الوسم: شركة محاماة

  • الاحتيال عن طريق التمهيد لظرف أو الافادة منه مع أمثلة

    هذه هي الوسيلة الثالثة من وسائل الاحتيال التي ذكرها نص المادة 641 بعبارة أو بظرف مهد له المجرم أو ظرف استفاد منه.

     والظرف هو الواقعة أو الشيء الذي يربط المحتال بينه وبين أكاذيبه لكي يدعهما به. و الظرف الذي مهد له المجرم أو استفاد منه هو الظرف الذي أوجده غير المحتال، أي الظرف الذي من صنع غيره لا من صنعه هو.

    وبهذا التحديد للظرف يتضح الفرق بين هذه الوسيلة وبين الوسيلة الأولى من وسائل الاحتيال. فإذا كان المحتال في الوسيلة الأولى هو الذي يصنع المظاهر الخارجية التي تدعم وتؤيد كذبه، فالمحتال في الوسيلة الثالثة ليس هو الذي يصنع الظرف ولا يتحكم في إعداده، فهو من صنع الغير وإعداده، لهذا فموقف المحتال منه موقف الممهد له أو المستفيد منه.

    وبرأينا أن هذا الرأي لا يمكن الأخذ به لأنه يجعل النص على الوسيلة الأولى (استعمال الدسائس) والمتعلقة بالمظاهر الخارجية فارغ المضمون ولغو لا فائدة منه.

    ولهذا لا تتحقق الحكمة من إيراد الوسيلة الأولى بصورة مستقلة عن الوسيلة الثالثة إلا بالقول أن المظاهر الخارجية في الوسيلة الأولى هي من صنع المحتال، بينما الظرف في الوسيلة الثالثة هو من صنع غير المحتال.

    والاستعانة بظرف عن طريق تمهيد المجرم له يتحقق بضم المجرم لنشاطه إلى هذا الظرف حتى يتمكن من الاستعانة به لتدعيم أكاذيبه، بمعنى أن الظرف وحده لا يصلح بذاته لإفادته.

    أما الاستعانة بظرف عن طريق الاستفادة منه فتتحقق دون حاجة إلى إضافة أي نشاط ما إليه .

    ومن أمثلة الاستعانة بظرف عن طريق تمهيد المجرم له، أن ينتهز المحتال فرصة مزاد أقيم لبيع مقتنيات تاريخية فيدس بين المعروضات للبيع منقولاته الخاصة.

     أو أن ينتهز فرصة غرق سفينة، وعدم العثور على جثث الكثير من ركابها، فيدس بين المخلفات التي عثر عليها ما يفيد فقدان شخص مؤمن على حياته لصالح المحتال، مع أن هذا  الشخص ما زال حياً ويقيم في دولة أخرى ولم يعلم بما فعله المحتال بشأنه.

     ومن أمثلة الظرف الذي لا يتدخل فيه المجرم بأي نشاط وتتحقق استفادته منه بالحالة التي وجده عليها، وقوف المحتال على مقربة من حفل خيري وطلب التبرع على نحو يوهم الجمهور بأنه يتولى جمع التبرعات ليسلمها للجهة الخيرية التي أقيم الحفل من أجل مساعدتها.

     أو وقوف المحتال على مقربة من مكان مات فيه المعيل الوحيد لعائلة، والطلب من المشاركين في التشييع معونة للأسرة المنكوبة، على نحو يوهمهم بأنه يتولى جمع تلك المعونة الأسرة المتوفي.

  • تخفيف عقوبة السرقة بسبب صلة القربی

    جاء النص على هذا العذر المشترك بين السرقة والاحتيال وإساءة الائتمان في المادة 660 كما يلي:

    ” إن مرتكبي الجرائم المنصوص عليها في الفصول السابقة يقضى عليهم بالعقوبة المنصوص عليها في القانون مخفضاً منها الثلثان إذا كان المجني عليهم من أصولهم أو فروعهم أو أزواجهم أو من ذوي الولاية الشرعية أو الفعلية عليهم ويعفون من العقاب إذا أزالوا الضرر الذي أحدثوه”

     بتحليل هذا النص نلاحظ أن المشرع راعی مابين أفراد الأسرة الواحدة من روابط، وارتأى ضرورة الحفاظ على صلات الود والمحبة بين أفرادها، تلك الروابط التي تمزقها الملاحقة الجزائية ومن ثم العقوبة أكثر مما تمزقها السرقة ذاتها.

     لذلك اعتبر المشرع السرقة بين الأصول والفروع والأزواج وذوي الولاية الشرعية أو الفعلية عذرة يخفف العقوبة المحددة للسرقة إلى ثلثها.

     وفي حالة إزالة الضرر الذي حدث، أي إعادة المال المسروق أو قيمته نقدا عند استحالة رده عينا، يستفيد الفاعل من عذر محل من العقاب.

     وقد اعتبرت محكمة النقض السورية أن إسقاط القريب لدعواه موجباً للإعفاء من العقوبة كما توجبه إزالة الضرر الذي أحدثه الجرم”.

    وقد وسع المشرع من نطاق عذر القرابة فجعله شاملاً لجميع جرائم السرقة الجنحية والجنائية.

    وإذا قام المجرم، الذي استفاد من عذر محل أو مخفف، بتكرار السرقة خلال خمس سنوات من تاريخ ارتكابه للسرقة الأولى فيبقى مستفيداً من العذر المخفف إذا أعاد المال المسروق أو قيمته نقدا، ولكن لا يستفيد من ذات التخفيف السابق بل يخفف عنه ثلث العقوبة فقط.

     إلا أنه لو أعاد المال المسروق فلا يستفيد هنا من العذر المحل.

     وقد قضت محكمة النقض السورية بأن

    ” اعتياد الابن على سرقة أموال أبيه يحرمه من حق الإعفاء من العقوبة”.

    ويشترط للاستفادة من عذر القرابة أن يكون المال المسروق مملوكاً لمن تتوافر فيهم صفات القرابة التي حددها النص.

     فإذا كانت ملكية هذا المال مشتركة بين أحدهم وشخص أخر من غير المذكورين في النص فلا يطبق العذر .

     و العبرة بحقيقة ملكية المال لا بما يتوهم السارق على سبيل الخطأ.

    فإذا اعتقد الزوج أن المال الذي سرقه غير مملوك لزوجته مثلا ثم تبين أنه مملوكاً لها استفاد من العذر .

    وعذر القرابة له طابع شخصي يقتصر فقط على من تتوافر فيه إحدى صفات القرابة المحددة بالنص، فلا يسري بالنسبة لغيرهم من المساهمين في الجريمة شركاء كانوا أم متدخلين أم محرضين.

     أما الأشخاص الذين يستفيدون من العذر فلقد حددهم النص بالأصول والفروع والأزواج وذوي الولاية الشرعية أو الفعلية.

    وقد ورد ذكر هؤلاء الأشخاص على سبيل الحصر، بالتالي فالعذر لا يشمل السرقة بين الأخوة والأخوات أو الأعمام والعمات أو الأخوال والخالات.

    أما الأصول والفروع فيشمل جميع الأصول وإن علو وجميع الفروع وإن نزلوا.

     أما الأزواج فيشمل الزوج والزوجة أثناء قيام الرابطة الزوجية.

    والطلاق الرجعي لا يقطع هذه الرابطة حتى تنتهي العدة.

    أما الطلاق البائن فيقطعها.

     بالتالي فسرقة أحد الزوجين للأخر يشمله العذر إذا تمت السرقة أثناء قيام رابطة الزوجية، أو إذا وقعت أثناء عدة الطلاق الرجعي.

    أما إذا أصبح الطلاق بائناً فلا مجال للاستفادة من العذر.

    أما ذوي الولاية الشرعية فتشمل الولاية والوصاية في حال غياب الولي الشرعي وهو الأب أو الجد العصبي.

     أما الولاية الفعلية فمثالها زوج الأم على أولادها من زوج سابق إذا كانوا يعيشون تحت رعايته.

    وتجدر الملاحظة أن المشرع علق حق الملاحقة في جنح السرقة بين الأقارب على شكوى الفريق المتضرر في المادة 661، بقولها

     “لا تلاحق إلا بناء على شكوى الفريق المتضرر… الجنح المنصوص عليها في المواد 660 و …”

    وهذا يعني خروجاً على الأصل العام الذي يقضي بتخويل النيابة العامة السلطة في تحريك هذه الدعوى بمجرد علمها باقتراف الجريمة وتقديرها ملائمة ذلك دون انتظار شكوى أو طلب أو إذن.

    وتعليقها على شكوى يعني أنه لا يجوز للنيابة العامة تحريكها ما لم تتلقى شكوى من الفريق المتضرر.

    وبمجرد تقديم الشكوى تستعيد النيابة العامة حريتها في تحريك الدعوى العامة .

    وإن إسقاط المتضرر لدعواه يسقط دعوى الحق العام، وإذا تأخر الإسقاط إلى ما بعد الحكم فهو يوقف تنفيذ العقوبة.

  • جرم السرقة في مكان مقفل – المادة 625 عقوبات

    ورد النص على هذه السرقة في المادة 625 كالتالي:

     يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة كل من أقدم على السرقة في الأماكن المقفلة المصانة بالجدران مأهولة كانت أم لا، سواء بواسطة الخلع أو التسلق في الداخل أو الخارج أو باستعمال المفاتيح المصنعة أو أية أداة مخصوصة أو بالدخول إلى الأماكن المذكورة بغير الطريقة المألوفة في دخولها “.

    لقد شدد المشرع بهذا النص عقاب السرقة الواقعة في أحد الأماكن المقفلة المحاطة بالجدران سواء أكانت مأهولة أم لا، أي سواء أعدت للسكن أم لا .

     نخلص من ذلك إلى أن المكان المغلق المصان بالجدران قد يكون مسكناً وقد لا يكون .

    وقد حدد النص وسائل الدخول إلى هذا المكان بالخلع أو التسلق أو باستخدام مفاتيح مصنعة أو أدوات مخصوصة أو بأية طريقة غير مألوفة للدخول.

    نخلص من ذلك أن تشديد العقاب الوارد في هذا النص بوسيلة الدخول إلى هذا المكان يستلزم توافر شرطين:

    الأول يتعلق بالمكان، والثاني يتعلق بوسيلة الدخول الى هذا الكان

    وعلة تشديد العقاب في هذه الصورة تتمثل في أن المجني عليه فيها جدير بالحماية كونه لم يفرط في ماله  بل استودعه في مكان مغلق ومصان، كما أن السرقة في هذه الأمكنة تكشف عن خطورة السارق  لأنه يبذل مجهود كبيرة لينفذ سرقته، ويقبل باحتمال لجوئه للعنف إذا صادف تواجد المجني عليه أو غيره في المكان وقاومه.

    الشرط الأول – المكان المقفل المصان بالجدران

    هذا المكان يشمل الأماكن المسقوفة المحاطة بالجدران من جميع أطرافها، أيا كانت المادة التي بنيت منها هذه الجدران حجرة أم خشبة أم معدن، ويمكن إغلاق نوافذها وأبوابها، كالمحلات التجارية ومخازن السلع والمقاهي و دور السينما و الشركات والمؤسسات وما إلى ذلك.

    كما يشمل أيضاً كل مكان مسور بحائط أو بحاجز يحيط بكامل المكان، ويبلغ من الإحكام والارتفاع درجة تجعل اجتيازه أمراً غير يسير، سواء وجد به باب أم لا.

    وفي حالة وجوده يشترط أن يكون صالحاً لأن يغلق.

    ومثالها البستان المحاط بسور، أو المزرعة قيد البناء التي أحاط مالكها حديقتها بسور کامل.

    ويدخل ضمن هذا المفهوم أيضا السور الذي يحيط بمنزل أو بمخزن أو بمحل تجاري أو بأرض فارغة يستخدمها مالكها في إيداع محصوله الزراعي.

     وعليه لا يعتبر سورة يستأهل الحماية الجزائية بتشديد العقاب الأسلاك الشائكة المحيطة بالمكان المسروق أو السور الذي يحيط بیستان أو بمزرعة إن كان ارتفاعه لا يتجاوز عدة سنتيمترات، أو كان قد تهدم جزء منه بحيث يكون اجتيازه سهلا، ولا يشكل عقبة حقيقية تجاه السارق.

    الشرط الثاني – وسائل دخول المكان

    لقد حدد المشرع وسائل دخول المكان المقفل المحاط بالجدران بالخلع أو التسلق أو استعمال مفاتيح مصنعة أو أدوات مخصوصة.

    وهذه الوسائل لم تحدد على سبيل الحصر بل على سبيل التمثيل، لأن المشرع ختم هذه الوسائل بالعبارة العامة أو بالدخول لهذه الأماكن بغير الطريقة المألوفة”.

     ولقد سبق لنا تحديد مدلول الخلع والمفاتيح المصنعة والأدوات المخصوصة في معرض شرح جناية السطو على المساكن الواردة في المادة 622، فنحيل عليها.

     ونقصر الشرح هنا على مدلول التسلق، وطرق الدخول غير المألوفة.

    1- التسلق.

    يتمثل التسلق باجتياز السارق لعائق، خارجي أو داخلي، ثم الهبوط منه. كتسلق جدار أو سور أو شجرة أو ماسورة وسيان أن يكون التسلق للدخول أو الخروج، بشرط أن يكون هدفه السرقة، وأن يتم بدون استخدام العنف.

    والتسلق قد يكون باستخدام سلم أو بالصعود على السور أو القفز من سطح مجاور أو فوق حاجز أو بالدخول إلى المكان من النافذة.

    والتسلق يفيد معنى الجهد، أي أن يكون العائق مرتفعاً بعض الشيء ليتحقق معنى التسلق.

     أما إذا كان منخفضاً لدرجة يمكن اجتيازه دون تسلقه، أو إذا كان بالجدار أو بالسور فتحة يمكن الدخول منها بيسر، فلا تسلق هنا.

    2- طرق الدخول غير المألوفة.

    عرفت محكمة النقض السورية الدخول بوسيلة غير مألوفة عن طريق مقابلته بالدخول بالوسائل المألوفة بقولها إن الدخول المألوف إلى مكان ما هو الذي يمارسه الناس بدون صعوبة ومن الموضع المخصص له في ذلك المكان.

    وكل دخول آخر يتم على خلاف ذلك يعتبر دخولاً غير مألوف ” .

     وبناء عليها يعتبر دخولا غير مألوف الدخول إلى الغرفة من النافذة، أو دخول المحل من النافذة التي تصله بمنزل صاحبه ، أو دخول المسكن عن طريق الصعود على الخرابة المجاورة، أو تسلق السارق على أكتاف شریکه إلى شرفة المنزل ومنها إلى النافذة المفتوحة ثم الدخول إلى المنزل والسرقة منه.

     ويشترط لتحقق وسيلة الطريق غير المألوف أن يكون قصد الفاعل من اللجوء إليه هو السرقة من المكان، أما إذا دخل إلى المكان أو المسكن لغرض آخر غير السرقة فلا يتوافر ظرف التشديد، كأن يدخل للاعتداء على صاحب المكان أو لملاقاة امرأة أو لإتلاف شيء داخله.

    – عند تحقق شروط هذه المادة يعاقب السارق بالأشغال الشاقة من ثلاث إلى خمس عشرة سنة.

  • السرقة بالنشل أو الصدم أو في وسائل النقل العامة

    حالات التشديد الواردة في المادة 629 من قانون العقوبات

    أشارت المادة 629 إلى حالتين تشدد كل منهما لوحدها العقاب تشديداً جنحياً، المتمثل بالحبس مع التشغيل من سنة إلى ثلاث سنوات إضافة للغرامة، وهي ذاتها الواقعة على حالات التشديد الواردة في المادة 628.

     وهاتان الحالتان هما:

    السرقة بالنشل أو الصدم، والسرقة في وسائل النقل العامة

    أولاً: السرقة بالنشل أو الصدم

     جاء ظرف تشديد السرقة بالنشل أو الصدم في الجزء الأول من المادة 629، و هو التشديد ذاته الذي يطال حالات المادة 628، والمتمثل بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبالغرامة.

     – والنشل هو صورة من صور السرقة تتمثل بسلب مال الناس في غفلة منهم وبخفة لا يدركها المجني عليهم.

     ولا عبرة بأداة النشل، فسيان أن يقع النشل باليد مجردة أو عن طريق استخدام أداة، کشفرة أو سكين أو ما شابه ذلك .

     فالنشل يفيد خفة اليد في تنفيذ السرقة أيا كانت الطريقة المستخدمة فيها.

    أما السرقة بالصدم فتتمثل بالاصطدام بالمجني عليه من قبل السارق أو من قبل شريكه، والاستيلاء على ماله عندما يكون ذهنه منشغلاً بمواجهة الاصطدام أو بالنهوض إذا وقع.

    ولا ريب أن الصلة وثيقة بين الصدم والنشل، إذا الصدم يعتبر مقدمة للنشل وتهيئة له.فالسارق يستغل حالة انشغال أو ذعر المجني عليه كي ينشله.

     بالتالي كان يمكن للمشرع الاستغناء عن عبارة الصدم، والاكتفاء بعبارة النشل، کون السرقة بالصدم هي سرقة بالنشل، وإن اتخذ هذا النشل من حيث مقدماته صورة خاصة .

    ثانياً- السرقة في وسائل النقل العامة.

    جاء تشديد السرقة في وسائل النقل العامة في الجزء الثاني من المادة 629 بقوله

     “أو السرقة في القطارات أو السفن أو الطائرات أو الحافلات الكهربائية أو غيرها من الناقلات العامة أو في محطات سكك الحديد أو المطارات أو الجمارك أو على الأرصفة .

    وحكمة تشديد السرقة هنا تتمثل بسهولة ارتكاب السرقة في وسائل النقل ومحطاتها نظراً لازدحامها بالناس ولانشغال المسافرين في الاهتمام بتفاصيل سفر هم وصعوبة مراقبتهم أمتعتهم، مما يقتضي التشدد في حمايتهم.

    ولا يثير تفسير وسائل النقل التي وردت بالنص صعوبة تذكر.

    فالقطار والسفينة والطائرة والحافلة الكهربائية ( الترام) لا تحتاج لتفسير معانيها.

     أضف إلى ذلك أن المشرع قد أورد هذه الوسائل على سبيل التمثيل لا الحصر عندما أردف قائلا “أو غيرها من النواقل العامة”.

    وعبارة وسائل النقل أو النواقل العامة لا تعني الوسائل التي تعود ملكيتها للدولة، بل هي تعني أية وسيلة نقل عامة للجمهور، سواء كانت ملكيتها خاصة أو عامة.

    لهذا فإن التشديد يطال السرقة الحاصلة في السيارات العامة (التاكسي)، بصرف النظر عن عائدية ملكيتها، سواء كان يملكها فرد أو شركة أو الدولة، ولا يطال التشديد بالتالي السرقة في السيارات الخاصة، إلا إذا استخدمت للنقل العام.

    وكل ما يشترط لتوافر هذا الظرف المشدد أن تقع السرقة في إحدى وسائل النقل، أي أن الظرف المشدد مرتبط بمكان معين هو وسيلة النقل و ويوجب وقوع السرقة فيه .

     وهذا الشرط يتطلب بالضرورة وقوع السرقة أثناء تشغيل تلك الوسيلة، سواء أثناء سيرها أو توقفها في المحطات لنزول الركاب مثلاً، كما يقتضي ضرورة وجود أشخاص فيها.

    نستخلص من ذلك أن ظرف التشديد لا يتوافر إذا وقعت السرقة على وسيلة النقل ذاتها، أو على بعض أجزائها كالإطارات والمصابيح ونحوها، كما لا يتوافر هذا الظرف إذا لم تكن الوسيلة مستخدمة فعلا، بأن كانت مهملة أو في ورشة لإصلاحها، أو خالية تماما من الركاب.

     أما عبارة “الأرصفة Quais” الواردة في ختام النص فلا تعني أرصفة الشوارع أو الطرقات، بل هي معطوفة على محطات القطارات والمطارات ومكاتب الجمارك القائمة في المحطات المذكورة .

     فالسرقة من أرصفة المحطات تستوي في التشديد مع السرقة من المحطات.

  • السرقة بالتقنع أو حمل السلاح – المادة 628 عقوبات

    التقنع أو حمل السلاح يشكل الحالة المشددة الواردة في الفقرة (ب) من المادة 628.

    وحكمة التشديد في ذلك واضحة إذ أن وضع قناع يعني تخفي السارق مما يلقي الرعب والفزع في نفس المجني عليه فيجعله يجين عن الدفاع عن ماله، كما أن حمل السلاح أثناء تنفيذ السرقة يدل على خطورة السارق، لأن حمل السلاح أو التقنع يشد من أزر السارق ويسهل عليه تنفيذ جريمة السرقة.

    وهذه الحالة تشترط لتحقق الظرف المشدد أن تقع السرقة إما من شخص مقنع ولو لم يحمل سلاحاً أو من شخص يحمل سلاحاً ولو لم يكن مقنعا.

    والتقنع قد يكون بإخفاء ملامح الوجه كاملة، أو بشكل جزئي بحيث يتعذر تحديد ملامح السارق أو معرفة شخصيته.

    ويتوفر التقنع أيا كانت المادة التي استخدمت في إخفاء المعالم، فسيان أن تكون جلدية أو قماشية أو ورقية أو مجرد طلاء الوجه.

     ولقد عرفت المادة 313 من قانون العقوبات السلاح بأنه:

    «1- كل أداة أو آلة قاطعة أو ثاقبة أو راضه وكل أداة خطرة على السلامة العامة.

     1- إن سكاكين الجيب العادية والعصي الخفيفة التي لم تحمل لتستعمل عند الحاجة لا يشملها هذا التعريف إلا إذا استعملت في ارتكاب جناية أو جنحة».

    . من هذا التعريف نستخلص أن السلاح نوعان: سلاح بطبيعته وسلاح بالاستعمال أو التخصيص.

    والسلاح بطبيعته:

    هو الأداة المعدة خصيصاً للاعتداء على سلامة الجسم، كالمسدس والبندقية والسيف والخنجر. وحكم هذا النوع من الأسلحة أن مجرد حمله وقت السرقة بشكل ظاهر أو مخبأ يحقق الظرف المشدد، أيا كانت الغاية من حمله، حتى ولو كان حمله مما تقتضيه وظيفة السارق كالجندي أو الحارس الخاص، وحتى لو لم يكن السلاح معبأ أو لم يكن صالحة للاستعمال أو فاسد .

    كما يأخذ نفس الحكم لو كان السلاح وهمية، أي أنه دمية بشكل مسدس مثلاً.

     لأن الحكمة من التشديد لحمل السلاح مزدوجة، فهي من جهة تشد أزر و عزيمة السارق لوجود معه، واستعماله عند الضرورة بالتنفيذ أو تسهيل هربه، وهي من جهة أخرى تحبط عزيمة المجني عليه وتلقي الرعب في نفسه فتشل إرادته في الدفاع عن ماله.

    فمادام السلاح الوهمي له مظهر السلاح الحقيقي، فستتحقق الحكمة من التشديد وهي خوف المجني عليه و عدم مقاومته، ولا يعقل القول بخلاف ذلك، وإلا سنفرض على المجني عليه عبأ غير منطقي وهو تفحص السلاح أو معرفة حقيقته….!!

    ويصح هذا القول أيضا حتى لو كان السلاح مخبأ، فبمجرد رؤية المجني عليه لانتفاخ في جيب السارق تعمد الأخير أن يضع فيه مسدساً و همياً، كاف ليلقي الرعب في نفس المجني عليه ولتتحقق الحكمة من التشديد .

    أما السلاح بالتخصيص أو الاستعمال:

    فهو كل أداة يمكن استخدامها للاعتداء على السلامة البدنية للأشخاص بالرغم أنها ليست لذلك في الأصل، وإنما هي معدة لأغراض أخرى في شؤون الحياة، كالشؤون المنزلية والصناعية والزراعية وغيرها..، ومن هذا القبيل سكاكين المطبخ و العصي الخفيفة والفئوس و المناجل .

    وحكم هذا النوع من الأسلحة أن الظرف المشدد لا يتوافر بحملها إلا إذا ثبت أن السارق كان يهدف من ذلك استخدامها إذا لزم الأمر.

     وعلى ذلك فمجرد حمل السلاح بالتخصيص لا يكفي لتشديد العقوبة ولا يدل بذاته على أن المقصود فيه هو الاعتداء على الأشخاص، فقد يحمل فأسا لكسر قفل الباب، وقد يحمل سكينا لقطع الأسلاك، ولم يكن يهدف من وراء حملها سوى ذلك.

     ولذلك فمجرد حمله السلاح بالتخصيص لا يكفي التشديد العقوبة، بل يجب أن يثبت بالدليل على أن المقصود من حمله هو إلقاء الرعب في نفس المجني عليه، واستعماله عند الضرورة ضد المجني عليه إذا أبدى الأخير أية مقاومة.

     فلو استخدم السارق الفأس كي يكسر قفل الباب، وعندما تم ذلك تركه ودخل إلى المنزل ليسرقه وضبط، فلا يتحقق التشديد لحمل السلاح.

    أما إذا استعمله في كسر الباب، واستمر في حمله ليدافع به عن نفسه أو ليلقي الرعب في نفس من يواجهه فهنا يتحقق التشديد.

    وهذا الأمر متروك في النهاية لقاضي الموضوع يستخلصه من ظروف القضية ومن أي دليل أو قرينة في الدعوى، كالتهدید به مثلا، أو استخدامه فعلا، أو عدم وجود ضرورة لحمله في الظروف التي حمل بها.

    وتجدر الإشارة إلى أن حمل السلاح يعتبر من الأسباب المشددة المادية التي تطال جميع المساهمين في السرقة ولو لم يتفقوا عليه أو يعلموا بوجوده مع رفيقهم.

     ولا يشترط للتشديد أن يضبط السلاح فعلا، بل يكفي المحكمة التثبت من أن أحد السارقين كان يحمل سلاحا وقت ارتكاب السرقة، وإن كان قد أخفاه أو أتلفه.

  • السرقة في الليل مع تعدد السارقين

     الليل وتعدد السارقين

    وهي حالة ممن حالات التشديد الواردة في الفقرة (أ) من المادة 628 من قانون العقوبات.

     إن اجتماع ظرفي الليل وتعدد السارقين يشدد عقاب السرقة نظرا لما يمثل اجتماعهما من خطورة خاصة على المجني عليهم، أو على النظام العام.

    – فظرف الليل هو ظرف مسهل لارتكاب السرقة نظرا لكون الناس يخلدون فيه للراحة والنوم، كما أنه يضعف قدرة المجني عليهم في الدفاع عن أموالهم مقارنة فيما لو ارتكبت السرقة نهاراً و المشرع السوري لم يحدد مدلول الليل بالرغم من اعتباره ظرفا مشددا للسرقة.

     ولليل مدلولان، مدلول فلكي باعتباره الفترة الزمنية الواقعة بين غروب الشمس وشروقها.

    ومدلول عرفي باعتباره الفترة الزمنية التي يخيم فيها الظلام.

     وبالرغم من تبني محكمة النقض السورية للمفهوم الفلكي بقولها :

    «الليل يشمل الفترة مابين غروب الشمس وطلوعها، فإن السرقة التي تقع في هذه الفترة يجب التشديد فيها»

      إلا أننا نخالف هذا الاتجاه و نميل إلى الأخذ بالمدلول العرفي، باعتبار أن الليل هو الفترة التي يسود فيها الظلام فعلا، لأن هذه الفترة هي التي تتوافر فيها حكمة التشديد.

     ذلك أن سهولة تنفيذ السرقة ترتبط بالظلام وهدوء الحياة فيه، والنوم، أكثر مما ترتبط باللحظة التي يحدد فيها الفلكيون غروب الشمس وشروقها.

     ناهيك عن أنه في بعض أوقات فصل الصيف تغيب الشمس بالرغم من استمرار الضوء لفترة لا بأس بها، فلا يعقل أن نعتبر السرقة الواقعة أثناء ذلك أنها تمت في الليل استنادا للمدلول الفلكي، وذلك لتعارضه مع الحكمة من التشديد، وهو وجود الظلام الذي سهل ارتكاب السرقة، وأبرز خطورة الفاعل الذي يستغل الظلام مضمرة في الغالب العزم على استعمال العنف مستترا بالعتمة إذا اقتضت السرقة ذلك.

     ولا ريب أن السرقة تعتبر واقعة في الليل و إن كانت قد بدأت في النهار إلا أنها لم تنتهي إلا ليلا، أو أنها بدأت لي ولم تنتهي إلا نهاراً.

    حيث يكفي أن يرتكب أي فعل من أفعال التنفيذ ليلاً حتى تتوفر علة التشديد، وإن لم تحصل النتيجة الانهار.

    – أما ظرف تعدد السارقين، فحكمة التشديد فيه واضحة أيضا فهو يسهل وقوع السرقة لخوف المجني عليه من مقاومة قد لا تجدي نفعا مع عدة أشخاص، فضلاً عن أن التعدد ينم عن خطورة كامنة في أشخاص السارقين، فتعدد المجرمين قد يعطي كل واحد منهم الجرأة لارتكاب أفعال خطيرة لا يقدم عليها لو كان بمفرده.

     وتطبيقاً لذلك فإن حكمة التشديد لا تتوفر إذا لم يقم بالسرقة سوى شخص واحد مع وجود متدخلين أو محرضين، وقد كان المشرع واضح في هذا المعنى بقوله «السارق اثنان فأكثر» أي وجود السارقين مجتمعين في مكان تنفيذ الجريمة، بصفة فاعلين وشركاء.

    وغني عن البيان أن تعدد السارقين يفترض وحدة الجريمة، ففي هذه الحالة فقط يمكن القول بأن مرتكبي السرقة قد تعددوا.

     أما إذا ارتكب عدة أشخاص لعدة جرائم سرقة، بحيث كان لكل سرقة فاعل واحد، فليس هناك تعدد وإن جمعت بين هذه السرقات صلات وثيقة كتقارب في الزمان أو المكان  ويمكننا تصور هذه الفرضية بتعرض أحد المنازل بذات الوقت للسرقة من الصين، لا يعرفان بعضهما، وإن محض الصدفة هي التي جعلتهما يسطوان على المنزل بذات الوقت.

    نخلص إذا بأن اجتماع طرفي الليل مع تعدد السارقين يجعل السرقة مشددة تشديداً جنحياً.

    وتجدر الإشارة إلى أنه إذا أضيف ظرف التقنع أو حمل السلاح لهذين الطرفين، أصبحت السرقة جنائية الوصف، ويطبق عليها التشديد الجنائي وفق المادة 626 ق.ع.

     وعلى ذلك لابد لاعتبار التشديد جنحي فقط اجتماع ظرفي الليل والتعدد، وإذا أردنا توظيف الرياضيات في ظرف التشديد هذا الخلصنا إلى المعادلة التالية:

     سرقة + ليل + تعدد = سرقة مشددة عقابها من سنة إلى ثلاث سنوات والغرامة.

  • صور التشديد الجنحي في جريمة السرقة

    جاء النص على جنح السرقة المشددة في المادتين 628 و629 من قانون العقوبات.

    وقد تضمنت هاتان المادتان مجموعة من الظروف المشددة للعقاب مع بقاء الجرم جنحي الوصف، والعقاب المشدد يتراوح بين الحبس سنة إلى ثلاث سنوات والغرامة.

     ونص المادة 628 جاء كما يلي يقضي بالحبس مع الشغل سنة على الأقل وبالغرامة من مائة ليرة إلى ثلاثمائة ليرة إذا ارتكبت السرقة في إحدى الحالات الآتية:

     أ- ليلا و السارق اثنان فأكثر، أو في إحدى هاتين الصورتين في مكان سكنى الناس أو في معبد.

     ب- أن يكون السارق مقنعاً أو حاملا سلاح ظاهراً أو مخبأ.

     ج- أن يكون السارق خادماً مأجورة ويسرق من مال مخدومه، أو مال إنسان في بيت مخدومه أو في بيت أخر رافقه إليه، أو أن يكون السارق مستخدم أو عاملاً أو صانعة ويسرق في مصنع مخدومه أو مخزنه، أو في الأماكن التي يشتغلان عادة فيها.

     د- أن يكون السارق عسكرياً أو شبيهه ويسرق من أنزله عنده.

    أما المادة 629 فتنص على أنه

    “تنزل العقوبة نفسها بكل من أقدم على النشل أو السرقة بالصدم أو السرقة في القطارات أو السفن أو الطائرات أو الحافلات الكهربائية أو غيرها من الناقلات العامة أو في محطات سكك الحديد أو المطارات أو الجمارك أو على الأرصفة.

    وبتحليل هذين النصين نستخلص أنهما، تارة تشترطا لتشديد العقاب توفر ظرف مشدد واحد، وتارة أخرى توافر ظرفي تشديد.

     والحالات التي يشترط فيها توفر ظرفي تشديد جاءت في الفقرة (أ) من نص المادة 628 وهذه الحالات هي:

    • الليل + تعدد السارقين
    • • الليل + مسكن أو معبد (وجود سارق واحد)
    • تعدد السارقين + مسكن أو معبد (النهار)

     أما الحالات التي يشترط فيها توفر ظرف مشدد واحد فقد جاءت في الفقرات (ب – ج – د) من نص المادة 628، والمادة 629 وهي:

    • التقنع أو حمل السلاح الظاهر أو المخبأ.
    • كون السارق خادمة أو مستخدمة أو عاملا أو صانعة أو عسكريا.
    • السرقة بالنشل أو الصدمه
    • السرقة في وسائل النقل العامة وملحقاتها.

    و سندرس كل حالة من هذه الحالات على حدة.

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1