حجية الدليل الرقمي وتقدير قيمته في سوريا

نصت المادة 25 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية على ما يلي :

( أ- يعود للمحكمة تقدير قيمة الدليل الرقمي، شريطة تحقق ما يلي:

 1) أن تكون الأجهزة الحاسوبية أو المنظومات المعلوماتية المستمد منها هذا الدليل تعمل

على نحو سليم.

2) ألا يطرأ على الدليل المقدم إلى المحكمة أي تغيير خلال مدة حفظه.

ب – يعد الدليل الرقمي المقدم إلى المحكمة مستجمعة للشرطين الواردين في الفقرة (أ) من هذه المادة، ما لم يثبت العكس.)

يستمد القاضي الجزائي قناعته من أي دليل يطمئن إليه من الأدلة التي تقدم في الدعوى دون التقيد بدليل معين، ما لم ينص القانون على غير ذلك؛ فلا يوجد أدلة يحظر القانون عليه قبولها.

فالقانون أمد القاضي الجزائي بسلطة واسعة وحرية كاملة في مجال الإثبات، فله أن يأخذ من الأدلة ما تطمئن له عقيدته، ويطرح ما لا يرتاح إليه.

وهذا ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 175 من قانون أصول المحاكمات الجزائية بقولها :

( تقام البيئية في الجنايات والجنح والمخالفات بجميع طرق الإثبات، ويحكم القاضي حسب قناعته الشخصية).

و الدليل الرقمي يندرج تحت طائفة القرائن القضائية إذا تم الحصول عليه بطريقة مشروعة، ويمكن للقاضي الجزائي الأخذ به سواء في إطار الإدانة أم البراءة، إذا توفرت في هذا الدليل الشرطين

التاليين:

1- السلامة:

أي أن تكون الأجهزة الحاسوبية أو المنظومات المعلوماتية المستمد منها هذا الدليل تعمل على نحو سليم، بحيث لا يتطرق الشك في دقته.

2- المطابقة:

أن لا يطرأ على هذا الدليل أي تغيير خلال فترة حفظه، أي أن يكون الدليل الرقمي المقدم إلى المحكمة هو نفس الدليل الذي تم جمعه وحفظه.

وقد وضع المشرع قرينة قانونية بسيطة في الفقرة (ب) من المادة 25، تتضمن أن الدليل الرقمي المقدم إلى المحكمة يع مستجمع لشرطي السلامة والمطابقة المشار إليهما ما لم يثبت العكس.

أما بالنسبة إلى الدفوع المتعلقة بهذين الشرطين، فإن هذه الدفوع يجب أن لا تنال من قيمة الدليل الرقمي إذا جاءت على شكل تخمين دون أن يوجد دليل يدعمها. وهذا ما سارت عليه المحاكم الأمريكية كما رأينا.

وفيما يتعلق بكيفية تقدير قيمة الدليل الرقمي، فإننا نؤيد ما ذهب إليه جانب من الفقه العربي من ضرورة التمييز بين أمرين، هما:

الأمر الأول: القيمة العلمية القاطعة للدليل.

الأمر الثاني: الظروف والملابسات التي وجد فيها الدليل.

فتقدير القاضي لا يتناول القيمة العلمية القاطعة للدليل، ذلك لأن قيمة الدليل تقوم على أسس علمية دقيقة، ولا حرية للقاضي في مناقشة الحقائق العلمية الثابتة.

أما ما يتعلق بالظروف والملابسات التي وجد فيها هذا الدليل، فإنها تدخل في نطاق تقديره الشخصي لأنها من طبيعة عمله، ومن ثم فللقاضي الجزائي أن يطرح الدليل المستخرج من الحاسوب عندما يجد أن وجوده لا يتفق منطقية مع ظروف الواقعة.

فمجرد توفر الدليل العلمي لا يعني أن يحكم القاضي مباشرة دون البحث بالظروف والملابسات .

وبعد أن انتهينا من دراسة فصل الأحكام الإجرائية للجريمة المعلوماتية، لا بد لنا من الإشارة بأن المادة 35 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية، قضت بأن يطبق قانون أصول المحاكمات الجزائية النافذ على كل ما لم يرد عليه نص في الأحكام الإجرائية للجرائم الواردة في قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية.

Scroll to Top