التصنيف: أصول المحاكمات المدنية

قانون أصول المحاكمات المدنية السوري

  • الاختصاص النوعي للمحكمة الشرعية

    الاختصاص النوعي للمحكمة الشرعية

    تختص المحكمة الشرعية اختصاصاً نوعياً شاملاً بغض النظر عن الدين أو المذهب في مسائل الولاية والوصايا والنيابة الشرعية، وإثبات الوفاة وتعيين الحصص الشرعية للورثة، والحجر وفكه وإثبات الرشد، والمفقود، والنسب، ونفقة الأقارب من غير الزوجين،

     ويمكن الرجوع في الأحكام الموضوعية لهذه المسائل إلى قانون الأحوال الشخصية للمسلمين. كما تختص المحكمة الشرعية اختصاصأ نوعياً شاملاً في دعاوى الأحوال الشخصية الخاصة بالمسلمين فقط، ولاسيما في الزواج وانحلاله والمهر والجهاز، والحضانة والرضاع، والنفقة بين الزوجين والأولاد،

     ويمكن الرجوع أيضا في الأحكام الموضوعية إلى قانون الأحوال الشخصية، إلا أنها لا تختص في هذه المسائل بالنسبة الجانب المسلمين الذين يخضعون في بلادهم لقانون مدني مالم يكن الزوج سورية مسلمة، فعندئذ تكون المحكمة الشرعية مختصة في المسائل المحددة جميعها.

     أما دعاوى الأحوال الشخصية لغير المسلمين من السوريين الذين ينتمون إلى الطوائف المعترف فيها في سورية في مثل هذه المسائل فإنها تخضع لاختصاص محاکم روحية خاصة تنص عليها أحكام خاصة في نظام كل طائفة.

    كما تختص المحكمة الشرعية اختصاصا نوعياً شاملاً في دعاوى الوقف الخيري للمسلمين من حيث حكمه ولزومه وصحة شروطه، دون الوقف الذري أو المشترك الذي يخضع لأحكام القواعد العامة في الاختصاص،

     أما وثائق الوقف الخيري لغير المسلمين فلا يدخل في اختصاص المحكمة الشرعية بل يخضع للقواعد العامة،

     وقد وضعت محكمة النقض مجموعة من القواعد والمعايير في تحديد اختصاص المحكمة الشرعية حيث تختص المحكمة الشرعية في المنازعات القائمة بين الزوجة والزوج المتعلقة بأشياء المرأة الجهازية سواء كانت المطالبة بعينها أو بقيمتها، ويشمل الجهاز

    ((جميع الأشياء التي تحضرها الزوجة لدار الزوجية بدءا من مناسبة الزواج وحتى لحظة مغادرتها دار الزوجية أخر مرة مهما كان مصدر تملكها سواء اشتريت من المهر أو بغيره . سواء جاءتها من الزوج وذويه أو سواهم))،

     بينما لا يدخل في اختصاص المحكمة الشرعية المنازعات المتعلقة بأشياء الزوج، ولا الهدايا أو الهبات أو (النقوط) التي تقدم بمناسبة الخطبة أو الزواج دون أن تعد جزء من معجل المهر،

    ولا تختص بالمنازعات المتعلقة فيما تملكه الزوجة بعد الزواج، ولا في طلب التعويض عن فسخ الخطوبة، ولا في إخراج المطلقة من دار الزوجية بعد انقضاء عدتها، وإن

    ((مطالبة الحاضن بالأموال التي أنفقتها في رعاية المحضون تخرج أصلا عن اختصاص المحكمة المحكمة الشرعية لأنها مطالبة بدين، وتستطيع الهيئة إثارتها من تلقاء نفسها لأنها من النظام العام))

    ، ولكنها تختص في بدل الخلع إذا لم يجاوز المهر،

    وفي بطلان زواج المسلمة من غير مسلم، وكذلك تصبح مختصة إذا أسلمت الزوجة بوصفها صاحبة الولاية العامة في الأحوال الشخصية إذا كان أحد الزوجين السوريين مسلمة،

     وفي مسائل الأحوال الشخصية جميعها للمسلمين السوريين الناشئة عن الزواج وآثاره،

     وتختص بنظر الدعاوى المتعلقة بالأحوال الشخصية لمن يعتنقون المذهب الدرزي في غير منطقة السويداء بوصفها المحكمة الأصلية للأحوال الشخصية.

    (محمد واصل، الإجازة في الحقوق، من منشورات الجامعة الافتراضية السورية، الجمهورية العربية السورية، 2018 )

  • الاختصاص النوعي لمحكمة البداية المدنية – شرح مفصل

    الاختصاص النوعي لمحكمة البداية المدنية – شرح مفصل

     الاختصاص النوعي لمحكمة البداية المدنية - شرح مفصل

    تختص محكمة البداية اختصاصا نوعية شامة في كل دعوى ليست من اختصاص محكمة أخرى سواء تعلق الأمر بالاختصاص الولائي أو النوعي، حيث يدخل في اختصاصها كل منازعة مهما كان نوعها أو مقدارها مالم يخرجها القانون منه بنص خاص، وهذا يعني أنه لا يوجد لائحة تتضمن الدعاوی كافة التي تنظر فيها المحكمة البدائية، كما هو الأمر بالنسبة لمحكمة الصلح، ومع ذلك فهي تختص اختصاصا نوعية شاملا مهما كانت قيمة النزاع في الدعاوى الآتية: 

    أولاً- الدعاوى المتعلقة بتنفيذ الأحكام والسندات الأجنبية:

    أعطى المشرع السوري صلاحية الحكم بتنفيذ السندات التنفيذية الأجنبية سواء كانت أحكامة، أم أحكام محكمين، أم سندات رسمية في سورية لمحكمة البداية المطلوب تنفيذ تلك الأحكام والسندات في دائرتها، وذلك عن طريق الدعوى، وبشرط المعاملة بالمثل،

    وتعد سندات تنفيذية أجنبية تلك التي لا تصدر في دولة القاضي أو في الدولة المطلوب تنفيذه فيها، لكنها تكون صادرة عن جهة رسمية أو جهة لها الصفة الرسمية في إصدارها،

    ونميز في تنفيذ تلك السندات بين حالتين: حالة عدم وجود معاهدة دولية بين الدولة المطلوب التنفيذ فيها والدولة التي صدر السند فيها، وحالة وجود معاهدات ثنائية أو دولية تتعلق بتنفيذ تلك السندات، فإذا وجدت معاهدة دولية بتنفيذ الأحكام والأوامر القضائية

    طبقت أحكام الاتفاقية الدولية أو المعاهدة عملا بمبدأ سمو المعاهدة على التشريع الداخلي ، أما إذا لم توجد معاهدة فإنه للمحكمة أن تأمر بتنفيذ الأحكام والأوامر وأحكام المحكمين، والمحررات الرسمية الصادرة في دولة أجنبية وفق القواعد والشروط التي تنفيذ فيها الدولة الأجنبية الأحكام والأوامر وسائر السندات الصادرة في دولة التنفيذ.

    لذلك، يخضع الحكم القضائي الأجنبي قبل تنفيذه إلى أمر وطني بتنفيذه، لأن تلك مسألة تتعلق من حيث المبدأ بسيادة الدولة على أرضها، وعلى المقيمين فيها مع مراعاة الاتفاقات الدولية المبرمة بهذا الشأن، ولأن القاضي الوطني لا يمكن أن يأتمر بأوامر قاضي أجنبي، لهذا يخضع الحكم الأجنبي إلى الصيغة التنفيذية الوطنية،

    وتختلف الكيفية التي تتم بها إعطاء الأحكام الأجنبية الصيغة التنفيذية من دولة إلى أخرى، إلا أن معظم التشريعات العربية تتفق على أن إعطاء الصيغة التنفيذية أو الأمر بالتنفيذ إنما يتم عن طريق الدعوى إلى المحكمة المختصة وفقا للقوانين الوطنية. ويعطى الأمر بتنفيذ الأحكام وأحكام المحكمين والسندات الرسمية في سورية إذا  توافرت الشروط الآتية:

    1- أن يكون الحكم أو السند صادرة عن هيئة قضائية أو هيئة أو جهة مختصة ومشكلة تشكيلاً

    صحيحا وفق قانون الدولة التي صدر فيها، وأنه لم يصدر بناء على غش أو تدليس.

    2- أن يكون الحكم صدر في قضاء خصومة، وأن يكون الخصوم قد كلفوا بالحضور أو مثلوا تمثيلا صحيحاً في الدعوى التي صدر الحكم فيها، أو أن يكون السند قد صدر وفق الإجراءات المحددة في الدولة التي صدر فيه.

    3- أن يكون الحكم صادرة في مادة من مواد القانون الخاص (مدني – تجاري – أحوال شخصية…)، وبالتالي لا يعتد بتنفيذ الأحكام الجزائية إلا إذا كان المطلوب تنفيذ الشق المتعلق بالالتزامات المدنية. 4- أن لا تتعارض الأحكام مع حكم سبق صدوره عن المحاكم الوطنية في دولة القاضي، متى كان الحكمان متحدين في الموضوع والسبب والأطراف، إلا إذا كان الحكم الأجنبي يحقق مصلحة أو حماية أكبر للعناصر الوطنية،

    والمحكمة المختصة بنظر دعوى إعطاء الأمر بالتنفيذ هي التي تحقق في مسألة ترجيح العناصر الوطنية.

    5- أن لا يخالف الحكم أو السند النظام العام أو الآداب العامة في سورية، وأن لا يخل بالقوانين الأساسية المعمول بها في دولة القاضي.

    6- أن تعترف الدولة التي صدر فيها الحكم المراد تنفيذه بتنفيذ الأحكام الوطنية لدولة القاضي.

    7- أن يكون الحكم أو السند قابل للتنفيذ في الدولة التي صدر فيها وفقا للإجراءات المعمول بها في ذلك البلد، وعلى القاضي أن يتحقق من ذلك.

    ثانياً – دعاوى الإفلاس والصلح الواقي:

    تختص محكمة البداية اختصاصاً شاملاً في دعاوى الإفلاس والصلح الواقي من الإفلاس مهما كانت قيمة النزاع سواء تعلقت تلك الدعاوى بتاجر صغير، أم بشركة تجارية كبيرة، ويكون اختصاصها شاملاً في كافة المنازعات التي سببها أو منشأها الأحكام الخاصة بالصلح الواقي من الإفلاس، الإفلاس المنصوص عليهما في قانون التجارة بدء من دعوة الدائنين وتعيين وكيل التفليسة، ومروراً بإدارة التفليسة، وحتى إقفالها بالتصديق على الصلح، أو بالتصفية وتوزيع الديون.

    ثالثاً- دعاوى العاملين في الدولة:

    تختص محكمة البداية اختصاصا نوعيا حصريا شاملا في جميع الدعاوى الناشئة عن تطبيق قانون العاملين الأساسي في الدولة بوصفها محكمة قضاء إداري وفقا لأحكام المادة (160) بدلالة المادة (143) من القانون المذكور وبالتالي فإن الأحكام الصادرة عن المحكمة الابتدائية بهذه الصفة تخضع للطعن أمام المحكمة الإدارية النقض.

    رابعاً – منازعات الضرائب:

    تختص المحكمة الابتدائية بوصفها محكمة قضاء إداري في جميع منازعات الضرائب إذا كان مبلغ التكليف الضريبي لا يزيد على مئة ألف ليرة سورية، ويطعن في أحكامها أمام المحكمة الإدارية  النقض.

    خامساً- دعاوى الأحوال الشخصية للأجانب:

    تختص محكمة البداية اختصاصا نوعية شاملاً في دعاوى الأحوال الشخصية للأجانب الذين يخضعون في بلادهم لقانون مدني سواء كانوا مسلمين أم غير مسلمين،

    وإذا أقيمت هذه الدعوى أمام المحكمة الشرعية، فعلى القاضي أن يحكم برد الدعوى لعدم الاختصاص دون الإحالة إلى المحكمة المختصة لأنه لا يملك قانونا سلطة الإحالة في عدم الاختصاص النوعي، وعلى هذا تختص محكمة البداية أيضاً في إبطال وثيقة طلاق صادرة عن القاضي الشرعي تتعلق بأجنبي يخضع في بلاده القانون مدني، كما لو تعلقت الدعوى بإبطال وثيقة الطلاق العائدة لزوجة تركية الجنسية، وبأية دعوی تقوم بين عدة أجانب يعتنق أحدهم على الأقل جنسيه بلد تتبع فيه بموجب الأحكام المرعية الأحوال الشخصية للحقوق المدنية،

    إلا أنها لا تختص بدعوى تثبيت المخالعة إذا كانت قد جاءت إثر زواج ديني، ولو تم الانتساب إلى جنسية دولية أجنبية بعد الزواج تطبق الشريعة المدنية على الأحوال الشخصية، حيث يبقى الاختصاص خاضعاً لقانون الزواج، وفي جميع الأحوال فإن المحاكم الشرعية هي المختصة لتثبيت زواج المسلم السوري من أجنبية.

    سادساً – الاختصاص في الطلبات العارضة والمرتبطة:

    تختص محكمة البداية بالطلبات العارضة التي يجوز تقديمها من المدعي أو المدعى عليه بعد رفع الدعوى مهما كان موضوعها أو نوعها، ولو كانت تدخل في الاختصاص النوعي أو القيمي المحكمة الصلح لأن من يملك الأكثر يملك الأقل

    سابعاً – منازعات العمل للعاملين في القطاع الخاص :

    أصبحت محكمة البداية المدنية المؤلفة برئاسة قاضي وممثل عن العمال، وممثل عن أرباب عمل تختص بنظر الدعاوى العمالية للعاملين في القطاع الخاص الخاضعين لأحكام القانون رقم (17) العام 2010، وفق أحكام المادة (205) من القانون المذكور .

    ثامناً – اختصاص محكمة البداية بوصفها مرجعة استئنافياً :

    إذا رفض رئيس المكتب العقاري طلب تسجيل أو ترقين، فيمكن استئناف قرار الرفض إلى محكمة البداية التي يقع العقار في دائرتها ،

    وتنظر المحكمة في غرفة المذاكرة، بناء على الوثائق المقدمة لها، فيما إذا كانت الأسباب التي رد أمين السجل العقاري طلب القيد من أجلها، هي مستندة إلى الأحكام القانونية والنظامية النافذة،

    وتثبت المحكمة قرار الرد إذا كان مستندة إلى سبب قانوني، وإلا فتأمر أمين السجل بإجراء القيد في المكان المناسب له، وفقا لمرتبة قيد الطلب في السجل اليومي وقرار المحكمة مبرم في هذا الصدد.

    (محمد واصل، الإجازة في الحقوق، من منشورات الجامعة الافتراضية السورية، الجمهورية العربية السورية، 2018 )

  • الاختصاص النوعي لمحكمة الصلح المدنية ( شرح مفصل )

    الاختصاص النوعي لمحكمة الصلح المدنية ( شرح مفصل )

     الاختصاص النوعي لمحكمة الصلح المدنية ( شرح مفصل )

    خص قانون أصول المحاكمات محكمة الصلح باختصاص نوعي شامل في دعاوي محددة مستمدة من طبيعة الحق الذي تحميه على سبيل الحصر، وذلك بغض النظر عن قيمة المدعى به فيها.

     وإذا اجتمعت في الدعوى طلبات من اختصاص قاضي الصلح وأخرى غير داخله في اختصاصه، وجب أن يبت فيما هو من اختصاصه فقط وأن يقرر عدم الاختصاص بما سواها. إلا إذا كانت التجزئة غير ممكنة عندئذ يحكم بعدم الاختصاص،

    وإن المسائل التي تختص بالفصل فيها محكمة الصلح اختصاصا نوعية شام بغض النظر عن قيمة النزاع وفق قانون أصول المحاكمات والقوانين الخاصة هي:

    أولاً- المنازعات الإيجارية :

    تختص محكمة الصلح في المنازعات الإيجارية سواء تعلقت بعقار أم بمنقول، وبالتالي فهي تختص في كل ما يتعلق بصحة عقد الإيجار، وفسخه، وتسليم المأجور وتخليته وجميع المنازعات التي تقع على تنفيذ العقد وعلى بدله مهما بلغ مقداره،

     وفي دعاوى أجر مثل العقار مهما بلغ المقدار المدعي به، وعلى صحة عقد الإيجار هي من اختصاص محكمة الصلح مهما كانت قيمة المدعى به، وكذلك الأعطال التي لحقت بالعين المأجورة أثناء استعمالها خلال مدة الإيجار وتحديد مسؤولية المستأجر عنها بوصفه نزاع على تنفيذ عقد الإيجار، ولو كان العقار السكني المأجور مبني على أرض زراعية.

    كما تختص بأجر المثل إذا تعلق بعقار ولا يعد أجر المثل المحكوم به بمنزلة أجر مسمى، أما أجر مثل المنقول فيخضع للقواعد العامة، وقد وضعت محكمة النقض السورية مجموعة من المبادئ لضبط الاختصاص النوعي لمحكمة الصلح في قضايا الإيجار نوردها في الأتي:

    1. تحول عقد الإيجار إلى عقد إداري في حالة الاستملاك للمنفعة العام:

    إذا تم إلغاء قيد عقار بسبب استملاکه وضمه فعلا إلى الأملاك العامة وتبديل صفته واكتمال مراحل التنفيذ الفعلي للتنظيم ودفع التعويض للمالكين وأصحاب الاستحقاق فإن عقد الإيجار يصبح عقد إشغال يخضع للقانون الإداري.

     وأما إذا ألغي قيده بسبب استملاکه وتسجيله ملكاً عاماً في السجل العقاري دون أن تكتمل مراحل التنفيذ الفعلي للتنظيم كما لو بقي على حالته الأصلية دون أن تتبدل صفته الواقعية أو يتم إشغاله بموجب رخصة بلدية ودون أن يتم دفع بدل الاستملاك أو التعويض العادل فإن عقد الإيجار لا ينقلب إلى عقد إشغال ويبقى محتفظة بماهيته وطبيعته وتكييفه السابق ويخضع لاختصاص قاضي الصلح ويشمل ذلك حاله تسجيل العقار باسم الدائرة المستملكة كملك خاص دون أن يكون مخصصة للنفع العام وحاله بقاء العقارعلى اسم المالك السابق رغم صدور، مرسوم الاستملاك لعدم اكتمال عملية الاستملاك.

    1. إشغال العقار بعد صدور حكم قطعي بالإخلاء لا يعطي الشاغل صفة مستأجر:

     إن الحكم القضائي بالإخلاء المكتسب الدرجة القطعية ينهي العلاقة الإيجارية وبالتالي فإن إشغال المستأجر المأجور أثناء مهلة الإخلاء لا يضفي عليه صفه المستأجر وإنما يكون لتدبير أموره من أجل تأمين السكن البديل وعلى هذا فإن النزاع القائم بين مؤجر و مستأجر بشأن مبلغ يدعي هذا الأخير استحقاقه لقاء اتفاق تم بينه وبين المؤجر وشخص ثالث يقضي بتركه المأجور قبل انتهاء مده الإخلاء لا يعد من النزاعات الإيجارية وإنما يخضع للقواعد العامة من حيث الاختصاص والطعن.

    1. تسليم مأجور وتسليم محل للاستثمار:

     إن المنازعات في عقود الإيجار وتسليم المأجور وتخليته من اختصاص محاكم الصلح.

     أما المنازعات المتعلقة بعقود الاستثمار فتكون من اختصاص محكمة البداية تبعا لقواعد الاختصاص القيمي، وإن تكييف العقد يخضع لسلطة محكمة الموضوع.

    4 بيع حق الإيجار يخضع للقواعد العامة:

    إن المنازعة حول بيع حق إيجار تخضع للقواعد العامة للاختصاص لعدم نشوئها عن علاقة إيجاریه وإنما حول عقد بيع.

    1. إيجار حظائر ( تخمين):

     إذا كان المأجور مستعملاً لإيواء الأغنام والأبقار التي يشتريها المستأجر تمهيداً لإعادة بيعها فإن اختصاص النظر في طلب تخمين المأجور يعود لمحكمه الصلح وأما إذا كان الهدف من هذا طلب تخمين المأجور يعود لمحكمة الصلح، وأما إذا كان الهدف من هذا الإيواء هو الاستفادة من نتاجها الحيواني فإن الاختصاص ينعقد للجنة العمل الزراعي

    1. لا يدخل في المنازعات الإيجارية الاتفاقات المتعلقة باستكمال تجهيز المأجور:

    إن المنازعات على عقد الإيجار الداخلة في اختصاص قاضي الصلح لا تشمل المنازعة على عقد لاستكمال تجهيز المأجور قبل الشروع في الانتفاع بعقد الإيجار لأنه مستقل عن عقد الإيجار وغير مرتبط به، يتعين الاختصاص في هذا العقد وفق القواعد العامة.

    1. أجرة المصعد في العقار المأجور:

     إن اختصاص النظر في الخلاف الذي يدور حول أجرة المصعد ينعقد لمحكمة الصلح الناظرة بقضايا الإيجار على اعتبار أن الموضوع يتعلق بالمأجور وبكيفية تنفيذ العقد، وكذلك الأمر بالنسبة للمطالبة باسترداد أجور على أساس أنها دفعت مرتين.

    ثانياً- منازعات العمل:

    كانت تختص محكمة الصلح اختصاصأ شاملاً في دعاوى المطالبة بأجور الخدم والصناع والعمال ومرتبات المستخدمين الدائمين أو المؤقتين وسائر المنازعات التي تنشأ بينهم وبين رب العمل متى كانت ناشئة عن تطبيق قانون العمل رقم (91) لعام 1959 وتعديلاته،

    كما تختص في الفصل في الدعاوى التي تقام من العمال أو من أرباب العمل على مؤسسة التأمينات الاجتماعية وقد خرج من اختصاصها المنازعات العمالية الناشئة عن تطبيق قانون العمل رقم (17) لعام 2010 إذ أصبحت من اختصاص محكمة البداية، وأصبحت تختص فقط في منازعات العمل للعمال غير المشمولين بأحكام القانون المشار إليه وهم:

    1- العاملون الخاضعين لأحكام قانون تنظيم العلاقات الزراعية. 2

    – أفراد أسرة صاحب العمل الذين يعولهم فعلاً.

     3- عمال الخدمة المنزلية ومن في حكمهم.

     4- العاملون في الجمعيات والمؤسسات الخيرية.

     5- العاملون في أعمال عرضية.

    6- العاملون في عمل جزئي الذين لا تتجاوز ساعات عملهم في اليوم الواحد أكثر من ساعتين.

    ثالثاً- الخلافات الزراعية والتعويض عن الأضرار الزراعية:

    أصبحت محكمة الصلح مختصة اختصاصا نوعياً شاملاً في جميع الدعاوى المتعلقة بالخلافات الزراعية الناشئة عن استثمار الأرض الزراعية التي لا تتعلق بالملكية مهما كانت صفة أطراف الخلاف، ونوع علاقاتهم التعاقدية بما في ذلك الدعاوى المتعلقة بالمغارسة والضمان، وبيع الثمار والحاصلات الزراعية وفق المادة (145) من قانون العلاقات الزراعية رقم (56) تاریخ

    2004 / 12 / 29 م وذلك من تاريخ نشر القانون المذكور في الجريدة الرسمية باستثناء الأتي:

    1- العلاقة العقدية وغير العقدية بين الدولة والأشخاص على أراضي أملاك الدولة وأراضي الإصلاح الزراعي

    2- العلاقة العقدية وغير العقدية بين المنتفعين بأراضي أملاك الدولة أو أراضي الإصلاح

    الزراعي والغير إلا إذا كان الغير عام زراعية أو متعاقدة لعمل زراعي معين مع المنتفع.

     3- الاستثمارات العائلية القائمة بين أفراد العائلة الواحدة وهي الاستثمارات الزراعية التي يعمل فيها صاحب العمل الزراعي وأفراد عائلته بصورة مشتركة وتشمل العائلة: الزوج والزوجة، والأصول والفروع، والأخوة والأخوات وأولادهم، والأصهار.

     كما تختص محكمة الصلح اختصاصا شاملاً في دعاوى التعويض عما يصيب أراضي الزراعة أو المحصولات أو الثمار من ضرر بفعل إنسان أو حيوان مهما بلغت قيمة المدعى به، ولو تناول النزاع المطالبة بقيمة الشجار دون المطالبة بقيمة الأرض التي اكتسحت فيها تلك الأشجار أو قيمة الجدران التي تهدمت التي تبقى خاضعة لقواعد الاختصاص القيمي.

     وقد وضعت محكمة النقض معیارة لتحديد اختصاص محكمة الصلح في الدعاوى المتعلقة بالأضرار الزراعية مأله:

    إذا كانت الأضرار الزراعية مؤقتة أو عرضية فإن الدعوى تخضع لأحكام المادة (63) والاختصاص معقود المحكمة الصلح المدنية، أما إذا تناول عين العقار مع قطع وإتلاف الأشجار والمزروعات بشكل دائم فإن الاختصاص ينعقد وفق القواعد العامة للاختصاص القيمي،

    أما الصالة البلاستيكية في الأرض الزراعية لا تعد من مشتملات الأرض الزراعية لإمكان نزعها منها في أي وقت، في حين يعد حفر البئر ونصب المحرك من مشتملات العمل الزراعي، ويعد طلب التعويض عما يصيب الأراضي الزراعية من ضرر من اختصاص محكمة الصلح الشامل، وإن نقل الصخور الرخامية من الأرض مشمول بهذا الاختصاص.

     رابعاً – الدعاوى المتعلقة بالانتفاع بالمياه وتطهير الأقنية والمجارير:

    تختص محكمة الصلح في كافة المنازعات المتعلقة بكيفية ومدى الانتفاع في مياه الينابيع الطبيعية والمساقي الطبيعية أو الاصطناعية، والآبار الارتوازية، وتلك المتعلقة بصيانتها وإدارتها، سواء كانت ملكيتها مشتركة، أم كانت حقوق ارتفاق قانونية أو طبيعية، أو تعاقدية، وسواء تعلقت الدعاوي بأصل الحق أم بالحيازة، أو بالتعويض عن الاعتداء الواقع عليها.

     أما إذا لم يتعلق النزاع بالانتفاع بالمياه وتطهير الأقنية والمجارير وإنما بالملكية فتقدر قيمة المياه المتنازع عليها وتقام الدعوى أمام المحكمة المختصة بحسب الاختصاص القيمي، ولا يخاصم في الدعوى وزير الري، وإنما يخاصم الموظف المسؤول عن سجلات المياه مخاصمة تتعلق بتنفيذ الأحكام، إذ شأنه كشأن أمين السجل العقاري في العقارات،

     أما المنازعات المتعلقة بالحقوق الواردة على المياه فهو من اختصاص لجنة خاصة إذا لم يتناول مسألة الانتفاع بها.

    خامساً- دعاوی قسمة المال الشائع:

    فعندما يشترك شخصان فأكثر في ملكية عقار أو منقول أو أي حق مالي أخر كانت المكية شائعة فيما بين الشركاء، وبالتالي إذا ما رغب أحد الشركاء في الخروج من حالة الشيوع بقسمة المال الشائع، يمكن أن يتفق مع الشركاء الآخرين على القسمة وتسمى عندئذ قسمة رضائية، أما إذا لم يتم الاتفاق الرضائي على القسمة، يتعين عليه مراجعة القضاء لأجل القسمة القضائية،

    هذا كله ما لم يوجد اتفاق على إبقاء حالة الشيوع لمدة معينة عندئذ لا يستطيع طلب القسمة القضائية ما لم تنقض المدة المتفق عليها، ولا يمكن الاتفاق على البقاء في حالة الشيوع إلى الأبد، وإن الجهة المختصة بالقسمة القضائية هي محكمة الصلح.

     أما المنازعات التي يمكن أن تنشأ عن القسمة الرضائية أو الاتفاقية فإنها تخضع لقواعد الاختصاص القيمي على أساس قيمة المعقود عليه،

    وإذا أقيمت الدعوى بالقسمة القضائية ودفع المدعى عليه بوجود قسمة اتفاقية، وكانت قيمة المال تفوق الاختصاص القيمي للمحكمة المذكورة تعين على القاضي وقف دعوى القسمة القضائية بوصفها مسألة مستأخرة لحين البت بالقسمة الرضائية بحيث إذا ما ثبتت القسمة الرضائية تمت دعوى القسمة القضائية كأنها لم تكن،

    وإذا لم تثبت القسمة الرضائية تستأنف دعوى القسمة القضائية من النقطة التي تم التوقف عندها، وفي جميع الأحوال على قاضي الصلح أن يتحقق من جدية الدفع بوجود القسمة الرضائية قبل أن يقرر وقف الدعوى، ويتم عادة التثبت من جدية الدفاع بإبراز ما يثبت إقامة الدعوى بتثبيت القسمة الرضائية.

    ولئن كان حق الإيجار يؤلف حقا شخصية على العقار إلا أنه ليس ما يمنع طلب إزالة الشيوع في الحقوق الشخصية إلا إذا استدعت حالة النزاع بين الطرفين ذلك و لم يكن هناك عقبات مستمدة من اتفاقات وأحكام قانونية خاصة تتعارض مع هذا الطلب،

     وأنه يمكن عد حق الإيجار بمجموعه حق مالياً مقوماً يمكن بيعه من الغير بالمزاد العلني وتوزيع القيمة على أصحاب العلاقة كل بحسب حصته، ولكن يتعين ملاحظة أن ما يجيزه القانون بمقتضى أحكام الفقرة (ح) من المادة 5 من قانون الإيجار رقم 1952 / 111 هو بيع المتجر، وإن إزالة الشيوع بالبيع تنصرف إلى حق الإيجار و ليس إلى المتجر مما يؤدي في حال معارضة المؤجر إلى ضياع حق الإيجار.

    سادسا – الدعاوى المتعلقة بحقوق الارتفاق:

    تختص محكمة الصلح في الدعاوى المتعلقة بإحداث حق الارتفاق التعاقدي واستعمال حقوق الارتفاق الطبيعية والقانونية والتعاقدية وجميع المنازعات الناشئة عن هذه الحقوق بشرط أن لا تكون الملكية وأصل الحق موضوع نزاع، ويدخل في ذلك ترقين حقوق الارتفاق،

    ويعرف حق الارتفاق أنه تكليف عقاري مفروض على عقار أخر معين لمنفعة عقار معين جار في ملكية شخص غير مالك العقار الأول،

    أما إذا كان حق الارتفاق يستند إلى عقد يدخل في الاختصاص القيمي لمحكمة البداية وفق قيمة العقار موضوع العقد صاحب الحق بالتكليف فإن الاختصاص يكون لمحكمة البداية تبعا الأصل، أما المنازعات المتعلقة باستعماله بعد تسجيله في السجل العقاري فتكون من اختصاص محكمة الصلح،

    ويدخل أيضا في اختصاص محكمة الصلح قيام مالك الطابق الأرضي مع الفسحة السماوية بحجب حق الطابق الأعلى بالنور والهواء من الفسحة السماوية، ولو كان المالك لديه رخصة من البلدية بالبناء في تلك الفسحة.

    سابعا – الدعاوى المتعلقة بالحدود والمسافات:

    يدخل في الاختصاص الشامل لمحكمة الصلح كافة الدعاوى المتعلقة بتعيين الحدود وتقدير المسافات المقررة بالقوانين والقرارات أو العرف، فيما يتعلق بالأبنية أو المنشات الضارة أو الغرس إذا لم تكن الملكية أو أصل الحق محل نزاع وذلك في ضوء الخرائط الطبوغرافية والمساحية الموضوعة والمحددة لذلك.

    كما يدخل في شمول الاختصاص المنازعات الناجمة عن أبنية أو منشآت قد تلحق ضررة بالجوار بسبب الإزعاج أو الخطورة الضارة بالصحة، كبناء الحظائر التي تنبعث منها الرائحة الكريهة، أو الأفران التي تنبعث منها الحرارة، أو دور السينما التي يخرج منه الضجيج، أو غيرها من المنشآت، فتخضع لاختصاص محكمة الصلح مهما كانت قيمة التعويض المطالب به، أو مهما كانت قيمة الضرر المطلوب إزالته، وذلك فقط عندما لا يكون أصل الملكية، أو الحق المترتب على ذلك محل نزاع عندئذ نخرج من الاختصاص النوعي إلى الاختصاص القيمي.

    ثامنا – دعاوى إدارة المكية الشائعة والمنازعات المتعلقة بشأنها:

    يدخل في الاختصاص النوعي الشامل لمحكمة الصلح كافة المنازعات المتعلقة بإدارة الملكية الشائعة مهما كان سبب أو نوع الشيوع، سواء كان الشيوع عادية أم جبرية، وعلى ذلك فإن المنازعة المتعلقة باستعمال أجزاء البناء المعدة للاستعمال المشترك تدخل في اختصاص قاضي الصلح الشامل.

    تاسعاً – دعاوى الحيازة

    تختص محكمة الصلح اختصاصا نوعية شام” في دعاوى الحيازة، وقد حدد المشرع السوري ثلاثة أنواع من دعاوى الحيازة هي دعوى استرداد الحيازة ودعوى منع التعرض ودعوى وقف الأعمال الجديدة، وسوف نعرض لكل نوع من هذه الدعاوى باعتبارها من الدعاوى الشكلية التي تخضع لقانون أصول المحاكمات في باب نظرية الدعوى.

    عاشراً – دعاوى الأحوال المدنية:

    تختص محكمة الصلح اختصاصأ نوعية شاملاً في جميع المنازعات المتعلقة بتصحيح أو تعديل قيود الأحوال المدنية في السجل المدني سواء تعلقت تلك الأحوال بواقعات الولادة أم الزواج أو الوفاة، أو تغيير أو تصحيح الاسم الشخصي أو العائلي أو اللقب أو النسب أو تغيير الدين، أو المذهب دون أن يمتد الاختصاص إلى الموضوع إلا بالقدر الذي يسمح للقاضي من التثبت من صحة الوقائع أو المستندات التي تسمح بإجراء التصحيح أو التعديل،

     ويدخل في مسائل الأحوال مدنية حصر الإرث القانوني المتعلق بانتقال الحقوق غير المنقولة والمتعلق بالأراضي الأميرية.

    (محمد واصل، الإجازة في الحقوق، من منشورات الجامعة الافتراضية السورية، الجمهورية العربية السورية، 810 )

  • الاختصاص النوعي للمحاكم في القانون السوري ( طبيعته – آثاره )

    الاختصاص النوعي للمحاكم في القانون السوري ( طبيعته – آثاره )

    الاختصاص النوعي للمحاكم في القانون السوري ( طبيعنه - آثاره )

     يتضمن الاختصاص النوعي تحديد المحكمة المختصة بحسب نوع الدعوى، وقد جاء في قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني أن

     ((الاختصاص النوعي: وبمقتضاه يتعين صنف ودرجة المحكمة التي تنظر الدعوى من بين المحاكم التابعة لجهة قضائية واحدة)).

     فلهذا، يقوم الاختصاص النوعي للمحاكم على معيار طبيعة النزاع محل الدعوى، إذ حدد المشرع أنواع معينة من الدعاوى المستمدة من موضوعها وجعل كل منها من اختصاص نوع من أنواع المحاكم التي نص عليها قانون السلطة القضائية وقانون أصول المحاكمات.

     لذلك نعرض لطبيعة الاختصاص النوعي وآثاره، وتبين الاختصاص النوعي لمحاكم القضاء العادي في المطالب الآتية:

    الطبيعة القانونية لقواعد الاختصاص الولائي والنوعي :

    تفيد النظرية العامة في القانون بتقسيم قواعد القانون ومنها قواعد الاختصاص إلى قواعد آمرة واجبة الاحترام لا يمكن مخالفتها أو التحلل من أحكامها، ولا يجوز الاتفاق على ما يخالفها، وقواعد مفسرة أو مقررة، وهي قواعد مكملة لإرادة الأشخاص يمكن للأشخاص الاتفاق على ما يخالف أحكامها، ويجوز التنازل عنها، ولكنها واجبة الاحترام والتطبيق إذا لم يتم استبعاد أحكامها أو التنازل عنها .

    وهناك عدة ضوابط للتفريق بين القواعد الأمرة والقواعد المفسرة، ويمكن أن نميز بين معيارين بارزين هما المعيار الشكلي والمعيار الموضوعي ويترتب على طبيعة الاختصاص النوعي والولائي مجموعة من الآثار.

     لذلك نعرض لمعياري تحديد طبيعة القواعد المتعلقة بالاختصاص النوعي والآثار المترتبة على اعتبار تلك القواعد آمرة من النظام العام وفق الأتي:

    أولا- الطبيعة القانونية لقواعد الاختصاص النوعي والولائي:

    يتم تحديد طبيعة القواعد المتعلقة بالاختصاص النوعي والولائي للمحاكم وفق المعايير المعتمدة في تحديد طبيعة القواعد القانونية بشكل عام .

    ويوجد معیاران في هذه المسألة هما إما بالاستناد إلى المعيار الشكلي من خلال ضوابط النص التشريعي، أو من خلال معيار موضوعي يقوم على أساس مضمون النص التشريعي وذلك وفق الآتي:

    1- المعيار الشكلي:

    يستمد المعيار الشكلي من ألفاظ النص القانوني، فإذا كانت تفيد هذه الألفاظ أنه لا يجوز الاتفاق على خلافها، أو أنه يترتب على مخالفتها البطلان المطلق، أو أنها من النظام العام، كانت القاعدة أمرة لا يجوز الاتفاق على ما يخالف أحكامها، أما إذا جاعت بعبارات عامة، أو أنها تطبق مالم يتفق الأطراف على خلافها، وهذا يعني أنها قاعدة تكميلية مفسرة.

    2- المعيار الموضوعي:

    يمكن التعرف إلى طبيعة القاعة القانونية من خلال موضوعها أو معناها، ولذلك يقال أيضاً عن هذا المعيار إنه معیار معنوي،

     وهذا، يقودنا إلى تحليل مضمون النص، حيث إذا وجدنا أنه يتعلق بحماية مصالح أساسية للدولة أو المجتمع، أو يتعلق بتنظيم المرافق العامة وحسن إدارتها، فإن القاعدة تكون أمرة لا يجوز مخالفتها،

    أما إذا لم تتعلق بذلك فإنها تكون قاعدة تكميلية مفسرة يجوز الاتفاق على خلافها.

     فبإسقاط هذين المعيارين على قواعد الاختصاص القضائي الولائي والنوعي نجد الآتي:

    أ. نصت المادة (146) من قانون أصول المحاكمات على أن

     ((عدم اختصاص المحكمة بسبب عدم ولايتها أو بسبب نوع الدعوى أو قيمتها تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى))

     وبالوقوف عند المعيار الشكلي نجد أن النص يفيد أنه للمحكمة إثارة عدم الاختصاص الولائي والنوعي في أية مرحلة كانت عليها الدعوى،

     وهذا يعني أنه لا يجوز الاتفاق على ما يخالف هذا الاختصاص وإنه يتعلق بالنظام العام، لأنه يتعلق بتنظيم التقاضي أمام الجهات القضائية أو أمام محاكم محددة سابقة من قبل المشرع.

    ب- يفيد المعيار المعنوي أن قواعد الاختصاص من حيث المبدأ موضوعة لتنظيم مرفق العدالة وحسن إدارته بوصفه من مرافق الدولة ومن وظائفها الأساسية، وهي بذلك تعد من القواعد الآمرة التعلقها بالنظام العام .

    ثانيا- الاثار المترتبة على طبيعة قواعد الاختصاص الولائي والنوعي:

    يترتب على عد قواعد الاختصاص الولائي والنوعي من النظام العام مجموعة من النتائج الهامة تتوضح في الأتي:

    1- يجب على المحكمة من تلقاء نفسها أن تتصدی مباشرة لمسألة الاختصاص، وتحكم به دون

    طلب أو دفع من الخصوم دون أن يعد ذلك خروجاً على مبدأ حياد القاضي، وهي لا تملك

    هذا الحق لون الاختصاص لارتبط بالنظام العام.

    2- النيابة العامة سواء كانت طرفا أصلياً أم طرفاً منضماً أن تثير مسألة الاختصاص المتعلقة

    بالنظام العام، ولو لم يثره أحد الخصوم في الدعوى، وهي لا تملك هذا الحق لو لم يكن الأمر يتعلق بالنظام العام عندما تكون طرفا منضماً إلى أحد الخصوم في الدعوى الذي عليه هو أن يتمسك به.

     3-  للخصوم الحق بالتمسك بعدم اختصاص المحكمة وبالتالي يمكن إثارته من المدعي أو المدعى عليه أو المتدخل في الدعوى، ولو لم يكن الأمر متعلقة بالنظام العام لما استطاع التمسك به إلا من وضع لمصلحته.

    4- للخصوم أن يتمسكوا بعدم اختصاص المحكمة النوعي أو القيمي في أية حالة كانت عليه

    الدعوى سواء تم الدخول في الموضوع أم لم يتم ذلك ،كما يمكن التمسك بعد الاختصاص في أي مرحلة كانت عليها الدعوي سواء كان ذلك في مرحلة الاستئناف أم في مرحلة الطعن بالنقض. . 5- لا يجوز للخصوم أن يتفقوا على اختصاص محكمة للنظر في نزاع قائم أو يحتمل قيامه

    فيما بينهما غي مختصة نوعية أو قيمية فيه وفق قواعد تحديد الاختصاص القيمي والنوعي،

    ولا يجوز التنازل عن تطبيق قاعدة متعلقة بالنظام العام.

     6- يتعين على المحكمة البت في مسألة الاختصاص قبل الدخول في موضوع، وإن الحكم في

    هذه المسألة يقبل الطعن أمام محكمة الاستئناف على وجه الاستقلال، لأنه يترتب على عدم اختصاص المحكمة في الفصل في الدعوى رفع يدها عنها، وإن الحكم الصادر لهذه الناحية يقبل الاستئناف،

     وإذا قررت محكمة الاستئناف أن محكمة أول درجة مختصة في نظر الدعوى عليها أن تعيد الدعوى إليها لا أن تفصل في الموضوع.

    (محمد واصل، الإجازة في الحقوق، من منشورات الجامعة الافتراضية السورية، الجمهورية العربية السورية، 810 )

  • رد القضاة في القانون السوري ( اجراءاته – المحكمة المختصة – آثاره – الحكم فيه)

    رد القضاة في القانون السوري ( اجراءاته – المحكمة المختصة – آثاره – الحكم فيه)

    رد القضاة في القانون السوري ( اجراءاته - المحكمة المختصة - آثاره - الحكم فيه)

    اولاً :  إجراءات دعوى رد القضاة :

    يتعين على القاضي في جميع الحالات التي يمكن أن يطلب رده فيها أن يخبر من تلقاء نفسه رئيس المحكمة التي يعمل بها إذا كانت محكمة جماعية (نقض – استئناف)، وإلى محكمة الاستئناف إذا كان قاضي فرد( بداية . صلح) بوجود سبب من أسباب الرد يتعلق به وبالتالي الإذن له بالتنحي عن الاستمرار في النظر في الدعوى التي بها سبب التنحي، ويتم ذلك بغرفة المذاكرة وبالطريق الإداري دون الحاجة إلى دعوى أو طلب من صاحب المصلحة بذلك.

    أما إذا لم يطلب القاضي تنحيه عن النظر في الدعوى من تلقاء نفسه الرد، يستطيع الخصم الذي وجد سبب الرد لمصلحته أن يلجأ إلى المحكمة المختصة بطلب الرد وفق الإجراءات الآتية:

    1- يقدم طلب الرد إلى المحكمة المختصة بنظر طلب الرد باستدعاء من قبل محام مسجل في جدول المحامين الأساتذة بالاستناد إلى توكيل خاص يخوله برد القاضي أو القضاة المشكو من عدم حياديتهم في نظر الدعوى.

    2- يجب أن يشمل استدعاء الرد السبب أو الأسباب التي يستند إليها طالب الرد والأدلة المؤيدة له، وعندما يصل استدعاء الرد إلى ديوان المحكمة المختصة يقوم كاتب المحكمة بتسجيل استدعاء الرد الذي يقدم بصيغة دعوى في سجل خاص بالمحكمة قد يسمى سجل دعاوی رد القضاة ومخاصمتهم، ومن ثم يعمل على رفعه إلى مرجعه ( المحكمة المختصة في ميعاد أربع وعشرين ساعة، ثم يقوم رئيس المحكمة بتبليغ طلب الرد إلى القاضي وإلى النيابة العامة التي لها الحق في التدخل في مثل هذه الدعاوى بقوة القانون. .

     3- يودع طالب الرد تأمین قدره خمسة آلاف ليرة سورية إذا كان المطلوب رده أحد قضاة الدرجة الأولى أو الثانية أو أحد ممثلي النيابة العامة الاستئنافية وعشرة آلاف ليرة سورية إذا كان المطلوب رده من قضاة محكمة النقض أو أحد ممثلي النيابة العامة لديها، وخمسة وعشرون ألف ليرة سورية إذا كان المطلوب ارده أحد قضاة الهيئة العامة لمحكمة النقض أو أحد ممثلي النيابة العامة لديه، لأن القانون أحاط القاضي بالضمانات التي تتأى به عن كل الدعاوى الكيدية أو غير الجدية.

     4- يرد طلب الرد شكلاً في حال عدم توفر الشروط السابقة.

     5- يجب تقديم طلب الرد قبل أي دفع أو دفاع شكلي أو موضوعي والا سقط حق طالبه فيه، وتحكم المحكمة بعدم قبوله شكلاً لأن سقوط الحق لا يمكن إعادته، ولو قبل الخصم بذلك ما لم ينشأ سبب الرد أثناء النظر في الدعوى فعندئذ يبقى الحق بطلب الرد قائما، وعلى الخصم المعني أن يبادر إلى طلب الرد فور علمه به وقبل أن أي دفع أخر، ولم يحدد القانون مهلة لطلب الرد سوى قيام صاحب المصلحة التمسك به قبل أي طلب أو دفع آخر يتعلق بالدعوى المنظورة أما القاضي المطلوب وقفه عن النظر فيها.

    6- على القاضي المطلوب رده أن يجيب كتابة على وقائع الرد وأسبابه أثناء الأيام الثلاثة التالية لتاريخ التبليغ. فإذا أقر القاضي بوجود سبب الرد أو امتنع عن الإجابة رغم انقضاء المهلة القانونية، تحكم المحكمة بالرد إذا كانت الأسباب تصلح قانونا للرد.

     أما إذا أنكر القاضي ما ورد في طلب الرد تتولى المحكمة في اليوم التالي لانقضاء الميعاد القانوني النظر في طلب الرد في جلسة سرية تعقد في غرفة المذاكرة وتقوم بالتحقيق وتستمع أقوال طالب الرد، وملاحظات القاضي عند الاقتضاء وممثل النيابة العامة ثم تصدر الحكم وفقا لما تقتنع به من الأدلة المعروضة في الدعوى.

     ثانياً :  أثر طلب رد القضاة :

    على الرغم من أن قانون أصول المحاكمات لم ينص على حالات ما يسمى بعدم صلاحية القاضي في نظر بعض الدعاوى إلا أن اجتهاد القضاء السوري نص عليها وجعل مخالفتها من النظام العام ورتب عليها بطلان الحكم بطلانا مطلقا، وبالتالي يجوز التمسك بالبطلان في المراحل جميعها ولو لأول مرة أمام قاضي التنفيذ، لأن البطلان والعدم سواء، وكما أن قيام حالات عدم الصلاحية لا يحتاج إلى طلب رد كما لا يمكن التنازل عنها أو الاتفاق عليها من قبل الخصوم.

     بينما ذهب أكثر الفقهاء إلى القول إن قيام حالة عدم الصلاحية في القاضي لا يجعل من الحكم الذي أصدره معدومة، ولا يجوز رفع دعوى مبتدأه ببطلانه لأن ذلك يكون خروجاً على الأصل العام المقرر بالنسبة للأحكام القضائية التي لا يتم بطلانها أو إبطالها إلا بالطرق المحددة قانوناً لذلك، بل يتم البطلان عن طريق الطعن بالطرق المحددة قانوناً، وعند تفويت طرق الطعن يزول عيب البطلان ويصبح حكمه صحيحاً،

    وبالتالي لا يمكن التمسك بالبطلان إلا عن طريق الطعن ووصف الحكم المنعدم لا يطلق إلا على الأحكام التي فقدت أحد أركانها الأساسية أو الجوهرية، وليس منها وجود حالة من حالات عدم الصلاحية، فعيب عدم الاختصاص من النظام العام ومع ذلك لا يحكم ببطلان الحكم إلا عن طريق الطعن .

    أما بالنسبة لأسباب الرد التي نص عليها قانون أصول المحاكمات، وإن كانت تصلح سيبا لتنحي القاضي عن النظر في الدعوى، وكذلك سببة لطلب رده إلا أن المشرع لم يرتب أي أثر قانوني إذا لم يكن القاضي، أو إذا لم يطلب رده، وقد رتب القانون على تقديم دعوى الرد الأحكام الآتية:

    1- لا يترتب على تقديم طلب الرد وقف الدعوى الأصلية ما لم تتوفر أسباب تستدعي ذلك فتقرر المحكمة الناظرة بطلب الرد عندئذ ولو قبل أن يتم التبليغ وقف الدعوى الأصلية مبينة الأسباب.

    2- إذا قررت المحكمة وقف الدعوى وطلب الخصم الآخر انتداب قاض بدلا ممن طلب رده وتوفرت حالة العجلة قررت المحكمة ذلك.

     3- إذا بت القاضي المطلوب رده بالدعوى الأصلية ثم قضي بقبول طلب رده بحكم اكتسب الدرجة القطعية اعتبر الحكم الصادر في الدعوى الأصلية باطلا وللمحكوم له بالرد أن يطلب إعلان بطلان الحكم المذكور بمذكرة يقدمها إلى المحكمة الناظرة في الطعن في أية مرحلة كان عليها الطعن وعلى هذه المحكمة أن تقرر البطلان لهذا السبب، وللمحكوم له بالرد في حال فوات مدة الطعن أو سبق البت بالطعن أن يتقدم إلى محكمة الموضوع التي أصدرت الحكم في الدعوى الأصلية أو إلى محكمة النقض في حال أن كان القاضي المحكوم برده أحد قضاتها بطلب لإعلان بطلانه خلال خمسة عشر يوما من تاريخ اكتساب الحكم الصادر بقبول الرد الدرجة القطعية، وتبت المحكمة بالطلب في غرفة المذاكرة بعد خمسة عشر يوما من تاريخ تبليغة إلى الخصم الآخر فإن قررت إعلان البطلان باشرت النظر بالدعوى الأصلية وفق الأصول المعتادة.

    ثالثاً : المحكمة المختصة بطلب الرد:

    تنظر في طلب الرد محكمة الاستئناف إذا كان القاضي المطلوب رده قاضية في محكمة صلح، أو في محكمة بداية أو في محكمة استئناف، أو قاضيا عقارية، أو أحد ممثلي النيابة العامة الاستئنافية عندما يكون خصما منضمة. فإذا طلب رد عدد من قضاة محكمة الاستئناف بحيث لا يبقى من عددهم ما يكفي للحكم رفع طلب الرد إلى محكمة النقض فإن قضت بقبوله أحالت الدعوى إلى أقرب محكمة استئناف بالنسبة إلى المحكمة الواضعة يدها على الدعوى. كما تنظر غرفة مخاصمة القضاة وردهم في محكمة النقض في طلب الرد إذا كان القاضي المطلوب رده من قضاتها أو أحد ممثلي النيابة العامة لديها، وتنظر إحدى دائرتي الهيئة العامة لمحكمة النقض في طلب رد أحد قضاة أو قضاة الدائرة الأخرى فيها، وتعد هذه الحالة اجتهادية لعدم ورود نص عليها في القانون إلا أنه يستفاد ضمنا من الفقرة (3) من المادة (7) من القانون رقم (1) لعام 2010 والتي نصت على أن يكون التأمين الواجب دفعه في دعوى الرد هو (خمسة وعشرون ألف ليرة سورية إذا كان المطلوب رده أحد قضاة الهيئة العامة لمحكمة النقض).

    ثالثاً :  التنازل عن طلب الرد:

    ذهب بعض الفقهاء إلى القول بعدم جواز الرجوع أو التنازل عن طلب الرد كون دعوى الرد تشبه الدعوى العامة، وأن المسألة تتعلق بكرامة القاضي وسمعة القضاء ولا يصح أن تكون هذه محلا للمساومة أو الصلح، وأن المصلحة العامة تقضي بأن يحكم في طلب الرد دفعا للشبهة والريبة ودوام احترام القضاء (9). بينما استقر الرأي في الفقه والاجتهاد على أن التنازل عن طلب رد القاضي شأنه شأن أي طلب آخر ولصاحبه حق التمسك به، أو التنازل عنه في أية مرحلة كانت عليها الدعوى، تأسيسا على أن القاضي ليس خصما ذا مصلحة شخصية، وأنه مما يتنافى مع كرامة القاضي التشبث بالحكم في الدعوى أو التمادي في الخصومة.

    رابعاً:  الحكم في طلب الرد والطعن فيه:

    تقوم المحكمة المختصة بالتدقيق في طلب الرد بعد سماع الأقوال والأدلة في غرفة المذاكرة، فإذا وجدت أن سبب الرد ثابت فيها حكمت المحكمة بقبوله شكلا وموضوعة ورفع يد القاضي أو استبعاده عن النظر في الدعوى، إضافة إلى إعادة التأمين لطالب الرد.

     أما إذا وجدت المحكمة أنه ليس هناك سبب قانوني للرد حكمت برفض الطلب ومصادرة التأين وقيده إيرادا لخزينة الدولة، وهذا، وفي حالتي القبول أو الرفض يجب أن يتلى الحكم مع أسبابه في جلسة علنية.

     فإذا صدر الحكم بقبول طلب الرد يكون نهائية، أما إذا صدر برفض الطلب فإنه يجوز لطالب الرد الطعن بالحكم أمام محكمة النقض إذا كان صادرة عن محكمة الاستئناف، ويتم ذلك باستدعاء يقدم إلى محكمة الاستئناف التي أصدرت الحكم في ميعاد ثمانية أيام تلي تاريخ إصداره، ويقوم كاتب المحكمة بإرسال الطعن إلى محكمة النقض أثناء ثلاثة أيام تلي تاريخ قيده في ديوان المحكمة،

    وبعد صدور الحكم بقبول الطعن أو رفضه من محكمة النقض يقوم دیوان محكمة النقض بإعادة الحكم مع الملف إلى المحكمة التي حكمت بالرد خلال اليومين التاليين لصدور الحكم، ويصبح الحكم قطعية لا يقبل أي طريق أخر من طرق الطعن.

    أما إذا صدر الحكم بقبول طلب الرد أو كانت المحكمة المختصة بطلب الرد إحدى غرف محكمة النقض فإن الحكم يصدر بالدرجة القطعية ولا يقبل الطعن أمام أبي مرجع أخر لأنه ليس للقاضي مصلحة في الطعن الصادر عن محكمة الاستئناف، ولم يعين القانون مرجعا للطعن في الحكم الصادر عن محكمة النقض، وإن تذمر القضاة من دعاوى الرد يجب أن يقابله تشدد من الجهة القائمة على صيانة وحصانة القضاء بمواجهة القضاة الذين يعبثون بحقوق المتقاضين وحرياتهم.

    (محمد واصل، الإجازة في الحقوق، من منشورات الجامعة الافتراضية السورية، الجمهورية العربية السورية، 810 )

     

  • رد القضاة في القانون السوري ( تعريفه – حالاته أو أسبابه)

    رد القضاة في القانون السوري ( تعريفه – حالاته أو أسبابه)

    رد القضاة في القانون السوري ( تعريفه - حالاته أو أسبابه)

    تم وضع ضمانات لحياد القاضي في الفصل في الخصومات المرفوعة إليه بمواجهة ميوله وعواطفه بوصفه إنسان قد يتأثر بها كباقي البشر.

     لذلك فقد أكدت بعض التشريعات على عدم صلاحية القاضي للنظر في بعض الدعاوی، ورده عن النظر في بعضها الآخر لأسباب محددة.

    كما سمحت له التنحي عن رؤية أية دعوى لأسباب خاصة تعود إليه عندما يستشعر الحرج وخوفه من نفسه أن لا يكون حيادية فيها، ويفرق فقهاء القانون بين الحالات المذكورة،

     حيث قالوا عن الحالة الأولى إنها عدم الأهلية المطلقة للحكم في الدعوى، وجعلوا كل حكم يصدر فيها باطل بطلانة مطلقة، وأنه يمكن إثارتها في أية مرحلة كانت عليه الدعوى، بينما أطلقوا على الحالة الثانية بأنها عدم الأهلية النسبية وبالتالي تحتاج إلى طلب أو دعوی وعلی صاحب المصلحة أن يتمسك بها قبل أي دفع أخر.
     أما مسألة التنحي فهي مسألة ذاتية لا تخضع إلى قواعد أو ضوابط سوى مشيئة القاضي وإرادته بعدم الرغبة في النظر في الدعوى لأسباب يمكن أن يبررها ،

     ولم يفرق المشرع السوري بين عدم الصلاحية المطلقة وعدم الصلاحية النسبية، بل نص على جواز رد القاضي في حالات محددة دون أن يقيم مثل التفريق الذي سبق ذكره، وأجاز القاضي التنحي عن الدعوى عند استشعار الحرج، وإن كانت محكمة النقض قد ذهبت في بعض أحكامها إلى أن رد القاضي وعدم الصلاحية بمفهوم واحد، ويقضي المبدأ القانوني أنه يمكن رد القضاة جميعهم بمن فيهم قضاة النيابة العامة عندما يكونا خصماً منضماً في الدعوى،

     أما إذا كانوا خصماً أصلياً فيها فلا يجوز ردهم، كما أنه لا يجوز رد جميع قضاة محكمة النقض بحيث لا يبقى عدد منهم كافية للنظر في دعوى الرد، فلذلك سوف نبين حالات الرد، وإجراءات دعوى الرد، والمحكمة المختصة بنظر الدعوى، والحكم في الدعوى، والطعن في الحكم الصادر

    وإجراءات دعوى الرد، والمحكمة المختصة بنظر الدعوى، والحكم في الدعوى، والطعن في الحكم الصادر فيها، ومن ثم بیان وضع التنحي وفق الآتي:

    أولا- تعريف رد القضاة:

     يعني رد القاضي منعه من النظر في دعوى مرفوعة إليه بصدد نزاع معين في حالات محددة حصرأ في القانون حماية الحياد القاضي، لأنه لا يكفي في النظام القضائي أن تكون الأحكام عادلة بل يجب أن تكون بعيدة عن التحيز والشبهات كي يبقى القضاء موضع احترام يدخل الطمأنينة إلى النفوس بوصفه ضمانة الحقوق الناس وحرياتهم، فلا تصدر أحكامه عن الهوى ولا يغفل حقوقهم، فلذلك شرع الرد حق من الحقوق الأساسية للخصوم كي يثقوا بعدالة قضائهم لأنه يرتبط بحق التقاضي أمام المحاكم.

    ثانيا – حالات رد القضاة وأسبابه :

    للرد أسباب حصرية حددها القانون بثمانية حالات، ولا يجوز القياس عليها لأن الرد شرع لضمان حياد القاضي وحماية القضاء من الأهواء والعواطف، ولكي لا يتم استخدام هذه الأسباب بصورة تعسفية أو كيدية، وأسباب الرد هي:

    1 إذا كان له أو لزوجته مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في الدعوى ولو بعد انحلال عقد الزواج:

     يمتنع على القاضي أن ينظر في دعوى له فيها أو لزوجته مصلحة مباشرة أو غير مباشرة، ويقصد بالمصلحة أن يكون مالك أو شريكا في الحق المدعى به، أو أنه يمكن أن يستفيد بشكل مباشر أو غير مباشر من تلك الدعوة وذلك عن طريق تحقيق كسب مادي أو حتى منع ضرر يمكن أن يلحق به من خلالها،

     فالمصلحة تتحقق سواء كانت تؤدي إلى الربح أو إلى دفع خسارة كان يمكن أن تصيبه لولا الحكم الموقف أو المانع لها کدعوى وقف الأعمال الجديدة التي يقيمه جار له بمواجهة شخص آخر، وكان من شأن تلك الأعمال أن تهدد عقاره أو عقار زوجته بشكل مباشر أو غير مباشر، أو بمعنى آخر إذا كان القاضي أو زوجه مركز قانوني يمكن أن يتأثر بالحكم الفاصل في الدعوى،

    ولا يشترط أن يكون القاضي أو زوجه طرفا في الدعوى، بل يكفي أن تكون المصلحة تسوغ تدخل أي منهما فيها، كما لا يشترط أن تكون الزوجية لا تزال قائمة، بل يكفي أن تكون هذه الحالة قائمة بتاريخ سابق على رفع الدعوى، لأن المانع الأدبي لا يزول بالطلاق بين الزوجين، وقد ذهبت الهيئة العامة لمحكمة النقض السورية إلى القول أن كون زوج القاضي محامية أو مستخدمة أو عامة لدى أحد الخصوم لا يصلح سبأ للرد.

    2- إذا كان بينه وبين أحد الخصوم قرابة أو مصاهرة حتى الدرجة الرابعة:

    يترتب على وجود قرابة بين القاضي وأحد الخصوم حتى الرجة الرابعة في الدعوى عدم صلاحية القاضي للنظر في الدعوى،

    وتكون تلك القرابة سبب من أسباب رده ورفع يده عنها لأن من شأنها أن تؤثر في حياده والانحراف عن طريق العدالة، سواء كانت تلك القرابة أو المصاهرة مصدر ود وثيق أو كراهية عميقة لأنه إذا كانت رابطة القرابة لا يمكن أن تنقضي من حيث المبدأ لأنها تقوم على الدم سواء كانت قرابة مباشرة على عمود النسب أم قرابة حواشي، فإن قرابة المصاهرة قد تنقضي بالفرقة بين الزوجين ويمكن أن تترك جراحة لا تندمل بمرور الزمن، ويمكن أن يكون العكس، لذلك فإنه لأبرأ للنفس وأدرأ للشبهة أن لا يكون القاضي صالحة للنظر في دعوى إذا كانت تربطه بأحد أطرافها علاقة مصاهرة أكانت المصاهرة قائمة أو أنها قد انقضت،

    ولم يبين القانون ما إذا كانت القرابة أو المصاهرة مع زوج القاضي تصلح سيبأ للرد، وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أنها تعد كذلك لأن القانون المدني نص في المادة (9) على أن أقارب أحد الزوجين في القرابة والدرجة بالنسبة للزوج الآخر نفسها، إلا أن التشريعات المقارنة وأكثر الفقهاء لم يعثروا قرابة الزوجة لأحد الخصوم سبيا من أسباب عدم الصلاحية أو الرد.

    3 – إذا كان خطيبة لأحد الخصوم:

     تعد الخطبة القائمة بين القاضي وأحد الخصوم سببا من أسباب رد القاضي لشبهة المودة والمحاباة والانحراف عن الطريق السليم، وإن كانت الخطبة ليست زواجأ ولكنه مشروع زواج حيث يكون الخطيبين أكثر مداهنة ورياء لبعضهما،

     كما أن العواطف الجياشة تكون في أوجها، ولا يصح معها النزاهة والحياد في الحكم، ولا يحبذ أن ينظر في الدعوى حتى ولو فسخت الخطبة لاحتمال أن الفسخ ترك أثرا سيئا في نفس القاضي قد يجعل شبهة عدم الحياد قائمة.

    4- إذا سبق أن كان وكيلا لأحد الخصوم في أعماله الخصوصية أو وصية عليه:

    يكون القاضي عرضه لدعوى الرد وعدم الصلاحية في نظر الدعوى إذا كان وكيلا لأحد الخصوم في أعماله الخصوصية أو وصية عليه لمظنة أو شبهة عدم الحياد، لأن العناية التي يتصف بها الوكيل أو الوصي لا تتفق مع ما يتصف به القاضي من حياد، ولا يلزم أن تكون تلك الوكالة أو الوصاية قائمة بتاريخ النظر في الدعوى بل يكفي أن تكون قائمة في يوم ما سابق عليها ولو انقطعت الصلة من فترة طويلة، كما لو عمل القاضي قبل تعيينه في القضاء محام وكان وكيلاً عن أحد الخصوم في دعاويه أو بعض منها. أما إذا كان أحد الخصوم محامياً عن القاضي في دعوى سابقة فإنه لا يمنع القاضي من النظر في الدعوى التي يكون محاميه السابق أحد الخصوم فيها.

    5- إذا سبق له أن كان شاهدة في القضية:

     يقضي المبدأ القانوني أن القاضي يكون غير صالح للنظر في الدعوى مما يمكن رده عن النظر فيها إذا سبق إن أبدى فيها ميلا معينا عن طريق سماعه كشاهد فيها لأنه لا يستطيع في هذه الحالة أن يضع الشهادة في ميزان العدالة دون وجود شبهة التحيز لشهادته والتمسك بها في الإثبات مما يخالف مبدأ الحياد والتجرد الواجب توافرهما في القاضي لأنه في هذه الحالة يحكم القاضي بعلمه الشخصي بخلاف ما هو متفق عليه بعدم جواز ذلك،

    وعلى هذا لا يجوز للقاضي أن يحكم في قضية سبق له النظر فيها بإصدار حكم فاصل فيها، أو قرر فيها أي إجراء أو حكم فرعي يشف عن عقيدته أو وجهة نظره فيها، ولا يجوز له أن يجلس للنظر فيها إذا سبق له إن نظر فيها في المرحلة الابتدائية، ولا أن ينظر فيها عن طريق الطعن بالنقض إذا سبق إن نظر فيها في الاستئناف،

    وقد أوجب الاجتهاد المستمر على القاضي التنحي عن النظر في الدعوى تحت طائلة البطلان، وقد عدت محكمة النقض السورية أن اشتراك القاضي ذاته في مرحلتين من مراحل التقاضي يجعل تشكيل المحكمة في المرحلة الثانية غير صحيح يؤدي إلى بطلان الحكم،

    إلا أن المحكمة قد خففت من هذا الحظر إذا كان دور القاضي دورة شكلياً فقط كما لو أكمل النصاب في تشكيل المحكمة، أو قبل دفاع أو سمع شاهد فيها، وجعلت ذلك لا يفصح عن رأي للقاضي وبالتالي لا بطل الحكم الصادر في الدعوى إذا اشترك القاضي في مرحلة لاحقة فيه .

    6- إذا كان أحد المتداعين قد اختاره حكم في قضية سابقة:

     إن اختيار أحد الخصوم للقاضي الذي ينظر في الدعوى محكمة في نزاع سابق يقيم الشبهة بعدم حياد القاضي بالنسبة للشخص الذي سبق أن قام بتعيينه، حيث يمكن أن يحابيه على حساب الخصم الآخر،

    وهناك من الفقهاء من يقول إن المحكم المختار بحكم الوكيل، ونرى أن ذلك ليس صحيحا. فاختيار المحكم من قبل أحد الخصوم لا يجعله ممثلا أو وكي؟ عنه في التحكيم، بل هو يقوم بمهمته كما لو كان قاضية، وإن الاختيار يتم على أساس الثقة بعلمه واستقامته.

    7 – إذا وجد بين القاضي وبين أحد المتداعين عداوة شديدة:

     يكون القاضي غير صالح للنظر في الدعوى لوجود شبهة عدم الحياد إذا كان بينه وبين أحد الخصوم عداوة شديدة، وتعد العداوة الشديدة مسألة من مسائل الواقع التي يعود الأمر في إثباتها لمحاكم الموضوع، ويكون ذلك بكل وسائل الإثبات،

     وقد ساوی القضاء لهذه الناحية بين العداوة الشديدة والمحبة العالية لأنه لا يكفي في الأحكام القضائية أن تكون عادلة، بل يجب أن تكون بعيدة عن مظنة التحيز لتصبح موضع الطمأنينة والاحترام. فأسباب رد القضاة في المادة (174) أصول لا تخرج في مجملها عن التحري عن وجود علاقات شخصية القاضي بالدعوى المطروحة أمامه أو بأحد الخصوم فيها دونما تفريق بين أن تكون علاقات عداوة أو مودة مادامت قد تؤثر في حياده مما يرجح معه عدم استطاعته إصدار الحكم بالقضية بغير ميل.

     كما أن العداوة الشديدة التي تصلح لرد القاضي هي التي تكون قائمة بين الخصم والقاضي وليس بين وكيله (المحامي والقاضي، وليس للمحامي أن يرفع الدعوى باسمه الشخصي، وقد جعل الاجتهاد القضائي

    ((الملاسنة الهاتفية بين أحد أعضاء هيئة المحكمة وبين أحد أطراف الدعوى أثناء إجراء كشف، ثم جلب الطرف المذكور من بلده عن طريق مدير المخابرات العسكرية إلى قصر العدل للاعتذار من القضاة المجتمعين من أجل التداول بموقف مشترك إزاء طلبه الرد، إنما ينم عن العداوة بينه وبين القضاة المطلوب ردهم ويثير شكلاً جدياً حول استطاعتهم الحكم في القضية بغير تأثير بالأحداث المشار إليها، مما يوجب ردهم، لأنه لا يكفي في الأحكام القضائية أن تكون عادلة بل يجب أن تكون بعيدة عن مظنة التحيز لتصبح موضع الطمأنينة والاحترام)) .

    إلا أن مجرد قیام القاضي بتنظيم ضبط بممانعة الخصم في إجراء كشف أو تحقیق محلي دون اتخاذ صفة الادعاء الشخصي لا يشكل سببا كافية لطلب رد القاضي ما لم يثبت أن القاضي يبيت له العداء وينوي الإضرار به، كما أن مجرد تقديم شكوى من الخصم إلى التفتيش القضائي بحق القاضي غير كاف لعده سبب موجبة لرد القاضي.

    8- إذا أقيمت بين القاضي وبين أحد المتداعين أو أحد أقاربه أو مصاهريه حتى الدرجة الرابعة دعوی مدنية أو جزائية خلال السنوات الخمس السابقة :

    يكون القاضي غير صالح للفصل في الدعوى بتجرد وحياد إذا سبق أن أقيمت بينه وبين أحد الخصوم أو أحد أقارب ذلك الخصم أو مصاهريه حتى الدرجة الربعة دعوى مدنية أو جزائية أثناء السنوات الخمس السابقة على تاريخ افتتاح الجلسة الأولى للدعوى المرفوعة أمامه،

    لأن الخصومات السابقة بين القاضي وهؤلاء تثير الأحقاد لدى البشر وقد تحمل على التشفي، ويخشی فيها من انحراف القاضي من طريق العدالة، وقد ذهبت محكمة النقض في قرار لها أن إقامة دعوى مخاصمة بين أحد الخصوم والقاضي لا تصلح سببة للرد. بينما ذهبت في أكثر من قرار إلى جعل دعوى المخاصمة تصلح سيبة لرد القاضي المخاصم لأن دعوى المخاصمة قد تكون أشد وقعا على القاضي من دعاوى أخرى.

    (محمد واصل، الإجازة في الحقوق، من منشورات الجامعة الافتراضية السورية، الجمهورية العربية السورية، 810 )

  • مسؤولية القاضي الجزائية في القانون السوري

    مسؤولية القاضي الجزائية في القانون السوري

    مسؤولية القاضي الجزائية في القانون السوري

    ينتمي القاضي إلى صنف البشر، وبالتالي قد يرتكب بعض الأفعال التي تقع تحت قانون الجزاء، فيكون عرضة للملاحقة والمسؤولية الجزائية، إلا أن المشرع أحاطه بمجموعة من الضمانات سواء قبل الملاحقة وخلالها وأثناء المحاكمة، وحتى في تنفيذ العقوبة، ونجد هذه الضمانات في الآتي:

    أولا- عندما يرتكب القاضي جريمة، فلا تقام الدعوى الجزائية بحقه إلا بعد الحصول على إذن من اللجنة الخاصة بذلك والمشكلة من رئيس محكمة النقض وأقدم نائبين له، أو بناء على طلب مجلس القضاء الأعلى عندما يكتشف جرم ارتكبه القاضي في معرض المحاكمة المسلكية، ومن النائب العام للجمهورية، ولا يجوز إقامة الدعوى مباشرة من الأشخاص المتضررين من جريمة ارتكبها القاضي، بل عليهم أن يتقدموا بالادعاء إلى النائب العام الذي يقوم بدوره بإحالته إلى لجنة الإذن، أو أن يحيلها إلى التفتيش القضائي لاستكمال التحقيق قبل طلب الإذن بإقامة الدعوى العامة بحق القاضي.

    ثانياً – يستطيع عناصر الضبط القضائي أن يباشروا إجراءات التحقيق الأولية جميعها في حالة الجرم المشهود ما عدا استجواب القاضي، وعلى مأموري الضبط أن يخبروا بالأمر أقرب قاض ليقوم بدوره بإعلام النائب العام لاتخاذ إجراءات الإذن برفع الدعوى العمومية بحق القاضي.

    ثالثاً – عند إقامة الدعوى العامة على القاضي أمام الهيئة العام الجزائية في محكمة النقض، يقوم رئيس محكمة النقض بتعيين أحد قضاة محكمة النقض ليقوم بدور قاضي التحقيق في القضايا ذات الوصف محكمة النقض بتعيين أحد قضاة محكمة النقض ليقوم بدور قاضي التحقيق في القضايا ذات الوصف الجنائي وفي الجنح التي يستدعي ذلك، ويحق لقاضي التحقيق أن ينيب عنه أحد قضاة المحاكم لمباشرة بعض إجراءات التحقيق دون القرار النهائي المتعلق بالاتهام أو الظن حيث يكون له وحده، ولا يجوز أن يكون القاضي المذاب أقل مرتبة من القاضي المحقق معه. |

    رابعاً – للهيئة العامة أن تقرر كف يد القاضي عن العمل من تاريخ رفع الدعوى أمامها، ويمكن أن تنظر حتى صدور مذكرة بالتوقيف من قاضي التحقيق، حيث يعد القاضي في هذه الحالة مكفوف اليد حكمة.

    خامساً- يملك قاضي التحقيق المعين سلطة إصدار مذكرة توقيف بحق القاضي، ويتم التوقيف في غرفة خاصة بالقصر العدلي، كما يستطيع تقرير إخلاء سبيله، أو رد طلب الإخلاء وفق القواعد المعمول بها في قانون الإجراءات الجزائية، ويكون قرار لهذه الجهة قابلا للطعن أمام إحدى غرف محكمة النقض الدائرة الجزائية) من قبل النائب العام أو القاضي بحسب الحال.

    سادساً – لا يترتب على توقيف القاضي حرمانه من مرتبه مدة التوقيف ما لم تقرر المحكمة حرمانه منه کلا، أو جزء، ولكن يحرم من تعويض العمل القضائي.

    سابعاً- يصدر قاضي التحقيق عند انتهاء التحقيقات أحد القرارات الآتية:

    1- قرار بمنع محاكمة القاضي لعدم وجود الدليل أو عدم كفايته، ويكون قراره هذا قابلا للطعن من النائب العام ومن المدعي الشخصي أمام الدائرة المشار إليها أعلاه. 2- قرار بالظن على القاضي المدعى عليه بجنحة ولزوم محاكمته أمام الهيئة العامة لمحكمة النقض، ويكون قراره هذا نهائية قطعية لا يقبل أي طريق من طرق الطعن. 3- قرار باتهام القاضي المدعى عليه بجناية، ويكون قراره هذا قابلا للطعن أمام الدائرة الجزائية بمحكمة النقض بوصفها هيئة اتهامية (قاضي إحالة)، وهذا مستفاد من المفهوم المخالف للفقرة (4) من المادة (116) من قانون السلطة القضائية والذي يفيد أن قرار لزوم المحاكم لا يقبل أي طريق من طرق الطعن، وبالتالي فإن غيره من القرارات يقبل الطعن وفق القواعد المنصوص عليها في القانون.

    . ثامناً – تتم محاكمة القاضي الذي أقيمت الدعوى بحقه أمام الهيئة العامة من قبل النائب العام . إذا كان الجرم جنحة أو بناء على قرار ظني أو اتهامي من قاضي التحقيق . بصورة سرية، وللهيئة أثناء المحاكمة أن تقرر إنهاء مفعول كف اليد إخلاء سبيل القاضي الموقوف، وقرارها نهائي لا يقبل الطعن بأي طريق ،

     ويستطيع القاضي أن يترافع بنفسه، أو أن ينيب عنه في المرافعة أحد القضاة أو المحامين، وتصدر الهيئة العامة لمحكمة النقض حكمها بوصفها محكمة موضوع،

     ويكون الحكم قطعياً لا يقبل أي طريق من طرق المراجعة أو الطعن باستثناء الأحكام الغيابية التي تكون قابلة للاعتراض في ميعاد خمسة أيام تلي تاريخ تبليغ الحكم للمحكوم عليه، وتعد الأحكام الغيابية في الجنايات كأنها لم تكن عند القبض على المتهم، وتعاد محاكمته من جديد. تاسعاً – تنفذ عقوبات الحبس أو السجن أو الاعتقال بحق القاضي في أماكن مستقلة عن الأماكن المخصصة الحبس السجناء الأخرين.

    (محمد واصل، الإجازة في الحقوق، من منشورات الجامعة الافتراضية السورية، الجمهورية العربية السورية، 810 )

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1