التصنيف: القواعد الفقهية والقانونية

  • شرح القاعدة الفقهية : الضرر يزال – مع أمثلة

    شرح القاعدة الفقهية : الضرر يزال – مع أمثلة

     الضرر يزال

                                                      الضرر يزال

    هذه القاعدة بمثابة تتمة للقاعدة (لا ضرر ولا ضرار) التي تنهى عن الضرر والضرار، فإن هذه تعالج الضرر إذا وقع، فتنص على أن كل ضرر بالآخرين معاقب عليه بالإزالة، إلا أن ذلك مقيد بقدره وذلك ترميماً لآثاره، وتخفيفاً . وطأته، وتحقيقاً للعداله بين الناس، وإلا كان إضراراً مبتدأ ولم يكن إزالة للضرر السابق.

    يتفرع على هذه القاعدة عدة مسائل ،

    منها : مشروعية ضمان التغرير، فإن الغار يضمن للمغرور ما تضرر بسبب تغريره له على أن يكون التغرير واقعاً في ضمن عقد معاوضة، سواء كان فاسداً أم كان غير مالي كعقد النكاح، وعلى أن الغار إذا ضمن للمغرور صفة السلامة نصاً فيرجع بمقدار النقص،

    ومنها : إذا أتلف إنسان مالاً لآخر ضمن في ماله قيمة ما أتلف وذلك رفعاً لضرر الإتلاف عن المتضرر،

    ومنها : أن شهود القيمة أو القسمة إذا قوَّموا أموال اليتامى والأوقاف بغبن فاحش وهم يعلمون، أو غبنوا الوقف في الاستبدال، أو أخبروا بوجود المسوّغ ولم يكن هناك مسوغ وهم عالمون بذلك، فإنهم يضمنون النقص.

    تنبيه :

    عرف الفقهاء الحنفية الغبن الفاحش بأنه ما لا يدخل تحت تقويم المقومين من أهل الخبرة وحدد المتأخرون من الفقهاء الغبن الفاحش للتيسير في الفتوى والقضاء والتطبيق بأنه ما بلغ خمس القيمة في العقار وعشرها في الحيوان ونصف العشر في العروض وسائر المنقولات، وبه أخذت المجلة في المادة ١٦٥ منها .

  • شرح القاعدة الفقهية : لاضرر ولاضرار – مع أمثلة

    شرح القاعدة الفقهية : لاضرر ولاضرار – مع أمثلة

    لاضرر ولا ضرار

     لا ضرر ولا ضرار

    هذه القاعدة لفظ حديث حسن رواه ابن ماجه والدارقطني مسنداً، ورواه مالك في الموطأ مرسلاً، والمشهور أن اللفظ محمول على التأسيس لا على التأكيد .

    واختلف الفقهاء في التفريق بين الضرر والضرار على أقوال:

    أ ـ الضرر : إلحاق مفسدة بالغير مطلقاً، والضرار إلحاق مفسدة بالغير على وجه المقابلة دون ملاحظة الجزاء.

    ب ـ الضرر : أن يدخل على غيره ضرراً بما ينتفع هو به، والضرار: أن يدخل على غيره ضرراً بما لا منفعة له به.

    ج – الضرر : أن يضر الرجل أخاه ابتداءً، والضرار : أن يضره جزاء .

    كلمة لا ضرر لا تعني نفي الضرر ، بل المقصود عدم جواز الضرر، وهي قاعدة من نوع العام المخصوص فلا تشمل العقوبات ولا التعازير الشرعية .

    والمقصود بمنع الضرار نفي فكرة الثأر المحض الذي يزيد في الضرر ولا يفيد سوى توسيع دائرته ؛ لأن الإضرار ولو على سبيل المقابلة لا يجوز أن يكون هدفاً مقصوداً وطريقةً عامة، وإنما يُلجأ إليه اضطراراً عندما لا يكون غيره من طرق التلافي. .

    يتفرع على هذه القاعدة الكثير من المسائل

    منها: أنواع الحجر، فإنها شرعت توقياً من وقوع الضرر العائد تارة لذات المحجور عليه وتارة لغيره،

    ومنها : حبس الموسر إذا امتنع عن الإنفاق على أولاده أو محارمه توقياً من وقوع الضرر بأولاده أو بأقربائه ببقائهم بلا نفقة،

    ومنها: أنهم لم يجوزوا شهادة العدو على عدوّه إذا كانت العداوة دنيوية، وأوجبوا فسخ حكم الحاكم إذا كان بين المحكوم عليه والحاكم عداوة دنيوية لئلا يصل إلى المشهود عليه أو المحكوم عليه ضرر من هذه العداوة.

    وقد جاء عن شارح الوهبانية أنه توقف في جواز قضاء القاضي على عدوه وقال: لم أقف على هذا في كتب أصحابنا، ثم بحث أنه إذا كان قضى عليه بعلمه فينبغي ألا ينفذ حكمه، وإن قضى عليه بشهادة العدول وبمحضر من الناس فينبغي أن يجوز. والمنقول في المذهب عدم الجواز بلا تفصيل كما ذكر، ولا عبرة بالبحث إذا خالف المنقول .

  • شرح القاعدة الفقهية : الأمر اذا ضاق اتسع

    شرح القاعدة الفقهية : الأمر اذا ضاق اتسع

     الأمر اذا ضاق اتسع

     الأمر إذا ضاق اتسع

    هذه المادة من جزئيات المادة السابقة (المشقة تجلب التيسير)، وهي في معنى  المادة( الضرورات تبيح المحظورات)، وتقرب من معنى  القاعدة (الضرورة تقدر بقدرها)،

    ومعناها : إذا دعت الضرورة والمشقة إلى اتساع حكم أمر فإنه يتسع إلى غاية اندفاع الضرورة ،والمشقة، فإذا اندفعت وزالت الضرورة الداعية عاد حكم الأمر إلى ما كان عليه.

    وهذه القاعدة طردية عكسية، أي: إن الأمر إذا ضاق اتسع وإذا اتسع ضاق ،

    وهو الذي ذكره الشافعي، وقد جمع بين القاعدة وتتمتها الإمام الغزالي في الإحياء بقوله : كل ما تجاوز عن حده انعكس إلى ضده، والضيق: المشقة، والاتساع هو الترخص عن الأقيسة وعن طرد القواعد.

  • شرح القاعدة الفقهية: المشقة تجلب التيسير مع اسبابها وتطبيقاتها

    شرح القاعدة الفقهية: المشقة تجلب التيسير مع اسبابها وتطبيقاتها

    محامي شرعي

    المشقه تجلب التيسير

    المراد بالمشقة هي المنفية بالنصوص نحو: ” يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر” ،” وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٌ”  ، والداعية إلى التخفيف إنما هي المشقه المتجاوزة للحدود العادية التي يستلزمها عادة أداء الواجبات والقيام بالمساعي التي تقتضيها الحياة الصالحة.

    والمراد بالمشقة الجالبة للتيسير هي المشقة التي تنفك عنها التكليفات الشرعية، أما المشقة التي لا تنفك عنها التكليفات الشرعية كمشقة الجهاد وألم الحدود وقتل الجناة . . . فلا أثر لها في جلب تيسير ولا تخفيف .

    واعتبار المشقة والحرج إنما يعتبران في موضع لا نص فيه، أما المواضع التي ورد فيها نص خلافهما فإن المشقة لا تجلب التيسير.

     إن اعتبار أعراف الناس في كثير من المواطن مبني على هذه القاعدة مادام لا يصادم أسس الشريعة، لأن في عدم رعاية العرف وعدم اعتبار سلطانه حرجاً عظيماً على الناس وفي الحقوق المدنية فإن التقادم بمرور الزمن المانع من المطالبة بالحق، يتوقف بالمعاذير كنقص الأهلية والسفر، وإلا كان إحراجاً لأصحاب الحقوق.

     المشقة التي تجلب التيسير لها سبعة أسباب :

    وهي  السفر، المرض، الإكراه، النسيان، الجهل، عموم البلوى، نقص الأهلية. 

    1- السفر، وتيسيراته كثيرة

     

    منها : جواز تزويج الولي الأبعد للصغيرة عند عدم انتظار الخاطب الكفء استطلاع رأي الولي الأقرب المسافر،

    ومنها: جواز كتابة القاضي إلى القاضي في بلد المدعى عليه بشهادة المدعي عنده .

    ومنها: جواز بیع الانسان مال رفيقه إذا مات في السفر معه وحفظ ثمنه لورثته بدون وصاية حيث لا قاضي ثمة .

    ومنها جواز تحميل شهادة المسافر لغيره،

    ومنها: استحباب القرعة بين نساء المسافر وترك القسم . . ..

    ٢ – المرض، وتيسيراته كذلك كثيرة:

    منها : عدم صحة الخلوة مع قيام المرض المانع من الوطء سواء كان في الزوج أو في الزوجة، ومنها : اذا كان الشاهد مريضاً جاز له أن يستشهد في بيته . . ..

    ٣ ـ النسيان،

    وهو عدم تذكر شيء عند الحاجة إليه، وهو مسقط للعقاب، ولو وقع الناسي فيما يوجب عقوبة كان نسيانه شبهة في إسقاط العقوبة،

    ومن تيسيراته : لو حكم القاضي بالقياس ناسياً النص فلم يؤاخذ بنسيانه، ويستثنى من ذلك أنه لا تأثير للنسيان على الحنث في التعليق، فلوعلق على فعل شيء ثم فعله ناسياً التعليق فإنه يقع. 

    ٤ ـ الجهل،

    وهو عدم العلم ممن شأنه أن يعلم،

    ومن تيسيراته: لو جهل الوكيل أو القاضي بالعزل أو جهل المحجور عليه بالحجر، فإن تصرفهم صحيح إلى أن يعلموا بذلك، ولو باع الأب أو الوصي مال اليتيم أو اللطيم ثم ادعى أن البيع وقع بغبن فاحش ثم قال : لم أعلم تقبل دعواه.

    ولو أجاز الورثة الوصية ولم يعلموا ما أوصى به الميت لا تصح إجازتهم.

    ولو ادعى أحد على آخر أنه أبوه، فقال المدعى عليه : إنه ليس ابني ثم قال : هو ابني، يثبت النسب لأن سبب البنوة العلوق منه وهو خفي، والتناقض في الدعوى فيما كان سببه خفياً معفو عنه .

    ولو اختلعت المرأة من زوجها على بدل ثم ادعت أنه كان طلقها ثلاثاً قبل الخلع وبرهنت على ذلك فإنها تسترد بدل الخلع ويغتفر تناقضها الواقع في إقدامها على الخلع ثم دعواها الطلاق، لأن الطلاق فعل الغير والزوج يستبد به بدون علمها فكانت معذورة.

    ه ـ نقص الأهلية،

    كالصغر والجنون، فيجلبان التخفيف عنهما لعدم تكليفهما أصلاً .

    وعند السادة الحنفية تُعتبر الأنوثة نوع من أنواع نقصان الأهلية فلا تكلّف المرأة بكثير مما يكلف به الرجل كالجهاد بالسيف والجمعة والجماعة وتحمل الدية، وقد رخص لها الشارع مما لم يرخصه للرجل كلبس الذهب والحرير ..

    ٦ – العسر وعموم البلوى:

    وله تيسيرات منها : إباحة نظر الشاهد والخاطب للأجنبية ،

    ومنها صحة الوقف على النفس وعلى جهة تنقطع كما صح وقف المشاع الذي يحتمل القسمة ولم يشترط التسليم إلى المتولي،

    وجواز استبدال الوقف عند الحاجة إليه بلا شرط ترغيباً في الوقف وتيسيراً على المسلمين،

    ومنها: جواز النكاح بلا ولي ومن غير اشتراط عدالة الشهود ولم يفسد بالشروط الفاسدة ولم يخصص بلفظ النكاح والتزويج وينعقد بما يفيد ملك العين للحال، ويصح بحضور ابني العاقدين وبحضور ناعسين وسكارى على أن يذكروه بعد الصحو، كل ذلك دفعاً لمشقة الزنا،

    ومنها: اعتبار فعل الأمر في عقد النكاح إيجاب بخلاف البيع .

    والفرق بينهما أن قوله زوجني توكيل، وقوله : زوجتك، قائم مقام الطرفين كما عرف أن الواحد في النكاح يتولى عبارة الطرفين بخلاف البيع. 

    وبسبب العسر وعموم البلوى جوّز الحنفية العقود التي على خلاف القياس، ومن ذلك مشروعية الوصية عند الموت ليتدارك الإنسان ما فرّط فيه حال حياته وفسح له في الثلث دون ما زاد عليه دفعاً لضرر الورثة، حتى أجازوا الوصية بكل المال عند عدم المنازع، وأوقفوها على إجازة بقية الورثة إذا كانت لوارث، وأبقوا التركة على ملك الميت حكماً حتى تنقضي حوائجه منها رحمة له، وجوزوا الوصية بالمعدوم ولم يبطلوها بالشروط الفاسدة. 

    ۷ ـ الإكراه :

    وهو تهديد ممن هو قادر على الأذى بضرب مبرح، أو بإتلاف نفس أو عضو، أو بحبس مديد، أو بما دون ذلك لذي جاه، ويسمى هذا إكراهاً ملجئاً . أو بما يوجب غماً يعدم الرضا ما كان بغير ذلك، ويسمى إكراهاً غير ملجئ . 

    تنبيه  : إن تأثير الإكراه على أفعال المكلفين على وجوه :

    أولاً: العقود والإسقاطات التي يؤثر فيها الهزل كالبيع والإجارة والهبة والإبراء والإقرار . . . مطلق إكراه يؤثر عليها، ويكون المكره بعد زوال الإكراه بالخيار إن شاء أمضى وإن شاء فسخ .

    ثانياً : العقود والإسقاطات التي لا يؤثر فيها الهزل كالطلاق والنكاح والعفو عن دم العمد لا تأثير فيها للإكراه بل هي ماضية على الصحة، ولكن للمكره أن يرجع بالمهر على المكرِه له على الطلاق، إلا الزوجة فلو كانت هي المكرهة  سقط المهر عن الزوج.

    ثالثاً : المنهيات التي لا تباح عند الضرورة كالجناية على الغير، لا تحل بأي إكراه، ولو فعلها المكره وجب عليه القصاص.

    رابعاً : المنهيات التي تباح عند الضرورة كإتلاف مال الغير، فإنها تحل بالملجئ وضمان المال على المكره .

    خامساً: الردة، فإنه يرخص للمكره أن يجري كلمتها على لسانه وقلبه مطمئن بالإيمان، ويوري وجوباً إن خطر بباله التورية، فإن لم يوّر يكفر وتبين زوجته.

  • شرح القاعدة الفقهية: الإشارة المعهودة للأخرس كالبيان باللسان , وتطبيقاتها

    شرح القاعدة الفقهية: الإشارة المعهودة للأخرس كالبيان باللسان , وتطبيقاتها

    محامي, استشارة قانونية

    الإشارة المعهودة للأخرس كالبيان باللسان

    الإشارة من الأخرس معتبرة وقائمة مقام العبارة في التصرفات من نكاح وطلاق وإبراء وإقرار، ويستثنى الشهادة، فلا تقبل شهادته.
    أما يمينه في الدعاوى ففي أيمان خزانة الفتاوى: وتحليف الأخرس أن يقال له: (عليك عهد الله تعالى وميثاقه إن كان كذا فيشير بـ نعم، ولو حلف بالله كانت إشارته إقراراً بالله تعالى لا حلفاً.
     وقد جعلت إشارة الأخرس كالبيان باللسان لئلا يُحرم من الحقوق المدنية، وهو استحسان بالضرورة على قاعدة الحنفية. .
    وإشارة الأخرس المقصودة في الكلام : هي الإشارة المقارنة لتصويته؛ لأن الأخرس من عادته عند التعبير عن شيء أن يقرن الإشارة بالصوت.
    واختلفوا في أن عدم القدرة على الكتابة شرط للعمل بالإشارة أو لا؟ والمعتمد لا. ولا بد في إشارة الأخرس من أن تكون معهودة، وإلا لا تعتبر.
    أما إشارة غير الأخرس بأن كان معه اعتقال لسان، ويقال له: خرس عارض، ففيه اختلاف والفتوى على أنه إن دامت العُقلة إلى وقت الموت يجوز إقراره بالإشارة والإشهاد عليه ، وقد قدر التمرتاشي مدتها بسنة وهو قول ضعيف، والصحيح أنه لا يعقد بإشارته ما لم تستمر عقلته إلى الموت، وعلى هذا فإن كل تصرفاته وعقوده بالإشارة تبقى موقوفة على وفاته، فإن توفي معتقل اللسان نفذت وإلا بطلت .

    من فروع هذه القاعدة:

    لو علق الطلاق بمشيئة أخرس فأشار بالمشيئة ينبغي الوقوع لوجود الشرط، وكذا لو علق بمشيئة رجل ناطق فخرس فأشار بالمشيئة ينبغي الوقوع ،
    ومنها: إذا نظمت وصية الأخرس بحضوره وخاطبه الحاضرون قائلين له : هل نشهد عليك ؟ فأشار بتحريك رأسه الحركة المتعارفة
    بأنها إشارة له على الموافقة، يكون قد أوصى بما في الوصية.
    أما القادر على الكلام فلا تعتبر إشارته مطلقاً إلا في أربع أمور:
    الكفر والإسلام والنسب والإفتاء، ويزاد أخذاً من مسألة الإفتاء بالرأس إشارة المحدث في مرتبة الحديث. ويزاد: لو قال لزوجته: أنت طالق هكذا، وأشار بثلاث وقعت، بخلاف ما إذا قال لها : أنت طالق وأشار بثلاث، لم تقع إلا واحدة.
    ويزاد: رجل له بنت واحدة اسمها عائشة فقال الأب وقت العقد: زوجتك بنتي فاطمة، لا ينعقد النكاح.

    ولو كانت المرأة حاضرة فقال الأب: زوجتك منك بنتي  فاطمة  هذه، وأشار إلى عائشة وغلط في اسمها، فقال  الزوج: قبلت جاز النكاح وكذا لو قال : زوجتك هذه العربية وكانت أعجمية، أو هذه العجوز وكانت شابة، أو هذه البيضاء وكانت سوداء، جاز، وكذلك في جميع وجوه الصفات .


    لطلب أستشارة قانونية مجانية من موقع نادي المحامي السوري يرجى تعبيئة النموذج في الرابط التالي وارساله وانتظار الرد على ايميلك المرسل منه الرسالة.

    اضغط هنا

  • شرح القاعدة الفقهية: الكتاب كالخطاب مع مثال

    شرح القاعدة الفقهية: الكتاب كالخطاب مع مثال

    محامي في المانيا

    الكتاب كالخطاب

    إن اللفظ ليس هو الوحيد المعبر عن الرضا وإن كان هو المعبر الأول عنه، فهنالك الفعل والكتابة والإشارة وكلها معبر عن الرضا، وقد أخذ الفقهاء بها جميعاً وأحلوها محل الرضا في كل ما هو شرط له، إلا أن لذلك قيوداً وأحكاماً :

    أ ـ الفعل كالقول عند الحنفية في نيابته عن الرضا، ولهذا أجازوا البيع وسائر المعاوضات بالتعاطي إلا النكاح فإنه لا ينعقد بالتعاطي لاشتباهه بالزنا.

    ب – أما الكتابة والإشارة فهما بدل ضروري عن القول عند الحنفية، ولهذا لا يؤخذ بهما في النيابة عن الرضا إلا عند تعذر القول وفقاً لقاعدة: (لا عبرة بالبدل مع القدرة على الأصل)، فتعتبر كتابة الأخرس وإشارته نائباً عن الرضا في كل تصرفاته القولية.

    أما القادر على الكلام . فلا يحتج بكتابته إلا إذا تعذر الكلام منه في أحوال خاصة كالغيبة عن مجلس العقد، فحينئذ يجوز إحلال كتابه محل خطابه فيكتب كتاباً يبين فيه رغبته في العقد، فإذا وصل إلى المرسل إليه ووافق وقبل تم العقد وإلا فلا.

    أما الحاضر فلا يحل كتابه محل خطابه، علماً أنه لا يوجد من صرح من الفقهاء الحنفية بذلك تصريحاً واضحاً، وإن كان مضمون كلامهم يفيد به. 

    وهذه القاعدة مما أطلق وأُريد به المقيّد، فيكون المراد منها : الكتاب عند تعذر الخطاب كالخطاب.

    ويصح النكاح بالكتابة وصورته أن يكتب إليها يخطبها فإذا بلغها الكتاب أحضرت الشهود وقرأته عليهم وقالت: زوَّجت نفسي منه، أو تقول : إن فلاناً كتب يخطبني فاشهدوا أني قد زوَّجت نفسي منه.

    أما لو لم تقل بحضرتهم شيئاً سوى زوجت نفسي من فلان لا ينعقد؛ لأن سمـاع الـشـطـريـن شرط، وبإسماعهم الكتاب أو التعبير عنه منها سماع للشطرين بخلاف ما إذا انتفيا .

    فالمراد بالكتاب في هذا المقام هو الخطاب الذي تكتب فيه عبارة الإيجاب من أحد العاقدين للآخر. 

    وإن كتب: امرأته طالق، فهي طالق، بعث إليها أو لا.

    وإن قال : المكتوب إذا وصل إليك فأنتِ طالق فلم يصل، لا تطلق . وإن ندم ومحا من الكتاب ذكر الطلاق وترك ما سواه وبعث إليها فهي طالق إذا وصل؛ لأن محوه للطلاق كرجوعه عن التعليق إذا بقي ما يسمى كتابة أو رسالة، وإن محا الخطوط كلها وبعث إليها البياض لا تطلق لأن ما وصل إليها ليس بكتاب.

    ولو جحد الزوج الكتاب وأقامت البينة عليه أنه كتبه بيده فرّق بينهما في القضاء. 

    إن اعتبار مجلس بلوغ الكتاب إنما يظهر فيما يتوقف على القبول كالعقود وفيما يقتصر على المجلس من غير العقود كتفويض الطلاق، أما فيما يتوقف على العلم فقط كالوكالة فلا يظهر تقييده بالمجلس، بل يكفي فيه الاطلاع على ما في الكتاب، وأما فيما لا يفتقر إلى الاطلاع مما يستقل به الإنسان كالإقرار والطلاق والإبراء، كما إذا كتب إلى زوجته كتاباً يقول لها فيه: أنتِ طالق، فلا حاجة إلى الاطلاع بل لا حاجة إلى الإرسال أيضاً، ويقع الطلاق بمجرد الكتابة نوى أو لم ينو إذا كانت مرسومة وكذلك لو كتبت : أبرأت زوجي من مؤجل صداقي صح الإبراء وسقط المهر بمجرد الكتابة، على الظاهر.

    الفرق بين الكتاب والخطاب أنهما سواء إلا في فصل واحد وهو أنه لو كان حاضراً فخاطبها بالنكاح فلم تجب في مجلس الخطاب ثم أجابت في مجلس آخر فإن النكاح لا يصح، وفي الكتاب إذا أبلغها وقرأت الكتاب ولم تزوج نفسها منه في المجلس الذي قرأت الكتاب فيه، ثم زوّجت نفسها في مجلس آخر فإن النكاح لا يصح، وفي (الكتاب) إذا بلغها وقرأت الكتاب ولم تزوج نفسها منه في المجلس الذي قرأت الكتاب فيه، ثم زوجت نفسها في مجلس آخر بين يدي الشهود وقد سمعوا كلامها وما في الكتاب يصح النكاح؛ لأن الغائب إنما صار خاطباً لها بالكتاب والكتاب باقٍ في المجلس الثاني، فصار بقاء الكتاب في مجلسه وقد سمع الشهود ما فيه في المجلس الثاني بمنزلة ما لو تكرر الخطاب من الحاضر في المجلس. 

     إذا كتب الكتاب في زماننا على غير الورق مثلاً ، ينظر : إذا كان المعتاد أن تكتب الكتب على غير الورق يعتبر ذلك الكتاب كما لو كتب على ورق،

    والحاصل أن كل كتاب يحرر على الوجه المتعارف بين الناس حجة على كاتبه كالنطق باللسان، وهو ما يعرف بالكتابة المرسومة. أما الكتاب المكتوب على غير ما هو متعارف بين الناس، كأن يكون على حائط أو ورق شجر أو بلاطة مثلاً، فهو لغو ولا يعتبر حجة في حق صاحبه إلا إن نوى أو أشهد على نفسه حين الكتابة،

    والإملاء يقوم مقام الإشهاد أيضاً؛ لأن الكتابات التي تكون على هذه الصورة قد تكون بقصد بيان الحقيقة وقد تكون بقصد التجربة كما هو الغالب، وقد تكون عبثاً، فتحتاج إلى ما يؤيدها كالنية أو الإشهاد أو الإملاء حتى تعتبر حجة على كاتبها، وهو ما يعرف بالكتابة غير المرسومة المستبينة. أما الكتابة غير المستبينة كالكتابة على الماء أو في الهواء، حكمها حكم الكلام غير المسموع لا يترتب على كاتبها حكم. 

    ومن فروع هذه القاعدة أيضاً : رجل كتب صك وصية وقال للشهود: اشهدوا بما فيه، ولم يقرأ وصيته عليهم، لا يجوز للشهود أن يشهدوا بما فيه وهو الصحيح، وإنما يحلّ لهم أن يشهدوا بأحد معانٍ ثلاثة :

    ١ ـ أن يقرأ كتاب الوصية عليهم.

    2ـ أن يكتب هو بين يدي الشاهد والشاهد يعلم بما فيه، ويقول هو: اشهدوا عليَّ بما فيه .

    3ـ أن يكتب الكتاب غيره ويقرأه عليه بين يدي الشهود، ويقول لهم: اشهدوا عليَّ بما فيه .

    ومنها : لو كتبت : أنتِ طالق ثم قالت لزوجها أقرأ علي؟ فقرأ، لا تطلق ما لم يقصد خطابها . 

  • شرح القاعدة الفقهية: السؤال معاد في الجواب

    شرح القاعدة الفقهية: السؤال معاد في الجواب

    المحامي السوري

    السؤال معاد في الجواب

    الكلام إذا كان جواباً عن سؤال، فهو على ضربين :

    أ ـ جواب يفيد معناه بنفسه، فيرتبط الحكم بما يفهم من معناه دون النظر إلى السؤال، كما إذا سألته زوجته فقالت : هل أنا طالق ثلاثاً ؟ فقال لها : أنت طالق واحدة. فتطلق بطلقة واحدة ولا عبرة بما جاء في السؤال.

    ب ـ جواب لا يفيد بنفسه أي معنى :

    كما إذا سألته زوجته قائلة: هل أنا طالق ثلاثاً؟ فقال لها : نعم، أو قالت له : ألستُ طالقة ثلاثاً؟ فقال لها : بلى، طلقت ثلاثاً بذلك؛ لأن الجواب بنعم وبلى جواب مبهم لا يفيد بنفسه أي معنى إذا لم يلاحظ فيه ما جاء في السؤال، وذلك صيانة لكلام العاقل عن اللغو ما أمكن.

    ولضبط هذه القاعدة ينبغي أن يقال : السؤال معاد في الجواب إذا كان الجواب مبهماً . 

    وفي الأشباه : لو قيل للزوج : ألستَ طلقت امرأتك؟ قال: بلى، طلقت؛ لأنه جواب الاستفهام بالإثبات. ولو قال: نعم، لا تطلق، لأنه جواب الاستفهام بالنفي، كأنه قال : نعم ما طلقت.

    والفرق بين نعم وبلى، أن الجواب بنعم تصديق لما قبلها إثباتاً أو نفياً، وبلى تستعمل في جواب النفي للإثبات ، وقد نقل عن ابن عباس في جواب قوله تعالى: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى لو قالوا نعم لكفروا؛ لأن (نعم) لتصديق الكلام مثبتاً أو منفياً، وبكى لايجاب ما بعد النفي استفهاماً كان أو خبراً. .

    وكذا لو قال القاضي للمدعى عليه : أليس للمدعي عندك المبلغ الذي يدعيه؟ فأجاب : بلى، فيكون إقراراً. وإن أجاب بنعم لا يكون إقراراً؛ لأن جواب الاستفهام في النفي ببلى إثبات وبنعم نفي، فكأنه قال : ليس له عندي. وقيل: إن أجاب بنعم يكون إقراراً أيضاً، لأن الإقرار يحمل على العرف لا على دقائق العربية كما في الدر. .

    لو قالت : طلقني ؟ فقال : نعم لا تطلق وإن نوى الطلاق. ولو قالت له : أنا طالق، فقال: نعم، تطلق : والفرق بين المسألتين: أن معنى نعم بعد قولها أنا طالق: نعم أنت طالق، ومعنى نعم بعد قولها طلقني : نعم أطلقك، فيكون وعداً بالطلاق. .

    امرأة قالت لزوجها : طلقني ثلاثاً ؟ فقال الزوج : فعلت، أو قال: طلقتك، طلقت ثلاثاً، أما لو قال لها : أنت طالق فهي واحدة إلا أن ينوي ثلاثاً، كما في الخانية. .

    لو قال شخص لشخص آخر مريض مرض موت هل أوصيت بثلث مالك ليصرف في وجوه البر والإحسان؟ وهل نصبتني وصياً لتنفيذ وصيتك هذه؟ فأجابه بكلمة. فعلت أو أوصيت، فيكون قد أوصى بذلك المال ونصبه وصياً  .

    مما يستثنى من هذه القاعدة :

    لو قالت لزوجها : احلف عليّ وقال : أنتِ طالق ثلاثاً إن أخذت هذا الشيء؟ فقال الزوج : أنتِ طالق ثلاثاً، ولم يزد، يقع الطلاق تنجيزاً لا تعليقاً. .

    ويستثنى أيضاً : ما إذا قالت المرأة لزوجها : طلقني ولك ألف درهم؟ فقال الزوج: طلقتك، ولم يقل على الألف التي ذكرت فإنه يقع الطلاق مجاناً ولا شيء عليها عند الإمام، وعندهما يلزمها الألف لأن قولها ولك الألف سؤال، وقول الزوج خرج مخرج الجواب فيجب عليها الألف. ويكون الاستثناء على قول الإمام. 

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1