الوسم: استشارات محامين

  • كيف يتم تسديد ودفع رأس المال في الشركة المحدودة المسؤولية؟

    تكوين رأس مال الشركة المحدودة المسؤولية

    ينقسم رأسمال الشركة المحدودة المسؤولية إلى حصص متساوية القيمة.

    ويجب أن تكون الحصص المقدمة من الشركاء للشركة حصصة مالية، سواء أكانت الحصة نقدية أو عينية.

    ولا يجوز أن تكون الحصة المقدمة من الشريك حصة بالعمل، ذلك لأن المشرع يوجب أن يكون رأس مال الشركة قد سدد کاملاً خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدور القرار الوزاري بالتصديق على النظام الأساسي للشركة، أو كحد أدنى 40% من قيمة الحصص النقدية إذا أجاز النظام الأساسي ذلك؛ وكل ذلك يتنافى مع طبيعة الحصة بالعمل.

    كما أن مسؤولية الشريك عن ديون الشركة محدودة وهو ما يتنافي أيضا مع تقديم العمل كحصة في الشركة.

     كما لا يتصور الحجز على الحصة بالعمل أسوة بالحصص النقدية والعينية التي تشكل ضمانة لدائني الشركة.

    تسديد رأس المال

    نصت المادة 56 من قانون الشركات على أنه:

    “يحدد رأس مال الشركة المحدودة المسؤولية بالليرات السورية ما لم تجز الوزارة للشركة تحديد رأسمالها بعملة أخرى….”

    هذا ولم يعين المشرع حدا أدنى لرأسمال الشركة المحدودة المسؤولية، كما كان عليه الحال في قانون التجارة الملغي رقم 49 (مادة 291).

    وإنما أناط تعين الحد الأدنى لرأسمال الشركة المحدودة المسؤولية بقرار من وزير الاقتصاد (مادة

    2/56 شركات ).

    وحسنا فعل المشرع، ذلك أنه يمكن لوزارة الاقتصاد أن تزيد من الحد الأدنى، وفقاً للظروف الاقتصادية للدولة وحسب معدلات التضخم التي قد تطرأ دون حاجة لتدخل تشريعي.

    ويجب أن يكون رأسمال الشركة المحدودة المسؤولية قد سدد کاملاً خلال ثلاثين يوماً من تاریخ صدور قرار الوزارة بتصديق النظام الأساسي للشركة مالم ينص النظام الأساسي أو طلب تأسيس الشركة على مهلة أخرى، وفي هذه الحالة يجب أن لا يقل ما يدفع باقي قيمة الحصص خلال سنة واحدة تحت طائلة إلغاء قرار الترخيص للشركة.

    أي أن يستكمل تسديد باقي رأس المال خلال سنة من تاريخ صدور قرار التصديق.

    أنواع الحصص في الشركات المحدودة المسؤولية

    قدمنا بأن رأسمال الشركة المحدودة المسؤولية يتألف من حصص نقدية أو عينية قابلة للتقويم بالنقود.

     أولاً – الحصص النقدية

    عند تأسيس الشركة المحدودة المسؤولية يجب تعيين عدد الحصص التي يملكها كل شريك، ويلتزم كل شريك بدفع الحصة النقدية بموجب إيصالات مصرفية ثابتة في حساب مصرفي يفتح للشركة، ولا يحق للشركة تحريك حساباتها المصرفية إلا بعد إبراز صورة طبق الأصل عن شهادة تسجيلها.

    ويعد الالتزام بالوفاء بكامل قيمة الحصص النقدية سبيلاً لمنع تأسيس الشركات الصورية.

     ولكي لا تستخدم الشركة المحدودة المسؤولية كستار لتخصيص الذمة المالية لأحد الأشخاص، ذلك أنه قد ينفرد أحد الشركاء بملكية 98% من الحصص ويشاركه شخص يملك 2% من الحصص، ويعد ذلك تحايلاً على مبدأ وحدة الذمة المالية.

     وفي مثل هذه الحالة تبدو الصورية جلية، فيهيمن أحد الشركاء على الشركة بالفعل، ويمكن لقاضي الموضوع في مثل هذه الحالة التدخل لإعطاء الوصف القانوني الحقيقي لهذه الشركة.

    ومع ذلك فإن المشرع ودرءا لتأسيس مثل هذه الشركة الصورية ألزم الشركاء بالوفاء بكامل الحصص النقدية المقدمة للشركة.

    ثانياً – الحصص العينية

     1 – مفهومها

    يجوز أن يكون رأسمال الشركة المحدودة المسؤولية أو جزء منه عبارة عن مقدمات عينية، كالعقارات والمتاجر والتجهيزات، وقد اعتبر المشرع حقوق الامتياز وحقوق الاختراع والمعرفة الفنية وغيرها من الحقوق المعنوية من المقدمات العينية طالما أنها قابلة للتقويم المالي عند التأسيس.

     لذلك، وكما أسلفنا، لم يجز المشرع أن تكون هذه المقدمات عبارة عن خدمات أو عمل أي شخص كان. (مادة 7/56 شركات).

     2- تقويمها

    إذا كان جزء من رأس مال الشركة مقدمات عينية، فلا بد من تحديد قيمتها بتقرير مرفق مع طلب التصديق على النظام الأساسي للشركة.

     ولا يكتفي المشرع بتقدير الشركاء للحصص العينية، خشية المبالغة في تقدير قيمتها، مما يضر بأصحاب الحصص النقدية وبدائني الشركة.

     لذلك أوجب القانون إعداد تقرير يتضمن تقديرا لقيمة المقدمات العينية من قبل جهة محاسبية سورية ذات خبرة أو من شركة محاسبة دولية معتمدة من وزارة الاقتصاد.

    ويجب أن يتضمن تقدير قيمة المقدمات العينية الصادر عن الجهة التي أعدته ما يشير إلى أنها قد أخذت علما بمسؤوليتها مع صاحب المقدمات العينية عن صحة تقديراتها، في حال تبين ارتكابها لخطأ جسيم أو كانت تعلم أن التقديرات خاطئة.

     وعليه، فإن المشرع اعتبر الجهة المحاسبية صاحبة التقرير ومقدم الحصص العينية مسؤولين بالتضامن عن عدم تقدير الحصص تقديرا صحيحاً تجاه الغير وكل من تضرر من المبالغة أو الخطأ في التقدير.

    إلا أنه اشترط أن يكون الخطأ جسيماً أو أن تكون الجهة المحاسبية على علم بأن التقديرات خاطئة ورغم ذلك قدمت تقريرها وهنا لا بد من توفر سوء النية والعلم وهو من أمور الواقع التي يمكن إثباتها بكافة الطرق ويعود أمر تقديرها لقاضي الموضوع.

    وتجدر الإشارة إلى أن المسؤولية التضامنية لا تتعدى الأشخاص الذين قدموا الحصص العينية والجهة التي قامت بتقييمها دون باقي الشركاء.

     ويقتصر التعويض على الغير الذي لحق به الضرر عن هذا التقدير.

    ويسقط الحق بإقامة دعوى المسؤولية بالتقادم إذا لم تقم هذه الدعوى خلال ثلاث سنوات من تاريخ شهر الشركة أو شهر تعديل نظامها الأساسي. (مادة 59 شركات).

    وتكون العبرة في تقدير قيمة الحصص العينية عند تقديمها، ولا يعتد بأي هبوط يطرأ على قيمتها بعد ذلك.

    – انتقالها للشركة

    يجب على صاحب المقدمات العينية أن يسلمها بالكامل إلى الشركة وأن ينقل ملكيتها لاسم الشركة المحدودة المسؤولية لدى الجهة المختصة بتسجيل الملكية خلال مدة ثلاثين يوماً من تاريخ صدور القرار الوزاري بالتصديق على النظام الأساسي للشركة (مادة2/59 شركات).

    وتجدر الإشارة أنه إذا كانت المقدمات العينية مثقلة برهن أو بإشارة حجز أو التكليف قبل تسجيل العين على اسم الشركة.

    ومؤدي ذلك عدم جواز تقديم مال مثقل بتكاليف تستغرق قيمته كحصة عينية للشركة.

    ولا يجوز لمالك الحصة الغينية التصرف بالسندات التي تمثل هذه الحصة قبل انقضاء سنتين على شهر الشركة، وإلا كان مسؤولاً بالتضامن مع المتصرف لهم عن صحة قيمتها. (مادة 60 شركات). كما يعاقب الشريك المتنازل عن هذه الحصة بالعقوبة المنصوص عليها لجريمة الاحتيال (مادة 1/85 شركات).

    ثالثاً – عدم تسديد قيمة الحصة

    إذا لم يقدم أو يسدد أحد مؤسسي الشركة المحدودة المسؤولية حصة في رأس المال خلال الفترة المحددة بالقانون أو بالنظام الأساسي، وأعلم وزارة الاقتصاد بانسحابه من الشركة، جاز لباقي المؤسسين بعد إنذاره و عدم امتثاله للإنذار خلال عشرة أيام من تاريخ تبليغه إياه، مطالبة الوزارة على إحلال شخص أو أشخاص محله في الشركة (مادة 1/63 شركات).

    وفي حال عدم تسديد رأس مال الشركة خلال المدة المحددة لذلك، ولم يحل محل الشريك المؤسس شخص آخر، جاز لكل مؤسس أن يطلب إلى الوزارة إصدار قرار بإلغاء التصديق، وفي هذه الحالة يقوم المصرف بإعادة المبالغ المدفوعة من قبل المؤسسين إلى أصحابها كاملة فور إبراز المؤسس قرار الوزارة بإلغاء قرار التصديق.

    أما بالنسبة لمقدم الحصة العينية فيحق له طلب إعادة تسجيل المقدمات العينية على اسمه بالاستناد إلى قرار وزارة الاقتصاد المتضمن إلغاء قرار التصديق على النظام الأساسي، وهذا يعني فشل تأسيس الشركة.

  • هل يمكن أن تكون شركة المحاصة سرية أو مستترة؟

    شركة المحاصة ذات طابع مستتر

    ذكرنا أن الفقرة الأولى من المادة 51 من قانون الشركات عرفت شركة المحاصة بأنها: “.

    .. ليست معدة لاطلاع الغير عليها وينحصر كيانها بیت المتعاقدين ويمارس أعمالها شريك ظاهر يتعامل مع الغير.”.

    كما أوضحت الفقرة الثانية من المادة 54 من قانون الشركات مؤيد هذه الصفة المستترة الشركة المحاصة بقولها:

    “2- يجوز أن تتعامل شركة المحاصة التي تظهر تجاه الغير بهذه الصفة كشركة فعلية ويصبح الشركاء فيها مسؤولين تجاه ذلك الغير بالتضامن.”.

    وعليه فإن شركة المحاصة شركة مستترة ليس لها وجود ظاهر أمام الغير، وإنما يقتصر وجودها على الشركاء فحسب،

    وهذا لا يعني سريتها أي عدم علم الغير بوجود عقد شركة محاصة بين الشركاء، وإنما يعني أنها مستترة من الوجهة القانونية، فهي تبقى محتفظة بصفتها كشركة محاصة ولو علم الغير بوجودها فعلا،

    إذ ليس هنالك ما يمنع من اطلاع الغير ووقوفه على تفاصيل عقد الشركة المبرم بين الطرفين بصورة عفوية أو بفعل المتعاقدين وإرادتهم،

    إذ أن كثيراً ما يهم الغير المتعاملين مع الشركاء الوقوف على وضعهم المالي والقانوني وما يربطهم بشركائهم من علاقات مالية وقانوني تنعكس على ذمتهم المالية التي تشكل ضمانة لدائنيهم.

     كما أنه ليس هنالك ما يمنع من إعلام الغير بوجود شركة المحاصة بتوثيق عقدها لدى الكاتب بالعدل وإعطاء نسخة عن العقد الأحد المتعاملين مع الشريك الظاهر المتعاقد مع الغير،

    ما دام أنه لم يصدر من الشركاء أي عمل من شأنه إبراز الشركة كشخص اعتباري مستقل عن شخصية الشركاء.

    أما إذا عمل الشريك على نحو يومي بقيام شخص اعتباري، كالتوقيع بعنوان الشركة أو التصرف باسمها دون بيان صفتها المستترة أو إظهارها الشخصية الاعتبارية، فإننا لا نكون بصدد شركة محاصة وإنما فإننا نكون بصدد شركة تضامن قامت بأعمالها قبل شهرها فاعتبرت باطلة،

    وتصبح شركة المحاصة شركة فعلية تكون مسؤولية الشركاء فيها تضامنية عن ديون والتزامات الشركة. على أنه يشترط لذلك ظهور الشركة للغير عامة بهذه الصفة و القيام بعدد من التصرفات باسم الشركة.

     أما إذا اقتصر إظهار الشركة للغير على تصرف عابر، فينحصر أثر هذا التصرف بالشريك الذي قام به، ويتعذر على الغير الذين تعاملوا معه الرجوع بالمسؤولية على الشركاء الآخرين إذا لم يكن لهم علاقة بهذا التصرف.

  • أحكام إدارة شركة التوصية

    ذكرنا أن شركة التوصية تضم فئتين من الشركاء: وهما الشركاء المتضامنون من جهة والشركاء الموصون من جهة أخرى.

    ويحق للشركاء المتضامنين الاشتراك في إدارة الشركة، كما يجوز إسناد إدارة الشركة إلى شخص أجنبي عن الشركة، وهذا لا يعني إسناد هذه الإدارة إلى شريك موصي، وإنما يجب أن يكون شخص من الغير، لما رتب المشرع من جزاء، على ما سنفصله في حال تدخل الشريك الموصي في الإدارة.

    وعليه، يتم إدارة شركة التوصية من قبل مدير يجوز أن يكون من الشركاء المتضامنين أو من الغير، كما يتولى الإدارة بصفته صاحب السلطة العليا فيها مجلس الشركاء والذي تكون قراراته ملزمة لمدير الشركة سواء أكان من الشركاء المتضامنين أم من الغير، وقد سبق أن فصلنا الأحكام القانونية لمدير الشركة ومجلس الشركاء عند دراستنا لإدارة شركة التضامن.

    ومع ذلك فقد جاء قانون الشركات ببعض الأحكام الخاصة، التي يقتضي ذكرها، فيما يتعلق باتخاذ القرارات في الشركة.

    ذلك أن القرارات في شركة التوصية تصدر بأصوات الشركاء المتضامنين فقط ما لم يعط عقد تأسيس الشركة للشركاء الموصين حق التصويت (مادة 1/49 شركات).

    كما تصدر القرارات في مجلس الشركاء بالإجماع ما لم ينص عقد الشركة على عقد الاكتفاء بأغلبية معينة. (مادة 249 شركات).

    على أنه إذا تعلق الأمر بقرارات خاصة بحياة الشركة ومصيرها كتعديل عقد الشركة أو حلها أو دمجها، فإن هذه القرارات لا تكون صحيحة ما لم يتفق عليها الشركاء المتضامنون والموصون في عقد يوقعون عليه جميعهم ويشهر أصولا بتسجيله في سجل الشركة لدى أمانة السجل التجاري. (مادة 3/49 شركات).

    فيما عدا هذه الأحكام الخاصة، تطبق أحكام إدارة شركة التضامن فيما يتعلق بصلاحيات مدير الشركة وواجباته ومسؤوليته عن إدارة الشركة تجاه الشركة والشركاء، وضرورة تعين مفتش للحسابات إذا زاد عدد الشركاء المتضامنين عن خمسة شركاء أو بلغ رأس مال شركة التوصية خمسة وعشرين مليون ليرة سورية. كذلك الأمر بالنسبة لعزل المدير واعتزاله.

  • آثار بطلان عقد الشركة ونظرية الشركة الفعلية

    آثار البطلان ونظرية الشركة الفعلية

    نشأة الشركة الفعلية

    إذا ما حكم ببطلان الشركة لأي سبب من الأسباب الموجبة للبطلان، فإنه وفقاً للقواعد العامة التي تحكم بطلان العقود، والتي قررها القانون المدني في المادة 143 منه بقوله

    “في حالتي إبطال العقد وبطلانه يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد، فإذا كان هذا مستحيلا جاز الحكم بتعويض عادل”.

    ولو أخذنا بهذا المبدأ لوجب علينا، في هذه الحالة، أن نعتبر أثر بطلان عقود الشركات منسحباً إلى الماضي فنقضي ببطلان جميع التصرفات الجارية في ظل عقد الشركة الباطل.

    أي أنه يترتب على هذا البطلان امتداد أثره إلى الماضي منذ تاريخ انعقاد الشركة وعدم ترتيب أي أثر قانوني على تكوينها.

    ولما كان من شأن تطبيق هذه القاعدة العامة تجاهل مراكز قانونية تمت فعلا وعلاقات قانونية نشأت مع الغير منذ نشأت الشركة حتى صدور الحكم بالبطلان؛ فقد استرعي انتباه الاجتهاد القضائي والفقه، خطورة هذا البطلان وتطبيقه على العقود المتتابعة وأهمها عقود الشركات، نظرا لكثرة العمليات التي تكون الشركة قد أجرتها، بوصفها شخصا اعتبارية، منذ وجودها فعلا حتى تاريخ إعلان بطلانها،

    ورأى في ذلك مخالفة لمبدأ العدالة لما ينتج عن الأخذ بانسحاب أثر البطلان إلى الماضي من ضرر بالغير الذي تعامل مع الشركة المقرر بطلانها ومن ضرر بالشركاء أنفسهم.

    فلو أردنا أن نعتبر عقد الشركة المقرر بطلانها كأنه لم يكن لوجب أن تعاد إلى الشركاء حصصهم في رأسمال الشركة بكاملها، دون حساب لما تكون الشركة قد خسرته أثناء قيامها، ولوجب أيضا عدم تطبيق القواعد التي اتفق عليها الشركاء في عقد الشركة من أجل تصفيتها وتوزيع الأرباح والخسائر بينهم، ولوجب أخيراً اعتبار جميع التزامات الشركة منذ بدئها بالعمل حتى إقرار بطلانها، باطلة أيضا.

    أمام هذه الصعوبات القانونية التي قد تنجم عن بطلان عقد الشركة، وخاصة فيما يتعلق منها بالمحافظة على حقوق الغير، ولاسيما في حال وقوع خلافات بين دائني الشركة من جهة ودائني الشركاء الشخصيين من جهة ثانية، لذلك كان لابد للفقه والاجتهاد من إيجاد نظرية حقوقية كاملة الموضوع الشركات الفعلية.

    ويلاحظ ضرورة ذلك بالنسبة لقانون الشركات الذي أغفل تنظيم وتصفية الشركات الفعلية، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 54 من قانون الشركات على أنه:

    “يجوز أن تعامل شركة المحاصة التي تظهر تجاه الغير بهذه الصفة كشركة فعلية ويصبح الشركاء فيها مسؤولين تجاه ذلك الغير بالتضامن”.

    على أن المادة / 4/ من قانون الشركات نظمت آثار البطلان في علاقة الشركاء في مواجهة بعضهم بعضا من جهة، وفي علاقة الغير مع الشركاء من جهة أخرى. وهذا ما سنتناوله بدراستنا بشكل مفصل لاحقا.

    وقبل البحث في آثار البطلان وبالتالي القواعد التي تحكم الشركات الفعلية لابد من التمييز بين البطلان المطلق والبطلان النسبي لعقد الشركة من جهة، وبين الشركات الفعلية والشركات التي تنشأ بشكل فعلي من جهة أخرى.

     المطلب الأول – التمييز بين البطلان المطلق والبطلان النسبي لعقد الشركة

     أولاً – البطلان المطلق

    يعد عقد الشركة باطلاً بطلاناً مطلقاً إذا كان محلها أو سببها غير مشروع كما لو كان القصد من تكوين الشركة الاتجار بالمخدرات أو البضائع الممنوع التعامل فيها أو القيام بنشاط محظور على الشركة كقيام الشركة المحدودة المسؤولية بأعمال التأمين أو التوفير أو المصارف.

     ويعتبر البطلان في هذا الخصوص من النوع المطلق الذي يجيز للشركاء كما يجيز للغير التمسك به، بل إن للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.

    ولا يصحح هذا البطلان بالتقادم لأنه من العيوب الدائمة.

    والعبرة في تقدير مشروعة نشاط الشركة هي حقيقة ما تزاوله من أعمال وليس ما هو مدون بنظامها أو عقد تأسيسها.

    كما تبطل الشركة في حال انعدام الرضا أو المحل أو لاستحالة تنفيذ غرض الشركة.

    ويترتب على صدور حكم ببطلان الشركة اعتبار عقدها كأن لم يكن بالنسبة لجميع الشركاء، والتمسك بالبطلان في هذه الحالات حق لكل شريك في مواجهة باقي الشركاء.

    أن البطلان مطلق في هذا الخصوص فإنه يجوز للشركاء مطالبة مدير الشركة باسترداد الحصص على أساس أنه ليس هناك ما يبرر احتفاظ المدير بحصص الشركاء رغم اشتراكه معهم في مخالفة القانون .

    كما يفقد دائنو الشركة امتيازهم في تحصيل ديونهم من أموال الشركة بمواجهة دائني الشركاء الشخصيين ويتساوون في ذلك، إذ تعود الحصص التي قدمها الشركاء إلى ذمتهم المالية وتعد كأن لم تخرج منها.

    ثانياً – البطلان النسبي (البطلان لعدم الكتابة أو الشهر)

    يترتب على عدم كتابة عقد الشركة أو شهرها البطلان.

    وقد اعتبر البعض أن هذا البطلان هو بطلان من نوع خاص، فهو ليس بالبطلان المطلق السابق ذكره أو النسبي، ذلك أنه يجوز تصحيح البطلان الناشئ عن عدم كتابة العقد ويصبح العقد صحيحاً ويحتج به في مواجهة الغير من يوم إتمام هذا الإجراء، طالما تم تصحيح العقد قبل الحكم بالبطلان .

    ويذهب أصحاب هذا الرأي إلى إمكان تصحيح هذا الإجراء أمام محكمة الاستئناف في الحالات التي تقتصر فيها محكمة أول درجة على الفصل في مسألة إجرائية دون المساس بالموضوع، كذلك قد يمنح القاضي أجلاً التصحيح البطلان، فإذا تم التصحيح خلاله فلا يحكم به.

    على أن منح الشركاء مهلة للقيام بإجراءات الشهر يعد من الرخص المخولة لمحكمة الموضوع وأن عزوفها عن استعمال تلك الرخصة لا يعيب حكمها. 

    ولا يجوز للشركاء الاحتجاج بالبطلان بسبب عدم شهرها في مواجهة الغير إذ لا يقبل إفادة الشريك من تقصيره وإنما يجوز التمسك بالبطلان من قبل الشركاء في مواجهة بعضهم بعضا (مادة 1/4 شركات).

    ويختلف أثر هذا البطلان وفق من يطلبه، فإذا طلبه الغير كان له أثر رجعية وتعدو الشركة كأن لم تكن. أما إذا طلبه أحد الشركاء فإن الشركة لا تبطل في الفترة السابقة ما بين إنشائها وتاريخ قید دعوى البطلان في سجلات المحكمة (مادة3/4 شركات).

    ويعد هذا تطبيقاً صريحاً النظرية الشركة الفعلية التي أسسها القضاء، وقد قصد المشرع بذلك وضع حد لعدم استقرار هذه الشركات وحماية الوضع الظاهر لجميع المتعاملين مع الشركة والذين يجهلون عدم اتباع المؤسسين الإجراءات التأسيس وفقا للقانون، وهو هدف يستحق هذه الحماية في الواقع لاستقرار المعاملات، خاصة وإن شهر الشركة يجب أن يرتب أثر قانونية على الأقل من حيث قيام شركة صحيحة في مواجهة الغير.

    على أن هذا لا يمنع بطلانها لأسباب أخرى غير مخالفة إجراءات التأسيس كعدم توافر الشروط الموضوعية العامة أو الخاصة وفقاً للقواعد العامة التي لا يترتب على تخلفها بطلان الشركة بطلاناَ مطلقاً.

    المطلب الثاني – التمييز بين الشركات الفعلية وبين الشركات التي تنشأ بصورة فعلية

    لابد من التفريق بين الشركات الفعلية وبين الشركات التي تنشأ بصورة فعلية  ، فالشركات الفعلية هي الشركات التي تظهر للوجود بصورة مادية أي بعقد خطي ينظم بين الشركاء، فيبين العقد نوع الشركة وما وقع الاتفاق عليه بين الشركاء في صدد المساهمة في تكوين رأس المال المشترك وفي توزيع الأرباح والخسائر وتصفية الشركة، إلا إن رافق تأسيسها أحد العيوب التي أدت إلى بطلانها.

    أما الشركات التي تنشأ بصورة فعلية فهي التي لا ينظم بها عقد خطي، ولا تتجه إرادة الأطراف فيها إلى تكوين عقد شركة، وإنما يستفاد وجودها من العمل المشترك الذي يرمي إلى اجتناء الربح.

    وتظهر نية الشركاء في إيجاد شركة بينهم من الأعمال المشتركة التي يقومون بها والتي لا يمكن تفسيرها إلا بوجود الشركة.

    وتظهر فوائد التمييز بين الشركات الفعلية والشركات التي تنشأ بصورة فعلية خاصة بالنسبة النوع الشركة وللقواعد المتبعة في تصفيتها.

    فالشركات التي تنشأ بصورة فعلية تعد دائما من نوع شركات التضامن، في حين أن الشركات الفعلية يعين نوعها في العقد المقرر إبطاله، فقد تكون من شركات الأشخاص كما قد تكون من شركات الأموال.

    القواعد التي تحكم الشركات الفعلية

    لمعرفة القواعد التي تحكم الشركات الفعلية، لابد من بحث مسألتين الأولى وتتعلق بأثر عقد الشركة قبل البطلان وبعده، والثانية تتعلق بمدى احتفاظ الشركة الفعلية بشخصية اعتبارية وذمة مالية مستقلة.

    المطلب الأول- أثر عقد الشركة قبل البطلان وبعده

    أولا – بالنسبة للشركاء:

    تعد الشركاء قائمة فيما بين الشركاء قبل المطالبة بإبطال عقد الشركة، وينتج عن ذلك أن جميع ما قام به ممثلو الشركة من أعمال يسري أثره على الشركاء، وإن من حق هؤلاء أن يقتسموا الربح إن وجد، كما أن من واجبهم أن يساهموا في الخسارة إن حصلت، وفقاً لما هو منصوص عليه في عقد الشركة، كما أنه تطبق القواعد التي نص عليها عقد الشركة من أجل تصفيتها وقسمتها، إذا حكم ببطلان الشركة، ويعد ذلك تأييداً من المشرع لنظرية الشركة الفعلية حيث يعترف بعقد الشركة وتنفيذ بنوده رغم الحكم ببطلانه.

    وعليه فإن بطلان عقد شركة التضامن أو التوصية لعدم تسجيله أو شهره هو من قبيل حل الشركة قبل أن يحين ميعاد انتهائها وتتبع في تسوية حقوق الشركاء، في هذه الحالة، نصوص العقد استنادا إلى المادة 54 من قانون الشركات.

    كما أنه إذا حكم ببطلان الشركة، وكان أحد الشركاء لم يقدم كامل حصته فعليه أن يفي رصيدها، مراعاة لشروط العقد.

    على أن يستبعد من تطبيق شروط العقد الشروط المخالفة للقانون أو النظام العام.

    ثانياً – بالنسبة للغير:

    يتمثل الغير بكل من دائني الشركة وخلفائها الخاصين من جهة ودائني الشركاء الشخصيين وخلفائهم الخاصين من جهة أخرى.

    وهذا يقتضي التمييز بين حالتين:

    الأولى: الدائني الشركاء الشخصيين حق الخيار، فهم إما أن يحتجوا ببطلان الشركة أو يعتبروها صحيحة بالنسبة لهم.

    فإذا تمسكوا بصحتها كان عقد الشركة نافذا بالنسبة للماضي وقائمة بجميع فوائده وموجباته.

    أما إذا تمسكوا ببطلان الشركة فتعد الشركة كأن لم توجد أصلا .

    الثانية: ويختلف فيها وضع دائني الشركة فيما لو كان النزاع قائمة بينهم وبين الشركاء أو الشركة من جهة، أو كان قائما بينهم وبين دائني الشركاء الشخصيين.

    فإذا كان النزاع قائمة بين دائني الشركة وبين الشركاء أو الشركة، كان لدائني الشركة حق الخيار بين أن يعتبروا الشركة صحيحاً أو يحتجوا بالبطلان، فإذا فضلوا اعتبار الشركة صحيحة فإنهم يرجحون على دائني الشركاء الشخصيين، ويحق لهم إثبات قيام الشركة وشروطها ومن يديرها بكافة وسائل الإثبات بما فيها البينة الشخصية، وبالمقابل لا يحق للشركاء أن يحتجوا تجاههم ببطلان الشركة، كما ذكرنا سابقا.

    أما إذا احتج دائنو الشركة ببطلان الشركة، فيعد الأشخاص الذين تعاقدوا معهم باسم الشركة مسؤولين بالتضامن عن الالتزامات الناتجة عن العقود المبرمة معهم، كما تعد الأموال المشتركة في هذه الحالة ملكة شائعة بين الشركاء، ويقوم دائنو الشركة بالتنفيذ عليها بالتزاحم مع دائني الشركاء الشخصيين. وتزول التأمينات التي حصل عليها دائنو الشركة فيصبحون في حكم الدائنين العاديين للشركة.

    وإذا تمسك بعض الغير بصحة الشركة وآخرون ببطلانها، رجح البطلان، إذ يتعذر تكريس وجود الشركة وصحة تصرفاتها قبل الحكم بالبطلان، كما أنه كان باستطاعة الغير تبين أسباب البطلان فيما لو بذلوا العناية الكافية في الوقوف على أوضاع الشركة.

    وإذا احتج دائنو الشركة بالبطلان بالنسبة للشركاء فليس لهم في هذه الحالة، الاحتجاج بصحة الشركة تجاه دائني الشركاء الشخصيين لعدم جواز تجزئة البطلان.

    الشخصية الاعتبارية للشركة الفعلية

    ذهب الاجتهاد القضائي الفرنسي إلى عدم الاعتراف للشركة الفعلية بشخصية اعتبارية، وبالتالي بذمة مالية مستقلة عن ذمة الشركاء .

    ورتب على ذلك أنه ليس لدائني الشركة حق أفضلية بالنسبة لدائني الشركاء الشخصيين على موجودات الشركة في استيفاء ديونهم، وتوزع هذه الموجودات، قسمة غزماء، بين دائني الشركة ودائني الشركاء الشخصيين، كما يحق لدائني الشركاء الشخصيين أن يعارضوا في شهر إفلاس الشركة الفعلية إذ يؤدي شهر الإفلاس إلى منح دائني الشركة حق أفضلية بالنسبة لدائني الشركاء الشخصيين.

    ونرى بأن المشرع السوري حاد عن هذا الموقف عندما أجاز للغير الحق في التمسك بوجود الشركة ومطالبتها بتنفيذ الالتزامات التي رتبتها العقود عليها ، وبذلك فقد اعترف لها المشرع بالشخصية الاعتبارية إلى أن تصفى وبالقدر اللازم لتصفية أعمال الشركة التي حكم ببطلانها وذلك حتى تتمكن من تأدية كل ما يلزم من تصرفات خلال فترة التصفية.

    وبناء على ذلك يجوز شهر إفلاس الشركة التي حكم ببطلانها إذا ما توقفت عن دفع ديونها التجارية سواء أكان ذلك التوقف عن الدفع سابقاً أو لاحقاً للحكم بالبطلان. وقد ذهبت محكمة النقض المصرية في هذا الاتجاه عندما قررت بأنه :

    ” إذا كان الثابت في الدعوى أن الشركة القائمة هي شركة تضامن لم تشهر ومن ثم فهي شركة فعلية وبالتالي فإن الشخصية المعنوية تثبت لها بمجرد تكوينها وتكون حصة الشريك في مالها غير شائعة” .

    كما أن الحكم بشهر إفلاس هذه الشركة يستتبع شهر إفلاس الشركاء المتضامنين فيها.

    وطبقا لما جاء في قانون الشركات بالمادة 4 التي تقضي باعتبار الشركة صحيحة بين الشركاء حتى تاريخ إقامة دعوى البطلان فإنه لا شك في اعتبار وجود شخصية للشركة خلال فترة وجودها الفعلية وحتى تاريخ إقامة الدعوى.

  • نية المشاركة أو المساهمة في إدارة المشروع المشترك

    ضرورة توفير نية المشاركة:

    تعد نية المشاركة، رغم سکوت المشرع عن الإشارة إليها عند تعريفه للشركة بموجب نص المادة 473 من القانون المدني، من الأركان الجوهرية اللازمة لانعقاد عقد الشركة، ويستشف هذا الركن من جوهر عقد الشركة ذاته الذي يفترض اتحاد مصالح الشركاء وسيرها نحو تحقيق المشروع المشترك وانصراف رغبتهم بصورة فعالة لبلوغ هدف واحد هو تحقيق الربح وقسمته بين الشركاء.

    وبالتالي فإن نية المشاركة هي النواة الأساسية التي تستقطب حولها الأركان الأخرى اللازمة لقيام عقد الشركة وصلاحيته لترتیب آثاره القانونية. وتعرف نية المشاركة بأنها:

    ” انصراف إرادة الشركاء إلى التعاون الإيجابي على قدم المساواة لتحقيق غرض الشركة عن طريق الإشراف على إدارة المشروع وقبول المخاطر المشتركة “.

    وينطوي ركن نية المشاركة على عنصر عاطفي، بمعنى أن الشركاء يتعلقون بأعمال الشركة كما لو كانت أعمالهم الخاصة، ويبذلون من العناية في تدبير مصالحها ما يبذلونه في تدبير مصالحهم الخاص.

     وهذا ما نجده بوضوح في شركات الأشخاص حيث تسود الصفة التعاقدية، ولكنه أقل وضوحاً في شركات الأموال حيث يعنى المساهم أساساً بالقيام بعملية مالية، ولا يهتم بشخصية المديرين إلا بصفة تبعية.

    ويجب أن يكون التعاون لتحقيق الغرض المشترك للشركة، أن يكون على قدم المساواة.

     ولا يقصد بالمساواة هنا المساواة في المصالح، فقد تكون للشركاء مصالح مالية غير متساوية، ولكنها المساواة في المزايا المرتبطة بصفة الشريك.

     وبعبارة أخرى المساواة بينهم في المراكز القانونية، فلا يكون بينهم تابع ولا متبوع، ولا عامل ورب عمل، ولا يعمل أحدهم لحساب الآخر، وإنما

    “يتعاون الجميع في العمل على قدم المساواة في سبيل تحقيق الهدف المراد من خلق الشخص المعنوي الجديد”.

    وهذا ما يميز عقد الشركة عن عقد العمل الذي سبق لنا بحثه.

    يمكننا الاستدلال على وجود التعاون الإيجابي بين الشركاء بقصد تحقيق غرض الشركة، كتقديم الحصص وتنظيم إدارة الشركة والإشراف عليها والرقابة على أعمالها وقبول المخاطر المشتركة التي قد تتخلف عن المشروع الذي تقوم عليه. ومثل هذا التعاون هو الذي يميز عقد الشركة من ناحية عن الشيوع و عقدي القرض وإيجار المتجر لقاء نسبة من الأرباح من ناحية أخرى.

     وذلك لعدم انطواء هذه العقود على نية المشاركة بما تفترضه من تعاون إيجابي وقبول للمخاطر المشتركة.

     تقدير توافر نية المشاركة:

    إن تقدير توافر نية المشاركة من الأمور التي يستقل بها قاضي الموضوع وتخضع لمطلق تقديره. وعليه فإن نية المشاركة من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع ولا معقب عليها متى كان تقديرها سائغا لا ينطوي على مخالفة القانون في إسباغ الوصف القانوني الصحيح للعلاقة بين أطراف النزاع.

    وقد قضت محكمة النقض المصرية بأنه

    “جرى قضاء هذه المحكمة على أن شهر إفلاس شركة التضامن يستتبع حتماً شهر إفلاس الشركاء بغير حاجة إلى الحكم على كل شريك بصفته الشخصية، – (وهذا ما تنص عليه الفقرة الثالثة من المادة 29 من قانون الشركات: ” بأن إفلاس الشركة يؤدي إلى إفلاس كل الشركاء شخصية”)– وأن التعرف على نية المشاركة في نشاط ذي تبعة هو ما يتعلق بفهم الواقع في الدعوى، وإذا كان الحكم المطعون قد استدل على كون الطاعن شريكا في شركة بقوله أنه ” قد وقع على سندات أمر وعقود ومستندات بالشركة، الأمر الذي تري معه المحكمة أنه شريك فيها، ولا يغير هذا النظر خلو عقد الشركة من النص على أنه شريك فيها أو كونه يشغل وظيفة عامة، فإن ذلك لا يحول دون اعتباره شريكا مستقرا فيها ومن ثم فلا يسوغ أن يحتج تجاه دائني الشركة بأنه ليس شريكا وطالما قد ثبت أن الشركة قد توقفت عن سداد ديونها التجارية وشهر إفلاسها، فإن ذك يستتبع شهر إفلاس جميع الشركاء فيها …. وكانت هذه الأسباب مستمدة من أوراق الدعوى ومستنداتها، وتكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها الحكم، فإن النعي عليه بالقصور والفساد في الاستدلال لا يكون على أساس “.

    وخلاصة القول أن نية المشاركة هي التي تميز الشركة من العقود المشابهة لها وأن لقاضي الموضوع سلطة تقديرية في وصف العقد بوصف آخر غير الشركة بما ينطبق على حقيقته. 

     

  • أهمية الشركات التجارية وتطورها التاريخي

     أهمية الشركات التجارية

    إن مزاولة التجارة لا تقتصر على الأفراد، بل تزاولها أيضا جماعات من الأشخاص الاعتبارية تسمى “الشركات”،

    ذلك أن أهم المشاريع من حيث ضخامة الأعمال وقيمتها و عوامل الإنتاج التي تساهم فيها قد لا يقوى الفرد الواحد على النهوض بها، لما تتطلبه من جهود كبيرة وأموال كثيرة، تحتاج إلى تضافر عدة أشخاص ليقوموا بهذه المشاريع الكبيرة التي يعجز الفرد عن القيام بها وحده.

    وقد زادت الحاجة إلى توحيد الجهود وتجميع الأموال بعد الثورة الصناعية، لما أصبحت تتطلبه المشروعات الكبيرة من طاقات مالية كبيرة وخبرات فنية متنوعة لا يقوى الأفراد على القيام بها متفرقين.

    وعليه فقد أصبحت الشركات الأداة المثلى للنهوض الاقتصادي، بل تعاظمت هذه الأهمية لدرجة أصبحت معها هذه الشركات، وبخاصة الشركات المساهمة، تشكل قوة اقتصادية واجتماعية تخشى الدولة من سطوتها وترى من واجبها أن تسهر على رقابتها حتى لا تنحرف عن الطريق السوي وتصبح أداة للاستغلال الاجتماعي أو للسيطرة السياسية.

    إن الاعتراف للشركة بذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء يمكن الشركاء من تحديد مسؤوليتهم عن الأعمال التجارية التي يقومون بها من خلال الشركة بحدود ما يملكون من حصص أو أسهم في رأس مال الشركة، ما لم تكن صفة الشركاء متضامنين،

    الأمر الذي يترتب عليه تفادي عيوب المشروعات التجارية الفردية التي يكون فيها مالك المشروع مسؤولاً عن التزامات المشروع في كل ذمته المالية، أي بأمواله الحاضرة والمستقبلية، غير تلك المستثمرة في المشروع،

    وقد يترتب على هذه المسؤولية غير المحدودة عن ديون المشروع شهر إفلاس مالكه وتصفية جميع أمواله وينعكس سلبا على ماله لا بل وشخصه.

    ولتفادي هذه النتائج يلجأ الأفراد إلى تكوين شركات تكون مسؤوليتهم فيها محدودة بحدود ما يملكون من حصص أو أسهم في رأس مال الشركة، فإذا أعسرت الشركة وأصبحت أموالها مستغرقة بديونها، نجت أموال الشركاء من التنفيذ عليها وأدى قيام الشركة إلى تحديد مسؤوليتهم عن ديونها بالأموال التي خصصوها للمساهمة في رأسمالها.

    إن أهمية الشركات لا تقتصر على قدرتها على توحيد الجهود وتجميع الأموال اللازمة الاستغلال المشروعات الاقتصادية الكبرى، بل تحقق الشركة لهذه المشروعات استقرار، ودوامة تعجز عنه طاقة الأفراد مهما وحدوا جهودهم وضموها،

    فالشركة تتمتع بوجود ذاتي وبأهلية وذمة مالية مستقلة، يتيح للشركاء إلحاق بعض أموالهم بشركة يؤسسونها، فلا تدخل في ذمتهم المالية وإنما تلحق بذمة الشركة، بحيث يتمثل حق الشريك في الشركة في اكتساب حصة أو أسهم في رأسمالها تمنحه حقاً حيالها لا ينصب على كل مال من أموالها ولا يشكل حصة شائعة فيه،

    فيعد المال ملكا للشركة وحق الشريك على الشركة حقاً مستقلاً يتراوح بين الحق الشخصي والحق الفكري أي الحق في منقول غير مادي.

     وعليه، فإن الضريبة التي تفرض على أموال الشركة تتناول الشركة لا شخص الشركاء، ولا تمس أموالهم الموظفة في نشاطات أخرى لاسيما إذا كانت الضريبة تصاعدية تفرض على شرائح.

     كما يمكن الاستفادة من الإعفاءات الضريبية والمزايا التي تمنحها الدولة لبعض الاستثمارات، أو الاستثمارات في مناطق نائية فيؤسس الأفراد شركات تستفيد من الشروط المطلوبة للاستفادة من هذه المزايا والإعفاءات.

    التطور التاريخي للشركات 

    تعد الشركة نظاماً قديماً جداً عرفه البابليون ونظمه قانون حمورابي كما انتشرت الشركات المدنية منها والتجارية لدى اليونان، وكانت تؤسس غالبا لتعاطي الأعمال المصرفية ومشاريع النقل البحري والتعدين.

    كما نشأت الشركة في روما، في بادئ عهدها، من اتفاق بين الورثة على البقاء في حالة الشيوع بالنسبة لتركة المورث، وعلى إدارة هذه التركة فيما بينهم.

     ثم ظهرت فيما بعد الشركات باتفاق بين أشخاص لا تربط بينهم صلة القرابة على استثمار رأسمال مشترك، ولم تكن تتمتع بالشخصية الاعتبارية إلا إذا منحت هذه الشخصية بمرسوم خاص، كان من الصعب جداً الحصول عليه ما لم يكن موضوع الشركة يقوم على استثمار معادن الذهب والفضة، لذلك كان كل شريك مسؤولا شخصية عن تصرفاته.

    أما في الفقه الإسلامي، فقد كانت التجارة من أشرف أسباب الكسب وأعلاه عند العرب وخاصة في شبه الجزيرة العربية، وقد كرس فقهاء الشريعة الإسلامية عدة أنواع من الشركات تناولتها مجلة الأحكام العدلية إلى أن وضع قانون التجارة العثماني في 8 شعبان 1266 للهجرة فتبنى أحكام التجارة الفرنسي لعام 1807.

    وقسم الفقه الإسلامي الشركات إلى عدة أنواع أهمها شركة المفاوضة وشركة العنان.

    أما في أوربا وفي القرون الوسطى فقد انتشرت التجارة فيها ولاسيما في المدن الإيطالية وظهر فيها كل من شركتي التضامن والتوصية البسيطة،

    كما كرس أمر لويس الرابع عشر لعام 1673 حول التجارة البرية كلا من شركتي التضامن والتوصية البسيطة، وأطلق على الأولى اسم الشركة العامة وسماها سفاري شركة ” الاسم المشترك، ولا يزال هذا الاسم يطلق عليها في القانون الفرنسي ” Société en nom collectif “.

    وباكتشاف أميركا وانتشار التجارة بين أوربا والقارات الأخرى ولحاجة الشركات إلى رؤوس أموال وفيرة يصعب على شركتي التضامن والتوصية تداركها فقد أسست شركات المساهمة يكتتب في رأسمالها صغار المدخرين وتشرف الدولة عليها.

    وعليه، فقد نظمت تشريعات كل من ألمانيا وإنكلترا وسويسرا وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا وغيرها من التشريعات الأجنبية موضوع الشركات وكيفية عملها وأنواعها.

  • الأجهزة المختصة بمكافحة جرائم المعلوماتية في الدول الأجنبية

    كانت الدول المتقدمة سباقة بإحداث هذه الأجهزة؛ إذ إن مكافحة جرائم المعلوماتية يرتبط بمدى تقدم الدول من الناحية التقنية، وبمدى توفر الإمكانيات المادية اللازمة لإنشاء هذه الأجهزة.

    1- الولايات المتحدة الأمريكية:

    قامت الولايات المتحدة الأمريكية بإنشاء عدة أجهزة لمكافحة جرائم المعلوماتية، ومنها:

    • شرطة الوب web police، وهي نقطة مراقبة على الإنترنت، إضافة إلى أنها تقوم بتلقي الشكاوى من مستخدمي الشبكة، وملاحقة الجناة والقراصنة، والبحث عن الأدلة ضدهم وتقديمهم إلى المحاكمة
    • مركز تلقي شكاوى جرائم الإنترنت :IC3، الذي تم إنشاؤه من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI في أيار عام 2000. وفي كانون الأول من عام 2003 تم دمج مركز شكاوى الاحتيال عبر الإنترنت المعروف ب IFCC مع هذا المركز. ويعمل مرکز:IC بصورة تشاركية مع مكتب التحقيقات الفيدرالي، والمركز الوطني لجرائم الياقات البيضاء NW3C.

    ويقوم هذا المركز بتلقي الشكاوى عبر موقعه على الإنترنت، حيث يقوم الشاكي بملء استمارة إلكترونية، ثم يقوم المختصون في هذا المركز بتحليل الشكاوى وربطها بالشكاوى الأخرى المستلمة من قبل، ثم يتم إحالة المعلومات الناتجة عن عملية التحليل إلى الجهات المسؤولة عن تطبيق القوانين الأمريكية .

    • قسم جرائم الحاسوب والعدوان على حقوق الملكية الفكرية الذي تم تأسيسه في عام 1991، ويختص هذا القسم بالتعريف بهذه الجرائم والكشف عنها وملاحقة مرتكبيها .
    • نيابة جرائم الحاسوب والاتصالات CTC، وتتألف من مجموعة من قضاة النيابة العامة الذين تلقوا تدريبات مكثفة على نظم المعالجة الآلية للبيانات، وتم منحهم صلاحيات واسعة في مجال الاستعانة بغيرهم من خبراء وزارة العدل، لا سيما قسم جرائم الحاسوب والعدوان على حقوق الملكية الفكرية، وهم مرتبطون بنظام تأهيلي وتدريبي مستمر .
    • المركز الوطني لحماية البنية التحتية التابع للمباحث الفيدرالية الأمريكية. وقد حدد هذا المركز البنى التحتية التي تعتبر هدفا للهجومات والاعتداءات عبر الإنترنت، وعلى رأسها شبكات الاتصالات والمصارف وغيرها.

    وإضافة إلى هذه الأجهزة، يوجد أيضا في الولايات المتحدة وحدة متخصصة بمكافحة الإجرام المعلوماتي تابعة لقسم العدالة الأمريكي، تتكون من خبراء في نظم الحوسبة والإنترنت، ومن مستشارين قانونيين .

    2- بريطانيا:

    قامت السلطات البريطانية بتخصيص وحدة تضم نخبة من رجال الشرطة المتخصصين في البحث والتنقيب عن جرائم الإنترنت، کالجرائم الجنسية الواقعة على الأحداث، والقرصنة ونشر الفيروسات

    وغيرها.

    وتضم هذه الوحدة نحو /80/ عنصرا على درجة عالية من الكفاءة في المجال التقني.

    وقد بدأت هذه الوحدة نشاطها عام 2001 ومركزها لندن .

    3- فرنسا:

    قامت الحكومة الفرنسية بإنشاء عدة أجهزة لمكافحة جرائم المعلوماتية، نذكر منها:

    • القسم الوطني لقمع جرائم المساس بالأموال والأشخاص، ويتكون هذا القسم من المحققين المختصين في التحقيق بجرائم العالم الافتراضي، وقد بدأ هذا القسم مهامه عام 1997.
    • المكتب المركزي لمكافحة الإجرام المرتبط بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ويعد هذا المكتب سلاح الدولة الفرنسية في مكافحة جرائم الإنترنت، وقد تم إنشاؤه في 2000/5/15

    . • تكوين مجموعة من الشرطة والدرك المتخصصين في التحقيق بجرائم الإنترنت .

    4- اسبانيا:

    قامت الحكومة الإسبانية بتأسيس وحدة التحريات المركزية المعنية بجرائم الإنترنت، وهي تعمل مع الإدارة المركزية في وزارة الداخلية على مراقبة مرتكبي هذه الجرائم وملاحقتهم .

    5- بعض الدول الآسيوية:

    * هونكونغ :

    قامت بتأسيس ما يعرف ب “قوة مكافحة قرصنة الإنترنت” وذلك في كانون الأول عام 1999. وتمكنت هذه القوة من إلقاء القبض على اثني عشر شخصا في خمسة قضايا خلال مدة ستة أشهر من إنشائها.

    * الصين :

    قامت بتأسيس ما يعرف ب “القوة المضادة للهكرة“، وهي تختص برقابة المعلومات التي يسمح لمواطنيها الدخول إليها عبر الإنترنت .

    * فيتنام:

    قامت بتشكيل وحدة خاصة من الشرطة للتحقيق في جرائم الإنترنت، والحد من توزيع المنشورات المحظورة من خلالها .

1