الوسم: استشارات قانونية مجانية في سوريا

  • نية المشاركة أو المساهمة في إدارة المشروع المشترك

    ضرورة توفير نية المشاركة:

    تعد نية المشاركة، رغم سکوت المشرع عن الإشارة إليها عند تعريفه للشركة بموجب نص المادة 473 من القانون المدني، من الأركان الجوهرية اللازمة لانعقاد عقد الشركة، ويستشف هذا الركن من جوهر عقد الشركة ذاته الذي يفترض اتحاد مصالح الشركاء وسيرها نحو تحقيق المشروع المشترك وانصراف رغبتهم بصورة فعالة لبلوغ هدف واحد هو تحقيق الربح وقسمته بين الشركاء.

    وبالتالي فإن نية المشاركة هي النواة الأساسية التي تستقطب حولها الأركان الأخرى اللازمة لقيام عقد الشركة وصلاحيته لترتیب آثاره القانونية. وتعرف نية المشاركة بأنها:

    ” انصراف إرادة الشركاء إلى التعاون الإيجابي على قدم المساواة لتحقيق غرض الشركة عن طريق الإشراف على إدارة المشروع وقبول المخاطر المشتركة “.

    وينطوي ركن نية المشاركة على عنصر عاطفي، بمعنى أن الشركاء يتعلقون بأعمال الشركة كما لو كانت أعمالهم الخاصة، ويبذلون من العناية في تدبير مصالحها ما يبذلونه في تدبير مصالحهم الخاص.

     وهذا ما نجده بوضوح في شركات الأشخاص حيث تسود الصفة التعاقدية، ولكنه أقل وضوحاً في شركات الأموال حيث يعنى المساهم أساساً بالقيام بعملية مالية، ولا يهتم بشخصية المديرين إلا بصفة تبعية.

    ويجب أن يكون التعاون لتحقيق الغرض المشترك للشركة، أن يكون على قدم المساواة.

     ولا يقصد بالمساواة هنا المساواة في المصالح، فقد تكون للشركاء مصالح مالية غير متساوية، ولكنها المساواة في المزايا المرتبطة بصفة الشريك.

     وبعبارة أخرى المساواة بينهم في المراكز القانونية، فلا يكون بينهم تابع ولا متبوع، ولا عامل ورب عمل، ولا يعمل أحدهم لحساب الآخر، وإنما

    “يتعاون الجميع في العمل على قدم المساواة في سبيل تحقيق الهدف المراد من خلق الشخص المعنوي الجديد”.

    وهذا ما يميز عقد الشركة عن عقد العمل الذي سبق لنا بحثه.

    يمكننا الاستدلال على وجود التعاون الإيجابي بين الشركاء بقصد تحقيق غرض الشركة، كتقديم الحصص وتنظيم إدارة الشركة والإشراف عليها والرقابة على أعمالها وقبول المخاطر المشتركة التي قد تتخلف عن المشروع الذي تقوم عليه. ومثل هذا التعاون هو الذي يميز عقد الشركة من ناحية عن الشيوع و عقدي القرض وإيجار المتجر لقاء نسبة من الأرباح من ناحية أخرى.

     وذلك لعدم انطواء هذه العقود على نية المشاركة بما تفترضه من تعاون إيجابي وقبول للمخاطر المشتركة.

     تقدير توافر نية المشاركة:

    إن تقدير توافر نية المشاركة من الأمور التي يستقل بها قاضي الموضوع وتخضع لمطلق تقديره. وعليه فإن نية المشاركة من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع ولا معقب عليها متى كان تقديرها سائغا لا ينطوي على مخالفة القانون في إسباغ الوصف القانوني الصحيح للعلاقة بين أطراف النزاع.

    وقد قضت محكمة النقض المصرية بأنه

    “جرى قضاء هذه المحكمة على أن شهر إفلاس شركة التضامن يستتبع حتماً شهر إفلاس الشركاء بغير حاجة إلى الحكم على كل شريك بصفته الشخصية، – (وهذا ما تنص عليه الفقرة الثالثة من المادة 29 من قانون الشركات: ” بأن إفلاس الشركة يؤدي إلى إفلاس كل الشركاء شخصية”)– وأن التعرف على نية المشاركة في نشاط ذي تبعة هو ما يتعلق بفهم الواقع في الدعوى، وإذا كان الحكم المطعون قد استدل على كون الطاعن شريكا في شركة بقوله أنه ” قد وقع على سندات أمر وعقود ومستندات بالشركة، الأمر الذي تري معه المحكمة أنه شريك فيها، ولا يغير هذا النظر خلو عقد الشركة من النص على أنه شريك فيها أو كونه يشغل وظيفة عامة، فإن ذلك لا يحول دون اعتباره شريكا مستقرا فيها ومن ثم فلا يسوغ أن يحتج تجاه دائني الشركة بأنه ليس شريكا وطالما قد ثبت أن الشركة قد توقفت عن سداد ديونها التجارية وشهر إفلاسها، فإن ذك يستتبع شهر إفلاس جميع الشركاء فيها …. وكانت هذه الأسباب مستمدة من أوراق الدعوى ومستنداتها، وتكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها الحكم، فإن النعي عليه بالقصور والفساد في الاستدلال لا يكون على أساس “.

    وخلاصة القول أن نية المشاركة هي التي تميز الشركة من العقود المشابهة لها وأن لقاضي الموضوع سلطة تقديرية في وصف العقد بوصف آخر غير الشركة بما ينطبق على حقيقته. 

     

  • كيف يتم إقتسام الأرباح والخسائر في الشركات التجارية؟

    اقتسام الأرباح والخسائر

    يجب أن يساهم الشركاء جميعاً في الأرباح والخسائر، والشركاء أحرار في تحديد أنصبتهم في الأرباح والخسائر باتفاق يرد في عقد الشركة.

    وفي حال عدم وجود اتفاق على نسبة الاشتراك في الأرباح والخسائر فإن القانون أعطى حلولاً لهذه الحالات:

    أولاً – في حال وجود اتفاق:

     1 – حرية الشركاء في تحديد أنصبتهم من الربح والخسارة:

    ترك القانون الحرية للشركاء في تعيين الأساس التي يجب أن يقوم عليها توزيع الأرباح والخسائر بينهم، فلهم أن يشترطوا في عقد الشركة أنصبة متساوية أو مختلفة في الربح والخسارة بالنسبة لحصة كل منهم في رأسمال الشركة، بشرط أن لا يخفي ذلك احتياء على القانون .

     وعليه يعد صحيحاً الشرط القاضي بتوزيع الأرباح والخسائر بصورة متساوية بين الشركاء ولو كانت حصصهم في رأس المال متفاوتة،

    أو بتوزيع الأرباح والخسائر بين الشركاء بصورة متفاوتة وإن كانت حصصهم في رأس المال متساوية، أو بتوزيع الأرباح والخسائر بنسب مختلفة،

    أو بتحديد ربح وخسارة أحد الشركاء بالنسبة لحصته في رأسمال الشركة.

    وكذلك يعد صحيحاً الشرط القاضي بإعفاء الشريك الذي دخل في الشركة بعمله من الخسارة على أن لا يستفيد من ربح لقاء عمله، باعتبار أن حرمان الشريك من أجرة عمله يعد خسارة بالنسبة له إذ يكون في هذه الحالة قد تحمل من الخسارة ضياع عمله بدون مقابل.

     وعلى هذا نصت الفقرة الثانية من المادة 483 من القانون المدني، بقولها:

    يجوز الاتفاق على إعفاء الشريك الذي لم يقدم غير عمله من المساهمة في الخسائر، بشرط ألا يكون قد تقرر له أجر عن عمله”.

    2- شرط الأسد 

    ماهو شرط الأسد في أرباح الشركات وما أثره على عقد الشركة؟

     ثانيا – في حال عدم وجود اتفاق:

    إذا لم يبين عقد الشركة نصيب كل من الشركاء في الأرباح والخسائر، كان نصيب كل منهم في ذلك بنسبة حصته في رأسمال الشركة (مادة

    1/482 مدني).

     وإذا اقتصر عقد الشركة على تعيين نصيب الشركاء في الربح، وجب اعتبار هذا النصيب في الخسارة أيضا، وكذلك الحال إذا اقتصر العقد على تعيين النصيب في الخسارة (مادة

    2/482 مدني).

     وإذا كانت حصة أحد الشركاء مقصورة على عمله، وجب أن يقدر نصيبه في الربح والخسارة تبعا لما تفيده الشركة من هذا العمل، فإذا قدم فوق عمله نقودا أو أي شيء آخر، كان له نصيب عن العمل وآخر عما قدمه فوقه (مادة

    3/482مدني).

    ولا تطبق هذه القاعدة القانونية إذا كانت جميع حصص الشركاء في رأسمال الشركة عملا بل يصار في هذه الحالة إلى توزيع الأرباح والخسائر بصورة متساوية بين الشركاء.

    ولم يلاحظ القانون احتمال تقديم أحد الشركة كحصة له في رأسمال الشركة مجرد الانتفاع من مال معين، ولاشك أنه يجب على الشريك في مثل هذه الحالة، أن يساهم في الخسارة.

     على أن مساهمته فيها تكون بحرمانه من الربح المحتمل أسوة بالشريك الذي يقدم عمله حصة في رأسمال الشركة .

  • اختصاص التشريع السوري في جرائم الانترنت

    نصت المادة 33 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية على ما يلي:

    ( أ- يطبق على الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون الأحكام المتعلقة بالصلاحيات الإقليمية والذاتية والشخصية والشاملة المنصوص عليها في قانون العقوبات.

    ب – يعد النطاق العلوي السوري في حكم الأرض السورية في معرض تطبيق هذا القانون.)

    استعمل المشرع السوري في قانون العقوبات تعبير (الصلاحية) للدلالة على الاختصاص، وأخذ بأربعة مبادئ لتحديد اختصاصه الجزائي الدولي، هي: الصلاحية الإقليمية، والصلاحية الذاتية (أو العينية)، والصلاحية الشخصية، والصلاحية الشاملة (أو العالمية).

    ومن الملاحظ أن المشرع السوري قد أخذ بالصلاحية الإقليمية كمبدأ أساسي، أسوة بالتشريع المقارن، إلا أنه لم يقنع بإنفراده، لذلك جمع بين هذه الصلاحيات الأربعة حتى تكمل بعضها البعض، كي يطال الجرائم المرتكبة خارج إقليم الدولة التي يرى فيها مساسا بمصالحه واعتباراته.

    وسنتناول كيفية تطبيق هذه الصلاحيات على جرائم الإنترنت فيما يلي :

     أولاً- الصلاحية الإقليمية:

    يقصد بمبدأ إقليمية القانون الجزائي، أن القانون الجزائي لدولة ما يطبق على كل جريمة ترتكب على إقليم هذه الدولة، سواء أكان الجاني يحمل جنسية هذه الدولة أم يحمل جنسية دولة أجنبية، وسواء أكان المجني عليه مواطن أم أجنبية .

    ولمبدأ إقليمية القانون الجزائي نتيجتان:

    الأولى إيجابية، وهي أن يكون للقانون الجزائي تطبيق شامل على كافة الجرائم المرتكبة على إقليم الدولة، الأمر الذي يؤدي بالضرورة إلى عدم تطبيق القوانين الجزائية الأجنبية على هذه الجرائم.

    أما النتيجة الثانية فسلبية، وهي تقضي بعدم تطبيق القانون الجزائي على أية جريمة ترتكب خارج حدود الدولة .

    وقد أخذ المشرع السوري بمبدأ الإقليمية في المادة /15/ من قانون العقوبات، حيث نصت هذه المادة على ما يلي:

    (1- يطبق القانون السوري على جميع الجرائم المقترفة في الأرض السورية.

    2- تعد الجريمة مقترفة في الأرض السورية:

    أ- إذا تم على هذه الأرض أحد العناصر التي تؤلف الجريمة، أو فعل من أفعال جريمة غير متجزئة، أو فعل اشتراك أصلي أو فرعي.

    ب – إذا حصلت النتيجة في هذه الأرض، أو كان متوقعا حصولها فيها .)

    ومن الملاحظ أن المشرع السوري في الفقرة الثانية من هذه المادة أراد أن يوسع من صلاحيته الإقليمية لتشمل مختلف الجرائم التي تهدد الحقوق المحمية بموجب القانون السوري،

    وقد استخدم في هذا التوسع الركن المادي (سلوك ونتيجة وعلاقة سببية) كمعيار لتحديد ما إذا كانت الجريمة قد وقعت على الأرض السورية أم لا، وهو مسلك مرحب به، لأن الفقه والقضاء لم يقبلا بالركن المعنوي بمفرده كمعيار لتحديد الاختصاص .

    والواقع أن تطبيق مبدأ الإقليمية على جرائم الإنترنت لا يثير أية صعوبة إذا كانت جميع عناصر الجريمة قد وقعت على الأرض السورية،

    فإذا قام شخص موجود في سورية مثلا باستخدام الإنترنت الاختراق المنظومة المعلوماتية لأحد المصارف العاملة في سورية، ثم قام بتحويل أرصدة بعض الحسابات إلى حسابه المصرفي، فإن جميع عناصر جريمة الاحتيال تكون قد وقعت على الأرض السورية.

    لكن تطبيق مبدأ الإقليمية ليس دومة بهذه السهولة، فالغالب أن جريمة الإنترنت عابرة للحدود، وبالتالي فإن عناصر الجريمة تتوزع على أقاليم عدة دول، وقد اعتبر المشرع جريمة الإنترنت مقترفة على الأرض السورية، وفق الفقرة الثانية من المادة /15/ من قانون العقوبات السوري، في الحالات

    التالية:

    1- إذا تم على الأرض السورية أحد العناصر التي تؤلف جريمة الإنترنت.

     ومثال ذلك، قیام شخص موجود في سورية بإنشاء موقع للاحتيال عبر الإنترنت – سواء كان الموقع مستضافة على مخدم سوري أم أجنبي- ثم وقع ضحية هذا الموقع شخص مقيم في الصين.

    وغني عن البيان أن الأعمال التحضيرية لا تدخل ضمن عناصر الجريمة، ولا ترتقي إلى الأفعال التنفيذية، فلو قام شخص مقيم في لبنان مثلاً بإرسال رسالة إلكترونية إلى شخص مقيم في الصين، تتضمن فوز المرسل إليه بجائزة وهمية بقصد الاحتيال عليه، فإن القانون السوري لا يطبق المجرد قيام الجاني بشراء الحاسوب من سورية.

    2- إذا تم على الأرض السورية فعل من أفعال جريمة غير متجزئة.

    ويدخل في مفهوم الجريمة غير المتجزئة، الجريمة المستمرة والجريمة المتتابعة وجريمة العادة.

     فجريمة الاحتيال مثلاً من الممكن أن تكون متتابعة (متعاقبة)، فإذا قام شخص موجود في لبنان مثلا، بالاحتيال على شخص موجود في سورية عن طريق البريد الإلكتروني، ثم قام هذا الجاني بالاحتيال عدة مرات على ذات المجني عليه، عن طريق الإنترنت، ففي هذه الحالة تكون جريمة الاحتيال متتابعة (متعاقبة) بسبب وحدة الإرادة الجرمية، ووحدة الحق المعتدي عليه، ووحدة الغرض.

     3- إذا وقع على الأرض السورية فعل اشتراك أصلي أو فرعي.

    كما لو اشترك شخص موجود في سورية مع شخص آخر موجود في اليابان بعملية اختراق لمنظومة معلوماتية عبر الإنترنت عائدة الأحد المصارف الأمريكية بقصد الاحتيال فيتحقق هنا (الاشتراك الأصلي).

    أما إذا قام شخص موجود في سورية بتقديم إرشادات لشخص موجود في اليابان، لاختراق منظومة معلوماتية عائدة لأحد المصارف الأمريكية بهدف تمكينه من الاحتيال. فيتحقق هنا التدخل الاشتراك الفرعي).

    4- إذا حصلت النتيجة الجرمية على الأرض السورية أو كان متوقعة حصولها فيها.

    فإذا قام شخص موجود في كندا بإنشاء موقع للاحتيال عبر الإنترنت لتداول الأسهم الوهمية، ووقع ضحية هذا الموقع شخص موجود في سورية، فتكون النتيجة الجرمية هنا قد وقعت في سورية.

    وتكون النتيجة متوقعة حصولها في سورية وإن لم تحصل فعلاً.

    إذا قام شخص موجود في الإمارات مثلا باستخدام بطاقة ائتمان مزورة للشراء من أحد المواقع الإلكترونية لشركة سورية، إلا أن الجريمة توقفت عند حد الشروع لظروف خارجة عن إرادة الفاعل.

    وفي تقديرنا أن وصول البث إلى سورية لا يكفي بحد ذاته لانعقاد اختصاص القانون الجزائي السوري على أساس أن النتيجة وقعت في سورية، لأن مواقع الإنترنت يصل بثها بطبيعة الحال إلى أي مكان في العالم، بل لا بد من أن يكون المجني عليه موجودة في سورية.

     وهذا التطبيق يشبه إلى حير بعيد نظرية الاستهداف التي قام القضاء الأمريكي بتطبيقها.

    وقد اعتبر المشرع السوري في الفقرة ب من المادة 33 من قانون الجريمة المعلوماتية أن النطاق العلوي السوري في حكم الأرض السورية في معرض تطبيق هذا القانون.

    والنطاق العلوي السوري كما عرفته المادة الأولى من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية هو اسم النطاق العلوي الوطني للجمهورية العربية السورية؛ وهو “سورية” و “sy”، أو أي نطاق إضافي يعتمد لاحقا”.

    و الواقع إن اعتبار تلك المساحة من الإنترنت، الخاضعة لإدارة الدولة السورية جزءاً من الإقليم الاعتباري السوري أو بحكم الأرض السورية، أمر يفرضه المنطق و الاعتبارات العملية، للسببين التاليين:

    1-  إن المبررات المتعلقة بسيادة الدولة على إقليمها، والتي دفعت المشرع الجزائي إلى اعتبار الطائرة أو السفينة السورية بحكم الأرض السورية، متوفرة في ذلك النطاق العلوي السوري على الإنترنت، الذي يخضع لإدارة الحكومة السورية المنتهي ب( sy) فهذا النطاق يحمل العلم السوري أو الجنسية السورية، وبالتالي فإن اعتباره بحكم الأرض السورية يتفق مع فلسفة المشرع السوري.

    2-  هناك مبررات عملية تدفعنا إلى اعتبار النطاق الوطني السوري على الإنترنت بحكم الأرض السورية، وهي أن هناك جرائم من الممكن أن ترتكب عبر هذا النطاق السوري، دون أن تطولها قواعد الاختصاص الجزائي الدولي السورية، ونضرب على ذلك المثال التالي:

    إذا أنشأت شركة فرنسية موقع إلكترونية لها على النطاق السوري المنتهي ب (SY.)، ثم قامت عبر هذا الموقع بالاحتيال على بعض الإيطاليين الموجودين في إيطاليا، فإن هذه الجريمة لا تخضع للقانون الجزائي السوري، لأن قواعد الاختصاص الدولي لا تسمح بذلك، فلا تنطبق على هذا المثال الصلاحية الإقليمية أو الشخصية أو الذاتية أو الشاملة، مع العلم أن الجريمة تمت عبر النطاق الوطني السوري على الإنترنت.

    ثانياً – الصلاحية الذاتية أو العينية:

    يقصد بمبدأ الذاتية أو العينية، تطبيق القانون الجزائي على الجرائم التي تمت المصالح الأساسية للدولة، والمرتكبة خارج إقليمها، أيا كانت جنسية مرتكبها.

    وهذا المبدأ يفرضه حرص الدولة على حماية مصالحها الأساسية .

    وقد أخذ المشرع السوري بهذا المبدأ في المادة /19/ من قانون العقوبات، التي نصت على ما

    يلي:

    1- يطبق القانون السوري على كل سوري أو أجنبي، فاعلاً كان أو محرضاً أو متدخلاً، أقدم خارج الأرض السورية على ارتكاب جناية أو جنحة مخلة بأمن الدولة، أو قلد خاتم الدولة، أو قلد أو زور أوراق العملة أو السندات المصرفية السورية أو الأجنبية المتداولة شرعا أو عرفا في سورية.

    2- على أن هذه الأحكام لا تطبق على الأجنبي الذي لا يكون عمله مخالفاً لقواعد القانون الدولي.).

    وتطبيقا لذلك، فإن بعض الجرائم المحددة في هذا النص يمكن أن ترتكب عبر الإنترنت، فإذا قام شخص موجود في الخارج باختراق المنظومة المعلوماتية العائدة لوزارة الدفاع السورية عبر الإنترنت، بقصد الحصول على معلومات سرية، يكون مرتكبا لجريمة التجسس المنصوص عليها بالمادة /272/ عقوبات.

     و أيضا من يقوم في الخارج بنشر كتابات عبر الإنترنت لم تجزها الحكومة السورية، فعكر صلات سورية بدولة أجنبية، يكون مرتكباً لجريمة ماسة بالقانون الدولي حسب المادة /278/ عقوبات.

    ثالثاً- الصلاحية الشخصية:

    يطبق مبدأ الصلاحية الشخصية بطريقتين: إيجابية وسلبية.

    ويقصد بالطريقة الإيجابية تطبيق القانون الجزائي على مرتكب الجريمة الذي يحمل جنسية الدولة ولو ارتكبت الجريمة خارج إقليمها.

    أما الطريقة السلبية، فيقصد بها تطبيق القانون الجزائي على كل جريمة يكون المجني عليه حاملا الجنسية الدولة، ولو ارتكبت الجريمة خارج إقليمها، وأيا كانت جنسية مرتكب الجريمة.

    وتطبيق مبدأ الشخصية بالطريقة الإيجابية، يؤدي إلى تجنب فرار المجرم الذي يسيء إلى سمعة وطنه عندما يرتكب جريمته خارج إقليم دولته ثم يفر إليها، إذ إن دولته لا تستطيع معاقبته على أساس مبدأ الإقليمية، ولا تستطيع تسليمه إلى الدولة التي ارتكب الجرم على أرضها، لأنه من رعاياها كما هو سائد في معظم التشريعات الجزائية.

    أما تطبيق مبدأ الشخصية بالطريقة السلبية، فهو يؤمن حماية رعايا الدولة من الاعتداءات الجرمية عليهم.

    والمشرع السوري أخذ بمبدأ الشخصية في وجهه الإيجابي فقط بالمادة /20/ من قانون العقوبات، ولم يأخذ بهذا المبدأ في وجهه السلبي، لأنه انطلق من مبدأ الثقة بالقضاء الأجنبي، وقدرته على حماية المواطنين السوريين، إذا ارتكبت بحقهم جرائم معاقب عليها في القانون الأجنبي.

    وقد نصت المادة /20/ من قانون العقوبات على ما يلي:

    يطبق القانون السوري على كل سوري، فاعلاً كان أو محرضاً أو متدخلاً، أقدم خارج الأرض السورية، على ارتكاب جناية أو جنحة يعاقب عليها القانون السوري.

    و يبقى الأمر كذلك ولو فقد المدعى عليه الجنسية السورية أو اكتسبها بعد ارتكاب الجناية أو الجنحة.).

    كما أكد المشرع السوري بالمادة /21/ من قانون العقوبات، على تطبيق هذا المبدأ بالنسبة للجرائم التي يقترفها الموظفون السوريون في الخارج، أثناء ممارستهم وظائفهم أو بمناسبة ممارستهم لها، وعلى الجرائم التي يرتكبها أيضا موظفو السلك الخارجي والقناصل السوريون الذين يتمتعون بالحصانة الدبلوماسية.

    والمشرع السوري لم يأخذ بمبدأ الشخصية على إطلاقه في جميع الجنح التي يرتكبها المواطن السوري في الخارج، فبحسب المادة 24 من قانون العقوبات يمكن أن نميز في نطاق الجنحة بين حالتين :

    1- إذا كانت الجنحة المرتكبة من قبل السوري في الخارج معاقبة عليها بالحبس ثلاث سنوات فأكثر وفق القانون السوري، فإن القانون السوري يطبق على الجاني دون النظر فيما إذا كان القانون الأجنبي يعاقب عليها أم لا.

    2- إذا كانت الجنحة المرتكبة من قبل السوري في الخارج معاقبة عليها بالحبس أقل من ثلاث سنوات وفق القانون السوري، فيجب أن يكون القانون الأجنبي في هذه الحالة قد عاقب على هذه الجنحة أيضا بعقوبة مهما كان نوعها، حتى نستطيع تطبيق القانون السوري، أي يجب أن يتحقق شرط المعاقبة في القانون الأجنبي، أما إذا لم يكن القانون الأجنبي قد نص على أية عقوبة لهذا الفعل، فإن القانون السوري لا يمكن تطبيقه.

    أما في الجنايات، فمبدأ الشخصية يطبق على إطلاقه، فكل سوري ارتكب جناية في الخارج، سواء أكان القانون الأجنبي يعاقب عليها أم لا، يعاقب وفق القانون السوري .

    وتطبيقا لذلك، فالسوري الذي يقوم في الخارج بإنشاء موقع على الإنترنت ينتحل فيه الاسم التجاري لإحدى الشركات، ويقوم من خلاله بالاحتيال على شخص موجود خارج سورية أيضا، يمكن ملاحقته وفقا للصلاحية الشخصية، لأن عقوبة الاحتيال عبر الشبكة وفق المادة 21 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية هي الحبس من ثلاث إلى خمس سنوات والغرامة من خمسمئة ألف إلى مليونين ونصف مليون ليرة سورية.

    أما في جرائم المعلوماتية الأخرى التي لا تصل فيها العقوبة إلى الحبس ثلاث سنوات، فيجب أن يتحقق شرط المعاقبة في القانون الأجنبي حتى نستطيع تطبيق مبدأ الصلاحية الشخصية.

    رابعاً – الصلاحية الشاملة:

    أخذ المشرع السوري بهذا المبدأ في المادة /23/ من قانون العقوبات، التي نصت على ما يلي:

    يطبق القانون السوري على كل أجنبي مقيم على الأرض السورية، أقدم في الخارج سواء أكان فاعلاً أو محرضاً أو متدخلاً، على ارتكاب جناية أو جنحة غیر منصوص عليها في المواد 19، 20، 21 إذا لم يكن استرداده قد طلب أو قبل..

    وينطوي هذا الاختصاص على نوع من التعاون أو التضامن الدولي في مكافحة الإجرام، فهو يضمن عدم إفلات المجرمين الذين سولت لهم أنفسهم ارتكاب الجرائم في دولة، ثم الفرار إلى دولة أخرى تخلص من المسؤولية.

    وعليه فالأجنبي الذي يرتكب جريمة في الخارج، ويلقي القبض عليه في سورية، يمكن محاكمته بموجب هذا الاختصاص الشامل، ولو لم يكن للقانون السوري اختصاص رئيسي في محاكمته، بشرط أن لا تطلب دولة أجنبية تسليمه من سورية، أو طلبت تسليمه لكن سورية رفضت التسليم، كأن يكون لاجئة سياسية مث.

    وتطبيقا لذلك، فإذا قام هولندي موجود في الخارج مثلا، باختراق منظومة معلوماتية عائدة المصرف إيطالي، وقام بتحويل الأرصدة إلى حسابه احتياط، ثم جاء إلى سورية وألقي القبض عليه فيها، فيمكن محاكمته وفقاً للصلاحية الشاملة إذا لم يكن استرداده قد طلب من سورية أو قبل.

  • الأحكام العامة لجرائم المعلوماتية والانترنت

    تضمن الفصل الخامس من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية الأحكام العامة المتعلقة بهذا القانون، كالظروف المشددة التي تشمل جميع نصوصه التجريمية، والشروع، والعلنية، والمصادرة وغيرها من القواعد العامة المتعلقة بالجرائم التقليدية والنواحي الإجرائية.

    واستناول في هذا الجزء القواعد المتعلقة بظروف التشديد والشروع والعلنية والمصادرة على التتالي:

     أولا: ظروف التشديد:

    نصت المادة 30 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية على ما يلي:

    ( تشدد العقوبات، وفق القواعد العامة للتشديد المنصوص عليها في قانون العقوبات النافذ، في الحالات التالية:

    1- إذا كان موضوع الجريمة يمس الدولة أو السلامة العامة.

    2) إذا جرى ارتكاب الجريمة بواسطة عصابة منظمة.

    3) إذا وقعت الجريمة على قاصر أو من في حكمه.

    4) إذا استغل مرتكب الجريمة عمله الوظيفي لارتكاب الجريمة.)

     وعليه فقد حدد المشرع أربعة ظروف تؤدي إلى تشديد العقوبة وفق المادة 247 من قانون العقوبات وهذه الظروف هي:

    أ- إذا كان موضوع الجريمة يمس الدولة أو السلامة العامة:

    ويتحقق ظرف التشديد هذا عندما يكون محل الجريمة يمس الأجهزة الحكومية كالوزارات والإدارات والشركات والمؤسسات والجهات الأخرى التابعة للقطاع العام والمشترك،

    ويستوي هنا أن يكون محل الجريمة المعلومات أو الأموال العائدة للدولة، وتشمل المعلومات مختلف أنواعها سواء أكانت معلومات تمس أمن الدولة أو لا، كالمعلومات المتعلقة بشؤون الموظفين أو المعلومات المتعلقة بموارد الدولة وغير ذلك من المعلومات.

    كما لو قام الجاني بالدخول بطريقة غير مشروعة إلى المعلومات المخزنة في حواسيب إحدى الوزارات سواء تم الدخول بطريقة مباشرة أم غير مباشرة، وقام بنسخ هذه المعلومات أو إتلافها أو تغييرها.

    كما يتحقق ظرف التشديد إذا كان محل الجريمة أموال عائدة للدولة سواء أكانت هذه الأموال منقولة أم غير منقولة، أم كانت عائدة برمتها إلى القطاع العام أو المشترك، كما لو قام الجاني باختراق موقع إلكتروني عائد لأحد مصارف الدولة وقام بتحويل الأموال لحسابه بطريقة غير مشروعة.

    و يتحقق ظروف التشديد أيضاً إذا كان محل الجريمة يمس السلامة العامة والحقيقة أن مفهوم السلامة العامة من الأتساع بمكان بحيث يصعب تحديده تحديدا دقيقة، فالمشرع لم يقم بتحديد معنى هذه العبارة، ولم تقم التعليمات التنفيذية لهذا القانون بذلك أيضا.

    ويمكن أن نحدد مفهوم السلامة العامة هنا في الحالات التي ينتج عن الجريمة ضرر بالصحة العامة أو بفئة معينة من الناس، كما لو قام الجاني باختراق حواسيب معمل للأدوية عن طريق الإنترنت، ثم قام بالتلاعب بكميات المواد الدوائية الداخلة في تصنيع الأدوية، الأمر الذي أدى إلى حدوث أضرار صحية عند مستخدمي هذه الأدوية.

     ففي هذه الحالة نكون أمام جريمة إيذاء مقصود مع ظرفين للتشديد، الأول هو ظرف التشديد المنصوص عليه بالفقرة ب من المادة 28 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية والذي يضاعف الحد الأدنى لعقوبة الجريمة المنصوص عليها في القوانين الجزائية إذا ارتكبت باستخدام الشبكة الإنترنت، أما ظرف التشديد الثاني فهو المنصوص عليه في المادة 30 لأن الجريمة أدت إلى الأضرار بالسلامة العامة.

    ب- ارتكاب الجريمة بواسطة عصابة منظمة:

    عرف المشرع في المادة الأولى من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية العصابة المنظمة بأنها:

     (جماعة أشخاص أو فعاليات، عادة ما تكون ذات تنظيم مركزي، تهدف إلى ممارسة الأنشطة الإجرامية، سواء على الصعيد الوطني أو الإقليمي أو الدولي).

    والواقع أن المشرع لم يحدد في هذا التعريف الحد الأدنى المطلوب قانون الأفراد هذه العصابة، وفي تقديرنا أن الحد الأدنى لأفراد العصابة المنظمة يجب أن يكون ثلاثة أشخاص فأكثر، وذلك تماشياً مع سياسة المشرع السوري في المادة 326 عقوبات المتعلقة بجمعيات الأشرار، وتعريف الجماعة الإجرامية في قانون مكافحة الاتجار بالأشخاص رقم 3 لعام 2010، حيث اشترط المشرع في كلا الحالتين أن تتكون الجماعة من ثلاثة أشخاص فأكثر.

    وبناء على ذلك فيتحقق ظرف التشديد المذكور، إذا تم تكوين جماعة من ثلاثة أشخاص فأكثر، ذات تنظيم مركزي، بهدف ارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية، ويقصد بالتنظيم المركزي أن يكون هناك توزيع لدور كل فرد من أفراد الجماعة في ارتكاب الجرائم، سواء أكانت هذه الجماعة تعمل على الصعيد الوطني أو الإقليمي أو الدولي.

    ج- إذا وقعت الجريمة على قاصر أو من في حكمه:

    ويقصد بالقاصر كل ذكر أو أنثى لم يتم الثامنة عشر من عمره، أما من هو في حكم القاصر فهم فاقدو وناقصو الأهلية كالمجنون والمعتوه والسفيه وذو الغفلة، وعلة التشديد في هذه الحالات هو حاجة هؤلاء للحماية القانونية أكثر من غيرهم بسبب ضعفهم وعدم قدرتهم على حماية أنفسهم، ومثال ذلك الأفلام والصور الخلاعية الموجهة للقاصرين على الانترنت.

    د- إذا استغل مرتكب الجريمة عمله الوظيفي لارتكاب الجريمة:

    ويتحقق ظرف التشديد هنا عندما يقوم العامل في إحدى الجهات العامة أو الخاصة بارتكاب إحدى جرائم المعلوماتية مستغلا وضعه الوظيفي، أي عندما تسهل الوظيفة ارتكاب الجريمة، كما لو قام أحد العاملين بالدخول إلى الأجهزة الحاسوبية لشركة ما ونسخ المعلومات دون أن يكون مصرح له بذلك.

     ثانيا: الشروع:

    نصت المادة 31 من قانون الجريمة المعلوماتية على ما يلي:

    ( يعاقب على الشروع في الجنح المنصوص عليها في هذا القانون، وفق الأحكام الواردة في قانون العقوبات النافذ.)

    والشروع وفقا للقواعد العامة- هو كل محاولة لارتكاب جناية أو جنحة (معاقب على الشروع فيها) بدأت بأفعال ترمي مباشرة إلى اقترافها، تعتبر کالجريمة نفسها إذا لم يحل دون إتمامها سوى ظروف خارجة عن إرادة الفاعل .

    فالشروع هو جريمة بدأت فيها الأفعال التنفيذية إلا أن النتيجة الجرمية لم تتحقق لظروف خارجة عن إرادة الفاعل.

     والمعيار الذي أخذ به المشرع السوري للتمييز بين الأفعال التحضيرية والأفعال التنفيذية، هو المعيار الشخصي الذي ينظر إلى مقدار الخطورة التي وصل إليها الجاني من خلال أفعاله، وهو المعيار الذي يحقق للمجتمع حماية أكبر.

    أما المعيار المادي فهو ضيق؛ لأنه لا يعاقب الفاعل على أفعاله إلا إذا كانت داخلة ضمن الركن المادي للجريمة أو لظرف مشدد لها .

    والأصل أنه إذا وقف نشاط الفاعل عند العمل التحضيري فلا عقاب عليه، إلا إذا كانت الأفعال التي قام بها تشكل جرائم بحد ذاتها.

    والشروع نوعان: شروع تام، وفيه يقوم الجاني بجميع الأفعال التنفيذية إلا أن النتيجة الجرمية لا تتحقق لظروف خارجة عن إرادته.

     ويطلق على هذا الشروع أيضا اسم الجريمة الخائبة.

     أما النوع الثاني فهو الشروع الناقص، وفيه لا يكتمل النشاط الجرمي، وتتوقف الجريمة في مراحلها الأولى لظروف خارجة عن إرادة الفاعل. ويطلق على هذا الشروع اسم الجريمة الموقوفة.

    والشروع بنوعيه يمكن تصوره في جرائم المعلوماتية، فمن يقوم باختراق نظام معلوماتي الأحد المصارف عن طريق الإنترنت، ويقوم بإدخال البيانات اللازمة لإجراء التحويلات المالية غير المشروعة، ثم لا تتحقق النتيجة الجرمية المتمثلة بتحويل النقود، نتيجة وجود خطأ في إدخال بعض البيانات، فإن نشاط الفاعل يشكل هنا شروعة تامة في الاحتيال.

    وقد يقف نشاط الفاعل عند حد الشروع الناقص، كما لو تم إلقاء القبض على أحد الهكرة أثناء وجوده في أحد مقاهي الإنترنت، وهو يقوم باختراق إحدى شبكات المصارف، بغية إجراء تحويلات غير مشروعة.

     ثالثا: العلنية على الشبكات المعلوماتية:

    نصت المادة 32 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية على ما يلي:

     ( تعد الشبكة من وسائل العلنية المنصوص عليها في قانون العقوبات والقوانين الجزائية

    النافذة.)

    وقد حدد المشرع وسائل العلنية في قانون العقوبات بالمادة 208 التي نصت على ما يلي:

     ( تعد وسائل للعلنية:

    1. الأعمال والحركات إذا حصلت في محل عام أو مكان مباح للجمهور أو معرض للأنظار أو شاهدها بسبب خطأ الفاعل من لا دخل له بالفعل.
    2. الكلام أو الصراخ سواء جهر بهما أو نقط بالوسائل الآلية بحيث يسمعهما في كلا الحالين من لا دخل له بالفعل.
    3. الكتابة والرسوم والصور اليدوية والشمسية والأفلام والشارات والتصاوير على اختلافها إذا عرضت في محل عام أو مكان مباح للجمهور أو معرض للأنظار أو بيعت أو عرضت للبيع أو وزعت على شخص أو أكثر.)

    وبناء على ذلك فقد جعل المشرع من الشبكة الانترنت والشبكات الداخلية وشبكات الهاتف النقال وغيرها من الشبكات، وسيلة من وسائل العلنية، بمعنى أنها أصبحت تنزل منزلة المحل العام أو المكان المباح للجمهور، فالعلنية تتحقق في المعلومات التي توضع في متناول عامة الجمهور أو فئة منه على موقع إلكتروني، والتي يمكن لأي فرد الوصول إليها.

    ولا يدخل في مفهوم العلنية المراسلات ذات الطابع الشخصي التي تتم عبر البريد الإلكتروني، أو في المحادثات الشخصية على الشبكة.

    والحقيقة أن هناك طائفة من الجرائم التقليدية التي اشترط المشرع فيها أن ترتكب بوسيلة علنية، كجريمتي الذم والقدح العلني المنصوص عليهما بالمادتين 568 و 570 عقوبات، وجريمتي الذم والقدح العلني الموجه إلى موظف المنصوص عليهما بالمادتين 376 و 378 عقوبات، وجريمة تحقير علم الدولة بشكل علني المنصوص عليها بالمادة 374 عقوبات، وغير ذلك من الجرائم. فشرط العلنية المطلوب يتحقق في جميع هذه الجرائم إذا ارتكبت على الشبكة.

    رابعا: المصادرة:

     نصت المادة 34 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية على ما يلي:

    ( أ- مع عدم الإخلال بحقوق الغير الحسني النية، تحكم المحكمة بمصادرة الأجهزة والبرمجيات الحاسوبية، أو أي وسائل أخرى مستخدمة في ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون. .

    ب- و يجوز أيضا الحكم بوقف أو إغلاق الموقع الإلكتروني المستخدم في ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، أو أي منظومة مشابهة، إذا كانت الجريمة قد ارتكبت بعلم صاحب هذا الموقع أو المنظومة.)

    و المصادرة هنا هي مصادرة عينية و هي عقوبة مالية إضافية، تنزع بموجبها ملكية شيء للمحكوم عليه جبرة، ومن غير مقابل ليصبح ملكا للدولة.

     وقد جعل المشرع من مصادرة الأجهزة والبرمجيات الحاسوبية، أو الوسائل الأخرى المستخدمة في ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية عقوبة إضافية وجوبية، أي يجب على المحكمة أن تحكم بها في حكمها النهائي.

    أما الحكم بوقف أو إغلاق الموقع الإلكتروني المستخدم في ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية، أو أي منظومة مشابهة، إذا كانت الجريمة قد ارتكبت بعلم صاحب هذا الموقع أو المنظومة. فهو أمر جوازي يعود تقديره إلى المحكمة، وهو من قبيل تدابير الاحتراز العينية التي تهدف علاج المجرم، ومنعه من العودة إلى ارتكاب الجريمة، وحماية المجتمع من خطره.

  • جريمة تزوير بطاقة الدفع الالكتروني

     نصت الفقرة ب من المادة 22 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية على ما يلي:

    ( يعاقب بالحبس من ثلاث إلى خمس سنوات والغرامة من خمسمئة ألف إلى مليونين ونصف مليون ليرة سورية، كل من:

    1-قام بتزوير بطاقة دفع.

     2-استعمل بطاقة دفع مزورة أو مسروقة أو مفقودة في الدفع أو سحب النقود.)

    وقد عرف المشرع السوري التزوير في المادة /443/ من قانون العقوبات بأنه:

    (تحريف مفتعل للحقيقة في الوقائع والبيانات التي يراد أثباتها بصك أو مخطوط يحتج بهما، يمكن أن ينجم عنه ضرر مادي أو معنوي أو اجتماعي ).

    وقد عددت المادة (445) عقوبات طرق التزوير المادية، كما حددت المادة /446/ عقوبات طرق التزوير المعنوية.

    وطرق التزوير المادية كما يستدل من اسمها، طرق أو وسائل مادية تترك أثراً مادياً على المحرر يمكن إدراكه إما بالحواس أو بالخبرة الفنية، وذلك بعكس طرق التزوير المعنوية التي لا تترك أثراً يدركه الحس، وبالتالي يصعب إثبات التزوير المعنوي لعدم وجود الأثر المادي.

     وعلى ذلك فإن طرق التزوير المادية من الممكن أن تتم أثناء تحرير المحرر أو بعد الانتهاء من تحريره، أما طرق التزوير المعنوية فلا تتحقق إلا أثناء تحرير المحرر .

    وعلى ذلك سنعمد إلى دراسة الركن المادي والركن المعنوي لجريمة تزوير بطاقة الدفع في ضوء مفهوم التزوير المنصوص عليه في قانون العقوبات على التالي:

    أ- الركن المادي:

    ينطوي الركن المادي في جريمة التزوير التقليدية على تغيير الحقيقة في محرر بإحدى الطرق المحددة قانونية، ولتوافر هذا الركن يجب أن يكون هناك محلا يرد عليه فعل تغيير الحقيقة وهذا المحل هو المحرر، ونشاط جرمي يتمثل بتغيير الحقيقة بإحدى الطرق المحددة قانوناً ويندمج في هذا النشاط النتيجة الجرمية وهي أيضا تغيير الحقيقة وعلاقة السببية بينهما.

    ثم يجب أن يترتب على التزوير عنصر الضرر، وهو شرط منفصل عن الركن المادي إلا أن غالبية الفقه الجزائي جرى على دراسته في إطار الركن المادي.

    ويقصد بتغيير الحقيقة تحريفها أي استبدالها بغيرها، وذلك بإحلال أمر غير صحيح محل أمر صحيح، فإذا لم يكن هناك حقيقة مغيرة أو محرفة فلا يكون هناك تزوير، كمن يقلد توقيع شخص آخر على وثيقة بإذن صاحب الإمضاء ورضائه فلا يعد ذلك تزويراً لأن الحقيقة لم تتغير .

    أما المحرر فيقصد به كل مكتوب يفصح عن مصدره ويتضمن وقائع أو بيانات تصلح الأن يحتج بها.

    فالتزوير هو الكذب المكتوب، والمحل الذي يجب أن يرد عليه التزوير يجب أن يكون مكتوباً، أي أن يكون محرراً.

    ويقصد بالكتابة في مجال التزوير العبارات الخطية أو العلامات أو الرموز التي تصلح السرد واقعة أو للتعبير عن إرادة، أي تصلح لنقل المعنى من شخص لآخر، فلا تعد كتابة ولا تصلح محلا لجريمة التزوير عدادات الكهرباء أو المياه أو الغاز، ولا الأختام المنسوبة لجهة عامة، ولا الرسومات أو لوحات الفن عموماً وإن كان يمكن أن يتوفر في تغيير الحقيقة لهذه الأشياء جرائم أخرى.

    كما يخرج من مفهوم المحرر في جريمة التزوير التقليدي الاسطوانات أو أشرطة التسجيل أو الشريط الممغنط الذي سجلت عليه عبارات أيا كانت أهميتها،

    وبالتالي فإن تغيير الحقيقة الذي يطرأ على المعطيات والمعلومات المخزنة والمسجلة على اسطوانات أو شرائط ممغنطة لا يعد تزويرة، لأن هذه المعلومات المعالجة آلية لا تعتبر محررة، لأنه لا يمكن مشاهدة هذه المعلومات المسجلة كهرومغناطيسية على هذه الشرائط عن طريق النظر .

    إلا أنه وبعد صدور قانون الجريمة المعلوماتية أصبح يدخل في مفهوم المحرر تزویر المعلومات والبيانات المخزنة أو المسجلة على الأشرطة الممغنطة ولو لا يمكن مشاهدتها بالعين المجردة.

    وبناء على ذلك فيقصد بتزوير بطاقة الدفع كل تغيير في أحد بيانات البطاقة كرقمها أو اسم حاملها أو توقيعه، وكذلك البيانات الالكترونية المسجلة على الشريط الممغنط أو المخزنة ضمن البطاقة.

    والواقع أن المشرع السوري لم يحدد طرق تزوير بطاقات الدفع، وبالتالي فيمكن أن يتم التزوير بأي وسيلة كانت، كالتلاعب بشريطها الممغنط أو ببياناتها مثل تاريخ الصلاحية واسم الحامل، أو تقليد البطاقة برمتها، أي صناعة بطاقة دفع على غرار بطاقة أخرى.

    كما يمكن أن يقع التزوير بوسيلة معنوية، كما لو انتحل الجاني شخصية صاحب الحساب في أحد المصارف، من أجل الحصول على بطاقة باسم صاحب الحساب الحقيقي .

    ولا يكفي لقيام جريمة تزوير بطاقات الدفع أن يقع تغيير في الحقيقة في هذه البطاقات، بل لا بد لهذا التغيير من أن يسبب ضررا للغير، وإن كان يكفي أن يكون هذا الضرر احتمالياً .

    والضرر هو إهدار أو انتقاص لحق أو لمصلحة يقررها ويحميها القانون، وهو شرط لازم القيام جريمة التزوير، فإذا انتفى انتفت الجريمة، ويتنوع الضرر إلى ضرر مادي و معنوي، وضرر حال ومحتمل، وضرر فردي واجتماعي.

    والضرر المادي هو الذي يصيب المجني عليه في ذمته المالية، والضرر المعنوي هو الذي ينال من شرف وكرامة واعتبار إنسان أو جماعة.

     أما الضرر الحال فهو الضرر الذي تحقق فعلا، و أما الضرر المحتمل فهو الضرر الذي لم يقع بعد ولكن يحتمل وقوعه، ولا يشترط القيام جريمة التزوير أن يكون الضرر قد وقع فعلا، بل يكفي أن يكون وقوعه محتم .

    أما الضرر الفردي أو الخاص فهو الضرر الذي يصيب فرد أو هيئة أو جماعة خاصة سواء كان مادياً أو أدبياً حالاً أو محتملاً.

    أما الضرر الاجتماعي أو العام فهو الذي يصيب المجتمع ككل أو الجسم الاجتماعي أي يمس الصالح العام، ومن أمثلة الضرر الاجتماعي المادي تزوير إيصال بسداد ضريبة، ومن أمثلة الضرر الاجتماعي المعنوي، دخول شخص إلى الامتحان باسم شخص آخر ليحصل على شهادة باسم الأخير .

    وبالنسبة لتزوير بطاقات الدفع، فإن الضرر الذي يترتب عليه هو ضرر مادي محتمل بالنسبة لحامل البطاقة، بالإضافة إلى ضرر اجتماعي مادي و معنوي نظراً لما يصيب المجتمع من اهتزاز بالثقة في المعاملات .

    ب: الركن المعنوي:

    جريمة التزوير جريمة مقصودة يتخذ فيها الركن المعنوي صورة القصد الجرمي، والقصد الجرمي الواجب توافره لقيام جريمة التزوير ليس فقط القصد العام وإنما يجب أن يضاف إليه القصد الخاص.

    والقصد العام اللازم لقيام جريمة التزوير هو العلم والإرادة، أي العلم بأركان الجريمة وعناصرها، والإرادة التي تتجه إلى السلوك الجرمي ونتيجته.

    أما القصد الخاص الذي يجب توافره لتحقق القصد الجرمي في جريمة التزوير هو نية إحداث ضرر مادي أو معنوي أو اجتماعي بالمعنى الذي سبق الإشارة إليه في شرح عنصر الضرر.

  • جريمة شغل اسم موقع إلكتروني

    نصت المادة 16 من قانون الجريمة المعلوماتية على ما يلي:

    يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر والغرامة من مئة ألف إلى خمسمئة ألف ليرة سورية، كل من شغل اسم موقع إلكتروني من دون علم صاحبه، أو حد من قدرة مالك نطاق على الإنترنت على التحكم في هذا النطاق.

    و سنتناول الركن المادي والركن المعنوي لهذه الجريمة فيما يلي:

     أ- الركن المادي:

     يتمثل النشاط الجرمي في جريمة شغل اسم موقع إلكتروني من دون علم صاحبه بانتحال شخصية موقع إلكتروني، وهو شكل من أشكال سرقة الهوية على الإنترنت.

     و يتم هذا الأسلوب عن طريق إنشاء مواقع مزيفة على شبكة الإنترنت، على غرار مواقع الشركات والمؤسسات التجارية الأصلية الموجودة على هذه الشبكة، بحيث يبدو هذا الموقع المزيف وكأنه الموقع الأصلي المقدم لتلك الخدمة.

    ويقوم الجناة عادة بالحصول على البيانات الخاصة بالموقع الأصلي وعنوانه ورقمه عن طريق الإنترنت، ثم يستخدمون هذه البيانات لإنشاء الموقع المزيف، بحيث يبدو للعيان شبيهة بالموقع الأصلي، وبعد ذلك يقومون بتعديل البيانات السابقة على الموقع الأصلي، بحيث لا يكون على الإنترنت إلا موقع واحد بنفس العنوان. وهنا تظهر النتيجة الجرمية المتمثلة بالحد من قدرة صاحب الموقع من التحكم بموقعه.

    والمشرع السوري لم يشترط لتحقيق جريمة شغل اسم موقع الكتروني أن يحصل الجاني على معلومات من المتعاملين مع هذا الموقع، بل تعتبر الجريمة قائمة متى استطاع الجاني شغل اسم هذا الموقع دون علم صاحبه أو الحد من قدرة مالكه من التحكم به.

     فهذه الجريمة تعتبر إحدى صور إعاقة الوصول إلى الخدمة أو الاستفادة منها، لأنها لا تهدف للحصول على المعلومات بصورة غير شرعية.

    والحقيقة أن الحالات الواقعية والتطبيقات القضائية تشير إلى أن جريمة شغل اسم موقع إلكتروني غالبا ما ترتبط بجريمة الحصول على بيانات بطاقات الائتمان دون وجه حق.

    فبعد إنشاء الموقع المزيف، يستقبل الجناة عليه جميع المعاملات المالية والتجارية التي يقدمها عادة الموقع الأصلي لعملائه عبر شبكة الإنترنت، فيتم استقبال الرسائل الإلكترونية الخاصة بالموقع الأصلي والاطلاع عليها، ومن ثم يتم الاستيلاء على البيانات الخاصة بهم.

    ففي إحدى القضايا، تم القبض في مصر على عصابة مكونة من ثلاثة أشخاص، القيامهم بتصميم مواقع تشبه مواقع بعض المصارف، ثم قيامهم بإرسال رسائل عشوائية عن طريق البريد الإلكتروني إلى عملاء حقيقين، فينخدعون ويقومون بكتابة بياناتهم ويتبعون الخطوات التي يحددها لهم المتهمون. وبعد التعرف على البيانات السرية للعملاء، خاصة كلمات المرور السرية، يتم الاستيلاء على أرصدة هؤلاء الضحايا .

    كما يمكن أن يتم انتحال الشخصية باستخدام بريد إلكتروني لخداع المتلقين، من أجل أن يتصلوا بمواقع إلكترونية مزيفة، وحملهم على إفشاء بياناتهم الشخصية والمالية، مثل أرقام بطاقات الائتمان وكلمات السر وأرقام الضمان الاجتماعي..

    والمثال على هذه العملية عندما يستلم أحد الأشخاص رسالة إلكترونية تتضمن طريقة اتصال بموقع إلكتروني (link)، فعندما ينقر المستلم على هذا الربط (link) فإنه يدخل إلى موقع مثل موقع e-bay، ولكن هذا الموقع يكون مزيفة، إلا أنه وبالتفحص الجيد يمكن أن يظهر أن عنوان الصفحة مختلف عن الموقع الحقيقي.

    ولكن الضحية لن يلاحظ هذا الفرق، وسوف يقوم بإعطاء معلومات عنه، مثل كلمة السر وعنوان البريد.

    ومن أمثلة هذا الأسلوب، أن شخص يدعى “ويليام جاكسون” استلم رسالة إلكترونية تظهر أنها من موقع paypal، وهذه الرسالة تحذره بأن حسابه سوف يغلق ما لم يجنده بمعلومات مالية محددة، وكان يوجد في هذه الرسالة ربط (link) بالموقع الذي يستطيع من خلاله تجديد هذه المعلومات.

    وقد قام “جاكسون” بإدخال أرقام بطاقة الإئتمان والحسابات المصرفية وأرقام الضمان الاجتماعي الخاصة به، ومعلومات شخصية أخرى، وانتهت هذه العملية الاحتيالية بخسارة “جاكسون” مئات الدولارات .

    كما تم تجريم الأخوين “ستيفينز” من “هيوستن” لقيامهما بتنصيب موقع إلكتروني مزيف الجيش الانقاذ Salvation Army، وقاما بجمع أكثر من 48000 دولار باسم جمعية إعصار كاترينا .

    وفي قضية أخرى، ورد بلاغ إلى إدارة جرائم الحاسوب بوزارة الداخلية المصرية عبر البريد الإلكتروني، من إحدى شركات مكافحة جرائم الاحتيال العالمية، التي تمثل قانوناً أحد البنوك البريطانية الكبرى، بوجود موقع مزيف على الإنترنت لهذا البنك البريطاني، يستخدم لخداع عملاء البنك وجمع المعلومات عنهم، والاستيلاء على أرصدتهم بطريقة احتيالية.

    ونتيجة البحث والمتابعة، تم إلقاء القبض على طالب بكلية الهندسة مقيم بالإسماعيلية، لإنشائه هذا الموقع المزيف الذي يحمل نفس مواصفات الموقع الرئيسي للبنك، وقد استطاع الطالب خداع عملاء البنك في الخارج، كما استطاع بمعاونة أشخاص مقيمين في أوربا الشرقية وروسيا تحويل بعض أرصدة العملاء، عن طريق شركات تحويل الأموال وتقسيمها فيما بينهم، وقد ارتكب هذا الطالب جريمته عن طريق مقهى إنترنت عائد لوالده في الإسماعيلية .

    ولابد من الإشارة هنا إلى أن الجريمة شغل اسم موقع إلكتروني قد تشكل حالة اجتماع جرائم مادي مع عن جريمة الحصول دون وجه حق على بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني باستخدام الأجهزة الحاسوبية أو الشبكة المنصوص عليها في المادة 22 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية.

    ب- الركن المعنوي :

    جريمة شغل اسم موقع إلكتروني جريمة مقصودة، تتطلب القصد الجرمي العام بعنصريه العلم والإرادة، فيجب أن يعلم الجاني وأن تتجه إرادته إلى انتحال شخصية موقع إلكتروني دون علم صاحبه أو الحد من قدرة مالكه من التحكم به.

     ج- العقوبة:

    عاقب المشرع على جريمة شغل اسم موقع إلكتروني بعقوبة جنحوية الوصف وهي الحبس من شهر إلى ستة أشهر والغرامة من مئة ألف إلى خمسمئة ألف ليرة سورية.

  • اساءة الأمانة في عقود الوديعة

    الوديعة عقد يلتزم به شخص أن يتسلم شيئاً من أخر على أن يتولى حفظ هذا الشيء وعلى أن يرده عينة (المادة 684 من القانون المدني).

    وكما أسلفنا فإن مناط العقاب هنا ليس الإخلال بالتزامات المودع لديه، وإنما هو الاعتداء على ملكية الشيء محل الوديعة.

    بالتالي لا عقاب على الإهمال في حفظ الوديعة ولو ترتب عليه هلاكها، ولا على استعمال الوديعة بغير إذن مالكها، ولا مجرد التأخير في ردها ما دام المودع لديه لا ينكر ملكية المودع للوديعة.

    ويتضح من التعريف

    الذي أوردناه أنه لا بد لقيام الوديعة من توافر شرطين:

    1- تسليم مال منقول إلى أخر.

     فلا وديعة إذا لم يكن هناك تسليم للمال من المودع إلى المودع لديه. ويستوي أن يكون التسليم حقيقياً أو أن يكون حكمياً.

     ومن أمثلة التسليم الحكمي بقاء الشيء المباع لدى البائع على سبيل الوديعة بعد أن انتقلت ملكيته إلى المشتري .

    فإذا اختلس البائع هذا الشيء قامت في حقه جريمة إساءة الائتمان.

    كما يستوي أن يحصل التسليم من المودع إلى المودع لديه مباشرة، وهذا هو الأصل، أو أن يحصل التسليم بطريقة غير مباشرة.

     ومن أمثلة التسليم غير المباشر حالة وارث المودع لديه. فالوارث يكون مسئولاً عن الوديعة التي تسلمها المورث، فإذا اختلسها وهو يعلم بحقيقتها قامت في حقه جريمة إساءة الائتمان .

     

    2- يشترط أن يكون تسليم الوديعة بقصد حفظها وردها بذاتها،

     أي أن يكون تسليم الوديعة مقتصراً على نقل الحيازة الناقصة، أما إذا لم يكن استلام الشيء بقصد حفظه، أو لم يكن الاتفاق منصباً على رد الشيء بذاته فلا يعد اختلاسه إساءة ائتمان .

     فيعد سارقاً لا مسيئاً للأمانة من تسلم مالاً من الغير بقصد معاينته وتقدير قيمته ورده في الحال ففر هارباً به.

    ولا جريمة أيضا إذا كان التسليم ناقلا للحيازة التامة، إلا إذا كان هذا التسليم نتيجة غش وخداع فيعتبر الفعل احتيالاً إذا توافرت سائر أركانه.

    والأصل في محل الوديعة أن يكون مالا قيمياً، لأن المال القيمي هو الذي يفترض أن يرد بالذات .

    ومع هذا فمن الممكن أن تتحقق الوديعة بالنسبة لمال مثلي، كالغلال والنقود، إذا اتفق الطرفان أن يسترد المودع هذا المال بذاته.

     إذن فالوديعة التي تكون محلا للحماية الجزائية هي الوديعة التي يلتزم فيها المودع لديه بالرد عينا، سواء أكان المال قيمية أم كان مثلية.

    وبناء عليه لا يعتبر مرتكبا لجريمة إساءة الائتمان المودع لديه إذا كان ملتزماً برد مقابل المال المودع لديه كماً ونوعاً، دون رده بذاته أو بعينه، لأن التسليم في هذه الحالة قد اقترن بنية نقل الحيازة التامة وليس الناقصة، أي اقترن بالسماح للمودع لديه أن يتصرف بالشيء محل الوديعة ثم رد قيمته أو مثله دون الالتزام برده عيناً.

     وتطبيقا لذلك لا يعد مسيئا للائتمان مدير البنك الذي يتصرف في النقود المودعة في البنك والتي يتقاضى عليها المودعون فائدة معينة نظير انتفاع البنك بها ، أو المدين الذي يلزمه دائنه بالتوقيع على سند أمانة باعتبار أن المال لديه على سبيل الوديعة.

    ففي هذه الحالات تم تسليم المال تسليما ناقلا للحيازة التامة وليس الناقصة، ويكيف العقد على حقيقته بأنه قرض أو عارية استهلاك وليس وديعة.

     ويستوي أخيرة أن تكون الوديعة تعاقدية أو قانونية أو قضائية.

    فكما سبق و أشرنا إلى أن الحصر التشريعي للعقود الائتمانية يتسع لبعض المراكز الائتمانية غير التعاقدية، فتقوم جريمة إساءة الائتمان فيها بالرغم من عدم وجود عقد من الناحية القانونية.

     وأبرز أمثلة لهذه المراكز تتمثل في حالتي الوديعة والوكالة. فالوديعة كما تكون تعاقدية قد تكون قانونية أو قضائية.

     ومن أمثلة الوديعة القانونية حالة الوريث الذي يتسلم شيئاً مودعة لدى مورثه، وهو يعلم بكونه وديعة، فهذا الشيء يعتبر لديه على سبيل الأمانة، فإذا تصرف به يعتبر مسيئاً للائتمان.

     ومن أمثلة الوديعة القضائية، حالة الحارس القضائي على المال المحجوز عليه، والمسلم له كشخص ثالث، فالمال يكون لديه وديعة، فإذا اختلسه أو تصرف به قام في حقه جرم إساءة الائتمان.

1