الوسم: محامي

إستشارات قانونية, استشارات قانونية مجانية, استشارات قانونية مجانية في سوريا, استشارات قانونية مجانية في مصر, استشارات قانونية مجانية مصر, استشارات قانونية مصر, استشارات مجانية قانونية, استشارات مجانية محامي, استشارات محامي, استشارات محامي مجانية, استشارات محامين, استشارات محامين مجانية, استشارة قانونية, استشارة مجانية قانونية, استشارة محامي سوريا, افضل محامي, المحامي السوري, تأشيرة دخول مصر للسوريين

  • ماهو الايذاء المقصود وماهي أنواعه في القانون السوري؟

    الإيذاء المقصود

    يشترك الإيذاء مع القتل في أن كلاهما يشكلان اعتداء إنسان على إنسان أخر.

     فإن أدى الاعتداء، مقصوداً كان أم غير مقصود، إلى إزهاق روح المجني عليه، نكون أما جرم القتل. أما إذا أدى الاعتداء، مقصودا كان أم غير مقصود، إلى المساس بسلامة المجني عليه الجسدية. نكون أمام جرم الإيذاء.

    ويشترك الإيذاء مع القتل في محل الاعتداء، وهو الإنسان الحي، بالتالي لا يقع جرم الإيذاء على حيوان، وإنما يعتبر إضرارا بأموال الغير (م 715 ق.ع)، أو جريمة إساءة معاملة (م 748- 749 ق.ع).

     كما لا يقع الإيذاء على الجنين، وإنما تحمي الجنين نصوص الإجهاض. وما يصح قوله في القتل يصح قوله في الإيذاء بهذا الخصوص، ولقد سبق لنا الإفاضة في شرح ذلك.

    إذا فالإيذاء يتمثل بأفعال الاعتداء التي تستهدف المساس بسلامة الإنسان الجسدية. وتختلف صور الإيذاء في القانون، شدة أو بساطة، استنادا إلى خطورة الإصابة اللاحقة بالمجني عليه، وليس استنادا إلى ما كان يرمي إليه الفاعل.

     فإذا ضرب الجاني المجني عليه صفعة على وجهه، قاصداً مجرد إيلامه، فأدت الصفعة إلى فقدان البصر في إحدى عيني المجني عليه، يلاحق الفاعل استنادا إلى خطورة الإصابة التي لحقت الصفعة إلى فقدان البصر في إحدى عيني المجني عليه، يلاحق الفاعل استنادا إلى خطورة الإصابة التي لحقت بالضحية، وهي إحداث عاهة دائمة، حتى ولو لم يكن يقصدها أصلا.

    وكما رأينا في جرائم القتل المقصود أن الركن المعنوي فيها يتميز بتوافر نية إزهاق الروح، فإن الركن المعنوي في جميع صور الإيذاء المقصود يتميز بانصراف نية الفاعل إلى المساس بالسلامة البدنية للمجني عليه.

     فمتى توفرت هذه النية يلاحق الفاعل عن جرم الإيذاء، ليس استنادا لخطورة نيته، وإنما، كما أسلفنا، استنادا لخطورة الإصابة اللاحقة بالمجني عليه. فكلما ازدادت درجة جسامة الضرر أو الأذى، ازدادت خطورة مسئولية مرتكبه، وبالتالي ازدادت جسامة العقوبة المترتبة عليه.

    نخلص من ذلك، إلى أن جرائم الإيذاء تشترك مع بعضها في الركن المادي وفي الركن المعنوي، إلا أن ما يميزها عن بعضها البعض هو نصوص التجريم التي تحدد الصور المختلفة للإيذاء.

     فلقد قسم المشرع السوري جرائم الإيذاء إلى أصناف أو درجات، استنادا لخطورة الضرر اللاحق بالمجني عليه معتمدة التدرج في الجسامة استناداً إلى معيار مادي هو التعطيل عن العمل لمدة أقل من عشرة أيام، أو بين العشرة أيام و العشرين يوما، أو أكثر من عشرين يوماً ففي هذه الحالات تشدد العقوبة تشديداً جنحياً.

    إلا أنها تنقلب إلى جناية إذا أدى الإيذاء إلى إحداث عاهة دائمة، أو أدى إلى إجهاض حامل مع العلم بحملها، أو أدى إلى الوفاة دون قصد إحداثه .

    وتجدر الإشارة إلى أن تصنيف جرائم الإيذاء استناداً إلى خطورة الإصابة اللاحقة بالمجني عليه لا يقتصر فقط على جرائم الإيذاء المقصودة، التي تتطلب توافر نية المساس بسلامة المجني عليه الجسدية، بل إن معیار خطورة الإصابة هو أيضا الذي يحدد صور الإيذاء غير المقصود، الذي يكتفي فيه بتوافر الخطأ لقيام الركن المعنوي، بصورة إهمال أو قلة احتراز أو عدم مراعاة الشرائع والأنظمة.

    وباعتبار أن جرائم الإيذاء المقصود تجمعها أحكام مشتركة ناتجة عن اشتراکها جميعها بالركن المادي وبالركن المعنوي. وأن ما يميزها عن بعضها هي النصوص التجريمية التي صنف بموجبها المشرع هذه الجرائم إلى درجات مختلفة استنادا لخطورة الإصابة اللاحقة بالمجني عليه.

  • ماهي جريمة القتل أو الإيذاء الواقع أثناء مشاجرة وما أركانها؟

    القتل أو الإيذاء الواقع أثناء مشاجرة

    هذه الحالة نصت عليها المادة 546 كما يلي: “- إذا وقع قتل شخص أو إيذاؤه أثناء مشاجرة اشترك فيها جماعة، ولم تمكن معرفة الفاعل بالذات عوقب جميع من حاولوا الإيقاع بالمجني عليه بعقوبة الجريمة المقترفة بعد تخفيض العقوبة حتى نصفها. – وإذا كانت الجريمة تستوجب الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو الاعتقال المؤبد قضي بالعقاب لا أقل من عشر

    سنوات”.

    يلاحظ في هذا النص أن المشرع أوجد به حكمة خاصة للمشاجرة التي ينتج عنها قتل أحد الأشخاص أو إيذائه دون أن يعرف الفاعل .

    فمجرد الاشتراك في مشاجرة من هذا النوع يعتبره القانون جريمة قائمة بذاتها يعاقب عليها بنصف العقوبة المقررة لجريمة القتل أو الإيذاء التي ارتكبت. يستنتج من ذلك أن المشاجرة التي لم تفض إلى موت أو إيذاء لا يطبق عليها النص المذكور، ولا يعاقب عليها أصلا.

     كذلك إذا عرف مرتكب فعل القتل أو الإيذاء فلا مجال أيضا التطبيق النص المذكور، وإنما تطبق على هذه الواقعة قواعد المساهمة الجرمية، فيعاقب المساهمين كل على حسب الدور الذي قام به من فاعل أو شريك أو متدخل.

     فالمشرع إذن أوجد هذا النص ليحل به مشكلة صعوبة إثبات مرتكب الفعل القاتل أو المؤذي في المعارك الجماعية التي يصعب معرفة وتحديد مسئولية المشتركين فيها، معتبراً جهالة الفاعل في هذه الجريمة عذراً قانونياً مخففاً لعقوبة القتل أو الإيذاء الناتج عنها.

    أركان الجريمة

    لا بد أن يتوفر لقيام هذه الجريمة أربعة أركان: وجود مشاجرة – نتج عنها قتل أو إيذاء – لم يعرف مرتكبه – القصد الجرمي.

    1- وجود مشاجرة:

     المشاجرة تعني العراك والمضاربة بين عدة أشخاص يتبادلون فيها العنف، سواء باحتكاك مباشر بينهم أو بدون احتكاك مباشر، كما لو تمت المشاجرة بالرمي بالحجارة بين أطرافها. وعلى الأغلب فإن العراك الجماعي يتخلله عنف وجرح ورض وإيذاء وموت أحيانا.

    والمشاجرة بهذا المعنى لا تتوفر في حالة الملاسنة والسباب والشتائم، حتى لو أدت إلى إيذاء أو موت لأحد بين اثنين ومات أحدهما أو تعرض لأذى، فالفاعل فيها معروف حتماً.

     بالتالي لتطبيق حكم المادة المذكورة لا بد أن يكون الفاعل مجهولاً.

    وجهالة الفاعل تفترض أن يكون المشتركين ثلاثة على الأقل، قتل أحدهم أو تعرض لأذى دون أن يعرف الفاعل.

    2- أن ينتج عن المشاجرة قتل أو إيذاء:

     إن هذه النتيجة الجرمية هي الشرط الأساسي للعقاب على الاشتراك بمشاجرة، باعتبار أنه لا عقاب على الاشتراك بمشاجرة ما لم تؤدي إلى وفاة أو إيذاء.

    ومتى قامت الصلة السببية بين المشاجرة و النتيجة الحاصلة، فهل يسأل كل من ساهم في المشاجرة عن هذه النتيجة؟ الواضح أن المشرع السوري لم يطلق المسئولية عن النتيجة الحاصلة على جميع من ساهم بالمشاجرة، بل قيدها  بالمساهمين الذين حاولوا الإيقاع بالمجني عليه.

    وان كانت هذه العبارة يعتريها اللبس والغموض في صياغتها، وكان أولى بالمشرع استعمال صياغة أوضح وأدق للتعبير عن إرادته في قصر العقاب عن النتيجة الحاصلة على الأشخاص الذين ثبت عليهم عملياً بين المساهمين الذين حاولوا الإيقاع أنهم سعوا لقتل المجني عليه أو إيذاءه، مع التسليم بصعوبة التمييز بالمجني عليه والمساهمين الذين لم يحاولوا ذلك.

    وعند توفر الشرط الأساسي للعقاب في هذه الجريمة، وهو حصول النتيجة الجرمية المتمثلة بالوفاة أو الإيذاء، فسيان، بعد ذلك، أن يكون المجني عليه فيها مشتركاً في المشاجرة أو غير مشترك: كأن يقتل شخص كان ماراً مصادفة أثناء المشاجرة، أو متفرجاً عليها، أو شخص حاول تفريق المتشاجرين فأصيب بطعنة طائشة لم يعرف مصدرها.

    وسيان أيضاً وسيلة المساهمة في المشاجرة، مادية كانت أم معنوية.

    فقد تتجلى المساهمة بصورة مادية، بإحدى وسائل التدخل: كما لو استعد مثلا زيد وبكر للدخول في عراك مع عمر وأخيه، فيقوم أحدهم بتزويد زيد وبكر بأدوات للاعتداء على عمر، وبالفعل تنتهي المشاجرة بإيذاء عمر أو وفاته دون معرفة الفاعل، فيلاحق زيد وبكر عن الجرم الوارد في المادة 546، أما من قدم لهم الأدوات فيلاحق کمتدخل في هذه الجريمة، على ضوء المادة 218 من قانون العقوبات.

    وقد تتجلى المساهمة بصورة معنوية، بالتحريض: كما لو حمل أحدهم فئة من المتشاجرين على النيل من أحد المساهمين فيها، وبالفعل تم النيل منه قتلاً أو إيذاء دون معرفة الفاعل، فيسأل المحرض مع المساهمين الأخرين عن الجريمة الواردة في المادة 546.

    3- جهالة الفاعل:

     إن العلة من عقاب المشتركين في المشاجرة ممن حاولوا الإيقاع بالسجني عليه بدون تمييز تكمن في هذا الركن. فلقيام هذه الجريمة لا بد أن يكون مرتكب القتل أو الإيذاء مجهولا. لأنه لو عرف الفاعل لعوقب لوحده

    عن النتيجة الحاصلة، الموت أو الإيذاء، ولعوقب باقي المشتركين وفق قواعد المساهمة الجرمية، كشريك أو متدخل او محرض، أي لعوقب كل مساهم عن الدور الذي قام به فقط.

    4- القصد الجرمي:

    لم يكتف المشرع لقيام هذه الجريمة بضرورة توافر القصد الجرمي العام المتمثل بقصد الاشتراك بالمشاجرة، بل تتطلب، إضافة لذلك، توافر قصداً جرميً خاصً متمثلاً بقصد الإيقاع بالمجنى عليه.

    لا بد إذن لقيام هذه الجريمة أن يتوفر لدى الفاعل عناصر القصد العام، بعلمه بأركان الجريمة، من حيث كونه يشترك بمشاجرة قد ينتج عنها أذا من نوع ما، واتجاه إرادته، حرة مختارة، إلى دخول المشاجرة، دون أن يكون مكرها أو في حالة ضرورة، أو أن يكون في حالة دفاع مشروع عن النفس برد الاعتداء عنه أو عن غيره.

     فلو كان كذلك الاستفاد من سبب تبرير أو مانع عقاب إذا توافرت شروطه.

     وأن لا يقتصر قصده على مجرد التفرج على المشاجرة أو على تفريق المشتركين فيها عن بعضهم. فمثل هؤلاء لا يعتبرون قد اشتركوا بالمشاجرة بالمعنی القانوني.

    إضافة لضرورة توافر القصد العام، لابد أن يتوفر لدى الفاعل قصداً جرمياً خاصاً متمثلاً باتجاه إرادته إلى الإيقاع بالمجني عليه، أي اتجاه إرادته إلى النتيجة الحاصلة، من موت أو إيذاء. بالتالي، کي يسأل المشترك بمشاجرة عن النتيجة التي تولدت عنها لابد أن يثبت لديه القصد الخاص، أي اتجاه إرادته لهذه النتيجة، مع التسليم بصعوبة ذلك في المشاجرات التي يكثر فيها عدد المشاركين.

    وغني عن البيان أن إصابة المشترك في مشاجرة بجروح أو رضوض مهما بلغت جسامتها لا يمنع من ملاحقته عن موت أحد المشتركين أو إيذاءه، إذا ثبت أنه أراد هذه النتيجة من خلال محاولته الإيقاع بالمجني عليه.

    – عند توافر أركان الجريمة يعاقب جميع من حاول الإيقاع بالمجني عليه من المشتركين بعقوبة الجريمة المقترفة المؤقتة بعد تخفيضها حتى النصف.

     أما إذا كانت العقوبة الإعدام أو المؤبد، فيجب أن لا تقل العقوبة عن عشر سنوات.

    وقد أورد المشرع لهذه العقوبة ظرفا مشددا نص عليه في المادة 547، كما يلي: التشدد العقوبات السابق ذكرها وفاقا لما نصت عليه المادة 247 على من كان السبب في المشاجرة”.

    يلاحظ في هذا النص أن عبارة “السبب في المشاجرة” يعتريها اللبس والغموض وعدم الدقة في الصياغة.

     فمن هو الشخص المسبب للمشاجرة؟ هل هو من نشأت المشاجرة من أجله؟ أم هو من بدأها؟ أم هو من أشعل فتيلها وحرض عليها؟

    في الحقيقة لا يمكن أن يكون مسبب المشاجرة، المعني بالنص، هو الذي حصلت بسببه أو من أجله المشاجرة.

     فقد تنشأ المشاجرة مثلاً بسبب توجيه كلام غزل إلى أنثى أو التحرش بها، فتثور حمية من كان معها، أو أحد أقاربها أو معارفها، فتبدأ المشاجرة وينتج عنها قتل او إيذاء.

     فلا يعقل أن تلاحق الفتاة بهذه الجريمة لمجرد أن المشاجرة قد نشأت بسببها، فكيف بتشدید عقابها ! فهي لم تشترك فيها ولم تحاول الإيقاع بالمجني عليه.

     بتقديرنا، أن مسبب المشاجرة الذي يستحق تشدید عقابه هو من أشعل نار ها وحرض عليها، سواء اشترك بها أم لم يشترك.

     فعلة التشديد تكمن في خطورة ما قام به هذا الشخص.

  • ماهي عقوبة جريمة الحمل أو المساعدة على الانتحار وما أركانها؟

    الحمل أو المساعدة على الانتحار

    لم يعتبر المشرع الحديث، على خلاف التشريعات الجزائية القديمة، الانتحار جرماً معاقباً عليه.

     فالنظرة القانونية الحديثة تعتبر أن حياة الإنسان حق من حقوقه الشخصية، له التصرف فيها دون أن يحاسبه أحد.

     وإذا كان المشرع الحديث لا يعاقب الإنسان على قتل نفسه أو إيذائه إياها، فإن موقفه يختلف تجاه الشخص الذي يحمل الغير أو يساعده على قتل نفسه.

    بعض التشريعات، كالمصري، لا يعاقب هذا الشخص باعتبار أن الانتحار هو فعل مباح، فالتحريض والمساعدة على فعل مباح يعتبر مباحأ أيضاً  بعض التشريعات الأخري  تعتبر أفعال الحمل و المساعدة على الانتحار أفعالاً غير مشروعة، بالرغم من اعتبارها مباح، كان لا بد للمشرع من إيجاد نص خاص وصريح بالمعاقبة عليها.

    وهذا ما أخذ به المشرع السوري بنص المادة 539 من قانون العقوبات، كما يلي:

    “1- من حمل إنسانا بأي وسيلة كانت على الانتحار أو ساعده بطريقة من الطرق المذكورة في المادة 218 – الفقرات أ- ب – د – على قتل نفسه، عوقب بالاعتقال عشر سنوات على الأكثر إذا تم الانتحار.

     2- وعوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين في حالة الشروع في الانتحار إذا نجم عنه إيذاء أو عجز دائم.

     3- وإذا كان الشخص المحمول أو المساعد على الانتحار حدثا دون الخامسة عشرة من عمره أو معتوها طبقت عقوبات التحريض على القتل أو التدخل فيه”.

     

    من استقراء هذا النص يمكننا استخلاص النتائج التالية:

    1- أن المشرع السوري لا يجرم الانتحار بحد ذاته، ولكنه يجرم الحمل أو المساعدة عليه.

     2- أن المشرع لا يعاقب على الحمل أو المساعدة على الانتحار إلا إذا حصلت النتيجة الجرمية الضارة، وهي وفاة المنتحر أو عجزه الدائم أو إيذاءه.

     أما إذا تم فعل الحمل أو المساعدة، وأقدم المنتحر فعلا على الانتحار، إلا أن مساعيه لم تفلح، فلم يمت، ولم يصب بعجز أو إيذاء، كأن يخطى في التنفيذ أو يتدخل شخص آخر فينقذه، فلا مجال الملاحقة من حمله أو ساعده على ذلك.

     3- لا عقاب على الشروع في الحمل أو المساعدة على الانتحار.

    لأنه لا بد للعقاب من تحقق النتيجة التي استوجبها المشرع، أي الوفاة أو العجز أو الإيذاء.

     4- يستبعد تطبيق أحكام المادة 539 إذا وقع الحمل على الانتحار أو المساعدة عليه على حدث دون الخامسة عشرة من عمره أو على معتوه.

    فالشخص الذي يقوم بهذه الأفعال في هذه الحالة يعتبر فاعلا معنويا لجريمة القتل، ويطبق عليه أحكام التحريض على القتل أو التدخل فيه، ويستبعد تطبيق المادة 539.

    أركان الجريمة

    لهذه الجريمة ركنين مادي و معنوي.

    أولا- الركن المادي :

    لابد أن يتوفر في الركن المادي لهذه الجريمة أربعة عناصر:

     – النشاط الجرمي الذي يتمثل في صورة الحمل على الانتحار أو صورة المساعدة عليه.

     – النتيجة الجرمية المتمثلة في الانتحار الفعلي أو حدوث إيذاء أو عجز دائم.

     – الرابطة السببية بين النشاط و النتيجة.

    – أن يكون المجني عليه أهلا للمسئولية الجزائية.

    1– النشاط الجرمي:

     ويتجلی كما أسلفنا بصورة الحمل على الانتحار، وصورة المساعدة عليه.

    الصورة الأولى – الحمل على الانتحار .

    إن الحمل على الانتحار يعني خلق فكرة قتل النفس لدى الشخص وحمله على تنفيذها.

    وحمل شخص بأي وسيلة، مادية كانت أم معنوية، على قتل نفسه، يعني وفق المدلول اللغوي تحريضه على الانتحار.

    إلا أن المشرع لم يستخدم عبارة التحريض، لأن هذه العبارة لا تطلق، حسب المادة 216 من قانون العقوبات إلا على من حمل أو حاول أن يحمل شخص أخر بأي وسيلة كانت على ارتكاب جريمة”.

    وباعتبار أن المشرع السوري لم يعتبر الانتحار بحد ذاته جريمة، لذلك فإن المدلول القانوني لكلمة تحريض لا ينطبق هذا على الفعل المذكور.

     إضافة إلى أن الأحكام العامة للتحريض، الواردة في المادة 217، تقضي بعقاب المحرض سواء أفضى التحريض إلى نتيجة أم لم يفض.

     بخلاف الجرم الوارد في المادة 539، حيث أن حصول النتيجة الجرمية شرط لازم للعقاب فيه. فمن يحمل إنسانا أو يساعده على الانتحار لا يعاقب إلا إذا تم الانتحار أو شرع به على الأقل.

    ولا بد أن يكون فعل الحمل هو السبب في وقوع الانتحار أو الشروع فيه، أي لا بد أن تتوافر الرابطة السببية بين الانتحار والحمل عليه، أي ثبوت أنه لولا الحمل لما أقدم المجني عليه على قتل نفسه أو على الشروع فيه على الأقل.

     فلو حاول زيد أن يحمل بكرة، بأي وسيلة، على الانتحار، إلا أن ذلك لم يفض إلى نتيجة، وبعد مدة أقدم بكر على قتل نفسه لسبب أخر، فهنا تنتفي الرابطة السببية بين الانتحار وبين فعل زيد، ولم يعد هناك مجال للتجريم والعقاب.

    الصورة الثانية – المساعدة على الانتحار.

    في هذه الصورة من صور الركن المادي للجريمة لا يقوم الفاعل بخلق فكرة الانتحار لدى الشخص، وإنما تكون هذه الفكرة موجودة لدى الشخص، بيد أنه يتردد في تنفيذها، فيقوم الجاني بمساعدته على ذلك.

     وهذه المساعدة لا يعاقب عليها الفاعل إلا إذا تمثلت بإحدى الحالات الثلاث التي نصت عليها الفقرات (أ – ب – د) (9) من المادة 218 من قانون العقوبات المتعلقة بالتدخل الجرمي، وهذه الحالات الثلاث هي:

    أ- إعطاء الإرشادات :

    ومثالها إرشاد المنتحر إلى طريقة سهلة وسريعة في قتل النفس، لا ينتج عنها ألما، باستخدام سلاح ناري كوسيلة أفضل و أسرع في إزهاق الروح من استخدام السم، أو من القفز من مكان شاهق، الذي قد يسبب آلام شديدة قبل حصول الوفاة.

     ب- تشديد العزيمة:

    هذه الحالة تفترض أن المنتحر قد اتخذ قراره بقتل نفسه، إلا أنه متردد، خائف، ومتهيب منه، فيكون دور الفاعل عندئذ تقوية عزيمته وتشجيعه على الإقدام على ذلك.

     كأن يسود الحياة في مخيلة تاجر مفلس مهدد بالسجن، ويقنعه بصعوبة خروجه من مأزقه، وتعهده بإعالة عائلته، فيقوي أعصابه ويحرره من رهبة الموت.

     د- المساعدة الفعلية:

    على خلاف الحالتين السابقتين حيث تكون المساعدة فيهما معنوية، ومقتصرة على المرحلة التي تسبق الانتحار.

    فهذه الحالة تتمثل بالمساعدة المادية التي يقدمها الفاعل عند البدء بمرحلة الإعداد للانتحار أو أثناء مرحلته التنفيذية.

    فهنا يقوم الفاعل بمساعدة المنتحر على الأفعال التي هيأت الانتحار أو سهلت أو أتمت ارتكابه.

    كإعطاء المنتحر الأداة التي سيقتل نفسه بها، أو إقفال المكان الذي سيقوم المجني عليه بقتل نفسه فيه كي لا تصل إليه النجدة إلا بعد فوات الأوان، أو إحداث جلبة وضوضاء في المكان كي لا ينتبه أحد إلى المنتحر أثناء قتل نفسه.

    وتجدر الإشارة هنا إلى أنه لا بد في أفعال المساعدة هذه أن تبقى ذات طابع سلبي.

     أما إذا تحولت إلى أفعال ذات طابع ايجابي، فيختلف الوصف القانوني للجريمة من مساعدة على الانتحار إلى قتل مقصود.

    ومثالها أن يجبن المجني عليه عن قتل نفسه فيطلب من الفاعل المساعدة، فيقوم بقتله، بإطلاق النار عليه، أو خنقه، أو فتح ماسورة الغاز، أو دفعه من مكان مرتفع.

     فهذا نرى أن الفاعل قد تعدى دور المساعدة إلى دور التنفيذ المباشر.

    2- النتيجة الجرمية:

     يجب أن يؤدي ارتكاب إحدى صورتي الركن المادي إلى حدوث الوفاة فعلا، أو إلى حدوث إيذاء أو عجز دائم .وفي حال لم تتحقق مثل هذه النتيجة فلا عقاب .

    فحدوث النتيجة الجرمية الضارة التي أرادها الفاعل من وراء صورة الحمل أو صورة المساعدة، شرط أساسي من شروط المعاقبة وتطبيق أحكام المادة 539.

    فيفرض قيام شخص بحمل شخص أخر على قتل نفسه، وقدم له الوسيلة لذلك بعد إقناعه بها، إلا أن هذا الشخص تراجع عن تنفيذ الانتحار، بعد اقتناعه به، أو أنه أقدم فعلاً على الانتحار وتناول سماً لذلك، إلا أن الكمية كانت غير كافية إطلاقاً لإحداث الوفاة، أو حتى لتصيبه بعجز أو لتسبب له أذى، فلا عقاب في مثل هذه الحالات على الحمل أو المساعدة، وذلك لعدم تحقق النتيجة التي تطلبها النص القانوني صراحة.

    و تأكيداً لاعتبار المشرع حصول النتيجة الجرمية كشرط أساسي للعقاب، جعله من جسامة هذه النتيجة معيارا لتقدير العقوبة، دون الالتفات بذلك إلى خطورة الفعل الذاتية.

     فعند حصول الوفاة فعلا نتيجة الحمل أو المساعدة، تكون العقوبة جنائية الوصف تتراوح بين الثلاث والعشر سنوات اعتقال.

     أما إذا لم تحصل الوفاة، ونتج فقط عن الحمل أو المساعدة إيذاء أو عجز دائم، تكون العقوبة جنحية الوصف تتراوح بين الثلاثة أشهر والسنتين حبس.

    3- العلاقة السببية:

    لابد أن ترتبط النتيجة الجرمية الضارة بنشاط الفاعل ارتباط السيب بالمسبب.

    أي أن يكون الانتحار التام، أو الإيذاء أو العجز الدائم، ناتجة مباشرة عن فعل الحمل أو المساعدة، بحيث انه لولا قيام الفاعل بهذا النشاط لما قتل الشخص نفسه، أو شرع به على الأقل.

    4- أن لا يكون المجني عليه عديم المسؤولية:

     إن أهلية المنتحر هنا تعتبر عنصر من عناصر الركن المادي للجريمة، أو شرطاً مسبقاً، وليست ركن من أركانها.

     باعتبار أن غياب أحد أركان الجريمة ينفي الجريمة أصلاً، أما وجوب توفر العنصر أو الشرط المسبق يفيد قيام الجريمة وفق النموذج القانوني المطلوب، وفي حال غيابه، ينتفي قيام الجرم وفق هذا النموذج.

    فلقيام النموذج القانوني لجريمة الحمل أو المساعدة على الانتحار لا بد أن يكون المجني عليه أهلاً للمسئولية الجزائية، وفي حال انتفاء مسئوليته، يستبعد تطبيق المادة 539، أي ينتفي النموذج القانوني المطلوب هنا ويصبح الفعل معاقبة عليه وفق نموذج أخر، هو القتل البسيط أو المشدد، باعتبار أن من حمل أو ساعد وفق هذا النموذج أصبح فاعلا معنويا للجريمة.

    وقد أشارت الفقرة 3 من المادة 539 إلى هذه الحالة بصراحة، بقولها “إذا كان الشخص

    المحمول أو المساعد على الانتحار حدثا دون الخامسة عشرة من عمره أو معتوها طبقت عقوبات التحريض على القتل أو التدخل فيه”.

    بالرغم من أن هذا النص يعتريه اللبس والغموض في صياغته، سواء فيما يتعلق بعبارة ” دون الخامسة عشرة ” أو عبارة “معتوها”، ولم تكن إرادة المشرع فيه واضحة، يمكننا القول أن هذا النص يشمل الأشخاص العديمي الأهلية كالمجانين و المعاتيه، إلى جانب الأحداث الذين لم يتموا الخامسة عشرة من أعمارهم، وهذا المعنى هو الأقرب إلى الصواب والى إرادة المشرع الحقيقية.

    بذلك نستطيع أن نستخلص أنه لابد لتطبيق المادة 539 أن يقع الحمل أو المساعدة على الانتحار على شخص أتم الخامسة عشرة من عمره، وكان أهلاً للمسئولية الجزائية.

    أما إذا كان هذا الشخص لم يتم الخامسة عشرة من عمره، أو أتمها إلا أنه كان مجنوناً أو معتوها، فيستبعد تطبيق نص المادة 539، ويطبق بحق الفاعل أحكام التحريض على القتل والتدخل فيه، ويصبح من حمل أو ساعد على الانتحار، محرضاً أو متدخلا في القتل، أو فاعلاً أصلياً لجرم القتل المقصود، ويعاقب كذلك حتى ولو لم يفض التحريض أو التدخل إلى نتيجة، تبعا لنظرية الفاعل المعنوي، باعتبار أن من يحرض شخصا غير أهل للمسئولية على ارتكاب جريمة يصبح فاعلا معنويا لهذا الجرم وليس محرضا عليه.

    ثانياً – الركن المعنوي

    لا بد لقيام هذه الجريمة من توفر القصد الجرمي العام لدى من حمل أو ساعد على الانتحار. أي أن يأتي فعله عن علم وإرادة. فيجب أن ينصب علمه وإدراكه على أنه يحمل شخصاً على الانتحار أو يساعده على ذلك، وأن تتجه إرادته إلى النتيجة الجرمية الضارة، أي الانتحار. فلو أعطی زید سماً لبكر ليضعه في طعام أو شراب عمر، إلا أن بكر تناوله ومات، لا يطبق على زيد الجرم الوارد في المادة 539، الحمل أو المساعدة على الانتحار، بل يطبق عليه أحكام التحريض أو التدخل في جرم القتل.

    وجريمة الحمل أو المساعدة على الانتحار لا يمكن أن تقع غير مقصودة، استنادا للخطأ، كما لو أهمل الفاعل أو لم يتخذ الحيطة أو الحذر فترك سلاحه في مكان ظاهر فتلقفه احدهم وانتحر به.

    ولا عبرة بالباعث الذي حدا بالفاعل إلى حمل شخص أو مساعدته على قتل نفسه في قيام القصد الجرمي. فالركن المعنوي يعتبر قائما عندما يتوفر القصد الجرمي بصرف النظر عن الباعث أو الدافع الذي يعتد به فقط في تقدير العقوبة، بتشديدها إذا كان دنيئاً أو سافلاً: كما لو ساعده على الانتحار طمعاً في ماله، وبتخفيفها إذا كان شريفاً: كما الو ساعده على الانتحار معتقدا بأن وفاته ستحقق فائدة كبيرة للبشرية أو لفئة محددة من الناس.

    – عند توفر أركان الجريمة، بالشكل السالف تفصيله، يعاقب الفاعل استنادا إلى خطورة النتيجة الجرمية الحاصلة.

    فإذا أدى نشاط الفاعل إلى وفاة المنتحر عوقب الفاعل بالاعتقال من ثلاث سنوات إلى عشر سنوات.

    أما إذا أدى نشاط الفاعل إلى عجز دائم أو إيذاء فقط، يعاقب الفاعل بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين. ولا ننسى أن حصول هذه النتيجة الجرمية شرط أساسي للعقاب، ففي حال انتقائها ينتفي العقاب، بالرغم من قيام الفاعل بالنشاط الجرمي من حمل أو مساعدة على الانتحار.

    وفي حال انصب الحمل أو المساعدة على حدث لم يتم الخامسة عشرة من عمره أو على مجنون أو معتوه، فيستبعد تطبيق أحكام المادة 539، ويعاقب الشخص كفاعل معنوي لجريمة القتل سواء أدي حمله أو مساعدته إلى نتيجة أم لا.

  • ماهو القتل بدافع الشفقة وماهي عقوبته؟

    القتل بدافع الشفقة

    مما لاشك فيه أن هناك فارق كبير بين الشخص الذي يقدم على القتل بدافع العطف والرحمة الإنسانية، وإشفاقاً على المجني عليه، المريض الذي يعاني آلام شديدة من جراء داء عضال عجز الطب عن شفائه، وبناء على رضاه وإلحاحه في الطلب، وذاك الذي يقدم على القتل بغياً وعدواناً وإضرار بالغير، منقاداً بالأعم الأغلب بدافع دنيء، طمعاً أو جشعاً أو انتقام ….. فالأول يستحق الشفقة والرأفة من جانب المشرع بمقابل الشدة التي يجب أن يؤخذ بها الثاني.

    وإن كانت هذه النظرة تعتبر مخالفة لموقف الدين، الذي لا يعتبر حياة الإنسان حقا من حقوقه، بل هي من حقوق الله، الذي وحده يهب الحياة، ووحده له الحق في سلبها.

    وبالرغم من عدم تأثير الدافع، مبدئياً، على وصف القتل، وعدم الاعتداد به كعنصر من عناصر التجريم، إلا أن المشرع راعى حالة إقدام الشخص على القتل مدفوعاً بعامل إنساني نبيل هو الشفقة والرحمة، وخفف عقاب القتل الواقع بدافع الشفقة معتبراً هذا الدافع قصد جرمياً خاصاً لا بد من توافره لقيام النموذج القانوني المطلوب لهذه الجريمة.

    ولقد نصت على هذه الصورة المخففة للقتل المادة 538 من قانون العقوبات، كما يلي:

     “يعاقب بالاعتقال عشر سنوات على الأكثر من قتل إنساناً قصداً بعامل الإشفاق بناء على إلحاحه بالطلب”.

     بتحليل هذا النص نستخلص أنه لا بد أن تتوفر في هذه الجريمة الأركان العامة لجريمة القتل البسيط، من اعتداء مميت ونية إزهاق الروح، إضافة لركنين خاصين بهذه الجريمة بالذات، أحدهما يتعلق بالمجني عليه وهو إلحاحه بالطلب، والثاني يتعلق بالركن المعنوي، وهو ضرورة توافر قصدأ جرمية خاصة لدى الفاعل متمثلاً بدافع الشفقة.

    أولا: إلحاح المجني عليه بالطلب.

     إن عبارة بناء على إلحاحه بالطلب، الواردة في صلب النص، تقتضي أن يصدر طلب الخلاص من الحياة من المجني عليه حتى يستفيد قاتله من التخفيف.

     فالمجني عليه هو صاحب المبادرة في طلب الموت.

     أما إذا كانت المبادرة صادرة عن القاتل، بأن أقنع المجني عليه المريض أن يخلصه من الامه وعذابه بتعجيل موته، فلا يستفيد من هذا النص حتى ولو كان دافعه الشفقة.

     بل يلاحق عن جرم القتل البسيط، وان كان يؤخذ بعين الاعتبار عند تحديد العقوبة نبل الدافع، بمنح القائل عذر الدافع الشريف العام الوارد في المادة 192 من قانون العقوبات.

    وطلب التعجيل بالموت يجب أن يكون صريحا واضحا وجدية، لا لبس فيه ولا غموض.

    أما مجرد التعبير عن الرغبة في الموت وطلبه للتخلص من الآلام المبرحة فلا يكفي لأخذ هذا الطلب بعين الاعتبار.

     ولم يشترط القانون صيغة أو شكل معين في الطلب.

    فسيان أن يكون كتابي أو شفهياً، لفظاً أو إشارة، ما دام ينم بوضوح عن رغبة المريض في الموت، فهو يحقق شرط التخفيف.

    والمهم في هذه الحالة هو إثبات صدور الطلب من المجني عليه بصرف النظر عن طريقته أو شكله أو صيغته.

    ولا يكفي لاعتبار هذا الركن متوفرة مجرد طلب المجني عليه الصريح والواضح والجدي التعجيل في موته، بل يجب أن يلح في هذا الطلب، أي أن يصدر منه هذا الطلب أكثر من مرة مع الإصرار عليه.

     فصدور الطلب لمرة واحدة لا يكفي لتخفيف العقاب مهما كان هذا الطلب جدية.

    ولا بد أخيراً کي يعتد بالطلب أن يصدر من شخص أهل للمسئولية الجزائية.

     أي صدور الطلب عن إرادة حرة وواعية.

     فالطلب الصادر من مريض مجنون أو قاصر أو مكره لا يعتد به بتاتاً .

    ثانيا: القصد الجرمي الخاص.

    لابد أن يتوفر لدى الفاعل، إضافة للقصد الجرمي العام لجرم القتل البسيط، قصد جرمية خاصة متمثلا بالدافع الذي دفع القاتل إلى القتل.

    فهذا لا يكفي مجرد طلب المريض الجدي والمتكرر لإنهاء حياته تخلصة من آلامه، بل لا بد أن يتفاعل القاتل إنسانية مع هذا المريض، فيشفق عليه لما يعانيه من الام لا تحتمل، نتيجة هذا المرض الميئوس من شفائه، فيعجل بوفاته شفقة عليه ورحمة به.

     فيجب إذن أن يثبت توفر هذا القصد الخاص في نفس الجاني حين إقدامه على تلبية طلب المجني عليه الموت.

     أما إذا انقاد القاتل الدافع أخر غير الشفقة، وأقدم على قتل المريض بناء على طلبة الصريح والجدي، ليوفر مثلا على نفسه نفقات علاجه، أو ليستفيد من وصية حررها لصالحه، أو ليستفيد من جثته علمياً، أو للحصول على أية مصلحة، فلا مجال لتخفيف عقابه.

    – عند توفر الأركان، بالشكل السابق شرحه، تقوم الجريمة الواردة بالمادة 538، ويعاقب فاعلها بعقوبة جنائية تتراوح بين الثلاث و العشر سنوات.

    – ودافع الشفقة هو سبب تخفيف شخصي يستفيد منه فقط من يثبت قيامه لديه.

     أما غيره من المساهمين في الجريمة فلا يستفيدون منه ما داموا لم يعملوا بدافع الشفقة.

  • ماهي عقوبة  قتل الموظف أثناء ممارسته وظيفته أو بسببها؟

     قتل الموظف أثناء ممارسته وظيفته أو بسببها

    ليس الهدف من تشديد العقاب هنا منح شخص الموظف هذه الحظوة.

     فالقانون يحمي أرواح الناس دون تمييز بينهم في الصفات أو الوظائف.

     وإنما يجد التشديد علته في حرمة الوظيفة العامة، تلك الوظيفة التي تعكس هيبة الدولة. فالتشديد إذن لا يهدف إلى حماية شخص الموظف بل حماية حرمة وظيفته.

    ولا بد لتوافر ظرف التشديد في هذه الحالة أن يتوفر عنصرين:

    . أن يكون المجني عليه موظفاً .

     أن يقتل الموظف أثناء ممارسته لوظيفته أو بسببها

    العنصر الأول- أن يكون المجني عليه موظفاً

    يعطي القانون الجزائي للموظف معنى أوسع وأشمل من المعنى الذي يعطيه له القانون الإداري.

     فللموظف في القانون الإداري معناً ضيقاً بكونه الشخص الذي يمارس عملاً دائماً في إحدى ملاكات الإدارة العامة.

    أما المشرع الجزائي فلقد أعطى للموظف مدلولاً واسعاً عندما عرفه في المادة 340 من قانون العقوبات، تحت باب الجرائم الواقعة على الإدارة العامة ونصها “يعد موظفا بالمعنى المقصود في هذا الباب كل موظف عام في السلك الإداري أو القضائي، وكل ضابط من ضباط السلطة المدنية أو العسكرية أو فرد من أفرادها، وكل عامل أو مستخدم في الدولة أو في إدارة عامة .

     والملاحظ أن المشرع أراد أن تكون الألفاظ الموظف العام والمستخدم والعامل دلالات واسعة ومعاني عامة تجعلها صالحة لأن تشمل كل من تنيط الدولة به عملا من أعمالها، أو تعهد إليه بمهمة دائمة أو مؤقتة، بأجر أو تعويض، ويعين بقرار أو بعقد، موظفا كان أم مستخدما أم عاملا.

    ولا ريب أن معنى الموظف الوارد في المادة 340 لا يقتصر فقط على النصوص القانونية الخاصة بالجرائم الواقعة على الإدارة العامة، وإنما يشمل أيضا، لاتحاد العلة، حكم الفقرة الرابعة من المادة 534، الخاصة بتشديد القتل الواقع على موظف.

    العنصر الثاني – أن يقتل الموظف في إحدى حالتين:

     الأولى: أثناء تأديته لوظيفته

    الثانية: بسبب وظيفته.

    الحالة الأولى:

    عندما يقع القتل على الموظف وهو يؤدي واجبات وظيفته، بصرف النظر عن الدافع لارتكاب القتل، سواء كان بسبب عمل من أعمال الوظيفة: كما لو أقدم شخص على قتل قاض على منصة الحكم، أو قتل شرطي يلاحقه للقبض عليه ؛

     أو كان لسبب خارج عن أعمال الوظيفة: كما لو أقدم الفاعل على قتل الموظف بدافع العداوة الشخصية أو الحقد أو الكراهية أو الانتقام الشخصي، أو لأي سبب خارج عن إطار الوظيفة التي يشغلها الموظف.

    والملاحظ في هذه الحالة أن العبرة بالتشديد هو للزمن الذي قتل به الموظف.

     فعندما يقع القتل على الموظف في وقت كان يقوم به بعمل من أعمال وظيفته تتحقق علة التشديد، بصرف النظر عن الدافع للقتل، سواء تعلق بالوظيفة أم لا، وبصرف النظر عن المكان الذي يؤدي به الموظف عمله، سواء كان في دائرته الرسمية أم في أي مكان آخر يقوم فيه بمهمة تتعلق بعمله:

     كقتل شرطي يقوم بدورية في شارع من شوارع المدينة، وسواء قام بمهمته أثناء الدوام الرسمي أو بعده:

     كقتل موظف في مكان عمله ليلا، بعد الدوام الرسمي، وهو يقوم بانجاز بعض الأعمال المتراكمة عليه، وسواء كان يرتدي بزته أو لباسه الرسمي عند الاعتداء عليه أم لا:

     كقتل رجل أمن متخف بلباس مدني يلاحق قضية مخدرات

    الحالة الثانية:

    عندما يقع القتل على الموظف، خارج أوقات ممارسة الوظيفة، ولكن الأمر يتعلق بها، أي بسبب وظيفته. كما لو رفض الموظف إعطاء رخصة حمل سلاح لأحد الأشخاص، أو تأخر أو ماطل في إنجاز معاملته، فقام هذا الشخص بقتل الموظف في الطريق أو في بيته.

    أو إذا قام شخص بقتل قاض بعد خروجه على التقاعد، وذلك بسبب حكمه عليه بعقوبة جزائية عندما كان على رأس عمله.

    فكما هو ملاحظ في هذه الحالات أن القتل لا يقع بذات الزمن الذي يمارس فيه الموظف وظيفته، وإنما في زمن لاحق، ولكن بشرط أن يكون سبب القتل ناجماً عن عمل من الأعمال التي قام بها الموظف.

    وتجدر الإشارة أنه لابد لإعمال ظرف التشديد في هذه الحالة أن يكون القاتل على علم بالعنصرين الواجب تو فراهما، أي علمه بأن فعله يقع على موظف، أثناء ممارسته لوظيفته، أو في معرض ممارسته لها أو بسببها.

    فإذا انتفى علمه انتفى تبعاً لذلك ظرف التشديد.

     فقيام شخص بقتل موظف وهو يجهل صفته أو يجهل أنه يقوم بعمل من أعمال وظيفته، أو بقتله خارج الوظيفة بسبب خلاف شخصي لا علاقة له بالوظيفة، لا مجال لتشديد العقاب عليه، وان كان المجني عليه موظفاً.

    والسؤال الذي يتبادر هنا هو: هل تنتفي الحكمة من التشديد إذا أقدم الفاعل على قتل موظف تجاوز حدود سلطته أو اختصاصه، أو قام بعمل غير مشروع متجاوزا به الحدود الذي رسمها له القانون؟

    کون عمل الموظف مشروعاً أو غير مشروع، لاسيما وأن الحكمة من التشديد تستمد من الوظيفة وليس من شخص الموظف.

    أضف إلى ذلك أن بإمكان أي شخص اللجوء للطرق القانونية للشكوى، أو لإبطال الأعمال الغير مشروعة التي يتجاوز بها الموظفون حدود اختصاصاتهم، سواء كان إبطالاً إدارياً أو قضائياً، والتعويض عن الضرر الناشئ عن هذه الأعمال .

    إلا أن لهذه القاعدة استثناء يتعلق بمدى فداحة أو خطورة العمل غير المشروع.

     فعندما يكون العمل الوظيفي الذي قام به الموظف مخالفة للقانون بشكل فاضح، عندئذ يفقد الموظف صفته ويعتبر كالفرد العادي.

     كمن يقتل شرطية يقتحم منزله ليلا دون إذن شرعي يخوله ذلك، أو من يقتل موظفاً بادره بالاعتداء عليها دون وجه حق، بحيث بلغ الاعتداء درجة من الخطورة أفقدت القاتل أعصابه وألهبت غضبه.

     فعمل الموظف في هذين المثالين بلغ فيهما انعدام المشروعية حدا جعله منقطع الصلة بواجبات الوظيفة وأعمالها، وخارجا خروجاً تاماً على مقتضياتها.

  • ماهو القتل لسبب سافل؟

     القتل لسبب سافل

    لم يورد النص تعريفاً للسبب السافل، تاركاً للقاضي أن يستخلصه من الظروف المحيطة بالمجرم والجريمة.

     والمقصود بالسبب السافل كل سبب مناف للقيم الأخلاقية والاجتماعية السائدة في المجتمع. فيدخل في إطاره:

    القتل بسبب الجشع المادي، أو الغيرة والحسد، أو الانتقام، أو الشهوة الجنسية، أو أي مظهر آخر من مظاهر الانحطاط الخلقي أو الاجتماعي.

    ومن أمثلته:

    القتل تلذذاً لإشباع الشهوة الجنسية،

    قتل المدين لدائنة للتخلص من التزامه بوفاء الدين،

    القتل نتيجة غش بلعبة قمار، قتل الزوج من قبل عشيق الزوجة، أو من كلاهما معاً، ليخلو لهم الجو،

    القتل الواقع على المورث من قبل قريب، ليس أصله أو فرعه، للحصول على الميراث،

    قتل التاجر التاجر أخر منافس، انتقاما منه على صفقة أو مناقصة رست عليه.

    وكما أسلفنا فإن السبب السافل يدخل ضمن إطار الدافع، وقد اعتبر المشرع السوري بنص المادة 193 الدافع الشائن سبباً مشدداً عاماً لعقاب جميع الجرائم.

     أما نص المادة 334 فالتشديد فيها للسبب السافل يعتبر سبب خاص بجرم القتل.

    والقاعدة العامة عند شمول نصين لموضوع واحد، أحدهما عاماً والأخر خاصاً، يطبق النص الخاص.

  • ماهي أسباب وظروف تشديد عقوبة القتل في القانون السوري؟

    القتل المقصود المشدد

    إن جرائم القتل المقصود المشدد لا تعتبر جرائم مستقلة قائمة بذاتها، بل هي جرائم قتل مقصود بسيط ترافقت مع ظرف من ظروف التشديد الواردة في المادتين 534- 335 من قانون العقوبات.

     وهذا يعني ضرورة توافر أركان القتل البسيط فيها مضافا إليها الظرف المشدد.

     وهذه الظروف التي ارتأى المشرع السوري، أسوة بالتشريعات الأخرى، اعتبارها مشددة لجرم القتل تستند في الغالب على معيار خطورة الفاعل أو إمعانه في الإجرام أو استهتاره بالقيم والمشاعر الإنسانية المتعارف عليها.

     ولقد شددت المادتين المذكورتين عقاب القتل إما إلى الأشغال الشاقة المؤبدة وإما إلى الإعدام.

    يستخلص من ذلك أن عقوبة القتل البسيط وهي الأشغال الشاقة المؤقتة من 15 إلى 20 سنة تصبح أشغال شاقة مؤيدة إذا توفر في القتل أحد الظروف الواردة في المادة 534، والإعدام إذا توفر أحد الظروف الواردة في المادة 535.

    ويمكننا تصنيف ظروف التشديد الواردة في المادتين المذكورتين بردها إلى المعايير التالية:

    1- التشديد تبعا لقصد الجاني (العمد)

     2- التشديد تبعا للطريقة التي نفذ فيها القتل (التعذيب)

     3- التشديد تبعا للدافع على ارتكاب القتل (القتل لسبب سافل – القتل للحصول على المنفعة الناتجة عن الجنحة- أو تمهيداً للجريمة أو تسهيلاً لتنفيذها أو للتهرب من عقابها)

     4- التشديد تبعا للمجني عليه: ويأتي ضمنه التشديد المبني على صفة خاصة بالمجني عليه الموظف والحدث)،  والتشديد المبني على تعدد المجني عليهم، والتشديد المبني على صلة القربي (الأصول والفروع).

    – استنادا لهذه المعايير، سنتناول بالشرح ظروف التشديد من خلال: .

    ظروف التشديد الواردة في المادة 534، التي تجعل العقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة.

    وظروف التشديد الواردة في المادة 535، التي تجعل العقوبة الإعدام.

     

    ظروف التشديد التي تجعل عقوبة القتل الأشغال الشاقة المؤبدة المادة(534)

    تنص المادة 534 من قانون العقوبات على ما يلي:

    يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة على القتل قصدا إذا ارتكب:

    1- لسبب سافل

     2- تمهيدا لجنحة أو تسهيلا أو تنفيذا لها أو تسهيلا لفرار المحرضين على تلك الجنحة أو فاعليها أو المتدخلين فيها أو للحيلولة بينهم وبين العقاب

     3- للحصول على المنفعة الناتجة عن الجنحة

    4- على موظف أثناء ممارسته وظيفته أو في معرض ممارسته لها

     5- على حدث دون الخامسة عشرة من العمر

     6- على شخصين أو أكثر

     7- في حالة إقدام المجرم على أعمال التعذيب أو الشراسة نحو الأشخاص”.

    استنادا إلى التصنيف المشار إليه سابقا، نستخلص من هذا النص، أن المشرع السوري شدد عقاب القتل المقصود إلى الأشغال الشاقة المؤبدة تبعا للمعايير التالية: الدافع – صفة المجني عليه طريقة التنفيذ.

    ظروف التشديد التي تجعل عقوبة القتل الإعدام (المادة 535)

    تنص المادة 535 من قانون العقوبات على ما يلي:

    يعاقب بالإعدام على القتل قصدا إذا ما ارتكب:

    1- عمداً

     2- تمهيداً لجناية أو تسهيلاً أو تنفيذاً لها أو تسهيلاً لفرار المحرضين على تلك الجناية أو فاعليها أو المتدخلين فيها أو للحيلولة بينهم وبين العقاب.

     3- على أحد أصول المجرم أو فروعه”.

    يستخلص من هذا النص أن المشرع شدد عقاب القتل المقصود إلى الإعدام استنادا إلى معيار قصد الجاني في الفقرة الأولى، والدافع إلى ارتكاب الجريمة في الفقرة الثانية، وصفة المجني عليه في الفقرة الثالثة.

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1