الوسم: محامي سوريا

  • شرح القاعدة الفقهية:  المعلق بالشرط يجب ثبوته عند ثبوت الشرط مع أمثلة

    شرح القاعدة الفقهية:  المعلق بالشرط يجب ثبوته عند ثبوت الشرط مع أمثلة

    محامي عربي

     المعلق بالشرط يجب ثبوته عند ثبوت الشرط

    وردت هذه القاعدة في كتب الفقه بلفظ : ( المعلق بالشرط يجب ثبوته ويكون معدوماً قبل ثبوت شرطه).

    والتعليق : هو ترتيب أمر لم يوجد على أمر لم يوجد، ويصاغ بإحدى أدوات الشرط التي تربط بين فعلين كأن يقول لها : إن سافرت بمفردك فأنت طالق، وهو يختلف عن التقييد والإضافة، حيث إن التقييد التزام أمر لم يوجد في أمر قد وجد، ويصاغ عادة بعبارة «على أن» أو «شرط أن» كأن تقول له : زوجتك نفسي على أن تكون عصمة النكاح بيدي. أما الإضافة فهي تأخير حكم تصرف قولي إلى الزمن محقق القدوم، كأن يقول لها : إن عقدت على فلان بعد شهر فأنا أضمن لك المهر.

    ولصحة التعليق شروط وهي:

    أ ـ أن يكون الشرط معدوماً على خطر الوجود أي ممكن الحصول، فلو كان التعليق على شيء مستحيل الوقوع فهو باطل، كأن يقول: لو عاد أخي الميت حياً فداري هذه وقف، فالوقف باطل لاستحالة الشرط.

    ولو كان التعليق على الموجود يعتبر التعليق تنجيزاً ويثبت المعلق في الحال، كما لو قال شخص: إذا كان هذا المال مالي ـ وأشار إلى العقار الذي يملك فإني قد وقفته، فيكون الوقف صحيحاً مع أن الوقف المعلق على شرط لا يصح .

    ب ـ أن يكون التعليق في صلب العقد ولا عبرة للشرط الملحق. .

    د ـ أن يكون التعليق على الممكن عادةً لا عقلاً، فلو قال: إن لم أصعد إلى السماء أو إن لم أقلب هذا الحجر ذهباً فأنت طالق، وقع الطلاق؛ لأن التعليق على نفي الممكن عقلاً تنجيز، وإن التعليق على النفي الممتنع عادة  تنجيز أيضاً .

    الأمور التي يرد عليها التعليق بالشرط ثلاثة أنواع:

    ۱ ـ ما يصح تعليقه بمطلق شرط ملائماً كان أو غير ملائم،

    وهي الإسقاطات المحضة كالطلاق، فالملائم له كأن يقول لها : إن أسأت إلي فأنت طالق. وغير الملائم له كأن يقول لها : إن خرجت من الدار فأنت طالق .

    ۲ ـ ما يصح تعليقه بالشرط الملائم فقط،

    وهو ما يؤكد موجب العقد كالإطلاقات، نحو: إن خرجت فقد أذنت لك، وإن بلغت رشيداً فقد أذنت لك بالتجارة، أو قال ولي السفيه له : إن صلحت أحوالك فقد أذنتك بالتجارة.

    والولايات من قضاء وإمارة نحو قول الإمام لشخص : إن شغرت الولاية الفلانية فقد وليتك إياها.

    وكذا الالتزامات من كفالة وإبراء منها، ووكالة وحوالة نحو: لو قال شخص لآخر :  كلما عزلتك فأنت وكيل، فتنعقد الوكالة بعد العزل كلما عزله،

    أو قال : إن عاد مديونك فلان من سفره فأنا كفيل لك بما لك عليه من الدين، فتنعقد الكفالة عند عودته،

    أو قال : إن أعطيتني القدر الفلاني من الدين فإني أبرئك من الكفالة.

    ولو علقت هذه الأمور على هبوب الرياح أو دخول دار معينة أو طعام أو غير ذلك، فلا يصح التعليق لعدم ملائمة الشرط للمشروط .

    ٣ ـ ما لا يصح تعليقه بالشرط مطلقاً،

    وهي التمليكات من معاوضات ومعاملات كالبيع والإبراء من الدين والصلح عن المال والوقف وغيرها باستثناء الوصية، فيصح تعليقها على موت الموصي وجوازها على خلاف القياس. ولو علق الدائن إبراء المدين على موته يُحمل ذلك على الوصية ويكون التعليق صحيحاً .  .

    تنبيهات :

    – إذا اختلف الزوجان في وجود الشرط المعلق عليه الطلاق وعدمه، فالقول قول منكر وجود الشرط وهو الزوج، والبينة بيئة الزوجة على وجوده، وإذا ثبت وجود الشرط بالبينة فلا كلام في وقوعه .

    لو تنازع الزوج مع آخر في شيء فحلف بالطلاق على مدعاه، فإن كان المدعى به عيناً كما لو ادعى على الزوج داراً فحلف الزوج بالطلاق أنها ليست ملك المدعي، فأثبت المدعي ملكه لها بالبينة، لا يحنث الزوج في يمينه لأن البينة حجة في الظاهر. وإن كان المدعى به ديناً فحلف بالطلاق أن لا دین له عليه، فبرهن المدعي على الدين فينظر : إن كان ادعى الدين بسبب كالقرض مثلاً وبرهن على السبب لا يحنث الزوج لاحتمال الإيفاء أو الإبراء بعد السبب، وإن كان ادعاه مطلقاً عن السبب وبرهن فيحنث لأن البينة قامت على وجود الدين في الحال، والشهادة على ما في الذمة أوثق من الشهادة على ما في اليد.

    أقسام التصرفات القولية الإنشائية عند الحنفية ثمانية :

    1- المعاوضات المالية كالبيع والإجارة والقسمة.

    ٢ ـ المعاوضات غير المالية، كالنكاح والخلع …

    ٣ ـ التبرعات كالهبة والوقف والوصية والإعارة . . .

    ٤ ـ الإطلاقات، كالوكالة والأذونات . . . .

    ه – الولايات، كتنصيب القضاة وتعيين أئمة المساجد الجامعة .

    ٦ – التقييدات كعزل الوكيل والحجر على المأذون .

    – الالتزامات كالكفالة والحوالة . . . . .

    ۸ – الإسقاطات المحضة كالطلاق والإعتاق وإسقاط الشفعة . .

    كما مر : المعاوضات المالية وغير المالية والتبرعات لا تقبل التعليق، فإن علقت أو أضيفت إلى زمن مستقبل بطلت إلا أن الوصية والوقف يقبلان التعليق على الموت تشجيعاً عليهما، أما الإجارة والإعارة فيقبلان الإضافة إلى المستقبل لأن معنى الإضافة موجود في طبيعتهما لكونهما عقوداً زمنية، والزمن المستقبل عنصر أساسي في تنفيذها كأن يقول : إن جاء الشهر الفلاني فقد آجرتك هذه الدار.

  • مميزات مهنة المحاماة

    مميزات مهنة المحاماة

    مميزات مهنة المحاماة

    تعتبر مهنة المحاماة من أقدم المهن وأكثرها أهمية في المجتمع، فهي تلعب دورًا أساسيًا في حماية حقوق الأفراد والمؤسسات، وضمان العدالة وسيادة القانون. ولذلك، فإن مهنة المحاماة تتمتع بالعديد من المزايا التي تجعلها من المهن المرموقة والمرغوبة.

    من أهم مميزات مهنة المحاماة ما يلي:

    • الاستقلالية:

      يتمتع المحامون باستقلالية كبيرة في عملهم، حيث لا يخضعون لأي إشراف أو رقابة من قبل جهة أخرى، مما يمنحهم الحرية في اتخاذ قراراتهم المهنية.

    • التنوع:

      تتنوع المجالات التي يمكن للمحامين العمل فيها، حيث يمكنهم العمل في مجال القانون الجنائي، أو القانون المدني، أو القانون التجاري، أو القانون الدولي، أو أي مجال آخر من مجالات القانون.

    • التحدي:

      تعتبر مهنة المحاماة مهنة صعبة ومليئة بالتحديات، حيث يواجه المحامون العديد من الصعوبات في سبيل الدفاع عن حقوق موكليهم، مما يمنحهم شعورًا بالإنجاز والرضا.

    • الدخل المرتفع:

    • يتمتع المحامون بدخل مرتفع نسبيًا، حيث يتقاضون رواتبًا مجزية مقابل عملهم.

    بالإضافة إلى هذه المزايا، فإن مهنة المحاماة تتطلب العديد من المهارات والصفات، مثل:

    • الذكاء والقدرة على التفكير النقدي.
    • مهارات التواصل والتفاوض.
    • القدرة على العمل تحت الضغط.
    • الالتزام بالأخلاق المهنية.

    ولذلك، فإن مهنة المحاماة مهنة مناسبة للأشخاص الذين يتمتعون بهذه المهارات والصفات.

    ختامًا، يمكن القول أن مهنة المحاماة مهنة متميزة تتمتع بالعديد من المزايا، ولكنها أيضًا مهنة صعبة تتطلب العديد من المهارات والصفات.

  • شرح القاعدة الفقهية: الأمر بالتصرف في ملك الغير باطل

    شرح القاعدة الفقهية: الأمر بالتصرف في ملك الغير باطل

    الأمر بالتصرف في ملك الغير باطل

    لأن من لا يملك التصرف بشيء لا يملك الأمر به ، وهذه القاعدة نتيجة وأثر وتفسير لمعنى نفي الجواز في المادة  (لا يجوز لأحد أن يتصرف في ملك الغير بلا إذنه) ، والمنع مؤدَّاه بطلان الممنوع وعدم ترتب أي أثر عليه.

    وبطلان الأمر بالتصرف في ملك الغير له ثلاثة شروط :

    ١ ـ أن يكون المأمور بالغاً عاقلاً ،

    ۲ – ألا يكون الأمر مجبراً للمأمور

    ٣ – ألا يكون المأمور عالماً بأن الأمر يأمر في غير ملكه.  وقد زاد العلامة حيدر شرطاً رابعاً : ألا يكون للآمر ولاية على المأمور.

    وأضاف الدكتور أحمد الحجي الكردي شرطاً خامساً وهو:

    أن يكون الأمر بغير حق، فإذا كان أمراً بحق كان صحيحاً تترتب عليه آثاره وليس باطلاً، مثال ذلك : لو كان للآمر شريك فيأمره بوفاء دينه فيفعل فإنه يرجع عليه بما وفاه عنه لأن أمره كان بحق لوجود الشركة التي تتضمن الوكالة.

    ولا يلزم لأجل بطلان الأمر بالتصرف في ملك الغير أن يكون ملك ذلك الغير قائماً حين الأمر، بل يكفي أن يكون قائماً حين التصرف، ،، فلو قال شخص لآخر: إن مت فادفع كذا من تركتي إلى فلان وهو غير وارث فدفعه إليه ضمن.

    ولو أخبر شخص أنه وصي الميت على تركته فأمر غيره أن يعمل بتركة الميت بطريق المضاربة ففعل وضاع المال، ثم لم تثبت وصايته، فالذي عمل بالمال ضامن لعدم صحة أمر الأمر ولا يضمن الأمر لأنه لم يضع يده على المال.

    والسبب بجعل العهدة في المأمور به على المأمور بالتصرف لأنه العلة المؤثرة والأمر مر سبب والأصل إضافة الأحكام إلى العلل المؤثرة لا إلى الأسباب المفضية إليها ولأن أمر الأمر إذا كان كذلك لا يجاوز أن يكون مشورة وهي غير ملزمة للمأمور ولا تصلح سبباً لتبرير عمل المأمور.

    ويستثنى من إطلاق هذه القاعدة ما إذا كان المأمور معذوراً في الفعل، كأن يأمر صغيراً غير مميز بإتلاف مال إنسان فإن الضمان على الأمر لا على المتلف لعدم الإرادة من هذا الصغير .

    ويستثنى أيضاً ما إذا لم يكن المأمور عالماً بأن المال المأمور به لغير الأمر أو أوهمه الأمر بإنه له كما إذا قال له : اذبح لي شاتي هذه، وهي ليست له، فإن الضمان على الأمر لا على الذابح المعذور في فعله، حيث الأمر أضاف الشاة لنفسه في الأمر ولصاحب الشاة تضمين المأمور، وللمأمور أن يرجع على الأمر بما ضمن لتغريره إياه.

  • شرح القاعدة الفقهية: درء المفاسد أولى من جلب المصالح – مع أمثلة

    شرح القاعدة الفقهية: درء المفاسد أولى من جلب المصالح – مع أمثلة

    محامي عربي

     درء المفاسد أولى من جلب المصالح

     

    إن اعتناء الشارع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان : ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم» ؛

    لأن ترك المنهي عنه مقدور عليه مطلقاً كونه عمل سلبي يستطيعه كل مكلف، أما فعل المأمور به فهو غير مقدور إلا للقادر عليه، ولا يعتبر القادر عليه قادراً عند مخالفته للنهي بل يعتبر عاجزاً  عنه حكماً فلا يكلف به فيجب تركه .

    ثم إن للمفاسد سرياناً وتوسعاً كالوباء والحريق، فمن الحكمة والحزم القضاء عليها من مهدها، ولو ترتب على ذلك حرمان من منافع أو تأخير لها، ومن ثُمَّ كان حرص الشارع على منع المنهيات أقوى من حرصه على تحقيق المأمورات، وهذه القاعدة هي غاية ما وصل إليه التفكير القانوني الحديث في نظرية منع التعسف  في استعمال الحق.

    ويستثنى من ذلك ما إذا كان الضرر من المصلحة المتروكة أكبر من الضرر من فعل المفسدة، كإباحة الكذب للإصلاح بين المتخاصمين، فإن الضرر من ترك الإصلاح بين الناس أكبر من ضرر الكذب فيجوز التكلم بالكذب وهو مفسدة على قدر الحاجة إليه .

    والظاهر أن تقديم المنفعة ومراعاتها حين تربو على المفسدة يكون إذا كانت المفسدة عائدة على نفس الفاعل كمسألة تجويز الكذب المذكورة، أما إذا كانت المفسدة عائدة لغير الفاعل كأن يتصرف صاحب العلو وصاحب السفل تصرفاً مضراً بالآخر وإن كان فيه منفعة كبيرة، فإنه يُمنع من هذه التصرفات لمجرد وجود الضرر للغير، وإن كانت المنفعة تربو كثيراً على المفسدة

  • شرح القاعدة الفقهية: يُغتفر في البقاء ما لا يغتفر في الابتداء – مع أمثلة

    شرح القاعدة الفقهية: يُغتفر في البقاء ما لا يغتفر في الابتداء – مع أمثلة

    محامي عربي

     يُغتفر في البقاء ما لا يغتفر في الابتداء

    يعبرعن هذه القاعدة بلفظ آخر : (ما لا يجوز ابتداءً يجوز بقاء)، (ما لا يثبت قصداً . يجوز أن ثبوته ضمناً وتبعاً)، ذلك لأن وجود الشيء ابتداء لا يخلو عن شروط وربما لا تبقى هذه الشروط إلى الانتهاء لانعدامها أو لاعتراض ما ينافيها، فيصبح ما لا يجوز الشروع فيه يجوز البقاء عليه لاستمرار أحكام أخرى . وعلى هذه القاعدة يمكن أن يغتفر اختلال بعض شرائط العقود في حال استمرارها بعد وجودها ولا يغتفر ذلك في حال انعقادها .

    ولأن البقاء أسهل من الابتداء كان الاستصحاب يكفي حجة للدفع لا للاستحقاق ؛ لأن الدفع استبقاء وتقرير ما كان على ما كان والاستحقاق نزع وابتداء، ورفع الأول أسهل بخلاف الثاني فإنه أهم فلا بد فيه من البينة، فقد قال أبو يوسف الله في كتابه الخراج: (لا ينزع شيء من يد أحد إلا بحق ثابت معروف).  .

    الأولى أن يضاف لفظ «قد» في بداية القاعدة للتنبيه على أنها ليست بقاعدة مطردة بل لها الكثير من المستثنيات نحو : لو فوَّض طلاق امرأته لعاقل فجنّ فطلق لم يقع الطلاق، ولو فوضه إلى مجنون فطلق وقع، فاغتفر في الابتداء ما لم يغتفر في البقاء   .

    ويستثنى أيضاً أنه يصح تقليد الفاسق القضاء ،ابتداء ولو كان عدلاً ابتداء ففسق انعزل وذكر ابن الهمام إن الفتوى على ذلك .

    ويستثنى كذلك لو أوقف على ولده وليس له ولد وله ولد ولد، صرف الوقف الى ولد الولد، ولو كان له ولد وقت الوقف ثم مات يصرف وقفه إلى الفقراء لا إلى ولد الولد، فاغتفر في الابتداء ما لم يغتفر في البقاء.

     من فروع هذه القاعدة : لو اعترفت المرأة بالعدة فإنها تمنع عن التزوج، أما لو تزوجت ثم ادعت العدة فلا يلتفت إلى قولها . 

     ومنها : لو طرأت العدة على المرأة بعد النكاح كما لو وطئت بشبهة لا يبطل نكاحها، أما لو عقد عليها وهي معتدة فإن النكاح لا يصح ..

     ومنها: لو عقد النكاح على أن لا مهر لها لم يصح الحط  ووجب مهر المثل، ولو حطت المهر عن الزوج بعد العقد صح حطها وبرىء الزوج من المهر. 

     ومنها : لو وهب شخص في مرض موته داره التي لا يملك سواها ثم توفي الواهب تبطل الهبة في الثلثين وتصح في الثلث مع أن الهبة لا تصح في الشائع؛ لأن من شروطها قبض الموهوب وقت العقد.

    ومنها: لو استخلف القاضي عنه والإمام لم يفوض له الاستخلاف لم يجز، ومع هذا لو حكم خليفته وهو يصلح أن يكون قاضياً وأجاز القاضي أحكامه فيجوز حكمه عندئذ .

    وهذه المسألة على ما يبدو لا ترتبط بالقاعدة لأن الفعل لم يبدأ صحيحاً أصلاً، والأجدر أن يكون هذا المثال على قاعدة ( الإجازة اللاحقة كالإذن السابق).

  • شرح القاعدة الفقهية: إنما تعتبر العادة إذا طردت أو غلبت

    شرح القاعدة الفقهية: إنما تعتبر العادة إذا طردت أو غلبت

    محامي عربي

    لكي تكون العادة معتبرة يجب أن تكون مطردة لا تتخلف مطلقاً أو غالبة لا تتخلف على أكثر الأحيان، بالإضافة إلى الاطراد والغلبة في اعتبار العادة فيجب أن تكون مقارنة أو سابقة لزمن التصرف الذي يراد فيه تحكيم العرف والعادة .

    الدعوى والإقرار لا يقيدان بالعرف الحاضر لأنهما إخبار بما تقدم فلا يقيده العرف المتأخر .  

    مثال ذلك:

    لو جهز الأب ابنته جهازاً ودفعه لها ثم ادعى إنه عارية ولا بينة له، فإن كان العرف أن الأب يدفع ذلك ملكاً لا عارية لم يقبل قوله، وإن كان الأب يدفع لكل بنت جهازها عارية يقبل قوله لاعتباره العادة. 

  • شرح القاعدة الفقهية : العادة محكمة مع تطبيقاتها

    شرح القاعدة الفقهية : العادة محكمة مع تطبيقاتها

    محامي عربي

    العادة هي الاستمرار على شيء مقبول للطبع السليم والمعاودة إليه مرة بعد أخرى، وسواء كانت العادة عامة أم خاصة تُجعل حكماً لإثبات حكم شرعي لم ينص على خلافه بخصوصه، ولا تُعتبر إلا إذا كانت سابقة على ورود النص التشريعي، أو كانت حادثة دون أن تتعارض معه .   .

    وأصل هذه القاعدة قول ابن مسعود ( ر ض) :

    (ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحاً فهو عند الله قبيح)

    وهو حديث حسن، قال فيه السخاوي في المقاصد الحسنة : رواه أحمد في كتاب السنة ووهم من عزاه للمسند، وجعله العلائي موقوفاً على ابن مسعود  ، وإنه وإن كان موقوفاً عليه فله حكم المرفوع لأنه لا مدخل للرأي فيه، والظاهر إنه يصلح دليلاً على الإجماع لا على العرف.

    كل عمل اختياري لا بد له من باعث وهذا الباعث إما خارجي كظهور منفعة من شيء أو عمل، وإما داخلي كحب الانتقام الدافع إلى الكيد وكحياء البكر الباعث على الصمت.

    فإذا ارتاح الإنسان للفعل الذي مال إليه بذلك الباعث وكرره أصبح بالتكرار عادة له، فإذا حاكاه غيره فيه بدافع حب التقليد وتكررت هذه المحاكاة وانتشرت بين معظم الناس، يتكون عندئذ بها العرف الذي هو في الحقيقة عادة الجماعة  .

    والعادات التي تشيع في البلاد أو بين أصناف مخصوصة من الناس لا تنشأ عن دواع واحدة وبطريقة واحدة لكن معظم العادات إنما تنشأ عن الحاجة، ، إذ يعرض للناس ظرف خاص يدعوهم إلى عمل خاص فيتكرر العمل ويشيع حتى يصبح عرفاً دارجاً كما في نشأة وقف أنواع من الأموال المنقولة،

    وقد تنشأ العادات والأعراف بأمر صاحب السلطان الحاكم أو برغبته وتوجيهه، كعادة حساب الأيام بالتقويم الشمسي، وقد تكون العادات وراثية عن الأسلاف دون أن تدعو إليها حاجة حقيقية.

    وللعادات سلطان على النفوس وتحكم في العقول، فمتى رسخت العادة اعتبرت من ضروريات الحياة، لأن العمل بكثرة تكراره تألفه الأعصاب والأعضاء، لذا قالوا (إن العادة طبيعة ثانية) و

    قد قال ابن عابدين : (إن في نزع الناس عن عاداتهم حرجاً عظيماً).

    ويتضح من ذلك أن العادات منها الحسن ومنها القبيح؛ إذ ليس كل ما يعتاده الناس ويتعارفونه ناشئاً عن حاجة صادقة ومصلحة حكيمة يكون الأمر المعتاد وسيلة ميسرة لها، فقد يعتاد الناس عادات تقوم على جهالات موروثة يشقى بها المجتمع وليس فيها منفعة، كأخذ أولياء البنات مهورهن عند تزوجهن .

    والعادة لا تسمى عرفاً إلا في الأمور المنبعثة عن تفكير واختيار، وقد عرفه الفقهاء بقولهم : هو ما استقر في النفوس من جهة العقول، كالتعامل في الزواج على أن المرأة تشتري بمهرها جهازاً من ملبوس ومفروش تحضره معها إلى بيت الزوج، وأنها لا تُزف قبل أن يدفع الرجل معجل مهرها كله أو بعضه…

    أما ما يكون ناشئاً عن عوامل طبيعية لا عن تفكير واختيار، كإسراع بلوغ الأشخاص في الأقاليم الحارة وبطئه في الأقاليم الباردة، لا يسمى عرفاً بل عادة، فتكون النسبة بين العرف والعادة هي العموم والخصوص المطلق، لأن العادة أعم.

    ولاعتبار العرف أربعه شروط، وهي :

    ١ ـ أن يكون العرف مطرداً بحيث يكون العمل به بين متعارفيه مستمراً في جميع الحوادث لا يتخلف، كالعرف على تقسيم المهر في النكاح الى معجل

    ومؤجل، أو يكون غالباً بحيث يكون جريان أهله عليه في أكثر الحوادث .

    ٢ ـ أن يكون العرف المراد تحكيمه في التصرفات قائماً عند إنشائها ولا عبرة بالعرف الطارىء، وكذلك نصوص الشريعة لا يؤثر فيها إلا ما قارنها من

    العادات .

    ٣ ـ أن لا يعارض العرف تصريح بخلافه سواء كان التصريح في النص أو في شروط أهل التصرفات القولية.

    ٤ ـ أن لا يكون في العرف تعطيل لنص ثابت، أو لأصل قطعي في الشريعة.

    لو نكح أو طلق هازلاً صحت تصرفاته، وإن كان عرفاً لا يعتد بالمعقود عليه هزلاً ؛ لأن الشرع حكم عليه بالصحة للحديث: ((ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة)) على ما في رواية الترمذي وأبو داود.

    أما  عن حالات مخالفة العرف للأدلة الشرعية فعلى وجوه كما فندها العلّامة مصطفى الزرقا حفظه الله :

    أ ـ أن يصطدم العرف اصطداماً بنص تشريعي خاص من كتاب أو سنة ثابتة، آمراً بخلاف ما جرى عليه العرف بحيث يكون وارداً عن الشارع بشأن الأمر الذي هو موضوع العرف فيقدم النص بالاتفاق كالنهي عن نكاح الشغار الذي كان متعارفاً عليه في الجاهلية.

    ب ـ أن يتعارض العرف اللفظي مع نص تشريعي عام يكون فيه الحكم شاملاً للأمر الجاري فيه العرف وغيره، بحيث تكون دلالة اللفظ الذي استعمله الشارع في أصل اللغة أوسع من دلالته العرفية، فينزل النص التشريعي العام على حدود معناه العرفي؛ لأن العرف اللفظي يجعل المعنى المتعارف حقيقة عرفية وهي مقدمة في الفهم على الحقيقة اللغوية التي تصبح بالنسبة إلى الحقيقة العرفية مجازاً يحتاج إلى قرينة عند إرادته، كلفظ (عدة الطلاق) يراد به تربص المطلقة، أما عند وجود القرينة فيمكن حمله على معنى الاستعداد للطلاق.

    ج ـ أن يتعارض النص التشريعي العام مع العرف العملي الخاص القائم عند ورود النص، فعند الحنفية ليس للعرف الخاص ما للعرف العام من قوة في معارضة النص العام، ولا يصلح هذا العرف لتخصيصه ؛ لأن التخصيص بيان لمراد الشارع من النص لا تعديل طارىء عليه، والعرف الخاص لا يصلح دليلاً على أن الشارع لم يرد من نصه العام عموم معناه وذهب محققو المالكية إلى أن العرف العملي سواء كان عاماً أو خاصاً يخصص النص العام كما يقيد النص المطلق .

    ومن فروعهم:

    إذا كانت المرأة شريفة القدر لا يلزمها إرضاع ولدها إن كان يقبل ثدي غيرها للمصلحة العرفية في ذلك وهي مراعاة العرف الجاري في صون النساء الشريفات، ولأن من عادات أشراف العرب أن يسترضعوا لأولادهم مرضعات من البادية ابتغاء صحة الجسم وتقويم اللسان، وهو تخصيص لقوله تعالى : ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَدَهُنَّ ).

    د ـ أن يتعارض النص التشريعي مع العرف العملي العام القائم عند ورود النص فحينئذ يكون العرف العام مخصصاً للنص العام إذ يكون ذلك العرف قرينة دالة على أن الشارع لم يرد شمول ذلك الأمر كحديث النهي عن بيع ما ليس عند الإنسان ورخّص في السلم، وهو نص عام في منع كل أنواع البيع للمعدوم سوى السلم. وعقد الاستصناع يشمله المنع لعموم النص المانع الا أنه قد تعارفه الناس لاحتياجهم إليه فكان هذا العرف مخصصاً لعموم النص المانع فكأنما ورد النص باستثناء الاستصناع ضمناً كما استثنى السلم صراحة

    هـ ـ أن يتعارض النص التشريعي العام مع العرف الحادث بعد ورود النص وهو ما يعرف بالعرف الطارىء، فلا يعتبر هذا العرف في مواجهة النص وليس له سلطان على النص في تخصيصه إلا أن يكون النص معللاً بعلة يزيلها العرف كأن يكون النص مبنياً على عرف عملي قائم عند وروده، فإذا تبدل العرف تبدل حكم النص تبعاً، وهو رأي أبي يوسف وهو الراجح في المذهب والجمهور على خلافه، من ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري بشأن البكر البالغة «إذنها صماتها» فقد اتفقت آراء الفقهاء على أن هذا الحكم مبني على ما هو معروف في البكر من خجل في إظهار رغبتها في الزواج عند استئمار وليها لها بحسب التربية والتقاليد الاجتماعية، فإذا فرض أن هذه التربية قد تبدل اتجاهها وأصبحت الأبكار لا يتحرجن من إعلان هذه الرغبة أو عدمها ، فإن الإذن منهن حينئذ بالتزويج لا يكفي فيه السكوت بل يحتاج إلى بيان كما مع الثيبات، أو عند عدم الإذن يعتبر تزويجها عملاً فضولياً يحتاج إلى إجازة ليصبح نافذاً عليها .

    و ـ إذا تعارض العرف سواء كان قولياً أو عملياً وسواء كان قديماً أو طارئاً مع عبارة أهل التصرفات كعبارة الواقف أو المطلق. فتحمل هذه العبارات على المعاني العرفية دون المعاني اللغوية شرط أن تكون المعاني العرفية قائمة حين صدور هذه التصرفات من أصحابها، فلو أوقف على ذريته حسب فريضة الشرع، فيحمل لفظ الفريضة على معناه العرفي ويعني للذكر مثل حظ الأنثيين. وإذا تعارف الناس إيقاع الطلاق بألفاظ أو تعابير جديدة فشا استعمالها بينهم فإنه يقع بها الطلاق ولو كانت في أصل اللغة لا تقتضي وقوعه بها، كلفظ (عليّ الطلاق) الذي يستعمله الرجال في هذا الزمان عند إرادة التطليق مع أن الطلاق وصف يقع على المرأة التي هي محله شرعاً لا على الرجل.

    ولو قال لزوجته (أنا منك طالق) لا يقع به الطلاق وإن نواه لأن الرجل لا يكون طالقاً بل مطلقاً. وقد صح تطليق الزوجة باللفظ الأول لأنه أصبح في العرف والاستعمال نظير قوله لامرأته (أنت طالق).

    ز ـ إذا تعارض العرف مع الأحكام الاجتهادية التي يثبتها الفقهاء المجتهدون استنباطاً وتخريجاً بطريق القياس النظري على حكم أوجبه الشارع بالنص فيترك القياس ويعتبر العرف؛ لأن العرف أقوى من القياس لما ذكره العلامة ابن الهمام (العرف بمنزلة الإجماع شرعاً عند عدم (النص)، ومن المعلوم أن ترجيح العرف على القياس يعتبر عند الحنفية من قبيل الاستحسان الذي تترك فيه الدلائل القياسية لأدلة أخرى منها العرف.

    من فروع هذا المبدأ:

    أن الأصل القياسي يقضي بأن على الحاكم أن يستمع إلى كل دعوى ترفع إليه ثم يقضي للمدعي أو للمدعى عليه بحسب ما  يثبت لديه، لكن الفقهاء تركوا هذا القياس فيما إذ ادعت الزوجة المدخول بها أن زوجها لم يدفع إليها شيئاً من معجل مهرها فقالوا لا تسمع دعواها هذه بل يردها القاضي، وعللوا ذلك بأن عادة الناس التي لا تكاد تتخلف أن المرأة لا تزف إلى زوجها ما لم يدفع المهر المعجل فتكون دعواها مما يكذبه الظاهر من الحال  بعد الدخول، إلا أن العرف لم يبق كما هو فكثير من الناس يزففن دون قبض شيء من المهر تيسيراً على الزوج فيبقى سماع هذه الدعوى اليوم.

    ومنها:

    إن القواعد القياسية تقضي بأنه لا يجوز دفع الدين لغير صاحبه ولا ينفذ قبضه على الدائن من ولاية أو وكالة لكن الفقهاء تركوا القياس في البنت البكر البالغة إذا قبض أبوها أو جدها عند عدم الأب مهرها من زوجها حين زواجها، واعتبروا هذا القبض نافذاً عليه ومبرئاً لذمة الزوج للعرف والعادة ما لم يصدر منها نهي عن دفع المهر الى سواها .

    من فروع هذه القاعدة :

    إذا كان النص الشرعي . يقتضي الخصوص والعرف القولي يقتضي العموم فالمعتبر الخصوص، من ذلك فلو أوصى لأقاربه لا يدخل الوارث اعتباراً لخصوص الشرع لأنه من قبيل مصارعة العرف القولي للنص المخالف له، وهو قوله عليه الصلاة والسلام ((لا وصية لوارث)) .   .

    ومنها:

    العرف الزائد على اللفظ لا عبرة به كما لو قال لأجنبية إن دخلت بك فأنت طالق فنكحها ودخل بها لا تطلق وإن كان يراد في العرف من هذا اللفظ دخوله بها عن ملك النكاح ؛ لأن هذه الزيادة على اللفظ بالعرف أي أن الدخول المعلق أعم من مدلول لفظ دخول، ومن هنا قال الامام محمد (بالعرف يخص ولا يزاد  . أما إذا قال لها : إن تزوجتك فأنت طالق، فيقع الطلاق بالجماع مرة؛ لأن معنى الجماع المعلق عليه أخص من معنى مدلول لفظ الزواج .

    تنبيه :

    اعتاد الباحثون في مباحث العرف أن يوردوا مسائل القرائن العرفية لما فيها من خطر وعظيم أثر في إثبات الأحكام ذلك أن الفقه الإسلامي اعتبر القرائن من الأدلة المثبتة التي يعتمد عليها في القضاء بدرجات مختلفة، فإذا كانت القرينة قطعية كانت وحدها بينة نهائية كافية للقضاء كما لو حصل الحمل بعد وجود العقد فالنسب ثابت بالفراش. أما إذا كانت القرينة غير قطعية ولكنها أغلبية فإن الفقهاء يعتمدونها دليلا أولياً يترجح بها زعم أحد المتخاصمين حتى يثبت خلافها ببينة أقوى، وهذه تسمى قرائن عرفية أو ظاهر الحال.

    من ذلك : إذا اختلف الزوجان في بعض أمتعة البيت إنها ملك الرجل أو المرأة ولا بينة لأحدهما، فيترجح قول الرجل فيما يستعمله الرجال، ويترجح قول المرأة فيما تستعمله النساء، وذلك بقرينة عادة الاستعمال، أما ما يصلح لكل منهما كالمفروشات فيترجح قول الزوج لأنه يعتبر صاحب اليد عليه واليد قرينة على الملك، ومنها طلاق الفرار، فقد اعتبره الاجتهاد الحنفي قرينة شرعية على أن الرجل أراد بهذا الطلاق حرمان زوجته من ميراثها عند يأسه من الحياة فأوجبوا ميراث زوجته منه بشرائط .

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1