الوسم: استشارات قانونية مجانية في سوريا

  • ماهي حالات ملكية الحصص في شركة المحاصة؟

    يلتزم الشريك المحاص بتقديم الحصة التي تعهد بها عند إبرام عقد الشركة، ويستوي في ذلك أن تكون هذه الحصة نقدية أو عينية أو بالعمل.

     ولكن يثور التساؤل في هذا الصدد عن الذمة التي ستؤول إليها هذه الحصص عند تقديمها، ذلك لأن شركة المحاصة ليس لها شخصية اعتبارية، وبالتالي فليس لها ذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء فيها.

    إن الإجابة على هذا التساؤل متروك أمره للاتفاق المبرم بين الشركاء الذي يحدد كيفية تسديد رأس مال الشركة وحقوق والتزامات الشركاء فيها.

    وهذا الاتفاق لا يخرج عن إتباع أحد الحلول التالية:

     أولاً – احتفاظ كل شريك بحصته وتخويل الشركاء الانتفاع بها لمدة العقد:

    قد يتفق الشركاء على أن يظل كل منهم مالكا للحصة التي تعهد بتقديمها مع التزامه بتسليمها لمدير الشركة للقيام باستغلالها في حدود غرض الشركة.

    وفي هذه الحالة تنتقل حيازة الحصة إلى مدير، أما ملكيتها فتبقى لصاحبها الشريك.

    وعلى ذلك، إذا هلكت الحصة فإن تبعة هلاكها تكون على عاتق مالكها، اللهم إلا إذا كان سبب هذا الهلاك يعود إلى مخاطر الاستغلال المشترك الذي تتولاه الشركة، كما لو كان الله هلكت بفعل الحريق فيتحمل تبعة هلاكها جميع الشركاء.

    كذلك إذا شهر إفلاس الشريك المدير، وكانت حصة الشريك ما معيناً بالذات، جاز لهذا الأخير أن يستردها من تفليسة المدير، نظراً لأن الحصة باقية في ملكيته ولم تخرج من ذمته مطلقاً.

    ثانياً – نقل ملكية الحصص إلى المدير لحساب الشركاء:

     قد يتفق الشركاء على نقل ملكية الحصص إلى مدير شركة المحاصة لاستثمارها لحساب جميع الشركاء، فإذا كانت حصصاً نقدية أو أموال مثلية تم تسليمها إلى المدير لحاجات الشركة.

    أما إذا كانت حصصاً عينية ويخضع نقل ملكيتها إلى إجراءات التسجيل، كالسيارات والعقارات والملكية الصناعية، فلابد من إجراء المعاملات اللازمة لنقل ملكيتها بالتسجيل لدى الجهة الإدارية المختصة.

    أما إن كانت منقولات فيكتفي بتسجيلها.

    ويلتزم المدير رغم أنه أصبح مالكا للحصص، باستغلالها في تحقيق الغرض المشترك الذي أسست لأجله الشركة.

    فلا يجوز له التصرف فيها أو استغلالها لحسابه الخاص.

     وتأكيدا لذلك كثيراً ما ينص عقد الشركة في اتفاق نقل ملكية الحصص على تضمين عقدهم نصا يقضي بمنع المدير من التصرف بها، وهو أمر جائز قانوناً.

     وبما أن ملكية هذه الحصص تدخل في ذمة المالية للمدير، فإنها تصبح جزءاً من الضمان العام لدائنيه وتدخل ضمن أصول تفليسته.

     ومع ذلك إذا تصرف المدير بهذه الأموال خلافاً لما يقضي به عقد الشركة أو لغير مصلحة الشركاء، فإنه يكون مرتكباً لجرم إساءة الأمانة، ولكن لا يحق للشركاء الاحتجاج ببطلان التصرف بها تجاه الغير المتصرف إليه، ما لم يكن هذا الغير سيء النية وفقا لشروط الدعوى البوليصية (مادة 239 مدني).

    ثالثاً – بقاء الحصص ملكة شائعة بين الشركاء:

    قد يتفق الشركاء على أن تكون الحصص مملوكة على الشيوع، ويجب أن تكون هذا الاتفاق صريحاً، لأن المحاصة لا تفترض بطبيعتها الشيوع.

    ومتى اتفق على الشيوع صراحة انطبقت أحكامه، إلا أنه ليس لأي من الشركاء طلب قسمة المال الشائع قبل حلول أجل العقد.

     وكما أنه إذا أفلس مدير شركة المحاصة الذي يحوز هذه الحصص فلبقية الشركاء الدخول في التفليسة لاسترداد أنصبتهم من المال الشائع.

    رابعاً – احتفاظ كل شريك بملكية حصته ويستثمرها بنفسه:

    إذا لم يوجد اتفاق بين الشركاء في شأن موضوع ملكية الحصص، فالقاعدة تقضي بأن يظل كل شريك محتفظاً بملكية حصته ويقوم باستثمارها بنفسه ثم يشترك مع بقية الشركاء في نتائج استغلاله لحصته.

     وهذه القاعدة تتناسب مع الأصل الذي يقترض بعدم وجود شخصية اعتبارية للشركة وبالتالي عدم وجود ذمة مالية تنتقل إليها الحصص.

     وبما أن الحصص تبقى في ملكية الشركاء، فلا يجوز للغير الذين يتعاملون مع مدير الشركة الشريك الظاهر الحق في مطالبة الشركاء، بطريق مباشرة أو غير مباشرة، بالوفاء بالحصص التي تعهدوا بتقديمها عند إبرام عقد الشركة، لأن هذه الحصص لا تشكل ضماناً عاماً لهم، ولأن شركة المحاصة ليس لها رأس مال بحيث يقضي “مبدأ ثبات رأس المال” تخويل الغير الحق في مطالبة الشركاء بتقديم ما تعهدوا به من حصص.

  • تعريف شركة التوصية ونشأتها

    تعرف المادة 44 من قانون الشركات شركة التوصية على أنها:

     “شركة تعمل تحت عنوان معين يكون فيها أحد الشركاء على الأقل شريكاً متضامناً إضافة إلى شريك أو شركاء موصين.

    أ- الشركاء المتضامنون:

     هم الذين يحق لهم الاشتراك في إدارة الشركة ويكونون مسؤولين

    بالتضامن عن ديون الشركة والالتزامات المترتبة عليها في أموالهم الخاصة.

     ب- الشركاء الموصون:

     هم الذين يقدمون حصة في رأسمال الشركة دون أن يكون لهم الحق بالاشتراك في إدارة الشركة وتكون مسؤولية كل منهم عن ديون الشركة والالتزامات المترتبة عليها محصورة بمقدار حصته في رأسمال الشركة”.

     فشركة التوصية تنطوي إذا على نوعين من الشركاء:

    شرکاء متضامنون مسؤولون عن جميع ديون الشركة مسؤولية شخصية غير محدودة وعلى وجه التضامن، وشركاء موصون تتحدد مسؤوليتهم بمقدار الحصة التي قدموها في رأس المال، ولا يحق لهم الاشتراك في إدارة الشركة.

     وترجع جذور شركات التوصية إلى نظام “قرض المخاطرة الجسيمة” الذي عرفه الإغريق في القرن السادس قبل الميلاد ومارسوه في التجارة البحرية.

    وبمقتضى هذا النظام كان صاحب المال يقرض مالك السفينة ما يحتاج إليه من نقود لتجهيز سفينة وشراء البضائع، فإذا وصلت السفينة سالمة إلى بر الأمان استوفى المقرض مبلغ القرض مضافا غليه فائدة تتمثل في نسبة من الأرباح التي يكون المقترض قد حققها، أما إذا غرقت السفينة لم يكن للمقرض أن يطالب مالك السفينة بشيء وضاعت عليه نقوده.

    وقد تفرع عن هذا النظام عقد التوصية “عقد الكومندا” ووضع الثقة.

    حيث أخذ النبلاء والقضاة ورجال الدين المحظور عليهم تعاطي التجارة، وكان الإقراض بالفائدة محظورة، كل ذلك دفع هؤلاء الأشخاص للتعاقد مع أحد التجار لاستثمار أموالهم، وسميت العقود المنظمة لعلاقتهم مع التاجر بعقود التوصية، لأن صاحب المال إنما يوصي التاجر بموجبها القيام بتجارة معينة.

     وانتقلت هذه التسمية إلى التشريعات الحديثة أولها كان الأمر الملكي للتجارة الذي صدر في فرنسا عام 1673، ولعدم شهر وضع الشريك الموصي فيها صدر قانون التجارة الفرنسي لعام

    1807 فنظم أحكام الشركات ومنها التوصية ووضع مؤيدات الشهر الشريك الموصي. وقد عرفت الشريعة الإسلامية عقدا شبيها بعقد التوصية، سمي بعقد المضاربة، وهو عبارة عن شركة في الربح يقدم أحد الشركاء فيها المال والآخر العمل. وأخذت المجلة بهذا النوع من الشركات وسميت بشركة المضاربة.

    وتختلف شركة المضاربة عن شركة التوصية اختلافاً كليا، لأن المضارب تنحصر حصته في رأسمال الشركة بعمله فقط، في حين يساهم الشريك الموصي، في تكوين رأس المال بالمال المقدم من قبله، ولكن مسؤوليته تنحصر بحصة منه بالنسبة لديون الشركة.

    وقد تكون شركة المضاربة أقرب إلى شركة التضامن، التي يمكن أن تكون مساهمة أحد الشركاء فيها مقتصرة على عمله والآخرون على مساهمات نقدية، منها على شركة التوصية التي نحن بصددها.

    وكان قانون التجارة السوري الملغي قد تبني نوعان من شركات التوصية: شركة التوصية البسيطة وشركة التوصية المساهمة.

     الأولى: يقسم فيها رأس المال إلى حصص غير قابلة للتداول بالطرق التجارية، ولا تقبل، من حيث المبدأ، الانتقال للغير إلا بموافقة الشركاء.

     والثانية: يقسم رأسمالها إلى أسهم ويكون الشريك الموصي فيها خاضعة للنظام القانوني الذي يخضع له المساهم في الشركات المغفلة.

    ونظرا لعدم شیوع شركات التوصية المساهمة في سورية وندرتها، فقد ألغي المشرع هذا النوع من الشركات وأقتصر على تنظيم أحكام شركة التوصية في قانون الشركات رقم 3 لعام 2008، مما دفعه لإلغاء كلمة “بسيطة” لعدم الحاجة إلى التمييز بينها وبين التوصية المساهمة.

     وتعد شركة التوصية من الشركات الواسعة الانتشار في سورية، نظراً لأن بإمكان الأشخاص الممنوعين من التجارة كالأطباء والمحامين والموظفين تأسيس شركة توصية كشركاء موصين فيها أضف إلى ذلك إمكانية استمرار شركة التضامن وتحويلها إلى شركة توصية في حال وفاة أحد الشركاء المتضامنين وحلول ورثته القصر محله كشركاء موصين.

    كما نص قانون الشركات على تطبيق أحكام شركة التضامن على شركة التوصية المنصوص عليها في هذا القانون وذلك في الحالات والأمور التي لم يرد عليها نص خاص في باب شركة التوصية وبما لا يتعارض مع أحكام شركة التوصية، واخضع الشركاء المتضامنين في شركة التوصية إلى الأحكام المطبقة على الشركاء المتضامنين في شركة التضامن (مادة 1/50 و2 شركات).

    وبما أن شركة التوصية تنفرد ببعض الأحكام الخاصة بها التي جاء بها قانون الشركات.

    فإننا سنقتصر في دراستنا على دراسة هذه الأحكام من خلال دراسة خصائص الشركة وإدارتها.

  • كيف تتسم قسمة الشركة بين الشركاء بعد انقضائها؟

    أولاً – مفهوم القسمة

    يقصد بالقسمة في مجال الشركات، إيصال كل شريك إلى حقه في أموال الشركة المنقضية. فهي العملية التي تتبع التصفية.

    ويتفق الشركاء عادة على من يتولى القسمة، وغالبا ما يندبون لذلك المصفي نفسه.

    وفي هذه الحالة يعد المصفي وكيلا عن الشركاء لا ممثلا للشركة، لأن الشركة زالت من الوجود نهائية كشخص اعتباري بعد انتهاء عملية التصفية.

    ولم ينظم قانون الشركات رقم 3 لعام 2008 أحكام القسمة على خلاف ما اتبعه في أحكام التصفية، ويبدو أن سبب ذلك هو استقرار الفقه والقضاء على أحكام القسمة المنصوص عليها في القانون المدني، الذي ينص على أن تتبع في قسمة الشركات القواعد المتعلقة بقسمة المال الشائع (مادة 505 مدني).

     وكنا نفضل أن يأتي قانون الشركات بتفصيل لأحكام القسمة.

    ثانياُ – كيفية إجراء القسمة

    1 – القسمة الرضائية:

    الأصل أن يتبع في القسمة ما يكون الشركاء قد اتفقوا عليه في عقد الشركة. أما إذا لم ينص عقد الشركاء على كيفية قسمة صافي موجودات الشركة بعد تصفيتها، كان للشركاء، إذا انعقد إجماعهم، أن يقتسموا المال الشائع بالطريقة التي يرونها.

     وإذا كان مثل هذا الإجماع وارد في شركات الأشخاص فهو صعب المنال في الشركات التي تضم عددا كبيرا من الشركاء كالشركة المساهمة.

    وتجري القسمة عادة على أساس اختصاص كل شريك بمبلغ يعادل الحصة التي قدمها في رأس المال كما هي مبينة في العقد، أو بما يعادل قيمة هذه الحصة وقت تسليمها إذا لم تبين قيمتها في العقد.

     وإذا قدم الشريك حصته على سبيل الانتفاع، فإنه يستردها قبل القسمة لأن ملكية الرقبة مازالت له.

     أما الشريك بالعمل فلا يستحق مبلغاً يقابل حصته لأنه لم يقدم حصة مالية في الشركة، وإنما يسترد حريته في القيام بأعمال أخرى وإن كانت من نفس طبيعة أعمال الشركة قبل انقضائها .

    وإذا ما استرد كل شريك حصته، وتبقى شيئا بعد ذلك من حصيلة التصفية، وهو ما يسمى بفائض التصفية، اعتبر ذلك بمثابة أرباح متراكمة ويجري توزيعها على جميع الشركاء دون تمييز بحسب نصيب كل منهم في الأرباح، وفقا للأسس التي اتفق عليها الشركاء في عقد تأسيس الشركة، وفي حال عدم وجود مثل هذا الاتفاق، توزع وفقا لأحكام التوزيع القانوني للأرباح، أي بنسبة حصة كل شريك في رأس مال الشركة.

     أما إذا لم يكن فائض التصفية كافية لتغطية قيمة الحصص المالية، فإنه يتم توزيعه على الشركاء بحسب نصيب كل منهم في الخسائر، وهذا يخص الشركاء المتضامنون، إذ يتحملون نصيبهم في الخسائر وفقا لحصتهم في رأس المال (مادة 12/25 شركات).

     وإذا كان أحد الشركاء ناقص الأهلية، فلابد من الحصول على موافقة المحكمة الشرعية على القسمة الرضائية الجارية بموافقة النائب القانوني – الولي أو الوصي أو القيم، طبقا لأحكام المادتين 181 و 182 من قانون الأحوال الشخصية.

     2 – القسمة القضائية:

    إذا لم يتفق الشركاء على القسمة رضائيا، جاز للمصفي أو لأي من الشركاء مراجعة محكمة البداية المدنية لقسمة أموال الشركة عينا أو بيعها بالمزاد وتوزيع الثمن على الشركاء، كل ذلك مع مراعاة أحكام عقد الشركة واتفاق الشركاء بهذا الصدد.

     أ- القسمة العينية:

    تتم القسمة العينية من خلال ندب المحكمة، إن رأت وجها لذلك، خبيرا أو أكثر لتقويم المال الشائع وقسمته حصصا إن كان المال يقبل المقسمة عينة دون أن يلحقه نقص كبير في قيمته (مادة 2/790مدني).

    ومن ثم يكون الخبير الحصص على أساس أصغر نصيب حتى ولو كانت القسمة جزئية، فإن تعذرت القسمة على هذا الأساس جاز للخبير أن يجنب لكل شريك حصته. وإذا تعذر أن يختص أحد الشركاء بكامل نصيبه عينا، عوض بمعدل عما نقص

    من نصيبه (مادة 791 مدني). ويفصل القاضي في المنازعات المتعلقة بتكوين الحصص، ومن ثم يحكم بإعطاء كل شريك النصيب المفرز الذي آل إليه (مادة 792 مدني).

    فإذا لم يخص الخبير كل شريك بحصة مفرزة، جرت القسمة بطريق الاقتراع، وتثبت المحكمة ذلك وتصدير حكما بإعطاء كل شريك نصيبه المفرز (مادة 3/493).

    وإذا كان بين الشركاء غائب أو ناقص الأهلية، طلب القاضي من المحكمة المختصة تعيين من يمثلها في دعوى القسمة، إذا لم يكن ثمة وصي أو قيم أو وكيل قضائي مقام عليهما أصولاً مادة 794 مدني).

    ولا يملك المصفي تجنيب الحصص وقسمة الأموال مالم تفوضه محكمة البداية المدنية بذلك.

    ب – بيع الأموال بالمزاد وقسمة الثمن نقداً:

    إذا تعذرت القسمة عينا، أو كان من شأنها إحداث نقص كبير في قيمة المال المراد قسمته، يقرر القاضي بيع المال بالمزاد العلني، طبقا لأحكام قانون أصول المحاكمات المتعلقة بكل نوع من أموال الشركة سواء أكانت عقارات أو منقولات أم قيمة منقولة أم ديونا في ذمة الغير. وتقتصر المزايدة على الشركاء إذا طلبوا هذا بالإجماع (مادة 795 مدني).

     3 – أثار القسمة:

    أ- ضمان التعرض والاستحقاق:

    يضمن المتقاسمون بعضهم لبعض ما قد يقع من تعرض أو استحقاق لسبب سابق على القسمة، ويكون كل منهم ملزما بنسبة حصته أن يعوض مستحق الضمان، على أن تكون العبرة في تقدير الشيء بقيمته وقت القسمة، فإذا كان أحد المتقاسمين معسرا، وزع القدر الذي يلزمه على مستحق الضمان وجميع المتقاسمين غير المعسرين.

    غير أن لا محل للضمان إذا كان هناك اتفاق صريح يقضي بالإعفاء منه في الحالة الخاصة التي نشأ عنه، ويمتنع الضمان أيضا إذا كان الاستحقاق راجعة إلى خطأ المتقاسم نفسه (مادة 798 مدني).

     ب – الأثر الكاشف للقسمة:

    يعد المتقاسم مالكا للحصة التي آلت إليه منذ أن تملك في الشيوع وأنه لم يملك غيرها شيئا في بقية الحصص (مادة 797 مدني).

    ويطبق هذا الحكم فقط على القسمة العينية عندما تنقضي شخصية الشركة لانتهاء أعمال التصفية وتحول موجودات الشركة إلى أموال شائعة بين الشركاء قبل قسمتها.

    ج – إبطال القسمة الرضائية:

    يجوز لأحد المتقاسمين طلب نقض القسمة الحاصلة بالتراضي، إذا أثبت أنه قد لحقه منها غبن يزيد على الخمس، على أن تكون العبرة في التقدير بقيمة الشيء وقت القسمة.

    ويجب أن ترفع الدعوى خلال السنة التالية للقسمة.

    ويحق للمدعى عليه أن يطلب وقف سير الدعوى ويمنع القسمة من جديد إذا أكمل للمدعي نقدا أو عينا ما نقص من حصته (مادة 799 مدني).

  • اسم الشركة التجارية وعنوانها وموطنها؟

    اسم الشركة وعنوانها

    للشركة أن تتخذ لها اسماً خاصاً يميزها عن غيرها من الشركات وتتعامل به.

    وفي شركات الأشخاص، التضامن والتوصية، يعرف الاسم بعنوان الشركة ويتكون من اسم واحد أو أكثر من الشركاء المتضامنين.

    مع إضافة كلمة “وشركاه” للدلالة على شخصية الشركة المستقلة عن شخصية الشركاء.

    أما في شركات الأموال، المساهمة، فالأصل أن يستمد اسم الشركة من غرض الشركة الذي قامت من أجل تحقيقه.

    أي أن الاسم يبين نوع نشاط الشركة ولو اقترن بوصف آخر لا صلة له بأشخاص الشركة فيها، مثل “الشركة العربية للتأمين، شركة قدرة العقارية “.

    أما الشركات المحدودة المسؤولية فلها أن تتخذ اسمأ يستمد من غرضها أو أن تتخذ عنواناً يتضمن اسم شريك أو أكثر مع إضافة عبارة ” محدودة المسؤولية ” (مادة 57 شركات).

    ويعد اسم الشركة التجارية أو عنوانها اسمة تجارية لها، يستخدم للتوقيع به على الالتزامات التي تبرمها الشركة.

    ويعد الحق في الاسم التجاري حقا مالية، خلافا للاسم المدني للإنسان الذي يعد حقاً من الحقوق الملازمة للشخصية.

    ولصاحب الحق في الاسم التجاري حمايته من الاعتداء عليه إذا استخدمه شخص آخر تأسيساً على دعوى المنافسة غير المشروعة.

    ويثبت الحق في ملكية الاسم التجاري للأسبق في استعماله، بشرط أن يكون الاستعمال ظاهراً. إلا أنه حق نسبي يقتصر على نوع التجارة التي تزاولها الشركة.

     والعبرة عند رفع الدعوى على الشركة، هي باسمها لا باسم من يمثلها.

    وتطبيقاً لذلك قضي بأنه

    “إذا كان الاستئناف موجها من الشركة باعتبارها الأصلية فيه المقصودة بذاتها في الخصومة، دون ممثلها، فإن ذكر اسمها المميز لها عن غيرها في صحيفة الاستئناف والحكم يكون كافيا الصحتها في هذا الخصوص وبالتالي فلا يعتد بالخطأ الواقع في صفة هذا الممثل”. 

    موطن الشركة

    الموطن بالنسبة للشخص الطبيعي هو المكان الذي يقيم فيه عادة.

    وللشركة موطن مستقل، تخاطب وتقاضي فيه، ويعتبر موطنا للشركة المكان الذي يوجد فيه مركز إدارتها ”  أي المكان الذي يباشر فيه المدير عمله بالنسبة لشركات الأشخاص، والمكان الذي تنعقد فيه الهيئة العامة ومجلس الإدارة في شركات الأموال.

    ومركز الإدارة بالمعنى سالف الذكر يتميز عن مركز الاستثمار أي المكان الذي تباشر فيه الشركة أعمالها. فقد يكون مركز الإدارة في مكان ومركز الاستثمار في مكان آخر، والذي يحدد الموطن هو مركز الإدارة لا مركز الاستثمار.

    ويقصد بمركز الإدارة الرئيسي المكان الذي تتخذ فيه القرارات المتعلقة بنشاط الشركة بمختلف فروعها إن كانت لها فروع. فلا عبرة بمقر الفروع المختلفة، إنما بالمقر الرئيسي للشركة.

    والمقر الرئيسي، كما ذكرنا، هو المكان الذي يباشر فيه المدير أو أجهزة الإدارة أعمالها.

    ومع ذلك إذا كان للشركة فروع متعددة في أماكن مختلفة فقد أجاز المشرع تيسيراً للتعامل اعتبار المكان الذي يوجد به كل فرع موطنا خاصة بالأعمال المتعلقة به.

    ومن ثم يجوز رفع الدعوى إلى المحكمة التي يقع في منطقتها فرع الشركة وذلك في المسائل المتصلة بهذا الفرع . على أن هذا لا ينفي أن الشركة سواء أكانت في مركزها الرئيسي أم في فروعها هي قانونا في حكم الشخص الواحد وتتمتع بالشخصية الاعتبارية الواحدة.

    ويقصد بمركز الإدارة الفعلي المكان الذي تباشر فيه أعمال الإدارة بالفعل.

    فقد يتخذ الشركاء مقرا صورياً لإدارة الشركة لتحقيق ثمة مصلحة أو التمتع بمزايا ترتبط بهذا الموقع، كأن تعفي الشركة من الضرائب إذا كانت لا تقوم بأي نشاط تجاري في البلد الذي سجلت فيه . ولكن متى تبينت صورية المقر المعلن تكون العبرة في تحديد موطن الشركة بالمكان الذي تباشر فيه أعمال الإدارة بالفعل.

    ولا بد من الإشارة إلى أن مركز الشركة يحدد عادة في عقد تأسيسها أو نظامها الأساسي.

    ولا بد من شهره أصولاً

    . ويمكن نقله إلى مكان آخر وفقا للإجراءات المتعلقة بتعديل عقد الشركة أو النظام الأساسي، ويعد ذلك شهرة لموطن الشركة، ويفيد تحديد الموطن في عدة أمور منها رفع الدعاوى أمام المحكمة التي يقع في دائرتها مركز إدارة الشركة، كما يتم تبليغ الشركة كافة الأوراق القضائية المتعلقة بها هذا الموطن.

  • نية المشاركة أو المساهمة في إدارة المشروع المشترك

    ضرورة توفير نية المشاركة:

    تعد نية المشاركة، رغم سکوت المشرع عن الإشارة إليها عند تعريفه للشركة بموجب نص المادة 473 من القانون المدني، من الأركان الجوهرية اللازمة لانعقاد عقد الشركة، ويستشف هذا الركن من جوهر عقد الشركة ذاته الذي يفترض اتحاد مصالح الشركاء وسيرها نحو تحقيق المشروع المشترك وانصراف رغبتهم بصورة فعالة لبلوغ هدف واحد هو تحقيق الربح وقسمته بين الشركاء.

    وبالتالي فإن نية المشاركة هي النواة الأساسية التي تستقطب حولها الأركان الأخرى اللازمة لقيام عقد الشركة وصلاحيته لترتیب آثاره القانونية. وتعرف نية المشاركة بأنها:

    ” انصراف إرادة الشركاء إلى التعاون الإيجابي على قدم المساواة لتحقيق غرض الشركة عن طريق الإشراف على إدارة المشروع وقبول المخاطر المشتركة “.

    وينطوي ركن نية المشاركة على عنصر عاطفي، بمعنى أن الشركاء يتعلقون بأعمال الشركة كما لو كانت أعمالهم الخاصة، ويبذلون من العناية في تدبير مصالحها ما يبذلونه في تدبير مصالحهم الخاص.

     وهذا ما نجده بوضوح في شركات الأشخاص حيث تسود الصفة التعاقدية، ولكنه أقل وضوحاً في شركات الأموال حيث يعنى المساهم أساساً بالقيام بعملية مالية، ولا يهتم بشخصية المديرين إلا بصفة تبعية.

    ويجب أن يكون التعاون لتحقيق الغرض المشترك للشركة، أن يكون على قدم المساواة.

     ولا يقصد بالمساواة هنا المساواة في المصالح، فقد تكون للشركاء مصالح مالية غير متساوية، ولكنها المساواة في المزايا المرتبطة بصفة الشريك.

     وبعبارة أخرى المساواة بينهم في المراكز القانونية، فلا يكون بينهم تابع ولا متبوع، ولا عامل ورب عمل، ولا يعمل أحدهم لحساب الآخر، وإنما

    “يتعاون الجميع في العمل على قدم المساواة في سبيل تحقيق الهدف المراد من خلق الشخص المعنوي الجديد”.

    وهذا ما يميز عقد الشركة عن عقد العمل الذي سبق لنا بحثه.

    يمكننا الاستدلال على وجود التعاون الإيجابي بين الشركاء بقصد تحقيق غرض الشركة، كتقديم الحصص وتنظيم إدارة الشركة والإشراف عليها والرقابة على أعمالها وقبول المخاطر المشتركة التي قد تتخلف عن المشروع الذي تقوم عليه. ومثل هذا التعاون هو الذي يميز عقد الشركة من ناحية عن الشيوع و عقدي القرض وإيجار المتجر لقاء نسبة من الأرباح من ناحية أخرى.

     وذلك لعدم انطواء هذه العقود على نية المشاركة بما تفترضه من تعاون إيجابي وقبول للمخاطر المشتركة.

     تقدير توافر نية المشاركة:

    إن تقدير توافر نية المشاركة من الأمور التي يستقل بها قاضي الموضوع وتخضع لمطلق تقديره. وعليه فإن نية المشاركة من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع ولا معقب عليها متى كان تقديرها سائغا لا ينطوي على مخالفة القانون في إسباغ الوصف القانوني الصحيح للعلاقة بين أطراف النزاع.

    وقد قضت محكمة النقض المصرية بأنه

    “جرى قضاء هذه المحكمة على أن شهر إفلاس شركة التضامن يستتبع حتماً شهر إفلاس الشركاء بغير حاجة إلى الحكم على كل شريك بصفته الشخصية، – (وهذا ما تنص عليه الفقرة الثالثة من المادة 29 من قانون الشركات: ” بأن إفلاس الشركة يؤدي إلى إفلاس كل الشركاء شخصية”)– وأن التعرف على نية المشاركة في نشاط ذي تبعة هو ما يتعلق بفهم الواقع في الدعوى، وإذا كان الحكم المطعون قد استدل على كون الطاعن شريكا في شركة بقوله أنه ” قد وقع على سندات أمر وعقود ومستندات بالشركة، الأمر الذي تري معه المحكمة أنه شريك فيها، ولا يغير هذا النظر خلو عقد الشركة من النص على أنه شريك فيها أو كونه يشغل وظيفة عامة، فإن ذلك لا يحول دون اعتباره شريكا مستقرا فيها ومن ثم فلا يسوغ أن يحتج تجاه دائني الشركة بأنه ليس شريكا وطالما قد ثبت أن الشركة قد توقفت عن سداد ديونها التجارية وشهر إفلاسها، فإن ذك يستتبع شهر إفلاس جميع الشركاء فيها …. وكانت هذه الأسباب مستمدة من أوراق الدعوى ومستنداتها، وتكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها الحكم، فإن النعي عليه بالقصور والفساد في الاستدلال لا يكون على أساس “.

    وخلاصة القول أن نية المشاركة هي التي تميز الشركة من العقود المشابهة لها وأن لقاضي الموضوع سلطة تقديرية في وصف العقد بوصف آخر غير الشركة بما ينطبق على حقيقته. 

     

  • كيف يتم إقتسام الأرباح والخسائر في الشركات التجارية؟

    اقتسام الأرباح والخسائر

    يجب أن يساهم الشركاء جميعاً في الأرباح والخسائر، والشركاء أحرار في تحديد أنصبتهم في الأرباح والخسائر باتفاق يرد في عقد الشركة.

    وفي حال عدم وجود اتفاق على نسبة الاشتراك في الأرباح والخسائر فإن القانون أعطى حلولاً لهذه الحالات:

    أولاً – في حال وجود اتفاق:

     1 – حرية الشركاء في تحديد أنصبتهم من الربح والخسارة:

    ترك القانون الحرية للشركاء في تعيين الأساس التي يجب أن يقوم عليها توزيع الأرباح والخسائر بينهم، فلهم أن يشترطوا في عقد الشركة أنصبة متساوية أو مختلفة في الربح والخسارة بالنسبة لحصة كل منهم في رأسمال الشركة، بشرط أن لا يخفي ذلك احتياء على القانون .

     وعليه يعد صحيحاً الشرط القاضي بتوزيع الأرباح والخسائر بصورة متساوية بين الشركاء ولو كانت حصصهم في رأس المال متفاوتة،

    أو بتوزيع الأرباح والخسائر بين الشركاء بصورة متفاوتة وإن كانت حصصهم في رأس المال متساوية، أو بتوزيع الأرباح والخسائر بنسب مختلفة،

    أو بتحديد ربح وخسارة أحد الشركاء بالنسبة لحصته في رأسمال الشركة.

    وكذلك يعد صحيحاً الشرط القاضي بإعفاء الشريك الذي دخل في الشركة بعمله من الخسارة على أن لا يستفيد من ربح لقاء عمله، باعتبار أن حرمان الشريك من أجرة عمله يعد خسارة بالنسبة له إذ يكون في هذه الحالة قد تحمل من الخسارة ضياع عمله بدون مقابل.

     وعلى هذا نصت الفقرة الثانية من المادة 483 من القانون المدني، بقولها:

    يجوز الاتفاق على إعفاء الشريك الذي لم يقدم غير عمله من المساهمة في الخسائر، بشرط ألا يكون قد تقرر له أجر عن عمله”.

    2- شرط الأسد 

    ماهو شرط الأسد في أرباح الشركات وما أثره على عقد الشركة؟

     ثانيا – في حال عدم وجود اتفاق:

    إذا لم يبين عقد الشركة نصيب كل من الشركاء في الأرباح والخسائر، كان نصيب كل منهم في ذلك بنسبة حصته في رأسمال الشركة (مادة

    1/482 مدني).

     وإذا اقتصر عقد الشركة على تعيين نصيب الشركاء في الربح، وجب اعتبار هذا النصيب في الخسارة أيضا، وكذلك الحال إذا اقتصر العقد على تعيين النصيب في الخسارة (مادة

    2/482 مدني).

     وإذا كانت حصة أحد الشركاء مقصورة على عمله، وجب أن يقدر نصيبه في الربح والخسارة تبعا لما تفيده الشركة من هذا العمل، فإذا قدم فوق عمله نقودا أو أي شيء آخر، كان له نصيب عن العمل وآخر عما قدمه فوقه (مادة

    3/482مدني).

    ولا تطبق هذه القاعدة القانونية إذا كانت جميع حصص الشركاء في رأسمال الشركة عملا بل يصار في هذه الحالة إلى توزيع الأرباح والخسائر بصورة متساوية بين الشركاء.

    ولم يلاحظ القانون احتمال تقديم أحد الشركة كحصة له في رأسمال الشركة مجرد الانتفاع من مال معين، ولاشك أنه يجب على الشريك في مثل هذه الحالة، أن يساهم في الخسارة.

     على أن مساهمته فيها تكون بحرمانه من الربح المحتمل أسوة بالشريك الذي يقدم عمله حصة في رأسمال الشركة .

  • اختصاص التشريع السوري في جرائم الانترنت

    نصت المادة 33 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية على ما يلي:

    ( أ- يطبق على الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون الأحكام المتعلقة بالصلاحيات الإقليمية والذاتية والشخصية والشاملة المنصوص عليها في قانون العقوبات.

    ب – يعد النطاق العلوي السوري في حكم الأرض السورية في معرض تطبيق هذا القانون.)

    استعمل المشرع السوري في قانون العقوبات تعبير (الصلاحية) للدلالة على الاختصاص، وأخذ بأربعة مبادئ لتحديد اختصاصه الجزائي الدولي، هي: الصلاحية الإقليمية، والصلاحية الذاتية (أو العينية)، والصلاحية الشخصية، والصلاحية الشاملة (أو العالمية).

    ومن الملاحظ أن المشرع السوري قد أخذ بالصلاحية الإقليمية كمبدأ أساسي، أسوة بالتشريع المقارن، إلا أنه لم يقنع بإنفراده، لذلك جمع بين هذه الصلاحيات الأربعة حتى تكمل بعضها البعض، كي يطال الجرائم المرتكبة خارج إقليم الدولة التي يرى فيها مساسا بمصالحه واعتباراته.

    وسنتناول كيفية تطبيق هذه الصلاحيات على جرائم الإنترنت فيما يلي :

     أولاً- الصلاحية الإقليمية:

    يقصد بمبدأ إقليمية القانون الجزائي، أن القانون الجزائي لدولة ما يطبق على كل جريمة ترتكب على إقليم هذه الدولة، سواء أكان الجاني يحمل جنسية هذه الدولة أم يحمل جنسية دولة أجنبية، وسواء أكان المجني عليه مواطن أم أجنبية .

    ولمبدأ إقليمية القانون الجزائي نتيجتان:

    الأولى إيجابية، وهي أن يكون للقانون الجزائي تطبيق شامل على كافة الجرائم المرتكبة على إقليم الدولة، الأمر الذي يؤدي بالضرورة إلى عدم تطبيق القوانين الجزائية الأجنبية على هذه الجرائم.

    أما النتيجة الثانية فسلبية، وهي تقضي بعدم تطبيق القانون الجزائي على أية جريمة ترتكب خارج حدود الدولة .

    وقد أخذ المشرع السوري بمبدأ الإقليمية في المادة /15/ من قانون العقوبات، حيث نصت هذه المادة على ما يلي:

    (1- يطبق القانون السوري على جميع الجرائم المقترفة في الأرض السورية.

    2- تعد الجريمة مقترفة في الأرض السورية:

    أ- إذا تم على هذه الأرض أحد العناصر التي تؤلف الجريمة، أو فعل من أفعال جريمة غير متجزئة، أو فعل اشتراك أصلي أو فرعي.

    ب – إذا حصلت النتيجة في هذه الأرض، أو كان متوقعا حصولها فيها .)

    ومن الملاحظ أن المشرع السوري في الفقرة الثانية من هذه المادة أراد أن يوسع من صلاحيته الإقليمية لتشمل مختلف الجرائم التي تهدد الحقوق المحمية بموجب القانون السوري،

    وقد استخدم في هذا التوسع الركن المادي (سلوك ونتيجة وعلاقة سببية) كمعيار لتحديد ما إذا كانت الجريمة قد وقعت على الأرض السورية أم لا، وهو مسلك مرحب به، لأن الفقه والقضاء لم يقبلا بالركن المعنوي بمفرده كمعيار لتحديد الاختصاص .

    والواقع أن تطبيق مبدأ الإقليمية على جرائم الإنترنت لا يثير أية صعوبة إذا كانت جميع عناصر الجريمة قد وقعت على الأرض السورية،

    فإذا قام شخص موجود في سورية مثلا باستخدام الإنترنت الاختراق المنظومة المعلوماتية لأحد المصارف العاملة في سورية، ثم قام بتحويل أرصدة بعض الحسابات إلى حسابه المصرفي، فإن جميع عناصر جريمة الاحتيال تكون قد وقعت على الأرض السورية.

    لكن تطبيق مبدأ الإقليمية ليس دومة بهذه السهولة، فالغالب أن جريمة الإنترنت عابرة للحدود، وبالتالي فإن عناصر الجريمة تتوزع على أقاليم عدة دول، وقد اعتبر المشرع جريمة الإنترنت مقترفة على الأرض السورية، وفق الفقرة الثانية من المادة /15/ من قانون العقوبات السوري، في الحالات

    التالية:

    1- إذا تم على الأرض السورية أحد العناصر التي تؤلف جريمة الإنترنت.

     ومثال ذلك، قیام شخص موجود في سورية بإنشاء موقع للاحتيال عبر الإنترنت – سواء كان الموقع مستضافة على مخدم سوري أم أجنبي- ثم وقع ضحية هذا الموقع شخص مقيم في الصين.

    وغني عن البيان أن الأعمال التحضيرية لا تدخل ضمن عناصر الجريمة، ولا ترتقي إلى الأفعال التنفيذية، فلو قام شخص مقيم في لبنان مثلاً بإرسال رسالة إلكترونية إلى شخص مقيم في الصين، تتضمن فوز المرسل إليه بجائزة وهمية بقصد الاحتيال عليه، فإن القانون السوري لا يطبق المجرد قيام الجاني بشراء الحاسوب من سورية.

    2- إذا تم على الأرض السورية فعل من أفعال جريمة غير متجزئة.

    ويدخل في مفهوم الجريمة غير المتجزئة، الجريمة المستمرة والجريمة المتتابعة وجريمة العادة.

     فجريمة الاحتيال مثلاً من الممكن أن تكون متتابعة (متعاقبة)، فإذا قام شخص موجود في لبنان مثلا، بالاحتيال على شخص موجود في سورية عن طريق البريد الإلكتروني، ثم قام هذا الجاني بالاحتيال عدة مرات على ذات المجني عليه، عن طريق الإنترنت، ففي هذه الحالة تكون جريمة الاحتيال متتابعة (متعاقبة) بسبب وحدة الإرادة الجرمية، ووحدة الحق المعتدي عليه، ووحدة الغرض.

     3- إذا وقع على الأرض السورية فعل اشتراك أصلي أو فرعي.

    كما لو اشترك شخص موجود في سورية مع شخص آخر موجود في اليابان بعملية اختراق لمنظومة معلوماتية عبر الإنترنت عائدة الأحد المصارف الأمريكية بقصد الاحتيال فيتحقق هنا (الاشتراك الأصلي).

    أما إذا قام شخص موجود في سورية بتقديم إرشادات لشخص موجود في اليابان، لاختراق منظومة معلوماتية عائدة لأحد المصارف الأمريكية بهدف تمكينه من الاحتيال. فيتحقق هنا التدخل الاشتراك الفرعي).

    4- إذا حصلت النتيجة الجرمية على الأرض السورية أو كان متوقعة حصولها فيها.

    فإذا قام شخص موجود في كندا بإنشاء موقع للاحتيال عبر الإنترنت لتداول الأسهم الوهمية، ووقع ضحية هذا الموقع شخص موجود في سورية، فتكون النتيجة الجرمية هنا قد وقعت في سورية.

    وتكون النتيجة متوقعة حصولها في سورية وإن لم تحصل فعلاً.

    إذا قام شخص موجود في الإمارات مثلا باستخدام بطاقة ائتمان مزورة للشراء من أحد المواقع الإلكترونية لشركة سورية، إلا أن الجريمة توقفت عند حد الشروع لظروف خارجة عن إرادة الفاعل.

    وفي تقديرنا أن وصول البث إلى سورية لا يكفي بحد ذاته لانعقاد اختصاص القانون الجزائي السوري على أساس أن النتيجة وقعت في سورية، لأن مواقع الإنترنت يصل بثها بطبيعة الحال إلى أي مكان في العالم، بل لا بد من أن يكون المجني عليه موجودة في سورية.

     وهذا التطبيق يشبه إلى حير بعيد نظرية الاستهداف التي قام القضاء الأمريكي بتطبيقها.

    وقد اعتبر المشرع السوري في الفقرة ب من المادة 33 من قانون الجريمة المعلوماتية أن النطاق العلوي السوري في حكم الأرض السورية في معرض تطبيق هذا القانون.

    والنطاق العلوي السوري كما عرفته المادة الأولى من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية هو اسم النطاق العلوي الوطني للجمهورية العربية السورية؛ وهو “سورية” و “sy”، أو أي نطاق إضافي يعتمد لاحقا”.

    و الواقع إن اعتبار تلك المساحة من الإنترنت، الخاضعة لإدارة الدولة السورية جزءاً من الإقليم الاعتباري السوري أو بحكم الأرض السورية، أمر يفرضه المنطق و الاعتبارات العملية، للسببين التاليين:

    1-  إن المبررات المتعلقة بسيادة الدولة على إقليمها، والتي دفعت المشرع الجزائي إلى اعتبار الطائرة أو السفينة السورية بحكم الأرض السورية، متوفرة في ذلك النطاق العلوي السوري على الإنترنت، الذي يخضع لإدارة الحكومة السورية المنتهي ب( sy) فهذا النطاق يحمل العلم السوري أو الجنسية السورية، وبالتالي فإن اعتباره بحكم الأرض السورية يتفق مع فلسفة المشرع السوري.

    2-  هناك مبررات عملية تدفعنا إلى اعتبار النطاق الوطني السوري على الإنترنت بحكم الأرض السورية، وهي أن هناك جرائم من الممكن أن ترتكب عبر هذا النطاق السوري، دون أن تطولها قواعد الاختصاص الجزائي الدولي السورية، ونضرب على ذلك المثال التالي:

    إذا أنشأت شركة فرنسية موقع إلكترونية لها على النطاق السوري المنتهي ب (SY.)، ثم قامت عبر هذا الموقع بالاحتيال على بعض الإيطاليين الموجودين في إيطاليا، فإن هذه الجريمة لا تخضع للقانون الجزائي السوري، لأن قواعد الاختصاص الدولي لا تسمح بذلك، فلا تنطبق على هذا المثال الصلاحية الإقليمية أو الشخصية أو الذاتية أو الشاملة، مع العلم أن الجريمة تمت عبر النطاق الوطني السوري على الإنترنت.

    ثانياً – الصلاحية الذاتية أو العينية:

    يقصد بمبدأ الذاتية أو العينية، تطبيق القانون الجزائي على الجرائم التي تمت المصالح الأساسية للدولة، والمرتكبة خارج إقليمها، أيا كانت جنسية مرتكبها.

    وهذا المبدأ يفرضه حرص الدولة على حماية مصالحها الأساسية .

    وقد أخذ المشرع السوري بهذا المبدأ في المادة /19/ من قانون العقوبات، التي نصت على ما

    يلي:

    1- يطبق القانون السوري على كل سوري أو أجنبي، فاعلاً كان أو محرضاً أو متدخلاً، أقدم خارج الأرض السورية على ارتكاب جناية أو جنحة مخلة بأمن الدولة، أو قلد خاتم الدولة، أو قلد أو زور أوراق العملة أو السندات المصرفية السورية أو الأجنبية المتداولة شرعا أو عرفا في سورية.

    2- على أن هذه الأحكام لا تطبق على الأجنبي الذي لا يكون عمله مخالفاً لقواعد القانون الدولي.).

    وتطبيقا لذلك، فإن بعض الجرائم المحددة في هذا النص يمكن أن ترتكب عبر الإنترنت، فإذا قام شخص موجود في الخارج باختراق المنظومة المعلوماتية العائدة لوزارة الدفاع السورية عبر الإنترنت، بقصد الحصول على معلومات سرية، يكون مرتكبا لجريمة التجسس المنصوص عليها بالمادة /272/ عقوبات.

     و أيضا من يقوم في الخارج بنشر كتابات عبر الإنترنت لم تجزها الحكومة السورية، فعكر صلات سورية بدولة أجنبية، يكون مرتكباً لجريمة ماسة بالقانون الدولي حسب المادة /278/ عقوبات.

    ثالثاً- الصلاحية الشخصية:

    يطبق مبدأ الصلاحية الشخصية بطريقتين: إيجابية وسلبية.

    ويقصد بالطريقة الإيجابية تطبيق القانون الجزائي على مرتكب الجريمة الذي يحمل جنسية الدولة ولو ارتكبت الجريمة خارج إقليمها.

    أما الطريقة السلبية، فيقصد بها تطبيق القانون الجزائي على كل جريمة يكون المجني عليه حاملا الجنسية الدولة، ولو ارتكبت الجريمة خارج إقليمها، وأيا كانت جنسية مرتكب الجريمة.

    وتطبيق مبدأ الشخصية بالطريقة الإيجابية، يؤدي إلى تجنب فرار المجرم الذي يسيء إلى سمعة وطنه عندما يرتكب جريمته خارج إقليم دولته ثم يفر إليها، إذ إن دولته لا تستطيع معاقبته على أساس مبدأ الإقليمية، ولا تستطيع تسليمه إلى الدولة التي ارتكب الجرم على أرضها، لأنه من رعاياها كما هو سائد في معظم التشريعات الجزائية.

    أما تطبيق مبدأ الشخصية بالطريقة السلبية، فهو يؤمن حماية رعايا الدولة من الاعتداءات الجرمية عليهم.

    والمشرع السوري أخذ بمبدأ الشخصية في وجهه الإيجابي فقط بالمادة /20/ من قانون العقوبات، ولم يأخذ بهذا المبدأ في وجهه السلبي، لأنه انطلق من مبدأ الثقة بالقضاء الأجنبي، وقدرته على حماية المواطنين السوريين، إذا ارتكبت بحقهم جرائم معاقب عليها في القانون الأجنبي.

    وقد نصت المادة /20/ من قانون العقوبات على ما يلي:

    يطبق القانون السوري على كل سوري، فاعلاً كان أو محرضاً أو متدخلاً، أقدم خارج الأرض السورية، على ارتكاب جناية أو جنحة يعاقب عليها القانون السوري.

    و يبقى الأمر كذلك ولو فقد المدعى عليه الجنسية السورية أو اكتسبها بعد ارتكاب الجناية أو الجنحة.).

    كما أكد المشرع السوري بالمادة /21/ من قانون العقوبات، على تطبيق هذا المبدأ بالنسبة للجرائم التي يقترفها الموظفون السوريون في الخارج، أثناء ممارستهم وظائفهم أو بمناسبة ممارستهم لها، وعلى الجرائم التي يرتكبها أيضا موظفو السلك الخارجي والقناصل السوريون الذين يتمتعون بالحصانة الدبلوماسية.

    والمشرع السوري لم يأخذ بمبدأ الشخصية على إطلاقه في جميع الجنح التي يرتكبها المواطن السوري في الخارج، فبحسب المادة 24 من قانون العقوبات يمكن أن نميز في نطاق الجنحة بين حالتين :

    1- إذا كانت الجنحة المرتكبة من قبل السوري في الخارج معاقبة عليها بالحبس ثلاث سنوات فأكثر وفق القانون السوري، فإن القانون السوري يطبق على الجاني دون النظر فيما إذا كان القانون الأجنبي يعاقب عليها أم لا.

    2- إذا كانت الجنحة المرتكبة من قبل السوري في الخارج معاقبة عليها بالحبس أقل من ثلاث سنوات وفق القانون السوري، فيجب أن يكون القانون الأجنبي في هذه الحالة قد عاقب على هذه الجنحة أيضا بعقوبة مهما كان نوعها، حتى نستطيع تطبيق القانون السوري، أي يجب أن يتحقق شرط المعاقبة في القانون الأجنبي، أما إذا لم يكن القانون الأجنبي قد نص على أية عقوبة لهذا الفعل، فإن القانون السوري لا يمكن تطبيقه.

    أما في الجنايات، فمبدأ الشخصية يطبق على إطلاقه، فكل سوري ارتكب جناية في الخارج، سواء أكان القانون الأجنبي يعاقب عليها أم لا، يعاقب وفق القانون السوري .

    وتطبيقا لذلك، فالسوري الذي يقوم في الخارج بإنشاء موقع على الإنترنت ينتحل فيه الاسم التجاري لإحدى الشركات، ويقوم من خلاله بالاحتيال على شخص موجود خارج سورية أيضا، يمكن ملاحقته وفقا للصلاحية الشخصية، لأن عقوبة الاحتيال عبر الشبكة وفق المادة 21 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية هي الحبس من ثلاث إلى خمس سنوات والغرامة من خمسمئة ألف إلى مليونين ونصف مليون ليرة سورية.

    أما في جرائم المعلوماتية الأخرى التي لا تصل فيها العقوبة إلى الحبس ثلاث سنوات، فيجب أن يتحقق شرط المعاقبة في القانون الأجنبي حتى نستطيع تطبيق مبدأ الصلاحية الشخصية.

    رابعاً – الصلاحية الشاملة:

    أخذ المشرع السوري بهذا المبدأ في المادة /23/ من قانون العقوبات، التي نصت على ما يلي:

    يطبق القانون السوري على كل أجنبي مقيم على الأرض السورية، أقدم في الخارج سواء أكان فاعلاً أو محرضاً أو متدخلاً، على ارتكاب جناية أو جنحة غیر منصوص عليها في المواد 19، 20، 21 إذا لم يكن استرداده قد طلب أو قبل..

    وينطوي هذا الاختصاص على نوع من التعاون أو التضامن الدولي في مكافحة الإجرام، فهو يضمن عدم إفلات المجرمين الذين سولت لهم أنفسهم ارتكاب الجرائم في دولة، ثم الفرار إلى دولة أخرى تخلص من المسؤولية.

    وعليه فالأجنبي الذي يرتكب جريمة في الخارج، ويلقي القبض عليه في سورية، يمكن محاكمته بموجب هذا الاختصاص الشامل، ولو لم يكن للقانون السوري اختصاص رئيسي في محاكمته، بشرط أن لا تطلب دولة أجنبية تسليمه من سورية، أو طلبت تسليمه لكن سورية رفضت التسليم، كأن يكون لاجئة سياسية مث.

    وتطبيقا لذلك، فإذا قام هولندي موجود في الخارج مثلا، باختراق منظومة معلوماتية عائدة المصرف إيطالي، وقام بتحويل الأرصدة إلى حسابه احتياط، ثم جاء إلى سورية وألقي القبض عليه فيها، فيمكن محاكمته وفقاً للصلاحية الشاملة إذا لم يكن استرداده قد طلب من سورية أو قبل.

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1