الوسم: استشارة مجانية قانونية

  • تعريف شركة المحاصة ونشأتها وتطبيقاتها

    تعريفها:

    لم يكن قانون التجارة الملغي قد أعطى تعريفا لشركة المحاصة، بل اكتفى بتمييزها عن الشركات التجارية الأخرى من خلال إبراز الخصائص المميزة لها، وترك للفقه استخلاص تعريف لها من الفوارق الخاصة بها.
    أما قانون الشركات رقم 3 لعام 2008 فقد جاء بتعريف الشركة المحاصة وذلك بنص المادة 51 منه التي تقضي بأن:
    1- شركة المحاصة هي شركة تعقد بين شخصين أو أكثر ليست معدة لاطلاع الغير عليها وينحصر كيانها بين المتعاقدين ويمارس أعمالها شريك ظاهر يتعامل مع الغير.
    2- ليس لشركة المحاصة شخصية اعتبارية ولا تخضع لمعاملات الشهر المفروضة على الشركات الأخرى”.
    ويستفاد من هذا النص أن شركة المحاصة مستترة وليس لها عنونة تجارية تظهر به تجاه الغير، ولا تملك شخصية اعتبارية وبالتالي فليس لها ذمة مالية خاصة بها، كما أنها غير خاضعة الإجراءات الشهر التي فرضها المشرع على الشركات الأخرى، وأن التعامل مع الغير يكون باسم أحد الشركاء، إذ لا يمكن أن يوقع باسم الشركة أو يتخذ لها عنونة تجارية. وقد تختص هذه الشركة بعمل أو أكثر الذي قد يكون مدنية (كالزراعة) أو تجارية.
    وتعد شركة المحاصة من شركات الأشخاص لأنها تقوم على الاعتبار الشخصي للشركاء.

    وينتج عن ذلك أن الغلط في شخص أحد الشركاء يفسد العقد، كما أن وفاة أحدهم، أو إفلاسه أو فقدانه الأهلية قد يؤدي إلى انحلال عقد الشركة، لاسيما إذا ثبت أن شخصية هذا الشريك كانت الباعث على قيام الشركة، لما لذلك الشريك من صفات إدارية خاصة بحيث لا يمكن القيام بغرض الشركة وعملها بدونه.
    كما أنه لا يمكن أن تمثل حصص الشركاء، أسوة بشركات الأشخاص الأخرى، بأسناد قابلة للتداول بالطرق التجارية، ولا يجوز التفرغ عن هذه الحصص إلا برضاء جميع الشركاء ما لم ينص عقد الشركة على خلاف ذلك.

    تطبيقاتها:

    ينتشر هذا النوع من الشركات في الحياة العملية نظرا لصفتها المستترة، ويمكن أن تظهر التطبيقات العملية لشركة المحاصة في مجالات كثيرة:
    كأن يتفق شخص يرغب في الاستتار وإخفاء اسمه عن الجمهور مع شخص آخر على القيام بعمل معين.
    أو أن يتفق شخصان على أن يرسل أحدهما بضاعة فيصرفها الآخر ويتقاسمان الأرباح.
    أو أن يتفق مهندس مع مالكي أرض على تشييد بناء وبيعه واقتسام ما قد ينشأ عن ذلك من ربح أو خسارة.
    أو أن يتفق شخصان على شراء ثمار أرض زراعية وإعادة بيعها واقتسام الربح والخسارة.

    وعليه نجد أن انتشار شركة المحاصة في الحياة العملية يعود إلى بساطتها، ولأنها لا تحتاج لأي شكل من أشكال الشهر وقد تبقى مجهولة للغير إذا رغب الشركاء في ذلك، لذلك لا نجد لها تطبيقا في مشاريع طويلة وواسعة.

    نشأتها:

    ترجع أصول شركة المحاصة إلى عقد التوصية أو “الكومندا” ووضع الثقة الذي التجأ إليه أصحاب الأموال تحايلا على تحريم الربا الذي فرضته الكنيسة إبان العصور الوسطى.
    فأدى هذا العقد، عندما كان يمارس بطريقة مستترة وخفية، إلى إرساء اللبنات الأولى لهذا النوع من الشركات.
    وهذا ما حدا بالبعض على صعوبة التمييز بين شركة المحاصة وشركة التوصية عندما كانت هذه الأخيرة غير متمتعة بالشخصية الاعتبارية .
    كما شبه آخرون شركة المحاصة بشركة المضاربة في الفقه الإسلامي والتوصية، حيث كان المتمولون يرغبون في استثمار أموالهم في التجارة دون تعاطيها بأنفسهم لأن وضعهم السياسي أو الاجتماعي أو المهني كان يحظر عليهم ذلك. حيال الغير، على أن يحاسب شريكه بنتائج عمله.

    وهذا حال شركة المحاصة في تشريعنا حيث يتم العمل المشترك باسم أحد الشركاء فقط ويطلق عليه اسم المدير الذي يتعامل مع الغير باسمه الشخصي ويلتزم وحده حيالهم، غير أنه في علاقته مع شركائه المتخاصمون- يحول لهم الحقوق المستمدة من العمل المشترك ويطالبهم بما ينوبهم من الالتزامات كل بالنسبة والشروط المتفق عليها في عقد الشركة .

  • أحكام إدارة شركة التوصية

    ذكرنا أن شركة التوصية تضم فئتين من الشركاء: وهما الشركاء المتضامنون من جهة والشركاء الموصون من جهة أخرى.

    ويحق للشركاء المتضامنين الاشتراك في إدارة الشركة، كما يجوز إسناد إدارة الشركة إلى شخص أجنبي عن الشركة، وهذا لا يعني إسناد هذه الإدارة إلى شريك موصي، وإنما يجب أن يكون شخص من الغير، لما رتب المشرع من جزاء، على ما سنفصله في حال تدخل الشريك الموصي في الإدارة.

    وعليه، يتم إدارة شركة التوصية من قبل مدير يجوز أن يكون من الشركاء المتضامنين أو من الغير، كما يتولى الإدارة بصفته صاحب السلطة العليا فيها مجلس الشركاء والذي تكون قراراته ملزمة لمدير الشركة سواء أكان من الشركاء المتضامنين أم من الغير، وقد سبق أن فصلنا الأحكام القانونية لمدير الشركة ومجلس الشركاء عند دراستنا لإدارة شركة التضامن.

    ومع ذلك فقد جاء قانون الشركات ببعض الأحكام الخاصة، التي يقتضي ذكرها، فيما يتعلق باتخاذ القرارات في الشركة.

    ذلك أن القرارات في شركة التوصية تصدر بأصوات الشركاء المتضامنين فقط ما لم يعط عقد تأسيس الشركة للشركاء الموصين حق التصويت (مادة 1/49 شركات).

    كما تصدر القرارات في مجلس الشركاء بالإجماع ما لم ينص عقد الشركة على عقد الاكتفاء بأغلبية معينة. (مادة 249 شركات).

    على أنه إذا تعلق الأمر بقرارات خاصة بحياة الشركة ومصيرها كتعديل عقد الشركة أو حلها أو دمجها، فإن هذه القرارات لا تكون صحيحة ما لم يتفق عليها الشركاء المتضامنون والموصون في عقد يوقعون عليه جميعهم ويشهر أصولا بتسجيله في سجل الشركة لدى أمانة السجل التجاري. (مادة 3/49 شركات).

    فيما عدا هذه الأحكام الخاصة، تطبق أحكام إدارة شركة التضامن فيما يتعلق بصلاحيات مدير الشركة وواجباته ومسؤوليته عن إدارة الشركة تجاه الشركة والشركاء، وضرورة تعين مفتش للحسابات إذا زاد عدد الشركاء المتضامنين عن خمسة شركاء أو بلغ رأس مال شركة التوصية خمسة وعشرين مليون ليرة سورية. كذلك الأمر بالنسبة لعزل المدير واعتزاله.

  • هل يجوز تداول حصص الشركاء في شركات التوصية؟

    أولاً – التنازل عن الحصص:

    تعد شركة التوصية من شركات الأشخاص التي تقوم على الاعتبار الشخصي للشركاء.

    ويمتد الاعتبار الشخصي إلى جميع الشركاء، سواء كانوا متضامنين أو موصين.

    ويترتبً علًى ذلك أنه لا يجوز تداول الحصص في شركة التوصية إلا بموافقة جميع الشركاء، إذا كان المتفرغ عن حصته في الشركة متضامناً وشرط القيام بمعاملات الشهر (مادة 38 شركات).

    أما إذا كان الشريك المتنازل عن حصته للغير شريكاً موصياً فلابد من موافقة الشركاء المتضامنين (مادة 47 شركات).

    على أن وفاة أحد الشركاء لا يؤدي إلى انقضاء الشركة بل تستمر بين باقي الشركاء الأحياء وتؤول حقوق الشريك المتوفي إلى ورثته وتستمر الشركة مع هؤلاء الورثة وتكون لهم صفة الشركاء الموصين إن كان مورثهم متضامنا ما لم يكن في عقد الشركة نص مخالف.

    إلا أن وفاة الشريك المتضامن الأوحد في شركة التوصية يؤدي إلى انقضائها، ما لم يقبل أحد الشركاء الموصين، أو ورثة الشريك المتضامن تحويل صفته إلى شريك متضامن بموجب صك رسمي ويشهر أصولا.

    ثانيا – ضم شريك جديد إلى الشركة:

    1- دخول شريك متضامن جديد:

    نص قانون الشركات على جواز ضم شريك متضامن جديد إلى الشركة لما في ذلك من زيادة في ملاءة وائتمان الشركة. إلا أن المشرع علق قبول دخول شريك متضامن جديد إلى شركة التوصية على موافقة جميع الشركاء المتضامنين فيها، وعدم ضرورة موافقة الشركاء الموصين على ذلك (مادة 1/48 شركات).

    ومبرر ذلك أن الشريك المتضامن الجديد سيشارك في إدارة الشركة واتخاذ القرارات التي تصدر عن الشركاء المتضامنين، بخلاف الشريك الموصي الممنوع من إدارة الشركة، إضافة لطبيعة المسؤولية غير المحدودة للشركاء المتضامنين،

    كل ذلك دفع المشرع إلى النص على وجوب موافقة الشركاء المتضامنين. ونرى انه لا مانع من أن يرد نص في عقد الشركة يقضي بضرورة موافقة الشركاء الموصين أيضا نظرا لطبيعة عقد شركة التوصية الذي يقوم على الاعتبار الشخصي.

    2- تحويل صفة الشريك الموصي إلى شريك متضامن:

    قد يرغب الشريك الموصي تحويل صفته إلى شريك متضامن، إما لأنه لم يعد ممنوعا من تعاطي التجارة، أو أنه أصبح كامل الأهلية لتعاطي التجارة، أو رغبة منه في المشاركة الفعلية في الإدارة الخارجية للشركة.

    لذلك فقد أجاز القانون تحويل صفة الشريك الموصي إلى شريك متضامن، وذلك بموجب عقد رسمي موقع من قبله ومن قبل الشركاء المتضامنين ويتم شهره أصولاً، بتسجيله لدى أمين سجل التجارة في سجل الشركات.

    وبالتالي فإن هذا الشريك الموصي لا يكتسب صفة الشريك المتضامن في الشركة، ما لم يتم إجراء هذا التسجيل.

    ويجب أن نميز بين هذه الحالة، والحالة التي عامل فيها المشرع الشريك الموصي كشريك متضامن كجزاء ومؤيد لحظر ذكر اسمه في عنوان الشركة، لأن هذا الجزاء يطبق بالنسبة للغير حسن النية فقط دون باقي الشركاء. أما تحويل صفة الشريك الموصي على متضامن فيكون نافذا تجاه الشركاء والغير بعد توقيع العقد من قبل الشركاء المتضامنين وشهره أصولا.

    3- دخول شريك موص جديد:

    قد تحتاج الشركة إلى زيادة في رأسمالها أو إلى خبرة فنية معينة، فيعمد الشركاء إلى قبول إدخال شريك موص جديد أو أكثر وذلك بهدف رفع مستوى أداء الشركة أو بما يحقق مصالح الشركة والشركاء.

    لذلك أجاز القانون قبول دخول شريك موص جديد في شركة التوصية شرط موافقة جميع الشركاء المتضامنين والموصين فيها.

    ولم يشترط المشرع ضرورة شهر دخول شريك موص جديد في سجل الشركات، وقد يكون مبرر ذلك أن أسماء الشركاء الموصين لا تدرج في عنوان الشركة، وليس لهم الحق بالاشتراك في إدارتها، كما أن مسؤولية الشريك الموصي عن ديون الشركة والتزاماتها قاصرة على حدود حصصهم في رأسمال الشركة،

    كل ذلك دفع المشرع عدم النص على ضرورة الشهر صراحة إذ لا يؤثر عدم شهر هذا الدخول على الغير المتعاملين مع الشركة.

    ونرى مع ذلك أن دخول شريك موص جديد يعد تعديلا لعقد شركة التوصية ويستوجب توقيع عقد جديد وشهره أصولاً طبقاً لأحكام الفقرة الثالثة من المادة 49 من قانون الشركات.

  • ماهي إجراءات تأسيس وتسجيل وإشهار شركة التضامن؟

    تأسيس شركة التضامن

    يتطلب تأسيس شركة التضامن إبرام عقد الشركة فيما بين الشركاء ومن ثم طلب تسجيل أو تأسيس الشركة من أجل شهر الشركة.

    إبرام عقد الشركة بعد أن يتفاهم الشركاء على إنشاء شركة فيما بينهم يبادرون إلى إبرام عقد الشركة، ويكون ذلك عملياً بتنظيمه من قبل محام، يتولى تنظيم علاقة الشركاء فيما بينهم وفقاً لما اتفقوا عليه وبما نص عليه قانون الشركات.

     هذا وقد نصت الفقرة الثالثة من المادة 32 على أنه:

    “يجب أن يتضمن عقد الشركة البيانات التالية:

     أ- عنوان الشركة.

     ب- نوع الشركاء.

    ج- أسماء الشركاء وجنسيتهم وموطنهم المختار.

     د- موضوع الشركة.

    هـ – مركز الشركة وفروعها إن وجدت.

     و- رأسمال الشركة وحصص كل من الشركاء بما فيها المقدمات العينية أو العمل وكيفية تسديد هذه الحصص أو تقديمها.

     ز- تاريخ تأسيس الشركة ومدتها.

    ح- كيفية إدارة الشركة وأسماء المفوضين بالإدارة والتوقيع عن الشركة وصلاحياتهم ومدة تعيينهم.

     ط- نصاب مجلس الشركاء والأغلبية المطلوبة لاتخاذ القرارات.

     ي- السنة المالية للشركة وكيفية توزيع الأرباح والخسائر.

    ك- أسلوب حل النزاعات بين الشركاء .”.

     ويلاحظ أن البيانات السالفة الذكر قد فرض المشرع و أوجب ضرورة ذكرها في عقد الشركة، وبالتالي فهي بيانات إلزامية، ولا نرى مبرر إلزام الشركاء على ضرورة إيراد أسلوب حل النزاعات فيما بينهم في عقد الشركة، ولطالما كان هذا الموضوع اختيارية.

    إجراءات تسجيل الشركة وشهرها

    قبل صدور قانون الشركات رقم 3 لعام 2008 كان تسجيل شركات الأشخاص وشهرها يقتضي إيداع نسخة من عقد الشركة في ديوان محكمة البداية المدنية ومن ثم طلب تسجيله في سجل التجارة في السجل الخاص بالشركات، وبالإيداع والتسجيل تكتمل عملية شهر الشركة.

    وبعد صدور قانون الشركات اقتصر شهر الشركة على تسجيل عقدها في سجل التجارة، وألغي إجراء الإبداع، ويكون الشهر بتقديم طلب تسجيل عقد الشركة أو تعديلاته إلى أمين سجل التجارة الذي يحق له الموافقة على طلب التسجيل أو رفضه مع حق الشركاء بالاعتراض والطعن بقرار الرفض أمام القضاء.

     أولا ً- تسجيل الشركة

    يقدم الشركاء طلب تسجيل الشركة إلى أمين سجل التجارة الموجود في مركز الشركة مرفقاً به نسخة عن عقد الشركة، ويجري التوقيع على طلب التسجيل وعقد الشركة من قبل جميع الشركاء أمام أمين السجل أو من يقوم مقامه أو أمام الكاتب بالعدل أو أمام أي موظف يحدده وزیر الاقتصاد والتجارة (مادة1/32 شركات).

     ويجب أن يتضمن طلب التأسيس البيانات التالية:

     أ- عنوان الشركة

    ب- أسماء الشركاء وجنسياتهم وموطنهم المختار .

     ج- موضوع الشركة.

     د- نوع الشركة.

     هـ- مركز الشركة وفروعها إن وجدت.

     و- رأسمال الشركة وحصص كل من الشركاء.

     ز- مدة الشركة.

    ح- أسماء المديرين وأسماء المفوضين بالإدارة والتوقيع عن الشركة وصلاحيتهم ومدة تعيينهم. (مادة 2/32 شركات).

     يقوم أمين سجل التجارة بقيد الشركة في سجل الشركات خلال يومي العمل التاليين لاستلامه الطلب وتصريح المديرين بتوافر الشروط اللازمة لتوليهم لهذا المنصب، ويمنح ذوي العلاقة شهادة بتسجيلها إن اكتملت كافة الوثائق والشروط التي أوجبها قانون الشركات أو تعليماته التنفيذية الصادرة عن وزارة الاقتصاد والتجارة. (مادة 4/32 شركات).

    غير أنه يحق لأمين سجل التجارة رفض تسجيل الشركة أو تسجيل أي تعديل على عقدها، خلال مهلة يومي العمل التاليين لاستلام طلب تسجيل عقد الشركة أو تعديله، إذا كان طلب تسجيل الشركة أو كان عقد تأسيسها أو طلب تسجيل تعديلها أو عقد الشركة المعدل لا يتضمن المعلومات والبيانات التي يفرضها القانون أو إذا كان عقد الشركة مخالفة للقانون أو النظام العام، وفي هذه الحالة يقوم أمين السجل بإعلام الشركاء أو من يمثلهم بالمخالفات الموجودة ليتولوا استدراكها.

     ثانياً – حق الاعتراض والطعن بقرار رفض التسجيل

    إذا رفض أمين سجل التجارة قيد الشركة في سجل الشركات خلال يومي العمل التاليين الاستلامه طلب التسجيل، فإن الشركاء الاعتراض على قرار الرفض خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تبلغهم قرار أمين السجل برفض التسجيل، ويقدم هذا الاعتراض إلى أمين سجل التجارة نفسه فإما أن يقبل الاعتراض ويقيد الشركة في سجل الشركات أو أن يرفض الاعتراض ويؤكد قراره برفض قيد الشركة.

     وفي حال رفض أمين سجل التجارة الاعتراض المقدم من الشركاء جاز لأي شريك أو للمدير الطعن بقرار الرفض أمام محكمة البداية المدنية الموجودة في مكان وجود أمانة سجل التجارة، وعادة تنظر محكمة البداية المدنية الأولى بمثل هذه الطعون، ويتوجب على محكمة البداية أن تبت في موضوع الاعتراض على وجه السرعة وذلك بقرار مبرم (مادة 5/32 شركات).

     ثالثا – شهر التعديلات

     يتوجب على الشركاء تسجيل أي تعديل يطرأ على عقد الشركة في سجل الشركات، وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ وقوع هذا التعديل. ويقدم الشركاء طلب تعديل عقد الشركة إلى أمين سجل التجارة وتذكر فيه التعديلات المطلوب إدخالها على عقد الشركة وترفق به نسخة عن عقد الشركة متضمنا التعديلات التي أدخلت عليه.

     ويجري التوقيع على طلب التعديل و على عقد الشركة المعدل من قبل جميع الشركاء أمام أمين سجل التجارة أو من يقوم مقامه أو أمام الكاتب بالعدل أو أمام أي موظف يعينه وزير الاقتصاد والتجارة (مادة6/32 و 7 شركات).

    ومن الأمثلة على هذه التعديلات تبديل المديرين وأسماء المفوضين بالإدارة والتوقيع عن الشركة، أو انضمام شريك جديد أو انسحاب أحد الشركاء من الشركة، أو تحويل نوع الشركة من تضامن إلى توصية أو محدودة المسؤولية … الخ.

    وبما أن المشرع فرض شهر عقد الشركة أو ما يطرأ عليه من تعديلات، فإن عدم ذكر أي نص يهم الغير في عقد الشركة المودع لدى أمانة سجل التجارة أو في الوثائق المتممة له يجعل هذا النص غير نافذ في حق ذوي الشأن، كما أن عدم شهر التعديلات التي أدخلت على عقد الشركة يجعل هذه التعديلات غير نافذة في حق الغير، وبالتالي تبقى نافذة وصحيحة بالنسبة للشركاء أو أطراف هذا التعديل (مادة 8/32 شركات).

     فإذا انسحب أحد الشركاء من الشركة دون أن يشهر هذا الانسحاب، فإنه يعتبر كأنه لا يزال شريكاً فيها ويظل مسؤولاً عن ديون الشركة ولو كانت لاحقة على انسحابه.

    كما أن عدم تسجيل الشركة وشهرها يؤدي إلى عدم اكتسابها الشخصية الاعتبارية وإلى بطلانها وعدها شركة فعلية وتكون مسؤولية الشركاء فيها تضامنية، وهذا ما سبق لنا بحثه بالتفصيل.

  • ماهي أهلية الشركة وماحدودها؟

    يترتب على الشخصية الاعتبارية للشركة أن للشركة أهلية في حدود الغرض الذي وجدت من أجله.

    فيمكن للشركة اكتساب أموال جديدة، وأن تتصرف في أموالها القائمة، وأن تتعامل مع الغير فتصبح دائنة أو مدينة، وأن تساهم في شركة أخرى، وأن تتقاضى وتقاضي.

    إنما تتقيد في ذلك كله بالحدود التي يعينها عقد الشركة وبالغرض الذي أوجدت من أجله تطبيقاً لمبدأ اختصاص الشخص الاعتباري ومؤداه أن الشخص الاعتباري ليس له من الحقوق إلا ما يتفق مع غرضه.

    فإذا نص في عقد الشركة على نوع معين من التجارة تباشره الشركة امتنع عليها أن تباشر نوعاً آخر إلا بتعديل العقد. 

    ويتفرع عن تمتع الشركة بالأهلية إمكانية مساءلتها مدنية عن الأخطاء العقدية أو التقصيرية التي تقع منها أو من عمالها أثناء تأدية عملهم أو بسببه.

    كما تسأل مدنية عما تحدثه الحيوانات والأشياء التي في حراستها من ضرر.

    إلا أنه لا يمكن كقاعدة عامة مؤاخذتها جزائيا عن الجرائم التي يرتكبها عمالها وموظفوها، لأنه لا يتصور ارتكاب الشركة كشخص معنوي للجرائم، كما لا يمكن تصور تطبيق عقوبة جسدية كالحبس عليها، هذا فضلاً عن أن العقوبة شخصية لا توقع إلا على من ارتكب الجريمة شخصياً.

    ومع ذلك، فمن الجائز مساءلة الشركة جزائياً عن الجرائم التي ترصد لها عقوبة الغرامة، وهذا ما يطبق فعلاً على الشركات عندما يرتكب مديروها جرائم كجريمة التهريب أو المنافسة غير المشروعة، عندئذ فإن المسؤولية الجزائية للشركة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية تنعقد، إلا أن العقوبات التي توقع عليها تقتصر على العقوبات المالية وحدها، من غرامة ومصادرة ونشر للحكم.

  • هل يشترط أن يكون عقد الشركات التجارية مكتوباً ؟

    نصت المادة 475 من القانون المدني على أنه:

    “1- يجب أن يكون عقد الشركة مكتوبة وإلا كان باطلاً كل ما يدخل على العقد من تعديلات دون أن تستوفي الشكل الذي أفرغ فيه ذلك العقد”.

    أما المادة 17 من قانون الشركات فقد نصت على أنه:

    “1- باستثناء شركة المحاصة، لا يحق للشركاء إثبات الشركة فيما بينهم أو تجاه الغير إلا بعقد مكتوب.

    2 – يجب أن يكون عقد الشركة أو الوثائق المعدلة له منظمة من قبل محام مسجل في جدول المحامين الأساتذة لمدة لا تقل عن خمس سنوات وعلى مسؤوليته.

    3 – على أنه يجوز للغير عند الاقتضاء أن يثبت بجميع الوسائل وجود الشركة أو وجود أي نص يختص بها”.

    من خلال نص المادتين نجد أن المشروع قد فرض إثبات عقد الشركة بالكتابة سواء أكانت الشركة مدنية أو تجارية باستثناء شركة المحاصة، ومما لا شك فيه أن مثل هذا الاشتراط، بالنسبة للشركة التجارية، يعد خروجاً على مبدأ حرية الإثبات في المواد التجارية المنصوص عليه في قانون البينات.

    وسبب هذا الخروج وفرض الكتابة هو رغبة المشرع في أن يحمل الشركاء على التفكير قبل الإقدام على تكوين شركة تكون عادة لمدة طويلة، وقد ينبني عليها تعريض ثرواتهم وسمعتهم للخطر.

    كما أن وجود سند كتابي محدد الشروط من شأنه تقليل المنازعات التي يمكن أن تنشأ بسهولة إذا لم يوجد مثل هذا السند.

    فضلاً عن أن عقد الشركة يتضمن كثيرا من التفصيلات ويستغرق تنفيذه وقتاً طويلاً مما لا يمكن معه الاطمئنان إلى ذاكرة الشهود.

    بيد أن الكتابة لا يستلزمها المشرع لصالح الشركاء فقط، بل إنها وضعت أيضا لمصلحة الغير الذي يهمه أن يعرف شروط عقد الشركة ومدى سلطة الشخص المعنوي الذي يتعامل معه.

    إضافة إلى أنه يجب شهر الشركة التجارية، والكتابة هي الخطوة الأولى في سبيل الشهر.

    والكتابة التي يفرغ فيها عقد الشركة قد تكون بسند عادي أو بسند رسمي منظم من قبل محام مسجل في جدول المحامين الأساتذة لمدة لا تقل عن خمس سنوات وعلى مسؤوليته، على أنه في شركات المساهمة والمحدودة المسؤولية يجب أن يصادق على تواقيع المؤسسين الكاتب بالعدل أو أي جهة أخرى يحددها وزير الاقتصاد والتجارة (مادة 61 و 98 شركات).

    والكتابة التي فرضها المشرع لإثبات عقد الشركة هي واجبة أيضا في جميع التعديلات التي يدخلها الشركاء على هذا العقد، وتخضع هذه التعديلات لكافة إجراءات التوثيق التي فرضها المشرع في كل نوع من أنواع الشركات المنصوص عليها في قانون الشركات.

    والكتابة التي اشترطها المشرع ليست شرطاً لانعقاد عقد الشركة، ولكنها شرط للإثبات فحسب، كما هو صریح نص المادة 17 شركات “باستثناء شركة المحاصة، لا يحق للشركاء إثبات الشركة فيما بينهم أو تجاه الغير إلا بعقد مكتوب”.

    على أنه يجب التفريق في شأن هذا الإثبات بين مركز الشركاء وبين مركز الغير.

    فبالنسبة للشركاء لا تثبت الشركة فيما بينهم إلا بالكتابة.

    بيد أنه لما كان انتفاء الكتابة يؤدي إلى عدم الشهر وبالتالي إلى بطلان الشركة، فإنه يجوز للشركاء إثبات الوجود الفعلي لهذه الشركة بقصد تصفية العلاقات بين الشركاء في الماضي بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة الشخصية.

    أما بالنسبة للغير فلا يجوز للشركاء إثبات الشركة إلا بعقد مكتوب.

    في حين أنه يجوز للغير أن يثبت عند الاقتضاء وبكافة وسائل الإثبات وجود الشركة أو أي شرط من شروطها (مادة 3/17 شركات)، لأن الشركة بالنسبة للغير تعد واقعة مادية.

    وبناء على ما تقدم فإنه لا يجوز الاتفاق على إثبات عقد الشركة بغير الكتابة وفي حالة إنكار قيام الشركة فإنه لا يجوز إثباتها فيما بين الطرفين بغير الكتابة، وحتى بالإقرار أو اليمين ذلك أن المشرع لم ينص على مراعاة أحكام الإقرار واليمين عندما فرض الكتابة وحدها كشرط لإثبات الشركة ورتب البطلان على تخلفها.

    هذا وقد فرض المشرع على المتعاقدين أن يضمنوا عقد الشركة بيانات محددة تتمثل في:

    عنوان الشركة ونوعها، وأسماء الشركاء وجنسيتهم وموطنهم المختار، وموضوع الشركة، ومركزها وفروعها إن وجدت، ورأسمال الشركة وحصص الشركاء فيها وكيفية تقديمها، وتاريخ تأسيس الشركة ومدتها، وكيفية إدارة الشركة ونصاب اتخاذ القرارات، والسنة المالية للشركة وكيفية توزيع الأرباح والخسائر، وأسلوب حل النزاعات بين الشركاء (مادة 3/32 شركات).

    ولابد من التنويه إلى أن المشرع استثني شركة المحاصة من وجوب إثباتها بالكتابة، ذلك في شركة المحاصة تتم الأعمال المشتركة باسم أحد الشركاء لحساب المجموع، والشريك المذكور وحده هو الذي يلتزم حيال الغير دون أن يتعامل باسم شركائه.

    وبالتالي يجوز إثباتها فيما بين المتعاقدين بكافة وسائل الإثبات بما فيها البينة الشخصية، وفيها نعود للأصل في الإثبات في المسائل التجارية، حيث يطبق مبدأ حرية الإثبات.

  • ماهو الدليل الرقمي وماهي محاسنه ومساوئه؟

    1- تعريف الدليل الرقمي

    عرف المشرع الدليل الرقمي في المادة الأولى من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية بأنه : البيانات الرقمية المخزنة في الأجهزة الحاسوبية أو المنظومات المعلوماتية، أو المنقولة بواسطتها، والتي يمكن استخدامها في إثبات أو نفي جريمة معلوماتية.

    و من خلال استقراء هذا التعريف، يمكن تحديد خاصتين للدليل الرقمي هما:

    الخاصة الأولى: إن الدليل الرقمي عبارة عن معلومات أو بيانات رقمية مخزنة في الحاسوب أو منقولة بواسطته، أيا كان شكل هذا الحاسوب، بحيث يستوي أن يتخذ شكل الحاسوب الشخصي، أو مخدم الإنترنت، أو أن يكون ضمن الهاتف الجوال، أو ساعة اليد، أو الكاميرات الرقمية وغيرها.

    الخاصة الثانية: القيمة الاستدلالية أو البرهانية لهذه المعلومات في إثبات أو نفي الجرائم.

    2- مزايا الدليل الرقمي:

    يتمتع الدليل الرقمي بعدة مزايا، وهي:

    أ- إمكانية النسخ:

    يمكن نسخ الدليل الرقمي نسخة مطابقة للأصل تماماً، بحيث يمكن إجراء الفحص المعلوماتي على هذه النسخة لتفادي خطر إتلاف النسخة الأصلية أثناء عملية الفحص، وهذه الميزة لا تتوفر في الأدلة التقليدية.

    ب – إمكانية كشف التعديل:

    قد يتعرض الدليل الرقمي للتعديل المقصود من قبل الجاني، أو التعديل غير المقصود من قبل المحقق أو الخبير المعلوماتي أثناء عملية جمع الدليل، وفي كلتا الحالتين يمكن معرفة ما إذا كان الدليل الرقمي قد تعرض للتعديل أم لا، وذلك باستخدام برمجيات تقنية معينة تستخدم في هذا الخصوص، إضافة إلى إمكانية إجراء المقارنة مع النسخة الأصلية إن وجدت .

    ج- صعوبة التخلص من الدليل الرقمي:

    وهذه الميزة من أهم مزايا الدليل الرقمي على الإطلاق، بل يمكن القول بأنها الميزة التي يتمتع بها الدليل الرقمي دون غيره من الأدلة التقليدية، وهو بذلك يشبه الدليل العلمي المتعلق بالحمض النووي DNA، إذ إن كليهما يصعب التخلص منهما.

    ففي مجال الأدلة التقليدية، كثيراً ما كانت أجهزة العدالة تعاني من مسألة التخلص من الأدلة المادية، إذ يمكن التخلص من بصمات الأصابع بمسحها من موضعها، ويمكن التخلص من الأوراق التي تحمل إقرارات معينة بتمزقها وحرقها، كما يمكن التخلص من الشهود بقتلهم أو تهديدهم بهدف عدم الإدلاء بشهاداتهم. وفي جميع هذه الحالات يكون من الصعب إن لم يكن مستحية استرجاع أو استرداد هذه الأدلة.

    أما في حالة الدليل الرقمي فالأمر يختلف تماما. فمسألة التخلص من الملفات الإلكترونية عن طريق تعليمات Delete أو Erase أو حتى في حالة إعادة تهيئة القرص الصلب Format وغيرها، لا تشكل عائقا يحول دون استرجاع هذه الملفات -كليا أو جزئية – التي تم إلغاؤها أو إزالتها من الحاسوب.

    ومن القضايا التي أبرزت هذه الميزة، أنه أثناء التحقيق مع الكولونيل “أوليفر نورد” في قضية إيران عام 1986، تم استعادة جميع الرسائل الإلكترونية المتعلقة بالجريمة، بعد أن قام هذا الكولونيل بحذفها من حاسوبه، إذ لم يكن هذا الأخير يعلم بأن هذه الرسائل يمكن استعادتها عن طريق النسخ المحفوظة في النظام .

    3- مساوئ الدليل الرقمي:

    للدليل الرقمي عدة مساوئ، وهي:

     أ- الدليل الرقمي دليل غير مرئي:

    ليس للدليل الرقمي طبيعة مادية ملموسة كما هو الحال في الأدلة التقليدية، فالأجهزة التقنية لا تفرز سكينة عليها بصمات القاتل، أو ما يمكن ضبطه مع السارق في جريمة السرقة وغير ذلك، فكل ما تنتجه التقنية هو عبارة عن نبضات إلكترونية يمكن أن تدل في مجموعها على أنماط السلوك الإنساني.

    و الواقع أن هذه الطبيعة غير المرئية للدليل الرقمي تلقي بظلالها على أجهزة الضبط القضائي التي تتعامل مع هذه الجرائم المستحدثة، لأن غياب الدليل المرئي يشكل عقبة كبيرة أمام كشفها .

    ب الحجم الكبير للبيانات التي يوجد فيها الدليل الرقمي:

    يحتوي القرص الصلب مثلا على حجم كبير من البيانات والمعلومات غير المرتبة، ولكن ما يتعلق بالجريمة قد يشكل جزأ صغيرة فقط من هذه المعلومات.

     و يمكن تشبيه حجم المعلومات هذا بموجات الراديو الموجودة في الهواء والتي تحتوي على بيانات متشابكة، الأمر الذي يجعل من الصعوبة بمكان معرفة الإشارة المطلوبة وترجمتها إلى بيانات مفهومة.

     فالوصول إلى الدليل الرقمي المطلوب يشكل تحدية أمام الخبير المعلوماتية.

    ج- الدليل الرقمي دليل ظرفي:

    الدليل الرقمي هو عادة دليل ظرفي، فمعرفة عنوان الإنترنت IP مثلا يشير إلى الحاسوب الذي ارتكبت الجريمة بواسطته فقط، دون أن يحدد مرتكب الجريمة بالذات، الأمر الذي يجعل من الصعوبة بمكان، نسبة النشاط الجرمي إلى شخص ما، ما لم يتم القيام بالعديد من التحقيقات للتأكد من ذلك.

    ففي إحدى القضايا التي عرضت على المحاكم الأمريكية، نازع المدعى عليه في جميع الأدلة التي وجدت على حاسوبه، لأن المحققين لم يستطيعوا إثبات أنه هو الشخص الذي قام بالنشاطات غير الشرعية على الإنترنت .

    وتجدر الملاحظة في هذا المجال إلى أن المساوئ المشار إليها، والتي تقف في وجه الدليل الرقمي في هذه الأيام، قد لا يكون لها أثر في القريب العاجل، لأن التطور المتسارع للبرمجيات في عصر الثورة الرقمية قادر على إزالة معظم الصعوبات التي تقف حائلا دون نمو هذا الدليل المستحدث.

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1