الوسم: دليل المحامين العرب في برلين

  • جنحة الايذاء المقصود اذا كان التعطيل عن العمل فوق 20 يوم

    الإيذاء المفضي إلى تعطيل عن العمل المدة تتجاوز العشرين يوماً

    نصت على هذه الصورة المشددة من صور الإيذاء المادة 542 كما يلي:

    “إذا جاوز التعطيل عن العمل العشرين يوما قضي بعقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات فضلا عن الغرامة السابق ذكرها”.

    بتحليل هذا النص يمكننا استخلاص النتائج التالية:

    1- عندما تتجاوز مدة التعطيل عن العمل العشرين يوما يطبق نص المادة 542 حتى ولو استمر التعطيل لمدة طالت أم قصرت، بشرط أن يكون مؤقتا، أي أن تكون الإصابة قابلة للشفاء.

    أما إذا تجاوز التعطيل العشرين يوما وكانت الإصابة غير قابلة للشفاء، فهذا يعني أن فعل الإيذاء قد أدى إلى إحداث عجز دائم .

    بالتالي لا يطبق نص المادة 542 في هذه الحالة، بل يصبح نص المادة 543 هو الواجب التطبيق.

    2- ليس لتنازل المجني عليه عن دعواه في هذه الجريمة أي أثر، لا على الدعوى ولا على العقوبة. بخلاف النصين السابقين.

    وإن جاز للقاضي اعتبار هذا التنازل مبررة لمنح المدعى عليه سبية مخففة تقديرية.

  • جنحة الايذاء المقصود اذا كان التعطيل عن العمل من 11 – 20 يوم

    الإيذاء المفضي إلى تعطيل عن العمل المدة تتراوح بين إحدى عشرة يوما وعشرين يوما.

    نصت على هذه الصورة المشددة من صور الإيذاء المادة 541 كما يلي:

    “1- إذا نجم عن الأذي الحاصل تعطیل شخص عن العمل مدة تزيد عن عشرة أيام عوقب المجرم بالحبس مدة لا تتجاوز السنة وبغرامة خمسين ليرة على الأكثر أو بإحدى هاتين العقوبتين.

    2- وإذا تنازل الشاکی عن حقه خفضت العقوبة إلى النصف”.

    بتحليل هذا النص يمكننا استخلاص النتائج التالية:

    1- إن معيار العقاب على هذه الجريمة هو أن يؤدي الإيذاء إلى تعطيل عن العمل لمدة تتجاوز العشرة أيام ولا تتجاوز العشرين يوما، بخلاف جرم الإيذاء البسيط الذي يعاقب عليه سواء نتج عن الإيذاء تعطيل عن العمل لم يتجاوز العشرة أيام أو لم ينتج عن الإيذاء أي تعطيل.

     2- إن مفهوم التعطيل عن العمل الذي يعتد به هو العجز عن القيام بالأعمال الجسدية أو البدنية المعتادة ، كالمشي أو تحريك الرجل أو الذراع… الخ، وليس العجز عن القيام بالأعمال المهنية، أي الأعمال المرتبطة بوظيفة المجني عليه، سواء كانت بدنية أم ذهنية.

     فلو أصيب لاعب كرة قدم إصابة أعجزته عن ممارسة اللعب مدة شهرين، لكنها لم تعجزه عن السير بها .

    أو أصيب موسيقي يعزف على الكمان في يده إصابة منعته من القدرة على العزف، إلا أنها لم تحل دون قيامه بالأعمال الجسدية او الفكرية المعتادة، لا يمكن اعتبار ذلك تعطيلا عن العمل في هاتين الفرضيتين.

     بالمقابل لو أصيب شاعر أو أديب إصابة أقعدته في فراشه، ومنعته من القدرة على تحريك إحدى ساقيه، يعتبر ذلك تعطيلاً عن العمل وإن لم يحل ذلك دون قيامه بالتأليف أو بتدوين الشعر.

    3- إن مفهوم التعطيل عن العمل لا يقتصر على عجز المجني عليه التام عن القيام بالأعمال البدنية، بل يشمل أيضا العجز الجزئي .

    بالتالي يتوفر التعطيل عن العمل وان استطاع المجني عليه أن يباشر من غير إجهاد بعض الأعمال الحياتية الخفيفة، كالأكل والشرب والكلام، بينما هو عاجز عن مزاولة الأعمال البدنية العادية كالمشي مثلا.

     وتحديد درجة العجز أو التعطيل عن العمل مسألة يعود تقديرها القاضي الموضوع الذي يسترشد بتقرير الخبرة الطبية.

    4 – لا بد لتطبيق المادة 541 أن تتجاوز مدة التعطيل العشرة أيام، وأن لا تتجاوز العشرين يوماً .

    فما دون العشرة أيام نكون بصدد جنحة الإيذاء البسيط الواردة في المادة 540، وما فوق العشرين يوما نكون بصدد الجريمة الواردة في المادة 542.

    ويدخل في حساب مدة التعطيل عن العمل اليوم الذي ارتكب فيه الفاعل الضرب أو الجرح أو الإيذاء، واليوم الذي ينتهي به العجز عن العمل.

    5- إن العقوبة التي تفرض على مرتكب الجرم الوارد في المادة 541 هي الحبس من عشرة أيام حتى السنة والغرامة البسيطة، وترك المشرع للقاضي الخيار بين الحكم بهما معا أو بإحداهما فقط.

    6- لم يربط المشرع مصير هذه الدعوى بيد المجني عليه.

    فالنيابة العامة تستطيع من تلقاء نفسها تحريك الدعوى العامة فيها دون تقديم شكوى من المتضرر. ويقتصر تأثير المجني عليه في هذه الدعوى على تخفيض عقوبة الجريمة حتى نصفها إذا تنازل عن دعواه.

  • الركن المعنوي في جريمة الايذاء المقصود

    الركن المعنوي

    إن جريمة الإيذاء لا تتطلب سوى القصد الجرمي العام بعنصرية: العلم والإرادة.

     العلم بأركان الجريمة، وإرادة ارتكاب الفعل وإرادة تحقيق نتيجته .

    1- العلم:

     يتوجب أن يكون الفاعل عالمة وقت ارتكاب الفعل بأن فعله يقع على جسم إنسان حي. وينتفي القصد لانتفاء العلم إذا ظن الفاعل أنه يوجه فعله إلى جثة فارقتها الحياة، في حين أن المجني عليه كان مغمى عليه ولا يزال حياً.

     أو إذا أطلق الصياد النار على شجرة معتقدا بوجود طائر عليها فإذا به إنساناً.

     وان أمكن ملاحقته عن إيذاء غير مقصود إذا توفر الخطأ بفعله بإحدي صوره الثلاثة.

    كما يتوجب أن يكون الفاعل عالما بأن من شأن فعله المساس بسلامة المجني عليه.

     وينتفي القصد لانتفاء العلم إذا قدم الفاعل للمجني عليه مادة يعتقد أنها الدواء الذي يتناوله، فإذا بها مادة سامة.

    ويتوجب أخيرا أن يتوقع الفاعل أن فعله سيترتب عليه مساس بسلامة جسم المجني عليه، أي أن يتوقع النتيجة الجرمية، ذلك أنه بغير هذا التوقع لا تتصور إرادة هذه النتيجة التي تعد جوهر القصد.

    فلتوافر القصد الجرمي لا بد أن يتوقع الفاعل المساس الذي طال جسم المجني عليه كأثر لفعله، ولا يغني عن ذلك أنه كان في استطاعته توقع ذلك، ففي هذه الحالة لا ينسب إليه سوى جريمة إيذاء غير مقصود.

     فإذا قدم الفاعل للمجني عليه مادة سامة ليستعملها في إبادة حشرات حديقته، فقام المجني عليه بتناولها، ينتفي القصد في هذه الجريمة.

    2- الإرادة:

     يتوجب أن تتوجه إرادة الفاعل نحو الفعل الذي قام به، ونحو إيذاء المجني عليه أو المساس وجوب توجه الإرادة نحو الفعل والنتيجة.

    فإذا لم تتوجه الإرادة إلى الفعل، لكون الفاعل مكرها على الضرب أو الجرح أو الإيذاء ينتفي القصد الجرمي لديه.

    وكذلك ينتفي هذا القصد إذا لم تتجه الإرادة إلى تحقيق النتيجة، أي المساس بسلامة جسم المجني عليه، ولو اتجهت أساساً حرة مختارة إلى الفعل، في حالة إذا كان الفاعل لم يتوقع هذه النتيجة إطلاقا، أو أنه توقع حدوثها ولم يرضى بها.

    وتطبيقاً لذلك ينتفي القصد الجرمي لانتفاء إرادة النتيجة في حالة قيام شخص بإطلاق الرصاص ابتهاجاً في مناسبة ما، فيصيب أحد الأشخاص بجروح.

     أو قيام شخص بقذف حجر نحو كلب لإبعاده عنه فيصيب احد الأشخاص.

     وتجدر الإشارة إلى أنه بالرغم من تخلف القصد الجرمي في هذه الحالات، فإن الفاعل قد يلاحق عن إيذاء غير مقصود إذا ثبت لديه الخطأ.

    ولكن الفاعل عندما يتوقع النتيجة كأثر لفعله فيقبل احتمال وقوعها، أي يقبل بالمخاطرة، فنكون أمام جريمة مقصودة استنادا للقصد الاحتمالي الذي يستوي مع القصد المباشر من حيث قيام الركن المعنوي.

    ومتى توفر القصد الجرمي بالشكل السالف بیانه تحقق الركن المعنوي في جريمة الإيذاء.

     وهذا القصد كاف لوحده لمساءلة الفاعل بصرف النظر عن وجود نية خاصة تتمثل بالإضرار بالمجني عليه أم لا.

    فنية الإضرار ليست عنصراً من عناصر القصد. فالفاعل يسأل عن إيذاء مقصود ولو كانت نيته قد اتجهت إلى المزاح أو إلى شفاء المجني عليه، أو إلى إنقاذه بدفعه کي لا يصاب بطلقة نارية مثلا.

     فهذه النوايا ليست سوى بواعث لا تأثير لها في قيام القصد الجرمي، والقاعدة أن البواعث لا عبرة لها ولو كانت شريفة، وإن يقام لها وزن في تقدير العقاب .

    كما لا يؤثر في قيام القصد الجرمي وقوع غلط في شخص المجني عليه، أي الخطأ في توجيه الفعل، أو غلط في الشخصية.

     وتطبيقاً لذلك يتوفر الإيذاء المقصود بحق من قذف خصمه بحجر فأخطأه وأصاب أخر، أو ضرب شخصا أعتقد خطأ أنه غريمه، كذلك لا يؤثر في قيام القصد كونه محددا أو غير محدد. فتكون الجريمة مقصودة ولو كان الفاعل أراد من فعله إيذاء شخص أو أشخاص لا على التعيين.

    وتطبيقا لذلك يقوم جرم الإيذاء المقصود بمواجهة الشخص الذي يلقي حجرة على مجموعة من الأشخاص مریدا إصابة أي منهم. أو الشخص الذي يضع مواد ضارة في بئر يشرب منه أهل القرية التي يوجد بها.

    ونشير أخيرا إلى أنه لا عبرة أيضا لرضاء المجني عليه بما وقع عليه من ضرب أو جرح أو إيذاء. فهذا الرضا لا ينفي القصد الجرمي ولا يبيح الفعل، ما دام الفاعل قد ارتكب الايذاء عن علم و إرادة.

  • ماهو القصد العام والقصد الخاص في جرم القتل؟

    القصد العام والقصد الخاص في جرم القتل

    إن القصد الجرمي العام، الذي يتطلبه القانون في كافة الجرائم المقصودة، يستلزم لتوافره عنصري العلم والإرادة.

    والعلم يجب أن ينصب، كما أسلفنا، على أركان الجريمة.

    والإرادة يجب أن تتجه إلى ارتكاب الفعل الجرمي وإلى تحقيق النتيجة التي تترتب على هذا الفعل.

    أما القصد الجرمي الخاص، ففيه يتطلب المشرع، لقيام الركن المعنوي، في بعض الجرائم، إضافة لتوافر القصد العام بعنصرية، أن تتصرف نية الفاعل إلى تحقيق غرض معين أو باعث معين.

     والمبدأ أنه لا عبرة للباعث أو الدافع على ارتكاب الجريمة في قيام الركن المعنوي فيها.

    إلا أن القانون قد يعتبر هذا الباعث أو الدافع عنصرا من عناصر التجريم، حين يشترط توافره، كقصد جرمي خاص، بحيث تنتفي الجريمة بانتفاء هذا القصد الخاص، أو على الأقل يتبدل النموذج القانوني للجريمة من وصف إلى أخر.

     وبخصوص جرم القتل، وبيان ما إذا كان يكتفي فيه بالقصد العام أم يشترط توافر قصداً جرمیاً خاصاً، لابد من العودة إلى تعريف جرم القتل الذي هو إزهاق روح إنسان حي.

     فهذه الجريمة إذن لا تتحقق إلا إذا انصب العلم والإرادة على الفعل المكون للجريمة وعلى نتيجته، أي الوفاة.

     فعندما تتجه إرادة الجاني إلى إزهاق روح المجني عليه تقوم جريمة القتل، فإن مات المجني عليه اعتبر الجرم قتلاً تاماً، وإن لم يمت وقفت الجريمة عند حد الشروع وباعتبار أنه لابد أن تنصرف الإرادة نحو إزهاق الروح، أي توفر نية القتل، فهل تعتبر هذه النية قصدا خاصا أم عام؟

    سبق و أشرنا أن القصد الخاص يتضمن ابتداء القصد العام.

     فإذا قلنا أن نية إزهاق الروح في القتل هي قصد خاص، فهذا الكلام لا يستقيم إطلاقاً، باعتبار أن هذه النية تدخل في مفهوم القصد العام ( إرادة الفعل والنتيجة ).

    فالقصد العام في القتل لا يتوافر إلا إذا انصب العلم والإرادة على النشاط الجرمي وعلى النتيجة، وبالتالي فإن نية القتل تدخل في عناصر القصد العام.

    وإذا قلنا بأن المساس بالسلامة الجسدية للمجني عليه هو القصد العام في القتل، وإرادة إزهاق الروح تشكل القصد الخاص فيه، فهذا الكلام لا يستقيم أيضا، باعتبار أن فعل المساس بالسلامة الجسدية، دون نية القتل، يكون القصد الجرمي العام لجرائم الإيذاء .

     إذن ما دام يلزم لتوافر القصد الجرمي العام اتجاه الإرادة، في آن واحد، إلى الاعتداء و إلى إحداث النتيجة، وهي إزهاق الروح، فلا داعي للحديث عن ضرورة توافر قصد خاص في جرم القتل، يتمثل في نية إزهاق الروح، تلك النية المطلوب توفرها أصلا لقيام القصد العام .

    إذن كي نتحدث عن قصد خاص في جرم القتل يجب أن تنصرف إرادة الفاعل إلى تحقيق غاية أبعد من الوفاة، أو أن يتجلى هذا القصد في صورة باعث أو دافع يحرك إرادة الفاعل نحو إزهاق روح الضحية.

     والقانون، كما أسلفنا لا يتطلب ذلك في الركن المعنوي لجرم القتل.

     ونية إزهاق الروح، كقصد جرمی عام، هو المطلوب توافره في جميع جرائم القتل المقصود، سواء كان بسيطاً أو مخففاً أو مشدداً.

     إلا أن القانون اشترط، إضافة لهذا القصد العام، توفر قصد جرمي خاص كي يقوم النموذج القانوني المطلوب لجرم القتل المخفف أو المشدد.

    والمثال على ذلك: القتل اتقاء للعار.

     فلقد عاقب المشرع بنص المادة 537 عقوبات الأم التي تقتل وليدها التي حملت به سفاحاً اتقاء للعار، بعقوبة أخف من عقوبة جرم القتل البسيط، أي اعتبر القتل مخففاً.

    وسبب التخفيف هنا توفر القصد الجرمي الخاص بهذه الجريمة، وهو اتقاء العار.

     أما إذا لم يتوفر هذا القصد الخاص، فتبقى الجريمة قتلاً بسيطاً، لقيام القصد العام.

     والمثال الآخر على اعتبار القتل مشددا إذا توفر القصد الخاص بالقتل تمهيدا لارتكاب جريمة أو تنفيذها أو تسهيل فرار فاعليها، مضمون المادة 335 من قانون العقوبات.

     فعند توفر هذه الغاية لدى القاتل اعتبر ذلك قصداً جرمياً خاصاً موجباً لاعتبار القتل مشدداً. و غياب هذا القصد الخاص يبدل النموذج القانوني للوصف الجرمي من قتل مشدد إلى قتل بسيط، وذلك لتوافر القصد الجرمي العام أصلا.

    – متى ينبغي توافر القصد الجرمي؟

    يجب أن يتوفر القصد الجرمي في كل الجرائم المقصودة ومنها القتل وقت ارتكاب الفعل. ولا عبرة بعد ذلك إذا توفر عند تحقيق النتيجة أم لا.

    فإذا ثبت أن الفاعل قد أراد إزهاق روح الضحية عند مباشرته لاعتدائه اعتبر القتل مقصودا، ولو تغيرت هذه النية عند حدوث النتيجة.

    والمسألة لا تثير أية صعوبة إذا حصلت النتيجة مباشرة بعد الاعتداء. كما لو أطلق الجاني النار على خصمه بنية قتله، فمات فورا.

     إلا أن المسألة تصبح أكثر تعقيدا إذا لم يمت المجني عليه فورا، وتغيرت نية الفاعل.

     فلو أن المجني عليه، في المثال السابق، لم يمت من الطاقة، وندم الفاعل على فعلته، وتغيرت نيته، وحاول إنقاذ ضحيته، إلا أن محاولته فشلت، وماتت الضحية بعد فترة من الزمن. فالمبدأ، كما قلنا، أنه يلاحق كقاتل قصدا ما دامت النية قد توفرت عند ارتكاب الفعل، بغض النظر عن تغيرها عند النتيجة.

    ولكن ما القول إذا نجحت مساعي الفاعل واستطاع إنقاذ حياة خصمه الذي أطلق عليه النار قاصدا قتله؟

     يطلق الفقه الجزائي على هذه الحالة تعبير “الندم الإيجابي”.

    وقد عالجها المشرع السوري في المادة 200 من قانون العقوبات.

    حيث أجاز للقاضي تخفيض العقوبة إلى حد ثلاث عقوبة الشروع التام في القتل.

    والمعروف أن عقوبة الشروع التام هي نصف عقوبة الجرم التام.

     إذن اعتبر المشرع السوري حالة الندم الإيجابي ظرفا مخففا للعقاب.

    ويثار في هذا المجال فرضية عدم توفر القصد الجرمي عند ارتكاب الفعل، وتوفره عند النتيجة الجرمية.

    وعدم توفر القصد الجرمي عند مباشرة النشاط يعني بالضرورة أن الفاعل ارتكب خطأ مفضية إلى إزهاق الروح، ثم تنتبه إلى خطأه قبل حدوث النتيجة، فتوفرت نية القتل في هذه اللحظة وظلت مستمرة حتى حصول الوفاة، دون أن يتدخل الفاعل ليتلافى حصولها.

    والمثال التقليدي الذي يذكره شراح القانون لهذه المسألة :

     حالة الصيدلي الذي يخطئ في تركيب الدواء للمريض، فيضع فيه مادة قاتلة عن غير قصد، ثم يتنبه إلى خطأه بعد تسليم الدواء للمريض، ويمتنع عن لفت نظره إلى هذا الخطأ، بالرغم من قدرته على ذلك، ولا يحاول إيقاف المريض عن تناول الدواء السام قاصداً من ذلك إزهاق روحه، فيتناوله المريض ويموت.

    والمبدأ في هذه الفرضية أن الفاعل لا يسأل إلا عن جريمة قتل غير مقصود، نتيجة للخطأ الذي وقع به، ولعدم توفر نية القتل عند مباشرة النشاط الخاطئ، وتوفرها عند النتيجة، ففي هذه الحالة لا تصلح هذه النية كر كن معنوي للقتل المقصود.

    إلا أن تطبيق هذا المبدأ مشروط بأن تكون الأمور قد خرجت عن سيطرة الفاعل، ولم يعد بإمكانه التدخل لتلافي حصول النتيجة.

     ففي هذه الحالة لا يبدل امتناعه عن التدخل الوصف الجرمي للفعل كقتل غير مقصود أما إذا كانت الأمور لا زالت تحت سيطرته، وكان بإمكانه التدخل لتلافي وقوع النتيجة، فيمتنع مع ذلك قاصد إزهاق روح الضحية، فيسأل عندئذ عن جريمة قتل مقصود.

     وتبرير ذلك أن مبدأ عدم الاعتداد بالنية عند النتيجة مرهون بثبوت انتهاء الفعل قبل ظهور القصد، إذ بغير ذلك يبقى القصد معاصرة للفعل .

     و معیار انتهاء الفعل هو زوال السيطرة الإرادية على الفعل وعلى آثاره الضارة. فما دام الفاعل مسيطرا على فعله وآثاره الضارة، يبقى الفعل مستمرا، أي لم ينته بعد، فإن ظهرت النية لديه عندئذ اعتبر فعله مقصودة، وذلك لأن النية عاصرت الفعل

  •  موقف المشرع السوري من العلاقة السببية في جريمة القتل؟

     موقف المشرع السوري من السببية

    لم يترك المشرع السوري مسألة السببية دون تقنين ، بل تبنى نصاً عاماً في قانون العقوبات هو المادة 203، أرسی به قواعد السببية في جميع الجرائم المقصودة وغير المقصودة، مقتبسة من نص المادة 41 من قانون العقوبات الإيطالي.

    وقد جاء نص المادة 203 تحت عنوان ” اجتماع الأسباب “. ونصها:

     “1- إن الصلة السببية بين الفعل و عدم الفعل من جهة وبين النتيجة الجرمية من جهة ثانية لا ينفيها اجتماع أسباب أخرى سابقة أو مقارنة أو لاحقة سواء جهلها الفاعل أو كانت مستقلة عن فعله.

    2- ويختلف الأمر إذا كان السبب اللاحق مستقلا وكافيا بذاته لإحداث النتيجة الجرمية. ولا يكون الفاعل في هذه الحالة عرضة إلا لعقوبة الفعل الذي ارتكبه”.

     ونظرا لأهمية مسألة السببية في جرائم القتل والإيذاء، فقد أورد المشرع في قانون العقوبات نصاً خاصاً يعالج مسألة السببية في هذه الجرائم، و هو نص المادة 544، الذي جاء تحت عنوان

    القتل والإيذاء الناجمين عن تعدد الأسباب، والقاضي بأنه إذا كان الموت والإيذاء المرتکبان عن قصد أو غير قصد نتيجة عدة أسباب جهلها الفاعل وكانت مستقلة عن فعله أمكن تخفيض العقوبة بالمقدار المبين في المادة 199″

    أي اعتبار الفعل شروعة وليس جرم تامة، وعقابه على هذا الأساس.

    وباستقراء نص الفقرة الأولى من المادة 203 نلاحظ أنها تتبنى نظرية تعادل الأسباب. إذ اعتبرت أن الفاعل يعتبر مسؤولاً عن النتيجة ولو تضافرت عوامل أخرى مع فعله في إحداثها، سواء كانت هذه العوامل سابقة أو مرافقة أو لاحقة لفعله، وسواء كانت مستقلة عن فعله أو ناتجة عنه، وسواء كان الفاعل يعلم بوجودها أم لا.

    فلا تأثير لكل ذلك على قيام رابطة السببية بين الفعل و النتيجة، وعلى مسؤولية الفاعل عن هذه النتيجة .

     إلا أن المشرع عاد في الفقرة الثانية ووضع استثناءاً، يتبين منه تبنيه لنظرية السبب الملائم في حالة تدخل عامل ما بين الفعل والنتيجة، فيقطع رابطة السببية بينهما، وينفي مسئولية الفاعل عن النتيجة الحاصلة، إذا توافرت به الشروط التالية:

    1- أن يكون لاحقاً لفعل الفاعل

     2- أن يكون مستقلا عنه

     3- أن يكون كافيا بذاته لإحداث النتيجة الجرمية.

    وإذا أردنا تبسيط المسألة يمكننا القول بأن العوامل التي تساهم مع فعل الفاعل في إحداث النتيجة قد تكون سابقة أو مرافقة أو لاحقة له.

     فإذا كانت سابقة أو مرافقة له فهي لا تقطع العلاقة السببية بين فعل الفاعل و النتيجة بأي شكل.

    أما إذا كان العامل قد أتي لاحقا للفعل، فإنه أيضا لا يقطع رابطة السببية بين الفعل والنتيجة إلا إذا كان مستقلاً عن الفعل، وكافياً لوحده لإحداث النتيجة.

     ففي هذه الحالة فقط تنقطع الرابطة، وتنتفي مسئولية الفاعل عن النتيجة الحاصلة، ويعاقب فقط عن الفعل الذي ارتكبه.

    فإذا تعرض أحدهم لطعنة بسكين، ثم جاء شخص ثالث و عاجله بطلقة من مسدس أودت بحياته.

     فهذا الطلق الناري عامل لاحق لفعل الطعن بالسكين ، و مستقل عنه، أي غير ناتج أو متولد عنه، وكاف لوحده لإحداث الوفاة.

     فالطاعن هنا لا يسأل عن الوفاة، بل تقتصر مساءلته على ما ارتكبه من فعل، وهو الجرح أو الإيذاء.

    وللتوضيح أكثر، لنفترض أن زید دس السم في طعام بكر، فأكله وشعر بأعراض التسمم فاتجه إلى المستشفى فدهسته سيارة في الطريق ومات على أثر ذلك.

    أو تم نقله بسيارة صديقه للمستشفى وفي الطريق انقلبت السيارة نتيجة السرعة ومات بكر.

    فهنا يختلف الحكم في الحالتين.

    ففي الحالة الأولى، أي الوفاة دهساً، يعتبر الدهس سبباً لاحقاً ومستقلاً وكافية لوحده لإحداث الوفاة.

    فيقطع العلاقة السببية بين فعل زيد ووفاة بكر.

     أما في الحالة الثانية، فهنا انقلاب السيارة بالرغم من أنه سبب لاحق وكاف بحد ذاته لإحداث الوفاة، إلا أنه ليس مستقلاً عن فعل زيد، بل متولد عنه، فلولا فعل زيد لما أسعفه الصديق بسيارته.

     ولذلك لا يعتبر انقلاب السيارة هنا سبباً مستقلاً، ولا يقطع الرابطة السببية بين فعل زيد ووفاة بكر.

    أما بخصوص النص الخاص الوارد في المادة 544، فالملاحظ أنه لم يدخل أي تعديل على النص العام، الوارد في المادة 203، بالنسبة للقواعد العامة للسييية السالف شرحها.

    بل اكتفي بتعين مقدار العقاب في حالة اقتران الفعل مع عوامل أخرى مستقلة عنه، سابقة أو مقارنة لوقوعه أو لاحقة له، إذا كانت غير كافية لإحداث النتيجة.

     ففي هذه الحالة، إذا ما ثبت جهل الفاعل للعوامل الأخرى، يبقى مسؤولاً عن النتيجة الحاصلة، ولكن يعاقب کشارع في ارتكاب الجريمة.

     أما إذا ثبت علمه بتلك العوامل فيعاقب على ارتكابه جرمة تامة تطبيقا للمبدأ العام ” تعادل الأسباب ” الوارد في الفقرة الأولى من المادة 203.

    وكل ما في الأمر أن الفاعل يستحق تخفيف العقاب لأن أسباب الوفاة أو الإيذاء كانت مجهولة لديه، و غير متولدة عن فعله.

     ففي المثال السابق عن جرح زيد لبكر، بفرض أن بكر مريض بالسكر ولم يلتئم جرحه لهذا السبب، فتفاقمت حالته، ومات على أثر ذلك.

     فعلاقة السببية بين الجرح والوفاة تبقى قائمة، تطبيقا للمبدأ العام ” تعادل الأسباب ” ، ويبقى زيد مسؤولاً عن الوفاة، حتى ولو لم يكن الجرح هو وحده السبب في الوفاة.

    ولكن عقابه يختلف مقداره استناداً لعلمه يمرض بكر أم لجهله به.

     فإذا كان يعلم مسبقاً بمرض بكر وأقدم على جرحه، فيعاقب عقاب القتل التام.

    أما إذا كان لا يعلم، فيعتبر شارعا في القتل.

  • هل يمكن أن يحصل القتل بوسائل معنوية؟

    القتل بوسائل معنوية

    الغالب أن فعل الاعتداء في جرم القتل يكون مادياً محسوساً، يترك أثراً ظاهراً في جسم الضحية.

     كإطلاق النار أو الطعن أو الضرب أو الخنق أو تقديم السم.

     لكن الحياة لا تعدم حالات معينة ممكن أن يقتل بها شخص بوسائل معنوية، لا تترك أثراً مادياً ظاهراً على جسمه، وإنما تقع على أعصابه أو مشاعره فتحدث لديه اضطراباً يؤدي إلى موته ,كالتهديد والتخويف والترويع والإزعاج والكدر والإهانة.

     فهل تصلح هذه الوسائل ذات الأثر النفسي ليقوم بها الركن المادي للقتل؟

    يذهب بعض الفقه  إلى أن هذه الوسائل لا تصلح لتكوين الركن المادي للقتل لاستحالة إثبات العلاقة السببية بين الوسيلة المعنوية و الوفاة.

     فكيف يمكن للخبرة الطبية أن تثبت أن التخويف مثلا أو الإزعاج والتكدير هما اللذان أحدث اضطراباً في أجهزة الجسم أدى إلى الوفاة.

     وباعتبار أن العلاقة السببية عنصراً من عناصر الركن المادي، فالجريمة لا تقوم إلا بوجود هذه العلاقة.

     أما الرأي الراجح في الفقه و هو، بتقديرنا، ما يتبناه القانون السوري، فيرى أن الوسائل المعنوية تصلح أن تكون الركن المادي لجرم القتل.

     وأن صعوبة إثبات العلاقة السببية هو موضوع شكلي إجرائي لا ينفي المبدأ القاضي بإمكانية القتل بوسائل معنوية.

     فبفرض أن شخصاً أراد تعذيب أخر وقتله بحرمانه من النوم، حتى أودى به الأرق، فما الذي يمنع أن تؤلف هذه الواقعة جريمة قتل؟

    وبفرض أن أحد الورثة أراد التعجيل بوفاة المورث، المسن المريض، ففاجأه بنبأ مفجع، کوفاة زوجته أو أحد أبنائه، فأصيب بسكتة قلبية أودت بحياته.

    أفلم يقم الفاعل بقتل هذا الشخص بهذه الوسيلة؟

     وهل كان يختلف الوضع لو أنه استعمل وسيلة مادية؟

     أضف إلى ذلك، فإن القانون السوري لم يتعرض للوسائل التي قد يستعملها الفاعل في الاعتداء على حياة الآخرين، وإنما وضع الوسائل على صعيد واحد وساوى بينها.

    استنادا لذلك، ومع التسليم بأن الوسائل المعنوية نادراً ما تستخدم للقتل، وان استخدمت فإنه من العسير إثبات القصد الجرمي من جهة، واثبات العلاقة السببية بين الوسيلة والوفاة من جهة ثانية.

     إلا أن ندرة الاستخدام، وصعوبة الإثبات، لا يحول دون الاعتراف بإمكانية اللجوء للقتل بتلك الوسائل، واعتبارها کالوسائل المادية سواء بسواء؛ ما دامت قد أدت إلى ذات النتيجة، وتوفر القصد الجرمي، وثبت بالدليل القاطع الرابطة السببية بين تلك الوسيلة و الوفاة وذلك من خلال بعض الظروف الخارجية التي يمكن اعتمادها كدليل مادي على فعل الاعتداء.

     كاقتران الوسيلة المعنوية المستخدمة بأفعال خارجية، كحركات تهديد أو ضوضاء.

     أو ظهور آثار على جسم الضحية نتيجة للاضطراب الفيزيولوجي الذي عانى منه و يمكن معاينته للتأكد من أن مصدره هو اعتداء الفاعل .

  • صيغة إنذار باستبدال دخل دائم

     

    إنذار موجه بواسطة الكاتب بالعدل في …

    من المنذر: مستحق الدخل  المقيم في

    إلى المنذر: ملتزم تأدية الدخل المقيم

    الإنذار:

     بموجب العقد المؤرخ في / / قدمت لك مبلغا قدره………… ليرة سورية كعوض لقاء ترتيبك لي ولورثتي بعدي دخلاً شهرياً دائما قدره……………. ليرة سورية. ولما كنت راغبا في استبدال هذا الدخل باسترداد المبلغ المقدم إليك لذلك أنذرك برده بعد سنة من تاريخ تبلغك هذا الإنذار وتحت طائلة استرداده بواسطة دائرة التنفيذ وتحميلك جميع المصاريف والفوائد واعتبار العقد المذكور مفسوخا وقد أعذر من أنذر.

    … في //

    المنذر

     الاسم

    والتوقيع

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1