التصنيف: أصول المحاكمات الجزائية

  • سلطات الضابطة العدلية في الجناية أو الجنحة الواقعة داخل بيت أو في حال الإنابة

    سلطات الضابطة العدلية في الجناية أو الجنحة الواقعة داخل بيت أو في حال الإنابة

    سلطات الضابطة العدلية في الجناية أو الجنحة الواقعة داخل بيت أو في حال الإنابة

    أولاً : سلطات الضابطة العدلية في الجناية أو الجنحة الواقعة داخل بيت

    نصت المادة (42) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أن يتولى النائب العام التحقيق

    وفقا للأصول المعينة للجرائم المشهودة، إذا حدثت جناية أو جنحة وإن لم تكن مشهودة داخل بيت، وطلب صاحب البيت إلى النائب العام إجراء التحقيق بشأنها”

    يتبين من هذا النص أن المشرع أجاز لأعضاء الضابطة العدلية أن يباشروا سلطات التحقيق الاستثنائية المعطاة لهم في حالة الجرم المشهود في الجناية أو الجنحة الواقعة داخل مسكن، وإن لم تكن مشهودة، طالما أن صاحب البيت قد استدعاهم بإرادته وتنازل عن حصانة مسكنه بنفسه.

    ثانياً : سلطات الضابطة العدلية في حالة الإنابة

    الإنابة هي الصك الذي ينقل بموجبه القاضي المختص صلاحياته إلى قاض أخر أو إلى ضابط عدلي ليقوم مقامه بإجراء عمل تحقيقي يتعذر عليه أن يقوم به شخصيا. فقد تكون هناك حاجة إلى أن ينيب قاضي التحقيق قاضي تحقيق أخر لإجراء معاملة من معاملات التحقيق في الأمكنة التابعة اللقاضي المستناب، أو أن ينيب أحد موظفي الضابطة العدلية، من أجل تيسير البت بسرعة في إجراءات التحقيق التي تتطلبها ظروف الجريمة والتي قد لا يجد قاضي التحقيق متسع من الوقت لكثرة الأعباء الملقاة على عاتقه لإنجازها، فيلجأ إلى طريق الإنابة لتحقيق هذا الغرض .

    فالمبدأ أن الإنابة جائزة ممن يملك قانونا سلطة التحقيق، وهو كأصل عام قاضي التحقيق والنيابة العامة في الأحوال المكلفة فيها بالتحقيق. وقد نصت المادة (101) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أنه:

    1 – يمكن القاضي التحقيق أن ينيب أحد قضاة الصلح في منطقته أو قاضي تحقيق آخر الإجراء معاملة من معاملات التحقيق في الأمكنة التابعة للقاضي المستناب. وله أن ينيب أحد موظفي الضابطة العدلية لأية معاملة تحقيقية ما عدا استجواب المدعى عليه.

    2- يتولى المستناب من قضاة الصلح أو موظفي الضابطة وظائف قاضي التحقيق في الأمور المعينة في الاستنابة”.

    كما جاء في المادة (48) من القانون نفسه أنه يمكن للنائب العام أثناء قيامه بالوظيفة في حالات: ” الجرم المشهود، أو عندما يطلبه صاحب البيت الذي وقعت فيه جناية أو جنحة وإن لم تكن مشهودة، أن يعهد إلى أحد رؤساء مخافر الشرطة أو الدرك بقسم من الأعمال الداخلة في وظائفه إذا رأى ضرورة لذلك ما عدا استجواب المدعى عليه”.

    فبدلا من أن يباشر النائب العام بنفسه الصلاحيات التي يخولها له المشرع في الأحوال المذكورة، يجوز له أن يندب أحد موظفي الضابطة العدلية للقيام بجزء منها.

    أ- شروط صحة الإنابة

    لابد من توافر عدة شروط حتى تكون الإنابة صحيحة، هي:

    1- أن تكون صادرة ممن يملك مباشرة الإجراء موضوع الإنابة.

    أي أن يكون الإجراء التحقيقي موضوع الإنابة مما يدخل أصلا في اختصاص المحقق النوعي والمكاني. فالإنابة لا تكون صحيحة إذا صدرت من قاضي تحقيق في غير منطقة اختصاصه أي خارج دائرة عمله، لكن إذا كانت الدعوى تدخل في اختصاص قاضي التحقيق المكاني ولزم إجراء معاملة تحقيقية خارج منطقته، فعليه أن ينيب في ذلك قاضي التحقيق المختص، ولهذا الأخير أن ينيب عنه بدوره أحد أعضاء الضابطة العدلية.

    2- أن تصدر لمن يتمتع بصفة الضابطة العدلية وأن يكون مختصة نوعية ومكانيا.

    3- أن تكون مكتوبة وواضحة ومؤرخة

    وموقعة عليها من الذي أصدرها ومحددة فيها وظيفة الضابط العدلي المندوب واسم المتهم والتهمة المسندة إليه، وأن يكون الإجراء الذي سيقوم به المذاب واضحا أما الإنابة الشفوية فلا تقبل .

     ولكن يمكن من أجل السرعة أحيانا أن ترسل الإنابة عن طريق الهاتف على أن يرسل الأصل فورا بالطرق العادية. إذ من القواعد المقررة أن إجراءات التحقيق والأوامر الصادرة بشأنه يجب إثباتها بالكتابة حتى تبقى حجة يعامل الموظفون الأمرون منهم والمؤتمرون بمقتضاها وتكون أساسا صالحة لما يبنى عليها من النتائج .

    ولا يشترط في الإنابة تحديد موظف الضابطة العدلية باسمه وشخصه بل يكفي تعيينه بوظيفته، وعندها يقوم بالإجراء من تثبت له تلك الوظيفة.

     أما إذا جاء في الإنابة ذكر اسم الضابط العدلي المناب، فلا يجوز مباشرة الإجراء إلا من قبله شخصية، ولا يصح له أن ينيب غيره ما لم ينص على ذلك في الإنابة.

    ب – حدود الإنابة

    هناك حدود للإنابة لابد لسلطة التحقيق من التقيد بها:

    1- لا يجوز أن تكون الإنابة عامة وانما تكون خاصة بعمل تحقيقي معين ومحدد وخاص

    بجريمة معينة.

    ومثال ذلك الاستماع إلى شاهد في جريمة قتل، أو تفتيش منزل في جريمة سرقة.

    وتعليل ذلك أن الإنابات العامة تعطي الشخص المناب صلاحيات واسعة جدا قد لا يحسن التصرف بها. والمادة (101) من قانون أصول المحاكمات الجزائية كانت واضحة بهذا الخصوص عندما حددت أن الإنابة تكون الإجراء معاملة من معاملات التحقيق”.

    2- لا تجوز الإنابة في استجواب المدعى عليه. فالقاضي المحقق يستطيع أن ينيب عضو الضابطة العدلية بأي إجراء تحقيقي ما عدا الاستجواب.

    فقد جاء في المادة (101) من قانون أصول المحاكمات الجزائية: وله أن ينيب أحد موظفي الضابطة العدلية لأية معاملة تحقيقية ما عدا استجواب المدعي عليه”. فالاستجواب إجراء هام وخطير لذلك يجب أن يقوم به القاضي المحقق بنفسه.

    3- لا تجوز الإنابة في إصدار مذكرة توقيف بحق المدعى عليه، لأن مذكرة التوقيف

    لا تصدر عادة إلا بعد استجواب المدعى عليه. فإذا خاف رجل الضابطة العدلية من أن يهرب المشتبه به، فإنه يستطيع أن يقبض عليه ويحضره إلى القاضي المحقق ليقوم باستجوابه وإصدار مذكرة توقيف بحقه إذا كان لها ضرورة.

    4- لا يجوز أن تتناول الإنابة التصرف في التحقيق، لذلك لا يستطيع عضو الضابطة العدلية أن يصدر قرارا بمنع المحاكمة أو لزومها، لأن هذه من وظائف قاضي التحقيق، ولا يجوز لقاضي التحقيق أن ينيب عضو الضابطة العدلية لهذا العمل.

    ج- حدود سلطة الضابط العدلي المناب

    1- متى كانت الإنابة صحيحة، وجب على الضابط العدلي القيام بالمهمة التي أنيب من أجلها ولا يجوز له الاعتذار عنها. وعليه أن يبدأ بالتحقيق الذي أوكل إليه. كما يتعين عليه أن يراعي في اتخاذ الإجراءات جميع القواعد التي يجب على المحقق اتباعها في مباشرة هذه الإجراءات.

    فإذا كانت الإنابة مثلا لسماع شاهد، وجب عليه أن يكلف الشاهد بأداء اليمين وأن يستعين بكاتب في تحرير محضره، بحيث إذا سمع الشهادة دون يمين فلا يصح الاعتماد عليها دليلا في الدعوى، كما لا تعدو قيمة المحضر الذي يحرره دون اصطحاب كاتب قيمة محاضر التحقيق الأولي .

    2- إن إنابة عضو الضابطة العدلية لا تخوله سوى القيام بالأعمال التي وردت صراحة في قرار الإنابة.

    فإذا كانت الإنابة مثلا لتفتيش منزل المدعى عليه فليس له تفتيش منزل غيره. أي إن على عضو الضابطة العدلية أن يتقيد بموضوع الإنابة.

    3- لا يجوز تنفيذ الإجراء موضوع الإنابة إلا مرة واحدة فقط، فلا يجوز تفتيش مسكن المدعى عليه إلا مرة واحدة والا كان التفتيش باطلا.

    4- على عضو الضابطة العدلية أن يقوم بتنظيم محضر بالإجراءات التي أنيب من أجلها بمساعدة الكاتب، وعليه بعد الانتهاء من مهمته وتنفيذ موضوع الإنابة أن يرسل ذلك المحضر إلى المحقق الذي أصدر الإنابة.

  • سلطات الضابطة العدلية في الجنحة المشهودة

    سلطات الضابطة العدلية في الجنحة المشهودة

    سلطات الضابطة العدلية في الجنحة المشهودة

     نصت المادة (231) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أن:

    “من قبض عليه بجنحة مشهودة أحضر أمام النائب العام فيستجوبه ويحيله موقوفا عند الاقتضاء على المحكمة الصلحية أو البدائية المختصة ليحاكم لديها في الحال”.

    يتضح من هذا النص أن عضو الضابطة العدلية لا يملك من معاملات التحقيق في الجنحة المشهودة سوى القبض على فاعل الجرم وتفتیش شخصه والاستماع إلى أقواله ثم إرساله مخفورة إلى النائب العام لاستجوابه وإحالته إلى محاكم الدرجة الأولى المختصة.

    ولكن لا يجوز لعضو الضابطة العدلية في حالة الجنحة المشهودة تفتيش مسكن الفاعل إلا إذا وافق على هذا الإجراء.

    من خلال ما ورد ذكره نلاحظ أن سلطات الضابطة العدلية في الجناية المشهودة أوسع بكثير من سلطاتها في الجنحة المشهودة، والسبب هو رغبة المشرع في حماية الحرية الفردية، وكرامة المساكن من وطأة تفتيشها، لأن الجناية جريمة خطيرة وتحتاج إلى اتخاذ إجراءات شديدة كتفتيش البيوت، أما الجنحة فأمرها بسيط، ولا ضرورة فيها إلى خرق القواعد الدستورية.

  • ماهي سلطات الضابطة العدلية في الجنايات المشهودة

    ماهي سلطات الضابطة العدلية في الجنايات المشهودة

    سلطات الضابطة العدلية في الجنايات المشهودة

    سلطات الضابطة العدلية في الجنايات المشهودة

    أجاز المشرع لبعض رجال الضابطة العدلية القيام ببعض أعمال التحقيق الابتدائي التي هي في الأصل من اختصاص قاضي التحقيق، وذلك في حالات استثنائية اقتضتها مصلحة العدالة لما قد يترتب عليها من نتائج قانونية تتسم بخطورة خاصة ولتعلقها بكرامات الناس وحرياتهم، لذلك فقد قصرها المشرع مبدئية على حالة الجناية المشهودة، كما قصرها بصورة صريحة على رجال النيابة العامة وقضاة الصلح في المراكز التي لا يوجد فيها نيابة عامة) وضباط الشرطة ورؤساء المخافر دون سواهم.  وهذا التعداد حصري.

    كما أعطى المشرع، بنص صريح، قاضي التحقيق حقوق النائب العام في حالة الجريمة المشهودة، لذلك فإن من حقه أن يباشر التحقيق دون انتظار إقامة الدعوى العامة لديه.

    وقد نصت المادة (46) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على الأعمال التحقيقية التي أجازها المشرع لأعضاء الضابطة العدلية حيث جاء فيها:

     “إن موظفي الضابطة العدلية المذكورين في المادة 44 ملزمون في حال وقوع جرم مشهود… بأن ينظموا ورقة الضبط ويستمعوا لإفادات الشهود وأن يجروا التحريات وتفتيش المنازل وسائر المعاملات التي هي في مثل هذه الأحوال من وظائف النائب العام..”،

     و يدخل في هذه الأحوال حق القبض على المشتبه به.

    يتضح من كل ما سبق أن الجناية المشهودة ترتب على الضابطة العدلية القيام بعدة إجراءات وهي:

    1- الانتقال إلى موقع الجريمة:

     أوجب المشرع على الضابط العدلي أن ينتقل في الحال إلى موقع الجريمة وأن ينظم محضرا بالحادثة وبكيفية ومحل وقوعها وأن يدون أقوال من شهد الواقعة ومن كانت لديه معلومات عنها أو معلومات ذات فائدة كالأقارب والجيران والخدم قبل أن يحدث شيء يؤدي إلى تغييرها أو تشويه حقيقتها. ويصادق أصحاب الإفادات المستمعة على إفاداتهم بتوقيعها، وعند تمنعهم عن التوقيع يصرح بذلك في المحضر .

    ويتوجب على من انتقل إلى مكان وقوع الجريمة أن يحيط قاضي التحقيق علما بانتقاله ولا يكون ملزمة بانتظار حضوره لمباشرة عمله.

    واذا كانت طبيعة الجريمة وظروف اقترافها تحتاج في معرفتها إلى أهل الخبرة، فلعضو الضابطة العدلية أن يصطحب عند انتقاله إلى موقع الجريمة واحدة أو أكثر منهم، كما هي الحال إذا مات شخص قتلاً أو بأسباب مجهولة باعثة على الشبهة فيستعين عضو الضابطة العدلية بطبيب أو أكثر لتنظيم تقرير أسباب الوفاة وبحالة جثة الميت.

    وعلى الأطباء والخبراء أن يقسموا قبل مباشرتهم العمل يمينا بأن يقوموا بالمهمة الموكولة لهم بشرف وأمانة.

    2 – منع الحاضرين من الابتعاد:

    لعضو الضابطة العدلية منع أي شخص موجود في البيت أو المكان الذي وقعت فيه الجريمة من الخروج منه أو الابتعاد عنه.

    والمقصود بهذا الإجراء العمل على استقرار النظام في محل وقوع الجريمة ليتاح للضابط العدلي تأدية مهمته، ومنع العبث أو تبديد أدلة الجريمة.. ومن يخالف هذا المنع يوضع في محل التوقيف ثم يحضر لدى قاضي التحقيق لمحاكمته والحكم عليه بعد سماع دفاعه ومطالبة النائب العام.

    واذا لم يمكن القبض عليه ولم يحضر بعد تبلغه مذكرة الدعوة يحكم عليه غيابية ولا يقبل الحكم أي طريق من طرق المراجعة وينفذ في الحال.

     كما أن العقوبة التي يمكن القاضي التحقيق أن يحكم بها هي الحبس التكديري من يوم إلى عشرة أيام والغرامة من 25 ليرة إلى 100 ليرة، ويستمر هذا المنع حتى تنظيم المحضر بتثبيت حالة المكان والجريمة والأشخاص. ومتى انتهى عضو الضابطة العدلية من تنظيم المحضر، رفع المنع.

    3- القبض على فاعل الجرم وتفتيشه:

     القبض إجراء يستهدف سلب حرية الشخص م قصيرة، ولذلك فإن صدوره يجب أن يكون من سلطة مختصة بالتحقيق نظرا إلى خطورته، لكن المشرع أجاز لعضو الضابطة العدلية في حالة الجناية المشهودة أن يأمر بالقبض على كل شخص من الحضور يستدل بالقرائن القوية على أنه فاعل ذلك الجرم. وإن لم يكن حاضرة أصدر عضو الضابطة العدلية أمرأ بإحضاره، والمذكرة التي تتضمن هذا الأمر تسمى مذكرة إحضار، وعلى هذا العضو أن يستجوب في الحال الشخص المحضر لديه.

    وحق القبض على المتهم يستلزم في ذاته حق تفتیشه وضبط ما يحمله مما تعد حيازته جريمة أو يكون دليلا على الجريمة كالسلاح غير المرخص أو المخدرات..

    فمتى كان القبض صحيحة فإن تفتيش المقبوض عليه يكون عم مشروعة ليس فيه انتهاك لحرية الفرد.

    وهو ضرورة لازمة، خشية من شر المقبوض عليه.

     كما أن إباحة تفتيش المقبوض عليه تشمل كل ما يحمله معه من حقائب وأشياء وأوراق. كما يجب أن تراعى في تفتیش شخص المقبوض عليه قواعد القانون والآداب والأخلاق، فمثلا تفتيش الأنثى يجب أن يتم بمعرفة أنثى تنتدب لذلك.

    4 – تفتيش منزل المتهم وضبط الأشياء:

    إن أعمال التفتيش في الأصل من اختصاص سلطة التحقيق، لكن المشرع أجاز لموظفي الضابطة العدلية في حالات معينة تقتضيها ظروف الجريمة والسرعة في التعرف إلى أدلتها، القيام بالتفتيش عندما يتبين لهم من ماهية الجريمة أن الأوراق والأشياء الموجودة لدى المدعى عليه يمكن أن تكون مدار استدلال على ارتكابه الجريمة، عندئذ لهم الانتقال حالاً إلى مسكن المدعى عليه للتفتيش عن الأشياء التي تؤدي إلى إظهار الحقيقة وتجري معاملات التفتيش بحضور المدعى عليه موقوفا أو غير موقوف.

     فإن رفض الحضور أو تعذر حضوره جرت المعاملة أمام وكيله أو أمام اثنين من أفراد عائلته والا فبحضور شاهدين يستدعيهما عضو الضابطة العدلية.

    ولا يجوز دخول المنزل وتفتيشه إلا إذا كان الشخص المراد تفتيش منزله مشتبه فيه بأنه فاعل جرم أو شريك أو متدخل فيه، أو حائز أشياء تتعلق بالجرم.

     أي لا يجوز له أن يفتش منزل غير المتهم، فالمشرع لم يسمح بهذا الإجراء إلا القاضي التحقيق.

    وعلى عضو الضابطة العدلية أن يضبط الأسلحة وكل ما يظهر أنه استعمل في ارتكاب الجريمة أو أعد لهذا الغرض، كما يضبط كل ما يرى من آثار الجريمة وسائر الأشياء التي تساعد على إظهار الحقيقة كالمسدس الذي اقترفت فيه الجريمة أو الرصاصات الفارغة التي وجدت في مكان الحادث أو ملابس المجني عليه والمتهم الملوثة بالدماء.

     أي عليه ضبط كل الأشياء أو الأوراق التي تؤيد التهمة أو البراءة وعند ضبط مثل هذه الأشياء، على عضو الضابطة العدلية أن يقوم بعرضها على المتهم أو من ينوب عنه واستجوابه بشأنها، ثم ينظم محضراً يوقعه مع المدعى عليه أو من ينوب عنه واذا تمنع عن التوقيع صرح بذلك في المحضر.

    وعلى عضو الضابطة العدلية أن يعني بحفظ الأشياء المضبوطة بالحالة التي كانت عليها، فتحزم أو توضع في وعاء إذا اقتضت ماهيتها ذلك وتختم في الحالتين بخاتم رسمي.

     وإذا وجدت أوراق نقدية لا يستوجب الأمر الاحتفاظ بها بالذات لاستظهار الحقيقة أو لحفظ حقوق الطرفين أو حقوق الغير جاز لعضو الضابطة العدلية أن يأذن بإيداعها صندوق الخزينة.

    والملاحظ أن الأعمال والإجراءات السابق بيانها والتي يقوم بها أعضاء الضابطة العدلية على سبيل الاستثناء في الجناية المشهودة لا تعد جميعها من قبيل معاملات التحقيق الابتدائي في معناها الدقيق، لأن بعضها يعد من أعمال التحقيق الأولى الجائز لهم القيام بها في غير أحوال الجرم المشهود، کالانتقال إلى مكان وقوع الجريمة، وتنظيم محضر بالواقعة، وضبط كل ما يتعلق بالجريمة وآثارها وأدلتها، كالأسلحة والأوراق وما إليها.

     ولا يعد من أعمال التحقيق الابتدائي سوى القبض على المشتبه به إن كان حاضرا، أو إحضاره بمذكرة إن كان غائبة، وتفتیش شخصه ومسكنه، ومنع الحاضرين من مغادرة المكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الابتعاد عنه، وتوقيف كل من يخالف هذا الأمر.

  • الجرم المشهود ( الحالات والشروط والآثار المترتبة )

    الجرم المشهود ( الحالات والشروط والآثار المترتبة )

    سلطات الضابطة العدلية في الجرم المشهود ( الحالات والشروط والآثار المترتبة )

    سلطات الضابطة العدلية في الجرم المشهود

    نصت المادة (28) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أن:

    1- الجرم المشهود هو الجرم الذي يشاهد حال ارتكابه أو عند الانتهاء من ارتكابه.

     2- ويلحق به أيضأ الجرائم التي يقبض على مرتكبيها بناء على صراخ الناس أو يضبط معهم أشياء أو أسلحة أو أوراق يستدل منها أنهم فاعلو الجرم وذلك في الأربع والعشرين ساعة من وقوع الجريمة”.

    يتبين من هذا النص المفهوم القانوني للجرم المشهود, فهو يعني التقارب الزمني بين وقت ارتكاب الجريمة ووقت اكتشافها.

     فالجرم المشهود إذن حالة لا تدخل في تكوين الجريمة، وإنما هو حالة تتعلق باکتشافها فقط. لذلك لابد من سرعة في اتخاذ الإجراءات الجزائية حيال الجريمة المشهودة حتى لا يترتب على التراخي في اتخاذ هذه الإجراءات ضياع الحقيقة..

     فقيام حالة الجرم المشهود يؤدي إلى توسيع سلطة موظفي الضابطة العدلية، ويخولهم استثناء القيام ببعض أعمال التحقيق الابتدائي.

    وقد وردت حالات الجرم المشهود على سبيل الحصر، فلا يجوز القياس عليها أو الاستنتاج منها، فإذا لم تتوافر إحدى هذه الحالات التي نصت عليها المادة (28) فلا يكون الجرم مشهودة.

    وعلة هذا الحصر أن المشرع أراد توسیع سلطات الضابطة العدلية التي تمس الحريات الفردية خوفاً من أن تطمس معالم الجريمة أو تزول إذا اتبعت الإجراءات العادية، إضافة إلى أن الخطأ أو التعسف فياستعمال هذه السلطات يكاد يكون منعدما. لذلك لابد من تقسيم هذا المطلب إلى أربعة فروع:

    أ- حالات الجرم المشهود

    وفقا لما نصت عليه المادة (28) من قانون أصول المحاكمات الجزائية، فإن هناك أربع حالات للجرم المشهود هي:

    أولا – مشاهدة الجرم حال ارتكابه

    أي مشاهدة الجريمة حين ارتكابها، أي لحظة ارتكاب الفعل المادي المكون للجريمة كمشاهدة الجاني وهو يطلق النار على المجني عليه أو يطعنه بالسكين أو مشاهدة السارق وهو يمد يده إلى جيب المجني عليه ليسرقه.

     أي مشاهدة السلوك الجرمي أو النتيجة الجرمية أو الاثنين معا. والمشاهدة ليست فقط عن طريق البصر، وإنما بإدراك الجريمة لحظة وقوعها بأي حاسة من حواس الإنسان، فقد تكون عن طريق السمع أو الذوق أو اللمس أو الشم، متى كان هذا الإدراك بطريقة يقينية لا تحتمل الشك فيه.

    فتكون بطريق السمع حين يسمع عضو الضابطة العدلية صوت إطلاق النار، وتكون بطريق الشم حين تفوح رائحة المخدر من فم الشخص الذي يتعاطاها، وتكون بالتذوق عندما يتناول طعاما يجد فيه مادة مخدرة أو سامة، كما تكون باللمس كما لو أحست زوجة كفيفة عن طريق اللمس أن من يحاول اغتصابها ليس زوجها.

    والقانون صريح في أن حالة الجرم المشهود تلازم الجرم نفسه لا المجرم، فقد تشاهد الجريمة دون أن يشاهد فاعلها فهي ذات طبيعة عينية. كمشاهدة نور الكهرباء ينبعث من مصابيح كهربائية من منزل شخص غير متعاقد مع شركة الكهرباء ورؤية أسلاك الكهرباء متصلة بأسلاك الشركة بطريقة غير مشروعة، فهذه جريمة مشهودة لسرقة التيار الكهربائي المملوك للشركة.

    ثانياً – مشاهدة الجريمة عقب الانتهاء من ارتكابها

    أي إن عضو الضابطة العدلية لم يشاهد الجريمة لحظة ارتكابها، أي لم يشاهد الركن المادي للجريمة، وإنما شاهد آثارة ومعالم تدل على أن الجريمة قد وقعت منذ وقت قصير، كمشاهدة جثة المجني عليه وهي تنزف دماً.

    ولم يحدد القانون الوقت الذي يمضي بين الجريمة ومشاهدتها، ويعود ذلك إلى تقدير قاضي الموضوع. ولكن يرى الفقه أن هذا الزمن يتحدد بالزمن الضروري لانتقال عضو الضابطة العدلية إلى مكان وقوع الجريمة بحيث تكون آثار الجريمة أو معالمها مازالت ناطقة، أي لابد من أن تكتشف الجريمة فور ارتكابها، وأن تترك آثارة تدل عليها بشكل واضح.

    ونحن مع الرأي الذي يقول إن عبارة (الانتهاء ) تعني لحظات يسيرة، لأنها إذا طالت فإن الجرم قد يعد مشهودة طبقا للحالة الرابعة من حالات الجرم المشهود ولكن ليس لهذه الحالة.

    ثالثاَ – القبض على فاعل الجريمة بناء على صراخ الناس :

     ويفترض هنا أن المجني عليه طارد الجاني أو تنبه إليه المارة من تلقاء ذاتهم فلحقوا به وعلا صراخهم، وتلك قرينة على أنه لم يمض على ارتكاب الفعل إلا فترة وجيزة، فيشترط ملاحقة المشتبه به أي متابعته من الناس بالجري خلفه أو في مكان ارتكاب الجريمة. كما يشترط أيضا أن تقترن الملاحقة بالصراخ، أي بارتفاع الصوت، أي أن يصدر عن الناس أصوات مثل (هذا هو الحرامي أو القائل امسكوا به ولا يشترط لتوافر الصراخ الركض خلف المشتبه به وانما يكفي أن ينبهوا بصياحهم والإشارة إليه بما يفيد اتهامه.

    إذا ضبط عضو الضابطة العدلية هذا المشهد فإن الجرم يعد مشهودة طالما أن المطاردة لم تنته.

     لأنه لا يكون هناك جرم مشهود إذا كان المجني عليه قد صادف الجاني في اليوم التالي لوقوع الجريمة فراح يطارده صائحا بأنه مجرمة.

    كما ينبغي التفريق بين صراخ الناس وبين الإشاعة التي يتناقلها الناس فيما بينهم.

    فإذا أشيع أن شخصا معينة قد ارتكب جريمة، فهذه الإشاعة لا تكفي لتكون جريمة مشهودة.

    رابعاً- مشاهدة أدلة الجريمة

    يعد من حالات الجرم المشهود حسب ما جاء في المادة (28) الفقرة (2) من قانون أصول المحاكمات الجزائية، عندما يضبط مع المشتبه به أشياء أو أسلحة أو أوراق يستدل منها أنه فاعل الجرم وذلك خلال الأربع والعشرين ساعة من وقوع الجريمة،

    كما لو ضبط شخص عقب ارتكاب جريمة السرقة بفترة وجيزة ومعه الأشياء المسروقة أو السلاح الذي استعمل في السرقة، أو حتى إذا شوهدت آثار دماء على ثياب شخص تدل على ارتكابه جريمة قتل. فهذه الآثار لا تقل أهمية عن الأسلحة والأوراق، يجب أن يتم ذلك خلال الأربع والعشرين ساعة على ارتكاب الجريمة،

    فالمشاهدة هنا لا تقع على العناصر المادية للجريمة مباشرة وإنما على عناصر مادية أخرى يستدل منها على وقوع الجريمة وعلى مرتكبها”.

    من خلال دراستنا لهذه الحالات الأربع، فإننا إذا دققنا فيها نصل إلى استنتاج بأن الحالة الأولى التي ذكرتها المادة (28) من حالات الجرم المشهود هي حالة الجرم الحقيقي لأن عضو الضابطة العدلية يشاهد الجرم حال ارتكابه، بينما الحالات الثلاث الأخرى هي استنتاجية أو اعتبارية.

    فالفارق بين الجرم المشهود والجرم العادي هو من حيث ضبط الجريمة، أي مشاهدة الجرم في إحدى حالاته الأربع، فإذا لم ير عضو الضابطة العدلية إحدى هذه الحالات فلا يعد الجرم مشهودة ولا يستطيع القيام بأعمال التحقيق الابتدائي.

    ب- شروط الجرم المشهود

    هناك شروط لابد من أن تتوافر حتى يكون الجرم مشهودة وتتسع معه سلطات الضابطة العدلية، وهذه الشروط هي :

    1- مشاهدة الجرم

    المشاهدة ضرورية ويجب أن تتم من الموظف ذاته، أي أن يشاهد عضو الضابطة العدلية الذي قام بضبط الجريمة المظاهر الخارجية المادية المحسوسة. فلا يكفي أن يكون قد سمع عن الجريمة من شخص آخر شاهد الجرم،

     كما لا يعد الجرم مشهودة عندما يصل إلى علم عضو الضابطة العدلية نبأ وقوع جريمة حيازة سلاح غير مرخص عن طريق رواية رجل الشرطة بعد انفضاض المشاجرة التي قيل إن المتهم كان يطلق فيها الرصاص من مسدس يحمله.

    كذلك لا يعد من حالات الجرم المشهود إحراز مواد مخدرة إذا كان المتهم قد أخرج ورقة من جيبه عند رؤية رجل الشرطة ووضعها بسرعة في فمه، لأن ما حوته تلك الورقة لم يكن ظاهرة حتى يستطيع رجل الشرطة رؤيته..

    أما إذا علم عضو الضابطة بوقوع جريمة قتل وانتقل فورة إلى مكان الحادث وشاهد الجثة فعلا وهي تسيل دما، فهذا يعد أنه شاهد المظاهر المادية الخارجية بشكل ملموس تنبئ بوقوع الجريمة منذ فترة قصيرة جداً.

    2- أن تكون المشاهدة مشروعة

    لا يكفي أن يشاهد عضو الضابطة العدلية إحدى حالات الجرم المشهود بنفسه، وإنما لابد من أن تكون هذه المشاهدة مشروعة ومطابقة للقانون.

     فمثلا لا يعتد بمشاهدة عضو الضابطة العدلية لجريمة ترتكب داخل منزل عن طريق دخوله إلى هذا المنزل بوجه غير قانوني، أو عن طريق مخالفة الأداب والأخلاق العامة مثل النظر من ثقوب الأبواب أو استراق السمع أو اقتحام المنازل.

    كذلك إذا حرض عضو الضابطة العدلية شخصا على ارتكاب جريمة، وعندما بدأ في تنفيذها كشف له عن شخصيته، فإن الجريمة المشهودة لا تتحقق في هذه الحالة لأن إثباتها يكون قد تم بوسيلة غير مشروعة.

    لكن عمله يكون مشروعاً إذا حدثت مشاهدة الجرم المشهود بطريق الصدفة، أي إذا لم يقم عضو الضابطة العدلية بأي نشاط غير مشروع من جانبه يؤدي إلى القول إنه هو الذي دفع إلى وجود حالة الجرم المشهود.

     مثال إذا كان دخول المحل العام كالمطاعم أو المقاهي أو غيرها من المحلات المفتوحة للجمهور من مقتضيات وظيفته، فإذا شاهد بطريق الصدفة أثناء قيامه بواجبه جريمة قتل أو ضرب أو بيع مخدر وتوافرت فيها إحدى حالات الجرم المشهود، فإن اكتشافها يكون مشروعاَ.

     وإذا كان من الجائز له دخول المحل العام فإنه يجوز له من باب أولى النظر من تقب الباب للاطلاع على ما يجري بداخله، فإذا شاهد جريمة ترتكب في داخله، تكون الجريمة مشهودة لأنها تحققت بوسيلة مشروعة.

    إن معیار توافر حالة الجرم المشهود المنتج لأثاره القانونية هو مشروعية أو عدم مشروعية نشاط عضو الضابطة العدلية، فتقوم حالة الجرم المشهود إذا كان النشاط مشروعة، والعبرة هو لتصرف عضو الضابطة العدلية المشروع وليس لما يرد إلى ذهن المشتبه به.

     فإذا ثبت أن عضو الضابطة العدلية لم يكن يريد القبضعلى المشتبه به، وإنما ځل للمشتبه به ذلك عند رؤيته لعضو الضابطة العدلية فتخلى عما كان في حيازته، فإن حالة الجرم المشهود قائمة قانوناً.

    كما إذا ألقي شخص بإرادته کيسة أو حقيبة كان يحملها بمجرد رؤيته لعضو الضابطة العدلية في الطريق العام ثم أسرع في سيره، فلما فتح عضو الضابطة الكيس أو الحقيبة عثر فيها على سلاح غير مرخص فإن الجرم يتحقق في هذه الحالة بطريق مشروع وقانوني.

    ج- الآثار المترتبة على الجرم المشهود

    إن الحكمة من إباحة الالتجاء استثناء إلى بعض إجراءات التحقيق دون استئذان سلطة التحقيق المختصة أصلا بإجرائها، هي أن الجريمة، وقعت في حالة مشاهدة، مما يستدعي استنهاض همة المشرع في أن يسهل الإجراءات بحيث يمكن ملاحقة الجاني والأدلة ما زالت تشير إلى شخصه، لهذا كله خول المشرع من شاهد الجريمة حق مباشرة بعض إجراءات التحقيق على حسب الأحوال، بطريقة عفوية لا يحتاج معها إلى استئذان صاحب السلطة أصلا في إجرائها .

     

  • سلطات الضابطة العدلية في التحقيق الأولى

    سلطات الضابطة العدلية في التحقيق الأولى

    سلطات الضابطة العدلية في التحقيق الأولى ( الإخبار - الشكوى - الاستقصاء عن الجرائم - جمع الأدلة - تنظيم الضبوط )

    مقدمة حول سلطات الضابطة العدلية

    نصت المادة /6/ من قانون أصول المحاكمات الجزائية على ما يأتي:

    “موظفو الضابطة العدلية مكلفون استقصاء الجرائم وجمع أدلتها والقبض على فاعليها وإحالتهم على المحاكم الموكول إليها أمر معاقبتهم”.

    يتبين من هذه المادة أن المشرع لم يحدد الإجراءات التي يمكن اتخاذها من قبل الضابطة العدلية على سبيل الحصر.

    فالعبارات التي وردت في هذه المادة جاعت عامة، ولا يجوز الأخذ بهذه الألفاظ الظاهرة لأنها لا تتوافق مع الأصول المتبعة والتي تقيم حدا بين الضابطة العدلية والتحقيق الابتدائي. فأعمال الضابطة العدلية محصورة في الإجراءات التي تسبق الملاحقة الجزائية.

    وهي الإجراءات التي تقوم بها من جمع للأدلة والاستقصاءات التي تساعد في إزالة الغموض المحيط بالجريمة وكشف الحقيقة، وتمكن النيابة العامة من اتخاذ القرار المناسب بشأن إقامة الدعوى العامة أو حفظ الأوراق.

     فالضابطة العدلية ليست هي التي تحيل المدعى عليهم إلى المحاكم، لأن ذلك من اختصاص قضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق.

    لكن مهمة الضابطة العدلية في جمع الأدلة تختلف حسب كون الجريمة التي ارتكبت جريمة عادية، أم جريمة مشهودة.

    فالمشرع عدد الواجبات الملقاة على عاتق الضابطة العدلية بصفة عامة، ثم وسع من نطاق تلك الواجبات عندما يكون من المصلحة اتخاذ بعض الإجراءات في الوقت المناسب من قبل الضابطة العدلية. وفي جميع الأحوال لابد من أن نميز حالتين:

    أولا: أن لا يكون التحقيق قد بدأ في القضية، فهذا يقوم أعضاء الضابطة العدلية باستقصاء الجريمة، وجمع أدلتها، والبحث عن فاعليها، وهذا ما أطلقنا عليه اسم التحقيق الأولى.

    ثانيا: أن يكون التحقيق القضائي قد بدأ في القضية، وهنا تنحصر اختصاصات الضابطة العدلية في تنفيذ الأوامر أو الإنابات التي يتلقونها من القاضي المحقق.

    سلطات الضابطة العدلية في التحقيق الأولى

    تمارس الضابطة العدلية سلطاتها عن طريق إحدى الطرق التالية:

    1- إما بتدخل عفوي من قبل شخص ثالث يخبرها بوقوع جريمة، وهذا ما يعرف بالإخبار .

    2- أو عندما تقدم شكوى من المجني عليه إلى أفراد الضابطة العدلية يعلمها بوقوع جريمة.

    3- أو بعمل عفوي من عضو الضابطة العدلية عند مشاهدته لجريمة أو بعد وصول علمها إليه واستقصائه عنها.

    4- أو بإنابة من سلطة قضائية أو النيابة العامة في الأحوال المكلفة فيها بالتحقيق.

    أ- تلقي الإخبارات

    الإخبار: الإخبار بمعناه الواسع هو نقل نبأ وقوع جريمة إلى سمع الضابطة أو القضاء، وبمعناه الدقيق أن يروي شخص لم يحل به ضرر الجريمة نبأها إلى الضابطة العدلية أو القضاء أي إن الإخبار عموما يصدر عن أي شخص سواء كان شاهدا على الجريمة أم عالما بها.

    بمعنى أنه يكون من شخص رسمي أو شخص عادي لم تقع عليه الجريمة.

    والإخبار ليس له شكل معين وإنما كل ما اشترطته المادة (27) من قانون أصول المحاكمات الجزائية هو:

    1 – أن يكون هذا الإخبار خطية يحرره صاحبه أو من ينيبه عنه بموجب وكالة خاصة، ويجوز أن يحرره النائب العام إذا طلب إليه ذلك، ويوقع كل صفحة من صفحاته النائب العام والمخبر أو وكيله.

    2- إذا كان المخبر أو الوكيل أمية، فيستعاض عن توكيله ببصمة إصبعه، واذا تمنع فيشار إلى ذلك .

    3- ترفق الوكالة بورقة الإخبار، وللمخبر إذا شاء أن يستخرج على نفقته صورة عن إخباره بتلقي الشكاوي

    ب – الشكوى :

     هي إعلام خطي يقدمه المجني عليه الذي وقعت عليه الجريمة، سواء تضرر منها أم لم يتضرر، إلى الضابطة العدلية يعلمها فيه بالاعتداء الذي تعرض له والواقع إما على جسده أو ماله أو سمعته.

    والفرق بين الشكوى والإخبار هو أن الشكوى تصدر من الشاكي الذي وقعت عليه الجريمة، أما الإخبار فيصدر من الشخص الذي لم تقع عليه الجريمة وإنما شاهدها أو علم بها. ولابد من أن تتوافر في الشكوى الشروط التالية:

    1- أن يكشف الشاکی عن نفسه ولا يقبل منه أن يتستر تحت شكوى مغفلة.

    2- أن يبين الفعل الجرمي الذي وقع عليه.

    3- أن تكون الشكوى خطية وينظمها الشاكي بنفسه أو بواسطة وكيله بموجب وكالة خاصة، أو النائب العام إذا طلب منه ذلك. مع مراعاة الأحكام الواردة في المادة 27 من قانون أصول المحاكمات جزائية والمطبقة على الإخبار .

    وفي جميع الأحوال فإن المشرع فيما يتعلق بالإخبار أو بالشكوى لم يحدد وقتا لتقديمهما، إلا أنه من المستحسن أن يقدما حال وقوع الجرم على الشاكي أو بعد علم المخبر بالجريمة، حتى تستطيع الجهات المختصة أن تضبط بشكل سريع مرتكب الفعل الجرمي وتقوم بجمع الأدلة الصحيحة، وعلى عضو الضابطة العدلية عندما يقدم إليه الإخبار أو الشكوى أن يحيله بلا إبطاء إلى النيابة العامة.

    ج- الاستقصاء عن الجرائم

    الاستقصاء يعني “البحث عن جريمة قد تكون وقعت، إما بناء على شكوى أو إخبار عادي، أو بناء على تكليف من النيابة العامة، أو بناء على معلومات وصلت إلى رجل الضابطة العدلية من أي مصدر كان فأعمال الاستقصاء هدفها الكشف عن كافة الظروف والملابسات التي ارتكبت فيها الجريمة، والبحث عن كافة المعلومات الخاصة بها وبالمجني عليه فيها، كتحديد وقت ومكان وقوعها والوسائل التي استخدمت في ارتكابها.

     ولعضو الضابطة العدلية أن يستعين بكافة الوسائل والطرق المشروعة للكشف عن الجريمة، شريطة عدم مخالفة القانون، فلا يجوز له التعرض للحرية الشخصية للأفراد أو لحرمة المساكن أو اللجوء إلى الأساليب غير المشروعة مثل استراق السمع والتجسس من ثقوب الأبواب، أو تسجيل الأحاديث عن طريق وضع آلات تسجيل الصوت خفية في مكان خاص، أو تسجيل المخابرات الهاتفية والاطلاع على البرقيات والرسائل، لما في ذلك من خرق لحرمة الحياة الخاصة للمشتبه به.

    ولكن ليس ما يمنع من وضع الات تسجيل أو استراق السمع في الأماكن العامة، فهذه تعد وسائل مشروعة لجمع المعلومات عن الجرائم، لأن ما يقال في الأماكن العامة لا يعد سراً يجب المحافظة عليه، ولا ينطوي على اعتداء على الحياة الخاصة للناس.

    كما أن عمل رجل الضابطة العدلية يكون صحيحة إذا تظاهر بأنه مدمن مخدرات و يرغب في شراء كمية منها، ليقبض على الفاعل، ولكن يصبح عمله باطلاً إذا خلق جريمة من عدم، كأن يأتي رجل الضابطة إلى شخص ويصور له ربحاً من جريمة يقترفها ويقنعه بها، وعندما يقع في الشرك يداهمه، فهنا يكون رجل الضابطة هو الذي خلق الجريمة بطريق الغش والخداع والتحريض على ارتكابها، فلولاه لما كان في نية مقترفها ارتكابها، فإجراء القبض يكون باطلاً هنا لأنه وليد عمل غير مشروع، ويسأل عضو الضابطة العدلية عن التحريض أو التدخل في الجريمة حسب الأحوال.

    كما أنه ليس هناك ما يحول دون الاستعانة بالكلاب المدربة للمساعدة في اكتشاف الجرائم والمجرمين. ويكون ذلك على سبيل الاستدلال لأن هذه الحيوانات تعمل بغرائزها وحدها ولا يمكن الاطمئنان إلى نتيجة دلالتها.

    ولكن يكون عمل عضو الضابطة العدلية باطلا إذا عمد إلى استخدام العقاقير المخدرة، واستخدام جهاز الكذب، واللجوء إلى التنويم المغناطيسي، لأن ما يصدر عن المشتبه فيهم تحت تأثير هذه الإجراءات لا يمكن الاعتماد عليه لأنه يكون خليط من الذكريات والأحاسيس والرغبات المكبوتة، إضافة إلى أنه في مثل هذه الإجراءات اعتداء على أسرار الإنسان وحياته الخاصة. لذلك فكل اعتراف أو إقرار ناتج عن هذه الإجراءات يكون باطلا وغير مشروع، فهو بعيد كل البعد عن الموضوعية.

    د- جمع الأدلة

    حتى يتمكن أعضاء الضابطة العدلية من القيام بواجبهم في مرحلة التحقيق الأولى وهو التثبت من وقوع الجريمة والكشف عن الفاعلين، لابد لهم من جمع المعلومات المتعلقة بهذه الجريمة، ويكون ذلك عن طريق الذهاب إلى مكان الجريمة أو أي مكان آخر من أجل إجراء المعاينات اللازمة وضبط الأشياء التي تدل على اقتراف الجريمة، كالأسلحة والبصمات واتخاذ كل الوسائل التحفظية اللازمة للمحافظة على أدلة الجريمة، ولهم الاستماع إلى المشتبه بهم وأخذ أقوال الشهود والاستعانة بأهل الخبرة من أطباء وغيرهم وطلب رأيهم شفهية أو كتابياً، لكن لا يجوز لهم تحليف الشهود أو الخبراء اليمين القانونية.

     كذلك فإن ما لا يجوز لعضو الضابطة العدلية أن يفعله أثناء جمع الأدلة هو إصدار مذكرة إحضار للمشتبه به أو للشاهد، وإنما استدعاؤه بالطريق الإداري أو بأي طريق ممكن، فإذا تمنع عن الحضور فما عليه إلا أن يشير إلى ذلك في الضبط الذي نظمه.

     كما يمتنع على عضو الضابطة العدلية تفتيش الأماكن المسكونة أو الأشخاص لأن تفتيشها من إجراءات التحقيق الابتدائي ..

    ه- تنظيم الضبوط

    بعد أن يقوم عضو الضابطة العدلية بالاستقصاء عن الجريمة المرتكبة وجمع المعلومات حولها، لابد له من أن ينظم ضبطأ بكل الإجراءات التي قام بها وبكل ما رأه وما سمعه. فالضبط الذي يقوم بتنظيمه يثبت فيه جميع المعلومات التي حصل عليها وكل الإجراءات التي قام بها، ولكي يكون للضبوط التي ينظمها أعضاء الضابطة العدلية القوة الثبوتية التي خصها القانون بها، لابد من أن يتوافر فيها شرطان:

    الشرط الأول يتعلق بمنظم الضبط، والشرط الثاني يتعلق بالضبط ذاته.

    خاصة أن هذه الإجراءات التي قام بها عضو الضابطة العدلية ستكون الأساس الذي تستند إليه النيابة العامة من أجل إقامة الدعوى العامة أو حفظ الأوراق.

    أ- الشروط التي يجب أن تتوافر في منظم الضبط

    1- أن يكون هذا الضيط قد نظم من أحد موظفي الضابطة العدلية وفي حدود اختصاصه من حيث المكان والنوع وأثناء قيامه بوظيفتها.

    2- أن يحلف عضو الضابطة العدلية اليمين القانونية قبل مباشرته لمهام عمله، ويتم ذلك مرة واحدة، وليس من الضروري حلفها مرة أخرى عند نقله من منطقة إلى أخرى.

    وتؤدي اليمين أمام المرجع المعين لسماعها قانونا، فالقضاة يقسمون اليمين أمام محكمة الاستئناف المدنية الأولى العاملين في منطقة اختصاصها.

    أما ضباط الشرطة فيؤدون اليمين أمام وزير الداخلية عند بدء تعيينهم وقبل استلامهم أعمالهما

    3- أن يكون مرتدية الملابس الرسمية عند ممارسته لأعمال وظيفته.

     أما إذا لم يكن له لباس خاص فهو ملزم بالتعريف عن نفسه بصورة جلية، عن طريق إبراز البطاقة الخاصة التي يحملها.

    ب – الشروط التي يجب أن تتوافر في الضبط

    1- ألا يتضمن الضبط إلا الوقائع المادية فقط أي كل ما جرى أو قيل بحضور عضو الضابطة العدلية وكل ما رأه وما سمعه، فلا يجوز له بيان رأيه الشخصي والقيام بتحليل الوقائع.

    2- أن ينظم الضبط باللغة العربية، وضمن المدة القانونية المحددة، فإذا لم يحدد القانون مدة، فأن يتم تنظيم الضبط في أسرع وقت ممكن حفاظا على سلامة الإجراءات .

    3- أن يكون موقع ومؤرخا عليه من قبل من حرره، وتحفظ نسخة منه في سجل خاص حتى لا يكون عرضة لأي تبديل أو تغيير.

    4- أن تراعى الحدود والأشكال المقررة لكيفية أداء بعض الإجراءات عند تحرير المحضر.

    سلطات الضابطة العدلية الاستثنائية

    الأصل أن وظيفة الضابطة العدلية كما رأينا جمع المعلومات والاستقصاء للكشف عن الجريمة وفاعلها. ومع ذلك فقد أعطى المشرع لموظفي الضابطة العدلية وبصفة استثنائية اتخاذ بعض الإجراءات الجبرية والماسة بالحرية في بعض الأحوال لما تفرضه ضرورة الموقف من اتخاذ إجراءات عاجلة وفورية من أجل جمع الأدلة قبل أن تمتد إليها يد العبث، وهي حالة الجرم المشهود، حيث منح المشرع لرجال الضابطة العدلية الحق في مباشرة قدر كبير من إجراءات التحقيق الابتدائي، كما أجاز ندب بعض رجال الضابطة العدلية وإنابتهم من قبل سلطة التحقيق المباشرة إجراء معين أو أكثر من إجراءاته..

  • السلطة المختصة في التحقيق الأولي (الضابطة العدلية)

    السلطة المختصة في التحقيق الأولي (الضابطة العدلية)

    السلطة المختصة في التحقيق الأولي (الضابطة العدلية)

    عندما تقع جريمة، ينشأ للدولة الحق في معاقبة مرتكب هذه الجريمة، ولكن حتى لا يزج بشخص في السجن من دون أدلة كافية على ارتكابه الجريمة، لابد من البدء بتحقيق أولي لجمع المعلومات والأدلة والكشف عن الفاعلين وضبطهم وإحالتهم إلى النيابة العامة التي تحيلهم بدورها إلى المرجع القضائي المختص. وتسمى هذه المرحلة ب (مرحلة التحقيق الأولي)، وتبدأ منذ وقوع الجريمة وتستمر إلى أن تقام الدعوى العامة. ولا تعد هذه الإجراءات من إجراءات الدعوى العامة لأنها سابقة عليها ولا تؤدي إلى إقامتها فهي إجراءات ليست ذات طبيعة قضائية وإنما هي شبه إدارية.

    وقد عهد المشرع للقيام بهذه المهمة إلى مجموعة من الأشخاص الذين أعطاهم القانون صفة الضابطة العدلية)، ويقوم هؤلاء بتزويد السلطات المختصة بالمعلومات اللازمة في حدود الاختصاص المقرر لهم قانونا. فهم الأقدر من غيرهم على القيام بتلك المهمة لما يتوافر لديهم من خبرة ودراية وتخصص.

     وتتميز الإجراءات التي يقومون بها بأنها يمكن أن تسبق ظهور الجريمة لأن هدفها الكشف عن الجريمة ، كما يمكن أن تكون لاحقة لظهور الجريمة ولكن قبل اتجاه الاتهامات أو الشبهات إلى متهم بالذات، فالهدف منها هو الوصول إلى تحديد شخص المتهم.

     لذلك يمكن القول إن التحقيق الأولي هو مجموعة الإجراءات التي يقوم بها أعضاء الضابطة العدلية عقب علمهم بجريمة ما.

    وتنتهي هذه المرحلة بإعداد محضر يسمى محضر التحقيق الأولي، ليضع بين يدي النيابة العامة المعلومات التي تحيط بالجريمة ومرتكبها حتى تستطيع أن تتخذ قرارها إما بإقامة الدعوى العامة في مواجهة المتهم واحالته إلى الجهة القضائية المختصة حسب نوع الجريمة، أو بإصدار قرار بحفظ الأوراق في حال رأت أن ما يتضمنه المحضر من معلومات وأدلة ليس جديا بما فيه الكفاية، فالنيابة العامة ليست ملزمة بالأخذ بما جاء في المحضر، بل لها أن تهمل بعضه أو تهمله كلهه.

    فمرحلة التحقيق الأولي لا تدخل ضمن المراحل الحقيقية للدعوى العامة، وإنما هي مرحلة سابقة على إقامة تلك الدعوى واجراءاتها، لذلك فإن إجراءات التحقيق الأولي لا تحرك الدعوى العامة.

    وعلى الرغم من الأهمية العملية لهذه المرحلة، فإنها لا تعد مرحلة قضائية، فهي مرحلة تبدأ منذ وقوع الجريمة وتستمر إلى أن تقيم النيابة العامة الدعوى العامة.

    لذلك لابد من تقسيم دراستنا إلى:

    – السلطة المختصة في التحقيق الأولى (الضابطة العدلية).

    – سلطات الضابطة العدلية.

     

    السلطة المختصة في التحقيق الأولي – الضابطة العدلية

    السلطة التي تتولى القيام بإجراءات التحقيق الأولي تسمى الضابطة العدلية، ومن أجل معرفة ما

    هو المفهوم الحقيقي للضابطة العدلية لابد من التمييز بين المفهوم الواسع والمفهوم الضيق للضابطة العدلية.

    أولا- المفهوم الواسع للضابطة العدلية

    يعني مجموعة القواعد التي تفرضها السلطة العامة على المواطنين ويشمل كل ما تقوم به العدالة الجزائية منذ جمع الأدلة الأولى حتى اللحظة التي تتسلم فيها محكمة الموضوع القضية بما فيها أعمال قاضي التحقيق.

    ثانيا – المفهوم الضيق للضابطة العدلية

    ينحصر في نطاق القانون الإداري، أي السلطة المكلفة بالحفاظ على الهدوء والأمن والصحة

    العامة، بحيث لا يشمل إلا الأعمال المؤقتة التي تسبق إقامة الدعوى العامة وهدفها تنوير النيابة العامة

    من أجل إقامة الدعوى العامة أو عدم إقامتها، لهذا لابد من التمييز بين نوعين من الضابطة، الضابطة الإدارية والضابطة العدلية.

    1- الضابطة الإدارية

    تسبق مهمتها وقوع الجريمة وتتمثل في اتخاذ التدابير الكفيلة بمنع وقوع الجرائم ومراقبة الأشخاص المشتبه بهم، وتنفيذ ما تأمر به القوانين التي تمنع حمل السلاح والمتاجرة بالمواد السامة والمحافظة على الأملاك والقيام بالدوريات في الليل والنهار و بث العيون لتقصي آثار المجرمين، وغير ذلك من الأمور التي من شأنها حفظ النظام في المجتمع.

    فوظيفتها هي الوقاية من الجريمة ومنع وقوعها عن طريق حفظ النظام العام بعناصره الثلاثة المعروفة وهي: الأمن العام، والسكينة العامة، والصحة العامة. ويقوم بهذه المهمة الشرطة أو قوى الأمن الداخلي ورئيسها المحافظ في المحافظة.

    2- الضابطة العدلية

    عندما تخفق الضابطة الإدارية في المحافظة على الأمن والنظام وتفشل في منع وقوع الجريمة،

    وتقع الجريمة (جناية أو جنحة أو مخالفة)، يبدأ دور الضابطة العالية التي تقوم بجمع المعلومات وإجراء الاستقصاءات اللازمة عن الجريمة والبحث عن مرتكبيها. فعمل الضابطة العدلية محصور في الإجراءات التي تسبق إقامة الدعوى العامة والتي تهدف إلى مساعدة النيابة العامة من أجل أن تقيم الدعوى أو لا تقيمها.

    وقد عرف البعض عمل الضابطة العدلية بأنه: “الكشف عن وقوع الجريمة وجمع الاستدلالات

    اللازمة لمعرفة مرتكبها، وتقديمها إلى النيابة العامة، وعلى ضوئها يتم تحريك الدعوى الجنائية سواء بالتحقيق أو برفعها”.

    كما عرفها البعض الآخر بأنها: مجموعة الإجراءات التي تباشر خارج إطار الدعوى العامة وقبل البدء فيها بقصد التثبت من وقوع الجريمة والبحث عن مرتكبيها وجمع الأدلة والعناصر اللازمة التحقيق”.

    التمييز بين الضابطتين:

    وقد سكت قانون أصول المحاكمات الجزائية عن التمييز بين هاتين الضابطتين، ويقول الفقيه

    الفرنسي غارو في هذا الصدد: أن الضابطة الإدارية والضابطة العدلية تتلامسان بشكل يصبح معه أمر التفريق بينهما عسيرا فلا يعرف أين تنتهي الأولى ولا أين تبدأ الثانية، فإذا كان هذا التفريق يبدو سه من الناحية النظرية، إلا أنه ليس كذلك من الناحية العملية. لذلك لا يجب التوسع كثيرة في التفريق بين الضابطة الإدارية والضابطة العدلية.

    والسبب أن بعض أعضاء الضابطة الإدارية يعدون في الوقت نفسه من أعضاء الضابطة العدلية، أي يجمعون الصفتين القضائية والإدارية معا.

     فمثلا الشرطي الذي ينظم حركة مرور السيارات وسيرها، ويعمل على منع ارتكاب المخالفات ووقوع جرائم عدم الحيطة والاحتراز ، يقوم بعمله كضابطة إدارية ولكنه يصبح من الضابطة العدلية عندما يضبط الجريمة التي وقعت على مقربة منه ويستقصي عنها ويكشف فاعلها

    وقد بين المشرع على سبيل الحصر في المواد 7 و 8 و 9 من قانون أصول المحاكمات الجزائية من تكون لهم صفة الضابطة العدلية، نظرا إلى خطورة العمل الذي يقومون به والذي يتطلب أحياناً المساس بالحريات الشخصية للمواطنين، فكان لابد من تحديد من يملك تلك الصفة بمقتضى القانون، لأنه لا يجوز تخويل تلك الصفة لأحد إلا بقانون.

    ويقسم أعضاء الضابطة العدلية إلى فئتين، الفئة الأولى: هم أعضاء الضابطة العدلية ذوو الاختصاص العام، والفئة الثانية هم أعضاء الضابطة العدلية ذوو الاختصاص الخاص.

    أعضاء الضابطة العدلية ذو الاختصاص العام

    أ-  الطائفة الأولى : الضباط القضاة

    حسب ما جاء في المادة (7) من قانون أصول المحاكمات الجزائية: “يقوم بوظائف الضابطة العدلية:

    1- النائب العام ووكلاؤه ومعاونوه.

    2- قضاة التحقيق.

    3- قضاة الصلح في المراكز التي لا يوجد فيها نيابة عامة. كل ذلك ضمن القواعد المحددة في

    القانون”.

    ويستمد هؤلاء سلطتهم من طبيعة وظائفهم القضائية. فالنائب العام ومعاونوه يقيمون

    الدعوى العامة ويترافعون فيها وينفذون الأحكام الصادرة فيها. وقاضي التحقيق الذي يمثل سلطة التحقيق الابتدائي، بيده أمر التوقيف والظن بالمدعى عليهم المحالين عليه.

    كما أن قاضي الصلح يعد مرجعا قضائيا له سلطة الادعاء والفصل في القضايا التي تدخل في اختصاصه لا تختلط الوظيفة القضائية لكل من هؤلاء بوظيفته كضابط عدلي، أي تلقي الإخبارات والشكاوي التي ترد إليهم من المواطنين.

    فالنائب العام: يتلقى الإخبارات والشكاوى التي ترده من الأفراد، ويتلقى المحاضر والتقارير

    والإخبارات التي ينظمها الضباط العدليون المساعدون.

    وقاضي التحقيق: يتلقى أيضاً الإخبارات والشكاوي ويرسلها إلى النائب العام، وينظم محاضر بما شاهد من جرائم، و يمارس أعمال النائب العام في الجناية المشهودة.

    وقاضي الصلح: يتلقى الإخبارات والشكاوى الخاصة بالجرائم المرتكبة في نطاق مكان اختصاصه، كما يحرر محاضر بالمخالفات التي يعود إليه أمر النظر فيها ويقوم بالإجراءات المنصوص عليها في المادة 46 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.

    ب- الطائفة الثانية، الضباط المساعدون:

    وهم من غير القضاة، فهم موظفون إداريون وقد نصت عليهم المادة (8) من قانون أصول

    المحاكمات الجزائية، يساعدون النائب العام في إجراء وظائف الضابطة العدلية وهم: المحافظون، القائم مقامون، مديرو النواحي والمدير العام للشرطة، ومديرو الشرطة، ومدير الأمن العام، ورئيس القسم العدلي، ورئيس دائرة الأدلة القضائية، وضباط الشرطة والأمن العام، ونقباء ورتباء الشرطة المكلفون رسمياً برئاسة المخافر أو الشعب، ورؤساء الدوائر في الأمن العام، ومراقبو الأمن العام المكلفون رسميا برئاسة المخافر أو الشعب، ومختارو القري وأعضاء مجالسها، ورؤساء المراكب البحرية والجوية.

    وعلى هؤلاء إيداع النائب العام الإخبارات والشكاوى التي تصل إليهم ومحاضر الضبوط والتقارير التي ينظمونها، ويستقصون عن أي جريمة سواء كانت جناية أم جنحة أو مخالفة تقع في دائرة اختصاصهم المكاني، والمحدد أصلا بالمادة (3) من قانون أصول المحاكمات الجزائية.

    كما أنهم مكلفون بتنفيذ أوامر النائب العام أو وكلائه لأنهم موضوعون تحت إمرتهم، إلا في حالة الجناية المشهودة، فلهم أن يقوموا بالتحقيقات حالا دون أمر من أحد

     أعضاء الضابطة العدلية ذوو الاختصاص الخاص

    يقوم هؤلاء بضبط جرائم معينة ترتبط بالوظائف التي يقومون بها عادة، وولايتهم لا

    يجوز أن تتعدى تلك الجرائم التي كلفوا باستقصائها.

    وقد نصت المادة /8/ الفقرة /2 من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أنه: “وجميع الموظفين الذين خولوا صلاحيات الضابطة العدلية بموجب قوانين خاصة.”

    وقد  ذكرتهم هذه المادة على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر، لأن عددهم في ازدياد مستمر.

    وتنحصر مهمتهم في التثبت من جرائم خاصة موضوعة تحت إشراف وزاراتهم، وتنظيم محاضر بها. من هؤلاء على سبيل المثال : موظفو الجمارك مفتشو العمل والآثار، والصحة، أمين السجل المدني، شرطة السير المكلفة بضبط مخالفات السير، مدققو الأوزان والمكاييل … الخ

    فجميع هؤلاء ليس لهم ممارسة سلطاتهم إلا فيما يتعلق بجرائم معينة ترتبط بوظيفتهم وكل إجراء يقع منهم في غير الجرائم المرتبطة بوظيفتهم يكون إجراء باطلا لتجاوزه حدود الاختصاص النوعي.

    فليس الموظف الجمارك على سبيل المثال أن يقوم بمباشرة اختصاص الضابطة العدلية بشأن جريمة إيذاء أو سرقة، حتى لو كانت هذه الجريمة وقعت داخل الدائرة الجمركي.

    كما نصت المادة /9/ من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أن: النواطير القرى العموميين والخصوصيين وموظفي مراقبة الشركات والصحة والحراج الحق في ضبط المخالفات وفقا للقوانين والأنظمة المنوط بهم تطبيقها ويودعون رأسة المرجع القضائي المختص المحاضر المنظمة بهذه المخالفات”.

     أي إن الضبوط التي ينظمونها لا ترسل إلى النيابة العامة، وإنما ترسل مباشرة إلى المحكمة.

    نصل إلى نتيجة أنه حتى تكون إجراءات عضو الضابطة العدلية التي يقوم بها صحيحة، فإن

    عليه أن لا يتجاوز نطاق اختصاصه النوعي الذي خوله إياه القانون.

    فتجاوزه حدود هذا النطاق يرتب بطلان ما يقوم به، لأن هذه القواعد من النظام العام.

     

    الاختصاص المكاني لأعضاء الضابطة العدلية

    القاعدة أنه إذا حدد المشرع لعضو الضابطة العدلية اختصاصية مكانية محددة، فيلزم لصحة

    الإجراءات التي تصدر منه أن تكون قد بوشرت في دائرة هذا الاختصاص، فإذا خرج عضو الضابطة عن دائرة اختصاصه لا تكون له سلطة ما وانما يعد فرداً عادياً.

    أ- تعيين الاختصاص المكاني لعضو الضابطة العدلية:

    ويتعين الاختصاص المكاني لعضو الضابطة العدلية بإعمال أحد المعايير الثلاثة التالية:

    1- إما مكان وقوع الجريمة

    2- إما موطن المدعى عليه

    3- إما مكان إلقاء القبض عليه

    هذه المعايير الثلاثة متساوية، وليس هناك أولوية لمعيار على أخر.

    فالمحافظ يقوم بوظيفته ضمن الحدود الإدارية لمحافظته، وضابط الشرطة ضمن الحدود الإدارية للقسم الذي يتبع له، فإذا تجاوزوا حدود اختصاصهم المكاني، يصبح أي واحد منهم كأنه فرد عادي وتكون إجراءاته باطلة، فليس لهم أن يباشروا إجراءاتهم خارج النطاق المكاني للجهة التي هم معينون لها.

    ب- امتداد الاختصاص المكاني:

    لكن القانون خول بعض الضباط العدلين الحق في القيام بأعمال الضابطة العدلية في جميع

    أنحاء الجمهورية بموجب نصوص خاصة، كالنائب العام في الجمهورية وقائد قوى الأمن الداخلي ورئيس شعبة الأمن السياسي ورئيس شعبة الأمن الجنائي.

    وعلى الرغم من وجوب احترام قواعد الاختصاص المكاني لرجال الضابطة العدلية، يصبح هذا الاختصاص قابلاً للامتداد في حالة الضرورة، أي متى كان الإجراء الذي يباشره في غير دائرة اختصاصه المكاني متعلق بجريمة وقعت في دائرة اختصاصه المكاني، أو كان المتهم يقيم في دائرة هذا الاختصاص، أو كان ضبطه قد تم فيها.

     عندئذ يقع عمل الضابط العدلي صحيح رغم تجاوزه حدود اختصاصه المكاني.

     فحالة الضرورة تسوغ امتداد الاختصاص المكاني، وإلا ترتب على ذلك بطلان الإجراءات، ولابد من الإشارة إلى حالة الضرورة في المحضر، كما لو ندب ضابط عدلي لتفتيش أحد الأشخاص لحيازته مواد مخدرة، فهرب الشخص إلى خارج الاختصاص المكاني للضابط فاضطر إلى ملاحقته وضبطه وتفتيشه، فيكون عمله صحيحة على الرغم من خروجه عن دائرة اختصاصه المكاني.

    كذلك الأمر في حالة ما إذا صادف الضابط العدلي شاهدة على وشك أن يموت قبل أن يؤدي

    شهادته، فيستمع إليه ويحرر محضر بشهادته.

    والأمر نفسه حين يتعلق بمطاردة محكوم عليه هارب من تنفيذ حكم واجب النفاذ ويستمر الضابط العدلي في مطاردته ولو اقتضى الأمر تجاوز حدود اختصاصه.

    أي إن امتداد الاختصاص لعضو الضابطة العدلية خارج حدود اختصاصه المكاني يقع صحيحة في حالة الضرورة المبررة، أما في حال عدم وجود ضرورة، فالأصل أنه ليس لأعضاء الضابطة العدلية مباشرة إجراءاتهم خارج النطاق المكاني للجهة المعينين فيها، وتعد الإجراءات التي يقومون بها باطلة ولا يعتد بالدليل المستمد منها.

    كما أن الدفع ببطلان التحريات التجاوز من أجراها حدود اختصاصه المكاني، لا تقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، لأن هذا الدفع يقتضي تحقيق موضوعية يدخل ضمن اختصاص محكمة الموضوع لا محكمة النقض.

    ج- تبعية أعضاء الضابطة العدلية لإشراف النائب العام:

    ينتمي معظم أعضاء الضابطة العدلية إلى جهاز الشرطة الذي يتبع وزارة الداخلية التي تشرف

    عليه إشرافة تنظيمية وإداريا.

    أما عندما يقومون بوظائف الضابطة العدلية فإنهم يخضعون لرقابة واشراف النيابة العامة.

    وقد نصت المادة (14) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أن:

    “1 – النائب العام هو رئيس الضابطة العدلية في منطقته، ويخضع لمراقبته جميع موظفي الضابطة العدلية بمن فيهم قضاة التحقيق.

    2 – أما مساعدو النائب العام في وظائف الضابطة العدلية المعينون في المادتين 8و9 فلا يخضعون لمراقبته إلا فيما يقومون به من الأعمال المتعلقة بالوظائف المذكورة .

    كما نصت المادة /16/ من القانون ذاته على أنه: “إذا توانی موظفو الضابطة العدلية وقضاة التحقيق في الأمور العائدة إليهم يوجه إليهم النائب العام تنبيها وله أن يقترح على المرجع المختص ما يقتضيه الحال من التدابير التأديبية”.

    ومن مظاهر تبعية أعضاء الضابطة العدلية للنيابة العامة ما يلي :

    1 – التزام أعضاء الضابطة العدلية بإخبار النائب العام عن الجرائم التي تصل إلى علمهم.

    2- إيداعه الإخبارات ومحاضر الضبوط التي ينظمونها بالجرائم التي تصل إلى علمهم.

    3- متابعة عضو الضابطة العدلية للتحقيق الذي بدأه قبل حضور النائب العام، إذا أمره النائب العام بإتمامه.

    4- تنفيذ الإنابة التي تصدر عن النيابة العامة.

     

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1