التصنيف: جزائي

قانون العقوبات السوري

  • جريمة السلب بالعنف حسب المادة 624 عقوبات عام

     

    أورد المشرع هذه السرقة المشددة في المادة 624، ونصها:

     “1- إذا رافق السرقة عنف على الأشخاص سواء لتهيئة الجريمة أو تسهيلها وسواء لتأمين هرب الفاعلين أو الاستيلاء على المسروق يعاقب الفاعل بالأشغال الشاقة المؤقتة.

     2- لا تنقص العقوبة عن خمس سنوات إذا تسبب عن العنف رضوض أو جروح أو إذا رافقته إحدى الحالات الأربعة الأولى المعينة في المادة 622″.

    إن العنف كما عرفته محكمة النقض السورية يعني الإكراه وأي عمل من أعمال القسر والإجبار يأتيه السارق ويوقعه على جسم المجني عليه ليحبط المقاومة التي يبديها “.

    توالعنف يجب أن يقترن بصلة مع السرقة ومرافق لها وعنصراً من عناصر تكوينها وتهيئتها أو تسهيلها أو لتأمين هرب الفاعلين أو الاستيلاء على المسروق، وأن يكون هذا العنف هو الوسيلة الوحيدة لتنفيذ السرقة ولقد سبق دراسة ظرف العنف على الأشخاص عند دراسة المادة 622، فنحيل إليه تجنبا للتكرار، مع إبداء الملاحظات التالية:

     – إن العنف المقصود كظرف مشدد لهذه الجناية هو صورة من صور الإكراه المادي، بالتالي فهو يتطلب عملاً مادياً.

    يستبعد إذن من نطاقه التهديد بالأقوال أو الإشارات الذي يشكل إكراهاً معنوياً مهما بلغ تأثيره على المجني عليه، ولو سهل اقتراف السرقة نتيجة خوف المجني عليه من التهديد.

    أما التهديد بالسلاح فيدخل في مدلول العنف، لا سيما وأن المشرع ساوى بينهما في المادة 622، معتبرا أن كل منهما له ذات الأثر في إضعاف مقاومة المجني عليه وتسهيل السرقة.

    وبذلك يكون هذا التهديد هو الصورة الوحيدة من الإكراه المعنوي التي تعد من قبيل العنف .

     ولقد عبرت محكمة النقض السورية عن هذا المنحى بقولها

     ” إن العنف هو كل عمل يؤثر في مقاومة المعتدى عليه ويعطلها حتى لا يقاوم السرقة… والتهديد بمسدس حربي يدخل ضمن مفهوم العنف “ .

     وفي مكان آخر قضت بأن الإكراه بنوعية المادي والمعنوي يعتبر أعلى درجات العنف، وكل إكراه هو عنف ولا عكس في ذلك…

     وكان إعطاء المخدر حتى يفقد المجني عليه شعوره تسهيلا للسرقة يعد من أقوى أنواع الإكراه والعنف، لأن إعطاء المخدر هو من الطرق القسرية التي تعطل الإرادة وتعدمها وتمكن السارق من إنجاز عمله”.

    – إن العنف يجب أن يوجه إلى الأشخاص. أما أعمال العنف والاعتداء الموجهة إلى الأشياء أو الحيوانات فلا يتحقق بها معنى العنف، كظرف مشدد، ولو كانت بقصد تسهیل ارتكاب السرقة.

    من هذا القبيل كسر الخزن أو الخزائن للاستيلاء على ما بداخلها، قتل كلب الحراسة أو ضربه لإسكاته للتمكن من السرقة.

     والعنف الموجه إلى الأشخاص لا يشترط أن يقع على المجني عليه في السرقة، بل يستوي أن يكون موجها ضده أو ضد أي شخص يتدخل ويحاول مقاومة السارق .

     – يجب أن يكون ارتكاب العنف تمهيداً للسرقة أو تسهيلاً لها أو لرب الفاعلين أو للاستيلاء على المسروقات . أي يجب معاصرة العنف للسرقة.

    أما العنف المرتكب بعد تمام السرقة فلا يعد ظرفاً مشددة لها، بل جريمة مستقلة عنها.

    ومثالها لو تعرض شخص للنشل وهرب اللص، إلا أن المجني عليه استطاع التعرف على وجهه، ثم صادفه بعد زمن وحاول القبض عليه فضربه اللص ليتخلص منه.

     ولقد سبق لنا الاستشهاد ببعض الأمثلة بهذا الخصوص عند مناقشة المادة 622، فنحيل عليها.

    – عاقب المشرع على جناية السلب بالعنف بالأشغال الشاقة من ثلاث إلى خمس عشرة سنة، ورفع مقدار التشديد، بالصعود بالحد الأدنى إلى خمس سنوات، إذا نتج عن العنف رضوض أو جروح أو رافقته إحدى الحالات الأربع الأولى المعينة في المادة 622.

     فالعنف بحد ذاته خطر عندما يمارس تسهيلا للسرقة، وتزداد خطورته إذا أفضى إلى رضوض أو جروح.

     والرض كالضرب في المعنى، يتمثل بالضغط على جسم الإنسان باليد أو بأداة دون أن يؤدي إلى تمزق في الأوعية الدموية أي إلى نزف دماء، سواء ترك الرض أثرا أم لم يترك، فإن أدى الفعل إلى نزف دماء يصبح جرحا، سواء أكان النزف خارجية أم داخلية.

    وتزداد أيضا خطورة العنف إذا ارتكب في ظروف تزيد من درجة إرهابه للمجني عليه، کارتكابه ليلاً أو من قبل عدة أشخاص أو في مسكن أو كون السارقين مقنعين أو كان أحدهم يحمل سلاح ظاهرة أو مخبأ. ولقد سبق لنا تحديد مدلول كل هذه الظروف سابقا.

  • السرقة على الطريق العام أو في القطار الحديدي

    أورد المشرع هذه السرقة المشددة في المادة 623 ونصها:

     “1- إذا وقعت السرقة على الطريق العام أو في القطار الحديدي مستجمعة حالتين من الحالات المعنية في المادة السابقة يقضي بالأشغال الشاقة من خمس عشرة إلى عشرين سنة.

     2- وإذا لم تتوفر في هذه السرقة إلا إحدى تلك الحالات كان العقاب الأشغال الشاقة المؤقتة سبع سنوات على الأقل.

     3- وفي الحالات الأخرى تكون العقوبة الأشغال الشاقة من ثلاث إلى عشر سنوات”.

    بتحليل هذا النص نلاحظ أن تشدید عقاب السرقة في هذه الحالات مرده الظرف المكاني.

     فلقد اعتبر المشرع أن السرقة الواقعة على الطريق العام تعكس خطورة السارق وجرأته، وتسهل له ارتكاب جريمته نتيجة لانعزال المكان الذي اختاره للسرقة، فجريمة قطع الطريق تعتبر من أخطر الجرائم وغالبا ما ترتكب من عدة أشخاص مسلحين.

    أما السرقة في القطار فهي أيضاً تعكس جرأة وخطورة السارق لاختياره مكانة متحركة ومغلقة لتنفيذ سرقته.

     فسير القطار وضيق مساحته يحول دون إمكانية هرب السارق بما سرقه، لهذا فلا يبقى لديه خيار إذا اكتشف أمره سوي مواجهة كافة الركاب الذين يتواجدون داخل القطار، وبالتالي كي يستطيع إحكام سيطرته فلا بد له من اللجوء إلى العنف، مما يضفي على جريمته خطورة مضاعفة.

    وباعتبار أن التشديد في هذه السرقة يتناول ظرف المكان الذي حدده المشرع بالطريق العام و القطار، لذلك لابد من تحديد مدلول كل منهما:

    1- الطريق العام

    الطريق العام هو الطريق البري الذي يرتاده الناس ويصل بين المدن والقرى ويقع خارج حدود هذه المدن والقرى، ويباح فيه المرور في كل وقت و بدون قيد وترجع خطورة السرقة في الطريق العام وفق هذا المعنى إلى امتداد الطريق في مناطق بعيدة عن العمران والتجمعات السكنية بالإضافة إلى صعوبة تواجد سلطات الأمن على امتداد الطريق.

     ولقد عرفت محكمة النقض السورية المقصود بالطريق العام بكونه

    “الطريق الواقع خارج المدن والموصل بين بلدتين لا داخلها، لأن الغاية من تشديد العقوبة للسرقات الواقعة فيه هو حماية المسافرين في الأمكنة حيث لا يوجد فيها من يسعفهم وأما في المدن المكتظة فالمسافرين لا يحتاجون إلى هذه الحماية لأنهم محاطون بمن ينجدهم عند الضرورة “.

    واستنادا لهذا المدلول للطريق العام، فإن الشوارع والساحات الواقعة داخل المدن أو القرى تخرج عن مفهوم الطريق العام، وبالتالي لا يشدد جرم السرقة الواقع فيها حتى ولو وقعت في وقت كان فيه أي من هذه الأماكن خالية من المارة، وذلك لأن حكمة التشديد في هذه الحالة تكون منتفية.

    2- القطار الحديدي

    إن مدلول القطار الحديدي واضح لا يحتاج إلى تفسير.

     فهو وسيلة النقل بين المدن والقرى التي تسير على قضبان حديدية.

     وكل ما يشترط في هذا الظرف أن يكون القطار مسافراً أو على أهبة السفر لا متوقف بصورة ثابتة في إحدى المحطات .

    والملاحظ أن النص اقتصر في التشديد على القطار دون غيره من وسائل النقل البرية أو البحرية.

     والملفت بهذا الصدد التناقض الذي وقع به المشرع السوري في إطار تشدید عقاب السرقة في القطارات.

     فلقد رأينا في معرض شرح المادة 629 أن المشرع شدد عقاب السرقة تشديدة جنحية، وهو الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات، إذا وقعت في وسائل النقل العامة، وذكر من بينها القطارات، ثم عاد وشدد عقاب السرقة تشديداً جنائياً في صلب المادة 623 إذا وقعت في القطار الحديدي، معتبراً في الفقرة الثالثة من ذات المادة أن السرقة في القطار دون أن يرافقها أي ظرف مشدد جرماً جنائي الوصف عقابه الأشغال الشاقة من ثلاث إلى عشر سنوات.

    وأمام هذا التناقض الواضح بين نصي المادتين 629 و 623 اللتان لا يمكن التوفيق بينهما نرى ضرورة تدخل المشرع السوري لرفع هذا التناقض واعتبار التشديد إما جنحياً بحذف عبارة «القطار الحديدي» من نص المادة 623 و إما تشديدة جنائية بحذف عبارة «القطارات» من نص المادة 629 من قانون العقوبات.

     وإلى أن يتم تدخل المشرع لرفع التناقض الذي وقع به، يثور التساؤل التالي :

     أي من النصين واجب التطبيق؟

     إن النصوص الجزائية في حالة الغموض يجب تفسيرها لمصلحة المتهم، فالعبرة عند التطبيق إذن بالنص الأصلح للمتهم، وهو في حالتنا هذه هو نص المادة 629، باعتبار أن التشديد الجنحي أصلح للمتهم من التشديد الجنائي.

    أما بالنسبة لتشديد العقاب على السرقة على الطريق العام أو في القطار الحديدي فلقد تضمن نص المادة 623 ثلاث درجات من التشديد :

     1- إذا لم يترافق مع السرقة أي حالة من الحالات الواردة في المادة 622، فالعقوبة تشدد إلى الأشغال الشاقة من ثلاث إلى عشر سنوات .

    ومثالها قيام شخص واحد غیر مسلح بالسرقة نهاراً في الطريق العام أو في القطار الحديدي.

    2- إذا ترافق مع الطريق العام أو القطار الحديدي حالة واحدة فقط من الحالات الواردة في المادة 622، فالعقوبة تشدد إلى الأشغال الشاقة من سبع سنوات إلى خمس عشرة سنة (فقرة ثانية).

    ومثالها قيام مجموعة أشخاص بالسرقة نهارا في الطريق العام، أو قيام شخص واحد بالسرقة ليلا في القطار الحديدي .

    3- إذا ترافق مع الطريق العام أو القطار الحديدي حالتين من الحالات الواردة في المادة 622، تشدد العقوبة إلى الأشغال الشاقة من خمس عشرة إلى عشرين سنة (فقرة أولى).

     ومثالها قيام عدة أشخاص بالسرقة ليلا في الطريق العام أو في القطارات.

  •  جناية السطو على المساكن – المادة 622 عقوبات

    لا بد لقيام هذه الصورة من اجتماع خمسة شروط تشديد أوجبها النص صراحة بقوله:

    “يستوجب عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة من خمس عشرة إلى عشرين سنة السرقة التي تقع مستجمعة الأحوال التالية:

     1- ليلاً

     2- بفعل شخصين أو أكثر

     3- الدخول إلى مكان لسكنى الناس أو ملحقاته، بواسطة الخلع أو استعمال مفاتيح مصنعة أو أدوات مخصوصة، أو بانتحال صفة موظف أو بارتداء زيه أو شاراته، أو التذرع بأمر من السلطة.

    4- أن يكون السارقون مقنعين، أو أن يكون أحدهم حاملاً سلاح ظاهرة أو مخبأ..

     5- أن يهدد السارقون أو أحدهم بالسلاح، أو يتوسل بأحد ضروب العنف على الأشخاص، إما لتهيئة الجناية أو لتسهيلها وإما لتأمين هرب الفاعلين أو الاستيلاء على المسروق”.

    الملاحظ في هذا النص أن هذه الجناية قد اجتمع فيها أغلب الظروف المشددة للسرقة، فكل طرف على حدة يكفي التشديد عقوبة السرقة، ومنها ما يجعلها جناية.

     فإذا اجتمعت على النحو الذي حدده المشرع فلا شك في أن السرقة تبلغ بذلك أقصى الخطورة وتكون جديرة بأشد العقوبات المقررة للسرقة.

     ولا ريب أن السطو على المساكن يرتكب من عصابات خطرة لا يتورع أفرادها عن استخدام أخطر الوسائل لتحقيق ماربهم. لهذا كان لا بد من الضرب بشدة على أيدي مرتكبيها، يجعل العقوبة أشد من عقوبة جريمة القتل العادية، أو مساوية لها على الأقل.

    ولقد سبق لنا تحديد المقصود بالظرف الأول والثاني و الرابع في معرض شرح ظروف التشديد الجنحي.

     أما الظرف الثالث، فلقد سبق لنا أيضا تحديد مدلول المسكن و ملحقاته، لذلك سنقصر الشرح على طريقة أو وسيلة دخول المسكن وملحقاته، ثم نتصدى للظرف الأخير الذي لم يسبق لنا تحديد مدلوله.

    1- وسيلة دخول المسكن وملحقاته.

    أشرنا سابقاً إلى أن المسكن هو المكان المسكون والمكان المعد للسكن.

    والمكان المسكون هو المكان المستخدم فعلا للسكن وإن لم يكن منزلاً أصلاً.

    أما المكان المعد للسكن فهو المكان المسكون فعلاً ولكن صاحبه لا يقيم فيه إلا مؤقتاً.

     وتأخذ ملحقات المسكن حكمه في التشديد.

     ولقد حدد النص، لتوافر ظرف التشديد، أن يتم دخول المسكن بإحدى وسيلتين:

     إما بالخلع أو باستخدام مفاتيح مصنعة أو أدوات مخصوصة.

     وإما بانتحال صفة رسمية كاذبة.

     الوسيلة الأولى:

    الخلع – المفاتيح المصنعة – الأدوات المخصوصة.

    – الخلع يتمثل بكل عمل عنيف يلجأ إليه السارق لإزالة حاجز يحول بينه وبين الدخول إلى المسكن.

     فهو وسيلة من وسائل العنف لفتح مدخل مغلق.

    والخلع لا يقتصر على مفهومه اللغوي المحدد بل هو يشمل كل وسيلة عنيفة تحقق اللسارق غايته، كالكسر والقطع والتحطيم والهدم والثقب .

     أما التسلق فلا يدخل ضمن مفهوم الخلع لانعدام خاصية العنف فيه.

     فالتسلق هو اجتياز المحيط الخارجي للمسكن من غير منافذه الطبيعية وبدون استخدام العنف، كتسلق السور أو تسلق شجرة أو ماسورة أو شرفة أو استعمال سلم.

     والخلع كما أسلفنا يشمل الكسر والثقب والقطع والتحطيم والهدم.

    لذلك يعتبر خلعاً إحداث ثقب بالجدار، تحطيم زجاج النافذة ،کسر قفل الباب.

     بالتالي إذا لم يستخدم السارق بدخوله المسكن العنف فإن فعله لا يعد خلع ولو كان دخوله المكان بغير حق، كما لو مد يده من فتحة الباب فرفع مزلاج الباب ودخل.

    وسیان لتوفر ظرف تشديد الخلع أن يكون خارجياً أو داخلياً .

     فخلع باب غرفة داخلية أو خلع نافذة أو كسر زجاجها أو كسر خزانة يستوي مع خلع الباب الرئيسي للمسكن.

     وتطبيقاً لذلك يتحقق الظرف المشدد بفعل من دخل المسكن بغیر خلع ثم كسر الخزنة وسرق ما تحتويه من مال.

    كما يتحقق الظرف المشدد بفعل نزيل الفندق الذي يكسر باب غرفة نزيل أخر ويسرق ماله.

    وسيان أيضا أن يقع الخلع بقصد دخول المسكن أو أن يقع لتسهيل خروج السارق بالمسروقات، لأن سرقة المساكن لا تتم إلا بمغادرة المسكن .

    والخلع المقصود بالنص كظرف مشدد هو الخلع الخارجي أو الداخلي مع استخدام العنف لتحطيم عقبة بقصد الدخول لتنفيذ السرقة، فالفعل المرتكب لتمكين السارق من المغادرة بالمسروقات هو فعل يرتكب في سبيل تنفيذ السرقة.

     – أما المفاتيح المصنعة فمدلولها اللغوي يعني استخدام أي مفتاح أخر غير المفتاح الحقيقي المستعمل فعلاً في الفتح.

     إلا أن الفقه والاجتهاد القضائي يعطي مفهوماً أوسع لمدلول المفتاح المصنع.

     لذلك يعتبر مفتاحاً مصنعاً يطبق عليه التشديد:

     1- المفتاح المقلد، أي المفتاح الذي يصنعه السارق تقليدا للمفتاح الأصلي.

    2- المفتاح الخاص بمكان أخر إذا اكتشف السارق صلاحيته لفتح المسكن المراد سرقته.

     3- النسخة الثانية أو الثالثة للمفتاح الأصلي .

    4- المفتاح الأصلي ذاته إذا ضاع أو سرق من صاحبه ولم يقم باستبداله، بل تابع استخدام نسخة ثانية عنه.

    لأن المفتاح الأصلي يكون في هذه الفرضية قد فقد تخصیصه الأصلي وأصبح هو المفتاح الثاني، فيعتبر بمثابة المصنع.

    أما إذا استبدله صاحبه، واستخدم السارق المفتاح الذي لديه للسرقة، فالظرف المشدد يعتبر متوافرة من باب أولى.

     5- الحصول بطريقة غير مشروعة على رمز فتح الباب الكترونية، أو على أرقامه السرية، في الأبواب التي لا يستخدم فيها مفاتيح تقليدية.

     وقد اعتبرت محكمة النقض السورية أنه يعد استعمالاً لمفتاح مصنع:

     6- استيلاء المدعى عليه بالحيلة على المفتاح الأصلي و عمل نسخة عنه و استعماله في السرقة .

     7- سرقة المفتاح الأصلي من صاحبه و استعماله في السرقة .

    8 – احتفاظ الخادم أو العامل بالمفتاح بعد تركه العمل واستخدامه في السرقة .

     وقد اعتبرت محكمة النقض بالمقابل أن صفة المفتاح المصنع تنتفي، وينتفي التشديد تبعا لذلك، في حالة وجود المفتاح الأصلي في حوزة المدعى عليه بصورة مشروعة، أي أن صاحب المسكن قد سلمه إياه ليدخل بيته بغيابه، فقام المدعى عليه في السرقة من داخل هذا المسكن .

    – أما الأدوات المخصوصة التي يستخدمها السارق لفتح الأبواب فيقصد بها أي أداة مخصصة من حيث صناعتها الفتح الأبواب، واستخدمها السارق لذات الغرض. كالكماشة والبينسة و الشريط الحديدي والعصا المعقوفة وما إلى ذلك.

    ويستوي أخيراً لقيام ظرف التشديد أن يستخدم المفتاح المصنع أو الأداة المخصوصة في فتح الباب الرئيسي أو الأبواب الداخلية.

     كما يستوي أن يستخدم المفتاح المصنع أو الأداة المخصوصة لتسهيل الدخول للمسكن أو لتسهيل الخروج منه بالمسروقات.

     فالمهم في ذلك أن يستخدم المفتاح أو الأداة المخصوصة بقصد السرقة .

    الوسيلة الثانية: استخدام صفة رسمية كاذبة.

    قد لا يلجأ السارقون في دخول المسكن المراد سرقته إلى الخلع أو إلى استعمال مفاتيح مصنعة أو أدوات مخصوصة، بل قد يلجئون إلى الحيلة والخداع في ذلك، بانتحال صفة موظف أو ارتداء زبه أو شار اته أو التذرع بأمر من السلطة لدخول المسكن.

     مستغلين بذلك ثقة الناس في رجال السلطة العامة، والطاعة التي يعدون أنفسهم ملزمين بها إزاءهم، ومعتدين بذات الوقت على هيبة الدولة باستغلالهم للثقة المرتبطة بموظفيها لارتكاب جريمتهم  وتتمثل هذه الوسيلة بقيام أحد السارقين، مثلا، بالادعاء أما صاحب السكن بأنه ضابط شرطة، وبأن من بصحبته هم عناصره.

     وقد لا يدعي السارق بصفته المزعومة بالقول، بل قد يقتصر الأمر على الظهور بمظهر الضابط بارتداء زيه أو شاراته الخاصة.

     ويشترط في الوظيفة المزعومة أن تتصل بوظيفة عامة، فلا يكفي انتحال صفة موظف في شركة مثلا، لأن هذه الوظيفة لا تولد ذات الثقة المنبثقة عن الوظيفة العامة، ولا يعتبر المواطن نفسه ملزمة بطاعة موظفيها، بالتالي لا يترتب عليها تبعا لذلك تسهیل ارتكاب السرقة.

     ولا يشترط في الوظيفة العامة المزعومة أن تكون من الوظائف السلطوية، ذات الرتب، كالشرطة والجيش، بل يكفي أن تكون من الوظائف التي توحي بالثقة بموظفيها، أو التي ينصاع الناس لأوامر السلطة فيها، كموظفي الإطفاء، أو الإحصاء أو المساحة أو الكهرباء أو الكادر الطبي وما إلى ذلك.

    أما التذرع بأمر السلطة فيتمثل في إدعاء السارق أنه يعتمد على أمر صادر له من السلطة يخوله دخول المسكن للقيام بإجراء رسمي كالتفتيش أو القبض أو إحصاء عدد السكان أو تلقيحهم من وباء مزعوم.

     وتجدر الإشارة هنا إلى أنه يستوي في تحقق هذا الظرف المشدد أن يصدق صاحب المسكن هذه الصفة المزعومة أو لا يصدقها.

     فيكفي لذلك الادعاء بهذه الصفة أو الظهور بمظهرها أو التذرع بأمر السلطة لتحقق هذا الظرف المشدد، وليضاف إلى غيره من الظروف المكونة لجناية السطو على المساكن.

    2- التهديد بالسلاح أو استخدام العنف.

    إن التهديد بالسلاح أو استخدام العنف في السرقة يضعف مقاومة المجني عليه ويسهل ارتكابها.

     و هذا الظرف المشدد هو الظرف الخامس الواجب توافره، إضافة للظروف الأربعة السابق ذكرها، لقيام جناية السطو على المساكن.

    ويتمثل هذا الظرف بتهديد السارقين أو أحدهم بالسلاح، أو يتوسل بأحد ضروب العنف على الأشخاص، إما لتهيئة الجناية أو لتسهيلها وإما لتأمين هرب الفاعلين أو الاستيلاء على المسروق”.

    ولهذا الظرف المشدد صورتان ذكرهما النص: التهديد بالسلاح واستخدام العنف.

    الصورة الأولى – التهديد بالسلاح.

    يتمثل التهديد بالسلاح بقيام المهدد بالإنذار أو الوعيد الجدي للمجني عليه في السرقة أو غيره باستخدام السلاح ضده إذا قاوم تنفيذ السرقة.

     ويستوي في السلاح أن يكون سلاحاً بطبيعته أو سلاح بالتخصيص.

     كما يستوي أن يكون هذا  السلاح حقيقية أو زائفا، مادام أثر التهديد به على المجني عليه واحد، وهو دب الرعب في أوصاله ومنعه من إبداء أية مقاومة.

     ويستوي أن يتجسد التهديد بالقول أو بالفعل.

     فقد يأمر السارق المجني عليه بتسليم المال، أو بتسليم مفتاح الخزنة وإلا سيقتله، أو يشهر المسدس في وجهه، أو يقوم بتلقيمه أمامه.

    والتهديد بهذا المعنى يقتضي اتخاذ المهدد لموقف إيجابي يفصح عن عزمه.

     أما مجرد حمل السلاح، ولو كان ظاهرا، فلا يحمل في ذاته هذا المعنى.

     ولذلك اعتبر المشرع كل منهما ظرفاً مستقلاً لقيام جناية السطو على المساكن.

     ولكي يعتبر التهديد ظرفاً مشدداً للسرقة لا بد أن يكون الغرض منه تهيئة السرقة أو تسهیل ارتكابها أو تأمين هرب فاعليها أو الاستيلاء على المسروقات.

     فقد يلجأ أحد السارقين للتهديد بالسلاح ليمهد للسرقة بمنع الحارس من التدخل وحجزه في مكان ما ليستطيع السارقون الدخول للمسكن المراد سرقته.

     أما التهديد للتسهيل أو الهرب أو الاستيلاء، فالغاية منه إزالة ما يعترض تنفيذ السرقة من عقبات، كتهديد المجني عليه الذي ظهر فجأة للسارقين في المسكن، أو إذا حاول منع السارقين من الخروج بالمال خارج المسكن، أو لمنعه من اللحاق بهم عند فرارهم.

    أما التهديد الواقع لغير قصد السرقة فلا يشمله التشديد. كما لو هدد أحد السارقين أنثى في المسكن ليغتصبها، ثم استولى على خاتم ذهبي في يدها بعد اغتصابها، أو حالة مصادفة المجني عليه لأحد السارقين بعد مرور زمن على السرقة، ومحاولته الإمساك به، وقيام السارق بتهديده بعدم الاقتراب منه.

    الصورة الثانية – استعمال العنف

    هذه الصورة تتمثل بالإقدام على استخدام العنف بقصد السرقة.

     وهي تمثل أعلى درجات الخطورة الانطوائها على اعتداء على شخص الإنسان إضافة للاعتداء على ماله.

     والمشرع لم يحدد مدلول العنف المشدد لجريمة السرقة.

    وقد عرفته محكمة النقض السورية بأنه

    “كل عمل يعطل مقاومة المعتدى عليه ولو لم يترك أثرا ظاهرأ فيه… .  والعنف يشمل كل أنواع الشدة وضروب الأذي والتعذيب...

     يتضح من هذا التعريف أن العنف هو عبارة عن عمل مادي موجه مباشرة إلى جسم إنسان بقصد إضعاف مقاومته للتمكن من السرقة.

     ولا يشترط في هذا العنف أن يكون شديدا، أو يهدد الإنسان في حياته، أو يلحق به أذى، فأي درجة من العنف تكفي ولو لم تترك أثرا ظاهرا على المجنى عليه.

    وعلى ذلك يعد عنفاً ضرب المجني عليه أو دفعه أو إلقاءه على الأرض أو الإمساك به لتعطيل مقاومته .

    ويشترط لاعتبار العنف ظرفاً مشدداً أن يمارس بقصد السرقة، إما تمهيداً لها كضرب الحارس أو كم فمه أو الإمساك به وحجزه أو شد وثاقه کی يتمكن بقية السارقين من الدخول للمنزل المراد سرقته.

    وإما للتسهيل أو الهرب أو الاستيلاء حيث تكون الغاية من العنف إزالة ما يعترض تنفيذ السرقة من عقبات وما قلناه  في التهديد يصلح في العنف.

    وشرط اعتبار العنف ظرفاً للتشديد يقتضي أن يرتبط العنف بالسرقة ارتباط ” السبب بالمسيب أو العلة بالمعلول… أو ارتباط الوسيلة بالغاية.

     فإذا تخلف هذا الارتباط، بأن ارتكب العنف لغير قصد السرقة فلا محل لتوافر ظرف التشديد عندئذ.

     كما لو مارس أحد السارقين العنف على أنثي بقصد اغتصابها ثم استولى على ما ترتديه من مجوهرات عرضاً، أو اعتدى السارق بالضرب على شريكه في السرقة بغرض الاستئثار بالشيء المسروق، أو ضربه لخلافهما على طريقة توزيع المسروقات، أو اعتدى أحد السارقين بالضرب على المجني عليه لمجرد الاستهزاء به بعد الاستيلاء على ماله، أو رداً على شتيمة وجهها له المجني عليه.

     ففي هذه الحالات ينقطع الارتباط بين العنف والسرقة، وينتفي ظرف التشديد، ويعتبر العنف جرمأ مستقلا عن السرقة.

    – عند توافر ظرف التهديد أو العنف بقصد ارتكاب السرقة، بالمعنى السالف بيانه، وانضمامه إلى الظروف الأربعة الأخرى التي ذكرتها المادة 622، تقوم جناية السطو على المساكن، ويعاقب فاعلوها بالأشغال الشاقة المؤبدة، وللمحكمة، حسب ظروف الحال، صلاحية استبدال هذه العقوبة بالأشغال الشاقة المؤقتة من خمس عشرة إلى عشرين سنة.

  • السرقة بالنشل أو الصدم أو في وسائل النقل العامة

    حالات التشديد الواردة في المادة 629 من قانون العقوبات

    أشارت المادة 629 إلى حالتين تشدد كل منهما لوحدها العقاب تشديداً جنحياً، المتمثل بالحبس مع التشغيل من سنة إلى ثلاث سنوات إضافة للغرامة، وهي ذاتها الواقعة على حالات التشديد الواردة في المادة 628.

     وهاتان الحالتان هما:

    السرقة بالنشل أو الصدم، والسرقة في وسائل النقل العامة

    أولاً: السرقة بالنشل أو الصدم

     جاء ظرف تشديد السرقة بالنشل أو الصدم في الجزء الأول من المادة 629، و هو التشديد ذاته الذي يطال حالات المادة 628، والمتمثل بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبالغرامة.

     – والنشل هو صورة من صور السرقة تتمثل بسلب مال الناس في غفلة منهم وبخفة لا يدركها المجني عليهم.

     ولا عبرة بأداة النشل، فسيان أن يقع النشل باليد مجردة أو عن طريق استخدام أداة، کشفرة أو سكين أو ما شابه ذلك .

     فالنشل يفيد خفة اليد في تنفيذ السرقة أيا كانت الطريقة المستخدمة فيها.

    أما السرقة بالصدم فتتمثل بالاصطدام بالمجني عليه من قبل السارق أو من قبل شريكه، والاستيلاء على ماله عندما يكون ذهنه منشغلاً بمواجهة الاصطدام أو بالنهوض إذا وقع.

    ولا ريب أن الصلة وثيقة بين الصدم والنشل، إذا الصدم يعتبر مقدمة للنشل وتهيئة له.فالسارق يستغل حالة انشغال أو ذعر المجني عليه كي ينشله.

     بالتالي كان يمكن للمشرع الاستغناء عن عبارة الصدم، والاكتفاء بعبارة النشل، کون السرقة بالصدم هي سرقة بالنشل، وإن اتخذ هذا النشل من حيث مقدماته صورة خاصة .

    ثانياً- السرقة في وسائل النقل العامة.

    جاء تشديد السرقة في وسائل النقل العامة في الجزء الثاني من المادة 629 بقوله

     “أو السرقة في القطارات أو السفن أو الطائرات أو الحافلات الكهربائية أو غيرها من الناقلات العامة أو في محطات سكك الحديد أو المطارات أو الجمارك أو على الأرصفة .

    وحكمة تشديد السرقة هنا تتمثل بسهولة ارتكاب السرقة في وسائل النقل ومحطاتها نظراً لازدحامها بالناس ولانشغال المسافرين في الاهتمام بتفاصيل سفر هم وصعوبة مراقبتهم أمتعتهم، مما يقتضي التشدد في حمايتهم.

    ولا يثير تفسير وسائل النقل التي وردت بالنص صعوبة تذكر.

    فالقطار والسفينة والطائرة والحافلة الكهربائية ( الترام) لا تحتاج لتفسير معانيها.

     أضف إلى ذلك أن المشرع قد أورد هذه الوسائل على سبيل التمثيل لا الحصر عندما أردف قائلا “أو غيرها من النواقل العامة”.

    وعبارة وسائل النقل أو النواقل العامة لا تعني الوسائل التي تعود ملكيتها للدولة، بل هي تعني أية وسيلة نقل عامة للجمهور، سواء كانت ملكيتها خاصة أو عامة.

    لهذا فإن التشديد يطال السرقة الحاصلة في السيارات العامة (التاكسي)، بصرف النظر عن عائدية ملكيتها، سواء كان يملكها فرد أو شركة أو الدولة، ولا يطال التشديد بالتالي السرقة في السيارات الخاصة، إلا إذا استخدمت للنقل العام.

    وكل ما يشترط لتوافر هذا الظرف المشدد أن تقع السرقة في إحدى وسائل النقل، أي أن الظرف المشدد مرتبط بمكان معين هو وسيلة النقل و ويوجب وقوع السرقة فيه .

     وهذا الشرط يتطلب بالضرورة وقوع السرقة أثناء تشغيل تلك الوسيلة، سواء أثناء سيرها أو توقفها في المحطات لنزول الركاب مثلاً، كما يقتضي ضرورة وجود أشخاص فيها.

    نستخلص من ذلك أن ظرف التشديد لا يتوافر إذا وقعت السرقة على وسيلة النقل ذاتها، أو على بعض أجزائها كالإطارات والمصابيح ونحوها، كما لا يتوافر هذا الظرف إذا لم تكن الوسيلة مستخدمة فعلا، بأن كانت مهملة أو في ورشة لإصلاحها، أو خالية تماما من الركاب.

     أما عبارة “الأرصفة Quais” الواردة في ختام النص فلا تعني أرصفة الشوارع أو الطرقات، بل هي معطوفة على محطات القطارات والمطارات ومكاتب الجمارك القائمة في المحطات المذكورة .

     فالسرقة من أرصفة المحطات تستوي في التشديد مع السرقة من المحطات.

  • السرقة التي يقوم بها العسكري

    ورد ظرف تشدید عقاب سرقة العسكري من مضيفه في الفقرة الأخيرة (د) من المادة 628 بقولها أن يكون السارق عسكرياً أو شبيهه و يسرق من أنزله عنده”.

    ولهذا الظرف المشدد أصل تاريخي حين كان العرف القديم جارياً بنزول العسكريين ضيوفاً لدى سكان المناطق التي يمرون بها أو يعسكرون فيها، فيلتزم المضيف بتقديم المأوى والمأكل والمشرب لضيوفه العسكريين.

    ومن الطبيعي تشدید عقاب العسكري الذي يخل بثقة المضيف فيقدم على سرقته.

     وبرأينا أن هذا الظرف لم يعد له ما يبرر وجوده في القانون نظرا لزوال العرف الذي كان يجري به.

     وهذا ما يتطلب تدخلا تشريعية بإلغاء الفقرة الأخيرة من المادة 628.

     بيد أن استمرار وجود هذا النص يدفعنا إلى تحليله.

    فلتوافر ظرف التشديد الوارد به يتطلب القانون توفر شرطين: صفة في السارق وصفة في المجني عليه.

    فالسارق يجب أن يكون أحد أفراد القوات المسلحة، برية أم بحرية أم جوية، أيا كان رتبته.

    أما كلمة “شبيهه” الواردة في النص فتعني الأشخاص غير العسكريين الملحقين بخدمة الجيش، كالأطباء والمهندسين والإداريين التابعين له.

    أما صفة المجني عليه، فهو الشخص الذي استضاف العسكري في منزله، أيا كانت صفته، عسكرياً كان أو مدنياً.

    ظرف التشديد يتوفر بمجرد استضافة هذا الشخص لأحد أفراد القوات المسلحة، أو شبيهه، في منزله، فيقدم العسكري على السرقة من منزل مضيفه.

  • السرقة التي يقوم بها الخادم والمستخدم والعامل والصانع

    جاء هذا الظرف المشدد في الفقرة (ج) من المادة 628 ق. ع مستنداً على صفة السارق.

    وحكمة تشديد العقاب فيها أن هؤلاء الأشخاص، من خدم أو عمال ومن إليهم يتمتعون بثقة مخدومهم أو مستخدمهم، وهو لهذا يضع بين أيديهم أمواله التي تتطلبها أعمالهم، ولا يدور بخلده سرقتهم لها وإلا لما فعل ذلك أو لكان، على الأقل، احتاط لعدم وقوع السرقة.

     لهذا يشكل إقدام هذه الفئة من الأشخاص على السرقة إهدارا للثقة التي منحت إليهم، وسهلت لهم ارتكابها، مما يستدعي تشديد العقاب عليهم.

    والملاحظ أن نص الفقرة السابقة يشمل طائفتين من الأشخاص هما الخدم من جهة، والمستخدمون والعمال والصناع من جهة أخرى، وجعل النص لكل طائفة أحكامها الخاصة لتوافر التشديد .

    أ- الخدم.

    لقد أوجب المشرع لتوفر ظرف التشديد أن تقع السرقة من خادم مأجور، على مال مخدومه أو مال غيره في بيت مخدومه أو في بيت أخر رافقه إليه.

    وهذا يعني ضرورة توافر ثلاثة شروط: صفة الخادم، و الخدمة المأجورة، وأن تقع السرقة إضرار بالمخدوم.

    – والخادم هو الشخص الذي ينقطع للقيام بالأعمال التي يحتاجها مخدومه أو عائلته في شئون الحياة اليومية، أي يقوم بالخدمة بصفة منتظمة.

    كالخادسة والحارس والسائق الخاص ومربية الأطفال، سواء أنام في مكان عمله أو في مسكن خاص بعيد عنه.

     والانقطاع  عن العمل هو الذي يميز الخادم عن غيره من الأشخاص الذين يقومون بأعمال للمخدوم ولكن ليس على وجه الانقطاع أو بصفة منتظمة.

     فالبستاني الذي يهتم بالحديقة من حين لأخر، ومنظفة المنزل التي تقوم بالعمل يوماً في الأسبوع أو في الشهر وعامل التنظيف الذي يجمع القمامة من أمام المنازل، فهؤلاء لا يعدون من الخدم المقصودين بهذا النص.

    – والخدمة المأجورة نص المشرع صراحة على وجوب توفرها.

     والأجر هو كل ما يحصل عليه الخادم في مقابل عمله أيا كان شكله أو طريقة دفعه.

    فسيان أن يكون مادياً، أي نقداً، أو عينياً كثياب أو طعام أو مأوى.

     وسيان أن يدفع أسبوعياً أو شهرياً أو سنوياً.

    وشرط الأجر هو الذي يضفي على المدعى عليه صفة الخادم في معرض تطبيق ظرف التشديد.

    لذلك يستبعد من عداد الخدم الصديق الذي يساعد صديقه في قضاء حاجاته أثناء مرضه ولو انقطع لذلك، والسيدة الفقيرة التي تعيش في كنف قريبها المقتدر وتسهر على قضاء مصلحته وعائلته، وتتلقى بين الحين والأخر بعض الهبات أو تشارك قريبها طعامه .

     فهؤلاء لا يصدق عليهم أنهم يتقاضون أجرا، وبالتالي تنتفي عنهم صفة الخادم.

    – ويجب أن تقع السرقة إضراراً بالمخدوم.

    ويتمثل ذلك في حالتين وردتا بالنص:

     أن يكون المال المسروق للمخدوم بغض النظر عن مكان وقوع السرقة، سواء داخل منزله أو خارجه.

     أو أن يكون المال المسروق ليس للمخدوم، وإنما لشخص أخر، بغض النظر عن مكان وقوع السرقة، سواء داخل منزل مخدومه، كما لو سرق الخادم مالاً عائداً لأحد ضيوفه، أو في منزل أخر، كما لو سرق الخادم ما عائدة لشخص أخر كان مخدومه في ضيافته.

    ب- المستخدم والعامل والصانع.

    لقد أوجب المشرع لتوافر ظرف التشديد أن تقع السرقة من مستخدم أو عامل أو صانع ويسرق في مصنع مخدومه أو مخزنه أو في الأماكن التي يشتغلون عادة فيها.

    وهذا يعني ضرورة توافر شرطين:

     صفة في السارق، ومكان السرقة.

     – صفة السارق؛

    تطلب المشرع في السارق أن يحمل إحدى صفات ثلاث:

     مستخدم أو عامل أو صانع. وهؤلاء لا يصدق عليهم وصف الخدم بالنظر إلى طبيعة الأعمال التي يؤدونها. فهم وإن كانوا ينقطعون لخدمة الغير كالخدم، إلا أن الأعمال التي يقومون بها ليست أعمالاً مادية تتصل بشخص الغير، وإنما هي أعمال يغلب عليها الطابع المهني أو الفني أو اليدوي، كالسكرتير والمحاسب الخصوصي والكاتب والعامل في معمل أو محل تجاري و عامل الزراعة في الريف.

     فهؤلاء جميعاً يقومون بعمل لشخص أخر على وجه الاعتياد والانتظام النسبي.

     وهذا الاعتياد هو الذي يمنح القائم بالعمل ثقة رب العمل ويتيح له أن يدخل بحرية إلى الأماكن العائدة للمجني عليه.

    يستخلص من ذلك أن ظرف التشديد هذا لا يتوافر إذا ارتكبت السرقة من عامل استدعي عرضا إلى منزل ليقوم فيه بعمل ثم ينصرف، كتصليح جهاز كهربائي أو تمديد كهرباء أو توصيل الغسالة الأوتوماتك وما إلى ذلك، لأن العامل هنا لا يحوز ثقة صاحب المنزل الذي لا ينفك عن رقابته له.

    – مكان السرقة؛

    تطلب المشرع أن يسرق المستخدم أو العامل من مصنع المخدوم أو مخزنه أو في الأماكن التي يشتغلان عادة فيها هو العامل الذي يسرق من مصنع رب عمله يشدد عقابه سواء كان المال المسروق عائدا لرب العمل أو لغيره.

    فقد تقع السرقة على إحدى أدوات المعمل أو على شيء مملوك لغير صاحب العمل وجد في المصنع لإصلاحه، أو على مال عائد لعامل أخر.

     ويأخذ ذات الحكم الصانع الذي يسرق من مخزن رب عمله التاجر، فيطاله التشديد أيضا سواء كان محل السرقة مالا من المخزن أو ما تعود ملكيته لصانع أخر أو لشخص غريب وجد ماله في المخزن كوديعة مثلا.

     ولا يقتصر الأمر برأينا على المصنع والمخزن اللذان ذكر هما النص على سبيل التمثيل وليس على سبيل الحصر.

     فالتشديد يطال أيضاً العامل الزراعي الذي يسرق في الأرض التي يعمل عليها مالاً عائداً لمالك الأرض أو لغيره من العمال أو لشخص غريب أيضا.

    ولا يقتصر التشديد على السرقة الحاصلة من هذه الفئة في أماكن العمل العائدة لرب عملهم فقط، بل أن هناك طائفة من العمال يعملون في أماكن تعود لغير رب العمل، كما لو كان الأخير مقاولاً مثلاً، فتقع السرقة من أحد عماله في مكان تنفيذ العمل لدى الغير و على مال مملوك لرب عمله أو لأحد العمال أو لشخص غريب، فيطاله تشديد العقاب.

  • السرقة بالتقنع أو حمل السلاح – المادة 628 عقوبات

    التقنع أو حمل السلاح يشكل الحالة المشددة الواردة في الفقرة (ب) من المادة 628.

    وحكمة التشديد في ذلك واضحة إذ أن وضع قناع يعني تخفي السارق مما يلقي الرعب والفزع في نفس المجني عليه فيجعله يجين عن الدفاع عن ماله، كما أن حمل السلاح أثناء تنفيذ السرقة يدل على خطورة السارق، لأن حمل السلاح أو التقنع يشد من أزر السارق ويسهل عليه تنفيذ جريمة السرقة.

    وهذه الحالة تشترط لتحقق الظرف المشدد أن تقع السرقة إما من شخص مقنع ولو لم يحمل سلاحاً أو من شخص يحمل سلاحاً ولو لم يكن مقنعا.

    والتقنع قد يكون بإخفاء ملامح الوجه كاملة، أو بشكل جزئي بحيث يتعذر تحديد ملامح السارق أو معرفة شخصيته.

    ويتوفر التقنع أيا كانت المادة التي استخدمت في إخفاء المعالم، فسيان أن تكون جلدية أو قماشية أو ورقية أو مجرد طلاء الوجه.

     ولقد عرفت المادة 313 من قانون العقوبات السلاح بأنه:

    «1- كل أداة أو آلة قاطعة أو ثاقبة أو راضه وكل أداة خطرة على السلامة العامة.

     1- إن سكاكين الجيب العادية والعصي الخفيفة التي لم تحمل لتستعمل عند الحاجة لا يشملها هذا التعريف إلا إذا استعملت في ارتكاب جناية أو جنحة».

    . من هذا التعريف نستخلص أن السلاح نوعان: سلاح بطبيعته وسلاح بالاستعمال أو التخصيص.

    والسلاح بطبيعته:

    هو الأداة المعدة خصيصاً للاعتداء على سلامة الجسم، كالمسدس والبندقية والسيف والخنجر. وحكم هذا النوع من الأسلحة أن مجرد حمله وقت السرقة بشكل ظاهر أو مخبأ يحقق الظرف المشدد، أيا كانت الغاية من حمله، حتى ولو كان حمله مما تقتضيه وظيفة السارق كالجندي أو الحارس الخاص، وحتى لو لم يكن السلاح معبأ أو لم يكن صالحة للاستعمال أو فاسد .

    كما يأخذ نفس الحكم لو كان السلاح وهمية، أي أنه دمية بشكل مسدس مثلاً.

     لأن الحكمة من التشديد لحمل السلاح مزدوجة، فهي من جهة تشد أزر و عزيمة السارق لوجود معه، واستعماله عند الضرورة بالتنفيذ أو تسهيل هربه، وهي من جهة أخرى تحبط عزيمة المجني عليه وتلقي الرعب في نفسه فتشل إرادته في الدفاع عن ماله.

    فمادام السلاح الوهمي له مظهر السلاح الحقيقي، فستتحقق الحكمة من التشديد وهي خوف المجني عليه و عدم مقاومته، ولا يعقل القول بخلاف ذلك، وإلا سنفرض على المجني عليه عبأ غير منطقي وهو تفحص السلاح أو معرفة حقيقته….!!

    ويصح هذا القول أيضا حتى لو كان السلاح مخبأ، فبمجرد رؤية المجني عليه لانتفاخ في جيب السارق تعمد الأخير أن يضع فيه مسدساً و همياً، كاف ليلقي الرعب في نفس المجني عليه ولتتحقق الحكمة من التشديد .

    أما السلاح بالتخصيص أو الاستعمال:

    فهو كل أداة يمكن استخدامها للاعتداء على السلامة البدنية للأشخاص بالرغم أنها ليست لذلك في الأصل، وإنما هي معدة لأغراض أخرى في شؤون الحياة، كالشؤون المنزلية والصناعية والزراعية وغيرها..، ومن هذا القبيل سكاكين المطبخ و العصي الخفيفة والفئوس و المناجل .

    وحكم هذا النوع من الأسلحة أن الظرف المشدد لا يتوافر بحملها إلا إذا ثبت أن السارق كان يهدف من ذلك استخدامها إذا لزم الأمر.

     وعلى ذلك فمجرد حمل السلاح بالتخصيص لا يكفي لتشديد العقوبة ولا يدل بذاته على أن المقصود فيه هو الاعتداء على الأشخاص، فقد يحمل فأسا لكسر قفل الباب، وقد يحمل سكينا لقطع الأسلاك، ولم يكن يهدف من وراء حملها سوى ذلك.

     ولذلك فمجرد حمله السلاح بالتخصيص لا يكفي التشديد العقوبة، بل يجب أن يثبت بالدليل على أن المقصود من حمله هو إلقاء الرعب في نفس المجني عليه، واستعماله عند الضرورة ضد المجني عليه إذا أبدى الأخير أية مقاومة.

     فلو استخدم السارق الفأس كي يكسر قفل الباب، وعندما تم ذلك تركه ودخل إلى المنزل ليسرقه وضبط، فلا يتحقق التشديد لحمل السلاح.

    أما إذا استعمله في كسر الباب، واستمر في حمله ليدافع به عن نفسه أو ليلقي الرعب في نفس من يواجهه فهنا يتحقق التشديد.

    وهذا الأمر متروك في النهاية لقاضي الموضوع يستخلصه من ظروف القضية ومن أي دليل أو قرينة في الدعوى، كالتهدید به مثلا، أو استخدامه فعلا، أو عدم وجود ضرورة لحمله في الظروف التي حمل بها.

    وتجدر الإشارة إلى أن حمل السلاح يعتبر من الأسباب المشددة المادية التي تطال جميع المساهمين في السرقة ولو لم يتفقوا عليه أو يعلموا بوجوده مع رفيقهم.

     ولا يشترط للتشديد أن يضبط السلاح فعلا، بل يكفي المحكمة التثبت من أن أحد السارقين كان يحمل سلاحا وقت ارتكاب السرقة، وإن كان قد أخفاه أو أتلفه.