الوسم: افضل محامي

  • نص و نموذج عقد مقايضة عقارين

    عقد مقايضة عقارين

    الفريق الأول: مالك العقار الأول

    الفريق الثاني: مالك العقار الثاني

    المقدمة:

    لما كان الفريق الأول يملك كامل العقار رقم أو حصة قدرها ……/2400 سهما من العقار رقم …… من منطقة …… العقارية بمدينة …… والذي هو عبارة عن

    (تذكر أوصاف العقار حسب السجل العقاري والإضافات الواقعة وحقوق الارتفاق)

    في شارع قرية …… وهو خال من أي شاغل وهو راغب بمقايضته بعقار آخر.

    وكان الفريق الثاني يملك كامل العقار رقم أو حصة قدرها …… /2400 سهما من العقار رقم …… من منطقة …… العقارية بمدينة …… والذي هو عبارة عن

    ( تذكر أوصاف العقار حسب السجل العقاري(1) والإضافات الواقعة وحقوق الارتفاق) 

    في شارع / قرية …… وهو خال من أي شاغل وهو راغب بمقايضته بالعقار المذكور.

    فقد اطلع الفريقان على قيدي العقارين المذكورين في الس جل العقاري وطابقا واقعيهما على قيود السجل المذكور وقيماهما بوضعهما الراهن بحسب سعر السوق الرائج وعايناهما وعلما كل ما يتعلق بهما العلم التام النافي للجهالة.

    واتفقا وهما بكامل الأهلية المعتبرة شرعا وقانونا على ما يلي:

    المادة 1-

    تعتبر مقدمة هذا العقد جزءا لا يتجزأ منه.

    المادة ۲-

    أ- قايض الفريق الأول الفريق الثاني القابل لذلك بعقاره رقم …… على عقار المذكور رقم …… الموصوفين بالمقدمة مقايضة قطعية لا رجوع فيها ولا نكول.

    ب- قوم الفريقان قيمة العقار رقم …… بمبلغ …… ليرة سورية كما قيما قيمة العقار رقم …… بمبلغ …… ليرة سورية و التزم الفريق …… بدفع ف ارق القيمتين المذكورتين للفريق الأخر كمعدل …… أو وقبض الفريق …… من الفريق الآخر مبلغ …… ليرة سورية فارق القيمتين كمعدل وأبرأ ذمته منه إبراء استيفاء شاملاً مسقطاً كل حق ودعوى وطلب.

    ب- قوم الفريقان قيمتي العقارين المذكورين فكانت متطابقة وتمت المقايضة دون معدل.

    ج- أسقط كل من الفريقين حقه في إدعاء الغبن إسقاطة شاملأكل حق ودعوى وطلب.

    المادة ۳ –

    أ- قبل كل من الفريقين بالإشارات الموضوعة على صحيفة العقار الذي آل إليه في السجل العقاري مع تحمله نتائجها.

    ب- أقر كل من الفريقين بأنه لم ينشئ أي حق عيني أو تصرف غير مسجل على صحيفة العقار المقايض عليه كما أن ليس هناك أية دعوى أو حجز لم تسجل إشارته على تلك الصحيفة.

    ج- أقر كل من الفريقين بأن مباني العقار المقايض به مطابقة للأنظمة البلدية ولا توجد فيها مخالفات تستوجب الهدم أو الإزالة أو الغرامة وأن العقار غير خاضع لرسم مقابل التحسين أو الأرصفة أو الزفت أو الخدمات أو أي رسم آخر و التزم بجبر الضرر اللاحق بالفريق الأخر من جراء ظهور خلاف ذلك . 

    د- ضمن كل من الفريقين للفريق الآخر أي استحقاق كلي أو جزئي للعقار المقايض علي.

    المادة 4 –

    أ- استلم كل من الفريقين العقار الذي آل إليه بالحالة المتفق عليها خالية من أي شاغل صالحا لما أعد له بغير نقص أو تكسير أو تخریب ليتصرف به تصرف المالك بملكه من تاريخ هذا العقد.

    ب- التزم كل من الفريقين بالإقرار بهذه المقايضة أمام أمين السجل العقاري أو الموقت وبدفع نصف نفقات ورسوم معاملة نقل الملكية التي التزم الفريق …… بإنجازها ودعوة الفريق الأخر للتوقيع و الإقرار خلال …… يوماً من تاريخ هذا العقد.

    ج- تقع على عاتق كل فريق الضرائب والرسوم واستجرارات الماء والكهرباء والخدمات المشتركة و المصاعد المترتبة على عقاره حتى تاريخ هذا العقد كما تقع على عاتقه جميع الضرائب والرسوم والتكاليف المالية الأخرى التي تترتب على تفرغه عنه للفريق الآخر خاصة ضريبة الدخل.

    أما الضرائب والرسوم المترتبة على هذا العقد فتكون مناصفة بين الفريقين.

    المادة 5- ي

    عتبر كل من الفريقين معذرا بما يترتب عليه من التزامات بموجب هذا العقد بمجرد حلول أجلها دونما حاجة لاعذاره أو الحصول على حكم قضائي بذلك.

    المادة 6-

    اتخذ كل من الفريقين عنوانه المبين أعلاه موطنا مختارة له لتبلغ كل ما يتصل بهذا العقد وتنفيذه. المادة 7-

    نظم هذا العقد من نسختين احتفظ كل من الفريقين بإحداهما بعد ما قرئت

    عليه مندرجاته وتفهمها.

    … في //

    الفريق الثاني

    الفريق الأول

    (۱) تضاف

    لأوصاف السجل العقاري ما إذا كان العقار مزودا بالماء والكهرباء و المصعد والتدفئة المركزية والكهرباء الاحتياطية وما إذا كان فيه بئر ماء ومضخة وإذا كان العقار أرضا زراعية فتذكر مياهها وعدانها و بارها و الآلات والأدوات الزراعية والحظائر و المستودعات والأشجار وعددها وأنواعها وما إذا كانت ملكا أو وقفة أو أرضا أميرية.

     

  • ورقة الضد ( تعريفها – شكلها – شروطها – خصائصها – آثارها)

    ورقة الضد ( تعريفها – شكلها – شروطها – خصائصها – آثارها)

    ورقة الضد

    1- تعريف ورقة الضد

    ورقة أو عقد الضد هو العقد أو الاتفاق الحقيقي الذي يحرص المتعاقدان على ستره وإخفائه ، وذلك عن طريق تنظيم عقد ظاهر يحجب حقيقة التراضي عن الأنظار ، وقد ورد في معظم المؤلفات التعريف التالي لعقد الضد وللصورية :

    عقد الضد هو العقد المستتر الذي يبطل أو يعدل مفاعيل العقد الظاهر .

    والعقد المستتر يعبر عن الإرادة الحقيقية للمتعاقدين ، في حين أن العقد الظاهر يعبر عن إرادةوهمية .

    ثانياً- شرائط ورقة الضد

    مما سبق نستنتج أن ثمة شروطاً يجب توافرها في عقد أو ورقة الضد :

    1- يجب أن يكون العقد الظاهر مجرد ستار كاذب يخفي العقد الحقيقي .ومن شروط الصورية أن يكون العقد الظاهر وهمياً ، لأن غرض المتعاقدين الوحيد من عمله ، هو أن يكون ستاراً للعقد الحقيقي وقناعاً يحجبه عن الأعين .

    2- يجب أن يكون العقد الحقيقي معاصراً للعقد الظاهر. ويكفي وجود معاصرة ذهنية بين العقد الحقيقي والعقد الظاهر أي المعاصرة التي دارت في ذهن المتعاقدين وانعقدت عليها نيتهما وقت صدور التصرف الظاهر ، فهذه المعاصرة الذهنية هي الشرط الواجب في ورقة الضد ولا يشترط أن تكون المعاصرة مادية إذ لا شيء يحول دون كتابة العقد المستتر قبل أو بعد كتابة العقد الظاهر بمدة قد تطول أو تقصر ، وتبعاً لما سبق فإن اتحاد التاريخ بين العقدين المستتر والظاهر يعتبر قرينة بسيطة على الصورية في العقد ولكن اختلاف التاريخ ليس دليلاً قاطعاً على جديته.

    3- يجب أن لا يتضمن العقد الظاهر الإشارة إلى عقد آخر تواطأ الطرفان على إخفائه لأن أي إشارة في العقد الظاهر للعقد الخفي تلغي الغرض المنشود من هذا العقد الخفي أو الحقيقي المراد إبقاءه خفياً عن الغير.

    ثالثاً: خصائص ورقة الضد

    1- وجود عقدين اتحد فيهما الطرفان والموضوع :

    إن ذاتية المتعاقدين في العقدين السري والظاهر، وذات موضوع التعاقد فيهما تقتضيه طبيعة عقد الضد ذاته من حيث كونه عقداً يلغي أو يعدل عقداً ظاهراً بصورة كلية أو جزئية ، إذ من المعروف بداهة إن إلغاء عقد أو تعديله يعود مبدئياً لطرفيه أو لأطرافه أنفسهم .

    ولكن لا يشترط اتحاد المتعاقدين في العقدين شخصياً بل يكفي اتحادهما اتحاداً قانونياً .

    2- تناقض العقد السري مع العقد الظاهر :

    أي أن ورقة الضد تستلزم وجود اتفاقين متعارضين الاتفاق الثاني يلغي الاتفاق الأول الظاهر أويعدله فهما ضدان لايجتمعان أي استحالة تنفيذهما معاً وهذا الشرط هو العلامة المميزة لورقة الضد وعلى ذلك إذا أمكن تنفيذ العقدين فلا يعتبر العقد السري ورقة ضد .

    3- صورية العقد الظاهر :

    بمعنى أن يكون العقد الظاهر وهمياً لأن الغرض الوحيد من عمله مع العقد الحقيقي المستتر هو أن يكون له ستاراً يخفيان به عن الغير حقيقة ما تعاقدا عليه ، فالعقد الظاهر معدوم لا أثر له قانوناً لأن المتعاقدين لم يقصداه وليس هناك لا ايجاب ولا قبول ولم يقصدا منه إلا أن يكون قناعاً للعقد المستتر الحقيقي ليخفيا الحقيقة عن الغير .

    فالعقدان الظاهر والمستتر إذاً هما عقدان متعاصران يصدران معاً في وقت واحد ولا تشترط المعاصرة المادية بل تكفي المعاصرة الذهنية.

    4- العقد الحقيقي المستتر قادر لوحده على هدم أو تعديل العقد الظاهر كلياً أو جزئياً :

    إذا ارتضى الفريقان تنظيم العقد الظاهر بالشكل الذي برز فيه – وهو أبعد ما يكون عن التعبير عن حقيقة مرادهما – فما ذلك إلا لعلمهما بأن العقد المستتر الذي تضمن إرادتهما الحقيقية قادر لوحده على هدم أو تعديل العقد الظاهر بصورة كلية أو جزئية ، أي بالقدر الذي يغاير فيه الحقيقة.

    رابعاُ: شكل ورقة الضد

    لا يوجد في القانون المصري والفرنسي والسوري الذي استمد معظم مواده من القانونين السابقين نص يحدد ورقة الضد .

    وقد ترك المشرع شكل ورقة الضد للقواعد العامة ولحرية المتعاقدين يحررونها بالشكل الذي يرونه مناسباً وذلك مع مراعاة القاعدة الفقهية ” أن الأصل في الأشياء الإباحة.”

    فقلما يهم الشكل الذي يرتديه العقد المستتر أو العقد الظاهر ويكفي توفر الشروط والخصائص المكونة لعقد الضد حتى تنطبق أحكام الصورية .

    مع التذكير أو ورقة الضد تمثل تصرفاً قانونياً ثنائياً باعتبارها عقد مستور بين متعاقدين اجتمعت ارادتهما لتحقيق آثار ونتائج هذا العقد.

    والتصرف القانوني هو إرادة تتجه الى إحداث أثر قانوني كالعقد .

    أما الواقعة القانونية فهي حادث مادي يرتب عليه القانون أثراً سواء أكانت الإرادة اتجهت الى إحداث هذا الأثر أم لا .

    وتجدر الإشارة الى أن العقد المستتر و العقد الظاهر يمكن أن ينظما بشكل سند عادي أو بشكل سند رسمي ويمكن أن ينظم أحدهما بشكل سند عادي وينظم الآخر بشكل سند رسمي.

    وقد قضت محكمة النقض بقرارها رقم 577/435 تاريخ 3/6/1976 نشرت في المحامون عام 1976 ص /679/ على :

    إن اسباغ الصفة الرسمية على العقد الصوري لا يحصنه ضد قبول إثبات وجود العقد الحقيقي بالبينة الشخصية متى كان من الجائز اعتمادها كدليل لأن العقد الصوري لا وجود له قانوناً فتسجيله وعدمه سيان .”

    لكن يبقى السؤال عما إذا كان يمكن أن يكون كل من العقد الظاهر والعقد المستتر شفهياً ؟

    والرأي أنه لا شيء يحول دون أن يكون عقد الضد شفهياً وكذلك العقد الظاهر فليس ثمة ما يوجب تنظيم سند خطي للقول بوجود الصورية .

    خامساً : آثار ورقة الضد

    1- ورقة الضد والصورية :

    كما ذكرنا فورقة الضد أو عقد الضد هو عقد يكتب سراً بين متعاقدين ليمحو أثر عقد ظاهر أو يعدل فيه أو بعبارة أخرى ليمحو أثر العقد الظاهر كلياً أو جزئياً ، كما إذا أراد مدين تهريب شيء له من دائنه فيبيعه بيعاً صورياً لآخر ويأخذ عليه ورقة ضد تفيد الصورية وأن الشيء لازال ملكه .

    فالعقود الصورية إذاً تحوي غشاً أو تغييراً للحقيقة يساعد على الغش ولذلك منعتها القوانين الفرنسية القديمة بل وكانت تعاقب على الصورية وتحرير ورقة الضد في بعض الأحوال بغرامة كبيرة وقد أجاز القانون المدني السوري الصورية بالمادتين /245/ و/246/ كما سنرى فيما يلي:

    تنص المادة /245/ قانون المدني السوري على ما يلي :

    ” إذا أبرم عقد صوري فلدائني المتعاقدين والخلف الخاص متى كانوا حسني النية أن يتمسكوا بالعقد الصوري كما لهم أن يتمسكوا بالعقد المستتر ويثبتوا بجميع الوسائل صورية العقد الذي أضر بهم.

    إذا تعارضت مصالح ذوي الشأن فتمسك بعضهم بالعقد الظاهر وتمسك الآخرون بالعقد المستتر كانت الأفضلية للأوليين. “

    ونصت المادة /246/ على مايلي :

    ” إذا ستر المتعاقدان عقداً حقيقياً بعقد ظاهر فالعقد النافذ فيما بين المتعاقدين والخلف العام هو العقد الحقيقي . “

    ومن هذه النصوص يتبين لنا أثر الصورية ” ورقة الضد ” بالنسبة للمتعاقدين والخلف العام والغير والخلف الخاص .

    2- أثر ورقة الضد بالنسبة للمتعاقدين والخلف العام :

    لا بد لنا من تعريف الخلف العام ، وذلك لتوضيح ما قصد به المشرع بنص المادة /246/ من القانون المدني السوري وهو :

    ” من يخلف سلفه في ذمته المالية كلها ( كالوارث الوحيد ) أو في جزء شائع منها ( كالوارث مع غيره أو الموصى له بحصة من التركة ) “

    وعليه فإن أثر ورقة الضد بين المتعاقدين والخلف العام تؤدي إلى ما يلي :

    – العقد الظاهر لا وجود له : بدلالة المادة /246/ من القانون المدني السوري فلا يعمل به وهذا ما يقتضيه سلطان الإرادة ذلك أن المتعاقدين إنما أرادا العقد المستتر لا العقد الظاهر فوجب أن يلتزما بما أراداه لا بما لم يريداه .

    فإذا باع شخصاً عيناً من آخر بيعاً صورياً واحتفظ بورقة الضد ففيما بين البائع والمشتري لا وجود للبيع ويبقى البائع مالكاً للعين وله حق التصرف فيها ويستطيع أن يبيعها جدياً بعد ذلك إلى مشترٍ ثانٍ والمشتري الثاني هو الذي تنتقل إليه الملكية وليس للمشتري الصوري الأول أن يحتج بعقد البيع الصوري على المشتري الثاني ولو سجل البيع الصوري قبل تسجيل البيع الجدي .

    كذلك ، إذا مات البائع فالعين الباقية في ملكه تنتقل بالميراث إلى وارثه الخلف العام إذ العبرة بالنسبة إلى الخلف العام بالعقد الحقيقي أيضاً لا بالعقد الصوري، فالبائع الصوري يبقى مالكاً للعين وتنتقل منه الملكية إلى وارثه والمشتري الصوري لا تنتقل إليه ملكية العين ، ومن ثم لا تنتقل منه هذه الملكية الى وارثه .

    وهذا ما استقر عليه اجتهاد محكمة النقض :

    ” إن أثر ثبوت صورية العقد الواقع على عقار يستتبع اعتبار هذا العقد غير موجود وبالتالي الى الغاء التسجيل الذي تم بالاستناد اليه .” ( نقض مدني سوري /255/ أساس /157/ تاريخ 30/4/1963 مجلة نقابة المحامين ص 65 لعام 1963 )

    ولما كانت الصورية كثيراً ما تستعمل لخديعة الغير والتحايل على القانون فقد اقتصر القانون على منع تحقيق أغراضها غير المشروعة دون أن يجاوزه إلى إبطال العقد الحقيقي الذي قصده المتعاقدان وهذا ما نصت عليه المادة السادسة من قانون البينات السوري بقولها :

    ” وأما الأوراق السرية التي يراد بها تعديل الأسناد الرسمية أو الأسناد العادية فلا مفعول لها إلا بين موقعيها .”

    وهذا ما استقر عليه اجتهاد محكمة النقض :

    ” إن العقد الصوري لا يكون معدوم الأثر إلا بين المتعاقدين والخلف العام ، أما الأشخاص الآخرين حسنوا النية فلهم الخيار بالتمسك بالعقد الحقيقي المستتر أو بالعقد الصوري الظاهر ، أما الغير سيء النية فيسري بحقه العقد الحقيقي .”

    ( نقض سوري /1123/ ت 13/5/1965 – مجلة القانون ص /639/ لعام 1965 )

     وجوب إثبات العقد الحقيقي والشروط الواجب توافرها فيه :

    فأي من الطرفين يريد أن يتمسك بالعقد المستتر في مواجهة العقد الظاهر يجب عليه هو أن يثبت وجود العقد المستتر الذي يريد التمسك به وفقاً لقواعد الإثبات العامة ، أما إذا لم يستطع أن يثبت أن هناك عقداً مستتراً فالعقد الظاهر هو الذي يعمل به ويعتبر عقداً جدياً لا صورياً ، فإذا ما ثبت وجود العقد المستتر وجب أن تتوافر في هذا العقد حتى يسري فيما بين المتعاقدين جميع الشروط الموضوعية التي يتطلبها القانون وأن يكون العقد المستتر مباحاً .

    فعقد الهبة المستتر في صورة بيع مثلاً يجب أن يصدر من ذي أهلية للهبة وأن تتوافر فيه أركان الهبة الموضوعية وشروط صحتها.

    فإذا توافر كل ذلك سرى على العقد أحكام الهبة لا أحكام البيع.

    أما من حيث الشكل فإن العقد المستتر يخضع الى الشرائط ذاتها المفروضة على العقد الظاهر وعلى ذلك فإن الهبة المبرمة تحت ستار عقد بيع يمكن أن تجري في سند عادي من حيث المبدأ شأنها في ذلك شأن عقد البيع ، مع أن الهبة لا تتم في الأصل الا بسند رسمي وإلا وقعت باطلة ما لم تتم تحت ستار عقد آخر .

    وقد قررت محكمة النقض السورية :

    على أن عقد الهبة هو عقد رسمي لا يتم إلا بالتسجيل وبالتالي فإن تسجيل هذا العقد يكون انصياعاً لحكم القانون واستكمالاً لاجراءات حددها المشرع ويمكن اثبات العقد بوثيقة خطية دون أن تماثل العقد الظاهر في قوتها الثبوتية وعلى هذا فإنه يحق لمن يدعي صورية عقد هبة رسمي مسجل أن يثبت مدعاه بطرق الاثبات المقبولة قانوناً إذ ليس في القانون ما يلزم أن تتحقق الرسمية في ورقة الضد وأن تسجيل عقد هبة بين أقارب لا يهدر المانع الأدبي الا إذا كانوا قد اعتادوا التعامل فيما بينهم بالبينة الخطية . “

    ( قرار /351/ أساس /408/ تاريخ 30/3/1977 – محامون ص /337/ لعام 1977 )

    3- أثر ورقة الضد بالنسبة للمتعاقدين والغير :

    لا بد لنا من تحديد من هو الغير في الصورية .بحسب المادة /245/ من القانون السوري الغير هو : ” كل من اعتمد على العقد الصوري واطمأن اليه معتقداً بحسن نية أنه عقد حقيقي فبنى عليه تعامله .”

    والعدالة تقتضي في هذه الحالة أن يعتبر العقد الصوري بالنسبة له عقداً قائماً ينتج أثره إذا كانت له مصلحة في ذلك ، أما إذا كان عالماً وقت تعامله بصورية العقد فالعقد الحقيقي هو الذي يسري في حقه شأنه في ذلك شأن المتعاقدين.

    ويترتب على ذلك أنه يدخل في الغير كل من :

    1- كل من كسب حقاً عينياً : من أحد المتعاقدين على الشيء محل التصرف الصوري سواء كان هذا الحق سابقاً للتصرف الصوري أو تالياً له.

    فلو باع شخص داراً من آخر بيعاً صورياً فكل من كسب حقاً عينياً على هذه الدار قبل التصرف الصوري أو بعده من البائع أو المشتري يعتبر من الغير في البيع الصوري الذي تم كدائن مرتهن أو مشتر.

    2- الدائنون الشخصيون للمتعاقدين : فدائن المشتري في البيع الصوري يعتبر من الغير إذ أنه قد إطمأن الى الشيء محل التصرف الصوري أنه قد انتقل الى المشتري فدخل في ضمانه العام وله في هذه الحالة أن يتمسك بالعقد الصوري.

    وكذلك دائن البائع في البيع الصوري يعتبر من الغير ولكن لسبب آخر هو أن الشيء محل التصرف لم يخرج من الضمان العام للدائن ، فللدائن في هذه الحالة أن يتمسك بالعقد الحقيقي ، حيث يجب حمايته من غش المدين.

    والدائن الشخصي يعتبر من الغير في الصورية سواء كان حقه مستحق الأداء أو غير مستحق الأداء وسواء كان سابقاً على التصرف الصوري أو تالياً لهذا التصرف. إذ أن تصرف المدين الصوري يبقى صورياً حتى بالنسبة الى الدائنين الذين استجدوا بعد هذا التصرف .

    وما قلناه في الدائن الشخصي للبائع نقوله في الدائن الشخصي للمشتري فهو من الغير وفي الحالتين دخل الشيء ظاهراً في الضمان العام للدائنين .

    ” لدائني البائع أن يتمسكوا بالعقد المستتر حتى يتمكنوا من التنفيذ على العين المبيعة .

    والحكم في هذه الحالة يقرر أمراً واقعاً وتبقى العين المباعة صورياً ضماناً عاماً لوفاء الديون . “

    ( نقض مدني سوري /610/ أساس /389/ تاريخ 9/12/1962 مجموعة القواعد القانونية – ص 220 )

    3- كل شخص لم يكن طرفاً في العقد الصوري : وقد انخدع به يمكن أن يعتبر من الغير ويحق له التمسك به أو طلب إعلان صوريته حسب مصلحته حتى ولو كان هذا الشخص قد باع في الأصل العين موضوع النـزاع بيعاً صورياً ، فمثلاً إذا باع زيد لعمر منـزله بيعاً صورياً ثم مات عمر فباع وارثه المنـزل لآخر بيعاً صورياً أيضاً يعتبر زيد من الغير بالنسبة لعقد البيع الصادر من وارث عمر ويترتب على ذلك أنه يجوز له اثبات صورية هذا العقد بجميع طرق الاثبات .

    ” إن ثبوت الصورية في العقد يخول كل ذي مصلحة من أصحاب الحقوق العينية على العقار أو من دائني المتعاقد أن يتمسك بالعقد المستتر سواء كان الدين مستحقاً أو غير مستحق الأداء .”

    ( نقض مدني سوري /255/ أساس /157/ تاريخ 30/4/1993 مجلة المحامون ص 65 لعام 1963 )

    4- الدائن يعتبر من الغير بالنسبة للتصرفات الضارة به والصادرة عن المؤرث والمتعلقة بحقوق تبلغونها مباشرة من القانون كحقوقهم الارثية مثلاً وفي حالة التصرف لوارث الذي يتضمن هبة أو وصية.

    ” إذا قصد المؤرث ستر الوصية تحت ستار عقد بيع بقصد الاضرار بالورثة فيعتبر هؤلاء الورثة من الغير ، وللشخص الثالث أو الغير إثبات عكس البيانات التي تضمنها صك كاتب عدل وذلك بالبينة الشخصية إذا توفرت الحالات المشار اليها في المادتين 56 و 57 بينات / نقض سوري /.

    ( نقض سوري /170/ أساس /2036/ تاريخ 4/2/1982 / سجلات محكمة النقض 1982 – ص 345 )

    4- حق الغير أن يتمسك بالعقد المستتر :

    قد رأينا أن المادة /245/ من القانون المدني السوري حددت الغير بأنهم دائنوا المتعاقدين والخلف الخاص ولهؤلاء التمسك بالعقد المستتر لأن الأصل أن العقد المستتر هو العقد الذي له وجود حقيقي والذي أراده المتعاقدان هو الذي يسري حتى بالنسبة إلى الغير حتى لو كان هذا الأخير لا يعلم بوجود هذا العقد في بادئ الأمر واعتقد أن العقد الظاهر هو عقد جدي ويترتب على ذلك أن لدائني البائع إذا كان البيع صورياً أن يتمسكوا بالعقد المستتر حتى يتمكنوا من التنفيذ على العين المبيعة على أساس أنها لم تخرج من ملك البائع .

    وكذلك للخلف الخاص إذا كسب حقه بعد صدور البيع الصوري أو قبل صدور هذا البيع فله أن يتمسك بالعقد المستتر ويطعن في العقد الظاهر بالصورية كأن يبيع المالك العين مرة ثانية بيعاً صورياً بعد أن يكون قد باعها بيعاً جدياً ويسجل المشتري الثاني عقده الصوري قبل أن يسجل المشتري الأول عقده الحقيقي أو الجدي فهذا الأخير له أن يتمسك بالعقد المستتر ( الجدي )

    ” إن من يتمسك من الطرفين بالعقد المستتر في مواجهة العقد الظاهر في دعوى الصورية ، عليه إثبات وجود العقد المستتر الذي يريد التمسك به. وفي حال عدم وجود العقد المستتر فالعقد الظاهر هو الذي يعمل به ويعتبر عقداً جدياً .

    ” ( نقض أساس /791/ قرار /1021/84 تاريخ 20/6/1984 ص 125 محامون العدد الأول لعام 1984 )

    5- حق الغير أن يتمسك بالعقد الظاهر إذا كانت له مصلحة في ذلك :

    قضت المادة /245/ من القانون المدني السوري بأن للغير ( أي للخلف الخاص ودائني المتعاقدين ) أن يتمسك بالعقد الظاهر متى كان حسن النية، ومن هنا فتمسك الغير بالعقد المستتر ( الحقيقي ) هو تطبيق للقواعد العامة وهو الذي يسري كما سبق لنا القول .

    أما أن يتمسك الغير بالعقد الظاهر الذي لا وجود له قانوناً فهذا هو الاستثناء ويصبح للغير أن يختار بين العقد المستتر أو العقد الظاهر حسب مصلحته.

    وهو إذا تمسك بالعقد المستتر فلأنه العقد الحقيقي الذي أراده المتعاقدين فيأخذهما بما أرادا .

    وإذا تمسك بالعقد الظاهر فلأن هذا العقد قد خلق مظهراً انخدع به واطمأن اليه وليس للمتعاقدين أن يستفيدا من غشهما في علاقتهما بالغير .

    فالعقد المستتر يقتضيه مبدأ سلطان الارادة والعقد الظاهر يقتضيه مبدأ استقرار التعامل فللغير إذاً أن يتمسك بالعقد الظاهر إذا تحققت له مصلحة في ذلك ، ولكن يجب لتمسكه هذا أن يكون حسن النية أي لا يعلم وقت تعامله مع المالك الظاهر أن العقد الظاهر إنما هو عقد صوري.

    إن العقد الصوري لا يكون معدوم الأثر إلا بين المتعاقدين والخلف العام. أما الأشخاص الآخرين حسنوا النية فلهم الخيار بالتمسك بالعقد الحقيقي المستتر أو بالعقد الصوري الظاهر . أما الغير سيء النية فيسري بحقه العقد الحقيقي .”

    ( نقض سوري /1123/ تاريخ 13/5/1965 – مجلة القانون – ص 639- لعام 1965 )

    فلا بد إذاً من أن يكون الغير جاهلاً بصورية العقد الظاهر حتى يستطيع التمسك به ويكفي أن يجهل الصورية وقت تعامله حتى لو علم بها بعد ذلك.

    كما لو انتقل اليه حق عيني من المشتري بعد صدور التصرف الصوري فيجب وقت انتقال الحق العيني إليه أن يكون معتقداً جدية التصرف الصوري .

    والمفروض أن الغير حسن النية لا علم له بالعقد المستتر وعلى من يدعي عكس ذلك أن يثبت ما يدعيه ولما كان العلم بالعقد المستتر واقعة مادية فانه يجوز اثباتها بجميع الطرق بما في ذلك البينة والقرائن .

    6- التعارض بين غير يتمسك بالعقد الظاهر وغير يتمسك بالعقد المستتر :

    لما كان الغير له أن يتمسك بالعقد المستتر وفقاً لمصلحته ، فإنه يقع كثيراً أن يقوم تنازع فيما بين الأغيار لتعارض المصلحة ويكفي في بيع صوري أن نفرض أن يكون للبائع دائن وللمشتري دائن.

    فدائن البائع مصلحته أن يتمسك بالعقد المستتر ، ودائن المشتري مصلحته أن يتمسك بالعقد الظاهر ، ولا يمكن أن نأخذ بالعقدين معاً . فلا بد إذا من تغليب إحدى المصلحتين .

    فإما أن نحرص على احترام الارادة الحقيقية للمتعاقدين فنغلب مصلحة دائن البائع أو من كسب حقاً عينياً من البائع ونأخذ بالعقد المستتر .

    وإما أن نعنى بثبات التعامل واستقراره فنغلب مصلحة دائن المشتري أو من كسب حقاً عينياً من المشتري ونأخذ بالعقد الظاهر .

    وقد حسم القانون السوري هذا الخلاف : فنصت الفقرة الثانية من المادة /245/ على أنه :

    ” إذا تعارضت مصالح ذوي الشأن ، فتمسك بعضهم بالعقد الظاهر وتمسك الآخرون بالعقد المستتر ، كانت الأفضلية للأوليين . “

    ويترتب على ذلك أن دائن المشتري في البيع الصوري يفضل على دائن البائع، فيقوم هو دون دائن البائع بالتنفيذ على العين المبيعة صورياً ، متمسكاً بالعقد الظاهر إذ هو في مصلحته ، ويمتنع على دائن البائع أن ينفذ على هذه العين وأن يتمسك بالعقد المستتر .

    سادساً : كيف أكتب ورقم أو سند الضد:

    لايوجد نص خاص لورقة الضد ويمكن لكم الاسترشاد بهذا النموذج ( اضغط هنا)

  • الخصائص الخاصة لعقد تقديم الاستشارة القانونية

    تبرز خصوصية عقد تقديم الاستشارة القانونية في كل مرحلة من مراحلة ، ابتداءاً من تكوينه ومروراً بتنفيذه وانتهاء بانقضائه .

    فعند تكوينه نجد خصوصيته في ركون المستفيد إلى المهني المتخصص ، مستنداً في اختيار هذا المهني إلى الاعتبار الشخصي في أبرام عقد تقديم الاستشارة القانونية ، وعند التنفيذ تضفي على طرفيه التزامات غير تقليدية ، وهي الالتزامات التي تسمى بالمهنية ، وعند انقضائه نجد خصوصية هذا العقد في دفع أطرافه إلى عدم الأخذ بالحلول التقليدية فيما يتعلق بفسخ العقد والذي يتجلى في بقاء بعض الالتزامات حتى بعد انقضاء العقد ومثالها الالتزام بالسرية الذي يوصف بأنه التزام مؤبد .

    ولكل ما تقدم فأننا نقسم هذا المطلب إلى ثلاثة فروع على النحو الآتي :

    الفرع الأول : عقد تقديم الاستشارة القانونية عقد مهني

     الفرع الثاني : عقد تقديم الاستشارة القانونية عقد يقوم على الاعتبار الشخصي

     الفرع الثالث : عقد تقديم الاستشارة عقد منشیء لالتزامات خاصة

    الفرع الأول : عقد تقديم الاستشارة القانونية عقد مهني

    عقد تقديم الاستشارة القانونية عقد مهني عقد تقديم الاستشارة القانونية عقد يبرم مع مهني متخصص في مجال القانون ويقدم أداء يحتاج اليه المستفيد ،

    وعليه فأن المستشار القانوني يعد ممارسة لمهنة حرة ومن ثم يصبح عقده مع المستفيد عقد مهني فهذا العقد تعتمد فيه الالتزامات الجوهرية ( كالالتزام بتقديم الاستشارة والالتزام بالسرية ) وحتى الثانوية على الأداء الذهني لأحد أطرافه أي أن للعقل الأثر البارز في هذا العقد.

    ولا يوجد عمل إيجابي بدون أن يكون للعقل دور فيه ، وأن كان دور العقل في بعض الأعمال يبدو ضئيلاً فأن هذا الدور يتسع ويتعاظم في العقود التي يبرمها أصحاب المهن الحرة ، ومن الأمثلة على العقود المهنية ، العقود المبرمة مع المحامي و المهندس المعماري والطبيب ، حيث إن هذه العقود تعتمد على نتاج ذهن المهني وقريحته.

    فعقد المستشار القانوني مع المستفيد عقد مهني يمارس فيه المستشار مهنته على وجه الاستقلال ، كونه يتمتع بمهارات فنية خاصة ويمتلك معارف متميزة يقدمها للمستفيد على وجه الاستقلال ، وهذا الاستقلال يتحقق للمستفيد المتعاقد مع المستشار أيضا.

    ومن الجدير بالذكر إن عقد تقديم الاستشارة القانونية يلتقي مع طائفة العقود المهنية من عدة جوانب ، فمن جانب تقترب الالتزامات الملقاة على عاتق المستشار القانوني من طبيعة الاداءات التي يتعهد بها أصحاب المهن الحرة من حيث الاعتماد على الأداء الذهني والعقلي في تنفيذ الالتزامات الناشئة عن العقد ،

    ومن جانب ثاني فأن المستشار بمقتضی عقد تقدیم الاستشارة لا يلتزم سوى ببذل عنايته في سبيل توصيل المستفيد إلى الهدف الذي يبتغيه من الاستشارة ، فالتزامه ليس بنتيجة بل بوسيلة ، ولا يوجب عليه سوى بذل جهدأ معينة أو عناية التحقيق الهدف الذي يسعى اليه المستفيد وهو الاستفادة من الاستشارة ، فالمستشار باعتباره مهنياً ملتزم باحترام العناية التي وعد بها وأن يؤدي عمله على نحو يكفل به تأكيد ووجود مبدأ  الاستقلال .

    وهذا عين التزام المهني في عقود أصحاب المهن حيث لا يلتزم في الأصل إلا ببذل عناية ، ومن جانب ثالث فان البعض يعد عقد تقديم الاستشارة القانونية من عقود المقاولة)، وهو بهذا يقترب من عقود المهن الحرة التي تعد صور من صور عقد المقاولة ، وهذا ما سيتم بحثه بالتفصيل في مواضيع قادمة.

     الفرع الثاني : عقد تقديم الاستشارة القانونية عقد يقوم على الاعتبار الشخصي

    عقد تقديم الاستشارة القانونية عقد يقوم على الاعتبار الشخصي على الرغم من تنوع واختلاف الخدمات ذات الطبيعة الذهنية والعقلية ، إلا انه يوجد عدد من السمات المشتركة بين هذه الخدمات على اختلاف أنواعها ، وأهم هذه السمات أنها تقوم على الاعتبار الشخصي .

    ويعد عقد تقديم الاستشارة القانونية من العقود القائمة على الاعتبار الشخصي ، كالسمعة والكفاءة العلمية والأمانة وما قام به المستشار القانوني من أعمال أكسبته تجربه وخبرة كافية.

    وهذه الخبرة والتجربة بدورها تجعل من شخصية المستشار موضع اعتبار خاص في العقد ، فالمستفيد ينظر إلى المستشار القانوني نظرة العارف والعالم بكل ما يتصل بموضوع الاستشارة القانونية، وأنه ينظر أليه على انه سيجد عنده الحل الأفضل لما يواجهه من مشکلات ، فالمستفيد ينظر للمحامي باعتباره المدافع عن الحقوق والحريات ، لذلك يحرص المستفيد عندما يروم التعاقد على التحقق من توفر هذه المؤهلات الشخصية للمستشار القانوني ، ولا يتعاقد إلا مع من يجد أنه مؤهل لتقديم الاستشارة القانونية ، ولهذا كان عقد تقديم الاستشارة القانونية من عقود الاعتبار الشخصي ، ويترتب على كون شخصية المستشار القانوني محل اعتبار في عقد تقديم الاستشارة القانونية ، أن يكون المستشار القانوني شخصا طبيعياً دائماً .

    ويرى البعض أن هذا القول غير دقيق ، وذلك لأن الثقة المتولدة عند المستفيد تبقى تلازم شخص المستشار القانوني ولا فرق في ذلك بين كونه شخصأ طبيعاً أو معنوياً .

    ففي حالة تقديم الاستشارة القانونية عن طريق المكاتب الاستشارية أو عن طريق شركة التقديم الاستشارة القانونية مثلا فأن العلاقة والرابطة الشخصية تقوم في هذه الحالة بين المستفيد من جهة وبين من يمثله الشخص المعنوي أمام الغير من جهة أخرى ، أي إن الثقة الممنوحة للشخص المعنوي تتمثل في شخص مديره الذي يمثله قانونا أمام الغير .

    والحقيقة أن الأشخاص الذين يملكون المعرفة التي يملكها المستشار القانوني كثيرون ، ولكن اختيار مستشار قانوني محدد يعني وجود ثقه ، ليس فقط في المعلومات والمعرفة التي يملكها أنما أيضا في شخصه وسلوكياته ، هذا وتعتبر مهنة تقديم الاستشارة القانونية من المهن الحرة ، أذ أصبحت كلمة مشورة أو استشارة موضوعة للعديد من المهن الحرة كالمحامين المستشارين ، المهندسين المستشارين ، المستشارين الماليين وغيرها من المهن التي لا تقع تحت دائرة الحصر ، إضافة إلى أن التطور العصري وسع من دائرة الالتزام بتقديم الاستشارة إلى عدة مهن متنوعة لتشمل أنواع الخدمات الفكرية كافة ، كالعقود التي تبرم بين البنك والعملاء وعقود الامتياز التجاري – الفرنشايز – وحتى انه امتد ليشمل كل بائع أو مؤجر ألة تقنية أو كل مقدم خدمة فنية ، حيث يلتزم هؤلاء بالتزام بالاستشارة تجاه عملاءهم حول كيفية استعمال هذه الآلات المتطورة التي يضعونها تحت أيديهم.

    ومما تجدر ملاحظته أن عقد تقديم الاستشارة القانونية قد يشتبه مع غيره من العقود في خصيصاً الاعتبار الشخصي ، ويكمن تميزه عن هذه العقود في إن عقد تقديم الاستشارة القانونية لا يقوم إلا على الاعتبار الشخصي في حين أن العقود الأخرى تعتبر أن الاعتبار الشخصي أصلاً يمكن أثبات خلافه ولا يقدح في صحة هذه العقود عدم توفر هذا الاعتقاد لدى أطرافها في حين نجد أن انتفاء هذه الصفة في عقد تقديم الاستشارة القانونية ينفي عنه صفة العقد على الاتفاق الواقع بين أطرافه وهذا ما نصت عليه المادة / ۲/۸۸۸ من القانون المدني العراقي بنصها

    ((وتعتبر دائمة شخصية المقاول محل اعتبار في التعاقد اذا أبرام التعاقد مع فنان أو مهندس معماري أو مع غيرهم ممن يزاولون مهنا حرة أخرى …….. )) .

    ومن الجدير بالذكر إن من أثار اعتبار عقد تقديم الاستشارة القانونية من عقود الاعتبار الشخصي ، أنه في حالة موت المستشار القانوني أو فقد أهليته فأن العقد المبرم بينه وبين المستفيد ينقضي ولا ينتقل العقد إلى ورثته وذلك لأن الثقة التي منحها المستفيد للطرف الآخر – المستشار القانوني – منحها لشخصه فلا يتصور أن تنتقل بعد ذلك إلى ورثته بدليل نص المادة / 1/۸۸۸ من القانون المدني العراقي على

    (( تنتهي المقاولة بموت المقاول اذا كانت مؤهلاته الشخصية محل اعتبار في التعاقد …….)).

    أما المستفيد فلا يؤثر موته أو فقده لأهليته على العقد ، بل يبقى قائمة بين المستشار وورثة المستفيد الذين يحلون محله في العقد طبقا للقواعد العامة .

    ويشار تساؤل في هذا الصدد ما اذا كان الورثة يمارسون النشاط ذاته الذي كان يمارسه المستشار القانوني فهل ينتقل العقد في هذا الصدد إلى الورثة ؟

    يقرر الفقه في الجواب على هذا التساؤل أن الثقة والأمانة التي أعطاها المستفيد للمستشار القانوني لا تسمح بانتقال العقد إلى الورثة ،

    فاذا كان الورثة يمارسون نفس نشاط المستشار القانوني ورغب المستفيد في أن يستمر العمل مع الورثة ، فأن عليه أن يبرم عقد جديد مع الورثة ،

    ويعد هذا العقد الجديد بمثابة منح ثقة للورثة بموجبها يستطيعون تقديم الاستشارة القانونية ، فاستمرار تلك الثقة التي كانت للمورث وانقطعت بالوفاة ، منوطة بشرطين ، الأول اذا رغب المستفيد في الاستمرار والثاني أن يبرم عقد جديد مع الورثة ، ومن ذلك كله يمكن القول أن الأصل في عقد تقديم الاستشارة القانونية أنه لا ينتقل للورثة بوفاة المستشار القانوني ، إلا أنه يرد استثناء على ذلك في انه أذا رغب المستفيد في الاستمرار أن يبرم عقد جديد مع الورثة.

    وهنا نتسأل هل يترتب على الاعتبار الشخصي شيء آخر ؟

    يترتب أيضا على الاعتبار الشخصي في عقد تقديم الاستشارة القانونية أن الحق في الزبائن لا ينتقل في حالة البيع أو الوفاة ،

    فالحق في الزبائن يعد عنصراً جوهرياً من عناصر المحل التجاري يمكن تقويمه ويقبل الانتقال أما في عقود الاعتبار الشخصي فأنه لا يتصور انتقالهم لأن شخصية المستشار محل اعتبار بالنسبة لهم ،

    ومثال ذلك أذا باع المحامي مكتبه فأن الحق في زبائنه لا ينتقل إلى المشتري الجديد للمكتب لأن شخصية المحامي في التعامل مع الزبائن محل اعتبار .

     الفرع الثالث : عقد تقديم الاستشارة عقد منشیء لالتزامات خاصة

    عقد تقديم الاستشارة القانونية عقد منشئ لالتزامات خاصة تبينا لنا فيما سبق أن عقد تقديم الاستشارة هو عقد ملزم للجانبين بمعنى أنه ينشئ التزامات متقابلة في ذمة كل من المتعاقدين.

    فهناك طائفة من الالتزامات تقع على عاتق المستشار ، ويقابلها في ذات الوقت طائفة أخرى من الالتزامات ملقاة على عاتق المستفيد ، وهذه الالتزامات بعضها ما هو تقليدي تلتقي بها جميع العقود كالالتزام بدفع المقابل والالتزام بتسليم الاستشارة .

    والبعض الآخر توصف بأنها التزامات خاصة ويطلق عليها البعض التزامات غير تقليدية ، كالالتزام بالسرية ، والالتزام بالتعاون ، وان الطبيعة الخاصة لهذه العقود تتمثل في نواح عدة فتبدأ بمرحلة التفاوض وتمر بتكوين العقد وتنتهي بتنفيذ هذا العقد ، والبعض من هذه الالتزامات يبقى قائمة حتى بعد انتهاء العقد مالم يتم الاتفاق على خلاف ذلك ، كالالتزام بالمحافظة على سرية المعلومات التي اطلع عليها المستشار.

    من جهة أخرى فأن هذه الالتزامات بقيت إلى وقت قريب واجبات أخلاقية تقتضيها مبادئ الشرف وأمانة المهنة ولا ترقى إلى مستوى التزامات قانونية .

    إلا أن الفقه القانوني ذهب مؤخرة إلى عد هذه الالتزامات كأثر مباشر عن هذا العقد ، وهذا التطور جاء نتيجة لارتباط هذه الالتزامات بعقد حديث نسبية يعتمد على الأداء الذهني والفكري للمستشار إضافة للثقة الراسخة والمتجسدة بشخصه.

    وهذا يقودنا إلى القول أن دمج هذه الالتزامات التقليدية والغير تقليدية أو الخاصة في عقد تقديم الاستشارة القانونية أضفى ميزة جديده على هذا العقد حيث سيكون المصدر المباشر لهذا الالتزامات بدلا من البحث في مصادر أخرى خارج اطار الرابطة العقدية

  • طرق الحصول على التعويض في عقد التأمين البحري

    ذكرنا أن المؤمن يلتزم بتعويض المؤمن له عن الضرر الناتج من وقوع الخطر المؤمن منه بشرط ألا يجاوز قيمة التأمين، أي أنه يتوجب على الطرفين تسوية العلاقة بينهما بأن يبادر المؤمن إلى تسديد مبلغ التأمين، وذلك إذا توافرت الشروط المذكورة في عقد التأمين وللمؤمن له في سبيل اقتضاء حقه من المؤمن اتباع إحدى الدعويين :

    1- الدعوى الأولى: دعوى الخسارة البحرية (دعوى التعويض):

    ويتم بموجبها تحديد مقدار التعويض الذي يدفعه المؤمن وهي الطريق العادي الذي يستعمل في كل المخاطر.

    2 – الدعوى الثانية: دعوى التخلي أو الترك وهي طريق استثنائي وتكون في حال وقوع أخطار ينتج

    عنها أضرار بالغة، وفيها يترك المؤمن له الشيء المؤمن عليه للمؤمن في مقابل أن يدفع هذا الأخير مبلغ التأمين كاملاً.

    المطلب الأول : تقدير قيمة الشيء المؤمن عليه:

    عقد التأمين من عقود التعويض، وعليه فإن المؤمن يلتزم بتعويض المؤمن له عما يلحقه من ضرر من جراء تحقق أحد الأخطار التي يضمنها المؤمن.

    والذي يجدر ملاحظته بأن تعويض التأمين يختلف عن مبلغ التأمين، إذ بينما يقتصر الأول على حدود الضرر الذي يلحق المؤمن له فإن مبلغ التأمين يمثل الحد الأقصى لالتزام المؤمن، ولو قل عن قيمة الضرر الذي لحق المؤمن له وتطبق في هذه الحالة قاعدة النسبية إذا لم يصل الضرر إلى حد الهلاك الكلي الشيء المؤمن عليه.

    أولاً – الوثيقة محددة القيمة Valued Policy :

    وهي الوثيقة التي تحدد قيمة الشيء المؤمن عليه، وبالتالي فإن المبلغ الذي يمكن استرداده من المؤمن تحدده الوثيقة.

    وتحدد قيمة الشيء المؤمن عليه بالاتفاق، ويتم بعد ذلك إدخاله في وثيقة التأمين على أنه المبلغ الذي يمكن المطالبة باسترداده من المؤمن عند حدوث الحادث المؤمن منه.

    وهذا التقييم أو التقدير لقيمة الشيء المؤمن عليه ملزم، وعلى ذلك فلا يستطيع المؤمن له أن يطالب بأكثر من هذه القيمة إذا كانت خسارة المؤمن له أكثر من القيمة التي تغطيها الوثيقة، فهذا التقدير لا يتأثر بزيادة أو بنقص القيمة الفعلية للشيء المؤمن عليه.

    إلا أن هذا الإلزام يشترط فيه عدم وجود الغش، وعلى أي حال ففي الخسارة الجزئية فإن التقدير لا أثر له، وللمؤمن له أن يسترد المقدار الفعلي لخسارته التي يقع عبء إثباتها عليه.

    ونشير أن الفقرة الثانية من المادة (27) من قانون التأمين البحري الإنكليزي لسنة 1906 تبين أن الوثيقة محددة القيمة:

    “هي الوثيقة التي تحدد القيمة المتفق عليها للشيء المؤمن عليه”.

    وتتابع الفقرة الثالثة من المادة نفسها قولها: “أنه إذا انتفى الغش فإن القيمة المحددة في الوثيقة بين المؤمن والمؤمن له تعتبر قطعية فيما يتعلق بالقيمة التأمينية للشيء الذي يطلب التأمين عليه سواء أكانت الخسارة كلية أو جزئية.

    ثانياً – الوثيقة غير محددة القيمة Unvalued Policy :

    في هذه الوثيقة لا يتم تحديد المبلغ الذي يدفع للمؤمن له ولكن تحديده يترك لما بعد وقوع الحادث. أي أن المبلغ يحدد في الوثيقة على أنه يمثل مبلغ التأمين يدل فقط على المبلغ الذي لا يمكن أن تمتد مسؤولية المؤمن إلى ما يتعداه، فلا يمكن للمؤمن له أن يسترد إلا القيمة الفعلية والحقيقية لبضائعه.

    وتعرف المادة (28) من قانون التأمين البحري الإنكليزي لسنة 1906 الوثيقة غير محددة القيمة بأنها: “تلك التي لا تحدد قيمة الشيء المؤمن عليه، ولكنها تترك القيمة التأمينية ليصار إلى تحديدها فيما بعد في حدود القيمة المؤمن عليها، وعليه يكون الفرق بين الوثيقة محددة القيمة والوثيقة غير محددة القيمة في أن المؤمن يلتزم في الحالة الأولى بدفع مبلغ من النقود لا يجوز أن يزيد على المبلغ المنصوص عليه في الوثيقة.

    فالتعويض يتناسب مع القسط الذي يتناسب بدوره مع الخطر، فلا يجب على المؤمن أن يدفع مبلغا يزيد عما تعهد به، أما في الحالة الثانية، فلا تتضمن الوثيقة مبلغ تأمين ثابت، وبالتالي لا يلتزم المؤمن في مواجهة المؤمن له بالتزام محدد من حيث المبلغ الذي يجب أن يدفعه إلى المؤمن له ولا يحد من التزام المؤمن في هذه الحالة إلا قید واحد في تأمين الأضرار هو الضرر الذي أصابه المؤمن له أو المستفيد من التأمين . 

    وعقد التأمين هو عقد تعويض فلا يجوز للمؤمن له أن يحصل على تعويض من وقوع الحادث المؤمن منه يزيد على مقدار ما أصابه من ضرر، وهذا المبدأ من النظام العام ولا يجوز مخالفته، لذا يبطل كل اتفاق يخالفه (المادة 354 من قانون التجارة البحرية).

    فلو لم يكن تقدير التعويض بمقدار الضرر الأصبح التأمين خطر يهدد الجماعة إذ يتحول التأمين من عملية اطمئنان في نفس المؤمن له إلى مضاربة، ولأنه بغير ذلك تكون للمؤمن مصلحة في وقوع الخطر.

    وهذا المبدأ يمنع المؤمن من أن يدفع للمؤمن له عند تحقق الخطر مبلغا يزيد على مقدار الضرر الفعلي الذي نجم عن وقوع الخطر.

    وإذا كان الأصل أن يكون المبلغ المؤمن به مساوية لقيمة الشيء المؤمن عليه، إلا أنه قد يكون أعلى من هذه القيمة أو أقل، فما الحكم في هذه الفروض؟

    1- إذا كان المبلغ المؤمن به مساوية لقيمة الشيء المؤمن عليه،

    فإن القسط الذي يلتزم المؤمن له بدفعه يتحدد على هذا الأساس، ومن ثم إذا وقع الخطر المؤمن منه فإن أداء التعويض الذي يلتزم المؤمن بدفعه للمؤمن له عن الضرر الناتج يكون مساوية لكل الضرر بشرط ألا يجاوز التعويض قيمة مبلغ التأمين (المادة 353 من قانون التجارة البحرية).

    فمهما بلغت الأضرار التي لحقت بالمؤمن له فإن أداء المؤمن لا يجوز أن يزيد عن المبلغ المؤمن به، والغالب في وثائق التأمين أن يتحدد مبلغ التأمين المتفق عليه بقيمة تعادل قيمة الشيء المؤمن عليه، وبالتالي يتساوى الضرر مع مبلغ التأمين المتفق عليه في حالة الهلاك الكلي للشيء .

    2- فإذا تعذر تحديد قيمة الشيء المؤمن عليه بشكل دقيق فإنه يغلب أن يتقدم المؤمن له بتقديرالشيء المؤمن عليه، ويقبل المؤمن هذا التقدير ومع أن قبول المؤمن لهذه القيمة يعتبر مؤقتة إلا أن المؤمن له يعفى من إقامة الدليل على القيمة الحقيقية للشيء المؤمن عليه عند وقوع الخطر، إذ يفترض أن القيمة المقدرة تساوي القيمة الحقيقية، ومن ثم يلتزم المؤمن بالتعويض عن الضرر على هذا الأساس، إلا إذا أقام الدليل على أن القيمة المقدرة للشيء هي أعلى من القيمة الحقيقية حتى لا يتكسب المؤمن له من وراء التأمين .

    وتصدر قانون التجارة البحرية للحالات العملية التي تعقد فيها عقود التأمين بمبلغ يزيد أو ينقص عن قيمة الشيء المضمون (المؤمن عليه) وذلك على النحو الآتي: 

    في حالة ما إذا كانت القيمة المصرح بها تزيد على قيمة الشيء المضمون (المؤمن عليه): 

    إذا بالغ المؤمن له في تحديد قيمة الشيء المؤمن فقدرها في عقد التأمين بمبلغ يزيد عن القيمة الحقيقية الشيء المؤمن عليه، فإن الجزاء الذي وضعه المشرع في مثل هذه الحالة يختلف باختلاف نية المؤمن

    أ- فإذا كان تقدير المؤمن له أو وكيله لمبلغ التأمين في العقد يزيد على قيمة الشيء المؤمن عليه وثبت أن ذلك قد حصل بتدليس من جانب أي منهما، فإن للمؤمن أن يبطل عقد التأمين، ويبقى القسط كاملا من حقه المادة 370 من قانون التجارة البحرية).

    ويلجأ المؤمن له عادة إلى تقدير قيمة الشيء بأكثر من قيمته الحقيقية طمعا في الحصول على فائدة من عقد التأمين في حالة وقوع الخطر – أي أنه يسعى أن يكون مركزه بعد حدوث الخطر المؤمن منه أفضل من وضعه قبل حدوث الخطر – وهو ما يخالف مبدأ اعتبار عقد التأمين عقدة تعويضية.

    وما نلاحظه هنا بأن المشرع قد أعطى المؤمن حق الخيار، فإن شاء نفذ العقد، وإن شاء أبطله، وفي هذه الحالة يتقاضى كامل القسط على سبيل التعويض.

    ولكن يجب على المؤمن أن يثبت غش وتدليس المؤمن له أو وكيله حتى يمكن تطبيق الجزاء).

    ب – أما إذا كان تقدير المؤمن له لقيمة الشيء بأكثر من قيمته الحقيقية ناجمة عن خطأ أو حسن نية،

    فإن العقد يبقى صحيحاً في حدود القيمة الفعلية للشيء المؤمن عليه، ويبطل فيما يزيد على ذلك (الفقرة الأولى من المادة 370 من قانون التجارة البحرية) .

    وعلى ذلك فإن المؤمن لا يأخذ قسط التأمين الذي يقابل الزيادة في تقدير قيمة الشيء المؤمن عليه، ولكنه يستحق تعويضة من المؤمن له إذا لحقه ضرر من جراء الزيادة في التقدير .

    2 – التأمين بأقل من قيمة الشيء محل التأمين :

    فإذا كان المبلغ المؤمن به أقل من القيمة الحقيقية للشيء المؤمن عليه، ويطلق على هذا النوع من التأمين عادة بالتأمين (الناقص، أو الجزئي) فلا يمكن للمؤمن له أن يحصل على تعويض عن الضرر الحاصل له عند تحقق الخطر بما يزيد عن المبلغ المؤمن به مهما كانت قيمة الضرر الذي أصاب المؤمن له.

    وما نلاحظه هنا بأن تطبيق قاعدة النسبية في حالة الهلاك الجزئي ليست من النظام العام ويستطيع كلا من المؤمن والمؤمن له أن يتفقا على أن تبعة الهلاك الجزئي تقع بأكملها على عاتق المؤمن طالما أنها لم تتجاوز مبلغ التأمين المحدد في العقد (المادة 326).

     

    طرق الحصول على تعويض التأمين

     

    ذكرنا سابقاً بأن الالتزام الرئيسي الذي يقع على عاتق المؤمن هو الالتزام بدفع التعويض عند تحقق الخطر.

    ويتوقف نمط الوفاء بهذا الالتزام على كيفية مطالبة المؤمن له بتعويضه عن الضرر الذي الحق به، فله إما اللجوء على دعوى الخسارة وإما اللجوء إلى دعوى الترك.

    أولاً – دعوى الخسارة البحرية :

    تعد دعوى الخسارة وسيلة حصول المؤمن له على مبلغ التعويض المتفق عليه ونميز هنا بين طرق تقدير التعويض بحسب ما إذا كان محل التأمين الذي لحقته الخسارة سفينة أو بضائع.

    أ- تقدير التعويض في التأمين على السفينة :

    قد لا يلحق السفينة نتيجة الخطر البحري أضرار مادية، ولكن المؤمن له يكون قد تكبد نفقات ومصاريف نقدية في سبيل تفادي الخطر أو في سبيل المحافظة على السفينة وتخفيف آثار الحادث، ففي مثل هذه الحالة يلتزم المؤمن بدفع قيمة هذه النفقات والمصاريف في حدود مبلغ التعويض المتفق عليه وذلك متى قدم الدليل.

    وقد تكون السفينة نتيجة تحقق الخطر بحاجة إلى إصلاحات، ففي هذه الحالة يلتزم المؤمن بدفع نفقات الإصلاح اللازمة لضمان صلاحية السفينة للملاحة البحرية، على أن يخصم من هذه النفقات فرق التجديد وهو ما ينتج عن الزيادة في قيمة السفينة نتيجة الإصلاح واستبدال أجزاء جديدة لها بأجزاء قديمة منها .

    ومما تجدر ملاحظته أن المؤمن وإن كان يلتزم بمصاريف الإصلاح أو الاستبدال إلا أنه لا يلتزم بالقيام بعملية الإصلاح أو الاستبدال للأشياء المؤمن عليها (المادة 381 من قانون التجارة البحرية).

    أما إذا هلكت السفينة هلاكاً كلياً فيقدر التعويض في ضوء قيمة السفينة المقدرة في وثيقة التأمين أو ما يقدرها أهل الخبرة قبل وقوع الحادث مباشرة وذلك بناء على قيمتها في يوم بدء الأخطار، أي بدء الرحلة البحرية .

    ويشمل التعويض جسم السفينة ومصاريف التجهيز اللازمة لإبحار السفينة (الفقرة الأولى من المادة 397 من قانون التجارة البحرية).

    وقد تناولت الفقرة الثانية من المادة السابقة إلى حالة التأمين على ملحقات السفينة المملوكة للمؤمن له بعقد تأمين منفصل عن عقد تأمين السفينة وبأي تاريخ، فإذا حدث أن هلكت السفينة المؤمن عليها كلية أو تركت للمؤمن، فإنه يجب تخفيض القيمة المتفق عليها في العقد للسفينة بما يعادل قيمة هذه الملحقات كي لا يعوض المؤمن له عنها مرتين، وكذا الحال إذا بقي من السفينة حطامة حيث يضم قيمة هذا الحطام من التعويض المستحق للمؤمن له إلا إذا تركها المؤمن له للمؤمن فإنه يستحق التعويض کاملا في هذه الحالة .

    وقد يقع الضرر نتيجة تعاقب الحوادث التي يضمنها المؤمن أثناء سريان عقد التأمين فيلتزم المؤمن بتعويض المؤمن له بما لا يتجاوز قيمة التأمين بضمان الأضرار الناشئة عن كل حادث يقع أثناء سريان وثيقة التأمين رغم تعدد الحوادث، ويجوز للمؤمن أن يشترط في وثيقة التأمين أن يدفع المؤمن له بعد كل حادث قسط تكميلي يتفق عليه (المادة 395 من قانون التجارة البحرية ).

    ب – تقدير التعويض في التأمين على البضاعة:

    1- إذا كان الضرر الذي لحق البضاعة يتمثل في مبالغ نقدية تتمثل في مصاريف أنفقت عليها بقصد

    الأخطار أو التخفيف من آثارها عند وقوعها، فإنه لا صعوبة في تقدير التعويض المستحق للمؤمن له

    وعلى المؤمن دفع هذه النفقات والمصاريف في حدود مبلغ التأمين المتفق عليه .

    2 – فإذا كان الضرر الذي لحق البضاعة ضررة كلية، فإن للمؤمن له أن يطالب المؤمن بدفع التعويض

    عنها طبقا لقيمة التأمين المحددة في وثيقة التأمين، وللمؤمن أن يدقق في حقيقة هذه القيمة أو يطلب من المؤمن له إثباتها وبالتالي فإن المؤمن لا يلتزم إلا بدفع القيمة الحقيقية للبضاعة وفي حدود مبلغ التأمين الذي أمن به المؤمن له على البضاعة في وثيقة التأمين.

    وتقدر قيمة البضاعة في ميناء الشحن وفي وقت الشحن بحيث إن مبلغ التأمين لا يجوز أن يزيد على هذه القيمة في ذلك الوقت، فإذا قدرت في ميناء الوصول أضيف إلى هذه القيمة أجرة النقل أو خسارة التأمين عليها والربح المتوقع (المادة 404 والمادة 405 من قانون التجارة البحرية السوري).

    ذلك أنه يجوز أن يكون محلا للتأمين كل مصلحة مشروعة بما في ذلك الربح المتوقع (الفقرة الأولى من المادة 259 من قانون التجارة البحرية).

    3 – أما إذا كان قد لحق البضاعة ضرر أو تلف جزئي، فتؤخذ النسبة بين قيمتها سالمة وقيمتها تالفةفي ميناء الوصول، ثم تطبق النسبة على القيمة المؤمن بها (المادة 405 من قانون التجارة البحرية). وهذه هي طريقة التسوية بالنسبة أو بالحصة المتبعة في تسوية الخسارات البحرية المشتركة.

    والسبب في الأخذ بقيمة البضاعة في ميناء الوصول في حالة التلف، أنه لا يمكن تطبيق النسبية على وجه عادل إلا بالأخذ بهذه القيمة، إذ أن مقدار التلف الذي يلحق البضاعة لم يقدر إلا في ميناء الوصول وعلى أساس قيمة البضاعة في هذا الميناء .

    ومما تجدر الملاحظة إليه أنه يجب الاعتداد بقيمة البضاعة قائمة في ميناء الوصول بدون إسقاط نفقات التفريغ والرسوم الجمركية المترتبة عليها. وذلك لأن هذه النفقات كان يتعين على المؤمن له أن يدفعها لو وصلت البضاعة سالمة، وأنه بذلك يوضع في نفس المركز الذي كان يوجد فيه حال وصول البضاعة سالمة.

    وقانون التجارة البحرية السوري لعام 2006 قد أشار إلى الحالات التي لا يسأل المؤمن عنها ومن إحدى هذه الحالات حالة:

    النقص الطبيعي الذي يطرأ على البضائع أثناء الطريق (المادة 379 من القانون) .

    بالإضافة إلى نص المادة (210) من قانون التجارة البحرية السوري السابق والتي جعلت الناقل غير مسؤول عما يلحق البضاعة ناقصة وذلك إذا كانت نسبة النقص مما يتم التسامح بها عادة والتي تعرف بالنقص الطبيعي للبضاعة الذي يمكن أن يلحق بها أثناء عملية نقلها أو أثناء شحنها وتفريغها وهو ما يسمى بنقص أو عجز الطريق (كما لو كانت البضاعة المشحونة حبوبة وسقطت كمية بسيطة منها أثناء عمليتي الشحن والتفريغ، أو كان النقص قد سببته الفئران).

    فإذا كانت نسبة النقص التي أصابت البضاعة تقع ضمن النسبة المتسامح بها عرفاً، فهنا لا يسأل الناقل عن هذا النقص.

    ج – مباشرة دعوى التعويض :

    على أن المؤمن له إذا أراد الحصول على تعويض من المؤمن، عليه أن يثبت تعرض الشيء محل التأمين للخطر وتعرض المؤمن له للضرر من جراء هذا الخطر وعليه إخطار المؤمن بوجود التلف.

    1 – إثبات تعرض الشيء محل التأمين للخطر وإثبات الضرر الذي لحق به:

    إذا أراد المؤمن له الحصول على تعويض من المؤمن أن يطالب بذلك ولكن هذه المطالبة لا تجدي نفعا إلا إذا اقترنت بإثبات وقوع الخطر المؤمن منه، وأنه بسبب ذلك وقع ضرر لحق بالمؤمن له أو بالمستفيد، وطبقا للقواعد العامة في الإثبات في دعاوى التأمين البحري، على المدعي أن يقيم الدليل على دعواه.

    فلا يكفي إثبات وقوع الخطر المؤمن منه لتحقق مسؤولية المؤمن، بل يلزم أن يلحق المؤمن له أو المستفيد ضرر بسبب هذا الخطر، ويقع عبء إثبات هذا الضرر ومداه على المؤمن له أو المستفيد حسب الأحوال، مما يعني أنه إذا وقع الخطر ولم يترتب عليه ضرر للمؤمن له فلا مجال للمطالبة

    بالتعويض.

    2 – إخطار المؤمن بوجود التلف:

    على المؤمن له في جميع حالات التأمين عن البضائع، إخطار المؤمن بحصول الضرر خلال خمسة أيام من تاريخ تسليم البضائع المؤمن عليها، فإن لم يفعل فإنه يفترض أنه تسلمها بحالة سليمة ما لم يثبت خلاف ذلك (المادة 409 من قانون التجارة البحرية)، ويلاحظ أن هذا النص خاص بالتأمين على البضاعة، فلا يسري على تأمين السفينة، وأنه يتعلق فقط بتلف البضاعة دون هلاكها الكلي أو الضياع، لأن مدة الإخطار محسوبة من تاريخ التسليم الذي يقصد به وضع البضاعة فعلا تحت تصرف المرسل إليه في مكان الوصول المتفق عليه، ولذا فلا يتوافر هذا المعنى إذا سلمت البضاعة أثناء الطريق لشخص آخر بسبب عدم إمكان توصيلها أو سلمت تسليما حكيمة للمرسل إليه بأن سلمت إليه المستندات الممثلة له.

    فإذا تقررت مسؤولية المؤمن بتحقق الخطر المؤمن منه وإلحاقه ضررة بالمؤمن له، التزم بدفع التعويض المؤمن له، وهذا التعويض يكون مساوية لمبلغ التأمين أو أقل منه دون أن يتجاوزه، وفقا لنص المادتين (353) و (354) من قانون التجارة البحرية.

    د – حلول المؤمن (شركة التأمين) في دعاوى المؤمن له:

    دعوى الرجوع البحري التي يحل فيها المؤمن محل المؤمن له في مواجهة الغير المسؤول عن الضرر، تعد من أهم ما يتمتع به المؤمن به في مقابل ما يتحمله من أعباء ومسؤوليات في مواجهة المؤمن له فهي تمنحه الفرصة للتعويض إذا حدثت الكارثة نتيجة خطأ الغير، وفي مقابل ذلك يتعرض لكل ما كان يمكن أن يتعرض له المؤمن له من دفوع في مواجهة هذه الدعوى.

    ومتى قام المؤمن بدفع تعويض التأمين للمؤمن له، فإنه يحل بما دفعه في حقوق المؤمن له والدعاوی التي تكون للمؤمن له تجاه من تسبب بفعله في الضرر الذي نجمت عنه مسؤولية المؤمن .

    ولما كان الحلول يفترض الوفاء، فإنه يشترط أن يكون المؤمن قد دفع مبلغ التأمين للمؤمن له، وإلا كانت دعوى المؤمن على من أحدث الضرر غير مقبولة.

    ومتی حل المؤمن محل المؤمن له في حقوقه، أمكن للغير أن يحتج في مواجهته بالدفوع التي تكون له تجاه المؤمن له.

    ويشترط لحلول المؤمن محل المؤمن له في الرجوع على المسؤول توافر شرطين:

    1- أن يكون المؤمن قد أدى فعلا مبلغ التأمين للمؤمن له.

    2 – أن تكون هناك دعوى مسؤولية يرجع بها المؤمن له على المسؤول وأن يطالب المؤمن بنفس مطالب المؤمن له، فليس له أن يحصل على وضع أفضل من وضع المؤمن له.

    ويكون حلول المؤمن محل المؤمن له بما له من حقوق أو تعويضات ممكناً في حالة الهلاك الجزئي والكلي وهذا ما نصت عليه المادة 386 تجارة بحرية :

    “يحل المؤمن قانونا بما دفعه من تعويض في الدعاوى التي تكون للمؤمن له إزاء من تسبب بفعله في الضرر الذي نجمت عنه مسؤولية المؤمن”.

    وتواجهنا هنا مسألة أخرى وهي أنه في حالة التأمين الجزئي، عندما تعود شركة التأمين على المسؤول وكذلك يعود المؤمن له عن الضرر المتبقي، فهل تقدم شركة التأمين على المؤمن له، أم ماذا؟ 

    لم يجب قانون التجارة البحرية على ذلك ولكن الأحكام العامة في القانون المدني في المادة (323) نصت على ما يلي :

    “1 – إذا قام الغير بوفاء الدين، كان له حق الرجوع على المدين بقدر ما دفعه.

    2 – ومع ذلك للمدين الذي حصل الوفاء بغير إرادته أن يمنع رجوع المدين بما وفاه عنه كلا أو بعضا إذا أثبت أن له مصلحة في الاعتراض على الوفاء”.

    وهذا يعني أن المؤمن له يتقدم على المؤمن أو شركة التأمين في الرجوع على المسؤول التي تعهدت بضمان الضرر الذي يسببه.

    واختلف الفقه في تكييف الطبيعة الحقوقية والقانونية للحلول: فذهب رأي في الفقه الفرنسي إلى أن شركة التأمين ترجع على المسؤول بدعوى الحلول وفقا للقواعد العامة، إذ أنه بوفائها مبلغ التأمين للمؤمن تكون قد دفعت دين الغير المسؤول، إلا أن القضاء الفرنسي لم يقر هذا الرأي لأن شركة التأمين إنما تدفع ديناً يقع على عاتقها منشأ من عقد التأمين لا دين المسؤول الناشئ عن الخطأ.

    “فليس للناقل البحري الحق في أن يجادل مؤسسة التأمين في توفر الشروط التي تلزمها بالتعويض للمؤمن له لأن تقرير ذلك متروك لطرفي عقد التأمين والناقل البحري شخص أجنبي عنه”.

    والئن كانت إقامة الدعوى من قبل شركة التأمين على الناقل البحري مشروطة بدفعها التعويض للمضمون المؤمن له) لكي تحل محله وتمارس حقوقه وترفع دعاويه، إلا أن هذا لا يمنع من سماع دعواها إذا دفعت التعويض للمضمون (المؤمن له) بعد رفع الدعوى لأن صفتها في الادعاء تكون قد تحققت بعد دفع التعويض “

    والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : حول إمكانية المؤمن له الذي حصل على تعويض التأمين من الرجوع على الغير المسؤول والحصول على مبلغ التعويض مرة ثانية. وبعبارة أخرى هل يجوز للمؤمن له الجمع بين دعوى التأمين ودعوى المسؤولية أو التعويض؟

    لقد ذهب القضاء في مصر وفرنسا على جواز الجمع بين دعوى التأمين ودعوى المسؤولية، لأنه لا يقبل من الغير المسؤول أن يحتج بعقد التأمين الذي لم يكن طرفا فيه للتهرب من مسؤوليته، ولأن أساس تعويض التأمين الذي لم يكن طرفا فيه للتهرب من مسؤوليته، ولأن أساس تعويض التأمين هو عقد التأمين ذاته فلا يمكن أن يمس حق الشاحن (الناقل) قبل الغير المسؤول والناشئ عن فعله الضار .

    ونرى بأنه لا يقبل من المؤمن له أن يجمع بين دعوى التأمين ودعوى المسؤولية، وأن يقيم الدعوى على الغير المسؤول بعد أن حصل على تعويض التأمين وحل المؤمن محله قانوناً في الدعاوى التي تكون له قبل الغير المسؤول، إذ أن حصوله على التعويض مرة ثانية يحقق له إثراء يتنافى مع مبدأ التعويض في التأمين وعلى هذا يسير القضاء البلجيكي والقضاء الفرنسي الحديث .

    ولو فرض العكس وأن المؤمن له رجع على المسؤول عن الضرر أولاً وحصل منه على تعويض الضرر اللاحق به، فهل يقبل منه الرجوع على المؤمن بمبلغ التعويض؟

    في الواقع : الضرر قد زال بقبض التعويض من الغير المسؤول وبالتالي فلا وجه لمطالبة المؤمن بمبلغ التعويض حتى لا يجني المؤمن له ربحا من التأمين كما أن المؤمن لا يدفع للمؤمن له إلا بشرط أن يتنازل هذا الأخير عن حقوقه في مواجهة الغير المسؤول لصالح المؤمن.

    وبالتالي فإن المبدأ الأساسي الذي يحكم عقد التأمين باعتباره عقد تعويض يمنع المؤمن له من الرجوع على المؤمن ليطالبه بمقابل التأمين، إذ أنه ليس له أن يجمع بين تعويض التأمين والتعويض من الغير المسؤول عن الضرر .

    ومما تجدر الملاحظة إليه بأن للمؤمن له الخيار في الرجوع إما على المؤمن بمبلغ التأمين أو في حق الرجوع على الغير المسؤول عن الضرر ووقع الخطر المؤمن عليه.

    وقانون تجارة البحرية السوري يتفق وقانون التأمين البحري الإنكليزي لعام 1906 في المادة (79) على حق المؤمن في الرجوع على الغير المسؤول عن الضرر بعد وفائه بالتعويض اللازم للمؤمن له وذلك بقولها “بأنه يحق للمؤمن الحلول محل المؤمن له في حقوقه وتعويضاته المستحقة عن الخطر المؤمن عليه من وقوع الحادث الذي سبب الهلاك، وفي حالة الهلاك الكلي له أن يستولي على حطام الشيء ويقتصر حقه على الحلول في الخسارة الجزئية”.

    ثانياً – دعوى الترك 

    يعد نظام الترك من النظم التي جرى بها العرف التجاري منذ زمن قديم، وقد وجد سبيله إلى التشريعات البحرية في أواخر القرن السابع عشر. وبموجبه ينزل المؤمن له عن ملكية الشيء المؤمن عليه للمؤمن نظير حصوله على كامل مبلغ التأمين .

    أ- ماهية دعوى الترك:

    إن دعوى الخسارة البحرية هي الدعوى العادية التي يلجأ إليها المؤمن له للحصول على تعويض الضرر الذي الحقه.

    إلا أن للمؤمن له في الأحوال التي يصاب فيها الشيء المؤمن عليه بمخاطر كبرى أن يستعمل حق الترك، وبمقتضاه يطالب المؤمن له بدفع کامل مبلغ التأمين في مقابل أن يتخلى عن حقوقه في الشيء المؤمن عليه للمؤمن المادة (380) و المادة (383) من قانون التجارة البحرية .

    فالترك هو الطريق الاستثنائي الذي لا يلجأ إليه إلا في أحوال المخاطر الكبرى. غير أنه حتى في هذه الأحوال فإن المؤمن له غير ملزم بالترك بل له الخيار في الترك أو دعوى الخسارة البحرية وذلك حسبما تقتضيه مصلحته.

    أما في غير أحوال المخاطر الكبرى فليس للمؤمن له إلا دعوى الخسارة البحرية وفي ذلك تنص المادة 349 من قانون التجارة البحرية على أنه :

    “يتحتم مبدئية على المضمون أن يقيم دعوى الخسارة البحرية على الضامن. لكن له في حال حدوث طوارئ من التي تدعى بالغة أن يترك للضامن الشيء المضمون وأن يطالب بالتعويض عن الهلاك الكلي”.

    وما نلاحظه أيضا بأن دعوى الترك هو نظام خاص بالتأمين البحري وحده، فلا يطبق في التأمين العادي.

    ويرجع الأصل التاريخي لنظام الترك إلى العادات البحرية القديمة في العصور الوسطى، إذ كان يجوز للمؤمن له إذا انقطعت أخبار السفينة أن يحصل على مبلغ التأمين بأكمله من المؤمن مقابل ترك السفينة بحيث إذا ظهرت بعد ذلك كانت ملكة للمؤمن. ثم انتقل هذا النظام إلى الأمر الملكي الفرنسي الصادر سنة 1681 ومنه إلى التقنين التجاري الفرنسي .

    وقد أخذ القانون الإنكليزي بهذا النظام ويطلق عليه اسم abandonment في المواد (57 ولغاية 63).

    ولا يزال الترك محتفظة بفائدته في حالة انقطاع أخبار السفينة والهلاك الحكمي المشبه بالهلاك الحقيقي، إذ يحصل المؤمن على مبلغ التأمين بأكمله دون أن يلزم بإثبات هلاك السفينة في الحالة الأولى، ومع أن الشيء لم يهلك هلاكا تاما في الحالة الثانية، على أن فائدته الرئيسية هي في تيسير تسوية تعويض التأمين بطريقة أبسط وأسرع من تسويته بطريق الخسارة.

    ب – حالات الترك :

    حدد المشرع في المادتين 398 و 406 من قانون التجارة البحرية حالات الترك في حالتين هما حالة تأمين السفينة وحالة تأمين البضاعة، والقاسم المشترك بين هاتين الحالتين هو عنصر الخطر الذي تتعرض له هذه الأشياء المؤمن عليها، وفي كل هذه الحالات يجوز للمؤمن له ترك الشيء المؤمن عليه مما يعني ذلك أنه من الجائز اتفاق الطرفين على خلاف ذلك. وتنظم المادتان (398) و (406) من قانون التجارة البحرية حالتي الترك، حيث تعالج الأولى حالة ترك السفينة، وتعالج الثانية حالة ترك البضائع.

    أولاً – حالة ترك السفينة :

    وفقا للمادة 398 من قانون التجارة البحرية فإنه يجوز للمؤمن له ترك السفينة للمؤمن في الأحوال الآتية:

    1 – حالة الهلاك الكلي للسفينة:

    والهلاك الكلي إما أن يكون هلاكا فعلية أو هلاكا حكمية وتحدث الخسارة الفعلية أو المطلقة (كما تسمى أحيانة) إذا هلك الشيء المؤمن عليه أو إذا كان المؤمن له قد فقد الشيء بحيث لا يمكن استرداده أو أن الشيء المؤمن عليه قد تضرر بشكل فقد معه خواصه التجارية.

    وفي حالة الهلاك الكلي الفعلي لا توجد حاجة لتوجيه إخطار بالترك.

    ومثال الهلاك الكلي الفعلي حالة سفينة تركت وهي تغرق، وقد تم قطرها بواسطة منقذين وباعوها بأمر من المحكمة بثمن يقل عن تكاليف الإنقاذ فحكمت المحكمة باعتبار ذلك هلاكا كلياً فعلياً.

    ومثال تجريد المؤمن له من حق استرداد السفينة، حالة سفينة تمت مصادرتها من قبل السلطات الفيتنامية التي اكتشفت أنها تحمل بضائع بدون بيانات، فحكمت باعتبار ذلك هلاكا كلية فعلية لتحرم المؤمن له من حقه في استردادها . 

    أما الهلاك الكلي الحكمي: فيحدث إذا كان هلاك الشيء المؤمن عليه كلية هلاكا فعلية لا يمكن تجنبه، ومن ثم يتم تركه أو أنه لا يمكن حفظه من الهلاك الكلي الفعلي بدون مصاريف تفوق قيمته عندما يتم إنفاق المصاريف .

    وما يميز الهلاك الكلي الفعلي عن الهلاك الحكمي هو أنه في الهلاك الكلي الفعلي يهلك الشيء المؤمن عليه كلية ولا يمكن استرداده وبالتالي لا يمكن للمؤمن له سوى استرداد الخسارة من المؤمن، بينما في حالة الهلاك الحكمي فإن الضرر يكون قابلا للإصلاح ولو بثمن باهظ ومرتفع وعلى ذلك يكون المؤمن له الحق بالخيار بين الخسارة الجزئية أو أن يترك الشيء المؤمن عليه للمؤمن وتعد في حكم الخسارة الكلية.

    ويترتب على هذا التمييز بين الهلاك الفعلي أو الهلاك الحكمي بأن المؤمن له لا يحتاج إلى إعلان أو إخطار المؤمن برغبته في الترك ولكن إذا كان الهلاك حكمية فإن المؤمن له ملزم بإخطار المؤمن ليعبر عن رغبته بالترك وللدلالة على أي طريق يختار، فإذا لم يقم بالإخطار أو به فإن الهلاك يعد هلاكا جزئياً فقط.

    فإذا تبع الهلاك الحكمي للبضاعة بيعة من جانب الريان فإن ذلك يعد هلاكا فعليا، وبالتالي فلا حاجة للإعلان عن الترك، لأن البضائع في مثل هذه الحالة تكون هالكة وغير قابلة للاسترداد ولا فائدة يمكن أن تعود على المؤمن إذا بلغ بالإخطار.

    2 – انقطاع أخبار السفينة:

    انقطاع أخبار السفينة هو أقدم حالات الترك وأكثرها فائدة للمؤمن له، فقد تسافر السفينة في عرض البحر وتنقطع الأخبار عنها، فإذا استمر هذا الانقطاع مدة معينة من الزمن فإنه يفترض أنها قد تعرضت إلى هلاك كلي أي أنها قد هلكت فعلا.

    ومن ثم يجوز للمؤمن له أن يترك الشيء المؤمن عليه ويطالب بمبلغ التأمين كله دون أن يكون ملزمة بإثبات الهلاك (الفقرة الثانية من المادة 398 من قانون التجارة البحرية).

    وإن اعتبار انقطاع أخبار السفينة قرينة على هلاكها هو أمر يتفق والواقع العملي المطبق في السفن من حيث احتوائها على أجهزة اتصالات لاسلكية تمكنها من الاتصال مع الموانئ المختلفة. ومن ثم فإن انقطاع الاتصال هو دليل أكيد على غرقها أو هلاكها.

    ومما تجدر الملاحظة هنا بأنه إذا دفع المؤمن التعويض عن السفينة المفقودة بعد التخلي عنها ثم ظهرت بعد ذلك فإن ملكيتها تكون للمؤمن ،

    وقد حددت الفقرة الثانية من المادة (398) من قانون التجارة البحرية مدة الانقطاع التي يعتد بها في اعتبار السفينة هالكة بثلاثة أشهر بعد وصول آخر أنباء عنها، أي أن مدة ثلاثة أشهر تحتسب بعد ورود آخر أخبار عن السفينة، فإذا لم يرد أي خبر أصلاً عن السفينة، فتحسب المدة من تاريخ مغادرة السفينة، ويقع عبء إثبات ذلك على المؤمن له ويكون ذلك بأن يحلف اليمين على أنه لم يرد إليه خبر أصلا عن السفينة المؤمن عليها أو السفينة التي شحنت عليها البضاعة المؤمن عليها.

    وتنطبق أحكام انقطاع المدة سواء كان التأمين معقودة عن الرحلة التي انقطعت فيها أخبار السفينة أو عن فترة زمنية معينة منذ ابتداء السفر. وفي هذه الحالة الأخيرة إذا كان التأمين سارية في إرسال آخر خبر عن السفينة فإنه يفترض أن هلاك السفينة قد وقع في الفترة التي يغطيها التأمين. وهذه القرينة بسيطة تقبل إثبات العكس من جانب المؤمن بكافة طرق الإثبات، فإذا نجح المؤمن في إثبات أن هلاك السفينة قد وقع في وقت لم تكن فيه مغطاة بالتأمين يزول حكم الترك ويلتزم المؤمن له برد التعويض المدفوع مع الفوائد القانونية .

    وورود أخبار عن السفينة لشخص آخر غير المؤمن له ينفي مظنة هلاكها وبالتالي فلا يحق للمؤمن له مباشرة إجراءات الترك.

    3 – إصابة السفينة بتلف يستحيل إصلاحه:

    إذا أصيبت السفينة بأضرار تمنعها من الاستمرار بالسفر وكان من الاستحالة بمكان إجراء الإصلاحات اللازمة لها نظرا لخطورة الكسر الذي تعرضت له السفينة، بحيث تصبح غير صالحة للملاحة بشكل مطلق وعندئين للمؤمن له أن يتخلى عن السفينة للمؤمن مقابل حصوله على التعويض الكامل منه على اعتبار أن السفينة أصبحت تالفة كليا “.

    ويستنتج من هذا النص بأنه يجب أن تكون هناك استحالة في الإصلاح لامكان التخلي عن السفينة، على أنه إذا كانت الأضرار قابلة للإصلاح ولكن تعذر بسبب عدم وجود قطع غيار أو الفنيين في مكان الحادث فلا يجوز للمؤمن له طلب ترك السفينة 

    4 – إذا كانت نفقات إصلاح السفينة تعادل ثلاثة أرباع قيمتها على الأقل:

    إذا أصيبت السفينة بأضرار تمنعها من الاستمرار في الإيجار، إلا إذا تم إصلاحها بمعنى أن السفينة تصبح بعد إصابتها بالضرر غير صالحة للملاحة وأنه إذا جرى إصلاحها وكانت قيمة هذه الإصلاحات تعادل ثلاثة أرباع قيمتها، فإن للمؤمن له أن يطلب ترك السفينة مقابل حصوله على التعويض کاملاً منه، علما بأن المؤمن ملزم أصلا بإجراء الإصلاحات التي تحتاجها السفينة بموجب وثيقة التأمين، فإذا لم يتم إصلاحها ولكن الخبراء قدروا مصاريف الإصلاحات بثلاثة أرباع قيمة السفينة، فإن للمؤمن له أن يستعمل حق الترك (المادة 398 من قانون التجارة البحرية).

    ثانياً – حالات ترك البضائع المؤمن عليها:

    عددت المادة 406 من قانون التجارة البحرية، الحالات التي يجوز فيها للمؤمن له ترك البضاعة للمؤمن بشرط أن يكون الحادث الذي استوجب الترك مما يشمله التأمين،

    وهذه الحالات هي:

    1 – انقطاع أخبار السفينة مدة ثلاثة أشهر بعد وصول آخر أنباء عنها:

    فكما أن انقطاع السفينة يعتبر من الأسباب التي تجيز للمؤمن له تركها للمؤمن في احتمال هلاكها، كذلك أيضا يعتبر انقطاع الأخبار من الأسباب التي تجيز للمؤمن له ترك البضاعة المشحونة على السفينة للمؤمن لأن هلاك السفينة يعني بالضرورة هلاك البضائع المشحونة على ظهرها أيضا، ولهذا يجوز للمؤمن له أن يتمسك بالتخلي عن البضائع في مواجهة المؤمن، والمطالبة بالتعويض کاملا إذا اعترف أنه لم يرد إليه أو إلى أي شخص آخر أي خبر عن السفينة التي شحنت فيها البضائع المؤمنة. طيلة ثلاثة أشهر من تاريخ وصول آخر خبر عنها أو من تاريخ إقلاعها إذا لم يرد أي خبر عنها منذ ذلك الحين.

    2 – عدم صلاحية السفينة للملاحة:

    في حال أصيبت السفينة التي تنقل البضائع بحادث بحري من الحوادث المؤمن منها، بحيث أصبحت عاجزة عن الاستمرار في الرحلة إلى مكان الوصول، فإنها تكون غير صالحة للملاحة، إما بشكل مطلق إذا كانت إصابتها يستحيل إصلاحها، وإما بشكل نسبي إذا تعذر وجود قطع الغيار أو الخبراء الفنيين اللازمين لإصلاحها بحيث أنه إذا استحال لسبب أو لآخر نقل البضائع المشحونة على ظهرها إلى مكان الوصول المتفق عليه في سند الشحن بواسطة سفينة أخرى، واستمرت هذه الاستحالة قائمة لمدة ثلاثة أشهر بدءا من تاريخ إخطار المؤمن له المؤمن بعدم صلاحية السفينة.

    ويستنتج من ذلك بأن عدم صلاحية السفينة للملاحة لا يجيز وحده ترك البضائع المؤمن عليها، بل يجب على المؤمن له إبلاغ وإخطار المؤمن حالة عدم صلاحية السفينة للملاحة، ويجب على الربان أن يبذل كل جهده في الحصول على سفينة أخرى لنقل البضائع إلى الميناء المقصود.

    ويلاحظ بأنه لا يجوز التخلي عن البضائع لمجرد غرق السفينة أو إصابتها بكسر طالما أنه لم يلحق البضاعة ضرر ما بسبب الفرق أو الجنوح .

    بمعنى أن الترك أو التخلي يرتبط بإصابة البضاعة بضرر أو تلف حتى يمكن للمؤمن له طلب الترك، ذلك أن ما يحدث عملا أن الربان يعمد أحيانا إلى إنقاذ البضاعة إذا أوشكت سفينة على الغرق فينقلها إلى سفينة أخرى التي تتولى نقل البضاعة إلى ميناء الوصول بسلام .

    3 – هلاك ما يعادل ثلاثة أرباح قيمة البضائع على الأقل:

    في حال هلك ما يعادل ثلاثة أرباع قيمة البضاعة المؤمن عليها فإن للمؤمن له أن يتركها للمؤمن ويطالب بكامل التعويض عنها.

    وفي مجال تقدير قيمة البضائع المؤمن عليها لا تثور صعوبة في تقدير قيمة البضائع إذا تعرضت للهلاك لأن ذلك يعني انعدام نسبة معينة من البضاعة المؤمن عليها تعادل ثلاثة أرباع قيمتها، أما الصعوبة الحقيقية فتثور في حالة التلف حيث تظل البضاعة كاملة ومع ذلك تنقص قيمتها بسبب الفساد أو التلف الذي لحقها 

    4 – بيع البضائع أثناء الرحلة بسبب إصابتها بتلف مادي، متى نشأ الضرر عن خطر يشمله التأمين:

    ذلك أن البيع بمثابة هلاك كلي للبضاعة  كما أن البيع الذي يجيز للمؤمن له ترك البضاعة هو البيع الذي يكون سببه ضررة ماديا لحق بالبضاعة والذي كان ناجمة عن خطر من الأخطار المشمولة بالتأمين، وعليه فإذا كان البيع لغير ضرر مادي فإن ذلك يخرج من نطاق حالات الترك.

    ج – إجراءات الترك:

    لا يتم الترك تلقائية بل على المؤمن له إذا أراد استعمال حقه في الترك اتباع الإجراءات الآتية:

    1 – يبلغ المؤمن له عن رغبته في الترك إلى المؤمن وذلك إما عن طريق إعلان أو بكتاب مسجل على يد محضر مصحوب بعلم الوصول إلى المؤمن، يعلمه فيه عن رغبته في الترك .

     2 – إن إبداء المؤمن له عن رغبته بترك الشيء المؤمن عليه لا يعفيه من واجب اتخاذ جميع الإجراءات الاحتياطية والتدابير اللازمة لحفظ حقوق المؤمن، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه منه، دون أن يؤثر ذلك على حقوق المؤمن له الناشئة عن عقد التأمين (المادة 369 من قانون التجارة البحرية). بمعنى أن المؤمن له لا يفقد حقه في الترك وإن بقي ملتزمة بتعويض المؤمن عما لحقه من ضرر، فإذا لحق المؤمن ضرر من جراء إهمال المؤمن له بالقيام بالإجراءات التحفظية التي تحفظ حق المؤمن وبالقيام بعمليات إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الشيء المؤمن عليه، فإنه يسأل في مواجهة المؤمن عن الضرر الذي يلحقه من جراء الخطأ أو الإهمال في تنفيذهذا الالتزام الفقرة الثانية من (المادة 369 من قانون التجارة البحرية).

    3 – يجب على المؤمن له عند تبليغ رغبته في الترك أن يصرح بجميع عقود التأمين التي أجراها على الشيء محل التأمين أو التي يعلم بوجودها المادة 385 من قانون التجارة البحرية).

    وذلك حتى يتسن للمؤمن أن يقف على حقيقة ما يترتب عليه من التزامات أو ما يكون له من حقوق، وما إذا كان المؤمن له سيحصل على مبالغ أكثر وأكبر من قيمة مبلغ التأمين لكي لا يثري على حساب المؤمن، كما أن معرفة المؤمن بجميع عقود التأمين المعقودة على الشيء المؤمن عليه تمكنه من التمسك بالفشل أو التدليس في مواجهة المؤمن له إذا كان لذلك مقتضی وما يترتب على ذلك بالتالي إبطال عقد التأمين المادتان 368 و 370 من قانون التجارة البحرية).

    4 – موعد إعلان المؤمن له عن رغبته في الترك مقيد بمرور ثلاثة أشهر من تاريخ علم المؤمن له الحادث الذي يجيز الترك (الفقرة الأولى من المادة 384 من قانون التجارة البحرية).

    وعلى هذا الأساس فإعلان المؤمن له عن رغبته في الترك يجب أن يكون في غضون ثلاثة أشهر من وقت انقطاع أخر أخبار عن الشيء المؤمن عليه، سواء أكان الترك يتعلق بالسفينة المؤمن عليها، أو البضائع المشحونة على السفينة.

    وفي حال لم يقم المؤمن له بإبلاغ المؤمن بالتأمينات المعقودة على الشيء المؤمن عليه فلا يؤثر ذلك على صحة الترك وإنما يجوز للمؤمن أن يمتنع عن دفع مبلغ التأمين حتى يخبر بالتأمينات. على أنه لا يترتب على إغفال الإبلاغ إطالة الميعاد المقرر لرفع دعوى الترك  .

    د – أحكام التسوية بطريق الترك:

    لا يقبل الشيء المؤمن عليه التجزئة فلا يجوز للمؤمن له أن يترك جزءا من الأشياء المؤمن عليها في مقابل الحصول على جزء من تعويض التأمين، على أن يحتفظ بحقه في رفع دعوى الخسارة أو التعويض فيما يتعلق بالجزء الباقي، فالترك أو التخلي يجب أن يكون شاملا للشيء المؤمن عليه، ومع ذلك إذا قسمت البضاعة إلى مجموعات جاز للمؤمن له أن يقصر التخلي أو الترك على مجموعة دون أخرى.

    وكذلك هو الحال إذا كان التأمين لا ينصب إلا على جزء من البضاعة المشحونة، فإن الترك لا يقع إلا على الجزء الذي يرد عليه التأمين.

    وإذا تعدد المؤمنون لذات الشيء وجب أن يحصل الترك لكل منهم بجزء من الأشياء المؤمن عليها بنسبة مبلغ التأمين الذي يخص كل واحد منهم، فإذا كان مبلغ التأمين أقل من قيمة الشيء المؤمن عليه، فإن المؤمن لا يتحمل نصيبا من المخاطر بقدر الباقي من قيمة الشيء، ولذلك يكون للمؤمن له في حالة الترك الاحتفاظ لنفسه بجزء من الشيء المؤمن عليه بنسبة ما ينقص به مبلغ التأمين عن قيمته.

    ويصبح الشيء المؤمن عليه في مثل هذه الحالة مملوكة على الشيوع بين المؤمنين المتعددين أو بين المؤمن له بحسب الأحوال. ويجب ألا يكون الترك معلقا على شرط (م 383 ف1) تجارة بحرية، فلا يجوز للمؤمن له أن يعلن الترك باشتراط استرداد السفينة في حالة ظهورها، كما أن المؤمن لا يجوز أن يعلق قبول للترك على شرط أو الرجوع في قبوله للترك أو المطالبة بأن تتم التسوية بطريق التعويض أو أن يمتنع عن دفع مبلغ التأمين بحجة ظهور السفينة أو البضائع بعد الترك لانقطاع الأخبار ).

    هـ – آثار الترك:

    يترتب على الترك أو التخلي بعد قبول المؤمن أو صدور حكم قضائي ونهائي به عدة آثار تناولها المشرع على النحو الآتي:

    1 – انتقال ملكية الشيء المؤمن عليه إلى المؤمن:

    يترتب على الترك أو التخلي انتقال ملكية الأشياء المؤمن عليها إلى المؤمن (الفقرة الثانية من المادة 383)، ولذلك يعتبر التخلي أو الترك من الأسباب الخاصة لاكتساب الملكية في القانون البحري .

    وإعلان المؤمن له عن رغبته في الترك وقبول المؤمن لذلك أو صدور حكم نهائي به وانتقال ملكية الشيء للمؤمن يكون نهائية، فلا يجوز الرجوع في أي من التصرفات السابقة حتى ولو عادت السفينة التي تم التخلي عنها إلى الميناء لانقطاع أخبارها.

    وانتقال الملكية في حالة السفينة يوجب على المؤمن أن يسجلها في سجل السفن باسمه، وكذلك الحال عند ترك البضاعة حيث يحرص المؤمن على استلامها حتى يمنع المؤمن له من التصرف بها إلى حائز حسن النية .

    خوفاً من أن تنتقل ملكيتها إلى هذا الأخير وفق قاعدة “الحيازة في المنقول سند الحائز”.

    وكما تنتقل ملكية الشيء المؤمن عليه فتنتقل إليه أيضا الحقوق المتصلة به، كما لو كانت هناك دعاوی تعويض متعلقة به، فإنها قد تنتقل إلى المؤمن أيضا تبعا لانتقال الشيء محل التأمين إليه عن طريق الترك .

    2 – انتقال الملكية من وقت إعلان المؤمن له عن رغبته في الترك:

    يترتب على الترك انتقال ملكية الشيء المؤمن عليه، أو ما تبقى منه إلى المؤمن،

    وقضت الفقرة الثالثة من المادة 383 من قانون التجارة البحرية بأن يحدث انتقال الملكية أثره بين الطرفين من يوم إعلان المؤمن له رغبته في الترك إلى المؤمن.

    ذلك أن للمؤمن له أن يختار بين التسوية بطريق التعويض والتسوية بطريق الترك، فإذا اختار طريق الترك فلا ينتج هذا الاختيار أثره إلا من تاريخ الإفصاح عنه للمؤمن، ويكون لهذا الإعلان أثره الرجعي حتى ولو اختلف المؤمن والمؤمن له على قبول الترك أو رفضه ثم صدر حكم بذلك، لأن الموافقة في الحالة الأولى وصدور الحكم في الحالة الثانية يقتصر أثر كل منهما على مجرد إثبات حق المؤمن له في التخلي أي أنه يعتبر كل منهما كاشفا لحقه السابق لا منشأ له.

    3 – رفض المؤمن لملكية الأشياء المؤمن عليها:

    انتقال ملكية الأشياء المؤمن عليها إلى المؤمن قد ينطوي في بعض الأحيان على خطر كبير أو ضررة بالغة على المؤمن. كما لو وقع الترك على حطام سفينة تسيره الرياح والتيارات المائية بعد أن هجره الربان والبحارة، فمن المحتمل اصطدامه بسفينة أو بأي منشأة عائمة ويلحق بها ضررة يسأل عنه المؤمن بصفته حارسا للأشياء. 

    لذلك أجاز المشرع في الفقرة الرابعة من المادة 383 من قانون التجارة البحرية للمؤمن دون إخلال بالتزامه بدفع مبلغ التأمين أن يرفض انتقال ملكية الأشياء المؤمن عليها إليه. وعليه فقد جرى بعض المؤمنين على تضمين وثيقة التأمين شرطة صريحة يجيز لهم رفض انتقال ملكية الأشياء المؤمن عليها إليهم.

    4 – أداء مبلغ التعويض:

    يتوجب في حال التخلي التزام المؤمن أن يدفع للمؤمن له مبلغ التأمين كاملا، وذلك لأن الشيء المؤمن عليه قد هلك هلاكا كلياً.

    ويلتزم المؤمن بدفع التعويض في الوقت المحدد في عقد التأمين فإذا لم يكن هناك وقت متفق عليه فإن المؤمن يلتزم بدفع التعويض خلال مدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ تبليغه بالترك (الفقرة الثانية من المادة 384 من قانون التجارة البحرية)، وإذا امتنع المؤمن عن تنفيذ التزامه بدفع التعويض المتفق عليه في وثيقة التأمين أو تأخر فيه بدون عذر أو سبب مقبول جاز للمؤمن له أن يطالبه بالتنفيذ الجبري وبالتعويض عما لحقه من ضرر وخسارة بسبب هذا التأخير

  • أهم الشهادات المهنية في مجال التأمين

    بداية يجب أن نعرف ما هي الشهادة المهنية وفي ماذا تختلف عن الشهادة الاكاديمية ولماذا نعتبرها ضرورية واخيراً طرق الحصول عليها ونوعية الاسئلة والاختبارات والجهات المقدمة لها.

    تعتبر الشهادة المهنية مستند يثبت خبرة ومعرفة الشخص في مجاله وهي تكون متخصصة ومتعمقة في تخصص محدد في المجال ككل واحد اكبر الفروقات بينها وبين الشهادات الاكاديمية ان الاكاديمية اوسع واشمل من الشهادة المهنية المتخصصة لكنها تعتبر احيانا حجر الاساس للحصول على شهادة مهنية متخصصة.

    نطرح الان اهم سؤال وهو ايش مزايا الحصول عليها ؟ لماذا نعتبرها ضرورية ونحرص على حصولنا عليها رغم صعوبتها مرات ؟

    اولاً: تساعدك على اكتساب مهارات جديدة ناهيك عن انها راح تكون احد اسباب تفردك وتميزك في مجالك ،

     ثانياً: تزيد من فرصة حصولك على ترقيات في عملك

    ثالثاً: وليس اخراً الجميع يتفق على حقيقه ان العلم يتحدث بإستمرار ، على سبيل المثال في كتاب اساسيات التأمين الصادر عن الاكاديمية المالية مذكور نص مهم جداً اعتبره ( مالا يمكن التأمين عليه اليوم قد يكون قابل للتأمين عليه غداً )

    والمزايا كثيرة جداً ماذكر فقط على سبيل المثال لا الحصر.

    الان بعد ان عرفنا كل ذلك من المهم معرفة انواعها ومتى نعتبر الوقت مناسب للحصول عليها وكيف نحصل عليها

    اول واهم شهادة هي أساسيات التأمين IFCE

    وهي متطلب اساسي من البنك المركزي السعودي SAMA للعمل في مجال التأمين ونعتبرها مهمة جداً لانها بمثابة الرخصة للعمل في المجال هي حجر الاساس ايضا وتعد مدخل لفهمك لالية عمل التأمين ، انواع المنتجات ، بعض التشريعات والانظمة ، والمبادئ الاساسية

    متى نحصل على IFCE ؟

    انصح خريجي مجال التأمين بالحصول عليها مباشرة بعد التخرج ، وبحال لم يتم الحصول عليها وتم الالتحاق بسوق العمل في المجال ذاته جهة عملك ستطالب بحصولك عليها

    الشهادات المهنية الصادرة عن معهد التأمين البريطاني Chartered Insurance Institute او CII وهي تعد من اكبر الجهات المعتمدة لاعداد الامتحانات في مجال التأمين. الشهادات المهنية الصادرة عن معهد التأمين البريطاني :

    ١- شهادة في التأمين Cert Cii

    ٢- شهادة الدبلوم Dip Cii

    ٣- شهادة الدبلوم المتقدم Advanced Diploma , ACII ٤- شهادة الزمالة FCII موقع معهد التأمين البريطاني  cii.co.uk

    شهادة في التأمين Certificate in Insurance/ Cert Cii هي مؤهل اساسي لجميع العاملين في مجال التأمين بجميع قطاعات المهنة وهي المرحلة الاولى وبداية طريقك ومشوارك في الزمالة.

    لكل مرحلة من المراحل المذكورة عدد علامات مطلوب (Credits)بحال تم اكمالها يتم الانتقال للمرحلة التي تليها.

    مرحلة الشهادة او Cert Cii لانهائها يستلزم الحصول على الاقل على 40 علامة او Credits المرحلة تحتوي على وحدة ( مادة ) أساسية وهي Award in General Insurance ( وهي المادة التي تتعادل مع مادة أساسيات التأمين ) و مواد او وحدات اختيارية.

    المقصود بوحدات اختيارية اختيار المتقدم لمواد من مجموعة متنوعه من المواد بحيث يكمل 40 علامة وينهي مرحلة الشهادة ، على سبيل المثال ؛ بعد معادلة شهادة أساسيات التأمين مع الوحدة الاساسية تضاف 15 علامة فيتبقى 25 علامة لاتمام مرحلة الشهادة ؛ فيختار المتقدم مادتين اضافية لانهاء المتبقي

    جميع وحدات / مواد المرحلة الاولى او مرحلة الشهادة تقدم بكلتا اللغتين العربية والانجليزية فيختار المتقدم من بينها – المتطلب الوحيد لاجتياز مواد المرحلة الاولى هو النجاح في الاختبارات فقط ( Coursework assignment غير مطلوب في مرحلة الشهادة ) بخلاف مرحلة الدبلوم.

    نقلاً عن Asrar Almalki

  • التزام المؤمن بالتصريح عن تحقق الكارثة وما إليه

     التزام المؤمن بالتصريح عن تحقق الكارثة وما إليه

    الالتزام بالتصريح عن تحقق الكارثة (الخطر المؤمن) وما إليه

    إذ تحقق الخطر المؤمن أثناء تنفيذ العقد وتولد عن ذلك التزام شركة التأمين بالتعويض، تكون الكارثة قد وقعت، وبالتالي فإنه يقع على عاتق المؤمن التزام أساسي وهو التصريح عن الكارثة. على أنه قد تنص وثائق التأمين على التزامات اتفاقية أخرى تقع على عاتق المؤمن وتختلف باختلاف الأخطار التي تغطيها هذه الوثائق.

    وسنعرض أبرز هذه الالتزامات الاتفاقية قبل أن نبحث بشكل مفصل في الالتزام بالإعلان عن تحقق الكارثة.

    أولاً- اتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على حقوق الشركة:

    فقد نصت الفقرة الثانية من المادة الثامنة من عقد تأمين المركبات ضد المسؤولية المدنية أو الأضرار المادية للمركبة المؤمنة على التزام المتعاقد :

    ” باتخاذ الإجراءات الكفيلة بإثبات مسؤولية سبب الحادث وحفظ حقوق المؤسسة تجاه الغير، کمراجعة رجال الضابطة من أجل تنظیم ضبط بالحادث ومعاينة المصابين وتقدير الأضرار المادية اللاحقة بالغير والسعي على هوية المسبب والشهود وغير ذلك”.

    3 – على المتعاقد أن يسلم للمؤسسة كل إعلام أو كتاب أو مذكرة قضائية توجه إليه أو إلى سائق المركبة أو تابعة بنتيجة حادث ما وذلك فور تبلغه أو تبلغهم إياها قانونا”.

    ثانياً – أن يسعى إلى اتخاذ الإجراءات كافة الكفيلة بحصر الضرر وأن ينقذ ما يمكن إنقاذه من الأشياء المؤمنة وأن يحافظ على ما أنقذه منها:

    وغالبا ما يرد مثل هذا الشرط في وثائق التأمين من الأضرار ولاسيما التأمين من الحريق. وكذلك وثيقة تأمين أخطار النقل البري، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة الخامسة من هذه الوثيقة على التزام المؤمن:

    ” ببذل الهمة المعقولة للمحافظة على البضائع المؤمنة والعمل على تلافي وقوع الأضرار بقدر الإمكان أو التقليل من الخسائر إلى أدنى حد ممكن كما لو كانت بضاعة غير مؤمنة أصلا”.

    هذا بالنسبة لبعض الشروط الاتفاقية التي تفرض التزامات بعد وقوع الكارثة.

    أما بالنسبة للالتزام بالتصريح عن وقوع الكارثة فهو التزام تفرضه طبيعة عقد التأمين وقد نصت عليه أغلب القوانين المتعلقة بالتأمين،

    ولم يرد في القانون المدني السوري نص خاص بهذا الالتزام إلا أن سائر وثائق التأمين المعتمدة من المؤسسة العامة السورية للتأمين قد نصت على هذا الالتزام.

    فقد نصت الفقرة من المادة التاسعة من وثيقة التأمين من الحريق على التزام المتعاقد:

    ” بأن يبلغ المؤسسة عن الحادث فور وقوعه. وعليه أن يقدم لها الوثائق التالية خلال خمسة عشر يوما من وقوع الحادث على الأكثر أو خلال مدة أطول على أن تسمح المؤسسة بذلك خطية”.

    وأضافت الوثيقة في الفقرة الأخيرة من المادة نفسها على أن:

    ” إذا أقدم المتعاقد أو من يعمل لحسابه على تقديم بيانات احتيالية أو كاذبة أو استعمل في دعم هذه البيانات وسائل احتيالية، بغية الحصول على الضمانات المنصوص عليها في هذا العقد، أو إذا حصل الضرر نتيجة فعل المتعاقد أو بتوجيه منه…، فإن المتعاقد أو خلفاؤه في الحق يفقدون جميع الحقوق المترتبة بموجب هذا العقد”.

    كما نصت الفقرة الثامنة من وثيقة التأمين من المسؤولية المدنية أو الأضرار المادية للمركبة المؤمنة على ما يلي:

    “1- على المتعاقد عند وقوع حادث أن يقدم لمركز المؤسسة أو الأقرب فرع أو وكالة لها تصريحا خطية وذلك خلال أسبوع من تاريخ الحادث، وإذا وقع الحادث بمناسبة سرقة المركبة وجب على المتعاقد إبلاغ السلطة المختصة فور علمه به.. .

    وفي حال عدم قيام المتعاقد بالتزاماته المبينة في هذه المادة يسقط حقه بالتأمين، ويحق للمؤسسة أن تعود عليه بكل مبلغ اضطرت لدفعه من جراء الحادث مع كافة الفوائد والمصاريف التي تكبدتها دون حاجة لأي إنذار وكذلك يسقط حق المتعاقد بالتأمين ويحق للمؤسسة أن تعود عليه بكل مبلغ دفعته إذا أبرز مستندات غير صحيحة أو أدلى بتصريحات كاذبة عن كيفية وقوع الحادث أو مدى الأضرار الحاصلة”.

    أما القانون الفرنسي فقد أورد التزام المؤمن بالتصريح عن الكارثة بنص الفقرة الرابعة من المادة التشريعية 113-2 والتي تقضي بأن يقع على عاتق المؤمن:

    ” أن يخطر شركة التأمين بكل كارثة، يترتب عليها التزام الشركة بالتعويض، فور علمه بها وخلال خمسة أيام”.

    من خلال استعراض هذه النصوص نجد أنه يقع على عاتق المؤمن التزام بالتصريح عن حدوث الكارثة وإخبار شركة التأمين بها. فما هو مضمون هذا الالتزام (المبحث الأول) وما هو جزاء الإخلال به المبحث الثاني) أي مؤيد هذا الالتزام.

    مضمون الالتزام، التصريح عن الكارثة

    أولاً – مبررہ:

    يتوجب على المؤمن أن يصرح لشركة التأمين عن كل حادثة من شأنها أن تجعلها مسؤولة نتيجة تحقق الخطر المؤمن.

    وهذا التزام بديهي، يمس حقوق شركة التأمين التي يعنيها أن تعلم بوقوع الخطر المؤمن بأقرب وقت ممكن لتتخذ كافة الاحتياطات اللازمة وفي الوقت المناسب.

    حيث تتأكد من أن الخطر الذي تحقق هو فعلا من الأخطار المؤمنة، ثم تبادر إلى إجراء التحقيق اللازم، إن استدعى الأمر، لجمع الأدلة الممكنة عن ظروف وقوع الحادث وسؤال الشهود إن وجدوا، واتخاذ ما تستطيع من تدابیر تحصر الضرر في أضيق نطاق ممكن، وتبحث عن المسؤول عن تحقق الخطر لكي تعود عليه بالتعويض محل المؤمن.

    ثانياً – شكله:

    ويجب أن يصدر التصريح بوقوع الكارثة من المؤمن، أو من خلفه العام إذا مات أو من خلفه الخاص إذا انتقلت ملكية الشيء المؤمن إلى مالك آخر.

    على أنه قد يصدر التصريح من المستفيد ولاسيما في حالة التأمين على الحياة إذا استحق هذا الأخير مبلغ التأمين. وكذلك فإنه يصح التصريح عن الكارثة إذا قام به المتضرر، في التأمين من المسؤولية، تمهيدا لاستعمال حقه في الدعوى المباشرة.

    ويوجه التصريح إلى شركة التأمين، في مركز عملها إما في الإدارة العامة أو الأقرب فرع أو وكالة وذلك بموجب إخطار يتضمن البيانات كافة التي استطاع المؤمن العلم بها عند وقوع الكارثة.

    ومن أبرزها: وقت وقوع الحادث والمكان الذي وقع فيه، والظروف والملابسات التي أحاطت به، وبالشهود إذا وجدوا، وبالنتائج المباشرة التي نجمت عن الحادث… وغير ذلك من البيانات التي يعلمها المؤمن وتكون ذات فائدة في تقدير الظروف التي وقع فيها الحادث، مع تقديم كافة الوثائق والمستندات التي تثبت وقوع الخطر (205).

    ويمكن أن يتم الإخطار بأي وسيلة اتصال برسالة مسجلة أو بكتاب عادي يودع في ديوان الشركة أو أحد فروعها أو وكلائها الذين أبرم العقد معهم أو بموجب برقية أو فاكس أو حتى مشافهة. إلا أنه يقع على عاتق المؤمن إثبات صدور التصريح عنه بإخطار شركة التأمين بوقوع الكارثة.

    على أن وثائق التأمين السورية تشترط أن يكون التصريح بشكل خطي تحاشيا لأي تواطؤ قد يحصل بين المؤمن ومندوب الشركة من أنه أخطر هذا الأخير مشافهة بالحادث.

    ثالثاً – میعاده:

    أما عن ميعاد التصريح فلم يرد في القانون المدني السوري أي نص يحدد ميعادا للتصريح عن الكارثة، لذلك يجب أن يتم ذلك في وقت معقول. أما وثائق التأمين فقد نصت على ضرورة التصريح عن الكارثة فور وقوعها وخلال مدة أسبوع من تاريخ حدوثها.

    فإذا تأخر المؤمن عن هذه المدة ولحق بشركة التأمين ضرر نتيجة هذا التأخير، جاز للشركة أن تخفض قيمة التعويض بمقدار ما أصابها من ضرر.

    ويجب أن نلاحظ أن المهل كافة التي حددتها وثائق التأمين لا تبدأ بالسريان، وهذا طبيعي، إلا بدءا من اليوم التالي لليوم الذي علم فيه المؤمن بالحادث، وتنقضي في الساعة الأخيرة من اليوم الأخير .

    ويجب أن نلاحظ أنه في حالة التأمين على الحياة، لا توجد أي مهلة محددة للتصريح عن الكارثة. صحيح أنه لابد من إبلاغ شركة التأمين بتحقق الخطر المؤمن لتنفيذ التزامها في التعويض، إلا أنه ليس هنالك من إجراءات تحفظية ضرورية يمكن أن تتخذها الشركة للحفاظ على مصالحها.

    فإذا كان التأمين في حالة الحياة، فلا يوجد أي إشكال. أما إذا كان التأمين في حالة الوفاة، فإن افتراض انتحار أو قتل المؤمن على حياته من قبل المستفيد، أمر هامشي لفرض مدة إلزامية على أسرة الضحية أن تصرح خلالها عن الحادث، تحت طائلة سقوط حقوقها. يضاف إلى ذلك أن المستفيدين من هذا التأمين، لهم مصلحة طبعا، بالتصريح عن الحادث المؤمن بأسرع وقت ممكن (.

    مؤيد الالتزام بالتصريح عن الكارثة

    سقوط الحق”

    يفهم من سقوط الحق، خسارة حق ما.

    وفي مجال التأمين لابد من تحديد مفهوم سقوط الحق وشروطه وآثاره، وذلك لأن سقوط الحق كجزاء خاص لإخلال المؤمن بالتزامه بالتصريح عن الحادث أو على إخلاله بالالتزامات الاتفاقية الأخرى التي نص عليها عقد التأمين، لم يفرضه المشرع بموجب أحكام القانون المدني.

    وإنما ترك تنظيمه لأطراف العقد ومع ذلك تدخل المشرع في حالات منع فيها تعسف شركة التأمين في إيراد شرط سقوط الحق في عقد التأمين .

    أولاً- تعريفه

    هو شرط اتفاقي بين المؤمن وشركة التأمين، ويقضي بسقوط حق المؤمن في مبلغ التأمين إذا هو أخل بالتزاماته وقت وقوع الكارثة.

    من خلال هذا التعريف نجد أن شرط سقوط الحق يتمتع بالخصائص التالية:

    1- إن سقوط الحق هو جزاء اتفاقي ينظمه عقد التأمين. ذلك أنه لم يرد نص في القانون يفرض جزاء سقوط الحق في حال إخلال المؤمن لالتزامه بالتصريح عن الكارثة .

    2- إن سقوط الحق يقتضي فقدان الحق بالحصول على مبلغ التأمين من شركة التأمين فإذا كان المؤمن وقت الكارثة ليس له حق بالحصول على مبلغ التأمين إما لأن الخطر المحقق مستبعد من التأمين، أو لبطلان عقد التأمين، أو لأن التأمين موقوف بسبب عدم تسديد المؤمن لبدل التأمين، فإننا لا نكون أمام سقوط الحق، وإنما أمام خطر مستبعد أو بطلان أو وقف لسريان التأمين.

    إذن فسقوط الحق يفترض وقوع الكارثة بتحقق الخطر المؤمن في عقد التأمين من جهة ويترتب على ذلك التزام شركة التأمين بدفع مبلغ التأمين من جهة أخرى.

    إذن فسقوط الحق يعني أن للمؤمن الحق بالحصول على مبلغ التأمين ولكنه فقد هذا الحق كجزاء لأخطار ارتكبها بعد وقوع الكارثة.

    3- يعتبر سقوط الحق جزاء لإخلال المؤمن لالتزاماته بعد وقوع الكارثة. ذلك لأن حق المؤمن بالحصول على مبلغ التأمين لا يولد إلا بعد وقوع الكارثة ومن ثم يفقده هذا المؤمن.

    وسقوط الحق هو مفهوم واضح ومتماسك إذا ما حدد بالنسبة للأخطاء التي يرتكبها المؤمن بعد وقوع الكارثة.

    4 – إن سقوط الحق لا يعني زوال عقد التأمين، بل يبقى العقد سارية، ويبقى المؤمن ملتزمة بدفع الأقساط على الرغم من سقوط حقه بالتعويض.

    ويبقى العقد سارية بالنسبة للمستقبل حيث يحق للمؤمن له أن يرجع على شركة التأمين بالتعويض عن جميع الحوادث التي تقع في المستقبل إلا إذا سقط حقه مرة أخرى بالنسبة إلى أي حادث منها .

    ثانياً – شروطه

    فرض المشرع شروطا شكلية معينة لصحة شرط سقوط الحق على أنه لم يتعرض إلى الشروط الموضوعية له.

    أ – الشروط الموضوعية لشرط سقوط الحق:

    هناك حالات يطبق فيها شرط السقوط وأخرى لا يطبق فيها.

    1 – يطبق شرط سقوط الحق سواء أكان المؤمن سيء النية متعمدة الإخلال بالتزامه بالتصريح عن الخطر خلال المدة المحددة، أم كان حسن النية لم يتعمد الإخلال بالالتزام ولم ينسب إليه إلا مجرد التقصير، وسواء أصاب شركة التأمين ضرر من إخلال المؤمن بالتزامه أم لم تصب بأي ضرر من جراء ذلك. فهو شرط يراد به أن يردع المؤمن من الإخلال بالتزامه بالتصريح عن الكارثة.

    2 – يفرض شرط سقوط الحق كجزاء لمختلف الالتزامات التعاقدية التي تقع على عاتق المؤمن بعد وقوع الكارثة ولا سيما تلك المتعلقة ببيان الخسائر والأضرار الناتجة من الحادث إذا كانت مقدرة بشكل مغالی به عن غش من المؤمن.

    3 – يطبق شرط سقوط الحق ولو لم يلحق أي ضرر بشركة التأمين، فهو لا يقوم على أساس من المسؤولية التقصيرية. كما أنه ليس بالشرط الجزائي، ذلك أن الشرط الجزائي ليس إلا تقدير اتفاقية للتعويض عن الضرر الذي يصيب أحد التعاقدين.

    4 – يعد شرط سقوط الحق باطلا ولا يطبق إن كان يقضي بسقوط حق المؤمن بالتعويض بسبب مخالفة القوانين والأنظمة، إلا إذا انطوت هذه المخالفة على جناية أو جنحة قصدية .

    5- يعد شرط سقوط الحق باطلاً إذا كان جزاء لتأخر المؤمن عن التصريح بالحادث للسلطات المختصة، غير شركة التأمين، كحالة السرقة حيث يجب على المؤمن أن يتقدم بشكوى للنيابة العامة بهذه السرقة.

    فإذا تأخر المؤمن عن تقديم هذه الشكوى لعذر مقبول أو كان التأخر بسيطة، فإن شرط السقوط يعد باط؟ إذا ورد في عقد التأمين جزاء لمثل هذه الحالة.

    على أنه يبقى من حق شركة التأمين أن ترجع على المؤمن بالتعويض عن الضرر الذي لحق بها نتيجة تأخر المؤمن في التبليغ عن الحادث للسلطات المختصة، ويكون من حقها أن تلجأ إلى التخفيض النسبي للتعويض بما يتناسب مع الضرر الذي لحق بشركة التأمين، ويقع على عاتقها إثبات الضرر الذي لحق بها من جراء تأخر المؤمن في التبليغ عن الكارثة للسلطات المختصة.

    6 – يعد باطلاً أيضا شرط سقوط الحق إذا كان جزاء لتأخر المؤمن في تقديم المستندات المتعلقة بالكارثة لشركة التأمين لتتمكن من الدفاع عن مصالحها. إذا تبين أن التأخر كان لعذر مقبول.

    وهنا أيضا يعد هذا الشرط باطلا للتعسف. فإذا اشترطت شركة التأمين في التأمين من الحريق على المؤمن أن يقدم لها سائر الفواتير والوثائق والبراهين والدفاتر والمخالصات التي لها علاقة بالمطالبة بالتعويض أو بأصل الحريق وسببه وما إلى ذلك من وثائق، وكان جزاء التأخر في تقديم هذه الوثائق يؤدي إلى سقوط حق المؤمن بالتعويض، ولو كان لعذر مقبول، يعد الشرط باطلا للتعسف.

    على أنه يعد هذا الشرط صحيحا إذا تعمد المؤمن عدم تقديم المستندات أو تأخر في تقديمها لعذر غير مقبول. وفي جميع الأحوال وحتى لو كان شرط سقوط الحق باطلا للتعسف، فإنه يجوز لشركة التأمين، إذا أثبتت أن ضررة لحق بها من جراء التأخر في تقديم المستندات، أن تعود على المؤمن بالتعويض .

    7 – وقد أضاف المشرع الفرنسي بأحكام المادة التشريعية 124-2 المتعلقة بالتأمين من المسؤولية على بطلان شرط سقوط حق المؤمن بالتعويض، إذا اعترف بمسؤوليته أو تصالح مع المتضرر دون علم شركة التأمين. على أن شرط عدم حجية الاعتراف أو المصالحة مع المتضرر، تجاه شركة التأمين يعد صحيحة .

    ب – الشروط الشكلية لشرط سقوط الحق:

    بما أن شروط سقوط الحق هو جزاء اتفاقي يتضمنه عقد التأمين, لذلك فقد وضع المشرع والاجتهاد القضائي بعض الشروط الشكلية لصحته من أبرزها:

    1 – يجب أن يكون هناك اتفاق بين شركة التأمين والمؤمن على سقوط الحق، وأن يكون واضحة ومحددة، فشرط سقوط الحق لا يفترض، ولا يجوز التوسع في تفسيره.

    ذلك لكي يعرف المؤمن بشكل صحيح ما يترتب على تخلفه في تنفيذ التزامه من نتائج. فإذا كان الشرط غامضة أو مبهمة فإنه يفسر المصلحة المؤمن، ذلك لأن شركة التأمين هي التي نظمته في عقد التأمين .

    2 – يجب أن يكتب شرط سقوط الحق، إذا ورد بين الشروط العامة المطبوعة في وثيقة التأمين، بارزة بشكل ظاهر.

    إما بخط غامق أو بكلمات مدونة بخط مكبر يميزه عن باقي النصوص. وهذا الشكل الظاهر يجب أن يشمل سقوط الحق والالتزام الذي يترتب عليه .

    3 – يجب أن يرد شرط سقوط الحق ضمن وثيقة التأمين نفسها.

    وقد عد الاجتهاد القضائي باط شرط سقوط الحق الذي يتضمنه النظام الداخلي للشركة دون أن ينص عليه عقد التأمين .

    ويطبق نفس الحكم إذا لم يحصل المؤمن من شركة التأمين إلا على مذكرة التغطية التي تستند إلى الشروط العامة لوثيقة التأمين التي لم تسلم بعد للمؤمن .

    ثالثاً- آثار شرط سقوط الحق

    إن الأثر الأساسي لسقوط الحق هو حجب مبلغ التأمين عن المؤمن الذي لولا أن أخل بالتزامه بعد وقوع الكارثة لكان من حقه قبضه. على أن الاحتجاج بسقوط الحق تجاه المؤمن يختلف عنه تجاه الغير.

    أ- الاحتجاج بسقوط الحق في علاقة شركة التأمين بالمؤمن:

    1 – إن الأثر الأساسي لسقوط الحق بالنسبة للمؤمن هو فقده لحقه بمبلغ التأمين الذي منحه إياه عقد التأمين. ويقتصر ذلك على الكارثة التي أخل المؤمن بعدها تنفيذ التزامه. أما بالنسبة لباقي شروط العقد، فيبقى العقد نافذا ويلتزم المؤمن بدفع أقساط التأمين. وتلتزم شركة التأمين بالتعويض عن الحوادث التي قد تقع بعد هذه الكارثة.

    ويقع على عاتق المؤمن إثبات أنه قد نفذ التزاماته بعد وقوع الكارثة، وبالمقابل يقع على عاتق شركة التأمين، إذا تمسكت بسقوط الحق، أن تثبت خطأ المؤمن في تنفيذ التزامه بالتصريح عن الكارثة.

    2 – ومع ذلك يحق للمؤمن أن يدفع بعدم تطبيق شرط سقوط الحق في حالات ثلاث:

    الحالة الأولى: إذا تنازلت شركة التأمين عن المطالبة بسقوط حق المؤمن، ويجب أن يكون هذا التنازل واضحة لا لبس فيه ولا غموض.

    وقد أعطى الاجتهاد القضائي أمثلة عن هذا التنازل، حيث يستخلص من تصرفات شركة التأمين، مشاركة شركة التأمين في تعيين خبراء لتقدير قيمة الخسائر التي نجمت عن الكارثة .

    ومثل ذلك أيضا أن تعرض شركة التأمين على المؤمن أو على المتضرر مبلغ على سبيل التعويض .

    من خلال هذه الأمثلة نجد أن تنازل شركة التأمين عن المطالبة بسقوط الحق وإن لم يكن صريحا، فهو تنازل واضح لا لبس فيه.

    الحالة الثانية: يمكن للمؤمن أن يتمسك بالقوة القاهرة، كسبب لإخلاله بالتزاماته بعد وقوع الكارثة، والتي منعته من تنفيذها، ويقع على عاتقه عبء إثباتها.

    وقد تشدد الاجتهاد القضائي في قبول القوة القاهرة، وافترض انه لا يمكن للمؤمن، في التأمين من الإصابات، أن يتمسك بإصابته التي جعلته عاجزة عن القيام بالتزامه في إخطار شركة التأمين بوقوع الحادث في الميعاد المحدد، وذلك إذا تبين من ظروف الحال أن باستطاعته أن يكلف شخصا آخر بالقيام بهذا الإخطار .

    كما أن جهل المستفيد بوجود التأمين لصالحه لا يعد من قبيل القوة القاهرة، وبخاصة إذا صرحت وثيقة التأمين بأن جهل المستفيد لا يعد عذرة، وكان على المؤمن أن يخبر المستفيد بالتأمين وبالشروط الواردة فيه .

    وكذلك لا يكون نجهل المستفيد قوة قاهرة، إذا كان هو المسؤول عن ذلك الجهل أو التأخر في التصريح عن الكارثة .

    الحالة الثالثة: يمكن للمؤمن أن يستبعد تطبيق شرط سقوط الحق إذا ما أصلح الخطأ الذي ارتكبه، قبل أن تتمسك شركة التأمين بسقوط الحق.

    كما لو قدم المؤمن لشركة التأمين بيانا مغالى فيه وغشأ منه عن الخسائر التي نجمت عن الحادث. فإذا ندم المؤمن على فعلته، وبادر من تلقاء نفسه، وقبل أن تتمسك شركة التأمين بهذا الغش، إلى إصلاح خطئه وقدم بيان صحيحة عن الخسائر، فأزال بذلك كل أثر يمكن أن يترتب على البيان المغالى فيه، فإن إخلاله بالتزامه في بداية الأمر يمحوه ما فعله بعد ذلك من إصلاح لهذا الخطأ، فترفع عنه عقوبة سقوط الحق.

    ويجب أن نلاحظ بأنه لا يكون الإخلال بالالتزام قابلا للإصلاح، إذا كان تنفيذ الالتزام واجبة في ميعاد محدد وانقضى هذا الميعاد، كما لو تخلف المؤمن على تنفيذ التزامه بالتصريح عن الكارثة ومضت المدة المحددة لهذا التصريح .

    ب- الاحتجاج بسقوط الحق بالنسبة للغير:

    يختلف أثر الاحتجاج بسقوط الحق بالتأمين بالنسبة للغير حسب صفة هذا الغير وحسب نوع التأمين.

    1 – فبالنسبة للمستفيد من التأمين، يحق لشركة التأمين أن تتمسك بسقوط الحق ليس فقط تجاه طالب التأمين، وإنما أيضا تجاه المستفيد الذي اشترط التأمين لمصلحته. كما لو كان مستفيدة من تأمين في حالة الوفاة .

    2 – أما في التأمين من المسؤولية، فلا يحق لشركة التأمين أن تحتج بسقوط الحق، تجاه المتضررين.

    هذا ما استقر عليه الاجتهاد القضائي، ذلك لأن حق المتضرر في إقامة الدعوى المباشرة للمطالبة بالتعويض قد نشأ من لحظة وقوع الكارثة، ولا يتأثر هذا الحق بتخلف المؤمن عن تنفيذ التزاماته بعد وقوع الكارثة .

    وهذا ما أكدته المادة 207 من قانون السير رقم 19 لعام 1974 المتعلق بالتأمين الإلزامي على المركبات الآلية، التي نصت على ما يلي:

    ” أ- يعطي عقد التأمين الإلزامي للمتضرر حقة مباشرة تجاه شركة التأمين ولا تسري بحق الدفوع التي يجوز لشركة التأمين أن تتمسك بها قبل المؤمن له..”.

    3 – عدم حجية شرط سقوط الحق تجاه الدائنين المرتهنين أو صاحبي حق امتیاز على الشيء المؤمن.

    وهذا ما قضت به محكمة النقض الفرنسية التي أقرت لمصلحة الدائن إذا كان له حق رهن أو حق امتیاز على الشيء المؤمن، فانتقل حقه بعد وقوع الكارثة إلى مبلغ التأمين، فلا تستطيع شركة التأمين أن تحتج بسقوط حق المؤمن على الدائن المرتهن أو الدائن صاحب حق الامتياز، ورجع هؤلاء الدائنون عليها بمبلغ التأمين، على أنه يحق لشركة التأمين أن ترجع بدورها على المؤمن بما دفعته للدائنين، فهي بمثابة الكفيل الذي وفي دين من كفله.

    وقد جاءت المادة 736 من القانون المدني السوري بما يدعم هذه الفكرة بنصها على أنه:

    “1- إذا كان الشيء المؤمن عليها مثقلا برهن أو تأمين أو غير ذلك من التأمينات العينية انتقلت هذه الحقوق إلى التعويض المستحق للمدين بمقتضى عقد التأمين.

    2 – فإذا شهرت هذه الحقوق أو أبلغت إلى المؤمن (شركة التأمين) ولو بكتاب مضمون، فلا يجوز له أن يدفع ما في ذمته للمؤمن له إلا برضاء الدائنين”.

    وتطبيق هذا النص يقتضي أن يكون هناك عقد تأمين على الأشياء وأن يكون للدائن حق خاص بالشيء المؤمن وأن يعلن عن هذا الحق خاصة لشركة التأمين إما برسالة مسجلة أو بتسجيله أصولا على صحيفة الشيء المؤمن (السجل العقاري مثلا) .

  • المصلحة في التأمين أو المصلحة التأمينية ( لزومها – ضرورتها – مداها )

    سبق أن قدمنا تعريف التأمين وضرورة توافر الخطر، والقسط، ومبلغ التأمين والتي تعد محل عقد التأمين.

    ويثور التساؤل هل تدخل المصلحة في نطاق محل هذا العقد، وهل من الضرورة توافرها؟

     ويقصد بالمصلحة هنا معرفة ما إذا كان للمؤمن أو للمستفيد مصلحة من عدم وقوع الخطر المؤمن، ومن أجل هذه المصلحة أم من هذا الخطر، حتى إذا وقع واصطدم وقوعه مع المصلحة في عدم وقوعه، ولحق المؤمن أو المستفيد ضرر نتيجة ذلك، رجع على شركة التأمين بتعويضه عن هذا الضرر..

     ولهذا سنتعرض في هذا البحث إلى ضرورة توافر المصلحة من التأمين ومن ثم نعرض نطاق تطبيق المصلحة في التأمين

    ضرورة التوفر المصلحة في التأمين

     عندما يبرم المؤمن عقد التأمين مع شركة التأمين فإنه يقوم بالتأمين على مصلحة ما تتمثل في عدم تحقق الكارثة أو الحادث من جهة وفي تعويضه عن الضرر الذي لحق به، أيا كانت صفته، في حال تحقق الحادث أو الكارثة من جهة أخرى.

    وقد اختلف الفقهاء في لزوم توافر المصلحة، ومدى ما للمؤمن من مصلحة في إبرام عقد التأمين .

    لزوم توفر المصلحة

     يهدف المؤمن من وراء إبرام عقد التأمين إلى تأمين نفسه ضد خطر معين مقابل قسط.

    فهو بذلك يسعى للحصول على التأمين، تأمين مصلحته من هذا الخطر الذي يخشی وقوعه.

    وقد اختلف الفقهاء في ضرورة توافر المصلحة في سائر أنواع التأمين وأقسامه بعدها عنصراً أساسياً من العناصر التي تشكل محل عقد التأمين.

    فقد ذهب بعض الفقهاء (128) إلى أن المصلحة ليست عنصراً من عناصر محل التأمين إلا في التأمين من الأضرار.

     أما في التأمين على الأشخاص فلا يشترط فيه توافر عنصر المصلحة.

     ولا تظهر أهمية اشتراط المصلحة في التأمين على الأشخاص إلا في حالة التأمين على الغير.

     ففي هذه الحالة وحدها يمكن التساؤل عما إذا كان من الضروري أن يكون للمؤمن مصلحة في بقاء المؤمن على حياته.

     وذهب آخرون إلى ضرورة توافر المصلحة في التأمين، فإذا لم تكن للمؤمن مصلحة في عدم تحقق الخطر، كما لو كان من قام بالتأمين غير مالك أو لم يكن صاحب حق على الشيء المؤمن، فإن هذا قد يدفعه على افتعال الخطر، فيعمل على تحقيق الكارثة لكي يقبض مبلغ التأمين وبذلك يصير التأمين في حالة عدم توافر المصلحة للمؤمن عملية من عمليات المغامرة تبطل العقد .

    ولهذا كان استلزام المصلحة في التأمين أمراً يمليه النظام العام، هو خشية تعمد إحداث الكوارث ومنع المغامرة.

     فالخشية من الكوارث المتعمدة تقتضي ألا يستفيد المؤمن من الكارثة، ولا يتقاضى إلا ما يعوضه في حالة التأمين من الأضرار، كما تقضي كذلك أن يكون للمؤمن مصلحة في حفظ الشیء عدم تحقق الكارثة.

    وأما من ناحية منع المغامرة فإن هذا يستلزم أن تكون للمؤمن مصلحة في حفظ الشيء.

     ذلك أنه إذا كان هلاك الشيء لا يهم المؤمن، فإنه سيضارب عليه.

     وإذا كان توافر المصلحة في التأمين أمرأ لازماً باعتبار أن ذلك يتعلق بالنظام العام فإن لزوم المصلحة واجب توفره في عقود التأمين كافة، إذ تعد المصلحة شرطة في وجود التأمين.

    كما يجب أن تبقى المصلحة متوافرة طوال مدة التأمين.

    وهذا ما دعا بعضهم إلى القول أنه لا تأمين بلا مصلحة.

    فهي بذلك شرط ابتداء وبقاء في التأمين.

     ولهذا يترتب على عدم وجودها بطلان التأمين منذ البداية.

     كما يترتب على زوالها بعد قيام التأمين فسخ العقد، مع ترتيب الآثار القانونية في حالتي البطلان أو الفسخ بالنسبة لهذا النوع من العقود.

    وقد ذهب المشرع بنص المادة 715 من القانون المدني إلى أنه:

     ” يكون محلاً للتأمين كل مصلحة اقتصادية مشروعة تعود على الشخص من عدم وقوع خطر معين”.

    من خلال ورود هذا النص بين الأحكام العامة للتأمين، فإننا نجد بأن المشرع جعل من المصلحة شرطة عامة في التأمين من الأضرار والتأمين على الأشخاص معا.

     كما أن النص جاء مطلقا، ولهذا لا ينبغي قصره على تأمين الأضرار فقط، خلافا لما ذهب إليه بعضهم إلى أن المصلحة ليست إلا عنصراً في تأمين الأضرار فقط، دون التأمين على الأشخاص واستندوا إلى أن نص المادة 715 إنما يتكلم عن المصلحة الاقتصادية التي لا تقوم إلا في تأمين الأضرار أما في تأمين الأشخاص، فإن المصلحة لا تكون عند اشتراطها مصلحة اقتصادية، بل معنوية.

    ونرى أن الاتجاه الذي سار فيه الفقه، من حيث تعميم عنصر المصلحة على جميع أنواع التأمين هو الذي يتفق مع ما ينص عليه المشروع السوري.

    فطالما كانت المادة 715 وإرادة ضمن الأحكام العامة، فإنه يجب إعمال حكمها، على هذا الأساس، سواء بالنسبة للتأمين من الأضرار، أم بالنسبة للتأمين على الأشخاص.

     خلافاً لما ذهب إليه الفقه الفرنسي وبعض الفقه المصري.  إذ ينبغي أن ندخل في الحسبان ما هنالك من فارق بين القانون الفرنسي والقانون السوري.

     فقد استلزم القانون الفرنسي عنصر المصلحة في صدر الكلام عن تأمين الأضرار، ولهذا فإن من المنطقي أن يقال أن القانون الفرنسي لا يستلزم عنصر المصلحة إلا في هذا النوع من التأمين.

    فقد نصت المادة التشريعية 121-6 من قانون التأمين الفرنسي على أن:

    ” يمكن لكل شخص التأمين على شيء له مصلحة في الحفاظ عليه. وتكون محلا للتأمين كل مصلحة مباشرة أو غير مباشرة تنتج عن عدم تحقق الخطر”.

    لذلك يتجه الفقه الفرنسي إلى أن لزوم توافر المصلحة لا يكون إلا في التأمين من الأضرار واضعة في الحسبان موقف القانون من إيراد النص ضمن نصوص تأمين الأضرار، حيث تكلم النص عن المصلحة في المحافظة على الشيء.

     وإذا كان يتضح من النص صراحة أن يعرض عندهم للتأمين على الأشياء، أو من الأضرار بصفة عامة، فإن الفقه الفرنسي، يعترف بذلك، إلا أنه يقرر من جهة أخرى إمكان تصور عنصر المصلحة في تأمين الأشخاص، على الرغم من أن القانون الفرنسي لم ينص عليه كما فعلت بعض القوانين الأخرى.

    وبناء على ذلك لا بد من إعمال المصلحة على أشكال التأمين باختلاف أنواعه، حتى ولو بالنسبة التأمين الأشخاص، وذلك لما لهذا النص من العمومية من حيث صياغته ولوروده ضمن القواعد العامة

    مدى ما للمؤمن من مصلحة في عقد التأمين

     تؤثر قيمة الشيء المؤمن أو أهمية الشخص في مدى مصلحة المؤمن في عقد التأمين.

     حيث أن مدى ما للمؤمن من مصلحة يعد أحد عناصر تقدير الخطر.

     ولذلك، كلما كبرت مصلحة المؤمن في المحافظة على الشيء أو على الشيء المؤمن على حياته، كان ذلك حافزاً على أن تقبل شركة التأمين إبرام عقد التأمين.

    فإذا كان الشيء المراد تأمينه جديداً، كانت مصلحة المؤمن في المحافظة علية كبيرة.

    ولهذا يكون الشركة التأمين من وراء ذلك منفعة في التأمين على هذا الشيء لأن عوض التأمين الذي سيحصل عليه المؤمن، مهما كان، لن يزيد على قيمة هذا الشيء إذا هلك.

    ومن هنا تظهر مصلحة المؤمن في المحافظة على الشيء حتى لا تتحقق الكارثة المؤمنة، إذ لن يغريه مبلغ التأمين، طالما كان باستطاعته الحصول على ثمن أعلى لو باع الشيء الجديد.

     وبالعكس لو كان الشيء المؤمن قديماً. فكلما قدم الشيء قلت مصلحة المؤمن في المحافظة عليه، إذ انه لن يحصل على معادلة لقيمة مبلغ التأمين في حالة رغبته في بيع هذا الشيء.

     ولا شك أن مصلحة المؤمن في المحافظة على الشيء المؤمن تبدو ضئيلة ولا تشجع شركة التأمين على قبول التأمين في هذه الحالة، حيث يتمنى المؤمن حصول الكارثة.

     وهذا ما يدعو شركة التأمين في بعض الحالات إلى رفض التأمين، وذلك بالنظر إلى ضآلة مصلحة المؤمن في المحافظة على الشيء المراد تأمينه وكذلك الأمر في التأمين على الأشخاص من الحوادث، تأخذ شركة التأمين في حسابها عند التعاقد مدى مصلحة المؤمن في محافظته على سلامته الجسمانية، ولهذا فإنها تحدد بنفسها هذه المصلحة عند تحديد المبلغ المؤمن، فلا تقبل أن تؤمن بمبالغ أعلى من القيمة الاقتصادية للشخص المؤمن عليه وبذلك لا تدفع شركة التأمين المؤمن إلى تعريض نفسه للحوادث، بغية تقاضي مبلغ التأمين.

     وفي التأمين من السرقة تأخذ مصلحة المؤمن طابعاً خاصاً، إذ تتعلق بأخلاقيته وبما لديه من شعور نحو ملكيته أو الاحتفاظ بالشيء المؤمن، أكثر من تعلقها بالقيمة الاقتصادية التي للشيء المؤمن عنده.

    وفي التأمين على الحياة، إذ استلزمنا شرط المصلحة، فإن مقدار المصلحة لا يمكن تحديده عادة.

     فمتى وجدت المصلحة في التأمين، فإنها تكفي، ولا ينظر في هذا الصدد إلى صلتها بالمبلغ الذي يدفع بمقتضى وثيقة التأمين.

     ومع ذلك فإنه يمكن القول بالنظر إلى مقدار ما للمتعاقد من مصلحة في هذاالنوع من التأمين في بعض الحالات بالنسبة إلى التأمين الذي يقوم به الدائن على حياة مدينه، إذ يجب أن يكون هناك تناسب بين قيمة الوثيقة وحجم الدين عند تحرير الوثيقة، بحيث تكون المصلحة في حدود الدين .

1