الوسم: محامي سوري في برلين

  • ماهو شرط الأسد في أرباح الشركات وما أثره على عقد الشركة؟

    محامي, استشارة قانونية, شرط الأسد

    قد تحتوي عقود الشركات على شروط جائرة تقضي بمنح أحد الشركاء كل الأرباح أو بإعفاء أحد الشركاء من تحمل الخسائر، وتعرف هذه الشروط بشروط الأسد، كما تسمى في هذه الحالة بشركة ” الأسد” قياساً على حزامة الأسد الذي اشترك في الصيد مع صحبه ثم استأثر بالغنيمة.

     فما حكم هذه الشروط، وما أثرها على عقد الشركة؟

    1 – فقد يشترط منح أحد الشركاء أو بعضهم مجموع الأرباح، أما الآخرون فلا يصيبون شيئا منها.

    ومثل هذا الشرط يتنافى مع طبيعة عقد الشركة، ولأن مساهمة الشركاء جميعا في الأرباح

    والخسائر ركن جوهري من أركان عقد الشركة.

     2 – وقد يشترط إعفاء أحد الشركاء من الخسائر، وهذا يتنافى مع أساس عقد الشركة وجوهره القائم على أساس الغرم بالغنم أي مساهمة الشركاء في الأرباح والخسائر.

     ولكن ما حكم مثل هذه الشروط؟ وما أثرها على عقد الشركة؟

    ذهب البعض إلى القول أن إرادة الشركاء في عقد الشركة قد انصرفت إلى توزيع الأرباح والخسائر وفقا لقواعد معينة، فإذا أهدرت هذه القواعد فلا محل للإبقاء على الشركة، إذ لا شك في أن استمرارها وتوزيع الأرباح والخسائر بطريقة أخرى غير التي ارتضوها بما يتعارض مع إرادتهم.

    ولأن الشروط الأساسية في عقد الشركة، ومنها الشرط المتعلق بكيفية توزيع الأرباح والخسائر، وحدة لا تتجزأ، وقد يكون الشريك لم يقبل التعاقد إلا بناء على الشرط الباطل.

     وقد أخذ المشرع السوري بهذا الرأي، فنصت الفقرة الأولى من المادة 483 من القانون المدني على أنه: ” إذا اتفق على أن أحد الشركاء لا يساهم في أرباح الشركة أو في خسائرها، كان عقد الشركة باطلا“.

    وذهب آخرون نشاطرهم الرأي إلى أن شرط الأسد وحده باطل، ويجب أن لا يمتد هذا البطلان إلى عقد الشركة ذاته بل تظل الشركة صحيحة وتوزيع الأرباح والخسائر كما لو لم ينص في عقد الشركة على نصيب كل من الشركاء في الأرباح والخسائر، أي أن الأرباح والخسائر توزیع بنسبة حصة كل شريك في رأس المال (مادة 1/482 مدني).

    ومبرر أصحاب هذا الرأي أن بطلان عقد الشركة برمته يلحق أضراراً بالغير أو حتى بالشركاء الذين لم يساهموا في وضع نصوص العقد.

     لذلك استبعد القانون الفرنسي البطلان في هذه الحالة بالنسبة للشركات المساهمة والمحدودة المسؤولية.

  • مفهوم الربح والخسارة في الشركات

    لا يمكن معرفة ما إذا كانت الشركة قد جنت أرباحاً أو منیت بخسائر إلا عند إغلاق حساباتها نهائيا وتصفية موجوداتها.

    ففي هذه الحالة تظهر أرباح الشركة أو خسائرها، من المقارنة بين القيمة الحقيقية لموجودات الشركة – بعد تنزيل الديون التي عليها – وبين رأسمالها.

    أو بالمقارنة بين الموجودات والمطاليب.

     ولكن هذا المفهوم النظري للأرباح والخسائر يختلف اختلافاً كلياً عن مفهومها العملي، إذ من الثابت عملياً أن الشريك يأمل، من دخوله في الشركة ومساهمته في تكوين رأس مالها، اجتناء الربح في أوقات دورية.

    لذلك تنص عقود الشركة عادة على توزيع الأرباح بصورة دورية، ومع ذلك فإن الفقه والاجتهاد يتفقان على القول بأن شرط توزيع الأرباح في أوقات دورية ليس من الضروري وجوده في عقد الشركة ليصار إلى هذا التوزيع، ففي حالة خلو العقد من الشرط المذكور يحق للشركاء المطالبة بإجراء توزيع الأرباح مرة على الأقل في كل سنة.

    وعليه، يعتبر ربحاً يمكن توزيعه

    كل كسب مادي أو معنوي يضاف إلى الثروة“،

    وقد يتخذ الربح أشكالا مختلفة، فيكون إما ربح نقدية أو فائدة اقتصادية، ويشترط في ذلك كله أن يستقر هذا الربح في النهاية في ذمة الشريك ويزيد في ثروته، فإذا كان القصد من الشركة تفادي الخسارة فقط، لا يعتبر العقد عندئذ عقد شركة، كعقود التأمين المتبادل أو التعاوني مثلاً التي تستهدف درء الخسارة لا جلب الربح.

     كما أن عنصر السعي وراء الربح هو الذي يميز الشركة عن الجمعية التي يقصد بها عادة تحقيق غايات اجتماعية أو أدبية أو غيرها من الأغراض العامة التي لا شأن لها بالكسب المادي.

    وإذا كان الربح المحدد، في أوقات دورية، بنتيجة تنظيم دفتر الجرد والميزانية، يمكن توزيعه على الشركاء، فإن الخسارة الحاصلة لا توزع بين الشركاء أثناء قيام الشركة ولا يجبر الشريك على المساهمة في تغطية الخسارة، كما وأن وقوع الشركة في خسارة لا ينشأ عنه مبدئية تعديلاً في عقدها، إذا كانت موجوداتها كافية لتسديد الديون التي عليها.

    على أن عقد الشركة قد يتضمن شرطة يقضي بانحلالها في حال وقوعها بخسارة تفوق نسبة معينة من رأسمالها، وهذا الشرط صحيح لا غبار عليه.

  • القواعد التي تحكم الشركات التجارية في القانون السوري

    مر التشريع التجاري في سورية، وبالتالي تشريع الشركات، بمراحل مختلفة منذ العهد العثماني حتى يومنا هذا.

     ففي العهد العثماني كانت هنالك عدة مصادر للأحكام القانونية المتعلقة بالشركات أهمها، مجلة الأحكام العدلية وقانون التجارة العثماني الذي تبنی مضمون قانون التجارة الفرنسي لعام 1807 مع ما ورد فيه من أحكام حول الشركات التجارية، وقانون 21 جمادى الأخرى سنة 1323 المتعلق بشركات الضمان، ثم قانون 24 محرم سنة 1333 المتعلق بالشركات الأجنبية المغفلة.

    وفي عهد الانتداب، صدر عن المفوض السامي بعض القرارات المتعلقة بالشركات، من أبرزها القرار رقم 97 تاریخ 14 نيسان سنة 1925 والمتعلق بجنسية الشركات المغفلة، والقرار رقم 96 لسنة 1926 المتعلق بالشركات الأجنبية وما طرأ عليه من تعديلات.

     

    وبعد جلاء الفرنسيين وفي عام 1949/6/22 ، أصدر المشرع السوري قانون التجارة بالمرسوم التشريعي رقم 149 وطبق اعتبارا من 1949/9/1 .

    وقد تبنى فيه المشرع أحكام قانون التجارة اللبناني مع تعديلات طفيفة.

     وطبقت أحكام الشركات الواردة في قانون التجارة والقانون المدني في حال عدم وجود نص في قانون التجارة. وفي الوقت الحاضر، ومع التطوير والتحديث التشريعي الذي تشهده سوريا، فقد أصدر المشرع قانون الشركات رقم 3 تاریخ 1429/3/6 هجري الموافق ل 2008/3/13 ودخل حيز النفاذ اعتبارا من تاريخ 2008/4/1 .

    وبموجبه فقد ألغى المشرع أحكام الكتاب الثاني من قانون التجارة الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 149 لعام 1949 وتعديلاته المتعلقة بالشركات التجارية اعتبارا من تاريخ نفاذه (مادة 224 شركات).

    وأصبحت الشركات تخضع لأحكام قانون خاص بها هو قانون الشركات، ولقواعد القانون المدني فيما يختص بعقد الشركة شرط ألا تكون القواعد مخالفة لأحكام قانون الشركات مخالفة صريحة أو ضمنية (مادة 3/2 شركات).

    ومن الرجوع إلى قانون الشركات نجد أنه قد قسم إلى اثني عشر باباً.

    1- الباب الأول: ويتضمن الأحكام العامة التي تشمل جميع أنواع الشركات المواد 1-28).

     2- الباب الثاني: ويبحث في شركة التضامن (المواد 29-43).

    3- الباب الثالث: ويتضمن النصوص المتعلقة بشركة التوصية (المواد 44 -50).

     4- الباب الرابع: ويتضمن الأحكام الخاصة بشركة المحاصة (المواد 51-54).

     5- الباب الخامس: ويقتصر على بحث الأحكام الخاصة بالشركة المحدودة المسؤولية المواد 55-85).

    6- الباب السادس: ويتضمن النصوص المتعلقة بالشركات المساهمة (المواد 86-213).

     7- الباب السابع: وينظم الأحكام المتعلقة بالشركة القابضة (المواد 204 -208).

     8- الباب الثامن: وجاء بأحكام تتعلق بالشركة الخارجية (المواد 209-211).

     9- الباب التاسع: ويتعلق بأحكام خاصة بتحويل الشكل القانوني للشركات التضامنية والتوصية المواد 212-213) وتحويل الشكل القانوني للشركات المحدودة المسؤولية المادة 214) وتحويل الشكل القانوني للشركات المساهمة (المادتان 215-216) وخص بقاء الشخصية الاعتبارية للشركة التي جرى تحويلها (المادة 217).

    10- الباب العاشر : وينظم أحكام اندماج الشركات المواد 218-222).

     11- الباب الحادي عشر: وضع بموجبه المشرع أحكاماً انتقالية (المادتان 223-224).

    12- الباب الثاني عشر: ويتضمن أحكاما عامة تتعلق برقابة وزارة الاقتصاد ورسوم التصديق ونشر قانون الشركات المواد 225-227).

  • أهمية الشركات التجارية وتطورها التاريخي

     أهمية الشركات التجارية

    إن مزاولة التجارة لا تقتصر على الأفراد، بل تزاولها أيضا جماعات من الأشخاص الاعتبارية تسمى “الشركات”،

    ذلك أن أهم المشاريع من حيث ضخامة الأعمال وقيمتها و عوامل الإنتاج التي تساهم فيها قد لا يقوى الفرد الواحد على النهوض بها، لما تتطلبه من جهود كبيرة وأموال كثيرة، تحتاج إلى تضافر عدة أشخاص ليقوموا بهذه المشاريع الكبيرة التي يعجز الفرد عن القيام بها وحده.

    وقد زادت الحاجة إلى توحيد الجهود وتجميع الأموال بعد الثورة الصناعية، لما أصبحت تتطلبه المشروعات الكبيرة من طاقات مالية كبيرة وخبرات فنية متنوعة لا يقوى الأفراد على القيام بها متفرقين.

    وعليه فقد أصبحت الشركات الأداة المثلى للنهوض الاقتصادي، بل تعاظمت هذه الأهمية لدرجة أصبحت معها هذه الشركات، وبخاصة الشركات المساهمة، تشكل قوة اقتصادية واجتماعية تخشى الدولة من سطوتها وترى من واجبها أن تسهر على رقابتها حتى لا تنحرف عن الطريق السوي وتصبح أداة للاستغلال الاجتماعي أو للسيطرة السياسية.

    إن الاعتراف للشركة بذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء يمكن الشركاء من تحديد مسؤوليتهم عن الأعمال التجارية التي يقومون بها من خلال الشركة بحدود ما يملكون من حصص أو أسهم في رأس مال الشركة، ما لم تكن صفة الشركاء متضامنين،

    الأمر الذي يترتب عليه تفادي عيوب المشروعات التجارية الفردية التي يكون فيها مالك المشروع مسؤولاً عن التزامات المشروع في كل ذمته المالية، أي بأمواله الحاضرة والمستقبلية، غير تلك المستثمرة في المشروع،

    وقد يترتب على هذه المسؤولية غير المحدودة عن ديون المشروع شهر إفلاس مالكه وتصفية جميع أمواله وينعكس سلبا على ماله لا بل وشخصه.

    ولتفادي هذه النتائج يلجأ الأفراد إلى تكوين شركات تكون مسؤوليتهم فيها محدودة بحدود ما يملكون من حصص أو أسهم في رأس مال الشركة، فإذا أعسرت الشركة وأصبحت أموالها مستغرقة بديونها، نجت أموال الشركاء من التنفيذ عليها وأدى قيام الشركة إلى تحديد مسؤوليتهم عن ديونها بالأموال التي خصصوها للمساهمة في رأسمالها.

    إن أهمية الشركات لا تقتصر على قدرتها على توحيد الجهود وتجميع الأموال اللازمة الاستغلال المشروعات الاقتصادية الكبرى، بل تحقق الشركة لهذه المشروعات استقرار، ودوامة تعجز عنه طاقة الأفراد مهما وحدوا جهودهم وضموها،

    فالشركة تتمتع بوجود ذاتي وبأهلية وذمة مالية مستقلة، يتيح للشركاء إلحاق بعض أموالهم بشركة يؤسسونها، فلا تدخل في ذمتهم المالية وإنما تلحق بذمة الشركة، بحيث يتمثل حق الشريك في الشركة في اكتساب حصة أو أسهم في رأسمالها تمنحه حقاً حيالها لا ينصب على كل مال من أموالها ولا يشكل حصة شائعة فيه،

    فيعد المال ملكا للشركة وحق الشريك على الشركة حقاً مستقلاً يتراوح بين الحق الشخصي والحق الفكري أي الحق في منقول غير مادي.

     وعليه، فإن الضريبة التي تفرض على أموال الشركة تتناول الشركة لا شخص الشركاء، ولا تمس أموالهم الموظفة في نشاطات أخرى لاسيما إذا كانت الضريبة تصاعدية تفرض على شرائح.

     كما يمكن الاستفادة من الإعفاءات الضريبية والمزايا التي تمنحها الدولة لبعض الاستثمارات، أو الاستثمارات في مناطق نائية فيؤسس الأفراد شركات تستفيد من الشروط المطلوبة للاستفادة من هذه المزايا والإعفاءات.

    التطور التاريخي للشركات 

    تعد الشركة نظاماً قديماً جداً عرفه البابليون ونظمه قانون حمورابي كما انتشرت الشركات المدنية منها والتجارية لدى اليونان، وكانت تؤسس غالبا لتعاطي الأعمال المصرفية ومشاريع النقل البحري والتعدين.

    كما نشأت الشركة في روما، في بادئ عهدها، من اتفاق بين الورثة على البقاء في حالة الشيوع بالنسبة لتركة المورث، وعلى إدارة هذه التركة فيما بينهم.

     ثم ظهرت فيما بعد الشركات باتفاق بين أشخاص لا تربط بينهم صلة القرابة على استثمار رأسمال مشترك، ولم تكن تتمتع بالشخصية الاعتبارية إلا إذا منحت هذه الشخصية بمرسوم خاص، كان من الصعب جداً الحصول عليه ما لم يكن موضوع الشركة يقوم على استثمار معادن الذهب والفضة، لذلك كان كل شريك مسؤولا شخصية عن تصرفاته.

    أما في الفقه الإسلامي، فقد كانت التجارة من أشرف أسباب الكسب وأعلاه عند العرب وخاصة في شبه الجزيرة العربية، وقد كرس فقهاء الشريعة الإسلامية عدة أنواع من الشركات تناولتها مجلة الأحكام العدلية إلى أن وضع قانون التجارة العثماني في 8 شعبان 1266 للهجرة فتبنى أحكام التجارة الفرنسي لعام 1807.

    وقسم الفقه الإسلامي الشركات إلى عدة أنواع أهمها شركة المفاوضة وشركة العنان.

    أما في أوربا وفي القرون الوسطى فقد انتشرت التجارة فيها ولاسيما في المدن الإيطالية وظهر فيها كل من شركتي التضامن والتوصية البسيطة،

    كما كرس أمر لويس الرابع عشر لعام 1673 حول التجارة البرية كلا من شركتي التضامن والتوصية البسيطة، وأطلق على الأولى اسم الشركة العامة وسماها سفاري شركة ” الاسم المشترك، ولا يزال هذا الاسم يطلق عليها في القانون الفرنسي ” Société en nom collectif “.

    وباكتشاف أميركا وانتشار التجارة بين أوربا والقارات الأخرى ولحاجة الشركات إلى رؤوس أموال وفيرة يصعب على شركتي التضامن والتوصية تداركها فقد أسست شركات المساهمة يكتتب في رأسمالها صغار المدخرين وتشرف الدولة عليها.

    وعليه، فقد نظمت تشريعات كل من ألمانيا وإنكلترا وسويسرا وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا وغيرها من التشريعات الأجنبية موضوع الشركات وكيفية عملها وأنواعها.

  • حجية الدليل الرقمي وتقدير قيمته في سوريا

    نصت المادة 25 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية على ما يلي :

    ( أ- يعود للمحكمة تقدير قيمة الدليل الرقمي، شريطة تحقق ما يلي:

     1) أن تكون الأجهزة الحاسوبية أو المنظومات المعلوماتية المستمد منها هذا الدليل تعمل

    على نحو سليم.

    2) ألا يطرأ على الدليل المقدم إلى المحكمة أي تغيير خلال مدة حفظه.

    ب – يعد الدليل الرقمي المقدم إلى المحكمة مستجمعة للشرطين الواردين في الفقرة (أ) من هذه المادة، ما لم يثبت العكس.)

    يستمد القاضي الجزائي قناعته من أي دليل يطمئن إليه من الأدلة التي تقدم في الدعوى دون التقيد بدليل معين، ما لم ينص القانون على غير ذلك؛ فلا يوجد أدلة يحظر القانون عليه قبولها.

    فالقانون أمد القاضي الجزائي بسلطة واسعة وحرية كاملة في مجال الإثبات، فله أن يأخذ من الأدلة ما تطمئن له عقيدته، ويطرح ما لا يرتاح إليه.

    وهذا ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 175 من قانون أصول المحاكمات الجزائية بقولها :

    ( تقام البيئية في الجنايات والجنح والمخالفات بجميع طرق الإثبات، ويحكم القاضي حسب قناعته الشخصية).

    و الدليل الرقمي يندرج تحت طائفة القرائن القضائية إذا تم الحصول عليه بطريقة مشروعة، ويمكن للقاضي الجزائي الأخذ به سواء في إطار الإدانة أم البراءة، إذا توفرت في هذا الدليل الشرطين

    التاليين:

    1- السلامة:

    أي أن تكون الأجهزة الحاسوبية أو المنظومات المعلوماتية المستمد منها هذا الدليل تعمل على نحو سليم، بحيث لا يتطرق الشك في دقته.

    2- المطابقة:

    أن لا يطرأ على هذا الدليل أي تغيير خلال فترة حفظه، أي أن يكون الدليل الرقمي المقدم إلى المحكمة هو نفس الدليل الذي تم جمعه وحفظه.

    وقد وضع المشرع قرينة قانونية بسيطة في الفقرة (ب) من المادة 25، تتضمن أن الدليل الرقمي المقدم إلى المحكمة يع مستجمع لشرطي السلامة والمطابقة المشار إليهما ما لم يثبت العكس.

    أما بالنسبة إلى الدفوع المتعلقة بهذين الشرطين، فإن هذه الدفوع يجب أن لا تنال من قيمة الدليل الرقمي إذا جاءت على شكل تخمين دون أن يوجد دليل يدعمها. وهذا ما سارت عليه المحاكم الأمريكية كما رأينا.

    وفيما يتعلق بكيفية تقدير قيمة الدليل الرقمي، فإننا نؤيد ما ذهب إليه جانب من الفقه العربي من ضرورة التمييز بين أمرين، هما:

    الأمر الأول: القيمة العلمية القاطعة للدليل.

    الأمر الثاني: الظروف والملابسات التي وجد فيها الدليل.

    فتقدير القاضي لا يتناول القيمة العلمية القاطعة للدليل، ذلك لأن قيمة الدليل تقوم على أسس علمية دقيقة، ولا حرية للقاضي في مناقشة الحقائق العلمية الثابتة.

    أما ما يتعلق بالظروف والملابسات التي وجد فيها هذا الدليل، فإنها تدخل في نطاق تقديره الشخصي لأنها من طبيعة عمله، ومن ثم فللقاضي الجزائي أن يطرح الدليل المستخرج من الحاسوب عندما يجد أن وجوده لا يتفق منطقية مع ظروف الواقعة.

    فمجرد توفر الدليل العلمي لا يعني أن يحكم القاضي مباشرة دون البحث بالظروف والملابسات .

    وبعد أن انتهينا من دراسة فصل الأحكام الإجرائية للجريمة المعلوماتية، لا بد لنا من الإشارة بأن المادة 35 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية، قضت بأن يطبق قانون أصول المحاكمات الجزائية النافذ على كل ما لم يرد عليه نص في الأحكام الإجرائية للجرائم الواردة في قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية.

  • إجراءات الضبط والحجز في الجرائم الالكترونية

    الضبط هو الأثر المباشر للتفتيش. فالعلاقة وثيقة بين التفتيش والضبط، فإذا بطلت إجراءات التفتيش بطل الضبط.

    وقد يتم الضبط من غير تفتيش، عندما يقدم المشتبه به باختياره الأشياء المتعلقة بالجريمة.

    والضبط هو الوسيلة القانونية التي تضع بواسطتها السلطة المختصة يدها على جميع الأشياء التي وقعت عليها الجريمة أو نتجت عنها أو استعملت باقترافها، كالأسلحة والأشياء المسروقة، والثياب الملوثة بالدم، والأوراق… وغير ذلك.

    وقد أجاز القانون السوري ضبط كل ما يعد من آثار الجريمة، وسائر الأشياء والأوراق التي تساعد على إظهار الحقيقة، سواء أكانت تؤيد التهمة أم تنفيها.

    وقد أوجب القانون عرض الأشياء المضبوطة على المدعى عليه أو على من ينوب عنه للمصادقة والتوقيع عليها، فإذا امتنع، صرح القائم بالضبط بذلك في المحضر.

    أما بالنسبة إلى إجراءات ضبط المكونات المعنوية للحاسوب والإنترنت، فإن البيانات والمعلومات لا يمكن ضبطها بشكل منفصل عن أجهزة وأدوات التخزين، فالحاسوب والأجهزة الملحقة به، هي بمثابة الأوعية المادية التي تحتوي هذه المعلومات والبيانات، وهي تشبه الحقيبة التي تحفظ فيها الأوراق.

     وقد أجاز المشرع في الفقرة (ه) من المادة 26 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية للضابطة العدلية الحصول على نسخة من البيانات والمعلومات والبرمجيات الحاسوبية التي تم تفتيشها، ويمكن للضابطة العدلية في حالات الضرورة ضبط الأجهزة والبرمجيات الحاسوبية المستخدمة أو جزء من مكوناتها.

    ولذلك يرى الفقه المقارن أن على رجل الضابطة العدلية عندما يصل إلى مسرح الجريمة، أن يتبع في ضبط المعلومات الرقمية الإجراءات التالية :

    • تأمين مسرح الجريمة الرقمية من العبث، إذ يجب عزل الحواسيب عن الشبكة، لتجنب إجراء أي تغيير على الأدلة الرقمية من قبل الغير. كما يجب رفع البصمات عن الأجهزة لمقارنتها فيما بعد ببصمة المشتبه به.
    • حجز الحاسوب أو القرص الصلب، وجميع الحاويات المادية والذواكر، كالسواقات والأقراص الممغنطة.
    • وضع ملصقات على الأشياء المضبوطة، وتوثيقها وتغليفها، وتحضيرها لنقلها بالحالة التي كانت عليها إلى مكان الاختبار والفحص.
    • تحرير محضر بعد إجراء عملية الفحص، يتضمن ذكر جميع الإجراءات السابقة، والنتائج التي تم التوصل إليها بنتيجة الفحص.

    وبناء على ذلك، فإن ضبط الأدلة الرقمية يجب أن يتناسب مع ماهيتها، بحيث ينصب الضبط على جميع الأجهزة والأدوات التي تم تخزين المعلومات فيها، لأن ضبط المعلومات والبيانات لا يمكن أن يتم بمعزل عن وسائط التخزين.

  • كيف يتم التفتيش في الجرائم الالكترونية؟

    يعد التفتيش من أخطر الإجراءات التحقيقية لأنه يمس السر الخاص بالأشخاص؛ ولذلك تضمنت أغلب دساتير العالم مبدأ المحافظة على الأسرار الخاصة بالأشخاص.

     وقد تضمن قانون العقوبات السوري نصوص تعاقب على خرق حرمة المنزل وعلى إفشاء الأسرار .

    أ- تعريف التفتيش:

    هو: “الاطلاع على محل منحه القانون حماية خاصة، باعتباره مستودع سر صاحبه، ويستوي في ذلك أن يكون المحل مسكنة أو ما هو في حكمه أو أن يكون شخصاً”.

     والتفتيش كإجراء، هو في الأصل من اختصاص سلطة التحقيق الابتدائي، إلا أنه استثناء يدخل في صلاحية موظفي الضابطة العدلية في الأحوال التي عينها القانون.

    ب- محل التفتيش:

    لا يرد التفتيش إلا على الأسرار الخاصة.

    فالاطلاع على الأشياء المعلنة للجمهور لا يعد تفتيش، الأن محل التفتيش هو مستودع السر، ومن ثم فالتفتيش يمكن أن يرد على الشخص ذاته، أو على مكانه الخاص كالمنزل وملحقاته .

    أما محل التفتيش في جرائم المعلوماتية، فيرد على ما يلي:

    1- المكونات المعنوية للحاسوب (البرمجيات):

    الحاسوب هو وسيلة النفاذ إلى العالم الافتراضي، وتشمل المكونات المعنوية للحاسوب، الأنظمة الأساسية كأنظمة التشغيل، والكيانات المنطقية التطبيقية كالبرامج التي تستخدم للقيام بعمل معين، و البيانات المخزنة في الحاسوب بأنواعها .

    وقد قامت بعض الدول الأجنبية بسن تشريعات إجرائية حديثة، قننت فيها موضوع تفتيش مكونات الحاسوب البرمجية وضبطها. ففي الولايات المتحدة الأمريكية، نظم المشرع الأمريكي إجراءات تفتيش وضبط المكونات البرمجية للحاسوب، من خلال القوانين الإجرائية الفيدرالية المتعلقة بجرائم الحاسوب المنصوص عليها في القسم 2000 42usc.

    أما الاتفاقية الأوربية حول الجريمة الافتراضية لعام 2001، فقد نظمت تفتيش وضبط البيانات المخزنة في الحاسوب بالمادة 19 من هذه الاتفاقية.

    أما في المملكة المتحدة، فقد سمح المشرع بتفتيش الحاسوب، بالقسم الرابع عشر من قانون إساءة استخدام الكمبيوتر لعام 1990، وذلك بعد الحصول على إذن بالتفتيش من القاضي المختص .

     وفي بلجيكا، أصدر المشرع البلجيكي القانون المؤرخ ب 2001/11/28 المتضمن تعديل قانون التحقيق الجنائي، الذي أضاف المادة /88/ إلى هذا القانون، والتي سمحت لقاضي التحقيق أن يصدر إذن بتفتيش نظم المعلومات .

    وفي سورية فقد اعتبرت الفقرة (ب) من المادة 26 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية البرمجيات الحاسوبية من الأشياء المادية التي يجوز تفتيشها وضبطها، وفق القواعد المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية.

    ومن الأمثلة الواقعية لتفتيش برامج الحاسوب، أنه بعد تفجير برجي مركز التجارة العالمي في الولايات المتحدة الأمريكية في 2001/9/11 ، ولدى تفتيش الحاسوب النقال العائد للمشتبه به “رمزي يوسف” تبين – بحسب رأي ال FBI- بأن هذا الحاسوب كان يحوي الخطط اللازمة للقيام بعمليتي التفجير، كما أدى هذا التفتيش إلى الكشف عن دور المدعو “زكريا الموسوي” في عملية التفجير الثانية. وقد تم فحص وتفتيش أكثر من مئة قرص صلب في هذه التحقيقات .

    وفي قضية أخرى، تتلخص وقائعها بأن السيدة “شارون لوباتكا” غادرت منزلها بقصد زيارة صديقتها، إلا أنها تغيبت عن المنزل لعدة أيام، ولدى تفتيش الحاسوب الشخصي العائد لها، وجلت الشرطة مئات الرسائل الإلكترونية بين السيدة “شارون” وشخص يدعى “روبرت غلاس”، وقد تضمنت هذه الرسائل تخیلات عن التعذيب والموت.

     ولدى قيام الشرطة بالتحقيق مع “غلاس”، اعترف بأنه قتل شارون خطأ أثناء نومه معها، كما قام بإرشاد الشرطة إلى مكان جثتها في شمال كاليفورنيا، حيث وجدت الشرطة أيدي وأرجل شارون مربوطة، ثم تبين أنها ماتت خنقاً .

    2- تفتیش شبكات الحاسوب:

    من المشكلات التي تواجه القائم بالتفتيش، مشكلة اتصال الحاسوب موضوع التفتيش بحاسوب آخر موجود داخل أو خارج إقليم الدولة.

    فكثيرا ما يقوم مرتكب الجريمة بتخزين معلوماته في حواسيب أو خدمات أخرى؛ بهدف عرقلة التحقيقات. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو:

    هل يشمل التفتيش الحواسيب الأخرى المرتبطة بالحاسوب المطلوب تفتيشه؟

    للإجابة على هذا السؤال هناك احتمالان:

    الاحتمال الأول:

    أن يكون حاسوب المتهم متصلا بحاسوب أو مخدم موجود في مكان آخر داخل الدولة.

    هناك من يرى في الفقه الألماني أنه في هذه الحالة يمكن أن يمتد التفتيش إلى المعلومات والبيانات المخزنة في حاسوب أو مخدم الآخر، وذلك استنادا إلى القسم 103 من قانون الإجراءات الجزائية الألماني.

    وفي هولندا نصت المادة 125 من مشروع قانون الحاسوب على جواز أن يمتد التفتيش في هذه الحالة إلى نظم المعلومات الموجودة في حاسوب أو مخدم آخر، بشرط أن تكون هذه المعلومات والبيانات ضرورية لإظهار الحقيقة، وذلك مع مراعاة بعض القيود .

    أما الفقرة الثانية من المادة 19 من الاتفاقية الأوربية حول الجريمة الافتراضية لعام 2001، فقد سمحت بتفتيش نظام حاسوب آخر أو جزء منه، إذا كان هناك أساس يدعو إلى الاعتقاد بأن البيانات المطلوبة قد تم تخزينها في نظام ذاك الحاسوب، بشرط أن يكون نظام الحاسوب الآخر ضمن النطاق

    الاحتمال الثاني:

    أن يكون حاسوب المتهم متصلاً بحاسوب أو مخدم آخر موجود في مكان آخر خارج الدولة.

    في هذه الحالة هناك من يرى في الفقه الألماني أن استرجاع المعلومات والبيانات التي تم تخزينها في الخارج يعتبر انتهاكا لسيادة الدولة الأخرى .

    أما المادة 125 من مشروع قانون الحاسوب في هولندا، فقد سمحت بتفتیش نظم الحاسوب المرتبطة بحاسوب المتهم، حتى ولو كانت موجودة في دولة أخرى، بشرط أن يكون هذا التدخل مؤقت، وأن تكون المعلومات والبيانات لازمة لإظهار الحقيقة.

    أما المادة 32 من الاتفاقية الأوربية حول الجريمة الافتراضية لعام 2001، فقد سمحت بتفتيش حاسوب موجود في دولة أخرى في حالتين: الأولى إذا تعلق التفتيش ببيانات متاحة للجمهور. والثانية إذا رضي صاحب البيانات بالتفتيش .

    وقد حسم المشرع السوري هذا الخلاف بالفقرة (ج) من المادة 26 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية، التي أجازت تفتيش الأجهزة والبرمجيات الحاسوبية المتصلة بأجهزة المشتبه فيه، أيا كان مكان وجودها، ضمن حدود الواقعة المسندة إلى المشتبه فيه.

     أي سواء أكانت هذه الأجهزة موجودة داخل سورية أم خارجها، بشرط أن يكون التفتيش في حدود ضرورات كشف الواقعة الجرمية.

    ففي إحدى قضايا الاحتيال عبر الإنترنت، تبين بنتيجة البحث أن حاسوب المتهم الموجود في ألمانيا متصل بحواسيب أخرى في سويسرا، حيث تم تخزين المعلومات في هذه الحواسيب الخارجية.

     وعندما رغبت السلطات الألمانية بالحصول على هذه المعلومات، لم تستطع ذلك إلا من خلال طلب المساعدة المتبادلة.

    وفي اليابان، قامت مجموعة من المخربين بمهاجمة العديد من المواقع الخاصة في الحكومة اليابانية، واستخدموا في ذلك حواسيب موجودة في الصين والولايات المتحدة الأمريكية.

     وقد طلبت الشرطة اليابانية المساعدة من بكين وواشنطن من أجل تسليم المعلومات والبيانات المسجلة على هذه الحواسيب في كلتا الدولتين، حتى تتمكن من التوصل إلى هؤلاء المجرمين .

    ومن الجدير بالذكر أن الفقرة ( د) من المادة 26 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية ألزمت مقدمي الخدمة على الشبكة الالتزام بالحفاظ على سرية الإجراءات التي تقوم بها الضابطة العدلية المختصة في جميع الحالات.

    كما ألزمت الفقرة (ه) من هذه المادة كل صاحب أو مدير أي منظومة معلوماتية ترتكب جريمة معلوماتية باستخدام منظومته، أن يتيح للضابطة العدلية تفتيش وضبط البيانات والمعلومات والبرمجيات الحاسوبية، والحصول على نسخة منها؛ ويمكن للضابطة العدلية في حالات الضرورة ضبط الأجهزة والبرمجيات الحاسوبية المستخدمة أو جزء من مكوناتها.

     وقد عاقب المشرع في الفقرة (و) على مخالفة أحكام المادة 26 بالحبس من شهر إلى ستة أشهر والغرامة من مئة ألف إلى خمسمائة ألف ليرة سورية.

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1