التصنيف: التأمين البحري

  • تقادم الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين البحري

    1- تقادم الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين البحري:

    تنص المادة (387) من قانون التجارة البحرية على ما يلي:

    1 – تنقضي بمضي سنتين كل دعوى ناشئة عن عقد التأمين البحري:

    ومما تجدر ملاحظته هنا بأن المشرع قد قصر مدة التقادم في عقود التأمين البحرية وذلك لضرورة سرعة إنهاء المعاملات المتعلقة بالأمور التجارية وتسهيل المعاملات و انتقال وتدوير رأس المال في المجتمع الاقتصادي وخوفا على ضياع وسائل الإثبات.

    ومن أهم الدعاوى التي تنشأ عن عقد التأمين البحري هي دعاوى المؤمن له ضد المؤمن ودعاوى الغير ضد المؤمن وضد المؤمن له. فمن الدعاوى التي تحمي حقوق أو مصالح المؤمن له: دعوى المطالبة بمبلغ التأمين عند استحقاقه بوقوع الحادث أو دعوى البطلان أو الفسخ أو التعويض . 

    ومن الدعاوى التي تحمي حقوق ومصالح المؤمن: دعوى المطالبة بالأقساط ودعاوى البطلان أو الفسخ أيا كان سببه ودعوى استرداد ما دفع بغير وجه حق ودعوى التعويض .

    أما دعوى المضرور ضد المسؤول المؤمن له) في التأمين من المسؤولية أو دعوى المؤمن له على المسؤول عن وقوع الخطر المؤمن منه، فإنها تخضع إلى ما قرره القانون لهم من حق خاص في المادة (173) من القانون المدني التي تقضي بسقوط دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بمضي ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسؤول عنه.

    أو بمرور خمس عشرة سنة من وقوع العمل غير المشروع أي المدتين تقضي أولاً.

    ويقول القضاء في هذا الشأن أن حق المضرور ينشأ قبل المؤمن له من وقت وقوع الحادث الذي ترتبت عليه مسؤولية المؤمن له مستقلا عن حق المؤمن له قبل المؤمن لأن المضرور يستمد حقه مباشرة بموجب النص القانوني من العمل غير المشروع الذي أنشأ حقه قبل المؤمن له وبذلك يستطيع المضرور أن يرفع دعواه المباشرة، على المؤمن من وقت وقوع الفعل الذي سبب له الضرر، مما يترتب عليه أن مدة الثلاث سنوات المقررة لتقادم هذه الدعوى تسري من هذا الوقت، وهي في هذا تختلف عن دعوى المؤمن له قبل المؤمن التي لا يبدأ سريان تقادمها إلا من وقت مطالبة المضرور للمؤمن له بالتعويض.

    أما فيما يتعلق بدعوى الحلول التي يرفعها المؤمن ضد المسؤول عن الحادث الذي كان بسبب وفائه بالتعويض للمؤمن له. فهنا نميز بين حالتين:

    أ- إذا كان المؤمن يستعمل حق المؤمن له في الرجوع على المسؤول: فتخضع دعوى الحلول لتقادم حق المؤمن له ذاته في تعويض المسؤولية بحسب طبيعة نشوء هذا الحق، حيث أنه نشأ هذا الحق عن الفعل الضار فإن دعوى الحلول لا تستند إلى عقد التأمين.

    ب – أما إذا كانت دعوى الحلول يباشرها أحد المؤمنين في حالة تعدد المؤمنين أو أكثر فإن الدعوى تعد ناشئة عن عقد التأمين وتخضع للتقادم الذي تقرره المادة 387 من قانون التجارة البحرية.

    2- بدء سريان التقادم:

    وضحت الفقرة الثانية من المادة 387 من قانون التجارة البحرية حالات بداية مدة التقادم تبعا للواقعة المنشئة لدعوى التقادم وذلك على النحو التالي:

    1- إذا كانت الدعوى قائمة على أساس المطالبة بقسط التأمين وهي عادة الدعوى التي يرفعها المؤمن له، فإن مدة السنتين اللازمة لتقادم هذه الدعوى تبدأ من تاريخ استحقاق قسط التأمين.

    2 – تبدأ مدة التقادم بمضي سنتين من تاريخ وقوع الحادث الذي تنشأ عنه الدعوى فيما يتعلق بدعوى المطالبة بتعويض الأضرار التي تلحق بالسفينة، ذلك أن التزام المؤمن بالتعويض لا يستحق إلا بتحقق الخطر على نحو يشمله التأمين ولا يكفي وقوع الخطر بل لا بد من العلم به أيضا.

    3 – تبدأ مدة التقادم فيما يتعلق بدعوى المطالبة بتعويض الأضرار التي تلحق بالبضائع من تاريخ وصول السفينة إلى ميناء الوصول أو التاريخ الذي كان يجب أن تصل فيه فيما لو لم تصل لسبب من الأسباب، وهذا التاريخ يمكن معرفته من وكيل السفينة في ميناء الوصول بعد تسلم سندات الشحن، فإن كان الحادث الذي نجم عنه هلاك أو تلف البضاعة المؤمن عليها قد حدث بعد وصول السفينة لميناء الوصول أو بعد التاريخ الذي كان يجب أن تصل فيه، فإن التقادم يبدأ من تاریخ وقوع الحادث.

    4 – في حال نجم عن الحادث البحري ترك السفينة أو البضاعة للمؤمن، فإن دعوى المطالبة بتسوية الأضرار بطريق الترك تبدأ مدة تقادمها من تاريخ وقوع الحادث الذي سبب الترك، فإذا كان عقد التأمين يحتوي على مهلة لاقامة دعوى الترك، فإن التقادم يسري من تاريخ انقضاء هذه المهلة.

    5 – في حال كانت الدعوى هي مطالبة المؤمن له بالتعويض عما ساهم به الخسارة المشتركة أو عما دفعه بموجب دعوى المطالبة بمكافأة الإنقاذ المستحقة، فتقادم هذه الدعوى التي تقام قبل المؤمن يبدأ من تاريخ وفاء المؤمن له بما استحق عليه سواء في الخسارة المشتركة أو في مكافأة المساعدة.

    6 – تبدأ مدة تقادم دعوى المؤمن له في مواجهة المؤمن لمطالبته بما رجع الغير عليه من التاريخ الذي يقيم فيه الغير الدعوى على المؤمن له بالوفاء بما يطالب به الغير، مما يعني أن تقادم السنتين لا يبدأ بالسريان إلا من اليوم الذي يستعمل فيه هذا الغير دعواه في الرجوع على المؤمن له.

    والذي نلاحظه هنا أن المشرع قد اشترط لبدء سريان مدة التقادم وجود دعوى للمطالبة من قبل الغير تجاه المؤمن له، فهو لم يأخذ ببدء سريان التقادم من وقت مطالبة المضرور للمؤمن له بالتعويض. إذ أن هذه المطالبة قد لا تقترن بدعوى وإنما قد تتم بطرق ودية أو سلمية أو بطرق أخرى غير الدعوى.

    7 – تنقضي بمضي سنتين دعوى استرداد المبالغ المدفوعة بغير وجه حق (سواء أكان من رفعها هو المؤمن أم المؤمن له)، وتبدأ مدة التقادم في هذه الحالة من تاريخ علم من دفع هذه المبالغ بحقه في الاسترداد.

    3- انقطاع التقادم:

    سكت المشرع السوري في قانون التجارة البحرية عن بيان أحكام وقف التقادم بل اكتفى بذكر بعض الحكام المتعلقة بانقطاع التقادم في الفقرة الرابعة من المادة (387) وعليه سنعود إلى أحكام وقف التقادم التي جاء بها القانون المدني في المادة (379) التي نصت على ما يأتي:

    1- لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبية وكذلك لا يسري التقادم فيما بين الأصيل والنائب.

    2 – ولا يسري التقادم الذي تزيد مدته على خمس سنوات في حق كل من لا تتوافر فيه الأهلية أو في حق الغائب أو في حق المحكوم عليه بعقوبة جناية إذا لم يكن له نائب يمثله قانوناً.

    وأمر تقدير موانع وقف التقادم يعود إلى قاضي الموضوع. ويعتقد أن الكذب وكتمان المعلومات التي يجب أن يقدمها المؤمن له للمؤمن مانعة يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه، إلا بعد العلم بذلك مما يوقف التقادم خلال مدة جهله بتلك المعلومات، ومتی أوقف سريان التقادم بسبب أو لآخر فإن المدة التي وقف سريان التقادم في خلالها لا تحسب ضمن مدة التقادم وتحسب المدة السابقة والمدة اللاحقة.

    وبخصوص حالات انقطاع التقادم في قانون التجارة البحرية فلقد نصت الفقرة الرابعة من المادة 387 على انقطاع سريان التقادم بالمطالبة إذا قام المدعى بمطالبة المدعى عليه بموجب كتاب سجل، يضاف إلى ذلك أن التقادم ينقطع إذا تمت بين الطرفين مفاوضات لتسوية الخلاف ودية أو إذا تم انتداب خبير المعاينة الحادث وتقدير الأضرار الناجمة عنه.

    هذا بالإضافة إلى الأسباب المقررة قانوناً.

    وبالعودة إلى القانون المدني، نجد تلك الأسباب هي:

    أ- المطالبة القضائية وما في حكمها من رفع الدعوى أمام المحكمة ولو كانت غير مختصة مكانية أو نوعية وهذا ما أكدته محكمة النقض في قراراتها إذ قالت:

    “إن رفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة يقطع التقادم في كل الأحوال حتى ولو كان لا ولاية للمحكمة بالنظر في النزاع”  والسبب في ذلك بأن المدعي يكون قد أظهر نيته المحققة في أنه يريد تقاضي هذا الحق قضائية وبالتالي يجزم بوجود الحق الذي يراد اقتضاؤه.

    ولكن يجب الملاحظة في أن التظلم المرفوع إلى سلطة إدارية لا يكفي لقطع التقادم.

    ب – التنبيه: وقد فسرت محكمة النقض التنبيه الذي يقطع التقادم بقولها: (إن التنبيه الذي يقطع التقادم والوارد ذكره في المادة 380 من القانون المدني إنما يعني الإخطار التنفيذي وإن مجرد مراجعة الدائن لدائرة التنفيذ وإيداعه سنده لديها لا يؤدي إلى انقطاع التقادم إذا لم يبلغ المدين الإخطار التنفيذي أصولا قبل شطب المعاملة) .

    ج – الحجز يقطع التقادم سواء أكان حجزة تنفيذية أم حجزة احتياطية. وعلى هذا قالت محكمة النقض: “إن الحجز الذي يقطع تقادم الأحكام هو الحجز التنفيذي أما الحجز الاحتياطي فإنه يعتبر قاطعة للتقادم بالنسبة للدعوى “.

    لذلك فإجراءات الحجز تقطع التقادم باعتبارها من الإجراءات التنفيذية الذي يستخدمها صاحب الحق للمطالبة بحقه ومنع المدين من تهريب أمواله المنقولة وغير المنقولة التي تعد جميعها ضمانة للدين استنادا إلى أحكام المادة (305) من القانون المدني السوري.

    والحجز يمكن أن يكون احتياطية أو تنفيذية وفي كلتا الحالتين ينقطع التقادم بالحجز بنوعيه، فالحجز الاحتياطي لا يسبقه التنبيه المنصوص عليه في الفقرة السابقة ومن ثم لا ينقطع التقادم إلا بتاريخ توقيع الحجز الاحتياطي بالذات.

    وأما الحجز التنفيذي فيسبقه التنبيه الذي يقطع التقادم ومن ثم يأتي بعده الحجز التنفيذي الذي يتم تنفيذه في السجل العقاري وإن تسجيل الحجز التنفيذي في السجل العقاري يعتبر قطعة للتقادم من جديد وذلك اعتبارا من تاريخ تسجيل الحجز في السجل العقاري.

    د – الطلب الذي يتقدم به الدائن لقبول حقه في تفليس أو في توزيع وبأي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه في إحدى الدعاوى كما لو تدخل في دعوى مرفوعة من قبل مطالبة بالحق لنفسه أو أبدى طلباً عارضاً في دعوى مرفوعة ضد مدينه.

    هـ – إقرار المدين بحق الدائن: صراحة أو ضمنا كما لو وضع المدين تحت يد الدائن مالا مرهونة رهنا حيازياً تأميناً لوفاء دينه فكلاهما يصلح لقطع التقادم.

    حيث قضت محكمة النقض أن: “الإقرار القضائي الضمني بالمسؤولية يكفي لقطع التقادم “.

    ويترتب على انقطاع التقادم سقوط المدة السابقة .

    و – سريان تقادم جديد يبدأ من وقت انتهاء الأثر المترتب على سبب الانقطاع وتكون مدته هي مدة التقادم الأول.

    وفي حال خكم بالدين وحاز الحكم قوة القضية المقضية كانت مدة التقادم الجديد وفقا للقواعد العامة خمسة عشر سنة، وكذلك الحال إذا كان هناك دين مما يتقادم بسنة واحدة وانقطع تقادمه بإقرار المدين( الفقرة الثانية من المادة 382 من القانون المدني).

  • طرق الحصول على التعويض في عقد التأمين البحري

    ذكرنا أن المؤمن يلتزم بتعويض المؤمن له عن الضرر الناتج من وقوع الخطر المؤمن منه بشرط ألا يجاوز قيمة التأمين، أي أنه يتوجب على الطرفين تسوية العلاقة بينهما بأن يبادر المؤمن إلى تسديد مبلغ التأمين، وذلك إذا توافرت الشروط المذكورة في عقد التأمين وللمؤمن له في سبيل اقتضاء حقه من المؤمن اتباع إحدى الدعويين :

    1- الدعوى الأولى: دعوى الخسارة البحرية (دعوى التعويض):

    ويتم بموجبها تحديد مقدار التعويض الذي يدفعه المؤمن وهي الطريق العادي الذي يستعمل في كل المخاطر.

    2 – الدعوى الثانية: دعوى التخلي أو الترك وهي طريق استثنائي وتكون في حال وقوع أخطار ينتج

    عنها أضرار بالغة، وفيها يترك المؤمن له الشيء المؤمن عليه للمؤمن في مقابل أن يدفع هذا الأخير مبلغ التأمين كاملاً.

    المطلب الأول : تقدير قيمة الشيء المؤمن عليه:

    عقد التأمين من عقود التعويض، وعليه فإن المؤمن يلتزم بتعويض المؤمن له عما يلحقه من ضرر من جراء تحقق أحد الأخطار التي يضمنها المؤمن.

    والذي يجدر ملاحظته بأن تعويض التأمين يختلف عن مبلغ التأمين، إذ بينما يقتصر الأول على حدود الضرر الذي يلحق المؤمن له فإن مبلغ التأمين يمثل الحد الأقصى لالتزام المؤمن، ولو قل عن قيمة الضرر الذي لحق المؤمن له وتطبق في هذه الحالة قاعدة النسبية إذا لم يصل الضرر إلى حد الهلاك الكلي الشيء المؤمن عليه.

    أولاً – الوثيقة محددة القيمة Valued Policy :

    وهي الوثيقة التي تحدد قيمة الشيء المؤمن عليه، وبالتالي فإن المبلغ الذي يمكن استرداده من المؤمن تحدده الوثيقة.

    وتحدد قيمة الشيء المؤمن عليه بالاتفاق، ويتم بعد ذلك إدخاله في وثيقة التأمين على أنه المبلغ الذي يمكن المطالبة باسترداده من المؤمن عند حدوث الحادث المؤمن منه.

    وهذا التقييم أو التقدير لقيمة الشيء المؤمن عليه ملزم، وعلى ذلك فلا يستطيع المؤمن له أن يطالب بأكثر من هذه القيمة إذا كانت خسارة المؤمن له أكثر من القيمة التي تغطيها الوثيقة، فهذا التقدير لا يتأثر بزيادة أو بنقص القيمة الفعلية للشيء المؤمن عليه.

    إلا أن هذا الإلزام يشترط فيه عدم وجود الغش، وعلى أي حال ففي الخسارة الجزئية فإن التقدير لا أثر له، وللمؤمن له أن يسترد المقدار الفعلي لخسارته التي يقع عبء إثباتها عليه.

    ونشير أن الفقرة الثانية من المادة (27) من قانون التأمين البحري الإنكليزي لسنة 1906 تبين أن الوثيقة محددة القيمة:

    “هي الوثيقة التي تحدد القيمة المتفق عليها للشيء المؤمن عليه”.

    وتتابع الفقرة الثالثة من المادة نفسها قولها: “أنه إذا انتفى الغش فإن القيمة المحددة في الوثيقة بين المؤمن والمؤمن له تعتبر قطعية فيما يتعلق بالقيمة التأمينية للشيء الذي يطلب التأمين عليه سواء أكانت الخسارة كلية أو جزئية.

    ثانياً – الوثيقة غير محددة القيمة Unvalued Policy :

    في هذه الوثيقة لا يتم تحديد المبلغ الذي يدفع للمؤمن له ولكن تحديده يترك لما بعد وقوع الحادث. أي أن المبلغ يحدد في الوثيقة على أنه يمثل مبلغ التأمين يدل فقط على المبلغ الذي لا يمكن أن تمتد مسؤولية المؤمن إلى ما يتعداه، فلا يمكن للمؤمن له أن يسترد إلا القيمة الفعلية والحقيقية لبضائعه.

    وتعرف المادة (28) من قانون التأمين البحري الإنكليزي لسنة 1906 الوثيقة غير محددة القيمة بأنها: “تلك التي لا تحدد قيمة الشيء المؤمن عليه، ولكنها تترك القيمة التأمينية ليصار إلى تحديدها فيما بعد في حدود القيمة المؤمن عليها، وعليه يكون الفرق بين الوثيقة محددة القيمة والوثيقة غير محددة القيمة في أن المؤمن يلتزم في الحالة الأولى بدفع مبلغ من النقود لا يجوز أن يزيد على المبلغ المنصوص عليه في الوثيقة.

    فالتعويض يتناسب مع القسط الذي يتناسب بدوره مع الخطر، فلا يجب على المؤمن أن يدفع مبلغا يزيد عما تعهد به، أما في الحالة الثانية، فلا تتضمن الوثيقة مبلغ تأمين ثابت، وبالتالي لا يلتزم المؤمن في مواجهة المؤمن له بالتزام محدد من حيث المبلغ الذي يجب أن يدفعه إلى المؤمن له ولا يحد من التزام المؤمن في هذه الحالة إلا قید واحد في تأمين الأضرار هو الضرر الذي أصابه المؤمن له أو المستفيد من التأمين . 

    وعقد التأمين هو عقد تعويض فلا يجوز للمؤمن له أن يحصل على تعويض من وقوع الحادث المؤمن منه يزيد على مقدار ما أصابه من ضرر، وهذا المبدأ من النظام العام ولا يجوز مخالفته، لذا يبطل كل اتفاق يخالفه (المادة 354 من قانون التجارة البحرية).

    فلو لم يكن تقدير التعويض بمقدار الضرر الأصبح التأمين خطر يهدد الجماعة إذ يتحول التأمين من عملية اطمئنان في نفس المؤمن له إلى مضاربة، ولأنه بغير ذلك تكون للمؤمن مصلحة في وقوع الخطر.

    وهذا المبدأ يمنع المؤمن من أن يدفع للمؤمن له عند تحقق الخطر مبلغا يزيد على مقدار الضرر الفعلي الذي نجم عن وقوع الخطر.

    وإذا كان الأصل أن يكون المبلغ المؤمن به مساوية لقيمة الشيء المؤمن عليه، إلا أنه قد يكون أعلى من هذه القيمة أو أقل، فما الحكم في هذه الفروض؟

    1- إذا كان المبلغ المؤمن به مساوية لقيمة الشيء المؤمن عليه،

    فإن القسط الذي يلتزم المؤمن له بدفعه يتحدد على هذا الأساس، ومن ثم إذا وقع الخطر المؤمن منه فإن أداء التعويض الذي يلتزم المؤمن بدفعه للمؤمن له عن الضرر الناتج يكون مساوية لكل الضرر بشرط ألا يجاوز التعويض قيمة مبلغ التأمين (المادة 353 من قانون التجارة البحرية).

    فمهما بلغت الأضرار التي لحقت بالمؤمن له فإن أداء المؤمن لا يجوز أن يزيد عن المبلغ المؤمن به، والغالب في وثائق التأمين أن يتحدد مبلغ التأمين المتفق عليه بقيمة تعادل قيمة الشيء المؤمن عليه، وبالتالي يتساوى الضرر مع مبلغ التأمين المتفق عليه في حالة الهلاك الكلي للشيء .

    2- فإذا تعذر تحديد قيمة الشيء المؤمن عليه بشكل دقيق فإنه يغلب أن يتقدم المؤمن له بتقديرالشيء المؤمن عليه، ويقبل المؤمن هذا التقدير ومع أن قبول المؤمن لهذه القيمة يعتبر مؤقتة إلا أن المؤمن له يعفى من إقامة الدليل على القيمة الحقيقية للشيء المؤمن عليه عند وقوع الخطر، إذ يفترض أن القيمة المقدرة تساوي القيمة الحقيقية، ومن ثم يلتزم المؤمن بالتعويض عن الضرر على هذا الأساس، إلا إذا أقام الدليل على أن القيمة المقدرة للشيء هي أعلى من القيمة الحقيقية حتى لا يتكسب المؤمن له من وراء التأمين .

    وتصدر قانون التجارة البحرية للحالات العملية التي تعقد فيها عقود التأمين بمبلغ يزيد أو ينقص عن قيمة الشيء المضمون (المؤمن عليه) وذلك على النحو الآتي: 

    في حالة ما إذا كانت القيمة المصرح بها تزيد على قيمة الشيء المضمون (المؤمن عليه): 

    إذا بالغ المؤمن له في تحديد قيمة الشيء المؤمن فقدرها في عقد التأمين بمبلغ يزيد عن القيمة الحقيقية الشيء المؤمن عليه، فإن الجزاء الذي وضعه المشرع في مثل هذه الحالة يختلف باختلاف نية المؤمن

    أ- فإذا كان تقدير المؤمن له أو وكيله لمبلغ التأمين في العقد يزيد على قيمة الشيء المؤمن عليه وثبت أن ذلك قد حصل بتدليس من جانب أي منهما، فإن للمؤمن أن يبطل عقد التأمين، ويبقى القسط كاملا من حقه المادة 370 من قانون التجارة البحرية).

    ويلجأ المؤمن له عادة إلى تقدير قيمة الشيء بأكثر من قيمته الحقيقية طمعا في الحصول على فائدة من عقد التأمين في حالة وقوع الخطر – أي أنه يسعى أن يكون مركزه بعد حدوث الخطر المؤمن منه أفضل من وضعه قبل حدوث الخطر – وهو ما يخالف مبدأ اعتبار عقد التأمين عقدة تعويضية.

    وما نلاحظه هنا بأن المشرع قد أعطى المؤمن حق الخيار، فإن شاء نفذ العقد، وإن شاء أبطله، وفي هذه الحالة يتقاضى كامل القسط على سبيل التعويض.

    ولكن يجب على المؤمن أن يثبت غش وتدليس المؤمن له أو وكيله حتى يمكن تطبيق الجزاء).

    ب – أما إذا كان تقدير المؤمن له لقيمة الشيء بأكثر من قيمته الحقيقية ناجمة عن خطأ أو حسن نية،

    فإن العقد يبقى صحيحاً في حدود القيمة الفعلية للشيء المؤمن عليه، ويبطل فيما يزيد على ذلك (الفقرة الأولى من المادة 370 من قانون التجارة البحرية) .

    وعلى ذلك فإن المؤمن لا يأخذ قسط التأمين الذي يقابل الزيادة في تقدير قيمة الشيء المؤمن عليه، ولكنه يستحق تعويضة من المؤمن له إذا لحقه ضرر من جراء الزيادة في التقدير .

    2 – التأمين بأقل من قيمة الشيء محل التأمين :

    فإذا كان المبلغ المؤمن به أقل من القيمة الحقيقية للشيء المؤمن عليه، ويطلق على هذا النوع من التأمين عادة بالتأمين (الناقص، أو الجزئي) فلا يمكن للمؤمن له أن يحصل على تعويض عن الضرر الحاصل له عند تحقق الخطر بما يزيد عن المبلغ المؤمن به مهما كانت قيمة الضرر الذي أصاب المؤمن له.

    وما نلاحظه هنا بأن تطبيق قاعدة النسبية في حالة الهلاك الجزئي ليست من النظام العام ويستطيع كلا من المؤمن والمؤمن له أن يتفقا على أن تبعة الهلاك الجزئي تقع بأكملها على عاتق المؤمن طالما أنها لم تتجاوز مبلغ التأمين المحدد في العقد (المادة 326).

     

    طرق الحصول على تعويض التأمين

     

    ذكرنا سابقاً بأن الالتزام الرئيسي الذي يقع على عاتق المؤمن هو الالتزام بدفع التعويض عند تحقق الخطر.

    ويتوقف نمط الوفاء بهذا الالتزام على كيفية مطالبة المؤمن له بتعويضه عن الضرر الذي الحق به، فله إما اللجوء على دعوى الخسارة وإما اللجوء إلى دعوى الترك.

    أولاً – دعوى الخسارة البحرية :

    تعد دعوى الخسارة وسيلة حصول المؤمن له على مبلغ التعويض المتفق عليه ونميز هنا بين طرق تقدير التعويض بحسب ما إذا كان محل التأمين الذي لحقته الخسارة سفينة أو بضائع.

    أ- تقدير التعويض في التأمين على السفينة :

    قد لا يلحق السفينة نتيجة الخطر البحري أضرار مادية، ولكن المؤمن له يكون قد تكبد نفقات ومصاريف نقدية في سبيل تفادي الخطر أو في سبيل المحافظة على السفينة وتخفيف آثار الحادث، ففي مثل هذه الحالة يلتزم المؤمن بدفع قيمة هذه النفقات والمصاريف في حدود مبلغ التعويض المتفق عليه وذلك متى قدم الدليل.

    وقد تكون السفينة نتيجة تحقق الخطر بحاجة إلى إصلاحات، ففي هذه الحالة يلتزم المؤمن بدفع نفقات الإصلاح اللازمة لضمان صلاحية السفينة للملاحة البحرية، على أن يخصم من هذه النفقات فرق التجديد وهو ما ينتج عن الزيادة في قيمة السفينة نتيجة الإصلاح واستبدال أجزاء جديدة لها بأجزاء قديمة منها .

    ومما تجدر ملاحظته أن المؤمن وإن كان يلتزم بمصاريف الإصلاح أو الاستبدال إلا أنه لا يلتزم بالقيام بعملية الإصلاح أو الاستبدال للأشياء المؤمن عليها (المادة 381 من قانون التجارة البحرية).

    أما إذا هلكت السفينة هلاكاً كلياً فيقدر التعويض في ضوء قيمة السفينة المقدرة في وثيقة التأمين أو ما يقدرها أهل الخبرة قبل وقوع الحادث مباشرة وذلك بناء على قيمتها في يوم بدء الأخطار، أي بدء الرحلة البحرية .

    ويشمل التعويض جسم السفينة ومصاريف التجهيز اللازمة لإبحار السفينة (الفقرة الأولى من المادة 397 من قانون التجارة البحرية).

    وقد تناولت الفقرة الثانية من المادة السابقة إلى حالة التأمين على ملحقات السفينة المملوكة للمؤمن له بعقد تأمين منفصل عن عقد تأمين السفينة وبأي تاريخ، فإذا حدث أن هلكت السفينة المؤمن عليها كلية أو تركت للمؤمن، فإنه يجب تخفيض القيمة المتفق عليها في العقد للسفينة بما يعادل قيمة هذه الملحقات كي لا يعوض المؤمن له عنها مرتين، وكذا الحال إذا بقي من السفينة حطامة حيث يضم قيمة هذا الحطام من التعويض المستحق للمؤمن له إلا إذا تركها المؤمن له للمؤمن فإنه يستحق التعويض کاملا في هذه الحالة .

    وقد يقع الضرر نتيجة تعاقب الحوادث التي يضمنها المؤمن أثناء سريان عقد التأمين فيلتزم المؤمن بتعويض المؤمن له بما لا يتجاوز قيمة التأمين بضمان الأضرار الناشئة عن كل حادث يقع أثناء سريان وثيقة التأمين رغم تعدد الحوادث، ويجوز للمؤمن أن يشترط في وثيقة التأمين أن يدفع المؤمن له بعد كل حادث قسط تكميلي يتفق عليه (المادة 395 من قانون التجارة البحرية ).

    ب – تقدير التعويض في التأمين على البضاعة:

    1- إذا كان الضرر الذي لحق البضاعة يتمثل في مبالغ نقدية تتمثل في مصاريف أنفقت عليها بقصد

    الأخطار أو التخفيف من آثارها عند وقوعها، فإنه لا صعوبة في تقدير التعويض المستحق للمؤمن له

    وعلى المؤمن دفع هذه النفقات والمصاريف في حدود مبلغ التأمين المتفق عليه .

    2 – فإذا كان الضرر الذي لحق البضاعة ضررة كلية، فإن للمؤمن له أن يطالب المؤمن بدفع التعويض

    عنها طبقا لقيمة التأمين المحددة في وثيقة التأمين، وللمؤمن أن يدقق في حقيقة هذه القيمة أو يطلب من المؤمن له إثباتها وبالتالي فإن المؤمن لا يلتزم إلا بدفع القيمة الحقيقية للبضاعة وفي حدود مبلغ التأمين الذي أمن به المؤمن له على البضاعة في وثيقة التأمين.

    وتقدر قيمة البضاعة في ميناء الشحن وفي وقت الشحن بحيث إن مبلغ التأمين لا يجوز أن يزيد على هذه القيمة في ذلك الوقت، فإذا قدرت في ميناء الوصول أضيف إلى هذه القيمة أجرة النقل أو خسارة التأمين عليها والربح المتوقع (المادة 404 والمادة 405 من قانون التجارة البحرية السوري).

    ذلك أنه يجوز أن يكون محلا للتأمين كل مصلحة مشروعة بما في ذلك الربح المتوقع (الفقرة الأولى من المادة 259 من قانون التجارة البحرية).

    3 – أما إذا كان قد لحق البضاعة ضرر أو تلف جزئي، فتؤخذ النسبة بين قيمتها سالمة وقيمتها تالفةفي ميناء الوصول، ثم تطبق النسبة على القيمة المؤمن بها (المادة 405 من قانون التجارة البحرية). وهذه هي طريقة التسوية بالنسبة أو بالحصة المتبعة في تسوية الخسارات البحرية المشتركة.

    والسبب في الأخذ بقيمة البضاعة في ميناء الوصول في حالة التلف، أنه لا يمكن تطبيق النسبية على وجه عادل إلا بالأخذ بهذه القيمة، إذ أن مقدار التلف الذي يلحق البضاعة لم يقدر إلا في ميناء الوصول وعلى أساس قيمة البضاعة في هذا الميناء .

    ومما تجدر الملاحظة إليه أنه يجب الاعتداد بقيمة البضاعة قائمة في ميناء الوصول بدون إسقاط نفقات التفريغ والرسوم الجمركية المترتبة عليها. وذلك لأن هذه النفقات كان يتعين على المؤمن له أن يدفعها لو وصلت البضاعة سالمة، وأنه بذلك يوضع في نفس المركز الذي كان يوجد فيه حال وصول البضاعة سالمة.

    وقانون التجارة البحرية السوري لعام 2006 قد أشار إلى الحالات التي لا يسأل المؤمن عنها ومن إحدى هذه الحالات حالة:

    النقص الطبيعي الذي يطرأ على البضائع أثناء الطريق (المادة 379 من القانون) .

    بالإضافة إلى نص المادة (210) من قانون التجارة البحرية السوري السابق والتي جعلت الناقل غير مسؤول عما يلحق البضاعة ناقصة وذلك إذا كانت نسبة النقص مما يتم التسامح بها عادة والتي تعرف بالنقص الطبيعي للبضاعة الذي يمكن أن يلحق بها أثناء عملية نقلها أو أثناء شحنها وتفريغها وهو ما يسمى بنقص أو عجز الطريق (كما لو كانت البضاعة المشحونة حبوبة وسقطت كمية بسيطة منها أثناء عمليتي الشحن والتفريغ، أو كان النقص قد سببته الفئران).

    فإذا كانت نسبة النقص التي أصابت البضاعة تقع ضمن النسبة المتسامح بها عرفاً، فهنا لا يسأل الناقل عن هذا النقص.

    ج – مباشرة دعوى التعويض :

    على أن المؤمن له إذا أراد الحصول على تعويض من المؤمن، عليه أن يثبت تعرض الشيء محل التأمين للخطر وتعرض المؤمن له للضرر من جراء هذا الخطر وعليه إخطار المؤمن بوجود التلف.

    1 – إثبات تعرض الشيء محل التأمين للخطر وإثبات الضرر الذي لحق به:

    إذا أراد المؤمن له الحصول على تعويض من المؤمن أن يطالب بذلك ولكن هذه المطالبة لا تجدي نفعا إلا إذا اقترنت بإثبات وقوع الخطر المؤمن منه، وأنه بسبب ذلك وقع ضرر لحق بالمؤمن له أو بالمستفيد، وطبقا للقواعد العامة في الإثبات في دعاوى التأمين البحري، على المدعي أن يقيم الدليل على دعواه.

    فلا يكفي إثبات وقوع الخطر المؤمن منه لتحقق مسؤولية المؤمن، بل يلزم أن يلحق المؤمن له أو المستفيد ضرر بسبب هذا الخطر، ويقع عبء إثبات هذا الضرر ومداه على المؤمن له أو المستفيد حسب الأحوال، مما يعني أنه إذا وقع الخطر ولم يترتب عليه ضرر للمؤمن له فلا مجال للمطالبة

    بالتعويض.

    2 – إخطار المؤمن بوجود التلف:

    على المؤمن له في جميع حالات التأمين عن البضائع، إخطار المؤمن بحصول الضرر خلال خمسة أيام من تاريخ تسليم البضائع المؤمن عليها، فإن لم يفعل فإنه يفترض أنه تسلمها بحالة سليمة ما لم يثبت خلاف ذلك (المادة 409 من قانون التجارة البحرية)، ويلاحظ أن هذا النص خاص بالتأمين على البضاعة، فلا يسري على تأمين السفينة، وأنه يتعلق فقط بتلف البضاعة دون هلاكها الكلي أو الضياع، لأن مدة الإخطار محسوبة من تاريخ التسليم الذي يقصد به وضع البضاعة فعلا تحت تصرف المرسل إليه في مكان الوصول المتفق عليه، ولذا فلا يتوافر هذا المعنى إذا سلمت البضاعة أثناء الطريق لشخص آخر بسبب عدم إمكان توصيلها أو سلمت تسليما حكيمة للمرسل إليه بأن سلمت إليه المستندات الممثلة له.

    فإذا تقررت مسؤولية المؤمن بتحقق الخطر المؤمن منه وإلحاقه ضررة بالمؤمن له، التزم بدفع التعويض المؤمن له، وهذا التعويض يكون مساوية لمبلغ التأمين أو أقل منه دون أن يتجاوزه، وفقا لنص المادتين (353) و (354) من قانون التجارة البحرية.

    د – حلول المؤمن (شركة التأمين) في دعاوى المؤمن له:

    دعوى الرجوع البحري التي يحل فيها المؤمن محل المؤمن له في مواجهة الغير المسؤول عن الضرر، تعد من أهم ما يتمتع به المؤمن به في مقابل ما يتحمله من أعباء ومسؤوليات في مواجهة المؤمن له فهي تمنحه الفرصة للتعويض إذا حدثت الكارثة نتيجة خطأ الغير، وفي مقابل ذلك يتعرض لكل ما كان يمكن أن يتعرض له المؤمن له من دفوع في مواجهة هذه الدعوى.

    ومتى قام المؤمن بدفع تعويض التأمين للمؤمن له، فإنه يحل بما دفعه في حقوق المؤمن له والدعاوی التي تكون للمؤمن له تجاه من تسبب بفعله في الضرر الذي نجمت عنه مسؤولية المؤمن .

    ولما كان الحلول يفترض الوفاء، فإنه يشترط أن يكون المؤمن قد دفع مبلغ التأمين للمؤمن له، وإلا كانت دعوى المؤمن على من أحدث الضرر غير مقبولة.

    ومتی حل المؤمن محل المؤمن له في حقوقه، أمكن للغير أن يحتج في مواجهته بالدفوع التي تكون له تجاه المؤمن له.

    ويشترط لحلول المؤمن محل المؤمن له في الرجوع على المسؤول توافر شرطين:

    1- أن يكون المؤمن قد أدى فعلا مبلغ التأمين للمؤمن له.

    2 – أن تكون هناك دعوى مسؤولية يرجع بها المؤمن له على المسؤول وأن يطالب المؤمن بنفس مطالب المؤمن له، فليس له أن يحصل على وضع أفضل من وضع المؤمن له.

    ويكون حلول المؤمن محل المؤمن له بما له من حقوق أو تعويضات ممكناً في حالة الهلاك الجزئي والكلي وهذا ما نصت عليه المادة 386 تجارة بحرية :

    “يحل المؤمن قانونا بما دفعه من تعويض في الدعاوى التي تكون للمؤمن له إزاء من تسبب بفعله في الضرر الذي نجمت عنه مسؤولية المؤمن”.

    وتواجهنا هنا مسألة أخرى وهي أنه في حالة التأمين الجزئي، عندما تعود شركة التأمين على المسؤول وكذلك يعود المؤمن له عن الضرر المتبقي، فهل تقدم شركة التأمين على المؤمن له، أم ماذا؟ 

    لم يجب قانون التجارة البحرية على ذلك ولكن الأحكام العامة في القانون المدني في المادة (323) نصت على ما يلي :

    “1 – إذا قام الغير بوفاء الدين، كان له حق الرجوع على المدين بقدر ما دفعه.

    2 – ومع ذلك للمدين الذي حصل الوفاء بغير إرادته أن يمنع رجوع المدين بما وفاه عنه كلا أو بعضا إذا أثبت أن له مصلحة في الاعتراض على الوفاء”.

    وهذا يعني أن المؤمن له يتقدم على المؤمن أو شركة التأمين في الرجوع على المسؤول التي تعهدت بضمان الضرر الذي يسببه.

    واختلف الفقه في تكييف الطبيعة الحقوقية والقانونية للحلول: فذهب رأي في الفقه الفرنسي إلى أن شركة التأمين ترجع على المسؤول بدعوى الحلول وفقا للقواعد العامة، إذ أنه بوفائها مبلغ التأمين للمؤمن تكون قد دفعت دين الغير المسؤول، إلا أن القضاء الفرنسي لم يقر هذا الرأي لأن شركة التأمين إنما تدفع ديناً يقع على عاتقها منشأ من عقد التأمين لا دين المسؤول الناشئ عن الخطأ.

    “فليس للناقل البحري الحق في أن يجادل مؤسسة التأمين في توفر الشروط التي تلزمها بالتعويض للمؤمن له لأن تقرير ذلك متروك لطرفي عقد التأمين والناقل البحري شخص أجنبي عنه”.

    والئن كانت إقامة الدعوى من قبل شركة التأمين على الناقل البحري مشروطة بدفعها التعويض للمضمون المؤمن له) لكي تحل محله وتمارس حقوقه وترفع دعاويه، إلا أن هذا لا يمنع من سماع دعواها إذا دفعت التعويض للمضمون (المؤمن له) بعد رفع الدعوى لأن صفتها في الادعاء تكون قد تحققت بعد دفع التعويض “

    والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : حول إمكانية المؤمن له الذي حصل على تعويض التأمين من الرجوع على الغير المسؤول والحصول على مبلغ التعويض مرة ثانية. وبعبارة أخرى هل يجوز للمؤمن له الجمع بين دعوى التأمين ودعوى المسؤولية أو التعويض؟

    لقد ذهب القضاء في مصر وفرنسا على جواز الجمع بين دعوى التأمين ودعوى المسؤولية، لأنه لا يقبل من الغير المسؤول أن يحتج بعقد التأمين الذي لم يكن طرفا فيه للتهرب من مسؤوليته، ولأن أساس تعويض التأمين الذي لم يكن طرفا فيه للتهرب من مسؤوليته، ولأن أساس تعويض التأمين هو عقد التأمين ذاته فلا يمكن أن يمس حق الشاحن (الناقل) قبل الغير المسؤول والناشئ عن فعله الضار .

    ونرى بأنه لا يقبل من المؤمن له أن يجمع بين دعوى التأمين ودعوى المسؤولية، وأن يقيم الدعوى على الغير المسؤول بعد أن حصل على تعويض التأمين وحل المؤمن محله قانوناً في الدعاوى التي تكون له قبل الغير المسؤول، إذ أن حصوله على التعويض مرة ثانية يحقق له إثراء يتنافى مع مبدأ التعويض في التأمين وعلى هذا يسير القضاء البلجيكي والقضاء الفرنسي الحديث .

    ولو فرض العكس وأن المؤمن له رجع على المسؤول عن الضرر أولاً وحصل منه على تعويض الضرر اللاحق به، فهل يقبل منه الرجوع على المؤمن بمبلغ التعويض؟

    في الواقع : الضرر قد زال بقبض التعويض من الغير المسؤول وبالتالي فلا وجه لمطالبة المؤمن بمبلغ التعويض حتى لا يجني المؤمن له ربحا من التأمين كما أن المؤمن لا يدفع للمؤمن له إلا بشرط أن يتنازل هذا الأخير عن حقوقه في مواجهة الغير المسؤول لصالح المؤمن.

    وبالتالي فإن المبدأ الأساسي الذي يحكم عقد التأمين باعتباره عقد تعويض يمنع المؤمن له من الرجوع على المؤمن ليطالبه بمقابل التأمين، إذ أنه ليس له أن يجمع بين تعويض التأمين والتعويض من الغير المسؤول عن الضرر .

    ومما تجدر الملاحظة إليه بأن للمؤمن له الخيار في الرجوع إما على المؤمن بمبلغ التأمين أو في حق الرجوع على الغير المسؤول عن الضرر ووقع الخطر المؤمن عليه.

    وقانون تجارة البحرية السوري يتفق وقانون التأمين البحري الإنكليزي لعام 1906 في المادة (79) على حق المؤمن في الرجوع على الغير المسؤول عن الضرر بعد وفائه بالتعويض اللازم للمؤمن له وذلك بقولها “بأنه يحق للمؤمن الحلول محل المؤمن له في حقوقه وتعويضاته المستحقة عن الخطر المؤمن عليه من وقوع الحادث الذي سبب الهلاك، وفي حالة الهلاك الكلي له أن يستولي على حطام الشيء ويقتصر حقه على الحلول في الخسارة الجزئية”.

    ثانياً – دعوى الترك 

    يعد نظام الترك من النظم التي جرى بها العرف التجاري منذ زمن قديم، وقد وجد سبيله إلى التشريعات البحرية في أواخر القرن السابع عشر. وبموجبه ينزل المؤمن له عن ملكية الشيء المؤمن عليه للمؤمن نظير حصوله على كامل مبلغ التأمين .

    أ- ماهية دعوى الترك:

    إن دعوى الخسارة البحرية هي الدعوى العادية التي يلجأ إليها المؤمن له للحصول على تعويض الضرر الذي الحقه.

    إلا أن للمؤمن له في الأحوال التي يصاب فيها الشيء المؤمن عليه بمخاطر كبرى أن يستعمل حق الترك، وبمقتضاه يطالب المؤمن له بدفع کامل مبلغ التأمين في مقابل أن يتخلى عن حقوقه في الشيء المؤمن عليه للمؤمن المادة (380) و المادة (383) من قانون التجارة البحرية .

    فالترك هو الطريق الاستثنائي الذي لا يلجأ إليه إلا في أحوال المخاطر الكبرى. غير أنه حتى في هذه الأحوال فإن المؤمن له غير ملزم بالترك بل له الخيار في الترك أو دعوى الخسارة البحرية وذلك حسبما تقتضيه مصلحته.

    أما في غير أحوال المخاطر الكبرى فليس للمؤمن له إلا دعوى الخسارة البحرية وفي ذلك تنص المادة 349 من قانون التجارة البحرية على أنه :

    “يتحتم مبدئية على المضمون أن يقيم دعوى الخسارة البحرية على الضامن. لكن له في حال حدوث طوارئ من التي تدعى بالغة أن يترك للضامن الشيء المضمون وأن يطالب بالتعويض عن الهلاك الكلي”.

    وما نلاحظه أيضا بأن دعوى الترك هو نظام خاص بالتأمين البحري وحده، فلا يطبق في التأمين العادي.

    ويرجع الأصل التاريخي لنظام الترك إلى العادات البحرية القديمة في العصور الوسطى، إذ كان يجوز للمؤمن له إذا انقطعت أخبار السفينة أن يحصل على مبلغ التأمين بأكمله من المؤمن مقابل ترك السفينة بحيث إذا ظهرت بعد ذلك كانت ملكة للمؤمن. ثم انتقل هذا النظام إلى الأمر الملكي الفرنسي الصادر سنة 1681 ومنه إلى التقنين التجاري الفرنسي .

    وقد أخذ القانون الإنكليزي بهذا النظام ويطلق عليه اسم abandonment في المواد (57 ولغاية 63).

    ولا يزال الترك محتفظة بفائدته في حالة انقطاع أخبار السفينة والهلاك الحكمي المشبه بالهلاك الحقيقي، إذ يحصل المؤمن على مبلغ التأمين بأكمله دون أن يلزم بإثبات هلاك السفينة في الحالة الأولى، ومع أن الشيء لم يهلك هلاكا تاما في الحالة الثانية، على أن فائدته الرئيسية هي في تيسير تسوية تعويض التأمين بطريقة أبسط وأسرع من تسويته بطريق الخسارة.

    ب – حالات الترك :

    حدد المشرع في المادتين 398 و 406 من قانون التجارة البحرية حالات الترك في حالتين هما حالة تأمين السفينة وحالة تأمين البضاعة، والقاسم المشترك بين هاتين الحالتين هو عنصر الخطر الذي تتعرض له هذه الأشياء المؤمن عليها، وفي كل هذه الحالات يجوز للمؤمن له ترك الشيء المؤمن عليه مما يعني ذلك أنه من الجائز اتفاق الطرفين على خلاف ذلك. وتنظم المادتان (398) و (406) من قانون التجارة البحرية حالتي الترك، حيث تعالج الأولى حالة ترك السفينة، وتعالج الثانية حالة ترك البضائع.

    أولاً – حالة ترك السفينة :

    وفقا للمادة 398 من قانون التجارة البحرية فإنه يجوز للمؤمن له ترك السفينة للمؤمن في الأحوال الآتية:

    1 – حالة الهلاك الكلي للسفينة:

    والهلاك الكلي إما أن يكون هلاكا فعلية أو هلاكا حكمية وتحدث الخسارة الفعلية أو المطلقة (كما تسمى أحيانة) إذا هلك الشيء المؤمن عليه أو إذا كان المؤمن له قد فقد الشيء بحيث لا يمكن استرداده أو أن الشيء المؤمن عليه قد تضرر بشكل فقد معه خواصه التجارية.

    وفي حالة الهلاك الكلي الفعلي لا توجد حاجة لتوجيه إخطار بالترك.

    ومثال الهلاك الكلي الفعلي حالة سفينة تركت وهي تغرق، وقد تم قطرها بواسطة منقذين وباعوها بأمر من المحكمة بثمن يقل عن تكاليف الإنقاذ فحكمت المحكمة باعتبار ذلك هلاكا كلياً فعلياً.

    ومثال تجريد المؤمن له من حق استرداد السفينة، حالة سفينة تمت مصادرتها من قبل السلطات الفيتنامية التي اكتشفت أنها تحمل بضائع بدون بيانات، فحكمت باعتبار ذلك هلاكا كلية فعلية لتحرم المؤمن له من حقه في استردادها . 

    أما الهلاك الكلي الحكمي: فيحدث إذا كان هلاك الشيء المؤمن عليه كلية هلاكا فعلية لا يمكن تجنبه، ومن ثم يتم تركه أو أنه لا يمكن حفظه من الهلاك الكلي الفعلي بدون مصاريف تفوق قيمته عندما يتم إنفاق المصاريف .

    وما يميز الهلاك الكلي الفعلي عن الهلاك الحكمي هو أنه في الهلاك الكلي الفعلي يهلك الشيء المؤمن عليه كلية ولا يمكن استرداده وبالتالي لا يمكن للمؤمن له سوى استرداد الخسارة من المؤمن، بينما في حالة الهلاك الحكمي فإن الضرر يكون قابلا للإصلاح ولو بثمن باهظ ومرتفع وعلى ذلك يكون المؤمن له الحق بالخيار بين الخسارة الجزئية أو أن يترك الشيء المؤمن عليه للمؤمن وتعد في حكم الخسارة الكلية.

    ويترتب على هذا التمييز بين الهلاك الفعلي أو الهلاك الحكمي بأن المؤمن له لا يحتاج إلى إعلان أو إخطار المؤمن برغبته في الترك ولكن إذا كان الهلاك حكمية فإن المؤمن له ملزم بإخطار المؤمن ليعبر عن رغبته بالترك وللدلالة على أي طريق يختار، فإذا لم يقم بالإخطار أو به فإن الهلاك يعد هلاكا جزئياً فقط.

    فإذا تبع الهلاك الحكمي للبضاعة بيعة من جانب الريان فإن ذلك يعد هلاكا فعليا، وبالتالي فلا حاجة للإعلان عن الترك، لأن البضائع في مثل هذه الحالة تكون هالكة وغير قابلة للاسترداد ولا فائدة يمكن أن تعود على المؤمن إذا بلغ بالإخطار.

    2 – انقطاع أخبار السفينة:

    انقطاع أخبار السفينة هو أقدم حالات الترك وأكثرها فائدة للمؤمن له، فقد تسافر السفينة في عرض البحر وتنقطع الأخبار عنها، فإذا استمر هذا الانقطاع مدة معينة من الزمن فإنه يفترض أنها قد تعرضت إلى هلاك كلي أي أنها قد هلكت فعلا.

    ومن ثم يجوز للمؤمن له أن يترك الشيء المؤمن عليه ويطالب بمبلغ التأمين كله دون أن يكون ملزمة بإثبات الهلاك (الفقرة الثانية من المادة 398 من قانون التجارة البحرية).

    وإن اعتبار انقطاع أخبار السفينة قرينة على هلاكها هو أمر يتفق والواقع العملي المطبق في السفن من حيث احتوائها على أجهزة اتصالات لاسلكية تمكنها من الاتصال مع الموانئ المختلفة. ومن ثم فإن انقطاع الاتصال هو دليل أكيد على غرقها أو هلاكها.

    ومما تجدر الملاحظة هنا بأنه إذا دفع المؤمن التعويض عن السفينة المفقودة بعد التخلي عنها ثم ظهرت بعد ذلك فإن ملكيتها تكون للمؤمن ،

    وقد حددت الفقرة الثانية من المادة (398) من قانون التجارة البحرية مدة الانقطاع التي يعتد بها في اعتبار السفينة هالكة بثلاثة أشهر بعد وصول آخر أنباء عنها، أي أن مدة ثلاثة أشهر تحتسب بعد ورود آخر أخبار عن السفينة، فإذا لم يرد أي خبر أصلاً عن السفينة، فتحسب المدة من تاريخ مغادرة السفينة، ويقع عبء إثبات ذلك على المؤمن له ويكون ذلك بأن يحلف اليمين على أنه لم يرد إليه خبر أصلا عن السفينة المؤمن عليها أو السفينة التي شحنت عليها البضاعة المؤمن عليها.

    وتنطبق أحكام انقطاع المدة سواء كان التأمين معقودة عن الرحلة التي انقطعت فيها أخبار السفينة أو عن فترة زمنية معينة منذ ابتداء السفر. وفي هذه الحالة الأخيرة إذا كان التأمين سارية في إرسال آخر خبر عن السفينة فإنه يفترض أن هلاك السفينة قد وقع في الفترة التي يغطيها التأمين. وهذه القرينة بسيطة تقبل إثبات العكس من جانب المؤمن بكافة طرق الإثبات، فإذا نجح المؤمن في إثبات أن هلاك السفينة قد وقع في وقت لم تكن فيه مغطاة بالتأمين يزول حكم الترك ويلتزم المؤمن له برد التعويض المدفوع مع الفوائد القانونية .

    وورود أخبار عن السفينة لشخص آخر غير المؤمن له ينفي مظنة هلاكها وبالتالي فلا يحق للمؤمن له مباشرة إجراءات الترك.

    3 – إصابة السفينة بتلف يستحيل إصلاحه:

    إذا أصيبت السفينة بأضرار تمنعها من الاستمرار بالسفر وكان من الاستحالة بمكان إجراء الإصلاحات اللازمة لها نظرا لخطورة الكسر الذي تعرضت له السفينة، بحيث تصبح غير صالحة للملاحة بشكل مطلق وعندئين للمؤمن له أن يتخلى عن السفينة للمؤمن مقابل حصوله على التعويض الكامل منه على اعتبار أن السفينة أصبحت تالفة كليا “.

    ويستنتج من هذا النص بأنه يجب أن تكون هناك استحالة في الإصلاح لامكان التخلي عن السفينة، على أنه إذا كانت الأضرار قابلة للإصلاح ولكن تعذر بسبب عدم وجود قطع غيار أو الفنيين في مكان الحادث فلا يجوز للمؤمن له طلب ترك السفينة 

    4 – إذا كانت نفقات إصلاح السفينة تعادل ثلاثة أرباع قيمتها على الأقل:

    إذا أصيبت السفينة بأضرار تمنعها من الاستمرار في الإيجار، إلا إذا تم إصلاحها بمعنى أن السفينة تصبح بعد إصابتها بالضرر غير صالحة للملاحة وأنه إذا جرى إصلاحها وكانت قيمة هذه الإصلاحات تعادل ثلاثة أرباع قيمتها، فإن للمؤمن له أن يطلب ترك السفينة مقابل حصوله على التعويض کاملاً منه، علما بأن المؤمن ملزم أصلا بإجراء الإصلاحات التي تحتاجها السفينة بموجب وثيقة التأمين، فإذا لم يتم إصلاحها ولكن الخبراء قدروا مصاريف الإصلاحات بثلاثة أرباع قيمة السفينة، فإن للمؤمن له أن يستعمل حق الترك (المادة 398 من قانون التجارة البحرية).

    ثانياً – حالات ترك البضائع المؤمن عليها:

    عددت المادة 406 من قانون التجارة البحرية، الحالات التي يجوز فيها للمؤمن له ترك البضاعة للمؤمن بشرط أن يكون الحادث الذي استوجب الترك مما يشمله التأمين،

    وهذه الحالات هي:

    1 – انقطاع أخبار السفينة مدة ثلاثة أشهر بعد وصول آخر أنباء عنها:

    فكما أن انقطاع السفينة يعتبر من الأسباب التي تجيز للمؤمن له تركها للمؤمن في احتمال هلاكها، كذلك أيضا يعتبر انقطاع الأخبار من الأسباب التي تجيز للمؤمن له ترك البضاعة المشحونة على السفينة للمؤمن لأن هلاك السفينة يعني بالضرورة هلاك البضائع المشحونة على ظهرها أيضا، ولهذا يجوز للمؤمن له أن يتمسك بالتخلي عن البضائع في مواجهة المؤمن، والمطالبة بالتعويض کاملا إذا اعترف أنه لم يرد إليه أو إلى أي شخص آخر أي خبر عن السفينة التي شحنت فيها البضائع المؤمنة. طيلة ثلاثة أشهر من تاريخ وصول آخر خبر عنها أو من تاريخ إقلاعها إذا لم يرد أي خبر عنها منذ ذلك الحين.

    2 – عدم صلاحية السفينة للملاحة:

    في حال أصيبت السفينة التي تنقل البضائع بحادث بحري من الحوادث المؤمن منها، بحيث أصبحت عاجزة عن الاستمرار في الرحلة إلى مكان الوصول، فإنها تكون غير صالحة للملاحة، إما بشكل مطلق إذا كانت إصابتها يستحيل إصلاحها، وإما بشكل نسبي إذا تعذر وجود قطع الغيار أو الخبراء الفنيين اللازمين لإصلاحها بحيث أنه إذا استحال لسبب أو لآخر نقل البضائع المشحونة على ظهرها إلى مكان الوصول المتفق عليه في سند الشحن بواسطة سفينة أخرى، واستمرت هذه الاستحالة قائمة لمدة ثلاثة أشهر بدءا من تاريخ إخطار المؤمن له المؤمن بعدم صلاحية السفينة.

    ويستنتج من ذلك بأن عدم صلاحية السفينة للملاحة لا يجيز وحده ترك البضائع المؤمن عليها، بل يجب على المؤمن له إبلاغ وإخطار المؤمن حالة عدم صلاحية السفينة للملاحة، ويجب على الربان أن يبذل كل جهده في الحصول على سفينة أخرى لنقل البضائع إلى الميناء المقصود.

    ويلاحظ بأنه لا يجوز التخلي عن البضائع لمجرد غرق السفينة أو إصابتها بكسر طالما أنه لم يلحق البضاعة ضرر ما بسبب الفرق أو الجنوح .

    بمعنى أن الترك أو التخلي يرتبط بإصابة البضاعة بضرر أو تلف حتى يمكن للمؤمن له طلب الترك، ذلك أن ما يحدث عملا أن الربان يعمد أحيانا إلى إنقاذ البضاعة إذا أوشكت سفينة على الغرق فينقلها إلى سفينة أخرى التي تتولى نقل البضاعة إلى ميناء الوصول بسلام .

    3 – هلاك ما يعادل ثلاثة أرباح قيمة البضائع على الأقل:

    في حال هلك ما يعادل ثلاثة أرباع قيمة البضاعة المؤمن عليها فإن للمؤمن له أن يتركها للمؤمن ويطالب بكامل التعويض عنها.

    وفي مجال تقدير قيمة البضائع المؤمن عليها لا تثور صعوبة في تقدير قيمة البضائع إذا تعرضت للهلاك لأن ذلك يعني انعدام نسبة معينة من البضاعة المؤمن عليها تعادل ثلاثة أرباع قيمتها، أما الصعوبة الحقيقية فتثور في حالة التلف حيث تظل البضاعة كاملة ومع ذلك تنقص قيمتها بسبب الفساد أو التلف الذي لحقها 

    4 – بيع البضائع أثناء الرحلة بسبب إصابتها بتلف مادي، متى نشأ الضرر عن خطر يشمله التأمين:

    ذلك أن البيع بمثابة هلاك كلي للبضاعة  كما أن البيع الذي يجيز للمؤمن له ترك البضاعة هو البيع الذي يكون سببه ضررة ماديا لحق بالبضاعة والذي كان ناجمة عن خطر من الأخطار المشمولة بالتأمين، وعليه فإذا كان البيع لغير ضرر مادي فإن ذلك يخرج من نطاق حالات الترك.

    ج – إجراءات الترك:

    لا يتم الترك تلقائية بل على المؤمن له إذا أراد استعمال حقه في الترك اتباع الإجراءات الآتية:

    1 – يبلغ المؤمن له عن رغبته في الترك إلى المؤمن وذلك إما عن طريق إعلان أو بكتاب مسجل على يد محضر مصحوب بعلم الوصول إلى المؤمن، يعلمه فيه عن رغبته في الترك .

     2 – إن إبداء المؤمن له عن رغبته بترك الشيء المؤمن عليه لا يعفيه من واجب اتخاذ جميع الإجراءات الاحتياطية والتدابير اللازمة لحفظ حقوق المؤمن، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه منه، دون أن يؤثر ذلك على حقوق المؤمن له الناشئة عن عقد التأمين (المادة 369 من قانون التجارة البحرية). بمعنى أن المؤمن له لا يفقد حقه في الترك وإن بقي ملتزمة بتعويض المؤمن عما لحقه من ضرر، فإذا لحق المؤمن ضرر من جراء إهمال المؤمن له بالقيام بالإجراءات التحفظية التي تحفظ حق المؤمن وبالقيام بعمليات إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الشيء المؤمن عليه، فإنه يسأل في مواجهة المؤمن عن الضرر الذي يلحقه من جراء الخطأ أو الإهمال في تنفيذهذا الالتزام الفقرة الثانية من (المادة 369 من قانون التجارة البحرية).

    3 – يجب على المؤمن له عند تبليغ رغبته في الترك أن يصرح بجميع عقود التأمين التي أجراها على الشيء محل التأمين أو التي يعلم بوجودها المادة 385 من قانون التجارة البحرية).

    وذلك حتى يتسن للمؤمن أن يقف على حقيقة ما يترتب عليه من التزامات أو ما يكون له من حقوق، وما إذا كان المؤمن له سيحصل على مبالغ أكثر وأكبر من قيمة مبلغ التأمين لكي لا يثري على حساب المؤمن، كما أن معرفة المؤمن بجميع عقود التأمين المعقودة على الشيء المؤمن عليه تمكنه من التمسك بالفشل أو التدليس في مواجهة المؤمن له إذا كان لذلك مقتضی وما يترتب على ذلك بالتالي إبطال عقد التأمين المادتان 368 و 370 من قانون التجارة البحرية).

    4 – موعد إعلان المؤمن له عن رغبته في الترك مقيد بمرور ثلاثة أشهر من تاريخ علم المؤمن له الحادث الذي يجيز الترك (الفقرة الأولى من المادة 384 من قانون التجارة البحرية).

    وعلى هذا الأساس فإعلان المؤمن له عن رغبته في الترك يجب أن يكون في غضون ثلاثة أشهر من وقت انقطاع أخر أخبار عن الشيء المؤمن عليه، سواء أكان الترك يتعلق بالسفينة المؤمن عليها، أو البضائع المشحونة على السفينة.

    وفي حال لم يقم المؤمن له بإبلاغ المؤمن بالتأمينات المعقودة على الشيء المؤمن عليه فلا يؤثر ذلك على صحة الترك وإنما يجوز للمؤمن أن يمتنع عن دفع مبلغ التأمين حتى يخبر بالتأمينات. على أنه لا يترتب على إغفال الإبلاغ إطالة الميعاد المقرر لرفع دعوى الترك  .

    د – أحكام التسوية بطريق الترك:

    لا يقبل الشيء المؤمن عليه التجزئة فلا يجوز للمؤمن له أن يترك جزءا من الأشياء المؤمن عليها في مقابل الحصول على جزء من تعويض التأمين، على أن يحتفظ بحقه في رفع دعوى الخسارة أو التعويض فيما يتعلق بالجزء الباقي، فالترك أو التخلي يجب أن يكون شاملا للشيء المؤمن عليه، ومع ذلك إذا قسمت البضاعة إلى مجموعات جاز للمؤمن له أن يقصر التخلي أو الترك على مجموعة دون أخرى.

    وكذلك هو الحال إذا كان التأمين لا ينصب إلا على جزء من البضاعة المشحونة، فإن الترك لا يقع إلا على الجزء الذي يرد عليه التأمين.

    وإذا تعدد المؤمنون لذات الشيء وجب أن يحصل الترك لكل منهم بجزء من الأشياء المؤمن عليها بنسبة مبلغ التأمين الذي يخص كل واحد منهم، فإذا كان مبلغ التأمين أقل من قيمة الشيء المؤمن عليه، فإن المؤمن لا يتحمل نصيبا من المخاطر بقدر الباقي من قيمة الشيء، ولذلك يكون للمؤمن له في حالة الترك الاحتفاظ لنفسه بجزء من الشيء المؤمن عليه بنسبة ما ينقص به مبلغ التأمين عن قيمته.

    ويصبح الشيء المؤمن عليه في مثل هذه الحالة مملوكة على الشيوع بين المؤمنين المتعددين أو بين المؤمن له بحسب الأحوال. ويجب ألا يكون الترك معلقا على شرط (م 383 ف1) تجارة بحرية، فلا يجوز للمؤمن له أن يعلن الترك باشتراط استرداد السفينة في حالة ظهورها، كما أن المؤمن لا يجوز أن يعلق قبول للترك على شرط أو الرجوع في قبوله للترك أو المطالبة بأن تتم التسوية بطريق التعويض أو أن يمتنع عن دفع مبلغ التأمين بحجة ظهور السفينة أو البضائع بعد الترك لانقطاع الأخبار ).

    هـ – آثار الترك:

    يترتب على الترك أو التخلي بعد قبول المؤمن أو صدور حكم قضائي ونهائي به عدة آثار تناولها المشرع على النحو الآتي:

    1 – انتقال ملكية الشيء المؤمن عليه إلى المؤمن:

    يترتب على الترك أو التخلي انتقال ملكية الأشياء المؤمن عليها إلى المؤمن (الفقرة الثانية من المادة 383)، ولذلك يعتبر التخلي أو الترك من الأسباب الخاصة لاكتساب الملكية في القانون البحري .

    وإعلان المؤمن له عن رغبته في الترك وقبول المؤمن لذلك أو صدور حكم نهائي به وانتقال ملكية الشيء للمؤمن يكون نهائية، فلا يجوز الرجوع في أي من التصرفات السابقة حتى ولو عادت السفينة التي تم التخلي عنها إلى الميناء لانقطاع أخبارها.

    وانتقال الملكية في حالة السفينة يوجب على المؤمن أن يسجلها في سجل السفن باسمه، وكذلك الحال عند ترك البضاعة حيث يحرص المؤمن على استلامها حتى يمنع المؤمن له من التصرف بها إلى حائز حسن النية .

    خوفاً من أن تنتقل ملكيتها إلى هذا الأخير وفق قاعدة “الحيازة في المنقول سند الحائز”.

    وكما تنتقل ملكية الشيء المؤمن عليه فتنتقل إليه أيضا الحقوق المتصلة به، كما لو كانت هناك دعاوی تعويض متعلقة به، فإنها قد تنتقل إلى المؤمن أيضا تبعا لانتقال الشيء محل التأمين إليه عن طريق الترك .

    2 – انتقال الملكية من وقت إعلان المؤمن له عن رغبته في الترك:

    يترتب على الترك انتقال ملكية الشيء المؤمن عليه، أو ما تبقى منه إلى المؤمن،

    وقضت الفقرة الثالثة من المادة 383 من قانون التجارة البحرية بأن يحدث انتقال الملكية أثره بين الطرفين من يوم إعلان المؤمن له رغبته في الترك إلى المؤمن.

    ذلك أن للمؤمن له أن يختار بين التسوية بطريق التعويض والتسوية بطريق الترك، فإذا اختار طريق الترك فلا ينتج هذا الاختيار أثره إلا من تاريخ الإفصاح عنه للمؤمن، ويكون لهذا الإعلان أثره الرجعي حتى ولو اختلف المؤمن والمؤمن له على قبول الترك أو رفضه ثم صدر حكم بذلك، لأن الموافقة في الحالة الأولى وصدور الحكم في الحالة الثانية يقتصر أثر كل منهما على مجرد إثبات حق المؤمن له في التخلي أي أنه يعتبر كل منهما كاشفا لحقه السابق لا منشأ له.

    3 – رفض المؤمن لملكية الأشياء المؤمن عليها:

    انتقال ملكية الأشياء المؤمن عليها إلى المؤمن قد ينطوي في بعض الأحيان على خطر كبير أو ضررة بالغة على المؤمن. كما لو وقع الترك على حطام سفينة تسيره الرياح والتيارات المائية بعد أن هجره الربان والبحارة، فمن المحتمل اصطدامه بسفينة أو بأي منشأة عائمة ويلحق بها ضررة يسأل عنه المؤمن بصفته حارسا للأشياء. 

    لذلك أجاز المشرع في الفقرة الرابعة من المادة 383 من قانون التجارة البحرية للمؤمن دون إخلال بالتزامه بدفع مبلغ التأمين أن يرفض انتقال ملكية الأشياء المؤمن عليها إليه. وعليه فقد جرى بعض المؤمنين على تضمين وثيقة التأمين شرطة صريحة يجيز لهم رفض انتقال ملكية الأشياء المؤمن عليها إليهم.

    4 – أداء مبلغ التعويض:

    يتوجب في حال التخلي التزام المؤمن أن يدفع للمؤمن له مبلغ التأمين كاملا، وذلك لأن الشيء المؤمن عليه قد هلك هلاكا كلياً.

    ويلتزم المؤمن بدفع التعويض في الوقت المحدد في عقد التأمين فإذا لم يكن هناك وقت متفق عليه فإن المؤمن يلتزم بدفع التعويض خلال مدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ تبليغه بالترك (الفقرة الثانية من المادة 384 من قانون التجارة البحرية)، وإذا امتنع المؤمن عن تنفيذ التزامه بدفع التعويض المتفق عليه في وثيقة التأمين أو تأخر فيه بدون عذر أو سبب مقبول جاز للمؤمن له أن يطالبه بالتنفيذ الجبري وبالتعويض عما لحقه من ضرر وخسارة بسبب هذا التأخير

  •  التزامات المؤمن والمؤمن له في عقد التأمين البحري

    التزامات المؤمن له

    يلتزم المؤمن له – بمقتضى عقد التأمين البحري – بعدة التزامات، هي:

    1-تقديم بيانات صحيحة عن الخطر المضمون وعدم كتم أية معلومات.

    2- سداد قسط التأمين المتفق عليه.

    3- تفادي وقوع الخطر أو التخفيف منه لدى وقوعه.

    4- التزام المؤمن له بإخطار المؤمن بحدوث الضرر أو الخسارة التي لحقت الشيء المؤمن عليه.

    5- التزام المؤمن له بالمحافظة على حقوق المؤمن تجاه الغير المسؤول عن الضرر. 6- الالتزام بالكشف على البضاعة لدى وصولها.

    أولا: تقديم بيانات صحيحة عن الخطر المضمون وعدم كتم المعلومات:

    على المؤمن له أن يخبر شركة التأمين، وقبل انعقاد العقد، بالوقائع والظروف المحيطة بالشيء المؤمن عليه، بحيث تتشكل لديها فكرة واضحة حول الأخطار التي قد يتعرض لها.

    وهذا الالتزام ليس التزاماً تعاقدية، لأن العقد لم ينعقد بعد، وإنما هو خطوة تمهيدية وضرورية لانعقاد العقد، فقبول المؤمن له أو رفضه التأمين وتحديده البدل أو القسط في حالة القبول هي كلها مسائل تعتمد على تقدير طبيعة المخاطر ومدى احتمال تحققها ولا يستطيع المؤمن الوصول إلى ذلك دون مساعدة وتوضيح من جانب المؤمن له.

    وهذا الالتزام ما هو إلا تطبيق لمبدأ حسن النية الذي يجب أن يتم مراعاته من كلا الطرفين فإذا لم تتم مراعاته تعرض العقد للإلغاء من الجانب الآخر.

    فمبدأ حسن النية يمنع أية من الطرفين إخفاء ما يعلم بقصد حمل الطرف الآخر الذي يجهل تلك المعلومات إلى التعاقد، ونظرا لطبيعة عقد التأمين السرية فإن المؤمن له يلتزم بالإفصاح إلى المؤمن قبل إبرام عقد التأمين عن أي ظرف جوهري يجب أن يحاط به علماً خلال عمله المعتاد كمؤمن، ولا يكفي أن يتم إحاطة المؤمن بالخبر بل يجب أن يكون الخبر صحيحة وعبء إثبات الاختلال بهذا الالتزام يقع على عاتق المؤمن.

    وقد جاء هذا الالتزام مفصلاً في المادة 364 من قانون التجارة البحرية السوري حيث نصت على ما يلي:

    يلتزم المؤمن له بما يأتي:

    3 – أن يعطي بيان صحيحة عند التعاقد بالظروف التي يعلم بها والتي من شأنها تمكين المؤمن من تقدير الأخطار التي يجري التأمين عليها.

    4 – أن يطلعه أثناء سريان العقد على ما يطرأ من تغيير جوهري يكون من شأنه زيادة الأخطار وذلك في حدود علمه به”.

    ومن النص السابق يتضح لنا بأن المؤمن له ملزم بالإفصاح عن أي بيان جوهري، ويعتبر البيان جوهرياً إذا كان هو الدافع للتعاقد وهو الذي يساعد المؤمن على تحديد أو تقدير ما إذا كان سيقبل تأمین المخاطر المطلوبة أم أنه سيرفضها كما يساعده على تحديد القسط الواجب سداده لتغطية مثل هذه المخاطر فيتصرف على النحو الذي يناسبه إما بطلب فسخ العقد أو طلب زيادة أقساط التأمين أو المضي في قبول العقد كما هو واقع الحال.

    وإن المعيار في تقدير الصفة الجوهرية يعتمد على البيان الذي يفصح عنه المؤمن له وتقدير خبير التأمين والمؤمن للبيانات الخاصة بالمؤمن عليه والمقدمة من المؤمن له ورد فعله تجاه هذه المعلومات بقبول المخاطرة أو برفضها، وهذا الأمر يترك تقديره عند الاختلاف لقاضي الموضوع، الذي يأخذ في اعتباره قسط التأمين المدفوع وجسامة المخاطرة ومدى أثر علم المؤمن بالبيانات التي تم إخفاؤها عنه من جانب المؤمن له من حيث القبول بالمخاطرة أو رفضها،

    ومع ذلك فإن هناك بعض المعلومات التي لا ضرورة للإفصاح عنها وهي :

    أ- أي ظرف يخفف المخاطرة.

    ب- أي ظرف معلوم أو يفترض العلم به من جانب المؤمن الذي يفترض فيه أن يعلم المسائل المعروفة بشكل عام.

    ج- أي ظرف يتنازل المؤمن عن العلم بأي شيء يتعلق به.

    ومن الأمثلة على البيانات الجوهرية المتعلقة بالبضاعة أنها إذا كانت سلعة عادية وقانونية ويمكن وضعها بأنها بضائع عادية فلا حاجة لذكر مزيد من التفاصيل عنها.

    أما إذا كانت من طبيعة خطرة، فذكر بيانات تفصيلية عنها هو من الأمور الجوهرية، فإذا كان المؤمن عليه سفينة فإن البيانات الجوهرية هي المتعلقة بها وبالمخاطر التي تتعرض لها وعلى ذلك فإن ذكر عمر السفينة هو من البيانات الجوهرية، وكذلك نوع الملاحة التي تقوم بها.

    لكن عدم ذكر اسم السفينة في حالة نقل البضائع على سفينة سيعلن عنها فيما بعد لا يعد أمراً جوهرياً.

    وفي الواقع العملي فإن البضائع توصف بالتفصيل، ويحرص المؤمن له على وصفها بدقة، ذلك لأن أي وصف خاطئ يعطي الحق للمؤمن بفسخ عقد التأمين حتى ولو كان الوصف الخاطئ قد جاء بسبب فشل المؤمن له في معرفة الصفة الجوهرية في هذا البيان أو أنه ارتكب الخطأ بحسن نية.

    وخوفاً من هذه النتيجة، يتفق طرف العقد على إدخال ما يسمى بشرط التغطية Held Covered Clause الذي يغطي في جميع الأحوال وصف البضاعة الخاطئ الذي يأتي عفوا مع التزام المؤمن له بدفع قسط إضافي عند الضرورة، وبذا يتحمل المؤمن المخاطرة مقابل هذا القسط الإضافي.

    هذا وقد تناولت المادة 366 من قانون التجارة البرية السوري الآثار الناجمة عن تقديم بيانات غير صحيحة أو كتمانها عن المؤمن عند بدء التعاقد وذلك على النحو التالي:

    «1 – يجوز للمؤمن أن يطلب إبطال عقد التأمين إذا قدم المؤمن له ولو بغير سوء نية بيانات غير صحيحة أو كتم بسوء قصد ما يلزم من البيانات وكان من شأن ذلك التقليل بصورة محسوسة من تقدير المؤمن لأهمية الخطر.

    وهكذا نجد أن المشرع قدر أن البطلان المقرر بموجب هذه المادة يستلزم شرطين:

    1- الكتمان أو الكنب في البيانات المقدمة للبضاعة والكتمان هنا هو امتناع المؤمن له – عمداً – عن الإدلاء للمؤمن بالبيانات المتعلقة بالخطر المؤمن عليه وهي هامة ليعلم المؤمن بها.

    أما الكذب فهو: إدلاء المؤمن له بالبيانات ولكن بصورة تخالف الحقيقة، كأن يصرح المؤمن له للمؤمن بقيمة البضاعة أقل من القيمة الحقيقية لها بغية دفع قسط أقل من القسط الواجب دفعه.

    أن يؤدي هذا الكنب أو الكتمان إلى التقليل من فكرة الخطر أي أن يكون كتمان وكذب المؤمن له من شأنه أن يؤدي إلى تغيير فكرة المؤمن عن حقيقة الخطر المؤمن منه بحيث لو علم حقيقته لعدل عن فكرة التعاقد مع طالب التأمين.

    وبالتالي إذا توافر هذا الكنب أو الكتمان في جانب طالب التأمين غدا عقد التأمين البحري قابلاً للطعن.

    ويضاف إلى جزاء البطلان هو أن الشركة التأمين أن تحتفظ بكامل القسط الذي دفعه المؤمن له لو كان هذا الأخير سيء النية، أما إذا كان حسن النية فإن الشركة التأمين أن تحتفظ بنصف قسط التأمين.

    وإن الالتزام بالإبلاغ عن المعلومات الصحيحة لا يقتصر فقط على إنشاء العقد بل يمتد إلى طيلة فترة العقد وبهذا نصت المادة 298 من قانون التجارة البحريي فجاء فيها:

    “وعلى المضمون أن يبلغ إلى الضامن تحت طائلة العقوبة نفسها الحوادث اللاحقة للعقد التي تعدل فكرة الخطر عن الضامن”.

    وأخيرا فإن البطلان المقرر بسبب كتم المعلومات أو التصريح الكانب أو الاختلاف بين وثيقتي الشحن والتأمين هو بطلان نسبي مقرر لمصلحة المؤمن وحده فليس للمؤمن له أن يتمسك به كما لا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.

    ثانياً- سداد قسط التأمين المتفق عليه:

    يلتزم المؤمن له بسداد قسط التأمين أو الرسوم والمصاريف في المكان والزمان المتفق عليهما (الفقرو الأولى من المادة 278 من قانون التجارة البحرية).

    والقسط “هو المبلغ الذي يدفعه المؤمن له للمؤمن في مقابل الأخطار التي يتحملها هذا الأخير”.

    ويتحدد القسط باتفاق الطرفين، وإن كان العرف أن يستقل المؤمن بتحديده، ويكون تحديد القسط إما على شكل نسبة مئوية من القيمة المؤمن عليها مع مراعاة نوع الأشياء المؤمن عليها والرحلة والسفينة باحتمالات وقوع الخطر ويؤخذ بالاعتبار بالنسبة للسفينة نوعها وعمرها وحمولتها وجنسيتها.

    وقد يحدد القسط على شكل مبلغ مقطوع ويمكن الاتفاق على ذلك بأي طريقة أخرى كون هذه المسألة (مسألة تحديد قسط التأمين) ليست من النظام العام، وبالتالي إذا لم يحدد قيمة مبلغ التأمين في وثيقة التأمين فعندها يصار إلى تطبيق العرف شريطة أن ينص في عقد التأمين على وجوب استحقاق عوض ما مقابل تحمل تبعة الأخطار.

    وقسط التأمين لا يتغير أثناء سريان العقد، كما أنه لا يتجزأ إذا لم تعد الأشياء المؤمن عليها معرضة للأخطار المتفق على تغطيتها بحيث لا تخفض قيمته.

    على أنه يجوز للمتعاقدين الاتفاق على عدم تجزئة القسط واستحقاقه كاملا ًولو انقضى العقد قبل نهاية المدة بسبب حادث أجنبي على المؤمن له.

    ومثل هذا الاتفاق صحيح، على أساس أن المؤمن له يعتبر في نفس الوقت ضامنة للمؤمن تنفيذ التزامه كاملاً.

    ويكون الوفاء بالقسط في محل إقامة المؤمن له تطبيق للقواعد العامة ما لم يتفق الطرفان على مكان آخر للوفاء والقسط يكون مستحق فورا بمجرد إبرام العقد ما لم يوجد شرط يقضي بخلاف ذلك، وفي حالة عدم دفع المؤمن له لقسط مستحق، يحق للمؤمن فسخ العقد بعد إنذار المؤمن له بالدفع أو بتقديم كفالة في مهلة 24 ساعة على أن يتخلى المؤمن عن القسط بنسبة مدة الأخطار الباقية ويظل الباقي حقأ له (المادتان 302 و 365 من قانون التجارة البحرية).

    ثالثاً- تفادي وقوع الخطر أو التخفيف منه ما أمكن لدى وقوعه:

    يتوجب أن يقوم المؤمن له باتخاذ جميع الإجراءات والتدابير الوقائية التي من شأنها أن تجنب الشيء المؤمن عليه من أن يلحق به ضرر، وإذا تحقق الخطر بالشيء المؤمن عليه فإن عليه أن يخفف بقدر الإمكان من تأثير الخطر وأن يتخذ كل التدابير الوقائية وأن يشرف على أعمال إنقاذ الأشياء المؤمن عليها ويقوم هذا الالتزام على أن المؤمن له يكون موجودة عادة في محل الحادث بشخصه أو بواسطة تابعيه.

    وإذا لم يقم المؤمن له بتنفيذ هذا الالتزام فإنه يكون مسؤولا عن تعويض الضرر الذي يلحق المؤمن تبعة لذلك.

    رابعاً:  التزام المؤمن له بإخطار المؤمن بحدوث الضرر أو الخسارة التي لحقت الشيء المؤمن عليه:

    أوجب القانون تبليغ المؤمن نبأ الحادثة البحرية بمهلة خمسة أيام على الأكثرمن تسلم نبأها، وهذا ما نصت عليه المادة 364 من قانون التجارة البحرية السوري فجاء فيها:

    “5 – أن يخطره بكل حادثة من شأنها أن تجعله مسؤولا في موعد لا يجاوز خمسة أيام على الأكثر من تاريخ علمه بوقوعها ما لم يتفق

    على إطالة هذا الميعاد أو تقصيره. فإذا تخلف المؤمن له عن الإخطار في المدة المحددة جاز خفض قيمة التعويض بمقدار ما أصاب المؤمن من ضرر نتيجة التأخير في الإخطار ويسقط الحق في التعويض إذا أثبت المؤمن أن عدم الإخطار كان عن عمد بقصد منعه من الوقوف على أسباب تحقق الخطر في الوقت المناسب”.ز

    وعلة هذا الالتزام هي تمكين المؤمن من تبين ومعرفة الظروف التي تحقق فيها الخطر قبل أن تتغير والتأكد من طبيعة الأضرار التي تنتج عنه وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الشيء المؤمن عليه.

    ولا يشترط في الإخطار شكل معين وإن كان يفضل أن يكون الإخطار بكتاب مضمون أو رسمي تيسيرة اللإثبات.

    وإذا تأخر المؤمن له في الإخطار، فللمؤمن حق مطالبته عن الضرر الذي يلحقه من جراء التأخر وذلك بمقدار ما أصابه من ضرر نتيجة التأخر في الإخطار.

    خامساً- التزام المؤمن له بالمحافظة على حقوق المؤمن تجاه الغير المسؤول عن الضرر:

    وذلك باتخاذ المؤمن له الإجراءات الضرورية للحفاظ على كل حق ادعاء على المسؤولين من الغير (الفقرة الثانية من المادة 305 من قانون التجاري البحرية).

    فإذا لحق بالمؤمن له ضرر من جراء الغير الذي سبب الخطر فإن هذا الغير يكون مسؤولاً عن تعويض الضرر، ويكون للمؤمن له حق الرجوع إما على المؤمن بمبلغ التأمين على أساس عقد التأمين أو على الغير بالتعويض على أساس المسؤولية التقصيرية، فإذا اختار المؤمن له الرجوع على المؤمن فإن لهذا الأخير أن يدفع التعويض المستحق ويرجع بدوره على الغير مسبب الضرر على أساس حق الحلول.

    ويكون المؤمن له في العادة قريبة من مكان وقوع الحادث، ولذا فإنه يجب أن يتحرك باتخاذ إجراءات تحفظية تحفظ حق المؤمن في مواجهة الغير (الفقرة الأولى من المادة 383 من قانون التجارة البحرية) العمل احتجاج على الناقل بسبب تلف البضاعة عند استلامها ورفع الدعوى في مواعيدها القانونية.

    وهذا التصرف من جانب المؤمن له لا يؤثر على حقه المكتسب من عقد التأمين فهو له الخيار إما أن يرجع على المؤمن أو على الغير المسؤول وهو يفضل عادة الرجوع على المؤمن الذي يحل محله في ملاحقة الغير المسؤول عن وقوع الحادث المؤمن عليه.

    وإذا أهمل المؤمن له بالقيام بالتزامه الذي يفرضه عليه القانون وفقا لما جاء في المادة 383 ولم يقم ببذل ما يستطيع للتخفيف من آثار الحادث المؤمن عليه، مما سبب ضررة للمؤمن، فإنه يسأل أمام المؤمن عما يلحقه من ضرر من جراء عدم تنفيذه التزامه بسبب إهمال أو خطأ منه.

    ومع ذلك فقد لا يسأل المؤمن له عن تعويض المؤمن إذا كان الرجوع على الغير المسؤول متعذراً كما لو كان المسؤول هو الناقل الذي احتمى بشرط الإعفاء من المسؤولية، ولكن المؤمن له عليه أن يثبت في مثل هذه الحالة أن عدم تنفيذ التزامه لم يرتب أي ضرر للمؤمن.

    فإذا اشترط الطرفان في وثيقة التأمين سقوط حق المؤمن له في تعويض التأمين إذا أغفل المحافظة في حق الرجوع على الغير المسؤول عن وقوع الحادث المؤمن عليه، فإن هذا الاشتراط هو الذي سيطبق.

    سادساً – الالتزام بالكشف على البضاعة لدى وصولها:

    أوجب القانون على المستلمين أن يتصلوا بعملاء المؤمنين أو مندوبين عنهم في وثيقة التأمين إذا وجدوا أو السلطات المحلية المختصة من أجل إجراء الكشف عن الهلاك والخسائر البحرية تحت طائلة عدم قبول الدعوى.

    هذا وقد نصت المادة 409 من قانون التجارة البحرية أن المدة التي يتوجب على المؤمن له في جميع حالات التأمين على البضائع بإخطار المؤمن بها هي خمسة أيام من تاريخ تسليم البضاعة المؤمن عليها بوجود التلف والا افترض أنه تسلمها سليمة، ما لم يثبت المؤمن له خلاف ذلك.

     

    التزامات المؤمن

    ينحصر التزام المؤمن بتعويض المؤمن له عما يلحقه من خسارة أو ضرر من جراء تحقق خطر من الأخطار المؤمن عليها على ألا يتجاوز هذا التعويض مبلغ التأمين المحدد في وثيقة التأمين.

    وذلك لإن عقد التأمين من عقود التعويض التي تهدف إلى جبر الضرر فلا يجوز أن يكون سببة لإثراء المؤمن له على حساب المؤمن.

    ويتم التعويض عادة بناء على طلب يتقدم به صاحب المصلحة مرفقة بالوثائق التالية:

    وثيقة التأمين الأصلية، ووثيقة الشحن، والفاتورة التجارية، وقائمة المحتويات أو الوزن، والشهادة الجمركية، وصورة عن التحفظ الذي أجري، وتقرير الخبرة في حال وجودها.

    والمؤمن يحل في الحقوق التي كان من حق المؤمن له أن يمارسها قبل تعويضه في مواجهة المسؤول عن الضرر.

    وحق الحلول هذا يطبق سواء أكان الهلاك جزئية أم كلية أدى إلى الترك.

    وحق الحلول في التأمين البحري يختلف عن حق الحلول القانون المدني فهو حلول من نوع خاص. ففي القانون المدني، يقوم المقر الموفي بطريق الحلول بدفع دین مترتب في ذمة الغير، أما في عقد التأمين، فإن المؤمن يسدد دينة شخصية مترتبة في ذمته هو، وليس في ذمة شخص آخر، وهذا الدين نشأ بموجب عقد التأمين.

    ولذلك فإن رجوعه بطلب التعويض من مسبب الضرر يختلف، في أساسه، عن حق الموفي بطريق الحلول المدني المستند لقواعد الفضالة والإثراء بلا سبب المنصوص عنها في القانون المدني، فحلول شركة التأمين حق مباشر بطلب التعويض عن الضرر، كما لو كان قد لحق بها.

  • الأخطار المشمولة بالتأمين والأخطار المستبعدة من التأمين البحري

    المؤمن لا يضمن كل المخاطر البحرية التي تتعرض لها البضائع أو السفن خلال الرحلة البحرية، لأنه قد تكون هناك مخاطر مضمونة وأخرى مستثناة لا تدخل في عقد التأمين.

    المخاطر المضمونة بعقد التأمين البحري

    إن المخاطر المضمونة تنقسم إلى قسمين :

    القسم الأول : المخاطر المضمونة بدون حاجة إلى النص عليها في عقد التأمين.

    القسم الثاني : المخاطر المضمونة بمقتضى نصخاص في العقد.

    أولاً- المخاطر المضمونة بدون حاجة إلى النص عليها في عقد التأمين:

    المخاطر المشمولة بالضمان دون النص عليها في عقد التأمين عددتها المادة 329 من قانون التجارة البحرية القديم حيث نصت على أن

    “الضامن يتحمل مخاطر كل هلاك وضرر يلحق بالأشياء المضمونة من عاصفة وغرق وتنشيب على البر وتصادم وإرساء جبري وتغيير جبري للطريق والسفر وللسفينة والطرح في البحر والحريق والانفجار والنهب والضرر الذي يسببه البحارة قصدأ والسرقة وعموما كل الطوارئ والحوادث البحرية…

    وهذا ما تلافته المادة (373) من قانون التجارة البحرية لعام 2006 حيث نصت على أنه يسأل المؤمن عن الأضرار المادية التي تلحق الأشياء المؤمن عليها بسبب وقوع خطر بحري أو حادث يعتبر قوة قاهرة، كما يسأل كذلك :

    1- عن مساهمة الأموال المؤمن عليها في الخسارات البحرية المشتركة ما لم تكن ناشئة عن خطر مستثنى من التأمين. عن المصاريف التي تنفق بسبب خطر مؤمن منه لحماية الأموال المؤمن عليها من ضرر مادي أو للحد منه” 

    2- وحسنا فعل قانون التجارة البحرية الجديد في أنه حمل المؤمن المسؤولية عن جميع الأضرار المادية التي تلحق بالأشياء المؤمن عليها والتي تكون نتيجة لوقوع أي خطر بحري أو أي حادث يعتبر قوة قاهرة بدون حصر أو تحديد.

    كما قضت المادة (374) من القانون التجارة البحرية أنه :

    “1 – يسأل المؤمن عن الضرر المادي الذي يلحق الأشياء المؤمن عليها بفعل أو بخطأ المؤمن له أو تابعية البريين ما لم يثبت المؤمن أن الضرر ناشئ عن خطأ عمدي أو خطأ جسيم من جانب المؤمن له أو عن إهماله في بذل العناية المعقولة اللازمة لحماية الأشياء المؤمن عليها.

    2- كما يسأل المؤمن عن الضرر المادي الذي يلحق الأشياء المؤمن عليها بفعل أو خطأ الربان أو البحارة دون إخلال بما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 391″.

    وتنص الفقرة الثانية من المادة 391 على أنه 

    “2 – ولا يسأل (المؤمن) عن الأضرار الناشئة عما يصدر عن الربان من أخطاء متعمدة”.

    ويبقى المؤمن مسؤولاً عن الأضرار الناشئة عن الأخطار المؤمن منها في حالة الاضطرار إلى تغيير الطريق أو الرحلة أو السفينة التي تقوم بنقل البضائع أو أي تغيير آخر يقرره الربان دون تدخل المجهز أو المؤمن له (الفقرة الأولى من المادة 375 من قانون التجارة البحرية).

    أما إذا لم يكن تغيير الرحلة أو الطريق اضطرارية ظل المؤمن مسؤولاً عن الحوادث التي وقعت في الجزء من الطريق المتفق عليه، أو الطريق المعتاد في حالة عدم وجود اتفاق (الفقرة الثانية من المادة 375 من قانون التجارة البحرية).

    وهكذا فإنه عند وقوع الأخطار البحرية يتعرض المؤمن له إلى أضرار يمكن أن تقسم إلى ثلاث فئات : 1- الأضرار التي تصيب السفينة أو البائع (خسائر الأضرار).

    2- النفقات التي يتعرض لها لتلافي الأخطار أو التخفيف من نتائجها (خسائر النفقات).

    3- العطل والضرر الذي يترتب عليه تجاه الغير. وهذه الأخطار البحرية التي تنتج عنها الأضرار يسأل عنها المؤمن دائما إلا ما استثناء القانون أو الاتفاق بين المؤمن والمؤمن له.

    ثانياً- المخاطر المشمولة بالتأمين بمقتضى نص خاص في العقد :

    نصت المادة 376 من قانون التجارة البحرية على أن “أخطار الحرب الأهلية، أو الخارجية، وأعمال القرصنة، والاضطرابات، والثورات، والاضطراب، والإغلاق، وأعمال التخريب، والإرهاب، والأضرار الناشئة عن تفجيرات أو إشعاعات ذرية أيا كان سببها، وكذلك الاستيلاء والمنع الصادر من سلطة عامة في أي دولة”.

    ليست على عاتق المؤمن ولا يشملها التأمين إلا إذا اتفق على خلاف ذلك.

    وكذلك هي الحال بالنسبة للأضرار التي تحدثها الأشياء المؤمن عليها للأموال الأخرى أو للأشخاص فيما عدا ما نصت عليه المادة 392 من قانون التجارة البحرية.

    وإذا اتفق على تأمين أخطار الحرب، شمل هذا التأمين الأضرار التي تلحق بالأشياء المؤمن عليها بسبب الأعمال العدائية، والانتقامية، والأسر، والاستيلاء، والإيقاف، والإكراه، إذا وقعت بفعل الحكومات أو السلطات سواء كانت معترف بها أم غير معترف بها، أو بسبب انفجار الألغام ومعدات الحرب الأخرى ولو لم تكن الحرب قد أعلنت أو كانت قد انتهت” (المادة 377 من قانون التجارة البحرية).

    وهكذا إذا عقد المؤمن له عقد التأمين على بضائعه أو سفنه ضد جميع الأخطار البحرية فإن هذا التأمين لا يشمل الأخطار الحربية.

    وإذا أراد المؤمن له تغطية هذه الأخطار توجب عليه إجراء عقد تأمين خاص ضد الأخطار الحربية سواء أتم ذلك في عقد التأمين الأول، أم بوثيقة مستقلة ولدى نفس المؤمن الأول أو لدى مؤمن آخر غيره.

    ولا يعد التأمين الثاني باطلا بسبب وروده على نفس الأشياء المؤمن عليها لأن كل تأمين يضمن أخطارة لا يضمنها التأمين الآخر.

    وهذا لا يؤدي بالنتيجة إلى إثراء المؤمن له على حساب المؤمنين لأن المؤمن له لن يحصل في حالة الهلاك أو وقوع الضرر إلا على مبلغ تأمين واحد.

    إما من المؤمن الذي يضمن الأخطار البحرية إذا كان الخطر بحرية، أو من المؤمن الذي يضمن الأخطار الحربية إذا كان الضرر ناجمة عن خطر حربي.

    وفي حال هلك الشيء المؤمن عليه، وكان مؤمنين عليه ضد الأخطار البحرية فقط، دون معرفة الخطر الذي سبب هذا الهلاك هل هو بحري أو حربي، فإن المشرع قد أقام قرينة لصالح المؤمن له، إذا افترض أن كل ضرر حاصل يعتبر ناشئاً عن المخاطر البحرية حتى يثبت المؤمن العكس أي أن يثبت أن الشيء المؤمن عليه قد هلك أو تعيب بسبب خطر حربي (المادة 378 من قانون التجارة البحرية).

    الأخطار المستبعدة من التأمين:

     الأخطار المستبعدة من التأمين هي :

    خطأ المؤمن له – غش الربان – العيب الخاص الشيء المؤمن عليه.

    أولاً: أفعال وأخطاء المؤمن له:

    نصت الفقرة الأولى من المادة 335 من قانون التجارة البحرية القديم على أن

    “الضامن غير مسؤول عن الهلاك والضرر الصادرين عن أخطاء مقصودة أو غير حرية بالمعذرة ارتكبها المضمون أو ممثلوه. وكل اتفاق مخالف يعتبر باطلا”.

    بينما نصت المادة (374) من قانون التجارة البحرية لعام 2006 على أنه:

    “1 – يسأل المؤمن عن الضرر المادي الذي يلحق الأشياء المؤمن عليها بفعل أو بخطأ المؤمن له أو تابعيه البريين ما لم يثبت المؤمن أن الضرر ناشئ عن خطأ عمدي أو خطأ جسيم من جانب المؤمن له أو عن إهماله في بذل العناية المعقولة اللازمة لحماية الأشياء المؤمن عليها”.

    ويتضح لنا من تلك النصوص أن المؤمن لا يضمن الضرر الناشئ عن الأخطاء العمدية أو الجسيمة التي يرتكبها المؤمن له أو ممثلوه.

    وذلك لأن عقد التأمين عقد احتمالي يقوم على احتمال وقوع الخطر أو عدم تحققه، فلا يسوغ للمؤمن له أن يتسبب عمدة أو بخطئه الجسيم في تحقق الخطر الذي يعطيه الحق في التعويض. أما أخطاء المؤمن له اليسيرة غير المتعمدة فيكون المؤمن مسؤولا عن الأضرار الناشئة عنها.

    ويعد خطأ جسيماً من المؤمن له عدم تغليف البضاعة فتتلف، وترك المجهز سفينة تبحر وهي غير صالحة للملاحة.

    ولا يجوز الاتفاق على ضمان المؤمن للأخطاء العمدية أو الجسيمة التي تقع من المؤمن له لمنافاة ذلك للنظام العام. فلقد جاء في المادة (218) من القانون المدني في باب آثار الالتزام على أنه: “2يجوز الاتفاق على إعفاء المدين من أية مسؤولية تترتب على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي إلا ما ينشأ عن غشه أو عن خطأ الجسيم ومع ذلك يجوز للمدين أن يشترط عدم مسؤوليته عن الغش أو الخطأ الجسيم الذي يقع من أشخاص يستخدمهم في تنفيذ التزامه”.

    ثانياً: أخطاء الربان:

    نصت الفقرة الثانية من المادة 335 من قانون التجارة البحرية على أنه :

    “لا يكون ضامن جرم السفينة مسؤولاً عن نتائج غش الربان وخداعه إذا كان قد عينه مجهز السفينة”.

    وإذا كانت المادة 329 من قانون التجارة البحرية تذكر الأخطاء التي تقع من البحارة ضمن الأخطار المضمونة، إلا أن المادة (336) تستثني من هذا الحكم وتقضي بإعفاء المؤمن :

    1 – من أعمال الغش والخداع التي يقترفها الربان ومن جميع الحوادث أيا كان مصدرها سواء أكانت ناتجة عن خرق الحصار وعن التهريب وعن التجارة الممنوعة أو السرية وذلك ما لم يكن الربان قد غير بدون رضاء مجهز السفينة أو ممثله واستبدل به آخر.

    2 – كل النتائج التي تترتب على السفينة من أي عمل يقوم به الربان أو البحارة على البر.

    وكذلك نصت الفقرة الثانية من المادة 374 من قانون التجارة البحرية لعام 2006 على أن :

    “2 – كما يسال المؤمن عن الضرر المادي الذي يلحق الأشياء المؤمن عليها بفعل أو خطأ الربان أو البحارة دون إخلال بما تقضي به الفقرة الثانية من المادة (391) التي تنص أنه :

    “ولا يسأل عن الأضرار الناشئة عما يصدر عن الربان من أخطاء متعمدة”.

    ومن هذه النصوص جميعاً يتبين أنه إذا كان المؤمن ضامن بوجه عام للأخطاء التي تصدر من الربان والبحارة، إلا أن مؤمن السفينة غير مسؤول عن الأضرار التي تصدر من الربان وتدليسه، أما مؤمن البضائع فيظل مسؤولاً عن الأضرار اللاحقة بها والناشئة عن غش الربان وتدليسه، وذلك لأن الربان ليس تابعاً للشاحن بل هو تابع للمجهز.

    ويلاحظ أن المؤمن على السفينة لا يكون مسؤولا عن نتائج غش الربان وتدليسه إذا كان الربان قد اختاره مجهز السفينة.

    أما إذا كان الربان قد استبدل به غيره بدون رضاء مجهز السفينة أو ممثله، فيظل المؤمن مسؤولاً عن نتائج الغش والتدليس.

    ثالثاً: العيب الذاتي في الشيء المؤمن عليه:

    ويقصد بالعيب الذاتي في الشيء المؤمن عليه الطبيعة الخاصة أو الحساسية الشديدة للشيء المؤمن عليه والتي تجعل قابليته للهلاك أو التلف سريعاً، ومثال ذلك:

    “قابلية بعض المعادن الشديدة للصدأ فيما لو تعرضت للرطوبة”.

    ومن ثم يتطلب حفظها والعناية بها توافر أجهزة معينة واتخاذ إجراءات ضرورية للمحافظة عليها.

    وذلك مثل نقل المواد الغذائية كاللحوم والأسماك والفواكه وأيضا السكر والحبوب إضافة إلى مواد أخرى كالجلود. ونظرا لطبيعتها الخاصة فإن العيب الذاتي يعتبر أحد الاستثناءات التي وردت في المادة (55) من القانون البحري الإنكليزي لسنة 1906 على النحو الآتي:

    “ما لم تنص الوثيقة على غير ذلك، فإن المؤمن غير مسؤول عن نتيجة التلف والبلى Wear and tear، والكسر العادي والرشح، العيب الذاتي أو طبيعة الشيء المؤمن عليه…”.

    ولذلك فقد صدرت وثيقة التأمين (تأمين على البضائع المكونة من فول الصويا ضد أخطار رحلتها من أندونيسيا إلى بلجيكا وحصرت تلك الأخطار في الحرارة والعرق والاحتراق. وكان من المعروف أن شحن فول الصويا صيفاً يفسدها إذا تجاوزت نسبة الرطوبة 14% وعند شحنها فعلا كانت نسبة الرطوبة تتراوح بين 12 إلى 13% ما عرضها لخطر التلف، وفعلا تلفت الحمولة ورفض المؤمن تحمل المسؤولية على أساس العيب الذاتي فيها فحكمت المحكمة بمسؤوليته، لأن نص الوثيقة أفاد غير ذلك.

    وفي قضية أخرى كان موضوعها تأمين لحم خنزير معلب، ضد جميع الأخطار بما فيها العيب الذاتي، حكمت المحكمة أنه بالنظر إلى الطبيعة الخاصة للشيء المؤمن عليه الذي كان مبسترة وليس معقماً تعقيماً كلياً فإنه من غير المعقول أن يقبل المؤمن المسؤولية عن الخسارة الناجمة عن العيب الذاتي الذي يتوقع أن يتطور في أي لحظة في المستقبل فهو بالضرورة يحمل بذور هلاکه بنفسه.

    وفي قضية أخرى أيضا غرضت على القضاء الإنكليزي، كان المدعون مؤمنين على شحنة من مادة كيميائية تدخل في تركيب الديناميت وتسمى Kieselguhr في رحلة من شمال أفريقيا إلى لندن، ووصلت الشحنة تالفة، بسبب انفجار الأكياس المعبأة فيها نتيجة “العيب الذاتي” لهذه الشحنة. وكان التأمين وفقا الشرط (كل الأخطار)، وطالب المدعون المؤمن بالتعويض عن هذا الضرر، فدفع المؤمن بالنص الوارد في شرط التأمين (كل الأخطار) باستبعاد ما يترتب على العيب الذاتي من أضرار، من نطاق الضمان وبأن المادة 2/55/ج من قانون التأمين البحري، تقضي بعدم ضمان الأضرار الناتجة عن العيب الذاتي. ولكن المدعين تمسكوا بعدم انطباق نص المادة 2/55/ج من القانون، لأنها تجيز الاتفاق على عكس الحكم الوارد فيها، وأن الشرط الوارد في وثيقة التأمين يضمن كل الأضرار أيا كان سبب وقوعها.

    وقضت محكمة Queen’s Bench بعدم مسؤولية المؤمن عن تعويض هذا الضرر، إذ أنه وإن كانت وثيقة التأمين تضمن كل الأضرار أيا كان سبب حدوثها، وفقا لشرط (كل الأخطار)، فإن هذا الشرط يستبعد صراحة الأضرار المترتبة على العيب الذاتي.

    ونص قانون التجارة البحرية السوري لعام 2006 في المادة 379 منه على أنه لا يسأل المؤمن عما

    يلي:

    1- الأضرار المادية الناشئة عن عيب ذاتي في البضائع المؤمن عليها أو عن عدم كفاية تغليفها أو

    حزمها”. وأضافت هذه المادة حالات أخرى لا يسأل فيها المؤمن عن الشيء المؤمن عليه ولخصتها الفقرة الثانية من المادة 379 وهي :

    “2- النقص الطبيعي الذي يطرأ على البضائع أثناء الطريق”.

    فهناك بضائع تتعرض للنقص أثناء نقلها من مكان لآخر، وهذا النقص ينجم عن طبيعة البضاعة ذاتها،

    كما لو كانت سوائل تتبخر أو حبوبة سائبة تتعرض للبعثرة أثناء الرحلة البحرية أو أثناء شحنها.

    ونظراً لطبيعة هذه البضاعة فقد أعفت الفقرة الرابعة من المادة الرابعة من معاهدة بروكسل الخاصة بسندات الشحن لعام 1934 الناقل من العجز في الحجم أو الوزن أو العيب الخاص بها إذا لم يتجاوز هذا العجز نسبة مئوية تحددها الأعراف التجارية، فإذا تجاوز العجز هذه النسبة أعفي الناقل من النسبة المسموح بها فقط، والتزم بتعويض صاحب البضاعة عن الباقي.

    3- الأضرار المادية الناشئة عن الغرامات والمصادرة والوضع تحت الحراسة والاستيلاء والتدابير الصحية والتعقيم واختراق الحصار وأعمال التهريب وممارسة تجارة ممنوعة.

    يشترط في عقد التأمين أن يكون محله مصلحة مشروعة الفقرة 1 من المادة 273 من قانون التجارة البحرية، بل إن التأمين من الأضرار يقع باطلاً إذا لم يستند إلى مصلحة مشروعة ومعنى ذلك أن يكون التأمين وارداً على نشاط مشروع للمؤمن له وغير مخالف للنظام العام أو الآداب وعليه إذا أبرم شخص عقد التأمين لحماية نشاطه غير المشروع كالاتجار في المخدرات ومن ثم صودرت هذه الأشياء الممنوعة والمؤمن عليها، فإنه لا يحق للمؤمن له أن يرجع على المؤمن بأي شيء، وعلى المؤمن أن يرد للمؤمن له ما تقاضاه من أقساط وذلك لبطلان العقد ولمخالفته النظام العام.

    4- التعويضات المستحقة بسبب الحجز والكفالة المقدمة لرفع الحجز:

    أي إذا حجزت السفينة أو البائع المؤمن عليها بسبب من الأسباب لتنفيذ حكم قضائي ولمخالفة قوانين سارية المفعول فإن التعويضات المستحقة بسبب الحجز والكفالة التي تقدم من أجل رفع الحجز لا يسأل عنها المؤمن.

    ومثال ذلك : أن تقوم السفينة بحمل بضائع دون أن تظهرها في بيان الحمولة مخالفة بذلك القوانين الجمركية لبلد الوصول، الأمر الذي يعرضها للحجز من قبل هذه السلطات وإلى دفع كفالة مالية قبل السماح لها بالمغادرة تمهيدا لإصدار حكم قضائي عليها.

    5 – الأضرار التي لا تعتبر تلف مادي يلحق مباشرة بالأشياء المؤمن عليها:

    كالبطالة والتأخير وفروق الأسعار والعقبات التي تؤثر في العملية التجارية التي يجريها المؤمن له.

  • امتداد التأمين البحري إلى أخطار غير بحرية (شرط من المخزن إلى المخزن)

    يمكن لطرفي عقد التأمين الاتفاق على أن المؤمن يضمن الأخطار التي تحدث في البحر، وكذلك الأخطار التي تتعرض لها البضاعة في البر أو النهر أو الجو في حال كانت رحلة البضاعة في البر أو النهر أو الجو تتبع الرحلة الأساسية في البحر تبعية الفرع للأصل accessorium sequitur.

    وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 403 من قانون التجارة البحرية بقولها:

    “2 – وإذا كانت البضائع أثناء الرحلة محلا لنقل بحري أو نهري أو جوي مكمل لهذه الرحلة سرت عليها قواعد التأمين البحري خلال فترة النقل المذكورة إلا إذا اتفق على غير ذلك”.

    ومن أمثلة امتداد التأمين البحري إلى أخطار غير بحرية هو ما يطلق عليه شرط من المخزن إلى المخزن Warehouse to warehouse clause

    ومحتوي هذا الشرط هو سريان التأمين بكافة شروطه المتفق عليها حتى فيما بعد وصول البضاعة إلى ميناء المرسل إليه.

    فإن احتوى العقد مثل هذا الشرط كان على المؤمن أن يضمن البضاعة في رحلتها البحرية إضافة إلى رحلتها البرية أو الجوية أو النهرية من مخزن البائع الشاحن إلى مخزن المشتري المرسل إليه.

    وعادة ما يتم عند الاتفاق على شرط من المخزن إلى المخزن، إلى تحديد زمان الخطر ومكانه.

    فمن حيث تحديد زمان الخطر يبدأ الشرط دائمة بعبارة :

    يبدأ التأمين من ..الخ” أو “تبدأ الأخطار من .. الخ.

    أما من حيث تحديد مكان الخطر فتفيد نصوصه أن التأمين “لا يقتصر فقط على المرحلة البحرية للرحلة، وإنما يشمل كل مراحل نقل البضاعة منذ خروجها من مخازن المرسل حتى شحنها على السفينة، ثم من تفريغها من السفينة حتى إرسالها إلى مخزن أو مخازن المرسل إليه”. 

    فشرط من المخزن إلى المخزن يشمل الأخطار الأصلية ذاتها التي يتضمنها الشكل العام لوثيقة التأمين وما قد يضاف إليها من أخطار أخرى. بحيث لا يقتصر ضمان المؤمن على ما يترتب على هذه الأخطار أثناء وقوعها في المرحلة البحرية للرحلة، وإنما يسأل المؤمن أيضا عن الأضرار التي تحدث للبضاعة نتيجة وقوع هذه الأخطار في المراحل غير البحرية التي تسبق الرحلة أو التي تليها، إلى أن تسلم البضاعة إلى المرسل إليه، أو حتى تنقضي المدة المنصوص عليها في هذا الشرط دون أن يضيف هذا الشرط أخطارا جديدة إلى الأخطار المذكورة في وثيقة التأمين.

  • تعريف الخطر البحري

    الخطر هو الركن الأساسي الذي يقوم عليه عقد التأمين البحري، ويرتبط التأمين بالخطر وجوداً وعدماً، فإذا وجد الخطر وجد التأمين وإذا انتفى الخطر انتفى التأمين.

    وهكذا فإن كل خطر محتمل الوقوع وقد ينجم عن حدوثه ضرر فيما لو تحقق، يجعل من التأمين أمرا ممكنة لتفادي آثاره، وجبر خسارة المتضرر.

    ويستعمل اصطلاح الخطر البحري في القانون الإنكليزي Marine risk للدلالة على معنيين:

    (الأول) أخطار البحر perils of the sea أي الأخطار الناشئة عن البحر بشكل مباشر.

    و (الثاني) الأخطار البحرية الأخرى marine perils وهي الأخطار التي تحدث للأشياء المؤمن عليها أثناء الرحلة البحرية، ولو لم تكن ناشئة عن البحر بشكل مباشر.

    وهكذا يفرق القانون الإنكليزي بين أخطار البحر كالعاصفة العاتية التي ترفع سوية أمواج البحر مما يفقد السفينة توازنها فتغرق أو تتحطم، والأخطار الحاصلة في البحر فيكون البحر مسرحاً لها وليس مصدرا لها، كانفجار السفينة لعيب خفي في بنائها أثناء الملاحة البحرية في بحر هادئ.

    أما القانون الفرنسي فلا يعرف سوى فكرة واحدة للخطر البحري هي فكرة أخطار البحر Fortune de mer بحيث تشمل كل أنواع الخطر البحري سواء كانت أخطارة ناشئة مباشرة عن البحر أو أخطارة لا يربطها بالبحر إلا المكان.

    تعريف الخطر البحري

    يعرف بعض الفقه الخطر البحري Maritime Peril بالخطر الذي يكون ناشئاً عن الملاحة في البحر أو مرتبطة بها، ويعتبر كذلك، أخطار البحر والحريق والأخطار الحربية والقرصنة والسرقة والأسر والالقاء وأفعال الربان أو أفراد الطاقم وجميع الأخطار الأخرى التي تعتبر من نفس النوع، والتي قد تعين في وثيقة التأمين البحري.

    وهذا هو ذات التعريف الوارد في قانون التأمين الإنكليزي سنة 1906 في مادته الثالثة.

    ويستخلص من هذا التعريف بأنه حتى يكون هناك خطر بحري يجب أن توجد علاقة بين الخطر والملاحة البحرية بمعنى أن كل ما ينشأ عن الملاحة البحرية من أخطار يعتبر أخطارة بحرية سواء أكانت ناشئة مباشرة عن البحر، أم لم تكن كذلك طالما يربطها بالملاحة صلة تبعية.

    وعلى ذلك فالمؤمن البحري يضمن كل الأضرار التي تحدث للأشياء المؤمن عليها في أثناء عملية النقل البحري، ما لم يكن الضرر ناشئاً عن خطر لا يضمن المؤمن نتائجه بحكم القانون أو بناء على اتفاق طرفي التأمين.

    ويجب أن نلاحظ هنا أنه لا يدخل في مفهوم الخطر البحري كل ما ينشأ في أثناء الرحلة البحرية، فليست جميع الأضرار التي تلحق الأشياء المؤمن عليها في أثناء الرحلة البحرية ناشئة عن خطر بحري، إذ يمكن أن تنشأ هذه الأضرار عن الاستعمال العادي للشيء، أو عن فعل الجرذان مثلاً.

    ولكن إذا ترتب على فعل الجرذان أن أصيبت السفينة بأضرار ترتب عليها دخول ماء البحر مما أدى إلى إلحاق التلف بالبضاعة، فإن المؤمن يسأل عن هذه الأضرار، إذ يعتبر المؤمن مسؤولاً عن كل ضرر ينشأ عن فعل الماء المالح.

    فالخطر البحري إذا لا يشتمل فقط ما ينشأ عن البحر من أخطار وإنما ما يترتب على الرحلة البحرية من مخاطر.

  • خصائص عقد التأمين البحري

    كما أسلفنا عقد التأمين البحري هو عقد يجب أن يتوافر لانعقاده الأهلية والرضا والمحل والسبب كما أن له خصائص تميزه عن غيره من العقود.

    أولاً- خصائص عقد التأمين البحري

    1- عقد التأمين البحري عقد رضائي:

    عقد التأمين البحري عقد رضائي بمعنى أنه ينعقد بمجرد أن يتبادل المؤمن والمؤمن له التعبير عن إرادتين متطابقتين.

    ويشترط لصحة إرادة الطرفين خلوهما من عيوب الإرادة كالإكراه أو الغلط أو التدليس.

    وقد اشترط المشرع كتابة عقد التأمين لضرورة اثباته، والكتابة هنا هي شرط اثبات وليست شرط انعقاد.

    وقد جاء نص المادة /355/ ف1 من قانون التجارة البحرية صريحة في في ذلك فنص أنه:

    “لا يجوز إثبات عقد التأمين البحري إلا بالكتابة”.

    2- عقد التأمين البحري عقد ملزم لطرفيه:

    إن عقد التأمين البحري هو عقد ملزم لطرفيه، فالتزام المؤمن له بدفع القسط يقابله قيام المؤمن بالتزامه بدفع التعويض عند تحقق الخطر المؤمن منه.

    3- عقد التأمين البحري عقد تعویض:

    التأمين البحري هو عقد تعويض فهو يهدف إلى جبر الضرر الذي يلحق المؤمن له من جراء تحقق الخطر، وهو ليس وسيلة لإثراء المؤمن له على حساب المؤمن، وفي ذلك تنص المادة /354/ من قانون 174 التجارة البحرية بأنه :

    “يعتبر عقد التأمين البحري عقد تعويض. ولا يجوز أن يرتب عليه إفادة المؤمن له من تحقق الخطر بما يزيد عن القدر الحقيقي للضرر. ويبطل كل اتفاق يخالف ذلك”.

    ويترتب على صفة التعويض في عقد التأمين البحري عدة نتائج أهمها:

    1- يجب أن يكون من شأن تحقق الخطر إلحاق ضرر بالمؤمن له، وإلا انتفت مصلحته في التأمين،

    ومن ثم يعد عقد التأمين باطلا. (المادة 359 من قانون التجارة البحرية).

    2- لا يمكن جبر الضرر أكثر من مرة، وذلك عن طريق تعدد التأمينات لدى أكثر من مؤمن، بحيث يستوفي المؤمن له من المؤمنين تعويضا في حدود الضرر الذي لحق به، وبما لا يزيد عن قيمة الشيء محل التأمين (المادة 285 من قانون التجارة البحرية).

    3- لا يجوز أن يزيد التعويض عن قيمة الشيء الهالك المؤمن عليه، فإذا أكر في وثيقة التأمين قيمة الشيء أكثر من قيمته الحقيقية وانتفى الغش والتدليس اعتبر العقد صحيحة في حدود قيمة الشيءالفعلية (المادة 284 ف2، المادة 370 ف1 من قانون التجارة البحرية).

    4- ينتج عن كون عقد التأمين عقد تعويض أن التأمين البحري لا يرد إلا على الأموال دون الأشخاص.

    4- التأمين البحري عقد إذعان

    عقد التأمين البحري لا يبرم بناء على مناقشة حرة من الطرفين لشروطه، بل إن شركات التأمين عادة تفرض على المؤمن لهم شروطها في وثيقة مطبوعة، ولا يملك هؤلاء إلا قبولها دون أية مناقشة، ولهذا كان عقد التأمين من عقود الإذعان وكانت الحرية التعاقدية فيه محددة.

    5- عقد التأمين البحري عقد احتمالي (غرر):

    عقد التأمين عقد احتمالي بالنسبة إلى طرفيه. إذ هو يرد على أمر غير محق الوقوع وهو احتمال تحقق الخطر المؤمن منه.

    والعقد الاحتمالي أو عقد الغرر : هو عقد لا يعرف فيه وقت انعقاده مقدارة أو مدى الغنم أو الغرم الذي سيصيبه المتعاقدان.

    وهو كما عرفه الدكتور السنهوري بأنه:

    “هو العقد الذي لا يستطيع كلا المتعاقدين أو أحدهما أن يعرف لحظة إبرام العقد مدى ما سيدفع ومدى ما سيحصل عليه من العقد، ولا يتحدد ذلك إلا في المستقبل تبعا الحدوث أمر غير محقق الحصول أو غير معروف وقت حصوله”.

    وهو ما ينطبق على عقد التأمين حيث يوجد فيه عنصر الاحتمال في العلاقة ما بين المؤمن والمؤمن له بمعنی احتمال الكسب والخسارة للطرفين، فلا يعرف وقت إبرام العقد ما إذا كان الخطر المؤمن منه يستحق أم لا.

    كالتأمين ضد المخاطر البحرية التي تعد مخاطر غير محققة الوقوع، وقد تسفر عن أن المؤمن له يدفع الأقساط المطلوبة منه دون أن يقع الخطر المؤمن منه، وبالتالي لا يلتزم المؤمن بأداء شيء للمؤمن له، أما إذا وقع الخطر فإن المؤمن يدفع للمؤمن له مبالغ تفوق ما يكون المؤمن له قد دفعه بشكل أقساط، فالخطر أو الضرر يلعب دورا هاما في تحقيق الغرم أو الغنم لطرف العقد.

    ولما كان التأمين يقوم على أمر غير محقق هو احتمال تحقق الخطر، فإن هذا الخطر يصبح ركنة من أركان العقد يرتبط به وجودا وعدمة، وتبعا لذلك يجب أن يكون المال المؤمن عليه معرضة للخطر والا كان العقد باطلا لانعدام محله.

    6- عقد التأمين البحري عقد تجاري :

    علت المادة (6) من قانون التجارة رقم 33 لعام 2007 بعض الأعمال تجارية ومن بين ما ذكرته التأمين بأنواعه المختلفة”.

    والتأمين البحري هو أحد أنواع التأمين وطبقا للمادة السادسة يعد من الأعمال التجارية وذلك من جانب المؤمن، لأن شركات التأمين والتي تقوم في هذا العقد بدور (المؤمن) إنما تهدف دائماً من وراء إبرام عمليات التأمين إلى تحقيق الربح.

    أما بالنسبة للمؤمن له، فقد يكون تاجرة ويبرم عقد التأمين البحري لأمور تتعلق بتجارته.

    وقد لا يكون المؤمن له تاجرة، وإنما قام بالتأمين لأعمال مدينة، كما لو أبرم التأمين على سفينة نزهة، أو على أمتعة مرسلة من جهة ما لأغراض غير تجارية. وطبقا لأحكام القواعد العامة فإن العقد هنا يتصف بالنسبة إلى المؤمن له بالصفة المدنية وهنا يكون لعقد التأمين الصفة المختلطة.

    وبالتالي فإن التأمين البحري هو دائماً عملاً تجارياً بالنسبة إلى المؤمن الذي يسعى لتحقيق الربح من قيامه بعمليات التأمين.

    أما بالنسبة للمؤمن له فإنه لا يكون تجارية إلا إذا كان تاجرا يقوم بهذا العمل لحاجات تجارته فيكون عملا تجارية بالتبعية تطبيقاً لنظرية الأعمال التجارية بالتبعية، وإذا لم يكن لحاجات العمل تجاري كان مدنية.

    7- عقد التأمين البحري من عقود حسن النية:

    مبدأ حسن النية من المبادئ التي تسري على جميع العقود، وقد أشارت نصوص القانون المدني في أكثر من موضع إلى ضرورة توفر حسن النية في العقود. فالمادة /149/ من القانون المدني توجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، بل إن المادة

    2/149 من القانون المدني أشارت بأنه

    “لا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه، ولكن يتناول أيضا ما هو من مستلزماته وفقاً للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام”.

    وعليه يجب توافر حسن النية في العقد من لحظة الإنشاء وخلال تنفيذه. وينبني على هذا الاعتبار، التزام المؤمن له أن يقدم إلى المؤمن بيانات صحيحة وواضحة ودقيقة عن الخطر المؤمن منه، وكل كتمان في هذا الشأن يؤدي لإبطال العقد.

    كما يلتزم المؤمن له بأن يتخذ كل الاحتياطات المناسبة لمنع تحقق الخطر أو للتخفيف من آثاره الضارة عند تحققه أو للمحافظة على حقوقه تجاه الغير إذا وقع الحادث بفعله.

    8- عقد التأمين عقد مستمر:

    عقد التأمين البحري من العقود المستمرة من حيث الزمان، ذلك أن العقد المستمر زماني: هو العقد الذي يكون التزام أحد الطرفين أو كليهما عبارة عن عدة أداءات مستمرة، ولما كان عقد التأمين كذلك، فهو يعد من العقود المستمرة لأنه من العقود التي تنفذ خلال مدة زمنية يتفق عليها الأطراف ومن ثم كان الزمن عنصرة جوهرية في تنفيذ الالتزامات الناشئة عنه.

    ويبدو هذا واضحاً من التزامات كل من طرفيه، فالمؤمن له يلتزم بدفع الأقساط في فترات منتظمة خلال مدة العقد.

    ويقابل ذلك التزام المؤمن بضمان الخطر المؤمن منه طيلة فترة التأمين المتفق عليه.

    وكون عقد التأمين البحري عقد مستمر فهذا مؤداه إلى أنه إذا تخلف أحد الطرفين عن أداء التزاماته فإن العقدوقف أو يفسخ بدون أثر رجعي.

    ثانياً- خصائص وثيقة التأمين العائمة (وثيقة الاشتراك)

    الوثيقة العائمة (Floating Policy) يقصد بها – كما ذكرنا بأنها العقد الذي يتفق فيه على أن يضمن المؤمن كل البضائع التي يشحنها المؤمن له أو تشحن خلال فترة معينة وفي حدود مبلغ معين، ويطلق عليها اسم الوثيقة العائمة نظراً لأنها لا تتضمن منذ إبرامها تحديدا للبضاعة التي تغطيها، فهي تضع الشروط العامة للتأمين دون تفاصيل الشحنات التي يراد تغطيتها بالتأمين، حيث أن هذه التفاصيل لا تكون معلومة لدى المؤمن له عند إبرام عقد التأمين، ولذلك يتوجب على المؤمن له القيام بإعلان أو تصريح للمؤمن عن الشحنات الفردية بالسرعة اللازمة.

    وهكذا لا يحتاج المؤمن له إلى تنظيم عقد مستقل بكل صفقة يشحنها أو يتلقاها وإنما يكفي أن يكون ثمنها ضمن حدود السقف المحدد للوثيقة العائمة وأن يكون الشحن قد تم أثناء فترة نفاذ هذه الوثيقة، ولذلك سميت هذه الوثيقة أيضا بوثيقة اشتراك، لأن المؤمن له يعتبر بمثابة مشترك لدى المؤمن.

    وبذلك تتميز الوثيقة العائمة بالخصائص التالية:

    أولاً: عدم تحديد البضائع المغطاة تحديدا دقيقا وقت العقد.

    ثانياً: تكرار عمليات الشحن وتعددها.

    ثالثاً: أن المؤمن يضمن وبصفة حتمية كل البضاعة التي تشحن في الظروف المتفق عليها مقدمة دون حاجة إلى إجراء جديد من أحد الطرفين. هذا وقد أوجب المشرع في المادة (407) قانون تجارة بحرية بأن تشتمل وثيقة التأمين العائمة على ما يأتي :

    1- الشروط العامة المشتركة بين جميع الشحنات، وأقساط التأمين، وكذلك الحد الأعلى للمبلغ الذي يتعهد المؤمن بدفعه عن كل شحنة (المادة 1/407 من قانون التجارة البحرية).

    2- الشروط الخاصة بالبضائع المؤمن عليها والرحلات والسفن، فتعينه بملاحق تصدر بمناسبة كل شحنة على حدة (المادة 407 /1).

    وتعرضت الفقرة الثانية من المادة (407) تجارة بحرية، للشحنات التي تشملها وثيقة التأمين العائمة والتي يلزم المؤمن بقبول التأمين عليها، وقد فرقت بين نوعين منها:

    أ- الشحنات التي تتم لحساب المؤمن له شخصية أو تنفيذا لعقد يلزمه لإجراء التأمين، وهذه الشحنات يشملها التأمين تلقائية من وقت تعرضها للخطر المؤمن منه بشرط أن يقدم المؤمن له إخطارا عنها في الميعاد المحدد بالعقد (المادة 407 / 2).

    ب- الشحنات التي تتم لحساب الغير ويكون للمؤمن له مصلحة فيها بوصفه وكيلا بالعمولة، أو أمينة على البضائع أو غير ذلك من الصفات، وهذه الشحنات لا يسري عليها التأمين إلا من وقت إخطار المؤمن له للمؤمن عن الشحنات التي تتم بموجب الوثيقة العائمة.

    وهنا تثار مسألة إذا تم الإخطار ولكن بعد وقوع الخطر المؤمن منه ولكن ضمن المدة المحددة في الوثيقة.

    فنجد أن المادة 409 من قانون التجارة البحرية قد عالجت هذه المسألة وذلك عن طريق إلزام المؤمن له بإخطار المؤمن خلال خمسة أيام من تاريخ تسلمه للبضائع بوجود تلف أو عيب في البضاعة وإلا افترض المشرع بأن المؤمن قد تسلمها سليمة خالية من العيوب وهذه القرينة هي قرينة قابلة لإثبات العكس.

    وحسناً فعل المشرع السوري بوضع جزاء رادع للمؤمن له في حالة مخالفته الالتزام بإخطار المؤمن بالشحنات التي يعقدها، فسمح للمحكمة بناء على طلب المؤمن فسخ العقد دون مهلة مع استيفاء المؤمن – على سبيل التعويض – أقساط التأمين الخاصة للشحنات التي يخطر بها المادة 1/408) من قانون التجارة البحرية.

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1