الوسم: محامي عربي

  • الشركة القابضة ( تعريفها وأحكامها) بإختصار

     محامي-استشارة-قانونية

    مفهوم الشركة القابضة:

    تعد الشركة القابضة أحد مظاهر تجمع الشركات ووسيلة من وسائل التركيز الاقتصادي الذي ينشأ عن هذا تجمع، الذي قد يتم إما بتملك شركة أسهما في رأسمال شركة أخرى بما يجعلها تتدخل في إدارتها وتسيطر عليها وعلى القرارات التي تتخذها فتسمى الشركة المالكة للأسهم

    ” الشركة الأم Mother Company ” ” Société – Mere” ، وتسمى الشركة التي تخضع لهيمنتها وتتقيد بقراراتها ” الشركة التابعة” “( Filiale (subsidiary” ،

    وفي هذه الحالة يقوم المشرفون على الشركة الأم بتسيير أمور الشركة التابعة عن طريق حيازتهم أكثرية الأصوات في هيئاتها العامة أو انتخابهم في مجالس إدارتها.

    وتتحول الشركة الأم في أغلب الأحوال إلى شركة قابضة Holding Company يمكنها أن تقضي بسهولة على المنافسة بين المشروعات التي تقوم بنشاط مماثل .

    وعليه، فالشركة القابضة لا تستهدف القيام مباشرة بأي مشروع تجاري إنما ينحصر دورها في تملك رأسمال شركات أخرى والسيطرة على نشاطها.

    وقد حرص المشرع على تحديد المقصود من الشركة القابضة بنص المادة / 204/ التي تقضي بأن:

    ” الشركة القابضة هي شركة مساهمة يقتصر عملها على تملك حصص في شركات محدودة المسؤولية أو أسهم في مساهمة أو الاشتراك في تأسيس مثل هذه الشركات في إدارة الشركات التي تملك فيها أسهم أو حصص”.

    وبذلك فقد حصر المشرع السوري إمكانية سيطرة شركة قابضة على شركة تابعة إما بتملك أسهم في شركة مساهمة أو حصص في شركة محدودة المسؤولية أو باشتراكها في تأسيس شركات مساهمة أو محدودة المسؤولية وتشارك في إدارتها.

    وبذلك فإنه لا يجوز للشركة القابضة أن تتملك حصصاً في شركة تضامن أو توصية، وذلك لتفادي سيطرة شركة مساهمة تكوم مسؤولية المساهمين فيها محدودة على شركة تقوم على الاعتبار الشخصي وتكون مسؤولية الشركاء أو بعضهم غير محدودة.

    وقد نصت الفقرة الخامسة من المادة / 250/ شركات على عدم جواز تملك الشركة القابضة حصصا في شركات التضامن أو في شركات التوصية.

    أحكام الشركة القابضة

    ماهية الشركة القابضة

    بما أن الشركة القابضة هي شركة مساهمة فإنها تعد شركة تجارية بشكلها، وقد نص القانون على اعتبارها دائما شركة تجارية وتخضع لأحكام قانون التجارة (مادة1/205شركات).

    ويجب أن يتبع اسم الشركة عبارة ” شركة مساهمة قابضة” لتمييزها علن الشركات المساهمة التابعة لها.

    وإذا تملكت الشركة القابضة أكثر من نصف رأسمال شركة أخرى مساهمة أو محدودة المسؤولية فإن هذه الشركة تكون شركة تابعة للشركة القابضة.

    وعندها يجب على الشركة القابضة إعلام وزارة الاقتصاد بأن الشركة أصبحت تابعة لها، وذلك خلال ثلاثين يوماً من حدوث واقعة التملك والتبعية.

    وقد حظر المشرع على الشركة التابعة أن تتملك أي أسهم في الشركة القابضة (مادة 7/205) وذلك لتفادي استعمال الشركة القابضة أموالها المستثمرة في الشركة التابعة لاستثمارها في الشركة القابضة نفسها يما يترتب على ذلك من إفراغ العملية من محتواها وتعقيد علاقات الشركتين إحداهما مع الأخرى. 

    كما بين المشرع الغايات التي يجوز تأسيس الشركة القابضة من أجل تحقيقها، إدارة الشركات التابعة لها أو المشاركة في إدارة الشركات الأخرى التي تساهم فيها، واستثمار أموالها في الأسهم والسندات والأوراق المالية الأخرى.

    كما يجوز للشركة القابضة تقديم القروض والكفالات للشركات التابعة لها.

    تأسيس الشركة القابضة وإدارتها

    نصت المادة 207 على أن تطبق على الشركة القابضة جميع الأحكام الخاصة بالشركات المساهمة المنصوص عليها في هذا القانون وذلك في كل مالا يتعارض مع الأحكام المنصوص عليها بالنسبة للشركة القابضة.

    وبذلك فإن كافة الأحكام المتعلقة بتأسيس الشركة المساهمة وإدارتها وإنقضائها تطبق على الشركة القابضة، إضافة إلى وجوب مراعاة الأحكام الخاصة برأسمال الشركة القابضة الذي يجب ألا يقل عن خمسمائة مليون ليرة سورية، ويحدد بقرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الاقتصاد، وطبقا لذلك فقد تم تحديد رأسمال الشركات القابضة بمبلغ مليار ليرة سورية .

    أما بالنسبة لميزانية الشركة القابضة فقد أوجب المشرع أن تعد الشركة القابضة في نهاية كل سنة مالية ميزانية مجمعة وبيانات الأرباح والخسائر والتدفقات النقدية لها ولجميع الشركات التابعة لها وأن تعرضها على الهيئة العامة مع الإيضاحات والبيانات المتعلقة بها وفقا لما تتطلبه معايير وأصول المحاسبة والتدقيق الدولية المعتمدة (مادة 208 شركات).

  • الاختصاص في جرائم الانترنت في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا

    أولاً : الولايات المتحدة: 

    لجأ القضاء الأمريكي لحل مشكلة الاختصاص إلى مبدأ الاختصاص الشخصي “PERSONAL JURISDICTION ” المقرر في الدستور الأمريكي، والذي يجعل المحاكم الأمريكية تختص بنظر جرائم الإنترنت في حالتين، هما:

    الأولى: وجود مرتكب الجريمة في الدولة.

    الثانية: أن يكون لمرتكب الجريمة وجودة كافية في الدولة، أي أن يكون للجاني حد أدنى من الاتصال بالولايات المتحدة الأمريكية .

    وقد طبق القضاء الأمريكي مبدأ الاختصاص الشخصي بطرق متعددة.

    ويمكن تلخيص هذه الطرق ضمن ثلاث نظريات، هي:

    أ- نظرية الإطلاق أو امتداد النتيجة:

    في عام 1997، أصدر النائب العام في ولاية مينيسوتا” الأمريكية إعلاناً، يتضمن تحذيراً إلى مستخدمي ومزودي خدمة الإنترنت، حيث اعتبر الإعلان أن كل جريمة من جرائم الإنترنت، يمكن أن يصل بثها إلى ولاية مينيسوتا” تكون قوانين الولاية مختصة بها، حتى ولو ارتكبت الجريمة خارج حدود الولاية، بحيث يبدو الأمر كما لو قام الجاني بإطلاق الرصاص من خارج حدود الولاية على شخص داخل الولاية، فتكون قوانين الولاية مختصة في هذه الحالة.

    وقد طبق قضاء ولاية مينيسوتا” هذا المبدأ بشأن جريمة بث موقع الألعاب القمار عبر الإنترنت من “لاس فيغاس” بولاية “تيفادا”، والذي وصل بثه بطبيعة الحال إلى ولاية مينيسوتا.

     

    ب- نظرية الحد الأدنى للاتصال:

    لخصت المحكمة الاتحادية العليا في أمريكا المبادئ الأساسية للاختصاص القضائي، بأن من حق المحكمة ممارسة اختصاص قضائي شخصي على المتهم غير المقيم في الولاية، إذا كان هذا المتهم له صلات دنيا بالمجتمع، أو إذا كانت إقامة الدعوى عليه لا تؤذي فكرة المحاكمة العادلة.

    ويعود التطبيق الأول للاختصاص القضائي على الإنترنت المتعلق بفكرة الحد الأدنى للاتصال إلى عام 1996، وذلك في قضية نظرت في شمال أمريكا، وتتلخص وقائع هذه القضية بما يلي:

    أن شركة INSET SYSTEM المحدودة، وهي شركة مقرها في ولاية “كونيکيتكوت” Connecticut قامت برفع قضية سرقة علامة تجارية ضد شركة INSTRUCTION SET التي مقرها في ولاية ماساشوسيتش” Massachusetts، لأن هذه الأخيرة قامت بتقليد الموقع الإلكتروني للشركة الأولى وهو ( Inset.com)، حيث كانت الشركة المنتهكة لهذه العلامة تقوم عبر هذا الموقع بعرض بضائعها وخدماتها عبر الإنترنت، الأمر الذي أثار حفيظة الشركة المالكة لهذه العلامة التجارية.

    وقد تم رفع القضية في ولاية “كونيكتيكوت”، حيث طرحت المحكمة على نفسها السؤال التالي: هل يتوفر في هذه القضية الحد الأدنى للاتصال وفق معيار المحكمة الاتحادية العليا؟

    وقد قبلت المحكمة هذه القضية، وبررت قرارها بأن الشركة المعتدية وجهت نشاطها الإعلاني بشكل مقصود إلى ولاية “كونكيتكوت”، لذلك من المنطقي أن يتم الادعاء عليها هناك .

    كما استخدم القضاء الأمريكي في مسألة الاختصاص القضائي عبر الإنترنت معيار المواقع الإيجابية والمواقع السلبية، أو ما يعرف باختبار السلبية. ويقصد بالمواقع الإلكترونية السلبية المواقع التي تقدم المعلومات فقط، أما المواقع الإلكترونية الإيجابية فهي التي تقوم بالتفاعل مع زبائنها، حيث يعتبر الاختصاص القضائي منعقدة إذا كان الموقع إيجابي .

     وتطبيقا لذلك، فقد قامت شركة “بنسوسان” للمطاعم Bensusan Restaurant Corporation والتي تملك نادي ليلي باسم Blue Note مقره في “نيويورك”، وتملك علامته التجارية، برفع دعوى انتهاك لهذه العلامة ضد شخص يدعى “ريتشارد كينغ” Richard King، لأن هذا الأخير كان يدير نادية ليلية في میسوري” ويحمل ذات الاسم Blue Note. وقد أنشأ المدير المذكور موقع إلكترونية بهذا الاسم، لتقديم معلومات عن النادي وعن مواعيد الحفلات.

    وقد أقيمت الدعوى أمام محكمة نيويورك الفيدرالية، حيث قررت المحكمة بأنها غير مختصة بنظر الدعوى في ولاية نيويورك، وعللت قرارها بأن الموقع الإلكتروني للنادي الذي يديره السيد “كينغ” هو موقع سلبي غير فعال، لأن من يريد شراء التذاكر، كان عليه السفر إلى “میسوري”، لأن مكتب النادي لا يقوم بإرسال التذاكر بالبريد .

    نظرية الاستهداف:

    اعتمدت معظم المحاكم في الولايات المتحدة الأمريكية مبدأ الاستهداف في الاختصاص القضائي على الإنترنت، والذي يتطلب أن يستهدف الموقع الإلكتروني سكان ولاية ما.

    ففي عام 2001، رفعت شركة American Information Corp دعوى انتهاك علامة تجارية ضد شركة American Information المحدودة، وذلك أمام محكمة ولاية “ميرلاند”، التي قررت أنها غير مختصة قضائية بنظر هذه الدعوى، لأن نشاطات البيع لم تستهدف سكان الولاية عبر موقعها الإلكتروني.

    ومن الجدير بالذكر أن نقابة المحامين الأمريكية (ABA) ، قامت بإصدار دراسة عالمية حول الاختصاص القضائي للإنترنت، واقترحت بهذه الدراسة اعتماد مبدأ الاستهداف لحل مشكلة الاختصاص القضائي على الإنترنت .

    ثانياُ:  بريطانيا

    بموجب قانون إساءة استعمال الكمبيوتر لعام 1990، فإن القضاء البريطاني يختص بالجرائم التي ينص عليها هذا القانون إذا اقترفت ضمن الاختصاص الإقليمي، أي إذا كان حاسوب الجاني أو حاسوب الضحية داخل إقليم الدولة، كما تم إحداث اختصاصات قضائية حديثة بموجب قانون العدالة الجزائية البريطاني لعام 1993(19)، حيث تناولت هذه الاختصاصات معظم جرائم الاحتيال العابرة للحدود، وجرائم الابتزاز وغيرها .

    وفي إحدى القضايا المعروضة على القضاء البريطاني، تمت إدانة مواطن فرنسي مقيم في لندن، بجرم نشر المواد الفاحشة، حيث كان هذا الفرنسي يدير موقعة على الإنترنت مخصصاً للمثليين جنسياً.

    وقد دفعت جهة الدفاع بعدم اختصاص القضاء البريطاني، لأن هذا الموقع كان مستضافة على مخدم في الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن المحكمة الملكية أعلنت اختصاصها وأدانت المتهم، لأن هذه المواد الفاحشة تم نشرها في إنكلترا، كونها ظهرت على شاشة الحاسوب العائد لأحد الضباط المختصين في مكافحة هذه الجرائم في إنكلترا، ومن ثم فإن وصول البث إلى إنكلترا، يعد بمثابة ارتكاب الجريمة فيها .

  • الأعمال الدعائية والتحريض على ارتكاب الجرائم في الانترنت

    نصت المادة 29 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية على ما يلي:

    ( أ- يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات والغرامة من مئة ألف إلى خمسمئة ألف ليرة سورية، كل من قام بالتحريض أو بالترويج لارتكاب أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في القوانين الجزائية النافذة باستخدام الشبكة.

    ب- ولا تقل عقوبة الحبس عن سنة والغرامة عن مئتين وخمسين ألف ليرة سورية، إذا ارتكب الفعل المنصوص عليه في الفقرة (أ) من هذه المادة باستخدام الإنترنت).

    ويقصد بالتحريض وفق المادة 216 من قانون العقوبات، حمل أو محاولة حمل شخص بأية وسيلة كانت على ارتكاب جريمة.

     والواقع أن مفهوم التحريض وأحكامه المنصوص عليها في القواعد العامة لا يختلف عن مفهومه المراد به في هذه المادة، فمن يقوم بتحريض شخص آخر على القتل عبر شبكة الانترنت، يمكن ملاحقته وفق القواعد العامة بجناية التحريض على القتل،

    كما يمكن ملاحقته وفق نص المادة 29 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية بجنحة التحريض عبر الانترنت على ارتكاب هذه الجريمة، ففي هذا المثال نكون أمام حالة اجتماع جرائم معنوي وفق المادة 180 من قانون العقوبات، والتي توجب على القاضي ذكر جميع الأوصاف في حكمه، ثم أن يحكم بالعقوبة الأشد، وهي هنا جناية التحريض على القتل وفق القواعد العامة.

    أما الترويج فيقصد به، أعمال الدعاية على ارتكاب الجرائم التقليدية أو التعريف بطرق ارتكابها، فهو لا يرقى إلى مستوى التحريض،

    ومن الأمثلة على ذلك، إنشاء موقع إلكتروني على الانترنت للترويج لجريمة الاتجار بالأشخاص، ينشر من خلاله آلية ارتكاب هذه الجريمة وحجم عائداتها المالية،

    أو إنشاء موقع إلكتروني للترويج لجريمة غسيل الأموال، أو جريمة الاحتيال أو السرقة من أماكن سكن الناس، وغير ذلك من الجرائم، ففي جميع هذه الحالات يسأل الفاعل عن جريمة الترويج وفق المادة 29 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية مع تشديد المذكور في الفقرة ب لارتكاب الفعل باستخدام الانترنت.

    وفي قضية حديثة عرضت على القضاء تتلخص بقيام شخص بإنشاء حساب باسم مستعار على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، ثم قيامه بكتابة مقالات تتضمن إثارة النعرات الطائفية، بالإضافة إلى إرسال رسائل إلى عدة أشخاص تتضمن التحريض على التظاهر وارتكاب أعمال الشغب، وتحديد الزمان والمكان الذي يجب أن يتم التجمع به لارتكاب هذه الأعمال.

    وقد حركت الدعوة العامة بحق الفاعل بجرم التظاهر والتحريض عليه عبر الانترنت، وإثارة النعرات الطائفية عبر الانترنت .

  • شرط أن يكون المال مملوكاً للغير في جريمة السرقة

    القاعدة أن الإنسان لا يسرق ماله.

     فالسرقة هي اعتداء على الملكية، وهذا الاعتداء لا يمكن تصوره إلا إذا أصاب مالا غير مملوك للسارق.

     إلا أنه لا يكفي لقيام السرقة أن ينصب الاعتداء على مال غير مملوك للسارق، بل يجب أن يكون المال مملوكة للغير وقت الاستيلاء عليه.

    وبذلك يتحلل هذا الشرط إلى عنصرين: عدم ملكية السارق للشيء، وملكية الغير للشيء.

    أولا- أن يكون المال غير مملوك للسارق.

    السرقة جريمة من جرائم الاعتداء على المال بقصد تملكه.

    فلا يتصور إذن حصولها من مالك. ويبني على هذا أن من يستولي على ماله لا يكون سارقاً ولو اعتقد أن المال يملكه غيره.

     فإذا تسلل شخص إلى منزل عائلته وسرق منه مالاً مملوكاً لأبيه فإنه لا يعد سارقاً إذا تبين بعد ذلك أن الأب كان قد توفي وقت الاستيلاء على المال، وأن هذا الابن هو وارثه الوحيد.

    وإذا كان المال المملوك للمدعى عليه في حيازة غيره فاسترده خفية أو عنوة فلا تقوم بفعله سرقة.

    وعلى ذلك فالمؤجر الذي يستولي على الشيء المؤجر قبل انتهاء مدة عقد الأجار لا يعد سارقا ولو كان المستأجر قد أدى الأجرة كاملة.

    وينطبق هذا الحكم على المعير والمودع أيضا.

     فهؤلاء لا يعتبرون سارقين إذا استردوا أموالهم من حائزيها ولو كانت لهؤلاء الحائزين تجاه المالك حقوق تخولهم الاحتفاظ بحيازة المال، فهم يستولون على ما يملكون.

    وإذا كان الاستيلاء على المال في الحالات السابقة لا يعد سرقة، فمن باب أولى أن تأخذ نفس الحكم فرضية انتزاع المالك ماله ممن سبق له سرقته منه، لأن سرقة المال لا تجرد صاحبه حق ملكيته وإن سلبته حيازته.

     وعلى ذلك فالمالك حين يسترد ماله ممن سرقه لا يعد سارقاً لأنه يستعيد بفعله مالا يملكه ولا يستولي على مال مملوك للغير.

     إلا أن الأمر يختلف عند إقدام شخص على سرقة مال مسروق ممن سرقه.

    فهذا الشخص يعتبر بدوره سارقاً، لأن في فعله اعتداء على ملكية مالكه الشرعي، ولا عبرة بكون حائزه غير ذي حق، فالمجني عليه هو المالك..

    وتطبيقا لذات الحكم فإن من يستولي على أشياء غير مرخص للأفراد بحيازتها، كالمخدرات، يعتبر سارقا لها.

     فبالرغم من أن القانون لا يعترف بملكية حائزها لها، فهي محل الملكية عامة هي ملكية الدولة لها، إذ أن مصادرتها حتمية، ومن ثم فالفعل يشكل اعتداء لا شك فيه على هذه الملكية .

     إلا أنه إذا كان الفاعل لا يعاقب على الاستيلاء على ماله، فهذا لا يعفيه من المسئولية عن الأفعال التي قد يرتكبها في سبيل الحصول على ماله إذا كانت تشكل جرائم أخرى.

     فهو يؤاخذ على الإكراه أو العنف الذي يصاحب الفعل، أو على انتهاكه حرمة ملك الغير في سبيل الحصول على المال وهكذا.

    و إذا ثبت عدم ملكية المدعى عليه الشيء الذي استولى عليه فإنه يعد سارقاً له ولو كانت له حقوق تجاه مالك الشيء فقام بالاستيلاء على المال مقابل تلك الحقوق.

    فالدائن الذي يستولي على مال مملوك لمدينة وفاء لدينه يعتبر سارق ولو كان ما أخذه يساوي قيمة الدين .

    وكذلك المؤجر الذي يستولي على محصول الأرض المؤجرة أو بعض منقولات المستأجر مقابل الأجرة، والعامل في مصنع الذي يستولي على أدوات من المصنع نظير ما بقي له من أجر لدى صاحب العمل. والسبب في ذلك أن القانون قد نظم طرقا وإجراءات خاصة لاستيفاء الحقوق، وعلى صاحب الحق اللجوء إلى هذه الطرق لاستیفاء حقه.

    ويطبق هذا الحكم أيضا ولو كان الفاعل مالكا بطريق الاشتراك مع غيره.

    و على ذلك يعتبر سارقاً الشريك الذي يستولي على جزء من البضائع من الشركة أو على أي شيء من أشياء الشركة.

    والسبب في ذلك أن الشريك ليس بمالك للشيء المشترك ملكية خالصة حتى يقال أنه استولى على ملكه، وإنما  يشارك الشريك الأخر في كل جزئية من جزئيات المال المشترك.

    أما في ما يتعلق بالملكية الشائعة بالميراث، أي حالة مجموعة من الورثة يملكون على الشيوع مال المورث، فإن قيام أحد الورثة، قبل القسمة، بالاستيلاء أو التصرف بشيء من أشياء التركة الشائعة يعتبر سرقة برأي الفقه الجزائي استنادا لذات الحجة المتعلقة بالشراكة.

     فالوريث على الشيوع ليس بمالك للشيء ملكية خالصة، وإنما يشاركه الورثة الأخرين في ملكية كل جزئية من جزئيات المال المشاع.

    بيد أن المشرع السوري، والاجتهاد القضائي في سورية، يعتبر هذا التصرف إساءة للائتمان وليس سرقة.

     فلقد نصت المادة 850 من القانون المدني على أن يعاقب بعقوبة إساءة الائتمان كل من استولی غشاً على شيء من أشياء التركة ولو كان وارثا”.

    ومن التطبيقات القضائية بهذا الخصوص ما جاء في حكم محكمة النقض “أن السرقة هي أخذ مال الغير المنقول بدون رضاه، ولذلك فإن أخذ الوارث شيئا من أموال التركة لا يوصف بأنه سرقة لأنه أخذ مال غيره بصورة شائعة، والشبهة في ذلك تفسر لمصلحته، وهذا ما أشارت إليه المادة 850 من القانون المدني إذا اعتبرت الاستيلاء بطريق الغش على شيء من التركة إساءة للأمانة”.

    أما الشيء المتنازع عليه، فإذا كانت ملكية المال المدعى بسرقته متنازعا عليها بين المدعى عليه والمدعي، فإن اعتبار المدعى عليه سارقا أم لا يتوقف على الفصل في مسألة الملكية.

     فإن قضي باعتبار المدعى عليه مالكه الوحيد فلا سرقة في فعله لأنه لم يعتدي على ملكية غيره، أما إذا قضي باعتبار الشيء ملكا للمدعي وحده أو قضي باعتباره مشتركة بينهما فهو سارق له لأنه اعتدى على ملكية غير.

  • جناية الإيذاء المفضي إلى إجهاض حامل مع العلم بحملها

    الإيذاء المفضي إلى إجهاض حامل مع العلم بحملها

    نصت المادة 544 على هذه الصورة بقولها

    “يعاقب بالعقوبة نفسها من تسبب بإحدى الطرائق المذكورة في المادة 540 بإجهاض حامل، وهو على علم بحملها“.

    بتحليل هذا النص يمكننا استخلاص النتائج التالية:

    1- لقد ساوى المشرع في هذا النص بين عقوبة الإيذاء المفضي إلى إحداث عاهة دائمة وعقوبة الإيذاء المفضي إلى إجهاض حامل مع العلم بحملها، وهذه العقوبة هي الأشغال الشاقة من ثلاث سنوات إلى عشر سنوات.

    2- يفترض هذا النص وقوع اعتداء بصورة ضرب أو جرح أو إيذاء على امرأة حبلى.

    3- إن النتيجة الجرمية المترتبة على الاعتداء لم تتوقف عند المساس بالسلامة الجسدية للمرأة، بل تجاوزت ذلك إلى الجنين الذي تحمله، فأدى الاعتداء إلى إجهاض المرأة، أي إلى إسقاط الجنين قبل الأوان.

    وسيان أن يسقط الجنين حيا أو ميتا، فالجريمة قائمة ما دام الإسقاط قد حصل قبل أوان الولادة. وتختلف هذه الحالة عن حالة قتل الوليد، التي تفترض أن الطفل قد ولد ولادة طبيعية ثم أزهقت روحه أثناء عملية الولادة أو بعدها مباشرة.

    4- لا بد لقيام الركن المعنوي في هذه الجريمة أن تتجه نية الفاعل إلى المساس بالسلامة الجسدية للمرأة، وهو القصد المطلوب توفره في كافة جرائم الإيذاء.

    إلا أنه لا يكفي لوحده لتحقق هذه الجريمة، بل يشترط أن يتوفر لدى الفاعل العلم المسبق بحمل المرأة، ومع ذلك يقدم الفاعل على ضربها أو إيذائها ولكن دون أن يقصد إجهاضها.

    وهذا هو العنصر الأساسي في هذه الجريمة.

    فإذا أقدم الفاعل على ضرب المرأة و هو يجهل حملها فلا يطبق عليه نص المادة 544، ولو تم إسقاط الجنين نتيجة الضرب.

    وتقتصر مسئوليته على النتائج الأخرى غير الإجهاض ، ويطبق عيه أحكام جرائم الإيذاء الأخرى بحسب جسامة النتيجة المترتبة على فعله.

    أما إذا أقدم الفاعل على ضرب المرأة قاصدا إسقاط حملها، فيسأل الفاعل هنا على جرم الإجهاض، المعاقب عليه في المواد 527 إلى 532 من قانون العقوبات.

    5- وتجدر الإشارة أخيرة إلى أن كافة جرائم الإيذاء السابقة، سواء الجنحية منها أم الجنائية يشدد عقابها وفق نص المادة 545 “إذا اقترف الفعل بإحدى الحالات المبينة في المادتين 534 و 535” أي الحالات المؤدية إلى تشديد عقوبة القتل.

    وهذا التشديد يؤدي إلى زيادة العقوبة من الثلث إلى النصف ومضاعفة الغرامة.

  • جريمة القتل دفاعاً عن العرض والشرف في القانون السوري

    القتل دفاعاً عن العرض أو الشرف

    أورد المشرع السوري في المادة 548 من قانون العقوبات حكما يعفي بموجبه مرتكب القتل أو الإيذاء من العقاب، أو يخفف عقابه فقط، عند إقدامه على الفعل مدفوعاً بعامل العرض أو الشرف.

    وهذا العذر المحل او المخفف يعتبر انعكاساً لتقاليدنا الاجتماعية الموروثة منذ القدم، تلك التقاليد التي يستغلها البعض، أحياناً، ويسيء استخدامها مستفيداً من الرخصة القانونية بالقتل التي منحها المشرع في المادة 548، ليمارس سطوة الذكر على الأنثى التي لم تعد تأتلف مع التطور الاجتماعي والاقتصادي والعلمي الذي بلغه المجتمع، بمساواة الأنثى مع الذكر في الحياة العامة.

    وكثيرا ما نسمع عن إقدام أخ على قتل أخته أو أب على قتل ابنته لمجرد خروجها مع شاب غريب، أو زواجها به دون موافقتهما، أو لمجرد نشوء علاقة حب بريئة ونبيلة بينهما، مستغلين استغلالاً سيئاً لعادات المجتمع وأخلاقه ومثله وحرصه في المحافظة على الشرف والعرض.

    أما نص المادة 548 فجاء كما يلي:

     “1- يستفيد من العذر المحل من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنا المشهود أو في صلات جنسية فحشاء مع شخص آخر فأقدم على قتلهما أو إيذائهما أو على قتل او إيذاء احدهما بغير عمد.

     2- يستفيد مرتكب القتل أو الأذى من العذر المخفف إذا فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في حالة مريبة مع أخر”.

    بتحليل هذا النص نستخلص النقاط التالية:

     – إن الحكمة والأساس الذي يقوم عليه العذر الوارد فيه هو الاستفزاز العنيف الذي يبعث الإثارة في نفس الفاعل،  ويفقده أعصابه وحرية تفكيره.

    فهذه الحالة التي يوجد فيها مرتكب الفعل عند مفاجأته لزوجته أو قريبته في وضع حساس يثير في نفسه الغضب الشديد والاستفزاز نتيجة هذا المشهد الذي لم يتوقعه فيقدم على فعل القتل تحت تأثير الغضب و هول المفاجأة التي سيطرت على نفسه فأنقصت من قوة إرادته وحرية اختياره أو أعدمتهما، وهذا ما ينقص من مسئوليته الجزائية التي تقوم أصلاً على الإدراك وحرية الاختيار.

    – تطلب المشرع للاستفادة من العذر شروطاً خاصة بأطراف العذر تتمثل في العلاقة التي تربط الجاني بالمجني عليه أو الصفات التي يجب توافرها فيهما.

    كما تطلب شروط خاصة بالواقعة التي أدت إلى ارتكاب القتل، الجرم المشهود أو الوضع المريب، وبظروف الحادثة من حيث توفر عنصر المفاجأة.

    أولا- الشروط المتعلقة بأطراف العذر.

    هذه الشروط تتمثل في العلاقة التي تربط الجاني بالمجني عليه، ومدى أهمية وجود هذه العلاقة في الحكمة من تطبيق العذر.

     فنص المادة 548 اشترط وجود علاقة الزوجية أو رابطة القرابة بين أطراف العذر، وقام بتحديد الأشخاص المستفيدين من العذر وشخص المجني عليه بصورة حصرية لا يمكن التوسع فيها، ولا القياس عليها.

    1- علاقة الزوجية.

     عرف قانون الأحوال الشخصية في مادته الأولى الزواج بأنه

    “عقد بين رجل وامرأة تحل له شرع غايته إنشاء رابطة للحياة المشتركة والنسل”.

     وهذا النص هو المرجع في تحديد الصفة الزوجية بالنسبة للسوريين المسلمين وغير المسلمين .

    وهذا الزواج هو ما تشترط المادة 548 قيامه، أي الزواج الشرعي الذي استوفي كافة أركان انعقاده.

     أما العلاقة التي تقوم بين رجل وامرأة دون عقد زواج (concobinage، المساكنة)، فلا يستفيد بموجبها الجاني من العذر حتى ولو تجسدت هذه العلاقة بالاتصال الجنسي والعيش المشترك وإنجاب الأطفال، طالما أن هذه العلاقة غير شرعية.

     والعشيق الذي يفاجأ عشيقته في صلات جنسية مع شخص أخر فيقدم على قتلها أو إيذائها لا يستفيد من هذا العذر.

    والعلاقة الزوجية هي من العلاقات المؤقتة التي تبدأ في وقت محدد (بالعقد)، وتنتهي في وقت محدد أيضا، بالطلاق البائن أو الفسخ أو الموت.

    ولا يستفيد الشخص من العذر الوارد في المادة 548 إلا أثناء قيام العلاقة الزوجية، لا قبلها ولا بعدها.

     والطلاق الرجعي لا ينهي العلاقة الزوجية ما دامت عدته لم تنتهي، فالزوج يستفيد من العذر إذا قتل مطلقته رجعية إذا فاجأها بالأوضاع السابقة خلال فترة العدة .

    والواضح من نص المادة المذكورة أنها تشمل كلا طرفي العلاقة الزوجية  (الزوج والزوجة ) في الاستفادة من العذر الوارد بها، إذا أقدم أحدهما على قتل أو إيذاء الأخر حال مفاجأته بجرم الزنا المشهود أو الصلات الجنسية الفحشاء أو الحالة المريبة.

     فباستخدامه لعبارة ” من فاجأ زوجه ” التي تفيد معنى الزوج والزوجة على حد سواء يقطع الجدل القائم على أن هذا الحق هو للزوج فقط دون الزوجة.

    لا سيما وأن عبارة زوجه هي ترجمة من الأصل الفرنسي لعبارة “conjoint” التي تفيد معنى الذكر والأنثى، ولا تقتصر على أحدهما.

    فضلا عن أن المشرع لو أراد قصر حق الاستفادة من العذر على الزوج فقط لكان ذكر بصراحة عبارة “زوجته” بدل “زوجة” على نحو ما فعلت تشريعات أخري .

    2- رابطة القربي.

    وسع المشرع في نص المادة 548 في منح العذر ، فلم يقصره فقط على الزوجين، وإنما مد نطاقه إلى الأقرباء بالدرجة التي حددها على سبيل الحصر ” بالأصول والفروع والأخوة “. فهؤلاء الأقرباء لا تقل درجة استفزازهم في هذا الموقف عن درجة استفزاز الزوج أو الزوجة، وذلك نظرا للصلة الوثيقة التي تربطهم بالمجني عليه، والتي قد تفوق علاقة الزوجية قرية في بعض الأحيان.

    صفة الجاني

    يلاحظ أن المشرع لم يأخذ في النص بكافة درجات القرابة للاستفادة من العذر، وإنما اشترط صلة قرابة معينة ومحددة على سبيل الحصر، وهي قرابة النسب، أي بين الأصول والفروع، ومن قرابة الحواشي، قرابة الأخوة فقط.

     وبذلك لا تصلح قرابة المصاهرة، ولا قرابة الرضاع، التي ليس لها أثر إلا في تحريم الزواج فقط .

     باختصار، إن القرابة المشتركة لتطبيق النص هي القرابة النسبية بين الأصول والفروع وبين الأخوة.

     ويستفيد من العذر الأصول والفروع سواء كانوا ذكوراً أم إناثاً، فالنص جاء مطلقاً بذكره عبارة ” أحد أصوله أو فروعه “، بالتالي، فالعذر يشمل الأباء والأمهات والجدود والجدات مهما علو ومهما علون، وكذلك الأبناء والبنات والأحفاد والحفيدات مهما نزلوا ومهما نزلن .

    أما الأخوة، فلا يستفيد من العذر، بتقديرنا، إلا الذكور فقط دون الأخوات الإناث  ذلك لأن النص جاء بعبارة أخته” بين أشخاص المجني عليهم، فالمخاطب فيه هو الذكر، وبالتالي وجب أن يكون الجاني ذكر” وليس أنثى، أي أخا لا أختاً،  وذلك بخلاف الأصول والفروع الذين ذكرهم النص بشكل مطلق دون تحديد جنسهم، مما يجعل القاعدة الفقهية القائلة المطلق يجري على إطلاقه” واجبة التطبيق بهذا الصدد.

     ويستوي في الأخوة أن يكونوا أشقاء أم غير أشقاء، المهم في ذلك، أن تكون قرابتهم قرابة نسب لا قرابة رضاع.

    صفة المجني عليه.

    لقد أفاد النص من العذر المحل من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته مع شخص آخر فأقدم على قتلهما أو إيذائهما أو على قتل أو إيذاء أحدهما”، إذن فالمجني عليه قد يكون شخصاً واحداً، وقد يكونوا شخصين، بشرط أن يتمتع أحدهما بإحدى صفتين هما: صفة الزوجية أو القرابة، وصفة الشريك.

    فقد يكون المجني عليه أحد طرفي العلاقة الزوجية، وهم الزوج أو الزوجة عندما يفاجئه زوجه الأخر بإحدى الأوضاع المحددة في النص.

    وقد يكون المجني عليه أحد الأصول أو الفروع أو الأخت، ولا يصلح أن يكون الأخ هو المجني عليه طالما أن النص قيد ذلك بعبارة “أو أخته”.

    وبالرغم من أن نص المادة 548 قد يوحي بأن المجني عليه من الأصول والفروع يمكن أن يكون أنثى كما يمكن أن يكون ذكراً، باستخدامه لعبارة أو أحد أصوله أو فروعه، التي تشير إلى الذكور والإناث على حد سواء.

    إلا أنه إذا كان يستوي في الجاني أن يكون ذكر أو أنثى في الأصول والفروع، فلا يمكن في المجني عليهم فيها إلا أن يكون أنثى. وهذا ما يؤكده النص الفرنسي الأصلي للمادة 548 القاطع الدلالة في أن المجني عليه في الأصول والفروع لابد أن يكون من الإناث  فكان الأولى بالنص العربي أن يكون واضحة وضوح النص الفرنسي بوجوب ذكر أو إحدى أصوله أو فروعه التي تشير إلى الإناث فقط دون الذكور.

    والخلاصة، أن الجاني في صلة القربي قد يكون ذكر أو أنثى، أما المجني عليه فيها فلا يمكن إلا أن يكون أنثى.

    أما الشريك في المعنى المقصود بالنص فهو الشخص الذي يأتي مع الزوج أو الزوجة أو إحدى الأصول أو الفروع أو الأخوات فعل الزنا أو الصلات الجنسية الفحشاء، أو يوجد مع أحدهم أو إحداهن في حالة مريبة.

     وسيان أن يكون هذا الشريك قريبا للجاني أو غريبة عنه، ذكراً كان أم أنثى، فلا عبرة بعلاقته بالجاني ولا بجنسه.

     المهم أن يضبط في إحدى الأوضاع المقررة في النص مع أحد الأشخاص المذكورين فيها. وسيان أيضا أن يقع القتل على الشريك وحده أم على الزوج أو الزوجة أو القريبة وحدها أم على كلاهما، فالجاني يستفيد من العذر.

    وتجدر الإشارة إلى أن العذر الوارد في النص هو من الأعذار الشخصية، فلا يستفيد منه إلا الشخص الذي يتوافر فيه.

     فإذا تعدد المشتركين في القتل والإيذاء فإن حكم العذر يسري فقط على الشخص الذي تم ذكره فقط في النص، من زوج أو أصل أو فرع أو أخ، أيا كان دوره في الجريمة، سواء كان فاعلاً أو شريكاً أو متدخلاً.

     أما المساهمين الأخرين فلا يطالهم الإعفاء، بل تطبق عليهم أحكام جرم القتل المقصود، كل حسب دوره في الجريمة.

    ثانيا – الشروط المتعلقة بالواقعة

    إضافة للشروط المتعلقة بأطراف العذر، فلقد تطلب المشرع شروط أخرى تتعلق بالواقعة الحاصلة بين هذه الأطراف.

     وهذه الواقعة لها وجهان:

     الأول، هو الفعل الذي يرتكبه المجني عليه ويفاجئه به الجاني فتثور ثائرته ويقدم على قتله أو إيذائه، ويتمثل هذا الفعل بالزنا أو الصلات الجنسية الفحشاء أو الحالة المريبة مع شخص أخر.

    والثاني، وهو فعل الاعتداء الذي يقدم عليه الجاني عند مفاجئته للمجني عليه يرتكب أحد الأفعال السابقة، ويتمثل بالقتل أو الإيذاء.

    1- المفاجأة.  

    إن المفاجأة هي الأساس الذي يرتكز عليه العذر .

    ولقد حدد المشرع الحالات الحصرية للمفاجأة وهي الزنا المشهود أو الصلات الجنسية الفحشاء أو الحالة المريبة.

    والأسئلة التي تثار هنا:

    – ما معنى المفاجأة التي يتطلبها المشرع وعلى من يجب أن تقع؟ – ما مفهوم الزنا المشهود و الصلات الجنسية الفحشاء والحالة المريبة ومعيار التمييز بينهم؟

    – بالنسبة للتساؤل الأول، فظاهر النص يوحي بأن الشخص الذي يجب أن يتفاجيء هو المجني عليه فقط دون الجاني. فالنص أورد “من فاجئ زوجه أو …” ولم يورد من امن فوجئ بزوجه أو …. إلا أن الحقيقة غير ذلك، فالمفاجأة يجب أن تقع على الجاني إضافة للمجني عليه.

    وذلك لأن علم الجاني بشكل يقيني بزنا زوجته، وعدم توفر عنصر المفاجأة بالنسبة له، لا يجعله مستفيدا من العذر لاسيما وأن نص المادة 548 اشترط أن يكون الجاني قد “أقدم على القتل أو الإيذاء بغير عمد”.

     وهذا ما لا يتوافر في حالة العلم اليقيني بزنا الزوجة، حيث يقدم الزوج على فعله بعد تفكير هادئ و عميق بعيدا عن الانفعال والغضب.

    إلا أنه يجب التمييز بهذا الصدد بين العلم اليقيني وبين مجرد الشك والارتياب .

     ففي الحالة الأولى، عندما يتيقن الجاني من خيانة زوجته أو قريبته فيقدم على القتل مصطنعة المفاجأة، ومدبراً وجود المجني عليها في وضع الزنا كي يستفيد من العذر.

     فهذا لا يستفيد طالما انتفي لديه عنصر المفاجأة الذي يخلق لديه الاستفزاز والغضب اللذان يدفعانه إلى ارتكاب الجريمة، كما أنه في أغلب الأحوال يتعمد القتل بدافع الانتقام.

    فالزوج الذي يكون واثقاً من خيانة زوجته فيدير الأمر لضبطها متلبسة بخطيئتها، كأن يتظاهر بأنه سيغيب عن البيت ثم يكمن فيه، ويقتل الاثنين متلبسين بالزنا، لا ينال من العذر شيئاً.

    أما ذاك الذي يرتاب ويشك بسلوكك زوجته أو أخته مثلا، فيراقبها ليتأكد من صحة شكوكه أو عدم صحتها، حتى إذا تشاهدها ترتكب الزنا، استحال شکه إلى يقين فثار وقتلها، فهذا الجاني يستفيد بلا ريب من العذر .

    فالشك أو الارتياب لا ينفي عنصر المفاجأة الذي يتحقق طالما أن احتمال الخيانة لدى الزوج يقابله احتمال عدم الخيانة .

    – أما التساؤل الثاني، فالزنا يقع بالاتصال الجنسي الكامل والطبيعي بين رجل وامرأة خارج إطار العلاقة الزوجية.

    وتتمثل الاستفادة من العذر عند مفاجأة الزوج لزوجته أو الأخ لأخته في حالة جماع مع شخص غريب.

    إلا أن مفهوم الزنا المشهود، حسب المادة 548، لا يقتصر على هذا المعنى الضيق فقط. فليس المقصود في هذا النص أن يشاهد الزوج زوجته في لحظة ارتكاب فعل الزنا نفسه بحيث تصبح الخيانة من الناحية الواقعية حقيقة ثابتة،، بل يكفي أن تكون فكرة الخيانة من الناحية التصورية ماثلة أمامه، أي أن تؤدي جميع الملابسات إلى هذه الفكرة وتجعلها مقبولة عق”.

    فيكفي أن يشاهد الزوج زوجته في ظروف لا تترك مجالا للشك عقلا في أن الزنا قد وقع أو أنه وشيك الوقوع.

    وتطبيقاُ لذلك قضت محكمة النقض السورية بقيام حالة الزنا المشهود في حالة وجود الزوجة وشريكها في غرفة مغلقة وانفرادهما معا في وقت متأخر من الليل .

    وقضت محكمة النقض المصرية بتوافر العذر إذا دخل الزوج غرفة النوم فوجد فيها المتهم مختفيا تحت السرير وكان خالعة حذاءه، وكانت الزوجة عند قدومه في حالة ارتباك شديد ولا يسترها شيء غير جلابية النوم، أو دخل المنزل فوجد زوجته وعشيقها بغير سراويل وقد وضعت ملابسهما الداخلية بعضها بجوار بعض، أو دخل المنزل فلاحظ وجود حركة تحت السرير وبرفعه الملاءة وجد الشريك ونصفه الأسفل عار وهو يمسك بملابسه .

     إلا أن الأمر قد لا يقتصر على هذه الصور، فلو فاجأ الزوج زوجته مع غريب في حالة جماع خلاف الطبيعة، أو فاجأها بحالة سحاق مع أخرى ، فهذه الحالات لا تشكل زنا بالمعنى القانوني.

    وهذا ما دفع المشرع السوري إلى إيراد عبارة أو صلات جنسية فحشاء” جنبا إلى جنب مع الزنا، ليطال تلك الوقائع الجنسية الفحشاء التي لا ينطبق عليها مفهوم الزنا.

    والنتيجة، فإن مفاجأة أحد طرفي العلاقة الزوجية للأخر أو أحد الأصول أو الفروع أو الأخ للأخت أو لإحدى الأصول أو الفروع في حالة الزنا أو الصلات الجنسية الفحشاء المشهودة، يمنح هذا الشخص رخصة في القتل أو الإيذاء، من خلال استفادته من العذر المحل من العقاب.

     

    الحالة المريبة

    عندما يفاجأ الزوج زوجته أو ابنته أو أمه أو الأخ أخته في حالة مريبة مع شخص آخر، فيقدم على القتل أو الإيذاء، يستفيد من عذر مخفف للعقاب.

     ولقد قلنا سابقا أنه إذا وجدت الزوجة أو من في حكمها في ظروف لا تدع مجالا للشك عقلا في أن الزنا قد وقع أو في سبيله إلى الوقوع فإن هذا يعتبر زن مشهود وفق المادة 548، كمشاهدة المجني عليها مع رجل أجنبي في الفراش وهما يرتديان الملابس الداخلية.

    أما الحالة المريبة فلا تعني مفاجأة المجني عليها في ظروف لا تدع مجالا للشك بوقوع الزنا أو في سبيله   إلى الوقوع، وإنما تعني الحالة التي تثير الشك والريبة بحدوث الزنا، أي أن هذه الحالة تكون غير مالوفة في المجرى العادي للأمور، ويعتقد معها بوقوع الزنا أو في سبيله إلى الوقوع.

    ففي الحالة المريبة لا يشاهد الجاني فعل الزنا الفعلي، ولا تكون الظروف قاطعة على وجه اليقين بوقوع الزنا، وإنما يشاهد حالة تدعو الظروف فيها إلى الارتياب بوقوع الزنا، والظروف التي تدعو إلى الشك هي الظروف المحيطة بالحالة، سواء أكانت موضوعية أم شخصية.

    وتطبيقاً لذلك اعتبرت محكمة النقض السورية أن

     “الوالد الذي يقتل ابنته في بيت عشيقها الذي تقيم معه، ويتعاطی معها الزنا والفجور في أي وقت، يستفيد من العذر المخفف، لأنها أوجدت نفسها في حالة مريبة و على فراش غير مشروع “.

     وفي قرار آخر اعتبرت محكمة النقض

    “أن المرأة التي تقيم في منزل قد أعد لارتكاب الفجور بها بصورة سرية أو علنية وأعدت نفسها لتلقي الجماع في أي وقت كان قد أصبحت في حالة مريبة و على فراش غير مشروع وجعلت الاعتداء عليها مقترنا بالعذر المخفف وفقا للمادة 548، فإقدام الفاعل على قتل شقيقته المومس في دار عشيقها يجعله مستفيداً من العذر المخفف.

     بالمقابل فلقد اتجه القضاء السوري إلى استبعاد توافر الحالة المريبة عند الشخص الذي يشاهد نتيجة الزنا فقط دون أن يشاهد الفعل أو الحالة المريبة.

    فلقد قضت محكمة النقض أن الفاعل لم يفاجأ ابنته المغدورة في جرم الزنا المشهود أو في صلات جنسية فحشاء مع شخص أخر أو في حالة مريية وإنما شاهد عليها علائم الحمل سفاحا مما يجعل أمر استفادته من العذر المحل أو المخفف غير وارد حسب المادة 548، وان كان الفاعل يستفيد في هذا الحالة من عذر الدافع الشريف .

     ولا تعتبر الحالة المريبة متوفرة إذا كانت الظروف المحيطة بالواقعة معتادة بين الزوجة والشخص الذي فاجأها الزوج معه حسب العادات والتقاليد المتعارف عليها، وذلك كوجود الزوجة مع أحد محارمها، أو كانت طبيعة عملها تستدعي وجودها في تلك الحالة، كالطبيبة عندما تكشف على المريض.

    كما لا تعتبر الحالة المريبة متوافرة إذا كان الجاني قد راى المجني عليها في وضع تاباه التقاليد ولكنه لا يثير الشك في قيام الصلة الجنسية غير المشروعة بينها وبين آخر أو توقع قيامها، كمشاهدة الأخ لأخته في الطريق العام مع شخص غريب، أو تجلس معه في مكان عام، مطعم أو سينما.

    2- فعل الاعتداء.

    هو الفعل الذي يقدم عليه الجاني عند مفاجأته للمجني عليه يرتكب أحد الأفعال المحددة بالنص مع شخص آخر، ويتمثل هذا الفعل بالقتل أو الإيذاء.

     والعذر يشمل جريمة القتل المقصود، وجريمة الإيذاء المقصود بكافة صورها الجنحية والجنائية.

     أما غير هذه الأفعال فلا يستفيد مرتكبها من العذر .

     فإقدام الجاني على إتلاف أموال المجني عليه، أو هتك عرض شريك الزانية أو اغتصاب إحدى محارمه وما إلى ذلك من اعتداءات لا يشملها العذر.

    وسيان أن يقع القتل أو الإيذاء بأية وسيلة، کالمسدس أو السكين أو الأيدي فقط.

    ولقد اشترط نص المادة 548 في فعل القتل أو الإيذاء أن يقع بغير عمد، ذلك لأن الذي يبرر الإعفاء أو التخفيف من العقوبة هو شدة الانفعال النفسي الذي يستبد بالجاني ويدفعه إلى ارتكاب الجريمة، فإذا انتفي هذا الانفعال لدى الجاني، كما في حالة القتل العمد، فلا تتحقق هذه الحكمة، حيث أن الجاني في حالة العمد يقدم على ارتكاب جريمته بعيداً عن الانفعال والغضب، وبعد أن أخذ الوقت الكافي من التفكير الهادئ و التصميم على ارتكاب جريمته.

    فلو فاجأ الزوج زوجته بحالة مريبة مع عشيقها ولم يقدم على قتلها فور المفاجأة بل انتظر فترة من الزمن كانت كافية لهدوء نفسه واستعادة وعيه ثم أقدم على قتلها فلا يستفيد من العذر لوقوع الفعل عمدا.

    كما يعتبر العمد متوافراً في حالة الجاني الذي يعرض عن فكرة القتل عند مفاجأة المجني عليها، ويستعيد توازنه، ويفكر ملياً، ثم يعود ويقتلها بعد فترة.

    أو حالة الجاني الذي يستدرج زوجته أو قريبته بعد علمه بخطيئتها إلى مكان ما، ثم يتآمر على قتلها ويخطط لذلك

    – أما عن أثر العذر على العقوبة:

     فالعذر المحل يعفي الجاني من العقوبة وحدها دون سائر الآثار القانونية، فيمكن توقيع تدابير الاحتراز وتدابير الإصلاح على المستفيد ما عدا العزلة (م 240 عقوبات).

     أما العذر المخفف فهو كما يدل اسمه يخفف العقاب فقط. ولقد سكت نص المادة 548 عن تحديد مفعول هذا العذر ومقداره.

    وعند السكوت يحيل القانون إلى نص المادة 241 من قانون العقوبات باعتبارها النص العام، وتخفف العقوبة وفقا لأحكامها .

     وبموجب هذا النص فإن الجناية تنقلب إلى جنحة، والجنحة إلى مخالفة.

    وتجدر الإشارة أخيرة إلى أن فعل القتل أو الإيذاء في نص المادة 548 إذا لم يستجمع شروط العذر الوارد فيه، فقد يستجمع شروط العذر المخفف الوارد في المادة 242، وهو عذر الإثارة، أو شروط عذر الدافع الشريف الوارد في المادة 192 من قانون العقوبات.

    – أما عذر الإثارة فبموجبه “يستفيد من العذر المخفف فاعل الجريمة الذي أقدم عليها بسورة غضب شديد ناتج عن عمل غير سحق وعلى جانب من الخطورة أتاه المجني عليه”.

     ويشترط الاستفادة مرتكب القتل أو الإيذاء من هذا العذر أن تستولي عليه ثورة غضب شديد تسلبه قسماً من وعيه وإرادته كنتيجة لتصرف، غیر محق وعلى جانب من الخطورة، قام به المجني عليه.

     أما إذا كان تصرف المجني عليه محق أو مشروعة، كإقدام الشرطي على القبض على السارق، فلا يحق للأخير أن يحتج بالاستفزاز إذا أقدم على الاعتداء على الشرطي.

    أما خطورة الفعل فأمر يقدر تبعا للظروف ولدرجة تأثيرها على مرتكب القتل أو الإيذاء.

     فما يثير شخصاً عصبية کثیر الحساسية قد لا يكون له أي أثر على شخص يتمتع بأعصاب هادئة ومزاج متزن.

     – أما الدافع الشريف، الوارد في المادة 192 من قانون العقوبات، فقد يستفيد منه أيضأ مرتكبي جرائم العرض و الشرف عند فقدان شروط المادة 548.

     إلا أن تخفيف العقاب فيه يختلف عن الأعذار الأخرى. فعذر الإثارة يقلب الجناية إلى جنحة، أما عذر الدافع الشريف فيبقي على صفة الجناية المشمولة به .

  • ماهي نطرية السبب المباشر والسبب الملائم في جريمة القتل؟

    نظرية السبب المباشر

    هذه النظرية لا تعتبر جميع العوامل التي أسهمت في إحداث النتيجة متساوية، أو أنها تصلح جميعا لأن تكون أسباب قانونية في وقوع النتيجة الحاصلة.

     وإنما ترى أن الفعل لا يعد سببا للنتيجة الجرمية في نظر القانون إلا إذا كان يتصل بها اتصالا قريبة ومباشرة وفورية، أما إذا كان هذا الفعل بعيداً عن النتيجة فلا يمكن أن يعد سبباً لها، وان أسهم في إحداثها بصورة غير مباشرة.

    ولتحديد معيار الاتصال المباشر بالنتيجة، يمكن حصر السبب القانوني بالعامل الأخير الذي يسبق النتيجة الجرمية، أو بالسبب الأكثر تأثيراً من جملة العوامل الأخرى.

    والملاحظ في هذه النظرية أن تحديد السبب المباشر وغير المباشر، أو السبب الأكثر تأثيراً من بين العوامل المختلفة، يبدو بغاية الصعوبة ويحتاج هو أيضا إلى معيار.

    ولا ريب أن هذه النظرية تضيق كثيراً من نطاق السيبية، وتراعي جهة المتهم، بل أنها تؤدي إلى إفلات الفاعل الأصلي باعتباره غير مسؤول عن النتائج التي أدى إليها فعله بصورة يقينية إذا كانت نتائج غير مباشرة لهذا الفعل.

     

     نظرية السبب الملائم

    هذه النظرية تعتبر من أكثر النظريات شيوعاً وقبولا على صعيد التطبيق العملي في البحث عن علاقة السببية.

     ومنها استوحي المشرع السوري النص الذي عالج به مسألة السببية.

     وفق هذه النظرية يعتبر الشخص مسؤولاً عن النتيجة التي تترتب على فعله عادة بصورة مباشرة، ومسؤول فوق ذلك عن نتائج فعله إذا كانت هذه النتائج عادية ومألوفة بالنسبة للظروف والعوامل التي وقع فيها الفعل .

    أما إذا كانت هذه النتائج شاذة و غير مألوفة في ظروف ارتكاب الفعل، فتنقطع رابطة السيبية، وتنتفي بالتالي مسئولية الشخص عن النتيجة.

    فلو أن زيد جرح بكر بخنجر ، و أسعف إلى المستشفى، إلا أن الطبيب أهمل إهمالاً يسيراً في علاجه، فازدادت خطورة إصابته وتوفي على أثر ذلك.

    ففي هذه الحالة يعتبر زید مسؤولاً عن وفاة بكر، لأن إسعاف بكر إلى المستشفى، وتقصير الطبيب وخطأه اليسير من الأمور المألوفة و العادية في مثل هذه الحالة.

    أما لو انقلبت السيارة التي أسعف فيها بكر، أو شب حريق في المستشفى أثناء وجوده فيها، ومات، فهنا لا يسأل زید عن وفاة بكر، لأن انقلاب السيارة، أو حريق المستشفى من العوامل الشاذة وغير المألوفة في ظروف ارتكاب فعل الطعن بالخنجر.

     أما إذا كان جرح بكر طفيفة، وخطأ الطبيب جسيما لدرجة غير مألوفة في الحالات المماثلة، ومات بكر، فلا يمكن اعتبار زيد مسئولاً عن وفاته.

     لأن الخطأ الجسيم من الطبيب من العوامل غير المألوفة والشاذة في مثل هذه الحالة.

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1