التصنيف: القواعد الفقهية والقانونية

  • شرح القاعدة الفقهية: الأصل في الكلام الحقيقة مع تطبيق

    شرح القاعدة الفقهية: الأصل في الكلام الحقيقة مع تطبيق

     الأصل في الكلام الحقيقة

    الأصل في الكلام الحقيقة، والمجاز فرع فيه وخلف عنها، فكان العمل بها أولى من العمل به، وإن تعذرت الحقيقة لعدم وجود فرد لها في الخارج يصار إلى المجاز.

    فالحقيقة هي المعنى الذي وضع اللفظ له أصلاً ويدل عليه لا بلا قرينة ويقابلها المجاز وهو المعنى المفهوم من اللفظ بواسطة قرائن تحيط به على وجه لم يكن ليفهم منه هذا المعنى ،بدونها، وهو معنى تربطه بالمعنى الحقيقي علاقة ، وذلك مثل لفظ النكاح فإنه حقيقة في الوطء مجاز في العقد لعلاقة استحلال الرجل للمرأة.

     إذا أوقف شخص ماله قائلاً : إني أوقفت مالي على أولادي وكان له أولاد وأولاد أولاد، فيصرف قوله على أولاده لصلبه ولا يستفيد أولاد أولاده من الوقف.

    فلو انقرض أولاده لصلبه فلا تصرف غلة الوقف على أحفاده بل تصرف إلى الفقراء إلا إذا كان لا يوجد للواقف أولاد حين الوقف، وكان له أحفاد فبطريق المجاز يعد المال موقوفاً على أحفاده.

     أما إذا ولد للواقف مولود بعد إنشاء الوقف في الصورة الثانية فيرجع الوقف إلى ولده لصلبه لأن اسم الولد مأخوذ من الولادة، ولفظ الولد حقيقة في الولد الصبي ذكراً أو أنثى، فعند عدم وجود أولاد للواقف لصلبه يصرف الوقف إلى الأحفاد الذين تستعمل فيهم كلمة (أولاد) مجازاً لأنه لا يمكن استعمال معنى المجاز والحقيقة في لفظ واحد وفي وقت واحد معاً.

    ذلك لأن الحقيقة إذا كانت مرادة فلا بد أن يتنحى المجاز أمامها عند الحنفية، أما عند المالكية والشافعية فقد أجازوا الجمع بين الحقيقة والمجاز إذا كان ذلك ممكناً.

     أما إذا كان المعنى الحقيقي فرداً من أفراد المعنى المجازي فيقدم المجاز على الحقيقة عملاً بعموم المجاز، كما لو حلف بطلاق امرأته على ألا يأكل من هذه الغنم المقتناة للدَّرِّ والنسل، فالمعنى الحقيقي هو الأكل من عينها والمجازي هو الأكل مما يخرج منها، فعند أبي حنيفة يقع الطلاق بالأكل من عينها وعند الصاحبين يقع الطلاق بأكل ما يخرج منها عملاً بعموم المجاز.

    و عموم المجاز هو عبارة عن استعمال اللفظ في معنى كلّي شامل للمعنى الحقيقي والمعنى المجازي، فلو قال الواقف وقفت مالي هذا على أولادي نسلاً بعد نسل، فقرينة ( نسلاً بعد نسل )تدل على شمول لفظ الأولاد ولكل ولد سواء أكان ولداً حقيقة أم ولداً مجازاً من أولاد أبنائه وأبنائهم.

    ولو أوصى شخص لآخر بثمر بستانه فتحمل وصيته على الثمر الموجود أثناء وفاة الموصي ولا تحمل على الثمر الذي سيحصل في السنين المقبلة؛ لأن الثمر يحمل حقيقة على الثمر الموجود ولا يحمل على الثمر المستقبل إلا بطريق المجاز، وبما أنه من الممكن حمل هذا اللفظ على معناه الحقيقي فلا يحمل على البدل وهو المجاز. أما ذكر الموصي كلمة (أبداً أو دائماً) حينما ذكر الثمر فيكون من عموم المجاز، فتحمل وصيته على الثمر الحاصل أثناء وفاة الموصي والثمر الذي سيحصل في المستقبل .

    لو حلف بطلاق زوجته ألا يتزوج، فوگل آخر فزوجه، حنث ووقع الطلاق، لأن الوكيل بالزواج سفير ومعبر عن الموكل وناقل لعبارته، ولأن حقوق هذه التصرفات لا تتعلق بالوكيل بل بالموكل فاعتُبر الموكل فاعلاً لها فيحنث.

     أما لو حلف بطلاق زوجته ألا يشتري كذا فوكل غيره ففعل عنه، لا يحنث، لأن هذه التصرفات يستغني المأمور فيها عن إضافتها إلى أمره ويضيفها إلى نفسه، فلا يعتبر الموكل فاعلاً لها فلا يحنث.

    ففي الحالة الأولى يرجح المجاز لأن إرادة الموكل تشمل فعل الوكيل وفي الثانية ترجح الحقيقة لأن الفاعل حقيقة هو الوكيل .  .

     تنبيه : إن الأفعال بالنسبة لقبول التوكيل وعدمه على ثلاثة أنواع :

     1 – أفعال لا تقبل التوكيل أصلاً، وهي الأفعال الجبلية كالأكل والشرب والنوم… فلو حلف على عدم فعل شيء منها فأمَرَ غيرَهُ ففعل لا يحنث لعدم صحة أمره بها .

    ٢أفعال تقبل التوكيل ولا يجب على الوكيل إضافتها إلى الموكل، بل تقع عنه وتنفذ عليه وإن لم يضفها الوكيل إلى موكله وهي سبعة أفعال من التصرفات : البيع والشراء، والإيجار، والاستئجار، والقسمة، والخصومة، والصلح عن مال بمال، لأن هذه التصرفات يستغني المأمور فيها عن إضافتها إلى آمره ويضيفها إلى نفسه فيقول : بعت، اشتريت . . .

    ٣ ـ أفعال تقبل التوكيل ويجب على الوكيل ـ لأجل وقوعها عن الموكل ـ أن يضيفها إليه ,كالنكاح والطلاق والإبراء والصلح عن دم العمد والصدقة وغيرها، لأن الوكيل في هذه التصرفات سفير ومعبر، وحقوق هذه التصرفات تتعلق بالموكل فقط ولذلك يصح لشخص واحد أن يتولى طرفي العقد في هذه الأمور عند الحنفية . تنبيه آخر : اللفظ عند اللغويين ثلاثة أقسام: حقيقة ومجاز وكناية، وعند الأصوليين قسمان: حقيقة ومجاز، وكل منهما على ثلاثة أقسام :

     ١ – حقيقة لغوية كلفظ حصان في الدلالة على الحيوان المعروف ،

     ٢ ـ حقيقة شرعية : كلفظ صلاة للدلالة على الأقوال والأفعال المفتتحة بالتكبير والمختتمة بالتسليم ،

    ٣ – حقيقة عُرفية : كلفظ دابة للدلالة على الحيوانات التي تمشي على أربع .

     ٤ – مجاز لغوي : وهو مرادف للحقيقة العرفية ،

     ٥ ـ مجاز شرعي : كلفظ النكاح في الدلالة على العقد لا الوطء،

     ٦ ـ مجاز عقلي: ويسمى المجاز الحكمي، وهو إسناد غير حقيقي ويكون في التركيب دون اللفظ، وإدراك المراد يكون بالعقل لا بالقرائن المانعة.

  • قاعدة : من سعى في نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه

    قاعدة : من سعى في نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه

    محامي

     من سعى في نقض ما انبرم من جهته وكان لا يمس به حق صغير أو حق وقف، فسعيه عليه مردود، وإلا اعتبر متناقضاً في سعيه مع ما أتمه وأبرمه، والدعوى المتناقضة لا تسمع .

     وتنضبط هذه القاعدة بنوعين من التناقض :

     أ ـ أن يكون التناقض مما لا يقبل التوفيق بحال، كأن يدعي بشيء إرثاً من شخص، ثم يدعي بنفس الشيء بعد ذلك شراء منه فإنه تناقض لا يمكن التوفيق فيه، لأن الشراء لا يتأتى من الميت ولذلك ترد الدعوى الثانية (الشراء) لمناقضتها للدعوى الأولى (الإرث).

     ب ـ أن يكون التناقض مما يقبل التوفيق، كأن يدعي بالشيء شراء من شخص ثم يدعي به إرثاً منه بعد ذلك، فإنه تناقض يقبل التوفيق بأن يصدق بالشراء منه أولاً، ثم يفترض رده إلى البائع ببيع أو هبة أو غير ذلك، ثم إرثه منه بعد وفاته .

    وللحنفية في صحة دعواه الجديدة رأيان:

    الأول: أن دعواه تصح ويلغى التناقض ما دام التوفيق محكماً وهو القياس . والثاني: إن تم التوفيق بالفعل بين الدعويين قبل منه وحكم بزوال التناقض، وإلا ردت الدعوى الثانية، وهو الاستحسان والرأي الأقوى عندهم.

    والتوفيق قد يكون ثابتاً مبنياً على سبب موضوعي كما في ادعاء الإرث بعد الشراء وقد يكون مبنياً على جهل المتصرف بالنظر لخفاء السبب، كما لو اشترى أرضاً من آخر ثم ادعى أن الأرض وقف، ويطالب بإبطال البيع لجهله بوقفها عند البيع، فإنه يصدق في جهله ويلغى البيع.

     ومما يتفرع على هذه القاعدة أنه إذا أقر ، ثم ادعى الخطأ في الإقرار، فإن دعواه لا تسمع منه . . ومنها : إذا بادر إلى اقتسام التركة مع الورثة ثم ادعى بعد القسمة أن تسمع دعواه، لأن إقدامه على القسمة فيه اعتراف منه بأن المقسوم ماله، لا المقسوم مشترك.

    ومنها : لو تراكمت نفقة الزوجة المقضي بها أو المتراضى عليها ولم تكن مستدانة بأمر القاضي فطلقها بائناً لتسقط النفقة المتراكمة من ذمته لا لذنب منها، فإنه يرد قصده وسعيه عليه، فإذا كانت النفقة متراض عليها فالأمر ظاهر من أنها تمت من جهته، أما إذا كانت مقضياً بها فيمكن أن يقال إنها تمت من جهته بعقد النكاح لأن النفقة تجب بالعقد.

    ومنها: لو باع الصبي المميز المحتمل البلوغ أو اشترى واعترف بالبلوغ، ثم ادعى عدم البلوغ فلا يلتفت لادعائه وينفذ بيعه وشراؤه.

     ولا فرق فيما تم من جهة المرء بين أن يكون تم من جهته حقيقة أو حكماً بواسطة وكيل أو مورث، والقيد بعدم مساس حق الصغير أو حق الوقف؛ لأن ادعاء الغبن الفاحش في بيع مال القاص أو الوقف تسمع الدعوى به وينقض به البيع.

    ومسألة الوقف تفصيلية، حاصل ما ذكر أنه إذا باع ثم ادعى أنه وقف محكوم بلزومه تسمع دعواه، أما إذا برهن البائع على أصل الوقف فقط . تقبل بينته ولا يعطى شيئاً من غلة الوقف إذا كان من الموقوف عليهم لعدم صحة دعواه بالتناقض.

    ويستثنى من هذه القاعدة فيما لو اشترى الأب داراً لابنه الصغير والأب شفیعها، كان له أن يأخذها بالشفعة، لأن حق الشفعة يثبت مع فراغه من إجراء عقد الشراء لابنه ، فإذا طلب الشفعة مع تمام العقد بلا فاصل لا يكون قد حصل منه رضى بتسليم الشفعة بعد ثبوتها، لأن رضاه المستفاد من إقدامه على الشراء لا عبرة به لكونه قبل ثبوت الشفعة والحق قبل ثبوته لا يقبل الإسقاط، حيث الشفعة تثبت بعد العقد، ولذا اشترطوا أن يكون طلب الأب الشفعة إثر الشراء بلا فاصل فيقول : اشتريت وأخذت بالشفعة.

  • شرح قاعدة من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه

    شرح قاعدة من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه

    من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه

    هذه القاعدة من باب السياسة الشرعية في سد الذرائع، وفروعها ماهي إلا صور من منع التعسف في استعمال الحق في الفقه الإسلامي. .

     ويلاحظ على هذه القاعدة أن صيغتها التي أتت بها المجلة تضيق نطاق القاعدة فتقصره على سوء القصد المرتبط بالاستعجال بينما حقيقة القاعدة أوسع من ذلك بكثير، إذ تشمل كل التصرفات التي تقوم على سوء النية والقصد.

    والأمثلة الآتية تشترك جميعاً في وجود سوء النية من الشخص المتصرف، فأوجب الفقه معاملته بنقيض ما قصده حماية للأحكام الشرعية من التلاعب بها وتحويلها عن مقاصدها التي شرعت لأجلها ومنع الإساءة إلى الغير، وهو في الحقيقة روح هذه القاعدة. .

    مثال ذلك : لو قتل شخص مورثه أو الموصي له بلا مسوّغ شرعي، يُحْرَم بذلك من الإرث والوصية، وهذا الحكم مأخوذ من الحديث الشريف : «لا يرث القاتل شيئاً» [رواه أبو داود ومالك وأحمد]، والظاهر أن هذا الحكم هو دليل للقاعدة وليس مثالاً عليها .

    ومن فروعها: لو طلق الرجل زوجته بائناً في مرض موته ومات خلال عدتها ترث منه لدلالة مرض موته على قصده حرمانها من الإرث ، فيُرد قصده عليه، وهو ما يسمى بطلاق الفرار.

    وهذا المثال لا ينطبق على القاعدة بل هو من باب سد الذرائع حيث عومل المطلق بنقيض قصده، لأنه لو لم يطلقها لم تُحْرَم من الإرث، وبالتالي لم يستعجل حرمانها.

    لو جاءت الفرقة من قبل الزوجة بسبب ردتها، فليس لها أن تتزوج بعد بتها بغير زوجها، وتجبر على تجديد العقد على زوجها بمهر يسير، وذلك لرد عملها عليها، حيث إنها استحصلت على حل عقدة النكاح بهذا السبب الخاص المحظور وهو المروق من الدین فعوقبت بحرمانها من ثمرة ردتها الخبيثة، حتى إن الامام الدبوسي والصفار ومشايخ بلخ وبعض مشايخ سمرقند قالوا بعدم وقوع الفرقة أصلاً بردتها زجراً لها. وعلى القول الأول: ماتت في ردتها يرثها الزوج إذا كانت ردتها في مرض موتها وماتت وهي العدة لكونها فارّة، وعلى القول الثاني قول الدبوسي ومن وافقه : يرثها الزوج مطلقاً.

    ومن فروعها أيضاً : زواج الرجل بالمطلقة ثلاثاً بعد عدتها ودخوله بها، ثم طلاقها بعد ذلك ومضي عدتها من أسباب حلها لزوجها الأول، فإذا تزوجت المطلقة ثلاثاً من رجل بقصد إحلالها لزوجها الأول وشرطت ذلك في لم تحل لزوجها الأول بهذا الزواج معاقبة لها بنقيض قصدها على استعجالها .

    وهو قول محمد بن الحسن ، وذهب أبو يوسف إلى فساد النكاح أصلاً، أما الإمام أبو حنيفة فالنكاح عنده صحيح يحلّها للزوج الأول.

     ومنها : المريضة مرض موت، إن خالعت زوجها وقع الطلاق لأنه علّق على قبول المال وقد وجد، فإن ماتت المختلعة في العدة كان للزوج المخالع الأقل بين بدل الخلع والحصة الإرثية وثلث التركة وإن ماتت بعد انقضاء العدة كان له الأقل بين بدل الخلع وثلث التركة، لاحتمال أن يكون مقصود الزوجة محاباة الزوج بأكثر من نصيبه الإرثي في ميراثها فيرد عليها قصدها .

    ومنها : عدم نفاذ وقف المدين في القدر الذي يتوقف عليه تسديد الدين من أمواله، قطعاً لما يلجأ إليه بعض المدينين في وقف أموالهم لتهريبها من وجه الدائنين  .

     ففي ضوء الأمثلة المتقدمة وغيرها يقترح الأستاذ مصطفى الزرقا صيغة جديدة لهذه القاعدة وهي : ( يعامل سيىء النية في التصرف بنقيض قصده)، أو ( من قصد بتصرفه غرضاً غير مشروع عومل بنقيض قصده).  

     إلا أن هذه القاعدة غير مطردة ولها استثناءات منها : لو أمسك زوجته مسيئاً عشرتها لأجل إرثها، ورثها . ولو أمسكها كذلك لأجل الخلع نفذ خلعه. .

     ولو قتلت الزوجة زوجها أو تسببت بقتله خروجاً من عقوبة القصاص، لاستيفاء مؤجل مهرها استحقته من تركته لأن أداءه إليها واجب عليه في حياته.

  • شرح قاعدة  العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني

    شرح قاعدة  العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني

    محامي, استشارة قانونية

    هذه القاعدة تتضمن معنى المادة الثانية إلا أنها أخص منها، فتلك عامة  في كل التصرفات وهذه في العقود خاصة فتصلح أن تكون فرعاً منها.

     والمراد بالمقاصد والمعاني هي الغايات التي تعيّنها القرائن اللفظية، والتي توجد في عقد فتكسبه حكم عقد آخر،  .

     كما ينعقد النكاح بلفظ البيع والهبة، وكما يطلق لفظ الوصاية ويراد به الوكالة والعكس، فلو أوصى إنسان غيره ببيع شيء من ماله فإن ذلك يكون وكالة ولو وكَّله بتنفيذ وصيته بعد موته يكون ذلك وصاية .

    والمقاصد العرفية المرادة للناس في اصطلاح تخاطبهم معتبرة في تعيين جهة العقود، وقد صرّح الفقهاء بأنه يحمل كلام كل إنسان على لغته وعُرفه وإن خالفت لغة الشرع وعرفه كانعقاد النكاح بلفظ التجويز وهو لفظ غير الألفاظ الموضوعة للنكاح مما يفيد معنى النكاح في العقد.

     إن ذكر لفظ العقود في هذه القاعدة ليس لأن اعتبار المقاصد والمعاني لا يجري إلا في العقود بل جرياً على الغالب، وإلا فإن هذه القاعدة تجري في الدعاوى كما قال الإمام أبو الحسن الكرخي في رسالة الأصول : (الأصل أنه يعتبر في الدعاوى مقصود الخصمين في المنازعة دون الظاهر)،

    فلو ادعى رجلان نكاح امرأة ميتة وأقام كل منهما البينة ولم يؤرخا، أو أرخا تأريخاً متحداً، فإنه يقضى بالنكاح بينهما وعلى كل منهما نصف المهر ويرثان منها ميراث زوج واحد؛ لأن المقصود من الدعوى الإرث فكانت دعوى مال ولا مانع من اشتراكهما في المال.

    أما لو كانت حية وأقام كل منهما البينة ولا مرجّح لأحدهما فإنه لا يقضى لأحد منهما ؛ لأن المقصود حينئذ نفس النكاح والشركة فيه لا تكون.

    ولاعتبار المقاصد والمعاني في العقود لا بد من توفر أربعة شروط :

     1 – أن يكون اللفظ محتملاً للقصد فلو قالت : أعرتك نفسي أو أجرتك نفسي على كذا، لم ينعقد نكاحاً؛ لأن الإعارة والإجارة يفيدان التمليك المؤقت للمنفعة وهو منافٍ لغاية النكاح.

    ٢ ـ أن يستوي جانبا إعمال ظاهر اللفظ والقصد فيعتبر القصد، كأن يقول لزوجته : اذهبي إلى بيت أهلك، فإن نوى الطلاق ،وقع، وإن نوى إبعادها عن بيته مؤقتاً صُدِّق لاستواء الطرفين.

    3ـ أن يستوي جانبا إعمال ظاهر اللفظ والقصد ويحف بلفظه قرائن تجعل إعمال القصد دون اللفظ راجحاً، كأن يقول : اعتدي، أو أنت واحدة، أو استبرئي رحمك، وهو في حالة غضب أو جواب عن طلبها، يقع الطلاق رجعياً بقرينة الغضب والجواب. أما لو كان الزوج في حالة رضاً فيعتبر قصده، كما هو في الشرط الثاني

    4ـ أن لا يكون الحكم المترتب على المعنى المقصود أدنى من الحكم المترتب على المعنى الذي يقتضيه ظاهر ،اللفظ فمن قال لآخر : وهبتك قلمي بدرهم كان بيعاً، ولو قال بعتك بلا ثمن لم يكن هبة بل بيعاً باطلا؛ ذلك لأن الملك بالهبة أدنى من الملك بالبيع، فالهبة يجري فيها الرجوع دون البيع  ولا تتم الهبة إلا بالقبض دون البيع أيضاً. .

     إن اعتبار المقاصد والمعاني في العقود مقيد بما إذا لم يعارضه مانع شرعي يمنع اعتبار المقصد والمعنى، فلو كان المهر ديناً في ذمة الزوج كالدراهم والدنانير، فوهبت الزوجة نصفه قبل أن تقبضه منه ، ثم طلقها قبل الدخول، فإنه يرجع عليها بشيء ويجعل ما وصل إليه بالهبة واصلاً إليه بحكم استحقاق نصف المهر بالطلاق قبل الدخول فيلغى قصد الهبة ويعتبر وجوب تسليم نصف المهر؛ لأن هذا التصرف يحمل على الواجب قبل أن يحمل على المباح ؛ ولأنه لا يُبالى باختلاف الأسباب بعد سلامة المقصود، فكل ما كان مستحقاً بجهة إذا وصل إلى المستحق بجهة أخرى يعتبر واصلاً، أما إذا وصل إليه من جهة غيره فلا ، فلو كان المهر عيناً فوهبته إلى غير زوجها وهو وهبه إلى زوجها ثم طلقها قبل الدخول فلزوجها عليها نصف قيمة العين؛ لأن الحق وصل إلى المستحق وهو الزوج  من غير جهة المستحق عليه وهو المرأة؛ وذلك لصحة التمليك والتملك بين الزوجة الواهبة وبين الموهوب له، فانقطع حق المالك الأصلي عن العين وصار المستحق له هو القيمة، وبوصول العين إليه من الموهوب له قد وصل إليه غير ما يستحقه وهو القيمة .

  • شرح قاعدة “الأمور بمقاصدها” مع أمثلة شرعية

    شرح قاعدة “الأمور بمقاصدها” مع أمثلة شرعية

    محامي, استشارة قانونية

    الأمر هنا يقصد به الفعل وهو عمل الجوارح، والقول أيضاً من جملة الأفعال لأنه ينشأ من جارحة اللسان، فلو طلّق رجل زوجته في قلبه ولم ينطق بلسانه لا يترتب على ذلك الفعل الباطني حكم لأن الأحكام الشرعية تتعلق بالظواهر ، أما ألفاظ الطلاق الصريحة فلا تحتاج إلى نية، ويكفي حصولها لترتب أحكامها عليها ؛ لأن النية متمثلة بها.

    والكلام على تقدير مقتضى أي أحكام الأمور بمقاصدها؛ لأن الفقه يبحث عن أحكام الأشياء لا عن ذواتها، فألفاظ التمليكات كالبيع والهبة والإجارة والصلح إذا لم يقترن بها ما يقصد به إخراجها عن إفادة ما وضعت له، تفيد حكمها وهو الأثر المترتب عليها من التمليك والتملك، لكن إذا اقترن بها ما يخرجها عن إفادة هذا الحكم كإرادة النكاح مثلاً، فإنه يسلبها إفادة حكمها المذكور وتكون نكاحاً.

    إلا أنه يشترط في الإجارة والصلح أن تكون المرأة بدلاً ليكون نكاحاً ، فلو كانت في الإجارة معقود عليها لا يكون نكاحاً، ولو كانت في الصلح مصالحاً عنها بأن ادعى عليها النكاح فأنكرت فصالحته على مال رفعته له ليكف عنها، صح الصلح وكان خلعاً . 

    وأفعال المكلفين منوطة بمقاصدهم فلو أن الفاعل قصد بالفعل الذي فعله أمراً مباحاً كان فعله ،مباحاً، وإن قصد محرّماً كان حراماً، ولا تجري هذه القاعدة إلا في المباحات وهي نظير الحديث الشريف: “وإنما الأعمال بالنيات” .. ولا تجري بين أمرين مباحين لا تختلف بالقصد صفتهما، كما لو وقع الخلاف في كون الفرقة مبارأة أو خلعاً، لأن الاختلاف حينئذٍ لا يترتب عليه ثمرة، بل تجري هذه القاعدة بين مباحين تختلف صفتهما بالقصد كما لو دار اللفظ بين البائن والرجعي، وتجري بين مباح ومحظور كما بين نكاح لدوام العشرة أو للتحليل .

    لذلك فما دام ظاهر التصرف محتملاً للقصد الذي وراءه فيتغير الحكم بتغير القصد، وإذا لم يحتمله أُعمل الظاهر وألغي القصد،

    فمن قال لزوجته: اذهبي أهلك، نظر إلى قصده، فإن كان الطلاق حكم عليه به لاحتمال اللفظ له، وإن كان قصده غير الطلاق لم يُحكم عليه به لاحتمال اللفظ غير الطلاق أيضاً.

    أما إن قال لزوجته: أنت طالق حكم عليه بالطلاق وإن لم يقصده لأن الطلاق لا يحتمل غيره، وذلك في الحكم الدنيوي قضاء، أما بينه وبين ربه فيقبل منه قصده ولا يقع منه الطلاق ديانة. 

    إلى

    بيت

    صریح

    والطلاق يقع بالألفاظ المصحفة قضاء، ولكن لا بد أن يقصدها باللفظ ، والألفاظ المصحفة للطلاق خمسة تلاق تلاغ، طلاغ، تلاك، طلاك، فيقع الطلاق بها قضاء ولا يصدق بعدم قصده إلا إذا أشهد على ذلك بأن قال: امرأتي طلبت مني الطلاق وأنا لا أطلق.

    ولا فرق في ذلك بين العالم والجاهل، وعليه الفتوى كما في البحر، وظاهر الإطلاق يشمل ما إن لم يكن ألثغاً، فلو قال لامرأته طارق، وأدغم الراء وأخفاها يلزمه بذلك شيء فلا تطلق امرأته.

    ولو طلق غافلاً أو ساهياً أو مخطئاً وقع الطلاق، وفي عبارة بعض الكتب أن طلاق المخطئ واقع قضاء لا ديانة  ، والغفلة سهو يعتري الإنسان من التحفظ والتيقظ، وبه يعلم أن السهو مرادف للغفلة وهما غير النسيان الذي هو ترك الإنسان ضبط ما استودع على حفظه إما لضعف قلبه، وإما عن غفلة .

    وطلاق المخطئ صحیح لأن القصد أمر باطني يتعلق بالسبب الظاهر الدال عليه، وهو أهلية القصد بالعقل والبلوغ، وعلى هذا فلا ينبغي أن يقع طلاق النائم؛ لأن النوم ينافي أصل العمل بالعقل، ولأن النوم مانع عن استعمال نور العقل فكانت أهلية القصد معدومة بيقين.

    لو كرر مسائل الطلاق بحضرتها ويقول في كل مرة: أنت طالق، لم يقع.

    ولو كتب أحد ما : امرأتي طالق أو أنت طالق وقالت له: اقرأ علي؟ فقرأ عليها، لم يقع الطلاق عليها لعدم قصده زوجته باللفظ .

    الطلاق باللفظ الصريح لا يحتاج إلى نية لظهور المراد به، ولو قال لزوجته : أنت طالق، ناوياً الطلاق من وثاق لم يقع ديانة ووقع قضاءً ، وهذا إذا لم يقرنه بالثلاث، أما لو قرنه لم يصدق بأنه لم ينو طلاقاً؛ لأنه لا يتصور رفع القيد ثلاث مرات، فانصرف اللفظ إلى قيد النكاح كيلا يلغو. وهذا التعليل يفيد اتحاد الحكم فيما لو قال مرتين. .

    ولو طلقها هازلاً يقع قضاء وديانة، لأن الشارع جعل هزله جداً .

    ولا تصح نية الثلاث في : أنت طالق ولا نية البائن ، لأنه بنية الإبانة قصد تنجيز ما علقه الشارع بانقضاء العدة فيُردّ عليه.

    وما بينه العلامة التفتازاني التلويح من أن الطلاق الذي يدل عليه (طالق) لغة هو صفة المرأة وهو ليس بمتعدد في ذاته، بل يتعدد بتعدد ملزومه – أي التطليق ـ الذي هو صفة الرجل .

    وتصح نية الثلاث في المصدر في قوله : أنت الطلاق ، هذا إذا لم يكن طلقها قبل ذلك واحدة، أما إذا طلقها قبل ذلك يقع واحدة لأنه فرد حقيقة ولو نوى اثنتين. .

    وكنايات الطلاق لا يقع بها إلا بالنية ديانة سواء كان معها مذاكرة الطلاق أو لا، والمذاكرة تقوم مقام النية في القضاء إلا في لفظ الحرام فإنه كناية لا يحتاج للنية فينصرف إلى الطلاق إذا كان الزوج من قوم يريدون بالحرام الطلاق. 

    والتفويض بالطلاق والخلع والإيلاء والظهار وكذلك الرجعة، فما كان منها صريحاً لا تشترط له النية وما كان كناية اشترطت له.

    ولو قال لزوجته : طالق، وهو اسمها ولم يقصد الطلاق، قالوا لا يقع، كما في الفتاوى الخانية.  .

    ولو قالت لزوجها: تزوجت عليَّ ؟ فقال : كل امرأة لي طالق، طلقت وعن أبي يوسف لا تطلق، وفي المبسوط : (قول أبي يوسف عندي المحلّفة، أصح) وبه أخذ مشايخنا .

    لو جمع بين امرأته وأجنبية وقال : إحداكما طالق ولم ينو شيئاً، لا تطلق امرأته عند الإمام ؛ لأنه أضاف الطلاق إلى مبهم وهـو غـيـر مـحـل الطلاق، وعندهما تطلق لأن المضموم للزوجة لا باعتبار شخصه بل باعتبار نوعه هو محل للطلاق فيكون الطلاق واقع في محله فيتعين على الزوجة .

    والمسألة نفسها فيما لو جمع بين زوجته ورجل أو بينها وزوجته الميتة، أما لو جمع بين زوجته وما ليس بآدمي كبهيمة أو حجر فيقع الطلاق عند الجميع ؛ ؛ لأن المضموم

    إلى الزوجة ليس محلاً للطلاق فيتعين على الزوجة . كذا في الخانية. .

    لو كان له امرأتان عمرة وزينب فقال : يا زينب فأجابته عمرة فقال : أنت طالق ثلاثاً، وقع الطلاق على التي أجابت وإن قال: نويت زينب، طلقت زينب، فيقع الطلاق على زينب بمجرد النية. .

    ولو قال لزوجته: أنت عليَّ مثل أمي أو كأمي، فإن قال: أردت الكرامة، فهو كما قال؛ لأن التكريم بالتشبيه فاش في الكلام، وإن قال : أردت الظهار، فهو ظهار لأنه تشبيه بجميعها، وإن قال : أردت الطلاق فهو طلاق بائن، وإن لم تكن له نية فليس بشيء عند الشيخين، وعند محمد ظهار، وإن عنى به التحريم لا غير فعند محمد ظهار وعند أبي يوسف إيلاء؛ لأنه حاصل تحريم قربانها . 

    ويستثنى من هذه القاعدة ما لو أتى وصي على قاصر الأهلية أو فاقدها عملاً غير مأذون فيه، فإنه يضمن الخسارة الناشئة عن عمله ولو كانت رغبته الربح، وكذا لو أن شخصاً شاهد قاصراً دون سن التمييز وأخذ نقوداً بقصد حفظها فحكمه حكم الغاصب . ضامناً ويصبح فيما لو تلفت .

  • 30 قاعدة من القواعد الفقهية المتعلقة بالضمان

    محامي

    30 قاعدة من القواعد الفقهية المتعلقة بالضمان


    القاعدة الأولى : إذا اجتمع المباشر والمتسبب ، أضيف الحكم إلى المباشر

    القاعدة الثانية : المباشر ضامن و إن لم يتعمد.

    القاعدة الثالثة : المتسبب لا يضمن إلا بالتعمد

    القاعدة الرابعة : يضاف الفعل إلى الفاعل ، لا إلى الأمر ما لم يكن مجبر

    القاعدة الخامسة : الضرر يزال

    القاعدة السادسة : تصرف الإنسان في خالص حقه ، إنما يصح إذا لم يتضرر

    القاعدة السابعة : لا يجوز لأحد أن يتصرف في ملك الغير بلا إذنه .

    القاعدة الثامنة : لا يجوز لأحد أخذ مال أحد بلا سبب شرعي.

    القاعدة التاسعة : الجواز الشرعي ينافي الضمان

    القاعدة العاشرة : الخراج بالضمان .

    القاعدة الحادية عشرة : الغرم بالغنم .

    القاعدة الثانية عشرة: النعمة بقدر النقمة ، والنقمة بقدر النعمة.

    القاعدة الثالثة عشرة: الأجر والضمان لا يجتمعان.

    القاعدة الرابعة عشرة : الاضطرار لا يبطل حق الغير

    القاعدة الخامسة عشرة: ما لا يمكن الاحتراز عنه، لا ضمان فيه .

    القاعدة السادسة عشرة : على اليد ما أخذت حتى تؤديه

    القاعدة السابعة عشرة : إذا تعذر الأصل يصار إلى البدل .

    القاعدة الثامنة عشرة :جناية العجماء جبار.

    القاعدة التاسعة عشرة : يلزم مراعاة الشرط بقدر الإمكان .

    القاعدة العشرون : لا ضمان على المبالغ في الحفظ..

    القاعدة الحادية و العشرون : يقبل قول الأمين في براءة نفسه ، لا في إلزام الضمان على الغير

    القاعدة الثانية والعشرون : الإجازة تلحق الأفعال .

    القاعدة الثالثة والعشرون : الأمر بالتصرف في ملك الغير باطل .

    القاعدة الرابعة والعشرون : المفرط ضامن .

    القاعدة الخامسة والعشرون : الغار ضامن .

    القاعدة السادسة والعشرون من ملك شيئا ملك ما هو من ضروراته

    القاعدة السابعة والعشرون : إذا بطل الشيء بطل ما في ضمنه

    القاعدة الثامنة والعشرون : لا عبرة بالظن البين خطؤه .

    القاعدة التاسعة و العشرون : ما ضمن كله بالقيمة عند التلف ، ضمن بعضه

    القاعدة الثلاثون : إذا سقط الأصل سقط الفرع .

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1