الوسم: موقع المحامي

  • كيف يتم إشهار الشركات التجارية؟

    مفهوم الشهر

    تخضع الشركات التجارية لإجراءات الشهر المنصوص عليها في قانون الشركات. والقصد من شهر الشركات إعلام الغير بهذه المجموعات حتى يكونوا على بينة من تكوينها ونشاطها ومدتها ومدى مسؤولية الشركاء فيها عن التزاماتها.

    ولا يستثنى من إجراءات الشهر سوي شركة المحاصة نظرا لطبيعتها المستترة حيث لا يترتب على إنشاء هذه الشركة شخص معنوي وبالتالي فلا تنشأ علاقات بينها وبين الغير، وإنما تقتصر العلاقات بين الشريك المتعاقد باسمه الشخصي مع الغير.

    إجراءات الشهر

    كانت الشركات تشهر، في ظل قانون التجارة، بإيداع دیوان محكمة البداية المدنية في منطقة مركز الشركة صورة أو نسخة من وثيقة التأسيس، وكذلك الأمر بالنسبة للتعديلات الواردة على هذه الوثيقة).

    وبعد إيداع عقد التأسيس دیوان محكمة البداية التي تسلمهم نسخة مصدقة عليها يقوم أحد المؤسسين أو شخص مفوض عنهم بإيداعها سجل التجارة.

    أما الشركات المساهمة ومحدودة المسؤولية فلابد قبل شهرها من الحصول على ترخيص مسبق يصدر بقرار وزاري، وبمرسوم جمهوري بالنسبة لشركات المساهمة التي تطرح أسهمها اللاكتتاب العام.

    وإذا صدر قرار الترخيص والمصادقة على النظام الأساسي، وجب نشرهما في الجريدة الرسمية، كما ينشر فيها وفي صحيفتين يوميتين تصدران في مركز الشركة البيان المتضمن الدعوى للاكتتاب بالأسهم).

    وبعد أن تتم عملية التأسيس وانتخاب مجلس الإدارة، يقوم هذا المجلس بشهر الشركة وذلك بإيداع قرار الترخيص والنظام الأساسي دیوان محكمة البداية المدنية وتسجيل الشركة في سجل التجارة.

    وبعد صدور قانون الشركات رقم 3 لعام 2008 فإن أحكام شهر الشركات وإجراءاتها أصبحت تخضع لأحكام المادة 3 من قانون الشركات والتي تنص على أنه:

    “2 – يتم شهر جميع الشركات بتسجيل عقود تأسيسها وأنظمتها الأساسية والبيانات الواردة في المادة /8/ من هذا القانون في سجل الشركات الممسوك في سجل التجارة في المحافظة التي يقع فيها مركز الشركة، وذلك خلال الشهر الذي يلي تأسيسها.

    3- يجب على الشركاء أو مديري الشركة أو أعضاء مجلس إدارتها، بحسب الحال، شهر كل تعديل يطرأ على عقد الشركة أو على البيانات الواردة في المادة /8/ من هذا القانون بتسجيله في سجل التجارة خلال ثلاثين يوما من تاريخ التعديل. ولا يعتبر التعديل نافذا بحق الغير إلا من تاريخ شهر.

    4 – تشهر الشركات المؤسسة في المناطق الحرة والتعديلات التي تطرأ عليها في سجل التجارة للمنطقة الحرة التي يقع فيها مركزها.

    5 – تستثني شركة المحاصة من الشهر لعدم تمتعها بالشخصية الاعتبارية”.

    أما المادة /8/ من قانون الشركات فهي تتعلق بالبيانات التي تتضمنها شهادة تسجيل الشركة، وقد نصت على أنه:

    “يجب أن تتضمن شهادة تسجيل الشركة الصادرة عن أمين السجل المعلومات التالية:

    1 – رقم التسجيل.

    2 – اسم الشركة.

    3 – شكل الشركة القانوني.

    4 – نوع الشركة.

    5- غاية الشركة.

    6 – مدة الشركة.

    7- رأسمال الشركة.

    8 – مركز الشركة.

    9- أسماء المديرين أو أعضاء مجلس الإدارة ورئيسه ومدة ولايتهم.

    10 – أسماء الأشخاص المخولين التوقيع عن الشركة وصلاحياتهم ومدة ولايتهم.

    11 – القيود الواردة على حق الإدارة أو التوقيع.

    12 – أسماء الشركاء المتضامنين في شركات التضامن والتوصية.

    مما تقدم من نصوص نجد أن شهر الشركات أصبح يمر بإجراءات أبسط تعتمد على مبدأ النافذة الواحدة.

    فبالنسبة لشركات الأشخاص (التضامن والتوصية) يكتفي بالتقدم إلى أمين سجل التجارة في المحافظة التي يقع فيها مركز الشركة بطلب التسجيل، مرفقة بعقد تأسيس الشركة، المنظم من قبل محام أستاذ، وذلك خلال الشهر الذي يلي تأسيسها، ليتولى تسجيل الشركة في سجل الشركات الممسوك في سجل التجارة.

    أما بالنسبة لشركات الأموال فلابد من الحصول على الموافقة على طلب التأسيس والمصادقة على النظام الأساسي، ثم يقوم المؤسسون أو المفوض من قبلهم بالنسبة للشركة المحدودة المسؤولية، بإيداع النظام الأساسي المصدق ووثيقة تسمية المديرين ومفتشي الحسابات .. ورسوم نشر شهادة تسجيل الشركة في الجريدة الرسمية لدى أمين السجل الذي يجب عليه تسجيل الشركة المحدودة المسؤولية في سجلاته وإصدار شهادة تسجيل لها (مادة 2/62 شركات).

    أما بالنسبة لشركات المساهمة، فبعد تغطية رأس المال المعروض للاكتتاب وإعلان الهيئة العامة التأسيسية تأسيس الشركة نهائية وانتخاب أعضاء مجلس الإدارة الأول وتعيين الأشخاص المخولين بصلاحيات تمثيل الشركة، يقوم مجلس الإدارة أو أي من أعضائه بإيداع النظام الأساسي المصدق وموافقة هيئة الأوراق على طرح الأسهم على الاكتتاب العام ووثائق تسمية أعضاء مجلس الإدارة ورئيس مجلس الإدارة ونائبه، واسم أي شخص له صلاحيات بتمثيل الشركة، واسم مفتش الحسابات والوثائق المشعرة بتسديد رأس المال وما يشعر بتسليم أو نقل ملكية الحصص العينية، وتصريح من رئيس وأعضاء مجلس الإدارة بعدم وجود أسباب تمنعهم من تقلد هذا المنصب وإشعار بالنشر في الجريدة الرسمية لدى أمانة سجل التجارة، وذلك خلال ثلاثين يوما من تاريخ قرار الهيئة العامة التأسيسية القاضي بالإعلان عن تأسيس الشركة نهائياً، ويجب على أمين سجل التجارة في هذه الحالة تسجيل الشركة المساهمة في سجلاته، ونشر شهادة تسجيل الشركة في الجريدة الرسمية (مادة 3/99 شركات).

    كما يتوجب على الشركة المساهمة شهر أي تعديل على نظامها الأساسي خلال ثلاثين يوماً من مصادقة وزارة الاقتصاد والتجارة على النظام الأساسي المعدل للشركة أو ثلاثين يوماً من تاریخ انقضاء المهلة المحددة لتسديد قيمة أسهم زيادة رأس مال الشركة في حال تم إقرار زيادة رأسمالها أصولاً (مادة 4/99 شركات).

  • مفهوم الربح والخسارة في الشركات

    لا يمكن معرفة ما إذا كانت الشركة قد جنت أرباحاً أو منیت بخسائر إلا عند إغلاق حساباتها نهائيا وتصفية موجوداتها.

    ففي هذه الحالة تظهر أرباح الشركة أو خسائرها، من المقارنة بين القيمة الحقيقية لموجودات الشركة – بعد تنزيل الديون التي عليها – وبين رأسمالها.

    أو بالمقارنة بين الموجودات والمطاليب.

     ولكن هذا المفهوم النظري للأرباح والخسائر يختلف اختلافاً كلياً عن مفهومها العملي، إذ من الثابت عملياً أن الشريك يأمل، من دخوله في الشركة ومساهمته في تكوين رأس مالها، اجتناء الربح في أوقات دورية.

    لذلك تنص عقود الشركة عادة على توزيع الأرباح بصورة دورية، ومع ذلك فإن الفقه والاجتهاد يتفقان على القول بأن شرط توزيع الأرباح في أوقات دورية ليس من الضروري وجوده في عقد الشركة ليصار إلى هذا التوزيع، ففي حالة خلو العقد من الشرط المذكور يحق للشركاء المطالبة بإجراء توزيع الأرباح مرة على الأقل في كل سنة.

    وعليه، يعتبر ربحاً يمكن توزيعه

    كل كسب مادي أو معنوي يضاف إلى الثروة“،

    وقد يتخذ الربح أشكالا مختلفة، فيكون إما ربح نقدية أو فائدة اقتصادية، ويشترط في ذلك كله أن يستقر هذا الربح في النهاية في ذمة الشريك ويزيد في ثروته، فإذا كان القصد من الشركة تفادي الخسارة فقط، لا يعتبر العقد عندئذ عقد شركة، كعقود التأمين المتبادل أو التعاوني مثلاً التي تستهدف درء الخسارة لا جلب الربح.

     كما أن عنصر السعي وراء الربح هو الذي يميز الشركة عن الجمعية التي يقصد بها عادة تحقيق غايات اجتماعية أو أدبية أو غيرها من الأغراض العامة التي لا شأن لها بالكسب المادي.

    وإذا كان الربح المحدد، في أوقات دورية، بنتيجة تنظيم دفتر الجرد والميزانية، يمكن توزيعه على الشركاء، فإن الخسارة الحاصلة لا توزع بين الشركاء أثناء قيام الشركة ولا يجبر الشريك على المساهمة في تغطية الخسارة، كما وأن وقوع الشركة في خسارة لا ينشأ عنه مبدئية تعديلاً في عقدها، إذا كانت موجوداتها كافية لتسديد الديون التي عليها.

    على أن عقد الشركة قد يتضمن شرطة يقضي بانحلالها في حال وقوعها بخسارة تفوق نسبة معينة من رأسمالها، وهذا الشرط صحيح لا غبار عليه.

  • هل يجوز أن تكون حصة الشريك في الشركة عملاً او نفوذاً أو ثقة مالية؟

    1- الحصة بالعمل

    يجوز للشريك بدلاً من تقديم حصة نقدية أو عينية أن يقدم عمله كحصة في الشركة تنتفع منه ويعود عليها بالفائدة.

    وغالبا ما يكون الشريك في هذه الحالة ممن يتمتع بخبرة معينة مثل المهندس والمدير الفني أو المتخصص في الإدارة أو في عمليات الاستيراد والتصدير.. الخ.

    على أنه إذا كان العمل المقدم تافها فإنه لا يعد حصة في الشركة ولا يكون لمقدمه صفة الشريك بل مجرد عامل يشترك في الأرباح.

     كما يشترط في عمل الشريك الذي تعهد به مرتبطاً بغرض وموضع الشركة وأن يكون مشروعاً. ويجب على الشريك بالعمل أن يقوم بالخدمات التي تعهد بها (مادة 1/480مدني) وأن يكرس للشركة كل نشاطه.

    ولا يجوز له أن يباشر نفس العمل لحسابه الخاص لما ينطوي عليه ذلك من منافسة للشركة.

     فإذا باشر هذا الشريك عملا من نفس الأعمال التي تعهد بها وحقق منها أرباحا كانت هذه الأرباح حقا خالصا للشركة.

    لذلك فرض القانون على الشريك بالعمل أن يقدم حسابا عما يكون قد كسبه من وقت قيام الشركة بمزاولته العمل الذي خصه لها (مادة 1/480مدني).

     ومع ذلك يجوز للشريك بالعمل أن يزاول عملاً مستقلاً عن موضوع الشركة و غير مماثل له، بشرط أن لا يكون قيامه بنشاطه الشخصي متعارضة مع قيامه بالخدمات التي تعهد بها للشركة، وإلا جاز للشركة أن تطالبه بالتعويض.

     على أن الشريك بالعمل لا يكون ملزما بأن يقدم للشركة ما يكون قد حصل عليه من براءات اختراع، ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك (مادة 2/480 مدني).

    ولما كانت الحصة بالعمل مما لا يمثل ضمانة حقيقية للدائنين لعدم إمكان الحجز أو التنفيذ عليها، فإنها لا تدخل في تقدير رأس المال، ومع ذلك تسمح لصاحبها الحق في تقاضي نسبة من الأرباح ولا يتقاضى من موجودات الشركة إلا ما ينوبه من الأرباح المتراكمة و غير الموزعة، وهذا ما دعى إلى المطالبة بعدم إمكانية تكوين شركة يتألف رأسمالها من حصص عمل فقط، ذلك أن رأس مال الشركة يتكون من مجموع الحصص النقدية والعينية دون الحصة بالعمل.

     لهذا لا يمكن تقديم العمل كحصة في الشركة المحدودة المسؤولية أو المساهمة حيث تشكل موجودات الشركة الضمانة الوحيدة لدائني الشركة.

    2 – عدم جواز تقديم النفوذ أو الثقة المالية حصة!

    نصت المادة 477 مدني على أنه:

    “لا يجوز أن تقتصر حصة الشريك على ما يكون له من نفوذ، أو على ما يتمتع به من ثقة مالية”.

     ومبرر ذلك أن استغلال النفوذ يجافي النظام العام ومعاقب عليه في قانون العقوبات العام والاقتصادي.

    ومع ذلك فقد أجاز المشرع اللبناني أن يكون ما يقدمه أحد الشركاء الثقة التجارية التي يتمتع بها.

    ويبرر ذلك أن الثقة التجارية لها قيمة مالية كالاسم التجاري ويمكن أن تسهم في نجاح المشروع المالي الذي تقوم به الشركة.

    وقد أجاز القضاء الفرنسي اشتراك الشريك لمجرد اسمه المعروف أو سمعته وائتمانه التجاري، ذلك أنه يضمن بهذه السمعة دون الشركة ضماناً شخصياً يسدي للشركة خدمة جليلة ويقدم حصة كافية.

  • الحصة العينية في رأس مال الشركة : مفهومها وأشكالها

    1- مفهومها:

    قد يقدم الشريك حصة عينية في رأسمال الشركة، والحصة قد تتناول العقار أو أموالاً منقولة كتقديم سيارة أو آلات معينة أو أثاث متجر أو بضائع، كما قد تكون الحصة ما معنويا كبراءة اختراع أو علامة تجارية أو رسم أو نموذج صناعية أو ترخيص إداري أو محل تجاري بكافة عناصر المادية.

    ويجب أن يكون تقديم الشريك للحصة العينية واضحة وصريحا في عقد الشركة وأن يثبت انصراف نيته إلى تقديمها كحصة في عقد الشركة، ويجب أن لا يخضع ذلك لتقدير قاضي الموضوع الذي يستدل على رأيه من قرائن وظروف كل نزاع على حده.

    2- انتقال الحصة للشركة:

    تقدم الحصة العينية للشركة إما بقصد التمليك أو لتنتفع بها.

    أ – تقديم الحصة العينية على وجه التمليك :

    إذا قدمت الحصة العينية على سبيل التمليك، فإنها تخرج نهائياً من ملكية صاحبها لتدخل في ذمة الشركة، وتصبح جزءاً من الضمان العام لدائني الشركة يجوز لهم الحجز عليها.

    كما يجوز للشركة ذاتها التصرف فيها.

    وعندما تقدم الحصة على سبيل التمليك فإن أحكام عقد البيع هي التي تطبق.

    وبالتالي على الشريك استيفاء جميع الإجراءات التي يتطلبها المشرع لنقل الحق العيني المقدم كحصة حتى يمكنه الاحتجاج به في مواجهة الغير.

    فإذا كانت الحصة المقدمة عقاراً وجب نقل ملكيته لدى مديرية المصالح العقارية.

    أما إذا كانت عنصراً من عناصر الملكية الصناعية فيتوجب نقل الحق بها لدى مديرية حماية الملكية وشهر هذا الانتقال بجريدة المديرية.

    وعندما تكون الحصة العينية عبارة عن متجر وجب تسجيل ذلك في سجل المتجر ونشر خلاصة عن هذا التصرف في صحيفة يومية تصدر في مكان تسجيل المتجر أو في العاصمة لكي يستطيع دائنو مقدم المتجر حصة في الشركة ممارسة حقوقهم بقيد ديونهم خلال عشرة أيام من آخر إجراء من إجراءات النشر، وعندها تصبح الشركة ملزمة بالتضامن مع مقدم المتجر بتسديد الديون المصرح عنها (مادة 2/92 تجارة).

    وبالمقابل أجاز المشرع لكل شريك غير الشريك مقدم الحصة أن يطلب إبطال الشركة أو فسخها وذلك خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انقضاء مهلة العشرة أيام المقررة لقيد الديون (مادة 2/92 تجارة)، فإذا لم يقض بالبطلان أو الفسخ كانت الشركة مسؤولة بالتضامن مع صاحب المتجر عن وفاء الديون المقيدة في سجل المتجر مادة 3/92 تجارة).

    وعليه فإن اتباع إجراءات التسجيل والشهر عند تقديم الحصة العينية للشركة على وجه التمليك، وإن كان يشبه البيع من حيث إجراءاته وتبعة الهلاك وضمان الاستحقاق والعيوب، إلا أنه في الحقيقة ليس بمثابة بيع تماماً، لأن البيع يفترض نقل ملكية شيء مقابل ثمن نقدي، في حين أن نقل ملكية الحصة للشركة يقابله حق مقدمها الاحتمالي في تقاضي نصيب من الأرباح التي قد تسفر عنها الشركة ونصيب من موجوداتها عند حل الشركة أو تصفيتها.

     لذلك فإن الشريك مقدم الحصة لا يتمتع بامتياز البائع بسبب المبالغ التي قد تلتزم بها الشركة تجاهه.

     ب – تقديم الحصة العينية على وجه الانتفاع:

    قد تكون الحصة العينية التي يقدمها الشريك مجرد الانتفاع بمال معين بالذات مع احتفاظه بملكيته. في مثل هذه الحالة “فإن أحكام الإيجار هي التي تسري في كل ذلك” (مادة 2/479 مدني).

    فتبقى ملكية الحصة للشريك، وليس للشركة أن تتصرف فيها، كما لا يجوز لدائنيها توقيع الحجز عليها.

     وإذا هلكت الحصة تحمل الشريك تبعة هلاكها إذا لم تكن الشركة هي من تسببت بهذا الهلاك، وعندئذ تبرأ الشركة من التزامها برد الحصة إلى الشريك عند انحلالها أو تصفيتها.

    وإذا ظهر عيب في الحصة يحول دون الانتفاع بها أو صدر تعرض من الشريك أو من الغير، التزم الشريك بالضمان تجاه الشركة.

    وطالما كانت الحصة مقدمة إلى الشركة على سبيل الانتفاع فإنها تلزم برد العين ذاتها إلى الشريك بعد انتهاء مدة الشركة.

    وأيا كانت صورة تقديم الحصة العينية للشركة على سبيل التمليك أو الانتفاع، يجب تقدير قيمتها فور تقديمها حتى يتحدد نصيب كل شريك في رأس المال.

    وقد وضع المشرع قواعد وقيود خاصة لهذا التقدير ولاسيما في الشركة المحدودة المسؤولية والشركة المساهمة وذلك تلافياً للمبالغة في قيمة الحصص العينية خشية الإضرار بالدائنين، حيث يعتبر رأس المال هو الضمان العام للدائنين.

  • هل يجب أن يتعدد الشركاء في الشركة؟

    رأينا أن الشركة عقد يبرم بين شخصين أو أكثر وبالتالي فإن تعدد الشركاء أمر ضروري القيام الشركة، ذلك لأن تدخل عدة أشخاص ضروري لتحقيق الغرض الاقتصادي من العقد وهو جمع الأموال والقيام بالمشروع المشترك. ولابد في الشركة من شخصين على الأقل، على أنه في الشركة المساهمة يجب ألا يقل عدد المؤسسين عن ثلاثة ويشكلون فيما بينهم لجنة المؤسسين (مادة 1/98 شركات)، أما الشركات الأخرى فيكتفى فيها بشريكين على الأقل.

    وركن تعدد الشركاء لازم ليس فحسب لقيام الشركة بل وكذلك لبقائها، وعليه فإن الشركة تعد منحلة إذا اجتمعت حصصها أو أسهمها كلها في يد شريك واحد في كافة الشركات وشريكين في الشركة المساهمة.

     ومع ذلك إذا نقص عدد الشركاء عن الحد الأدنى المحدد قانونا، فإن قانون الشركات الجديد قد جاء بحكم جديد اعتبر فيه الشركة منحلة إن لم تبادر خلال ستة أشهر من تاريخ الإنذار الذي توجهه الوزارة لاستكمال النصاب المذكور (مادة 7/18/ شركات)، ويكون من يبقى من الشركاء مسؤولا في جميع أمواله عن التزامات الشركة، إذ يمتنع أن تستمر الشركة مع شخص بمفرده.

     شركة الشخص الواحد أو مشروع الشخص محدود المسؤولية أجازت بعض التشريعات، كالتشريع الإنكليزي والتشريع الألماني، وكذلك الفرنسي الذي أقر بالقانون رقم 697-85 الصادر في 11 تموز 1985، أجازت أن يؤلف شخص شركة بمفرده وأن يخصص لها جزءاً من أمواله وتسمى هذه الشركة: شركة الشخص الواحد أو ما يطلق عليه المشروع الفردي محدود المسؤولية.

    وبموجب أحكام هذه الشركة فإن حقوق الدائنين لا تتعلق إلا بأموال الشركة أي بالأموال المخصصة لها دون غيرها من الأموال.

     ويهدف هذا النوع من الشركات إلى تحديد مسؤولية الشخص.

    أما المشرع السوري وبموجب قانون الشركات رقم /3/ لعام 2008 استبعد أحكام شركة الشخص الواحد من مشروع قانون الشركات الذي تقدمت به وزارة الاقتصاد، لعدة مبررات كان أبرزها أن فكرة تخصيص الذمة المالية غير جائز في القانون السوري الذي يقوم أساساً على مبدأ وحدة الذمة المالية ومقتضاه أن أموال المدين جميعها ضامنة للوفاء بديونه.

     وإذا أراد تاجر في سورية أن يخصص جزءاً من أمواله لضمان عملياته التجارية، فلن يستطيع ذلك إلا إذا اتفق مع آخرين على إنشاء شركة من الشركات التي تتحدد فيها مسؤوليته بمقدار حصته كالشركة محدودة المسؤولية.

    أما أن يقوم بمفرده بإنشاء شركة وتحديد مسؤوليته عن المشروع الذي يهدف إلى تحقيقه فهذا غير جائز وفقا لأحكام قانون الشركات.

     وقد خرج المشرع السوري على مبدأ تعدد الشركاء، فأجاز للمؤسسات العامة وللدولة أن تؤسس شركة تمتلك جميع حصصها أو تؤول إليها جميع الحصص أو الأسهم في شركة قائمة بمفردها، دون أن يشترك معها أشخاص آخرون.

    وتجلى ذلك في أحكام المرسوم التشريعي رقم 18 العام 1974 وتعديلاته الذي نظم أحكام القطاع العام الاقتصادي، ومع ذلك فإن هذا الاستثناء الوارد على مبدأ تعدد الشركاء يقتصر على القطاع العام، وإن كان يتعارض والفكرة التقليدية للشركة التي ترى في الشركة عقد بين شخصين أو أكثر، إلا أنه لا يتعارض مع الفكر النظامي الحديث الذي ينكر على الشركة صبغة التعاقدية ويرى أنها نظام قانوني يستقل القانون بأمر تحديده .

     ويرى البعض أنه كان من الأفضل الأخذ بنظام شركة الشخص الواحد أو نظام المشروع الفردي محدود المسؤولية الذي يأخذ به التشريع الفرنسي، ذلك أنه يحقق فائدة عملية كبيرة سواء بالنسبة لصاحب التجارة نفسه أو للغير.

     فما من شك أن الشخص قد يفضل على الأقل في بداية عهده بالتجارة أن يلجأ إلى تحديد مسؤوليته بقدر معين في ذمته المالية. كما وأن الغير لن يضار بذلك نظرا لأنه يعلم مسبقاً من خلال شهر الشركة بتسجيلها في السجل التجاري مدي مسؤولية صاحب الشركة أو المشروع الفردي، ورأس المال المخصص للتجارة بوصفه الضمان العام للدائنين.

     وإذا اعتبر هذا خروجاً على مبدأ وحدة الذمة المالية الذي تؤمن به تشريعاتنا، فإنه يمكن التدخل تشريعية للأخذ به كما هو الحال وفقا للتشريع الفرنسي”.

    وقد يكون تعدد الشركاء صوريأ، عندما يهيمن شريك واحد على الشركة فيستأثر بمعظم الحصص مستعيناً بشركاء صوريين لا دور لهم في الشركة سوى لاستكمال الشروط الشكلية للشركة دون أن يتاح لهم القيام بدور فعال فيها، في مثل هذه الحالة يمكن المطالبة ببطلان الشركة الافتقارها إلى ركن أساسي من أركانها، وهو تعدد الشركاء، وذلك عملا بالقواعد العامة للصورية (مادة 245 مدني)، ومع ذلك لا يجوز لهؤلاء الشركاء الصوريين التمسك ببطلانها حيال الغير.

  • الأركان الموضوعية العامة للشركات(الرضا- الأهلية- المحل- السبب)

    بما أن الشركة هي عبارة عن عقد فإنه لابد من أن تستوفي الأركان الموضوعية العامة في العقود (الفرع الأول من الرضا والمحل والسبب، بالإضافة إلى الأركان الموضوعية الخاصة الفرع الثاني)، التي تميزها عما قد يشبهها من عقود أو أنظمة قانونية.

    الأركان الموضوعية العامة للشركات

    الأركان الموضوعية العامة لعقد الشركة هي نفس الأركان التي لا تستقيم بقية العقود الأخرى بدونها. وتتمثل هذه الأركان في الرضا والأهلية والمحل والسبب.

    1- الرضا :

    يشترط لانعقاد الشركة رضاء الشركاء بها، فالرضا يعد بمثابة الركن الأول الانعقاد العقد، إذ لا يمكن أن نتصور أن تنشأ رابطة عقدية دون أن تستند إلى رضاء أطرافها.

     ويجب أن ينصب هذا الرضا على شروط العقد جميعاً، أي على رأس مال الشركة وغرضها ومدتها وطريقة إدارتها وغير ذلك من الشروط.

     ويشترط في الرضا أن يكون سليمة صحيحا خالية من كل عيب، أي غير مشوب بغلط أو تدليس أو إكراه، وإلا كان العقد قابلا للإبطال لمصلحة من شاب العيب رضاه.

    المطلب الأول – الغلط

    يجعل الغلط العقد قابلا للإبطال إذا كان جوهرية يبلغ حداً من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام العقد لو لم يقع في هذا الغلط (مادة 122 مدني)، وعليه يكون عقد الشركة قابلاً للإبطال إذا وقع الغلط في شخص الشريك وكانت شخصيته محل اعتبار في العقد كما هو الحال في شركات الأشخاص.

     وكذلك يكون العقد قابلاً للإبطال إذا تعاقد أحد الشركاء على اعتبار أنه شريك موص في شركة توصية مع أن العقد شركة تضامن، لأن التزامات الشريك تتوقف على نوع الشركة.

    أما إذا لم يكن الغلط قد انصب على السبب الرئيسي في التعاقد، أو لم يكن هو الباعث إلى التعاقد فلا يعد جوهرية ولا يؤثر بالتالي على صحة العقد، كالغلط في تقدير قيمة الحصص الملتزم كل شريك بتقديمها أو في احتمالات نجاح الشركة في أعمالها

    المطلب الثاني: التدليس :

    يجوز إبطال عقد الشركة التدليس إذا كان هو الدافع إلى التعاقد (مادة 126 مدني)، وكثيراً ما يقع التدليس في الاكتتاب بأسهم شركات المساهمة، ولكن يشترط أن يكون التدليس صادرة من أحد الشركاء على شريك آخر، أو من المؤسسين على المكتتبين، أما إذا صدر التدليس من الغير ودون أي تدخل من الشريك الآخر فليس من حق الشريك المدلس عليه أن يطلب إبطال عقد الشركة، ما لم يثبت أن المتعاقد الآخر كان يعلم به عند إنشاء العقد (مادة 127 مدني).

    فإذا فشل في إقامة الدليل على ذلك، بقي عقد الشركة صحيحاً واقتصر حق الشريك المدلس عليه على مجرد مطالبة المدلس بالتعويض.

    المطلب الثالث: الإكراه:

    يعد الإكراه نادر الوقوع عند إبرام عقد الشركة. ومع ذلك فإن الإكراه بنوعية المادي والمعنوي، هو سبب من أسباب بطلان عقد الشركة، على أنه يشترط في الإكراه ليكون مبطلا لعقد الشركة:

     1- أن يكون صادرة عن أحد المتعاقدين، أو عن شخص ثالث، بشرط أن يثبت المكره أن المتعاقد الآخر كان يعلم أو كان من المفروض حتماً أن يعلم بهذا الإكراه (مادة 129 مدني).

     2 – أن تكون الرهبة الناتجة عن الإكراه قائمة على أساس، كأن تصور ظروف الحال للطرف الذي يدعي الإكراه أن خطر جسيمة محدقا يهدده هو أو غيره في النفس أو الجسم أو الشرف أو المال.

    ويراعى في تقدير الإكراه جنس من وقع عليه هذا الإكراه، وسنه، وحالته الاجتماعية والصحية، وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر في جسامة الإكراه (مادة 128 مدني).

    2- الأهلية

    فما يتعلق بالأهلية لا بد من التمييز بين الشخص الطبيعي وبين الشخص الاعتباري .

     الشخص الطبيعي:

    يجب أن يكون الرضا في عقد الشركة صادرة عن ذي أهلية.

     والأهلية اللازمة لإبرام عقد الشركة هي أهلية التعاقد، أي أهلية الرشيد البالغ من العمر ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة، ومتمتعة بقواه العقلية، ولم يحجر عليه (مادة 46مدني).

    وعلى ذلك لا يجوز للقاصر دون سن الثامنة عشرة أن يبرم عقد شركة مع آخرين، وإلا كان عقد الشركة باطلاً بطلاناً نسبياً لا يتمسك به إلا القاصر وحده، ذلك أن هذا البطلان مقرر لمصلحته، طالما أن هذا التصرف يدور بين النفع والضرر (مادة112 مدني).

    على أنه إذا بلغ الصبي المميز الخامسة عشرة من عمره وأذن له في تسلم أمواله لإدارتها، أو تسلمها بحكم القانون، فإن هذا الإذن في الاتجار لا يكفي لوحده لجعله أهلا للدخول في شركة تضامن أو توصية كشريك متضامن، لأن مخاطر اكتساب صفة الشريك المتضامن أكبر من مجرد مباشرة التجارة، لأنه يكون مسؤولا مسؤولية شخصية وتضامنية عن التزامات الشركة.

     ولابد من الحصول على إذن خاص وصريح من الولي أو الوصي أو المحكمة لإبرام عقد الشركة.

    على أن تصرف القاصر المأذون له يعد صحيحا إذا لم يكن دخوله في الشركة يكسبه صفة التاجر ويجعله مسؤولا عن التزامات الشركة مسؤولية غير محدودة.

     كأن يشتري حصة شريك متضامن في شركة توصية ويتفق مع شركائه على تحويل صفته من متضامن إلى موص؛ أو أن يدخل شريكا في شركة محدودة المسؤولية فعندئذ لا يشترط لذلك إلا توفر الأهلية العامة للتصرف، حتى ولو كان لهذا التصرف صفة العمل التجاري. وبالنسبة للأجانب الذين يشترط قانون بلدهم الحصول على إذن الزوج لتستطيع الزوجة القيام بالاتجار، فإن هذا الإذن العام بالاتجار لا يكفي لأن تدخل الزوجة شريكاً متضامناً في شركة تضامن أو توصية بل لابد من حصولها على إذن خاص بذلك.

    كذلك لا يجوز للولي أو الوصي على القاصر أن يبرم عقد شركة أشخاص لمصلحة القاصر يكون فيها القاصر شريكاً متضامناً، لما يترتب على ذلك من اكتساب القاصر لصفة التاجر ومسؤوليته الشخصية والتضامنية عن التزامات الشركة.

     ومع ذلك يجوز للولي أو الوصي أن يوظف أموال القاصر بشراء أسهم له في شركة مساهمة لأنه بذلك لا يكتسب صفة التاجر وتكون مسؤوليته محدودة بحدود قيمة الأسهم التي يملكها في رأس مال الشركة.

    وكذلك لا يجوز للأب أن يبرم عقد شركة مع ابنه الذي لا يزال خاضعة لولايته، وكذلك الأمر بين الوصي والقاصر إلى أن يبلغ القاصر سن الرشد، وقد روعي في هذا المنع درء فطنة إساءة استعمال السلطة وتغليب مصلحة الأب أو الوصي على مصحة الابن أو القاصر.

    الشخص الاعتباري

    إذا كان الشريك شخصاً اعتبارياً من القطاع الخاص كالشركة أو العام كالدولة أو إحدى الإدارات العامة، فلابد أن يكون من يبرم عقد الشركة هو النائب القانوني لهذا الشخص الاعتباري كمدير الشركة أو رئيس مجلس الإدارة.

    وبالتالي فإن هذا النائب القانوني هو من يقوم بتمثيل الشخص الاعتباري في الشركة ويمارس حقوقه فيها.

    3- المحل:

    يجب أن يكون محل الشركة معينة في عقد الشركة وأن لا يكون مخالفة للنظام العام .

    المطلب الأول – تحديده محل الشركة

    هو المشروع المالي الذي اشترك من أجله أطراف العقد وخصصت له حصص الشركاء الذين يسعون لتحقيقه.

    فهو موضوع النشاط الذي ستوجه إليه أموال الشركة.

    ويجب أن يكون موضوع الشركة محددة، إذ لابد من تعيين موضوع الشركة تعيينا كافياً ( مادة 134 مدني). فلا يجوز إبرام شركة لممارسة التجارة من غير تحديد نوعها،

    وهذا ما يحصل في الواقع العملي، عندما يعمد الشركاء إلى تحديد موضوع الشركة “بالتجارة العامة” أو بعدد من المشاريع المختلفة، بحيث تستطيع الشركة ممارسة أي واحد منها دون حاجة لتعديل عقدها أو الحصول على ترخيص جديد بتأسيسها في حال كانت الشركة من نوع المحدودة المسؤولية؛

    في مثل هذه الحالة فإن العبرة تكون للنشاط الذي تمارسه الشركة فعلية وليس وفقا لما نص عليه عقد الشركة.

    فإذا كان النشاط الفعلي للشركة يخرج عن نطاق موضوعها المحدد في العقد جاز لكل ذي مصلحة أن يأخذ بهذا الواقع.

    وتظهر أهمية تعيين موضوع الشركة لتحديد صفة الشركة التجارية أو المدنية، بالنسبة الشركات الأشخاص، كما يظهر ذلك في تحديد شكل الشركة في شركات الأموال.

    فتعاطي العمل المصرفي والتأمين مثلا محظور على الشركات محدودة المسؤولية، وبالتالي قد يتوقف شكل الشركة على تعيين موضوعها.

    كذلك إذا تعاطت شركة مدنية مشروعا تجاريا، اكتسبت صفة التاجر وجاز شهر إفلاسها، تطبيقا لأحكام الصورية عامة.

     المطلب الثاني – أن يكون المحل مشروعاً

    يجب أن لا يكون محل الشركة مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة وإلا كانت الشركة باطلة بطلاناً مطلقا (مادة 136 مدني).

     فلا يصح أن تتكون شركة مثلاً بقصد الاتجار بالرقيق أو بالمخدرات أو بتهريب البضائع الممنوعة أو إدارة محال للدعارة، وإلا كانت الشركة باطلة بطلاناً مطلقاً، ويجوز التمسك بهذا البطلان ممن له مصلحة، ولا يزول هذا البطلان بالتقادم لأنه عيب دائم ومستمر.

    كذلك يجب أن يكون محل الشركة ممكناً، أي قابلا للتحقيق وليس مستحيلاً في ذاته (مادة 133 مدني).

    فإذا قام مانع يحول دون ذلك، كاحتكار صناعة الأسلحة مثلا، فيكون محل عقد الشركة في تصنيع السلاح الحربي مستحيل التحقيق ويشوبه البطلان، وتنقضي الشركة لأن نشاطها أصبح ممنوع قانوناً.

    4- السبب:

     الأصل أنه يجب أن يكون للالتزام سبب وإلا كان العقد باطلا لعدم توفر السبب أو إذا كان السبب مخالفاً للنظام العام أو الآداب (مادة 137 مدني).

    ويقصد بالسبب الباعث الدافع على التعاقد، ويتمثل الباعث في تحقيق غرض الشركة المتمثل في استغلال مشروع مالي معين.

     ويرى البعض بأن السبب يختلط بمحل العقد، بحيث يصبح المحل والسبب في عقد الشركة شيئا واحدا، وعلى ذلك إذا انصب محل عقد الشركة على استغلال غير مشروع، فإن العقد يلحقه البطلان لعدم مشروعية المحل والسبب في آن واحد.

     ويرى أستاذنا الدكتور جاك الحكيم : “بأن السبب غير المشروع يختلف عن المحل غير المشروع بأن المحل يكون غير مشروع بذاته لأن القانون يحظر حيازته أو التعاقد عليه كما هو حال موضوع الشركة إذا تعلق بتجارة الرقيق مثلا، أما الباعث غير المشروع، فقد يرد على محل مشروع ولكنه يستهدف تحقيق هدف غير مشروع لولاه لما أقدم صاحبه على التعاقد ويطلق على ذلك الهدف ” الباعث الدافع المؤثر للتعاقد”  

    فتأسيس شركة لغرض مشروع صحيح بمحله. لكن إذا استهدف منه الشركاء تهريب النقد إلى الخارج أو تهريب البضائع، أضحى العقد غير مشروع إذا اشتركوا في تحقيق ذلك الهدف، لذلك أطلقت بعض القوانين بالمعنى المذكور “سبب العقد” لأنه يتناول المتعاقدين كافة.

    ويعد البطلان الناجم عن السبب غير المشروع بطلاناً مطلقاً يجوز لكل ذي مصلحة التمسك فيه باستثناء المتعاقد الذي سعى لتحقيق الهدف المحظور وذلك عملاً بالقاعدة الرومانية القائلة: “ليس للمرء أن يتمسك بفعله الشائن”، وعليه فإذا استهدف أحد من الشركاء الشركة التي أسسها تلافي الحظر الذي يخضع إليه في تعاطي مهنة معينة (لسبق الحكم عليه مثلاً بجريمة ارتكبها خلافا لواجبات المهنة)، أمكن كل ذي مصلحة طلب الحكم ببطلان ذلك العقد، غير أنه تعذر ذلك على الشريك المذكور.

     ونشير إلى أن سبب الشركة هو غرضها وهو يختلف عن سبب التزام كل شريك والذي يتمثل في قصد الدخول في الشركة لتحقيق ربح واستثمار الأموال.

    ويجوز أن يتعدد غرض الشركة مبدئيا، على أنه في هذه الحالة يجب أن يكون هناك ارتباط وتجانس بين أغراض الشركة عند تعددها.

    كما يجوز أن يكون للشركة غرض أساسي وبعض الأغراض المساعدة أو المكملة لهذا الغرض الأساسي.

     وسبب جواز تعدد أغراض الشركة هو الفائدة العملية والاقتصادية خاصة وذلك عندما يكون الغرض الأساسي من إنشاء الشركة يحتاج إلى فترة معينة لتحقيق أرباح فتكون الأغراض الأخرى أو المكملة سريعة العائد للإنفاق على المشروع وتشجيع المساهمين على الاكتتاب.

  • حجية الدليل الرقمي في أميركا وإنكلترا وفرنسا والمنظمات الدولية

    لا تقف الصعوبات التي تواجه الدليل الرقمي عند حد كيفية الحصول عليه وإجراءات حفظه، بل تمتد إلى مدى القوة الثبوتية التي يتمتع بها هذا الدليل، ومدى حرية قاضي الموضوع بالاقتناع به لبناء الحكم على أساسه بالبراءة أو الإدانة.

    لذلك حاول المشرع والقضاء والفقه المقارن التصدي لهذه المسألة، وذلك بتحديد الشروط التي يجب توفرها في الدليل الرقمي أو في مخرجات الحاسوب حتى يمكن قبوله من قبل القاضي الجزائي.

    وبناء على ما تقدم، سنتناول حجية الدليل الرقمي في الولايات المتحدة الأمريكية وإنكلترا وفرنسا، والمنظمة الدولية لدليل الحاسوب.

    أولاً- الولايات المتحدة الأمريكية:

    تبتی قانون الإثبات الفيدرالي في المادة /1002/ منه قاعدة الدليل الأفضل، ويقصد بهذه القاعدة أنه عند إثبات مضمون كتابات أو سجلات أو صور، فإن أصل هذه الكتابات أو السجلات أو الصور يجب أن يكون متوفرة، أي يجب تقديمه إلى المحكمة.

    وقاعدة الدليل الأفضل التي تعبر عن أصالة الدليل تقف حائلا أمام الدليل الرقمي، لأن ما يتم تقديمه إلى المحكمة ليس الملفات الإلكترونية المخزنة في الحاسوب، وإنما نسخ عن هذه الملفات. ولذلك فقد حسم المشرع الأمريكي هذه المسألة لصالح الدليل الرقمي في المادة 1001/3 من قانون الإثبات الأمريكي والتي نصت على ما يلي:

    (إذا كانت البيانات مخزنة في حاسوب أو آلة مشابهة، فإن أي مخرجات مطبوعة منها أو مخرجات يمكن قراءتها بالنظر إليها وتعكس دقة البيانات، تعد بيانات أصلية) .

    يتضمن هذا القانون القواعد المقبولة في الإثبات أمام المحاكم الاتحادية في الولايات المتحدة الأمريكية، في حين أن محاكم الولايات تتبع قواعدها الخاصة مثل “كاليفورنيا” و”واشنطن”.

     وقد وضع هذا القانون بناء على اقتراح المحكمة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية أول مرة عام 1975، وجرى تعديله عدة مرات، وهو متوفر على الإنترنت مع تعديلاته حتى 2008/12/1.

    ووفقا لهذه المادة، فإن البيانات أو المعلومات التي تم الحصول عليها من الإنترنت، والتي تم استخراجها بواسطة الطابعة، تعد دليلاً أصليلاً كاملاً، ولا حاجة لجلب الحاسوب إلى قاعة المحكمة.

    أما فيما يخص القوة الإثباتية للسجلات الإلكترونية، فإن المرشد الفيدرالي الأمريكي لتفتيش وضبط الحواسيب الصادر في عام 2002 يميز بين نوعين من السجلات، وهما:

    النوع الأول – السجلات المخزنة في الحاسوب:

    وهي الوثائق الإلكترونية التي تحتوي على كتابات عائدة لشخص ما، ومن أمثلتها رسائل البريد الإلكتروني، وملفات الورد Word، ورسائل غرف الدردشة على الإنترنت.

    وهذه الوثائق تتضمن إفادات بشرية، وتعد كالشهادة على السماع في مجال الإثبات .

    النوع الثاني – السجلات المأخوذة من الحاسوب:

    وهي عبارة عن نتائج برامج الحاسوب التي لا تمسها الأيدي البشرية، ومن أمثلتها سجلات الدخول إلى الإنترنت، وسجلات الهاتف، وإيصالات الصراف الآلي وغيرها.

    فهذه السجلات لا تتضمن إفادات بشرية، وإنما هي عبارة عن نتائج البرامج الحاسوبية.

    فالصراف الآلي مثلاً يمكن أن يعطي إيصالا يتضمن أن /100/ دولار أمريكي قد تم إيداعها في الحساب عند الساعة 2.25 مساء، وهذا النوع من السجلات يمكن للمحاكم أن تأخذ به، إذا كان برنامج الحاسوب يؤدي عمله على نحو جيد وسليم.

    وبناء على هذه القواعد، فإن الفقه في أمريكا يرى بأنه حتى يكون الدليل الرقمي مقبوة أمام المحكمة، يجب أن يتوفر فيه الشروط التالية :

    •  أن لا يطرأ على محتويات السجل الإلكتروني أي تغيير، أي أن يكون الدليل المقدم إلى المحكمة هو نفس الدليل الذي تم جمعه، ويمكن للشخص الذي قام بجمع الدليل أن يشهد بذلك أمام المحكمة، وهذا ما يطلق عليه مفهوم سلسلة الرعاية” Chain of Custody، ويقصد بذلك أن الدليل الرقمي منذ لحظة جمعه وحتى لحظة تقديمه إلى المحكمة لم يطرأ عليه أي تغيير، ولا يوجد أي احتمال اللعبث به، وأنه تمت مراعاة سلامته حتى يبقى بنفس الحالة التي وجد عليها .
    • أن تكون المعلومات الموجودة في السجل، قد صدرت فعلا عن المصدر المزعوم، سواء كان هذا المصدر الإنسان أم الآلة.
    • أن تكون المعلومات الموجودة في السجل، والمتعلقة بالوقت والتاريخ، معلومات دقيقة.

    أما القضاء الأمريكي فقد تعرض في العديد من القضايا إلى مسألتي الأصالة والصحة.

    ففي إحدى القضايا، قررت المحكمة: “إن عضو مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI الذي كان حاضراً عندما تم ضبط الحاسوب الخاص بالمتهم، يمكن أن يقرر صحة الملفات المضبوطة. .

     وفي قضية أخرى قبلت المحكمة سجلات الهاتف بعد أن أكدت موظفة الفواتير في الشركة أصالة هذه السجلات .

     كما قبلت إحدى المحاكم الدليل الرقمي رغم الدفوع المتعلقة بالعبث بهذا الدليل، لأن هذه الدفوع جاءت على شكل تخمين، دون أن يوجد أي دليل يدعمها .

    وفي إحدى القضايا قررت المحكمة: “إن حقيقة وجود احتمال بتعديل البيانات الموجودة في الحاسوب غير كافية للقول بعدم جدارة الدليل.

     ” كما ذكرت وزارة العدل الأمريكية في المرشد الفيدرالي لتفتيش وضبط الحواسيب، وصولا إلى الدليل الإلكتروني في التحقيقات الجنائية: “إن غياب دليل واضح على حدوث العبث في الدليل، لا يؤثر على أصالة ودقة سجلات الحاسوب .

    ثانيا – إنكلترا:

    في عام 1948 صدر في إنكلترا قانون الشرطة والإثبات الجنائي (Pace).

     وقد حدد هذا القانون الصلاحيات الشرطة إنكلترا” و “ويلز”، وهو قانون يهدف إلى إقامة التوازن بين قوى الشرطة البريطانية وحقوق الأفراد، ويتناول الية تفتيش الأماكن، وكيفية معاملة المشتبه بهم، والاعتقال وغير ذلك.

    وقد تم تعديل هذا القانون في 14 تشرين الأول عام 2002.

    كما ركز هذا القانون بصفة أساسية على قبول مخرجات الحاسوب كدليل في الإثبات، حيث حدد المشرع الإنكليزي في المادة 69 من هذا القانون الشروط الواجب توفرها في المستند الناتج عن الحاسوب، حتى قبل كدليل في الإثبات. وهذه الشروط هي:

    • عدم وجود أسس معقولة للاعتقاد بأن البيان يفقد الدقة بسبب الاستخدام غير المناسب أو الخاطئ للحاسوب.
    • أن الحاسوب كان يعمل في جميع الأحوال بصورة سليمة، وإذا لم يكن كذلك، فإن أي جزء لم يكن يعمل فيه بصورة سليمة، أو كان معط” عن العمل، لم يكن ليؤثر في إخراج المستند أو دقة محتوياته.

    وقد علق مجلس اللوردات على المادة 69 المشار إليها، بأنه: “يمكن للشهادة الشخصية الصادرة عن شخص على علم بطريقة تشغيل الحاسوب، أن تعطي الثقة بالدليل، وليس بالضروري أن يكون هذا الشخص خبيرة بالحاسوب .

    وبناء على ذلك قبلت المحاكم الإنكليزية فيما يتعلق بسلامة نظام الحاسوب بشهادة أشخاص لديهم علم بطريقة عمل نظام الحاسوب .

    ثالثاً- فرنسا:

    يتناول الفقه في فرنسا حجية مخرجات الحاسوب في المواد الجنائية، في إطار مسألة أوسع وأعم، هي مسألة قبول الأدلة الناشئة عن الآلة أو الأدلة العلمية، مثل الرادارات، وأجهزة التصوير، وأشرطةالتسجيل، وأجهزة التنصت.

    أما القضاء فقد قبل هذه الأدلة إذا توفرت فيها مجموعة من الشروط، من أهمها أن يتم الحصول عليها بطريقة شرعية ونزيهة، وأن يتم مناقشتها حضورياً من قبل الأطراف.

    وقد قضت محكمة النقض الفرنسية بأن أشرطة التسجيل الممغنطة، التي يكون لها قيمة دلائل الإثبات، يمكن أن تكون صالحة للتقديم أمام القضاء الجنائي .

    أما بالنسبة إلى قناعة القاضي الجزائي، فإن الأدلة الإلكترونية تخضع لحرية القاضي في الاقتناع الذاتي، بحيث يمكن أن يطرح مثل هذه الأدلة – رغم قطعيتها من الناحية العلمية – عندما يجد أن الدليل الإلكتروني لا يتسق منطقية مع ظروف الواقعة وملابساتها

    رابعاً – المنظمة الدولية لدليل الحاسوب:

    تأسست المنظمة الدولية لدليل الحاسوب IOCE في عام 1995، وتتكون من الجهات الحكومية المسؤولة عن تطبيق القانون، أو من الهيئات الحكومية التي تزاول التحقيق في مجال الحاسوب. وتهدف هذه المنظمة إلى تزويد الجهات الدولية القانونية بكيفية تبادل المعلومات بتحقيقات جرائم الحاسوب والمسائل ذات الصلة بالمعلوماتية الشرعية.

    كما تقوم بتنظيم عملية الاتصال بين أعضائها، وتقدم التوصيات اللازمة في هذا المجال، وتقيم المؤتمرات المتعلقة بنشاطاتها.

    وإضافة إلى ذلك فإن المنظمة وضعت المعايير المطلوبة في دليل الحاسوب، وقد تمت المصادقة على هذه المعايير خلال المؤتمر الدولي للبحث المعلوماتي والجريمة التقنية، المنعقد في تشرين الأول عام 1999 (IHCFC)(37)، وهذه المعايير هي :

    • عدم تغير الدليل أثناء ضبطه.
    • أن تتم عملية الضبط من قبل شخص مؤهل في المعلوماتية الشرعية.
    • جميع النشاطات المتعلقة بالضبط والوصول والتخزين ونقل الدليل الرقمي، يجب أن تكون موثقة ومحفوظة بغرض التدقيق.
    • أن يكون الشخص الذي بحوزته الدليل الرقمي مسؤولا عن جميع الإجراءات المتعلقة بهذا الدليل.
    • أن تكون الجهات المسؤولة عن ضبط وتخزين ونقل الدليل الرقمي والوصول إليه مسؤولة عن تطبيق هذه المبادئ.