الوسم: محامي سوريا

  • الأحكام العامة لجرائم المعلوماتية والانترنت

    تضمن الفصل الخامس من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية الأحكام العامة المتعلقة بهذا القانون، كالظروف المشددة التي تشمل جميع نصوصه التجريمية، والشروع، والعلنية، والمصادرة وغيرها من القواعد العامة المتعلقة بالجرائم التقليدية والنواحي الإجرائية.

    واستناول في هذا الجزء القواعد المتعلقة بظروف التشديد والشروع والعلنية والمصادرة على التتالي:

     أولا: ظروف التشديد:

    نصت المادة 30 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية على ما يلي:

    ( تشدد العقوبات، وفق القواعد العامة للتشديد المنصوص عليها في قانون العقوبات النافذ، في الحالات التالية:

    1- إذا كان موضوع الجريمة يمس الدولة أو السلامة العامة.

    2) إذا جرى ارتكاب الجريمة بواسطة عصابة منظمة.

    3) إذا وقعت الجريمة على قاصر أو من في حكمه.

    4) إذا استغل مرتكب الجريمة عمله الوظيفي لارتكاب الجريمة.)

     وعليه فقد حدد المشرع أربعة ظروف تؤدي إلى تشديد العقوبة وفق المادة 247 من قانون العقوبات وهذه الظروف هي:

    أ- إذا كان موضوع الجريمة يمس الدولة أو السلامة العامة:

    ويتحقق ظرف التشديد هذا عندما يكون محل الجريمة يمس الأجهزة الحكومية كالوزارات والإدارات والشركات والمؤسسات والجهات الأخرى التابعة للقطاع العام والمشترك،

    ويستوي هنا أن يكون محل الجريمة المعلومات أو الأموال العائدة للدولة، وتشمل المعلومات مختلف أنواعها سواء أكانت معلومات تمس أمن الدولة أو لا، كالمعلومات المتعلقة بشؤون الموظفين أو المعلومات المتعلقة بموارد الدولة وغير ذلك من المعلومات.

    كما لو قام الجاني بالدخول بطريقة غير مشروعة إلى المعلومات المخزنة في حواسيب إحدى الوزارات سواء تم الدخول بطريقة مباشرة أم غير مباشرة، وقام بنسخ هذه المعلومات أو إتلافها أو تغييرها.

    كما يتحقق ظرف التشديد إذا كان محل الجريمة أموال عائدة للدولة سواء أكانت هذه الأموال منقولة أم غير منقولة، أم كانت عائدة برمتها إلى القطاع العام أو المشترك، كما لو قام الجاني باختراق موقع إلكتروني عائد لأحد مصارف الدولة وقام بتحويل الأموال لحسابه بطريقة غير مشروعة.

    و يتحقق ظروف التشديد أيضاً إذا كان محل الجريمة يمس السلامة العامة والحقيقة أن مفهوم السلامة العامة من الأتساع بمكان بحيث يصعب تحديده تحديدا دقيقة، فالمشرع لم يقم بتحديد معنى هذه العبارة، ولم تقم التعليمات التنفيذية لهذا القانون بذلك أيضا.

    ويمكن أن نحدد مفهوم السلامة العامة هنا في الحالات التي ينتج عن الجريمة ضرر بالصحة العامة أو بفئة معينة من الناس، كما لو قام الجاني باختراق حواسيب معمل للأدوية عن طريق الإنترنت، ثم قام بالتلاعب بكميات المواد الدوائية الداخلة في تصنيع الأدوية، الأمر الذي أدى إلى حدوث أضرار صحية عند مستخدمي هذه الأدوية.

     ففي هذه الحالة نكون أمام جريمة إيذاء مقصود مع ظرفين للتشديد، الأول هو ظرف التشديد المنصوص عليه بالفقرة ب من المادة 28 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية والذي يضاعف الحد الأدنى لعقوبة الجريمة المنصوص عليها في القوانين الجزائية إذا ارتكبت باستخدام الشبكة الإنترنت، أما ظرف التشديد الثاني فهو المنصوص عليه في المادة 30 لأن الجريمة أدت إلى الأضرار بالسلامة العامة.

    ب- ارتكاب الجريمة بواسطة عصابة منظمة:

    عرف المشرع في المادة الأولى من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية العصابة المنظمة بأنها:

     (جماعة أشخاص أو فعاليات، عادة ما تكون ذات تنظيم مركزي، تهدف إلى ممارسة الأنشطة الإجرامية، سواء على الصعيد الوطني أو الإقليمي أو الدولي).

    والواقع أن المشرع لم يحدد في هذا التعريف الحد الأدنى المطلوب قانون الأفراد هذه العصابة، وفي تقديرنا أن الحد الأدنى لأفراد العصابة المنظمة يجب أن يكون ثلاثة أشخاص فأكثر، وذلك تماشياً مع سياسة المشرع السوري في المادة 326 عقوبات المتعلقة بجمعيات الأشرار، وتعريف الجماعة الإجرامية في قانون مكافحة الاتجار بالأشخاص رقم 3 لعام 2010، حيث اشترط المشرع في كلا الحالتين أن تتكون الجماعة من ثلاثة أشخاص فأكثر.

    وبناء على ذلك فيتحقق ظرف التشديد المذكور، إذا تم تكوين جماعة من ثلاثة أشخاص فأكثر، ذات تنظيم مركزي، بهدف ارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية، ويقصد بالتنظيم المركزي أن يكون هناك توزيع لدور كل فرد من أفراد الجماعة في ارتكاب الجرائم، سواء أكانت هذه الجماعة تعمل على الصعيد الوطني أو الإقليمي أو الدولي.

    ج- إذا وقعت الجريمة على قاصر أو من في حكمه:

    ويقصد بالقاصر كل ذكر أو أنثى لم يتم الثامنة عشر من عمره، أما من هو في حكم القاصر فهم فاقدو وناقصو الأهلية كالمجنون والمعتوه والسفيه وذو الغفلة، وعلة التشديد في هذه الحالات هو حاجة هؤلاء للحماية القانونية أكثر من غيرهم بسبب ضعفهم وعدم قدرتهم على حماية أنفسهم، ومثال ذلك الأفلام والصور الخلاعية الموجهة للقاصرين على الانترنت.

    د- إذا استغل مرتكب الجريمة عمله الوظيفي لارتكاب الجريمة:

    ويتحقق ظرف التشديد هنا عندما يقوم العامل في إحدى الجهات العامة أو الخاصة بارتكاب إحدى جرائم المعلوماتية مستغلا وضعه الوظيفي، أي عندما تسهل الوظيفة ارتكاب الجريمة، كما لو قام أحد العاملين بالدخول إلى الأجهزة الحاسوبية لشركة ما ونسخ المعلومات دون أن يكون مصرح له بذلك.

     ثانيا: الشروع:

    نصت المادة 31 من قانون الجريمة المعلوماتية على ما يلي:

    ( يعاقب على الشروع في الجنح المنصوص عليها في هذا القانون، وفق الأحكام الواردة في قانون العقوبات النافذ.)

    والشروع وفقا للقواعد العامة- هو كل محاولة لارتكاب جناية أو جنحة (معاقب على الشروع فيها) بدأت بأفعال ترمي مباشرة إلى اقترافها، تعتبر کالجريمة نفسها إذا لم يحل دون إتمامها سوى ظروف خارجة عن إرادة الفاعل .

    فالشروع هو جريمة بدأت فيها الأفعال التنفيذية إلا أن النتيجة الجرمية لم تتحقق لظروف خارجة عن إرادة الفاعل.

     والمعيار الذي أخذ به المشرع السوري للتمييز بين الأفعال التحضيرية والأفعال التنفيذية، هو المعيار الشخصي الذي ينظر إلى مقدار الخطورة التي وصل إليها الجاني من خلال أفعاله، وهو المعيار الذي يحقق للمجتمع حماية أكبر.

    أما المعيار المادي فهو ضيق؛ لأنه لا يعاقب الفاعل على أفعاله إلا إذا كانت داخلة ضمن الركن المادي للجريمة أو لظرف مشدد لها .

    والأصل أنه إذا وقف نشاط الفاعل عند العمل التحضيري فلا عقاب عليه، إلا إذا كانت الأفعال التي قام بها تشكل جرائم بحد ذاتها.

    والشروع نوعان: شروع تام، وفيه يقوم الجاني بجميع الأفعال التنفيذية إلا أن النتيجة الجرمية لا تتحقق لظروف خارجة عن إرادته.

     ويطلق على هذا الشروع أيضا اسم الجريمة الخائبة.

     أما النوع الثاني فهو الشروع الناقص، وفيه لا يكتمل النشاط الجرمي، وتتوقف الجريمة في مراحلها الأولى لظروف خارجة عن إرادة الفاعل. ويطلق على هذا الشروع اسم الجريمة الموقوفة.

    والشروع بنوعيه يمكن تصوره في جرائم المعلوماتية، فمن يقوم باختراق نظام معلوماتي الأحد المصارف عن طريق الإنترنت، ويقوم بإدخال البيانات اللازمة لإجراء التحويلات المالية غير المشروعة، ثم لا تتحقق النتيجة الجرمية المتمثلة بتحويل النقود، نتيجة وجود خطأ في إدخال بعض البيانات، فإن نشاط الفاعل يشكل هنا شروعة تامة في الاحتيال.

    وقد يقف نشاط الفاعل عند حد الشروع الناقص، كما لو تم إلقاء القبض على أحد الهكرة أثناء وجوده في أحد مقاهي الإنترنت، وهو يقوم باختراق إحدى شبكات المصارف، بغية إجراء تحويلات غير مشروعة.

     ثالثا: العلنية على الشبكات المعلوماتية:

    نصت المادة 32 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية على ما يلي:

     ( تعد الشبكة من وسائل العلنية المنصوص عليها في قانون العقوبات والقوانين الجزائية

    النافذة.)

    وقد حدد المشرع وسائل العلنية في قانون العقوبات بالمادة 208 التي نصت على ما يلي:

     ( تعد وسائل للعلنية:

    1. الأعمال والحركات إذا حصلت في محل عام أو مكان مباح للجمهور أو معرض للأنظار أو شاهدها بسبب خطأ الفاعل من لا دخل له بالفعل.
    2. الكلام أو الصراخ سواء جهر بهما أو نقط بالوسائل الآلية بحيث يسمعهما في كلا الحالين من لا دخل له بالفعل.
    3. الكتابة والرسوم والصور اليدوية والشمسية والأفلام والشارات والتصاوير على اختلافها إذا عرضت في محل عام أو مكان مباح للجمهور أو معرض للأنظار أو بيعت أو عرضت للبيع أو وزعت على شخص أو أكثر.)

    وبناء على ذلك فقد جعل المشرع من الشبكة الانترنت والشبكات الداخلية وشبكات الهاتف النقال وغيرها من الشبكات، وسيلة من وسائل العلنية، بمعنى أنها أصبحت تنزل منزلة المحل العام أو المكان المباح للجمهور، فالعلنية تتحقق في المعلومات التي توضع في متناول عامة الجمهور أو فئة منه على موقع إلكتروني، والتي يمكن لأي فرد الوصول إليها.

    ولا يدخل في مفهوم العلنية المراسلات ذات الطابع الشخصي التي تتم عبر البريد الإلكتروني، أو في المحادثات الشخصية على الشبكة.

    والحقيقة أن هناك طائفة من الجرائم التقليدية التي اشترط المشرع فيها أن ترتكب بوسيلة علنية، كجريمتي الذم والقدح العلني المنصوص عليهما بالمادتين 568 و 570 عقوبات، وجريمتي الذم والقدح العلني الموجه إلى موظف المنصوص عليهما بالمادتين 376 و 378 عقوبات، وجريمة تحقير علم الدولة بشكل علني المنصوص عليها بالمادة 374 عقوبات، وغير ذلك من الجرائم. فشرط العلنية المطلوب يتحقق في جميع هذه الجرائم إذا ارتكبت على الشبكة.

    رابعا: المصادرة:

     نصت المادة 34 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية على ما يلي:

    ( أ- مع عدم الإخلال بحقوق الغير الحسني النية، تحكم المحكمة بمصادرة الأجهزة والبرمجيات الحاسوبية، أو أي وسائل أخرى مستخدمة في ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون. .

    ب- و يجوز أيضا الحكم بوقف أو إغلاق الموقع الإلكتروني المستخدم في ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، أو أي منظومة مشابهة، إذا كانت الجريمة قد ارتكبت بعلم صاحب هذا الموقع أو المنظومة.)

    و المصادرة هنا هي مصادرة عينية و هي عقوبة مالية إضافية، تنزع بموجبها ملكية شيء للمحكوم عليه جبرة، ومن غير مقابل ليصبح ملكا للدولة.

     وقد جعل المشرع من مصادرة الأجهزة والبرمجيات الحاسوبية، أو الوسائل الأخرى المستخدمة في ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية عقوبة إضافية وجوبية، أي يجب على المحكمة أن تحكم بها في حكمها النهائي.

    أما الحكم بوقف أو إغلاق الموقع الإلكتروني المستخدم في ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية، أو أي منظومة مشابهة، إذا كانت الجريمة قد ارتكبت بعلم صاحب هذا الموقع أو المنظومة. فهو أمر جوازي يعود تقديره إلى المحكمة، وهو من قبيل تدابير الاحتراز العينية التي تهدف علاج المجرم، ومنعه من العودة إلى ارتكاب الجريمة، وحماية المجتمع من خطره.

  •  جريمة انتهاك الحياة الخاصة بالنشر على شبكة الانترنت

    نصت المادة 23 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية على ما يلي:

    ( يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر والغرامة من مئة ألف إلى خمسمائة ألف ليرة سورية، كل من نشر عن طريق الشبكة معلومات تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه، حتى ولو كانت تلك المعلومات صحيحة.)

    وسنتناول الركن المادي والركن المعنوي لهذه الجريمة فيما يلي:

     أ- الركن المادي:

    عرف المشرع السوري في المادة الأولى من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية الخصوصية بأنها:

     (حق الفرد في حماية أسراره الشخصية والملاصقة للشخصية والعائلية، ومراسلاته، وسمعته وحرمة منزله، وملكيته الخاصة، وفي عدم اختراقها أو كشفها دون موافقته).

    فالخصوصية ترتبط بالشخصية الإنسانية، وهي عبارة عن مجموعة من الوقائع والعلاقات التي تساهم في تحديد هذه الشخصية، وتضم كافة العلاقات ذات الطابع الشخصي للإنسان، مثل الحياة العاطفية، والحالة الصحية، والحالة المدنية، ومحل الإقامة، والاتجاه السياسي… إلخ.

     فمثل هذه المعلومات يجب عدم التعرض لها أو المساس بها من قبل الغير، ما لم يكن هناك قبول صريح أو ضمني من صاحبها. فالخصوصية ذات قيمة إنسانية، وهي بذلك لا تشمل الأسرار الشخصية فقط، وإنما تمتد إلى الأمور الخاصة التي قد لا تكون سرية، ومع ذلك يحظر على الغير التدخل فيها .

    أما النشاط الجرمي لهذه الجريمة فيتمثل بفعل النشر على الشبكة المعلومات التي تتعلق بالخصوصية، ويشترط أن يكون النشر دون رضاء صاحب هذه المعلومات،

    ولا عبرة لكون هذه المعلومات صحيحة أم لا، وعلى ذلك فمن ينشر على موقع إلكتروني العلاقة العاطفية لشخص ما دون رضائه يسأل عن جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة.

    وقد يكون الفاعل قد حصل على هذه المعلومات من صاحبها برضاه إلا أنه لم يخوله نشرها، وغني عن البيان أنه في حالة نشر معلومات غير صحيحة تتعلق بخصوصية شخص ما فإن ذلك قد يشكل جريمة الذم عبر الشبكة.

    ب- الركن المعنوي:

    جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة جريمة مقصودة تتطلب القصد الجرمي العام بعنصرية العلم والإرادة، فيجب أن يعلم الجاني بطبيعة المعلومات المتعلقة بالخصوصية، وأن صاحب هذه المعلومات لم يأذن له أو يخوله بنشرها، كما يجب أن تتجه إرادته إلى هذا النشر عبر الشبكة رغم عدم رضاء صاحب هذه المعلومات.

    ج- العقوبة:

    عاقب المشرع على جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة بعقوبة جنحوية الوصف وهي الحبس من شهر إلى ستة أشهر والغرامة من مئة ألف إلى خمسمائة ألف ليرة سورية.

  • جريمة اعتراض المعلومات الالكترونية

    نصت المادة 18 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية على ما يلي:

    ( أ- يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين والغرامة من مئة ألف إلى خمسمئة ألف ليرة سورية، كل من اعترض أو التقط قصداً، بوجه غير مشروع، المعلومات المتداولة على منظومة معلوماتية أو الشبكة، أو تنصت عليها.

    ب- يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر والغرامة من مئة ألف إلى خمسمئة ألف ليرة سورية، كل من استخدم الخداع للحصول على معلومات شخصية أو سرية من المستخدمين على منظومة معلوماتية أو الشبكة، يمكن استغلالها لأغراض إجرامية).

    و سنتناول الركن المادي والركن المعنوي لجريمة اعتراض المعلومات ثم سنسلط الضوء على استخدام أسلوب الخداع للحصول على المعلومات.

    أ- الركن المادي:

    يتمثل النشاط الجرمي في هذه الجريمة بفعل الاعتراض على المعلومات بصورة غير مشروعة، ويقصد بالاعتراض أي عمل يهدف للوصول إلى المعلومات المتداولة على منظومة معلوماتية أو على الشبكة، بوسائل معلوماتية، وذلك أثناء تبادلها، سواء تم استخدام هذه المعلومات لاحقا أم لا.

     ولا يختلف مفهوم الالتقاط أو التنصت الوارد في متن المادة 18 عن مفهوم الاعتراض المتقدم مادام يؤدي إلى ذات النتيجة الجرمية أي الوصول إلى المعلومات المتداولة دون وجه حق، فلا تقوم هذه الجريمة إذا كان اعتراض المعلومات مشروعة كقيام رجل الضابطة العدلية باعتراض المعلومات العائدة للمشتبه به بناء على إذن من السلطة القضائية.

    ويمكن تشبيه اعتراض المعلومات المتداولة على منظومة معلوماتية أو الشبكة بالتنصت على مكالمة هاتفية، فالهدف من الاعتراض هو معرفة محتوى الاتصال بين طرفين أو عدة أطراف، أي أن الشرط الأساسي لقيام جريمة اعتراض المعلومات هو أن تكون المعلومات متداولة وليست مخزنة، أي التنصت على المعلومات أثناء عملية إرسالها أو استقبالها.

    ويتفق اعتراض المعلومات مع الدخول غير المشروع إلى منظومة معلوماتية، في أن كلا منهما يؤدي إلى نتيجة واحدة وهي الوصول إلى معلومات غير مصرح للفاعل بالوصول إليها، فالفاعل في الحالتين أراد أن يصل إلى هذه المعلومات.

    ولم يشترط المشرع وسيلة معينة لاعتراض المعلومات، فعالم تقنية المعلومات مليء بالبرامج التي تسمح بالتقاط أو اعتراض المعلومات، وهناك وسيلة تستخدم في هذا المجال تعرف بالتقاط الموجات الكهربائية وهي جمع للمعلومات عن بعد، فمن الممكن جمع معلومات يتم إرسالها من أحد الحواسيب داخل مبني، وذلك باستعمال شاشة عرض يتم توصيلها بجهاز تسجيل خارج المبنى، حيث يتم التقاط الموجات الكهربائية التي تحيط بالحاسوب ثم يتم تحويلها إلى معلومات مقروءة على الشاشة .

    و يختلف اعتراض المعلومات عن الدخول غير المصرح به إلى منظومة معلوماتية، فإن هذه الجريمة الأخيرة يمكن أن تتم مباشرة أي عن طريق تشغيل الحاسب والوصول إلى المعلومات المخزنة دون وجه حق، ويمكن أن تتم بطريقة غير مباشرة أي عن بعد.

     أما اعتراض المعلومات فإن عملية تشغيل الحاسب تكون قد بدأت بالفعل بواسطة المجني عليه، ثم يأتي دور الجاني باعتراض أو التقاط أو التنصت على المعلومات المتبادلة.

    ولقد أدى هذا الاختلاف بين الدخول غير المشروع إلى منظومة معلوماتية واعتراض المعلومات إلى الاتجاه نحو إفراد نص خاص يجرم اعتراض المعلومات،

    وقد أوصى المجلس الأوربي بضرورة إفراد نص خاص يجرم اعتراض المعلومات،

    وقد سارت عدة تشريعات على هذا النهج ومنها القانون البرتغالي حيث نص على جريمة اعتراض المعلومات في المادة الثامنة من القانون رقم 109 لعام 1991 الخاص بجرائم المعلوماتية .

    ب- الركن المعنوي:

    جريمة اعتراض المعلومات جريمة مقصودة، تتطلب القصد الجرمي العام بعنصرية العلم والإرادة، فيجب أن يعلم الفاعل أن ليس له الحق في اعتراض أو التقاط المعلومات أو التنصت عليها، ثم يجب أن تتجه إلى إرادته إلى اعتراض هذه المعلومات،

    ومتى توفر القصد الجرمي، فلا عبرة بعد ذلك للباعث أو الغاية من وراء التنصت على هذه المعلومات، فكون الدوافع نبيلة لا تؤثر على قيام القصد الجرمي،

    أما اعتراض المعلومات عن طريق الخطأ فلا تقوم به هذه الجريمة إلا إذا توفر القصد الجرمي بعد أن وجد الشخص نفسه يلتقط المعلومات المتبادلة ثم تولدت عنده عناصر القصد الجرمي أثناء التقاطه لهذه المعلومات دون وجه حق.

    ج- الحصول على معلومات بأسلوب الخداع:

    عاقب المشرع في فقرة ب من المادة 18 على استخدام الخداع للحصول على معلومات شخصية أو سرية من المستخدمين على منظومة معلوماتية أو الشبكة، يمكن استغلالها لأغراض إجرامية.

    ويقصد بالخداع هذا الكذب الذي يتخذه الجاني حيال المجني عليه، لخلق اضطراب في عقيدته وتفكيره بجعله يعتقد غير الحقيقة وحمله على تسليم الجاني معلوماته الشخصية أو السرية.

    وغالبا ما يتخذ أسلوب الخداع إحدى صورتين:

    الصورة الأولى:

     إما إنشاء مواقع وهمية مشابهة للمواقع الأصلية العاملة على الإنترنت، حيث يظهر الموقع الوهمي بمظهر الموقع الحقيقي، وبالتالي يقوم المتعاملين مع هذا الموقع بالدخول إليه ووضع بياناتهم الشخصية أو السرية كالبيانات المتعلقة بحالتهم الصحية أو الاجتماعية أو المهنية أو التجارية وغيرها، وهنا يقوم الجاني بالحصول على هذه المعلومات.

    الصورة الثانية:

     وهي خداع المجني عليه عن طريق البريد الإلكتروني، كقيام الجاني بإرسال رسالة إلكترونية إلى المجني عليه يعلمه بها بأن مصدر هذه الرسالة إحدى الجمعيات الاجتماعية التي تقدم الدعم المادي للعائلات، ويطلب من المجني عليه معلومات شخصية عنه، كالسن، وعدد أفراد الأسرة، والحالة الصحية والاجتماعية، والدخل الشهري، والمصارف التي يتعامل معها، وغير ذلك من المعلومات التي يمكن أن يستخدمها الجاني بارتكاب جريمة أخرى.

    والحقيقة أن أسلوب الخداع المتبع للحصول على معلومات شخصية أو سرية غالباً ما يرتبط بجريمة الاستعمال غير المشروع لبطاقات الدفع، أي الحصول دون وجه حق على البيانات الخاصة ببطاقة الدفع الإلكتروني العائدة للمجني عليه، ثم قيام الجاني باستخدام هذه البيانات للاستيلاء على أموال المجني عليه.

     وتجب الإشارة هنا إلى أن المشرع السوري في قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية أفرد نصة خاصة في المادة 22 يعاقب على الحصول دون وجه حق على بيانات بطاقات الدفع الإلكترونية، وفي هذه الحالة يطبق هذا النص الأخير لأنه هو النص الخاص حسب القواعد العامة .

    ومن الأمثلة الشهيرة على الخداع عن طريق البريد الإلكتروني، رسالة تصل من شركة تطلق على نفسها اسم A. A. S Lottery Watergate inc، ومركزها “جوهانسبورغ”، وهي رسالة محترمة جداً، تظهر وكأنها صادرة فعلاً عن شركة تجارية، حيث تعلمك بأنك ربحت 2.5 مليون دولار، وتطلب منك تأكيد نيتك باستلام المبلغ، كما تطلب منك المعلومات التالية:

    1- الاسم الثلاثي.

    2- عنوان المسكن.

    3- رقم الهاتف.

    4- رقم الفاكس.

    5- صورة عن الهوية.

    وعندما ترسل هذه المعلومات، يرسلون إليك فاتورة باسمك تطالبك بمبلغ معين لقاء خدمات بريدية، وإذا أعطاهم الشخص المعني رقم حسابه أو رقم بطاقة الائتمان، فسوف يجد مفاجأة كبيرة في كشف المصرف آخر الشهر.

     والأكثر إثارة في هذا النوع من الرسائل هو مدى جديته، فقد طلبت إدارة هذه الشركة الوهمية من أحد الأشخاص ألا يرسل أي أوراق عبر البريد، وإنما يمكنه أن يحضرها بنفسه عند زيارته إلى مكاتب الشركة المنتشرة في 11 دولة بين آسيا وأوروبا والولايات المتحدة .

    د- العقوبات:

    عاقب المشرع بالفقرة أمن المادة 18 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية على اعتراض المعلومات دون وجه حق بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين والغرامة من مئة ألف إلى خمسامئة ألف ليرة سورية،

    أما إذا تم الحصول على المعلومات عن طريق الخداع فتكون العقوبة أخف وهي الحبس من شهر إلى ستة أشهر والغرامة من مئة ألف إلى خمسمائة ألف ليرة سورية،

    ولعل سبب تشديد عقوبة اعتراض المعلومات أكثر من عقوبة الخداع بقصد الحصول على المعلومات، هو أن الجاني في جريمة اعتراض المعلومات يعبر عن خطورة إجرامية أكبر من استعماله الخداع، إذ أن اعتراض المعلومات يتطلب من الجاني قدرات تقنية أكبر من أجل التنصت على المعلومات أثناء تداولها، وهذا ما لا يحتاجه أسلوب الخداع الذي يكفي فيه في بعض الأحيان إرسال رسالة إلكترونية خادعة.

  • جرم السرقة بشن غارة على أموال لا تخصه

    ورد النص على هذا الظرف المشدد في الفقرة الثانية من المادة 627، التي عاقبت بالأشغال الشاقة المؤقتة من ثلاث إلى خمس عشرة سنة:

    «2- كل من اشترك مع آخرين في شن غارة على أموال لا تخصه فنهبها أو أتلفها .»

    وقد وضع المشرع هذا التشديد لقمع الغارات المتعارف عليها منذ زمن بعيد في بعض المناطق السورية وبشكل خاص عند البدو، حيث تتمثل هذه الحالة بهجوم مسلح يقوم به مجموعة أشخاص على ممتلكات جماعة أو فرد، ليلا أو نهارا، فينهبون أي يسرقون علناً تلك الممتلكات.

    والملاحظ في هذا النص أنه لا يشترط للتشديد سوى ظرف التعدد مع حمل السلاح، فعبارة كل من اشترك مع آخرين، تفيد لزوم التعدد، أما عبارة شن الغارة فتعني الهجوم المسلح.

    وبالتالي كان الأولى بالمشرع عدم إيراد هذا الظرف الخاص والاكتفاء بالظروف المشددة الأخرى، لاسيما تعدد الفاعلين والعنف، فلقد لجأ المشرع بإيراد هذا النص إلى استخدام مصطلحات غير حقوقية كعبارة «الغارة» ومزج بين مفهوم السرقة ومفهوم الإتلاف بالرغم من اعتباره للإتلاف جرم مستقلا معاقب عليه في المواد 716 – 720 من ق. م .

  • جرم سرقة السيارات في القانون السوري – المادة 625 عقوبات

    نص المشرع على سرقة السيارات في المادة 625، المحدثة بموجب القانون رقم 18 تاریخ

    1975/11/29 ، كما يلي:

    “1- يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن خمس سنوات وبغرامة من (2000 إلى 5000) ليرة سورية كل من أقدم بأي طريقة ومن أي مكان على سرقة أي سيارة من السيارات المعرفة في الفقرة الثالثة من المادة الأولى من قانون السير رقم 19 تاریخ 1974/3/30.

    2- أ- يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة من 1500 إلى 3000 ليرة سورية كل من أخذ أو استعمل دون حق وسائل النقل المبينة في البند الأول من هذه المادة إذا لم يكن قاصدا سرقتها.

    ب- تخفض العقوبة المنصوص عليها في الفقرة (أ) من البند (2) من هذه المادة إلى الحبس مع الشغل سنة واحدة على الأقل والغرامة من 500 إلى 5000 ليرة سورية إذا أعاد الفاعل ما أخذه أو استعمله إلى صاحبه أو مكان أخذه خلال ثلاثة أيام على الأكثر من تاريخ الفعل دون إحداث تلف فيه…”.

    وتبدو علة تدخل المشرع بإحداث هذا النص المشدد من خلال رغبته في التصدي بشدة لهذا النوع من الجرائم الذي يتميز بسهولة الاستيلاء على السيارة، وسهولة الهرب من مكان الجريمة بذات المحل المسروق، والإمكانية تجزئة السيارة وتفكيكها وبيعها قطعاً لإخفاء الجريمة.

    وقد أحال نص الفقرة الأولى من هذه المادة في تعريف السيارة إلى قانون السير رقم 19 لعام 1974.

    إلا أن صدور قانون السير والمركبات رقم 31 لعام 2004، المعدل بالمرسوم التشريعي رقم 11 لعام 2008، يقتضي منا تبني تعريف السيارة الوارد به بالرغم من التطابق شبه التام بين التعريفين.

     وقد عرفت المادة الأولى من المرسوم التشريعي رقم 11 في فقرتها الثالثة السيارة بأنها:

    “مركبة مزودة بمحرك ألي تسير بوساطته معدة لنقل الأشخاص أو الأشياء أو كليهما، أو مزودة بالات ذات استعمال خاص.

    وبذلك يخرج من مفهوم السيارة العربات التي يجرها الدواب والدراجات النارية والعربات ذات العجلات الثلاث.

    والملاحظ من نص المادة 625 مكرر أن المشرع عاقب في كل فقرة من فقراتها على نوع من الجرائم تطال السيارات، النوع الأول وهو جرم سرقة السيارة، والنوع الثاني وهو جرم استعمال سيارة الغير دون قصد سرقتها.

    وقد قضت محكمة النقض السورية في معرض التمييز بين الجرمين بأن

    “مناط التفريق بينهما هو أن جريمة سرقة السيارة تتعلق بالاعتداء على ملكية السيارة، لأن السرقة هي الأساس في التجريم، وهي كما عرفتها المادة 621  عقوبات أخذ مال الغير دون رضاه وبنية امتلاكه، وأما الحيازة فإنها تأتي عرضاً وهي غير مقصودة لذاتها، وإنما من أجل استطاعة الاعتداء على الملكية… في حين أن جريمة استعمال سيارة الغير تتعلق بالاعتداء على الحيازة فقط وتأتي بصورة فعل تستخدم به السيارة في أداء خدمة أو انتفاع بها دون أن يؤدي ذلك إلى نية التملك. فأخذ السيارة دون رضا صاحبها يقتضي النظر فيه إلى نية الفاعل عند أخذها لتقدير ما إذا كان ينوي التصرف بها كمالك أو كمستعير فقط، ويأتي في ضوء ذلك تقرير التكييف القانوني للجريمة .

    وتطبيقاً لذلك إذا كان الاستيلاء على السيارة يستهدف تفكيكها والاستفادة من قيمة أجزائها، أو تغيير معالمها ولوحتها ليصار إلى بيعها كما هي، فالفعل يعتبر سرقة، لأن التصرف بهذه الصور يتضمن نية الفاعل التصرف بالمال المسروق تصرف المالك، ويعاقب الفاعل بموجب الفقرة الأولى من المادة 625 مكرر بالأشغال الشاقة من خمس إلى خمس عشرة سنة وبالغرامة من 2000 إلى 5000 ليرة سورية.

    أما إذا كان الاستيلاء على السيارة يستهدف استعمالها فقط، سواء لقضاء حاجة بها أو للقيام بنزهة، أو استخدامها لارتكاب جريمة بواسطتها، كما لو استخدمها لنقل شحنة أسلحة أو مواد مهربة، ولم يكن استيلاءه عليها يتضمن نية التصرف بها تصرف المالك، بل اتجهت النية إلى مجرد استعمال السيارة لغرض ما ومن ثم إعادتها إلى المكان الذي أخذت منه أو تركها في مكان آخر، فالفعل لا يعتبر سرقة، بل جريمة استعمال أشياء الغير بدون وجه حق، وهي من الجرائم الملحقة بالسرقة والمعاقب عليها في المادة 637 من قانون العقوبات بعقوبة جنحية الوصف، ونصها كل من استعمل بدون حق شيئا يخص غيره بصورة تلحق به ضرراً ولم يكن قاصدا اختلاس الشيء عوقب بالحبس حتى ستة أشهر وبالغرامة مائة ليرة أو بإحدى هاتين العقوبتين” .

     إلا أنه نظرا لخطورة الاستيلاء على السيارة وسهولتها فلقد أفرد لها المشرع نص الفقرة الثانية من المادة 625 مكرر وعاقب عليها بالأشغال الشاقة من ثلاث إلى خمس عشرة سنة وبالغرامة من 1500 إلى 3000 ليرة سورية.

     وتخفف هذه العقوبة إلى الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات والغرامة إذا أعاد الفاعل طوعاً السيارة سليمة إلى صاحبها أو إلى المكان الذي أخذها منه خلال ثلاثة أيام من تاريخ أخذها  .

    ويشترط لتوافر ظرف تشدید سرقة السيارة أن تقع السرقة على السيارة بكاملها لا على أجزائها الله، وتطبيقا لذلك لا يتوفر الظرف المشدد على سرقة إطارات السيارة أو على المسجلة أو على أي شيء بداخلها.

     فظرف التشديد يتناول سرقة السيارة ذاتها ولا يشمل ما تحمله من بضائع أو أشخاص أو أموال.

     كما يشترط أن تكون السيارة صالحة للاستخدام والسير بها.

     أما إذا كانت غير صالحة للاستعمال البتة فلا تشديد، لانتفاء الحكمة منه.

    وتجدر الشارة هنا إلى أن الحيازة المشروعة للسيارة واستعمالها بغير الوجه المصرح به ينفي عن الفاعل جرم السرقة وجرم استعمال السيارة دون حق.

     وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض السورية بأنه

    “لا يعد مرتكبا لإحدى الجريمتين المنصوص عنهما في المادة 625 مكرر من يحوز السيارة بصورة مشروعة، ولكنه استعملها على غير الوجه المصرح له به، أو بعد انقضاء المدة التي كان مصرح له بالاستعمال خلالها، أو في غير ذلك من الأحوال، ويعتبر الخلاف مدنيا بين الطرفين ” .

    ويطبق هذا الحكم على فرضية وجود السيارة في ورشة التصليح، وقيام صاحب الورشة باستخدامها في مواصلاته الخاصة أو لارتكاب جريمة من خلالها .

    فانتفاء جرم السرقة واضح لعدم قصد تملك السيارة.

     أما انتفاء جرم استعمال سيارة الغير دون حق فمرده إلى أن هذه الجريمة هي جريمة اعتداء على الحيازة لعدم توفر نية التملك بها، وهذا الاعتداء على الحيازة يتعين فيه أن يكون بغير حق.

    وعليه إذا تمت الحيازة في صورة مشروعة غير أن استعمالها جرى على غير الوجه المصرح به فلا جريمة، إذ لا يتصور اعتداء على الحيازة ممن له الحيازة.

  • السرقة بالنشل أو الصدم أو في وسائل النقل العامة

    حالات التشديد الواردة في المادة 629 من قانون العقوبات

    أشارت المادة 629 إلى حالتين تشدد كل منهما لوحدها العقاب تشديداً جنحياً، المتمثل بالحبس مع التشغيل من سنة إلى ثلاث سنوات إضافة للغرامة، وهي ذاتها الواقعة على حالات التشديد الواردة في المادة 628.

     وهاتان الحالتان هما:

    السرقة بالنشل أو الصدم، والسرقة في وسائل النقل العامة

    أولاً: السرقة بالنشل أو الصدم

     جاء ظرف تشديد السرقة بالنشل أو الصدم في الجزء الأول من المادة 629، و هو التشديد ذاته الذي يطال حالات المادة 628، والمتمثل بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبالغرامة.

     – والنشل هو صورة من صور السرقة تتمثل بسلب مال الناس في غفلة منهم وبخفة لا يدركها المجني عليهم.

     ولا عبرة بأداة النشل، فسيان أن يقع النشل باليد مجردة أو عن طريق استخدام أداة، کشفرة أو سكين أو ما شابه ذلك .

     فالنشل يفيد خفة اليد في تنفيذ السرقة أيا كانت الطريقة المستخدمة فيها.

    أما السرقة بالصدم فتتمثل بالاصطدام بالمجني عليه من قبل السارق أو من قبل شريكه، والاستيلاء على ماله عندما يكون ذهنه منشغلاً بمواجهة الاصطدام أو بالنهوض إذا وقع.

    ولا ريب أن الصلة وثيقة بين الصدم والنشل، إذا الصدم يعتبر مقدمة للنشل وتهيئة له.فالسارق يستغل حالة انشغال أو ذعر المجني عليه كي ينشله.

     بالتالي كان يمكن للمشرع الاستغناء عن عبارة الصدم، والاكتفاء بعبارة النشل، کون السرقة بالصدم هي سرقة بالنشل، وإن اتخذ هذا النشل من حيث مقدماته صورة خاصة .

    ثانياً- السرقة في وسائل النقل العامة.

    جاء تشديد السرقة في وسائل النقل العامة في الجزء الثاني من المادة 629 بقوله

     “أو السرقة في القطارات أو السفن أو الطائرات أو الحافلات الكهربائية أو غيرها من الناقلات العامة أو في محطات سكك الحديد أو المطارات أو الجمارك أو على الأرصفة .

    وحكمة تشديد السرقة هنا تتمثل بسهولة ارتكاب السرقة في وسائل النقل ومحطاتها نظراً لازدحامها بالناس ولانشغال المسافرين في الاهتمام بتفاصيل سفر هم وصعوبة مراقبتهم أمتعتهم، مما يقتضي التشدد في حمايتهم.

    ولا يثير تفسير وسائل النقل التي وردت بالنص صعوبة تذكر.

    فالقطار والسفينة والطائرة والحافلة الكهربائية ( الترام) لا تحتاج لتفسير معانيها.

     أضف إلى ذلك أن المشرع قد أورد هذه الوسائل على سبيل التمثيل لا الحصر عندما أردف قائلا “أو غيرها من النواقل العامة”.

    وعبارة وسائل النقل أو النواقل العامة لا تعني الوسائل التي تعود ملكيتها للدولة، بل هي تعني أية وسيلة نقل عامة للجمهور، سواء كانت ملكيتها خاصة أو عامة.

    لهذا فإن التشديد يطال السرقة الحاصلة في السيارات العامة (التاكسي)، بصرف النظر عن عائدية ملكيتها، سواء كان يملكها فرد أو شركة أو الدولة، ولا يطال التشديد بالتالي السرقة في السيارات الخاصة، إلا إذا استخدمت للنقل العام.

    وكل ما يشترط لتوافر هذا الظرف المشدد أن تقع السرقة في إحدى وسائل النقل، أي أن الظرف المشدد مرتبط بمكان معين هو وسيلة النقل و ويوجب وقوع السرقة فيه .

     وهذا الشرط يتطلب بالضرورة وقوع السرقة أثناء تشغيل تلك الوسيلة، سواء أثناء سيرها أو توقفها في المحطات لنزول الركاب مثلاً، كما يقتضي ضرورة وجود أشخاص فيها.

    نستخلص من ذلك أن ظرف التشديد لا يتوافر إذا وقعت السرقة على وسيلة النقل ذاتها، أو على بعض أجزائها كالإطارات والمصابيح ونحوها، كما لا يتوافر هذا الظرف إذا لم تكن الوسيلة مستخدمة فعلا، بأن كانت مهملة أو في ورشة لإصلاحها، أو خالية تماما من الركاب.

     أما عبارة “الأرصفة Quais” الواردة في ختام النص فلا تعني أرصفة الشوارع أو الطرقات، بل هي معطوفة على محطات القطارات والمطارات ومكاتب الجمارك القائمة في المحطات المذكورة .

     فالسرقة من أرصفة المحطات تستوي في التشديد مع السرقة من المحطات.

  • العلاقة السببية بين الخطأ والوفاة أو الإيذاء

    العلاقة السببية بين الخطأ والوفاة أو الإيذاء

    کي تترتب مسئولية شخص عن قتل أو إيذاء خطأ لا يكفي أن تحصل هذه النتيجة الضارة، وأن يرتكب هذا الشخص الخطأ.

    بل لا بد أن يكون الخطأ هو الذي سبب النتيجة. وبعبارة أخرى لا بد من توفر رابطة سبية بين خطأ الشخص وموت الضحية أو إيذاءه.

    ولقد سبق لنا إيضاح أسس السببية التي اعتمدها المشرع السوري في المادة 203 من قانون العقوبات بمناسبة الحديث عن جرم القتل المقصود، وما قيل هناك يصح هنا.

    وحسبنا أن نشير هنا أنه لا يكفي ثبوت الخطأ من الفاعل لترتب مسئوليته عن النتيجة مهما بلغت درجة جسامة هذا الخطأ، بل لابد من إثبات أن هذا الخطأ هو الذي نشأت عنه الوفاة أو الإيذاء.

    فلو أن شخصاً يقود سيارته بسرعة تتجاوز الحد المسموح، أو يقود وهو سكران، أو بدون رخصة قيادة، فكلها أفعال خاطئة، ثم جاء شخص وألقى بنفسه تحت عجلات السيارة ومات ، فتصرف السائق الخاطئ وحده لا يكفي لمساءلته عن وفاة الشخص ما دام لم يثبت أن هذه التصرفات الخاطئة هي التي تسببت بالحادث.

    وعليه لا توجد علاقة بين خطأ السائق وموت الضحية، أي تنتفي رابطة السببية بين الخطأ والنتيجة الضارة، وبانتفائها تنتفي مسئولية السائق عن القتل الخطأ، ويسأل فقط عن مخالفته لأنظمة المرور.

    وتطبيقا لقواعد السيبية في التشريع السوري، فإن هذه الرابطة تتوفر عندما يكون الموت أو الإيذاء قد نتج عن خطأ الفاعل ولو كان ثمة عوامل أخرى تضافرت مع الخطأ في إحداث النتيجة، مادام الموت أو الإيذاء لا يمكن تصور حدوثه لولا خطأ الفاعل.

    وهذا تطبيقاً لنظرية تعادل الأسباب التي أخذ بها المشرع السوري في الفقرة الأولى من المادة 203.

    فلو أن شخصاً ارتكب خطأ أدى لجرح شخص مصاب بمرض السكر، فساهم الجرح مع الخطأ في موت الضحية. أو قاد الفاعل سيارته مسرعا في شارع مزدحم فصدم شخصا قطع الطريق من غير المكان المخصص للمشاة، أو قاد سيارته ليلا وهو في حالة سكر قصدم سيارة أخرى تسير بدون أضواء.

    ففي هذه الفرضيات حتى ولو نتج الضرر عن السبب الأخر مباشرة، إلا أن ذلك لا يقطع الرابطة السببية بين خطأ الفاعل والنتيجة.

    بيد أنه تطبيقا للمادة 554 من قانون العقوبات إذا نشأ الموت أو الإيذاء نتيجة خطأ الفاعل ونتيجة أسباب أخرى تضافرت مع الخطأ، وكانت مستقلة عن خطأ الفاعل ومجهولة كليا منه، فيمكن تخفيض عقوبة الفاعل بالمقدار المبين بالمادة 199 من قانون العقوبات.

    ونلاحظ هنا أن حكم هذه المادة جاء بتخفيف للعقاب فقط، وأن هذه الأسباب الأخرى التي تضافرت مع الخطأ أبقت مسئولية الفاعل عن النتيجة، وبالتالي تبقى العلاقة السيبية متوفرة بين الخطأ والنتيجة في هذه الفرضية.

    ولو استرجعنا المثال السابق حول جرح الشخص المصاب بمرض السكر، فلو أن الفاعل كان يجهل مرض المجني عليه لأمكن تطبيق نص المادة 554 عليه وتخفيف عقوبته.

    إلا أن الأمر يختلف إذا تضافر مع خطأ الفاعل عامل آخر جاء لاحقا للسلوك الخاطئ و مستقلا عنه و غير مألوف في ظروف ارتكاب الفعل وكاف بحد ذاته لإحداث النتيجة.

    فهذا السبب يقطع الرابطة السبية بين الخطأ والنتيجة، ويسأل المخطئ فقط عن سلوكه الخاطئ .وهذا تطبيق لنظرية السيبية الملائمة التي أقرها المشرع في الفقرة الثانية من المادة 203. وتطبيقا لذلك لا تعتبر السببية قائمة في حال كان الشخص يركب فوق أكياس تحملها سيارة نقل وعند اقتراب السيارة من جسر وعلى وشك المرور من تحته وقف ذلك الشخص فاصطدم بحافة الجسر وتوفي.

    فرغم سلوك السائق الخاطئ فهو لا يعتبر مسئولاً عن الوفاة نتدخل عامل غير مألوف، وهو وقوف المجني عليه، الذي أدى إلى تحقق النتيجة، والذي قطع الرابطة السببية بين سلوك السائق الخاطئ ووفاة المجني عليه. ولا يشترط أن تكون الوفاة أو الإيذاء ناتجة مباشرة عن خطأ الفاعل. لذلك يسال عن قتل غير مقصود من تسبب بخطئه في جرح المجني عليه إذا مات هذا الأخير أثناء عملية جراحية كان من المفيد إجراؤها لتقليل العجز الناتج عن الجرم في وظيفة العضو المصاب ,

    كما لا يشترط أن يكون الشخص المسئول هو الذي أحدث القتل أو الإيذاء بنفسه، بل يكفي أن يكون هو المتسبب فيه بخطئه وإن حصل القتل بفعل غيره. ومثاله الأب الذي يترك سلاحه في المنزل دون أن يخفيه، أو الذي يعطي سلاحه لطفله ليلعب به ظانا أنه قد أفرغه من الذخيرة، فيؤدي ذلك إلى انطلاق رصاصة قاتلة من السلاح. فالأب يسأل عن القتل الخطأ وإن لم يكن لسلوكه صلة مادية بالوفاة.

     

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1