدى الاحتمالات الآتية:

    (1)- وجود المطلوب تبليغه بالذات:

     يقوم الموظف المكلف بالتبليغ بتسليم محضر التبليغ إلى المطلوب إبلاغه بالذات في موطنه بعد التثبت من هويته، فإذا امتنع المخاطب عن الاستلام والتوقيع على ما يشعر بذلك بعد أن تفهم مضمونه، أو استلم الشق الخاص به وامتنع عن التوقيع على الاستلام دون الموظف المختص ذلك على محضر التبليغ، ويعد عندئذ مبلغا بمضمون السند، وتسري بحقه الآثار القانونية المترتبة عليه.

    (2)- عدم وجود المطلوب تبليغة ووجود وكيل له:

    يقضي المبدأ أن التبليغ للوكيل لا يكون إلا في حال غياب المخاطب، وأن الوكيل في هذه الحالة يجب أن يكون مقيمة مع المخاطب أي في موطنه، وأن مجرد صدور التوكيل من أحد الخصوم إلى شخص أخر يكون موطن وكيله معتمدة في تبليغ الأوراق، لأن التوكيل بالخصومة يعطي الوكيل حق تبلغ الأوراق القضائية، و يجعل الوكيل بمثابة الشخص المطلوب تبليغه،

     إلا أنه ليس مجرد وجود الوكالة موجبة لتبليغ الوكيل إن لم يستعملها في نفس درجه الخصومة، ويعد التبليغ باطلاً ، كما أنه ليس للوكيل أن يحضر في الدعوى دون علم موكله، وإن التبليغ لمذكرات الدعوة يختلف عن الحضور أمام المحاكم، إذ أن دور الوكيل في التبليغ هوتسلم صورة محضر التبليغ والأوراق إلى الأصيل،

     وعلى ذلك فإنه إذا لم يجد المحضر المطلوب إبلاغه في موطنه ولا وكيله في الموطن المذكور، وكان له وكيل ففي هذه الحالة على المحضر أن يتحقق من صفة الشخص من حيث الاطلاع على هويته ووكالته، وأن يتحقق من أهليته وبعدها يعرض عليه استلام صورة محضر التبليغ والتوقيع على الأصل، فإذا رفض ذلك ثبت الواقعة على أصل السند،

     ولا يشترط في الوكيل أن يكون ساكنة مع المطلوب إعلانه في دار واحدة، وإن تبلیغ الوكيل له نفس مفعول تبليغ الأصيل، و امتناع الوكيل عن التبليغ بحجة تبليغ موكله بالذات يعد تبليغة دون الحاجة إلى إجراء آخر،

     ولا يعد التبليغ واقعاً بمجرد طلب الوكيل تبليغ موكله بالذات أو احد الوكلاء الآخرين، بل لا بد من التنويه صراحة في سند التبليغ بامتناع الوكيل عن التلغ، لذلك ذهب الاجتهاد القضائي إلى أن تبليغ الوكيل صيغة اليمين الحاسمة يقوم مقام تبليغ الأصيل، لكن تعهد الوكيل بإحضار موكله لا يقوم مقام تبلیغ ذي الشأن أصولاً ، وتبليغ المحامي بواسطة محام غیر وكيل ولكنه مقيم معه في المكتب نفسه يعد إجراء باطلاً.

     كما لا يجوز تبلیغ شخص بواسطة مستخدم وكيله قبل مباشرة الوكيل المذكور المحاكمة في الدعوى، ومع ذلك فإن المحامي المتمرن ينوب حكماً عن أستاذه سواء ذكر اسمه في الوكالة أم لم يذكر، ورفضه التبليغ يجيز إجراء التبليغ بطريق الإلصاق.

    (3)- عدم وجود المطلوب تبليغة ووجود مستخدمه :

    يذهب الشخص المكلف بالتبليغ إلى موطن المخاطب إلا أنه لم يجده، بل وجد مستخدمه، ويقصد بالمستخدم كل من يعمل في خدمة المخاطب بأجر مهما كانت الصفة التي تطلق عليه سواء كان موظفا أم عام؟ أم خادم أم حارساً أم طباخاً ، فعندئذ على المحضر أن يذكر في سند التبليغ أن مخاطب المذكرة ليس موجوداً وبالتالي تم تبليغ المذكرة إلى مستخدمه (فلان)، ولا يصح التبليغ للمستخدم إلا بعد التأكد من صفته ومن أهليته،

     وقد وجد المشرع أن في علاقة التبعية القائمة بين المستخدم ورب عملة ضمانة كافية لتوصيل سند التبليغ إلى الشخص المعني به، وعلى ذلك فإن المعمل يعتبر موطناً للمخاطب فيما يتعلق بشؤون عمله، وإن تبلیغ مستخدمه في حال غيابه يعد إجراء صحيحة،

    وكذلك تبليغ مستخدم الوكيل، ولكن لا يجوز تبليغ المخاطب في معمله بواسطة أخيه دون بيان صفته لان المعمل غير معد للإقامة، كما انه لا يجوز تبليغ المخاطب بواسطة شريكه لانتفاء النص، إلا أنه لا يجوز تبليغ المستخدم بواسطة معلمه أو صاحب عمله إذا كان غائباً، وأن التبليغ إلى مستخدم الشقيق باطل.

    (4)- عدم وجود المطلوب تبليغه  و وجود قريب له:

    يقضي المبدأ القانوني أنه إذا لم يجد المحضر الشخص المطلوب تبليغه في موطنه يسلم النسخة الثانية من محضر التبليغ لمن يكون ساكنا معه من الأصول مهما علوا ويدخل في هؤلاء الأب والأم والجد والجدة وجد الجد وجد الجدة، أو الفروع مهما نزلوا والأبناء (بنين وبنات) والأحفاد وأحفاد الأحفاد، أو الزوج الزوجة)، أو الأخوة أو الأخوات ويشترط في صحة التبليغ الآتي:

    (أ)- أن يدل ظاهر من تسلم الأوراق على أنه أتم الثامنة عشر من عمره.

    (ب)- أن لا تكون مصلحة المطلوب تبليغه متعارضة مع مصالحهم.

    (ج)- أن يكون ساكناً مع المطلوب تبليغه في دار واحدة أو دار يضمها إطار واحد.

    كما لا يصح تسلیم محضر التبليغ إلى غير من ورد ذكره أعلاه لأن ذلك ورد على سبيل الحصر والاستثناء وخلافاً للأصل الذي يقضي بتسليمه إلى الشخص المعني بالذات أينما وجد، وعلى المحضر أن يتحقق في حالة عدم إيجاده الشخص المطلوب تبليغه في المحل المعين في مذكرة الدعوة المراد تبليغها من الشخص الذي يجوز له التبليغ عنه الساكن في المحل المذكور وأن الشخص المطلوب تبليغه يقيم معه في المحل نفسه، وأن مصلحته لا تتعارض مع مصلحة المذكور، كما لو كان الشخص الموجود في المكان هو المدعي نفسه مثلا.

    لهذا، فإن المادة (22) من قانون أصول المحاكمات حددت الأشخاص الذين ينويون قانوناً عن المخاطب في التبليغ وكانت الزوجة التي وقع تبليغ المخاطب اليمين بواسطتها تدخل في عداد هؤلاء وليس من فرق بنظر القانون بين إجراءات تبليغ الأوراق القضائية وبين إجراءات تبليغ نص اليمين،

    إذ أن ما ورد في المادة المذكورة ورد مطلقا ويعد عامأ شاملاً لجميع إجراءات التبليغ، وإن نيابة الأشخاص قائمة على صلة القربی والسكن مما اعتبره واضع القانون كافياً في إيصال العلم، وبالتالي فإن نیابتهم هذه محصورة بإمكان التبليغ وليس معناها أنهم وكلاء المخاطب لأن التوكيل لابد له من أصل يتبع لأصوله في الخصومة.

    لذا، يجب أن يشار في مذكرة التبليغ المسلمة إلى ابن المدعى عليه إلى سنه ومكان التبليغ وإلى عدم وجود المطلوب تبليغه تحت طائلة البطلان، وإذا ثبت أن ابن المخاطب كان قاصراً عندما تبلغ عن والده الإخطار خلافاً لشرح المحضر يجعل التبليغ باطلاً بطلاناً مطلقاً يلحق بالحكم المؤسس عليه،

    وأن التبليغ إلى الزوجة يوجب ذكر أنها بالغه الثامنة عشره تحت طائلة بطلان مذكره التبليغ، ولا يصح تبليغ الزوج عن الزوجة في الدعوى التي يرفعها عليه بالتفريق ولا العكس لتعارض المصالح.

     كما أنه على الموظف المكلف بالتبليغ أن يورد شرحاً في مذكرة التبليغ أن المخاطب يقيم مع القريب الصالح الذي تم تبليغه بواسطته، أو العكس وإلا كان التبليغ باطلاً لافتقاره إلى الأسس القانونية الواجب توافرها في التبليغ، وبالتالي لا يجوز تبليغ والد المرسل إليه التبليغ طالما كان هذا الأخير موجودة في الخدمة العسكرية أنئذ،

     وأن ابن عم المخاطب المطلوب تبليغه ليس من إفراد العائلة الصالحين للتبليغ، مما يجعل التبليغ باط”، والحماة ليست من الأشخاص الذين يعد التبليغ إليهم قانونية، إلا أن تبليغ المخاطب بواسطة أخيه الساكن معه في دار واحدة يكون صحيحة، لأن رابطة الإخوة مع المساكنة كافية لتأمين إيصال التبليغ إلى مخاطبه، وفي جميع حالات تبلغ المدعى عليه مذكرة الدعوى بالواسطة يجب أن توجه إليه مذكرة إخطار بأنه إذا لم يحضر جلسات المحاكمة، أو لم يكلف بذلك من يمثله قانونا ستكون المحاكمة بمثابة الوجاهي بحقه والا كان القرار صادرا في غير قضاء الخصومة.

    (5) عدم وجود من يصلح للتبليغ:

    إذا لم يجد المحضر في موطن المطلوب تبليغه من يصلح للتبليغ أو امتنع من وجده عن تسلم محضر التبليغ وجب أن يسلمها إلى المختار الذي يقع موطن المطلوب تبليغه في دائرته، وفي هذه الحالة يجب على المحضر أن يلصق بيانا على باب موطن المطلوب تبليغه يخبره فيه بأن الصورة سلمت إلى المختار، وتجري هذه المعاملة بحضور المختار أو اثنين من الجوار أو أفراد القوى العامة، وعلى المحضر أن يبين كل ذلك بالتفصيل في محضر التبليغ موقعة بتوقيع المختار أو الشاهدين،

     وقد شرع التبليغ بطريق الإلصاق للشخص الذي لا يزال يحتفظ بالدار كموطن له ويجري تبليغه لصقة لاحتمال عودته والعلم بالتبليغ خلافاً لمن انقطعت علاقته بها عندئذ فلا يصح تبليغه بطريق الإلصاق، ولا يكفي أن يذكر في مذكرة التبليغ أنه جرى بواسطة المختار بل يجب أن يلصق المبلغ بياناً على باب المطلوب تبليغه يذكر فيه أن صورة الأخطار سلمت إلى المختار، وتجري هذه المعاملة بحضور المختار أو اثنين من الجوار أو أفراد القوى العامة، وعلى المحضر أن يبين ذلك بالتفصيل في محضر التبليغ موقعة من المختار أو الشاهدين، وكل ذلك في حال غياب المطلوب تبليغه أو من ينوب عنه بالتبليغ، فإذا خلت مذكرة التبليغ لصقاً من بيان اسم الذي امتنع عن التبليغ والتوقيع ووجه علاقته بالمخاطب وصفته فإن التبليغ يغدو باطلاً ، ولا يجوز تبليغ المستأجر أوراق الدعوى في المأجور لصقا إذا كان المؤجر على علم بعدم إقامة المستأجر به الأسباب اضطرارية.

    (6) – جهالة الموطن :

    إذا كان المطلوب تبليغه مجهول محل الإقامة فيتم تبليغه في صحيفة يومية تعد أكثر انتشارا مع لصق نسخة من تبليغ الصحيفة على لوحة إعلانات المحكمة ويتم ذلك بموجب محضر يوقعه المحضر، ولا يعد الشخص المطلوب تبليغه أوراقاً قضائية إلا بعد تحر أو تحقيق يقوم به المحضر في الموطن المعين من قبل طالب التبليغ،

    وعلى هذا، فإن تصريح المحضر بأن المخاطب لم يعرف محل إقامته الأخير لا يكفي لاعتبار الشخص مجهول محل الإقامة. إذ يجب من ذكر أسماء من استقى منهم هذه المعلومات والاستيضاح من مختار المحلة التي تقع فيها البناية المحددة كمحل إقامة للمخاطب، حتى يصار بعد ذلك إلى تقرير تبليغ المخاطب بطريق الإعلان،

     وأن مجرد شرح المحضر في مذكرة التبليغ أن المخاطب نزح عن محلته إلى جهة غير معلومة لا يبرر اعتبارها مجهول محل الإقامة وتبليغه بواسطة الصحف، وإنما يجب ترقبه في مكان عمله المبين في الشرح المذكور وتبليغه فيه أو يكلف المحضر استنفاذ جهده في السعي لمعرفة محل إقامته الجديدة و تبليغه إليه فيه.

     فالجهالة ينبغي أن تكون مطلقة حتى يجوز التبليغ الاستثنائي بالصحف ولوحة الإعلان فإذا |أمكن الاهتداء إلى العنوان من الأوراق التي بيد الخصم، انتهت الجهالة، ولا يجوز اللجوء إلى التبليغ بالصحف لمن ليس له موطن، لأن الموطن من البيانات الأساسية لقبول الدعوى شكاً ولكن بعد ثبوت الموطن ثبت أيضاً انقطاع علاقة المطلوب إعلانه به كأن ينزح إلى جهة مجهولة دون أن يترك عنوانا لمحل إقامته الجديد عندئذ فيجري تبليغه بطريق الصحف والإلصاق على لوحة إعلانات المحكمة باعتباره مجهول الموطن عملا بالمادتين ( 23 و 26) من قانون أصول المحاكمات، ولا يكفي الإعلان بصحيفة يومية لمرة واحدة لاعتبار أن التبليغ صحيح بل يتوجب الإعلان بالصحف لمرة ثانية يتضمن إخطاره برؤية الدعوى بغيابه، ولا بد من إلصاق خلاصة الإعلان على لوحة إعلانات المحكمة، وخلو إضبارة الدعوى من محضر موقع من قبل محضر المحكمة يثبت إلصاق خلاصة أوراق تبلیغ مجهول محل الإقامة على لوحة الإعلانات في المحكمة يؤدي إلى بطلان الحكم.

    ج- التبليغ إلى الموطن المختار:

    يستفاد من أحكام المادة (45 ) مدني أن الموطن المختار لا يقوم مقام الموطن الأصلي في جواز التبليغ فيه إلا في الحالات التي يذكرها القانون نفسه بالنسبة للأمور التي اتخذ الموطن المختار من أجلها فقط، ولا يصح أن يستفيد منه شخص أخر أو طرف أخر في خصومة أخرى، كما أن اتخاذ موطن مختار في عمل معين أو دعوى معينة لا يعني لزوما أن هذا الموطن هو الموطن المختار في عمل قانوني أخر.

     فقد يفرض القانون على الخصم اتخاذ موطن مختار بصدد أمر معين عندئذ تسلم الأوراق في الموطن المذكور، وعلى هذا فقد ألزم القانون مثلا كل من الخصوم في الدعوى أن يتخذ له موطنة مختارة في دائرة المحكمة التي تنظر في الدعوى،

     كما أوجب نظام العقود الإدارية العارض الأجنبي أن يعين في عرضه موطنا له في دمشق أو في أي مكان آخر تحدده دفاتر الشروط ضمن أراضي الجمهورية العربية السورية ليكون صالحة لإبلاغه جميع المراسلات والتبليغات الإدارية والقضائية ويطبق هذا الحكم أيضاً على وكيل العارض أو ممثله في سورية،

     ويعد الموطن المختار هو المعتبر في إعلان الأوراق اللازمة لسير العدالة، كما أن موطن الوكيل بمجرد صدور الوكالة هو موطن الموكل. ففي مثل هذه الحالة، ومن مقتضى اتخاذ موطن مختار لتنفيذ عمل قانوني معين جواز توجيه التبليغات في المنازعات الناشئة عن تنفيذ العمل القانوني المذكور إلى ذلك الموطن المختار واجراء ما يلزم بشأن الأعمال المتعلقة بالتنفيذ أمام دائرة التنفيذ أو بالتقاضي أمام المحاكم،

     لذلك فإنه إذا اتخذ الخصوم في الدعوى موطناً مختارة للتبليغ، فإن التبليغات التي ترسل إليهم وإلى عنوان أخر قبل التثبت من عدم وجود المخاطب في الموطن المختار تغدو باطلة.

     ففي جميع الأحوال التي يلزم فيها الشخص باتخاذ موطن مختار ولم يفعل، أو اتخذ موطناً غير صحيح أو كان بيان الموطن ناقصا، يكون الإعلان على لوحة إعلانات المحكمة، ويكون الإعلان صحيحة ومنتجة لآثاره القانونية، إلا أنه لا يجوز اتخاذ لوحة الإعلانات أو ساحة البلدية أو الحديقة العامة موطنا مختارة، فلا يجوز أن يبني الموطن المختار على الجهالة، ولقد استقر الاجتهاد على أن مكان إقامة المستأجر هو الموطن الواجب التبليغ إليه في العلاقات الإيجارية، ما لم يكن هناك دليل خطي على اتخاذ موطن مختار آخر وجرى إعلام المؤجر به، وإن تبليغ الشخص إلى المواطن المختار المتخذ أصولاً ينفي وجوب التبليغ بالصحف.

    د- التبليغ برسالة مضمونة :

    فإذا كان التبليغ موجهة إلى شخص مقيم في بلد أجنبي يجري تبليغه برسالة مضمونة أو بمقتضی الإجراءات المقررة في القانون المحلي لذلك البلد ما لم يرد نص في اتفاق دولي على خلاف ذلك، ويتم التبليغ بتسليم الرسالة أو بالامتناع عن تسلمها و يعد علم الوصول حجة على ذلك، ما لم يثبت تزويره أما إذا كان المخاطب له موطن في سورية فلا يجوز تبليغه برسالة مضمونة إلى المستشفى الذي يعالج فيه خارج القطر حيث لا يعد موطنة دائمة له.

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1