الوسم: استشارات محامين

  • السرقة نهارة مع تعدد السارقين من مسكن أو معبد

    لا بد في هذه الصورة أن يتوفر ظرفي التعدد والمكان

    فظرف التشديد هنا مناطه قيام اثنين فأكثر بسرقة مسكن أو معبد أثناء النهار.

     ولقد سبق لنا تفصيل مدلولات التعدد والمسكن و المعبد.

    وتجدر الإشارة هنا إلى أن المسكن أو المعبد لا يشكل ظرفا مشددة بذاته، بل لا بد أن يقوم إلى جانبه ظرف مشدد أخر، هو الليل أو تعدد السارقين.

     أما لو تمت السرقة من شخص واحد نهاراً فلا تشديد في هذه الحالة، وهو أمر منتقد، لأن علة التشديد هي حرمة المسكن ومكان العبادة، ولا فرق بين أن يقوم بها سارق واحد أو أكثر.

    بالتالي فإن خطة المشرع لم تكن موفقة بهذا الخصوص، فكان أولى بالمشرع أن يراعي بالتشديد حرمة هذه الأماكن بغض النظر عن ظرف الليل أو التعدد.

    و بتوظيف الرياضيات في ظرف التشديد هذا نخلص إلى المعادلة التالية:

     السرقة نهارة + تعدد السارقين + مسكن أو معبد = سرقة مشددة عقابها الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات والغرامة.

  •  السرقة ليلاً من شخص واحد في مسكن أو معبد

     هذه الحالة تفترض توفر ظرفي تشديد، أحدهما زماني وهو الليل، والأخر مكاني، وهو المسكن أو المعبد، بشرط أن يكون السارق شخصاً واحداً.

     والظرف الزماني، أي الليل، تم سبق شرحه.

     أما الظرف المكاني فيجب أن تقع السرقة  إما في مكان سكنى الناس أو في معبد”.

    والحكمة من تشدید عقاب السرقة الواقعة في هذين المكانين تتمثل في انتهاك حرمة المسكن أو المعبد، والاعتداء على حق الملكية، إضافة إلى أن المجني عليه فيهما لا يتوقع في المجرى العادي للأمور أن يتعرض لاعتداء، كونه يخلد لراحته في منزله، أو يخشع لربه أثناء صلاته، أو لكون المعبد يتمتع بقدسية خاصة، لذلك فهو يتخلى عن وسائل الحيطة التي يتخذها عادة عند تواجده في غير هذه الأماكن، مما يسهل على السارق ارتكاب جريمته، ومما يعكس أيضا خطورة المجرم الذي يدخل المسكن أو المعبد وهو يتوقع أن يلقى مقاومة، فيضمر في نفسه إحباطها وردها بالعنف عند اللزوم.

    – مكان سكنى الناس.

    إن عبارة “مكان سكنى الناس” الواردة في النص غير واضحة المدلول.

     فهل تعني المكان المسكون فعلا، أو المعد للسكن أو المستخدم للسكن أو المخصص للسكن؟

     إن الترجمة الدقيقة المقابلة لعبارة مكان سكنى الناس في الأصل الفرنسي تعني مكان يستخدم للسكن “.

    وهذه العبارة تعطي دلالة واسعة بحيث تشمل المكان المسكون و المكان المعد للسكن.

    – والمكان المسكون هو المكان المستعمل بالفعل للسكن، أي للإقامة ليلا أو نهارا، لمدة طويلة أو قصيرة، سواء كان معد أصلا ليكون مسكناً، كالبيت والفندق  والملجئ و المستشفى، أو لم يكن معداً لذلك ابتداء ولكنه استخدم فعلا للسكن، كالمصنع أو المدرسة أو المحل التجاري، حين يقيم فيه حارساً أو بواباً، أي يتخذ فيه مكاناً لسكنه بمفرده أو مع أفراد عائلته.

     أما إذا كانت هذه الأماكن غير مسكونة إطلاقاً من حارس أو بواب، فلا تعتبر مسكناً بالمعنى المطلوب للتشديد .

    والمقصود بالسكن الإقامة، أي تخصيص المكان لمظاهر الحياة التي يحرص فيها الإنسان على أن يكون في عزلة حين يباشرها، كالخلود للراحة والنوم، والاستحمام وقضاء حاجاته الخاصة.

    ولا يشترط في المكان المسكون شكل معين، فقد يكون ثابتاً، کمنزل، أو متحركاً، كعربة أو زورق، وقد يكون كوخاً أو خيمة، أو غرفة في فندق.

    إذا ما يهم في اعتبار المكان المسكون ليس صفته أو شكله، بل تخصيصه فعلا للسكن، باتخاذه مقرا يخلد إليه الإنسان للراحة والنوم وقضاء حاجاته، حتى ولو كان المكان مؤسسة عامة أو خاصة يرتادها الناس بكثرة ثم ينصرفون، فما دام يقيم فيها حارس أو بواب فهي تأخذ حكم المسكن إذا تعرضت للسرقة.

    – أما المكان المعد للسكن، فهو المكان المهيأ للسكن ولكن صاحبه لا يقيم فيه إلا مؤقتا، کمنزل في مصيف أو في مشتی، أو شاليه على البحر، فتشدد عقوبة سارق هذا المكان ولو في غيبة مالكه.

    وتشديد العقاب لا يقتصر على السرقة التي ترتكب في المكان المسكون أو المعد للسكن بل يشمل أيضا ملحقات المكان المخصصة لمنفعته ومتصلة به مباشرة، كالحديقة و المستودع و المرآب .

     ويستوي في تشديد عقاب سرقة الأماكن المسكونة أو المعدة للسكن أو ملحقاتها أن يكون السارق غريباً عن المسكن أو واحداً ممن يقيمون فيه كخادم أو ضيف .

    بل أن التشديد يتحقق إذا كان صاحب البيت هو مرتكب السرقة، كما لو سرق مال ضيفه أو خادمه.

     فالتشديد يعتمد على مكان السرقة فحسب، فكل من يوجد فيه ويتعرض للسرقة يجب أن يكون له نصيبا في التمتع بحرمة المسكن.

    – المعبد

    المعبد هو كل مكان مخصص لإقامة شعائر دين من الأديان التي تقرها الدولة. ويستوي في الحماية المعبد المفتوح للجمهور والمعبد الخاص، كالمعابد الملحقة بدور التعليم أو المستشفيات.

     ويستوي أن تقع السرقة على مال من أموال المعبد نفسه، كسرقة أحد محتوياته، أو أن تقع السرقة على مال أحد الموجودين فيه.

     ويستوي كذلك أن يكون السارق غريباً عن مكان العبادة أو أحد العاملين فيه.

    ولا عبرة بدين المجني عليه ولا بسبب وجوده في المكان.

    فقد يكون أحد المصلين في جامع أو كنيسة، وقد يكون من دين أخر ويتواجد في المعبد لغير العبادة.

    ولهذا تشدد عقوبة السرقة إذا ارتكبت في مسجد أثري، كالجامع الأموي مثلا، على سائح أجنبي غیر مسلم، وكان وجوده في الجامع للزيارة أو للدراسة.

    فلدور العبادة قدسية وحرمة يجب أن لا تدنس بارتكاب السرقات فيها.

    و بتوظيف الرياضيات في ظرف التشديد هذا نخلص إلى المعادلة التالية:

     السارق واحد + الليل + مسكن أو مكان عبادة = سرقة مشددة عقابها الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات والغرامة.

  • جريمة القتل لدفع سرقة المنزل نهار

    جريمة القتل لدفع سرقة المنزل نهار

    جاء النص على هذا العذر في المادة 549 من قانون العقوبات في فقرتها الثانية في معرض تقرير سبب التبرير الخاص بدفع الدخول إلى المنازل ليلا.

     “1- تعد الأفعال الآتية من قبيل الدفاع عن النفس:

     أ- ……………………..

     ب- الفعل المقترف عند دفع شخص دخل أو حاول الدخول ليلا إلى منزل أهل أو إلى ملحقاته الملاصقة بتسلق السياجات أو الجدران أو المداخل أو ثقبها أو كسرها أو باستعمال مفاتيح مقلدة أو أدوات خاصة.

    وإذا وقع الفعل نهار، فلا يستفيد الفاعل إلا من العذر المخفف عملا بالمادة 241″.

     

     بتحليل هذا النص نلاحظ أن المشرع اعتبر دفع الدخول إلى المنازل، بالقتل أو الإيذاء، سبباً مبرر إذا وقع الفعل ليلاً، وعذرا مخففا إذا وقع الفعل في النهار.

     فمن يرد بالقتل على من يدخل أو يحاول الدخول إلى منزله أو منزل غيره، لا عقاب عليه ولا مسئولية، إذا توفرت الشروط التالية:

     1- أن يكون المجني عليه قد دخل أو حاول الدخول إلى منزل مسكون فعلا، أو إلى حديقته أو مستودعه أو كراجه.

     2- أن يقوم المجني عليه بالتسلق خارجياً أو داخلياً، أو بثقب أو بكسر الأبواب أو السياجات أو الجدران، أو باستعمال مفاتيح مقلدة أو أدوات خاصة كالمطرقة أو المفك أو البينسة أو غيرها.

     3- أن يتم الفعل ليلاً أي بين غروب الشمس وشروقها.

    وتجدر الإشارة إلى أن حصول هذه الواقعة نهاراً لا تعني بشكل مطلق أن القاتل لا يستفيد إلا من عذر مخفف، بل قد يستفيد من سبب تبرير إذا استطاع إثبات أن إقدامه على القتل قضت به ضرورة حالية لدفع تعرض غير محق ولا مثار عن النفس أو الملك أو نفس الغير أو ملكه، وهو سبب التبرير الوارد في المادة 183 من قانون العقوبات.

     فإذا ثبت ذلك اعتبر القاتل في حالة دفاع مشروع ولو كانت الواقعة قد حصلت نهار .

  • ماهو القتل بدافع الشفقة وماهي عقوبته؟

    القتل بدافع الشفقة

    مما لاشك فيه أن هناك فارق كبير بين الشخص الذي يقدم على القتل بدافع العطف والرحمة الإنسانية، وإشفاقاً على المجني عليه، المريض الذي يعاني آلام شديدة من جراء داء عضال عجز الطب عن شفائه، وبناء على رضاه وإلحاحه في الطلب، وذاك الذي يقدم على القتل بغياً وعدواناً وإضرار بالغير، منقاداً بالأعم الأغلب بدافع دنيء، طمعاً أو جشعاً أو انتقام ….. فالأول يستحق الشفقة والرأفة من جانب المشرع بمقابل الشدة التي يجب أن يؤخذ بها الثاني.

    وإن كانت هذه النظرة تعتبر مخالفة لموقف الدين، الذي لا يعتبر حياة الإنسان حقا من حقوقه، بل هي من حقوق الله، الذي وحده يهب الحياة، ووحده له الحق في سلبها.

    وبالرغم من عدم تأثير الدافع، مبدئياً، على وصف القتل، وعدم الاعتداد به كعنصر من عناصر التجريم، إلا أن المشرع راعى حالة إقدام الشخص على القتل مدفوعاً بعامل إنساني نبيل هو الشفقة والرحمة، وخفف عقاب القتل الواقع بدافع الشفقة معتبراً هذا الدافع قصد جرمياً خاصاً لا بد من توافره لقيام النموذج القانوني المطلوب لهذه الجريمة.

    ولقد نصت على هذه الصورة المخففة للقتل المادة 538 من قانون العقوبات، كما يلي:

     “يعاقب بالاعتقال عشر سنوات على الأكثر من قتل إنساناً قصداً بعامل الإشفاق بناء على إلحاحه بالطلب”.

     بتحليل هذا النص نستخلص أنه لا بد أن تتوفر في هذه الجريمة الأركان العامة لجريمة القتل البسيط، من اعتداء مميت ونية إزهاق الروح، إضافة لركنين خاصين بهذه الجريمة بالذات، أحدهما يتعلق بالمجني عليه وهو إلحاحه بالطلب، والثاني يتعلق بالركن المعنوي، وهو ضرورة توافر قصدأ جرمية خاصة لدى الفاعل متمثلاً بدافع الشفقة.

    أولا: إلحاح المجني عليه بالطلب.

     إن عبارة بناء على إلحاحه بالطلب، الواردة في صلب النص، تقتضي أن يصدر طلب الخلاص من الحياة من المجني عليه حتى يستفيد قاتله من التخفيف.

     فالمجني عليه هو صاحب المبادرة في طلب الموت.

     أما إذا كانت المبادرة صادرة عن القاتل، بأن أقنع المجني عليه المريض أن يخلصه من الامه وعذابه بتعجيل موته، فلا يستفيد من هذا النص حتى ولو كان دافعه الشفقة.

     بل يلاحق عن جرم القتل البسيط، وان كان يؤخذ بعين الاعتبار عند تحديد العقوبة نبل الدافع، بمنح القائل عذر الدافع الشريف العام الوارد في المادة 192 من قانون العقوبات.

    وطلب التعجيل بالموت يجب أن يكون صريحا واضحا وجدية، لا لبس فيه ولا غموض.

    أما مجرد التعبير عن الرغبة في الموت وطلبه للتخلص من الآلام المبرحة فلا يكفي لأخذ هذا الطلب بعين الاعتبار.

     ولم يشترط القانون صيغة أو شكل معين في الطلب.

    فسيان أن يكون كتابي أو شفهياً، لفظاً أو إشارة، ما دام ينم بوضوح عن رغبة المريض في الموت، فهو يحقق شرط التخفيف.

    والمهم في هذه الحالة هو إثبات صدور الطلب من المجني عليه بصرف النظر عن طريقته أو شكله أو صيغته.

    ولا يكفي لاعتبار هذا الركن متوفرة مجرد طلب المجني عليه الصريح والواضح والجدي التعجيل في موته، بل يجب أن يلح في هذا الطلب، أي أن يصدر منه هذا الطلب أكثر من مرة مع الإصرار عليه.

     فصدور الطلب لمرة واحدة لا يكفي لتخفيف العقاب مهما كان هذا الطلب جدية.

    ولا بد أخيراً کي يعتد بالطلب أن يصدر من شخص أهل للمسئولية الجزائية.

     أي صدور الطلب عن إرادة حرة وواعية.

     فالطلب الصادر من مريض مجنون أو قاصر أو مكره لا يعتد به بتاتاً .

    ثانيا: القصد الجرمي الخاص.

    لابد أن يتوفر لدى الفاعل، إضافة للقصد الجرمي العام لجرم القتل البسيط، قصد جرمية خاصة متمثلا بالدافع الذي دفع القاتل إلى القتل.

    فهذا لا يكفي مجرد طلب المريض الجدي والمتكرر لإنهاء حياته تخلصة من آلامه، بل لا بد أن يتفاعل القاتل إنسانية مع هذا المريض، فيشفق عليه لما يعانيه من الام لا تحتمل، نتيجة هذا المرض الميئوس من شفائه، فيعجل بوفاته شفقة عليه ورحمة به.

     فيجب إذن أن يثبت توفر هذا القصد الخاص في نفس الجاني حين إقدامه على تلبية طلب المجني عليه الموت.

     أما إذا انقاد القاتل الدافع أخر غير الشفقة، وأقدم على قتل المريض بناء على طلبة الصريح والجدي، ليوفر مثلا على نفسه نفقات علاجه، أو ليستفيد من وصية حررها لصالحه، أو ليستفيد من جثته علمياً، أو للحصول على أية مصلحة، فلا مجال لتخفيف عقابه.

    – عند توفر الأركان، بالشكل السابق شرحه، تقوم الجريمة الواردة بالمادة 538، ويعاقب فاعلها بعقوبة جنائية تتراوح بين الثلاث و العشر سنوات.

    – ودافع الشفقة هو سبب تخفيف شخصي يستفيد منه فقط من يثبت قيامه لديه.

     أما غيره من المساهمين في الجريمة فلا يستفيدون منه ما داموا لم يعملوا بدافع الشفقة.

  • ماهو القتل للحصول على المنفعة الناتجة عن الجنحة؟

    القتل للحصول على المنفعة الناتجة عن الجنحة

    شددت الفقرة الثالثة من المادة 334 عقاب القتل المرتكب بغاية الحصول على المنفعة الناتجة عن الجنحة.

    والملفت للنظر هو اقتصار التشديد فقط على الجنح دون الجنايات.

     فما دام الهدف من التشديد هو خطورة الجاني واستخفافه بالقيم الاجتماعية والأخلاقية بإهداره دم إنسان في سبيل الحصول على منفعة نتجت عن ارتكاب جريمة ذات وصف جنحي، فمن باب أولى أن يطبق التشديد في حالة الحصول على المنفعة الناتجة عن جريمة ذات وصف جنائي.

    فالمشرع السوري لم يكن منسجماً مع نفسه في هذه الحالة.

     فالسارق الذي يقتل شريكه في السرقة ليستولي على حصته، تختلف نظرة المشرع إليه باختلاف الوصف القانوني للسرقة التي ارتكباها .

     فإذا كانت ذات وصف جنحي شدد عقاب الشريك القاتل.

     أما إذا كانت ذات وصف جنائي، فلا يخضع للتشديد، وبالتالي يستفيد الفاعل من خطورة الجريمة التي قتل من أجل الحصول على المنفعة الناتجة عنها.

    وتجدر الإشارة إلى أنه لا يشترط أن تكون المنفعة الناتجة عن الجنحة عبارة عن كسب مادي، كما هو الحال بالنسبة الجرائم الواقعة على الأموال كالسرقة والاحتيال وإساءة الائتمان، بل يستوي أيضا أن تكون المنفعة عبارة عن كسب معنوي، كما لو قام شخص بسرقة وثائق هامة مبرزة في دعوى قضائية، وأقدم أحد الخصوم على قتله للحصول على تلك الوثائق كي يستعملها لمصلحته.

  • ماهي جريمة القتل البسيط وماهي أركانها؟

    القتل البسيط

     

    قلنا أن القتل المقصود يكون بسيطاً، ويطبق على فاعله العقاب المنصوص عليه في المادة 533، إذا لم يقترن بظرف من ظروف التشديد الواردة في المواد 534 – 535، أو بظرف من ظروف التخفيف الواردة في المواد 537-538 – 539 والقتل المقصود بكافة صوره هو جنائي الوصف، يتراوح العقاب فيه بين الثلاث سنوات كحد أدنى، والإعدام كحد أعلى.

    أما أركان القتل المقصود فهي واحدة أيضا في كافة صوره، البسيط أو المشدد أو المخفف، وهي ثلاثة:

    الركن المفترض: وهو خاص بمحل جريمة القتل، الذي يجب أن يكون إنسان على قيد الحياة أثناء وقوع الفعل عليه.

    الركن المادي: وهو فعل الاعتداء الواقع على الضحية، والذي تنشأ عنه الوفاة.

     الركن المعنوي: وهو القصد الجرمي الواجب توافره لدى الفاعل، وهو قصد إزهاق الروح.

    هذه الأركان أفصحت عنها المادة 533 من قانون العقوبات بقولها:

    ” من قتل إنساناً قصداً عوقب بالأشغال الشاقة من خمس عشرة سنة إلى عشرين سنة.

     وهذا النص يشير، كما أسلفنا، إلى الجريمة الأساس في القتل، ويطبق عند وقوع القتل مجرداَ عن أي حالة من حالات التشديد أو التخفيف. وهو يتضمن الأركان الثلاثة التي يجب توافرها في القتل بكافة صوره، وهي المحل، والفعل، والقصد.

    هذه الأركان الثلاثة، وان كانت مستنبطة من نص المادة 333 التي تحدثت عن القتل البسيط، إلا أنها أركان مشتركة يوجب القانون توافرها في جميع صور القتل المقصود، ما كان منها بسيطاً أو مشدداً أو مخففاً.

     فعند وقوع قتل مقصود ينظر إلى اجتماع هذه الأركان الثلاثة، فإن اجتمعت فيه دون أن ينضم إليها ظرف من ظروف التشديد أو التخفيف، اعتبر القتل بسيطاً، وطبق على فاعله العقاب الوارد في المادة 533. فهذه الأركان كافية إذن لقيام جرم القتل البسيط.

    أما إذا انضم إلى هذه الأركان ظرف تشديد أو ظرف تخفيف، اعتبر القتل مشددا أو مخفف. بالتالي فهذه الأركان لا تعتبر كافية لوحدها لقيام القتل المشدد أو المخفف، بل لا بد أن يتوفر إضافة إليها أحد ظروف التشديد أو التخفيف.

     – وقد عرف الفقيه الفرنسي غارو Garaud القتل المقصود بأنه “إزهاق روح إنسان قصدأ وبغير حق بفعل إنسان أخر .

     وقد عرفته المادة 221- 1 من قانون العقوبات الفرنسي الصادر عام 1994 بأنه “فعل إعطاء الموت قصدا للغير “.

    اما قانون العقوبات المصري فلقد نص في المادة 234 على القتل المقصود بقوله “من قتل إنسان عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد يعاقب….

     من خلال هذه التعاريف، وما ورد في نص المادة 533 من قانون العقوبات السوري، يمكن القول بأن القتل المقصود هو فعل يودي بحياة إنسان قصدا.

     وهو ككل جريمة ينصب على موضوع أو محل معين، و المحل فيه هو الإنسان الحي، وهو ما يشكل الركن المفترض لجرم القتل.

     ويتكون من فعل يفضي إلى وفاة الضحية، وهو ما يشكل الركن المادي.

     وأخيرا يتطلب قصدأ جرمية، أي أن تتجه إرادة الفاعل إلى إزهاق روح الضحية، وهو الركن المعنوي.

  • تعريف جريمة القتل مع مقدمة تاريخية

     

    تمهيد عن جريمة القتل :

    يقع القتل، بإزهاق روح إنسان بفعل إنسان آخر بأية وسيلة كانت.

    والقتل قد يكون مقصوداً إذا توافرت النية الجرمية لدى الجاني وقد يكون غير مقصود إذا لم تتوافر هذه النية لدى الجاني ولكن الوفاة تحققت نتيجة خطأ منه.

    تعتبر الشرائع السماوية والتشريعات الوضعية القتل من أشد الجرائم وأعظمها خطرة، لأن القتل هو انتهاك لحرمة النفس الإنسانية التي خلقها الله و سواها وكرمها أفضل تكريم. فالشرائع السماوية تعتبر أن أعظم ما يغضب الرب هو إزهاق روح هذه النفس الإنسانية التي كرمها الله.

    والشرائع الوضعية، بعقابها على القتل، تحمي بذات الوقت، حق الإنسان المقدس في الحياة، وحق المجتمع في الحفاظ على سلامة وحياة أفراده.

    والقتل ظاهرة اجتماعية إنسانية قديمة قدم التاريخ نفسه، ولعله أول جرم ارتكب في تاريخ وجود الإنسان، عندما قتل قابيل أخاه هابيل.

    لذلك نرى أن أكثر الشرائع الوضعية، المغرقة في القدم، اهتمت بجرائم القتل، واعتبرتها مساساً وتعدياً على الحقوق الإلهية على البشر، باعتبار أن الآلهة هي التي تمنح حق الحياة وهي التي لها الحق بأخذها ؛ فكان القتل يحاط بنقمة الآلهة و البشر معاً، بإنزال أقسى العقوبات و أشدها تعذيباً على مرتكبه.

    ولقد عاقبت التشريعات والأعراف القديمة على القتل دون التفات إلى فعل القاتل، فيما إذا كان مقصودا أم غير مقصود.

    حيث كان الثأر والانتقام يطال الفاعل في كلتا الحالتين.

     ولكن مع الزمن أخذت المجتمعات تفرق بين الأفعال المقصودة، فتشدد عقابها، وبين الأفعال غير المقصودة، فتتساهل في جزاءاتها من حيث قبول التعويضات المالية.

    وكان الانتقام أو الثأر هو السائد لدى العرب في الجاهلية، دون تمييز بين كون القتل مقصوداً أو غير مقصود، ودون أن يكون هناك تعادل أو مساواة بين ما أصاب الضحية وبين الثأر. وعندما جاء الإسلام، نهی عن القتل، وسن القصاص من الفاعل في القتل العمد (المقصود) وفي الإيذاء، وذلك بالتساوي بين إصابة الصحية والجزاء الواقع عليها.

    ولقد ورد النهي والقصاص في آيات كثيرة من القرآن الكريم منها ما ورد في سورة الإسراء: (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق..).

    وما جاء في سورة البقرة: (يا أيها الذين آمنوا کتب عليكم القصاص في القتلى…).

     وفي سورة المائدة أيضا: (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن و السن بالسن والجروح قصاص …).

    وجاء في سورة النساء: (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ).

    من هذه الآيات نستنتج أن القرآن الكريم قد فرق في القتل بين نوعين: القتل العمد، أي المقصود، ورتب له القصاص كجزاء، و القتل الخطأ، وجزاؤه الدية والكفارة.

    وقد ميز الفقه الإسلامي بين القتل العمد الذي تتجه به إرادة الفاعل إلى الفعل والنتيجة، وبين القتل شبه العمد الذي تتجه الإرادة فيه إلى الفعل دون النتيجة، وهو ما يقابل الإيذاء المفضي إلى الموت في التشريع الوضعي.

     و عقابه الدية المغلظة باعتبار أنه لا قصاص إلا في القتل العمد.

    والقصاص، كما أسلفنا، هو الجزاء الواقع في القتل والإيذاء، و المتساوي مع الإصابة اللاحقة بالضحية.

    ويطلق عليها تعبير القود في القتل العمد، فالقاتل يقتل، و العين بالعين والسن بالسن…. الخ. والكفارة هي جزاء ديني يتضمن التكفير عن الذنب، ويكون بإعتاق عبد أو التصدق بقيمته أو الصيام شهرين متتابعين. أما الدية فهي مبلغ من المال يتفق عليه الطرفين، يدفعه الجاني أو أهله إلى الضحية أو أهله، وذلك مقابل العفو عن المعتدي.

    تعريف جريمة القتل

    القتل، بوجه عام، هو اعتداء إنسان على إنسان ينتج عنه وفاته. فإذا انصرفت إرادة الفاعل إلى إزهاق روح الضحية كان القتل مقصوداً، أما إذا لم تتصرف هذه الإرادة إلى إحداث هذه النتيجة، بل وقعت الوفاة نتيجة خطأ من الفاعل، بصورة إهمال أو قلة احتراز أو عدم مراعاة الشرائع أو الأنظمة، كان القتل غير مقصود وفي حال وقوع القتل دون اقترانه بقصد جرمي أو بخطأ من الفاعل، بل نتيجة لظرف خارج عن إرادة الإنسان، فلا يكون جريمة ولا ينتج أية مسؤولية جزائية، وذلك لانعدام الركن المعنوي فيه، وهو ما يدعى بالقتل العرضي الذي يخرج من نطاق القانون الجزائي ويدخل في نطاق القضاء والقدر.

     وقد درجت أغلب التشريعات الجزائية القديمة على تقسيم القتل المقصود إلى نوعين: القتل عمدة، أي مع النية المبينة  أو مع سبق التصور والتصميم، والقتل قصدا، وهو الذي ينتج عن نية أنية. وكلاهما يستلزم إرادة أو نية إزهاق الروح.

1