الوسم: استشارة قانونية

  • هل يمكن أن تكون شركة المحاصة سرية أو مستترة؟

    شركة المحاصة ذات طابع مستتر

    ذكرنا أن الفقرة الأولى من المادة 51 من قانون الشركات عرفت شركة المحاصة بأنها: “.

    .. ليست معدة لاطلاع الغير عليها وينحصر كيانها بیت المتعاقدين ويمارس أعمالها شريك ظاهر يتعامل مع الغير.”.

    كما أوضحت الفقرة الثانية من المادة 54 من قانون الشركات مؤيد هذه الصفة المستترة الشركة المحاصة بقولها:

    “2- يجوز أن تتعامل شركة المحاصة التي تظهر تجاه الغير بهذه الصفة كشركة فعلية ويصبح الشركاء فيها مسؤولين تجاه ذلك الغير بالتضامن.”.

    وعليه فإن شركة المحاصة شركة مستترة ليس لها وجود ظاهر أمام الغير، وإنما يقتصر وجودها على الشركاء فحسب،

    وهذا لا يعني سريتها أي عدم علم الغير بوجود عقد شركة محاصة بين الشركاء، وإنما يعني أنها مستترة من الوجهة القانونية، فهي تبقى محتفظة بصفتها كشركة محاصة ولو علم الغير بوجودها فعلا،

    إذ ليس هنالك ما يمنع من اطلاع الغير ووقوفه على تفاصيل عقد الشركة المبرم بين الطرفين بصورة عفوية أو بفعل المتعاقدين وإرادتهم،

    إذ أن كثيراً ما يهم الغير المتعاملين مع الشركاء الوقوف على وضعهم المالي والقانوني وما يربطهم بشركائهم من علاقات مالية وقانوني تنعكس على ذمتهم المالية التي تشكل ضمانة لدائنيهم.

     كما أنه ليس هنالك ما يمنع من إعلام الغير بوجود شركة المحاصة بتوثيق عقدها لدى الكاتب بالعدل وإعطاء نسخة عن العقد الأحد المتعاملين مع الشريك الظاهر المتعاقد مع الغير،

    ما دام أنه لم يصدر من الشركاء أي عمل من شأنه إبراز الشركة كشخص اعتباري مستقل عن شخصية الشركاء.

    أما إذا عمل الشريك على نحو يومي بقيام شخص اعتباري، كالتوقيع بعنوان الشركة أو التصرف باسمها دون بيان صفتها المستترة أو إظهارها الشخصية الاعتبارية، فإننا لا نكون بصدد شركة محاصة وإنما فإننا نكون بصدد شركة تضامن قامت بأعمالها قبل شهرها فاعتبرت باطلة،

    وتصبح شركة المحاصة شركة فعلية تكون مسؤولية الشركاء فيها تضامنية عن ديون والتزامات الشركة. على أنه يشترط لذلك ظهور الشركة للغير عامة بهذه الصفة و القيام بعدد من التصرفات باسم الشركة.

     أما إذا اقتصر إظهار الشركة للغير على تصرف عابر، فينحصر أثر هذا التصرف بالشريك الذي قام به، ويتعذر على الغير الذين تعاملوا معه الرجوع بالمسؤولية على الشركاء الآخرين إذا لم يكن لهم علاقة بهذا التصرف.

  • أحكام إدارة شركة التوصية

    ذكرنا أن شركة التوصية تضم فئتين من الشركاء: وهما الشركاء المتضامنون من جهة والشركاء الموصون من جهة أخرى.

    ويحق للشركاء المتضامنين الاشتراك في إدارة الشركة، كما يجوز إسناد إدارة الشركة إلى شخص أجنبي عن الشركة، وهذا لا يعني إسناد هذه الإدارة إلى شريك موصي، وإنما يجب أن يكون شخص من الغير، لما رتب المشرع من جزاء، على ما سنفصله في حال تدخل الشريك الموصي في الإدارة.

    وعليه، يتم إدارة شركة التوصية من قبل مدير يجوز أن يكون من الشركاء المتضامنين أو من الغير، كما يتولى الإدارة بصفته صاحب السلطة العليا فيها مجلس الشركاء والذي تكون قراراته ملزمة لمدير الشركة سواء أكان من الشركاء المتضامنين أم من الغير، وقد سبق أن فصلنا الأحكام القانونية لمدير الشركة ومجلس الشركاء عند دراستنا لإدارة شركة التضامن.

    ومع ذلك فقد جاء قانون الشركات ببعض الأحكام الخاصة، التي يقتضي ذكرها، فيما يتعلق باتخاذ القرارات في الشركة.

    ذلك أن القرارات في شركة التوصية تصدر بأصوات الشركاء المتضامنين فقط ما لم يعط عقد تأسيس الشركة للشركاء الموصين حق التصويت (مادة 1/49 شركات).

    كما تصدر القرارات في مجلس الشركاء بالإجماع ما لم ينص عقد الشركة على عقد الاكتفاء بأغلبية معينة. (مادة 249 شركات).

    على أنه إذا تعلق الأمر بقرارات خاصة بحياة الشركة ومصيرها كتعديل عقد الشركة أو حلها أو دمجها، فإن هذه القرارات لا تكون صحيحة ما لم يتفق عليها الشركاء المتضامنون والموصون في عقد يوقعون عليه جميعهم ويشهر أصولا بتسجيله في سجل الشركة لدى أمانة السجل التجاري. (مادة 3/49 شركات).

    فيما عدا هذه الأحكام الخاصة، تطبق أحكام إدارة شركة التضامن فيما يتعلق بصلاحيات مدير الشركة وواجباته ومسؤوليته عن إدارة الشركة تجاه الشركة والشركاء، وضرورة تعين مفتش للحسابات إذا زاد عدد الشركاء المتضامنين عن خمسة شركاء أو بلغ رأس مال شركة التوصية خمسة وعشرين مليون ليرة سورية. كذلك الأمر بالنسبة لعزل المدير واعتزاله.

  • مدير شركة التضامن ( تعيينه وعزله وصلاحياته ومسؤولياته)

    مقدمة:

    عني قانون الشركات بإدارة شركة التضامن، فنص على كيفية إدارتها عن طريق مدير الشركة الذي يلتزم بقرارات وتوجيهات مجلس الشركاء الذي يتخذ القرارات المتعلقة بالشركة ويخضع أحياناً لمراقبة مفتشي الحسابات، ومن خلال تقویم نشاط الشركة يتم توزيع الأرباح والخسائر على الشركاء.

    مدير الشركة

    مدير شركة هو الذي يمثلها في كافة معاملاتها، ويقوم بدور خطير في حياتها وحياة الشركاء فيها، لأن استئثاره بمكنة التوقيع على التصرفات التي يجريها بعنوان الشركة من شأنه أن يلزم هذه الشركة و أولئك الشركاء.

    وعليه سنتناول في هذا المبحث كيفية تعيين مديري الشركة وعزلهم، ومن ثم نبين سلطاتهم المقررة في تصريف شؤون الشركة، وأخيرا نعرض لأحكام مسؤولية المديرين عن أخطائهم.

    تنعكس طريقة تعيين المدير على الكيفية التي يعزل بها، ولا فرق في أن يكون شريكاً أو غير شريك وهذا ما جاء به قانون الشركات الذي نص على جواز عزله عن طريق القضاء واعتزاله أيضا.

      1-عزله من قبل الشركاء:

    فإذا كان المدير معيناً في عقد الشركة وكانت صلاحياته محددة في العقد فلا يجوز عزله أو تعديل صلاحياته إلا بموجب وثيقة يوقعها كل الشركاء (مادة 1/36 شركات).

    ذلك لأن الاتفاق على تعيينه وتحديد صلاحياته، هو جزء من عقد الشركة يأخذ حكمه من حيث الإلزام، وفي عزله أو تعديل صلاحياته تعديل لهذا العقد، ولا يجوز إجراء هذا التعديل إلا بإجماع الشركاء بما فيهم المدير الشريك نفسه، أما إذا كان المدير من غير الشركاء فلا حاجة لموافقته على هذا التعديل.

    أما إذا كان المدير معينة بموجب وثيقة مستقلة عن عقد الشركة وكانت صلاحياته محددة في هذه الوثيقة، جاز للشركاء عزله أو تعديل صلاحياته بقرار يصدره مجلس الشركاء بالإجماع ما لم يتضمن عقد الشركة أغلبية معينة لجواز عزله أو تعديل صلاحياته.

    2- عزله عن طريق القضاء:

    إذا لم يتحقق الإجماع على عزل المدير إن كان معين بموجب عقد تأسيس الشركة أو كان معيناً بموجب وثيقة مستقلة عن عقد الشركة ولم يتحقق الإجماع أو الأغلبية المنصوص عليها في عقد الشركة لعزله أو تعديل صلاحياته، أو رفض المدير النزول على إرادة بقية الشركاء الذين يرغبون في تنحيته، جاز لهم أن يطلبوا عزله من محكمة البداية المدنية الموجودة في مركز الشركة، إذا توفر لديهم السبب المشروع المبرر لعزله، كما لو أساء الإدارة أو صدر منه إهمال خطير أو ارتكب غشأ أو إساءة أمانة أضرت بمصالح الشركة والشركاء.

    فإذا قدرت المحكمة وجاهة السبب ومشروعيته قضت بعزل المدير.

     وإن عزل المحكمة للمدير لا يؤدي إلى انقضاء الشركة أو حلها، وهذا ما نستخلصه من نص الفقرة الرابعة من المادة 36 شركات التي نصت على أنه يجوز الاتفاق على حل الشركة في حال عزل المحكمة للمدير المعين في عقد الشركة على أن يدرج هذا النص أو الاتفاق في عقد الشركة، وبالتالي يعد ذلك تعديلاً لعقد الشركة ويستوجب مراعاة إجراءات الشهر.

     وحسناً فعلاً المشرع عندما جاء بهذا الحكم، ذلك أنه في ظل قانون التجارة الملغي والقانون المدني، يؤدي عزل المدير المعين بعقد الشركة إن كان من الشركاء إلى حل الشركة.

     3- اعتزال المدير الشريك:

    إذا كان المدير شريكاً ومعيناً في عقد الشركة، وليس بوثيقة مستقلة عن عقد الشركة، فلا يحق له أن يعتزل من إدارة الشركة، إلا إذا وجد سبب مقبول يمنعه من إدارة الشركة، كمرض أو عاهة أو شيخوخة، أو لأسباب مشروعة يقبلها باقي الشركاء أو تقبلها المحكمة وإلا كان مسؤولا بالتعويض للشركاء عما لحقهم من ضرر نتيجة الاعتزال غير المشروع.

    ونشير إلى أن هذه الحالة تقتصر على المدير الشريك والمعين في عقد الشركة.

     أما إن كان المدير من غير الشركاء أو كان من الشركاء ولكن معيناً بموجب وثيقة مستقلة عن عقد الشركاء، فيجوز له أن يعتزل الإدارة بعد إبلاغ الشركاء بذلك بوقت مناسب ليستدركوا تعيين غيره، ويجب أن يتم هذا الاعتزال بدون تعسف أو بدون توفر قصد الإضرار بمصالح الشركة والشركاء لدى هذا المدير المعتزل.

     ويعد ذلك تطبيق الأحكام الوكالة المنصوص عليها في القانون المدني، ذلك أن المدير يعد، كما أسلفنا، وكي” عن الشركة. (مادة1/682 مدني).

    صلاحيات المدير

    أولاً – تحديدها

    يحدد عقد تأسيس الشركة أو الوثيقة المستقلة عن العقد التي عين بها المدير، عادة،  الصلاحيات والسلطات الممنوحة لمديرها وحدودها، فيبين مثلاً الأعمال والتصرفات التي يستطيع القيام بها بإرادته المنفردة، وتلك التي ينبغي عليه أخذ رأي الشركاء فيها قبل إجرائها، وأخيرا الأعمال والتصرفات التي يحظر عليه إبرامها.

     ويتعين على المدير، في هذه الحالة، مباشرة صلاحياته دون أن يتخطى حدودها التي رسمها له عقد الشركة.

    أما إذا سكت عقد تأسيس الشركة أو الوثيقة التي عين بها المدير عن تحديد صلاحياته، فإنه يجب منطقية أن نعتبر أن الشركاء منحوا المدير كافة الصلاحيات اللازمة للوصول إلى الغرض المقصود وتحقيق غاية الشركة.

     وعليه فإنه يقوم بجميع ما يلزم لتسيير عمل الشركة تسييرا منتظمة والتوقيع عنها ويباشر كافة الأعمال التي تدخل في غرض الشركة سواء أكانت هذه الأعمال من أعمال الإدارة أم من أعمال التصرف.

     وطالما أن المدير يباشر سلطاته في حدود غرض الشركة، فليس للشركاء من غير المديرين القيام بأعمال الإدارة أو التدخل في إدارة الشركة (مادة6/35 شركات) لما قد يترتب عن هذا التدخل أو المعارضة من تعطيل لسير عمل الشركة.

    على أن حظر التدخل في الإدارة على الشركاء غير المديرين لا يعني مصادرة حقهم في رقابة المدير والإشراف عليه، بل يظل لهم هذا الحق يباشرونه عن طريق مجلس المديرين، أو عن طريق الاطلاع بأنفسهم على دفاتر الشركة وسجلاتها المحاسبية ووثائقها وعقودها. (مادة 8/35 شركات).

    وإذا وردت قيود على صلاحيات المدير وجب شهر هذه القيود في سجل الشركات لكي تصبح نافذة حيال الغير حسني النية، وتعد القيود الواردة على صلاحيات الأشخاص المخولون بتمثيل الشركة أو التوقيع عنها والمسجلة في سجل الشركات سارية بحق الغير، إذا تمت الإشارة في العقد أو التصرف الصادر عن مدير الشركة إلى رقم سجلها التجاري. (مادة 5/34 شركات).

    ومبرر هذه القاعدة التي نص عليها قانون الشركات، أن بإمكان الغير التعاقد مع الشركة أن يطلع على صلاحيات المدير والقيود الواردة عليها من خلال إحاطته علمأ برقم سجلها التجاري وتسجيلها في سجل الشركات، وفي هذه الحالة لا يعتد بحسن نية هذا الغير.

     ثانياً – نطاقها

    1- ما يتمتع به من صلاحيات:

     تتناول صلاحيات المدير الصلاحيات التجارية والحقوقية، أما الصلاحيات التجارية، فتشمل تنفيذ المشروع الذي تستثمره الشركة وشراء التجهيزات والمواد الأولية والبضائع وتوفير مخزون كاف منها وتسويقها واستخدام اليد العاملة وتوفير التحويل اللازم للشركة وإدارة أموالها وتوظيفها.

    وأما الصلاحيات الحقوقية:

     فتتناول النيابة عن الشركة حيال الغير وإبرام العقود وتعيين الوكلاء التجاريين، ويكون مخولا بالمخاصمة باسم الشركة وتوكيل المحامين ما لم ينص عقد الشركة على خلاف ذلك (مادة 6/34 شركات).

     2- المحظورات:

     فرض المشرع وجوب حصول المدير على موافقة الشركاء الخطية المسبقة بالنسبة لبعض الأعمال التي قد تنعكس سلبا على مصالح الشركة والشركاء.

     إذ نصت المادة 37 من قانون الشركات على أنه:

     1- لا يجوز للمدير في شركة التضامن سواء كان من الشركاء أو من غيرهم القيام بأي عمل من الأعمال التالية دون الحصول على موافقة خطية مسبقة من كل الشركاء أو بعضهم وفقا لما يحدده عقد الشركة:

     أ- التعاقد مع الشركة بصورة مباشرة أو غير مباشرة لتنفيذ أي مشروع لحسابها أو منافس لها، لما يترتب على ذلك من إلحاق الضرر بها.

     ب- أن يمارس لحسابه أو لحساب الغير نشاطا مشابها لنشاط الشركة.

    ج- أن يكون شريكاً في شركة تضامن أخرى أو شريكاً متضامنة في شركة توصية إذا كانت هذه الشركة تمارس نشاطا مشابها لنشاط الشركة التي يتولى إدارتها أو منافسة لها.

     د- بيع عقارات الشركة إلا إذا كان التصرف بهذه العقارات مما يدخل في أغراض الشركة، كأن يكون غرضها شراء العقارات وبيعها بربح، أو تشييد العقارات لبيعها.

    هـ- رهن عقارات الشركة أو إجراء الرهن التأميني عليها، مما يعرض موجوداتها لخطر الضياع، ويضعف من ملاءتها، وينعكس سلبا على الشركاء فيها بحكم مسؤوليتهم الشخصية والتضامنية. و التصرف بمشاريع الشركة، مما يفقدها موجوداتها.

     2- إذا حصل المدير على موافقة الشركاء للقيام بالأعمال المذكورة آنفا فلا بد من تجديدها بشكل سنوي، ما لم ينص عقد الشركة أو وثيقة لاحقة على خلاف ذلك.

    كأن يتفق على أن تكون الموافقة كل شهر أو لمرة واحدة.

    كما حظر المشرع على المدير أن يتنازل عن كافة صلاحياته أو جزء منها أو توكيل الغير بها، إلا إذا كان قرار تعيينه يجيز له أن ينيب عنه غيره، ذلك أنه لا يشترط بالضرورة أن يثق الشركاء في نائب المدير کثقتهم في شخص المدير.

    وفي جميع الأحوال يجب على المدير شهر هذا التوكيل في سجل الشركة.

    وفي هذه الحالة تكون الشركة مسؤولة عن تصرفات الوكيل أو النائب كما لو صدرت هذه الأعمال من المدير شخصياً.

     ولا يكون المدير مسؤولاً إلا عن خطئه في اختيار النائب وعن خطئه فيما أصدره له من تعليمات.

     ثالثاً – صلاحيات المديرين عند تعددهم

    قد يعين لإدارة شركة التضامن أكثر من مدير، وعندئذ يثور التساؤل عن كيفية إدارة الشركة وسلطات كل مدير وحدودها. ونميز في هذه الحالة إن كان هنالك اتفاق بين الشركاء يحدد صلاحياتهم أو لم يكن هنالك مثل هذا الاتفاق.

    1- عند وجود اتفاق:

     قد يعين عقد الشركة أو وثيقة تعيين المديرين اختصاص كل من المديرين، كأن يختص أحدهم بإدارة المصانع، ويعهد إلى الآخر بالمبيعات والمشتريات، ويوكل إلى ثالث شؤون العاملين.

     ففي هذه الحالة يجب على كل مدير احترام حدود الصلاحيات الممنوحة له، بحيث لا تنعقد مسؤوليته إلا عن الأعمال التي أجراها داخل الحدود دون تلك التي قام بها غيره من المديرين ، كل في حدود اختصاصه وصلاحياته.

     وتعد هذه القيود المسجلة في سجل الشركات سارية بحق الغير، إذا تمت الإشارة في العقد أو التصرف الصادر عن أحد مديري الشركة إلى رقم سجلها التجاري (مادة5/34 شركات).

     2- عند عدم وجود اتفاق:

     إذا تعدد المديرون وسکت عقد تأسيس الشركة أو وثيقة تعيينهم عن تحديد اختصاص كل منهم اعتبروا مفوضين بإدارة الشركة مجتمعين. ما لم يرد نص في عقد الشركاء أو في وثيقة تعيينهم على أغلبية معينة فيما بينهم، أو ينص على حق كل منهم بأن يقوم منفردا بأي عمل من أعمال الإدارة بالقيام بأعمال معينة. (مادة 3/34 شركات).

     ومع ذلك لا نرى مانعاً من أن يعرض العمل على المديرين جميعا للبت فيه، إذا ما عارضه أحدهم قبل إتمامه، وعندئذ يبت فيه بالأغلبية المحددة في عقد الشركة.

     أما إذا كان العمل المعترض عليه مخالفا لنظام الشركة، فيجوز الرجوع إلى مجلس الشركاء أو إلى القضاء لتقدير صفة العمل ومدی جواز القيام به.

    و المسؤولية الناشئة عن أعمال المدير يترتب على أعمال المدير مسؤولية الشركة في مواجهة الغير ممن يتعاملون معها، ومسؤولية المدير نفسه عن أعماله في مواجهة الشركة والشركاء.

    أولاً – مسؤولية الشركة عن أعمال المدير:

     تتأثر الشركة بتصرفات مديرها ليس فقط بالنسبة للتصرفات القانونية التي يترتب عليها مسؤولية الشركة العقدية بل أحيانا بالنسبة لما يصدر عنه من أعمال غير مشروعة تلحق ضررا بالغير وترتب مسؤولية الشركة التقصيرية.

     1- المسؤولية العقدية:

    تسأل الشركة عن كافة العقود التي يبرمها مديرها، ويشترط لإلزام الشركة بتصرفاته: أن يتصرف باسم الشركة وضمن حدود صلاحياته الممنوحة له.

    أ- التصرف باسم الشركة ولحسابها:

    يتصرف المدير باسم الشركة وعنوانها وليس باسمه الشخصي، لذلك فإن جميع تصرفاته التي يجريها باسم الشركة لتحقيق غرضها تنصب مباشرة في ذمتها وتسأل عن كافة الآثار التي تترتب على تصرفات المدير وتكون الشركة مسؤولة عن تنفيذ تعهداته.

    ولكن إذا أبرم المدير عقدا لحساب الشركة إنما وقعه باسمه الخاص وليس بعنوان الشركة، فالأصل أن لا تكون الشركة مسؤولة عن هذا التصرف، ويلتزم المدير وحده به، على أن هذه القرينة بسيطة قابلة لإثبات العكس، فإن تم دحضها وأقيم الدليل على أن التصرف قد تم بالفعل الحساب الشركة، وأن المدير كان له صلاحية إبرامه وأن المتعاقد الآخر كان يعلم بأن التعاقد تم الحساب الشركة أو أنه كان يستوي لديه التعاقد معها أو مع المدير شخصية، انعقدت مسؤولية الشركة عن هذا التصرف.

    وقد يسيء المدير استعمال عنوان الشركة فيبرم مع الغير عقدا لحسابه الخاص ويوقع عليه بهذا العنوان، كأن يقترض مبلغاً من المال بقصد إنفاقه على حاجاته الخاصة ويوقع على عقد القرض بعنوان الشركة.

     في مثل هذه الحالة تبقى الشركة مسؤولة عن هذا العقد طالما أن التوقيع قد تم بعنوانه، ولا يغير هذا الحكم حتى ولو كان المدير يعمل لحساب نفسه، إنما يشترط لذلك أن يكون الغير الذي تعامل معه المدير حسن النية، وإن الاقتراض أو التصرف يدخل ضمن الصلاحيات الممنوحة للمدير والمشهرة في سجل الشركات.

    أما إذا كان الغير المتعاقد مع المدير متواطئة معه أو عالما بأنه يتعاقد باسم الشركة لحسابه الشخصي، فالشركة أن تتنصل من هذا التصرف.

    ب- أن يكون تصرف المدير في حدود صلاحياته:

    يجب أن تكون التصرفات التي يقوم بها المدير داخلة في حدود الصلاحيات التي رسمها له عقد الشركة أو وثيقة تعيينه والتي تم شهرها في سجل الشركات، لذلك فإن الشركة لا تلزم بتصرفات المدير، إذا جاوز حدود الصلاحيات الممنوحة له والمشهرة في سجل الشركات، ولا يكون للغير – حتى ولو كان حسن النية- أن يرجع على الشركة طالما تمت الإشارة في العقد أو التصرف الصادر عن مدير الشركة إلى رقم سجلها التجاري فلا يعذر إذا بجهله هذه الحدود، (مادة 5/34 شركات).

     أما إذا لم تشهر حدود صلاحيات المدير في سجل الشركات، أو لم يشر في العقد أو التصرف الصادر عن المدير إلى رقم سجل الشركة التجاري، فالأصل أنها لا تسري بحق الغير وتلتزم الشركة بالتصرف، ما لم يثبت أن الغير كان يعلم بحدود صلاحيات المدير على وجه اليقين، كما لو أرسلت الشركة منشورا صریحا بهذا المعنى للغير.

    ومع ذلك يجوز للغير أن يرجع على الشركة في حدود ما أثرت به من العمل الذي أبرمه المدير متجاوز حدود صلاحياته تطبيقا للقواعد العامة.

    2- المسؤولية التقصيرية:

    لا تقتصر مسؤولية الشركة على العقود والتصرفات التي يبرمها المدير لحسابها و بعنوانها فحسب، بل تسأل الشركة عن الأعمال غير المشروعة التي يرتكبها المدير أثناء إدارته أو بسببها ويترتب عليها الإضرار بالغير.

     وتكون مسؤولية الشركة تجاه الغير عن هذه الأخطاء مسؤولية تقصيرية، وتلزم الشركة بالتعويض. كما لو ارتكب المدير عمل منافسة غير مشروعة، وبالنسبة للمسؤولية الجزائية فإن الشركة كشخص اعتباري تقتصر معاقبتها على دفع الغرامة ونشر الحكم والمصادرة إن كان لذلك محل، ولا يمكن فرض عقوبة الحبس على هذا الشخص الاعتباري، كل ذلك إذا كان الفعل الجرمي ارتكب باسم الشركة ولحسابها.

    ثانياً – مسؤولية المدير عن أعماله:

     يقع على عاتق مدير الشركة سواء كان شريكا أو غير شريك، أن يبذل في إدارة الشركة عناية الرجل المعتاد، حكمه في ذلك حكم الوكيل المأجور، لأنه يتقاضى أجر نظير إدارته، لذلك يكون المدير مسؤولاً تجاه الشركة والشركاء عن الضرر الذي يلحق بالشركة بسبب إهماله وتقصيره، ويكون كذلك حتى ولو كانت أخطاؤه في الإدارة يسيرة لطالما نجم عنها ضرر لحق بالشركة.

     كأن يتاجر لحسابه في أحد فروع النشاط الذي تزاولها الشركة أو يغفل إبرام عقد تأمين على مركبات الشركة. وقد يسيء المدير استعمال عنوان الشركة أو يجاوز حدود صلاحياته الممنوحة له في صك تعيينه… إلخ.

     وقد تعد هذه الأخطاء سببا مشروعا يبرر عزل المدير.

    ويعد المدير أمينة على أموال الشركة فإذا بدد هذه الأموال أو اختلسها، يكون مرتكبا لجرم إساءة للأمانة وترتبت مسؤوليته الجزائية وألزم بالتعويض.

    وإذا تعدد المديرون كانوا مسؤولين تجاه الشركة والشركاء بالتضامن عن أخطائهم المشتركة، على أنهم لا يسألون عم فعله أحدهم إذا تجاوز حدود صلاحياته وذلك تطبيقا لحكم مسؤولية الوكلاء في حال تعددهم (مادة 1/673 مدني).

    هذا ولا يجوز إعفاء المدير من المسؤولية بسبب إهماله أو تقصيره في عقد الشركة أو في وثيقة تعيينه، وكل شرط يقضي بذلك يعد باطلا (مادة 8/34 شركات).

     وتسقط مسؤولية المدير تجاه الشركة والشركاء عن الضرر الذي يلحق بالشركة بسبب أخطائه، بانقضاء ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ انتهاء عمله في إدارة الشركة أيا كان سبب هذا  الإنهاء سواء عزل من قبل الشركاء أو من قبل القضاء أو اعتزل الإدارة.

    على أن مهلة سقوط مسؤولية المدير، لا تسري عن كل عمل أو امتناع عن عمل مقصود يصدر عن المدير مخالفا فيه عقد تأسيس الشركة أو قرارات الشركاء ويكون من شأنه أن يلحق ضررة بالشرك. كما لا تسري مهلة سقوط مسؤولية المدير عن أية أعمال أخفاها عن الشركاء. وإذا كان الفعل المنسوب للمدير يشكل جرما فإن دعوى المسؤولية لا تسقط إلا طبقأ وفقا لأحكام القواعد العامة (مادة 8/34 شركات).

     وبعبارة أخرى حسب مدة التقادم المنصوص عنها في قانون العقوبات والقوانين الأخرى الخاصة بالفعل الجرمي الذي يرتكبه مدير الشركة.

  • المسؤولية الشخصية والتضامنية للشريك في شركة التضامن

     يكون الشريك في شركة التضامن مسؤولا عن ديونها والتزاماتها بصفة شخصية وبوجه التضامن، شريطة أن يحصل التوقيع على التصرف الذي أدى إلى مديونية الشركة بعنوانها.

    1- المسؤولية الشخصية للشريك :

     يقصد بالمسؤولية الشخصية للشريك مسؤوليته عن كافة ديون الشركة بكافة أمواله الحاضرة والمستقبلية، كما لو كانت هذه الديون هي ديونه الشخصية. فلا تتحدد مسؤوليته إذا عن ديون الشركة بمقدار حصته في رأسمال الشركة، وإنما تتعدى هذه الحصة لتنبسط على ذمته المالية بأكملها.

     وبذلك يكون لدائني الشركة ضمان خاص بهم على ذمة الشركة، وضمان إضافي على ذمم الشركاء الشخصية يتزاحمون عليه مع دائني الشركاء الشخصيين.

    ومبرر هذه المسؤولية الشخصية للشركاء أن “التوقيع على تعهدات الشركة يحصل بعنوانها، ولما كان العنوان يضم أسماء الشركاء جميعاً، فكأن كل شريك قد تعهد بالتزامات الشركة شخصية وأصبحت هذه الالتزامات عنصرا من عناصر ذمته السلبية، فيكون أمام دائن الشركة، والحال كذلك عدة مدينين، الشركة ذاتها بوصفها شخصاً اعتبارياً وكل شريك على حدة.

     غير أن ذمة الشركة يخصص للوفاء بحقوق دائنيها وحدهم ولا يتعلق بها حق للدائنين الشخصيين للشركاء.

    أما ذمة كل شريك فهي ضامنة لديون الشركة وديونه على السواء”.

     2- المسؤولية التضامنية للشريك:

     أ- المبدأ:

    يقصد بالمسؤولية التضامنية للشريك أن لدائن الشركة أن يطالب أي شريك بكل الدين منفرداً، كما يجوز له أن يطالب الشركاء مجتمعين بالدين الذي له مواجهة الشركة.

    وقد نص قانون الشركات على هذا التضامن عندما اعتبر الشريك في شركة التضامن ضامناً بأمواله الشخصية لجميع الديون والالتزامات التي ترتبت على الشركة أثناء وجوده شريكاً فيها. (مادة

    1/33).

     وهذا النص أكد ما ورد في تعريف شركة التضامن من أن الشركاء فيها يكونون مسؤولين بصفة شخصية وبوجه التضامن في جميع أموالهم عن التزامات وديون الشركة.

     ب- طبيعة التضامن:

    ذهب البعض إلى القول أن الشركاء في شركة التضامن هم مجرد كفلاء عاديين للشركة وبالتالي لابد من التنفيذ على الشركة أولا أو تجريدها.

    غير أن الإجماع منعقد على أن الشركاء في شركة التضامن هم كفلاء متضامنون، لأن التضامن قائم ليس بين بعضهم بعضا فحسب بل وكذلك بينهم وبين الشركاء.

    وعليه لا يمكن تطبيق أحكام الكفالة العادية التي يمكن فيها للكفيل الدفع بالتجريد والتقسيم أي تجريد الشركة أو تقسيم الدين بين الشركاء.

     وفي الواقع العملي كان الشريك المتضامن يقع تحت رحمة دائن الشركة ويتعرض لتعنت هذا الدائن وتعسفه ويرجع عليه أثناء رجوعه على الشركة.

     وجاء قانون الشركات وقيد حق دائن الشركة في الرجوع على الشريك فنص على أنه

    2- يحق لدائني الشركة أن يقاضوها كما يحق لهم أن يقاضوا كل شريك كان في عداد شركائها وقت نشوء الالتزام، إلا أنه لا يجوز للدائنين التنفيذ على الأموال الخاصة للشركاء لتحصيل دينهم إلا بعد التنفيذ على أموال الشركة، فإذا لم تكن هذه الأموال لتسديد ديونهم فلهم عندئذ الرجوع بما تبقى من الدين على الأموال الخاصة للشركاء”. (مادة 2/33 شركات).

     من خلال هذا النص يتبين لنا أن المشرع فرض قيدين على حق دائن الشركة في الرجوع على الشريك المتضامن، هما:

    1- أن يثبت الدائن أن الدين مترتب على الشركة بعد مقاضاتها أو مقاضاة الشريك الذي كان في عداد الشركاء وقت نشوء الالتزام، وأن يكون الحكم القضائي مبرماً أو أن يكون الدائن يحمل سنداً تنفيذية في مواجهة الشركة.

     2- أن يبدأ الدائن بالتنفيذ على أموال الشركة، فإذا لم تكن هذه الأموال لتسديد دينه، جاز له التنفيذ على الأموال الخاصة للشريك بما تبقى له من دين في ذمة الشركة.

     وإذا أوفي أحد الشركاء بدين على الشركة، جاز له أن يرجع بما وفاه على باقي الشركاء بقدر حصة كل شريك في الدين.

    وإذا كان أحد الشركاء معسراً، تحمل تبعة هذا الإعسار الشريك الذي أوفي الدين وسائر الشركاء الموسرين كل بقدر حصته، أي توزع حصة الشريك المعسر في الدين على باقي الشركاء حسب حصة كل واحد منهم في الدين.

    ج- نطاق المسؤولية التضامنية:

    الأصل أن الشريك يظل مسؤولاً عن ديون والتزامات الشركة مسؤولية شخصية وتضامنية طالما احتفظ بصفته كشريك (مادة 1/33شركات)، وتستمر هذه المسؤولية حتى بعد انقضاء الشركة وتصفيتها طالما لم تسقط دعاوى الدائنين بالتقادم الخمسي.

    على أنه في الحالات التي يجوز فيها تفرغ الشريك عن حصته في الشركة وانضمام شريك جديد إلى الشركة، فما مدى مسؤولية الشريك الجديد عن ديون الشركة؟

     وكذلك ما مدى مسؤولية الشريك المنسحب عن ديون الشركة بعد انسحابه؟

    1- مسؤولية الشريك المنضم:

    ذهب بعض الفقهاء إلى أن مسؤولية الشريك، الذي ينضم إلى الشركة بعد تكوينها، تكون مسؤولية شخصية وتضامنية عن كافة ديون الشركة حتى ما كان منها سابقاً من حيث نشوئه على انضمامه .

     ويعللون ذلك بأن الديون السابقة على انضمام الشريك تكون قد نشأت في ذمة الشركة كشخص معنوي، ودخوله في هذه الشركة بمحض إرادته يمكن حمله على معنى قبوله الشركة بحالتها الراهنة، أي بما تحتويه ذمتها المالية من إيجابيات وسلبيات، هذا من جهة.

     ومن جهة أخرى، أن المسؤولية التضامنية عن ديون الشركة هي حكم ملازم حتماً لصفة الشريك بغض النظر عما إذا كان هذا الشريك مؤسسة للشركة أو منضمة إليها، وذلك لعموم النص الذي يقضي بأن مسؤولية الشريك عن ديون الشركة والتزاماتها تكون أثناء وجوده شريكة فيها.

    وذهب آخرون إلى أنه إذا دخل شريك جديد في الشركة، فإنه يكون مسؤولاً عن ديون الشركة الناشئة بعد تاريخ دخوله في الشركة، وبعبارة أخرى لا يكون الشريك الجديد مسؤولاً عن ديون الشركة السابقة لانضمامه، وإنما تقتصر مسؤوليته عن الديون التي تنشأ وقت اكتسابه صفة الشريك، وذلك تفاديا لشهر إفلاس هذا الشريك الذي يكتسب صفة التاجر، بسبب ديون لم يساهم، بمشاركته في إدارة الشركة، في نشوئها.

    وقد رجح المشرع السوري في الأخذ بالرأي الأخير عندما نص في المادة 41 من قانون الشركات على أنه:

    1- يجوز للشركاء بالإجماع ضم شريك أو عدة شركاء إلى الشركة مع مراعاة قواعد الشهر المنصوص عليها في هذا القانون. .

     2- إذا انضم الشريك إلى الشركة كان مسؤولا مع باقي الشركاء بالتضامن وبجميع أمواله عن التزامات الشركة اللاحقة لانضمامه إليها، وكل اتفاق على خلاف ذلك لا يجتح به تجاه الغير”.

     وعليه، نجد أنه بغياب أي اتفاق فإن مسؤولية الشريك المنضم عن ديون الشركة والتزاماته اللاحقة لانضمامه إليها تكون مسؤولية شخصية وتضامنية مع باقي الشركاء، وذلك بحكم القانون، واعتبر المشرع أي اتفاق يقضي بعدم مسؤولية الشريك الجديد عن ديون الشركة اللاحقة لدخوله في الشركة لا يحتج به تجاه الغير، ونلاحظ بأن المشرع لم يعتبره باطلاً، وبالتالي فإنه نافذ تجاه الغير وصحيح فيما بين الشركاء.

    وبالمقابل يجوز الاتفاق على أن يكون الشريك الجديد مسؤولاً عن ديون الشركة السابقة على دخوله فيها، لأنه مثل هذا الاشتراط لا يعد مخالفة لنص آمر، وكذلك يزيد في ضمانة دائني الشركة ويحقق مصلحتهم، ولطالما ارتضى الشريك الجديد تحمل مثل هذه المسؤولية.

     2- مسؤولية الشريك المنسحب:

     من المسلم به أن مسؤولية الشريك الشخصية والتضامنية تبقى قائمة، في حالة انسحابه، عن الديون التي ترتبت في ذمة الشركة قبل وقوع هذا الانسحاب. أما بالنسبة لديون الشركة والتزاماتها التي نشأت بعد انسحابه، فلا يكون الشريك المنسحب مسؤولا عنها، لنشوئها بعد سقوط صفة الشريك عنه، وهذا ما نص عليه قانون الشركات (مادة 3/42 شركات)، إلا أن إعمال هذا الحكم القانوني منوط بتوافر شرطين يتعين اجتماعهما معا :

    الأول: أن يتم شهر هذا الانسحاب، لأنه لا يكون الانسحاب الشريك من الشركة أي أثر قبل شهره مادة 2/42 شركات).

     الثاني: أن يتم حذف اسم الشريك من عنوان الشركة لأنه يجب أن يتوافق عنوان الشركة مع أسماء الشركاء الحاليين فيها وأن التسامح في إدراج اسم الشريك المنسحب والأجنبي عن الشركة في عنوان الشركة يجعله مسؤولاً بصفته الشخصية وبوجه التضامن عن ديونها تجاه أي شخص ينخدع بذلك، على ما ذكرناه سابقا. (مادة 30 شركات).

     وعليه فإن تخلف كلا الشرطين أو أحدهما يترتب عليه مسؤولية الشريك المنسحب الشخصية والتضامنية عن ديون الشركة الناشئة بعد انسحابه، وتبقى تثقل كاهله إلى أن تنقضي الشركة وتصفى وتسقط دعاوی دائنيها بالتقادم الخمسي.

    3- مسؤولية الشريك المتنازل عن حصته:

    قد يتنازل الشريك عن حصته لآخر ويشهر هذا التنازل وفقا لقواعد الشهر المنصوص عليها في قانون الشركات، وعندئذ لا يسأل هذا الشريك عن الديون اللاحقة على تنازله وإنما يسأل عنها المتنازل له أي الشريك الجديد.

    ولكن ما هو حال الديون السابقة على شهر التنازل؟ وهل تبقى عالقة بذمة الشريك المتنازل أم أنه يبرأ منها وتنتقل إلى ذمة المتنازل له؟ وبعبارة أخرى هل يتضمن التنازل عن الحصة حوالة الديون إلى المتنازل له؟.

     يرى البعض أن التنازل عن الحصة لا يفيد حوالة الديون، وإنما يعني أن المتنازل له يحل محل المتنازل، في حقوقه والتزاماته، فتبرأ ذمة هذا الأخير من ديون الشركة دون ما حاجة إلى رضاء من جانب دائنيها.

    ويذهب آخرون إلى تقرير مسؤولية المتنازل الشخصية والتضامنية عن هذه الديون حتى ولو كان قد اشترط على المتنازل إليه صراحة أن يحل محله في هذه الديون.

    ومبرر ذلك أن التنازل ينطوي على حوالة للدين، ولا تسري هذه الحوالة على الدائن إلا إذا أقرها.

    فإن حصل مثل هذا الإقرار برئت ذمة المتنازل عن الديون السابقة عن شهر تنازله وانتقل الالتزام بها إلى المتنازل له. و

    إن لم يقع هذا الإقرار ظلت ذمة المتنازل مشغولة بهذه الديون .

     وقد تبنى المشرع الرأي الأخير عندما نص في الفقرة الرابعة من المادة 44 من قانون الشركات على أنه:

     “4- إذا تنازل أحد الشركاء عن حصته في الشركة فلا يبرأ من التزامات الشركة تجاه دائنيها إلا إذا أقروا التنازل وفقا للقواعد المعمول بها في شأن حوالة الدين”.

    وعليه فإن أحكام حوالة الدين المنصوص عليها في القانون المدني في المواد 315 حتى 321 هي التي تحكم أثر تنازل أحد الشركاء عن حصته تجاه دائني الشركة، وبالتالي لا تكون هذه الحوالة نافذة في حق الدائن إلا إذا أقرها فإذا لم يقع هذا الإقرار ظلت ذمة المتنازل مشغولة بهذه الديون.

     كما يضمن المتنازل يسار المتنازل له وقت إقرار الدائن للحوالة، ما لم يتفق على غير ذلك مادة 319 مدني.

  • ماهي أهلية الشركة وماحدودها؟

    يترتب على الشخصية الاعتبارية للشركة أن للشركة أهلية في حدود الغرض الذي وجدت من أجله.

    فيمكن للشركة اكتساب أموال جديدة، وأن تتصرف في أموالها القائمة، وأن تتعامل مع الغير فتصبح دائنة أو مدينة، وأن تساهم في شركة أخرى، وأن تتقاضى وتقاضي.

    إنما تتقيد في ذلك كله بالحدود التي يعينها عقد الشركة وبالغرض الذي أوجدت من أجله تطبيقاً لمبدأ اختصاص الشخص الاعتباري ومؤداه أن الشخص الاعتباري ليس له من الحقوق إلا ما يتفق مع غرضه.

    فإذا نص في عقد الشركة على نوع معين من التجارة تباشره الشركة امتنع عليها أن تباشر نوعاً آخر إلا بتعديل العقد. 

    ويتفرع عن تمتع الشركة بالأهلية إمكانية مساءلتها مدنية عن الأخطاء العقدية أو التقصيرية التي تقع منها أو من عمالها أثناء تأدية عملهم أو بسببه.

    كما تسأل مدنية عما تحدثه الحيوانات والأشياء التي في حراستها من ضرر.

    إلا أنه لا يمكن كقاعدة عامة مؤاخذتها جزائيا عن الجرائم التي يرتكبها عمالها وموظفوها، لأنه لا يتصور ارتكاب الشركة كشخص معنوي للجرائم، كما لا يمكن تصور تطبيق عقوبة جسدية كالحبس عليها، هذا فضلاً عن أن العقوبة شخصية لا توقع إلا على من ارتكب الجريمة شخصياً.

    ومع ذلك، فمن الجائز مساءلة الشركة جزائياً عن الجرائم التي ترصد لها عقوبة الغرامة، وهذا ما يطبق فعلاً على الشركات عندما يرتكب مديروها جرائم كجريمة التهريب أو المنافسة غير المشروعة، عندئذ فإن المسؤولية الجزائية للشركة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية تنعقد، إلا أن العقوبات التي توقع عليها تقتصر على العقوبات المالية وحدها، من غرامة ومصادرة ونشر للحكم.

  • آثار بطلان عقد الشركة ونظرية الشركة الفعلية

    آثار البطلان ونظرية الشركة الفعلية

    نشأة الشركة الفعلية

    إذا ما حكم ببطلان الشركة لأي سبب من الأسباب الموجبة للبطلان، فإنه وفقاً للقواعد العامة التي تحكم بطلان العقود، والتي قررها القانون المدني في المادة 143 منه بقوله

    “في حالتي إبطال العقد وبطلانه يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد، فإذا كان هذا مستحيلا جاز الحكم بتعويض عادل”.

    ولو أخذنا بهذا المبدأ لوجب علينا، في هذه الحالة، أن نعتبر أثر بطلان عقود الشركات منسحباً إلى الماضي فنقضي ببطلان جميع التصرفات الجارية في ظل عقد الشركة الباطل.

    أي أنه يترتب على هذا البطلان امتداد أثره إلى الماضي منذ تاريخ انعقاد الشركة وعدم ترتيب أي أثر قانوني على تكوينها.

    ولما كان من شأن تطبيق هذه القاعدة العامة تجاهل مراكز قانونية تمت فعلا وعلاقات قانونية نشأت مع الغير منذ نشأت الشركة حتى صدور الحكم بالبطلان؛ فقد استرعي انتباه الاجتهاد القضائي والفقه، خطورة هذا البطلان وتطبيقه على العقود المتتابعة وأهمها عقود الشركات، نظرا لكثرة العمليات التي تكون الشركة قد أجرتها، بوصفها شخصا اعتبارية، منذ وجودها فعلا حتى تاريخ إعلان بطلانها،

    ورأى في ذلك مخالفة لمبدأ العدالة لما ينتج عن الأخذ بانسحاب أثر البطلان إلى الماضي من ضرر بالغير الذي تعامل مع الشركة المقرر بطلانها ومن ضرر بالشركاء أنفسهم.

    فلو أردنا أن نعتبر عقد الشركة المقرر بطلانها كأنه لم يكن لوجب أن تعاد إلى الشركاء حصصهم في رأسمال الشركة بكاملها، دون حساب لما تكون الشركة قد خسرته أثناء قيامها، ولوجب أيضا عدم تطبيق القواعد التي اتفق عليها الشركاء في عقد الشركة من أجل تصفيتها وتوزيع الأرباح والخسائر بينهم، ولوجب أخيراً اعتبار جميع التزامات الشركة منذ بدئها بالعمل حتى إقرار بطلانها، باطلة أيضا.

    أمام هذه الصعوبات القانونية التي قد تنجم عن بطلان عقد الشركة، وخاصة فيما يتعلق منها بالمحافظة على حقوق الغير، ولاسيما في حال وقوع خلافات بين دائني الشركة من جهة ودائني الشركاء الشخصيين من جهة ثانية، لذلك كان لابد للفقه والاجتهاد من إيجاد نظرية حقوقية كاملة الموضوع الشركات الفعلية.

    ويلاحظ ضرورة ذلك بالنسبة لقانون الشركات الذي أغفل تنظيم وتصفية الشركات الفعلية، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 54 من قانون الشركات على أنه:

    “يجوز أن تعامل شركة المحاصة التي تظهر تجاه الغير بهذه الصفة كشركة فعلية ويصبح الشركاء فيها مسؤولين تجاه ذلك الغير بالتضامن”.

    على أن المادة / 4/ من قانون الشركات نظمت آثار البطلان في علاقة الشركاء في مواجهة بعضهم بعضا من جهة، وفي علاقة الغير مع الشركاء من جهة أخرى. وهذا ما سنتناوله بدراستنا بشكل مفصل لاحقا.

    وقبل البحث في آثار البطلان وبالتالي القواعد التي تحكم الشركات الفعلية لابد من التمييز بين البطلان المطلق والبطلان النسبي لعقد الشركة من جهة، وبين الشركات الفعلية والشركات التي تنشأ بشكل فعلي من جهة أخرى.

     المطلب الأول – التمييز بين البطلان المطلق والبطلان النسبي لعقد الشركة

     أولاً – البطلان المطلق

    يعد عقد الشركة باطلاً بطلاناً مطلقاً إذا كان محلها أو سببها غير مشروع كما لو كان القصد من تكوين الشركة الاتجار بالمخدرات أو البضائع الممنوع التعامل فيها أو القيام بنشاط محظور على الشركة كقيام الشركة المحدودة المسؤولية بأعمال التأمين أو التوفير أو المصارف.

     ويعتبر البطلان في هذا الخصوص من النوع المطلق الذي يجيز للشركاء كما يجيز للغير التمسك به، بل إن للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.

    ولا يصحح هذا البطلان بالتقادم لأنه من العيوب الدائمة.

    والعبرة في تقدير مشروعة نشاط الشركة هي حقيقة ما تزاوله من أعمال وليس ما هو مدون بنظامها أو عقد تأسيسها.

    كما تبطل الشركة في حال انعدام الرضا أو المحل أو لاستحالة تنفيذ غرض الشركة.

    ويترتب على صدور حكم ببطلان الشركة اعتبار عقدها كأن لم يكن بالنسبة لجميع الشركاء، والتمسك بالبطلان في هذه الحالات حق لكل شريك في مواجهة باقي الشركاء.

    أن البطلان مطلق في هذا الخصوص فإنه يجوز للشركاء مطالبة مدير الشركة باسترداد الحصص على أساس أنه ليس هناك ما يبرر احتفاظ المدير بحصص الشركاء رغم اشتراكه معهم في مخالفة القانون .

    كما يفقد دائنو الشركة امتيازهم في تحصيل ديونهم من أموال الشركة بمواجهة دائني الشركاء الشخصيين ويتساوون في ذلك، إذ تعود الحصص التي قدمها الشركاء إلى ذمتهم المالية وتعد كأن لم تخرج منها.

    ثانياً – البطلان النسبي (البطلان لعدم الكتابة أو الشهر)

    يترتب على عدم كتابة عقد الشركة أو شهرها البطلان.

    وقد اعتبر البعض أن هذا البطلان هو بطلان من نوع خاص، فهو ليس بالبطلان المطلق السابق ذكره أو النسبي، ذلك أنه يجوز تصحيح البطلان الناشئ عن عدم كتابة العقد ويصبح العقد صحيحاً ويحتج به في مواجهة الغير من يوم إتمام هذا الإجراء، طالما تم تصحيح العقد قبل الحكم بالبطلان .

    ويذهب أصحاب هذا الرأي إلى إمكان تصحيح هذا الإجراء أمام محكمة الاستئناف في الحالات التي تقتصر فيها محكمة أول درجة على الفصل في مسألة إجرائية دون المساس بالموضوع، كذلك قد يمنح القاضي أجلاً التصحيح البطلان، فإذا تم التصحيح خلاله فلا يحكم به.

    على أن منح الشركاء مهلة للقيام بإجراءات الشهر يعد من الرخص المخولة لمحكمة الموضوع وأن عزوفها عن استعمال تلك الرخصة لا يعيب حكمها. 

    ولا يجوز للشركاء الاحتجاج بالبطلان بسبب عدم شهرها في مواجهة الغير إذ لا يقبل إفادة الشريك من تقصيره وإنما يجوز التمسك بالبطلان من قبل الشركاء في مواجهة بعضهم بعضا (مادة 1/4 شركات).

    ويختلف أثر هذا البطلان وفق من يطلبه، فإذا طلبه الغير كان له أثر رجعية وتعدو الشركة كأن لم تكن. أما إذا طلبه أحد الشركاء فإن الشركة لا تبطل في الفترة السابقة ما بين إنشائها وتاريخ قید دعوى البطلان في سجلات المحكمة (مادة3/4 شركات).

    ويعد هذا تطبيقاً صريحاً النظرية الشركة الفعلية التي أسسها القضاء، وقد قصد المشرع بذلك وضع حد لعدم استقرار هذه الشركات وحماية الوضع الظاهر لجميع المتعاملين مع الشركة والذين يجهلون عدم اتباع المؤسسين الإجراءات التأسيس وفقا للقانون، وهو هدف يستحق هذه الحماية في الواقع لاستقرار المعاملات، خاصة وإن شهر الشركة يجب أن يرتب أثر قانونية على الأقل من حيث قيام شركة صحيحة في مواجهة الغير.

    على أن هذا لا يمنع بطلانها لأسباب أخرى غير مخالفة إجراءات التأسيس كعدم توافر الشروط الموضوعية العامة أو الخاصة وفقاً للقواعد العامة التي لا يترتب على تخلفها بطلان الشركة بطلاناَ مطلقاً.

    المطلب الثاني – التمييز بين الشركات الفعلية وبين الشركات التي تنشأ بصورة فعلية

    لابد من التفريق بين الشركات الفعلية وبين الشركات التي تنشأ بصورة فعلية  ، فالشركات الفعلية هي الشركات التي تظهر للوجود بصورة مادية أي بعقد خطي ينظم بين الشركاء، فيبين العقد نوع الشركة وما وقع الاتفاق عليه بين الشركاء في صدد المساهمة في تكوين رأس المال المشترك وفي توزيع الأرباح والخسائر وتصفية الشركة، إلا إن رافق تأسيسها أحد العيوب التي أدت إلى بطلانها.

    أما الشركات التي تنشأ بصورة فعلية فهي التي لا ينظم بها عقد خطي، ولا تتجه إرادة الأطراف فيها إلى تكوين عقد شركة، وإنما يستفاد وجودها من العمل المشترك الذي يرمي إلى اجتناء الربح.

    وتظهر نية الشركاء في إيجاد شركة بينهم من الأعمال المشتركة التي يقومون بها والتي لا يمكن تفسيرها إلا بوجود الشركة.

    وتظهر فوائد التمييز بين الشركات الفعلية والشركات التي تنشأ بصورة فعلية خاصة بالنسبة النوع الشركة وللقواعد المتبعة في تصفيتها.

    فالشركات التي تنشأ بصورة فعلية تعد دائما من نوع شركات التضامن، في حين أن الشركات الفعلية يعين نوعها في العقد المقرر إبطاله، فقد تكون من شركات الأشخاص كما قد تكون من شركات الأموال.

    القواعد التي تحكم الشركات الفعلية

    لمعرفة القواعد التي تحكم الشركات الفعلية، لابد من بحث مسألتين الأولى وتتعلق بأثر عقد الشركة قبل البطلان وبعده، والثانية تتعلق بمدى احتفاظ الشركة الفعلية بشخصية اعتبارية وذمة مالية مستقلة.

    المطلب الأول- أثر عقد الشركة قبل البطلان وبعده

    أولا – بالنسبة للشركاء:

    تعد الشركاء قائمة فيما بين الشركاء قبل المطالبة بإبطال عقد الشركة، وينتج عن ذلك أن جميع ما قام به ممثلو الشركة من أعمال يسري أثره على الشركاء، وإن من حق هؤلاء أن يقتسموا الربح إن وجد، كما أن من واجبهم أن يساهموا في الخسارة إن حصلت، وفقاً لما هو منصوص عليه في عقد الشركة، كما أنه تطبق القواعد التي نص عليها عقد الشركة من أجل تصفيتها وقسمتها، إذا حكم ببطلان الشركة، ويعد ذلك تأييداً من المشرع لنظرية الشركة الفعلية حيث يعترف بعقد الشركة وتنفيذ بنوده رغم الحكم ببطلانه.

    وعليه فإن بطلان عقد شركة التضامن أو التوصية لعدم تسجيله أو شهره هو من قبيل حل الشركة قبل أن يحين ميعاد انتهائها وتتبع في تسوية حقوق الشركاء، في هذه الحالة، نصوص العقد استنادا إلى المادة 54 من قانون الشركات.

    كما أنه إذا حكم ببطلان الشركة، وكان أحد الشركاء لم يقدم كامل حصته فعليه أن يفي رصيدها، مراعاة لشروط العقد.

    على أن يستبعد من تطبيق شروط العقد الشروط المخالفة للقانون أو النظام العام.

    ثانياً – بالنسبة للغير:

    يتمثل الغير بكل من دائني الشركة وخلفائها الخاصين من جهة ودائني الشركاء الشخصيين وخلفائهم الخاصين من جهة أخرى.

    وهذا يقتضي التمييز بين حالتين:

    الأولى: الدائني الشركاء الشخصيين حق الخيار، فهم إما أن يحتجوا ببطلان الشركة أو يعتبروها صحيحة بالنسبة لهم.

    فإذا تمسكوا بصحتها كان عقد الشركة نافذا بالنسبة للماضي وقائمة بجميع فوائده وموجباته.

    أما إذا تمسكوا ببطلان الشركة فتعد الشركة كأن لم توجد أصلا .

    الثانية: ويختلف فيها وضع دائني الشركة فيما لو كان النزاع قائمة بينهم وبين الشركاء أو الشركة من جهة، أو كان قائما بينهم وبين دائني الشركاء الشخصيين.

    فإذا كان النزاع قائمة بين دائني الشركة وبين الشركاء أو الشركة، كان لدائني الشركة حق الخيار بين أن يعتبروا الشركة صحيحاً أو يحتجوا بالبطلان، فإذا فضلوا اعتبار الشركة صحيحة فإنهم يرجحون على دائني الشركاء الشخصيين، ويحق لهم إثبات قيام الشركة وشروطها ومن يديرها بكافة وسائل الإثبات بما فيها البينة الشخصية، وبالمقابل لا يحق للشركاء أن يحتجوا تجاههم ببطلان الشركة، كما ذكرنا سابقا.

    أما إذا احتج دائنو الشركة ببطلان الشركة، فيعد الأشخاص الذين تعاقدوا معهم باسم الشركة مسؤولين بالتضامن عن الالتزامات الناتجة عن العقود المبرمة معهم، كما تعد الأموال المشتركة في هذه الحالة ملكة شائعة بين الشركاء، ويقوم دائنو الشركة بالتنفيذ عليها بالتزاحم مع دائني الشركاء الشخصيين. وتزول التأمينات التي حصل عليها دائنو الشركة فيصبحون في حكم الدائنين العاديين للشركة.

    وإذا تمسك بعض الغير بصحة الشركة وآخرون ببطلانها، رجح البطلان، إذ يتعذر تكريس وجود الشركة وصحة تصرفاتها قبل الحكم بالبطلان، كما أنه كان باستطاعة الغير تبين أسباب البطلان فيما لو بذلوا العناية الكافية في الوقوف على أوضاع الشركة.

    وإذا احتج دائنو الشركة بالبطلان بالنسبة للشركاء فليس لهم في هذه الحالة، الاحتجاج بصحة الشركة تجاه دائني الشركاء الشخصيين لعدم جواز تجزئة البطلان.

    الشخصية الاعتبارية للشركة الفعلية

    ذهب الاجتهاد القضائي الفرنسي إلى عدم الاعتراف للشركة الفعلية بشخصية اعتبارية، وبالتالي بذمة مالية مستقلة عن ذمة الشركاء .

    ورتب على ذلك أنه ليس لدائني الشركة حق أفضلية بالنسبة لدائني الشركاء الشخصيين على موجودات الشركة في استيفاء ديونهم، وتوزع هذه الموجودات، قسمة غزماء، بين دائني الشركة ودائني الشركاء الشخصيين، كما يحق لدائني الشركاء الشخصيين أن يعارضوا في شهر إفلاس الشركة الفعلية إذ يؤدي شهر الإفلاس إلى منح دائني الشركة حق أفضلية بالنسبة لدائني الشركاء الشخصيين.

    ونرى بأن المشرع السوري حاد عن هذا الموقف عندما أجاز للغير الحق في التمسك بوجود الشركة ومطالبتها بتنفيذ الالتزامات التي رتبتها العقود عليها ، وبذلك فقد اعترف لها المشرع بالشخصية الاعتبارية إلى أن تصفى وبالقدر اللازم لتصفية أعمال الشركة التي حكم ببطلانها وذلك حتى تتمكن من تأدية كل ما يلزم من تصرفات خلال فترة التصفية.

    وبناء على ذلك يجوز شهر إفلاس الشركة التي حكم ببطلانها إذا ما توقفت عن دفع ديونها التجارية سواء أكان ذلك التوقف عن الدفع سابقاً أو لاحقاً للحكم بالبطلان. وقد ذهبت محكمة النقض المصرية في هذا الاتجاه عندما قررت بأنه :

    ” إذا كان الثابت في الدعوى أن الشركة القائمة هي شركة تضامن لم تشهر ومن ثم فهي شركة فعلية وبالتالي فإن الشخصية المعنوية تثبت لها بمجرد تكوينها وتكون حصة الشريك في مالها غير شائعة” .

    كما أن الحكم بشهر إفلاس هذه الشركة يستتبع شهر إفلاس الشركاء المتضامنين فيها.

    وطبقا لما جاء في قانون الشركات بالمادة 4 التي تقضي باعتبار الشركة صحيحة بين الشركاء حتى تاريخ إقامة دعوى البطلان فإنه لا شك في اعتبار وجود شخصية للشركة خلال فترة وجودها الفعلية وحتى تاريخ إقامة الدعوى.

  • بطلان عقد الشركات التجارية

    يترتب على تخلف أحد الأركان الموضوعية أو الشكلية بطلان عقد الشركة.

    وتختلف طبيعة هذه البطلان وآثاره تبعا لأهمية الركن المتخلف. وتوضيحاً لما سبق علينا دراسة هذا البطلان من حيث أسبابه وآثاره مع بیان نظرية الشركة الفعلية.

    أسباب البطلان

    قد يكون بطلان الشركة بطلاناً مطلقاً أو نسبياً وذلك بحسب السبب الذي ينبني عليه، فإما أن يكون مبنياً على تخلف أحد الأركان الموضوعية العامة لعقد الشركة أو أن يكون مبنياً على تخلف أحد الأركان الشكلية لهذا العقد.

     أولاً – انتفاء الإرادة سبباً للبطلان المطلق :

    يترتب على انتفاء إرادة أحد الشركاء انتفاء تام بطلان الشركة بطلاناً مطلقاً.

    كما لو كان المتعاقد صغيرة غير مميز أو مجنوناً أو معتوهاً.

    وبالتالي فإن لكل ذي مصلحة التمسك بهذا البطلان دون الشخص الذي غرر بفاقد الإرادة ودفعه للتعاقد لأنه “لا يجوز للمرء أن يتمسك بفعله المشين”.

    وعليه يجوز لكل صاحب مصلحة وللغير، وحتى أنه يتوجب على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، ولا يصحح هذا البطلان بالتقادم لأنه من العيوب الدائمة.

    ويترتب على صدور حكم ببطلان الشركة اعتبار عقدها كأن لم يكن بالنسبة لجميع الشركاء. ويسترد كل شريك حصته في الشركة وبالتالي يفقد دائنو الشركة امتيازهم على دائني الشركاء الشخصيين في تحصيل ديونهم من الشركة، وعندها يتساوى هؤلاء الدائنين في مطالبة الشركاء بديونهم أيا كان سبب نشوء هذا الدين.

    على أنه إذا انتفت الإرادة عند المكتتبين باسم شركة المساهمة فإن هذا السبب لا يؤدي إلى بطلان عقد الشركة، وإنما يؤدي إلى بطلان عقد الاكتتاب، وبالتالي يسترد المكتتب قيمة الأسهم التي اكتتب بها وتبقى الشركة قائمة، على أنه إذا كان بطلان الاكتتاب يؤدي إلى تدني رأسمال الشركة المكتتب به دون الحد الأدنى القانوني، رغم استنفاذ الآلية القانونية لتمديد عملية الاكتتاب، فإن ذلك يؤدي إلى بطلان الشركة.

    ثانياً – البطلان المؤسس على عيوب الرضا:

    إذا شاب رضا أحد الشركاء، وقت التعاقد، عيب من عيوب الرضا كالغلط أو التدليس أو الإكراه أو كان ناقص الأهلية، كان العقد قابلاً للبطلان، أي أن بطلان الشركة يكون بطلاناً نسبياً، وبالتالي فإنه مقرر لمصلحة من شاب عيب رضاه أو كان ناقص الأهلية.

    وعليه لا تسمع الدعوى إلا من هذا الشريك أو من نائبه القانوني أو من خلفه العام أو الخاص أو دائنه الشخصي.

    وتسقط دعوى البطلان في هذه الحالة، بإجازة العقد إجازة صريحة أو ضمنية (مادة 104 مدني)، أو بتقاعس الشريك الذي شاب العيب رضاه عن التمسك به بمضي سنة واحدة على زوال سبب البطلان أو انکشافه على ألا يجاوز ذلك 15 سنة من وقت التعاقد (مادة 141 مدني).

    وإذا حكم بهذا البطلان في شركات الأشخاص عدت الشركة شركة فعلية، وطبقت أحكام هذه الشركة في تصفية علاقة الشركاء فيما بينهم وتجاه الغير.

    ذلك أن النطق بالبطلان في شركات الأشخاص يؤدي إلى انهيار العقد برمته بالنسبة لكافة الشركاء، وذلك لأن شخصية الشريك في هذا النوع من الشركات محل اعتبار خاص عند التعاقد.

    ما لم يكن الشريك شريكا موصية في شركة توصية فإن إبطال مساهمته في الشركة لا يؤدي إلى بطلان الشركة.

    وفي شركات الأموال المساهمة أو محدودة المسؤولية، التي تقوم على الاعتبار المالي، فإن أثر البطلان يقتصر فقط على من شاب العيب رضاه ويظل العقد صحيحة ومنتجاً لآثاره، التي تتمثل في تكوين شخص اعتباري هو الشركة، بالنسبة لباقي الشركاء.

    ويحق بالتالي لهذا الشريك الذي تقرر البطلان لمصلحته أن يسترد مساهمته في رأسمال الشركة، ويطالب بالأرباح التي حققتها الشركة بنتيجة هذه المساهمة، بدعوى التعويض وفقا لأحكام دعوى الإثراء بلا سبب (مادة 180 مدني).

    وسواء أكان الشريك الذي تقرر لمصلحته البطلان شريكاً موصياً في شركة توصية أو شريك في شركة مساهمة أو محدودة المسؤولية، إذا كانت مساهمته في الشركة من الأهمية بحيث يؤدي إبطال الشركة إلى فقد محل الشركة أحد مقوماته الأساسية فإنه يقضي ببطلانها للسبب المذكور.

    ثالثاً – البطلان المؤسس على انتفاء المحل أو السبب:

    إذا انتفى محل الشركة (كما لو ألغي الترخيص الإداري أو الصناعي الذي أسست الشركة الاستثماره أو هلك المعمل المخصص لأعمال الشركة قبل انعقادها)، فإنه يترتب على ذلك بطلان الشركة بطلاناً مطلقاً. ويطبق نفس الحكم إذا كان محل عقد الشركة غير مشروع لمخالفته للنظام العام أو الآداب، كما لو تمثل في إدارة محل للدعارة أو الاتجار في المخدرات.

    وعليه يجوز لكل ذي مصلحة التمسك بهذا البطلان حتى حيال الغير حسن النية، بل ويجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.

    وتسري نفس الأحكام على انتفاء السبب أو إذا كان السبب مخالفة للنظام العام أو الآداب.

    ولا تسري في هذه الحالة أحكام الشركة الفعلية حيث يعود الشركاء إلى الحالة التي كانوا عليها قبل العقد وتعد الشركة كأن لم تكن أصلاً.

    غير أن بعض الفقه أثار مسألة الصعوبات الناجمة عن هذا البطلان بعد قيام المتعاقدين بتنفيذ التزاماتهم الناشئة عن عقد الشركة الباطل، كما لو أوفوا مثلا بالحصص التي تعهدوا بتقديمها.

    فما مصير هذه الحصص؟ وهل يجوز لهم استردادها؟

    قد يقال بعدم أحقيتهم في مثل هذا الاسترداد، لأن إبرامهم لعقد يعلمون مسبقاً أن محله ينصب على عمل غير مشروع، ينطوي على عمل شائن من جانبهم، والعمل الشائن لا يكسب صاحبه، كقاعدة عامة، أي حق ولا يصلح كسند للمطالبة القضائية .

    غير أن هذا القول لا يستقيم لما يفضي إليه من نتائج غير عادلة ومجحفة.

    إذ من شأنه أن يؤدي إلى إباحة إثراء المتعاقد الذي يحوز هذه الحصص على حساب المتعاقدين الآخرين، على الرغم من مشاركته لهم بالعمل الشائن. لذلك استقر الرأي الراجح على وجوب رد الحصص إلى أصحابها حتى لا يكون العمل الشائن مزية الأحد المتعاقدين تبرر له الحصول على كسب دون ما سبب يبرره.

    كما تثور الصعوبة أيضاً في حالة ما إذا تعامل الغير مع الشخص الاعتباري الفاسد وترتبت له حقوقاً تجاهه.

    ويعود سبب هذه الصعوبة أن البطلان هنا هو بطلان مطلق يجوز لكل ذي مصلحة التمسك به، بغض النظر عما إذا كان الغير حسن النية أو سيئها.

    فهل يجوز لأحد الشركاء المتعاقدين التمسك بهذا البطلان بمواجهة الغير حتى يتنصل من تنفيذ التزام يطالبه هذا الأخير بأدائه؟

    الرأي الراجح فقها أنه لا يجوز الاحتجاج في مواجهة الغير بالبطلان متى كان حسن النية، أي لا يعلم بسبب البطلان الذي ينخر في عقد تأسيس الشخص الاعتباري الفاسد، ومتى كان العقد الذي أبرمه مع هذا الشخص الاعتباري يقوم على سبب صحيح.

    أما إذا كان عالماً به وأجرى الاتفاق مع تصميمه على طلب إبطال العقد عندما يشاء متذرعا بهذا السب فلا تسمع أقواله طبقا اللمبدأ القانوني العام ” ليس لأحد أن يستفيد من مخالفته”.

    ونرى أنه يحق للغير المتضرر من هذا البطلان ولو كان عالما بسبب بطلان الشخص الاعتباري أن يعود على من تعاقد معه ويطالبه بإعادة الحال إلى ما كانت عليها قبل تعاقده معه، لأنه لا يمكن لنا أن نسمح بإثراء المتعاقد على حساب الغير.

    المطلب الثاني – بالنسبة لتخلف أحد الأركان الموضوعية الخاصة

    إن انتفاء مساهمة أحد الشركاء في رأس المال أو في إدارة المشروع المشترك يؤدي إلى بطلان عقد الشركة، إلا أن هذا البطلان لا يثير أي مشكلة بالمعنى القانوني الدقيق، لأن العقد في هذه الأحوال يستحيل أن يكون عقد شركة لفقدانه المقومات التي تجعله قادراً على تكوين شخص اعتباري يتمتع بكيان مستقل عن شخصية المتعاقدين، وعليه فإن تخلف تعدد الشركاء عدم تقديمهم الحصص أو عدم مساهمتهم في رأسمال الشركة يؤدي إلى بطلان عقد الشركة، ما لم تتوفر في العقد أركان عقد آخر (كالقرض لقاء نسبة من الأرباح والعمل لقاء نسبة من الأرباح مثلا).

    وبالتالي يجوز للقاضي أن يعتبر هذا العقد صحيحاً إذا توافرت فيه أركان عقد آخر، وإذا تبين أن نية المتعاقدين كانت تنصرف إلى إبرام هذا العقد وذلك عملا بالمادة 145 من القانون المدني.

    ولكن مشكلة البطلان تتجلى عند تخلف ركن المساهمة في الأرباح والخسائر.

    فإذا انتفى هذا الركن، كما لو تضمن العقد شرط من شروط الأسد، والتي تهدف إلى منع أحد الشركاء من الحصول على أي ربح أو إعفائه من تحمل أي خسارة لحق البطلان العقد برمته.

    وهذا البطلان مطلق يجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك به، ويجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.

    وخلافاً لهذا الحكم القانوني، نرى أن مثل هذا البطلان هو بطلان نسبي ويحق للشريك الذي حرم من الأرباح أو تضرر من إعفاء أحد الشركاء من الخسارة إثارته، بل وأبعد من ذلك، نرى بطلان الشرط واعتباره كأن لم يكن في العقد و اعتبار العقد صحيحاًة، وتطبيق حكم حالة عدم الاتفاق على الأرباح والخسائر، فيكون نصيب كل شريك في الأرباح والخسائر بنسبة مساهمته في رأسمال الشركة.

    هذا وكان أقر المشرع للشركاء في شركات الأموال تلافي دعوى البطلان بتصحيح العيب خلال فترة وجيزة بعد التمسك به.

    ونرى أنه يحق للغير المتضرر من هذا البطلان ولو كان عالما بسبب بطلان الشخص الاعتباري أن يعود على من تعاقد معه ويطالبه بإعادة الحال إلى ما كانت عليها قبل تعاقده معه، لأنه لا يمكن لنا أن نسمح بإثراء المتعاقد على حساب الغير.

     

    البطلان بسبب تخلف الأركان الشكلية

     

    يترتب على عدم اتخاذ الإجراءات الشكلية التي نص عليها القانون إما البطلان أو عدم نفاذ التصرفات التي فرض القانون شهرها.

    المطلب الأول: البطلان

    ذكرنا بأنه لا يحق للشركاء باستثناء شركة المحاصة إثبات الشركة فيما بينهم أو تجاه الغير إلا بعقد مكتوب.

    ويحق للغير عند الاقتضاء أن يثبت بجميع الوسائل وجود الشركة أو وجود أي نص يختص بها.

    على أنه للشركاء إثبات قيام الشركة المفتقرة لعقد خطي حيال بعضهم البعض، وحصراً بهدف حلها وتصفيتها بكافة وسائل الإثبات بما فيها البينة الشخصية.

    إما إذا لم يشهر عقد الشركة، وفقا للإجراءات المحددة قانونا حسب نوع الشركة، فإن الشركة تكون باطلة.

     وهذا البطلان يخرج عن نطاق القواعد العامة في البطلان المطلق من نواح أربعة:

    الأولى: أنه لا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، بل لابد من طلبه قضاء.

     الثانية: أنه لا يجوز للشركاء أن يحتجوا بهذا البطلان تجاه الغير، على أنه للغير الحق بالتمسك بالبطلان تجاه هؤلاء الشركاء.

    ذلك أن المشرع أجاز للغير ووفقاً لمقتضيات مصلحته التمسك بوجود الشركة ومطالبتها بتنفيذ الالتزامات التي رتبتها العقود عليها أو التمسك ببطلان الشركة واعتبار الأشخاص الذين تعاقدوا باسم الشركة مسؤولين بالتضامن عن الالتزامات الناتجة عن العقود المبرمة معه.

    فإن تمسك بعضهم بوجود الشركة وآخرون تمسكوا ببطلانها رجح بطلان الشركة عملاً بظاهر الحال ولأنه كان باستطاعة الغير تبين أسباب البطلان فيما لو بذلوا العناية الكافية في الوقوف على أوضاع الشركة.

    ويقع هذا التعارض في المصالح غالباً بين دائني الشركة الذين يتمسكون بوجودها لكي يتاح شهر إفلاسها أو الاستئثار بموجوداتها دون الدائنين الشخصيين للشركاء، وبين دائني الشركاء الشخصيين الذين يتمسكون ببطلانها ليتمكنوا من مزاحمة دائني الشركة في التنفيذ على موجوداتها.

     الثالثة: أن هذا البطلان يجوز تصحيحه بإتمام إجراءات الشهر تجنباً من الحكم ببطلان الشركة.

     الرابعة: أنه إذا حكم بقرار مبرم ببطلان الشركاء بناء على طلب أحد الشركاء فإن الشركة تعد صحيحة بالنسبة للماضي، ولا يحدث البطلان أثره بين الشركاء إلا من تاريخ قید دعوى البطلان في سجلات محكمة البداية المدنية.

    على أنه إذا ردت المحكمة دعوى البطلان، فإن أثر وحجية هذا الحكم يكون نسبياً مقتصراً على المدعي، لاحتمال تقدم مدع آخر بأدلة تتيح الحكم بالبطلان.

    بخلاف ما إذا قضت المحكمة بالبطلان، فإن أثر الحكم يسري على الجميع لأنه لا يتجزأ فلا يعقل زوال الشركة بالنسبة لبعضهم واستمرارها حيال الآخرين .

     المطلب الثاني: عدم النفاذ

    إن الشهر لا يرد فقط على عقد تأسيس الشركة وإنما يشمل كافة التعديلات التي تطرأ على عقد الشركة، وقد فرض المشرع على الشركاء أو مديري الشركة أو أعضاء مجلس إدارتها شهر هذه التعديلات، وقد تشمل التعديلات تعيين مدير جديد أو التصرف بأحد متاجر الشركة أو بتعديل الشكل القانوني للشركة أو طبيعة مسؤولية أحد الشركاء.

    فإذا لم تشهر هذه الواقعة، فإن هذه التعديلات لا تكون نافذة حيال الغير حسن النية.

    وطالما أن الشركاء طرفاً في تعديلات عقد تأسيس الشركة، فليس لهم الاحتجاج بعدم شهرها، ذلك أن الشهر يستهدف حفظ حقوق الغير لا حقوق الشركاء، وبالتالي فإن التمسك بعدم نفاذ هذه التعديلات يقتصر على الغير حسن النية الذي لا يعلم بها، إعمالا لأحكام السجل التجاري، وكذلك لما نصت عليه الفقرة الثامنة من المادة 32 من قانون التجارة

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1