الوسم: محامي عربي دوسلدورف

  • كيف يتم استقصاء واثبات الجرائم الالكترونية؟

    إن الواجب الأول الذي يقع على عاتق الضابطة العدلية هو استقصاء الجرائم، أي التحري عنها. فالاستقصاء هو البحث عن جريمة لم يثبت بعد وقوعها فعلا، إما بناء على شكوى أو إخبار، أو بناء على تكليف من النيابة العامة، أو بناء على معلومات وصلت إلى رجل الضابطة العدلية من أي مصدر كان.

    أما الواجب الثاني، وهو إثبات الجرائم، فيقصد به جمع الأدلة على وقوع الجريمة، ومعرفة مرتكبها والقبض عليه. والسرعة بجمع الأدلة يساعد على المحافظة على آثار الجريمة، وإحكام الطوق على الجاني .

    ولرجال الضابطة العدلية في سبيل قيامهم بهذين الواجبين أن يسلكوا كل السبل المجدية لكشف الجريمة؛ فالقانون لم يحدد شكلا خاصة لاستقصاء الجرائم وجمع أدلتها، لذلك كان من حقهم أن يستعينوا بكل الوسائل المشروعة للتحري عن الجرائم، دون انتظار توجيه أمر لهم بذلك من رؤسائهم.

    ولكن يجب على رجال الضابطة العدلية عدم اللجوء إلى الغش أو الخديعة من أجل الحصول على الأدلة، فلا تثريب عليهم إذا استعملوا بأي وسيلة بارعة لا تتصادم مع الأخلاق، مثل التخفي، وانتحال الصفات، واصطناع المرشدين.

    فيمكن لرجل الضابطة العدلية أن يتظاهر بأنه مدمن مخدرات ويرغب في شراء كمية منها ليقبض على المروج.

    ولكن ليس له أن يخلق الجريمة من العدم، كأن يدفع الفاعل إلى ارتكابها، ثم يلقي القبض عليه، لأنه في ذلك لا يكتشف الجريمة بل يوجدها .

    والقانون لم ينظم قواعد التحري، لذلك يبقى الأمر اجتهادة، غير أنه يجب ألا يخالف القواعد الدستورية أو القانونية .

    ومن المؤكد أن قيام رجال الضابطة العدلية بأعمال الاستقصاء وإثبات الجرائم، إنما يهدف إلى مساعدة النيابة العامة على اتخاذ قرارها بتحريك الدعوى العامة أو عدم تحريكها؛ فإذا قامت بتحريكها، وجب عليهم أن يتوقفوا عن العمل من تلقاء أنفسهم، ولا يجوز لهم أن يباشروا أي عمل من أعمال الضابطة العدلية إلا إذا كلفهم قاضي التحقيق بذلك بموجب قرار ندب .

    وإجراءات استقصاء الجرائم تعد من الأهمية بمكان، سواء أكانت الجرائم تقليدية أم مستحدثة .

    وفي إطار جرائم الإنترنت، فإن أبرز وسائل الاستقصاء وجمع الأدلة هي: وسيلة الإرشاد الجنائي، ووسيلة المراقبة الإلكترونية.

  • اساءة الأمانة في عقود الوكالة

    الوكالة عقد يلتزم بمقتضاه الوكيل بأن يقوم بعمل أو بجملة أعمال قانونية لحساب الموكل (المادة 665 من القانون المدني).

    والعمل القانوني هو ما يميز عقد الوكالة عن عقد المقاولة.

    فعندما يكون موضوع العقد عملاً قانونياً يجريه الوكيل الحساب الموكل، كالبيع والشراء والتأجير والاستئجار والرهن والدفاع في دعوى قضائية، نكون أما عقد وكالة.

    أما عندما يكون موضوع العقد عملاً مادياً، كالخياطة و تنظيف الثياب وتمديد الكهرباء، نكون أما عقد مقاولة وليس وكالة.

    والوكالة التي تقوم بها إساءة الائتمان هي تلك التي تفترض تسلم الوكيل لشيء بصفته هذه لكي يستعمله لحساب موكله ولمصلحته أو لكي يعيد تسليمه عيناً إلى الموكل فيما بعد.

    فيعتبر مسيئاً للائتمان إذا استولى على هذا الشيء الذي اؤتمن عليه والذي سلم إليه بصفته وكيلاً.

    كما أن الجريمة تقوم في حق الوكيل إذا استولى على مزايا مالية الت إليه بناء على الوكالة وكان مالها إلى الموكل .

    كأن يبيع الوكيل مال موكله بسعر يزيد على السعر الذي حدده له الموكل، ويستولي لنفسه على الزيادة.

    أما الإخلال بأي التزام أخر غير الاستيلاء على الشيء فلا تقوم به جريمة إساءة الائتمان، إذ لا يكفي لقيامها إهماله أو تقصيره أو حتى خروجه عن نطاق وكالته .

    وتطبيقا لذلك إذا كلف الموكل وكيله بشراء أو بيع شيء لحساب موكله فاشتراه بثمن أعلى من ثمن المثل أو باعه بثمن أقل من ثمن المثل لا يعد مسيئا للائتمان.

    على أنه يشترط أن لا يكون في خروج الوكيل عن نطاق الوكالة اعتداء على ملكية الموكل للمال محل الوكالة ، كأن يحصل من شراءه للشيء بثمن أعلى من ثمن المثل، أو من بيعه بثمن أقل من ثمن المتل، على الفرق في السعر بناء على اتفاق مسبق مع البائع أو الشاري، فيعتبر في هذه الحالة مرتكبا لجريمة إساءة الائتمان.

    ويستوي لقيام جريمة إساءة الائتمان أن تكون الوكالة تعاقدية، أو قانونية وكالة الولي والوصي و القيم، أو أن تكون قضائية كوكالة مصفي الشركة أو وكيل الدائنين.

    ويستوي أن تكون الوكالة مجانية أو مأجورة، صريحة بعقد أم ضمنية كالوكالة بين الشركاء، عامة أم خاصة.

    ويستوي أن يكون عقد الوكالة صحيحة أو أن يكون باطلا لمخالفته النظام العام أو الآداب العامة أو القانون، فيرتكب الوكيل بناء على هذه الوكالة إساءة ائتمان إذا استولى على الأموال التي سلمت إليه بصفته هذه.

    وتطبيقا لذلك فإن مدير الشركة الباطلة يرتكب إساءة الائتمان إذا اختلس أموال هذه الشركة. ويستوي أيضاً أن يكون محل الوكالة مالا قيمياً أو مثلياً.

    فيخضع الوكيل الذي يستولي على المال الحكم المادة 656 إذا كان المال قيمية، ولحكم المادة 657 إذا كان المال مثلياً .

    وبناء على ذلك إذا اختلس الوكيل المنقول القيمي الذي سلم إليه لبيعه لحساب موكله طبق عليه النص الأول، أما إذا اختلس النقود الذي دفعت إليه ثمنا لهذا المنقول طبق عليه النص الثاني. وتنقضي الوكالة بوفاة الموكل أو الوكيل أو بعزل الوكالة.

    فإذا كانت الوكالة قد انقضت بوفاة الموكل فإن الوكيل يعتبر مسيئا للائتمان إذا استولى على أشياء كانت قد سلمت إليه قبل وفاة موكله، أما ما يتسلمه بعد الوفاة فلا يصلح موضوعا لارتكاب هذه الجريمة، إذ لم يعد للوكالة وجود فلا يعتبر متسلمة شيئا بناء عليها، ولكنه قد يعد مرتكبا لجرم الاحتيال إذا كان قد تسلم شيئا بصفته وكيلا، تلك الصفة التي أصبحت كاذبة.

    أما في الحالة التي تقضي بها الوكالة بوفاة الوكيل، فإن وارثه يخلفه في التزامه بالمحافظة على ما كان يحوزه الحساب موكله.

    وتطبيقاً لذلك فإن الوارث الذي يعلم أن مورثه كان يحوز مالاً لحساب موكله فيختلسه يعتبر مسيئا اللائتمان.

    أما في الحالة التي تقضي بها الوكالة بعزل الوكيل، فإذا اختلس ما كان في حيازته قبل عزله فهو مسيء للائتمان، أما إذا تسلم ما بعد عزله متذرعاً بوكالته السابقة فهو محتال لأنه استخدم صفة أصبحت كاذبة .

  • الاحتيال عن طريق التمهيد لظرف أو الافادة منه مع أمثلة

    هذه هي الوسيلة الثالثة من وسائل الاحتيال التي ذكرها نص المادة 641 بعبارة أو بظرف مهد له المجرم أو ظرف استفاد منه.

     والظرف هو الواقعة أو الشيء الذي يربط المحتال بينه وبين أكاذيبه لكي يدعهما به. و الظرف الذي مهد له المجرم أو استفاد منه هو الظرف الذي أوجده غير المحتال، أي الظرف الذي من صنع غيره لا من صنعه هو.

    وبهذا التحديد للظرف يتضح الفرق بين هذه الوسيلة وبين الوسيلة الأولى من وسائل الاحتيال. فإذا كان المحتال في الوسيلة الأولى هو الذي يصنع المظاهر الخارجية التي تدعم وتؤيد كذبه، فالمحتال في الوسيلة الثالثة ليس هو الذي يصنع الظرف ولا يتحكم في إعداده، فهو من صنع الغير وإعداده، لهذا فموقف المحتال منه موقف الممهد له أو المستفيد منه.

    وبرأينا أن هذا الرأي لا يمكن الأخذ به لأنه يجعل النص على الوسيلة الأولى (استعمال الدسائس) والمتعلقة بالمظاهر الخارجية فارغ المضمون ولغو لا فائدة منه.

    ولهذا لا تتحقق الحكمة من إيراد الوسيلة الأولى بصورة مستقلة عن الوسيلة الثالثة إلا بالقول أن المظاهر الخارجية في الوسيلة الأولى هي من صنع المحتال، بينما الظرف في الوسيلة الثالثة هو من صنع غير المحتال.

    والاستعانة بظرف عن طريق تمهيد المجرم له يتحقق بضم المجرم لنشاطه إلى هذا الظرف حتى يتمكن من الاستعانة به لتدعيم أكاذيبه، بمعنى أن الظرف وحده لا يصلح بذاته لإفادته.

    أما الاستعانة بظرف عن طريق الاستفادة منه فتتحقق دون حاجة إلى إضافة أي نشاط ما إليه .

    ومن أمثلة الاستعانة بظرف عن طريق تمهيد المجرم له، أن ينتهز المحتال فرصة مزاد أقيم لبيع مقتنيات تاريخية فيدس بين المعروضات للبيع منقولاته الخاصة.

     أو أن ينتهز فرصة غرق سفينة، وعدم العثور على جثث الكثير من ركابها، فيدس بين المخلفات التي عثر عليها ما يفيد فقدان شخص مؤمن على حياته لصالح المحتال، مع أن هذا  الشخص ما زال حياً ويقيم في دولة أخرى ولم يعلم بما فعله المحتال بشأنه.

     ومن أمثلة الظرف الذي لا يتدخل فيه المجرم بأي نشاط وتتحقق استفادته منه بالحالة التي وجده عليها، وقوف المحتال على مقربة من حفل خيري وطلب التبرع على نحو يوهم الجمهور بأنه يتولى جمع التبرعات ليسلمها للجهة الخيرية التي أقيم الحفل من أجل مساعدتها.

     أو وقوف المحتال على مقربة من مكان مات فيه المعيل الوحيد لعائلة، والطلب من المشاركين في التشييع معونة للأسرة المنكوبة، على نحو يوهمهم بأنه يتولى جمع تلك المعونة الأسرة المتوفي.

  • صور التشديد الجنحي في جريمة السرقة

    جاء النص على جنح السرقة المشددة في المادتين 628 و629 من قانون العقوبات.

    وقد تضمنت هاتان المادتان مجموعة من الظروف المشددة للعقاب مع بقاء الجرم جنحي الوصف، والعقاب المشدد يتراوح بين الحبس سنة إلى ثلاث سنوات والغرامة.

     ونص المادة 628 جاء كما يلي يقضي بالحبس مع الشغل سنة على الأقل وبالغرامة من مائة ليرة إلى ثلاثمائة ليرة إذا ارتكبت السرقة في إحدى الحالات الآتية:

     أ- ليلا و السارق اثنان فأكثر، أو في إحدى هاتين الصورتين في مكان سكنى الناس أو في معبد.

     ب- أن يكون السارق مقنعاً أو حاملا سلاح ظاهراً أو مخبأ.

     ج- أن يكون السارق خادماً مأجورة ويسرق من مال مخدومه، أو مال إنسان في بيت مخدومه أو في بيت أخر رافقه إليه، أو أن يكون السارق مستخدم أو عاملاً أو صانعة ويسرق في مصنع مخدومه أو مخزنه، أو في الأماكن التي يشتغلان عادة فيها.

     د- أن يكون السارق عسكرياً أو شبيهه ويسرق من أنزله عنده.

    أما المادة 629 فتنص على أنه

    “تنزل العقوبة نفسها بكل من أقدم على النشل أو السرقة بالصدم أو السرقة في القطارات أو السفن أو الطائرات أو الحافلات الكهربائية أو غيرها من الناقلات العامة أو في محطات سكك الحديد أو المطارات أو الجمارك أو على الأرصفة.

    وبتحليل هذين النصين نستخلص أنهما، تارة تشترطا لتشديد العقاب توفر ظرف مشدد واحد، وتارة أخرى توافر ظرفي تشديد.

     والحالات التي يشترط فيها توفر ظرفي تشديد جاءت في الفقرة (أ) من نص المادة 628 وهذه الحالات هي:

    • الليل + تعدد السارقين
    • • الليل + مسكن أو معبد (وجود سارق واحد)
    • تعدد السارقين + مسكن أو معبد (النهار)

     أما الحالات التي يشترط فيها توفر ظرف مشدد واحد فقد جاءت في الفقرات (ب – ج – د) من نص المادة 628، والمادة 629 وهي:

    • التقنع أو حمل السلاح الظاهر أو المخبأ.
    • كون السارق خادمة أو مستخدمة أو عاملا أو صانعة أو عسكريا.
    • السرقة بالنشل أو الصدمه
    • السرقة في وسائل النقل العامة وملحقاتها.

    و سندرس كل حالة من هذه الحالات على حدة.

  • ركن جريمة السرقة بأن يكون محل السرقة مالاً

    يشترط أن يكون الشيء محل الأخذ مالاً.

    والمال هو كل شيء يصلح لأن يكون محلا لحق الملكية، ما لم يكن خارجا عن التعامل بطبيعته، أي لا يقبل بطبيعته أن يكون محلا لحق الملكية .

    و الشيء الذي يخرج بطبيعته عن العامل هو الشيء المباح كمياه البحار والأنهار، و الهواء في الجو، والسمك في الماء والطيور في الهواء.

    بيد أنه إذا تحددت هذه الأشياء، فإنها تصلح محلا للاستئثار بها، فتصبح أموالاً.

     كما لو احتجز شخص كمية من ماء البحر في وعاء لغاية ينتفع بها، وتعرض هذا الوعاء للأخذ، يعتبر الفعل سرقة.

    – هل يصلح الإنسان محلاً لجرم السرقة؟

    إن الإنسان ليس مالا ولا يقبل بطبيعته أن يكون محلا لحق الملكية، فهو صاحب الحق وليس محله. و على ذلك فإن خطف فتاة أو طفل لا يعد سرقة بل جريمة خطف.

    كما أن حقوق الإنسان المرتبطة بشخصه، کشرفه وحريته، لا تصلح محلا للسرقة. فمن يسلب أخر حريته لا يعد سارقا لها، وإن كان يرتكب جريمة أخرى بنظر القانون. .

     وإذا كان الإنسان لا يعتبر مالا بحكم القانون، فإن الأشياء المنفصلة عنه والمتجردة من صفة الأدمية، كشعره أو دمه أو أسنانه، تصبح مالاً صالحاً لأن يكون محلاً لجرم السرقة.

     فالمرأة يمكنها أن تقص شعرها وأن تبيعه أو تتعامل به بأي طريقة بوصفه مالاً.

    فإذا تعرض للأخذ دون رضاها اعتبر الفعل سرقة.

     ويأخذ حكم الأشياء المنفصلة عن الجسم، الأطراف والأعضاء الصناعية التي يستخدمها الإنسان بدلا من أطرافه وأعضائه الطبيعية.

    فهي لا تعد جزءا من الإنسان بالرغم من أدائها لوظائف الأعضاء الطبيعية. لذلك تظل معتبرة على أصلها ما صالحاً لأن يكون محلا للسرقة.

    كمن يأخذ طقم أسنان صناعية لغيره، أو شعر مستعارة تضعه امرأة على رأسها.

     وإذا مات الشخص تزول عنه صفة الإنسان وتصبح جثته بمجرد موته مالا إذا أودعت في متحف بسبب قيمتها التاريخية أو العلمية.

    فالاستيلاء على مومياء من متحف يعتبر سرقة كون الجثة مملوكة للمتحف.

     إلا أن الإشكالية تظهر في الاستيلاء على جثة ميت من المقبرة.

     فجثث الأموات في المدافن لا تكون مملوكة لأحد، والاستيلاء عليها لا يعد سرقة، وإن كان القانون يحميها بنصوص خاصة، كجريمة انتهاك حرمة ميت.

    – هل تصلح الأشياء الخارجة عن التعامل بحكم القانون محلاً لجرم السرقة؟

     إن الأشياء الخارجة عن التعامل بحكم القانون هي الأشياء التي ينكر عليها القانون المدني صفة المال، وبالتالي يحظر التعامل بها كالمخدرات والنقود المزيفة والأسلحة غير المرخصة.

    إلا أن موقف القانون الجزائي في هذه الحالة يختلف عن موقف القانون المدني.

     فقانون العقوبات في السرقة يدخل هذه الأشياء ضمن طائفة الأموال، وبالتالي تصلح محلاً للسرقة.

     وعليه فإن أخذ مخدرات دون رضاء حائزها يعد سرقة.

     ويفسر الاختلاف بين نظرتي القانون المدني وقانون العقوبات أن الأول ينظم التعامل بين الأفراد فينفي صفة المال عما لا يجيز التعامل فيه.

     أما قانون العقوبات فيحمي الحق لذاته ولو كان الفرد لا يصلح لاكتسابه و إنما كانت الدولة وحدها هي ذات الصلاحية لذلك، بل ولو كان من غير الجائز التعامل فيه بحكم القانون. فمصير هذه الأشياء هو المصادرة أي صيرورتها ملكا للدولة.

     بالنتيجة ما لا يعد مالاً في القانون المدني قد يعد كذلك في قانون العقوبات.

     – والمال يصلح لأن يكون محلاً للأخذ في جريمة السرقة سواء كان سند حيازته مشروعاً أو غير مشروع.

     فسواء كان المال لدى المالك أو لدى حائز له حيازة ناقصة كالمستعير أو المستأجر، أو كان لدى سارق له، فإن أخذه بدون رضاء مالكه أو حائزه يعتبر سرقة، لأن المال المسروق له مالك، فضلا عن توافر صفة المال فيه.

    – والمال لابد أن تكون له قيمة، أي متقوماً .

     أما إذا لم تكن له أية قيمة فتنتفي عنه صفة المال، ولا يصلح بالتالي محلا للسرقة. كما هو حال أحجار الطريق أو أعقاب السجاير أو قشر البيض.

     وما دام المال متقوماً فلا أهمية بعد ذلك لقيمته كبرت أم صغرت.

     فتفاهة الشيء المسروق لا تأثير لها في قيام السرقة ما دام هو في نظر القانون مالاً.

    علما أن المشرع السوري جعل من تفاهة المال المسروق سبباً لتخفيف عقوبة السرقة.

    بيد أن هذه القيمة لا يشترط أن تكون مادية، أي مالية يعبر عنها بمبلغ من النقود، وإنما يكفي أن يكون للشيء قيمة معنوية أو عاطفية لدى صاحبه.

    فالخطابات الشخصية والصور والتذكارات، كخصلة شعر شخص عزيز، تصلح أن تكون محلاً للسرقة طالما أن لها قيمة معنوية أو عاطفية في نظر صاحبها .

     فالعبرة في ثبوت القيمة للشيء من عدمها هي بتقدير صاحبه، فالشیء قيمته أساساً من نظرة صاحبه إليه.

     ولا بد ن يراعى عما إذا كان الشيء ذا قيمة أو عديم القيمة التاريخ أو الوقت الذي تم به فعل الأخذ. فهذا الوقت هو الذي يعتد به.

     فإذا لم يكن للشيء أية قيمة عند أخذه ثم أصبح بعد ذلك ذو قيمة، لأي سبب كان، فهذا التحول لا يغير من طبيعة الأمر شيئاً ولا يجعل الاستيلاء عليه سرقة.

  • العلاقة السببية بين الخطأ والوفاة أو الإيذاء

    العلاقة السببية بين الخطأ والوفاة أو الإيذاء

    کي تترتب مسئولية شخص عن قتل أو إيذاء خطأ لا يكفي أن تحصل هذه النتيجة الضارة، وأن يرتكب هذا الشخص الخطأ.

    بل لا بد أن يكون الخطأ هو الذي سبب النتيجة. وبعبارة أخرى لا بد من توفر رابطة سبية بين خطأ الشخص وموت الضحية أو إيذاءه.

    ولقد سبق لنا إيضاح أسس السببية التي اعتمدها المشرع السوري في المادة 203 من قانون العقوبات بمناسبة الحديث عن جرم القتل المقصود، وما قيل هناك يصح هنا.

    وحسبنا أن نشير هنا أنه لا يكفي ثبوت الخطأ من الفاعل لترتب مسئوليته عن النتيجة مهما بلغت درجة جسامة هذا الخطأ، بل لابد من إثبات أن هذا الخطأ هو الذي نشأت عنه الوفاة أو الإيذاء.

    فلو أن شخصاً يقود سيارته بسرعة تتجاوز الحد المسموح، أو يقود وهو سكران، أو بدون رخصة قيادة، فكلها أفعال خاطئة، ثم جاء شخص وألقى بنفسه تحت عجلات السيارة ومات ، فتصرف السائق الخاطئ وحده لا يكفي لمساءلته عن وفاة الشخص ما دام لم يثبت أن هذه التصرفات الخاطئة هي التي تسببت بالحادث.

    وعليه لا توجد علاقة بين خطأ السائق وموت الضحية، أي تنتفي رابطة السببية بين الخطأ والنتيجة الضارة، وبانتفائها تنتفي مسئولية السائق عن القتل الخطأ، ويسأل فقط عن مخالفته لأنظمة المرور.

    وتطبيقا لقواعد السيبية في التشريع السوري، فإن هذه الرابطة تتوفر عندما يكون الموت أو الإيذاء قد نتج عن خطأ الفاعل ولو كان ثمة عوامل أخرى تضافرت مع الخطأ في إحداث النتيجة، مادام الموت أو الإيذاء لا يمكن تصور حدوثه لولا خطأ الفاعل.

    وهذا تطبيقاً لنظرية تعادل الأسباب التي أخذ بها المشرع السوري في الفقرة الأولى من المادة 203.

    فلو أن شخصاً ارتكب خطأ أدى لجرح شخص مصاب بمرض السكر، فساهم الجرح مع الخطأ في موت الضحية. أو قاد الفاعل سيارته مسرعا في شارع مزدحم فصدم شخصا قطع الطريق من غير المكان المخصص للمشاة، أو قاد سيارته ليلا وهو في حالة سكر قصدم سيارة أخرى تسير بدون أضواء.

    ففي هذه الفرضيات حتى ولو نتج الضرر عن السبب الأخر مباشرة، إلا أن ذلك لا يقطع الرابطة السببية بين خطأ الفاعل والنتيجة.

    بيد أنه تطبيقا للمادة 554 من قانون العقوبات إذا نشأ الموت أو الإيذاء نتيجة خطأ الفاعل ونتيجة أسباب أخرى تضافرت مع الخطأ، وكانت مستقلة عن خطأ الفاعل ومجهولة كليا منه، فيمكن تخفيض عقوبة الفاعل بالمقدار المبين بالمادة 199 من قانون العقوبات.

    ونلاحظ هنا أن حكم هذه المادة جاء بتخفيف للعقاب فقط، وأن هذه الأسباب الأخرى التي تضافرت مع الخطأ أبقت مسئولية الفاعل عن النتيجة، وبالتالي تبقى العلاقة السيبية متوفرة بين الخطأ والنتيجة في هذه الفرضية.

    ولو استرجعنا المثال السابق حول جرح الشخص المصاب بمرض السكر، فلو أن الفاعل كان يجهل مرض المجني عليه لأمكن تطبيق نص المادة 554 عليه وتخفيف عقوبته.

    إلا أن الأمر يختلف إذا تضافر مع خطأ الفاعل عامل آخر جاء لاحقا للسلوك الخاطئ و مستقلا عنه و غير مألوف في ظروف ارتكاب الفعل وكاف بحد ذاته لإحداث النتيجة.

    فهذا السبب يقطع الرابطة السبية بين الخطأ والنتيجة، ويسأل المخطئ فقط عن سلوكه الخاطئ .وهذا تطبيق لنظرية السيبية الملائمة التي أقرها المشرع في الفقرة الثانية من المادة 203. وتطبيقا لذلك لا تعتبر السببية قائمة في حال كان الشخص يركب فوق أكياس تحملها سيارة نقل وعند اقتراب السيارة من جسر وعلى وشك المرور من تحته وقف ذلك الشخص فاصطدم بحافة الجسر وتوفي.

    فرغم سلوك السائق الخاطئ فهو لا يعتبر مسئولاً عن الوفاة نتدخل عامل غير مألوف، وهو وقوف المجني عليه، الذي أدى إلى تحقق النتيجة، والذي قطع الرابطة السببية بين سلوك السائق الخاطئ ووفاة المجني عليه. ولا يشترط أن تكون الوفاة أو الإيذاء ناتجة مباشرة عن خطأ الفاعل. لذلك يسال عن قتل غير مقصود من تسبب بخطئه في جرح المجني عليه إذا مات هذا الأخير أثناء عملية جراحية كان من المفيد إجراؤها لتقليل العجز الناتج عن الجرم في وظيفة العضو المصاب ,

    كما لا يشترط أن يكون الشخص المسئول هو الذي أحدث القتل أو الإيذاء بنفسه، بل يكفي أن يكون هو المتسبب فيه بخطئه وإن حصل القتل بفعل غيره. ومثاله الأب الذي يترك سلاحه في المنزل دون أن يخفيه، أو الذي يعطي سلاحه لطفله ليلعب به ظانا أنه قد أفرغه من الذخيرة، فيؤدي ذلك إلى انطلاق رصاصة قاتلة من السلاح. فالأب يسأل عن القتل الخطأ وإن لم يكن لسلوكه صلة مادية بالوفاة.

     

  • جناية الإيذاء المفضي إلى إجهاض حامل مع العلم بحملها

    الإيذاء المفضي إلى إجهاض حامل مع العلم بحملها

    نصت المادة 544 على هذه الصورة بقولها

    “يعاقب بالعقوبة نفسها من تسبب بإحدى الطرائق المذكورة في المادة 540 بإجهاض حامل، وهو على علم بحملها“.

    بتحليل هذا النص يمكننا استخلاص النتائج التالية:

    1- لقد ساوى المشرع في هذا النص بين عقوبة الإيذاء المفضي إلى إحداث عاهة دائمة وعقوبة الإيذاء المفضي إلى إجهاض حامل مع العلم بحملها، وهذه العقوبة هي الأشغال الشاقة من ثلاث سنوات إلى عشر سنوات.

    2- يفترض هذا النص وقوع اعتداء بصورة ضرب أو جرح أو إيذاء على امرأة حبلى.

    3- إن النتيجة الجرمية المترتبة على الاعتداء لم تتوقف عند المساس بالسلامة الجسدية للمرأة، بل تجاوزت ذلك إلى الجنين الذي تحمله، فأدى الاعتداء إلى إجهاض المرأة، أي إلى إسقاط الجنين قبل الأوان.

    وسيان أن يسقط الجنين حيا أو ميتا، فالجريمة قائمة ما دام الإسقاط قد حصل قبل أوان الولادة. وتختلف هذه الحالة عن حالة قتل الوليد، التي تفترض أن الطفل قد ولد ولادة طبيعية ثم أزهقت روحه أثناء عملية الولادة أو بعدها مباشرة.

    4- لا بد لقيام الركن المعنوي في هذه الجريمة أن تتجه نية الفاعل إلى المساس بالسلامة الجسدية للمرأة، وهو القصد المطلوب توفره في كافة جرائم الإيذاء.

    إلا أنه لا يكفي لوحده لتحقق هذه الجريمة، بل يشترط أن يتوفر لدى الفاعل العلم المسبق بحمل المرأة، ومع ذلك يقدم الفاعل على ضربها أو إيذائها ولكن دون أن يقصد إجهاضها.

    وهذا هو العنصر الأساسي في هذه الجريمة.

    فإذا أقدم الفاعل على ضرب المرأة و هو يجهل حملها فلا يطبق عليه نص المادة 544، ولو تم إسقاط الجنين نتيجة الضرب.

    وتقتصر مسئوليته على النتائج الأخرى غير الإجهاض ، ويطبق عيه أحكام جرائم الإيذاء الأخرى بحسب جسامة النتيجة المترتبة على فعله.

    أما إذا أقدم الفاعل على ضرب المرأة قاصدا إسقاط حملها، فيسأل الفاعل هنا على جرم الإجهاض، المعاقب عليه في المواد 527 إلى 532 من قانون العقوبات.

    5- وتجدر الإشارة أخيرة إلى أن كافة جرائم الإيذاء السابقة، سواء الجنحية منها أم الجنائية يشدد عقابها وفق نص المادة 545 “إذا اقترف الفعل بإحدى الحالات المبينة في المادتين 534 و 535” أي الحالات المؤدية إلى تشديد عقوبة القتل.

    وهذا التشديد يؤدي إلى زيادة العقوبة من الثلث إلى النصف ومضاعفة الغرامة.

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1