الوسم: مستشار قانوني

  • جريمة إعاقة الوصول إلى الخدمة الالكترونية

    نصت المادة 17 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية على ما يلي:

    ( يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين والغرامة من مئة ألف إلى خمسمائة ألف ليرة سورية، كل من أعاق أو منع قصداً، بأي وسيلة كانت، الدخول إلى منظومة معلوماتية أو الشبكة، أو عطلها أو أوقفها عن العمل، أو أعاق أو منع قصدة، بأي وسيلة كانت، الوصول إلى الخدمات أو البرامج أو المواقع الإلكترونية أو مصادر البيانات أو المعلومات عليها). 

    و سنتناول الركن المادي والركن المعنوي لهذه الجريمة.

     أ- الركن المادي :

    يتمثل النشاط الجرمي في جريمة إعاقة الوصول إلى الخدمة بمنع الولوج إلى منظومة معلوماتية أو إلى الشبكة الإنترنت أو شبكة الهواتف النقالة، وقد تتخذ الإعاقة صورة تعطيل أو إيقاف الخدمة كلية مثل وضع برمجيات تمنع المستخدم من الدخول إلى منظومة معلوماتية أو الإنترنت مطلقاً، أو قطع الاتصال كلياً، وقد يكون تعطيل الخدمة جزئياً كما هي الحالة عندما يتم منع أو حجب الوصول إلى أحد المواقع الإلكترونية، أو منع وصول رسائل البريد الإلكتروني إلى الجهة المقصودة.

    ولم يشترط المشرع لارتكاب هذه الجريمة وسيلة معينة، فتتحقق هذه الجريمة مهما كانت الوسيلة الإلكترونية المستخدمة، فقد تتم الإعاقة عن طريق إتلاف البرمجيات أو تعديلها أو إلغائها أو محوها، وهذا ما دفع البعض إلى اعتبار أن هناك تداخل بين جريمة إتلاف المعلومات وجريمة إعاقة الخدمة، فتعديل المعلومات أو إلغائها أو محوها يعد من وسائل إتلاف المعلومات كما يعد من وسائل إعاقة الوصول للخدمة.

    إلا أنه من الناحية العملية يمكن أن نميز بين هذين السلوكين، إذ أنه من الممكن أن يكون هناك إتلاف للمعلومات والبرامج دون أن يترتب على ذلك إعاقة الدخول إلى النظام، كما في حالة محو بعض الملفات التي يحتوي عليها النظام دون أن يؤثر ذلك على وظيفته، والعكس أيضأ صحيح.

     حيث يمكن أن يحدث إعاقة لنظام الحاسوب باستخدام وسيلة منطقية دون أن يترتب على ذلك إتلاف لأي من المعلومات أو البرامج التي يحتوي عليها، كما هو الحال عند إدخال برنامج يشكل عقبة تحول دون الدخول إلى النظام دون أن يؤدي ذلك إلى إتلاف أي من المكونات المنطقية للحاسوب.

    ولعل هذا التميز ما دفع المشرع السوري إلى تجريم إعاقة الوصول للخدمة بنص خاص.

    ولابد من الإشارة هنا أنه لا يدخل في تطبيق هذه المادة الحالات التي تكون بها إعاقة الخدمة ذات طابع مشروع، كحجب موقع إلكتروني تنفيذا لقرار قضائي أو تنفيذا للإجراءات التي تتخذها الهيئة الوطنية لخدمات الشبكة في الأحوال التي يخولها القانون ذلك.

    ب- الركن المعنوي :

    جريمة إعاقة الوصول إلى الخدمة جريمة مقصودة تتطلب توافر القصد الجرمي العام بعنصرية العلم والإرادة.

     فيجب أن يعلم الجاني بأنه يقوم بإحدى الأفعال الواردة بالمادة 17 التي من شأنها أن تؤدي إلى إعاقة الوصول إلى الخدمة، وأن تتجه إرادته إلى هذه الأفعال وإلى النتيجة الجرمية المتمثلة بحرمان المجني عليه من الدخول إلى منظومة معلوماتية أو إلى الشبكة.

     أما إذا تمت إعاقة الخدمة نتيجة خطأ الفاعل العرضي فينتفي القصد الجرمي وتنفي بذلك الجريمة برمتها.

    ج- العقوبة:

    عاقب المشرع على جريمة إعاقة الوصول إلى الخدمة بعقوبة جنحوية الوصف وهي الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين والغرامة من مئة ألف إلى خمسمئة ألف ليرة سورية.

  • ماهو الانترنت وكيف نشأ ومن يتحكم به ؟

    ماهو الانترنت وكيف نشأ ومن يتحكم به ؟

    ماهية الإنترنت

    محامي

    يتطلب التعرف على ماهية شبكة الإنترنت، إلقاء الضوء على المراحل التي مرت بها هذه الشبكة منذ نشأتها. ثم معرفة آلية تنظيمها وكيفية عملها.

    أ- التعريف بالإنترنت

    إن الحديث عن الإنترنت يدفعنا للعودة إلى جذور هذه الشبكة منذ الستينيات؛ للتعرف على الأب الشرعي لها، ومتابعة مراحل نموها منذ الولادة، ثم استعراض التعريفات الفقهية التي تناولت شبكة الإنترنت، والتي تضمنت سمات هذه الشبكة.

    أولا- نشأة الإنترنت:

    نشأت فكرة الإنترنت نتيجة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفييتي في الستينيات، حيث كان المسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية يبحثون عن إجابة لسؤال كان يتبادر إلى أذهانهم، وهو كيف يمكن للمسؤولين في الولايات المتحدة الأميركية الاتصال فيما بينهم، في حال حدوث كوارث أو في حال حدوث هجوم نووي؟

    على إثر ذلك، عهدت وزارة الدفاع الأميركية في عام 1964 إلى وكالة مشاريع الأبحاث المتطورة (ARPA) بمهمة إنشاء شبكة من الحواسيب تكون قادرة على الاستمرار في العمل في حال حدوث مثل هذه الكوارث.

     وفي عام 1969، قامت وكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة، بإنشاء شبكة متخصصة لهذا الغرض حملت اسم أربانت (ARPANET) وهو اختصار Agency Advanced Research Projects وهو مركز أبحاث عسكرية وعلمية تابع لوزارة الدفاع الأميركية) ، وكانت هذه الشبكة التجريبية في البداية تربط أربعة حواسيب آلية ضخمة فيما بينها.

    في عام 1972، تم إيصال الأربانت إلى معظم الجامعات الأميركية، وفي عام 1973 بدأت الاتصالات الدولية بهذه الشبكة من إنكلترا و النروج.

    وهنا بدت الحاجة ملحة لإيجاد وسيلة تخاطب تسمح للحواسيب التي تعمل بلغات مختلفة بأن تتصل فيما بينها، فتم في هذا العام اكتشاف بروتوكول الإنترنت (TCP/IP) .

     في عام 1986، تم نقل تشغيل أربانت من وزارة الدفاع إلى شبكة مؤسسة العلوم الوطنية NSFNET إضافة إلى إدارة الطيران المدني والفضاء الأميركية، وكذلك إلى إدارة الطاقة، وبذلك أصبحت أربانت متاحة لجميع أشكال البحث العلمي.

    في عام 1990، ومع انهيار الإتحاد السوفيتي وانتهاء الحرب الباردة، لم تعد تجد وزارة الدفاع الأمريكية أن هناك فائدة في حصر استعمال هذه الشبكة في الأمور العسكرية فقط، فأطلقت حرية استخدامها، وبدأ نطاق استعمالها يتسع، وأصبح لها إدارة خاصة لا ربحية، ثم تحولت أربانت إلى الإنترنت Internet كتسمية جديدة.

    وفي عام 1991، تمكن مهندس الاتصالات الانكليزي تيم بيرنرز لي” من اختراع تقنية الويب w.w.w) world wide web) التي تساعد على تصفح المعلومات واستعراضها بسهولة على شبكة الإنترنت.

    ثانياً- تعريف الإنترنت:

    تعددت المحاولات الفقهية لتعريف الإنترنت، ومن هذه التعاريف:

    أن الإنترنت هي عبارة عن آلية اتصال مكونة من مفاتيح وأسلاك وأماكن تخزين للبيانات، ودواعم توصيل، و روابط اتصال، تعمل في بوتقة واحدة بفضل بروتوكول الإنترنت

    . (TCP/IP)

    وفي تعريف آخر بأنها شبكة الشبكات، حيث تتكون من عدد كبير من شبكات الحاسوب المترابطة والمتناثرة في أنحاء العالم، ويحكم ترابط تلك الأجهزة وتحادثها بروتوكول موحد يسمى بروتوكول تراسل الإنترنت .

    وهي أيضا من وجهة نظر تقنية إنسانية، بأنها تلك الوسيلة أو الأداة التواصلية بين شبكات المعلومات، دون اعتبار للحدود الدولية.

    والحقيقة إن جميع هذه التعاريف تعبر عن حقيقة الإنترنت، التي يمكن تعريفها ببساطة بأنها الشبكة تتألف من عدد كبير من الحواسيب المتوضعة عبر العالم، والمترابطة مع بعضها البعض، والتي تستخدم في تواصلها بروتوكول تراسل الإنترنت”.

    ثالثا – شبكة الإنترنت والوب (w.w.w):

    يظن الكثير من الناس بأن الإنترنت والوب W.W.W شيء واحد، غير أن ذلك ليس صحيحاً، لأن الإنترنت كما بينا هي عبارة عن شبكة تربط جميع شبكات الحاسوب المتصلة مع بعضها البعض.

    أما الوبw.w.w ، فهو أحد تطبيقاتها فقط، أو إحدى الآليات التي تستعمل في الاتصال.

    ( ال web. هو نسيج العنكبوت.وقد سميت به هذه التقنية من باب المجاز . والوب هو الاسم المعرب لهذه التقنية).

    فالإنترنت تحتوي على عدة تطبيقات ووسائل التواصل، مثل البريد الإلكتروني e-mail والماسنجر messenger والتي تستعمل في أفق الإنترنت، ولكنها ليست هي والإنترنت شيئا واحداً.

    فالإنترنت تشبه الطريق التي تكون بين المدن، في حين أن تلك التطبيقات المذكورة وعلى رأسها الوب، هي أنواع وسائل المواصلات التي تستخدم هذه البنية الأساسية، مثل السيارات أو الحافلات أو الدراجات النارية.

    وقد سبق وأشرنا بأن مهندس الاتصالات الإنكليزي “تيم بيرنز لي” هو من اخترع نظام الوب W.w.w، حيث يرتكز هذا النظام على بروتوكول (HTTP)) أي بروتوكول نقل النصوص الترابطية، الذي يسمح بربط مواقع الوب الموصولة بالشبكة فيما بينها والتجول فيها، وهو لا يعمل إلا بواسطة برامج تصفح خاصة.

    ب – تنظيم الإنترنت

    يتطلب التعرف على تنظيم الإنترنت، معرفة آلية عمل بروتوكول تراسل الإنترنت، ثم التعرف على الجهات التي تشرف على شبكة الإنترنت ودور هذه الجهات، خاصة الجهات المانحة للعناوين على الإنترنت، وهذا ما سنبحثه على التالي:

    أولاً- بروتوكول تراسل الإنترنت (TCP/IP )

    تعتمد آلية عمل شبكة الإنترنت، على وسيلة التخاطب الرقمي، وذلك بواسطة بروتوكولين رئيسيين هما:

    • بروتوكول التحكم في النقل TCP.
    • برتوكول الإنترنت IP.

    ويسميان في التطبيق، بروتوكول تراسل الإنترنت TCP/IP

    حيث يقوم بروتوكول التحكم في النقل TCP بتجزئة الرسالة المراد إرسالها إلى رزم من المعلومات، بحيث تحمل هذه الرزم معلومات تعريفية حول المرسل والمرسل إليه.

    أما بروتوكول الإنترنت IP، فهو مسؤول عن عنونة وترقيم وتوجيه الرسائل إلى عناوينها المقصودة، كما يقوم بمنح كل جهاز أو موقع على الشبكة رقماً معيناً، قد يصل إلى 32 رقماً حتى يتواصل مع بقية أطراف الشبكة.

    ونتيجة النمو المتزايد في المنظومات المتصلة بالشبكة، تم زيادة هذه الأرقام إلى 128 رقماً، وأي شبكة لا تستخدم هذين البروتوكولين لن تتمكن من الاتصال بالإنترنت.

    بناء على ذلك، فإن الرسالة على الإنترنت تتحرك حاملة العنوان المقصود، وتنقسم إلى رزم قد ينطلق كل منها في اتجاه ومسار معين، فإذا وجدت إعاقة، سلكت طريقة أخر. وتجري عند العنوان المقصود إعادة تكوين هذه الرسالة عن طريق تجميع الرزم المستلمة المكونة لها.

    ثانياً- الجهات المشرفة على الإنترنت:

    شبكة الإنترنت ليست ملكاً لأحد، ومن حيث المبدأ لا توجد هيئة رسمية وحيدة – حكومية أو غير حكومية- للإشراف على الإنترنت، ذلك لأن البنية الأساسية تدار بإشراف جهات غير حكومية، أخذت على عاتقها جعل الإنترنت مساحة حرة متاحة للجميع. وتتصدر هذه الهيئات جمعية الإنترنت (

    ISOC (Intermet Society، وهي مؤسسة أميركية أنشئت عام 1991، تهدف إلى تنسيق عمليات الاتصال والارتباط فيما بين الشبكات .

     أما الجهات التي تقوم بإدارة البنية الأساسية للإنترنت فهي:

    • الاتحاد الدولي للاتصالات ITU(13)، الذي يشرف على منظومات الاتصالات العالمية.
    •  منظمة الأيكان lcann، وهي تشرف على أسماء المواقع وعناوينها (أسماء النطاقات).

    ودون الدخول في الجدل حول مدى سيطرة هذه الجهات على الأركان الثلاثة للإنترنت حواسيب، وكابلات اتصال، وأسماء النطاقات، فإننا نكتفي بالقول بأنه:

    بدون هذه الأركان فلا حياة للإنترنت

    ثالثاً – العناوين على شبكة الإنترنت والهيئات المانحة لها:

    محامي جرائم الكترونية

    لكي يتم تبادل ونقل البيانات والمعلومات عبر الإنترنت، يجب أن يكون لكل حاسوب أو نظام موصول بالشبكة عنوان خاص به وهوIP address، يسمح بالتعرف عليه وتعيين مركزه، كما هي الحاجة لمعرفة عنوان المرسل والمرسل إليه في البريد العادي.

    وقد ذكرنا سابقاَ بأن الإنترنت تمنح كل جهاز أو موقع على الشبكة عنواناَ معيناَ يصل إلى 32 رقمة وقد يصل إلى 128 رقماَ، وبسبب طول هذه الأرقام، فإن مسألة تذكرها واسترجاعها أضحى أمر عسيراً، لذلك فقد تم اختراع نظام أسماء النطاقات التي تعبر عن هذه الأرقام، فبدلاً من أن تدخل الرقم الطويل، يكفي أن تكتب مثلا: www.tareq.com ، و أن تنقر عليها نقرة واحدة، وبفضل نظام يعرف ب http على الوب، سيتحول الاسم إلى العنوان الرقمي حتى يستكمل التواصل عبر الشبكة.

    وخلال هذه الرحلة يمر العنوان عبر مخدمات عملاقة(المخدم server، هو عبارة عن حاسوب بمواصفات عالية، مزود بذاكرة كبيرة، وقنوات وأدوات اتصال) ، مهمتها التعرف على هذه الأسماء وتمريرها.

    ويمر أي اتصال في الشبكة بواحد من هذه المخدمات العملاقة وتعدادها ثلاثة عشر على مستوى العالم، فإن تعرفت عليه تواصل مع غيره، وإن لم تتعرف فلن يغادر الجهاز المرسل منه.

    ويطلق على عنوان الإنترنت IP address، تسمية عنوان البريد الإلكتروني إذا كان يتعلق ببريد إلكتروني، ويسمي اسم النطاق إذا كان يختص بعنونة مواقع الوب.

    وهناك معیاران لتقسيم أسماء النطاقات، هما: المعيار الجغرافي، والمعيار النوعي.

    فبالمعيار الجغرافي، تعطى كل دولة رمزا من حرفين للدلالة عليها مثل sy. لسورية، و eg. لمصر، وuk. للملكة المتحدة، وfr. لفرنسا… وذلك باستثناء الولايات المتحدة الأميركية، حيث لا تحتاج مواقعها إلى تعريف جغرافي. وعلى ذلك فإن اسم أي نطاق لا يحمل تعريفة جغرافية سيكون حتما مسجلاً في الولايات المتحدة الأميركية.

    أما المعيار الثاني فهو يتعلق بنوع النشاط، ويضم تقسيمات سارية على مستوى العالم مثل edu. للجهات التعليمية، و gov. للجهات الحكومية، وcom. للجهات التجارية وغيرها، باستثناء اسم int. فهو محجوز للهيئات الدولية .

    ولا بد من الإشارة إلى أن كل دولة موصولة بشبكة الإنترنت، تكون مسؤولة عن إدارة النطاق الخاص بها، كما يمكن أن تخلق نطاقات ثانوية ضمن نطاقها الأساسي، كأن تخلق مثلا نطاقا ثانوية باسم gov، للدلالة على المواقع الحكومية في القطاع الأساسي sy. الذي يشير إلى الدولة السورية .

    أما بالنسبة إلى الهيئات المانحة للعناوين على الشبكة، فهناك لجنة تسمى لجنة منح الأرقام على الإنترنت، وتعرف ب IANA، وهي تتولى تنظيم عناوين المواقع في النطاقات التي ترمز إلى أسماء الدول، في حين أن صلاحية منح العناوين المستقلة يقع تحت إشراف “الآيكان”، وهي شركة أميركية خاصة لا تبتغي الربح تأسست في أيلول عام 1998، مركزها ولاية كاليفورنيا، وتتعامل مع العديد من الهيئات المتخصصة في عملية التسجيل الموزعة حول العالم .

  • كيف يتم التكييف القانوني لعقد الأمانة وهل يمكن استبداله؟

    1-تكييف عقد الأمانة:

     إن تكييف العقد يعتبر من عمل محكمة الموضوع التي عليها أن تبحث عن الإرادة المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ، والمحكمة غير مقيدة بالوصف الذي يعطيه المتعاقدان الاتفاقهما، فالعبرة بالمقاصد و المعاني لا بالألفاظ والمباني.

    فعندما تكشف المحكمة عن إرادة المتعاقدين فعليها أن تكيفها بعد ذلك التكييف القانوني الصحيح دون أن تتقيد بما يخلعه أطرافه عليه من وصف غير صحيح.

    و المثال على ذلك أن عقد القرض ليس من العقود الائتمانية، فإذا أقرض شخص أخر مبلغا من المال، ولكي يضمن سداده اتفق مع المدين على تسمية العقد بالوديعة حتى يعاقب المدين إذا أخل بالتزامه، فإن هذا التكييف لا يقيد المحكمة التي لها أن تعتبر العقد قرضا، فلا تقوم تبعا لهذا جريمة إساءة الائتمان .

     إذن فالمقترض لا يعد مسيئا للائتمان إذا امتنع عن رد المبلغ في الميعاد المحدد، ولو كان ثابتا في الاتفاق بينه وبين المقرض أنه يحوز المبلغ على سبيل الوديعة.

     ولكن ألا يمكن اعتبار عقد القرض المخفي بعقد وديعة مشمولا بنص المادة 657؟

    إذا عدنا إلى نص هذه المادة نلاحظ أنها نصت على كل من تصرف بمبلغ من المال أو بأشياء أخرى من المثليات سلمت إليه لعمل معين…”.

    والعمل المعين هنا يتضمن الوكالة و المقاولة والنقل والخدمات المجانية، وبالتالي يستبعد من نطاق شمولها العقود التي لا تتضمن القيام بعمل معين كالوديعة.

     لذلك نرى أن عقد القرض المخفي بعقد الوديعة يدخل ضمن نطاق المادة 656، باعتبارها تشمل الأشياء القيمية والمثلية في آن واحد، ومنها النقود.

    وكي تقوم جريمة إساءة الائتمان في هذه الحالة يجب أن تسلم النقود على وجه الوديعة وليس على وجه التصرف.

     فالتسليم في إساءة الائتمان يجب أن يكون للحيازة الناقصة وليس للحيازة التامة.

    ومثالها أن يطلب شخص من أخر أن يودع لديه مبلغاً من المال لمدة معينة.

     فعقد الوديعة لا يعطي للمؤتمن سلطة التصرف بالمال، فإذا تصرف به اعتبر مسيئاً اللائتمان. بينما في عقد الوديعة الذي يخفي عقد قرض، فهذا عقد القرض يعطي للمدين صلاحية التصرف بالمال وإعادة قيمته حين انتهاء أجل القرض، لأن التسليم فيه ينقل الحيازة التامة.

    نخلص بالنتيجة إلى أنه إذا ثبت للمحكمة أن العقد ليس من عقود الأمانة، فلا تصح إدانة المدعى عليه بإساءة الائتمان ولو بناء على اعترافه الصريح بأن العقد وديعة متى كان ذلك مخالفا للحقيقة.

     فعلى المحكمة في حالة القرض المستتر بوديعة أن تعطي الوصف الحقيقي للعقد في هذه الحالة باعتباره عقد قرض وليس عقد وديعة، واستبعاد شمول جرم إساءة الائتمان لهذه الفرضية. وبذلك استقر رأي الهيئة العامة لمحكمة النقض السورية بأنه يجب على المحكمة الناظرة بدعوى متعلقة بجرم إساءة الأمانة أن تتأكد من أن المدعى عليه قد استلم المبلغ على سبيل الأمانة فإن لم يستلم المبلغ على سبيل الأمانة وإنما استلمه کدين شخصي فإن الركن الأساسي لجرم إساءة الائتمان، وهو كتم الأمانة ،ينتفي، والمحكمة إذا لم تتنبه و تتأكد من هذه النواحي تكون مرتكبة للخطأ المهني الجسيم .

    وتكييف العقد وإعطاءه الوصف الصحيح من قبل محكمة الموضوع يخضع لرقابة محكمة النقض التي يكون لها الرأي النهائي في ذلك.

    2- استبدال عقد الائتمان:

    للطرفين مطلق الحرية في استبدال عقد بأخر، فالعقود كما تنشأ بالتراضي تنتهي كذلك به.

     فقد يتفق الطرفان على استبدال عقد الأمانة القائم بينهما بعقد أخر، فلا صعوبة في الأمر إذا استبدلاه بعقد أمانة أخر، كأن يكون العقد الأول إيجار فيحل محله عقد وديعة، لأن التصرف في المال محل العقد الجديد تقوم به جريمة إساءة الائتمان.

     أما إذا استبدل عقد الأمانة بعقد غير ائتماني، کاستبدال عقد الإيجار بعقد البيع، فلا تقوم جريمة إساءة الائتمان عند التصرف بالمال، لأن عقد البيع ينقل الحيازة التامة وليس الناقصة.

    بيد أنه كي ينتج العقد الجديد أثره في عدم وقوع الجريمة لا بد من توافر شرطين:

    . أن يكون الاستبدال جدياً. .

     أن يتم الاستبدال قبل وقوع الجريمة.

  • ماهو عقوبة الاحتيال بمناسبة إصدار أسهم أو سندات؟

    نصت المادة 642 من قانون العقوبات على ظرفين مشددين للاحتيال، بقولها: تضاعف العقوبة إذا ارتكب الجرم في إحدى الحالات الآتية:

      أ- …………

     ب- بفعل شخص يلتمس من العامة ما لإصدار أسهم أو سندات أو غيرها من الوثائق لشركة أو لمشروع ما”.

    إن علة تشدید عقاب هذا الاحتيال تتمثل في أنه لا يمس مجني عليه معين بذاته، بل يتخذ من الكافة مجني عليهم.

    فضلاً عن أنه ينال بالضرر صغار المدخرين الذين ينطلي عليهم الخداع، لاسيما وأن المحتال يلجأ عادة إلى وسائل النشر العامة. إضافة إلى أن هذا النوع من الاحتيال يؤدي إلى إضعاف ثقة الجمهور في قواعد إصدار الأسهم و السندات وما إليها، ويزعزع الاقتصاد الوطني .

     وهذه الحالة تفترض أن يلتمس المحتال مالا من العامة لإصدار أسهم أو سندات أو غيرها من الوثائق لشركة أو المشروع ما.

    فيشترط إذا لتوافر هذا الظرف المشدد أن يتوجه المحتال إلى عامة أو كافة الناس دون تخصیص، بالتالي لا يكفي التوجه إلى أشخاص معينين لتوافر هذا الظرف.

     و شرط التوجه إلى العامة يفترض أن يستخدم المحتال وسيلة من وسائل العلانية حتى يمكن القول بأنه يتوجه إلى كل الناس.

     ومن أمثلة وسائل العلانية الصحف والإذاعة والتلفاز، أو لصق الإعلانات على الجدران أو توزيع منشورات في الطريق العام .

     و تطبيقاً لذلك تنتفي وسيلة العلانية، وينتفي تبعاً لها الظرف المشدد، إذا استخدم الفاعل للاتصال بالناس وسائل خاصة كالمراسلات أو الزيارات المنزلية لعدد محدود من الناس.

    ويشترط أخيراً أن يكون الغرض من الاحتيال تمويل عملية الإصدار أسهم أو سندات أو أي وثائق أخرى.

    والإصدار معناه الدعوة إلى الاكتتاب في الأوراق المالية المطروحة للتداول سواء بقصد إنشاء شركة جديدة أو زيادة رأسمال شركة قائمة بالفعل.

     وتطبيقاً لذلك ينتفي الظرف المشدد إذا كان هدف المحتال هو بيع أو رهن أسهم أو سندات موجودة من قبل، إذ ليس من شأن ذلك جلب رأسمال جديد.

  • الاحتيال عن طريق تلفيق أكذوبة أيدها شخص ثالث مع أمثلة عنها

    هذه الوسيلة الثانية من وسائل الاحتيال التي عددتها المادة 641، وعبرت عنها بعبارة

     “تلفيق أكذوبة أيدها شخص ثالث ولو عن حسن نية.

     وكما أشرنا سابقا بأن الوسيلة الأولى، وهي استعمال الدسائس، تشكل النموذج العام للكذب المدعم بمظاهر خارجية، وهذا المظاهر يجب أن تتمثل بأشياء مادية أو بشخص الفاعل نفسه دون سواه.

    أما هذه الوسيلة الثانية فتشكل نموذجاً خاصاً للكذب المدعم بمظاهر خارجية، وهذه المظاهر لا تتمثل إلا بتدخل شخص ثالث.

    ولا ريب في أن الإنسان يتشكك عادة بالمزاعم الصادرة عن شخص واحد، ويزداد تشككه حين يكون من شأن تصديق هذه المزاعم تجريده من بعض ماله.

     إلا أن تدخل شخص أخر يؤيد مزاعم المحتال يجعل من هذه الإدعاءات أقرب إلى التصديق من قبل المجني عليه، لاسيما إذا كان هذا الشخص يبدو محايداً لا مصلحة له من تدخله، أو إذا كان ظاهر الحال يوحي بأنه ليس له مصلحة في الكذب، أو كان يبدو من تدخله الرغبة في الخير أو في تحقيق مصلحة المجني عليه على وجه الخصوص.

    ويشترط لاعتبار الاستعانة بشخص ثالث من وسائل الاحتيال شرطان :

    الأول:

    أن يكون المحتال هو الذي حمل الشخص الثالث على التدخل ودفعه إلى تأكيد أكاذيبه. أما إذا تدخل هذا الشخص تطوعا لتأييد هذه الأكاذيب، فإن هذا التدخل لا يشكل هذه الوسيلة الاحتيالية، ولا تقوم مسئولية الفاعل في هذه الحالة لأن فعله لم يخرج عن حدود الكذب المجرد الذي لا يرقى لمرتبة الوسائل الاحتيالية .

     وعندما يحمل المحتال شخص ثالثاً على التدخل لتأييد كذبه تقوم هذه الوسيلة الاحتيالية سواء أكان الشخص الثالث غريبة حسن النية أو كان شريكا للفاعل.

     وتطبيقاً لذلك إذا أيد شخصان كل منهما الآخر في أنه قادر على استحضار الأرواح ومخاطبة الجن، وأكد كل منهما صحة مزاعم الأخر في أنه قادر على ذلك، فإن هذا التأييد يعتبر من قبيل تدخل شخص ثالث، ويعتبر الشخصين فاعلين أصليين لجرم الاحتيال.

    أما إذا زعم أحدهما هذه القدرة و أيده الأخر مع علمه بكذبه، فالأول فاعل و الثاني شريك.

     أما إذا كان الشخص الثالث حسن النية، وكان هو الأخر مغشوشاً ومخدوعاً بكذب المحتال، فيقوم الجرم على الفاعل ولا يسأل الشخص الثالث.

    إلا أنه يشترط دائما لقيام هذه الوسيلة الاحتيالية أن يكون الشخص الثالث قد تدخل بسعي المحتال وتدبيره وإرادته لا من تلقاء نفسه بغير طلب أو اتفاق.

     والثاني:

    أن يضيف الشخص الثالث بتدخله إلى مزاعم المحتال شيئاً جديداً يجعل هذه المزاعم أكثر ثقة وأحرى بالقبول لدى المجني عليه.

    أما إذا كان هذا الشخص مجرد رسول يبلغ المجني عليه أكاذيب المحتال دون أن يضيف إليها شيئا من عنده، فلا تتوفر بتدخله هذه الوسيلة الاحتيالية لأن تدخله لم يشكل سوى ترديد الأكاذيب الفاعل، ولم يضف شيئا جديدة عليها. لكن الوضع يتغير وتتحقق هذه الوسيلة إذا تجاوز الرسول حدود مهمته وأضاف أقوالا صادرة عنه ولها ذاتيتها المستقلة عن أكاذيب المحتال، مما عزز ودعم هذه الأكاذيب وكان لها تأثير في تصديق المجني عليه لها ووقوعه في حبائل المحتال يتسليمه مالا بناء على هذا التدخل.

    نخلص من ذلك أنه لا بد لقيام هذه الوسيلة الاحتيالية من أن يكون تدخل الشخص الثالث قد حصل بسعي المحتال و تدبيره، وأن يكون هذا التدخل صادرة عن شخص المتدخل وليس مجرد ترديد الأكاذيب المحتال .

    ومتى توفر هذان الشرطان فلا أهمية بعد ذلك للطريقة التي تم بها تدخل الشخص الثالث، فقد تكون مباشرة في صورة القول الشفوي الذي يصدر عن هذا الشخص أثناء حديث المحتال مع المجني عليه، وقد تكون غير مباشرة في صورة الاتصال بالمجني عليه بأية وسيلة كانت بالكتابة أو بالهاتف أو بأية وسيلة اتصال أخرى .

     ويستوي في قيام هذه الوسيلة أن يكون الشخص الثالث مستخدمة لدى المحتال أو أن يكون وكيلا له، أو أن يكون وكيلا للمجني عليه، أو أن لا تكون له صلة بهما أصلاً.

     كما يستوي أن يكون الشخص الثالث حسن النية مخدوعا هو الأخر بأكاذيب المحتال، وسخره المحتال لمصلحته، أو أن يكون سيء النية تدخل إضرارا بالمجني عليه.

  • جرم الاحتيال و أركانه وعقوبته في القانون السوري

    الاحتيال

    لم يعرف المشرع السوري الاحتيال كما عرف السرقة، وإنما اكتفى بنص المادة 641 من قانون العقوبات بذكر الوسائل أو الطرق التي يقع بها، بمعنى أن الاستيلاء على المال لا يعتبر احتيالا إلا إذا حصل بإحدى هذه الوسائل حصرا.

     ويعرف الفقه الاحتيال بأنه “الاستيلاء بطريق الحيلة أو الخداع على مال مملوك للغير بنية تملكه”.

     إذن يتمثل الاحتيال بلجوء الفاعل إلى الحيلة والخداع، تجاه المجني عليه، مستخدما إحدى الطرق التي حددها المشرع، فيقع المجني عليه في الغلط فيسلمه ما معتقد بأن مصلحة له ستتحقق من خلال هذا التسليم.

    فغاية أو هدف الاحتيال هو الاستيلاء على مال، ومن ثم لا يقوم الاحتيال إذا كانت غاية الفاعل بخداع المجني عليه الحصول على شيء لا يعتبر مالا، كما لو استهدف الفاعل بخداعه لفتاة النيل من عرضها أو حملها على قبول الزواج به.

    أما نص المادة 641 من قانون العقوبات فجاء كما يلي

     “1- كل من حمل الغير على تسليمه مالاً منقولاً أو غير منقول أو أستادا تتضمن تعهدا أو إبراء فاستولى عليها احتيالا:

    إما باستعمال الدسائس.

    أو بتلفيق أكذوبة أيدها شخص ثالث ولو عن حسن نية.

    أو بظرف مهد له المجرم أو ظرف استفاد منه.

    أو بتصرفه بأموال منقولة أو غير منقولة وهو يعلم أن ليس له صفة للتصرف بها.

    أو باستعماله اسم مستعار أو صفة كاذبة.

    عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وبالغرامة من مائة إلى خمسمائة ليرة.

     2- يطبق العقاب نفسه في محاولة ارتكاب هذا الجرم”.

    بتحليل هذا النص يتضح أنه يتضمن بيانا لأركان الاحتيال، وتحديد حصرية لوسائله أو طرقه، والأموال التي يقع عليها، والعقوبة التي تفرض على مرتكبه، وهي ذاتها التي تفرض على الشروع فيه.

     

    الاحتيال والسرقة

    تتفق جريمة الاحتيال مع جريمة السرقة في أن كلاهما تنطويان على اعتداء على ملكية الغير، وأن هدف الاعتداء هو تملك المال المستولى عليه.

    بيد أن الفارق بينهما يظهر في محل الجريمة وفي النشاط الجرمي.

    فمحل جريمة السرقة لا يكون إلا ما منقولا، أما محل جريمة الاحتيال فقد يكون ما منقوط أو عقارة (علما بأن الاحتيال في التشريع المصري يطلق عليه وصف النصب، و محله لا يكون إلا مالاً منقولاً) نص المادة 336 من قانون العقوبات.

    أما النشاط الجرمي فيتمثل في السرقة بفعل الاستيلاء على المنقول عن طريق أخذه خلسة أو عنوة دون رضاء حائز .

    بينما يتمثل النشاط الجرمي في الاحتيال بفعل الخداع الذي يؤثر على إرادة المجني عليه فيوقعه في غلط يدفعه إلى تسليم المال إلى المحتال.

    إذن، في الاحتيال يتسلم المحتال المال من المجني عليه بإرادته ورضاه، إلا أن هذه الإرادة مشوبة بغلط نتيجة لخداع المحتال.

     

    الاحتيال والتدليس

    يقترب الاحتيال أيضاً من مفهوم التدليس في القانون المدني فكلاهما يتضمن نشاطا غايته إيقاع شخص في الغلط. بيد أن هذا الاقتراب يتوقف عند هذا الحد.

     فالتدليس في المفهوم المدني يتمثل بقيام شخص بالغش والكذب على أخر اليحمله على إبرام عقد أو على إجراء تصرف قانوني بوجه عام، سواء أكان من شأنه إنشاء حق عيني أو شخصي أو تعديله أو نقله أو انقضاءه.

     فدائرة التدليس تتسع لتشمل كل تصرف قانوني، وهو يقوم بمجرد الكذب العادي أو مجرد الكتمان أو السكوت قصدأ كسلوك سلبي.

    والتدليس مجرد عيب من عيوب الرضا يستتبع بطلان العقد أو التصرف، ويوجب التعويض.

    أما الاحتيال فغايته الاستيلاء على مال الغير بالذات بإحدى الطرق التي حددها المشرع، و هو لا يقوم بمجرد الكذب العادي أو مجرد السكوت بل لا بد أن يكون مدعمة بمناورات احتيالية.

    فدائرة الاحتيال إذن تقتصر على التصرفات التي تتيح للفاعل الاستيلاء على المال وتملكه.

    فهو إذن وسيلة للاعتداء على الملكية.

    واستنادا لمفهوم الاحتيال الوارد في المادة 641، فإن دراسته تقتضي منا تفصيل أركانه، ومن ثم بیان عقابه.

     – أركان جريمة الاحتيال – عقاب جريمة الاحتيال

     

    أركان جريمة الاحتيال

    تقوم جريمة الاحتيال على ثلاثة أركان: ركن محل الجريمة، وركن مادي، وركن معنوي.

    أما ركن المحل فهو الموضوع الذي ينصب عليه النشاط الجرمي، والمتمثل بالمال المنقول أو العقار المملوك للمجني عليه، والركن المادي يتكون من فعل خداع يترتب عليه نتيجة وهي تسليم مال، وعلاقة سببية بين الأمرين.

     أما الركن المعنوي فقوامه القصد الجرمي الذي يتميز باشتماله على قصد خاص، متمثلا بنية تملك المال، إضافة للقصد العام.

    استنادا لذلك سنقسم الدراسة إلى ما يلي: – ركن المحل – الركن المادي – الركن المعنوي

    عقوبة جرم الاحتيال في القانون السوري

    حدد المشرع في المادة 641 من قانون العقوبات عقوبة الاحتيال البسيط، ثم نص في المادة 642 على طرفين مشددين ينبني عليهما مضاعفة عقوبة الاحتيال البسيط والعقاب في الحالتين ذو وصف جنحي. بالإضافة لهذا العقاب فقد نص المشرع في المادة 655 من قانون العقوبات على عقوبة إضافية أو فرعية تتمثل بنشر الحكم الصادر بالإدانة.

    عقاب الاحتيال البسيط

    تضمنت المادة 641 عقوبة الاحتيال البسيط وهي الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين والغرامة من مائة إلى خمسمائة ليرة.

    والجريمة على هذا الأساس جنحة، والجمع بين الحبس والغرامة، مبدئيا وجوبي.

    إلا أن ذلك لا يحول دون إمكانية الحكم بالغرامة فقط أو تحويل العقوبة الجنحية إلى عقوبة تكديرية إذا وجدت المحكمة في القضية أسبايا مخففة تقديرية، وذلك استنادا لنص المادة 244 من قانون العقوبات .

    إضافة لعقوبة الحبس والغرامة التي نصت عليهما المادة 641، أجازت المادة 655 من قانون العقوبات للقاضي أن يأمر في حالة تكرار الاحتيال بعقوبة إضافية، وهي نشر حكم الإدانة في جريدة أو جريدتين يعينهما القاضي .

    وقد سوى المشرع، في الفقرة الثانية من المادة 641، في العقوبة بين جريمة الاحتيال التامة وجريمة الشروع فيها.

     

    عقاب الاحتيال المشدد

    نصت المادة 642 من قانون العقوبات على طرفين مشددين للاحتيال، بقولها: تضاعف العقوبة إذا ارتكب الجرم في إحدى الحالات الآتية:

    أ- بحجة تأمين وظيفة أو عمل في إدارة عمومية.

    ب- بفعل شخص يلتمس من العامة ما لإصدار أسهم أو سندات أو غيرها من الوثائق لشركة أو لمشروع ما”.

    والأثر الذي يترتب على توافر أحد هذين الطرفين هو مضاعفة عقوبة الحبس والغرامة، وينصرف الأمر إلى الحدين الأدنى والأعلى معا، فتصبح العقوبة الحبس من ستة أشهر إلى أربع سنوات والغرامة من مائتي ليرة إلى ألف ليرة.

    وبالنظر إلى هذه العقوبة تبقى جريمة الاحتيال محتفظة بالطابع الجنحي، بالرغم من الخروج فيها على القواعد العامة في مدة الحبس عما هو مقرر في الجنح، ويبرر هذا الخروج نص المشرع صراحة على ذلك.

    فقد نصت المادة 51 من قانون العقوبات على أن

    ” تتراوح مدة الحبس بين عشرة أيام وثلاث سنوات إلا إذا انطوى القانون على نص خاص “.

  • جرم السرقة أثناء الكوارث والاضطرابات والحرب

    جاء النص على هذه السرقة المشددة في الفقرة الأولى من المادة 627، كما يلي:

    يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة:

     1- كل من ارتكب سرقة في حالة العصيان أو الاضطرابات أو الحرب أو غرق سفينة أو أية نائبة أخرى”.

    إن علة تشديد السرقة في هذه الحالة تتمثل، من جهة، في سهولة ارتكاب الجريمة في الظروف المذكورة بالنص، نظراً لانشغال الناس بالكارثة الحاصلة و عدم حماية أموالهم بالشكل المعتاد في الأحوال العادية، ومن جهة أخرى، في الروح الإجرامية الدنيئة لدى الشخص الذي يستغل مصائب الناس فيقدم على سرقة أموالهم بدل أن يساهم كغيره في مواجهة الكارثة.

    والملاحظ من النص أن التشديد مناطه الوحيد هو ارتكاب السرقة خلال زمن معين يتميز بظروف خاصة استثنائية  تجعل السرقة أشد خطورة.

     ولم يشترط النص أي ظرف أخر للتشديد، كالوسيلة المستخدمة أو صفة السارق مثلا.

     ويجب التحقق هذا الظرف المشدد أن يكون هناك ظرف استثنائي أو كارثة عامة، أورد المشرع أمثلة عنها، كحالة العصيان أو الاضطرابات أو الحرب أو غرق سفينة، ثم أردف ذلك بالعبارة العامة أو أي نائبة أخرى”، مثل الزلازل والفيضانات والبراكين والحرائق والأوبئة، وأن ترتكب السرقة أثناء الكارثة حتى يمكن القول أن السارق قد انتهز هذا الوضع الاستثنائي لارتكاب جريمته.

    ولقد حددت محكمة النقض السورية مفهوم الذائبة في قرار لها، فقضت بأن

     ” مفهوم النائية يعني تعرض مجموعة كبيرة من المواطنين لحادث يلفتهم عن الاهتمام بحماية أموالهم ولا يجوز التوسع بحيث يشمل الحوادث الفرعية”.

     بالتالي لا مجال للتوسع بمضمون النص الذي أتي على ذكر كوارث عامة لها صفة الشمول بأثرها البالغ على المجتمع الذي تقع فيه، ولا مجال لشمول هذا النص على الحوادث الفردية ذات الأثر المحدود.

    وتطبيقا لذلك فإن السرقة المرتكبة أثناء ثورة بركان أو خلال فيضان أو سيول جارفة أو إيان انتشار وباء تعتبر سرقات مرتكبة إبان نائبة عامة.

     وقد اعتبرت محكمة النقض السورية أن

     «وقوع السرقة في زمن إعلان الإدارة العرفية أو حالة الطوارئ لا يكفي لتطبيق هذا الظرف المشدد، لأن إعلان حالة الطوارئ لا يجعل البلاد في حالة  نائية عامة” .

    ولقد حدد المشرع عقوبة السرقة المرتكبة أثناء الكوارث بالأشغال الشاقة المؤقتة من ثلاث إلى خمس عشرة سنة.