الوسم: عناوين محامين عرب في برلين

  • الخطأ في جريمة القتل والايذاء غير المقصود

    أولاً : تعريف الخطأ:

    يعتبر الإنسان مخطئاً، بالمعنى القانوني، عندما لا يتخذ في سلوكه الاحتياط الكافي الذي يجب على الشخص العادي الحريص اتخاذه لمنع ما يترتب على سلوكه من ضرر للغير.

    ولقد حدد المشرع السوري صور ومفهوم الخطأ وعناصره في المادتين 189 و 190 من قانون العقوبات.

    فالمادة 189 عددت صور الخطأ كما يلي يكون الخطأ إذا نجم الفعل الضار عن الإهمال أو قلة الاحتراز أو عدم مراعاة الشرائع والأنظمة”.

    أما المادة 190 فلقد حددت ماهية الخطأ وعناصره ومتى تكون الجريمة غير مقصودة، كما يلي

    “تكون الجريمة غير مقصودة سواء لم يتوقع الفاعل نتيجة فعله أو عدم فعله المخطئين، وكان في استطاعته أو من واجبه أن يتوقعها، وسواء توقعها فحسب أن بإمكانه اجتنابها”.

    ثانياً- عناصر الخطأ:

    يقوم الخطأ استنادا للنص التشريعي الوارد في المادة 190 على عنصرين أساسيين :

    1- الإخلال بواجب الحيطة والحذر المعتادین.

    2- عدم توقع الفاعل نتيجة فعله أو عدم فعله المخطئين على الرغم من أنه كان بإمكانه أن يتوقعها، أو أنه توقعها وحسب أن بإمكانه أن يتجنبها.

    فالعنصر الأول يتمثل بإخلال الشخص بالواجب العام الملقى على عاتق كل إنسان أن يتوخى في سلوكه الحيطة والحذر کي لا يضر بالأخرين.

    فسائق السيارة عليه أن لا يسرع كي لا يصدم أحدا، ومن يحفر حفرة أمام داره عليه أن يضع عليها إشارة تنبه الأخرين کي لا يقعوا بها.

    فالسرعة من السائق وعدم وضع تتبيه للمارة على الحفرة هو إخلال بواجب الحيطة والحذر المطلوب من كل إنسان.

    ومعيار الحيطة والحذر يستند على أساس موضوعي لا شخصي.

    فليس المقصود منه الفاعل ذاته في سلوكه المعتاد، وإنما المقصود هو سلوك الشخص العادي، أي الشخص المجرد الذي يمثل جمهور الناس، الذي يتبع في تصرفاته القدر الكافي و المألوف من الحيطة، والذي يظل مقبولا من جميع الناس وصالحة للتطبيق في جميع الحالات.

    إلا أن هذا الأساس، أي سلوك الرجل العادي، ليس مطلقاً، وإنما يجب عند تقدير هذا السلوك أن يوضع الرجل العادي في ظل الظروف نفسها التي أحاطت بالمدعى عليه، سواء أكانت ظروف متعلقة بالزمان أو المكان أو بحالة المدعى عليه الجسدية أو النفسية كالمرض أو الخوف أو العمر، لكي يمكن الحكم على سلوكه.

    فالحيطة أو الحذر المطلوب من الإنسان المكتمل الإدراك يفوق ما هو مطلوب من الإنسان المسن أو الفتى المراهق.

    وقيادة سيارة في شارع مزدحم يقتضي حيطة وحذرا يفوق ما هو مطلوب عند قيادة هذا السيارة في شارع فارغ أو فرعي أو طريق سفر .

     فإذا قام الشخص بقيادة سيارته بسرعة في شارع مزدحم وصدم شخصاً فهو مسئول عن خطأ ارتكبه لأنه أخل بواجب الحيطة والحذر المطلوب من الشخص العادي و هو التسهل في هكذا ظروف.

    أما العنصر الثاني، فيتمثل بقيام علاقة نفسية بين الفاعل والنتيجة الجرمية المترتبة على فعله. فوجود الخطأ وبالتالي ترتب المسئولية مرتبط بهذه العلاقة وجود و عدم .

    و هذه العلاقة النفسية تظهر في صورتين أوضحتهما المادة 190 ق.ع.

    الأولى: عدم توقع الفاعل للنتيجة الناجمة عن السلوك الخاطئ رغم أنه كان باستطاعته أن يتوقعها، أو كان يجب عليه، على الأقل، أن يتوقعها .

    وهذه الصورة يطلق عليها الخطأ بلا تبصر أو الخطأ غير الواعي أو غير الشعوري .

    والمثال على الخطأ غير الواعي أن يخطئ الصياد هدفه ويصيب إنسانا أخر أو أحد الصيادين معه بدلا عن الطريدة.

    الثانية: توقع الفاعل النتيجة الناجمة عن سلوكه الخاطئ، إلا أنه لا يرضى بها ويسعى إلى عدم حدوثها معتمدا على كفاءته أو مهارته في تجنبها.

    وهذه الصورة يطلق عليها الخطأ بتبصر أو الخطأ الواعي أو الشعوري

    فلاعب السيرك الذي يطلق السكاكين باتجاه شريكته في اللعبة يتوقع أن تصيب إحداها شريكته إلا أنه لا يريد ولا يقبل هذه النتيجة بل يعتمد على مهارته في تجنب الإصابة.

    وتجدر الإشارة إلى أن الخطأ الواعي أو الشعوري يقترب كثيرا من القصد الاحتمالي المساوي للقصد المباشر، والتمييز بينهما دقيق للغاية.

     ففي حين أن الفاعل في الخطأ الواعي يتوقع النتيجة إلا أنه لا يرضى بها، ويعتمد على مهارته في تلافيها، نجد أن الفاعل في القصد الاحتمالي يتوقع النتيجة ويرضى بها مقدما إذا وقعت، فيقبل المخاطرة.

     كمن يضع السم لقتل غريمه ويتوقع أن تأكل زوجته معه فيرضى أن تموت هي الأخرى في سبيل تحقيق هدفه الأساسي في قتل غريمه.

    ثالثاً :صور الخطأ

    عدد المشرع في المادة 189 صور الخطأ وهي: الإهمال – قلة الاحتراز – عدم مراعاة القوانين والأنظمة.

    ثم كرر التعداد ذاته في المادة 550 التي عاقبت على القتل الخطأ.

    وعلى الرغم من أن المشرع قد أورد هذه الصور على سبيل الحصر إلا أنها في الحقيقة تخضع للتفسير الموسع والمرن كونها متداخلة مع بعضها بحيث يصعب التمييز أحيانا بين صورة وأخرى، ووضع حدود فاصلة حاسبة بينها.

     فهذه الصور، كما أسلفنا، كثيرا ما تتداخل فيما بينها ويحل بعضها محل بعض.

    فقد تنشأ الوفاة مثلا عن إهمال مرده قلة أحتراز، أو عن قلة احتراز مصدرها الإهمال.

     وقد ينطوي عدم مراعاة القوانين والأنظمة بحد ذاته على إهمال أو قلة احتراز .

     وليست الغاية التي ابتغاها المشرع من هذا التعداد سوى الإحاطة بكل أنواع الخطة التي يمكن تصورها.

    وسنحاول، مع ذلك، توضيح كل صورة على حدة.

    1– الإهمال :

     تنصرف هذه الصورة في الغالب إلى الحالة التي ينتج فيها الخطأ عن سلوك الإنسان السلبي أي عن الترك أو الامتناع.

    وفيه يغفل الشخص عن اتخاذ احتياط يوجبه الحذر، بحيث أنه لو كان اتخذه لما وقعت النتيجة الضارة من موت أو إيذاء.

    أي أن هذا الشخص يمتنع عن القيام بما ينبغي على الشخص العادي الذي يتواجد في الظروف نفسها القيام به.

    من أمثلة هذه الصورة:

    الشخص الذي يحفر حفرة قرب بيته ويهمل وضع ما يشير إليها، فيقع بها أحد الأشخاص ويموت أو يتعرض لأذى.

    أو سائق الحافلة الذي ينطلق بها دون التأكد من دخول الركاب وإغلاق الباب، مما يؤدي إلى سقوط أحد الركاب وموته.

     أو مالك البناء الذي لا يجري الصيانة اللازمة لترميمه، فيسقط أحد الأسقف على المستأجر ويموت.

    أو الشخص المكلف بالعناية بطفل أو عاجز أو مريض، فيهمل بهذه العناية، ويؤدي إلى موت هذا الشخص.

    أو الأب الذي يترك سلاحه المحشو بالرصاص في مكان ظاهر فيتلقفه أبنه ليلعب به فتخرج إحدى الرصاصات وتقتله.

     

    2- قلة الاحتراز:

    تصرف هذه الصورة في الغالب إلى الحالة التي ينتج فيها الخطأ عن سلوك الإنسان الإيجابي الذي يدل على الطيش أو عدم التبصر أو عدم تقدير العواقب .

    فالفاعل في هذه الصورة يدرك خطورة تصرفه أو سلوكه وما يترتب عليه من آثار ضارة، ورغم ذلك لا يتخذ الاحتياطات اللازمة لمنع حصوله.

    من أمثلة هذه الصورة:

    السائق الذي يقود بسرعة في مكان مزدحم فيدهس أحدهم. أو الشخص الذي يقود سيارته ليلا وهي مطفأة الأنوار فيصطدم أحد المارة.

    أو الشخص الذي يقود سيارة بالرغم من الضعف الشديد في قوة بصره مما يؤدي لدخوله في حائط أحد المنازل وانهيار الحائط على أحد السكان.

     أو الشخص الذي يشهر مسدسا محشوة بالرصاص بوجه صديقه مازحا، فتنطلق رصاصة وتصيبه إصابة قاتلة.

     وتندرج في هذه الصورة أيضا حالة الأم التي تنام مع رضيعها في سرير واحد فتنقلب عليه أثناء نومها وتقتله.

     وحالة الشخص الذي يسلم حيوانه الخطر إلى شخص غير قادر على السيطرة عليه، لصغر سن أو عدم دراية، فيؤدي فعله إلى إيذاء الشخص أو موته من قبل الحيوان.

    3- عدم مراعاة الشرائع والأنظمة.

     المقصود بالشرائع القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية، أما الأنظمة فهي القواعد الصادرة عن السلطة التنفيذية، أي الجهات الإدارية من وزارات ومحافظات وبلديات. والخطأ الجزائي يقع، والمسئولية الجزائية تقوم على النتيجة الجرمية الحاصلة من موت أو إيذاء، بمجرد مخالفة القوانين أو الأنظمة ولو لم يرتكب المخطئ إهمالا أو قلة احتراز.

     ومن أمثلة هذه الصورة:

     الشخص الذي يعير سيارته لصديقه مع علمه بعدم حصوله على رخصة قيادة، فيدهس هذا الصديق شخصا ويقتله.

     فصاحب السيارة يعتبر مخطئا لمخالفته قانون السير وبالتالي تترتب مسئوليته الجزائية مع صديقه عن وفاة الشخص.

    الشخص الذي يقود سيارته بسرعة تفوق السرعة المحددة بالقانون أو النظام، فهذا يرتكب هذا الشخص خطأ لمخالفته القوانين والأنظمة،

    فإذا أدت سرعته إلى صدم أحد المارة، فيسأل عن قتله أو إيذائه ولو الم يقع منه أي إهمال أو قلة احتراز.

     أو القيادة في اتجاه معاكس للسير فيؤدي ذلك إلى صدم أحد الأشخاص.

     ونلاحظ في المثالين الأخيرين أن عدم مراعاة القوانين والأنظمة ينطوي على جرمين:

    مخالفة قانون السير، وجرم القتل أو الإيذاء الخطأ الناجم عن مخالفة القوانين والأنظمة.

  • جناية الإيذاء المفضي إلى إحداث عاهة دائمة

    جناية الإيذاء المفضي إلى إحداث عاهة دائمة

    جاء النص على هذه الصورة في المادة 543 كما يلي:

     “إذا أدى الفعل إلى قطع، أو استئصال عضو، أو بتر أحد الأطراف، أو إلى تعطيلهما، أو تعطيل إحدى الحواس عن العمل، أو تسبب في إحداث تشويه جسيم، أو أية عاهة أخرى دائمة، أو لها مظهر العامة الدائمة، عوقب المجرم بالأشغال الشاقة المؤقتة عشر سنوات على الأكثر”.

    بتحليل هذا النص يمكننا استخلاص النتائج التالية:

     1- يجب أن يتوفر في هذا الجرم ذات الأركان العامة التي تشترك بها جميع جرائم الإيذاء بصورها الجنحية والجنائية، سواء ما تعلق بفعل الضرب أو الجرح أو الإيذاء، أي الركن المادي، أو ما تعلق بقصد الإضرار بالسلامة الجسدية للمجني عليه، وهو القصد الجرمي العام المطلوب في كافة جرائم الإيذاء، أي الركن المعنوي.

    2- لا بد لتطبيق نص المادة 543 من توفر النتيجة الجرمية المطلوبة به، والتي عددها النص:

    من قطع أو استئصال العضو أو من بتر لأحد الأطراف أو تعطيله، أو من تعطيل أحد الحواس، أو من إحداث تشويه جسيم أو أية عاهة أخرى دائمة أو لها مظهر العاهة الدائمة.

    وليس التعداد الذي أورده النص سوى أمثلة، على سبيل التمثيل لا الحصر، عن العاهة الدائمة.

    3- لم يورد المشرع في النص تعريفا للعاهة الدائمة، بل اكتفي كما أشرنا بذكر بعض صورها. ويمكن تعريف العاهة الدائمة استنادا لهذه الصور بأنها

    “حرمان المجني عليه كليا أو جزئيا من منفعة أحد أعضائه أو أطرافه أو حواسه، أو من جماله، حرمانة نهائي “.

     إذا فالعاهة تعني فقد عضو من أعضاء الجسم، سواء كان خارجي أم داخلي، أو حاسة من حواسه، أو تعطيلهما، أو تشويههما بشكل دائم، أي غير قابل للشفاء.

    وتقدير ذلك يعود لقاضي الموضوع الذي يسترشد بالتقرير الطبي وبحالة المصاب.

    ولا ينفي عدم قابلية الشفاء أن يكون الطب قد توصل إلى وضع بديل صناعي للعضو المفقود أو التالف، كأذن صناعية، أو ساق صناعية.

    وتعتبر عاهة دائمة ولو كان من الممكن شفاعها عن طريق جراحة دقيقة تعرض حياة المجني عليه للخطر، إذا رفض المجني عليه إجراءها، فالمجني عليه لا يلزم بإجراء هذه العملية الجراحية.

    4- لم يحدد المشرع نسبة مئوية معينة للنقص الذي لحق منفعة العضو أو الحاسة لتكوين العاهة الدائمة. وهذا يعني أن العاهة تتحقق بهذا النقص مهما كان ضئيلاً.

     فضالة النسبة المئوية لا تنفي صفة العاهة. كما أنه لا يؤثر في قيام العاهة عدم إمكان تقديرها بنسبة مئوية.

    وتطبيقا لذلك فإن عاهة العين تثبت بمجرد فقد البصر فيها، وإن كان المجني عليه يعاني قبل ذلك من ضعف في الإبصار بها.

     فما دام المجني عليه كان يبصر بعينه قبل الاعتداء عليه، ولو بشكل ضئيل، وفقد معظم بصره أو فقده بشكل تام نتيجة الاعتداء، فالعاهة الدائمة تعتبر متوفرة .

     – من الأمثلة على العامة الدائمة فقد البصر أو ضعفه ولو كان مقصورة على إحدى العينين، فقد أو ضعف حاسة الشم أو السمع أو القدرة على النطق، فقد أحد الأصابع أو عدم القدرة على ثنيه، قطع صيوان الأذن، استئصال الطحال أو الكلية ولو كان المجني عليه مصابة بمرض بهما سابقا .

     5- لقد ساوى المشرع بين العاهة الدائمة وبين العاهة التي لها مظهر العاهة الدائمة وإن لم تكن في حقيقتها كذلك.

    وبذلك يحمي المشرع جمال الجسم، بحمايته لفقد جمال أحد أعضائه، إضافة لحماية وظائف الجسم.

     فلو أدى الإيذاء إلى تشويه جسيم في الوجه، كانحراف واضح في الأنف، أو فقد الشعر، أو حرق إحدى الوجنتين، فهو يأخذ مظهر العاهة الدائمة وإن لم يكن ينطوي على فقد عضو من أعضاء الوجه أو جزء منه، أو تعطيل وظيفة حاسة من الحواس.

    وحسنا فعل المشرع بذلك، فما من شك بأن تشويه الوجه يكون له أثر في نفس المجني عليه لا يقل عن فقدان عضو أو تعطيل حاسة من حواسه.

    – إن العقوبة المفروضة على مرتكب هذه الجريمة هي عقوبة جنائية تتراوح بين الثلاث سنوات و العشر سنوات أشغال شاقة.

  • جنحة الايذاء المقصود اذا كان التعطيل عن العمل من 11 – 20 يوم

    الإيذاء المفضي إلى تعطيل عن العمل المدة تتراوح بين إحدى عشرة يوما وعشرين يوما.

    نصت على هذه الصورة المشددة من صور الإيذاء المادة 541 كما يلي:

    “1- إذا نجم عن الأذي الحاصل تعطیل شخص عن العمل مدة تزيد عن عشرة أيام عوقب المجرم بالحبس مدة لا تتجاوز السنة وبغرامة خمسين ليرة على الأكثر أو بإحدى هاتين العقوبتين.

    2- وإذا تنازل الشاکی عن حقه خفضت العقوبة إلى النصف”.

    بتحليل هذا النص يمكننا استخلاص النتائج التالية:

    1- إن معيار العقاب على هذه الجريمة هو أن يؤدي الإيذاء إلى تعطيل عن العمل لمدة تتجاوز العشرة أيام ولا تتجاوز العشرين يوما، بخلاف جرم الإيذاء البسيط الذي يعاقب عليه سواء نتج عن الإيذاء تعطيل عن العمل لم يتجاوز العشرة أيام أو لم ينتج عن الإيذاء أي تعطيل.

     2- إن مفهوم التعطيل عن العمل الذي يعتد به هو العجز عن القيام بالأعمال الجسدية أو البدنية المعتادة ، كالمشي أو تحريك الرجل أو الذراع… الخ، وليس العجز عن القيام بالأعمال المهنية، أي الأعمال المرتبطة بوظيفة المجني عليه، سواء كانت بدنية أم ذهنية.

     فلو أصيب لاعب كرة قدم إصابة أعجزته عن ممارسة اللعب مدة شهرين، لكنها لم تعجزه عن السير بها .

    أو أصيب موسيقي يعزف على الكمان في يده إصابة منعته من القدرة على العزف، إلا أنها لم تحل دون قيامه بالأعمال الجسدية او الفكرية المعتادة، لا يمكن اعتبار ذلك تعطيلا عن العمل في هاتين الفرضيتين.

     بالمقابل لو أصيب شاعر أو أديب إصابة أقعدته في فراشه، ومنعته من القدرة على تحريك إحدى ساقيه، يعتبر ذلك تعطيلاً عن العمل وإن لم يحل ذلك دون قيامه بالتأليف أو بتدوين الشعر.

    3- إن مفهوم التعطيل عن العمل لا يقتصر على عجز المجني عليه التام عن القيام بالأعمال البدنية، بل يشمل أيضا العجز الجزئي .

    بالتالي يتوفر التعطيل عن العمل وان استطاع المجني عليه أن يباشر من غير إجهاد بعض الأعمال الحياتية الخفيفة، كالأكل والشرب والكلام، بينما هو عاجز عن مزاولة الأعمال البدنية العادية كالمشي مثلا.

     وتحديد درجة العجز أو التعطيل عن العمل مسألة يعود تقديرها القاضي الموضوع الذي يسترشد بتقرير الخبرة الطبية.

    4 – لا بد لتطبيق المادة 541 أن تتجاوز مدة التعطيل العشرة أيام، وأن لا تتجاوز العشرين يوماً .

    فما دون العشرة أيام نكون بصدد جنحة الإيذاء البسيط الواردة في المادة 540، وما فوق العشرين يوما نكون بصدد الجريمة الواردة في المادة 542.

    ويدخل في حساب مدة التعطيل عن العمل اليوم الذي ارتكب فيه الفاعل الضرب أو الجرح أو الإيذاء، واليوم الذي ينتهي به العجز عن العمل.

    5- إن العقوبة التي تفرض على مرتكب الجرم الوارد في المادة 541 هي الحبس من عشرة أيام حتى السنة والغرامة البسيطة، وترك المشرع للقاضي الخيار بين الحكم بهما معا أو بإحداهما فقط.

    6- لم يربط المشرع مصير هذه الدعوى بيد المجني عليه.

    فالنيابة العامة تستطيع من تلقاء نفسها تحريك الدعوى العامة فيها دون تقديم شكوى من المتضرر. ويقتصر تأثير المجني عليه في هذه الدعوى على تخفيض عقوبة الجريمة حتى نصفها إذا تنازل عن دعواه.

  • الركن المعنوي في جريمة الايذاء المقصود

    الركن المعنوي

    إن جريمة الإيذاء لا تتطلب سوى القصد الجرمي العام بعنصرية: العلم والإرادة.

     العلم بأركان الجريمة، وإرادة ارتكاب الفعل وإرادة تحقيق نتيجته .

    1- العلم:

     يتوجب أن يكون الفاعل عالمة وقت ارتكاب الفعل بأن فعله يقع على جسم إنسان حي. وينتفي القصد لانتفاء العلم إذا ظن الفاعل أنه يوجه فعله إلى جثة فارقتها الحياة، في حين أن المجني عليه كان مغمى عليه ولا يزال حياً.

     أو إذا أطلق الصياد النار على شجرة معتقدا بوجود طائر عليها فإذا به إنساناً.

     وان أمكن ملاحقته عن إيذاء غير مقصود إذا توفر الخطأ بفعله بإحدي صوره الثلاثة.

    كما يتوجب أن يكون الفاعل عالما بأن من شأن فعله المساس بسلامة المجني عليه.

     وينتفي القصد لانتفاء العلم إذا قدم الفاعل للمجني عليه مادة يعتقد أنها الدواء الذي يتناوله، فإذا بها مادة سامة.

    ويتوجب أخيرا أن يتوقع الفاعل أن فعله سيترتب عليه مساس بسلامة جسم المجني عليه، أي أن يتوقع النتيجة الجرمية، ذلك أنه بغير هذا التوقع لا تتصور إرادة هذه النتيجة التي تعد جوهر القصد.

    فلتوافر القصد الجرمي لا بد أن يتوقع الفاعل المساس الذي طال جسم المجني عليه كأثر لفعله، ولا يغني عن ذلك أنه كان في استطاعته توقع ذلك، ففي هذه الحالة لا ينسب إليه سوى جريمة إيذاء غير مقصود.

     فإذا قدم الفاعل للمجني عليه مادة سامة ليستعملها في إبادة حشرات حديقته، فقام المجني عليه بتناولها، ينتفي القصد في هذه الجريمة.

    2- الإرادة:

     يتوجب أن تتوجه إرادة الفاعل نحو الفعل الذي قام به، ونحو إيذاء المجني عليه أو المساس وجوب توجه الإرادة نحو الفعل والنتيجة.

    فإذا لم تتوجه الإرادة إلى الفعل، لكون الفاعل مكرها على الضرب أو الجرح أو الإيذاء ينتفي القصد الجرمي لديه.

    وكذلك ينتفي هذا القصد إذا لم تتجه الإرادة إلى تحقيق النتيجة، أي المساس بسلامة جسم المجني عليه، ولو اتجهت أساساً حرة مختارة إلى الفعل، في حالة إذا كان الفاعل لم يتوقع هذه النتيجة إطلاقا، أو أنه توقع حدوثها ولم يرضى بها.

    وتطبيقاً لذلك ينتفي القصد الجرمي لانتفاء إرادة النتيجة في حالة قيام شخص بإطلاق الرصاص ابتهاجاً في مناسبة ما، فيصيب أحد الأشخاص بجروح.

     أو قيام شخص بقذف حجر نحو كلب لإبعاده عنه فيصيب احد الأشخاص.

     وتجدر الإشارة إلى أنه بالرغم من تخلف القصد الجرمي في هذه الحالات، فإن الفاعل قد يلاحق عن إيذاء غير مقصود إذا ثبت لديه الخطأ.

    ولكن الفاعل عندما يتوقع النتيجة كأثر لفعله فيقبل احتمال وقوعها، أي يقبل بالمخاطرة، فنكون أمام جريمة مقصودة استنادا للقصد الاحتمالي الذي يستوي مع القصد المباشر من حيث قيام الركن المعنوي.

    ومتى توفر القصد الجرمي بالشكل السالف بیانه تحقق الركن المعنوي في جريمة الإيذاء.

     وهذا القصد كاف لوحده لمساءلة الفاعل بصرف النظر عن وجود نية خاصة تتمثل بالإضرار بالمجني عليه أم لا.

    فنية الإضرار ليست عنصراً من عناصر القصد. فالفاعل يسأل عن إيذاء مقصود ولو كانت نيته قد اتجهت إلى المزاح أو إلى شفاء المجني عليه، أو إلى إنقاذه بدفعه کي لا يصاب بطلقة نارية مثلا.

     فهذه النوايا ليست سوى بواعث لا تأثير لها في قيام القصد الجرمي، والقاعدة أن البواعث لا عبرة لها ولو كانت شريفة، وإن يقام لها وزن في تقدير العقاب .

    كما لا يؤثر في قيام القصد الجرمي وقوع غلط في شخص المجني عليه، أي الخطأ في توجيه الفعل، أو غلط في الشخصية.

     وتطبيقاً لذلك يتوفر الإيذاء المقصود بحق من قذف خصمه بحجر فأخطأه وأصاب أخر، أو ضرب شخصا أعتقد خطأ أنه غريمه، كذلك لا يؤثر في قيام القصد كونه محددا أو غير محدد. فتكون الجريمة مقصودة ولو كان الفاعل أراد من فعله إيذاء شخص أو أشخاص لا على التعيين.

    وتطبيقا لذلك يقوم جرم الإيذاء المقصود بمواجهة الشخص الذي يلقي حجرة على مجموعة من الأشخاص مریدا إصابة أي منهم. أو الشخص الذي يضع مواد ضارة في بئر يشرب منه أهل القرية التي يوجد بها.

    ونشير أخيرا إلى أنه لا عبرة أيضا لرضاء المجني عليه بما وقع عليه من ضرب أو جرح أو إيذاء. فهذا الرضا لا ينفي القصد الجرمي ولا يبيح الفعل، ما دام الفاعل قد ارتكب الايذاء عن علم و إرادة.

  • صيغة إنذار باستبدال دخل دائم

     

    إنذار موجه بواسطة الكاتب بالعدل في …

    من المنذر: مستحق الدخل  المقيم في

    إلى المنذر: ملتزم تأدية الدخل المقيم

    الإنذار:

     بموجب العقد المؤرخ في / / قدمت لك مبلغا قدره………… ليرة سورية كعوض لقاء ترتيبك لي ولورثتي بعدي دخلاً شهرياً دائما قدره……………. ليرة سورية. ولما كنت راغبا في استبدال هذا الدخل باسترداد المبلغ المقدم إليك لذلك أنذرك برده بعد سنة من تاريخ تبلغك هذا الإنذار وتحت طائلة استرداده بواسطة دائرة التنفيذ وتحميلك جميع المصاريف والفوائد واعتبار العقد المذكور مفسوخا وقد أعذر من أنذر.

    … في //

    المنذر

     الاسم

    والتوقيع

  • الاختصاص في حقوق الارتفاق

    س -سجل حق ارتفاق بدون حق على صحيفة عقار ، فلمن ينعقد اختصاص النظر في هذه
    المنازعة ؟
    ج – محكمة الصلح المدنية .

    ( نقض أساس 109 عقاري قرار 78 تاريخ 11 / 3 / 1967  )

    (المحامون العدد 6 السنة
    32 لعام 1967 ص 292 )

  • الحقوق المجاورة لحق المؤلف (  شرح بالأمثلة)

    الحقوق المجاورة لحق المؤلف ( شرح بالأمثلة)

    الحقوق المجاورة لحق المؤلف

    من المفيد التذكير أنه قد دخل إلى التعامل حديثا عبارة “الحقوق المتعلقة بحق المؤلف” ويقصد بها الحقوق المجاورة لحق المؤلف.

    سوف نستعمل في هذه الوحدة عبارة الحقوق المجاورة وهي العبارة المستعملة في وثائق الويبو.

    ابدأ بقراءة السؤال والجواب التاليين:

    سؤال رقم 1:

    أيمكنك أن تعرف مرة أخرى مفهوم الحقوق المجاورة لحق المؤلف؟

    تختلف الحقوق المجاورة عن حق المؤلف وإن كانت تنطوي على حقوق مشابهة له لأنها مشتقة أصلا من مصنف محمي بموجب حق المؤلف. وهذا ما يفسر الاتصال الوثيق بينهما. ولا تتناول الحقوق المجاورة المصنفات ذاتها بل تتناول الوسطاء في عملية نقل هذه المصنفات إلى الجمهور وهي تمنح هؤلاء الحقوق الاستئثارية ذاتها التي يمنحها حق المؤلف.

    فلنأخذ مثلا أغنية محمية بموجب حق المؤلف: إذا افترضنا أن هذه الأغنية مبتكرة، فإن مؤلفها وملحنها سيتمتعان بالحماية التي يمنحها حق المؤلف، وعندما يعرضان هذه الأغنية على مغن ليؤديها فإن هذا الأخير بدوره سيتمتع بنوع آخر من الحماية.

    ولنفترض أن المغني أراد تسجيل هذه الأغنية أو بثها فعندئذ سيلجأ إلى شركة أخرى، وهذه الشركة ستتأكد بدورها من أنها ستحصل على الحماية قبل أن تبادر إلى الاتفاق مع المغني. ومن هنا يتبين أن أول فئة من الحقوق المجاورة هي حقوق فناني الأداء (كالمغنين والموسيقيين والراقصين والممثلين.. وغيرهم ) في أدائهم.

    أما الفئة الثانية من المستفيدين فهم منتجو الفونغرامات ، أو بعبارات أدق، منتجو التسجيلات الصوتية سواء أكان التسجيل على الكاسيتات أو على الأقراص المدمجة أو تسجيلا رقميا).

    والحماية بموجب هذا النوع لها طابع تجاري أكثر من غيرها لأن تنفيذ تسجيل صوتي جيد يتطلب استثمارا كبيرا وتستوجب حمايته اهتماما أكبر من ذاك الذي يبذل لحماية الطابع الفني في عملية تأليف أو تلحين أو أداء أغنية ما.

    وحتى في هذه الحالة ، فإن كل ما يرتبط باختيار الآلات الموسيقية وبالتوزيع الموسيقي يفترض ابتكاراً لا تقل حمايته شأناً عن الطابع الاقتصادي.

     ويجب ألا ننسى أن منتجي التسجيلات الصوتية هم الضحايا الأساسيون لعمليات القرصنة التي تحول الأموال المخصصة لهم إلى القراصنة تحرمهم من أموال كانت أصلا من نصيبهم.

     وتؤثر الخسائر التي يتكبدها هؤلاء بشكل غير مباشر أيضا على فناني الأداء والمؤلفين.

    من هنا أهمية حماية منتجي التسجيلات الصوتية كفئة من أصحاب الحقوق المجاورة.

    أما الفئة الثالثة التي تستفيد من الحقوق المجاورة فهي هيئات الإذاعة.

     وهذه الحقوق تمنح لهم علی أساس مساهمتهم في عملية الابتكار من خلال تنفيذ البرامج.

     ولا نتكلم هنا عن مضمون البرامج كالفيلم مثلا، بل على فعل بث الفيلم.

     إن قدرة هؤلاء على بث الإشارات، من خلال البث الإذاعي، تعطيهم بعض الحقوق.

    وهنا أيضا نجد أن الاستثمار والجهود المبذولة لتجميع وبث البرامج هي ما تغطية الحماية الممنوحة لهذه الفئة من أصحاب الحقوق المجاورة.

    في المقطع السابق ذكرنا أن الحقوق المجاورة تختلف عن حق المؤلف ولكنها ترتبط بهذا الحق ارتباطأ وثيقا ” لأنها مشتقة من مصنف محمي بموجب حق المؤلف”.

    ولكن في بعض الأحيان ترتبط الحقوق المجاورة بمصنفات ليست محمية بموجب حق المؤلف.

    فمثلاً يمكن أداء مقطوعة موسيقية لبيتهوفن على خشبة المسرح ويمكن تسجيلها على قرص مدمج دون اللجوء أي تصريح يذكر.

     فبيتهوفن قد توفي سنة ۱۸۲۷ ودخلت كل أعماله في الملك العام وهي الآن لا تتمتع بأية حماية بموجب حق المؤلف.

    ولكن، بالنسبة إلى الحفلة الموسيقية أو القرص المدمج المذكورين سابقا فإن المؤدين والشركة التي أنتجت القرص المدمج يتمتعون بالحماية بموجب الحقوق المجاورة على أعمالهم.

     فلا يحق لأي شخص أن يسجل الأداء العلني لهذه الحفلة الموسيقية من دون تصريح فناني الأداء (أي الفرقة الموسيقية والعازفين).

     كما لا يحق لأحد أن يصنع نسخة من القرص المدمج الذي يتضمن هذه الحفلة من دون تصريح منتج هذا التسجيل ورضاه.

    إضافة إلى ما تقدم، من المفيد معرفة أن منتجي التسجيلات الصوتية يتمتعون بالحماية على تسجيلاتهم التي لا تعتبر من باب المصنفات. فمثلا، إن التسجيل الذي يتضمن زقزقة العصافير وهدير الأمواج وإن كان لا يعتبر من باب المصنفات فإن صاحبه يتمتع بالحماية و يمكنه أن يدعي على كل من يقوم باستنساخ أو قرصنة هذا التسجيل من غير وجه حق.

    كما أوضحنا في الفقرات السابقة تخص الحقوق المجاورة ثلاث فئات من المستفيدين هم:

    – فنانو الأداء (المغنون مثلا).

    – منتجو التسجيلات الصوتية.

    (شركات إنتاج الأشرطة ).

    – هيئات الإذاعة.

    1- تمنح الحقوق لفناني الأداء لأن دورهم في الابتكار ضروري بالنسبة لحياة المصنف أكان مصنفاً موسيقياً أو دراما أو سينمائياً أو راقصاً، ولأنهم جديرون بالتمتع بالحماية القانونية لأدائهم المتفرد.

    ۲- تمنح الحقوق لمنتجي التسجيلات الصوتية لأن الإمكانيات التي يتمتعون بها في مجال الابتكار والتمويل والتنظيم ضرورية لنقل الصوت إلى الجمهور سواء أكان ذلك بواسطة الاسطوانات أو الأشرطة أو الأقراص المدمجة أو أية أشكال أخرى للتسجيل.

     ولهؤلاء مصلحة شرعية بأن تتوفر لهم الإمكانيات القانونية للحماية لكي يتمكنوا من محاربة الاستعمال غير الشرعي لتسجيلاتهم كأعمال القرصنة أو البث الغير الشرعي.

    ٣- وأخيراً، تمنح الحقوق لهيئات البث الإذاعي لأنها تساهم في جعل المصنفات في متناول الجمهور، ولأن لها مصلحة شرعية بالاحتفاظ بحقوق البث وإعادة البث للمواد الإذاعية.

    الآن أنتبه جيدا إلى السؤال التالي الذي يبين أهمية حقوق الإذاعة ويبين تطورها استنادا إلى مثل يتناول بث المباريات الرياضية.

    سؤال رقم ۲:

    ما هي الحقوق المجاورة التي تتمتع بها هيئات الإذاعة بمناسبة نقل برنامج رياضي؟

    تتمتع حقوق البث الإذاعي بأهمية خاصة عندما يتعلق الأمر بالبرامج الرياضية.

     ففي عدد كبير من الدول، لا تتمتع هذه البرامج بالحماية بموجب حق المؤلف.

     ولكن ثمة بعض الدول وفي مقدمها الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تعتبر أن المباراة الرياضية المصورة هي مصنف سمعي- بصري يتمتع بعنصر الابتكار الكافي المطلوب للحماية بموجب حق المؤلف.

    غير أن بلدانا أخرى تعتبر أن عنصر اللعب هو العنصر الحاسم الأهم، وبالتالي ترى هذه الدول أن المباراة الرياضية المصورة تفتقر العنصر الابتكار إذ يكتفي فيها المصور، مهما كانت قدرته عالية في مجال التصوير، بتصوير اللاعبين أثناء اللعب .

    وبالتالي فإن هذه الدول لا تعتبر عمل المصور هذا مصنفاً فنياً.

     وعليه، نرى أن المباريات الرياضية التي يمكن حمايتها بموجب حق المؤلف لا توجد أو هي قليلة جدا.

    ولأن حقوق البث التلفزيوني للألعاب الأولمبية مثلا تتمتع بأهمية تجارية كبرى بسبب كونها تقدر بالملايين فإن الاستثمار في بث الألعاب الأولمبية يكون عديم الفائدة في حال استثمرت شركة أموالاً طائلة لتحصل على ترخيص حصري لبث هذه الألعاب ووجدت نفسها عاجزة عن حماية استثمارها هذا بواسطة الحقوق المجاورة ومنع المنافسين من إعادة بث تسجيلاتها أو تسجيلها وبيعها على شرائط فيديو مثلا.

    إن هذا المثل يوضح الأسباب الموجبة التي أدت إلى منح فناني الأداء ومنتجي التسجيلات الصوتية وهيئات الإذاعة ما يعرف بالحقوق المجاورة.

    إن توقيع اتفاقية روما لسنة 1961 أو بالأحرى الاتفاقية الدولية لحماية فناني الأداء ومنتجي التسجيلات الصوتية وهيئات الإذاعة تعتبر أول استجابة منظمة من المجموعة الدولية لضرورة تأمين حماية قانونية للفئات المذكورة سابقا والتي تستفيد من الحقوق المجاورة.

     وبعكس معظم الاتفاقيات الدولية التي تعتبر امتدادا للتشريعات الوطنية وتقدم خلاصة القوانين المعمول بها فإن اتفاقية روما شكلت محاولة لإيجاد تنظیم دولي لقطاع جديد كانت فيه القوانين الوطنية شبه غائبة.

    وهذا يعني، أنه كان على الدول أن تصدر قوانین تتلاءم وأحكام الاتفاقية قبل أن تنضم إليها. ومنذ تاريخ صدور هذه الاتفاقية أصدرت معظم الدول تشريعات وطنية معظمها يتضمن حماية أكبر من تلك التي تمنحها هذه الاتفاقية.

    أما أحدث استجابة دولية لمواكبة التطور الحاصل في مجال حماية الحقوق المجاورة فهي معاهدة الويبو بشأن الأداء والتسجيل الصوتي. وقد تم توقيع هذه المعاهدة في جنيف بتاريخ ۲۰ ديسمبر/كانون الأول ۱۹۹۹ ودخلت حيز التنفيذ في ۲۰ مايو/أيار ۲۰۰۲.

    وهذه المعاهدة توسع الحقوق المالية والمعنوية الممنوحة لفناني الأداء ومنتجي التسجيلات الصوتية فيما يتعلق بالاستغلال الرقمي بما فيه الإنترنت.

    الآن وقد عرفت من هم الأشخاص والمنظمات الذين يمكن أن يتمتعوا بالحماية بموجب الحقوق المجاورة سوف ننتقل إلى شرح ما هي هذه الحقوق؟

    من حيث المبدأ يمكن مقارنة هذه الحقوق بتلك الممنوحة بموجب حق المؤلف. بمعنى آخر يجب منع استغلال أداء فناني الأداء والتسجيلات الصوتية وبرامج هيئات الإذاعة المحمية إلا بموافقة أصحابها.

    الحقوق الممنوحة للمستفيدين من الحقوق المجاورة

    تمنح التشريعات الوطنية للفئات الثلاث من المستفيدين من الحقوق المجاورة الحقوق التالية، ويمكن ألا يشمل تشريع واحد كل هذه الحقوق:

    • يحق لفناني الأداء منع تثبيت أو إذاعة أو نقل أو استنساخ أي تثبيت لأدائهم دون تصريحهم.

     ويمكن لهؤلاء أن يستعيضوا عن حق منع حقوق الإذاعة والنقل إلى الجمهور لتسجيلاتهم الصوتية المثبتة ببدل عادل ويمر ذلك من خلال التراخيص غير الطوعية التي تم تناولها في الوحدة المخصصة لحق المؤلف.

     وبسبب الطابع الشخصي للابتكارات تمنح بعض التشريعات الوطنية لفناني الأداء حقا معنويا يخولهم الاعتراض على عدم ذكر أسمائهم أو على أي تعديل يمس عملهم ومن شأنه أن يسيء إلى سمعتهم.

    ٢- يتمتع منتجو التسجيلات الصوتية بالحق في التصريح بالاستنساخ المباشر أو غير المباشر التسجيلاتهم الصوتية أو بمنع هذا الاستنساخ، كما يتمتعون بالحق بالتصريح باستيراد وتوزيع تسجيلاتهم أو نسخ من هذه التسجيلات على الجمهور أو بمنع هذه الممارسات.

    ولمنتجي التسجيلات الصوتية الحق بمكافأة عادلة مقابل إذاعة ونقل تسجيلاتهم الصوتية إلى الجمهور.

    3- يحق لهيئات الإذاعة أن تجيز أو تحظر إعادة إذاعة وتثبيت واستنساخ برامجها.

    وتعترف بعض الدول بحقوق أخرى لهؤلاء، ففي بلدان الاتحاد الأوروبي يتمتع منتجو التسجيلات الصوتية وفنانو الأداء بحق تأجير تسجيلاتهم، وتعترف بعض البلدان بحقوق خاصة للنقل عبر الكبل. أما اتفاقية تريبس فتمنح منتجي التسجيلات الصوتية حق تأجير تسجيلاتهم.

    كما هي الحال بالنسبة إلى حق المؤلف، فإن اتفاقية روما والتشريعات الوطنية تنص على بعض الاستثناءات على الحقوق.

    وعليه، فإنه بالنسبة للأعمال المؤداة، والتسجيلات الصوتية وبرامج البث الإذاعي يسمح بالانتفاع الخاص، وبالانتفاع بمقتطفات قصيرة للتعليق على الأحداث الجارية، وبالانتفاع المقصور على أغراض التعليم أو البحث العلمي.

    كما أن عددا من الدول يجيز الاستثناءات نفسها التي تنص عليها قوانينه بالنسبة إلى حق المؤلف.

    إن مدة حماية الحقوق المجاورة بموجب اتفاقية روما هي ۲۰ عاماً ابتداء من :

    1. نهاية سنة تثبيت التسجيل الصوتي أو الأداء المدرج فيه.
    2. . نهاية سنة إجراء الأداء غير المدرج في تسجيلات صوتية.
    3. نهاية سنة إذاعة البرنامج الإذاعي. وتجدر الإشارة إلى أن معظم التشريعات الوطنية تنص على مدة من الحماية أطول من الحد الأدنى الذي حددته اتفاقية روما.

    أما بموجب اتفاقية تريبس، وهي الاتفاقية الأحدث في هذا المجال، فإن حقوق فناني الأداء، ومنتجي التسجيلات الصوتية تدوم 50 عاماً على الأقل، تحتسب من تاريخ نهاية السنة التي تم فيها تثبيت العمل أو أدائه.

     أما مدة حماية هيئات الإذاعة بموجب هذه الاتفاقية فتدوم ۲۰ عاما تبدأ من نهاية السنة التي حصل فيها البث. بمعنى آخر، إن البلدان التي تنضم إلى اتفاقية تريبس ملزمة بتعديل تشريعاتها لتتناسب وهذه الاتفاقية وبالتالي فهي ملزمة بمنح حماية أطول من تلك التي تمنحها اتفاقية روما.

    وأما بالنسبة إلى إنفاذ الحقوق، فلا تختلف إجراءات الإنفاذ في حال التعرض أو انتهاك الحقوق المجاورة عن تلك المتبعة بالنسبة إلى حق المؤلف، ونذكر أنها: تدابير مدنية، وتدابير جزائية، وإجراءات على الحدود، وتدابير وعقوبات في حال سوء استخدام الوسائل الفنية.

     لمراجعة هذه التدابير يمكنك العودة إلى الوحدة الخاصة بحق المؤلف.

    لقد جذبت بعض الدول النامية فكرة حماية أشكال التعبير الفلكلوري بموجب حق المؤلف، لأن هذه الأشكال تنقل إلى الجمهور عادة من خلال فناني الأداء.

     فبفضل الحماية بموجب الحقوق المجاورة، يتاح للدول النامية حماية الفلكلور الذي يشكل ثروة وطنية ووسيلة من وسائل التعبير عن ذاتها والتعريف بهويتها الاجتماعية والثقافية.

    كذلك ، تساعد حماية منتجي التسجيلات الصوتية وهيئات الإذاعة على إرساء الأسس لصناعات وطنية محلية تساهم في نشر التعابير الفلكلورية داخل وخارج الأسواق المحلية.

     ولعل انتشار ما يعرف بالموسيقى العالمية في أيامنا الحاضرة خير دليل على وجود هذه الأسواق التي لا تحظى في الغالب المجتمعات المحلية التي طورتها وحافظت عليها بأية حصة من العوائد المتأتية من استغلالها.

    باختصار، إن الحماية بموجب الحقوق المجاورة تقود إلى حماية الإرث الوطني المحلي وتأمين استغلال تجاري سليم للفلكلور في الأسواق العالمية.

     

    نصوص تشريعية

    – اتفاقية روما لحماية فناني الأداء ومنجي التسجيلات الصوتية و هيئات الإذاعة.

    – اتفاقية تربسل.

    – معاهدة الويبو بشأن الأداء والتسجيل الصوتي.

    – اتفاقية بروکسل بشأن توزيع الإشارات حاملة البرامج المرسلة عبر التوابع الصناعية.

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1