الوسم: محامي مجانا

  • تعميم وزارة العدل رقم 3 حول حرية التعبير عن الرأي

    تعميم وزارة العدل رقم 3 حول حرية التعبير عن الرأي

    المحامي السوري

    الجمهورية العربية السورية

    وزارة العدل الرقم : ۱۹۸۱

    تعميم رقم « ٣ »

    کرس دستور الجمهورية العربية السورية في الفقرة ٢ من المادة ٤٢ حق كل مواطن أن يعبر عن رأيه بحرية وطنية، سواء بالقول، أم بالكتابة، أم بوسائل التعبير كافة. كما حمى المواطن من الاعتداء على كرامته وأمنه وحياته الخاصة.

    وقد نظم القانون هذه الحقوق والحريات وضبطها منعاً لانتشار الجريمة، وأعطى السلطة القضائية الحق كي تعالج كل حالة وفقاً لضررها، وبناءً على الأثر الذي تتركه في المجتمع.

    ومع انتشار وسائل التقنية الحديثة، باتت الجريمة المعلوماتية واحدة من الجرائم التي تهدد سلامة المجتمع واستقراره ووجب التعامل معها وفقاً لفيصل دقيق، لذلك فقد كافح المرسوم التشريعي ١٧ لعام ۲۰۱۲ هذه الجريمة وعاقب على كل سلوك غير مشروع بعقوبات تتناسب وخطورته.

    . وبما أن حق التعبير قد سمح بالانتقاد والإشارة إلى أماكن الخلل في حال وجودها دون أن يتعدى ذلك إلى الإساءة إلى الإدارة العامة أو القائمين عليها في أشخاصهم وشرفهم وحياتهم الخاصة لذلك يتوجب على القاضي التمييز بين حرية التعبير وهذه الجرائم.

    وبما أن المشرع قد نظم مؤسسة التوقيف الاحتياطي وفقاً لقواعد واضحة وأسس علمية، تعتمد على خطورة الجريمة وآثارها السلبية على المجتمع، مع الإشارة إلى أن بقاء الفاعل طليقاً في بعض الحالات يزيد من جسامة الأضرار، ويؤدي إلى تكرار الأفعال، إضافة إلى الخوف من عبثه بالأدلة، ومن قراره أو من ردة فعل المجتمع عليه.

    لهذا كان من واجب القاضي الجزائي الحارس على تطبيق القانون أن ينظر في ظروف وملابسات كل قضية؛ ليكون قناعة موضوعية وواقعية تنسجم مع تلك المبادئ والتأكيد على أن التوقيف ليس سلفة على العقوبة، وبالتالي يتوجب استخدام تلك المؤسسة بحذر وموضوعية لمراعاة الحد الفاصل بين حرية التعبير عن الرأي، وحقوق المواطنين والإدارة العامة والموظف العام.

    مما يتوجب معه محاكمة الفاعل طليقاً في الجرائم التي لا تستدعي التوقيف حتى صدور الحكم القضائي كعنوان للحقيقة.

    لذلك نطلب من السادة المحامين العامين وإدارة التفتيش مراعاة هذه الضوابط وحسن تطبيق هذا التعميم وإعلامنا عن كل مخالفة له.

    دمشق في ۲۰۲۲/۱/۲۳

                                                                           وزير العدل القاضي أحمد السيد

  • شرح قاعدة:  إعمال الكلام أولى من إهماله مع أمثلة

    شرح قاعدة:  إعمال الكلام أولى من إهماله مع أمثلة

    إعمال الكلام أولى من إهماله

    إعمال الكلام: إعطاؤه حكماً، وإهماله عدم ترتيب ثمرة عملية عليه المدخل العام، فإعماله ما أمكن أولى من إهماله؛ لأن كلام العاقل يصان عن اللغو فيجب حمله على أقرب وجه معمولاً به من حقيقة ممكنة وإلا فمجاز.

    ولذا فقد اتفق الحنفية في الأصول على أن الحقيقة ! كانت متعذرة فإنه يُصار إلى المجاز ، فلو حلف لا يأكل من النخلة ولا من هذا الدقيق لم يحنث بأكل عين الشجرة أو من عين الدقيق، ويحنث لو أكل من ثمار النخلة وبثمن الثمار إن باعها واشترى به مأكولاً، كما يحنث بأكل ما يتخذ من الدقيق.

     والمهجور شرعاً أو عرفاً كالمتعذر، والفرق بينهما أن المتعذر ما لا يتيسر الوصول إليه إلا بمشقة كالمثالين المذكورين (النخلة والدقيق)، والمهجور ما تيسر الوصول إليه ولكن الناس تركوه ومثال المهجور شرعاً : ما لو وكله بالخصومة، فإنه ينصرف إلى الجواب مجازاً فيتناول الإنكار والإقرار باعتبار عموم المجاز، إذ الخصومة منازعة وهي حرام، فانصرف إلى الجواب لأنها سببه.

     والمهجور عرفاً كما لو علق طلاق زوجته على وضع قدمه في منزل فلان فيقع الطلاق بدخول داره لا بوضع قدمه فيه.

    من فروع هذه القاعدة لو أوصى بمائة في وجوه الخير، ثم أوصى بمائة كذلك، تعتبر الوصية مائتين ولا يقبل قول الورثة إنه أراد بالثانية عين الأولى .

    ومنها: لو وقف على أولاده وليس له إلا أولاد أولاد، حمل عليهم صوناً للفظ،

    ومنها : لو جمع بين امرأته وما ليس محلاً الإهمال عملاً بالمجاز، عن للطلاق كبهيمة أو جدار وقال : إحداكما طالق، فتطلق عند الإمام وأبي يوسف لأن البهيمة والجدار ليسا محلّاً للطلاق، فأعمل اللفظ امرأته تعييناً وعند محمد لا تطلق . .

     

    ومنها: قولهم إن التأسيس خير من التأكيد، فإذا دار اللفظ بينهما تعيَّن الحمل على التأسيس لأرجحيته كما هو الظاهر، فلو قال لزوجته المدخول بها : أنت طالق طالق طالق طلقت ثلاثاً، فإن قال : أردت به التأكيد، صدق ديانة لا قضاء  .

     والتأكيد هو اللفظ الذي يقصد به تقرير وتقوية معنى لفظ سابق له : ويقال له : إعادة

    والتأسيس : هو اللفظ الذي يفيد معنى لم يفده اللفظ السابق له ويقال له : إفادة

    منها: لو قال زوج لوكيله في طلاقه من زوجته طلقني طلقني من زوجتي، فيحمل كلام الموكل على التأسيس ما لم يصرّح الموكل أنه أراد التأكيد؛ لأن قصد الموكل في توكيله معتبر ولا عبرة هنا بالظاهر.

    ويستثنى من هذه القاعدة ما في الخانية أن رجلاً له امرأتان فقال لإحداهما : أنت طالق أربعاً، فقالت : الثلاثة تكفيني، فقال: أوقعت الزيادة على فلانة، فلا يقع على الأخرى شيء، وكذا لو قال الزوج : الثلاث لك والباقي لصاحبتك لا تطلق الأخرى، لعدم إمكان العمل حيث إن الشارع حكم ببطلان ما زاد عن الثلاث فلا يمكن إيقاعه على أحد فيكون مما وراء الثلاث غير عامل .

  • شرح قاعدة :  الممتنع عادة كالممتنع حقيقة مع أمثلة

    شرح قاعدة :  الممتنع عادة كالممتنع حقيقة مع أمثلة

    الممتنع عادة كالممتنع حقيقة

    الممتنع عادة هو الذي لا يُعهد وقوعه وإن كان فيه احتمال عقلي بعيد، والممتنع حقيقة هو الذي لا يمكن وقوعه.

    فمن ادعى على مساويه سناً أنه ابنه أو أبوه يُرفض ادعاؤه لأنه ممتنع حقيقة، ولو ادعى المتولي أو الوصي أنه أنفق على عقار الوقف أو على القاصر مبالغ غير محتملة والظاهر يكذبه، فإنه لا يصدق ولا تقبل بينته .  .

    وكل من الممتنع عادة وحقيقية لا تسمع الدعوى به ولا تقام البينة عليه للتيقن بكذب مدعيه.

    وقد جاء في الأشباه أن الممتنع حقيقة يستقل الحاكم برد الدعوى فيه بدون حاجة إلى سؤال الخصم عنها ويستبد به ولا حاجة إلى أن يدفع الخصم بأنها ممتنعة حقيقة وإنها لا تسمع، ولا فائدة في سؤال الخصم عنها لأن السؤال يكون رجاء الاعتراف وهو في هذه الحال لا يملك الاعتراف.  .

    من فروع هذه القاعدة تكذيب جم غفير أتى للشهادة ممتنع عادة فلا تقبل البينة ضد الشهرة  ، ومنها : لو ادَّعى المدَّعي إقرار المدعى عليه بحقه بعد أن طالت الخصومة بينهما فلا تسمع بينته على الإقرار لأنه ممتنع عادة.

    ومن مستثنيات هذه القاعدة لو تزوج شرقي بغربية بالوكالة بينهما مسافة ستة أشهر، فجاءت الزوجة بولد لستة أشهر فأكثر من تاريخ العقد دون أن يثبت بينهما لقاء، فإن الولد يثبت شرعاً من أبيه على رغم الاستحالة العرفية للاتصال بينهما، ولو ولدته لأقل من ستة أشهر من العقد لم يثبت النسب للاستحالة الحقيقية في ذلك  .

     مع أن المسافات الطويلة قد قصرت بتطور المواصلات حول العالم .

  • شرح القاعدة الفقهية: الأصل في الكلام الحقيقة مع تطبيق

    شرح القاعدة الفقهية: الأصل في الكلام الحقيقة مع تطبيق

     الأصل في الكلام الحقيقة

    الأصل في الكلام الحقيقة، والمجاز فرع فيه وخلف عنها، فكان العمل بها أولى من العمل به، وإن تعذرت الحقيقة لعدم وجود فرد لها في الخارج يصار إلى المجاز.

    فالحقيقة هي المعنى الذي وضع اللفظ له أصلاً ويدل عليه لا بلا قرينة ويقابلها المجاز وهو المعنى المفهوم من اللفظ بواسطة قرائن تحيط به على وجه لم يكن ليفهم منه هذا المعنى ،بدونها، وهو معنى تربطه بالمعنى الحقيقي علاقة ، وذلك مثل لفظ النكاح فإنه حقيقة في الوطء مجاز في العقد لعلاقة استحلال الرجل للمرأة.

     إذا أوقف شخص ماله قائلاً : إني أوقفت مالي على أولادي وكان له أولاد وأولاد أولاد، فيصرف قوله على أولاده لصلبه ولا يستفيد أولاد أولاده من الوقف.

    فلو انقرض أولاده لصلبه فلا تصرف غلة الوقف على أحفاده بل تصرف إلى الفقراء إلا إذا كان لا يوجد للواقف أولاد حين الوقف، وكان له أحفاد فبطريق المجاز يعد المال موقوفاً على أحفاده.

     أما إذا ولد للواقف مولود بعد إنشاء الوقف في الصورة الثانية فيرجع الوقف إلى ولده لصلبه لأن اسم الولد مأخوذ من الولادة، ولفظ الولد حقيقة في الولد الصبي ذكراً أو أنثى، فعند عدم وجود أولاد للواقف لصلبه يصرف الوقف إلى الأحفاد الذين تستعمل فيهم كلمة (أولاد) مجازاً لأنه لا يمكن استعمال معنى المجاز والحقيقة في لفظ واحد وفي وقت واحد معاً.

    ذلك لأن الحقيقة إذا كانت مرادة فلا بد أن يتنحى المجاز أمامها عند الحنفية، أما عند المالكية والشافعية فقد أجازوا الجمع بين الحقيقة والمجاز إذا كان ذلك ممكناً.

     أما إذا كان المعنى الحقيقي فرداً من أفراد المعنى المجازي فيقدم المجاز على الحقيقة عملاً بعموم المجاز، كما لو حلف بطلاق امرأته على ألا يأكل من هذه الغنم المقتناة للدَّرِّ والنسل، فالمعنى الحقيقي هو الأكل من عينها والمجازي هو الأكل مما يخرج منها، فعند أبي حنيفة يقع الطلاق بالأكل من عينها وعند الصاحبين يقع الطلاق بأكل ما يخرج منها عملاً بعموم المجاز.

    و عموم المجاز هو عبارة عن استعمال اللفظ في معنى كلّي شامل للمعنى الحقيقي والمعنى المجازي، فلو قال الواقف وقفت مالي هذا على أولادي نسلاً بعد نسل، فقرينة ( نسلاً بعد نسل )تدل على شمول لفظ الأولاد ولكل ولد سواء أكان ولداً حقيقة أم ولداً مجازاً من أولاد أبنائه وأبنائهم.

    ولو أوصى شخص لآخر بثمر بستانه فتحمل وصيته على الثمر الموجود أثناء وفاة الموصي ولا تحمل على الثمر الذي سيحصل في السنين المقبلة؛ لأن الثمر يحمل حقيقة على الثمر الموجود ولا يحمل على الثمر المستقبل إلا بطريق المجاز، وبما أنه من الممكن حمل هذا اللفظ على معناه الحقيقي فلا يحمل على البدل وهو المجاز. أما ذكر الموصي كلمة (أبداً أو دائماً) حينما ذكر الثمر فيكون من عموم المجاز، فتحمل وصيته على الثمر الحاصل أثناء وفاة الموصي والثمر الذي سيحصل في المستقبل .

    لو حلف بطلاق زوجته ألا يتزوج، فوگل آخر فزوجه، حنث ووقع الطلاق، لأن الوكيل بالزواج سفير ومعبر عن الموكل وناقل لعبارته، ولأن حقوق هذه التصرفات لا تتعلق بالوكيل بل بالموكل فاعتُبر الموكل فاعلاً لها فيحنث.

     أما لو حلف بطلاق زوجته ألا يشتري كذا فوكل غيره ففعل عنه، لا يحنث، لأن هذه التصرفات يستغني المأمور فيها عن إضافتها إلى أمره ويضيفها إلى نفسه، فلا يعتبر الموكل فاعلاً لها فلا يحنث.

    ففي الحالة الأولى يرجح المجاز لأن إرادة الموكل تشمل فعل الوكيل وفي الثانية ترجح الحقيقة لأن الفاعل حقيقة هو الوكيل .  .

     تنبيه : إن الأفعال بالنسبة لقبول التوكيل وعدمه على ثلاثة أنواع :

     1 – أفعال لا تقبل التوكيل أصلاً، وهي الأفعال الجبلية كالأكل والشرب والنوم… فلو حلف على عدم فعل شيء منها فأمَرَ غيرَهُ ففعل لا يحنث لعدم صحة أمره بها .

    ٢أفعال تقبل التوكيل ولا يجب على الوكيل إضافتها إلى الموكل، بل تقع عنه وتنفذ عليه وإن لم يضفها الوكيل إلى موكله وهي سبعة أفعال من التصرفات : البيع والشراء، والإيجار، والاستئجار، والقسمة، والخصومة، والصلح عن مال بمال، لأن هذه التصرفات يستغني المأمور فيها عن إضافتها إلى آمره ويضيفها إلى نفسه فيقول : بعت، اشتريت . . .

    ٣ ـ أفعال تقبل التوكيل ويجب على الوكيل ـ لأجل وقوعها عن الموكل ـ أن يضيفها إليه ,كالنكاح والطلاق والإبراء والصلح عن دم العمد والصدقة وغيرها، لأن الوكيل في هذه التصرفات سفير ومعبر، وحقوق هذه التصرفات تتعلق بالموكل فقط ولذلك يصح لشخص واحد أن يتولى طرفي العقد في هذه الأمور عند الحنفية . تنبيه آخر : اللفظ عند اللغويين ثلاثة أقسام: حقيقة ومجاز وكناية، وعند الأصوليين قسمان: حقيقة ومجاز، وكل منهما على ثلاثة أقسام :

     ١ – حقيقة لغوية كلفظ حصان في الدلالة على الحيوان المعروف ،

     ٢ ـ حقيقة شرعية : كلفظ صلاة للدلالة على الأقوال والأفعال المفتتحة بالتكبير والمختتمة بالتسليم ،

    ٣ – حقيقة عُرفية : كلفظ دابة للدلالة على الحيوانات التي تمشي على أربع .

     ٤ – مجاز لغوي : وهو مرادف للحقيقة العرفية ،

     ٥ ـ مجاز شرعي : كلفظ النكاح في الدلالة على العقد لا الوطء،

     ٦ ـ مجاز عقلي: ويسمى المجاز الحكمي، وهو إسناد غير حقيقي ويكون في التركيب دون اللفظ، وإدراك المراد يكون بالعقل لا بالقرائن المانعة.

  • شرح قاعدة من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه

    شرح قاعدة من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه

    من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه

    هذه القاعدة من باب السياسة الشرعية في سد الذرائع، وفروعها ماهي إلا صور من منع التعسف في استعمال الحق في الفقه الإسلامي. .

     ويلاحظ على هذه القاعدة أن صيغتها التي أتت بها المجلة تضيق نطاق القاعدة فتقصره على سوء القصد المرتبط بالاستعجال بينما حقيقة القاعدة أوسع من ذلك بكثير، إذ تشمل كل التصرفات التي تقوم على سوء النية والقصد.

    والأمثلة الآتية تشترك جميعاً في وجود سوء النية من الشخص المتصرف، فأوجب الفقه معاملته بنقيض ما قصده حماية للأحكام الشرعية من التلاعب بها وتحويلها عن مقاصدها التي شرعت لأجلها ومنع الإساءة إلى الغير، وهو في الحقيقة روح هذه القاعدة. .

    مثال ذلك : لو قتل شخص مورثه أو الموصي له بلا مسوّغ شرعي، يُحْرَم بذلك من الإرث والوصية، وهذا الحكم مأخوذ من الحديث الشريف : «لا يرث القاتل شيئاً» [رواه أبو داود ومالك وأحمد]، والظاهر أن هذا الحكم هو دليل للقاعدة وليس مثالاً عليها .

    ومن فروعها: لو طلق الرجل زوجته بائناً في مرض موته ومات خلال عدتها ترث منه لدلالة مرض موته على قصده حرمانها من الإرث ، فيُرد قصده عليه، وهو ما يسمى بطلاق الفرار.

    وهذا المثال لا ينطبق على القاعدة بل هو من باب سد الذرائع حيث عومل المطلق بنقيض قصده، لأنه لو لم يطلقها لم تُحْرَم من الإرث، وبالتالي لم يستعجل حرمانها.

    لو جاءت الفرقة من قبل الزوجة بسبب ردتها، فليس لها أن تتزوج بعد بتها بغير زوجها، وتجبر على تجديد العقد على زوجها بمهر يسير، وذلك لرد عملها عليها، حيث إنها استحصلت على حل عقدة النكاح بهذا السبب الخاص المحظور وهو المروق من الدین فعوقبت بحرمانها من ثمرة ردتها الخبيثة، حتى إن الامام الدبوسي والصفار ومشايخ بلخ وبعض مشايخ سمرقند قالوا بعدم وقوع الفرقة أصلاً بردتها زجراً لها. وعلى القول الأول: ماتت في ردتها يرثها الزوج إذا كانت ردتها في مرض موتها وماتت وهي العدة لكونها فارّة، وعلى القول الثاني قول الدبوسي ومن وافقه : يرثها الزوج مطلقاً.

    ومن فروعها أيضاً : زواج الرجل بالمطلقة ثلاثاً بعد عدتها ودخوله بها، ثم طلاقها بعد ذلك ومضي عدتها من أسباب حلها لزوجها الأول، فإذا تزوجت المطلقة ثلاثاً من رجل بقصد إحلالها لزوجها الأول وشرطت ذلك في لم تحل لزوجها الأول بهذا الزواج معاقبة لها بنقيض قصدها على استعجالها .

    وهو قول محمد بن الحسن ، وذهب أبو يوسف إلى فساد النكاح أصلاً، أما الإمام أبو حنيفة فالنكاح عنده صحيح يحلّها للزوج الأول.

     ومنها : المريضة مرض موت، إن خالعت زوجها وقع الطلاق لأنه علّق على قبول المال وقد وجد، فإن ماتت المختلعة في العدة كان للزوج المخالع الأقل بين بدل الخلع والحصة الإرثية وثلث التركة وإن ماتت بعد انقضاء العدة كان له الأقل بين بدل الخلع وثلث التركة، لاحتمال أن يكون مقصود الزوجة محاباة الزوج بأكثر من نصيبه الإرثي في ميراثها فيرد عليها قصدها .

    ومنها : عدم نفاذ وقف المدين في القدر الذي يتوقف عليه تسديد الدين من أمواله، قطعاً لما يلجأ إليه بعض المدينين في وقف أموالهم لتهريبها من وجه الدائنين  .

     ففي ضوء الأمثلة المتقدمة وغيرها يقترح الأستاذ مصطفى الزرقا صيغة جديدة لهذه القاعدة وهي : ( يعامل سيىء النية في التصرف بنقيض قصده)، أو ( من قصد بتصرفه غرضاً غير مشروع عومل بنقيض قصده).  

     إلا أن هذه القاعدة غير مطردة ولها استثناءات منها : لو أمسك زوجته مسيئاً عشرتها لأجل إرثها، ورثها . ولو أمسكها كذلك لأجل الخلع نفذ خلعه. .

     ولو قتلت الزوجة زوجها أو تسببت بقتله خروجاً من عقوبة القصاص، لاستيفاء مؤجل مهرها استحقته من تركته لأن أداءه إليها واجب عليه في حياته.

  • حقيقة الأراضي الأميرية وطرق توارثها

    حقيقة الأراضي الأميرية وطرق توارثها

    حقيقة الأراضي الأميرية وطرق توارثها 
        بحث أعده الأستاذ الدكتور أحمد الحجي الكردي

    محامي, استشارة قانونية

    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم، على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

    فقد جرى الاختلاف بين فقهاء العصر حول ما يطلق عليه (الأراضي الأميرية) ما هي حقيقتها، وهل هي ملك لمن هي في يده اليوم، سواء ورثها عن أصوله سنين عديدة، أو اشتراها ممن كانت في يده لا ينازعه فيها أحد بثمن مكافئ في يومها، وكان ذلك الإرث أو ذلك الشراء بمعرفة الدولة وإقرارها وتسجيلها واعتمادها، أو أن هذه الأراضي هي ملك للدولة، وهي في يد من يستعملها اليوم على سبيل الإجارة منها، أو هي وقف للمسلمين عامة، وعلى من يستعملها خراجها وهو إيجارها، وعليه فلا تورث عنه بعد وفاته، ولا يكون له بيعها، ولا إيجارها بغير إذن الدولة في ذلك؟؟.

    وإنني في ضمن هذا الاختلاف بين السادة العلماء أدلي بدلوي، وأبين ما ظهر لي في ذلك، فلعله ينهي النزاع، أو يحد منه على أقل تقدير.

    فكلمة أراضي أميرية اصطلاح جديد لم يكن منتشرا بين الناس قبل سنين معدودة، وحقيقة هذه الأراضي في الأصل أنها الأراضي التي فتحت في عهد سيدنا عمر رضي الله عنه من أراضي الشام ومصر والعراق، وتركها صلحا في يد مالكيها من سكان البلاد، على أن يدفعوا عنها الخراج للدولة الإسلامية، وقد بقيت في أيديهم سنين كثيرة وهم يدفعون خراجها للدولة الإسلامية بدون منازع، وقد باعها الكثيرون منهم للمسلمين بأثمان حقيقية مكافئة دون اعتراض أحد على ذلك، لا من السكان ولا من الدولة، وكانوا يتوارثونها بعد وفاة القائمين عليها بحسب النظم الإسلامية، على مرآى من الدولة ومسمعها، عبر العصور كلها، دون منازع.

    ثم جرى الاختلاف فيها في أواخر عهد الدولة العثمانية، فقال البعض هي ملك للدولة، وهي في يد أصحابها على سبيل الأجرة، والخراج هو أجرتها، وقال البعض هي وقف للمسلمين، وهي في يد أصحابها على خراج يدفعونه للدولة هو أجرتها، وقال البعض: هي ملك لأصحابها بتمليكها لهم من قبل سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، والخراج عليها ضريبة للدولة لإقامة مصالحها، وهو مقابل للعشر الذي يدفعه المسلمون عن أراضيهم وزروعهم، ولأصحابها بيعها وتوارثها كأي ملك آخر لهم.

    وإنني سوف أبين أصل هذا النزاع في مذاهب الفقهاء، على النحو التالي:
    أريد بادئ ذي بدء أن أفرق بين ثلاث مصطلحات، أراضي أميرية، وأراضي موات، وأراضي هي ملك للدولة، تسمى في عرفنا أملاك دولة.
    فأما الأراضي الأميرية –وهي محل الدراسة- فهي أراضي السواد في العراق والشام ومصر، وهي الأراضي الزراعية في هذه البلدان، ويخرج عنها الأراضي المبنية والمسكونة، حيث لم يخالف أحد في ملكية أهلها لها.

    وقد ذهب الحنفية إلى أن أراضي السواد (وهي الأراضي الأميرية اليوم في نظري) هي ملك لأصحابها بتمليك سيدنا عمر رضي الله عنه لهم إياها يوم فتحها، وما يدفعونه من خراج للدولة هو ضريبة لمعاونة الدولة على بناء وإتمام مصالحها، وعليه فلهم بيعها وشراؤها وتوارثها كأي مال مملوك لهم آخر، لا فارق بينهما، وقد استقر الأمر على ذلك طيلة القرون الإسلامية الأولى بين الناس.

    قال في مجمع الأنهر: {(وَأَرْضُ السَّوَادِ مَمْلُوكَةٌ لأَهْلِهَا) عِنْدَنَا، خِلافًا لِلشَّافِعِيِّ، فَإِنَّهَا عِنْدَهُ وَقْفٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَهْلُهَا مُسْتَأْجِرُونَ، لأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ اسْتَطَابَ قُلُوبَ الْغَانِمِينَ فَآجَرَهَا، لَكِنْ فِي التَّبْيِينِ: رُدَّ مِنْ وُجُوهٍ فَلْيُطَالَعْ. (يَجُوزُ بَيْعُهُمْ لَهَا وَتَصَرُّفُهُمْ فِيهَا) لأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لَهُمْ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِكَوْنِ الأَرَاضِي الْعُشْرِيَّةِ مَمْلُوكَةً لأَهْلِهَا، لَكِنْ إذَا كَانَتْ الْخَرَاجِيَّةُ مَمْلُوكَةً فَكَوْنُ الْعُشْرِيَّةِ مَمْلُوكَةً أَوْلَى}.(((مجمع الأنهر 2/458))).

    وقال الكاساني في بدائع الصنائع: {يَجُوزُ بَيْعُ أَرَاضِي الْخَرَاجِ، وَالْقَطِيعَةِ، وَالْمُزَارَعَةِ، وَالإِجَارَةِ، وَالإِكَارَةِ، وَالْمُرَادُ مِنْ الْخَرَاجِ أَرْضُ سَوَادِ الْعِرَاقِ الَّتِي فَتَحَهَا سَيِّدُنَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ؛ لأَنَّهُ مَنَّ عَلَيْهِمْ، وَأَقَرَّهُمْ عَلَى أَرَاضِيهِمْ، فَكَانَتْ مُبْقَاةً عَلَى مِلْكِهِمْ فَجَازَ لَهُمْ بَيْعُهَا}(((بدائع الصنائع 5/146))).
    وقال ابن عابدين في رد المحتار: {وقد سمعت التصريح في المتن تبعا للهداية، بأن أرض سواد العراق مملوكة لأهلها يجوز بيعهم لها، وتصرفهم فيها، وكذلك أرض مصر والشام كما سمعته، وهذا على مذهبنا ظاهر} (حاشية ابن عابدين 4/18).
    وقال أيضا: {وَأَرْضُ السَّوَادِ مَمْلُوكَةٌ لأَهْلِهَا يَجُوزُ بَيْعُهُمْ لَهَا وَتَصَرُّفُهُمْ فِيهَا) هِدَايَةٌ، وَعِنْدَ الأَئِمَّةِ الثَّلاثَةِ هِيَ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُمْ، فَتْحٌ.

    وذهب جمهور الفقهاء إلى أن أرض السواد وقف للمسلمين، لا تباع ولا تشرى ولا تورث، وهي في يد أصحابها على سبيل الإجارة، وما يدفعونه من خراج للدولة هو أجرتها:

    قال الشرواني: {(يمتنع) أي لأهل السواد بيع شيء ورهنه وهبته لكونه صار وقفا، ولهم إجارته مدة معلومة لا مؤبدة كسائر الإجارات، ولا يجوز لغير ساكنيه إزعاجهم عنه، ويقول أنا أستقبله وأعطي الخراج، لأنهم ملكوا بالإرث المنفعة بعقد بعض آبائهم مع عمر رضي الله تعالى عنه، والإجارة لازمة لا تنفسخ بالموت. اهـ مغني. (((حواشي الشرواني9/362)))

    وقال النووي في المجموع: {واختلف أصحابنا فيما فعل عمر رضي الله عنه فيما فتح من أرض السواد، فقال أبو العباس وأبو إسحاق: باعها من أهلها وما يؤخذ من الخراج ثمن، والدليل عليه أن من لدن عمر إلى يومنا هذا تباع وتبتاع من غير إنكار. وقال أبو سعيد الإصطخري: وقفها عمر رضي الله عنه على المسلمين فلا يجوز بيعها ولا شراؤها ولا هبتها ولا رهنها، وإنما تنقل من يد إلى يد وما يؤخذ من الخراج فهو أجرة، وعليه نص في سير الواقدي، والدليل عليه ما روى بكير بن عامر عن عامر قال اشترى عقبة ابن فرقد أرضا من أرض الخراج، فأتى عمر فأخبره، فقال ممن اشتريتها؟ قال من أهلها، قال فهؤلاء أهلها المسلمون أبعتموه شيئا؟ قالوا لا، قال فاذهب فاطلب مالك، فإذا قلنا انه وقف فهل تدخل المنازل في الوقف؟} المجموع 19/454.

    • وقال في الحاوي: {فَصْلٌ: فَأَمَّا أَرْضُ السَّوَادِ أرض الخراج فَهِيَ مَا مُلِكَ مِنْ أَرْضِ كِسْرَى وَحْدَهُ طُولا، مِنْ حَدِيثَةِ الْمَوْصِلِ إِلَى عَبَّادَانَ وَعَرْضًا: مِنْ عُذَيْبِ الْقَادِسِيَّةِ إِلَى حُلْوَانَ يَكُونُ مَبْلَغُ طُولِهِ مِائَةً وَسِتِّينَ فَرْسَخًا وَمَبْلَغُ عَرْضِهِ ثَمَانِينَ فَرْسَخًا.
      فَهَذِهِ الأَرْضُ مَلَكَهَا الْمُسْلِمُونَ فَاسْتَطَابَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْفُسَهُمْ عَنْهَا، وَسَأَلَهُمْ أَنْ يَتْرُكُوا حُقُوقَهُمْ مِنْهَا وَأَقَرَّهَا فِي أَيْدِي الأَكَرَةِ وَالدَّهَاقِينِ وَضَرَبَ عَلَيْهِمْ خَرَاجًا يُؤَدُّونَهُ فِي كُلِّ عَامٍ عَلَى جَرِيبِ الْكَرْمِ وَالشَّجَرِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَمِنِ النَّخْلِ ثَمَانِيَةَ دَرَاهِمَ، وَمِنْ قَصَبِ السُّكَّرِ سِتَّةَ دَرَاهِمَ، وَمِنِ الرُّطَبَةِ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، وَمِنِ الْبُرِّ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ، وَمِنِ الشَّعِيرِ دِرْهَمَيْنِ.
      فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي حُكْمِهَا عَلَى وَجْهَيْنِ:
      أَحَدُهُمَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ الإِصْطَخْرِيُّ وَمَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ، أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَفَهَا عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَجَعَلَ الْخَرَاجَ الَّذِي ضَرَبَهُ عَلَيْهَا أُجْرَةً تُؤَدَّى فِي كُلِّ عَامٍ فَعَلَى هَذَا لا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلا رَهْنُهَا وَهَذَا أَشْبَهُ بِنَصِّ الشَّافِعِيِّ .
      وَالْوَجْهُ الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ وَهُوَ مَذْهَبُ بَعْضِ الْبَغْدَادِيِّينَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَاعَهَا عَلَى الأَكَرَةِ وَالدَّهَاقِينِ وَجَعَلَ الْخَرَاجَ الَّذِي ضَرَبَهُ عَلَيْهَا ثَمَنًا فِي كُلِّ عَامٍ، فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَرَهْنُهَا وَلِلْكَلامِ فِي ذَلِكَ مَوْضِعٌ يُسْتَوْفَى فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى} (الحاوي 6/154).
      وقال في كشاف القناع: {(وَلَمْ يَرَ) الإِمَامُ (أَحْمَدُ فِي أَرْضِ السَّوَادِ شُفْعَةً)؛ لأَنَّ عُمَرَ وَقَفَهَا (وَكَذَا الْحُكْمُ فِي سَائِرِ الأَرْضِ) الَّتِي وَقَفَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ (كَأَرْضِ الشَّامِّ وَ) أَرْضِ (مِصْرَ، وَغَيْرِهَا مِمَّا لَمْ يُقَسَّمْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ)} (كشاف القناع 4/165)،

     وقَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: {(إلا أَنْ يَحْكُمَ بِبَيْعِهَا حَاكِمٌ، أَوْ يَفْعَلَهُ) أَيْ: بَيْعَهَا (الإِمَامُ، أَوْ نَائِبُهُ، فَتَثْبُتُ) الشُّفْعَةُ (فِيهِ) أَيْ: فِيمَا حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ لَوْ بَاعَهُ الإِمَامُ، أَوْ نَائِبُهُ؛ لأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَحُكْمُ الْحَاكِمِ يَنْفُذُ فِيهِ، وَفِعْلُهُ كَحُكْمِه، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَيَخْرُجُ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ الشِّرَاءِ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ؛ لأَنَّهَا فَرْعٌ مِنْهُ.

    وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: اشْتَرَى عُتْبَةُ بْنُ فَرْقَدٍ أَرْضًا عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ، لِيَتَّخِذَ فِيهَا قَصَبًا، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ، فَقَالَ: مِمَّنْ اشْتَرَيْتهَا؟ قَالَ: مِنْ أَرْبَابِهَا. فَلَمَّا اجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأنْصَارُ، قَالَ: هَؤُلاءِ أَرْبَابُهَا، فَهَلْ اشْتَرَيْت مِنْهُمْ شَيْئًا؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَارْدُدْهَا عَلَى مَنْ اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ، وَخُذْ مَالَك.

    وَهَذَا قَوْلُ عُمَرَ فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ بِمَحْضَرِ سَادَةِ الصَّحَابَةِ وَأَئِمَّتِهِمْ، فَلَمْ يُنْكَرْ، فَكَانَ إجْمَاعًا، وَلا سَبِيلَ إلَى وُجُودِ إجْمَاعٍ أَقْوَى مِنْ هَذَا وَشِبْهِهِ، إذْ لا سَبِيلَ إلَى نَقْلِ قَوْلِ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ فِي مَسْأَلَةٍ، وَلا إلَى نَقْلِ قَوْلِ الْعَشَرَةِ، وَلا يُوجَدُ الإِجْمَاعُ إلا الْقَوْلَ الْمُنْتَشِر. فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ خَالَفَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ. قُلْنَا: لا نُسَلِّمُ الْمُخَالَفَةَ. وَقَوْلُهُمْ اشْتَرَى . قُلْنَا: الْمُرَادُ بِهِ: اكْتَرَى. كَذَلِكَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ. وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ يَكْفِيَهُ جِزْيَتَهَا. وَلا يَكُونُ مُشْتَرِيًا لَهَا وَجِزْيَتُهَا عَلَى غَيْرِهِ.

    وَقَدْ رَوَى عَنْهُ الْقَاسِمُ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَقَرَّ بِالطَّسْقِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالصِّغَارِ وَالذُّلِّ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشِّرَاءَ هَاهُنَا الاكْتِرَاءُ} (المغني 4/165).

           وقال في المغني أيضا: {(فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: لا نَرَى فِي أَرْضِ السَّوَادِ شُفْعَةً؛ وَذَلِكَ لأَنَّ أَرْضَ السَّوَادِ مَوْقُوفَةٌ، وَقَفَهَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلا يَصِحُّ بَيْعُهَا، وَالشُّفْعَةُ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْبَيْعِ} (المغني 5/553).

    وقال الماوردي في الأحكام السلطانية: {وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: إنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ اسْتَنْزَلَ الْغَانِمِينَ عَنْ السَّوَادِ بَاعَهُ عَلَى الأَكَرَةِ وَالدَّهَاقِينَ بِالْمَالِ الَّذِي وَضَعَهُ عَلَيْهَا خَرَاجًا يُؤَدُّونَهُ فِي كُلِّ عَامٍ فَكَانَ الْخَرَاجُ ثَمَنًا، وَجَازَ مِثْلُهُ فِي عُمُومِ الْمَصَالِحِ كَمَا قُبِلَ بِجَوَازِ مِثْلِهِ فِي الإِجَازَةِ وَأَنَّ بَيْعَ أَرْضِ السَّوَادِ يَجُوزُ وَيَكُونُ الْبَيْعُ مُوجِبًا لِلتَّمْلِيكِ.

    وَأَمَّا قَدْرُ الْخَرَاجِ الْمَضْرُوبِ عَلَيْهَا، فَقَدْ حَكَى عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ اسْتَخْلَصَ السَّوَادَ بَعَثَ حُذَيْفَةَ عَلَى مَا وَرَاءِ دِجْلَةَ وَبَعَثَ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ عَلَى مَا دُونَ دِجْلَةَ. وقَالَ الشَّعْبِيُّ فَمَسَحَ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ السَّوَادَ فَوَجَدَهُ سِتَّةً وَثَلاثِينَ أَلْفَ أَلْفِ جَرِيبٍ فَوَضَعَ عَلَى كُلِّ جَرِيبٍ دِرْهَمًا وَقَفِيزًا} (الأحكام السلطانية 1/354).

    كما جاء في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ الكبير: {(إلا أَنْ يَحْكُمَ بِبَيْعِهَا حَاكِمٌ، أَوْ يَفْعَلَهُ) أَيْ: بَيْعَهَا (الإِمَامُ، أَوْ نَائِبُهُ، فَتَثْبُتُ) الشُّفْعَةُ (فِيهِ) أَيْ: فِيمَا حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ لَوْ بَاعَهُ الإِمَامُ، أَوْ نَائِبُهُ؛ لأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَحُكْمُ الْحَاكِمِ يَنْفُذُ فِيهِ، وَفِعْلُهُ كَحُكْمِه، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَيَخْرُجُ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ الشِّرَاءِ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ؛ لأَنَّهَا فَرْعٌ مِنْهُ} (المغني 1/354).

    أما أراضي أملاك الدولة، كالتي توفي صاحبها من غير ورثة، فهذه ملك للدولة، ولها أن تبيعها أو تهبها أو تُقطعها لمن تراه، بحسب ما تراه من المصلحة. 
    وأما الأراضي الموات، وهي البوادي والصحارى والجبال غير المملوكة ولا المملَّكة لأحد من قبل، فهي ملك لمن أصلحها واستثمرها بأمر الدولة وإذنها، وأجاز البعض تملكها باستصلاحها من غير إذن، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ) رواه ابن ماجه وأبو داود ومالك وأحمد وغيرهم. والأكثرون على الأول.
    والله تعالى أعلم.
    ‏الأحد‏ 15‏ شعبان‏ 1429هـ و ‏17‏/8‏/2008م

    وعليه فأرى أن الراجح هو أن الأرض الأميرية (أرض السواد في الشام والعراق ومصر) هي ملك لأصحابها الذين يملكونها الآن، إرثا عن أهلهم، أو شراء من غيرهم، ولهم بيعها وإيجارها وتوارثها كأي ملك آخر لهم، ولا يجوز الحكم بغير ذلك، وذلك لما يلي:

    1-  أنه قول إمام معتبر هو الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان.

    2-  وهو قول عدد من الأئمة غير الحنفية أيضا، كما تقدم.

    3-   وهو أحد قولين عند الشافعية.

    4-   ولأن العمل في البلدان الإسلامية مشى على ذلك قرونا متعددة، وورثها الناس وتبايعوها تحت نظر السلطات المسؤولة في كافة هذه البلدان، من غير نكير معتبر، فكان إجماعا، وهو حجة قطعية لا يجوز مخالفتها.

    5- لما ذكره الإمام النووي في المجموع: {واختلف أصحابنا فيما فعل عمر رضي الله تعالى عنه فيما فتح من أرض السواد، فقال أبو العباس وأبو إسحاق: باعها من أهلها وما يؤخذ من الخراج ثمن، والدليل عليه أن من لدن عمر إلى يومنا هذا تباع وتبتاع من غير إنكار} (باب خراج السواد).

     

    أ.د.أحمد الحجي الكردي

  • صيغة إنذار استرداد أمانة ( وديعة ) نقدية

     إنذار استرداد أمانة ( وديعة ) نقدية


    إنذار موجه بواسطة الكاتب بالعدل في …

    من المنذر:……………………….. ( المودع ) المقيم في………………

    إلى المنذر:………………………… ( الوديع )………………………. المقيم في

    الإنذار:

    كنت أودعت عندك مبلغاً قدره …… ليرة سورية لحين الطلب بموجب سند الأمانة التالي نصه:


    يذكر نص السند.

    لذلك أنذرك برد هذه الأمانة وتسليمها لي خلال …… يوما من تاريخ تبلغك هذا الإنذار في محل إقامتي الكائن في عنواني أعلاه تحت طائلة مقاضاتك مدنيا وجزائيا بجرم إساءة الائتمان ومطالبتك بالتعويض عما لحقني من ضرر بسبب ذلك إضافة للفوائد 5% وقد أعذر من أنذر.
    … في //
    المنذر
    الاسم والتوقيع

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1