الوسم: شركة محاماة

  • اسم الشركة التجارية وعنوانها وموطنها؟

    اسم الشركة وعنوانها

    للشركة أن تتخذ لها اسماً خاصاً يميزها عن غيرها من الشركات وتتعامل به.

    وفي شركات الأشخاص، التضامن والتوصية، يعرف الاسم بعنوان الشركة ويتكون من اسم واحد أو أكثر من الشركاء المتضامنين.

    مع إضافة كلمة “وشركاه” للدلالة على شخصية الشركة المستقلة عن شخصية الشركاء.

    أما في شركات الأموال، المساهمة، فالأصل أن يستمد اسم الشركة من غرض الشركة الذي قامت من أجل تحقيقه.

    أي أن الاسم يبين نوع نشاط الشركة ولو اقترن بوصف آخر لا صلة له بأشخاص الشركة فيها، مثل “الشركة العربية للتأمين، شركة قدرة العقارية “.

    أما الشركات المحدودة المسؤولية فلها أن تتخذ اسمأ يستمد من غرضها أو أن تتخذ عنواناً يتضمن اسم شريك أو أكثر مع إضافة عبارة ” محدودة المسؤولية ” (مادة 57 شركات).

    ويعد اسم الشركة التجارية أو عنوانها اسمة تجارية لها، يستخدم للتوقيع به على الالتزامات التي تبرمها الشركة.

    ويعد الحق في الاسم التجاري حقا مالية، خلافا للاسم المدني للإنسان الذي يعد حقاً من الحقوق الملازمة للشخصية.

    ولصاحب الحق في الاسم التجاري حمايته من الاعتداء عليه إذا استخدمه شخص آخر تأسيساً على دعوى المنافسة غير المشروعة.

    ويثبت الحق في ملكية الاسم التجاري للأسبق في استعماله، بشرط أن يكون الاستعمال ظاهراً. إلا أنه حق نسبي يقتصر على نوع التجارة التي تزاولها الشركة.

     والعبرة عند رفع الدعوى على الشركة، هي باسمها لا باسم من يمثلها.

    وتطبيقاً لذلك قضي بأنه

    “إذا كان الاستئناف موجها من الشركة باعتبارها الأصلية فيه المقصودة بذاتها في الخصومة، دون ممثلها، فإن ذكر اسمها المميز لها عن غيرها في صحيفة الاستئناف والحكم يكون كافيا الصحتها في هذا الخصوص وبالتالي فلا يعتد بالخطأ الواقع في صفة هذا الممثل”. 

    موطن الشركة

    الموطن بالنسبة للشخص الطبيعي هو المكان الذي يقيم فيه عادة.

    وللشركة موطن مستقل، تخاطب وتقاضي فيه، ويعتبر موطنا للشركة المكان الذي يوجد فيه مركز إدارتها ”  أي المكان الذي يباشر فيه المدير عمله بالنسبة لشركات الأشخاص، والمكان الذي تنعقد فيه الهيئة العامة ومجلس الإدارة في شركات الأموال.

    ومركز الإدارة بالمعنى سالف الذكر يتميز عن مركز الاستثمار أي المكان الذي تباشر فيه الشركة أعمالها. فقد يكون مركز الإدارة في مكان ومركز الاستثمار في مكان آخر، والذي يحدد الموطن هو مركز الإدارة لا مركز الاستثمار.

    ويقصد بمركز الإدارة الرئيسي المكان الذي تتخذ فيه القرارات المتعلقة بنشاط الشركة بمختلف فروعها إن كانت لها فروع. فلا عبرة بمقر الفروع المختلفة، إنما بالمقر الرئيسي للشركة.

    والمقر الرئيسي، كما ذكرنا، هو المكان الذي يباشر فيه المدير أو أجهزة الإدارة أعمالها.

    ومع ذلك إذا كان للشركة فروع متعددة في أماكن مختلفة فقد أجاز المشرع تيسيراً للتعامل اعتبار المكان الذي يوجد به كل فرع موطنا خاصة بالأعمال المتعلقة به.

    ومن ثم يجوز رفع الدعوى إلى المحكمة التي يقع في منطقتها فرع الشركة وذلك في المسائل المتصلة بهذا الفرع . على أن هذا لا ينفي أن الشركة سواء أكانت في مركزها الرئيسي أم في فروعها هي قانونا في حكم الشخص الواحد وتتمتع بالشخصية الاعتبارية الواحدة.

    ويقصد بمركز الإدارة الفعلي المكان الذي تباشر فيه أعمال الإدارة بالفعل.

    فقد يتخذ الشركاء مقرا صورياً لإدارة الشركة لتحقيق ثمة مصلحة أو التمتع بمزايا ترتبط بهذا الموقع، كأن تعفي الشركة من الضرائب إذا كانت لا تقوم بأي نشاط تجاري في البلد الذي سجلت فيه . ولكن متى تبينت صورية المقر المعلن تكون العبرة في تحديد موطن الشركة بالمكان الذي تباشر فيه أعمال الإدارة بالفعل.

    ولا بد من الإشارة إلى أن مركز الشركة يحدد عادة في عقد تأسيسها أو نظامها الأساسي.

    ولا بد من شهره أصولاً

    . ويمكن نقله إلى مكان آخر وفقا للإجراءات المتعلقة بتعديل عقد الشركة أو النظام الأساسي، ويعد ذلك شهرة لموطن الشركة، ويفيد تحديد الموطن في عدة أمور منها رفع الدعاوى أمام المحكمة التي يقع في دائرتها مركز إدارة الشركة، كما يتم تبليغ الشركة كافة الأوراق القضائية المتعلقة بها هذا الموطن.

  • ماهي الذمة المالية للشركات التجارية؟

    1- تعريف الذة المالية للشركة:

    الذمة المالية هي مجموع ما للشخص من حقوق وما عليه من التزامات مالية.

    وللشركة باعتبارها شخصاً اعتبارياً ذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء المكونين لها، ومن ثم تكون أموالها ملكة للشركة ذاتها.

    2- مما تتكون الذة الممالية للشركة:

    وتتكون ذمة الشركة، كالذمة المالية للشخص قانونا، من جانبين:

    أحدهما إيجابي، ويشمل مجموع الحقوق التي تكون للشركة، أي الأصول وتضم كل ما تكسبه الشركة من أموال أثناء حياتها.

    والجانب الآخر سلبي، يمثل الالتزامات أي الخصوم، ويشمل رأس المال ومجموع الديون التي تكون على الشركة.

    وتعد الذمة المالية للشركة مستقلة بأصولها وخصومها عن ذمم الشركاء، وبدون هذا الفصل بين ذمة الشركة وذمم الشركاء لا يكون في الإمكان تحقيق الغرض الذي وجدت الشركة من أجله.

    فأموال الشركة لا تعد ملكاُ شائعاً بين الشركاء بل تعد هذه الأموال ملكة للشركة.

    وينبني على استقلال ذمة الشركة عن ذمم الشركاء النتائج الآتية:

    أولاً – الطبيعة المنقولة لحصة الشريك :

    لما كان مجموع حصص الشركاء التي تقدموا بها تدخل ذمة الشركة بمجرد تكوينها، فإن الشريك يفقد حقه على الحصة المقدمة منه وتتملكها الشركة، ولها الحق في التصرف فيها أثناء حياة الشركة، أما الشريك فله حق في الأرباح المحتملة للشركة أو نصيب في موجوداتها عند انقضائها، هذا بالإضافة إلى حقه في المشاركة بإدارة الشركة.

    وعليه فإن حق الشريك يعتبر من قبيل الحقوق الشخصية، وهو دائما ذو طبيعة منقولة حتى ولو كانت الحصة التي يقدمها الشريك حصة عينية متمثلة في عقار.

    ويترتب على اعتبار حصة الشريك مالاً منقولاً إمكان تداول هذه الحصة طبقا لقواعد تداول الحقوق المنقولة، دون حاجة إلى استيفاء الإجراءات المقررة في القانوني المدني.

    ويترتب على الطبيعة المنقولة للحصة أنه إذا أوصى شخص بجميع منقولاته فإن الوصية تشمل حصة الموصي في الشركات.

    ثانياً – حق الأفضلية لدائني الشركة على ذمتها

    تعد ذمة الشركة ضماناً عاماً لدائني الشركة وحدهم دون دائني الشركاء الشخصيين.

    كما أن ذمة الشريك هي الضمان العام لدائنيه الشخصيين دون دائني الشركة.

    وعليه، لا يجوز للدائنين الشخصيين لأحد الشركاء أثناء قيام الشركة أن يتقاضوا حقوقهم عن طريق الحجز على أموال الشركة أو على حصة أحد الشركاء في رأس المال، وإنما لهم أن يتقاضوها مما سيؤول للشريك من أرباح عن طريق الحجز على نصيبه في الربح تحت يد الشركة وفقا لقواعد حجز ما للمدين لدى الغير.

    أما إذا انحلت الشركة وتمت تصفيتها فقد زالت الشخصية الاعتبارية عنها وأصبح المال شائعة بين الشركاء، فيجوز لدائني الشريك أن يتقاضوا حقوقهم من نصيب مدينهم في أموال الشركة بعد استنزال دیونها، أي ما سيؤول له من مال عند قسمة موجوداتها، وهنا يجوز قبل التصفية توقيع الحجز الاحتياطي على ما سيؤول لمدينهم من حصة عند تصفية الشركة.

    ثالثاً – امتناع المقاصة بين ديون الشركة وديون الشركاء :

    يترتب على استقلال ذمة الشركة عن ذمة الشريك أنه لا يجوز لمدين الشركة أن يتمسك بالمقاصة إذا أصبح دائن للشريك ولو كان متضامناً، لأن دينه لم يتعلق بذمتها، ولا تقع المقاصة إلا بين شخصين، كل منهما دائن ومدين للآخر.

    وبالمقابل لا يجوز لمدين الشريك التمسك بالمقاصة إذا أصبح دائنا للشركة، وذلك لنفس الاعتبارات التي ذكرناها.

    رابعاً – تعدد واستقلال التفليسات:

    الأصل أن إفلاس الشركة التجارية لتوقفها عن دفع ديونها لا يستتبع شهر إفلاس الشريك فيها، كذلك لا يؤدي إفلاس الشريك إلى شهر إفلاس الشركة.

    ويأتي ذلك تطبيقاً لاستقلال ذمة الشركة عن ذمة الشركاء.

    ومع ذلك فإن إفلاس شركة التضامن أو التوصية يستتبع إفلاس الشركاء المتضامنين بسبب مسؤوليتهم الشخصية والتضامنية عن ديون الشركة.

    وعندئذ تتعدد التفليسات، فتوجد تفليسة للشركة وتفليسة لكل واحد من الشركاء المتضامنين. على أن كل تفليسة تعتبر مستقلة قائمة بذاتها.

    ويتميز استقلال التفليسات بأن تفليسة الشركة لا تضم سوی دائنيها دون الدائنين الشخصيين للشركاء، بينما يكون لدائني الشركة الدخول في تفليسة الشركاء.

    إلا أنه لا يكون لهم مركز ممتاز وإنما يزاحمهم في التنفيذ على أموال الشريك دائنوه الشخصيون. 

     

  • الشخصية الاعتبارية للشركات : مفهومها وطبيعتها

    الشخصية الاعتبارية للشركات

    مفهومها

    الشخصية القانونية هي الصلاحية لثبوت الحقوق والالتزامات.

    وهذه الصلاحية لثبوت الحقوق والالتزامات، كما تتوافر للشخص الطبيعي أو الإنسان، قد تتوافر للشخص المعنوي أو الاعتباري.

    والشخص الاعتباري هو مجموع من الناس يبتغون تحقيق غرض معين.

    وبمقتضی الشخصية الاعتبارية يحق للشركة كالفرد الطبيعي أن تكتسب الحقوق وتلتزم بالالتزامات، فيكون لها أن تشتري وتبيع وترهن وتؤجر، كما أنها تسأل مسؤولية تعاقديه و غير تعاقديه وفقاً لأحكام المسؤولية المدنية التعاقدية والتقصيرية.

    حتى أنها تسأل جزائية في حدود ما يتناسب وشخصها الاعتباري كالحكم عليها بالغرامة عند مخالفة المدير للقوانين بناء على أمر الشركاء، هذا بالإضافة إلى أنه بمجرد ثبوت الشخصية الاعتبارية للشركة يمكن رفع الدعاوى عليها باعتبارها شخصية مستقلة عن شخصية الشركاء.

    وقد ظهرت فكرة الشخصية الاعتبارية لأول مرة، في الشرع الإسلامي مستمدة من الحديث الشريف

    “المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على سواهم”

    وقد طبقت هذه الفكرة، وبصورة عملية، في الوقف والتركات والشركات و أخذ بها المشرع العثماني عند وضعه مجلة الأحكام العدلية، إذ شعر، بالنسبة للشركات، أن عقد الشركة ينشئ حقوق وواجبات مستقلة عن حقوق الشركاء وواجباتهم باعتبارهم أشخاصا طبيعيين، فرأى من الضروري تمييز شخصية الشركة عن شخصية الشركاء فاستند من أجل ذلك إلى نظرية الوكالة تارة وإلى نظرية الكفالة تارة أخرى، وعليه فكان كل قسم من شركة العقد يتضمن الوكالة، فكل واحد من الشريكين، في تصرفه، يعني في الأخذ والبيع وتقبل العمل بالأجرة وكيل الآخر.

    وقد اعترف المشرع السوري بثبوت الشخصية الاعتبارية لجميع الشركات ما عدا شركة المحاصة سواء في نص المادة 58 من قانون التجارة رقم 149 لعام 1949 أو في قانون الشركات الجديد رقم (3) لعام 2008.

    وقد أكد من خلال هذه النصوص أن الشركة ليست مجرد عقد مبرم بين أطرافها بل هي شخص اعتباري يستمر وجوده خلال حقبة من الزمن يمارس خلالها فعالیته ويكتسب ذمة مالية بما فيها من حقوق والتزامات ويقوم بعدد من التصرفات فإذا انقضت مدته بالانحلال وجبت تصفيته.

    أما مبرر استثناء شركة المحاصة من الشخصية الاعتبارية، فيقوم على أساس أنها مجرد عقد بين الشركاء وأن الشركة غير معدة لاطلاع الغير عليها ويتم تنفيذ أعمالها باسم أحد الشركاء بصفته الشخصية، أما نتيجة هذه الأعمال وحصيلتها، فتعود لمجموع الشركاء، لذلك لا حاجة لمنح شركة المحاصة الشخصية الاعتبارية ولا لشهرها.

    طبيعتها الحقوقية

    اختلف الفقهاء في تفسير الشخصية الاعتبارية للشركة وتحديد طبيعتها الحقوقية، ونشأت عن اختلافهم نظريات ثلاث هي: نظرية الفرض القانوني ونظرية الوجود الواقعي ونظرية الملكية الجماعية أو ثروة التخصيص.

    أولا – نظرية الفرض القانوني 

    قال بهذه النظرية معظم الفقهاء حتى أواخر القرن التاسع عشر، فقد اعترفوا للشركات التجارية بالشخصية الاعتبارية بشرط أن تؤسس وتشهر وفقا للأصول المبينة في القانون.

    وقد استخلصوا هذه النظرية عن طريق الفرض القانوني، ولاعتبارات عملية بحتة، من بعض النصوص القانونية ومثالها تلك التي تجيز إقامة الدعوى على الشركة أمام المحكمة التي يقع في دائرتها مركزها الرئيسي، وكذلك من النصوص التي تسمح بشهر إفلاس الشركة بصورة مستقلة عن الشركاء. وتبعاً لهذه النظرية، فإن أنصارها لا يقرون للهيئات أو مجموعات الأشخاص بالشخصية الاعتبارية إلا إذا أقر لها المشرع بهذه الشخصية لأن لا وجود لها إذا لم يحدثها القانون.

    ثانياً – نظرية الوجود الواقعي

    انتقد فقهاء آخرون، وأهمهم الأستاذ هوريو بالنسبة للأشخاص الاعتبارية من الحقوق العامة كالدولة والبلديات، والأستاذ كابيتان بالنسبة للأشخاص الاعتبارية من الحقوق الخاصة كالشركات، انتقدوا نظرية الفرض القانوني، وقالوا أن الشخصية الاعتبارية ليست ضرباً من ضروب الوهم والخيال وليست ناتجة عن حيلة شرعية، بل هي حقيقة حسية.

    وبالتالي لا يعلق وجود الشخصية الاعتبارية على إرادة المشرع، فهي موجودة بدون نص قانوني وبمجرد تكوين الشركة وشهرها .

    واعتبروا أن للمجموعة كيانا قائما بذاته ومستقلا عن الأفراد الذين تتكون منهم ما دامت تتمتع بفعالية خاصة بها وبإرادة يعبر عنها ممثلوها بصورة مستقلة عن إرادتهم الشخصية.

    فإذا ثبت للمجموعة ذلك الكيان المستقل، تمتعت حتما بالشخصية الحقوقية سواء أقر لها بها المشرع أم لا.

    وقد عبر الاجتهاد القضائي الفرنسي عن هذه النظرية في قرار المحكمة النقض الفرنسية جاء فيه: “أن الشخصية الاعتبارية ليست وليدة القانون وإنما تكتسب مبدئيا لكل مجموعة لها وسيلة جماعية للتعبير عن الإرادة للدفاع عن مصالح مشروعة وجديرة، وبالتالي، بأن تقرها الحقوق وتحميها”.

    ثالثا – نظرية الملكية الجماعية

    ويطلق عليها أيضا نظرية ” ثروة التخصيص”  ، يستبعد القائلون بهذه النظرية وجود شخصية حقوقية لغير الإنسان، وهم لا يرون ضرورة لها من أجل تفسير النتائج القانونية التي وصل إليها الاجتهاد في الاعتراف للشركات بموطن مستقل وبجنسية تختلف عن جنسية الشركاء، وإنما يبررون هذه النتائج بقولهم أن الأفراد عندما يتفقون على تكوين شركة يقدم كل منهم حصته من رأس المال المشترك، فتنشأ عن ذلك ملكية جماعية ليس لأحد حق فردي عليها طالما أن الشركة قائمة، لأن تمتاز بتخصيصها لوجهة معينة هي تحقيق موضوع الشركة، وتعد هذه الأموال بمثابة رهن لفئة خاصة من الدائنين هم دائنو الشركة.

    ومهما يكن تفسير الطبيعة الحقوقية للشخصية الاعتبارية، فقد أقر المشرع السوري صراحة وجود الشخصية الاعتبارية للشركات فقد نصت المادة 54 من القانون المدني على أن من جملة الأشخاص الاعتبارية الشركات المدنية والتجارية، كما نصت المادة 13 من قانون الشركات رقم العام 2008 على أنه “تتمتع جميع الشركات المنصوص عليها في هذا القانون -ما عدا شركة المحاصة- بالشخصية الاعتبارية بمجرد شهرها”.

  • آثار بطلان عقد الشركة ونظرية الشركة الفعلية

    آثار البطلان ونظرية الشركة الفعلية

    نشأة الشركة الفعلية

    إذا ما حكم ببطلان الشركة لأي سبب من الأسباب الموجبة للبطلان، فإنه وفقاً للقواعد العامة التي تحكم بطلان العقود، والتي قررها القانون المدني في المادة 143 منه بقوله

    “في حالتي إبطال العقد وبطلانه يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد، فإذا كان هذا مستحيلا جاز الحكم بتعويض عادل”.

    ولو أخذنا بهذا المبدأ لوجب علينا، في هذه الحالة، أن نعتبر أثر بطلان عقود الشركات منسحباً إلى الماضي فنقضي ببطلان جميع التصرفات الجارية في ظل عقد الشركة الباطل.

    أي أنه يترتب على هذا البطلان امتداد أثره إلى الماضي منذ تاريخ انعقاد الشركة وعدم ترتيب أي أثر قانوني على تكوينها.

    ولما كان من شأن تطبيق هذه القاعدة العامة تجاهل مراكز قانونية تمت فعلا وعلاقات قانونية نشأت مع الغير منذ نشأت الشركة حتى صدور الحكم بالبطلان؛ فقد استرعي انتباه الاجتهاد القضائي والفقه، خطورة هذا البطلان وتطبيقه على العقود المتتابعة وأهمها عقود الشركات، نظرا لكثرة العمليات التي تكون الشركة قد أجرتها، بوصفها شخصا اعتبارية، منذ وجودها فعلا حتى تاريخ إعلان بطلانها،

    ورأى في ذلك مخالفة لمبدأ العدالة لما ينتج عن الأخذ بانسحاب أثر البطلان إلى الماضي من ضرر بالغير الذي تعامل مع الشركة المقرر بطلانها ومن ضرر بالشركاء أنفسهم.

    فلو أردنا أن نعتبر عقد الشركة المقرر بطلانها كأنه لم يكن لوجب أن تعاد إلى الشركاء حصصهم في رأسمال الشركة بكاملها، دون حساب لما تكون الشركة قد خسرته أثناء قيامها، ولوجب أيضا عدم تطبيق القواعد التي اتفق عليها الشركاء في عقد الشركة من أجل تصفيتها وتوزيع الأرباح والخسائر بينهم، ولوجب أخيراً اعتبار جميع التزامات الشركة منذ بدئها بالعمل حتى إقرار بطلانها، باطلة أيضا.

    أمام هذه الصعوبات القانونية التي قد تنجم عن بطلان عقد الشركة، وخاصة فيما يتعلق منها بالمحافظة على حقوق الغير، ولاسيما في حال وقوع خلافات بين دائني الشركة من جهة ودائني الشركاء الشخصيين من جهة ثانية، لذلك كان لابد للفقه والاجتهاد من إيجاد نظرية حقوقية كاملة الموضوع الشركات الفعلية.

    ويلاحظ ضرورة ذلك بالنسبة لقانون الشركات الذي أغفل تنظيم وتصفية الشركات الفعلية، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 54 من قانون الشركات على أنه:

    “يجوز أن تعامل شركة المحاصة التي تظهر تجاه الغير بهذه الصفة كشركة فعلية ويصبح الشركاء فيها مسؤولين تجاه ذلك الغير بالتضامن”.

    على أن المادة / 4/ من قانون الشركات نظمت آثار البطلان في علاقة الشركاء في مواجهة بعضهم بعضا من جهة، وفي علاقة الغير مع الشركاء من جهة أخرى. وهذا ما سنتناوله بدراستنا بشكل مفصل لاحقا.

    وقبل البحث في آثار البطلان وبالتالي القواعد التي تحكم الشركات الفعلية لابد من التمييز بين البطلان المطلق والبطلان النسبي لعقد الشركة من جهة، وبين الشركات الفعلية والشركات التي تنشأ بشكل فعلي من جهة أخرى.

     المطلب الأول – التمييز بين البطلان المطلق والبطلان النسبي لعقد الشركة

     أولاً – البطلان المطلق

    يعد عقد الشركة باطلاً بطلاناً مطلقاً إذا كان محلها أو سببها غير مشروع كما لو كان القصد من تكوين الشركة الاتجار بالمخدرات أو البضائع الممنوع التعامل فيها أو القيام بنشاط محظور على الشركة كقيام الشركة المحدودة المسؤولية بأعمال التأمين أو التوفير أو المصارف.

     ويعتبر البطلان في هذا الخصوص من النوع المطلق الذي يجيز للشركاء كما يجيز للغير التمسك به، بل إن للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.

    ولا يصحح هذا البطلان بالتقادم لأنه من العيوب الدائمة.

    والعبرة في تقدير مشروعة نشاط الشركة هي حقيقة ما تزاوله من أعمال وليس ما هو مدون بنظامها أو عقد تأسيسها.

    كما تبطل الشركة في حال انعدام الرضا أو المحل أو لاستحالة تنفيذ غرض الشركة.

    ويترتب على صدور حكم ببطلان الشركة اعتبار عقدها كأن لم يكن بالنسبة لجميع الشركاء، والتمسك بالبطلان في هذه الحالات حق لكل شريك في مواجهة باقي الشركاء.

    أن البطلان مطلق في هذا الخصوص فإنه يجوز للشركاء مطالبة مدير الشركة باسترداد الحصص على أساس أنه ليس هناك ما يبرر احتفاظ المدير بحصص الشركاء رغم اشتراكه معهم في مخالفة القانون .

    كما يفقد دائنو الشركة امتيازهم في تحصيل ديونهم من أموال الشركة بمواجهة دائني الشركاء الشخصيين ويتساوون في ذلك، إذ تعود الحصص التي قدمها الشركاء إلى ذمتهم المالية وتعد كأن لم تخرج منها.

    ثانياً – البطلان النسبي (البطلان لعدم الكتابة أو الشهر)

    يترتب على عدم كتابة عقد الشركة أو شهرها البطلان.

    وقد اعتبر البعض أن هذا البطلان هو بطلان من نوع خاص، فهو ليس بالبطلان المطلق السابق ذكره أو النسبي، ذلك أنه يجوز تصحيح البطلان الناشئ عن عدم كتابة العقد ويصبح العقد صحيحاً ويحتج به في مواجهة الغير من يوم إتمام هذا الإجراء، طالما تم تصحيح العقد قبل الحكم بالبطلان .

    ويذهب أصحاب هذا الرأي إلى إمكان تصحيح هذا الإجراء أمام محكمة الاستئناف في الحالات التي تقتصر فيها محكمة أول درجة على الفصل في مسألة إجرائية دون المساس بالموضوع، كذلك قد يمنح القاضي أجلاً التصحيح البطلان، فإذا تم التصحيح خلاله فلا يحكم به.

    على أن منح الشركاء مهلة للقيام بإجراءات الشهر يعد من الرخص المخولة لمحكمة الموضوع وأن عزوفها عن استعمال تلك الرخصة لا يعيب حكمها. 

    ولا يجوز للشركاء الاحتجاج بالبطلان بسبب عدم شهرها في مواجهة الغير إذ لا يقبل إفادة الشريك من تقصيره وإنما يجوز التمسك بالبطلان من قبل الشركاء في مواجهة بعضهم بعضا (مادة 1/4 شركات).

    ويختلف أثر هذا البطلان وفق من يطلبه، فإذا طلبه الغير كان له أثر رجعية وتعدو الشركة كأن لم تكن. أما إذا طلبه أحد الشركاء فإن الشركة لا تبطل في الفترة السابقة ما بين إنشائها وتاريخ قید دعوى البطلان في سجلات المحكمة (مادة3/4 شركات).

    ويعد هذا تطبيقاً صريحاً النظرية الشركة الفعلية التي أسسها القضاء، وقد قصد المشرع بذلك وضع حد لعدم استقرار هذه الشركات وحماية الوضع الظاهر لجميع المتعاملين مع الشركة والذين يجهلون عدم اتباع المؤسسين الإجراءات التأسيس وفقا للقانون، وهو هدف يستحق هذه الحماية في الواقع لاستقرار المعاملات، خاصة وإن شهر الشركة يجب أن يرتب أثر قانونية على الأقل من حيث قيام شركة صحيحة في مواجهة الغير.

    على أن هذا لا يمنع بطلانها لأسباب أخرى غير مخالفة إجراءات التأسيس كعدم توافر الشروط الموضوعية العامة أو الخاصة وفقاً للقواعد العامة التي لا يترتب على تخلفها بطلان الشركة بطلاناَ مطلقاً.

    المطلب الثاني – التمييز بين الشركات الفعلية وبين الشركات التي تنشأ بصورة فعلية

    لابد من التفريق بين الشركات الفعلية وبين الشركات التي تنشأ بصورة فعلية  ، فالشركات الفعلية هي الشركات التي تظهر للوجود بصورة مادية أي بعقد خطي ينظم بين الشركاء، فيبين العقد نوع الشركة وما وقع الاتفاق عليه بين الشركاء في صدد المساهمة في تكوين رأس المال المشترك وفي توزيع الأرباح والخسائر وتصفية الشركة، إلا إن رافق تأسيسها أحد العيوب التي أدت إلى بطلانها.

    أما الشركات التي تنشأ بصورة فعلية فهي التي لا ينظم بها عقد خطي، ولا تتجه إرادة الأطراف فيها إلى تكوين عقد شركة، وإنما يستفاد وجودها من العمل المشترك الذي يرمي إلى اجتناء الربح.

    وتظهر نية الشركاء في إيجاد شركة بينهم من الأعمال المشتركة التي يقومون بها والتي لا يمكن تفسيرها إلا بوجود الشركة.

    وتظهر فوائد التمييز بين الشركات الفعلية والشركات التي تنشأ بصورة فعلية خاصة بالنسبة النوع الشركة وللقواعد المتبعة في تصفيتها.

    فالشركات التي تنشأ بصورة فعلية تعد دائما من نوع شركات التضامن، في حين أن الشركات الفعلية يعين نوعها في العقد المقرر إبطاله، فقد تكون من شركات الأشخاص كما قد تكون من شركات الأموال.

    القواعد التي تحكم الشركات الفعلية

    لمعرفة القواعد التي تحكم الشركات الفعلية، لابد من بحث مسألتين الأولى وتتعلق بأثر عقد الشركة قبل البطلان وبعده، والثانية تتعلق بمدى احتفاظ الشركة الفعلية بشخصية اعتبارية وذمة مالية مستقلة.

    المطلب الأول- أثر عقد الشركة قبل البطلان وبعده

    أولا – بالنسبة للشركاء:

    تعد الشركاء قائمة فيما بين الشركاء قبل المطالبة بإبطال عقد الشركة، وينتج عن ذلك أن جميع ما قام به ممثلو الشركة من أعمال يسري أثره على الشركاء، وإن من حق هؤلاء أن يقتسموا الربح إن وجد، كما أن من واجبهم أن يساهموا في الخسارة إن حصلت، وفقاً لما هو منصوص عليه في عقد الشركة، كما أنه تطبق القواعد التي نص عليها عقد الشركة من أجل تصفيتها وقسمتها، إذا حكم ببطلان الشركة، ويعد ذلك تأييداً من المشرع لنظرية الشركة الفعلية حيث يعترف بعقد الشركة وتنفيذ بنوده رغم الحكم ببطلانه.

    وعليه فإن بطلان عقد شركة التضامن أو التوصية لعدم تسجيله أو شهره هو من قبيل حل الشركة قبل أن يحين ميعاد انتهائها وتتبع في تسوية حقوق الشركاء، في هذه الحالة، نصوص العقد استنادا إلى المادة 54 من قانون الشركات.

    كما أنه إذا حكم ببطلان الشركة، وكان أحد الشركاء لم يقدم كامل حصته فعليه أن يفي رصيدها، مراعاة لشروط العقد.

    على أن يستبعد من تطبيق شروط العقد الشروط المخالفة للقانون أو النظام العام.

    ثانياً – بالنسبة للغير:

    يتمثل الغير بكل من دائني الشركة وخلفائها الخاصين من جهة ودائني الشركاء الشخصيين وخلفائهم الخاصين من جهة أخرى.

    وهذا يقتضي التمييز بين حالتين:

    الأولى: الدائني الشركاء الشخصيين حق الخيار، فهم إما أن يحتجوا ببطلان الشركة أو يعتبروها صحيحة بالنسبة لهم.

    فإذا تمسكوا بصحتها كان عقد الشركة نافذا بالنسبة للماضي وقائمة بجميع فوائده وموجباته.

    أما إذا تمسكوا ببطلان الشركة فتعد الشركة كأن لم توجد أصلا .

    الثانية: ويختلف فيها وضع دائني الشركة فيما لو كان النزاع قائمة بينهم وبين الشركاء أو الشركة من جهة، أو كان قائما بينهم وبين دائني الشركاء الشخصيين.

    فإذا كان النزاع قائمة بين دائني الشركة وبين الشركاء أو الشركة، كان لدائني الشركة حق الخيار بين أن يعتبروا الشركة صحيحاً أو يحتجوا بالبطلان، فإذا فضلوا اعتبار الشركة صحيحة فإنهم يرجحون على دائني الشركاء الشخصيين، ويحق لهم إثبات قيام الشركة وشروطها ومن يديرها بكافة وسائل الإثبات بما فيها البينة الشخصية، وبالمقابل لا يحق للشركاء أن يحتجوا تجاههم ببطلان الشركة، كما ذكرنا سابقا.

    أما إذا احتج دائنو الشركة ببطلان الشركة، فيعد الأشخاص الذين تعاقدوا معهم باسم الشركة مسؤولين بالتضامن عن الالتزامات الناتجة عن العقود المبرمة معهم، كما تعد الأموال المشتركة في هذه الحالة ملكة شائعة بين الشركاء، ويقوم دائنو الشركة بالتنفيذ عليها بالتزاحم مع دائني الشركاء الشخصيين. وتزول التأمينات التي حصل عليها دائنو الشركة فيصبحون في حكم الدائنين العاديين للشركة.

    وإذا تمسك بعض الغير بصحة الشركة وآخرون ببطلانها، رجح البطلان، إذ يتعذر تكريس وجود الشركة وصحة تصرفاتها قبل الحكم بالبطلان، كما أنه كان باستطاعة الغير تبين أسباب البطلان فيما لو بذلوا العناية الكافية في الوقوف على أوضاع الشركة.

    وإذا احتج دائنو الشركة بالبطلان بالنسبة للشركاء فليس لهم في هذه الحالة، الاحتجاج بصحة الشركة تجاه دائني الشركاء الشخصيين لعدم جواز تجزئة البطلان.

    الشخصية الاعتبارية للشركة الفعلية

    ذهب الاجتهاد القضائي الفرنسي إلى عدم الاعتراف للشركة الفعلية بشخصية اعتبارية، وبالتالي بذمة مالية مستقلة عن ذمة الشركاء .

    ورتب على ذلك أنه ليس لدائني الشركة حق أفضلية بالنسبة لدائني الشركاء الشخصيين على موجودات الشركة في استيفاء ديونهم، وتوزع هذه الموجودات، قسمة غزماء، بين دائني الشركة ودائني الشركاء الشخصيين، كما يحق لدائني الشركاء الشخصيين أن يعارضوا في شهر إفلاس الشركة الفعلية إذ يؤدي شهر الإفلاس إلى منح دائني الشركة حق أفضلية بالنسبة لدائني الشركاء الشخصيين.

    ونرى بأن المشرع السوري حاد عن هذا الموقف عندما أجاز للغير الحق في التمسك بوجود الشركة ومطالبتها بتنفيذ الالتزامات التي رتبتها العقود عليها ، وبذلك فقد اعترف لها المشرع بالشخصية الاعتبارية إلى أن تصفى وبالقدر اللازم لتصفية أعمال الشركة التي حكم ببطلانها وذلك حتى تتمكن من تأدية كل ما يلزم من تصرفات خلال فترة التصفية.

    وبناء على ذلك يجوز شهر إفلاس الشركة التي حكم ببطلانها إذا ما توقفت عن دفع ديونها التجارية سواء أكان ذلك التوقف عن الدفع سابقاً أو لاحقاً للحكم بالبطلان. وقد ذهبت محكمة النقض المصرية في هذا الاتجاه عندما قررت بأنه :

    ” إذا كان الثابت في الدعوى أن الشركة القائمة هي شركة تضامن لم تشهر ومن ثم فهي شركة فعلية وبالتالي فإن الشخصية المعنوية تثبت لها بمجرد تكوينها وتكون حصة الشريك في مالها غير شائعة” .

    كما أن الحكم بشهر إفلاس هذه الشركة يستتبع شهر إفلاس الشركاء المتضامنين فيها.

    وطبقا لما جاء في قانون الشركات بالمادة 4 التي تقضي باعتبار الشركة صحيحة بين الشركاء حتى تاريخ إقامة دعوى البطلان فإنه لا شك في اعتبار وجود شخصية للشركة خلال فترة وجودها الفعلية وحتى تاريخ إقامة الدعوى.

  • بطلان عقد الشركات التجارية

    يترتب على تخلف أحد الأركان الموضوعية أو الشكلية بطلان عقد الشركة.

    وتختلف طبيعة هذه البطلان وآثاره تبعا لأهمية الركن المتخلف. وتوضيحاً لما سبق علينا دراسة هذا البطلان من حيث أسبابه وآثاره مع بیان نظرية الشركة الفعلية.

    أسباب البطلان

    قد يكون بطلان الشركة بطلاناً مطلقاً أو نسبياً وذلك بحسب السبب الذي ينبني عليه، فإما أن يكون مبنياً على تخلف أحد الأركان الموضوعية العامة لعقد الشركة أو أن يكون مبنياً على تخلف أحد الأركان الشكلية لهذا العقد.

     أولاً – انتفاء الإرادة سبباً للبطلان المطلق :

    يترتب على انتفاء إرادة أحد الشركاء انتفاء تام بطلان الشركة بطلاناً مطلقاً.

    كما لو كان المتعاقد صغيرة غير مميز أو مجنوناً أو معتوهاً.

    وبالتالي فإن لكل ذي مصلحة التمسك بهذا البطلان دون الشخص الذي غرر بفاقد الإرادة ودفعه للتعاقد لأنه “لا يجوز للمرء أن يتمسك بفعله المشين”.

    وعليه يجوز لكل صاحب مصلحة وللغير، وحتى أنه يتوجب على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، ولا يصحح هذا البطلان بالتقادم لأنه من العيوب الدائمة.

    ويترتب على صدور حكم ببطلان الشركة اعتبار عقدها كأن لم يكن بالنسبة لجميع الشركاء. ويسترد كل شريك حصته في الشركة وبالتالي يفقد دائنو الشركة امتيازهم على دائني الشركاء الشخصيين في تحصيل ديونهم من الشركة، وعندها يتساوى هؤلاء الدائنين في مطالبة الشركاء بديونهم أيا كان سبب نشوء هذا الدين.

    على أنه إذا انتفت الإرادة عند المكتتبين باسم شركة المساهمة فإن هذا السبب لا يؤدي إلى بطلان عقد الشركة، وإنما يؤدي إلى بطلان عقد الاكتتاب، وبالتالي يسترد المكتتب قيمة الأسهم التي اكتتب بها وتبقى الشركة قائمة، على أنه إذا كان بطلان الاكتتاب يؤدي إلى تدني رأسمال الشركة المكتتب به دون الحد الأدنى القانوني، رغم استنفاذ الآلية القانونية لتمديد عملية الاكتتاب، فإن ذلك يؤدي إلى بطلان الشركة.

    ثانياً – البطلان المؤسس على عيوب الرضا:

    إذا شاب رضا أحد الشركاء، وقت التعاقد، عيب من عيوب الرضا كالغلط أو التدليس أو الإكراه أو كان ناقص الأهلية، كان العقد قابلاً للبطلان، أي أن بطلان الشركة يكون بطلاناً نسبياً، وبالتالي فإنه مقرر لمصلحة من شاب عيب رضاه أو كان ناقص الأهلية.

    وعليه لا تسمع الدعوى إلا من هذا الشريك أو من نائبه القانوني أو من خلفه العام أو الخاص أو دائنه الشخصي.

    وتسقط دعوى البطلان في هذه الحالة، بإجازة العقد إجازة صريحة أو ضمنية (مادة 104 مدني)، أو بتقاعس الشريك الذي شاب العيب رضاه عن التمسك به بمضي سنة واحدة على زوال سبب البطلان أو انکشافه على ألا يجاوز ذلك 15 سنة من وقت التعاقد (مادة 141 مدني).

    وإذا حكم بهذا البطلان في شركات الأشخاص عدت الشركة شركة فعلية، وطبقت أحكام هذه الشركة في تصفية علاقة الشركاء فيما بينهم وتجاه الغير.

    ذلك أن النطق بالبطلان في شركات الأشخاص يؤدي إلى انهيار العقد برمته بالنسبة لكافة الشركاء، وذلك لأن شخصية الشريك في هذا النوع من الشركات محل اعتبار خاص عند التعاقد.

    ما لم يكن الشريك شريكا موصية في شركة توصية فإن إبطال مساهمته في الشركة لا يؤدي إلى بطلان الشركة.

    وفي شركات الأموال المساهمة أو محدودة المسؤولية، التي تقوم على الاعتبار المالي، فإن أثر البطلان يقتصر فقط على من شاب العيب رضاه ويظل العقد صحيحة ومنتجاً لآثاره، التي تتمثل في تكوين شخص اعتباري هو الشركة، بالنسبة لباقي الشركاء.

    ويحق بالتالي لهذا الشريك الذي تقرر البطلان لمصلحته أن يسترد مساهمته في رأسمال الشركة، ويطالب بالأرباح التي حققتها الشركة بنتيجة هذه المساهمة، بدعوى التعويض وفقا لأحكام دعوى الإثراء بلا سبب (مادة 180 مدني).

    وسواء أكان الشريك الذي تقرر لمصلحته البطلان شريكاً موصياً في شركة توصية أو شريك في شركة مساهمة أو محدودة المسؤولية، إذا كانت مساهمته في الشركة من الأهمية بحيث يؤدي إبطال الشركة إلى فقد محل الشركة أحد مقوماته الأساسية فإنه يقضي ببطلانها للسبب المذكور.

    ثالثاً – البطلان المؤسس على انتفاء المحل أو السبب:

    إذا انتفى محل الشركة (كما لو ألغي الترخيص الإداري أو الصناعي الذي أسست الشركة الاستثماره أو هلك المعمل المخصص لأعمال الشركة قبل انعقادها)، فإنه يترتب على ذلك بطلان الشركة بطلاناً مطلقاً. ويطبق نفس الحكم إذا كان محل عقد الشركة غير مشروع لمخالفته للنظام العام أو الآداب، كما لو تمثل في إدارة محل للدعارة أو الاتجار في المخدرات.

    وعليه يجوز لكل ذي مصلحة التمسك بهذا البطلان حتى حيال الغير حسن النية، بل ويجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.

    وتسري نفس الأحكام على انتفاء السبب أو إذا كان السبب مخالفة للنظام العام أو الآداب.

    ولا تسري في هذه الحالة أحكام الشركة الفعلية حيث يعود الشركاء إلى الحالة التي كانوا عليها قبل العقد وتعد الشركة كأن لم تكن أصلاً.

    غير أن بعض الفقه أثار مسألة الصعوبات الناجمة عن هذا البطلان بعد قيام المتعاقدين بتنفيذ التزاماتهم الناشئة عن عقد الشركة الباطل، كما لو أوفوا مثلا بالحصص التي تعهدوا بتقديمها.

    فما مصير هذه الحصص؟ وهل يجوز لهم استردادها؟

    قد يقال بعدم أحقيتهم في مثل هذا الاسترداد، لأن إبرامهم لعقد يعلمون مسبقاً أن محله ينصب على عمل غير مشروع، ينطوي على عمل شائن من جانبهم، والعمل الشائن لا يكسب صاحبه، كقاعدة عامة، أي حق ولا يصلح كسند للمطالبة القضائية .

    غير أن هذا القول لا يستقيم لما يفضي إليه من نتائج غير عادلة ومجحفة.

    إذ من شأنه أن يؤدي إلى إباحة إثراء المتعاقد الذي يحوز هذه الحصص على حساب المتعاقدين الآخرين، على الرغم من مشاركته لهم بالعمل الشائن. لذلك استقر الرأي الراجح على وجوب رد الحصص إلى أصحابها حتى لا يكون العمل الشائن مزية الأحد المتعاقدين تبرر له الحصول على كسب دون ما سبب يبرره.

    كما تثور الصعوبة أيضاً في حالة ما إذا تعامل الغير مع الشخص الاعتباري الفاسد وترتبت له حقوقاً تجاهه.

    ويعود سبب هذه الصعوبة أن البطلان هنا هو بطلان مطلق يجوز لكل ذي مصلحة التمسك به، بغض النظر عما إذا كان الغير حسن النية أو سيئها.

    فهل يجوز لأحد الشركاء المتعاقدين التمسك بهذا البطلان بمواجهة الغير حتى يتنصل من تنفيذ التزام يطالبه هذا الأخير بأدائه؟

    الرأي الراجح فقها أنه لا يجوز الاحتجاج في مواجهة الغير بالبطلان متى كان حسن النية، أي لا يعلم بسبب البطلان الذي ينخر في عقد تأسيس الشخص الاعتباري الفاسد، ومتى كان العقد الذي أبرمه مع هذا الشخص الاعتباري يقوم على سبب صحيح.

    أما إذا كان عالماً به وأجرى الاتفاق مع تصميمه على طلب إبطال العقد عندما يشاء متذرعا بهذا السب فلا تسمع أقواله طبقا اللمبدأ القانوني العام ” ليس لأحد أن يستفيد من مخالفته”.

    ونرى أنه يحق للغير المتضرر من هذا البطلان ولو كان عالما بسبب بطلان الشخص الاعتباري أن يعود على من تعاقد معه ويطالبه بإعادة الحال إلى ما كانت عليها قبل تعاقده معه، لأنه لا يمكن لنا أن نسمح بإثراء المتعاقد على حساب الغير.

    المطلب الثاني – بالنسبة لتخلف أحد الأركان الموضوعية الخاصة

    إن انتفاء مساهمة أحد الشركاء في رأس المال أو في إدارة المشروع المشترك يؤدي إلى بطلان عقد الشركة، إلا أن هذا البطلان لا يثير أي مشكلة بالمعنى القانوني الدقيق، لأن العقد في هذه الأحوال يستحيل أن يكون عقد شركة لفقدانه المقومات التي تجعله قادراً على تكوين شخص اعتباري يتمتع بكيان مستقل عن شخصية المتعاقدين، وعليه فإن تخلف تعدد الشركاء عدم تقديمهم الحصص أو عدم مساهمتهم في رأسمال الشركة يؤدي إلى بطلان عقد الشركة، ما لم تتوفر في العقد أركان عقد آخر (كالقرض لقاء نسبة من الأرباح والعمل لقاء نسبة من الأرباح مثلا).

    وبالتالي يجوز للقاضي أن يعتبر هذا العقد صحيحاً إذا توافرت فيه أركان عقد آخر، وإذا تبين أن نية المتعاقدين كانت تنصرف إلى إبرام هذا العقد وذلك عملا بالمادة 145 من القانون المدني.

    ولكن مشكلة البطلان تتجلى عند تخلف ركن المساهمة في الأرباح والخسائر.

    فإذا انتفى هذا الركن، كما لو تضمن العقد شرط من شروط الأسد، والتي تهدف إلى منع أحد الشركاء من الحصول على أي ربح أو إعفائه من تحمل أي خسارة لحق البطلان العقد برمته.

    وهذا البطلان مطلق يجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك به، ويجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.

    وخلافاً لهذا الحكم القانوني، نرى أن مثل هذا البطلان هو بطلان نسبي ويحق للشريك الذي حرم من الأرباح أو تضرر من إعفاء أحد الشركاء من الخسارة إثارته، بل وأبعد من ذلك، نرى بطلان الشرط واعتباره كأن لم يكن في العقد و اعتبار العقد صحيحاًة، وتطبيق حكم حالة عدم الاتفاق على الأرباح والخسائر، فيكون نصيب كل شريك في الأرباح والخسائر بنسبة مساهمته في رأسمال الشركة.

    هذا وكان أقر المشرع للشركاء في شركات الأموال تلافي دعوى البطلان بتصحيح العيب خلال فترة وجيزة بعد التمسك به.

    ونرى أنه يحق للغير المتضرر من هذا البطلان ولو كان عالما بسبب بطلان الشخص الاعتباري أن يعود على من تعاقد معه ويطالبه بإعادة الحال إلى ما كانت عليها قبل تعاقده معه، لأنه لا يمكن لنا أن نسمح بإثراء المتعاقد على حساب الغير.

     

    البطلان بسبب تخلف الأركان الشكلية

     

    يترتب على عدم اتخاذ الإجراءات الشكلية التي نص عليها القانون إما البطلان أو عدم نفاذ التصرفات التي فرض القانون شهرها.

    المطلب الأول: البطلان

    ذكرنا بأنه لا يحق للشركاء باستثناء شركة المحاصة إثبات الشركة فيما بينهم أو تجاه الغير إلا بعقد مكتوب.

    ويحق للغير عند الاقتضاء أن يثبت بجميع الوسائل وجود الشركة أو وجود أي نص يختص بها.

    على أنه للشركاء إثبات قيام الشركة المفتقرة لعقد خطي حيال بعضهم البعض، وحصراً بهدف حلها وتصفيتها بكافة وسائل الإثبات بما فيها البينة الشخصية.

    إما إذا لم يشهر عقد الشركة، وفقا للإجراءات المحددة قانونا حسب نوع الشركة، فإن الشركة تكون باطلة.

     وهذا البطلان يخرج عن نطاق القواعد العامة في البطلان المطلق من نواح أربعة:

    الأولى: أنه لا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، بل لابد من طلبه قضاء.

     الثانية: أنه لا يجوز للشركاء أن يحتجوا بهذا البطلان تجاه الغير، على أنه للغير الحق بالتمسك بالبطلان تجاه هؤلاء الشركاء.

    ذلك أن المشرع أجاز للغير ووفقاً لمقتضيات مصلحته التمسك بوجود الشركة ومطالبتها بتنفيذ الالتزامات التي رتبتها العقود عليها أو التمسك ببطلان الشركة واعتبار الأشخاص الذين تعاقدوا باسم الشركة مسؤولين بالتضامن عن الالتزامات الناتجة عن العقود المبرمة معه.

    فإن تمسك بعضهم بوجود الشركة وآخرون تمسكوا ببطلانها رجح بطلان الشركة عملاً بظاهر الحال ولأنه كان باستطاعة الغير تبين أسباب البطلان فيما لو بذلوا العناية الكافية في الوقوف على أوضاع الشركة.

    ويقع هذا التعارض في المصالح غالباً بين دائني الشركة الذين يتمسكون بوجودها لكي يتاح شهر إفلاسها أو الاستئثار بموجوداتها دون الدائنين الشخصيين للشركاء، وبين دائني الشركاء الشخصيين الذين يتمسكون ببطلانها ليتمكنوا من مزاحمة دائني الشركة في التنفيذ على موجوداتها.

     الثالثة: أن هذا البطلان يجوز تصحيحه بإتمام إجراءات الشهر تجنباً من الحكم ببطلان الشركة.

     الرابعة: أنه إذا حكم بقرار مبرم ببطلان الشركاء بناء على طلب أحد الشركاء فإن الشركة تعد صحيحة بالنسبة للماضي، ولا يحدث البطلان أثره بين الشركاء إلا من تاريخ قید دعوى البطلان في سجلات محكمة البداية المدنية.

    على أنه إذا ردت المحكمة دعوى البطلان، فإن أثر وحجية هذا الحكم يكون نسبياً مقتصراً على المدعي، لاحتمال تقدم مدع آخر بأدلة تتيح الحكم بالبطلان.

    بخلاف ما إذا قضت المحكمة بالبطلان، فإن أثر الحكم يسري على الجميع لأنه لا يتجزأ فلا يعقل زوال الشركة بالنسبة لبعضهم واستمرارها حيال الآخرين .

     المطلب الثاني: عدم النفاذ

    إن الشهر لا يرد فقط على عقد تأسيس الشركة وإنما يشمل كافة التعديلات التي تطرأ على عقد الشركة، وقد فرض المشرع على الشركاء أو مديري الشركة أو أعضاء مجلس إدارتها شهر هذه التعديلات، وقد تشمل التعديلات تعيين مدير جديد أو التصرف بأحد متاجر الشركة أو بتعديل الشكل القانوني للشركة أو طبيعة مسؤولية أحد الشركاء.

    فإذا لم تشهر هذه الواقعة، فإن هذه التعديلات لا تكون نافذة حيال الغير حسن النية.

    وطالما أن الشركاء طرفاً في تعديلات عقد تأسيس الشركة، فليس لهم الاحتجاج بعدم شهرها، ذلك أن الشهر يستهدف حفظ حقوق الغير لا حقوق الشركاء، وبالتالي فإن التمسك بعدم نفاذ هذه التعديلات يقتصر على الغير حسن النية الذي لا يعلم بها، إعمالا لأحكام السجل التجاري، وكذلك لما نصت عليه الفقرة الثامنة من المادة 32 من قانون التجارة

  • هل يشترط أن يكون عقد الشركات التجارية مكتوباً ؟

    نصت المادة 475 من القانون المدني على أنه:

    “1- يجب أن يكون عقد الشركة مكتوبة وإلا كان باطلاً كل ما يدخل على العقد من تعديلات دون أن تستوفي الشكل الذي أفرغ فيه ذلك العقد”.

    أما المادة 17 من قانون الشركات فقد نصت على أنه:

    “1- باستثناء شركة المحاصة، لا يحق للشركاء إثبات الشركة فيما بينهم أو تجاه الغير إلا بعقد مكتوب.

    2 – يجب أن يكون عقد الشركة أو الوثائق المعدلة له منظمة من قبل محام مسجل في جدول المحامين الأساتذة لمدة لا تقل عن خمس سنوات وعلى مسؤوليته.

    3 – على أنه يجوز للغير عند الاقتضاء أن يثبت بجميع الوسائل وجود الشركة أو وجود أي نص يختص بها”.

    من خلال نص المادتين نجد أن المشروع قد فرض إثبات عقد الشركة بالكتابة سواء أكانت الشركة مدنية أو تجارية باستثناء شركة المحاصة، ومما لا شك فيه أن مثل هذا الاشتراط، بالنسبة للشركة التجارية، يعد خروجاً على مبدأ حرية الإثبات في المواد التجارية المنصوص عليه في قانون البينات.

    وسبب هذا الخروج وفرض الكتابة هو رغبة المشرع في أن يحمل الشركاء على التفكير قبل الإقدام على تكوين شركة تكون عادة لمدة طويلة، وقد ينبني عليها تعريض ثرواتهم وسمعتهم للخطر.

    كما أن وجود سند كتابي محدد الشروط من شأنه تقليل المنازعات التي يمكن أن تنشأ بسهولة إذا لم يوجد مثل هذا السند.

    فضلاً عن أن عقد الشركة يتضمن كثيرا من التفصيلات ويستغرق تنفيذه وقتاً طويلاً مما لا يمكن معه الاطمئنان إلى ذاكرة الشهود.

    بيد أن الكتابة لا يستلزمها المشرع لصالح الشركاء فقط، بل إنها وضعت أيضا لمصلحة الغير الذي يهمه أن يعرف شروط عقد الشركة ومدى سلطة الشخص المعنوي الذي يتعامل معه.

    إضافة إلى أنه يجب شهر الشركة التجارية، والكتابة هي الخطوة الأولى في سبيل الشهر.

    والكتابة التي يفرغ فيها عقد الشركة قد تكون بسند عادي أو بسند رسمي منظم من قبل محام مسجل في جدول المحامين الأساتذة لمدة لا تقل عن خمس سنوات وعلى مسؤوليته، على أنه في شركات المساهمة والمحدودة المسؤولية يجب أن يصادق على تواقيع المؤسسين الكاتب بالعدل أو أي جهة أخرى يحددها وزير الاقتصاد والتجارة (مادة 61 و 98 شركات).

    والكتابة التي فرضها المشرع لإثبات عقد الشركة هي واجبة أيضا في جميع التعديلات التي يدخلها الشركاء على هذا العقد، وتخضع هذه التعديلات لكافة إجراءات التوثيق التي فرضها المشرع في كل نوع من أنواع الشركات المنصوص عليها في قانون الشركات.

    والكتابة التي اشترطها المشرع ليست شرطاً لانعقاد عقد الشركة، ولكنها شرط للإثبات فحسب، كما هو صریح نص المادة 17 شركات “باستثناء شركة المحاصة، لا يحق للشركاء إثبات الشركة فيما بينهم أو تجاه الغير إلا بعقد مكتوب”.

    على أنه يجب التفريق في شأن هذا الإثبات بين مركز الشركاء وبين مركز الغير.

    فبالنسبة للشركاء لا تثبت الشركة فيما بينهم إلا بالكتابة.

    بيد أنه لما كان انتفاء الكتابة يؤدي إلى عدم الشهر وبالتالي إلى بطلان الشركة، فإنه يجوز للشركاء إثبات الوجود الفعلي لهذه الشركة بقصد تصفية العلاقات بين الشركاء في الماضي بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة الشخصية.

    أما بالنسبة للغير فلا يجوز للشركاء إثبات الشركة إلا بعقد مكتوب.

    في حين أنه يجوز للغير أن يثبت عند الاقتضاء وبكافة وسائل الإثبات وجود الشركة أو أي شرط من شروطها (مادة 3/17 شركات)، لأن الشركة بالنسبة للغير تعد واقعة مادية.

    وبناء على ما تقدم فإنه لا يجوز الاتفاق على إثبات عقد الشركة بغير الكتابة وفي حالة إنكار قيام الشركة فإنه لا يجوز إثباتها فيما بين الطرفين بغير الكتابة، وحتى بالإقرار أو اليمين ذلك أن المشرع لم ينص على مراعاة أحكام الإقرار واليمين عندما فرض الكتابة وحدها كشرط لإثبات الشركة ورتب البطلان على تخلفها.

    هذا وقد فرض المشرع على المتعاقدين أن يضمنوا عقد الشركة بيانات محددة تتمثل في:

    عنوان الشركة ونوعها، وأسماء الشركاء وجنسيتهم وموطنهم المختار، وموضوع الشركة، ومركزها وفروعها إن وجدت، ورأسمال الشركة وحصص الشركاء فيها وكيفية تقديمها، وتاريخ تأسيس الشركة ومدتها، وكيفية إدارة الشركة ونصاب اتخاذ القرارات، والسنة المالية للشركة وكيفية توزيع الأرباح والخسائر، وأسلوب حل النزاعات بين الشركاء (مادة 3/32 شركات).

    ولابد من التنويه إلى أن المشرع استثني شركة المحاصة من وجوب إثباتها بالكتابة، ذلك في شركة المحاصة تتم الأعمال المشتركة باسم أحد الشركاء لحساب المجموع، والشريك المذكور وحده هو الذي يلتزم حيال الغير دون أن يتعامل باسم شركائه.

    وبالتالي يجوز إثباتها فيما بين المتعاقدين بكافة وسائل الإثبات بما فيها البينة الشخصية، وفيها نعود للأصل في الإثبات في المسائل التجارية، حيث يطبق مبدأ حرية الإثبات.

  • كيف يتم إشهار الشركات التجارية؟

    مفهوم الشهر

    تخضع الشركات التجارية لإجراءات الشهر المنصوص عليها في قانون الشركات. والقصد من شهر الشركات إعلام الغير بهذه المجموعات حتى يكونوا على بينة من تكوينها ونشاطها ومدتها ومدى مسؤولية الشركاء فيها عن التزاماتها.

    ولا يستثنى من إجراءات الشهر سوي شركة المحاصة نظرا لطبيعتها المستترة حيث لا يترتب على إنشاء هذه الشركة شخص معنوي وبالتالي فلا تنشأ علاقات بينها وبين الغير، وإنما تقتصر العلاقات بين الشريك المتعاقد باسمه الشخصي مع الغير.

    إجراءات الشهر

    كانت الشركات تشهر، في ظل قانون التجارة، بإيداع دیوان محكمة البداية المدنية في منطقة مركز الشركة صورة أو نسخة من وثيقة التأسيس، وكذلك الأمر بالنسبة للتعديلات الواردة على هذه الوثيقة).

    وبعد إيداع عقد التأسيس دیوان محكمة البداية التي تسلمهم نسخة مصدقة عليها يقوم أحد المؤسسين أو شخص مفوض عنهم بإيداعها سجل التجارة.

    أما الشركات المساهمة ومحدودة المسؤولية فلابد قبل شهرها من الحصول على ترخيص مسبق يصدر بقرار وزاري، وبمرسوم جمهوري بالنسبة لشركات المساهمة التي تطرح أسهمها اللاكتتاب العام.

    وإذا صدر قرار الترخيص والمصادقة على النظام الأساسي، وجب نشرهما في الجريدة الرسمية، كما ينشر فيها وفي صحيفتين يوميتين تصدران في مركز الشركة البيان المتضمن الدعوى للاكتتاب بالأسهم).

    وبعد أن تتم عملية التأسيس وانتخاب مجلس الإدارة، يقوم هذا المجلس بشهر الشركة وذلك بإيداع قرار الترخيص والنظام الأساسي دیوان محكمة البداية المدنية وتسجيل الشركة في سجل التجارة.

    وبعد صدور قانون الشركات رقم 3 لعام 2008 فإن أحكام شهر الشركات وإجراءاتها أصبحت تخضع لأحكام المادة 3 من قانون الشركات والتي تنص على أنه:

    “2 – يتم شهر جميع الشركات بتسجيل عقود تأسيسها وأنظمتها الأساسية والبيانات الواردة في المادة /8/ من هذا القانون في سجل الشركات الممسوك في سجل التجارة في المحافظة التي يقع فيها مركز الشركة، وذلك خلال الشهر الذي يلي تأسيسها.

    3- يجب على الشركاء أو مديري الشركة أو أعضاء مجلس إدارتها، بحسب الحال، شهر كل تعديل يطرأ على عقد الشركة أو على البيانات الواردة في المادة /8/ من هذا القانون بتسجيله في سجل التجارة خلال ثلاثين يوما من تاريخ التعديل. ولا يعتبر التعديل نافذا بحق الغير إلا من تاريخ شهر.

    4 – تشهر الشركات المؤسسة في المناطق الحرة والتعديلات التي تطرأ عليها في سجل التجارة للمنطقة الحرة التي يقع فيها مركزها.

    5 – تستثني شركة المحاصة من الشهر لعدم تمتعها بالشخصية الاعتبارية”.

    أما المادة /8/ من قانون الشركات فهي تتعلق بالبيانات التي تتضمنها شهادة تسجيل الشركة، وقد نصت على أنه:

    “يجب أن تتضمن شهادة تسجيل الشركة الصادرة عن أمين السجل المعلومات التالية:

    1 – رقم التسجيل.

    2 – اسم الشركة.

    3 – شكل الشركة القانوني.

    4 – نوع الشركة.

    5- غاية الشركة.

    6 – مدة الشركة.

    7- رأسمال الشركة.

    8 – مركز الشركة.

    9- أسماء المديرين أو أعضاء مجلس الإدارة ورئيسه ومدة ولايتهم.

    10 – أسماء الأشخاص المخولين التوقيع عن الشركة وصلاحياتهم ومدة ولايتهم.

    11 – القيود الواردة على حق الإدارة أو التوقيع.

    12 – أسماء الشركاء المتضامنين في شركات التضامن والتوصية.

    مما تقدم من نصوص نجد أن شهر الشركات أصبح يمر بإجراءات أبسط تعتمد على مبدأ النافذة الواحدة.

    فبالنسبة لشركات الأشخاص (التضامن والتوصية) يكتفي بالتقدم إلى أمين سجل التجارة في المحافظة التي يقع فيها مركز الشركة بطلب التسجيل، مرفقة بعقد تأسيس الشركة، المنظم من قبل محام أستاذ، وذلك خلال الشهر الذي يلي تأسيسها، ليتولى تسجيل الشركة في سجل الشركات الممسوك في سجل التجارة.

    أما بالنسبة لشركات الأموال فلابد من الحصول على الموافقة على طلب التأسيس والمصادقة على النظام الأساسي، ثم يقوم المؤسسون أو المفوض من قبلهم بالنسبة للشركة المحدودة المسؤولية، بإيداع النظام الأساسي المصدق ووثيقة تسمية المديرين ومفتشي الحسابات .. ورسوم نشر شهادة تسجيل الشركة في الجريدة الرسمية لدى أمين السجل الذي يجب عليه تسجيل الشركة المحدودة المسؤولية في سجلاته وإصدار شهادة تسجيل لها (مادة 2/62 شركات).

    أما بالنسبة لشركات المساهمة، فبعد تغطية رأس المال المعروض للاكتتاب وإعلان الهيئة العامة التأسيسية تأسيس الشركة نهائية وانتخاب أعضاء مجلس الإدارة الأول وتعيين الأشخاص المخولين بصلاحيات تمثيل الشركة، يقوم مجلس الإدارة أو أي من أعضائه بإيداع النظام الأساسي المصدق وموافقة هيئة الأوراق على طرح الأسهم على الاكتتاب العام ووثائق تسمية أعضاء مجلس الإدارة ورئيس مجلس الإدارة ونائبه، واسم أي شخص له صلاحيات بتمثيل الشركة، واسم مفتش الحسابات والوثائق المشعرة بتسديد رأس المال وما يشعر بتسليم أو نقل ملكية الحصص العينية، وتصريح من رئيس وأعضاء مجلس الإدارة بعدم وجود أسباب تمنعهم من تقلد هذا المنصب وإشعار بالنشر في الجريدة الرسمية لدى أمانة سجل التجارة، وذلك خلال ثلاثين يوما من تاريخ قرار الهيئة العامة التأسيسية القاضي بالإعلان عن تأسيس الشركة نهائياً، ويجب على أمين سجل التجارة في هذه الحالة تسجيل الشركة المساهمة في سجلاته، ونشر شهادة تسجيل الشركة في الجريدة الرسمية (مادة 3/99 شركات).

    كما يتوجب على الشركة المساهمة شهر أي تعديل على نظامها الأساسي خلال ثلاثين يوماً من مصادقة وزارة الاقتصاد والتجارة على النظام الأساسي المعدل للشركة أو ثلاثين يوماً من تاریخ انقضاء المهلة المحددة لتسديد قيمة أسهم زيادة رأس مال الشركة في حال تم إقرار زيادة رأسمالها أصولاً (مادة 4/99 شركات).

1