التصنيف: شرح قانون العقوبات

  • جرم السرقة ليلاً حسب المادة 626 عقوبات

    جاء النص على هذه الصورة المشددة للسرقة في المادة 626 كما يلي:

    ” يقضي بالعقوبة نفسها إذا ارتكب السرقة لي شخصان أو أكثر مقنعين أو كان أحدهم يحمل سلاح ظاهرة أو مخبأ، أو إذا حصلت بفعل شخص واحد مسلح في مكان معد لسكنى الناس”.

    بتحليل هذا النص نستنتج أنه يتضمن جنايتي سرقة، عقابهما واحد، القاسم المشترك بينهما هو ظرف الليل، مع اختلاف الظروف الأخرى المرافقة له.

    وإذا أردنا توظيف الرياضيات فيهما لخلصنا إلى المعادلتين التاليتين:

     1- الليل + تعدد السارقين + تقنع الجميع أو حمل السلاح من أحدهم = سرقة موصوفة (م 626).

     2- الليل والسارق واحد + حمل السلاح + مسكن = سرقة موصوفة (م 626).

    والواضح هنا أن الحكمة من تشديد العقاب وجعله جنائية هو الخطورة الخاصة للسرقة حين يجتمع فيها الظروف المشددة السابقة، لاسيما وأن اجتماع طرفين من هذه الظروف يجعل السرقة مشددة تشديداً جنحياً.

    فكما رأينا سابقاً في معرض شرح المادة 628 أن السرقة ليلاً مع تعدد السارقين، أو السرقة ليلا من شخص واحد في مسكن يشدد عقابها تشدیداً جنحياً، وهو الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات والغرامة.

    بالتالي فإن السرقة ليلا مع تعدد السارقين تعتبر جنحة مشددة، أما إذا أضيف إليها التقنع أو حمل السلاح فتصبح الجريمة سرقة موصوفة.

     أما السرقة ليلاً من شخص واحد في مسكن فتعتبر جنحة مشددة، أما إذا كان هذا الشخص مسلحا فتصبح الجريمة سرقة موصوفة .

    ولقد سبق لنا تحلیل مدلولات الظروف المشددة المذكورة سابقا، فنحيل إليها.

    وعند توفر ظروف التشديد المذكورة في المادة 626 يعاقب السارق أو السارقين بعقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة من ثلاث إلى خمس عشرة سنة، وهي ذات العقوبة المذكورة في المادة 625 التي أحالت إليها المادة 626.

  • جرم سرقة السيارات في القانون السوري – المادة 625 عقوبات

    نص المشرع على سرقة السيارات في المادة 625، المحدثة بموجب القانون رقم 18 تاریخ

    1975/11/29 ، كما يلي:

    “1- يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن خمس سنوات وبغرامة من (2000 إلى 5000) ليرة سورية كل من أقدم بأي طريقة ومن أي مكان على سرقة أي سيارة من السيارات المعرفة في الفقرة الثالثة من المادة الأولى من قانون السير رقم 19 تاریخ 1974/3/30.

    2- أ- يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة من 1500 إلى 3000 ليرة سورية كل من أخذ أو استعمل دون حق وسائل النقل المبينة في البند الأول من هذه المادة إذا لم يكن قاصدا سرقتها.

    ب- تخفض العقوبة المنصوص عليها في الفقرة (أ) من البند (2) من هذه المادة إلى الحبس مع الشغل سنة واحدة على الأقل والغرامة من 500 إلى 5000 ليرة سورية إذا أعاد الفاعل ما أخذه أو استعمله إلى صاحبه أو مكان أخذه خلال ثلاثة أيام على الأكثر من تاريخ الفعل دون إحداث تلف فيه…”.

    وتبدو علة تدخل المشرع بإحداث هذا النص المشدد من خلال رغبته في التصدي بشدة لهذا النوع من الجرائم الذي يتميز بسهولة الاستيلاء على السيارة، وسهولة الهرب من مكان الجريمة بذات المحل المسروق، والإمكانية تجزئة السيارة وتفكيكها وبيعها قطعاً لإخفاء الجريمة.

    وقد أحال نص الفقرة الأولى من هذه المادة في تعريف السيارة إلى قانون السير رقم 19 لعام 1974.

    إلا أن صدور قانون السير والمركبات رقم 31 لعام 2004، المعدل بالمرسوم التشريعي رقم 11 لعام 2008، يقتضي منا تبني تعريف السيارة الوارد به بالرغم من التطابق شبه التام بين التعريفين.

     وقد عرفت المادة الأولى من المرسوم التشريعي رقم 11 في فقرتها الثالثة السيارة بأنها:

    “مركبة مزودة بمحرك ألي تسير بوساطته معدة لنقل الأشخاص أو الأشياء أو كليهما، أو مزودة بالات ذات استعمال خاص.

    وبذلك يخرج من مفهوم السيارة العربات التي يجرها الدواب والدراجات النارية والعربات ذات العجلات الثلاث.

    والملاحظ من نص المادة 625 مكرر أن المشرع عاقب في كل فقرة من فقراتها على نوع من الجرائم تطال السيارات، النوع الأول وهو جرم سرقة السيارة، والنوع الثاني وهو جرم استعمال سيارة الغير دون قصد سرقتها.

    وقد قضت محكمة النقض السورية في معرض التمييز بين الجرمين بأن

    “مناط التفريق بينهما هو أن جريمة سرقة السيارة تتعلق بالاعتداء على ملكية السيارة، لأن السرقة هي الأساس في التجريم، وهي كما عرفتها المادة 621  عقوبات أخذ مال الغير دون رضاه وبنية امتلاكه، وأما الحيازة فإنها تأتي عرضاً وهي غير مقصودة لذاتها، وإنما من أجل استطاعة الاعتداء على الملكية… في حين أن جريمة استعمال سيارة الغير تتعلق بالاعتداء على الحيازة فقط وتأتي بصورة فعل تستخدم به السيارة في أداء خدمة أو انتفاع بها دون أن يؤدي ذلك إلى نية التملك. فأخذ السيارة دون رضا صاحبها يقتضي النظر فيه إلى نية الفاعل عند أخذها لتقدير ما إذا كان ينوي التصرف بها كمالك أو كمستعير فقط، ويأتي في ضوء ذلك تقرير التكييف القانوني للجريمة .

    وتطبيقاً لذلك إذا كان الاستيلاء على السيارة يستهدف تفكيكها والاستفادة من قيمة أجزائها، أو تغيير معالمها ولوحتها ليصار إلى بيعها كما هي، فالفعل يعتبر سرقة، لأن التصرف بهذه الصور يتضمن نية الفاعل التصرف بالمال المسروق تصرف المالك، ويعاقب الفاعل بموجب الفقرة الأولى من المادة 625 مكرر بالأشغال الشاقة من خمس إلى خمس عشرة سنة وبالغرامة من 2000 إلى 5000 ليرة سورية.

    أما إذا كان الاستيلاء على السيارة يستهدف استعمالها فقط، سواء لقضاء حاجة بها أو للقيام بنزهة، أو استخدامها لارتكاب جريمة بواسطتها، كما لو استخدمها لنقل شحنة أسلحة أو مواد مهربة، ولم يكن استيلاءه عليها يتضمن نية التصرف بها تصرف المالك، بل اتجهت النية إلى مجرد استعمال السيارة لغرض ما ومن ثم إعادتها إلى المكان الذي أخذت منه أو تركها في مكان آخر، فالفعل لا يعتبر سرقة، بل جريمة استعمال أشياء الغير بدون وجه حق، وهي من الجرائم الملحقة بالسرقة والمعاقب عليها في المادة 637 من قانون العقوبات بعقوبة جنحية الوصف، ونصها كل من استعمل بدون حق شيئا يخص غيره بصورة تلحق به ضرراً ولم يكن قاصدا اختلاس الشيء عوقب بالحبس حتى ستة أشهر وبالغرامة مائة ليرة أو بإحدى هاتين العقوبتين” .

     إلا أنه نظرا لخطورة الاستيلاء على السيارة وسهولتها فلقد أفرد لها المشرع نص الفقرة الثانية من المادة 625 مكرر وعاقب عليها بالأشغال الشاقة من ثلاث إلى خمس عشرة سنة وبالغرامة من 1500 إلى 3000 ليرة سورية.

     وتخفف هذه العقوبة إلى الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات والغرامة إذا أعاد الفاعل طوعاً السيارة سليمة إلى صاحبها أو إلى المكان الذي أخذها منه خلال ثلاثة أيام من تاريخ أخذها  .

    ويشترط لتوافر ظرف تشدید سرقة السيارة أن تقع السرقة على السيارة بكاملها لا على أجزائها الله، وتطبيقا لذلك لا يتوفر الظرف المشدد على سرقة إطارات السيارة أو على المسجلة أو على أي شيء بداخلها.

     فظرف التشديد يتناول سرقة السيارة ذاتها ولا يشمل ما تحمله من بضائع أو أشخاص أو أموال.

     كما يشترط أن تكون السيارة صالحة للاستخدام والسير بها.

     أما إذا كانت غير صالحة للاستعمال البتة فلا تشديد، لانتفاء الحكمة منه.

    وتجدر الشارة هنا إلى أن الحيازة المشروعة للسيارة واستعمالها بغير الوجه المصرح به ينفي عن الفاعل جرم السرقة وجرم استعمال السيارة دون حق.

     وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض السورية بأنه

    “لا يعد مرتكبا لإحدى الجريمتين المنصوص عنهما في المادة 625 مكرر من يحوز السيارة بصورة مشروعة، ولكنه استعملها على غير الوجه المصرح له به، أو بعد انقضاء المدة التي كان مصرح له بالاستعمال خلالها، أو في غير ذلك من الأحوال، ويعتبر الخلاف مدنيا بين الطرفين ” .

    ويطبق هذا الحكم على فرضية وجود السيارة في ورشة التصليح، وقيام صاحب الورشة باستخدامها في مواصلاته الخاصة أو لارتكاب جريمة من خلالها .

    فانتفاء جرم السرقة واضح لعدم قصد تملك السيارة.

     أما انتفاء جرم استعمال سيارة الغير دون حق فمرده إلى أن هذه الجريمة هي جريمة اعتداء على الحيازة لعدم توفر نية التملك بها، وهذا الاعتداء على الحيازة يتعين فيه أن يكون بغير حق.

    وعليه إذا تمت الحيازة في صورة مشروعة غير أن استعمالها جرى على غير الوجه المصرح به فلا جريمة، إذ لا يتصور اعتداء على الحيازة ممن له الحيازة.

  • جرم السرقة في مكان مقفل – المادة 625 عقوبات

    ورد النص على هذه السرقة في المادة 625 كالتالي:

     يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة كل من أقدم على السرقة في الأماكن المقفلة المصانة بالجدران مأهولة كانت أم لا، سواء بواسطة الخلع أو التسلق في الداخل أو الخارج أو باستعمال المفاتيح المصنعة أو أية أداة مخصوصة أو بالدخول إلى الأماكن المذكورة بغير الطريقة المألوفة في دخولها “.

    لقد شدد المشرع بهذا النص عقاب السرقة الواقعة في أحد الأماكن المقفلة المحاطة بالجدران سواء أكانت مأهولة أم لا، أي سواء أعدت للسكن أم لا .

     نخلص من ذلك إلى أن المكان المغلق المصان بالجدران قد يكون مسكناً وقد لا يكون .

    وقد حدد النص وسائل الدخول إلى هذا المكان بالخلع أو التسلق أو باستخدام مفاتيح مصنعة أو أدوات مخصوصة أو بأية طريقة غير مألوفة للدخول.

    نخلص من ذلك أن تشديد العقاب الوارد في هذا النص بوسيلة الدخول إلى هذا المكان يستلزم توافر شرطين:

    الأول يتعلق بالمكان، والثاني يتعلق بوسيلة الدخول الى هذا الكان

    وعلة تشديد العقاب في هذه الصورة تتمثل في أن المجني عليه فيها جدير بالحماية كونه لم يفرط في ماله  بل استودعه في مكان مغلق ومصان، كما أن السرقة في هذه الأمكنة تكشف عن خطورة السارق  لأنه يبذل مجهود كبيرة لينفذ سرقته، ويقبل باحتمال لجوئه للعنف إذا صادف تواجد المجني عليه أو غيره في المكان وقاومه.

    الشرط الأول – المكان المقفل المصان بالجدران

    هذا المكان يشمل الأماكن المسقوفة المحاطة بالجدران من جميع أطرافها، أيا كانت المادة التي بنيت منها هذه الجدران حجرة أم خشبة أم معدن، ويمكن إغلاق نوافذها وأبوابها، كالمحلات التجارية ومخازن السلع والمقاهي و دور السينما و الشركات والمؤسسات وما إلى ذلك.

    كما يشمل أيضاً كل مكان مسور بحائط أو بحاجز يحيط بكامل المكان، ويبلغ من الإحكام والارتفاع درجة تجعل اجتيازه أمراً غير يسير، سواء وجد به باب أم لا.

    وفي حالة وجوده يشترط أن يكون صالحاً لأن يغلق.

    ومثالها البستان المحاط بسور، أو المزرعة قيد البناء التي أحاط مالكها حديقتها بسور کامل.

    ويدخل ضمن هذا المفهوم أيضا السور الذي يحيط بمنزل أو بمخزن أو بمحل تجاري أو بأرض فارغة يستخدمها مالكها في إيداع محصوله الزراعي.

     وعليه لا يعتبر سورة يستأهل الحماية الجزائية بتشديد العقاب الأسلاك الشائكة المحيطة بالمكان المسروق أو السور الذي يحيط بیستان أو بمزرعة إن كان ارتفاعه لا يتجاوز عدة سنتيمترات، أو كان قد تهدم جزء منه بحيث يكون اجتيازه سهلا، ولا يشكل عقبة حقيقية تجاه السارق.

    الشرط الثاني – وسائل دخول المكان

    لقد حدد المشرع وسائل دخول المكان المقفل المحاط بالجدران بالخلع أو التسلق أو استعمال مفاتيح مصنعة أو أدوات مخصوصة.

    وهذه الوسائل لم تحدد على سبيل الحصر بل على سبيل التمثيل، لأن المشرع ختم هذه الوسائل بالعبارة العامة أو بالدخول لهذه الأماكن بغير الطريقة المألوفة”.

     ولقد سبق لنا تحديد مدلول الخلع والمفاتيح المصنعة والأدوات المخصوصة في معرض شرح جناية السطو على المساكن الواردة في المادة 622، فنحيل عليها.

     ونقصر الشرح هنا على مدلول التسلق، وطرق الدخول غير المألوفة.

    1- التسلق.

    يتمثل التسلق باجتياز السارق لعائق، خارجي أو داخلي، ثم الهبوط منه. كتسلق جدار أو سور أو شجرة أو ماسورة وسيان أن يكون التسلق للدخول أو الخروج، بشرط أن يكون هدفه السرقة، وأن يتم بدون استخدام العنف.

    والتسلق قد يكون باستخدام سلم أو بالصعود على السور أو القفز من سطح مجاور أو فوق حاجز أو بالدخول إلى المكان من النافذة.

    والتسلق يفيد معنى الجهد، أي أن يكون العائق مرتفعاً بعض الشيء ليتحقق معنى التسلق.

     أما إذا كان منخفضاً لدرجة يمكن اجتيازه دون تسلقه، أو إذا كان بالجدار أو بالسور فتحة يمكن الدخول منها بيسر، فلا تسلق هنا.

    2- طرق الدخول غير المألوفة.

    عرفت محكمة النقض السورية الدخول بوسيلة غير مألوفة عن طريق مقابلته بالدخول بالوسائل المألوفة بقولها إن الدخول المألوف إلى مكان ما هو الذي يمارسه الناس بدون صعوبة ومن الموضع المخصص له في ذلك المكان.

    وكل دخول آخر يتم على خلاف ذلك يعتبر دخولاً غير مألوف ” .

     وبناء عليها يعتبر دخولا غير مألوف الدخول إلى الغرفة من النافذة، أو دخول المحل من النافذة التي تصله بمنزل صاحبه ، أو دخول المسكن عن طريق الصعود على الخرابة المجاورة، أو تسلق السارق على أكتاف شریکه إلى شرفة المنزل ومنها إلى النافذة المفتوحة ثم الدخول إلى المنزل والسرقة منه.

     ويشترط لتحقق وسيلة الطريق غير المألوف أن يكون قصد الفاعل من اللجوء إليه هو السرقة من المكان، أما إذا دخل إلى المكان أو المسكن لغرض آخر غير السرقة فلا يتوافر ظرف التشديد، كأن يدخل للاعتداء على صاحب المكان أو لملاقاة امرأة أو لإتلاف شيء داخله.

    – عند تحقق شروط هذه المادة يعاقب السارق بالأشغال الشاقة من ثلاث إلى خمس عشرة سنة.

  • جريمة السلب بالعنف حسب المادة 624 عقوبات عام

     

    أورد المشرع هذه السرقة المشددة في المادة 624، ونصها:

     “1- إذا رافق السرقة عنف على الأشخاص سواء لتهيئة الجريمة أو تسهيلها وسواء لتأمين هرب الفاعلين أو الاستيلاء على المسروق يعاقب الفاعل بالأشغال الشاقة المؤقتة.

     2- لا تنقص العقوبة عن خمس سنوات إذا تسبب عن العنف رضوض أو جروح أو إذا رافقته إحدى الحالات الأربعة الأولى المعينة في المادة 622″.

    إن العنف كما عرفته محكمة النقض السورية يعني الإكراه وأي عمل من أعمال القسر والإجبار يأتيه السارق ويوقعه على جسم المجني عليه ليحبط المقاومة التي يبديها “.

    توالعنف يجب أن يقترن بصلة مع السرقة ومرافق لها وعنصراً من عناصر تكوينها وتهيئتها أو تسهيلها أو لتأمين هرب الفاعلين أو الاستيلاء على المسروق، وأن يكون هذا العنف هو الوسيلة الوحيدة لتنفيذ السرقة ولقد سبق دراسة ظرف العنف على الأشخاص عند دراسة المادة 622، فنحيل إليه تجنبا للتكرار، مع إبداء الملاحظات التالية:

     – إن العنف المقصود كظرف مشدد لهذه الجناية هو صورة من صور الإكراه المادي، بالتالي فهو يتطلب عملاً مادياً.

    يستبعد إذن من نطاقه التهديد بالأقوال أو الإشارات الذي يشكل إكراهاً معنوياً مهما بلغ تأثيره على المجني عليه، ولو سهل اقتراف السرقة نتيجة خوف المجني عليه من التهديد.

    أما التهديد بالسلاح فيدخل في مدلول العنف، لا سيما وأن المشرع ساوى بينهما في المادة 622، معتبرا أن كل منهما له ذات الأثر في إضعاف مقاومة المجني عليه وتسهيل السرقة.

    وبذلك يكون هذا التهديد هو الصورة الوحيدة من الإكراه المعنوي التي تعد من قبيل العنف .

     ولقد عبرت محكمة النقض السورية عن هذا المنحى بقولها

     ” إن العنف هو كل عمل يؤثر في مقاومة المعتدى عليه ويعطلها حتى لا يقاوم السرقة… والتهديد بمسدس حربي يدخل ضمن مفهوم العنف “ .

     وفي مكان آخر قضت بأن الإكراه بنوعية المادي والمعنوي يعتبر أعلى درجات العنف، وكل إكراه هو عنف ولا عكس في ذلك…

     وكان إعطاء المخدر حتى يفقد المجني عليه شعوره تسهيلا للسرقة يعد من أقوى أنواع الإكراه والعنف، لأن إعطاء المخدر هو من الطرق القسرية التي تعطل الإرادة وتعدمها وتمكن السارق من إنجاز عمله”.

    – إن العنف يجب أن يوجه إلى الأشخاص. أما أعمال العنف والاعتداء الموجهة إلى الأشياء أو الحيوانات فلا يتحقق بها معنى العنف، كظرف مشدد، ولو كانت بقصد تسهیل ارتكاب السرقة.

    من هذا القبيل كسر الخزن أو الخزائن للاستيلاء على ما بداخلها، قتل كلب الحراسة أو ضربه لإسكاته للتمكن من السرقة.

     والعنف الموجه إلى الأشخاص لا يشترط أن يقع على المجني عليه في السرقة، بل يستوي أن يكون موجها ضده أو ضد أي شخص يتدخل ويحاول مقاومة السارق .

     – يجب أن يكون ارتكاب العنف تمهيداً للسرقة أو تسهيلاً لها أو لرب الفاعلين أو للاستيلاء على المسروقات . أي يجب معاصرة العنف للسرقة.

    أما العنف المرتكب بعد تمام السرقة فلا يعد ظرفاً مشددة لها، بل جريمة مستقلة عنها.

    ومثالها لو تعرض شخص للنشل وهرب اللص، إلا أن المجني عليه استطاع التعرف على وجهه، ثم صادفه بعد زمن وحاول القبض عليه فضربه اللص ليتخلص منه.

     ولقد سبق لنا الاستشهاد ببعض الأمثلة بهذا الخصوص عند مناقشة المادة 622، فنحيل عليها.

    – عاقب المشرع على جناية السلب بالعنف بالأشغال الشاقة من ثلاث إلى خمس عشرة سنة، ورفع مقدار التشديد، بالصعود بالحد الأدنى إلى خمس سنوات، إذا نتج عن العنف رضوض أو جروح أو رافقته إحدى الحالات الأربع الأولى المعينة في المادة 622.

     فالعنف بحد ذاته خطر عندما يمارس تسهيلا للسرقة، وتزداد خطورته إذا أفضى إلى رضوض أو جروح.

     والرض كالضرب في المعنى، يتمثل بالضغط على جسم الإنسان باليد أو بأداة دون أن يؤدي إلى تمزق في الأوعية الدموية أي إلى نزف دماء، سواء ترك الرض أثرا أم لم يترك، فإن أدى الفعل إلى نزف دماء يصبح جرحا، سواء أكان النزف خارجية أم داخلية.

    وتزداد أيضا خطورة العنف إذا ارتكب في ظروف تزيد من درجة إرهابه للمجني عليه، کارتكابه ليلاً أو من قبل عدة أشخاص أو في مسكن أو كون السارقين مقنعين أو كان أحدهم يحمل سلاح ظاهرة أو مخبأ. ولقد سبق لنا تحديد مدلول كل هذه الظروف سابقا.

  • السرقة على الطريق العام أو في القطار الحديدي

    أورد المشرع هذه السرقة المشددة في المادة 623 ونصها:

     “1- إذا وقعت السرقة على الطريق العام أو في القطار الحديدي مستجمعة حالتين من الحالات المعنية في المادة السابقة يقضي بالأشغال الشاقة من خمس عشرة إلى عشرين سنة.

     2- وإذا لم تتوفر في هذه السرقة إلا إحدى تلك الحالات كان العقاب الأشغال الشاقة المؤقتة سبع سنوات على الأقل.

     3- وفي الحالات الأخرى تكون العقوبة الأشغال الشاقة من ثلاث إلى عشر سنوات”.

    بتحليل هذا النص نلاحظ أن تشدید عقاب السرقة في هذه الحالات مرده الظرف المكاني.

     فلقد اعتبر المشرع أن السرقة الواقعة على الطريق العام تعكس خطورة السارق وجرأته، وتسهل له ارتكاب جريمته نتيجة لانعزال المكان الذي اختاره للسرقة، فجريمة قطع الطريق تعتبر من أخطر الجرائم وغالبا ما ترتكب من عدة أشخاص مسلحين.

    أما السرقة في القطار فهي أيضاً تعكس جرأة وخطورة السارق لاختياره مكانة متحركة ومغلقة لتنفيذ سرقته.

     فسير القطار وضيق مساحته يحول دون إمكانية هرب السارق بما سرقه، لهذا فلا يبقى لديه خيار إذا اكتشف أمره سوي مواجهة كافة الركاب الذين يتواجدون داخل القطار، وبالتالي كي يستطيع إحكام سيطرته فلا بد له من اللجوء إلى العنف، مما يضفي على جريمته خطورة مضاعفة.

    وباعتبار أن التشديد في هذه السرقة يتناول ظرف المكان الذي حدده المشرع بالطريق العام و القطار، لذلك لابد من تحديد مدلول كل منهما:

    1- الطريق العام

    الطريق العام هو الطريق البري الذي يرتاده الناس ويصل بين المدن والقرى ويقع خارج حدود هذه المدن والقرى، ويباح فيه المرور في كل وقت و بدون قيد وترجع خطورة السرقة في الطريق العام وفق هذا المعنى إلى امتداد الطريق في مناطق بعيدة عن العمران والتجمعات السكنية بالإضافة إلى صعوبة تواجد سلطات الأمن على امتداد الطريق.

     ولقد عرفت محكمة النقض السورية المقصود بالطريق العام بكونه

    “الطريق الواقع خارج المدن والموصل بين بلدتين لا داخلها، لأن الغاية من تشديد العقوبة للسرقات الواقعة فيه هو حماية المسافرين في الأمكنة حيث لا يوجد فيها من يسعفهم وأما في المدن المكتظة فالمسافرين لا يحتاجون إلى هذه الحماية لأنهم محاطون بمن ينجدهم عند الضرورة “.

    واستنادا لهذا المدلول للطريق العام، فإن الشوارع والساحات الواقعة داخل المدن أو القرى تخرج عن مفهوم الطريق العام، وبالتالي لا يشدد جرم السرقة الواقع فيها حتى ولو وقعت في وقت كان فيه أي من هذه الأماكن خالية من المارة، وذلك لأن حكمة التشديد في هذه الحالة تكون منتفية.

    2- القطار الحديدي

    إن مدلول القطار الحديدي واضح لا يحتاج إلى تفسير.

     فهو وسيلة النقل بين المدن والقرى التي تسير على قضبان حديدية.

     وكل ما يشترط في هذا الظرف أن يكون القطار مسافراً أو على أهبة السفر لا متوقف بصورة ثابتة في إحدى المحطات .

    والملاحظ أن النص اقتصر في التشديد على القطار دون غيره من وسائل النقل البرية أو البحرية.

     والملفت بهذا الصدد التناقض الذي وقع به المشرع السوري في إطار تشدید عقاب السرقة في القطارات.

     فلقد رأينا في معرض شرح المادة 629 أن المشرع شدد عقاب السرقة تشديدة جنحية، وهو الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات، إذا وقعت في وسائل النقل العامة، وذكر من بينها القطارات، ثم عاد وشدد عقاب السرقة تشديداً جنائياً في صلب المادة 623 إذا وقعت في القطار الحديدي، معتبراً في الفقرة الثالثة من ذات المادة أن السرقة في القطار دون أن يرافقها أي ظرف مشدد جرماً جنائي الوصف عقابه الأشغال الشاقة من ثلاث إلى عشر سنوات.

    وأمام هذا التناقض الواضح بين نصي المادتين 629 و 623 اللتان لا يمكن التوفيق بينهما نرى ضرورة تدخل المشرع السوري لرفع هذا التناقض واعتبار التشديد إما جنحياً بحذف عبارة «القطار الحديدي» من نص المادة 623 و إما تشديدة جنائية بحذف عبارة «القطارات» من نص المادة 629 من قانون العقوبات.

     وإلى أن يتم تدخل المشرع لرفع التناقض الذي وقع به، يثور التساؤل التالي :

     أي من النصين واجب التطبيق؟

     إن النصوص الجزائية في حالة الغموض يجب تفسيرها لمصلحة المتهم، فالعبرة عند التطبيق إذن بالنص الأصلح للمتهم، وهو في حالتنا هذه هو نص المادة 629، باعتبار أن التشديد الجنحي أصلح للمتهم من التشديد الجنائي.

    أما بالنسبة لتشديد العقاب على السرقة على الطريق العام أو في القطار الحديدي فلقد تضمن نص المادة 623 ثلاث درجات من التشديد :

     1- إذا لم يترافق مع السرقة أي حالة من الحالات الواردة في المادة 622، فالعقوبة تشدد إلى الأشغال الشاقة من ثلاث إلى عشر سنوات .

    ومثالها قيام شخص واحد غیر مسلح بالسرقة نهاراً في الطريق العام أو في القطار الحديدي.

    2- إذا ترافق مع الطريق العام أو القطار الحديدي حالة واحدة فقط من الحالات الواردة في المادة 622، فالعقوبة تشدد إلى الأشغال الشاقة من سبع سنوات إلى خمس عشرة سنة (فقرة ثانية).

    ومثالها قيام مجموعة أشخاص بالسرقة نهارا في الطريق العام، أو قيام شخص واحد بالسرقة ليلا في القطار الحديدي .

    3- إذا ترافق مع الطريق العام أو القطار الحديدي حالتين من الحالات الواردة في المادة 622، تشدد العقوبة إلى الأشغال الشاقة من خمس عشرة إلى عشرين سنة (فقرة أولى).

     ومثالها قيام عدة أشخاص بالسرقة ليلا في الطريق العام أو في القطارات.

  •  جناية السطو على المساكن – المادة 622 عقوبات

    لا بد لقيام هذه الصورة من اجتماع خمسة شروط تشديد أوجبها النص صراحة بقوله:

    “يستوجب عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة من خمس عشرة إلى عشرين سنة السرقة التي تقع مستجمعة الأحوال التالية:

     1- ليلاً

     2- بفعل شخصين أو أكثر

     3- الدخول إلى مكان لسكنى الناس أو ملحقاته، بواسطة الخلع أو استعمال مفاتيح مصنعة أو أدوات مخصوصة، أو بانتحال صفة موظف أو بارتداء زيه أو شاراته، أو التذرع بأمر من السلطة.

    4- أن يكون السارقون مقنعين، أو أن يكون أحدهم حاملاً سلاح ظاهرة أو مخبأ..

     5- أن يهدد السارقون أو أحدهم بالسلاح، أو يتوسل بأحد ضروب العنف على الأشخاص، إما لتهيئة الجناية أو لتسهيلها وإما لتأمين هرب الفاعلين أو الاستيلاء على المسروق”.

    الملاحظ في هذا النص أن هذه الجناية قد اجتمع فيها أغلب الظروف المشددة للسرقة، فكل طرف على حدة يكفي التشديد عقوبة السرقة، ومنها ما يجعلها جناية.

     فإذا اجتمعت على النحو الذي حدده المشرع فلا شك في أن السرقة تبلغ بذلك أقصى الخطورة وتكون جديرة بأشد العقوبات المقررة للسرقة.

     ولا ريب أن السطو على المساكن يرتكب من عصابات خطرة لا يتورع أفرادها عن استخدام أخطر الوسائل لتحقيق ماربهم. لهذا كان لا بد من الضرب بشدة على أيدي مرتكبيها، يجعل العقوبة أشد من عقوبة جريمة القتل العادية، أو مساوية لها على الأقل.

    ولقد سبق لنا تحديد المقصود بالظرف الأول والثاني و الرابع في معرض شرح ظروف التشديد الجنحي.

     أما الظرف الثالث، فلقد سبق لنا أيضا تحديد مدلول المسكن و ملحقاته، لذلك سنقصر الشرح على طريقة أو وسيلة دخول المسكن وملحقاته، ثم نتصدى للظرف الأخير الذي لم يسبق لنا تحديد مدلوله.

    1- وسيلة دخول المسكن وملحقاته.

    أشرنا سابقاً إلى أن المسكن هو المكان المسكون والمكان المعد للسكن.

    والمكان المسكون هو المكان المستخدم فعلا للسكن وإن لم يكن منزلاً أصلاً.

    أما المكان المعد للسكن فهو المكان المسكون فعلاً ولكن صاحبه لا يقيم فيه إلا مؤقتاً.

     وتأخذ ملحقات المسكن حكمه في التشديد.

     ولقد حدد النص، لتوافر ظرف التشديد، أن يتم دخول المسكن بإحدى وسيلتين:

     إما بالخلع أو باستخدام مفاتيح مصنعة أو أدوات مخصوصة.

     وإما بانتحال صفة رسمية كاذبة.

     الوسيلة الأولى:

    الخلع – المفاتيح المصنعة – الأدوات المخصوصة.

    – الخلع يتمثل بكل عمل عنيف يلجأ إليه السارق لإزالة حاجز يحول بينه وبين الدخول إلى المسكن.

     فهو وسيلة من وسائل العنف لفتح مدخل مغلق.

    والخلع لا يقتصر على مفهومه اللغوي المحدد بل هو يشمل كل وسيلة عنيفة تحقق اللسارق غايته، كالكسر والقطع والتحطيم والهدم والثقب .

     أما التسلق فلا يدخل ضمن مفهوم الخلع لانعدام خاصية العنف فيه.

     فالتسلق هو اجتياز المحيط الخارجي للمسكن من غير منافذه الطبيعية وبدون استخدام العنف، كتسلق السور أو تسلق شجرة أو ماسورة أو شرفة أو استعمال سلم.

     والخلع كما أسلفنا يشمل الكسر والثقب والقطع والتحطيم والهدم.

    لذلك يعتبر خلعاً إحداث ثقب بالجدار، تحطيم زجاج النافذة ،کسر قفل الباب.

     بالتالي إذا لم يستخدم السارق بدخوله المسكن العنف فإن فعله لا يعد خلع ولو كان دخوله المكان بغير حق، كما لو مد يده من فتحة الباب فرفع مزلاج الباب ودخل.

    وسیان لتوفر ظرف تشديد الخلع أن يكون خارجياً أو داخلياً .

     فخلع باب غرفة داخلية أو خلع نافذة أو كسر زجاجها أو كسر خزانة يستوي مع خلع الباب الرئيسي للمسكن.

     وتطبيقاً لذلك يتحقق الظرف المشدد بفعل من دخل المسكن بغیر خلع ثم كسر الخزنة وسرق ما تحتويه من مال.

    كما يتحقق الظرف المشدد بفعل نزيل الفندق الذي يكسر باب غرفة نزيل أخر ويسرق ماله.

    وسيان أيضا أن يقع الخلع بقصد دخول المسكن أو أن يقع لتسهيل خروج السارق بالمسروقات، لأن سرقة المساكن لا تتم إلا بمغادرة المسكن .

    والخلع المقصود بالنص كظرف مشدد هو الخلع الخارجي أو الداخلي مع استخدام العنف لتحطيم عقبة بقصد الدخول لتنفيذ السرقة، فالفعل المرتكب لتمكين السارق من المغادرة بالمسروقات هو فعل يرتكب في سبيل تنفيذ السرقة.

     – أما المفاتيح المصنعة فمدلولها اللغوي يعني استخدام أي مفتاح أخر غير المفتاح الحقيقي المستعمل فعلاً في الفتح.

     إلا أن الفقه والاجتهاد القضائي يعطي مفهوماً أوسع لمدلول المفتاح المصنع.

     لذلك يعتبر مفتاحاً مصنعاً يطبق عليه التشديد:

     1- المفتاح المقلد، أي المفتاح الذي يصنعه السارق تقليدا للمفتاح الأصلي.

    2- المفتاح الخاص بمكان أخر إذا اكتشف السارق صلاحيته لفتح المسكن المراد سرقته.

     3- النسخة الثانية أو الثالثة للمفتاح الأصلي .

    4- المفتاح الأصلي ذاته إذا ضاع أو سرق من صاحبه ولم يقم باستبداله، بل تابع استخدام نسخة ثانية عنه.

    لأن المفتاح الأصلي يكون في هذه الفرضية قد فقد تخصیصه الأصلي وأصبح هو المفتاح الثاني، فيعتبر بمثابة المصنع.

    أما إذا استبدله صاحبه، واستخدم السارق المفتاح الذي لديه للسرقة، فالظرف المشدد يعتبر متوافرة من باب أولى.

     5- الحصول بطريقة غير مشروعة على رمز فتح الباب الكترونية، أو على أرقامه السرية، في الأبواب التي لا يستخدم فيها مفاتيح تقليدية.

     وقد اعتبرت محكمة النقض السورية أنه يعد استعمالاً لمفتاح مصنع:

     6- استيلاء المدعى عليه بالحيلة على المفتاح الأصلي و عمل نسخة عنه و استعماله في السرقة .

     7- سرقة المفتاح الأصلي من صاحبه و استعماله في السرقة .

    8 – احتفاظ الخادم أو العامل بالمفتاح بعد تركه العمل واستخدامه في السرقة .

     وقد اعتبرت محكمة النقض بالمقابل أن صفة المفتاح المصنع تنتفي، وينتفي التشديد تبعا لذلك، في حالة وجود المفتاح الأصلي في حوزة المدعى عليه بصورة مشروعة، أي أن صاحب المسكن قد سلمه إياه ليدخل بيته بغيابه، فقام المدعى عليه في السرقة من داخل هذا المسكن .

    – أما الأدوات المخصوصة التي يستخدمها السارق لفتح الأبواب فيقصد بها أي أداة مخصصة من حيث صناعتها الفتح الأبواب، واستخدمها السارق لذات الغرض. كالكماشة والبينسة و الشريط الحديدي والعصا المعقوفة وما إلى ذلك.

    ويستوي أخيراً لقيام ظرف التشديد أن يستخدم المفتاح المصنع أو الأداة المخصوصة في فتح الباب الرئيسي أو الأبواب الداخلية.

     كما يستوي أن يستخدم المفتاح المصنع أو الأداة المخصوصة لتسهيل الدخول للمسكن أو لتسهيل الخروج منه بالمسروقات.

     فالمهم في ذلك أن يستخدم المفتاح أو الأداة المخصوصة بقصد السرقة .

    الوسيلة الثانية: استخدام صفة رسمية كاذبة.

    قد لا يلجأ السارقون في دخول المسكن المراد سرقته إلى الخلع أو إلى استعمال مفاتيح مصنعة أو أدوات مخصوصة، بل قد يلجئون إلى الحيلة والخداع في ذلك، بانتحال صفة موظف أو ارتداء زبه أو شار اته أو التذرع بأمر من السلطة لدخول المسكن.

     مستغلين بذلك ثقة الناس في رجال السلطة العامة، والطاعة التي يعدون أنفسهم ملزمين بها إزاءهم، ومعتدين بذات الوقت على هيبة الدولة باستغلالهم للثقة المرتبطة بموظفيها لارتكاب جريمتهم  وتتمثل هذه الوسيلة بقيام أحد السارقين، مثلا، بالادعاء أما صاحب السكن بأنه ضابط شرطة، وبأن من بصحبته هم عناصره.

     وقد لا يدعي السارق بصفته المزعومة بالقول، بل قد يقتصر الأمر على الظهور بمظهر الضابط بارتداء زيه أو شاراته الخاصة.

     ويشترط في الوظيفة المزعومة أن تتصل بوظيفة عامة، فلا يكفي انتحال صفة موظف في شركة مثلا، لأن هذه الوظيفة لا تولد ذات الثقة المنبثقة عن الوظيفة العامة، ولا يعتبر المواطن نفسه ملزمة بطاعة موظفيها، بالتالي لا يترتب عليها تبعا لذلك تسهیل ارتكاب السرقة.

     ولا يشترط في الوظيفة العامة المزعومة أن تكون من الوظائف السلطوية، ذات الرتب، كالشرطة والجيش، بل يكفي أن تكون من الوظائف التي توحي بالثقة بموظفيها، أو التي ينصاع الناس لأوامر السلطة فيها، كموظفي الإطفاء، أو الإحصاء أو المساحة أو الكهرباء أو الكادر الطبي وما إلى ذلك.

    أما التذرع بأمر السلطة فيتمثل في إدعاء السارق أنه يعتمد على أمر صادر له من السلطة يخوله دخول المسكن للقيام بإجراء رسمي كالتفتيش أو القبض أو إحصاء عدد السكان أو تلقيحهم من وباء مزعوم.

     وتجدر الإشارة هنا إلى أنه يستوي في تحقق هذا الظرف المشدد أن يصدق صاحب المسكن هذه الصفة المزعومة أو لا يصدقها.

     فيكفي لذلك الادعاء بهذه الصفة أو الظهور بمظهرها أو التذرع بأمر السلطة لتحقق هذا الظرف المشدد، وليضاف إلى غيره من الظروف المكونة لجناية السطو على المساكن.

    2- التهديد بالسلاح أو استخدام العنف.

    إن التهديد بالسلاح أو استخدام العنف في السرقة يضعف مقاومة المجني عليه ويسهل ارتكابها.

     و هذا الظرف المشدد هو الظرف الخامس الواجب توافره، إضافة للظروف الأربعة السابق ذكرها، لقيام جناية السطو على المساكن.

    ويتمثل هذا الظرف بتهديد السارقين أو أحدهم بالسلاح، أو يتوسل بأحد ضروب العنف على الأشخاص، إما لتهيئة الجناية أو لتسهيلها وإما لتأمين هرب الفاعلين أو الاستيلاء على المسروق”.

    ولهذا الظرف المشدد صورتان ذكرهما النص: التهديد بالسلاح واستخدام العنف.

    الصورة الأولى – التهديد بالسلاح.

    يتمثل التهديد بالسلاح بقيام المهدد بالإنذار أو الوعيد الجدي للمجني عليه في السرقة أو غيره باستخدام السلاح ضده إذا قاوم تنفيذ السرقة.

     ويستوي في السلاح أن يكون سلاحاً بطبيعته أو سلاح بالتخصيص.

     كما يستوي أن يكون هذا  السلاح حقيقية أو زائفا، مادام أثر التهديد به على المجني عليه واحد، وهو دب الرعب في أوصاله ومنعه من إبداء أية مقاومة.

     ويستوي أن يتجسد التهديد بالقول أو بالفعل.

     فقد يأمر السارق المجني عليه بتسليم المال، أو بتسليم مفتاح الخزنة وإلا سيقتله، أو يشهر المسدس في وجهه، أو يقوم بتلقيمه أمامه.

    والتهديد بهذا المعنى يقتضي اتخاذ المهدد لموقف إيجابي يفصح عن عزمه.

     أما مجرد حمل السلاح، ولو كان ظاهرا، فلا يحمل في ذاته هذا المعنى.

     ولذلك اعتبر المشرع كل منهما ظرفاً مستقلاً لقيام جناية السطو على المساكن.

     ولكي يعتبر التهديد ظرفاً مشدداً للسرقة لا بد أن يكون الغرض منه تهيئة السرقة أو تسهیل ارتكابها أو تأمين هرب فاعليها أو الاستيلاء على المسروقات.

     فقد يلجأ أحد السارقين للتهديد بالسلاح ليمهد للسرقة بمنع الحارس من التدخل وحجزه في مكان ما ليستطيع السارقون الدخول للمسكن المراد سرقته.

     أما التهديد للتسهيل أو الهرب أو الاستيلاء، فالغاية منه إزالة ما يعترض تنفيذ السرقة من عقبات، كتهديد المجني عليه الذي ظهر فجأة للسارقين في المسكن، أو إذا حاول منع السارقين من الخروج بالمال خارج المسكن، أو لمنعه من اللحاق بهم عند فرارهم.

    أما التهديد الواقع لغير قصد السرقة فلا يشمله التشديد. كما لو هدد أحد السارقين أنثى في المسكن ليغتصبها، ثم استولى على خاتم ذهبي في يدها بعد اغتصابها، أو حالة مصادفة المجني عليه لأحد السارقين بعد مرور زمن على السرقة، ومحاولته الإمساك به، وقيام السارق بتهديده بعدم الاقتراب منه.

    الصورة الثانية – استعمال العنف

    هذه الصورة تتمثل بالإقدام على استخدام العنف بقصد السرقة.

     وهي تمثل أعلى درجات الخطورة الانطوائها على اعتداء على شخص الإنسان إضافة للاعتداء على ماله.

     والمشرع لم يحدد مدلول العنف المشدد لجريمة السرقة.

    وقد عرفته محكمة النقض السورية بأنه

    “كل عمل يعطل مقاومة المعتدى عليه ولو لم يترك أثرا ظاهرأ فيه… .  والعنف يشمل كل أنواع الشدة وضروب الأذي والتعذيب...

     يتضح من هذا التعريف أن العنف هو عبارة عن عمل مادي موجه مباشرة إلى جسم إنسان بقصد إضعاف مقاومته للتمكن من السرقة.

     ولا يشترط في هذا العنف أن يكون شديدا، أو يهدد الإنسان في حياته، أو يلحق به أذى، فأي درجة من العنف تكفي ولو لم تترك أثرا ظاهرا على المجنى عليه.

    وعلى ذلك يعد عنفاً ضرب المجني عليه أو دفعه أو إلقاءه على الأرض أو الإمساك به لتعطيل مقاومته .

    ويشترط لاعتبار العنف ظرفاً مشدداً أن يمارس بقصد السرقة، إما تمهيداً لها كضرب الحارس أو كم فمه أو الإمساك به وحجزه أو شد وثاقه کی يتمكن بقية السارقين من الدخول للمنزل المراد سرقته.

    وإما للتسهيل أو الهرب أو الاستيلاء حيث تكون الغاية من العنف إزالة ما يعترض تنفيذ السرقة من عقبات وما قلناه  في التهديد يصلح في العنف.

    وشرط اعتبار العنف ظرفاً للتشديد يقتضي أن يرتبط العنف بالسرقة ارتباط ” السبب بالمسيب أو العلة بالمعلول… أو ارتباط الوسيلة بالغاية.

     فإذا تخلف هذا الارتباط، بأن ارتكب العنف لغير قصد السرقة فلا محل لتوافر ظرف التشديد عندئذ.

     كما لو مارس أحد السارقين العنف على أنثي بقصد اغتصابها ثم استولى على ما ترتديه من مجوهرات عرضاً، أو اعتدى السارق بالضرب على شريكه في السرقة بغرض الاستئثار بالشيء المسروق، أو ضربه لخلافهما على طريقة توزيع المسروقات، أو اعتدى أحد السارقين بالضرب على المجني عليه لمجرد الاستهزاء به بعد الاستيلاء على ماله، أو رداً على شتيمة وجهها له المجني عليه.

     ففي هذه الحالات ينقطع الارتباط بين العنف والسرقة، وينتفي ظرف التشديد، ويعتبر العنف جرمأ مستقلا عن السرقة.

    – عند توافر ظرف التهديد أو العنف بقصد ارتكاب السرقة، بالمعنى السالف بيانه، وانضمامه إلى الظروف الأربعة الأخرى التي ذكرتها المادة 622، تقوم جناية السطو على المساكن، ويعاقب فاعلوها بالأشغال الشاقة المؤبدة، وللمحكمة، حسب ظروف الحال، صلاحية استبدال هذه العقوبة بالأشغال الشاقة المؤقتة من خمس عشرة إلى عشرين سنة.

  • السرقة بالنشل أو الصدم أو في وسائل النقل العامة

    حالات التشديد الواردة في المادة 629 من قانون العقوبات

    أشارت المادة 629 إلى حالتين تشدد كل منهما لوحدها العقاب تشديداً جنحياً، المتمثل بالحبس مع التشغيل من سنة إلى ثلاث سنوات إضافة للغرامة، وهي ذاتها الواقعة على حالات التشديد الواردة في المادة 628.

     وهاتان الحالتان هما:

    السرقة بالنشل أو الصدم، والسرقة في وسائل النقل العامة

    أولاً: السرقة بالنشل أو الصدم

     جاء ظرف تشديد السرقة بالنشل أو الصدم في الجزء الأول من المادة 629، و هو التشديد ذاته الذي يطال حالات المادة 628، والمتمثل بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبالغرامة.

     – والنشل هو صورة من صور السرقة تتمثل بسلب مال الناس في غفلة منهم وبخفة لا يدركها المجني عليهم.

     ولا عبرة بأداة النشل، فسيان أن يقع النشل باليد مجردة أو عن طريق استخدام أداة، کشفرة أو سكين أو ما شابه ذلك .

     فالنشل يفيد خفة اليد في تنفيذ السرقة أيا كانت الطريقة المستخدمة فيها.

    أما السرقة بالصدم فتتمثل بالاصطدام بالمجني عليه من قبل السارق أو من قبل شريكه، والاستيلاء على ماله عندما يكون ذهنه منشغلاً بمواجهة الاصطدام أو بالنهوض إذا وقع.

    ولا ريب أن الصلة وثيقة بين الصدم والنشل، إذا الصدم يعتبر مقدمة للنشل وتهيئة له.فالسارق يستغل حالة انشغال أو ذعر المجني عليه كي ينشله.

     بالتالي كان يمكن للمشرع الاستغناء عن عبارة الصدم، والاكتفاء بعبارة النشل، کون السرقة بالصدم هي سرقة بالنشل، وإن اتخذ هذا النشل من حيث مقدماته صورة خاصة .

    ثانياً- السرقة في وسائل النقل العامة.

    جاء تشديد السرقة في وسائل النقل العامة في الجزء الثاني من المادة 629 بقوله

     “أو السرقة في القطارات أو السفن أو الطائرات أو الحافلات الكهربائية أو غيرها من الناقلات العامة أو في محطات سكك الحديد أو المطارات أو الجمارك أو على الأرصفة .

    وحكمة تشديد السرقة هنا تتمثل بسهولة ارتكاب السرقة في وسائل النقل ومحطاتها نظراً لازدحامها بالناس ولانشغال المسافرين في الاهتمام بتفاصيل سفر هم وصعوبة مراقبتهم أمتعتهم، مما يقتضي التشدد في حمايتهم.

    ولا يثير تفسير وسائل النقل التي وردت بالنص صعوبة تذكر.

    فالقطار والسفينة والطائرة والحافلة الكهربائية ( الترام) لا تحتاج لتفسير معانيها.

     أضف إلى ذلك أن المشرع قد أورد هذه الوسائل على سبيل التمثيل لا الحصر عندما أردف قائلا “أو غيرها من النواقل العامة”.

    وعبارة وسائل النقل أو النواقل العامة لا تعني الوسائل التي تعود ملكيتها للدولة، بل هي تعني أية وسيلة نقل عامة للجمهور، سواء كانت ملكيتها خاصة أو عامة.

    لهذا فإن التشديد يطال السرقة الحاصلة في السيارات العامة (التاكسي)، بصرف النظر عن عائدية ملكيتها، سواء كان يملكها فرد أو شركة أو الدولة، ولا يطال التشديد بالتالي السرقة في السيارات الخاصة، إلا إذا استخدمت للنقل العام.

    وكل ما يشترط لتوافر هذا الظرف المشدد أن تقع السرقة في إحدى وسائل النقل، أي أن الظرف المشدد مرتبط بمكان معين هو وسيلة النقل و ويوجب وقوع السرقة فيه .

     وهذا الشرط يتطلب بالضرورة وقوع السرقة أثناء تشغيل تلك الوسيلة، سواء أثناء سيرها أو توقفها في المحطات لنزول الركاب مثلاً، كما يقتضي ضرورة وجود أشخاص فيها.

    نستخلص من ذلك أن ظرف التشديد لا يتوافر إذا وقعت السرقة على وسيلة النقل ذاتها، أو على بعض أجزائها كالإطارات والمصابيح ونحوها، كما لا يتوافر هذا الظرف إذا لم تكن الوسيلة مستخدمة فعلا، بأن كانت مهملة أو في ورشة لإصلاحها، أو خالية تماما من الركاب.

     أما عبارة “الأرصفة Quais” الواردة في ختام النص فلا تعني أرصفة الشوارع أو الطرقات، بل هي معطوفة على محطات القطارات والمطارات ومكاتب الجمارك القائمة في المحطات المذكورة .

     فالسرقة من أرصفة المحطات تستوي في التشديد مع السرقة من المحطات.

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1