الوسم: استشارات محامي مجانية

  • الدليل القانوني والحقوقي للأجنبي في تركيا

    الدليل القانوني والحقوقي للأجنبي في تركيا

     محامي-سوري

     نظام الحقوق في تركيا

    تركيا دولة قانون ومتبنية مبدأ سيادة القانون.

    القانون في تركيا متساوي للجميع دون التمييز بين اللغة ، العرق ، اللون ، الجنسية، الفكر السياسي، العقيدة الفلسفية، الدين ، المذهب وما شابه ذلك من اسباب .

    قواعد القانون التركي مكتوبة وهي الدستور ومن ثم القوانين والمرسوم واللوائح والتعليمات والتبليغات وما شابه ذلك من معاملات تنظيمية.

    إلى جانب ذلك هناك الإتفاقيات الدولية التي أصبحت سارية المفعول وفق الأصول والتي تعتبر بحكم القانون.

    الدستور التركي المنظم عام 1982 يتضمن بأوسع شكل من اشكال الدولة وبنيتها وطريقة حكمها وأجهزتها ووظائف تلك الأجهزة والعلاقات فيما بينهم والحقوق الأساسية الخاصة بالأفراد.

    يطبق القانون التركي على الأجانب الذين يدخلون تركيا للحصول على الحماية الدولية وتكون المحاكم التركية هي صاحبة الصلاحية في حل الخلافات المتعلقة بهم.

    القانون الذي يتم تطبيقه على المهاجرين الشرعيين في تركيا والأجانب الذين لا يزالون يحملون جنسية بلادهم يتم تحديدها وفق أحكام القوانين الدولية وعلى أساس جنسية الأجنبي وقانون بلاده.

    تمنح القوانين في تركيا حقوقا عديدة للأفراد ولكن لا توجد حرية مطلقة لإستخدام تلك الحقوق.

    عند إستخدام الفرد لحقوقه تكون هناك حدود قانونية لذلك وعلى أساسها يجب أن يتصرف الفرد. على سبيل المثال :

    بإمكان الفرد أن يتصرف بمنزله كما يشاء ولكن لا يحق له إزعاج جيرانه.

    بإمكان الفرد إستخدام املاکه كما يشاء ولكن لا يحق له ان يستخدمه بشكل منافي للأخلاق والأدب.

    يجب على الفرد أن يستخدم حقوقه بشكل يحترم به حقوق الآخرين.

    إجراءات كاتب العدل

     كاتب العدل في تركيا هوالمقام الذي يوفر الصفة الرسمية للوثائق، هي المؤسسة التابعة للدولة والتي تصدق مصداقية المعاملات.

    تطلب المؤسسات الرسمية أو الغير رسمية أحيانا تصديق الكاتب العدلي على الوثائق للتأكد من صحتها لذا فقد تحتاجوا أحيانا مراجعة كاتب العدل هناك بعض إجراءات التي لا يمكن القيام بها إلا في كاتب العدل وقد تم أدناه توضیح بعض منها:

      إجراءات إصدار الوكالة (حق تمثيل)

    إجراءات بيع السيارة تصديق الوثائق المترجمة تصديق الدفاتر التجارية والمالية

    عقود البيع ، إصدار وثيقة التعميم للتوقيع

    إرسال إنذار وإخطار تنظیم محضر تثبیت إجراءات الكفالة”

    إجراءات الأمانة والقبول والحفظ ، تصديق التاريخ و علامة والتوقيع على الوثائق الغير الرسمية

    القيم الأساسية لنظام القانون في تركيا

    تعتبر تركيا من الدول الأساسية التي تقوم بخطوات مهمة للحفاظ على الحقوق والحريات الأساسية للأفراد.

    تقوم تركيا اليوم بدمج معايير الحقوق والحريات الأساسية بالقانون الداخلي والإتفاقيات الدولية وتضع عليها أجهزة مراقبة،

    كما تقوم مع المبدأ المساواة المواطنة للمواطنين بإجراء بإصلاحات لتحقيق حقوق وحريات واسعة في جميع المجالات. تزايدت الإصلاحات الخاصة بالديموقراطية والحقوق والحريات الأساسية وحقوق الإنسان منذ عام 2000.

     الحقوق والحريات الأساسية سارية على الجميع وهي تحمل الفرد والمجتمع والعائلة مسؤوليات وواجبات تجاه الأخرين.

     ، الجميع متساوي أمام القانون ،

    الجميع يمتلك حق الحياة وحماية وجوده الجسدي والمعنوي وتطويرها ،

     لا يمكن تشغيل أي أحد جبراً ،

     الجميع يمتلك حق الحرية والأمان الشخصي.

     الجميع يمتلك حق أن ينال إحتراما لحياته الخاصة وحياته العائلية وسرية الحياة الخاصة هي تحت الحماية.

    هناك حماية الحصانة المسكن ،

     والجميع يمتلك حق التخابر

     الجميع يمتلك حق الإستقرار وحق السفر ،

     الجميع يمتلك حق حرية الدين والضمير

     مهما كانت الأسباب فلا يمكن إجبار أي شخص على الإعلان عن أفكاره وقناعته

      الجميع يمتلك حق التعبير عن فكره بالكلام والكتابة والرسم والطرق الأخرى سواء أن كان بمفرده أو مع مجموعة ،

     الإعلام حر ولا يوجد تحديد للإعلام.

      الجميع يمتلك حق تأسيس جمعية دون الحصول على إذن مسبق ويوجد حق العضوية في الجمعيات وحرية الخروج من العضوية.

     لا يمكن منع أي شخص من حصوله على التعليم.

      الجميع يمتلك حق العمل في جميع المجالات وعقد عقود للعمل.

      لا يمكن تشغيل أحد بعمل لا يتناسب مع عمره وجنسه وقوته.

    المعلومات الأساسية بخصوص قانون العقوبات

     قانون العقوبات هو قانون يتحدث عن التصرفات التي تعتبر جرمأ وما هي العقوبات التي قد يتعرض لها الفرد في حال إرتكاب تلك التصرفات.

    طوال إقامتكم في تركيا فأنتم ملزمون بالتقيد بقواعد القانون التركي.

    في حال إرتكابكم لفعل يعتبر جرمة في تركيا تتم محاكمتكم وفق قانون العقوبات التركي.

    إرتكاب الجرم بشكل كامل أو جزئي في تركيا أمر كافي لتطبيق القوانين التركية.

    المباديء الأساسية لقانون العقوبات :

      كي يكون فعل المقترف جرمأ يجب أن يكون مذكورة في القانون كجرم.

     لا يمكن معاقبة أحد على تصرف لم يذكر في القانون کجرم.

     عدم معرفة قوانين العقوبات لا يعتبر عذراً.

     لا يوجد في قانون العقوبات التركي جرم أو عقوبة دون تقصير.

     لا يمكن تحميل احد جرم الغير ومعاقبته عليه.

      يتم وضع عقوبة لمقترف الجرم حسب نوع الجرم وتقصيره وبشكل يتناسب مع العدالة وحقوق الإنسان و لا يمكن معاقبة طفل تحت سن 12 سنة على جرم إرتكبه ولكن يؤخذ بحقه تدابير أمنية.

    المعلومات الأساسية عن قانون الإدارة

    تقوم الإدارة بجميع إجراءاتها وأعمالها وفق مصلحة الشعب ومع الإلتزام بالقوانين.

    في حال إعتقادكم ان الإدارة لا تقوم بعملها بالشكل المطلوب وللدفاع عن حقوقكم فبإمكانكم مراجعة القضاء الإداري وطلب إلغاء الإجراءات المتخذة بحقكم وتعويضكم عن الأضرار.

    يتكون القضاء الإداري من المحاكم الإدارية ومحاكم الضريبة ومحاكم المنطقة الإدارية ومجلس السيادة. للحصول على معلومات مفصلة عن القضاء الإداري بإمكانكم إستشارة مستشار قانوني أو محامي.

     

    الحقوق والإلتزامات المدنية

    العائلة

    العائلة هي أساس المجتمع التركي.

    هناك أهمية كبيرة لحماية العائلة لكون العلاقات العائلية مسألة تؤثر على المجتمع وبنيته.

    إستقرار العائلة وحمايتها أمر تحت ضمان الدستور والقوانين.

    كما تتكون العائلة في تركيا من الزوج والزوجة والأطفال، وتتكون ايضاً من مجموعة من الأقارب الذين يعيشون معاً.

    الولادة

    تركيا من الدول التي تقل بها نسبة وفيات الأطفال عند الولادة.

     من المعروف أن الولادة في شروط صحية وفي مؤسسة ذات صلاحية ( مستشفي – دار ولادة وما شابه ذلك ) والقيام بالفحوصات اللازمة بشكل منتظم بعد الولادة هي عوامل تقلل من وفيات الأطفال والأمهات.

    إذا كنتي إمرأة عاملة في تركيا فلك حق الحصول على 8 أسابيع إجازة قبل الولادة و8 اسابيع إجازة بعد الولادة.

    في هذه الفترة تكونين تحت الحماية من الطرد من العمل وتحت الحماية الصحية لك ولطفلك.

    عند إنتهاء الإجازة يمكنك الحصول على إجازة إضافية لمدة 6 شهور دون أجرة من خلال تقديم طلب خطي وحتى يصل طفلك لعمر سنة لديك حق إذن الرضاعة كل يوم لمدة ساعة ونصف.

    بعد الولادة يجب تسجيل ولادة الطفل خلال 30 يوم في مديرية النفوس وخلال 20 يوم عمل من الولادة يجب إبلاغ مديرية إدارة الهجرة بالولادة.

    أثناء تسجيل الولادة يجب تقديم البيانات الخاصة بالأب والأم وتقرير الولادة.

    في حال عدم وجود تقرير ولادة من الممكن قبول المعلومات التي تقدم بيانية.

    إن إجراءات تسجيل ولادة أطفالكم إلى مديرية النفوس وادارة الهجرة للمقاطعة يؤدي إلى الاستفادة من الحقوق والخدمات التي سيتم توفيرها لهم.

    الخطوبة

    الخطوبة والتي تعتبر الخطوة الأولى للزواج في تركيا يتم الإعلان عنها شفهياً. في حال رغبتكم خطبة أحدهم لا ينبغي لكم أخذ إذن من مقام رسمي.

    أن تكونوا مخطوبين لاحد لا يعني أنه يجب عليكم الزواج .

    في حال رغبتكم فسخ الخطوبة لا ينبغي أخذ إذن من مقام رسمي.

    الزواج

    سن الزواج المسموح به في تركيا 18 سنة.

    الزواجات التي يتم الزواج في تركيا بالإعلان عن الرغبة في الزواج أمام موظف الزواج وعلى الأقل بحضور شاهدين.

    لهذا السبب ، الزواج الذي يتم عقده عند الإمام لا يتم قبوله تعقد بشكل ولا يعطي الحقوق القانونية، ولكن بعد عقد النكاح الرسمي يمكن لمن يرغب حسب عقائده الدينية عقد نكاح الإمام.

    في دولتنا يقوم الزواج على أساس الزواج الأحادي. لهذا السبب يمكن الزواج في نفس الوقت بزوجة واحدة فقط ، القانون لا يسمح بتعدد الزوجات ، الزواج من أشخاص من نفس الجنس غير ممكن قانونياً (رجل – رجل أو إمرأة – إمرأة).

    في مؤسسة الزواج، الرجل والمراة يتمتعون بنفس الحقوق. لا يتمتع جنس على جنس بحقوق إضافية.

    لا يسمح على الإطلاق بممارسة الشدة الجسدية ، الجنسية والنفسية بين الجنسين.

    في حال تعرضكم للعنف العائلي يمكنكم أخذ معلومات حول هذا الموضوع من قسم الحالات الطارئة الموجود في الكتيب.

    يحق لكم خلال إقامتكم في تركيا الزواج من مواطنة تركية او اجنبية.

    لهذا عليكم إحضار الوثائق اللازمة ومراجعة بلدية المنطقة التي تقيمون بها.

    لمعرفة الوثائق المطلوبة يمكن الذهاب للبلدية والسؤال.

    في حال الزواج من مواطنة تركية، بعد 3 سنوات من الزواج يحق طلب الجنسية التركية، إلى جانب هذا يصبح الأطفال عند ولادتهم حاملي الجنسية التركية

    منع الزواج

     تمنع القوانين في تركيا زواج بعض الأشخاص من بعض الأسباب طبية و أخلاقية. هذه الأسباب هي كالتالي:

    ، ممنوع الزواج بين الأخوة. أيضا ممنوع زواج الأخوة من أم أو أب واحد.

     ، ممنوع الزواج من العم، الخال، العمة والخالة، لكن مسموح الزواج مع ابن/بنت العم، الخال، العمة والخالة.

     ، ممنوع الزواج من الأجداد أو الأحفاد حتى لو كان الزواج منتهي. يعني ممنوع الزواج من والدي أو أولاد الطرف الآخر حتى لو كان الزواج منتهي

     ، المتبني لا يحق له الزواج ممن تبناه او من النسل الأعلى أو الأسفل لأحد الطرفين.

    في تركيا يمكن لكل شخص أن يكون له زوجة واحدة.

    إذا كان متزوج في تركيا او له زواج مستمر خارج تركيا فلا يحق له الزواج مرة أخرى.

    عند الرغبة في الزواج على الشخص إثبات أن زواجه السابق قد انتهی.

    ، المريض عقليا اذا لم يكن لديه تقرير صحي يوضح عدم وجود مانع لزواجه فإنه لا يحق له الزواج.

     المرأة لا يحق لها الزواج مرة أخرى بعد طلاقها إلا بعد مرور 300 يوم ، لكن في حال إثبات انها ليست حامل بالتقرير الطبي فلا داعي لإنتظار هذه المدة.

    بعد الطلاق يتم مراعاة الوضع المادي والاجتماعي والمقارنة بينهما من أجل حضانة الأطفال. عند إصدار القرار تتم مراعاة منفعة الطفل الأعلى درجة.

     

    الطلاق

    لا يوجد أي مانع قانوني في تركيا من أجل الطلاق.

    دعاوى الطلاق تكون في محاكم الأسرة، يتم طلب الطلاق بالعريضة المقدمة للمحكمة الإصدار قرار الطلاق على الزوجين التواجد في المحكمة،

     إذا لم يأت أحد الطرفين فإن الطلاق لا يحدث. بعد الطلاق وخلال 20 يوم يجب إبلاغ مديرية النفوس و مديرية دائرة الهجرة للولاية بتغيير الوضع المدني.

     

    أسباب الطلاق الموجودة في القانون كالآتي:

     و إذا زني أحد الزوجين. و إذا حاول أحد الزوجين قتل الأخر.

     و إذا عامل أحد الزوجين الأخر بشكل سيء وجارح لغروره.

     ، إذا مارس احد الزوجين تصرفات لا تليق بمفهوم الشرف والكرامة، وتحول الحياة الزوجية لوضع لا يطاق.

    ، ترك بيت الزوجية و إذا أصبحت الحياة صعبة بين الزوجين واهتز أساس وحدة الزواج.

     و إصابة أحد الزوجين بمرض عقلي لا يمكن معالجته.

     و أيضا يمكن الإتفاق بين الطرفين والطلاق بقرار المحكمة.

    بعد الطلاق يتم مراعاة الوضع المادي والاجتماعي للأبوين والمقارنة بينهما من أجل حضانة الأطفال. عند إصدار القرار تتم مراعاة منفعة الطفل لأعلى درجة.

     

    الوفاة

    على أقرباء المتوفي تسجيل حالة الوفاة التي حدثت في تركيا بتقديم أوراق الوفاة الى مديرية النفوس خلال عشرة أيام.

     يتم كتابة شهادة الوفاة من طرف المستشفى التي حدثت فيها الوفاة ، لكن لو حدثت الوفاة في البيت يمكن أخذ شهادة الوفاة من طبيب مركز صحة المجتمع او الطبيب المناوب.

     واقعة الوفاة يجب الإبلاغ عنها خلال 20 يوم لمديرية إدارة الهجرة الموجودة في المحافظة لمزيد من المعلومات حول الوفاة ومعاملات الجنازة يمكنكم النظر إلى قسم ’’ خدمات الجنازة، في الكتيب.

     الميراث

     الميراث هو عبارة عن ما أكتسبه الشخص وهو على قيد الحياة من مكاسب ، أملاك ، حق وديون. مثل أي شخص في تركيا انتم أيضا لكم حق الميراث ، من ناحية حقوق الميراث فإن الرجل والمرأة متساويان في حق الميراث. إذا كنتم مقيمين في تركيا بطلب الحماية الدولية أو الحماية المؤقتة ، فإن قضايا الميراث تدور في المحاكم التركية ويتم تطبيق القوانين التركية.

    أما المقيمين بوضع أخر فيتم تطبيق قوانین ما بين الملل.

    في حال بقاء غير منقول موجود في تركيا كميراث ، يتم تطبيق القوانين المتعلقة باستملاك الأجانب لغير المنقول.

    المزيد من المعلومات حول الميراث يمكنكم استشارة مستشار قانوني أو محامي.

     

    إذا كنتم مشمولين في بلدنا في نطاق الحماية الدولية او الحماية المؤقتة فتتم دعاوی الميراث في المحاكم التركية ويتم تطبيق القانون التركي.

  • ورقة الضد ( تعريفها – شكلها – شروطها – خصائصها – آثارها)

    ورقة الضد ( تعريفها – شكلها – شروطها – خصائصها – آثارها)

    ورقة الضد

    1- تعريف ورقة الضد

    ورقة أو عقد الضد هو العقد أو الاتفاق الحقيقي الذي يحرص المتعاقدان على ستره وإخفائه ، وذلك عن طريق تنظيم عقد ظاهر يحجب حقيقة التراضي عن الأنظار ، وقد ورد في معظم المؤلفات التعريف التالي لعقد الضد وللصورية :

    عقد الضد هو العقد المستتر الذي يبطل أو يعدل مفاعيل العقد الظاهر .

    والعقد المستتر يعبر عن الإرادة الحقيقية للمتعاقدين ، في حين أن العقد الظاهر يعبر عن إرادةوهمية .

    ثانياً- شرائط ورقة الضد

    مما سبق نستنتج أن ثمة شروطاً يجب توافرها في عقد أو ورقة الضد :

    1- يجب أن يكون العقد الظاهر مجرد ستار كاذب يخفي العقد الحقيقي .ومن شروط الصورية أن يكون العقد الظاهر وهمياً ، لأن غرض المتعاقدين الوحيد من عمله ، هو أن يكون ستاراً للعقد الحقيقي وقناعاً يحجبه عن الأعين .

    2- يجب أن يكون العقد الحقيقي معاصراً للعقد الظاهر. ويكفي وجود معاصرة ذهنية بين العقد الحقيقي والعقد الظاهر أي المعاصرة التي دارت في ذهن المتعاقدين وانعقدت عليها نيتهما وقت صدور التصرف الظاهر ، فهذه المعاصرة الذهنية هي الشرط الواجب في ورقة الضد ولا يشترط أن تكون المعاصرة مادية إذ لا شيء يحول دون كتابة العقد المستتر قبل أو بعد كتابة العقد الظاهر بمدة قد تطول أو تقصر ، وتبعاً لما سبق فإن اتحاد التاريخ بين العقدين المستتر والظاهر يعتبر قرينة بسيطة على الصورية في العقد ولكن اختلاف التاريخ ليس دليلاً قاطعاً على جديته.

    3- يجب أن لا يتضمن العقد الظاهر الإشارة إلى عقد آخر تواطأ الطرفان على إخفائه لأن أي إشارة في العقد الظاهر للعقد الخفي تلغي الغرض المنشود من هذا العقد الخفي أو الحقيقي المراد إبقاءه خفياً عن الغير.

    ثالثاً: خصائص ورقة الضد

    1- وجود عقدين اتحد فيهما الطرفان والموضوع :

    إن ذاتية المتعاقدين في العقدين السري والظاهر، وذات موضوع التعاقد فيهما تقتضيه طبيعة عقد الضد ذاته من حيث كونه عقداً يلغي أو يعدل عقداً ظاهراً بصورة كلية أو جزئية ، إذ من المعروف بداهة إن إلغاء عقد أو تعديله يعود مبدئياً لطرفيه أو لأطرافه أنفسهم .

    ولكن لا يشترط اتحاد المتعاقدين في العقدين شخصياً بل يكفي اتحادهما اتحاداً قانونياً .

    2- تناقض العقد السري مع العقد الظاهر :

    أي أن ورقة الضد تستلزم وجود اتفاقين متعارضين الاتفاق الثاني يلغي الاتفاق الأول الظاهر أويعدله فهما ضدان لايجتمعان أي استحالة تنفيذهما معاً وهذا الشرط هو العلامة المميزة لورقة الضد وعلى ذلك إذا أمكن تنفيذ العقدين فلا يعتبر العقد السري ورقة ضد .

    3- صورية العقد الظاهر :

    بمعنى أن يكون العقد الظاهر وهمياً لأن الغرض الوحيد من عمله مع العقد الحقيقي المستتر هو أن يكون له ستاراً يخفيان به عن الغير حقيقة ما تعاقدا عليه ، فالعقد الظاهر معدوم لا أثر له قانوناً لأن المتعاقدين لم يقصداه وليس هناك لا ايجاب ولا قبول ولم يقصدا منه إلا أن يكون قناعاً للعقد المستتر الحقيقي ليخفيا الحقيقة عن الغير .

    فالعقدان الظاهر والمستتر إذاً هما عقدان متعاصران يصدران معاً في وقت واحد ولا تشترط المعاصرة المادية بل تكفي المعاصرة الذهنية.

    4- العقد الحقيقي المستتر قادر لوحده على هدم أو تعديل العقد الظاهر كلياً أو جزئياً :

    إذا ارتضى الفريقان تنظيم العقد الظاهر بالشكل الذي برز فيه – وهو أبعد ما يكون عن التعبير عن حقيقة مرادهما – فما ذلك إلا لعلمهما بأن العقد المستتر الذي تضمن إرادتهما الحقيقية قادر لوحده على هدم أو تعديل العقد الظاهر بصورة كلية أو جزئية ، أي بالقدر الذي يغاير فيه الحقيقة.

    رابعاُ: شكل ورقة الضد

    لا يوجد في القانون المصري والفرنسي والسوري الذي استمد معظم مواده من القانونين السابقين نص يحدد ورقة الضد .

    وقد ترك المشرع شكل ورقة الضد للقواعد العامة ولحرية المتعاقدين يحررونها بالشكل الذي يرونه مناسباً وذلك مع مراعاة القاعدة الفقهية ” أن الأصل في الأشياء الإباحة.”

    فقلما يهم الشكل الذي يرتديه العقد المستتر أو العقد الظاهر ويكفي توفر الشروط والخصائص المكونة لعقد الضد حتى تنطبق أحكام الصورية .

    مع التذكير أو ورقة الضد تمثل تصرفاً قانونياً ثنائياً باعتبارها عقد مستور بين متعاقدين اجتمعت ارادتهما لتحقيق آثار ونتائج هذا العقد.

    والتصرف القانوني هو إرادة تتجه الى إحداث أثر قانوني كالعقد .

    أما الواقعة القانونية فهي حادث مادي يرتب عليه القانون أثراً سواء أكانت الإرادة اتجهت الى إحداث هذا الأثر أم لا .

    وتجدر الإشارة الى أن العقد المستتر و العقد الظاهر يمكن أن ينظما بشكل سند عادي أو بشكل سند رسمي ويمكن أن ينظم أحدهما بشكل سند عادي وينظم الآخر بشكل سند رسمي.

    وقد قضت محكمة النقض بقرارها رقم 577/435 تاريخ 3/6/1976 نشرت في المحامون عام 1976 ص /679/ على :

    إن اسباغ الصفة الرسمية على العقد الصوري لا يحصنه ضد قبول إثبات وجود العقد الحقيقي بالبينة الشخصية متى كان من الجائز اعتمادها كدليل لأن العقد الصوري لا وجود له قانوناً فتسجيله وعدمه سيان .”

    لكن يبقى السؤال عما إذا كان يمكن أن يكون كل من العقد الظاهر والعقد المستتر شفهياً ؟

    والرأي أنه لا شيء يحول دون أن يكون عقد الضد شفهياً وكذلك العقد الظاهر فليس ثمة ما يوجب تنظيم سند خطي للقول بوجود الصورية .

    خامساً : آثار ورقة الضد

    1- ورقة الضد والصورية :

    كما ذكرنا فورقة الضد أو عقد الضد هو عقد يكتب سراً بين متعاقدين ليمحو أثر عقد ظاهر أو يعدل فيه أو بعبارة أخرى ليمحو أثر العقد الظاهر كلياً أو جزئياً ، كما إذا أراد مدين تهريب شيء له من دائنه فيبيعه بيعاً صورياً لآخر ويأخذ عليه ورقة ضد تفيد الصورية وأن الشيء لازال ملكه .

    فالعقود الصورية إذاً تحوي غشاً أو تغييراً للحقيقة يساعد على الغش ولذلك منعتها القوانين الفرنسية القديمة بل وكانت تعاقب على الصورية وتحرير ورقة الضد في بعض الأحوال بغرامة كبيرة وقد أجاز القانون المدني السوري الصورية بالمادتين /245/ و/246/ كما سنرى فيما يلي:

    تنص المادة /245/ قانون المدني السوري على ما يلي :

    ” إذا أبرم عقد صوري فلدائني المتعاقدين والخلف الخاص متى كانوا حسني النية أن يتمسكوا بالعقد الصوري كما لهم أن يتمسكوا بالعقد المستتر ويثبتوا بجميع الوسائل صورية العقد الذي أضر بهم.

    إذا تعارضت مصالح ذوي الشأن فتمسك بعضهم بالعقد الظاهر وتمسك الآخرون بالعقد المستتر كانت الأفضلية للأوليين. “

    ونصت المادة /246/ على مايلي :

    ” إذا ستر المتعاقدان عقداً حقيقياً بعقد ظاهر فالعقد النافذ فيما بين المتعاقدين والخلف العام هو العقد الحقيقي . “

    ومن هذه النصوص يتبين لنا أثر الصورية ” ورقة الضد ” بالنسبة للمتعاقدين والخلف العام والغير والخلف الخاص .

    2- أثر ورقة الضد بالنسبة للمتعاقدين والخلف العام :

    لا بد لنا من تعريف الخلف العام ، وذلك لتوضيح ما قصد به المشرع بنص المادة /246/ من القانون المدني السوري وهو :

    ” من يخلف سلفه في ذمته المالية كلها ( كالوارث الوحيد ) أو في جزء شائع منها ( كالوارث مع غيره أو الموصى له بحصة من التركة ) “

    وعليه فإن أثر ورقة الضد بين المتعاقدين والخلف العام تؤدي إلى ما يلي :

    – العقد الظاهر لا وجود له : بدلالة المادة /246/ من القانون المدني السوري فلا يعمل به وهذا ما يقتضيه سلطان الإرادة ذلك أن المتعاقدين إنما أرادا العقد المستتر لا العقد الظاهر فوجب أن يلتزما بما أراداه لا بما لم يريداه .

    فإذا باع شخصاً عيناً من آخر بيعاً صورياً واحتفظ بورقة الضد ففيما بين البائع والمشتري لا وجود للبيع ويبقى البائع مالكاً للعين وله حق التصرف فيها ويستطيع أن يبيعها جدياً بعد ذلك إلى مشترٍ ثانٍ والمشتري الثاني هو الذي تنتقل إليه الملكية وليس للمشتري الصوري الأول أن يحتج بعقد البيع الصوري على المشتري الثاني ولو سجل البيع الصوري قبل تسجيل البيع الجدي .

    كذلك ، إذا مات البائع فالعين الباقية في ملكه تنتقل بالميراث إلى وارثه الخلف العام إذ العبرة بالنسبة إلى الخلف العام بالعقد الحقيقي أيضاً لا بالعقد الصوري، فالبائع الصوري يبقى مالكاً للعين وتنتقل منه الملكية إلى وارثه والمشتري الصوري لا تنتقل إليه ملكية العين ، ومن ثم لا تنتقل منه هذه الملكية الى وارثه .

    وهذا ما استقر عليه اجتهاد محكمة النقض :

    ” إن أثر ثبوت صورية العقد الواقع على عقار يستتبع اعتبار هذا العقد غير موجود وبالتالي الى الغاء التسجيل الذي تم بالاستناد اليه .” ( نقض مدني سوري /255/ أساس /157/ تاريخ 30/4/1963 مجلة نقابة المحامين ص 65 لعام 1963 )

    ولما كانت الصورية كثيراً ما تستعمل لخديعة الغير والتحايل على القانون فقد اقتصر القانون على منع تحقيق أغراضها غير المشروعة دون أن يجاوزه إلى إبطال العقد الحقيقي الذي قصده المتعاقدان وهذا ما نصت عليه المادة السادسة من قانون البينات السوري بقولها :

    ” وأما الأوراق السرية التي يراد بها تعديل الأسناد الرسمية أو الأسناد العادية فلا مفعول لها إلا بين موقعيها .”

    وهذا ما استقر عليه اجتهاد محكمة النقض :

    ” إن العقد الصوري لا يكون معدوم الأثر إلا بين المتعاقدين والخلف العام ، أما الأشخاص الآخرين حسنوا النية فلهم الخيار بالتمسك بالعقد الحقيقي المستتر أو بالعقد الصوري الظاهر ، أما الغير سيء النية فيسري بحقه العقد الحقيقي .”

    ( نقض سوري /1123/ ت 13/5/1965 – مجلة القانون ص /639/ لعام 1965 )

     وجوب إثبات العقد الحقيقي والشروط الواجب توافرها فيه :

    فأي من الطرفين يريد أن يتمسك بالعقد المستتر في مواجهة العقد الظاهر يجب عليه هو أن يثبت وجود العقد المستتر الذي يريد التمسك به وفقاً لقواعد الإثبات العامة ، أما إذا لم يستطع أن يثبت أن هناك عقداً مستتراً فالعقد الظاهر هو الذي يعمل به ويعتبر عقداً جدياً لا صورياً ، فإذا ما ثبت وجود العقد المستتر وجب أن تتوافر في هذا العقد حتى يسري فيما بين المتعاقدين جميع الشروط الموضوعية التي يتطلبها القانون وأن يكون العقد المستتر مباحاً .

    فعقد الهبة المستتر في صورة بيع مثلاً يجب أن يصدر من ذي أهلية للهبة وأن تتوافر فيه أركان الهبة الموضوعية وشروط صحتها.

    فإذا توافر كل ذلك سرى على العقد أحكام الهبة لا أحكام البيع.

    أما من حيث الشكل فإن العقد المستتر يخضع الى الشرائط ذاتها المفروضة على العقد الظاهر وعلى ذلك فإن الهبة المبرمة تحت ستار عقد بيع يمكن أن تجري في سند عادي من حيث المبدأ شأنها في ذلك شأن عقد البيع ، مع أن الهبة لا تتم في الأصل الا بسند رسمي وإلا وقعت باطلة ما لم تتم تحت ستار عقد آخر .

    وقد قررت محكمة النقض السورية :

    على أن عقد الهبة هو عقد رسمي لا يتم إلا بالتسجيل وبالتالي فإن تسجيل هذا العقد يكون انصياعاً لحكم القانون واستكمالاً لاجراءات حددها المشرع ويمكن اثبات العقد بوثيقة خطية دون أن تماثل العقد الظاهر في قوتها الثبوتية وعلى هذا فإنه يحق لمن يدعي صورية عقد هبة رسمي مسجل أن يثبت مدعاه بطرق الاثبات المقبولة قانوناً إذ ليس في القانون ما يلزم أن تتحقق الرسمية في ورقة الضد وأن تسجيل عقد هبة بين أقارب لا يهدر المانع الأدبي الا إذا كانوا قد اعتادوا التعامل فيما بينهم بالبينة الخطية . “

    ( قرار /351/ أساس /408/ تاريخ 30/3/1977 – محامون ص /337/ لعام 1977 )

    3- أثر ورقة الضد بالنسبة للمتعاقدين والغير :

    لا بد لنا من تحديد من هو الغير في الصورية .بحسب المادة /245/ من القانون السوري الغير هو : ” كل من اعتمد على العقد الصوري واطمأن اليه معتقداً بحسن نية أنه عقد حقيقي فبنى عليه تعامله .”

    والعدالة تقتضي في هذه الحالة أن يعتبر العقد الصوري بالنسبة له عقداً قائماً ينتج أثره إذا كانت له مصلحة في ذلك ، أما إذا كان عالماً وقت تعامله بصورية العقد فالعقد الحقيقي هو الذي يسري في حقه شأنه في ذلك شأن المتعاقدين.

    ويترتب على ذلك أنه يدخل في الغير كل من :

    1- كل من كسب حقاً عينياً : من أحد المتعاقدين على الشيء محل التصرف الصوري سواء كان هذا الحق سابقاً للتصرف الصوري أو تالياً له.

    فلو باع شخص داراً من آخر بيعاً صورياً فكل من كسب حقاً عينياً على هذه الدار قبل التصرف الصوري أو بعده من البائع أو المشتري يعتبر من الغير في البيع الصوري الذي تم كدائن مرتهن أو مشتر.

    2- الدائنون الشخصيون للمتعاقدين : فدائن المشتري في البيع الصوري يعتبر من الغير إذ أنه قد إطمأن الى الشيء محل التصرف الصوري أنه قد انتقل الى المشتري فدخل في ضمانه العام وله في هذه الحالة أن يتمسك بالعقد الصوري.

    وكذلك دائن البائع في البيع الصوري يعتبر من الغير ولكن لسبب آخر هو أن الشيء محل التصرف لم يخرج من الضمان العام للدائن ، فللدائن في هذه الحالة أن يتمسك بالعقد الحقيقي ، حيث يجب حمايته من غش المدين.

    والدائن الشخصي يعتبر من الغير في الصورية سواء كان حقه مستحق الأداء أو غير مستحق الأداء وسواء كان سابقاً على التصرف الصوري أو تالياً لهذا التصرف. إذ أن تصرف المدين الصوري يبقى صورياً حتى بالنسبة الى الدائنين الذين استجدوا بعد هذا التصرف .

    وما قلناه في الدائن الشخصي للبائع نقوله في الدائن الشخصي للمشتري فهو من الغير وفي الحالتين دخل الشيء ظاهراً في الضمان العام للدائنين .

    ” لدائني البائع أن يتمسكوا بالعقد المستتر حتى يتمكنوا من التنفيذ على العين المبيعة .

    والحكم في هذه الحالة يقرر أمراً واقعاً وتبقى العين المباعة صورياً ضماناً عاماً لوفاء الديون . “

    ( نقض مدني سوري /610/ أساس /389/ تاريخ 9/12/1962 مجموعة القواعد القانونية – ص 220 )

    3- كل شخص لم يكن طرفاً في العقد الصوري : وقد انخدع به يمكن أن يعتبر من الغير ويحق له التمسك به أو طلب إعلان صوريته حسب مصلحته حتى ولو كان هذا الشخص قد باع في الأصل العين موضوع النـزاع بيعاً صورياً ، فمثلاً إذا باع زيد لعمر منـزله بيعاً صورياً ثم مات عمر فباع وارثه المنـزل لآخر بيعاً صورياً أيضاً يعتبر زيد من الغير بالنسبة لعقد البيع الصادر من وارث عمر ويترتب على ذلك أنه يجوز له اثبات صورية هذا العقد بجميع طرق الاثبات .

    ” إن ثبوت الصورية في العقد يخول كل ذي مصلحة من أصحاب الحقوق العينية على العقار أو من دائني المتعاقد أن يتمسك بالعقد المستتر سواء كان الدين مستحقاً أو غير مستحق الأداء .”

    ( نقض مدني سوري /255/ أساس /157/ تاريخ 30/4/1993 مجلة المحامون ص 65 لعام 1963 )

    4- الدائن يعتبر من الغير بالنسبة للتصرفات الضارة به والصادرة عن المؤرث والمتعلقة بحقوق تبلغونها مباشرة من القانون كحقوقهم الارثية مثلاً وفي حالة التصرف لوارث الذي يتضمن هبة أو وصية.

    ” إذا قصد المؤرث ستر الوصية تحت ستار عقد بيع بقصد الاضرار بالورثة فيعتبر هؤلاء الورثة من الغير ، وللشخص الثالث أو الغير إثبات عكس البيانات التي تضمنها صك كاتب عدل وذلك بالبينة الشخصية إذا توفرت الحالات المشار اليها في المادتين 56 و 57 بينات / نقض سوري /.

    ( نقض سوري /170/ أساس /2036/ تاريخ 4/2/1982 / سجلات محكمة النقض 1982 – ص 345 )

    4- حق الغير أن يتمسك بالعقد المستتر :

    قد رأينا أن المادة /245/ من القانون المدني السوري حددت الغير بأنهم دائنوا المتعاقدين والخلف الخاص ولهؤلاء التمسك بالعقد المستتر لأن الأصل أن العقد المستتر هو العقد الذي له وجود حقيقي والذي أراده المتعاقدان هو الذي يسري حتى بالنسبة إلى الغير حتى لو كان هذا الأخير لا يعلم بوجود هذا العقد في بادئ الأمر واعتقد أن العقد الظاهر هو عقد جدي ويترتب على ذلك أن لدائني البائع إذا كان البيع صورياً أن يتمسكوا بالعقد المستتر حتى يتمكنوا من التنفيذ على العين المبيعة على أساس أنها لم تخرج من ملك البائع .

    وكذلك للخلف الخاص إذا كسب حقه بعد صدور البيع الصوري أو قبل صدور هذا البيع فله أن يتمسك بالعقد المستتر ويطعن في العقد الظاهر بالصورية كأن يبيع المالك العين مرة ثانية بيعاً صورياً بعد أن يكون قد باعها بيعاً جدياً ويسجل المشتري الثاني عقده الصوري قبل أن يسجل المشتري الأول عقده الحقيقي أو الجدي فهذا الأخير له أن يتمسك بالعقد المستتر ( الجدي )

    ” إن من يتمسك من الطرفين بالعقد المستتر في مواجهة العقد الظاهر في دعوى الصورية ، عليه إثبات وجود العقد المستتر الذي يريد التمسك به. وفي حال عدم وجود العقد المستتر فالعقد الظاهر هو الذي يعمل به ويعتبر عقداً جدياً .

    ” ( نقض أساس /791/ قرار /1021/84 تاريخ 20/6/1984 ص 125 محامون العدد الأول لعام 1984 )

    5- حق الغير أن يتمسك بالعقد الظاهر إذا كانت له مصلحة في ذلك :

    قضت المادة /245/ من القانون المدني السوري بأن للغير ( أي للخلف الخاص ودائني المتعاقدين ) أن يتمسك بالعقد الظاهر متى كان حسن النية، ومن هنا فتمسك الغير بالعقد المستتر ( الحقيقي ) هو تطبيق للقواعد العامة وهو الذي يسري كما سبق لنا القول .

    أما أن يتمسك الغير بالعقد الظاهر الذي لا وجود له قانوناً فهذا هو الاستثناء ويصبح للغير أن يختار بين العقد المستتر أو العقد الظاهر حسب مصلحته.

    وهو إذا تمسك بالعقد المستتر فلأنه العقد الحقيقي الذي أراده المتعاقدين فيأخذهما بما أرادا .

    وإذا تمسك بالعقد الظاهر فلأن هذا العقد قد خلق مظهراً انخدع به واطمأن اليه وليس للمتعاقدين أن يستفيدا من غشهما في علاقتهما بالغير .

    فالعقد المستتر يقتضيه مبدأ سلطان الارادة والعقد الظاهر يقتضيه مبدأ استقرار التعامل فللغير إذاً أن يتمسك بالعقد الظاهر إذا تحققت له مصلحة في ذلك ، ولكن يجب لتمسكه هذا أن يكون حسن النية أي لا يعلم وقت تعامله مع المالك الظاهر أن العقد الظاهر إنما هو عقد صوري.

    إن العقد الصوري لا يكون معدوم الأثر إلا بين المتعاقدين والخلف العام. أما الأشخاص الآخرين حسنوا النية فلهم الخيار بالتمسك بالعقد الحقيقي المستتر أو بالعقد الصوري الظاهر . أما الغير سيء النية فيسري بحقه العقد الحقيقي .”

    ( نقض سوري /1123/ تاريخ 13/5/1965 – مجلة القانون – ص 639- لعام 1965 )

    فلا بد إذاً من أن يكون الغير جاهلاً بصورية العقد الظاهر حتى يستطيع التمسك به ويكفي أن يجهل الصورية وقت تعامله حتى لو علم بها بعد ذلك.

    كما لو انتقل اليه حق عيني من المشتري بعد صدور التصرف الصوري فيجب وقت انتقال الحق العيني إليه أن يكون معتقداً جدية التصرف الصوري .

    والمفروض أن الغير حسن النية لا علم له بالعقد المستتر وعلى من يدعي عكس ذلك أن يثبت ما يدعيه ولما كان العلم بالعقد المستتر واقعة مادية فانه يجوز اثباتها بجميع الطرق بما في ذلك البينة والقرائن .

    6- التعارض بين غير يتمسك بالعقد الظاهر وغير يتمسك بالعقد المستتر :

    لما كان الغير له أن يتمسك بالعقد المستتر وفقاً لمصلحته ، فإنه يقع كثيراً أن يقوم تنازع فيما بين الأغيار لتعارض المصلحة ويكفي في بيع صوري أن نفرض أن يكون للبائع دائن وللمشتري دائن.

    فدائن البائع مصلحته أن يتمسك بالعقد المستتر ، ودائن المشتري مصلحته أن يتمسك بالعقد الظاهر ، ولا يمكن أن نأخذ بالعقدين معاً . فلا بد إذا من تغليب إحدى المصلحتين .

    فإما أن نحرص على احترام الارادة الحقيقية للمتعاقدين فنغلب مصلحة دائن البائع أو من كسب حقاً عينياً من البائع ونأخذ بالعقد المستتر .

    وإما أن نعنى بثبات التعامل واستقراره فنغلب مصلحة دائن المشتري أو من كسب حقاً عينياً من المشتري ونأخذ بالعقد الظاهر .

    وقد حسم القانون السوري هذا الخلاف : فنصت الفقرة الثانية من المادة /245/ على أنه :

    ” إذا تعارضت مصالح ذوي الشأن ، فتمسك بعضهم بالعقد الظاهر وتمسك الآخرون بالعقد المستتر ، كانت الأفضلية للأوليين . “

    ويترتب على ذلك أن دائن المشتري في البيع الصوري يفضل على دائن البائع، فيقوم هو دون دائن البائع بالتنفيذ على العين المبيعة صورياً ، متمسكاً بالعقد الظاهر إذ هو في مصلحته ، ويمتنع على دائن البائع أن ينفذ على هذه العين وأن يتمسك بالعقد المستتر .

    سادساً : كيف أكتب ورقم أو سند الضد:

    لايوجد نص خاص لورقة الضد ويمكن لكم الاسترشاد بهذا النموذج ( اضغط هنا)

  • محل عقد تقديم الاستشارة القانونية ( الاستشارة والأجر)

     يعرف محل العقد بأنه المعقود عليه أي ما وقع عليه التعاقد ، شريطة أن لا يكون مخالفة للنظام العامة والأداب  ، ويظهر محل العقد في أثر العقد وأحكامه وهو يختلف باختلاف العقود فقد يكون عينة أو منفعة أو عملاً.

    وعندما تطرق المشرع العراقي في القانون المدني لمحل العقد أشار إلى محل الالتزام ، وهذا ما نصت عليه المادة / 124 منه على انه

    (( لابد لكل التزام نشأ عن العقد من محل يضاف إليه يكون قابلا لحكمه ، ويصح أن يكون المحل مالاً ، عيناً كان أو ديناً أو منفعة ، أو أي حق مالي أخر ، كما يصح أن يكون عملا أو امتناع عن عمل ))، وكذلك المواد القانونية التالية لها الخاصة بمحل الالتزام وهو الأمر الذي يلتزم به المدين ، والمتمثل بنقل حق عيني أو القيام بعمل أو امتناع عن عمل.

    ومما تجدر الإشارة اليه إن المشرع العراقي قد خلط بين محل العقد ومحل الالتزام ، والصحيح أن محل العقد يختلف عن محل الالتزام ، إذ ينصرف مفهوم محل العقد إلى ما ورد عليه العقد ، أما محل الالتزام هو تنفيذ ما اتفق عليه المتعاقدين ، كما هو الحال في عقد تقديم الاستشارة القانونية فأن محل عقد الاستشارة القانونية يتمثل في تقديم الاستشارة القانونية والمقابل المالي ، أما محل التزام المستشار القانوني هو تقديم الاستشارة القانونية ، ومحل التزام المستفيد هو دفع الثمن .

    أذن فمحل العقد هو شيء أو دين أو خدمة ذات قيمة مالية ، ويشترط في المحل العقد أن يكون موجودة أو ممکن الوجود في المستقبل ، وان يكون معينة أو قابلا للتعيين ، وان يكون مشروعا .

    وعليه فان محل عقد تقديم الاستشارة القانونية ، يتمثل بالاستشارة القانونية من زاوية المستشار القانوني ، والمقابل المالي عند النظر إلى المحل من زاوية المستفيد ، إذ إن العملية القانونية التي يتم التراضي عليها في هذا العقد هي ليست عملية واحدة فقط وإنما اثنتان ، وهذا ما سنتناوله في الفرعين الآتيين :

    الفرع الأول : الاستشارة القانونية

    الفرع الثاني : الأجر

    الفرع الأول

    الاستشارة القانونية

    تعد الاستشارة موضوع ومحل عقد تقديم الاستشارة القانونية وهدفه وهي الخدمة  التي تقدم من المستشار القانوني إلى المستفيد من خلال الاعتماد على معرفته العلمية العملية كقاعدة أساس.

    والاستشارة لغة أصلها شور أي طلب منه الاستشارة ، اشتور القوم شاور بعضهم بعضا الاستشارة ما ينصح به من رأي وغيره .

    والاستشارة وتقول منه شاؤه في الأمر واستشرته وفلان خير شير أي يصلح للمشاورة وشاوره مشاوة وشوارة واستشاره طلب منه الاستشارة .

    ولم يتفق الفقه القانوني على تحديد معنی جامع للمشورة القانونية كمحل للعقد فذهب البعض إلى اعتبارها معلومات ذات قيمة اقتصادية جديرة بالحماية يمكن نقلها بأي وسيلة وأن العقد الوارد على المعلومات يعد عقد تقدیم مشورة مادام هذا العقد ينشأ التزامأ أصلية بتقديم

    هذه المعلومات ، أي أن الاستشارة القانونية تنصرف إلى الرأي المقدم للمستفيد سواء كان هذا الرأي موجهة اليه أم لم يكن كذلك .

    في حين يرى جانب ثاني من الفقه إلى أن الاستشارة القانونية المقدمة لا تنصرف إلى معنى الرأي المجرد بل يجب أن يكون هذا الرأي هاديا ومرشدا للمستفيد ودافعة لأتخاذ قرار بالتصرف من عدمه.

    ونحن نؤيد الاتجاه الثاني حيث إن تخصص المستشار الدقيق واعتماده على نشاط الفكر والعقل الذي يتميز به ، والثقة التي يوليها المستفيد للمستشار القانوني والغاية التي يسعى أليها المستشار القانوني من تقديم الاستشارة القانونية وهي الأجر ، كل ذلك يحتم أن تكون الاستشارة القانونية موجهه لطالبها لأتخاذ قرار معين ، أي يجب أن تكون هادية ومتضمنة التوجيه الأتخاذ موقف معين .

    ومما سبق يمكن تعريف الاستشارة القانونية بأنها معلومة متخصصة في مجال القانون ، ناتجة عن تحليل ودراسة وضع المستفيد ، وتعكس خبرة المستشار القانوني والتي من شأنها توجيه المستفيد نحو أتخاذ قرار معين .

    وتختلط الاستشارة القانونية ببعض المفاهيم القانونية الواردة في بيان الرأي وإسداء النصح کالمعلومات والفتوى والتفسير .

    فالاستشارة القانونية قد تتشابه مع المعلومة في إن كلاهما معلومات مقدمة من المستشار القانوني أو الخبير أو غيرهم للمستفيد ، ويختلفان عن بعضهما في أن المعلومة ما هي إلا رأي مجرد وبيان في موضوع معين بدون أن يكون من شأنها توجيه المستفيد لأتخاذ قرار معين ، في حين أن عنصر الإرشاد والتوجيه هو الركن الأهم في الاستشارة القانونية ، فالمعلومة تكون مجردة من النصيحة حيث يقتصر التزام مقدمها على وضعها تحت يد المستفيد دون أن يتعدى ذلك حل مشكلة المستفيد في حين أن الاستشارة القانونية يجب أن تكون هادية ومرشدة للمستفيد لحل المشكلة محل الاستشارة.

    وقد تختلط الاستشارة بالفتوى ، فالفتوى لغة : افتاه في الأمر أي أبانه له وأفتي المفتي أذا أحدث حكماً ، وأصطلاحاً يقصد بها ما أجاب العالم أو المختص في المسائل الشرعية وهي على نوعين فتوى يقصد بها تبليغ الأحكام دون أي هدف وفتوى تشمل تقديم اقتراح الحل مشكله ما وهذه تقترب من الاستشارة ، إلا أن الاختلاف بين الاستشارة والفتوى لم يحول ، من الناحية العملية من استخدام لفظ الفتوى في مجالات أبداء الاستشارة خصوصا تلك المتعلقة بالجوانب القانونية كالفتاوى الصادرة من مجلس شورى الدولة بصدد طلب جهة رسمية توضيح جانب معين من قانون بغية الاطمئنان إلى تطبيقه بشكل سليم.

    هذا وقد يختلط مفهوم الاستشارة القانونية بالتفسير ، فالتفسير عملية توضح ما أبهم من الألفاظ وتكميل ما اقتضب من نصوص وتخريج ما نقص من أحكامه والتوفيق بين أجزاءه المتناقضة، فجوهر الخلط بين التفسير والاستشارة القانونية هو أن كليهما عملية فكرية ترتبط بالمعرفة والتخصص ، إلا أنه يمكن وضع الحدود الفاصلة بينهما من حيث أن التفسير لا يعدو أن يكون مجرد رأي لا يتضمن التوجيه والإرشاد في حين نجد أن الاستشارة القانونية يجب أن تكون هادية ومرشدة للمستفيد .

    ويثار في هذا الصدد تساؤل حول الطبيعة القانونية للمشورة القانونية فقد انقسم الفقه القانوني في هذا الصدد إلى اتجاهين:

    فذهب الاتجاه الأول إلى اعتبار الاستشارة القانونية معلومة ، لها طبيعة قانونية خاصة ، بعد التسليم بتميزها عن الأشياء المادية في كونها غير قابلة للحيازة والاستئثار وهذه الطبيعة الخاصة تجعل بالإمكان وضع حماية قانونية للمشورة حتى ولو كانت هذه المعلومة لا تنتمي إلى الفكرة الأدبية أو الذهنية أو الصناعية من خلال إقرار انتماء المعلومة إلى مجموعة القيم المحمية.

    أما الاتجاه الثاني فيري إن الاستشارة القانونية لها قيمة قابلة للاستحواذ ، حيث يرى هذا الاتجاه إن الاستشارة بوصفها معلومات مصاغة في قالب معين تتمتع بأهمية ثقافية وسياسية واقتصادية جديرة بأن ترفعها إلى مرتبة الأموال ، يتحدد سعرها وفقا لظروف العرض والطل، ويستدل هذا الاتجاه على ذلك بما درجت عليه الجهات المتخصصة في تقديم الاستشارات التي يلجأ أليها الأفراد ملتمسا النصح والاستشارة ، من بيع ما لديها من معلومات في ظل حماية القانون .

    ونحن بدورنا نذهب مع الاتجاه الثاني لما يمثله من حماية للمشورة القانونية وضمان لحق المستشار القانوني فيها ، إذ أن هذه الحماية تجعل الجهد المبذول من المستشار في مأمن من الهدر والاستغلال من قبل الغير بدون مقابل.

    ويشترط في الاستشارة القانونية باعتبارها محلا لعقد تقديم الاستشارة القانونية أن تكون ممكنه ومعينة أو قابلة للتعيين ومشروعة فالاستشارة القانونية يجب أن تكون ممکنه لأنه لا التزام بمستحيل والا كان العقد باطلا بحسب نص المادة /۱/۱۲۷ إذ تنص على أنه

    ((1- اذا كان محل الالتزام مستحيلا استحالة مطلقة كان العقد باطلاً )) كمن يطلب مشورة قانونية من محامي حول إمكانية التحايل على القانون للإفلات من عقاب جريمة ارتكبها ، ويجب أن تكون الاستشارة القانونية معينه تعينأ نافياً للجهالة أو يمكن تعيينها إذ تنص المادة / ۱/۱۲۸ | على انه

    ( ۱ – يلزم أن يكون محل الالتزام معينة تعينا نافية للجهالة الفاحشة……) ، ويجب أن تكون الاستشارة القانونية مشروعاً فإذا كانت غير مشروعة و مخالفة للقانون والنظام والآداب العامة  والآداب العامة كان عقد تقديم الاستشارة القانونية باط” حيث نصت المادة / ۱/۱۳۰

     على انه

    (( يلزم أن يكون محل الالتزام غير ممنوع قانونا ولا مخالف للنظام العام وللأداب وألا كان العقد باطلا )).

    ومما تقدم يمكننا القول إن المحل الأساسي في عقد تقديم الاستشارة القانونية يتمثل في الاستشارة التي هي نتاجأ لأداءات ذهنية في مجال القانون ويظهر الباعث الدافع للتعاقد مع المستشار القانوني في الثقة والاعتبار الشخصي ، الذي يعتمد على أداء معين للمستشار القانوني والذي يضع المستفيد ثقته فيه ، لغرض الحصول على الاستشارة الهادية والمرشدة.

    الفرع الثاني

    الأجر

    إن عقد تقديم الاستشارة القانونية باعتباره عقد ملزم للجانبين يرتب التزامات متقابلة على كل طرف من أطرافه ، وهما المستفيد والمستشار القانوني ومن هذه الالتزامات ، الأجرة التي يدفعها المستفيد إلى المستشار القانوني.

    والأجر هو الوجه الثاني للمحل في عقد تقديم الاستشارة القانونية وهو المال الذي يلتزم المستفيد بدفعه للمستشار القانوني في مقابل قيام الأخير بتقديم الاستشارة القانونية ، وبما أن الأجر هو المحل الذي يلتزم به المستفيد لذا يجب أن يكون معينأ بنوعه ومقداره شأنه شأن أي محل للالتزام ، فيلتزم المستفيد أن يؤدي للمستشار القدر المذكور من الأجر في العقد دون أن يكون لارتفاع قيمة هذه النقود أو لانخفاضها وقت الوفاء أي أثر . وليس من اللازم أن يؤدي المدين النقود من النوع المنصوص عليه في العقد ، بل أن المستفيد يودي ما بذمته من الأجر وفق سعر قانوني يساوي القدر المتفق عليه في العقد)، وتشترط القواعد العامة في القانون المدني عدد من الشروط التي يجب أن تتوفر في المحل ، نتناولها تباعاً.

    أولاً : أن يكون الأجر موجوداً أو قابل للوجود:

    الأجر لا بد من وجوده والا كان عقد تقديم الاستشارة من عقود التبرعات ، والأصل أنه متى دلت الظروف على أن الاستشارة ما كانت لتنجز بدون اجر فأن المستفيد يكون ملزمة بدفع قيمتها للمستشار القانوني ، حتى لو جاء العقد خالية من الإشارة إليه ، ويتعين على المحكمة أن تعتبر أن هنالك أتفاق ضمنية بين المستفيد والمستشار القانوني على وجود الأجر إذ تنص المادة / ۲/۸۸۰ من القانون المدني العراقي على

    (( ويجب اعتبار أن هناك اتفاق ضمنية على وجوب الأجر اذا تبين من الظروف أن الشيء أو العمل الموصي به ما كان ليؤدي إلا القاء أجر يقابله)).

    فمتى أعتبر الأجر موجودة فأن مقداره أنما يحدد على أساس اجر المثل ، إذ تنص المادة | /59 من قانون المحاماة العراقي على انه

    (( إذا لم تحدد أتعاب المحاماة بأتفاق خاص يصار في تعينها إلى أجر المثل ))

    وكذلك نص المادة /۳۱ من قانون محاماة في إقليم كردستان العراق إذ تنص على أنه

    (( اذا لم يعين بدل أتعاب المحامي بأتفاق خاص يصار في تعينها إلى أجر المثل)))

    بأعتبار الاستشارة القانونية عمل من أعمال المحاماة حسب ما جاء في المادة / 1/۲۲ من قانون المحاماة العراقي. ويجب أن يكون الأجر جدية أي مقاربة للحقيقة وأن تتجه إرادة المستفيد إلى دفعه وأن تتجه إرادة المستشار القانوني إلى استيفاءه ، وليس من الضروري أن يكون الأجر مساوية تماما لقيمة العمل ، وإنما يجب أن يكون جدية وغير صورية .

    ثانياً : أن يكون الأجر معيناً أو قابلا للتعيين:

    ويكون الأجر معينأ عندما يتفق الطرفان على تحديده في العقد ويحدد الأجر من قبل المستشار القانوني والمستفيد بعدة صور ، فقد يتم تحديد الأجر أجمالا فيتفق المستشار القانوني مع المستفيد على مبلغ أجمالي مقدمة عند أبرام العقد ومن مزايا هذه الصورة إن المستفيد يعلم مقدما مقدار الأجر الذي سيدفعه للمستشار القانوني .

    وقد يتحدد الأجر على أساس ثمن القائمة حيث توجد قائمة تتضمن سعر لكل نوع من أنواع الاستشارة ، وقد لا يعرض المستشار القانوني أو المستفيد لتحديد مقدار الأجر أص ، فيتكفل القانون تحديد مقدار الأجر  إذ تنص المادة /59 من قانون المحاماة العراقي على انه

    (( أذا لم تحدد أتعاب المحاماة بأتفاق خاص يصار في تعيينها إلى أجر المثل )).

    ثالثاً : أن يكون الأجر مما يجوز التعامل فيه:

    يجب أن يكون الأجر غير مخالف لنص قانوني أو للنظام العام أو الآداب العامة ، ومن هنا فلا يجوز أن يتعهد المستفيد من أن يقدم المخدرات أو الأثار أو عملة مزورة كمقابل للمشورة التي قدمها المستشار وهذا ما دلت عليه المادة /1/۱۳۰ من القانون المدني العراقي على

    (( يلزم أن يكون محل الالتزام غير ممنوع قانونأ ولا مخالف للنظام العام أو الأداب العامة وألا كان العقد باطلاً )) .

  • تقادم الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين البحري

    1- تقادم الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين البحري:

    تنص المادة (387) من قانون التجارة البحرية على ما يلي:

    1 – تنقضي بمضي سنتين كل دعوى ناشئة عن عقد التأمين البحري:

    ومما تجدر ملاحظته هنا بأن المشرع قد قصر مدة التقادم في عقود التأمين البحرية وذلك لضرورة سرعة إنهاء المعاملات المتعلقة بالأمور التجارية وتسهيل المعاملات و انتقال وتدوير رأس المال في المجتمع الاقتصادي وخوفا على ضياع وسائل الإثبات.

    ومن أهم الدعاوى التي تنشأ عن عقد التأمين البحري هي دعاوى المؤمن له ضد المؤمن ودعاوى الغير ضد المؤمن وضد المؤمن له. فمن الدعاوى التي تحمي حقوق أو مصالح المؤمن له: دعوى المطالبة بمبلغ التأمين عند استحقاقه بوقوع الحادث أو دعوى البطلان أو الفسخ أو التعويض . 

    ومن الدعاوى التي تحمي حقوق ومصالح المؤمن: دعوى المطالبة بالأقساط ودعاوى البطلان أو الفسخ أيا كان سببه ودعوى استرداد ما دفع بغير وجه حق ودعوى التعويض .

    أما دعوى المضرور ضد المسؤول المؤمن له) في التأمين من المسؤولية أو دعوى المؤمن له على المسؤول عن وقوع الخطر المؤمن منه، فإنها تخضع إلى ما قرره القانون لهم من حق خاص في المادة (173) من القانون المدني التي تقضي بسقوط دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بمضي ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسؤول عنه.

    أو بمرور خمس عشرة سنة من وقوع العمل غير المشروع أي المدتين تقضي أولاً.

    ويقول القضاء في هذا الشأن أن حق المضرور ينشأ قبل المؤمن له من وقت وقوع الحادث الذي ترتبت عليه مسؤولية المؤمن له مستقلا عن حق المؤمن له قبل المؤمن لأن المضرور يستمد حقه مباشرة بموجب النص القانوني من العمل غير المشروع الذي أنشأ حقه قبل المؤمن له وبذلك يستطيع المضرور أن يرفع دعواه المباشرة، على المؤمن من وقت وقوع الفعل الذي سبب له الضرر، مما يترتب عليه أن مدة الثلاث سنوات المقررة لتقادم هذه الدعوى تسري من هذا الوقت، وهي في هذا تختلف عن دعوى المؤمن له قبل المؤمن التي لا يبدأ سريان تقادمها إلا من وقت مطالبة المضرور للمؤمن له بالتعويض.

    أما فيما يتعلق بدعوى الحلول التي يرفعها المؤمن ضد المسؤول عن الحادث الذي كان بسبب وفائه بالتعويض للمؤمن له. فهنا نميز بين حالتين:

    أ- إذا كان المؤمن يستعمل حق المؤمن له في الرجوع على المسؤول: فتخضع دعوى الحلول لتقادم حق المؤمن له ذاته في تعويض المسؤولية بحسب طبيعة نشوء هذا الحق، حيث أنه نشأ هذا الحق عن الفعل الضار فإن دعوى الحلول لا تستند إلى عقد التأمين.

    ب – أما إذا كانت دعوى الحلول يباشرها أحد المؤمنين في حالة تعدد المؤمنين أو أكثر فإن الدعوى تعد ناشئة عن عقد التأمين وتخضع للتقادم الذي تقرره المادة 387 من قانون التجارة البحرية.

    2- بدء سريان التقادم:

    وضحت الفقرة الثانية من المادة 387 من قانون التجارة البحرية حالات بداية مدة التقادم تبعا للواقعة المنشئة لدعوى التقادم وذلك على النحو التالي:

    1- إذا كانت الدعوى قائمة على أساس المطالبة بقسط التأمين وهي عادة الدعوى التي يرفعها المؤمن له، فإن مدة السنتين اللازمة لتقادم هذه الدعوى تبدأ من تاريخ استحقاق قسط التأمين.

    2 – تبدأ مدة التقادم بمضي سنتين من تاريخ وقوع الحادث الذي تنشأ عنه الدعوى فيما يتعلق بدعوى المطالبة بتعويض الأضرار التي تلحق بالسفينة، ذلك أن التزام المؤمن بالتعويض لا يستحق إلا بتحقق الخطر على نحو يشمله التأمين ولا يكفي وقوع الخطر بل لا بد من العلم به أيضا.

    3 – تبدأ مدة التقادم فيما يتعلق بدعوى المطالبة بتعويض الأضرار التي تلحق بالبضائع من تاريخ وصول السفينة إلى ميناء الوصول أو التاريخ الذي كان يجب أن تصل فيه فيما لو لم تصل لسبب من الأسباب، وهذا التاريخ يمكن معرفته من وكيل السفينة في ميناء الوصول بعد تسلم سندات الشحن، فإن كان الحادث الذي نجم عنه هلاك أو تلف البضاعة المؤمن عليها قد حدث بعد وصول السفينة لميناء الوصول أو بعد التاريخ الذي كان يجب أن تصل فيه، فإن التقادم يبدأ من تاریخ وقوع الحادث.

    4 – في حال نجم عن الحادث البحري ترك السفينة أو البضاعة للمؤمن، فإن دعوى المطالبة بتسوية الأضرار بطريق الترك تبدأ مدة تقادمها من تاريخ وقوع الحادث الذي سبب الترك، فإذا كان عقد التأمين يحتوي على مهلة لاقامة دعوى الترك، فإن التقادم يسري من تاريخ انقضاء هذه المهلة.

    5 – في حال كانت الدعوى هي مطالبة المؤمن له بالتعويض عما ساهم به الخسارة المشتركة أو عما دفعه بموجب دعوى المطالبة بمكافأة الإنقاذ المستحقة، فتقادم هذه الدعوى التي تقام قبل المؤمن يبدأ من تاريخ وفاء المؤمن له بما استحق عليه سواء في الخسارة المشتركة أو في مكافأة المساعدة.

    6 – تبدأ مدة تقادم دعوى المؤمن له في مواجهة المؤمن لمطالبته بما رجع الغير عليه من التاريخ الذي يقيم فيه الغير الدعوى على المؤمن له بالوفاء بما يطالب به الغير، مما يعني أن تقادم السنتين لا يبدأ بالسريان إلا من اليوم الذي يستعمل فيه هذا الغير دعواه في الرجوع على المؤمن له.

    والذي نلاحظه هنا أن المشرع قد اشترط لبدء سريان مدة التقادم وجود دعوى للمطالبة من قبل الغير تجاه المؤمن له، فهو لم يأخذ ببدء سريان التقادم من وقت مطالبة المضرور للمؤمن له بالتعويض. إذ أن هذه المطالبة قد لا تقترن بدعوى وإنما قد تتم بطرق ودية أو سلمية أو بطرق أخرى غير الدعوى.

    7 – تنقضي بمضي سنتين دعوى استرداد المبالغ المدفوعة بغير وجه حق (سواء أكان من رفعها هو المؤمن أم المؤمن له)، وتبدأ مدة التقادم في هذه الحالة من تاريخ علم من دفع هذه المبالغ بحقه في الاسترداد.

    3- انقطاع التقادم:

    سكت المشرع السوري في قانون التجارة البحرية عن بيان أحكام وقف التقادم بل اكتفى بذكر بعض الحكام المتعلقة بانقطاع التقادم في الفقرة الرابعة من المادة (387) وعليه سنعود إلى أحكام وقف التقادم التي جاء بها القانون المدني في المادة (379) التي نصت على ما يأتي:

    1- لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبية وكذلك لا يسري التقادم فيما بين الأصيل والنائب.

    2 – ولا يسري التقادم الذي تزيد مدته على خمس سنوات في حق كل من لا تتوافر فيه الأهلية أو في حق الغائب أو في حق المحكوم عليه بعقوبة جناية إذا لم يكن له نائب يمثله قانوناً.

    وأمر تقدير موانع وقف التقادم يعود إلى قاضي الموضوع. ويعتقد أن الكذب وكتمان المعلومات التي يجب أن يقدمها المؤمن له للمؤمن مانعة يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه، إلا بعد العلم بذلك مما يوقف التقادم خلال مدة جهله بتلك المعلومات، ومتی أوقف سريان التقادم بسبب أو لآخر فإن المدة التي وقف سريان التقادم في خلالها لا تحسب ضمن مدة التقادم وتحسب المدة السابقة والمدة اللاحقة.

    وبخصوص حالات انقطاع التقادم في قانون التجارة البحرية فلقد نصت الفقرة الرابعة من المادة 387 على انقطاع سريان التقادم بالمطالبة إذا قام المدعى بمطالبة المدعى عليه بموجب كتاب سجل، يضاف إلى ذلك أن التقادم ينقطع إذا تمت بين الطرفين مفاوضات لتسوية الخلاف ودية أو إذا تم انتداب خبير المعاينة الحادث وتقدير الأضرار الناجمة عنه.

    هذا بالإضافة إلى الأسباب المقررة قانوناً.

    وبالعودة إلى القانون المدني، نجد تلك الأسباب هي:

    أ- المطالبة القضائية وما في حكمها من رفع الدعوى أمام المحكمة ولو كانت غير مختصة مكانية أو نوعية وهذا ما أكدته محكمة النقض في قراراتها إذ قالت:

    “إن رفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة يقطع التقادم في كل الأحوال حتى ولو كان لا ولاية للمحكمة بالنظر في النزاع”  والسبب في ذلك بأن المدعي يكون قد أظهر نيته المحققة في أنه يريد تقاضي هذا الحق قضائية وبالتالي يجزم بوجود الحق الذي يراد اقتضاؤه.

    ولكن يجب الملاحظة في أن التظلم المرفوع إلى سلطة إدارية لا يكفي لقطع التقادم.

    ب – التنبيه: وقد فسرت محكمة النقض التنبيه الذي يقطع التقادم بقولها: (إن التنبيه الذي يقطع التقادم والوارد ذكره في المادة 380 من القانون المدني إنما يعني الإخطار التنفيذي وإن مجرد مراجعة الدائن لدائرة التنفيذ وإيداعه سنده لديها لا يؤدي إلى انقطاع التقادم إذا لم يبلغ المدين الإخطار التنفيذي أصولا قبل شطب المعاملة) .

    ج – الحجز يقطع التقادم سواء أكان حجزة تنفيذية أم حجزة احتياطية. وعلى هذا قالت محكمة النقض: “إن الحجز الذي يقطع تقادم الأحكام هو الحجز التنفيذي أما الحجز الاحتياطي فإنه يعتبر قاطعة للتقادم بالنسبة للدعوى “.

    لذلك فإجراءات الحجز تقطع التقادم باعتبارها من الإجراءات التنفيذية الذي يستخدمها صاحب الحق للمطالبة بحقه ومنع المدين من تهريب أمواله المنقولة وغير المنقولة التي تعد جميعها ضمانة للدين استنادا إلى أحكام المادة (305) من القانون المدني السوري.

    والحجز يمكن أن يكون احتياطية أو تنفيذية وفي كلتا الحالتين ينقطع التقادم بالحجز بنوعيه، فالحجز الاحتياطي لا يسبقه التنبيه المنصوص عليه في الفقرة السابقة ومن ثم لا ينقطع التقادم إلا بتاريخ توقيع الحجز الاحتياطي بالذات.

    وأما الحجز التنفيذي فيسبقه التنبيه الذي يقطع التقادم ومن ثم يأتي بعده الحجز التنفيذي الذي يتم تنفيذه في السجل العقاري وإن تسجيل الحجز التنفيذي في السجل العقاري يعتبر قطعة للتقادم من جديد وذلك اعتبارا من تاريخ تسجيل الحجز في السجل العقاري.

    د – الطلب الذي يتقدم به الدائن لقبول حقه في تفليس أو في توزيع وبأي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه في إحدى الدعاوى كما لو تدخل في دعوى مرفوعة من قبل مطالبة بالحق لنفسه أو أبدى طلباً عارضاً في دعوى مرفوعة ضد مدينه.

    هـ – إقرار المدين بحق الدائن: صراحة أو ضمنا كما لو وضع المدين تحت يد الدائن مالا مرهونة رهنا حيازياً تأميناً لوفاء دينه فكلاهما يصلح لقطع التقادم.

    حيث قضت محكمة النقض أن: “الإقرار القضائي الضمني بالمسؤولية يكفي لقطع التقادم “.

    ويترتب على انقطاع التقادم سقوط المدة السابقة .

    و – سريان تقادم جديد يبدأ من وقت انتهاء الأثر المترتب على سبب الانقطاع وتكون مدته هي مدة التقادم الأول.

    وفي حال خكم بالدين وحاز الحكم قوة القضية المقضية كانت مدة التقادم الجديد وفقا للقواعد العامة خمسة عشر سنة، وكذلك الحال إذا كان هناك دين مما يتقادم بسنة واحدة وانقطع تقادمه بإقرار المدين( الفقرة الثانية من المادة 382 من القانون المدني).

  • طرق الحصول على التعويض في عقد التأمين البحري

    ذكرنا أن المؤمن يلتزم بتعويض المؤمن له عن الضرر الناتج من وقوع الخطر المؤمن منه بشرط ألا يجاوز قيمة التأمين، أي أنه يتوجب على الطرفين تسوية العلاقة بينهما بأن يبادر المؤمن إلى تسديد مبلغ التأمين، وذلك إذا توافرت الشروط المذكورة في عقد التأمين وللمؤمن له في سبيل اقتضاء حقه من المؤمن اتباع إحدى الدعويين :

    1- الدعوى الأولى: دعوى الخسارة البحرية (دعوى التعويض):

    ويتم بموجبها تحديد مقدار التعويض الذي يدفعه المؤمن وهي الطريق العادي الذي يستعمل في كل المخاطر.

    2 – الدعوى الثانية: دعوى التخلي أو الترك وهي طريق استثنائي وتكون في حال وقوع أخطار ينتج

    عنها أضرار بالغة، وفيها يترك المؤمن له الشيء المؤمن عليه للمؤمن في مقابل أن يدفع هذا الأخير مبلغ التأمين كاملاً.

    المطلب الأول : تقدير قيمة الشيء المؤمن عليه:

    عقد التأمين من عقود التعويض، وعليه فإن المؤمن يلتزم بتعويض المؤمن له عما يلحقه من ضرر من جراء تحقق أحد الأخطار التي يضمنها المؤمن.

    والذي يجدر ملاحظته بأن تعويض التأمين يختلف عن مبلغ التأمين، إذ بينما يقتصر الأول على حدود الضرر الذي يلحق المؤمن له فإن مبلغ التأمين يمثل الحد الأقصى لالتزام المؤمن، ولو قل عن قيمة الضرر الذي لحق المؤمن له وتطبق في هذه الحالة قاعدة النسبية إذا لم يصل الضرر إلى حد الهلاك الكلي الشيء المؤمن عليه.

    أولاً – الوثيقة محددة القيمة Valued Policy :

    وهي الوثيقة التي تحدد قيمة الشيء المؤمن عليه، وبالتالي فإن المبلغ الذي يمكن استرداده من المؤمن تحدده الوثيقة.

    وتحدد قيمة الشيء المؤمن عليه بالاتفاق، ويتم بعد ذلك إدخاله في وثيقة التأمين على أنه المبلغ الذي يمكن المطالبة باسترداده من المؤمن عند حدوث الحادث المؤمن منه.

    وهذا التقييم أو التقدير لقيمة الشيء المؤمن عليه ملزم، وعلى ذلك فلا يستطيع المؤمن له أن يطالب بأكثر من هذه القيمة إذا كانت خسارة المؤمن له أكثر من القيمة التي تغطيها الوثيقة، فهذا التقدير لا يتأثر بزيادة أو بنقص القيمة الفعلية للشيء المؤمن عليه.

    إلا أن هذا الإلزام يشترط فيه عدم وجود الغش، وعلى أي حال ففي الخسارة الجزئية فإن التقدير لا أثر له، وللمؤمن له أن يسترد المقدار الفعلي لخسارته التي يقع عبء إثباتها عليه.

    ونشير أن الفقرة الثانية من المادة (27) من قانون التأمين البحري الإنكليزي لسنة 1906 تبين أن الوثيقة محددة القيمة:

    “هي الوثيقة التي تحدد القيمة المتفق عليها للشيء المؤمن عليه”.

    وتتابع الفقرة الثالثة من المادة نفسها قولها: “أنه إذا انتفى الغش فإن القيمة المحددة في الوثيقة بين المؤمن والمؤمن له تعتبر قطعية فيما يتعلق بالقيمة التأمينية للشيء الذي يطلب التأمين عليه سواء أكانت الخسارة كلية أو جزئية.

    ثانياً – الوثيقة غير محددة القيمة Unvalued Policy :

    في هذه الوثيقة لا يتم تحديد المبلغ الذي يدفع للمؤمن له ولكن تحديده يترك لما بعد وقوع الحادث. أي أن المبلغ يحدد في الوثيقة على أنه يمثل مبلغ التأمين يدل فقط على المبلغ الذي لا يمكن أن تمتد مسؤولية المؤمن إلى ما يتعداه، فلا يمكن للمؤمن له أن يسترد إلا القيمة الفعلية والحقيقية لبضائعه.

    وتعرف المادة (28) من قانون التأمين البحري الإنكليزي لسنة 1906 الوثيقة غير محددة القيمة بأنها: “تلك التي لا تحدد قيمة الشيء المؤمن عليه، ولكنها تترك القيمة التأمينية ليصار إلى تحديدها فيما بعد في حدود القيمة المؤمن عليها، وعليه يكون الفرق بين الوثيقة محددة القيمة والوثيقة غير محددة القيمة في أن المؤمن يلتزم في الحالة الأولى بدفع مبلغ من النقود لا يجوز أن يزيد على المبلغ المنصوص عليه في الوثيقة.

    فالتعويض يتناسب مع القسط الذي يتناسب بدوره مع الخطر، فلا يجب على المؤمن أن يدفع مبلغا يزيد عما تعهد به، أما في الحالة الثانية، فلا تتضمن الوثيقة مبلغ تأمين ثابت، وبالتالي لا يلتزم المؤمن في مواجهة المؤمن له بالتزام محدد من حيث المبلغ الذي يجب أن يدفعه إلى المؤمن له ولا يحد من التزام المؤمن في هذه الحالة إلا قید واحد في تأمين الأضرار هو الضرر الذي أصابه المؤمن له أو المستفيد من التأمين . 

    وعقد التأمين هو عقد تعويض فلا يجوز للمؤمن له أن يحصل على تعويض من وقوع الحادث المؤمن منه يزيد على مقدار ما أصابه من ضرر، وهذا المبدأ من النظام العام ولا يجوز مخالفته، لذا يبطل كل اتفاق يخالفه (المادة 354 من قانون التجارة البحرية).

    فلو لم يكن تقدير التعويض بمقدار الضرر الأصبح التأمين خطر يهدد الجماعة إذ يتحول التأمين من عملية اطمئنان في نفس المؤمن له إلى مضاربة، ولأنه بغير ذلك تكون للمؤمن مصلحة في وقوع الخطر.

    وهذا المبدأ يمنع المؤمن من أن يدفع للمؤمن له عند تحقق الخطر مبلغا يزيد على مقدار الضرر الفعلي الذي نجم عن وقوع الخطر.

    وإذا كان الأصل أن يكون المبلغ المؤمن به مساوية لقيمة الشيء المؤمن عليه، إلا أنه قد يكون أعلى من هذه القيمة أو أقل، فما الحكم في هذه الفروض؟

    1- إذا كان المبلغ المؤمن به مساوية لقيمة الشيء المؤمن عليه،

    فإن القسط الذي يلتزم المؤمن له بدفعه يتحدد على هذا الأساس، ومن ثم إذا وقع الخطر المؤمن منه فإن أداء التعويض الذي يلتزم المؤمن بدفعه للمؤمن له عن الضرر الناتج يكون مساوية لكل الضرر بشرط ألا يجاوز التعويض قيمة مبلغ التأمين (المادة 353 من قانون التجارة البحرية).

    فمهما بلغت الأضرار التي لحقت بالمؤمن له فإن أداء المؤمن لا يجوز أن يزيد عن المبلغ المؤمن به، والغالب في وثائق التأمين أن يتحدد مبلغ التأمين المتفق عليه بقيمة تعادل قيمة الشيء المؤمن عليه، وبالتالي يتساوى الضرر مع مبلغ التأمين المتفق عليه في حالة الهلاك الكلي للشيء .

    2- فإذا تعذر تحديد قيمة الشيء المؤمن عليه بشكل دقيق فإنه يغلب أن يتقدم المؤمن له بتقديرالشيء المؤمن عليه، ويقبل المؤمن هذا التقدير ومع أن قبول المؤمن لهذه القيمة يعتبر مؤقتة إلا أن المؤمن له يعفى من إقامة الدليل على القيمة الحقيقية للشيء المؤمن عليه عند وقوع الخطر، إذ يفترض أن القيمة المقدرة تساوي القيمة الحقيقية، ومن ثم يلتزم المؤمن بالتعويض عن الضرر على هذا الأساس، إلا إذا أقام الدليل على أن القيمة المقدرة للشيء هي أعلى من القيمة الحقيقية حتى لا يتكسب المؤمن له من وراء التأمين .

    وتصدر قانون التجارة البحرية للحالات العملية التي تعقد فيها عقود التأمين بمبلغ يزيد أو ينقص عن قيمة الشيء المضمون (المؤمن عليه) وذلك على النحو الآتي: 

    في حالة ما إذا كانت القيمة المصرح بها تزيد على قيمة الشيء المضمون (المؤمن عليه): 

    إذا بالغ المؤمن له في تحديد قيمة الشيء المؤمن فقدرها في عقد التأمين بمبلغ يزيد عن القيمة الحقيقية الشيء المؤمن عليه، فإن الجزاء الذي وضعه المشرع في مثل هذه الحالة يختلف باختلاف نية المؤمن

    أ- فإذا كان تقدير المؤمن له أو وكيله لمبلغ التأمين في العقد يزيد على قيمة الشيء المؤمن عليه وثبت أن ذلك قد حصل بتدليس من جانب أي منهما، فإن للمؤمن أن يبطل عقد التأمين، ويبقى القسط كاملا من حقه المادة 370 من قانون التجارة البحرية).

    ويلجأ المؤمن له عادة إلى تقدير قيمة الشيء بأكثر من قيمته الحقيقية طمعا في الحصول على فائدة من عقد التأمين في حالة وقوع الخطر – أي أنه يسعى أن يكون مركزه بعد حدوث الخطر المؤمن منه أفضل من وضعه قبل حدوث الخطر – وهو ما يخالف مبدأ اعتبار عقد التأمين عقدة تعويضية.

    وما نلاحظه هنا بأن المشرع قد أعطى المؤمن حق الخيار، فإن شاء نفذ العقد، وإن شاء أبطله، وفي هذه الحالة يتقاضى كامل القسط على سبيل التعويض.

    ولكن يجب على المؤمن أن يثبت غش وتدليس المؤمن له أو وكيله حتى يمكن تطبيق الجزاء).

    ب – أما إذا كان تقدير المؤمن له لقيمة الشيء بأكثر من قيمته الحقيقية ناجمة عن خطأ أو حسن نية،

    فإن العقد يبقى صحيحاً في حدود القيمة الفعلية للشيء المؤمن عليه، ويبطل فيما يزيد على ذلك (الفقرة الأولى من المادة 370 من قانون التجارة البحرية) .

    وعلى ذلك فإن المؤمن لا يأخذ قسط التأمين الذي يقابل الزيادة في تقدير قيمة الشيء المؤمن عليه، ولكنه يستحق تعويضة من المؤمن له إذا لحقه ضرر من جراء الزيادة في التقدير .

    2 – التأمين بأقل من قيمة الشيء محل التأمين :

    فإذا كان المبلغ المؤمن به أقل من القيمة الحقيقية للشيء المؤمن عليه، ويطلق على هذا النوع من التأمين عادة بالتأمين (الناقص، أو الجزئي) فلا يمكن للمؤمن له أن يحصل على تعويض عن الضرر الحاصل له عند تحقق الخطر بما يزيد عن المبلغ المؤمن به مهما كانت قيمة الضرر الذي أصاب المؤمن له.

    وما نلاحظه هنا بأن تطبيق قاعدة النسبية في حالة الهلاك الجزئي ليست من النظام العام ويستطيع كلا من المؤمن والمؤمن له أن يتفقا على أن تبعة الهلاك الجزئي تقع بأكملها على عاتق المؤمن طالما أنها لم تتجاوز مبلغ التأمين المحدد في العقد (المادة 326).

     

    طرق الحصول على تعويض التأمين

     

    ذكرنا سابقاً بأن الالتزام الرئيسي الذي يقع على عاتق المؤمن هو الالتزام بدفع التعويض عند تحقق الخطر.

    ويتوقف نمط الوفاء بهذا الالتزام على كيفية مطالبة المؤمن له بتعويضه عن الضرر الذي الحق به، فله إما اللجوء على دعوى الخسارة وإما اللجوء إلى دعوى الترك.

    أولاً – دعوى الخسارة البحرية :

    تعد دعوى الخسارة وسيلة حصول المؤمن له على مبلغ التعويض المتفق عليه ونميز هنا بين طرق تقدير التعويض بحسب ما إذا كان محل التأمين الذي لحقته الخسارة سفينة أو بضائع.

    أ- تقدير التعويض في التأمين على السفينة :

    قد لا يلحق السفينة نتيجة الخطر البحري أضرار مادية، ولكن المؤمن له يكون قد تكبد نفقات ومصاريف نقدية في سبيل تفادي الخطر أو في سبيل المحافظة على السفينة وتخفيف آثار الحادث، ففي مثل هذه الحالة يلتزم المؤمن بدفع قيمة هذه النفقات والمصاريف في حدود مبلغ التعويض المتفق عليه وذلك متى قدم الدليل.

    وقد تكون السفينة نتيجة تحقق الخطر بحاجة إلى إصلاحات، ففي هذه الحالة يلتزم المؤمن بدفع نفقات الإصلاح اللازمة لضمان صلاحية السفينة للملاحة البحرية، على أن يخصم من هذه النفقات فرق التجديد وهو ما ينتج عن الزيادة في قيمة السفينة نتيجة الإصلاح واستبدال أجزاء جديدة لها بأجزاء قديمة منها .

    ومما تجدر ملاحظته أن المؤمن وإن كان يلتزم بمصاريف الإصلاح أو الاستبدال إلا أنه لا يلتزم بالقيام بعملية الإصلاح أو الاستبدال للأشياء المؤمن عليها (المادة 381 من قانون التجارة البحرية).

    أما إذا هلكت السفينة هلاكاً كلياً فيقدر التعويض في ضوء قيمة السفينة المقدرة في وثيقة التأمين أو ما يقدرها أهل الخبرة قبل وقوع الحادث مباشرة وذلك بناء على قيمتها في يوم بدء الأخطار، أي بدء الرحلة البحرية .

    ويشمل التعويض جسم السفينة ومصاريف التجهيز اللازمة لإبحار السفينة (الفقرة الأولى من المادة 397 من قانون التجارة البحرية).

    وقد تناولت الفقرة الثانية من المادة السابقة إلى حالة التأمين على ملحقات السفينة المملوكة للمؤمن له بعقد تأمين منفصل عن عقد تأمين السفينة وبأي تاريخ، فإذا حدث أن هلكت السفينة المؤمن عليها كلية أو تركت للمؤمن، فإنه يجب تخفيض القيمة المتفق عليها في العقد للسفينة بما يعادل قيمة هذه الملحقات كي لا يعوض المؤمن له عنها مرتين، وكذا الحال إذا بقي من السفينة حطامة حيث يضم قيمة هذا الحطام من التعويض المستحق للمؤمن له إلا إذا تركها المؤمن له للمؤمن فإنه يستحق التعويض کاملا في هذه الحالة .

    وقد يقع الضرر نتيجة تعاقب الحوادث التي يضمنها المؤمن أثناء سريان عقد التأمين فيلتزم المؤمن بتعويض المؤمن له بما لا يتجاوز قيمة التأمين بضمان الأضرار الناشئة عن كل حادث يقع أثناء سريان وثيقة التأمين رغم تعدد الحوادث، ويجوز للمؤمن أن يشترط في وثيقة التأمين أن يدفع المؤمن له بعد كل حادث قسط تكميلي يتفق عليه (المادة 395 من قانون التجارة البحرية ).

    ب – تقدير التعويض في التأمين على البضاعة:

    1- إذا كان الضرر الذي لحق البضاعة يتمثل في مبالغ نقدية تتمثل في مصاريف أنفقت عليها بقصد

    الأخطار أو التخفيف من آثارها عند وقوعها، فإنه لا صعوبة في تقدير التعويض المستحق للمؤمن له

    وعلى المؤمن دفع هذه النفقات والمصاريف في حدود مبلغ التأمين المتفق عليه .

    2 – فإذا كان الضرر الذي لحق البضاعة ضررة كلية، فإن للمؤمن له أن يطالب المؤمن بدفع التعويض

    عنها طبقا لقيمة التأمين المحددة في وثيقة التأمين، وللمؤمن أن يدقق في حقيقة هذه القيمة أو يطلب من المؤمن له إثباتها وبالتالي فإن المؤمن لا يلتزم إلا بدفع القيمة الحقيقية للبضاعة وفي حدود مبلغ التأمين الذي أمن به المؤمن له على البضاعة في وثيقة التأمين.

    وتقدر قيمة البضاعة في ميناء الشحن وفي وقت الشحن بحيث إن مبلغ التأمين لا يجوز أن يزيد على هذه القيمة في ذلك الوقت، فإذا قدرت في ميناء الوصول أضيف إلى هذه القيمة أجرة النقل أو خسارة التأمين عليها والربح المتوقع (المادة 404 والمادة 405 من قانون التجارة البحرية السوري).

    ذلك أنه يجوز أن يكون محلا للتأمين كل مصلحة مشروعة بما في ذلك الربح المتوقع (الفقرة الأولى من المادة 259 من قانون التجارة البحرية).

    3 – أما إذا كان قد لحق البضاعة ضرر أو تلف جزئي، فتؤخذ النسبة بين قيمتها سالمة وقيمتها تالفةفي ميناء الوصول، ثم تطبق النسبة على القيمة المؤمن بها (المادة 405 من قانون التجارة البحرية). وهذه هي طريقة التسوية بالنسبة أو بالحصة المتبعة في تسوية الخسارات البحرية المشتركة.

    والسبب في الأخذ بقيمة البضاعة في ميناء الوصول في حالة التلف، أنه لا يمكن تطبيق النسبية على وجه عادل إلا بالأخذ بهذه القيمة، إذ أن مقدار التلف الذي يلحق البضاعة لم يقدر إلا في ميناء الوصول وعلى أساس قيمة البضاعة في هذا الميناء .

    ومما تجدر الملاحظة إليه أنه يجب الاعتداد بقيمة البضاعة قائمة في ميناء الوصول بدون إسقاط نفقات التفريغ والرسوم الجمركية المترتبة عليها. وذلك لأن هذه النفقات كان يتعين على المؤمن له أن يدفعها لو وصلت البضاعة سالمة، وأنه بذلك يوضع في نفس المركز الذي كان يوجد فيه حال وصول البضاعة سالمة.

    وقانون التجارة البحرية السوري لعام 2006 قد أشار إلى الحالات التي لا يسأل المؤمن عنها ومن إحدى هذه الحالات حالة:

    النقص الطبيعي الذي يطرأ على البضائع أثناء الطريق (المادة 379 من القانون) .

    بالإضافة إلى نص المادة (210) من قانون التجارة البحرية السوري السابق والتي جعلت الناقل غير مسؤول عما يلحق البضاعة ناقصة وذلك إذا كانت نسبة النقص مما يتم التسامح بها عادة والتي تعرف بالنقص الطبيعي للبضاعة الذي يمكن أن يلحق بها أثناء عملية نقلها أو أثناء شحنها وتفريغها وهو ما يسمى بنقص أو عجز الطريق (كما لو كانت البضاعة المشحونة حبوبة وسقطت كمية بسيطة منها أثناء عمليتي الشحن والتفريغ، أو كان النقص قد سببته الفئران).

    فإذا كانت نسبة النقص التي أصابت البضاعة تقع ضمن النسبة المتسامح بها عرفاً، فهنا لا يسأل الناقل عن هذا النقص.

    ج – مباشرة دعوى التعويض :

    على أن المؤمن له إذا أراد الحصول على تعويض من المؤمن، عليه أن يثبت تعرض الشيء محل التأمين للخطر وتعرض المؤمن له للضرر من جراء هذا الخطر وعليه إخطار المؤمن بوجود التلف.

    1 – إثبات تعرض الشيء محل التأمين للخطر وإثبات الضرر الذي لحق به:

    إذا أراد المؤمن له الحصول على تعويض من المؤمن أن يطالب بذلك ولكن هذه المطالبة لا تجدي نفعا إلا إذا اقترنت بإثبات وقوع الخطر المؤمن منه، وأنه بسبب ذلك وقع ضرر لحق بالمؤمن له أو بالمستفيد، وطبقا للقواعد العامة في الإثبات في دعاوى التأمين البحري، على المدعي أن يقيم الدليل على دعواه.

    فلا يكفي إثبات وقوع الخطر المؤمن منه لتحقق مسؤولية المؤمن، بل يلزم أن يلحق المؤمن له أو المستفيد ضرر بسبب هذا الخطر، ويقع عبء إثبات هذا الضرر ومداه على المؤمن له أو المستفيد حسب الأحوال، مما يعني أنه إذا وقع الخطر ولم يترتب عليه ضرر للمؤمن له فلا مجال للمطالبة

    بالتعويض.

    2 – إخطار المؤمن بوجود التلف:

    على المؤمن له في جميع حالات التأمين عن البضائع، إخطار المؤمن بحصول الضرر خلال خمسة أيام من تاريخ تسليم البضائع المؤمن عليها، فإن لم يفعل فإنه يفترض أنه تسلمها بحالة سليمة ما لم يثبت خلاف ذلك (المادة 409 من قانون التجارة البحرية)، ويلاحظ أن هذا النص خاص بالتأمين على البضاعة، فلا يسري على تأمين السفينة، وأنه يتعلق فقط بتلف البضاعة دون هلاكها الكلي أو الضياع، لأن مدة الإخطار محسوبة من تاريخ التسليم الذي يقصد به وضع البضاعة فعلا تحت تصرف المرسل إليه في مكان الوصول المتفق عليه، ولذا فلا يتوافر هذا المعنى إذا سلمت البضاعة أثناء الطريق لشخص آخر بسبب عدم إمكان توصيلها أو سلمت تسليما حكيمة للمرسل إليه بأن سلمت إليه المستندات الممثلة له.

    فإذا تقررت مسؤولية المؤمن بتحقق الخطر المؤمن منه وإلحاقه ضررة بالمؤمن له، التزم بدفع التعويض المؤمن له، وهذا التعويض يكون مساوية لمبلغ التأمين أو أقل منه دون أن يتجاوزه، وفقا لنص المادتين (353) و (354) من قانون التجارة البحرية.

    د – حلول المؤمن (شركة التأمين) في دعاوى المؤمن له:

    دعوى الرجوع البحري التي يحل فيها المؤمن محل المؤمن له في مواجهة الغير المسؤول عن الضرر، تعد من أهم ما يتمتع به المؤمن به في مقابل ما يتحمله من أعباء ومسؤوليات في مواجهة المؤمن له فهي تمنحه الفرصة للتعويض إذا حدثت الكارثة نتيجة خطأ الغير، وفي مقابل ذلك يتعرض لكل ما كان يمكن أن يتعرض له المؤمن له من دفوع في مواجهة هذه الدعوى.

    ومتى قام المؤمن بدفع تعويض التأمين للمؤمن له، فإنه يحل بما دفعه في حقوق المؤمن له والدعاوی التي تكون للمؤمن له تجاه من تسبب بفعله في الضرر الذي نجمت عنه مسؤولية المؤمن .

    ولما كان الحلول يفترض الوفاء، فإنه يشترط أن يكون المؤمن قد دفع مبلغ التأمين للمؤمن له، وإلا كانت دعوى المؤمن على من أحدث الضرر غير مقبولة.

    ومتی حل المؤمن محل المؤمن له في حقوقه، أمكن للغير أن يحتج في مواجهته بالدفوع التي تكون له تجاه المؤمن له.

    ويشترط لحلول المؤمن محل المؤمن له في الرجوع على المسؤول توافر شرطين:

    1- أن يكون المؤمن قد أدى فعلا مبلغ التأمين للمؤمن له.

    2 – أن تكون هناك دعوى مسؤولية يرجع بها المؤمن له على المسؤول وأن يطالب المؤمن بنفس مطالب المؤمن له، فليس له أن يحصل على وضع أفضل من وضع المؤمن له.

    ويكون حلول المؤمن محل المؤمن له بما له من حقوق أو تعويضات ممكناً في حالة الهلاك الجزئي والكلي وهذا ما نصت عليه المادة 386 تجارة بحرية :

    “يحل المؤمن قانونا بما دفعه من تعويض في الدعاوى التي تكون للمؤمن له إزاء من تسبب بفعله في الضرر الذي نجمت عنه مسؤولية المؤمن”.

    وتواجهنا هنا مسألة أخرى وهي أنه في حالة التأمين الجزئي، عندما تعود شركة التأمين على المسؤول وكذلك يعود المؤمن له عن الضرر المتبقي، فهل تقدم شركة التأمين على المؤمن له، أم ماذا؟ 

    لم يجب قانون التجارة البحرية على ذلك ولكن الأحكام العامة في القانون المدني في المادة (323) نصت على ما يلي :

    “1 – إذا قام الغير بوفاء الدين، كان له حق الرجوع على المدين بقدر ما دفعه.

    2 – ومع ذلك للمدين الذي حصل الوفاء بغير إرادته أن يمنع رجوع المدين بما وفاه عنه كلا أو بعضا إذا أثبت أن له مصلحة في الاعتراض على الوفاء”.

    وهذا يعني أن المؤمن له يتقدم على المؤمن أو شركة التأمين في الرجوع على المسؤول التي تعهدت بضمان الضرر الذي يسببه.

    واختلف الفقه في تكييف الطبيعة الحقوقية والقانونية للحلول: فذهب رأي في الفقه الفرنسي إلى أن شركة التأمين ترجع على المسؤول بدعوى الحلول وفقا للقواعد العامة، إذ أنه بوفائها مبلغ التأمين للمؤمن تكون قد دفعت دين الغير المسؤول، إلا أن القضاء الفرنسي لم يقر هذا الرأي لأن شركة التأمين إنما تدفع ديناً يقع على عاتقها منشأ من عقد التأمين لا دين المسؤول الناشئ عن الخطأ.

    “فليس للناقل البحري الحق في أن يجادل مؤسسة التأمين في توفر الشروط التي تلزمها بالتعويض للمؤمن له لأن تقرير ذلك متروك لطرفي عقد التأمين والناقل البحري شخص أجنبي عنه”.

    والئن كانت إقامة الدعوى من قبل شركة التأمين على الناقل البحري مشروطة بدفعها التعويض للمضمون المؤمن له) لكي تحل محله وتمارس حقوقه وترفع دعاويه، إلا أن هذا لا يمنع من سماع دعواها إذا دفعت التعويض للمضمون (المؤمن له) بعد رفع الدعوى لأن صفتها في الادعاء تكون قد تحققت بعد دفع التعويض “

    والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : حول إمكانية المؤمن له الذي حصل على تعويض التأمين من الرجوع على الغير المسؤول والحصول على مبلغ التعويض مرة ثانية. وبعبارة أخرى هل يجوز للمؤمن له الجمع بين دعوى التأمين ودعوى المسؤولية أو التعويض؟

    لقد ذهب القضاء في مصر وفرنسا على جواز الجمع بين دعوى التأمين ودعوى المسؤولية، لأنه لا يقبل من الغير المسؤول أن يحتج بعقد التأمين الذي لم يكن طرفا فيه للتهرب من مسؤوليته، ولأن أساس تعويض التأمين الذي لم يكن طرفا فيه للتهرب من مسؤوليته، ولأن أساس تعويض التأمين هو عقد التأمين ذاته فلا يمكن أن يمس حق الشاحن (الناقل) قبل الغير المسؤول والناشئ عن فعله الضار .

    ونرى بأنه لا يقبل من المؤمن له أن يجمع بين دعوى التأمين ودعوى المسؤولية، وأن يقيم الدعوى على الغير المسؤول بعد أن حصل على تعويض التأمين وحل المؤمن محله قانوناً في الدعاوى التي تكون له قبل الغير المسؤول، إذ أن حصوله على التعويض مرة ثانية يحقق له إثراء يتنافى مع مبدأ التعويض في التأمين وعلى هذا يسير القضاء البلجيكي والقضاء الفرنسي الحديث .

    ولو فرض العكس وأن المؤمن له رجع على المسؤول عن الضرر أولاً وحصل منه على تعويض الضرر اللاحق به، فهل يقبل منه الرجوع على المؤمن بمبلغ التعويض؟

    في الواقع : الضرر قد زال بقبض التعويض من الغير المسؤول وبالتالي فلا وجه لمطالبة المؤمن بمبلغ التعويض حتى لا يجني المؤمن له ربحا من التأمين كما أن المؤمن لا يدفع للمؤمن له إلا بشرط أن يتنازل هذا الأخير عن حقوقه في مواجهة الغير المسؤول لصالح المؤمن.

    وبالتالي فإن المبدأ الأساسي الذي يحكم عقد التأمين باعتباره عقد تعويض يمنع المؤمن له من الرجوع على المؤمن ليطالبه بمقابل التأمين، إذ أنه ليس له أن يجمع بين تعويض التأمين والتعويض من الغير المسؤول عن الضرر .

    ومما تجدر الملاحظة إليه بأن للمؤمن له الخيار في الرجوع إما على المؤمن بمبلغ التأمين أو في حق الرجوع على الغير المسؤول عن الضرر ووقع الخطر المؤمن عليه.

    وقانون تجارة البحرية السوري يتفق وقانون التأمين البحري الإنكليزي لعام 1906 في المادة (79) على حق المؤمن في الرجوع على الغير المسؤول عن الضرر بعد وفائه بالتعويض اللازم للمؤمن له وذلك بقولها “بأنه يحق للمؤمن الحلول محل المؤمن له في حقوقه وتعويضاته المستحقة عن الخطر المؤمن عليه من وقوع الحادث الذي سبب الهلاك، وفي حالة الهلاك الكلي له أن يستولي على حطام الشيء ويقتصر حقه على الحلول في الخسارة الجزئية”.

    ثانياً – دعوى الترك 

    يعد نظام الترك من النظم التي جرى بها العرف التجاري منذ زمن قديم، وقد وجد سبيله إلى التشريعات البحرية في أواخر القرن السابع عشر. وبموجبه ينزل المؤمن له عن ملكية الشيء المؤمن عليه للمؤمن نظير حصوله على كامل مبلغ التأمين .

    أ- ماهية دعوى الترك:

    إن دعوى الخسارة البحرية هي الدعوى العادية التي يلجأ إليها المؤمن له للحصول على تعويض الضرر الذي الحقه.

    إلا أن للمؤمن له في الأحوال التي يصاب فيها الشيء المؤمن عليه بمخاطر كبرى أن يستعمل حق الترك، وبمقتضاه يطالب المؤمن له بدفع کامل مبلغ التأمين في مقابل أن يتخلى عن حقوقه في الشيء المؤمن عليه للمؤمن المادة (380) و المادة (383) من قانون التجارة البحرية .

    فالترك هو الطريق الاستثنائي الذي لا يلجأ إليه إلا في أحوال المخاطر الكبرى. غير أنه حتى في هذه الأحوال فإن المؤمن له غير ملزم بالترك بل له الخيار في الترك أو دعوى الخسارة البحرية وذلك حسبما تقتضيه مصلحته.

    أما في غير أحوال المخاطر الكبرى فليس للمؤمن له إلا دعوى الخسارة البحرية وفي ذلك تنص المادة 349 من قانون التجارة البحرية على أنه :

    “يتحتم مبدئية على المضمون أن يقيم دعوى الخسارة البحرية على الضامن. لكن له في حال حدوث طوارئ من التي تدعى بالغة أن يترك للضامن الشيء المضمون وأن يطالب بالتعويض عن الهلاك الكلي”.

    وما نلاحظه أيضا بأن دعوى الترك هو نظام خاص بالتأمين البحري وحده، فلا يطبق في التأمين العادي.

    ويرجع الأصل التاريخي لنظام الترك إلى العادات البحرية القديمة في العصور الوسطى، إذ كان يجوز للمؤمن له إذا انقطعت أخبار السفينة أن يحصل على مبلغ التأمين بأكمله من المؤمن مقابل ترك السفينة بحيث إذا ظهرت بعد ذلك كانت ملكة للمؤمن. ثم انتقل هذا النظام إلى الأمر الملكي الفرنسي الصادر سنة 1681 ومنه إلى التقنين التجاري الفرنسي .

    وقد أخذ القانون الإنكليزي بهذا النظام ويطلق عليه اسم abandonment في المواد (57 ولغاية 63).

    ولا يزال الترك محتفظة بفائدته في حالة انقطاع أخبار السفينة والهلاك الحكمي المشبه بالهلاك الحقيقي، إذ يحصل المؤمن على مبلغ التأمين بأكمله دون أن يلزم بإثبات هلاك السفينة في الحالة الأولى، ومع أن الشيء لم يهلك هلاكا تاما في الحالة الثانية، على أن فائدته الرئيسية هي في تيسير تسوية تعويض التأمين بطريقة أبسط وأسرع من تسويته بطريق الخسارة.

    ب – حالات الترك :

    حدد المشرع في المادتين 398 و 406 من قانون التجارة البحرية حالات الترك في حالتين هما حالة تأمين السفينة وحالة تأمين البضاعة، والقاسم المشترك بين هاتين الحالتين هو عنصر الخطر الذي تتعرض له هذه الأشياء المؤمن عليها، وفي كل هذه الحالات يجوز للمؤمن له ترك الشيء المؤمن عليه مما يعني ذلك أنه من الجائز اتفاق الطرفين على خلاف ذلك. وتنظم المادتان (398) و (406) من قانون التجارة البحرية حالتي الترك، حيث تعالج الأولى حالة ترك السفينة، وتعالج الثانية حالة ترك البضائع.

    أولاً – حالة ترك السفينة :

    وفقا للمادة 398 من قانون التجارة البحرية فإنه يجوز للمؤمن له ترك السفينة للمؤمن في الأحوال الآتية:

    1 – حالة الهلاك الكلي للسفينة:

    والهلاك الكلي إما أن يكون هلاكا فعلية أو هلاكا حكمية وتحدث الخسارة الفعلية أو المطلقة (كما تسمى أحيانة) إذا هلك الشيء المؤمن عليه أو إذا كان المؤمن له قد فقد الشيء بحيث لا يمكن استرداده أو أن الشيء المؤمن عليه قد تضرر بشكل فقد معه خواصه التجارية.

    وفي حالة الهلاك الكلي الفعلي لا توجد حاجة لتوجيه إخطار بالترك.

    ومثال الهلاك الكلي الفعلي حالة سفينة تركت وهي تغرق، وقد تم قطرها بواسطة منقذين وباعوها بأمر من المحكمة بثمن يقل عن تكاليف الإنقاذ فحكمت المحكمة باعتبار ذلك هلاكا كلياً فعلياً.

    ومثال تجريد المؤمن له من حق استرداد السفينة، حالة سفينة تمت مصادرتها من قبل السلطات الفيتنامية التي اكتشفت أنها تحمل بضائع بدون بيانات، فحكمت باعتبار ذلك هلاكا كلية فعلية لتحرم المؤمن له من حقه في استردادها . 

    أما الهلاك الكلي الحكمي: فيحدث إذا كان هلاك الشيء المؤمن عليه كلية هلاكا فعلية لا يمكن تجنبه، ومن ثم يتم تركه أو أنه لا يمكن حفظه من الهلاك الكلي الفعلي بدون مصاريف تفوق قيمته عندما يتم إنفاق المصاريف .

    وما يميز الهلاك الكلي الفعلي عن الهلاك الحكمي هو أنه في الهلاك الكلي الفعلي يهلك الشيء المؤمن عليه كلية ولا يمكن استرداده وبالتالي لا يمكن للمؤمن له سوى استرداد الخسارة من المؤمن، بينما في حالة الهلاك الحكمي فإن الضرر يكون قابلا للإصلاح ولو بثمن باهظ ومرتفع وعلى ذلك يكون المؤمن له الحق بالخيار بين الخسارة الجزئية أو أن يترك الشيء المؤمن عليه للمؤمن وتعد في حكم الخسارة الكلية.

    ويترتب على هذا التمييز بين الهلاك الفعلي أو الهلاك الحكمي بأن المؤمن له لا يحتاج إلى إعلان أو إخطار المؤمن برغبته في الترك ولكن إذا كان الهلاك حكمية فإن المؤمن له ملزم بإخطار المؤمن ليعبر عن رغبته بالترك وللدلالة على أي طريق يختار، فإذا لم يقم بالإخطار أو به فإن الهلاك يعد هلاكا جزئياً فقط.

    فإذا تبع الهلاك الحكمي للبضاعة بيعة من جانب الريان فإن ذلك يعد هلاكا فعليا، وبالتالي فلا حاجة للإعلان عن الترك، لأن البضائع في مثل هذه الحالة تكون هالكة وغير قابلة للاسترداد ولا فائدة يمكن أن تعود على المؤمن إذا بلغ بالإخطار.

    2 – انقطاع أخبار السفينة:

    انقطاع أخبار السفينة هو أقدم حالات الترك وأكثرها فائدة للمؤمن له، فقد تسافر السفينة في عرض البحر وتنقطع الأخبار عنها، فإذا استمر هذا الانقطاع مدة معينة من الزمن فإنه يفترض أنها قد تعرضت إلى هلاك كلي أي أنها قد هلكت فعلا.

    ومن ثم يجوز للمؤمن له أن يترك الشيء المؤمن عليه ويطالب بمبلغ التأمين كله دون أن يكون ملزمة بإثبات الهلاك (الفقرة الثانية من المادة 398 من قانون التجارة البحرية).

    وإن اعتبار انقطاع أخبار السفينة قرينة على هلاكها هو أمر يتفق والواقع العملي المطبق في السفن من حيث احتوائها على أجهزة اتصالات لاسلكية تمكنها من الاتصال مع الموانئ المختلفة. ومن ثم فإن انقطاع الاتصال هو دليل أكيد على غرقها أو هلاكها.

    ومما تجدر الملاحظة هنا بأنه إذا دفع المؤمن التعويض عن السفينة المفقودة بعد التخلي عنها ثم ظهرت بعد ذلك فإن ملكيتها تكون للمؤمن ،

    وقد حددت الفقرة الثانية من المادة (398) من قانون التجارة البحرية مدة الانقطاع التي يعتد بها في اعتبار السفينة هالكة بثلاثة أشهر بعد وصول آخر أنباء عنها، أي أن مدة ثلاثة أشهر تحتسب بعد ورود آخر أخبار عن السفينة، فإذا لم يرد أي خبر أصلاً عن السفينة، فتحسب المدة من تاريخ مغادرة السفينة، ويقع عبء إثبات ذلك على المؤمن له ويكون ذلك بأن يحلف اليمين على أنه لم يرد إليه خبر أصلا عن السفينة المؤمن عليها أو السفينة التي شحنت عليها البضاعة المؤمن عليها.

    وتنطبق أحكام انقطاع المدة سواء كان التأمين معقودة عن الرحلة التي انقطعت فيها أخبار السفينة أو عن فترة زمنية معينة منذ ابتداء السفر. وفي هذه الحالة الأخيرة إذا كان التأمين سارية في إرسال آخر خبر عن السفينة فإنه يفترض أن هلاك السفينة قد وقع في الفترة التي يغطيها التأمين. وهذه القرينة بسيطة تقبل إثبات العكس من جانب المؤمن بكافة طرق الإثبات، فإذا نجح المؤمن في إثبات أن هلاك السفينة قد وقع في وقت لم تكن فيه مغطاة بالتأمين يزول حكم الترك ويلتزم المؤمن له برد التعويض المدفوع مع الفوائد القانونية .

    وورود أخبار عن السفينة لشخص آخر غير المؤمن له ينفي مظنة هلاكها وبالتالي فلا يحق للمؤمن له مباشرة إجراءات الترك.

    3 – إصابة السفينة بتلف يستحيل إصلاحه:

    إذا أصيبت السفينة بأضرار تمنعها من الاستمرار بالسفر وكان من الاستحالة بمكان إجراء الإصلاحات اللازمة لها نظرا لخطورة الكسر الذي تعرضت له السفينة، بحيث تصبح غير صالحة للملاحة بشكل مطلق وعندئين للمؤمن له أن يتخلى عن السفينة للمؤمن مقابل حصوله على التعويض الكامل منه على اعتبار أن السفينة أصبحت تالفة كليا “.

    ويستنتج من هذا النص بأنه يجب أن تكون هناك استحالة في الإصلاح لامكان التخلي عن السفينة، على أنه إذا كانت الأضرار قابلة للإصلاح ولكن تعذر بسبب عدم وجود قطع غيار أو الفنيين في مكان الحادث فلا يجوز للمؤمن له طلب ترك السفينة 

    4 – إذا كانت نفقات إصلاح السفينة تعادل ثلاثة أرباع قيمتها على الأقل:

    إذا أصيبت السفينة بأضرار تمنعها من الاستمرار في الإيجار، إلا إذا تم إصلاحها بمعنى أن السفينة تصبح بعد إصابتها بالضرر غير صالحة للملاحة وأنه إذا جرى إصلاحها وكانت قيمة هذه الإصلاحات تعادل ثلاثة أرباع قيمتها، فإن للمؤمن له أن يطلب ترك السفينة مقابل حصوله على التعويض کاملاً منه، علما بأن المؤمن ملزم أصلا بإجراء الإصلاحات التي تحتاجها السفينة بموجب وثيقة التأمين، فإذا لم يتم إصلاحها ولكن الخبراء قدروا مصاريف الإصلاحات بثلاثة أرباع قيمة السفينة، فإن للمؤمن له أن يستعمل حق الترك (المادة 398 من قانون التجارة البحرية).

    ثانياً – حالات ترك البضائع المؤمن عليها:

    عددت المادة 406 من قانون التجارة البحرية، الحالات التي يجوز فيها للمؤمن له ترك البضاعة للمؤمن بشرط أن يكون الحادث الذي استوجب الترك مما يشمله التأمين،

    وهذه الحالات هي:

    1 – انقطاع أخبار السفينة مدة ثلاثة أشهر بعد وصول آخر أنباء عنها:

    فكما أن انقطاع السفينة يعتبر من الأسباب التي تجيز للمؤمن له تركها للمؤمن في احتمال هلاكها، كذلك أيضا يعتبر انقطاع الأخبار من الأسباب التي تجيز للمؤمن له ترك البضاعة المشحونة على السفينة للمؤمن لأن هلاك السفينة يعني بالضرورة هلاك البضائع المشحونة على ظهرها أيضا، ولهذا يجوز للمؤمن له أن يتمسك بالتخلي عن البضائع في مواجهة المؤمن، والمطالبة بالتعويض کاملا إذا اعترف أنه لم يرد إليه أو إلى أي شخص آخر أي خبر عن السفينة التي شحنت فيها البضائع المؤمنة. طيلة ثلاثة أشهر من تاريخ وصول آخر خبر عنها أو من تاريخ إقلاعها إذا لم يرد أي خبر عنها منذ ذلك الحين.

    2 – عدم صلاحية السفينة للملاحة:

    في حال أصيبت السفينة التي تنقل البضائع بحادث بحري من الحوادث المؤمن منها، بحيث أصبحت عاجزة عن الاستمرار في الرحلة إلى مكان الوصول، فإنها تكون غير صالحة للملاحة، إما بشكل مطلق إذا كانت إصابتها يستحيل إصلاحها، وإما بشكل نسبي إذا تعذر وجود قطع الغيار أو الخبراء الفنيين اللازمين لإصلاحها بحيث أنه إذا استحال لسبب أو لآخر نقل البضائع المشحونة على ظهرها إلى مكان الوصول المتفق عليه في سند الشحن بواسطة سفينة أخرى، واستمرت هذه الاستحالة قائمة لمدة ثلاثة أشهر بدءا من تاريخ إخطار المؤمن له المؤمن بعدم صلاحية السفينة.

    ويستنتج من ذلك بأن عدم صلاحية السفينة للملاحة لا يجيز وحده ترك البضائع المؤمن عليها، بل يجب على المؤمن له إبلاغ وإخطار المؤمن حالة عدم صلاحية السفينة للملاحة، ويجب على الربان أن يبذل كل جهده في الحصول على سفينة أخرى لنقل البضائع إلى الميناء المقصود.

    ويلاحظ بأنه لا يجوز التخلي عن البضائع لمجرد غرق السفينة أو إصابتها بكسر طالما أنه لم يلحق البضاعة ضرر ما بسبب الفرق أو الجنوح .

    بمعنى أن الترك أو التخلي يرتبط بإصابة البضاعة بضرر أو تلف حتى يمكن للمؤمن له طلب الترك، ذلك أن ما يحدث عملا أن الربان يعمد أحيانا إلى إنقاذ البضاعة إذا أوشكت سفينة على الغرق فينقلها إلى سفينة أخرى التي تتولى نقل البضاعة إلى ميناء الوصول بسلام .

    3 – هلاك ما يعادل ثلاثة أرباح قيمة البضائع على الأقل:

    في حال هلك ما يعادل ثلاثة أرباع قيمة البضاعة المؤمن عليها فإن للمؤمن له أن يتركها للمؤمن ويطالب بكامل التعويض عنها.

    وفي مجال تقدير قيمة البضائع المؤمن عليها لا تثور صعوبة في تقدير قيمة البضائع إذا تعرضت للهلاك لأن ذلك يعني انعدام نسبة معينة من البضاعة المؤمن عليها تعادل ثلاثة أرباع قيمتها، أما الصعوبة الحقيقية فتثور في حالة التلف حيث تظل البضاعة كاملة ومع ذلك تنقص قيمتها بسبب الفساد أو التلف الذي لحقها 

    4 – بيع البضائع أثناء الرحلة بسبب إصابتها بتلف مادي، متى نشأ الضرر عن خطر يشمله التأمين:

    ذلك أن البيع بمثابة هلاك كلي للبضاعة  كما أن البيع الذي يجيز للمؤمن له ترك البضاعة هو البيع الذي يكون سببه ضررة ماديا لحق بالبضاعة والذي كان ناجمة عن خطر من الأخطار المشمولة بالتأمين، وعليه فإذا كان البيع لغير ضرر مادي فإن ذلك يخرج من نطاق حالات الترك.

    ج – إجراءات الترك:

    لا يتم الترك تلقائية بل على المؤمن له إذا أراد استعمال حقه في الترك اتباع الإجراءات الآتية:

    1 – يبلغ المؤمن له عن رغبته في الترك إلى المؤمن وذلك إما عن طريق إعلان أو بكتاب مسجل على يد محضر مصحوب بعلم الوصول إلى المؤمن، يعلمه فيه عن رغبته في الترك .

     2 – إن إبداء المؤمن له عن رغبته بترك الشيء المؤمن عليه لا يعفيه من واجب اتخاذ جميع الإجراءات الاحتياطية والتدابير اللازمة لحفظ حقوق المؤمن، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه منه، دون أن يؤثر ذلك على حقوق المؤمن له الناشئة عن عقد التأمين (المادة 369 من قانون التجارة البحرية). بمعنى أن المؤمن له لا يفقد حقه في الترك وإن بقي ملتزمة بتعويض المؤمن عما لحقه من ضرر، فإذا لحق المؤمن ضرر من جراء إهمال المؤمن له بالقيام بالإجراءات التحفظية التي تحفظ حق المؤمن وبالقيام بعمليات إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الشيء المؤمن عليه، فإنه يسأل في مواجهة المؤمن عن الضرر الذي يلحقه من جراء الخطأ أو الإهمال في تنفيذهذا الالتزام الفقرة الثانية من (المادة 369 من قانون التجارة البحرية).

    3 – يجب على المؤمن له عند تبليغ رغبته في الترك أن يصرح بجميع عقود التأمين التي أجراها على الشيء محل التأمين أو التي يعلم بوجودها المادة 385 من قانون التجارة البحرية).

    وذلك حتى يتسن للمؤمن أن يقف على حقيقة ما يترتب عليه من التزامات أو ما يكون له من حقوق، وما إذا كان المؤمن له سيحصل على مبالغ أكثر وأكبر من قيمة مبلغ التأمين لكي لا يثري على حساب المؤمن، كما أن معرفة المؤمن بجميع عقود التأمين المعقودة على الشيء المؤمن عليه تمكنه من التمسك بالفشل أو التدليس في مواجهة المؤمن له إذا كان لذلك مقتضی وما يترتب على ذلك بالتالي إبطال عقد التأمين المادتان 368 و 370 من قانون التجارة البحرية).

    4 – موعد إعلان المؤمن له عن رغبته في الترك مقيد بمرور ثلاثة أشهر من تاريخ علم المؤمن له الحادث الذي يجيز الترك (الفقرة الأولى من المادة 384 من قانون التجارة البحرية).

    وعلى هذا الأساس فإعلان المؤمن له عن رغبته في الترك يجب أن يكون في غضون ثلاثة أشهر من وقت انقطاع أخر أخبار عن الشيء المؤمن عليه، سواء أكان الترك يتعلق بالسفينة المؤمن عليها، أو البضائع المشحونة على السفينة.

    وفي حال لم يقم المؤمن له بإبلاغ المؤمن بالتأمينات المعقودة على الشيء المؤمن عليه فلا يؤثر ذلك على صحة الترك وإنما يجوز للمؤمن أن يمتنع عن دفع مبلغ التأمين حتى يخبر بالتأمينات. على أنه لا يترتب على إغفال الإبلاغ إطالة الميعاد المقرر لرفع دعوى الترك  .

    د – أحكام التسوية بطريق الترك:

    لا يقبل الشيء المؤمن عليه التجزئة فلا يجوز للمؤمن له أن يترك جزءا من الأشياء المؤمن عليها في مقابل الحصول على جزء من تعويض التأمين، على أن يحتفظ بحقه في رفع دعوى الخسارة أو التعويض فيما يتعلق بالجزء الباقي، فالترك أو التخلي يجب أن يكون شاملا للشيء المؤمن عليه، ومع ذلك إذا قسمت البضاعة إلى مجموعات جاز للمؤمن له أن يقصر التخلي أو الترك على مجموعة دون أخرى.

    وكذلك هو الحال إذا كان التأمين لا ينصب إلا على جزء من البضاعة المشحونة، فإن الترك لا يقع إلا على الجزء الذي يرد عليه التأمين.

    وإذا تعدد المؤمنون لذات الشيء وجب أن يحصل الترك لكل منهم بجزء من الأشياء المؤمن عليها بنسبة مبلغ التأمين الذي يخص كل واحد منهم، فإذا كان مبلغ التأمين أقل من قيمة الشيء المؤمن عليه، فإن المؤمن لا يتحمل نصيبا من المخاطر بقدر الباقي من قيمة الشيء، ولذلك يكون للمؤمن له في حالة الترك الاحتفاظ لنفسه بجزء من الشيء المؤمن عليه بنسبة ما ينقص به مبلغ التأمين عن قيمته.

    ويصبح الشيء المؤمن عليه في مثل هذه الحالة مملوكة على الشيوع بين المؤمنين المتعددين أو بين المؤمن له بحسب الأحوال. ويجب ألا يكون الترك معلقا على شرط (م 383 ف1) تجارة بحرية، فلا يجوز للمؤمن له أن يعلن الترك باشتراط استرداد السفينة في حالة ظهورها، كما أن المؤمن لا يجوز أن يعلق قبول للترك على شرط أو الرجوع في قبوله للترك أو المطالبة بأن تتم التسوية بطريق التعويض أو أن يمتنع عن دفع مبلغ التأمين بحجة ظهور السفينة أو البضائع بعد الترك لانقطاع الأخبار ).

    هـ – آثار الترك:

    يترتب على الترك أو التخلي بعد قبول المؤمن أو صدور حكم قضائي ونهائي به عدة آثار تناولها المشرع على النحو الآتي:

    1 – انتقال ملكية الشيء المؤمن عليه إلى المؤمن:

    يترتب على الترك أو التخلي انتقال ملكية الأشياء المؤمن عليها إلى المؤمن (الفقرة الثانية من المادة 383)، ولذلك يعتبر التخلي أو الترك من الأسباب الخاصة لاكتساب الملكية في القانون البحري .

    وإعلان المؤمن له عن رغبته في الترك وقبول المؤمن لذلك أو صدور حكم نهائي به وانتقال ملكية الشيء للمؤمن يكون نهائية، فلا يجوز الرجوع في أي من التصرفات السابقة حتى ولو عادت السفينة التي تم التخلي عنها إلى الميناء لانقطاع أخبارها.

    وانتقال الملكية في حالة السفينة يوجب على المؤمن أن يسجلها في سجل السفن باسمه، وكذلك الحال عند ترك البضاعة حيث يحرص المؤمن على استلامها حتى يمنع المؤمن له من التصرف بها إلى حائز حسن النية .

    خوفاً من أن تنتقل ملكيتها إلى هذا الأخير وفق قاعدة “الحيازة في المنقول سند الحائز”.

    وكما تنتقل ملكية الشيء المؤمن عليه فتنتقل إليه أيضا الحقوق المتصلة به، كما لو كانت هناك دعاوی تعويض متعلقة به، فإنها قد تنتقل إلى المؤمن أيضا تبعا لانتقال الشيء محل التأمين إليه عن طريق الترك .

    2 – انتقال الملكية من وقت إعلان المؤمن له عن رغبته في الترك:

    يترتب على الترك انتقال ملكية الشيء المؤمن عليه، أو ما تبقى منه إلى المؤمن،

    وقضت الفقرة الثالثة من المادة 383 من قانون التجارة البحرية بأن يحدث انتقال الملكية أثره بين الطرفين من يوم إعلان المؤمن له رغبته في الترك إلى المؤمن.

    ذلك أن للمؤمن له أن يختار بين التسوية بطريق التعويض والتسوية بطريق الترك، فإذا اختار طريق الترك فلا ينتج هذا الاختيار أثره إلا من تاريخ الإفصاح عنه للمؤمن، ويكون لهذا الإعلان أثره الرجعي حتى ولو اختلف المؤمن والمؤمن له على قبول الترك أو رفضه ثم صدر حكم بذلك، لأن الموافقة في الحالة الأولى وصدور الحكم في الحالة الثانية يقتصر أثر كل منهما على مجرد إثبات حق المؤمن له في التخلي أي أنه يعتبر كل منهما كاشفا لحقه السابق لا منشأ له.

    3 – رفض المؤمن لملكية الأشياء المؤمن عليها:

    انتقال ملكية الأشياء المؤمن عليها إلى المؤمن قد ينطوي في بعض الأحيان على خطر كبير أو ضررة بالغة على المؤمن. كما لو وقع الترك على حطام سفينة تسيره الرياح والتيارات المائية بعد أن هجره الربان والبحارة، فمن المحتمل اصطدامه بسفينة أو بأي منشأة عائمة ويلحق بها ضررة يسأل عنه المؤمن بصفته حارسا للأشياء. 

    لذلك أجاز المشرع في الفقرة الرابعة من المادة 383 من قانون التجارة البحرية للمؤمن دون إخلال بالتزامه بدفع مبلغ التأمين أن يرفض انتقال ملكية الأشياء المؤمن عليها إليه. وعليه فقد جرى بعض المؤمنين على تضمين وثيقة التأمين شرطة صريحة يجيز لهم رفض انتقال ملكية الأشياء المؤمن عليها إليهم.

    4 – أداء مبلغ التعويض:

    يتوجب في حال التخلي التزام المؤمن أن يدفع للمؤمن له مبلغ التأمين كاملا، وذلك لأن الشيء المؤمن عليه قد هلك هلاكا كلياً.

    ويلتزم المؤمن بدفع التعويض في الوقت المحدد في عقد التأمين فإذا لم يكن هناك وقت متفق عليه فإن المؤمن يلتزم بدفع التعويض خلال مدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ تبليغه بالترك (الفقرة الثانية من المادة 384 من قانون التجارة البحرية)، وإذا امتنع المؤمن عن تنفيذ التزامه بدفع التعويض المتفق عليه في وثيقة التأمين أو تأخر فيه بدون عذر أو سبب مقبول جاز للمؤمن له أن يطالبه بالتنفيذ الجبري وبالتعويض عما لحقه من ضرر وخسارة بسبب هذا التأخير

  • التزام المؤمن بالتصريح عن تحقق الكارثة وما إليه

     التزام المؤمن بالتصريح عن تحقق الكارثة وما إليه

    الالتزام بالتصريح عن تحقق الكارثة (الخطر المؤمن) وما إليه

    إذ تحقق الخطر المؤمن أثناء تنفيذ العقد وتولد عن ذلك التزام شركة التأمين بالتعويض، تكون الكارثة قد وقعت، وبالتالي فإنه يقع على عاتق المؤمن التزام أساسي وهو التصريح عن الكارثة. على أنه قد تنص وثائق التأمين على التزامات اتفاقية أخرى تقع على عاتق المؤمن وتختلف باختلاف الأخطار التي تغطيها هذه الوثائق.

    وسنعرض أبرز هذه الالتزامات الاتفاقية قبل أن نبحث بشكل مفصل في الالتزام بالإعلان عن تحقق الكارثة.

    أولاً- اتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على حقوق الشركة:

    فقد نصت الفقرة الثانية من المادة الثامنة من عقد تأمين المركبات ضد المسؤولية المدنية أو الأضرار المادية للمركبة المؤمنة على التزام المتعاقد :

    ” باتخاذ الإجراءات الكفيلة بإثبات مسؤولية سبب الحادث وحفظ حقوق المؤسسة تجاه الغير، کمراجعة رجال الضابطة من أجل تنظیم ضبط بالحادث ومعاينة المصابين وتقدير الأضرار المادية اللاحقة بالغير والسعي على هوية المسبب والشهود وغير ذلك”.

    3 – على المتعاقد أن يسلم للمؤسسة كل إعلام أو كتاب أو مذكرة قضائية توجه إليه أو إلى سائق المركبة أو تابعة بنتيجة حادث ما وذلك فور تبلغه أو تبلغهم إياها قانونا”.

    ثانياً – أن يسعى إلى اتخاذ الإجراءات كافة الكفيلة بحصر الضرر وأن ينقذ ما يمكن إنقاذه من الأشياء المؤمنة وأن يحافظ على ما أنقذه منها:

    وغالبا ما يرد مثل هذا الشرط في وثائق التأمين من الأضرار ولاسيما التأمين من الحريق. وكذلك وثيقة تأمين أخطار النقل البري، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة الخامسة من هذه الوثيقة على التزام المؤمن:

    ” ببذل الهمة المعقولة للمحافظة على البضائع المؤمنة والعمل على تلافي وقوع الأضرار بقدر الإمكان أو التقليل من الخسائر إلى أدنى حد ممكن كما لو كانت بضاعة غير مؤمنة أصلا”.

    هذا بالنسبة لبعض الشروط الاتفاقية التي تفرض التزامات بعد وقوع الكارثة.

    أما بالنسبة للالتزام بالتصريح عن وقوع الكارثة فهو التزام تفرضه طبيعة عقد التأمين وقد نصت عليه أغلب القوانين المتعلقة بالتأمين،

    ولم يرد في القانون المدني السوري نص خاص بهذا الالتزام إلا أن سائر وثائق التأمين المعتمدة من المؤسسة العامة السورية للتأمين قد نصت على هذا الالتزام.

    فقد نصت الفقرة من المادة التاسعة من وثيقة التأمين من الحريق على التزام المتعاقد:

    ” بأن يبلغ المؤسسة عن الحادث فور وقوعه. وعليه أن يقدم لها الوثائق التالية خلال خمسة عشر يوما من وقوع الحادث على الأكثر أو خلال مدة أطول على أن تسمح المؤسسة بذلك خطية”.

    وأضافت الوثيقة في الفقرة الأخيرة من المادة نفسها على أن:

    ” إذا أقدم المتعاقد أو من يعمل لحسابه على تقديم بيانات احتيالية أو كاذبة أو استعمل في دعم هذه البيانات وسائل احتيالية، بغية الحصول على الضمانات المنصوص عليها في هذا العقد، أو إذا حصل الضرر نتيجة فعل المتعاقد أو بتوجيه منه…، فإن المتعاقد أو خلفاؤه في الحق يفقدون جميع الحقوق المترتبة بموجب هذا العقد”.

    كما نصت الفقرة الثامنة من وثيقة التأمين من المسؤولية المدنية أو الأضرار المادية للمركبة المؤمنة على ما يلي:

    “1- على المتعاقد عند وقوع حادث أن يقدم لمركز المؤسسة أو الأقرب فرع أو وكالة لها تصريحا خطية وذلك خلال أسبوع من تاريخ الحادث، وإذا وقع الحادث بمناسبة سرقة المركبة وجب على المتعاقد إبلاغ السلطة المختصة فور علمه به.. .

    وفي حال عدم قيام المتعاقد بالتزاماته المبينة في هذه المادة يسقط حقه بالتأمين، ويحق للمؤسسة أن تعود عليه بكل مبلغ اضطرت لدفعه من جراء الحادث مع كافة الفوائد والمصاريف التي تكبدتها دون حاجة لأي إنذار وكذلك يسقط حق المتعاقد بالتأمين ويحق للمؤسسة أن تعود عليه بكل مبلغ دفعته إذا أبرز مستندات غير صحيحة أو أدلى بتصريحات كاذبة عن كيفية وقوع الحادث أو مدى الأضرار الحاصلة”.

    أما القانون الفرنسي فقد أورد التزام المؤمن بالتصريح عن الكارثة بنص الفقرة الرابعة من المادة التشريعية 113-2 والتي تقضي بأن يقع على عاتق المؤمن:

    ” أن يخطر شركة التأمين بكل كارثة، يترتب عليها التزام الشركة بالتعويض، فور علمه بها وخلال خمسة أيام”.

    من خلال استعراض هذه النصوص نجد أنه يقع على عاتق المؤمن التزام بالتصريح عن حدوث الكارثة وإخبار شركة التأمين بها. فما هو مضمون هذا الالتزام (المبحث الأول) وما هو جزاء الإخلال به المبحث الثاني) أي مؤيد هذا الالتزام.

    مضمون الالتزام، التصريح عن الكارثة

    أولاً – مبررہ:

    يتوجب على المؤمن أن يصرح لشركة التأمين عن كل حادثة من شأنها أن تجعلها مسؤولة نتيجة تحقق الخطر المؤمن.

    وهذا التزام بديهي، يمس حقوق شركة التأمين التي يعنيها أن تعلم بوقوع الخطر المؤمن بأقرب وقت ممكن لتتخذ كافة الاحتياطات اللازمة وفي الوقت المناسب.

    حيث تتأكد من أن الخطر الذي تحقق هو فعلا من الأخطار المؤمنة، ثم تبادر إلى إجراء التحقيق اللازم، إن استدعى الأمر، لجمع الأدلة الممكنة عن ظروف وقوع الحادث وسؤال الشهود إن وجدوا، واتخاذ ما تستطيع من تدابیر تحصر الضرر في أضيق نطاق ممكن، وتبحث عن المسؤول عن تحقق الخطر لكي تعود عليه بالتعويض محل المؤمن.

    ثانياً – شكله:

    ويجب أن يصدر التصريح بوقوع الكارثة من المؤمن، أو من خلفه العام إذا مات أو من خلفه الخاص إذا انتقلت ملكية الشيء المؤمن إلى مالك آخر.

    على أنه قد يصدر التصريح من المستفيد ولاسيما في حالة التأمين على الحياة إذا استحق هذا الأخير مبلغ التأمين. وكذلك فإنه يصح التصريح عن الكارثة إذا قام به المتضرر، في التأمين من المسؤولية، تمهيدا لاستعمال حقه في الدعوى المباشرة.

    ويوجه التصريح إلى شركة التأمين، في مركز عملها إما في الإدارة العامة أو الأقرب فرع أو وكالة وذلك بموجب إخطار يتضمن البيانات كافة التي استطاع المؤمن العلم بها عند وقوع الكارثة.

    ومن أبرزها: وقت وقوع الحادث والمكان الذي وقع فيه، والظروف والملابسات التي أحاطت به، وبالشهود إذا وجدوا، وبالنتائج المباشرة التي نجمت عن الحادث… وغير ذلك من البيانات التي يعلمها المؤمن وتكون ذات فائدة في تقدير الظروف التي وقع فيها الحادث، مع تقديم كافة الوثائق والمستندات التي تثبت وقوع الخطر (205).

    ويمكن أن يتم الإخطار بأي وسيلة اتصال برسالة مسجلة أو بكتاب عادي يودع في ديوان الشركة أو أحد فروعها أو وكلائها الذين أبرم العقد معهم أو بموجب برقية أو فاكس أو حتى مشافهة. إلا أنه يقع على عاتق المؤمن إثبات صدور التصريح عنه بإخطار شركة التأمين بوقوع الكارثة.

    على أن وثائق التأمين السورية تشترط أن يكون التصريح بشكل خطي تحاشيا لأي تواطؤ قد يحصل بين المؤمن ومندوب الشركة من أنه أخطر هذا الأخير مشافهة بالحادث.

    ثالثاً – میعاده:

    أما عن ميعاد التصريح فلم يرد في القانون المدني السوري أي نص يحدد ميعادا للتصريح عن الكارثة، لذلك يجب أن يتم ذلك في وقت معقول. أما وثائق التأمين فقد نصت على ضرورة التصريح عن الكارثة فور وقوعها وخلال مدة أسبوع من تاريخ حدوثها.

    فإذا تأخر المؤمن عن هذه المدة ولحق بشركة التأمين ضرر نتيجة هذا التأخير، جاز للشركة أن تخفض قيمة التعويض بمقدار ما أصابها من ضرر.

    ويجب أن نلاحظ أن المهل كافة التي حددتها وثائق التأمين لا تبدأ بالسريان، وهذا طبيعي، إلا بدءا من اليوم التالي لليوم الذي علم فيه المؤمن بالحادث، وتنقضي في الساعة الأخيرة من اليوم الأخير .

    ويجب أن نلاحظ أنه في حالة التأمين على الحياة، لا توجد أي مهلة محددة للتصريح عن الكارثة. صحيح أنه لابد من إبلاغ شركة التأمين بتحقق الخطر المؤمن لتنفيذ التزامها في التعويض، إلا أنه ليس هنالك من إجراءات تحفظية ضرورية يمكن أن تتخذها الشركة للحفاظ على مصالحها.

    فإذا كان التأمين في حالة الحياة، فلا يوجد أي إشكال. أما إذا كان التأمين في حالة الوفاة، فإن افتراض انتحار أو قتل المؤمن على حياته من قبل المستفيد، أمر هامشي لفرض مدة إلزامية على أسرة الضحية أن تصرح خلالها عن الحادث، تحت طائلة سقوط حقوقها. يضاف إلى ذلك أن المستفيدين من هذا التأمين، لهم مصلحة طبعا، بالتصريح عن الحادث المؤمن بأسرع وقت ممكن (.

    مؤيد الالتزام بالتصريح عن الكارثة

    سقوط الحق”

    يفهم من سقوط الحق، خسارة حق ما.

    وفي مجال التأمين لابد من تحديد مفهوم سقوط الحق وشروطه وآثاره، وذلك لأن سقوط الحق كجزاء خاص لإخلال المؤمن بالتزامه بالتصريح عن الحادث أو على إخلاله بالالتزامات الاتفاقية الأخرى التي نص عليها عقد التأمين، لم يفرضه المشرع بموجب أحكام القانون المدني.

    وإنما ترك تنظيمه لأطراف العقد ومع ذلك تدخل المشرع في حالات منع فيها تعسف شركة التأمين في إيراد شرط سقوط الحق في عقد التأمين .

    أولاً- تعريفه

    هو شرط اتفاقي بين المؤمن وشركة التأمين، ويقضي بسقوط حق المؤمن في مبلغ التأمين إذا هو أخل بالتزاماته وقت وقوع الكارثة.

    من خلال هذا التعريف نجد أن شرط سقوط الحق يتمتع بالخصائص التالية:

    1- إن سقوط الحق هو جزاء اتفاقي ينظمه عقد التأمين. ذلك أنه لم يرد نص في القانون يفرض جزاء سقوط الحق في حال إخلال المؤمن لالتزامه بالتصريح عن الكارثة .

    2- إن سقوط الحق يقتضي فقدان الحق بالحصول على مبلغ التأمين من شركة التأمين فإذا كان المؤمن وقت الكارثة ليس له حق بالحصول على مبلغ التأمين إما لأن الخطر المحقق مستبعد من التأمين، أو لبطلان عقد التأمين، أو لأن التأمين موقوف بسبب عدم تسديد المؤمن لبدل التأمين، فإننا لا نكون أمام سقوط الحق، وإنما أمام خطر مستبعد أو بطلان أو وقف لسريان التأمين.

    إذن فسقوط الحق يفترض وقوع الكارثة بتحقق الخطر المؤمن في عقد التأمين من جهة ويترتب على ذلك التزام شركة التأمين بدفع مبلغ التأمين من جهة أخرى.

    إذن فسقوط الحق يعني أن للمؤمن الحق بالحصول على مبلغ التأمين ولكنه فقد هذا الحق كجزاء لأخطار ارتكبها بعد وقوع الكارثة.

    3- يعتبر سقوط الحق جزاء لإخلال المؤمن لالتزاماته بعد وقوع الكارثة. ذلك لأن حق المؤمن بالحصول على مبلغ التأمين لا يولد إلا بعد وقوع الكارثة ومن ثم يفقده هذا المؤمن.

    وسقوط الحق هو مفهوم واضح ومتماسك إذا ما حدد بالنسبة للأخطاء التي يرتكبها المؤمن بعد وقوع الكارثة.

    4 – إن سقوط الحق لا يعني زوال عقد التأمين، بل يبقى العقد سارية، ويبقى المؤمن ملتزمة بدفع الأقساط على الرغم من سقوط حقه بالتعويض.

    ويبقى العقد سارية بالنسبة للمستقبل حيث يحق للمؤمن له أن يرجع على شركة التأمين بالتعويض عن جميع الحوادث التي تقع في المستقبل إلا إذا سقط حقه مرة أخرى بالنسبة إلى أي حادث منها .

    ثانياً – شروطه

    فرض المشرع شروطا شكلية معينة لصحة شرط سقوط الحق على أنه لم يتعرض إلى الشروط الموضوعية له.

    أ – الشروط الموضوعية لشرط سقوط الحق:

    هناك حالات يطبق فيها شرط السقوط وأخرى لا يطبق فيها.

    1 – يطبق شرط سقوط الحق سواء أكان المؤمن سيء النية متعمدة الإخلال بالتزامه بالتصريح عن الخطر خلال المدة المحددة، أم كان حسن النية لم يتعمد الإخلال بالالتزام ولم ينسب إليه إلا مجرد التقصير، وسواء أصاب شركة التأمين ضرر من إخلال المؤمن بالتزامه أم لم تصب بأي ضرر من جراء ذلك. فهو شرط يراد به أن يردع المؤمن من الإخلال بالتزامه بالتصريح عن الكارثة.

    2 – يفرض شرط سقوط الحق كجزاء لمختلف الالتزامات التعاقدية التي تقع على عاتق المؤمن بعد وقوع الكارثة ولا سيما تلك المتعلقة ببيان الخسائر والأضرار الناتجة من الحادث إذا كانت مقدرة بشكل مغالی به عن غش من المؤمن.

    3 – يطبق شرط سقوط الحق ولو لم يلحق أي ضرر بشركة التأمين، فهو لا يقوم على أساس من المسؤولية التقصيرية. كما أنه ليس بالشرط الجزائي، ذلك أن الشرط الجزائي ليس إلا تقدير اتفاقية للتعويض عن الضرر الذي يصيب أحد التعاقدين.

    4 – يعد شرط سقوط الحق باطلا ولا يطبق إن كان يقضي بسقوط حق المؤمن بالتعويض بسبب مخالفة القوانين والأنظمة، إلا إذا انطوت هذه المخالفة على جناية أو جنحة قصدية .

    5- يعد شرط سقوط الحق باطلاً إذا كان جزاء لتأخر المؤمن عن التصريح بالحادث للسلطات المختصة، غير شركة التأمين، كحالة السرقة حيث يجب على المؤمن أن يتقدم بشكوى للنيابة العامة بهذه السرقة.

    فإذا تأخر المؤمن عن تقديم هذه الشكوى لعذر مقبول أو كان التأخر بسيطة، فإن شرط السقوط يعد باط؟ إذا ورد في عقد التأمين جزاء لمثل هذه الحالة.

    على أنه يبقى من حق شركة التأمين أن ترجع على المؤمن بالتعويض عن الضرر الذي لحق بها نتيجة تأخر المؤمن في التبليغ عن الحادث للسلطات المختصة، ويكون من حقها أن تلجأ إلى التخفيض النسبي للتعويض بما يتناسب مع الضرر الذي لحق بشركة التأمين، ويقع على عاتقها إثبات الضرر الذي لحق بها من جراء تأخر المؤمن في التبليغ عن الكارثة للسلطات المختصة.

    6 – يعد باطلاً أيضا شرط سقوط الحق إذا كان جزاء لتأخر المؤمن في تقديم المستندات المتعلقة بالكارثة لشركة التأمين لتتمكن من الدفاع عن مصالحها. إذا تبين أن التأخر كان لعذر مقبول.

    وهنا أيضا يعد هذا الشرط باطلا للتعسف. فإذا اشترطت شركة التأمين في التأمين من الحريق على المؤمن أن يقدم لها سائر الفواتير والوثائق والبراهين والدفاتر والمخالصات التي لها علاقة بالمطالبة بالتعويض أو بأصل الحريق وسببه وما إلى ذلك من وثائق، وكان جزاء التأخر في تقديم هذه الوثائق يؤدي إلى سقوط حق المؤمن بالتعويض، ولو كان لعذر مقبول، يعد الشرط باطلا للتعسف.

    على أنه يعد هذا الشرط صحيحا إذا تعمد المؤمن عدم تقديم المستندات أو تأخر في تقديمها لعذر غير مقبول. وفي جميع الأحوال وحتى لو كان شرط سقوط الحق باطلا للتعسف، فإنه يجوز لشركة التأمين، إذا أثبتت أن ضررة لحق بها من جراء التأخر في تقديم المستندات، أن تعود على المؤمن بالتعويض .

    7 – وقد أضاف المشرع الفرنسي بأحكام المادة التشريعية 124-2 المتعلقة بالتأمين من المسؤولية على بطلان شرط سقوط حق المؤمن بالتعويض، إذا اعترف بمسؤوليته أو تصالح مع المتضرر دون علم شركة التأمين. على أن شرط عدم حجية الاعتراف أو المصالحة مع المتضرر، تجاه شركة التأمين يعد صحيحة .

    ب – الشروط الشكلية لشرط سقوط الحق:

    بما أن شروط سقوط الحق هو جزاء اتفاقي يتضمنه عقد التأمين, لذلك فقد وضع المشرع والاجتهاد القضائي بعض الشروط الشكلية لصحته من أبرزها:

    1 – يجب أن يكون هناك اتفاق بين شركة التأمين والمؤمن على سقوط الحق، وأن يكون واضحة ومحددة، فشرط سقوط الحق لا يفترض، ولا يجوز التوسع في تفسيره.

    ذلك لكي يعرف المؤمن بشكل صحيح ما يترتب على تخلفه في تنفيذ التزامه من نتائج. فإذا كان الشرط غامضة أو مبهمة فإنه يفسر المصلحة المؤمن، ذلك لأن شركة التأمين هي التي نظمته في عقد التأمين .

    2 – يجب أن يكتب شرط سقوط الحق، إذا ورد بين الشروط العامة المطبوعة في وثيقة التأمين، بارزة بشكل ظاهر.

    إما بخط غامق أو بكلمات مدونة بخط مكبر يميزه عن باقي النصوص. وهذا الشكل الظاهر يجب أن يشمل سقوط الحق والالتزام الذي يترتب عليه .

    3 – يجب أن يرد شرط سقوط الحق ضمن وثيقة التأمين نفسها.

    وقد عد الاجتهاد القضائي باط شرط سقوط الحق الذي يتضمنه النظام الداخلي للشركة دون أن ينص عليه عقد التأمين .

    ويطبق نفس الحكم إذا لم يحصل المؤمن من شركة التأمين إلا على مذكرة التغطية التي تستند إلى الشروط العامة لوثيقة التأمين التي لم تسلم بعد للمؤمن .

    ثالثاً- آثار شرط سقوط الحق

    إن الأثر الأساسي لسقوط الحق هو حجب مبلغ التأمين عن المؤمن الذي لولا أن أخل بالتزامه بعد وقوع الكارثة لكان من حقه قبضه. على أن الاحتجاج بسقوط الحق تجاه المؤمن يختلف عنه تجاه الغير.

    أ- الاحتجاج بسقوط الحق في علاقة شركة التأمين بالمؤمن:

    1 – إن الأثر الأساسي لسقوط الحق بالنسبة للمؤمن هو فقده لحقه بمبلغ التأمين الذي منحه إياه عقد التأمين. ويقتصر ذلك على الكارثة التي أخل المؤمن بعدها تنفيذ التزامه. أما بالنسبة لباقي شروط العقد، فيبقى العقد نافذا ويلتزم المؤمن بدفع أقساط التأمين. وتلتزم شركة التأمين بالتعويض عن الحوادث التي قد تقع بعد هذه الكارثة.

    ويقع على عاتق المؤمن إثبات أنه قد نفذ التزاماته بعد وقوع الكارثة، وبالمقابل يقع على عاتق شركة التأمين، إذا تمسكت بسقوط الحق، أن تثبت خطأ المؤمن في تنفيذ التزامه بالتصريح عن الكارثة.

    2 – ومع ذلك يحق للمؤمن أن يدفع بعدم تطبيق شرط سقوط الحق في حالات ثلاث:

    الحالة الأولى: إذا تنازلت شركة التأمين عن المطالبة بسقوط حق المؤمن، ويجب أن يكون هذا التنازل واضحة لا لبس فيه ولا غموض.

    وقد أعطى الاجتهاد القضائي أمثلة عن هذا التنازل، حيث يستخلص من تصرفات شركة التأمين، مشاركة شركة التأمين في تعيين خبراء لتقدير قيمة الخسائر التي نجمت عن الكارثة .

    ومثل ذلك أيضا أن تعرض شركة التأمين على المؤمن أو على المتضرر مبلغ على سبيل التعويض .

    من خلال هذه الأمثلة نجد أن تنازل شركة التأمين عن المطالبة بسقوط الحق وإن لم يكن صريحا، فهو تنازل واضح لا لبس فيه.

    الحالة الثانية: يمكن للمؤمن أن يتمسك بالقوة القاهرة، كسبب لإخلاله بالتزاماته بعد وقوع الكارثة، والتي منعته من تنفيذها، ويقع على عاتقه عبء إثباتها.

    وقد تشدد الاجتهاد القضائي في قبول القوة القاهرة، وافترض انه لا يمكن للمؤمن، في التأمين من الإصابات، أن يتمسك بإصابته التي جعلته عاجزة عن القيام بالتزامه في إخطار شركة التأمين بوقوع الحادث في الميعاد المحدد، وذلك إذا تبين من ظروف الحال أن باستطاعته أن يكلف شخصا آخر بالقيام بهذا الإخطار .

    كما أن جهل المستفيد بوجود التأمين لصالحه لا يعد من قبيل القوة القاهرة، وبخاصة إذا صرحت وثيقة التأمين بأن جهل المستفيد لا يعد عذرة، وكان على المؤمن أن يخبر المستفيد بالتأمين وبالشروط الواردة فيه .

    وكذلك لا يكون نجهل المستفيد قوة قاهرة، إذا كان هو المسؤول عن ذلك الجهل أو التأخر في التصريح عن الكارثة .

    الحالة الثالثة: يمكن للمؤمن أن يستبعد تطبيق شرط سقوط الحق إذا ما أصلح الخطأ الذي ارتكبه، قبل أن تتمسك شركة التأمين بسقوط الحق.

    كما لو قدم المؤمن لشركة التأمين بيانا مغالى فيه وغشأ منه عن الخسائر التي نجمت عن الحادث. فإذا ندم المؤمن على فعلته، وبادر من تلقاء نفسه، وقبل أن تتمسك شركة التأمين بهذا الغش، إلى إصلاح خطئه وقدم بيان صحيحة عن الخسائر، فأزال بذلك كل أثر يمكن أن يترتب على البيان المغالى فيه، فإن إخلاله بالتزامه في بداية الأمر يمحوه ما فعله بعد ذلك من إصلاح لهذا الخطأ، فترفع عنه عقوبة سقوط الحق.

    ويجب أن نلاحظ بأنه لا يكون الإخلال بالالتزام قابلا للإصلاح، إذا كان تنفيذ الالتزام واجبة في ميعاد محدد وانقضى هذا الميعاد، كما لو تخلف المؤمن على تنفيذ التزامه بالتصريح عن الكارثة ومضت المدة المحددة لهذا التصريح .

    ب- الاحتجاج بسقوط الحق بالنسبة للغير:

    يختلف أثر الاحتجاج بسقوط الحق بالتأمين بالنسبة للغير حسب صفة هذا الغير وحسب نوع التأمين.

    1 – فبالنسبة للمستفيد من التأمين، يحق لشركة التأمين أن تتمسك بسقوط الحق ليس فقط تجاه طالب التأمين، وإنما أيضا تجاه المستفيد الذي اشترط التأمين لمصلحته. كما لو كان مستفيدة من تأمين في حالة الوفاة .

    2 – أما في التأمين من المسؤولية، فلا يحق لشركة التأمين أن تحتج بسقوط الحق، تجاه المتضررين.

    هذا ما استقر عليه الاجتهاد القضائي، ذلك لأن حق المتضرر في إقامة الدعوى المباشرة للمطالبة بالتعويض قد نشأ من لحظة وقوع الكارثة، ولا يتأثر هذا الحق بتخلف المؤمن عن تنفيذ التزاماته بعد وقوع الكارثة .

    وهذا ما أكدته المادة 207 من قانون السير رقم 19 لعام 1974 المتعلق بالتأمين الإلزامي على المركبات الآلية، التي نصت على ما يلي:

    ” أ- يعطي عقد التأمين الإلزامي للمتضرر حقة مباشرة تجاه شركة التأمين ولا تسري بحق الدفوع التي يجوز لشركة التأمين أن تتمسك بها قبل المؤمن له..”.

    3 – عدم حجية شرط سقوط الحق تجاه الدائنين المرتهنين أو صاحبي حق امتیاز على الشيء المؤمن.

    وهذا ما قضت به محكمة النقض الفرنسية التي أقرت لمصلحة الدائن إذا كان له حق رهن أو حق امتیاز على الشيء المؤمن، فانتقل حقه بعد وقوع الكارثة إلى مبلغ التأمين، فلا تستطيع شركة التأمين أن تحتج بسقوط حق المؤمن على الدائن المرتهن أو الدائن صاحب حق الامتياز، ورجع هؤلاء الدائنون عليها بمبلغ التأمين، على أنه يحق لشركة التأمين أن ترجع بدورها على المؤمن بما دفعته للدائنين، فهي بمثابة الكفيل الذي وفي دين من كفله.

    وقد جاءت المادة 736 من القانون المدني السوري بما يدعم هذه الفكرة بنصها على أنه:

    “1- إذا كان الشيء المؤمن عليها مثقلا برهن أو تأمين أو غير ذلك من التأمينات العينية انتقلت هذه الحقوق إلى التعويض المستحق للمدين بمقتضى عقد التأمين.

    2 – فإذا شهرت هذه الحقوق أو أبلغت إلى المؤمن (شركة التأمين) ولو بكتاب مضمون، فلا يجوز له أن يدفع ما في ذمته للمؤمن له إلا برضاء الدائنين”.

    وتطبيق هذا النص يقتضي أن يكون هناك عقد تأمين على الأشياء وأن يكون للدائن حق خاص بالشيء المؤمن وأن يعلن عن هذا الحق خاصة لشركة التأمين إما برسالة مسجلة أو بتسجيله أصولا على صحيفة الشيء المؤمن (السجل العقاري مثلا) .

  • آثار عقد التأمين 2- التزام المؤمن بدفع البدل أو قسط التأمين

    يعد بدل التأمين سبب تغطية الخطر الذي تلتزم به شركة التأمين، فهو سبب الضمان. فشركة التأمين تلتزم بضمان الأخطار الواردة في العقد، مقابل التزام المؤمن بدفع بدل التأمين.

    ويكون بدل التأمين، غالبا، أقساطة دورية سنوية، فإذا كان التأمين تعاونية سمي هذا البدل اشتراكا، وقد يكون البدل مبلغ إجمالية يدفع مرة واحدة ويسمى القسط الوحيد.

    وقسط التأمين هو المقابل المالي الذي يدفعه المؤمن لشركة التأمين لتغطية الخطر المؤمن، وأنه يحسب على أساس هذا الخطر فإذا تغير الخطر تغير معه القسط وذلك وفقا لمبدأ نسبة القسط إلى الخطر.

    ويوجد التزام المؤمن بدفع قسط التأمين في أنواع التأمين كافة، حتى في التأمين على الحياة، يلتزم المؤمن بدفع القسط ويجبر على دفعه عن طريق القضاء، غير أنه يجوز له أن يتحلل من عقد التأمين قبل انتهاء الفترة الجارية، وهذا ما نصت عليه المادة 725 من القانون المدني:

    ” يجوز للمؤمن له الذي التزم بدفع أقساط دورية، أن يتحلل في أي وقت من العقد بإخطار کتابي يرسله إلى المؤمن قبل انتهاء الفترة الجارية، وفي هذه الحالة تبرأ ذمته من الأقساط اللاحقة”.

    أما القانون الفرنسي فإن المؤمن أو بالأحرى طالب التسجيل في التأمين على الحياة لا يلزم بدفع بدل التأمين.

    وللمؤمن خيار في دفع بدل التأمين. ولا تستطيع شركة التأمين أن تلزم المؤمن عن طريق القضاء بدفع قسط التأمين (186).

    ولدراسة التزام المؤمن بدفع بدل التأمين يستوجب البحث في مضمون هذا الالتزام ومؤيد هذا الالتزام في حال تخلف المؤمن عن التزامه بدفع بدل التأمين.

    مضمون الالتزام بدفع البدل

    إن البحث في مضمون التزامن المؤمن بدفع قسط التأمين يستوجب تحديد المدين بدفع القسط وزمان ومكان دفعه وطريقة وفائه.

    أولا – المدين بدفع القسط:

    يقع الالتزام بدفع القسط على عاتق المؤمن فهو المدين به، وهو الذي يتعاقد عادة، مع شركة التأمين ويتعهد عند التعاقد بدفع الأقساط.

    وإذا أبرم عقد التأمين عن طريق وكيل المؤمن، فالمؤمن دون الوكيل هو الذي يصبح مدينة بدفع القسط، ويكون الوكيل مسؤولاً قبل موكله إذا لم ينفذ الوكالة.

    وقد تجتمع في المؤمن، وبخاصة في التأمين من الأضرار، الصفات الثلاث. طالب التأمين، والمؤمن الشخص المهدد بالخطر المؤمن، والمستفيد من التأمين.

    ولكنها قد تتفرق على أشخاص مختلفين، فإذا تفرقت كان المدين بالقسط هو طالب التأمين، لا المؤمن ولا المستفيد. ذلك أن طالب التأمين هو الذي يتعاقد مع شركة التأمين، ويتحمل جميع الالتزامات التي تنشأ في جانبه من عقد التأمين، ومنها الالتزام بدفع الأقساط. على أن يحق لشركة التأمين أن تتمسك تجاه المستفيد بسائر الدفوع التي يستطيع التمسك بها قبل طالب التأمين،

    فإذا تأخر طالب التأمين في دفع القسط جاز لشركة التأمين أن توقف سريان التأمين في مواجهة المستفيد، وإذا وقع الحادث المؤمن واستحق مبلغ التأمين للمستفيد جاز الشركة التأمين أن تخصم من هذا المبلغ قبل دفعها للمستفيد جميع الأقساط المتأخرة.

    وقد يحدث أن ينتقل الشيء المؤمن الى شخص آخر غير طالب التسجيل لأسباب عديدة منها مثلا موت المؤمن، وفي هذه الحالة ينتقل الشيء المؤمن للورثة فيصبحون المدينين بالأقساط محل المؤمن.

    وقد يفلس المؤمن، فيحل محله في المديونية بالأقساط، كتلة الدائنين إذا عقد التأمين قابلا لأن ينتقل إلى هذه الجماعة.

    ويمكن للغير، سواء أكان صاحب مصلحة أم لم يكن، وفاء الأقساط وفقا للقواعد المقررة في وفاء الغير للدين.

    كما في التأمين على الحياة حيث يمكن لكل صاحب مصلحة أن يحل محل طالب التسجيل بدفع الأقساط. وعند ذلك يكون لهذا الغير حق الرجوع على المدين. وله حق امتیاز على مبلغ التأمين إذ يعد دفعه للأقساط عملا من أعمال التحفظ والصيانة.

    ثانياً – زمان دفع القسط :

    الأصل أن يدفع قسط التأمين في الوقت الذي يحدده المتعاقدان عند إبرام العقد.

    وقد جرت العادة أن تشترط شركة التأمين على المؤمن دفع القسط مقدما، لكي تتمكن شركة التأمين من مواجهة الأخطار التي تتحقق خلال السنة وتدفع مبالغ التعويض المستحقة عنها.

    وقد يكون بدل التأمين مبلغ إجمالية يدفع مرة واحدة، ويسمى القسط الوحيد، سواء لأن مدة التأمين تقل عن سنة كما في التأمين من حوادث النقل أو في التأمين السفرة واحدة، أو تكون مدة التأمين طويلة ومع ذلك تشترط شركة التأمين دفع بدل التأمين مرة واحدة.

    ويحصل ذلك في التأمين على الحياة أحيانا. ففي هذه الحالة يدفع بدل التأمين بكامله مقدمة عند إبرام العقد.

    ولكن غالبا ما يكون دفع بدل التأمين على أقساط، وجرت العادة بأن يكون القسط سنويا يدفع مقدمة في أول كل سنة.

    ويدفع القسط الأول عند إبرام العقد، وقد تقبل شركة التأمين أن يقسم القسط السنوي إلى أجزاء، يدفع كل جزء مقدمة، كل ستة أشهر أو كل ثلاثة أشهر وأحيانا كل شهر.

    وتبدأ السنة بدءا من تاريخ بدء سريان العقد.

    وإذا استحق القسط السنوي في أول السنة، واستوفت شركة التأمين كامل القسط، ثم فسخ عقد التأمين أو أبطل بعد أربعة أشهر مثلا، فإن مبدأ قابلية القسط للتجزئة، يقضي بأن ترد شركة التأمين للمؤمن له ثلثي القسط لأنها لم تتحمل الخطر عن باقي الفترة من السنة.

    على أن هذا المبدأ لا يمنع من أن تستبقي شركة التأمين كامل القسط السنوي الذي استوفته، إذا كان الفسخ أو الإبطال قد تسبب فيه غش المؤمن، ويكون ما احتفظت به من القسط بمثابة التعويض.

    ويجب أن نلاحظ بأنه عندما يكون القسط سنوياً يتوجب على شركة التأمين أن تشعر المؤمن، في أول كل سنة برسالة عادية أو مسجلة، بضرورة دفع القسط المستحق، ذلك أن المؤمن غالبا ما يكون قد نسي موعد استحقاق القسط السنوي.

    كما أن ذلك يعطي الحق لشركة التأمين بالبدء باتخاذ الإجراءات اللازمة، في حال امتناع المؤمن عن الدفع، وهي وقف التأمين.

    ثالثا – مكان دفع القسط :

    الأصل أن يكون مكان دفع القسط هو موطن المدين به، أي موطن المؤمن.

    وذلك تطبيقا للقواعد العامة. ولكن جرت العادة في أعمال التأمين أن يكون دفع أول قسط في مركز شركة التأمين، ثم يكون دفع الأقساط التالية في موطن المؤمن أو مركز إدارة أعماله إذا تعلق التأمين بهذه الأعمال.

    وقد كان المشرع الفرنسي يعد القسط دینا محصلا، ويوجب على شركات التأمين تحصيله في موطن المؤمن، وربما أن هذا الأسلوب معقد ومكلف بالنسبة لشركات التأمين فقد نص المشرع الفرنسي بأحكام قانون التأمين المؤرخ في 30 تشرين الثاني 1966 بالمادة التشريعية 113-3 على أن بدلات التأمين محمولة من قبل المؤمنين إلى موطن شركة التأمين أو وكلائها المعينين لهذا الغرض.

    ومع ذلك استثنى القانون الفرنسي المذكور أعلاه بعض الحالات وعد فيها بدل التأمين محصلا في موطن المؤمن وذلك إذا كان هذا الأخير عاجزا أو مسناً لا يستطيع التنقل، أو كان يقطن على بعد ثلاثة كيلو مترات من نقطة بريدية .

    ففي هذه الحالات يقع على عاتق المؤمن أن يطلب الاستفادة من ميزة تحصيل لقسط في موطنه. ولكن مع تطور وسائل الدفع الحديثة، من شيكات وبطاقات اعتماد وحوالات مصرفية آلية، نتساءل فيما إذا كان هناك مبرر للإبقاء على مثل هذه الاستثناءات.

    وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 975 من قانون الموجبات والعقود اللبناني على أن

    ” تدفع الأقساط في محل إقامة المضمون، ما عدا القسط الأول”.

    أما وثائق التأمين السورية فتشترط أن يتم دفع الأقساط السنوية في موطن الشركة سواء في مركزها الرئيسي أو لدى الفرع الذي تم إبرام عقد التأمين معه.

    رابعاً – طريقة دفع القسط :

    الأفضل أن يتم دفع قسط التأمين نقدا، يدفع لشركة التأمين أو لمن فوضته بقبض القسط واعطاء وصل باستلام القسط.

    إلا أنه قد يتم دفع القسط بموجب شيك، أو بموجب حوالة بريدية أو بتحويل من حساب المؤمن إلى حساب شركة التأمين في أحد المصارف.

    ولا يعد الدفع قد تم ولا يكون مبرأ لذمة المؤمن إلا إذا تم التحويل فعلا.

    وفي حالة الدفع، بموجب شيك، فإن التأمين يعد نافذة بدءا من تسلم الشيك من قبل شركة التأمين، ومعلقا على شرط فاسخ في حال عدم وفاء قيمة الشيك لعدم وجود رصيد .

    ويجوز أن يتم دفع القسط عن طريق المقاصة. وذلك إذا تحقق الخطر المؤمن قبل أن يدفع المؤمن القسط المستحق، فيجوز عندئذ لشركة التأمين أن تخصم مبلغ القسط من مبلغ التامين الذي يتوجب عليها دفعه للمؤمن نتيجة وقوع الكارثة.

    ويكون ذلك عن طريق المقاصة القانونية، إذا كان مبلغ التأمين قد تحدد وأصبح غير قابل للنزاع.

    أما إذا كان مبلغ التأمين لم يتحدد ولا يزال محل نزاع، جاز الشركة التأمين أن نلجأ إلى المقاصة القضائية، وجاز لها أيضا أن تحبس لديها مبلغ التأمين لتستوفي منه القسط المستحق وفقا للقواعد المقررة في الدفع بعدم التنفيذ .

    ولها أن تحتج بذلك بمواجهة المستفيد من التأمين أو بمواجهة الدائنين الذين يكون لهم حق امتياز أو حق رهن انتقل إلى مبلغ التأمين، أو بمواجهة كتلة الدائنين في تفليسة المؤمن .

    ويتم تسليم المؤمن إيصالا بتسديد مبلغ القسط أو يذكر ذلك في وثيقة التأمين المسلمة له.

    وتستخدم هذه الوثيقة أو الإيصال لإثبات دفع المؤمن للقسط.

    على أنه يمكن إثبات الوفاء بالقسط بطرائق الإثبات كافة وذلك وفقا لمبدأ حرية الإثبات في المواد التجارية.

    وبما أن شركات التأمين ذات صفة تجارية، فإنه يمكن إثبات دفع القسط بطرائق الإثبات كافة بما فيها البينة الشخصية والقرائن.

     

    جزاء عدم دفع بدل التامين

    إذا امتنع المؤمن أو تخلف عن تسديد القسط، , جاز لشركة التأمين ان تتحلل من الضمان.

    وحول هذه النقطة فإن الحل الذي يتبع وفقا للقواعد العامة، هو أن تلجأ شركة التأمين إلى اعذار المؤمن له، وتطلب إلى القضاء التنفيذ العيني، وإما فسخ عقد التأمين مع التعويض. وهذا الإجراء لا يعد كافياً من جهة وهو خطير من جهة أخرى.

    فإننـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا: 

    -أولاً: لا نستطيع أن نطلب إلى كل شركة تأمين لم تحصل بدل التأمين أو لم يدفع لها أن تعذر المؤمن وتلاحقه عن طريق القضاء للمطالبة بفسخ العقد والتعويض. في الوقت الذي يبقى فيه التأمين

    – ثانياً:  وهذا هو الخطر – ساري المفعول إلى أن يصدر الحكم بالفسخ ذلك لأن التأمين هو عقد زمني لا يفسخ بأثر رجعي، فإذا ما تحقق الخطر وجب على شركة التأمين تعويض المؤمن، مع جواز حبس مبلغ التأمين حتى تستوفي القسط أو الأقساط المستحقة، أو تخصم من مبلغ التأمين هذه الأقساط.

    ولا شك أن هذه الإجراءات، لا تلائم إطلاقا مصلحة شركة التأمين، ولا سيما إذا استغل المؤمن طولها وتعقيداتها، وهذا ما لا يتفق مع التبسيط الواجب مراعاته في تسيير عجلة التأمين .

    لذلك لجأت شركات التأمين إلى وضع شروط خاصة في وثائق من شأنها أن تقلب الوضع، فتيسر الإجراءات تيسيراً شديداً بحيث يصبح المؤمن تحت رحمة شركة التأمين.

    من ذلك أن تشترط إعفاءها من الإعذار، فإذا تأخر المؤمن في دفع القسط وقف عقد التأمين ويتوقف معه التزام شركة التأمين بضمان الخطر المؤمن. فيفاجأ المؤمن، قبل أن يعذر بدفع القسط المستحق، وقد تحقق الخطر، بأن التزام شركة التأمين موقوف لأنه لم يدفع القسط في تاريخ استحقاقه، فيضيع عليه حقه في التعويض.

    لذلك كان لابد من تدخل المشرع وحل هذه النقطة تحقيقا لمصلحة طرفي العقد، فقد تدخل كل من المشرع الفرنسي واللبناني والمشروع التمهيدي للقانون المدني المصري في وضع أحكام تنظم جزاء تخلف المؤمن عن التزامه بدفع التأمين. وسنعرض هذه النصوص أولا ثم ننتقل إلى دراسة المؤيد الذي جاءت به هذه النصوص.

    ذلك لأن هذه النصوص قد أصبحت تمثل عرفة تأمينية مستقرة يتضح من الشروط التي تدرج عادة من وثائق التأمين.

    فقد نصت المادة 1074 من المشروع التمهيدي للقانون المدني المصري على ما يلي:

    “1- إذا لم يدفع أحد الأقساط في ميعاد استحقاقه، جاز للمؤمن (شركة التأمين) أن يعذر طالب التأمين بكتاب موصي عليه يرسل إليه في آخر موطن معلوم (أو يرسل إلى الشخص المكلف سداد الأقساط في موطنه)، مبينة فيه أنه مرسل للإعذار، ومذكرة بالنتائج التي تترتب عليه طبقا لهذه المادة.

    2- ويترتب على هذا الإعذار أن يصبح القسط واجب الدفع في مركز شركة التأمين كما يترتب عليه قطع المدة التي تسقط بها دعوى المطالبة بالقسط.

    3 – فإذا لم يكن للإعذار نتيجة، فإن عقد التأمين يوقف سريانه ولا يكون ذلك إلا بعد انقضاء عشرين يوما من وقت إرسال الكتاب ويجوز للمؤمن (شركة التأمين) بعد انقضاء ثلاثين يوما إما أن يطالب بتنفيذ العقد قضاء، وإما أن يفسخه بكتاب يوصي عليه يرسله إلى طالب التأمين.

    4 – فإذا لم يفسخ العقد، فإنه يعود إلى السريان بالنسبة للمستقبل من ظهر اليوم الذي يلي دفع القسط المتأخر وما عسى أن يكون مستحقا من المصروفات.

    5 – تسري المواعيد المنصوص المصلحة البريد وإثبات ذلك في سجلاتها.

    6 – ويقع باطلاً كل اتفاق ينقص من هذه المواعيد أو يعفي المؤمن (شركة التأمين) من أن يقوم بالإعذار .

    ويقابل هذا النص المادة 975 من قانون الموجبات والعقود اللبناني، التي اقتبست حرفية نص المادة 16 من قانون التأمين الفرنسي المعدل بالقانون المؤرخ في 30 تشرين الثاني 1966 والمرسوم المؤرخ في 23 حزيران 1967.

    وسنكتفي بعرض النص الفرنسي الوارد بأحكام المادة التشريعية 113-3 والمادة التنظيمية 113-1 وما يليها (198). فقد نصت الفقرة الثانية وما يليها من المادة التشريعية 1133 على ما يلي:

    “في حال الامتناع عن دفع كامل بدل التأمين أو قسطا منه، فإن التأمين لا يعد موقوفاً إلا بعد مرور ثلاثين يوما على الإعذار الذي يترتب على شركة التأمين إرساله للمؤمن بعد عشرة أيام من تاريخ استحقاقه، وذلك بمعزل عن حق شركة التأمين بالتنفيذ العيني عن طريق القضاء.

    فإذا كان البدل السنوي مجزء على أقساط، فإن أثر وقف التأمين، الناجم عن عدم دفع أحد الأقساط، يستمر حتى انتهاء الفترة السنوية المعينة.

    ويترتب على هذا الإعذار أن يصبح القسط، في جميع الأحوال، محمولاً.

    ويحق لشركة التأمين أن تفسخ العقد بعد عشرة أيام على انقضاء الثلاثين يوما المشار إليها أعلاه.

    فإذا لم يفسخ العقد، فإنه يعود إلى السريان بالنسبة للمستقبل، من ظهر اليوم الذي يلي تفع القسط المتأخر أو أحد أجزاء القسط السنوي، أو أجزاء القسط التي كانت محلا للإعذار وتلك التي استحقت خلال فترة وقف التأمين، بالإضافة إلى نفقات المطالبة والتسديد – الشركة التأمين أو لمن فوضته لهذا الأمر.

    ولا تطبق أحكام الفقرتين الثانية والرابعة من هذه المادة في حالة التأمين على الحياة “.

    من هذه النصوص نستنتج انه إذا تخلف المؤمن عن تنفيذ التزامه بدفع القسط المستحق أو ما استحق من أجزائه، تكون أمام مراحل ثلاث هي اعذار شركة التأمين للمؤمن واستحقاق القسط ووجوب تسديده أولاً. ثم يوقف سريان التأمين بعد مضي مدة معينة على الإعذار ثانياً. وحق شركة التأمين أخيراً بالفسخ أو بالتنفيذ العيني. وسنبحث في هذه المراحل بالتفصيل :

    أولاً- الإعذار

    1 – وجوبه:

    يجب على شركة التأمين أن تعذر المؤمن بوجوب دفع القسط المستحق أو أجزاء القسط وذلك لكي تستطيع شركة التأمين أن تلجأ إلى تطبيق الجزاء على المؤمن الذي تخلف عن تنفيذ التزامه.

    وبما أن هذا الإعذار ضمان أساسي للمؤمن، إذ يلفت انتباهه إلى وجوب الدفع وإلى ما يترتب على عدم الدفع من جزاء فلا يفاجأ بأن نجد عقد التأمين موقوفة ثم مفسوخة بعد ذلك، فإن كل اتفاق يعفي شركة التأمين من هذا الإعذار يعد باطلا.

    ويعد الإعذار إلزامياً سواء أكان البدل محصلا في مواطن المؤمن، أم محمولاً في مركز شركة التأمين، فهو يدل على أن شركة التأمين قد سعت إلى المؤمن وطالبته بالوفاء دون جدوى.

    ذلك لأنه يقع على عاتق شركة التأمين إثبات، أنها طالبت المؤمن بالدفع ورفض ذلك، بموجب إيصال يشعر بذلك .

    2 – شكله:

    أما شكل الإعذار، فيجب أن يتم بموجب رسالة مسجلة موجهة إلى المؤمن في آخر موطن له، معروف من شركة التأمين، أو إلى الوكيل المتفق عليه بعقد التأمين لسداد القسط.

    ويعد الإعذار قد تم في الوقت الذي ترسل فيه شركات التأمين الرسالة المسجلة ووصول الإعذار إلى المؤمن، وهذا لا يمنع من إتمام الإعذار برد إشعار بالوصول لشركة التأمين يذكر فيه أن المؤمن قد تسلم كتاب الشركة بموجب الرسالة.

    على أنه إذا ردت الرسالة المسجلة إلى الشركة على أن المؤمن رفض تسلمها أو متغيب عن موطنه، لتركه هذا الموطن دون أن يخبر الشركة بموطنه الجديد، فإن الإعذار يعد قد تم على الرغم من ذلك. وتسري المهل المحددة بعد الإعذار بدءا من تاريخ إرساله لا من وقت وصوله للمؤمن.

    3- مضمونه

    يجب أن يحتوي الإعذار المتمثل بكتاب موجه من شركة التأمين للمؤمن على البيانات التالية :

    • مبلغ القسط المستحق وتاريخ استحقاقه.

    ب – أن يذكر القصد من إرساله، هو أن يكون إعذار للمؤمن بالدفع يترتب عليه نتائج معينة.

    ج – أن تذكر فيه النتائج المترتبة على الأعذار وأهمها وقف سريان عقد التأمين بعد انقضاء المهلة المحددة (الثلاثين يوما) وجواز نسخه بانقضاء مهلة عشرة الأيام بعد ذلك إذا أصر المؤمن على الأمتناع عن الدفع.

    4 – آثاره:

    يترتب على إرسال الأعذار للمؤمن النتائج التالية:

    أ- يصبح القسط واجب الدفع شركة التأمين فيما لو كان القسط دینا محصلا.

    ب – تنقطع مدة التقادم التي تسقط بها دعوى المطالبة بالقسط، وذلك خلافا للمبادئ العامة التي تقضي بأن قطع مدة التقادم لا يكون إلا بالمطالبة القضائية أو ما يقوم مقامها.

    ج – تبدأ المدة المحددة (الثلاثين يوما) لوقف سريان التأمين، وبدء مدة عشرة الأيام للفسخ أو التنفيذ العيني.

    د – بدء سريان فوائد التأخير . لمصلحة شركة التأمين والتي تحسب حسب معدل الفائدة القانوني.

    ويجب أن نشير إلى أن التغطية تبقى مستمرة خلال سريان مدة الثلاثين يوما، فإذا ما وقعت الكارثة خلال هذه الفترة، فإن شركة التأمين ملزمة بتسويتها.

    وفي مثل هذه الحالة سيدفع المؤمن فورا القسط المستحق طبعاً، كما يحق لشركة التأمين أن تحسم القسط المستحق من مبلغ التأمين المتوجب عليها بسبب تحقق الخطر المؤمن.

    ثانيا- وقف سريان التأمين

    1- ماهية وقف التأمين:

    إذا مضت المدة المحددة (الثلاثين يوما) على إرسال الكتاب المسجل إلى المؤمن ولم يسدد هذا الأخير القسط المستحق رغم إعذاره، فإن عقد التأمين يتوقف تلقائياً، بالنسبة لالتزامات شركة التأمين فقط، دون الحاجة لاتخاذ أي إجراء آخر.

    وبذلك فإن التزام شركة التأمين بضمان الخطر يتوقف، ويبقي موقوفاً إلى اليوم الذي يعاد فيه سریان عقد التأمين إن سدد القسط فيما بعد.

    فإذا تحقق الخطر المؤمن خلال مدة وقف سريان التأمين، لا تلتزم شركة التأمين بالتغطية أو بتسوية الكارثة.

    على أن هذا الوقف لا يؤثر في التزامات المؤمن، الذي يبقى بموجب عقد التأمين، ملزمة بدفع بدل التأمين عن مدة الوقف، ولا يتحلل من التزامه هذا إلا إذا فسخ العقد.

    وتستطيع شركة التأمين أن تحتج بوقف سريان التأمين، إذا ما تحقق الخطر، على المستفيد، إذا لم يكن هو طالب التأمين، وعلى الغير ممن تعلق حقه بعقد التأمين، كالدائنين المرتهنين وأصحاب حق الامتياز، والمتضرر في التأمين من المسؤولية. وترفض تسوية الحادث المؤمن.

    2- انتهاء وقف التأمين :

    يعد وقف التأمين، جزءا مؤقت، قد يختفي بسرعة وفي أي لحظة بأشكال مختلفة:

    أ – ينتهي هذا الوقف للتأمين، ويعود عقد التأمين إلى السريان، بدءا من تاريخ تسديد المؤمن للقسط المستحق مع سائر المصاريف التي دفعت من أجل إعذاره بالدفع، شرط ألا يكون عقد التأمين قد فسخ من قبل شركة التأمين.

    فإذا ما عاد عقد التأمين إلى السريان فإن شركة التأمين تلتزم بالتعويض عن الكارثة فيما لو وقعت بدءا من اليوم التالي لتاريخ دفع القسط.

    ب – كما ينتهي وقف سريان التأمين، إذا تنازلت شركة التأمين عن حقها في الوقف صراحة أو ضمن .

    كما لو منحت شركة التأمين للمؤمن أثناء فترة الوقف مهلة يدفع خلالها القسط المستحق أو ما بقي دون دفع من هذا القسط.

    ج – استقر الاجتهاد القضائي الفرنسي على أن وقف سريان التأمين لا يدوم إلا إلى اليوم الذي يستحق فيه قسط جديد، فإذا حل استحقاق القسط الجديد دون أن تفسخ شركة التأمين العقد، فإن وقف سريان التأمين بسبب القسط القديم ينتهي، ولا يبقى أمام شركة التأمين إلا أن تطالب بالتنفيذ العيني بالنسبة لهذا القسط القديم.

    فإذا عاد عقد التأمين إلى السريان بحلول استحقاق القسط الجديد. وتخلف المؤمن عن دفع هذا القسط، جاز الشركة التأمين أن تعذر المؤمن من جديد لتوقف سريان العقد وفقا للإجراءات سالفة الذكر. وذلك إلى أن يحل استحقاق قسط جديد آخر .

    ثالثا- فسخ العقد من قبل شركة التأمين

    إذا مضت عشرة أيام على بدء سريان وقف التقادم أي بدءا من انتهاء مدة الثلاثين يوما، فإن باستطاعة شركة التأمين أن تفسخ عقد التأمين، دون الرجوع إلى القضاء كما هي الحال بالنسبة للمبادئ العامة، ويتم هذا الفسخ بموجب رسالة مسجلة ترسلها شركة التأمين إلى المؤمن في آخر موطن له معلوم من قبلها، كما هي بالنسبة للإنذار.

    وتتضمن هذه الرسالة رغبة الشركة بفسخ العقد.

    ويأخذ الفسخ أثره بدءا من تاريخ إرسال الكتاب المسجل، لا من وقت وصوله إلى المؤمن. وللشركة أن تطالب المؤمن عن طريق القضاء بما ترتب في ذمته من أقساط مستحقة لم يدفعها إلى يوم الفسخ مع سائر المصروفات، كما لها أن تطالبه بتعويض عن هذا الفسخ.

    على أن تسديد المؤمن للأقساط المستحقة بعد مضي عشرة الأيام من وقف سريان التأمين، وقبل أن يتم الفسخ يمنع على الشركة أن تفسخ العقد.

    ويجب أن يسدد المؤمن الأقساط المتأخرة كافة مع المصروفات لكي يمنع الفسخ. شرط أن تكون شركة التأمين قد حددت مسبقة المصروفات كافة الناجمة عن تخلفه في التزامه بدفع بدل التأمين ومطالبته بها.

    ويجب أن نشير إلى أنه إذا لم تلجأ شركة التأمين إلى الفسخ، جاز لها أن تطلب التنفيذ العيني، فتطالب المؤمن عن طريق القضاء بدفع القسط المستحق والمصروفات مع التعويض عن العطل والضرر إذا أثبتت وجود الضرر.

    على أن تلجأ شركات التأمين، تحاشياً من عبء إثبات الضرر، إلى أن تورد نص في وثيقة التأمين يقضي بدفع مبلغ جزافي كتعويض عن العطل والضرر الذي لحق بها نتيجة تخلف المؤمن عن تنفيذ التزامه بدفع القسط.

     

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1