التصنيف: قانون العقوبات الخاص

  • السرقة التي يقوم بها العسكري

    ورد ظرف تشدید عقاب سرقة العسكري من مضيفه في الفقرة الأخيرة (د) من المادة 628 بقولها أن يكون السارق عسكرياً أو شبيهه و يسرق من أنزله عنده”.

    ولهذا الظرف المشدد أصل تاريخي حين كان العرف القديم جارياً بنزول العسكريين ضيوفاً لدى سكان المناطق التي يمرون بها أو يعسكرون فيها، فيلتزم المضيف بتقديم المأوى والمأكل والمشرب لضيوفه العسكريين.

    ومن الطبيعي تشدید عقاب العسكري الذي يخل بثقة المضيف فيقدم على سرقته.

     وبرأينا أن هذا الظرف لم يعد له ما يبرر وجوده في القانون نظرا لزوال العرف الذي كان يجري به.

     وهذا ما يتطلب تدخلا تشريعية بإلغاء الفقرة الأخيرة من المادة 628.

     بيد أن استمرار وجود هذا النص يدفعنا إلى تحليله.

    فلتوافر ظرف التشديد الوارد به يتطلب القانون توفر شرطين: صفة في السارق وصفة في المجني عليه.

    فالسارق يجب أن يكون أحد أفراد القوات المسلحة، برية أم بحرية أم جوية، أيا كان رتبته.

    أما كلمة “شبيهه” الواردة في النص فتعني الأشخاص غير العسكريين الملحقين بخدمة الجيش، كالأطباء والمهندسين والإداريين التابعين له.

    أما صفة المجني عليه، فهو الشخص الذي استضاف العسكري في منزله، أيا كانت صفته، عسكرياً كان أو مدنياً.

    ظرف التشديد يتوفر بمجرد استضافة هذا الشخص لأحد أفراد القوات المسلحة، أو شبيهه، في منزله، فيقدم العسكري على السرقة من منزل مضيفه.

  • السرقة التي يقوم بها الخادم والمستخدم والعامل والصانع

    جاء هذا الظرف المشدد في الفقرة (ج) من المادة 628 ق. ع مستنداً على صفة السارق.

    وحكمة تشديد العقاب فيها أن هؤلاء الأشخاص، من خدم أو عمال ومن إليهم يتمتعون بثقة مخدومهم أو مستخدمهم، وهو لهذا يضع بين أيديهم أمواله التي تتطلبها أعمالهم، ولا يدور بخلده سرقتهم لها وإلا لما فعل ذلك أو لكان، على الأقل، احتاط لعدم وقوع السرقة.

     لهذا يشكل إقدام هذه الفئة من الأشخاص على السرقة إهدارا للثقة التي منحت إليهم، وسهلت لهم ارتكابها، مما يستدعي تشديد العقاب عليهم.

    والملاحظ أن نص الفقرة السابقة يشمل طائفتين من الأشخاص هما الخدم من جهة، والمستخدمون والعمال والصناع من جهة أخرى، وجعل النص لكل طائفة أحكامها الخاصة لتوافر التشديد .

    أ- الخدم.

    لقد أوجب المشرع لتوفر ظرف التشديد أن تقع السرقة من خادم مأجور، على مال مخدومه أو مال غيره في بيت مخدومه أو في بيت أخر رافقه إليه.

    وهذا يعني ضرورة توافر ثلاثة شروط: صفة الخادم، و الخدمة المأجورة، وأن تقع السرقة إضرار بالمخدوم.

    – والخادم هو الشخص الذي ينقطع للقيام بالأعمال التي يحتاجها مخدومه أو عائلته في شئون الحياة اليومية، أي يقوم بالخدمة بصفة منتظمة.

    كالخادسة والحارس والسائق الخاص ومربية الأطفال، سواء أنام في مكان عمله أو في مسكن خاص بعيد عنه.

     والانقطاع  عن العمل هو الذي يميز الخادم عن غيره من الأشخاص الذين يقومون بأعمال للمخدوم ولكن ليس على وجه الانقطاع أو بصفة منتظمة.

     فالبستاني الذي يهتم بالحديقة من حين لأخر، ومنظفة المنزل التي تقوم بالعمل يوماً في الأسبوع أو في الشهر وعامل التنظيف الذي يجمع القمامة من أمام المنازل، فهؤلاء لا يعدون من الخدم المقصودين بهذا النص.

    – والخدمة المأجورة نص المشرع صراحة على وجوب توفرها.

     والأجر هو كل ما يحصل عليه الخادم في مقابل عمله أيا كان شكله أو طريقة دفعه.

    فسيان أن يكون مادياً، أي نقداً، أو عينياً كثياب أو طعام أو مأوى.

     وسيان أن يدفع أسبوعياً أو شهرياً أو سنوياً.

    وشرط الأجر هو الذي يضفي على المدعى عليه صفة الخادم في معرض تطبيق ظرف التشديد.

    لذلك يستبعد من عداد الخدم الصديق الذي يساعد صديقه في قضاء حاجاته أثناء مرضه ولو انقطع لذلك، والسيدة الفقيرة التي تعيش في كنف قريبها المقتدر وتسهر على قضاء مصلحته وعائلته، وتتلقى بين الحين والأخر بعض الهبات أو تشارك قريبها طعامه .

     فهؤلاء لا يصدق عليهم أنهم يتقاضون أجرا، وبالتالي تنتفي عنهم صفة الخادم.

    – ويجب أن تقع السرقة إضراراً بالمخدوم.

    ويتمثل ذلك في حالتين وردتا بالنص:

     أن يكون المال المسروق للمخدوم بغض النظر عن مكان وقوع السرقة، سواء داخل منزله أو خارجه.

     أو أن يكون المال المسروق ليس للمخدوم، وإنما لشخص أخر، بغض النظر عن مكان وقوع السرقة، سواء داخل منزل مخدومه، كما لو سرق الخادم مالاً عائداً لأحد ضيوفه، أو في منزل أخر، كما لو سرق الخادم ما عائدة لشخص أخر كان مخدومه في ضيافته.

    ب- المستخدم والعامل والصانع.

    لقد أوجب المشرع لتوافر ظرف التشديد أن تقع السرقة من مستخدم أو عامل أو صانع ويسرق في مصنع مخدومه أو مخزنه أو في الأماكن التي يشتغلون عادة فيها.

    وهذا يعني ضرورة توافر شرطين:

     صفة في السارق، ومكان السرقة.

     – صفة السارق؛

    تطلب المشرع في السارق أن يحمل إحدى صفات ثلاث:

     مستخدم أو عامل أو صانع. وهؤلاء لا يصدق عليهم وصف الخدم بالنظر إلى طبيعة الأعمال التي يؤدونها. فهم وإن كانوا ينقطعون لخدمة الغير كالخدم، إلا أن الأعمال التي يقومون بها ليست أعمالاً مادية تتصل بشخص الغير، وإنما هي أعمال يغلب عليها الطابع المهني أو الفني أو اليدوي، كالسكرتير والمحاسب الخصوصي والكاتب والعامل في معمل أو محل تجاري و عامل الزراعة في الريف.

     فهؤلاء جميعاً يقومون بعمل لشخص أخر على وجه الاعتياد والانتظام النسبي.

     وهذا الاعتياد هو الذي يمنح القائم بالعمل ثقة رب العمل ويتيح له أن يدخل بحرية إلى الأماكن العائدة للمجني عليه.

    يستخلص من ذلك أن ظرف التشديد هذا لا يتوافر إذا ارتكبت السرقة من عامل استدعي عرضا إلى منزل ليقوم فيه بعمل ثم ينصرف، كتصليح جهاز كهربائي أو تمديد كهرباء أو توصيل الغسالة الأوتوماتك وما إلى ذلك، لأن العامل هنا لا يحوز ثقة صاحب المنزل الذي لا ينفك عن رقابته له.

    – مكان السرقة؛

    تطلب المشرع أن يسرق المستخدم أو العامل من مصنع المخدوم أو مخزنه أو في الأماكن التي يشتغلان عادة فيها هو العامل الذي يسرق من مصنع رب عمله يشدد عقابه سواء كان المال المسروق عائدا لرب العمل أو لغيره.

    فقد تقع السرقة على إحدى أدوات المعمل أو على شيء مملوك لغير صاحب العمل وجد في المصنع لإصلاحه، أو على مال عائد لعامل أخر.

     ويأخذ ذات الحكم الصانع الذي يسرق من مخزن رب عمله التاجر، فيطاله التشديد أيضا سواء كان محل السرقة مالا من المخزن أو ما تعود ملكيته لصانع أخر أو لشخص غريب وجد ماله في المخزن كوديعة مثلا.

     ولا يقتصر الأمر برأينا على المصنع والمخزن اللذان ذكر هما النص على سبيل التمثيل وليس على سبيل الحصر.

     فالتشديد يطال أيضاً العامل الزراعي الذي يسرق في الأرض التي يعمل عليها مالاً عائداً لمالك الأرض أو لغيره من العمال أو لشخص غريب أيضا.

    ولا يقتصر التشديد على السرقة الحاصلة من هذه الفئة في أماكن العمل العائدة لرب عملهم فقط، بل أن هناك طائفة من العمال يعملون في أماكن تعود لغير رب العمل، كما لو كان الأخير مقاولاً مثلاً، فتقع السرقة من أحد عماله في مكان تنفيذ العمل لدى الغير و على مال مملوك لرب عمله أو لأحد العمال أو لشخص غريب، فيطاله تشديد العقاب.

  • السرقة نهارة مع تعدد السارقين من مسكن أو معبد

    لا بد في هذه الصورة أن يتوفر ظرفي التعدد والمكان

    فظرف التشديد هنا مناطه قيام اثنين فأكثر بسرقة مسكن أو معبد أثناء النهار.

     ولقد سبق لنا تفصيل مدلولات التعدد والمسكن و المعبد.

    وتجدر الإشارة هنا إلى أن المسكن أو المعبد لا يشكل ظرفا مشددة بذاته، بل لا بد أن يقوم إلى جانبه ظرف مشدد أخر، هو الليل أو تعدد السارقين.

     أما لو تمت السرقة من شخص واحد نهاراً فلا تشديد في هذه الحالة، وهو أمر منتقد، لأن علة التشديد هي حرمة المسكن ومكان العبادة، ولا فرق بين أن يقوم بها سارق واحد أو أكثر.

    بالتالي فإن خطة المشرع لم تكن موفقة بهذا الخصوص، فكان أولى بالمشرع أن يراعي بالتشديد حرمة هذه الأماكن بغض النظر عن ظرف الليل أو التعدد.

    و بتوظيف الرياضيات في ظرف التشديد هذا نخلص إلى المعادلة التالية:

     السرقة نهارة + تعدد السارقين + مسكن أو معبد = سرقة مشددة عقابها الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات والغرامة.

  •  السرقة ليلاً من شخص واحد في مسكن أو معبد

     هذه الحالة تفترض توفر ظرفي تشديد، أحدهما زماني وهو الليل، والأخر مكاني، وهو المسكن أو المعبد، بشرط أن يكون السارق شخصاً واحداً.

     والظرف الزماني، أي الليل، تم سبق شرحه.

     أما الظرف المكاني فيجب أن تقع السرقة  إما في مكان سكنى الناس أو في معبد”.

    والحكمة من تشدید عقاب السرقة الواقعة في هذين المكانين تتمثل في انتهاك حرمة المسكن أو المعبد، والاعتداء على حق الملكية، إضافة إلى أن المجني عليه فيهما لا يتوقع في المجرى العادي للأمور أن يتعرض لاعتداء، كونه يخلد لراحته في منزله، أو يخشع لربه أثناء صلاته، أو لكون المعبد يتمتع بقدسية خاصة، لذلك فهو يتخلى عن وسائل الحيطة التي يتخذها عادة عند تواجده في غير هذه الأماكن، مما يسهل على السارق ارتكاب جريمته، ومما يعكس أيضا خطورة المجرم الذي يدخل المسكن أو المعبد وهو يتوقع أن يلقى مقاومة، فيضمر في نفسه إحباطها وردها بالعنف عند اللزوم.

    – مكان سكنى الناس.

    إن عبارة “مكان سكنى الناس” الواردة في النص غير واضحة المدلول.

     فهل تعني المكان المسكون فعلا، أو المعد للسكن أو المستخدم للسكن أو المخصص للسكن؟

     إن الترجمة الدقيقة المقابلة لعبارة مكان سكنى الناس في الأصل الفرنسي تعني مكان يستخدم للسكن “.

    وهذه العبارة تعطي دلالة واسعة بحيث تشمل المكان المسكون و المكان المعد للسكن.

    – والمكان المسكون هو المكان المستعمل بالفعل للسكن، أي للإقامة ليلا أو نهارا، لمدة طويلة أو قصيرة، سواء كان معد أصلا ليكون مسكناً، كالبيت والفندق  والملجئ و المستشفى، أو لم يكن معداً لذلك ابتداء ولكنه استخدم فعلا للسكن، كالمصنع أو المدرسة أو المحل التجاري، حين يقيم فيه حارساً أو بواباً، أي يتخذ فيه مكاناً لسكنه بمفرده أو مع أفراد عائلته.

     أما إذا كانت هذه الأماكن غير مسكونة إطلاقاً من حارس أو بواب، فلا تعتبر مسكناً بالمعنى المطلوب للتشديد .

    والمقصود بالسكن الإقامة، أي تخصيص المكان لمظاهر الحياة التي يحرص فيها الإنسان على أن يكون في عزلة حين يباشرها، كالخلود للراحة والنوم، والاستحمام وقضاء حاجاته الخاصة.

    ولا يشترط في المكان المسكون شكل معين، فقد يكون ثابتاً، کمنزل، أو متحركاً، كعربة أو زورق، وقد يكون كوخاً أو خيمة، أو غرفة في فندق.

    إذا ما يهم في اعتبار المكان المسكون ليس صفته أو شكله، بل تخصيصه فعلا للسكن، باتخاذه مقرا يخلد إليه الإنسان للراحة والنوم وقضاء حاجاته، حتى ولو كان المكان مؤسسة عامة أو خاصة يرتادها الناس بكثرة ثم ينصرفون، فما دام يقيم فيها حارس أو بواب فهي تأخذ حكم المسكن إذا تعرضت للسرقة.

    – أما المكان المعد للسكن، فهو المكان المهيأ للسكن ولكن صاحبه لا يقيم فيه إلا مؤقتا، کمنزل في مصيف أو في مشتی، أو شاليه على البحر، فتشدد عقوبة سارق هذا المكان ولو في غيبة مالكه.

    وتشديد العقاب لا يقتصر على السرقة التي ترتكب في المكان المسكون أو المعد للسكن بل يشمل أيضا ملحقات المكان المخصصة لمنفعته ومتصلة به مباشرة، كالحديقة و المستودع و المرآب .

     ويستوي في تشديد عقاب سرقة الأماكن المسكونة أو المعدة للسكن أو ملحقاتها أن يكون السارق غريباً عن المسكن أو واحداً ممن يقيمون فيه كخادم أو ضيف .

    بل أن التشديد يتحقق إذا كان صاحب البيت هو مرتكب السرقة، كما لو سرق مال ضيفه أو خادمه.

     فالتشديد يعتمد على مكان السرقة فحسب، فكل من يوجد فيه ويتعرض للسرقة يجب أن يكون له نصيبا في التمتع بحرمة المسكن.

    – المعبد

    المعبد هو كل مكان مخصص لإقامة شعائر دين من الأديان التي تقرها الدولة. ويستوي في الحماية المعبد المفتوح للجمهور والمعبد الخاص، كالمعابد الملحقة بدور التعليم أو المستشفيات.

     ويستوي أن تقع السرقة على مال من أموال المعبد نفسه، كسرقة أحد محتوياته، أو أن تقع السرقة على مال أحد الموجودين فيه.

     ويستوي كذلك أن يكون السارق غريباً عن مكان العبادة أو أحد العاملين فيه.

    ولا عبرة بدين المجني عليه ولا بسبب وجوده في المكان.

    فقد يكون أحد المصلين في جامع أو كنيسة، وقد يكون من دين أخر ويتواجد في المعبد لغير العبادة.

    ولهذا تشدد عقوبة السرقة إذا ارتكبت في مسجد أثري، كالجامع الأموي مثلا، على سائح أجنبي غیر مسلم، وكان وجوده في الجامع للزيارة أو للدراسة.

    فلدور العبادة قدسية وحرمة يجب أن لا تدنس بارتكاب السرقات فيها.

    و بتوظيف الرياضيات في ظرف التشديد هذا نخلص إلى المعادلة التالية:

     السارق واحد + الليل + مسكن أو مكان عبادة = سرقة مشددة عقابها الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات والغرامة.

  • السرقة في الليل مع تعدد السارقين

     الليل وتعدد السارقين

    وهي حالة ممن حالات التشديد الواردة في الفقرة (أ) من المادة 628 من قانون العقوبات.

     إن اجتماع ظرفي الليل وتعدد السارقين يشدد عقاب السرقة نظرا لما يمثل اجتماعهما من خطورة خاصة على المجني عليهم، أو على النظام العام.

    – فظرف الليل هو ظرف مسهل لارتكاب السرقة نظرا لكون الناس يخلدون فيه للراحة والنوم، كما أنه يضعف قدرة المجني عليهم في الدفاع عن أموالهم مقارنة فيما لو ارتكبت السرقة نهاراً و المشرع السوري لم يحدد مدلول الليل بالرغم من اعتباره ظرفا مشددا للسرقة.

     ولليل مدلولان، مدلول فلكي باعتباره الفترة الزمنية الواقعة بين غروب الشمس وشروقها.

    ومدلول عرفي باعتباره الفترة الزمنية التي يخيم فيها الظلام.

     وبالرغم من تبني محكمة النقض السورية للمفهوم الفلكي بقولها :

    «الليل يشمل الفترة مابين غروب الشمس وطلوعها، فإن السرقة التي تقع في هذه الفترة يجب التشديد فيها»

      إلا أننا نخالف هذا الاتجاه و نميل إلى الأخذ بالمدلول العرفي، باعتبار أن الليل هو الفترة التي يسود فيها الظلام فعلا، لأن هذه الفترة هي التي تتوافر فيها حكمة التشديد.

     ذلك أن سهولة تنفيذ السرقة ترتبط بالظلام وهدوء الحياة فيه، والنوم، أكثر مما ترتبط باللحظة التي يحدد فيها الفلكيون غروب الشمس وشروقها.

     ناهيك عن أنه في بعض أوقات فصل الصيف تغيب الشمس بالرغم من استمرار الضوء لفترة لا بأس بها، فلا يعقل أن نعتبر السرقة الواقعة أثناء ذلك أنها تمت في الليل استنادا للمدلول الفلكي، وذلك لتعارضه مع الحكمة من التشديد، وهو وجود الظلام الذي سهل ارتكاب السرقة، وأبرز خطورة الفاعل الذي يستغل الظلام مضمرة في الغالب العزم على استعمال العنف مستترا بالعتمة إذا اقتضت السرقة ذلك.

     ولا ريب أن السرقة تعتبر واقعة في الليل و إن كانت قد بدأت في النهار إلا أنها لم تنتهي إلا ليلا، أو أنها بدأت لي ولم تنتهي إلا نهاراً.

    حيث يكفي أن يرتكب أي فعل من أفعال التنفيذ ليلاً حتى تتوفر علة التشديد، وإن لم تحصل النتيجة الانهار.

    – أما ظرف تعدد السارقين، فحكمة التشديد فيه واضحة أيضا فهو يسهل وقوع السرقة لخوف المجني عليه من مقاومة قد لا تجدي نفعا مع عدة أشخاص، فضلاً عن أن التعدد ينم عن خطورة كامنة في أشخاص السارقين، فتعدد المجرمين قد يعطي كل واحد منهم الجرأة لارتكاب أفعال خطيرة لا يقدم عليها لو كان بمفرده.

     وتطبيقاً لذلك فإن حكمة التشديد لا تتوفر إذا لم يقم بالسرقة سوى شخص واحد مع وجود متدخلين أو محرضين، وقد كان المشرع واضح في هذا المعنى بقوله «السارق اثنان فأكثر» أي وجود السارقين مجتمعين في مكان تنفيذ الجريمة، بصفة فاعلين وشركاء.

    وغني عن البيان أن تعدد السارقين يفترض وحدة الجريمة، ففي هذه الحالة فقط يمكن القول بأن مرتكبي السرقة قد تعددوا.

     أما إذا ارتكب عدة أشخاص لعدة جرائم سرقة، بحيث كان لكل سرقة فاعل واحد، فليس هناك تعدد وإن جمعت بين هذه السرقات صلات وثيقة كتقارب في الزمان أو المكان  ويمكننا تصور هذه الفرضية بتعرض أحد المنازل بذات الوقت للسرقة من الصين، لا يعرفان بعضهما، وإن محض الصدفة هي التي جعلتهما يسطوان على المنزل بذات الوقت.

    نخلص إذا بأن اجتماع طرفي الليل مع تعدد السارقين يجعل السرقة مشددة تشديداً جنحياً.

    وتجدر الإشارة إلى أنه إذا أضيف ظرف التقنع أو حمل السلاح لهذين الطرفين، أصبحت السرقة جنائية الوصف، ويطبق عليها التشديد الجنائي وفق المادة 626 ق.ع.

     وعلى ذلك لابد لاعتبار التشديد جنحي فقط اجتماع ظرفي الليل والتعدد، وإذا أردنا توظيف الرياضيات في ظرف التشديد هذا الخلصنا إلى المعادلة التالية:

     سرقة + ليل + تعدد = سرقة مشددة عقابها من سنة إلى ثلاث سنوات والغرامة.

  • صور التشديد الجنحي في جريمة السرقة

    جاء النص على جنح السرقة المشددة في المادتين 628 و629 من قانون العقوبات.

    وقد تضمنت هاتان المادتان مجموعة من الظروف المشددة للعقاب مع بقاء الجرم جنحي الوصف، والعقاب المشدد يتراوح بين الحبس سنة إلى ثلاث سنوات والغرامة.

     ونص المادة 628 جاء كما يلي يقضي بالحبس مع الشغل سنة على الأقل وبالغرامة من مائة ليرة إلى ثلاثمائة ليرة إذا ارتكبت السرقة في إحدى الحالات الآتية:

     أ- ليلا و السارق اثنان فأكثر، أو في إحدى هاتين الصورتين في مكان سكنى الناس أو في معبد.

     ب- أن يكون السارق مقنعاً أو حاملا سلاح ظاهراً أو مخبأ.

     ج- أن يكون السارق خادماً مأجورة ويسرق من مال مخدومه، أو مال إنسان في بيت مخدومه أو في بيت أخر رافقه إليه، أو أن يكون السارق مستخدم أو عاملاً أو صانعة ويسرق في مصنع مخدومه أو مخزنه، أو في الأماكن التي يشتغلان عادة فيها.

     د- أن يكون السارق عسكرياً أو شبيهه ويسرق من أنزله عنده.

    أما المادة 629 فتنص على أنه

    “تنزل العقوبة نفسها بكل من أقدم على النشل أو السرقة بالصدم أو السرقة في القطارات أو السفن أو الطائرات أو الحافلات الكهربائية أو غيرها من الناقلات العامة أو في محطات سكك الحديد أو المطارات أو الجمارك أو على الأرصفة.

    وبتحليل هذين النصين نستخلص أنهما، تارة تشترطا لتشديد العقاب توفر ظرف مشدد واحد، وتارة أخرى توافر ظرفي تشديد.

     والحالات التي يشترط فيها توفر ظرفي تشديد جاءت في الفقرة (أ) من نص المادة 628 وهذه الحالات هي:

    • الليل + تعدد السارقين
    • • الليل + مسكن أو معبد (وجود سارق واحد)
    • تعدد السارقين + مسكن أو معبد (النهار)

     أما الحالات التي يشترط فيها توفر ظرف مشدد واحد فقد جاءت في الفقرات (ب – ج – د) من نص المادة 628، والمادة 629 وهي:

    • التقنع أو حمل السلاح الظاهر أو المخبأ.
    • كون السارق خادمة أو مستخدمة أو عاملا أو صانعة أو عسكريا.
    • السرقة بالنشل أو الصدمه
    • السرقة في وسائل النقل العامة وملحقاتها.

    و سندرس كل حالة من هذه الحالات على حدة.

  • السرقة البسيطة في القانون السوري

    جاء النص على السرقة البسيطة في المادة 634 ق. ع كما يلي:

    “1- كل سرقة أخرى غير معينة في هذا الفصل تستوجب عقوبة الحبس مع الشغل من شهر إلى سنة والغرامة حتى مائتي ليرة.

     2- ولا تنقص مدة الحبس مع الشغل عن ستة أشهر إذا كانت السرقة واقعة على الطاقة الكهربائية، ولا تطبق على الجرائم المعاقب عليها في هذه الفقرة الأسباب المخففة التقديرية وأحكام وقف التنفيذ …

    بتحليل هذا النص نستخلص النتائج التالية:

    1- إن هذا النص يتناول السرقة التي استكملت أركانها ولم يقترن بها أي ظرف مشدد أو مخفف. – إن المشرع قرر للسرقة البسيطة عقوبتي الحبس والغرامة معا، ولم يعط القاضي سلطة الخيار بينهما، وإن كان يتمتع بسلطة تقديرية بمر او حة عقوبتي الحبس والغرامة بين حديهما الأدنى والأعلى .

    2- إن الشروع في ارتكاب السرقة البسيطة معاقب عليه بصریح نص المادة 638 يتناول العقاب محاولة ارتكاب الجنح المنصوص عليها في هذا الفصل”.

     أي كل الجنح المنصوص عليها في فصل السرقة بما فيها السرقة البسطة.

    3- يمكن إضافة للعقوبة الحكم بوضع السارق تحت الحرية المراقبة أو بمنعه من الإقامة في مكان محدد كتدبير احترازي، وذلك بصریح نص المادة 639 ق.ع. ونصها

     “يمكن أن يوضع تحت الحرية المراقبة أو يمنع من الإقامة كل من حكم عليه بعقوبة مانعة للحرية من أجل سرقة أو محاولة سرقة.

     وهذا النص يشمل كل صور السرقة، جنائية أو جنحية، سواء كانت تامة أو مشروعا بها، بشرط أن يكون قد حكم على السارق بعقوبة مانعة للحرية.

    إذا يستبعد توقيعهما في جنح السرقة التي يحكم من أجلها بالغرامة فقط، كالسرقة المنصوص عليها في المادة 633 ق.ع.

     4- أشار المشرع صراحة إلى الطاقة الكهربائية، بخلاف كثير من التشريعات، وبذلك حسم الخلاف الذي كان محتدماً حول اعتبار الكهرباء مالاً منقولاً مادياً قابلاً ليكون محلاً لجرم السرقة.

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1