التصنيف: الشركات التجارية

  • صيغة نص عقد وديعة بأجر

    عقد وديعة بأجر


    الفريق الأول :…………………………………..المودع

    الفريق الثاني:………………………………………. الوديع
    المقـدمـة:

    لما كان الفريق الأول مالكا حائزاً لـ …………………….(1) وراغباً بإيداعه لدى الفريـق الثاني وقبل بذلك.

    فقد اتفق الفريقان وهما بكامل الأهلية المعتبرة شرعاً وقانوناً على ما يلي:

    المادة 1-

    تعتبر مقدمة هذا العقد جزءاً لا يتجزأ منه.

    المادة ٢-

    أودع الفريق الأول لدى الفريق الثاني القابل لذلك ( تذكر الوديعـة ) لحفظها وردها عيناً عند الطلب في موعد لا يتجاوز يـوم / / لقاء أجـر شـهري مقطوع/أو مقطوع قدره ليرة سورية يدفعه الفريـق الأول للثـانـي حـال استعادتها.
    المادة3-

    أ- لا يجوز/أو يجوز للفريق الثاني استعمال الوديعة إبان فترة الإيداع كما لا يجوز له تمكين غيره من ذلك.

    ب- استلم الفريق الثاني الوديعة بالحالة المتفق عليــــها جديــدة مستعملة صالحـة للاستعمال لما أعدت له خالية من أي عطب أو نقص أو كسر أو عيب خفـي أو ظاهر وأسقط حقه بإدعاء خلاف ذلك والتزم بردها بالحالة المذكورة عليه.

    ج- التزم الفريق الثاني بصيانة الوديعة والعناية بها عناية الرجل المعتاد ويكون مسؤولاً عن هلاكها وتعيبها أو تلفها أو عطبها كلا أو بعضا مهما كان سبب ذلك.
    د- التزم الفريق الثاني بعدم إحلال غيره محله في حفظ الوديعة مهما كان السبب الداعي لذلك.

    وله حق إعادتها للفريق الأول بأي وقت شاء.

    المادة 4-

    التزم الفريق الأول باسترداد الوديعة في الأجل المعين. وبدفع أجورها وجميع ما أنفقه الفريق الثاني عليها في حفظها وما لحقه من خسارة بسببها.

    ويجوز للفريق الثاني حبسها حتى دفع ذلك كله أو بعضه.

    المادة 5-
    إذا توفي الفريق الثاني فإن ورثته ملزمون خلال ثلاثين يوما من تاريخ الوفاة برد الوديعة عيناً أو قيمتها إذا تم التصرف بها دون علمهم بكونها وديعة وإذا تأخروا في ذلك يحق للفريق الأول مطالبتهم بمبلغ …… ليرة سورية عن كل يوم تأخير.

    المادة 6-

    يعتبر كل من الفريقين معذرا بما يترتب عليه من التزامات بموجب هذا العقد بمجرد حلول أجلها دونما حاجة لأعذاره أو الحصول على حكم قضائي بذلك.

    المادة 7-
    اتخذ كل من الفريقين عنوانه المبين أعلاه موطنا مختارة له لتبلغ كل ما يتصل بهذا العقد وتنفيذه. المادة

    8- نظم هذا العقد من نسختين احتفظ كل من الفريقين بإحداهما بعد ما قرئت عليه مندرجاته وتفهمها.
    و … في //

                         الفريق الثاني            الفريق الأول


    (1) تذكر الوديعة شريطة أن تكون من المنقولات لأن العقارات وباقي الحقوق العينية غير المنقولـة لا تكون محل وديعة.

  • صيغة إقرار بالتنازل عن إجارة تجارية صناعية وتمديدها القانوني

    إقرار بالتنازل عن إجارة تجارية صناعية وتمديدها القانوني

    أنا الموقع أدناه …… بن …… والدتي …… تولد…… ۱۹…… خ …… أحمل البطاقة الشخصية الصادرة عن أمين السجل المدني في …… رقم… / … تاريخ // ومقيم في …… .

    أقر وأنا بكامل الأهلية المعتبرة شرعاً و قانوناً طائعاً مختاراً غير مكره ولا مدلساً عليّ بأنني كنت قد استأجرت العقار رقم …… من منطقة…… العقارية من …… والذي هو عبارة عن …… في شارع …… من مؤجره مالكه السيد…… بموجب عقد الإجارة المؤرخ في / / والممدد حكماً بقوة القانون وقد تنازلت للمذكور عن الإجارة وعن حق تمديدها القانوني لعدم حاجتي للمأجور لقاء مبلغ …… ليرة سورية كتعويض عن هذا التنازل قبضته منه نقداً وعداً و أبرأت ذمته منه كما سلمته المأجور خالية من أي شاغل أو بضاعة أو أشياء منقولة و التزمت بالإقرار بما تقدم أمام الدوائر المالية و أية جهة رسمية أخرى.

    كما التزمت بأن أدفع للدوائر المالية ما تحققه علي من جراء هذا التنازل من ضرائب دخل وغيرها من الضرائب والرسوم وبدفع جميع الضرائب والرسوم المالية والبلدية و غيرها عن فترة إشغالي العقار المذكور أيا كانت تسميتها والجهة المستحقة لها بالغا ما بلغت من مالي الخاص وإثبات لذلك أعطيت هذا الإقرار تحريراً.

    … في ||

    المقر بما فيه

    المستأجر السابق

  • صيغة إنذار من مستأجر لمؤجر بصيانة المأجور بالترميمات المستعجلة

     إنذار من مستأجر لمؤجر بصيانة المأجور بالترميمات المستعجلة

    إنذار موجه بواسطة الكاتب بالعدل في …

    من المنذر:……………………….. المستأجر

    المقيم في…………………………….

    إلى المنذر:………………………………………….. المؤجر

    المقيم في………………………………

    الإنذار:

    لما كنت مستأجراَ منك العقار رقم …… من منطقة…… العقارية بمدينة…… والذي هو عبارة عن دار للسكن / مخزن دكان /مكتب …… في ش ارع…… بناية…… الطابق …… بموجب العقد المؤرخ في // وكان هذا المأجور بحاجة لإجراء الترميمات الضرورية المستعجلة اللازمة للانتفاع به وفق ما أعد له وهي ( تذكر الترميمات ) .

    فإنني أطلب إليك إجراء هذه الترميمات بنفقتك خلال …… يوما من تاريخ تبلغك هذا الإنذار وإلا فإنني أكون مضطرا لإجرائها بنفسي وخصم ما أنفقته في سبيلها من الأجرة أو إنقلص الأجرة بما يوازي فوات الانتفاع جزئياً بالمأجور من جرائها.

    وقد أعذر من أنذر.

    … في ||

    المستأجر المنذر

    الاسم والتوقيع


    ملاحظات: 

    (1) يجوز للمؤجر أن يتعهد بدفع هذه الضرائب والرسوم والإقرار بذلك أمام الدوائر المختصة .

    (۲) لا يجوز أن تتجاوز النفقات أجرة سنة ونصف . ويفضل عدم اللجوء لإنقاص الأجرة بغير

    طريق القضاء كيلا يتعرض المستأجر للإخلاء بسبب تقصيره عن دفع كامل الأجرة.

     

  • هل عقد تقديم الاستشارة القانونية عقد مقاولة؟

    عرف بعض الفقهاء عقد المقاولة بأنه

    (( عقد يقصد به أن يقوم شخص بعمل معين الحساب شخص أخر في مقابل أجر دون أن يخضع لأشرافه أو أدارته )).

    وعرفته المادة / 864 من القانون المدني العراقي بأنه

    (( عقد به يتعهد أحد الطرفين أن يصنع شيئا أو يؤدي عملا لقاء أجر يتعهد به الطرف الأخر )) ، وهو من العقود المسماة | التي نظمها المشرع العراقي بأحكام خاصة.

    كما عرفه القانون المدني المصري في المادة / 646 بأنه

    (( عقد يتعهد بمقتضاه أحد الطرفين أن يصنع شيئا أو يؤدي عملا لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الأخر )).

    أما المشرع الفرنسي فأنه يعتبر عقد المقاولة نوع من أجارة الأعمال حيث يعرف المقاولة في المادة / ۱۷۱۰ من التقنين المدني

    (( بأنه ذلك العقد الذي يتعهد فيه أحد الأطراف أن يقوم بعمل شيء لصالح الطرف الأخر نظير أجر متفق عليه بينهما )) .

    هذا ويتصف عقد المقاولة بمجموعة من الخصائص وهي أن عقد المقاولة عقد رضائي ، وانه عقد ملزم للجانبين ، كما أنه من عقود المعاوضة ، أنه من العقود الواردة على العمل ، فضلا عن استقلالية المقاول في أداء العمل.

    مما تقدم فإلى أي مدى يمكننا أسناد عقد الاستشارة القانونية إلى عقد المقاولة ، في ظل خصوصية عقد تقديم الاستشارة القانونية من حيث أطرافه والالتزامات لكل منهما والأداء المتميز المحل هذا العقد المتمثل بالاستشارة القانونية ،

    فبعد بيان المقصود بعقد المقاولة واهم خصائصه ، سنقوم بعرض فكرة عند عقد تقديم الاستشارة القانونية ، كعقد المقاولة محاولين تقييم هذه الفكرة وذلك من خلال الفرعين الآتيين :

    الفرع الأول : عرض فكرة عقد تقديم الاستشارة القانونية عقد مقاولة

    الفرع الثاني : تقويم فكرة عقد تقديم الاستشارة القانونية عقد مقاولة

    الفرع الأول

    عرض فكرة عقد تقديم الاستشارة القانونية عقد المقاولة

    إن التطورات الحاصلة في مفهوم الأداءات التي يقوم بها المقاول قد تعدت الاطار التقليدي له ، باعتباره يقوم بأداءات مادية فقط ، إذ إنه ليس ثمة ما يمنع من أن المقاولات تعني ذلك النوع من الأداءات ، وأيضا الاداءات ذات الطابع الذهني ، فالمهن الحرة التي تندرج تحت مفهوم عقد المقاولة أصبحت تتميز بوجود الاداءات الذهنية.

    وعليه فأن هذا المفهوم يتسع لاستيعاب عقد تقديم الاستشارة القانونية الذي نحن بصدده نظرة لاندماج هذه الأعمال الذهنية في موضوع البحث ،

    هذا بالإضافة إلى أن المميزات التي يتميز بها عقد المقاولة تنطبق على عقد تقديم الاستشارة القانونية وتمثل دعائمه الأساسية ، وأياً كان الأمر فإن مما يدعم وجهة النظر هذه الحجج الأتية :

    1 – إن عقد تقديم الاستشارة القانونية يرد كعقد المقاولة ، على الأعمال المادية ، فقيام المستشار القانوني بتقديم الاستشارة القانونية يعد عملا مادياً ، ينسب اليه من حيث أدائه لأنه يقوم به باسمه الشخصي وإن كان لمصلحة المستفيد ، وليس معنى أن يؤدي المستشار القانوني أعمال مادية ، أن تأتي خالية من الفكر بل أن ما يميز الأعمال التي يؤديها أصحاب المهن الحرة عموما والمستشار القانوني خصوصاً إن ناحية الفكر فيها متغلبة)،

    وبالتالي لا يكون عمله هذا تصرفأ قانونية بل عملا مادية ، أضاف إلى ذلك أن طبيعة عقد المقاولة تسمح بتعدد الاداءات ذات الطابع الذهني وتنوعها بالإضافة إلى الأداءات المادية التقليدية.

    ۲ – الاستقلال التام للمستشار القانوني في إعداده للمشورة القانونية فهو يقوم بالعمل بأسمه الخاص مستقلا عن إدارة المستفيد وإشرافه ، ويختار الوسائل والطرق التي يراها مناسبة الإنجاز الاستشارة القانونية ، ولا يجوز للمستفيد أن يتدخل في طريقة تنفيذ المستشار القانوني العمله مادام عمله مطابقا لما هو متفق عليه في العقد ولما تفرضه عليه الأصول العلميةوالفنية لمهنته، ولعل هذا العنصر الأخير دفع البعض من الفقه للقول بأن غياب رابطة التبعية القانونية أمر من شأنه أن يسمح بأن يندرج عقد تقديم الاستشارة القانونية مع المستفيد تحت وصف عقد المقاولة .

    3 – عقد تقديم الاستشارة القانونية هو معاوضة ، إذ يتقاضى المستشار القانوني اجرأ مقابل أعداد الاستشارة القانونية ، ويلجأ المتعاقدان في تحديد هذا الأجر إلى نفس الوسائل التي يلجأ اليها أطراف عقد المقاولة وخصوصا عن طريق الاعتماد على طبيعة الالتزامات التي تنشأ على عاتق الطرفين وعلى مقدار الوقت الذي يستغرقه تنفيذ هذه الالتزامات ، وعند عدم اتفاق الطرفين على مقدار الأجر يقوم القاضي بتحديد الأجر وفقا لما يقرره المشرع في النصوص الخاصة بعقد المقاولة.

    4 – يلزم المستشار القانوني بتسليم الاستشارة القانونية المنجزة وهو التزام بتحقيق نتيجة ، اذا  كانت الاستشارة القانونية ترد على حقائق ومسلمات لا مثار للخلاف بشأنها ومتفق عليها من قبل الفقه والقضاء ، وهذا عينه التزام المقاول بتحقيق النتيجة التي يريدها رب العمل  ، وهو ما مستقر في عقد المقاولة لأن رب العمل يطلب عملا يتحتم إنجازه.

    5 – إن عقد تقديم الاستشارة القانونية يقوم بالدرجة الأساس على الاعتبار الشخصي ، إذ أن شخصية المستشار القانوني تكون محل اعتبار عند أبرام العقد كما مر بنا سابقا . كذلك الحال مع عقد المقاولة ، إذ لا يجوز للمقاول أن يوكل تنفيذ العمل في جملته أو في جزء منه إلى مقاول أخر اذا كانت طبيعة العمل مما يفترض معه قصد الركون إلى كفايته الشخصية أو وجود شرط يقضي بذلك ، وكذلك تنتهي المقاولة بموت المقاول اذا كانت مؤهلاته الشخصية محل اعتبار في التعاقد  ، وهذا عينه ما يترتب في عقد تقديم الاستشارة القانونية إذ ينتهي بموت المستشار القانوني ، والكفاية الشخصية للمستشار القانوني تعتمد على الخبرة والتخصص والكفاءة العلمية والمهارة في الأعداد للمشورة القانونية

    . 6 – يتشابه عقد تقديم الاستشارة القانونية مع عقد المقاولة من حيث التنفيذ حيث يقوم المقاول بتنفيذ العمل المناط به على شكل مراحل متتابعة ويستحق أجرأ مستقلا عن كل مرحلة ينجزها 

    ۷ – يلتزم المقاول بأبداء الاستشارة والنصيحة في شأن الاعتبارات الفنية والمهنية المتعلقة بعمله، وهذا هو عين التزام المستشار القانوني ، مما يمكن القول أننا بصدد عقد مقاولة).

    ۸- أن الرخص الممنوحة للرب العمل في أنهاء عقد المقاولة، هي نفس الرخصة الممنوحة للمستفيد في عقد تقديم الاستشارة القانونية.

    ومما تقدم فقد اتجه غالبية الفقه تؤيده أحكام القضاء بالقول إلى أن عقد المستشار القانوني مع المستفيد هو عقد مقاولة) ووجد هذا الاتجاه صداه في العديد من القرارات القضائية للمحاكم الفرنسية والمصريةوالعراقية

     

    الفرع الثاني

    تقويم فكرة عد عقد تقديم الاستشارة القانونية عقد مقاولة

    على الرغم من الحجج التي سيقت في الفرع السابق إلا أن تكييف عقد تقديم الاستشارة القانونية بأنه عقد مقاولة لم يسلم من سهام النقد ، وعلى ذلك فأننا نتناول هذه الانتقادات التي وجهت لهذا الرأي محاولين تقويمها قدر الإمكان :

    1 – إن عقد المقاولة ينطوي على فكرة إنجاز عمل ، تستلزم أن يقوم المقاول بعمل مادي حتى وان كان العمل يرتكز على الجهد الفكري .

    أما عقد تقديم الاستشارة القانونية فأنه يقوم على فكرة انتقال معلومات من شخص إلى آخر ، لا تستلزم جانبا مادية وبذلك يختلف الإنجاز عن الانتقال .

    إلا أن رفض وصف الاداءات الذهنية بالعمل المادي لا يستند إلى أي سند قانوني ، فمادام الأداء الذهني لا يعتبر تصرفأ قانونية ، فأن المنطق يحتم وصفه بأنه عمل مادي ،

    فأذا | امكن الفصل بين العمل المادي والتصرف القانوني في علاقة المستفيد بالمستشار القانوني فأنه تطبق أحكام الوكالة على التصرف القانوني ، وأحكام المقاولة على العمل المادي، وهذا ما نجده في عقد تقديم الاستشارة القانونية ، فالمستشار القانوني باعتباره من أصحاب المهن الحرة يقوم بأعمال مادية في مجموعها ، واذا تميزت بشيء فأنها تتميز بأن ناحية الفكر فيها متغلبة ، وهذا لا يمنع من أن تكون أعمالاً مادية وأن أصحابها يربطهم بالغير عقد مقاولة مثل المحامي الذي يقدم الاستشارة القانونية لعميلة خارج مجلس القضاء).

    ۲ – المقاول يعد مضاربة وهذه المضاربة قد تحقق له الخسارة تارة والربح تارة أخرى ، وهذا ما يجعله يكسب صفة التاجر) ، أذا كان محل المقاولة عملاً تجارياً ، وهذا لا يستقيم مع عمل المستشار القانوني الذي يمارس مهنة حرة وأرباب المهن الحرة لا يعدون تجارة وإنما يمارسون أعمال مدنية ، وهم يقدمون مهام ذهنية أو يدوية مقابل أتعاب يحصلون عليها ، ولكن تحقيق الربح ليس

    هو الهدف الأول لديهم كما هو الحال بالنسبة للذين يزاولون الأعمال التجارية.

    ويمكن الرد على هذا القول بأن المقاول لا يكتسب صفة التاجر لمجرد انه مقاول ، فالعقد بالنسبة للمقاول قد يكون مدنية ، وقد يكون تجارية على حسب طبيعة العمل الذي يؤديه فأذا كان العمل الذي يؤديه ذا طبيعة تجارية كان العقد تجارياً ، واذا كان العمل ذات طبيعة مدنية كان العقد مدنية ، ومن المقرر إن الأعمال الذهنية تعد أعمالا مدنية ، لان أعمال أصحاب المهن الحرة ومن ضمنهم المستشار القانوني ، لا تعد أعمال تجارية كما مر بنا سابقا .

    3 – إن عقد تقديم الاستشارة القانونية يقوم بالدرجة الأساس على الاعتبار الشخصي إذ أن شخصية المستشار القانوني تكون محل اعتبار عند أبرام العقد ، أما عقد المقاولة فأن المقاول ينفذ العمل بنفسه أو عن طريق غيره مالم يوجد شرط يقضي بغير ذلك .

    إلا أنه يرد على هذا القول انه لا يمنع من أن يكون عقد المقاول قائمة على الاعتبار الشخصي للمقاول كما هو حال عقد تقديم الاستشارة القانونية ، وليس أدل على ذلك من أن العديد من العقود القائمة على الاعتبار الشخصي لأحد المتعاقدين قد استقر الفقه القانوني على اعتبارها من قبيل عقود المقاولة ، كعقد المحامي والعقد الطبي ، بل إن القانون المدني العراقي نص على ذلك صراحة في عجز المادة /۱/۸۸۲

    (( …….. أو لم تكن طبيعة العمل مما يفترض معه قصد الركون إلى كفايته الشخصية )).

    4 – إن سمة الاستقلال في الأداء ليست صفة دائمة في عقد تقديم الاستشارة القانونية ، فالتطبيق العملي يظهر أن للمستفيد الأثر البالغ في توجيه المستشار القانوني أثناء قيامه بالعمل أو على الأقل في الأشراف عليه ، وكون العمل ذهنية لا يمنع حقيقة أن يكون هناك توجيه أو أشراف من قبل المستفيد على مراحل أعداد الاستشارة القانونية  .

    إلا أنه يرد على هذا القول أن عمل المستشار القانوني تبقى له ميزة الاستقلال حتى ولو كان المستفيد حريصة على التدخل في بعض المسائل ، وذلك لان التدخل يجب أن لا يفسر على أنه أشراف أو توجيه على عمل المستشار القانوني ، وإنما يفسر على انه التزام بالتعاون من قبل المستفيد من خلال الأعلام والمساهمة في تكوين الاستشارة ،

    وحتى إن سلمنا جدلا أن هناك أشراف من قبل المستفيد على المستشار القانوني ، فأن هذا الإشراف يقتصر على الناحية التنظيمية دون الناحية الفنية.

    5- يستطيع كل طرف في عقد تقديم الاستشارة القانونية أن ينهي العقد بإرادته المنفردة دون أن يلتزم بتعويض الطرف الأخر  .

    أما عقد المقاولة فهو عقد ملزم للجانبين ولا يستطيع احد طرفيه أنهاءه بإرادته المنفردة دون التحمل بالتزام يتمثل غالبة بالتعويض .

    إلا أنه لا صحة لهذا القول ذلك لأن الفقه القانوني استقر على إن المستشار القانوني لا يستطيع ابتداء أنهاء عقد تقديم الاستشارة القانونية بإرادته المنفردة ، كما هو الحال بالنسبة لعقد المقاولة ، وأن المستفيد له أنهاء العقد بإرادته المنفردة ، ولكنه يلزم عندئذ بالتعويض .

    6 – يلتزم المستشار القانوني ببذل عناية ، وهذا على العكس مما هو مستقر في عقد المقاولة الأن رب العمل يطلب عملا يتحتم إنجازه ، ويقع على عاتق المقاول تحقيق النتيجة التي پریدها رب العمل .

    إلا أن هذا الرأي غير مسلم به، إذ ذهب جانب من الفقه إلى عد التزام المستشار القانوني ببذل عناية لا يتصل بمفهوم إنجاز العمل ، وإنما يقصد به من جانب التزامه بتحقيق ضمان السلامة الاقتصادية أو ما يسميه الفقه الحديث بضمان المطابقة الاقتصادية.

    فضلا عن أن الاستشارة القانونية اذا كانت تنصب على مسائل خلافية وراعي المستشار القانوني في تنفيذها الأمور الفنية والقواعد المعمول فيها فأن التزامه هنا ألتزام ببذل عناية.

    ۷ – ما قيل بصدد أتحاد العقدين بعدة خصائص وهي ، كونهما من العقود الملزمة للجانبين وأنهما بعوض ، وأنها من العقود المحددة في الأصل ، فأنها لا تعدو أن تكون خصائص عامة تشترك فيها جميع العقود.

    إلا أن هذه الخصائص ومع ما قيل سابقا من أوجه التقارب بين العقدين ، تعتبر من الخصائص المشتركة بين العقدين ، وبالتالي فهي مدعاة للتقارب بين العقدين.

    بعد استعراض كل الآراء التي قيلت بشأن تكييف عقد تقديم الاستشارة القانونية ، فأننا نرى أن القواعد العامة في عقد المقاولة الواردة في القانون المدني العراقي رغم انطباقها في نصوص كثيرة تجعل من هذا العقد أقرب إلى فكرة عقد المقاولة ألا أنها قاصرة ولا تكفي التنظيم هذا العقد ،\ والأمر يحتاج إلى أحكام خاصة لمثل هذا العقد وذلك لسببين :

    الأول : إن عقد تقديم الاستشارة القانونية يعتبر ذات أهمية كبيرة من حيث تعدد المجالات القانونية التي يتطرق لها فهذا العقد يرد على معلومات قانونية في مختلف فروع القانون كالقانون الدستوري والجنائي والإداري والمدني والتجاري ،

    وما يصاحب هذه الفروع من موضوعات مختلفة تحكمها قواعد قانونية متنوعة تتطور مع تطور الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ،

    ونتساءل هنا هل يخضع كل ما سبق ذكره لذات القواعد المتعلقة بعقد المقاولة ، لا شك أن أداء الاستشارة يحتاج الى وقت ودقة سواء في مرحلة المفاوضات السابقة لأبرام هذا العقد أو في مرحلة تنفيذه.

    الثاني : إن هناك العديد من الأضرار التي قد تصيب المستفيد والغير من الاستشارة القانونية أثناء تنفيذها ،

    ويثار تساؤل حول ما اذا كان يشترط تطبيق أحكام الضمان هنا لذات الشروط الواردة في ضمان العيب في عقد المقاولة ، أذ لا بد من وجود التزام بضمان السلامة في مثل هذا العقد وذلك لخلو التشريعات المقارنة من أي نص يقيم التزامأ على عاتق المستشار القانوني بسلامة المستفيد والغير من أضرار الاستشارة القانونية.

    وبعد البحث في التكييف القانوني لعقد تقديم الاستشارة القانونية وفي ضوء الملاحظات السابقة فأننا نرى أن هذا العقد يتمييز بخصوصية معينة تتمثل بأنه قائم على الاعتبار الشخصي ، وأنه مهني ، وأنه منشئ لالتزامات غير تقليدية على عاتق أطرافه ، وهذا دفعنا إلى القول إلى أن هذا العقد هو عقد ذو طبيعة خاصة تقوم على الذاتية والاستقلال عن غيره من العقود الأخرى ، وخاصة فيما يخص محل العقد والدور الذي يقوم به المستشار القانوني ، ولكل ما سبق نرى أهمية تنظيم عقد تقديم الاستشارة القانونية تنظيمة تشريعأ خاص .

  • طرق الحصول على التعويض في عقد التأمين البحري

    ذكرنا أن المؤمن يلتزم بتعويض المؤمن له عن الضرر الناتج من وقوع الخطر المؤمن منه بشرط ألا يجاوز قيمة التأمين، أي أنه يتوجب على الطرفين تسوية العلاقة بينهما بأن يبادر المؤمن إلى تسديد مبلغ التأمين، وذلك إذا توافرت الشروط المذكورة في عقد التأمين وللمؤمن له في سبيل اقتضاء حقه من المؤمن اتباع إحدى الدعويين :

    1- الدعوى الأولى: دعوى الخسارة البحرية (دعوى التعويض):

    ويتم بموجبها تحديد مقدار التعويض الذي يدفعه المؤمن وهي الطريق العادي الذي يستعمل في كل المخاطر.

    2 – الدعوى الثانية: دعوى التخلي أو الترك وهي طريق استثنائي وتكون في حال وقوع أخطار ينتج

    عنها أضرار بالغة، وفيها يترك المؤمن له الشيء المؤمن عليه للمؤمن في مقابل أن يدفع هذا الأخير مبلغ التأمين كاملاً.

    المطلب الأول : تقدير قيمة الشيء المؤمن عليه:

    عقد التأمين من عقود التعويض، وعليه فإن المؤمن يلتزم بتعويض المؤمن له عما يلحقه من ضرر من جراء تحقق أحد الأخطار التي يضمنها المؤمن.

    والذي يجدر ملاحظته بأن تعويض التأمين يختلف عن مبلغ التأمين، إذ بينما يقتصر الأول على حدود الضرر الذي يلحق المؤمن له فإن مبلغ التأمين يمثل الحد الأقصى لالتزام المؤمن، ولو قل عن قيمة الضرر الذي لحق المؤمن له وتطبق في هذه الحالة قاعدة النسبية إذا لم يصل الضرر إلى حد الهلاك الكلي الشيء المؤمن عليه.

    أولاً – الوثيقة محددة القيمة Valued Policy :

    وهي الوثيقة التي تحدد قيمة الشيء المؤمن عليه، وبالتالي فإن المبلغ الذي يمكن استرداده من المؤمن تحدده الوثيقة.

    وتحدد قيمة الشيء المؤمن عليه بالاتفاق، ويتم بعد ذلك إدخاله في وثيقة التأمين على أنه المبلغ الذي يمكن المطالبة باسترداده من المؤمن عند حدوث الحادث المؤمن منه.

    وهذا التقييم أو التقدير لقيمة الشيء المؤمن عليه ملزم، وعلى ذلك فلا يستطيع المؤمن له أن يطالب بأكثر من هذه القيمة إذا كانت خسارة المؤمن له أكثر من القيمة التي تغطيها الوثيقة، فهذا التقدير لا يتأثر بزيادة أو بنقص القيمة الفعلية للشيء المؤمن عليه.

    إلا أن هذا الإلزام يشترط فيه عدم وجود الغش، وعلى أي حال ففي الخسارة الجزئية فإن التقدير لا أثر له، وللمؤمن له أن يسترد المقدار الفعلي لخسارته التي يقع عبء إثباتها عليه.

    ونشير أن الفقرة الثانية من المادة (27) من قانون التأمين البحري الإنكليزي لسنة 1906 تبين أن الوثيقة محددة القيمة:

    “هي الوثيقة التي تحدد القيمة المتفق عليها للشيء المؤمن عليه”.

    وتتابع الفقرة الثالثة من المادة نفسها قولها: “أنه إذا انتفى الغش فإن القيمة المحددة في الوثيقة بين المؤمن والمؤمن له تعتبر قطعية فيما يتعلق بالقيمة التأمينية للشيء الذي يطلب التأمين عليه سواء أكانت الخسارة كلية أو جزئية.

    ثانياً – الوثيقة غير محددة القيمة Unvalued Policy :

    في هذه الوثيقة لا يتم تحديد المبلغ الذي يدفع للمؤمن له ولكن تحديده يترك لما بعد وقوع الحادث. أي أن المبلغ يحدد في الوثيقة على أنه يمثل مبلغ التأمين يدل فقط على المبلغ الذي لا يمكن أن تمتد مسؤولية المؤمن إلى ما يتعداه، فلا يمكن للمؤمن له أن يسترد إلا القيمة الفعلية والحقيقية لبضائعه.

    وتعرف المادة (28) من قانون التأمين البحري الإنكليزي لسنة 1906 الوثيقة غير محددة القيمة بأنها: “تلك التي لا تحدد قيمة الشيء المؤمن عليه، ولكنها تترك القيمة التأمينية ليصار إلى تحديدها فيما بعد في حدود القيمة المؤمن عليها، وعليه يكون الفرق بين الوثيقة محددة القيمة والوثيقة غير محددة القيمة في أن المؤمن يلتزم في الحالة الأولى بدفع مبلغ من النقود لا يجوز أن يزيد على المبلغ المنصوص عليه في الوثيقة.

    فالتعويض يتناسب مع القسط الذي يتناسب بدوره مع الخطر، فلا يجب على المؤمن أن يدفع مبلغا يزيد عما تعهد به، أما في الحالة الثانية، فلا تتضمن الوثيقة مبلغ تأمين ثابت، وبالتالي لا يلتزم المؤمن في مواجهة المؤمن له بالتزام محدد من حيث المبلغ الذي يجب أن يدفعه إلى المؤمن له ولا يحد من التزام المؤمن في هذه الحالة إلا قید واحد في تأمين الأضرار هو الضرر الذي أصابه المؤمن له أو المستفيد من التأمين . 

    وعقد التأمين هو عقد تعويض فلا يجوز للمؤمن له أن يحصل على تعويض من وقوع الحادث المؤمن منه يزيد على مقدار ما أصابه من ضرر، وهذا المبدأ من النظام العام ولا يجوز مخالفته، لذا يبطل كل اتفاق يخالفه (المادة 354 من قانون التجارة البحرية).

    فلو لم يكن تقدير التعويض بمقدار الضرر الأصبح التأمين خطر يهدد الجماعة إذ يتحول التأمين من عملية اطمئنان في نفس المؤمن له إلى مضاربة، ولأنه بغير ذلك تكون للمؤمن مصلحة في وقوع الخطر.

    وهذا المبدأ يمنع المؤمن من أن يدفع للمؤمن له عند تحقق الخطر مبلغا يزيد على مقدار الضرر الفعلي الذي نجم عن وقوع الخطر.

    وإذا كان الأصل أن يكون المبلغ المؤمن به مساوية لقيمة الشيء المؤمن عليه، إلا أنه قد يكون أعلى من هذه القيمة أو أقل، فما الحكم في هذه الفروض؟

    1- إذا كان المبلغ المؤمن به مساوية لقيمة الشيء المؤمن عليه،

    فإن القسط الذي يلتزم المؤمن له بدفعه يتحدد على هذا الأساس، ومن ثم إذا وقع الخطر المؤمن منه فإن أداء التعويض الذي يلتزم المؤمن بدفعه للمؤمن له عن الضرر الناتج يكون مساوية لكل الضرر بشرط ألا يجاوز التعويض قيمة مبلغ التأمين (المادة 353 من قانون التجارة البحرية).

    فمهما بلغت الأضرار التي لحقت بالمؤمن له فإن أداء المؤمن لا يجوز أن يزيد عن المبلغ المؤمن به، والغالب في وثائق التأمين أن يتحدد مبلغ التأمين المتفق عليه بقيمة تعادل قيمة الشيء المؤمن عليه، وبالتالي يتساوى الضرر مع مبلغ التأمين المتفق عليه في حالة الهلاك الكلي للشيء .

    2- فإذا تعذر تحديد قيمة الشيء المؤمن عليه بشكل دقيق فإنه يغلب أن يتقدم المؤمن له بتقديرالشيء المؤمن عليه، ويقبل المؤمن هذا التقدير ومع أن قبول المؤمن لهذه القيمة يعتبر مؤقتة إلا أن المؤمن له يعفى من إقامة الدليل على القيمة الحقيقية للشيء المؤمن عليه عند وقوع الخطر، إذ يفترض أن القيمة المقدرة تساوي القيمة الحقيقية، ومن ثم يلتزم المؤمن بالتعويض عن الضرر على هذا الأساس، إلا إذا أقام الدليل على أن القيمة المقدرة للشيء هي أعلى من القيمة الحقيقية حتى لا يتكسب المؤمن له من وراء التأمين .

    وتصدر قانون التجارة البحرية للحالات العملية التي تعقد فيها عقود التأمين بمبلغ يزيد أو ينقص عن قيمة الشيء المضمون (المؤمن عليه) وذلك على النحو الآتي: 

    في حالة ما إذا كانت القيمة المصرح بها تزيد على قيمة الشيء المضمون (المؤمن عليه): 

    إذا بالغ المؤمن له في تحديد قيمة الشيء المؤمن فقدرها في عقد التأمين بمبلغ يزيد عن القيمة الحقيقية الشيء المؤمن عليه، فإن الجزاء الذي وضعه المشرع في مثل هذه الحالة يختلف باختلاف نية المؤمن

    أ- فإذا كان تقدير المؤمن له أو وكيله لمبلغ التأمين في العقد يزيد على قيمة الشيء المؤمن عليه وثبت أن ذلك قد حصل بتدليس من جانب أي منهما، فإن للمؤمن أن يبطل عقد التأمين، ويبقى القسط كاملا من حقه المادة 370 من قانون التجارة البحرية).

    ويلجأ المؤمن له عادة إلى تقدير قيمة الشيء بأكثر من قيمته الحقيقية طمعا في الحصول على فائدة من عقد التأمين في حالة وقوع الخطر – أي أنه يسعى أن يكون مركزه بعد حدوث الخطر المؤمن منه أفضل من وضعه قبل حدوث الخطر – وهو ما يخالف مبدأ اعتبار عقد التأمين عقدة تعويضية.

    وما نلاحظه هنا بأن المشرع قد أعطى المؤمن حق الخيار، فإن شاء نفذ العقد، وإن شاء أبطله، وفي هذه الحالة يتقاضى كامل القسط على سبيل التعويض.

    ولكن يجب على المؤمن أن يثبت غش وتدليس المؤمن له أو وكيله حتى يمكن تطبيق الجزاء).

    ب – أما إذا كان تقدير المؤمن له لقيمة الشيء بأكثر من قيمته الحقيقية ناجمة عن خطأ أو حسن نية،

    فإن العقد يبقى صحيحاً في حدود القيمة الفعلية للشيء المؤمن عليه، ويبطل فيما يزيد على ذلك (الفقرة الأولى من المادة 370 من قانون التجارة البحرية) .

    وعلى ذلك فإن المؤمن لا يأخذ قسط التأمين الذي يقابل الزيادة في تقدير قيمة الشيء المؤمن عليه، ولكنه يستحق تعويضة من المؤمن له إذا لحقه ضرر من جراء الزيادة في التقدير .

    2 – التأمين بأقل من قيمة الشيء محل التأمين :

    فإذا كان المبلغ المؤمن به أقل من القيمة الحقيقية للشيء المؤمن عليه، ويطلق على هذا النوع من التأمين عادة بالتأمين (الناقص، أو الجزئي) فلا يمكن للمؤمن له أن يحصل على تعويض عن الضرر الحاصل له عند تحقق الخطر بما يزيد عن المبلغ المؤمن به مهما كانت قيمة الضرر الذي أصاب المؤمن له.

    وما نلاحظه هنا بأن تطبيق قاعدة النسبية في حالة الهلاك الجزئي ليست من النظام العام ويستطيع كلا من المؤمن والمؤمن له أن يتفقا على أن تبعة الهلاك الجزئي تقع بأكملها على عاتق المؤمن طالما أنها لم تتجاوز مبلغ التأمين المحدد في العقد (المادة 326).

     

    طرق الحصول على تعويض التأمين

     

    ذكرنا سابقاً بأن الالتزام الرئيسي الذي يقع على عاتق المؤمن هو الالتزام بدفع التعويض عند تحقق الخطر.

    ويتوقف نمط الوفاء بهذا الالتزام على كيفية مطالبة المؤمن له بتعويضه عن الضرر الذي الحق به، فله إما اللجوء على دعوى الخسارة وإما اللجوء إلى دعوى الترك.

    أولاً – دعوى الخسارة البحرية :

    تعد دعوى الخسارة وسيلة حصول المؤمن له على مبلغ التعويض المتفق عليه ونميز هنا بين طرق تقدير التعويض بحسب ما إذا كان محل التأمين الذي لحقته الخسارة سفينة أو بضائع.

    أ- تقدير التعويض في التأمين على السفينة :

    قد لا يلحق السفينة نتيجة الخطر البحري أضرار مادية، ولكن المؤمن له يكون قد تكبد نفقات ومصاريف نقدية في سبيل تفادي الخطر أو في سبيل المحافظة على السفينة وتخفيف آثار الحادث، ففي مثل هذه الحالة يلتزم المؤمن بدفع قيمة هذه النفقات والمصاريف في حدود مبلغ التعويض المتفق عليه وذلك متى قدم الدليل.

    وقد تكون السفينة نتيجة تحقق الخطر بحاجة إلى إصلاحات، ففي هذه الحالة يلتزم المؤمن بدفع نفقات الإصلاح اللازمة لضمان صلاحية السفينة للملاحة البحرية، على أن يخصم من هذه النفقات فرق التجديد وهو ما ينتج عن الزيادة في قيمة السفينة نتيجة الإصلاح واستبدال أجزاء جديدة لها بأجزاء قديمة منها .

    ومما تجدر ملاحظته أن المؤمن وإن كان يلتزم بمصاريف الإصلاح أو الاستبدال إلا أنه لا يلتزم بالقيام بعملية الإصلاح أو الاستبدال للأشياء المؤمن عليها (المادة 381 من قانون التجارة البحرية).

    أما إذا هلكت السفينة هلاكاً كلياً فيقدر التعويض في ضوء قيمة السفينة المقدرة في وثيقة التأمين أو ما يقدرها أهل الخبرة قبل وقوع الحادث مباشرة وذلك بناء على قيمتها في يوم بدء الأخطار، أي بدء الرحلة البحرية .

    ويشمل التعويض جسم السفينة ومصاريف التجهيز اللازمة لإبحار السفينة (الفقرة الأولى من المادة 397 من قانون التجارة البحرية).

    وقد تناولت الفقرة الثانية من المادة السابقة إلى حالة التأمين على ملحقات السفينة المملوكة للمؤمن له بعقد تأمين منفصل عن عقد تأمين السفينة وبأي تاريخ، فإذا حدث أن هلكت السفينة المؤمن عليها كلية أو تركت للمؤمن، فإنه يجب تخفيض القيمة المتفق عليها في العقد للسفينة بما يعادل قيمة هذه الملحقات كي لا يعوض المؤمن له عنها مرتين، وكذا الحال إذا بقي من السفينة حطامة حيث يضم قيمة هذا الحطام من التعويض المستحق للمؤمن له إلا إذا تركها المؤمن له للمؤمن فإنه يستحق التعويض کاملا في هذه الحالة .

    وقد يقع الضرر نتيجة تعاقب الحوادث التي يضمنها المؤمن أثناء سريان عقد التأمين فيلتزم المؤمن بتعويض المؤمن له بما لا يتجاوز قيمة التأمين بضمان الأضرار الناشئة عن كل حادث يقع أثناء سريان وثيقة التأمين رغم تعدد الحوادث، ويجوز للمؤمن أن يشترط في وثيقة التأمين أن يدفع المؤمن له بعد كل حادث قسط تكميلي يتفق عليه (المادة 395 من قانون التجارة البحرية ).

    ب – تقدير التعويض في التأمين على البضاعة:

    1- إذا كان الضرر الذي لحق البضاعة يتمثل في مبالغ نقدية تتمثل في مصاريف أنفقت عليها بقصد

    الأخطار أو التخفيف من آثارها عند وقوعها، فإنه لا صعوبة في تقدير التعويض المستحق للمؤمن له

    وعلى المؤمن دفع هذه النفقات والمصاريف في حدود مبلغ التأمين المتفق عليه .

    2 – فإذا كان الضرر الذي لحق البضاعة ضررة كلية، فإن للمؤمن له أن يطالب المؤمن بدفع التعويض

    عنها طبقا لقيمة التأمين المحددة في وثيقة التأمين، وللمؤمن أن يدقق في حقيقة هذه القيمة أو يطلب من المؤمن له إثباتها وبالتالي فإن المؤمن لا يلتزم إلا بدفع القيمة الحقيقية للبضاعة وفي حدود مبلغ التأمين الذي أمن به المؤمن له على البضاعة في وثيقة التأمين.

    وتقدر قيمة البضاعة في ميناء الشحن وفي وقت الشحن بحيث إن مبلغ التأمين لا يجوز أن يزيد على هذه القيمة في ذلك الوقت، فإذا قدرت في ميناء الوصول أضيف إلى هذه القيمة أجرة النقل أو خسارة التأمين عليها والربح المتوقع (المادة 404 والمادة 405 من قانون التجارة البحرية السوري).

    ذلك أنه يجوز أن يكون محلا للتأمين كل مصلحة مشروعة بما في ذلك الربح المتوقع (الفقرة الأولى من المادة 259 من قانون التجارة البحرية).

    3 – أما إذا كان قد لحق البضاعة ضرر أو تلف جزئي، فتؤخذ النسبة بين قيمتها سالمة وقيمتها تالفةفي ميناء الوصول، ثم تطبق النسبة على القيمة المؤمن بها (المادة 405 من قانون التجارة البحرية). وهذه هي طريقة التسوية بالنسبة أو بالحصة المتبعة في تسوية الخسارات البحرية المشتركة.

    والسبب في الأخذ بقيمة البضاعة في ميناء الوصول في حالة التلف، أنه لا يمكن تطبيق النسبية على وجه عادل إلا بالأخذ بهذه القيمة، إذ أن مقدار التلف الذي يلحق البضاعة لم يقدر إلا في ميناء الوصول وعلى أساس قيمة البضاعة في هذا الميناء .

    ومما تجدر الملاحظة إليه أنه يجب الاعتداد بقيمة البضاعة قائمة في ميناء الوصول بدون إسقاط نفقات التفريغ والرسوم الجمركية المترتبة عليها. وذلك لأن هذه النفقات كان يتعين على المؤمن له أن يدفعها لو وصلت البضاعة سالمة، وأنه بذلك يوضع في نفس المركز الذي كان يوجد فيه حال وصول البضاعة سالمة.

    وقانون التجارة البحرية السوري لعام 2006 قد أشار إلى الحالات التي لا يسأل المؤمن عنها ومن إحدى هذه الحالات حالة:

    النقص الطبيعي الذي يطرأ على البضائع أثناء الطريق (المادة 379 من القانون) .

    بالإضافة إلى نص المادة (210) من قانون التجارة البحرية السوري السابق والتي جعلت الناقل غير مسؤول عما يلحق البضاعة ناقصة وذلك إذا كانت نسبة النقص مما يتم التسامح بها عادة والتي تعرف بالنقص الطبيعي للبضاعة الذي يمكن أن يلحق بها أثناء عملية نقلها أو أثناء شحنها وتفريغها وهو ما يسمى بنقص أو عجز الطريق (كما لو كانت البضاعة المشحونة حبوبة وسقطت كمية بسيطة منها أثناء عمليتي الشحن والتفريغ، أو كان النقص قد سببته الفئران).

    فإذا كانت نسبة النقص التي أصابت البضاعة تقع ضمن النسبة المتسامح بها عرفاً، فهنا لا يسأل الناقل عن هذا النقص.

    ج – مباشرة دعوى التعويض :

    على أن المؤمن له إذا أراد الحصول على تعويض من المؤمن، عليه أن يثبت تعرض الشيء محل التأمين للخطر وتعرض المؤمن له للضرر من جراء هذا الخطر وعليه إخطار المؤمن بوجود التلف.

    1 – إثبات تعرض الشيء محل التأمين للخطر وإثبات الضرر الذي لحق به:

    إذا أراد المؤمن له الحصول على تعويض من المؤمن أن يطالب بذلك ولكن هذه المطالبة لا تجدي نفعا إلا إذا اقترنت بإثبات وقوع الخطر المؤمن منه، وأنه بسبب ذلك وقع ضرر لحق بالمؤمن له أو بالمستفيد، وطبقا للقواعد العامة في الإثبات في دعاوى التأمين البحري، على المدعي أن يقيم الدليل على دعواه.

    فلا يكفي إثبات وقوع الخطر المؤمن منه لتحقق مسؤولية المؤمن، بل يلزم أن يلحق المؤمن له أو المستفيد ضرر بسبب هذا الخطر، ويقع عبء إثبات هذا الضرر ومداه على المؤمن له أو المستفيد حسب الأحوال، مما يعني أنه إذا وقع الخطر ولم يترتب عليه ضرر للمؤمن له فلا مجال للمطالبة

    بالتعويض.

    2 – إخطار المؤمن بوجود التلف:

    على المؤمن له في جميع حالات التأمين عن البضائع، إخطار المؤمن بحصول الضرر خلال خمسة أيام من تاريخ تسليم البضائع المؤمن عليها، فإن لم يفعل فإنه يفترض أنه تسلمها بحالة سليمة ما لم يثبت خلاف ذلك (المادة 409 من قانون التجارة البحرية)، ويلاحظ أن هذا النص خاص بالتأمين على البضاعة، فلا يسري على تأمين السفينة، وأنه يتعلق فقط بتلف البضاعة دون هلاكها الكلي أو الضياع، لأن مدة الإخطار محسوبة من تاريخ التسليم الذي يقصد به وضع البضاعة فعلا تحت تصرف المرسل إليه في مكان الوصول المتفق عليه، ولذا فلا يتوافر هذا المعنى إذا سلمت البضاعة أثناء الطريق لشخص آخر بسبب عدم إمكان توصيلها أو سلمت تسليما حكيمة للمرسل إليه بأن سلمت إليه المستندات الممثلة له.

    فإذا تقررت مسؤولية المؤمن بتحقق الخطر المؤمن منه وإلحاقه ضررة بالمؤمن له، التزم بدفع التعويض المؤمن له، وهذا التعويض يكون مساوية لمبلغ التأمين أو أقل منه دون أن يتجاوزه، وفقا لنص المادتين (353) و (354) من قانون التجارة البحرية.

    د – حلول المؤمن (شركة التأمين) في دعاوى المؤمن له:

    دعوى الرجوع البحري التي يحل فيها المؤمن محل المؤمن له في مواجهة الغير المسؤول عن الضرر، تعد من أهم ما يتمتع به المؤمن به في مقابل ما يتحمله من أعباء ومسؤوليات في مواجهة المؤمن له فهي تمنحه الفرصة للتعويض إذا حدثت الكارثة نتيجة خطأ الغير، وفي مقابل ذلك يتعرض لكل ما كان يمكن أن يتعرض له المؤمن له من دفوع في مواجهة هذه الدعوى.

    ومتى قام المؤمن بدفع تعويض التأمين للمؤمن له، فإنه يحل بما دفعه في حقوق المؤمن له والدعاوی التي تكون للمؤمن له تجاه من تسبب بفعله في الضرر الذي نجمت عنه مسؤولية المؤمن .

    ولما كان الحلول يفترض الوفاء، فإنه يشترط أن يكون المؤمن قد دفع مبلغ التأمين للمؤمن له، وإلا كانت دعوى المؤمن على من أحدث الضرر غير مقبولة.

    ومتی حل المؤمن محل المؤمن له في حقوقه، أمكن للغير أن يحتج في مواجهته بالدفوع التي تكون له تجاه المؤمن له.

    ويشترط لحلول المؤمن محل المؤمن له في الرجوع على المسؤول توافر شرطين:

    1- أن يكون المؤمن قد أدى فعلا مبلغ التأمين للمؤمن له.

    2 – أن تكون هناك دعوى مسؤولية يرجع بها المؤمن له على المسؤول وأن يطالب المؤمن بنفس مطالب المؤمن له، فليس له أن يحصل على وضع أفضل من وضع المؤمن له.

    ويكون حلول المؤمن محل المؤمن له بما له من حقوق أو تعويضات ممكناً في حالة الهلاك الجزئي والكلي وهذا ما نصت عليه المادة 386 تجارة بحرية :

    “يحل المؤمن قانونا بما دفعه من تعويض في الدعاوى التي تكون للمؤمن له إزاء من تسبب بفعله في الضرر الذي نجمت عنه مسؤولية المؤمن”.

    وتواجهنا هنا مسألة أخرى وهي أنه في حالة التأمين الجزئي، عندما تعود شركة التأمين على المسؤول وكذلك يعود المؤمن له عن الضرر المتبقي، فهل تقدم شركة التأمين على المؤمن له، أم ماذا؟ 

    لم يجب قانون التجارة البحرية على ذلك ولكن الأحكام العامة في القانون المدني في المادة (323) نصت على ما يلي :

    “1 – إذا قام الغير بوفاء الدين، كان له حق الرجوع على المدين بقدر ما دفعه.

    2 – ومع ذلك للمدين الذي حصل الوفاء بغير إرادته أن يمنع رجوع المدين بما وفاه عنه كلا أو بعضا إذا أثبت أن له مصلحة في الاعتراض على الوفاء”.

    وهذا يعني أن المؤمن له يتقدم على المؤمن أو شركة التأمين في الرجوع على المسؤول التي تعهدت بضمان الضرر الذي يسببه.

    واختلف الفقه في تكييف الطبيعة الحقوقية والقانونية للحلول: فذهب رأي في الفقه الفرنسي إلى أن شركة التأمين ترجع على المسؤول بدعوى الحلول وفقا للقواعد العامة، إذ أنه بوفائها مبلغ التأمين للمؤمن تكون قد دفعت دين الغير المسؤول، إلا أن القضاء الفرنسي لم يقر هذا الرأي لأن شركة التأمين إنما تدفع ديناً يقع على عاتقها منشأ من عقد التأمين لا دين المسؤول الناشئ عن الخطأ.

    “فليس للناقل البحري الحق في أن يجادل مؤسسة التأمين في توفر الشروط التي تلزمها بالتعويض للمؤمن له لأن تقرير ذلك متروك لطرفي عقد التأمين والناقل البحري شخص أجنبي عنه”.

    والئن كانت إقامة الدعوى من قبل شركة التأمين على الناقل البحري مشروطة بدفعها التعويض للمضمون المؤمن له) لكي تحل محله وتمارس حقوقه وترفع دعاويه، إلا أن هذا لا يمنع من سماع دعواها إذا دفعت التعويض للمضمون (المؤمن له) بعد رفع الدعوى لأن صفتها في الادعاء تكون قد تحققت بعد دفع التعويض “

    والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : حول إمكانية المؤمن له الذي حصل على تعويض التأمين من الرجوع على الغير المسؤول والحصول على مبلغ التعويض مرة ثانية. وبعبارة أخرى هل يجوز للمؤمن له الجمع بين دعوى التأمين ودعوى المسؤولية أو التعويض؟

    لقد ذهب القضاء في مصر وفرنسا على جواز الجمع بين دعوى التأمين ودعوى المسؤولية، لأنه لا يقبل من الغير المسؤول أن يحتج بعقد التأمين الذي لم يكن طرفا فيه للتهرب من مسؤوليته، ولأن أساس تعويض التأمين الذي لم يكن طرفا فيه للتهرب من مسؤوليته، ولأن أساس تعويض التأمين هو عقد التأمين ذاته فلا يمكن أن يمس حق الشاحن (الناقل) قبل الغير المسؤول والناشئ عن فعله الضار .

    ونرى بأنه لا يقبل من المؤمن له أن يجمع بين دعوى التأمين ودعوى المسؤولية، وأن يقيم الدعوى على الغير المسؤول بعد أن حصل على تعويض التأمين وحل المؤمن محله قانوناً في الدعاوى التي تكون له قبل الغير المسؤول، إذ أن حصوله على التعويض مرة ثانية يحقق له إثراء يتنافى مع مبدأ التعويض في التأمين وعلى هذا يسير القضاء البلجيكي والقضاء الفرنسي الحديث .

    ولو فرض العكس وأن المؤمن له رجع على المسؤول عن الضرر أولاً وحصل منه على تعويض الضرر اللاحق به، فهل يقبل منه الرجوع على المؤمن بمبلغ التعويض؟

    في الواقع : الضرر قد زال بقبض التعويض من الغير المسؤول وبالتالي فلا وجه لمطالبة المؤمن بمبلغ التعويض حتى لا يجني المؤمن له ربحا من التأمين كما أن المؤمن لا يدفع للمؤمن له إلا بشرط أن يتنازل هذا الأخير عن حقوقه في مواجهة الغير المسؤول لصالح المؤمن.

    وبالتالي فإن المبدأ الأساسي الذي يحكم عقد التأمين باعتباره عقد تعويض يمنع المؤمن له من الرجوع على المؤمن ليطالبه بمقابل التأمين، إذ أنه ليس له أن يجمع بين تعويض التأمين والتعويض من الغير المسؤول عن الضرر .

    ومما تجدر الملاحظة إليه بأن للمؤمن له الخيار في الرجوع إما على المؤمن بمبلغ التأمين أو في حق الرجوع على الغير المسؤول عن الضرر ووقع الخطر المؤمن عليه.

    وقانون تجارة البحرية السوري يتفق وقانون التأمين البحري الإنكليزي لعام 1906 في المادة (79) على حق المؤمن في الرجوع على الغير المسؤول عن الضرر بعد وفائه بالتعويض اللازم للمؤمن له وذلك بقولها “بأنه يحق للمؤمن الحلول محل المؤمن له في حقوقه وتعويضاته المستحقة عن الخطر المؤمن عليه من وقوع الحادث الذي سبب الهلاك، وفي حالة الهلاك الكلي له أن يستولي على حطام الشيء ويقتصر حقه على الحلول في الخسارة الجزئية”.

    ثانياً – دعوى الترك 

    يعد نظام الترك من النظم التي جرى بها العرف التجاري منذ زمن قديم، وقد وجد سبيله إلى التشريعات البحرية في أواخر القرن السابع عشر. وبموجبه ينزل المؤمن له عن ملكية الشيء المؤمن عليه للمؤمن نظير حصوله على كامل مبلغ التأمين .

    أ- ماهية دعوى الترك:

    إن دعوى الخسارة البحرية هي الدعوى العادية التي يلجأ إليها المؤمن له للحصول على تعويض الضرر الذي الحقه.

    إلا أن للمؤمن له في الأحوال التي يصاب فيها الشيء المؤمن عليه بمخاطر كبرى أن يستعمل حق الترك، وبمقتضاه يطالب المؤمن له بدفع کامل مبلغ التأمين في مقابل أن يتخلى عن حقوقه في الشيء المؤمن عليه للمؤمن المادة (380) و المادة (383) من قانون التجارة البحرية .

    فالترك هو الطريق الاستثنائي الذي لا يلجأ إليه إلا في أحوال المخاطر الكبرى. غير أنه حتى في هذه الأحوال فإن المؤمن له غير ملزم بالترك بل له الخيار في الترك أو دعوى الخسارة البحرية وذلك حسبما تقتضيه مصلحته.

    أما في غير أحوال المخاطر الكبرى فليس للمؤمن له إلا دعوى الخسارة البحرية وفي ذلك تنص المادة 349 من قانون التجارة البحرية على أنه :

    “يتحتم مبدئية على المضمون أن يقيم دعوى الخسارة البحرية على الضامن. لكن له في حال حدوث طوارئ من التي تدعى بالغة أن يترك للضامن الشيء المضمون وأن يطالب بالتعويض عن الهلاك الكلي”.

    وما نلاحظه أيضا بأن دعوى الترك هو نظام خاص بالتأمين البحري وحده، فلا يطبق في التأمين العادي.

    ويرجع الأصل التاريخي لنظام الترك إلى العادات البحرية القديمة في العصور الوسطى، إذ كان يجوز للمؤمن له إذا انقطعت أخبار السفينة أن يحصل على مبلغ التأمين بأكمله من المؤمن مقابل ترك السفينة بحيث إذا ظهرت بعد ذلك كانت ملكة للمؤمن. ثم انتقل هذا النظام إلى الأمر الملكي الفرنسي الصادر سنة 1681 ومنه إلى التقنين التجاري الفرنسي .

    وقد أخذ القانون الإنكليزي بهذا النظام ويطلق عليه اسم abandonment في المواد (57 ولغاية 63).

    ولا يزال الترك محتفظة بفائدته في حالة انقطاع أخبار السفينة والهلاك الحكمي المشبه بالهلاك الحقيقي، إذ يحصل المؤمن على مبلغ التأمين بأكمله دون أن يلزم بإثبات هلاك السفينة في الحالة الأولى، ومع أن الشيء لم يهلك هلاكا تاما في الحالة الثانية، على أن فائدته الرئيسية هي في تيسير تسوية تعويض التأمين بطريقة أبسط وأسرع من تسويته بطريق الخسارة.

    ب – حالات الترك :

    حدد المشرع في المادتين 398 و 406 من قانون التجارة البحرية حالات الترك في حالتين هما حالة تأمين السفينة وحالة تأمين البضاعة، والقاسم المشترك بين هاتين الحالتين هو عنصر الخطر الذي تتعرض له هذه الأشياء المؤمن عليها، وفي كل هذه الحالات يجوز للمؤمن له ترك الشيء المؤمن عليه مما يعني ذلك أنه من الجائز اتفاق الطرفين على خلاف ذلك. وتنظم المادتان (398) و (406) من قانون التجارة البحرية حالتي الترك، حيث تعالج الأولى حالة ترك السفينة، وتعالج الثانية حالة ترك البضائع.

    أولاً – حالة ترك السفينة :

    وفقا للمادة 398 من قانون التجارة البحرية فإنه يجوز للمؤمن له ترك السفينة للمؤمن في الأحوال الآتية:

    1 – حالة الهلاك الكلي للسفينة:

    والهلاك الكلي إما أن يكون هلاكا فعلية أو هلاكا حكمية وتحدث الخسارة الفعلية أو المطلقة (كما تسمى أحيانة) إذا هلك الشيء المؤمن عليه أو إذا كان المؤمن له قد فقد الشيء بحيث لا يمكن استرداده أو أن الشيء المؤمن عليه قد تضرر بشكل فقد معه خواصه التجارية.

    وفي حالة الهلاك الكلي الفعلي لا توجد حاجة لتوجيه إخطار بالترك.

    ومثال الهلاك الكلي الفعلي حالة سفينة تركت وهي تغرق، وقد تم قطرها بواسطة منقذين وباعوها بأمر من المحكمة بثمن يقل عن تكاليف الإنقاذ فحكمت المحكمة باعتبار ذلك هلاكا كلياً فعلياً.

    ومثال تجريد المؤمن له من حق استرداد السفينة، حالة سفينة تمت مصادرتها من قبل السلطات الفيتنامية التي اكتشفت أنها تحمل بضائع بدون بيانات، فحكمت باعتبار ذلك هلاكا كلية فعلية لتحرم المؤمن له من حقه في استردادها . 

    أما الهلاك الكلي الحكمي: فيحدث إذا كان هلاك الشيء المؤمن عليه كلية هلاكا فعلية لا يمكن تجنبه، ومن ثم يتم تركه أو أنه لا يمكن حفظه من الهلاك الكلي الفعلي بدون مصاريف تفوق قيمته عندما يتم إنفاق المصاريف .

    وما يميز الهلاك الكلي الفعلي عن الهلاك الحكمي هو أنه في الهلاك الكلي الفعلي يهلك الشيء المؤمن عليه كلية ولا يمكن استرداده وبالتالي لا يمكن للمؤمن له سوى استرداد الخسارة من المؤمن، بينما في حالة الهلاك الحكمي فإن الضرر يكون قابلا للإصلاح ولو بثمن باهظ ومرتفع وعلى ذلك يكون المؤمن له الحق بالخيار بين الخسارة الجزئية أو أن يترك الشيء المؤمن عليه للمؤمن وتعد في حكم الخسارة الكلية.

    ويترتب على هذا التمييز بين الهلاك الفعلي أو الهلاك الحكمي بأن المؤمن له لا يحتاج إلى إعلان أو إخطار المؤمن برغبته في الترك ولكن إذا كان الهلاك حكمية فإن المؤمن له ملزم بإخطار المؤمن ليعبر عن رغبته بالترك وللدلالة على أي طريق يختار، فإذا لم يقم بالإخطار أو به فإن الهلاك يعد هلاكا جزئياً فقط.

    فإذا تبع الهلاك الحكمي للبضاعة بيعة من جانب الريان فإن ذلك يعد هلاكا فعليا، وبالتالي فلا حاجة للإعلان عن الترك، لأن البضائع في مثل هذه الحالة تكون هالكة وغير قابلة للاسترداد ولا فائدة يمكن أن تعود على المؤمن إذا بلغ بالإخطار.

    2 – انقطاع أخبار السفينة:

    انقطاع أخبار السفينة هو أقدم حالات الترك وأكثرها فائدة للمؤمن له، فقد تسافر السفينة في عرض البحر وتنقطع الأخبار عنها، فإذا استمر هذا الانقطاع مدة معينة من الزمن فإنه يفترض أنها قد تعرضت إلى هلاك كلي أي أنها قد هلكت فعلا.

    ومن ثم يجوز للمؤمن له أن يترك الشيء المؤمن عليه ويطالب بمبلغ التأمين كله دون أن يكون ملزمة بإثبات الهلاك (الفقرة الثانية من المادة 398 من قانون التجارة البحرية).

    وإن اعتبار انقطاع أخبار السفينة قرينة على هلاكها هو أمر يتفق والواقع العملي المطبق في السفن من حيث احتوائها على أجهزة اتصالات لاسلكية تمكنها من الاتصال مع الموانئ المختلفة. ومن ثم فإن انقطاع الاتصال هو دليل أكيد على غرقها أو هلاكها.

    ومما تجدر الملاحظة هنا بأنه إذا دفع المؤمن التعويض عن السفينة المفقودة بعد التخلي عنها ثم ظهرت بعد ذلك فإن ملكيتها تكون للمؤمن ،

    وقد حددت الفقرة الثانية من المادة (398) من قانون التجارة البحرية مدة الانقطاع التي يعتد بها في اعتبار السفينة هالكة بثلاثة أشهر بعد وصول آخر أنباء عنها، أي أن مدة ثلاثة أشهر تحتسب بعد ورود آخر أخبار عن السفينة، فإذا لم يرد أي خبر أصلاً عن السفينة، فتحسب المدة من تاريخ مغادرة السفينة، ويقع عبء إثبات ذلك على المؤمن له ويكون ذلك بأن يحلف اليمين على أنه لم يرد إليه خبر أصلا عن السفينة المؤمن عليها أو السفينة التي شحنت عليها البضاعة المؤمن عليها.

    وتنطبق أحكام انقطاع المدة سواء كان التأمين معقودة عن الرحلة التي انقطعت فيها أخبار السفينة أو عن فترة زمنية معينة منذ ابتداء السفر. وفي هذه الحالة الأخيرة إذا كان التأمين سارية في إرسال آخر خبر عن السفينة فإنه يفترض أن هلاك السفينة قد وقع في الفترة التي يغطيها التأمين. وهذه القرينة بسيطة تقبل إثبات العكس من جانب المؤمن بكافة طرق الإثبات، فإذا نجح المؤمن في إثبات أن هلاك السفينة قد وقع في وقت لم تكن فيه مغطاة بالتأمين يزول حكم الترك ويلتزم المؤمن له برد التعويض المدفوع مع الفوائد القانونية .

    وورود أخبار عن السفينة لشخص آخر غير المؤمن له ينفي مظنة هلاكها وبالتالي فلا يحق للمؤمن له مباشرة إجراءات الترك.

    3 – إصابة السفينة بتلف يستحيل إصلاحه:

    إذا أصيبت السفينة بأضرار تمنعها من الاستمرار بالسفر وكان من الاستحالة بمكان إجراء الإصلاحات اللازمة لها نظرا لخطورة الكسر الذي تعرضت له السفينة، بحيث تصبح غير صالحة للملاحة بشكل مطلق وعندئين للمؤمن له أن يتخلى عن السفينة للمؤمن مقابل حصوله على التعويض الكامل منه على اعتبار أن السفينة أصبحت تالفة كليا “.

    ويستنتج من هذا النص بأنه يجب أن تكون هناك استحالة في الإصلاح لامكان التخلي عن السفينة، على أنه إذا كانت الأضرار قابلة للإصلاح ولكن تعذر بسبب عدم وجود قطع غيار أو الفنيين في مكان الحادث فلا يجوز للمؤمن له طلب ترك السفينة 

    4 – إذا كانت نفقات إصلاح السفينة تعادل ثلاثة أرباع قيمتها على الأقل:

    إذا أصيبت السفينة بأضرار تمنعها من الاستمرار في الإيجار، إلا إذا تم إصلاحها بمعنى أن السفينة تصبح بعد إصابتها بالضرر غير صالحة للملاحة وأنه إذا جرى إصلاحها وكانت قيمة هذه الإصلاحات تعادل ثلاثة أرباع قيمتها، فإن للمؤمن له أن يطلب ترك السفينة مقابل حصوله على التعويض کاملاً منه، علما بأن المؤمن ملزم أصلا بإجراء الإصلاحات التي تحتاجها السفينة بموجب وثيقة التأمين، فإذا لم يتم إصلاحها ولكن الخبراء قدروا مصاريف الإصلاحات بثلاثة أرباع قيمة السفينة، فإن للمؤمن له أن يستعمل حق الترك (المادة 398 من قانون التجارة البحرية).

    ثانياً – حالات ترك البضائع المؤمن عليها:

    عددت المادة 406 من قانون التجارة البحرية، الحالات التي يجوز فيها للمؤمن له ترك البضاعة للمؤمن بشرط أن يكون الحادث الذي استوجب الترك مما يشمله التأمين،

    وهذه الحالات هي:

    1 – انقطاع أخبار السفينة مدة ثلاثة أشهر بعد وصول آخر أنباء عنها:

    فكما أن انقطاع السفينة يعتبر من الأسباب التي تجيز للمؤمن له تركها للمؤمن في احتمال هلاكها، كذلك أيضا يعتبر انقطاع الأخبار من الأسباب التي تجيز للمؤمن له ترك البضاعة المشحونة على السفينة للمؤمن لأن هلاك السفينة يعني بالضرورة هلاك البضائع المشحونة على ظهرها أيضا، ولهذا يجوز للمؤمن له أن يتمسك بالتخلي عن البضائع في مواجهة المؤمن، والمطالبة بالتعويض کاملا إذا اعترف أنه لم يرد إليه أو إلى أي شخص آخر أي خبر عن السفينة التي شحنت فيها البضائع المؤمنة. طيلة ثلاثة أشهر من تاريخ وصول آخر خبر عنها أو من تاريخ إقلاعها إذا لم يرد أي خبر عنها منذ ذلك الحين.

    2 – عدم صلاحية السفينة للملاحة:

    في حال أصيبت السفينة التي تنقل البضائع بحادث بحري من الحوادث المؤمن منها، بحيث أصبحت عاجزة عن الاستمرار في الرحلة إلى مكان الوصول، فإنها تكون غير صالحة للملاحة، إما بشكل مطلق إذا كانت إصابتها يستحيل إصلاحها، وإما بشكل نسبي إذا تعذر وجود قطع الغيار أو الخبراء الفنيين اللازمين لإصلاحها بحيث أنه إذا استحال لسبب أو لآخر نقل البضائع المشحونة على ظهرها إلى مكان الوصول المتفق عليه في سند الشحن بواسطة سفينة أخرى، واستمرت هذه الاستحالة قائمة لمدة ثلاثة أشهر بدءا من تاريخ إخطار المؤمن له المؤمن بعدم صلاحية السفينة.

    ويستنتج من ذلك بأن عدم صلاحية السفينة للملاحة لا يجيز وحده ترك البضائع المؤمن عليها، بل يجب على المؤمن له إبلاغ وإخطار المؤمن حالة عدم صلاحية السفينة للملاحة، ويجب على الربان أن يبذل كل جهده في الحصول على سفينة أخرى لنقل البضائع إلى الميناء المقصود.

    ويلاحظ بأنه لا يجوز التخلي عن البضائع لمجرد غرق السفينة أو إصابتها بكسر طالما أنه لم يلحق البضاعة ضرر ما بسبب الفرق أو الجنوح .

    بمعنى أن الترك أو التخلي يرتبط بإصابة البضاعة بضرر أو تلف حتى يمكن للمؤمن له طلب الترك، ذلك أن ما يحدث عملا أن الربان يعمد أحيانا إلى إنقاذ البضاعة إذا أوشكت سفينة على الغرق فينقلها إلى سفينة أخرى التي تتولى نقل البضاعة إلى ميناء الوصول بسلام .

    3 – هلاك ما يعادل ثلاثة أرباح قيمة البضائع على الأقل:

    في حال هلك ما يعادل ثلاثة أرباع قيمة البضاعة المؤمن عليها فإن للمؤمن له أن يتركها للمؤمن ويطالب بكامل التعويض عنها.

    وفي مجال تقدير قيمة البضائع المؤمن عليها لا تثور صعوبة في تقدير قيمة البضائع إذا تعرضت للهلاك لأن ذلك يعني انعدام نسبة معينة من البضاعة المؤمن عليها تعادل ثلاثة أرباع قيمتها، أما الصعوبة الحقيقية فتثور في حالة التلف حيث تظل البضاعة كاملة ومع ذلك تنقص قيمتها بسبب الفساد أو التلف الذي لحقها 

    4 – بيع البضائع أثناء الرحلة بسبب إصابتها بتلف مادي، متى نشأ الضرر عن خطر يشمله التأمين:

    ذلك أن البيع بمثابة هلاك كلي للبضاعة  كما أن البيع الذي يجيز للمؤمن له ترك البضاعة هو البيع الذي يكون سببه ضررة ماديا لحق بالبضاعة والذي كان ناجمة عن خطر من الأخطار المشمولة بالتأمين، وعليه فإذا كان البيع لغير ضرر مادي فإن ذلك يخرج من نطاق حالات الترك.

    ج – إجراءات الترك:

    لا يتم الترك تلقائية بل على المؤمن له إذا أراد استعمال حقه في الترك اتباع الإجراءات الآتية:

    1 – يبلغ المؤمن له عن رغبته في الترك إلى المؤمن وذلك إما عن طريق إعلان أو بكتاب مسجل على يد محضر مصحوب بعلم الوصول إلى المؤمن، يعلمه فيه عن رغبته في الترك .

     2 – إن إبداء المؤمن له عن رغبته بترك الشيء المؤمن عليه لا يعفيه من واجب اتخاذ جميع الإجراءات الاحتياطية والتدابير اللازمة لحفظ حقوق المؤمن، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه منه، دون أن يؤثر ذلك على حقوق المؤمن له الناشئة عن عقد التأمين (المادة 369 من قانون التجارة البحرية). بمعنى أن المؤمن له لا يفقد حقه في الترك وإن بقي ملتزمة بتعويض المؤمن عما لحقه من ضرر، فإذا لحق المؤمن ضرر من جراء إهمال المؤمن له بالقيام بالإجراءات التحفظية التي تحفظ حق المؤمن وبالقيام بعمليات إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الشيء المؤمن عليه، فإنه يسأل في مواجهة المؤمن عن الضرر الذي يلحقه من جراء الخطأ أو الإهمال في تنفيذهذا الالتزام الفقرة الثانية من (المادة 369 من قانون التجارة البحرية).

    3 – يجب على المؤمن له عند تبليغ رغبته في الترك أن يصرح بجميع عقود التأمين التي أجراها على الشيء محل التأمين أو التي يعلم بوجودها المادة 385 من قانون التجارة البحرية).

    وذلك حتى يتسن للمؤمن أن يقف على حقيقة ما يترتب عليه من التزامات أو ما يكون له من حقوق، وما إذا كان المؤمن له سيحصل على مبالغ أكثر وأكبر من قيمة مبلغ التأمين لكي لا يثري على حساب المؤمن، كما أن معرفة المؤمن بجميع عقود التأمين المعقودة على الشيء المؤمن عليه تمكنه من التمسك بالفشل أو التدليس في مواجهة المؤمن له إذا كان لذلك مقتضی وما يترتب على ذلك بالتالي إبطال عقد التأمين المادتان 368 و 370 من قانون التجارة البحرية).

    4 – موعد إعلان المؤمن له عن رغبته في الترك مقيد بمرور ثلاثة أشهر من تاريخ علم المؤمن له الحادث الذي يجيز الترك (الفقرة الأولى من المادة 384 من قانون التجارة البحرية).

    وعلى هذا الأساس فإعلان المؤمن له عن رغبته في الترك يجب أن يكون في غضون ثلاثة أشهر من وقت انقطاع أخر أخبار عن الشيء المؤمن عليه، سواء أكان الترك يتعلق بالسفينة المؤمن عليها، أو البضائع المشحونة على السفينة.

    وفي حال لم يقم المؤمن له بإبلاغ المؤمن بالتأمينات المعقودة على الشيء المؤمن عليه فلا يؤثر ذلك على صحة الترك وإنما يجوز للمؤمن أن يمتنع عن دفع مبلغ التأمين حتى يخبر بالتأمينات. على أنه لا يترتب على إغفال الإبلاغ إطالة الميعاد المقرر لرفع دعوى الترك  .

    د – أحكام التسوية بطريق الترك:

    لا يقبل الشيء المؤمن عليه التجزئة فلا يجوز للمؤمن له أن يترك جزءا من الأشياء المؤمن عليها في مقابل الحصول على جزء من تعويض التأمين، على أن يحتفظ بحقه في رفع دعوى الخسارة أو التعويض فيما يتعلق بالجزء الباقي، فالترك أو التخلي يجب أن يكون شاملا للشيء المؤمن عليه، ومع ذلك إذا قسمت البضاعة إلى مجموعات جاز للمؤمن له أن يقصر التخلي أو الترك على مجموعة دون أخرى.

    وكذلك هو الحال إذا كان التأمين لا ينصب إلا على جزء من البضاعة المشحونة، فإن الترك لا يقع إلا على الجزء الذي يرد عليه التأمين.

    وإذا تعدد المؤمنون لذات الشيء وجب أن يحصل الترك لكل منهم بجزء من الأشياء المؤمن عليها بنسبة مبلغ التأمين الذي يخص كل واحد منهم، فإذا كان مبلغ التأمين أقل من قيمة الشيء المؤمن عليه، فإن المؤمن لا يتحمل نصيبا من المخاطر بقدر الباقي من قيمة الشيء، ولذلك يكون للمؤمن له في حالة الترك الاحتفاظ لنفسه بجزء من الشيء المؤمن عليه بنسبة ما ينقص به مبلغ التأمين عن قيمته.

    ويصبح الشيء المؤمن عليه في مثل هذه الحالة مملوكة على الشيوع بين المؤمنين المتعددين أو بين المؤمن له بحسب الأحوال. ويجب ألا يكون الترك معلقا على شرط (م 383 ف1) تجارة بحرية، فلا يجوز للمؤمن له أن يعلن الترك باشتراط استرداد السفينة في حالة ظهورها، كما أن المؤمن لا يجوز أن يعلق قبول للترك على شرط أو الرجوع في قبوله للترك أو المطالبة بأن تتم التسوية بطريق التعويض أو أن يمتنع عن دفع مبلغ التأمين بحجة ظهور السفينة أو البضائع بعد الترك لانقطاع الأخبار ).

    هـ – آثار الترك:

    يترتب على الترك أو التخلي بعد قبول المؤمن أو صدور حكم قضائي ونهائي به عدة آثار تناولها المشرع على النحو الآتي:

    1 – انتقال ملكية الشيء المؤمن عليه إلى المؤمن:

    يترتب على الترك أو التخلي انتقال ملكية الأشياء المؤمن عليها إلى المؤمن (الفقرة الثانية من المادة 383)، ولذلك يعتبر التخلي أو الترك من الأسباب الخاصة لاكتساب الملكية في القانون البحري .

    وإعلان المؤمن له عن رغبته في الترك وقبول المؤمن لذلك أو صدور حكم نهائي به وانتقال ملكية الشيء للمؤمن يكون نهائية، فلا يجوز الرجوع في أي من التصرفات السابقة حتى ولو عادت السفينة التي تم التخلي عنها إلى الميناء لانقطاع أخبارها.

    وانتقال الملكية في حالة السفينة يوجب على المؤمن أن يسجلها في سجل السفن باسمه، وكذلك الحال عند ترك البضاعة حيث يحرص المؤمن على استلامها حتى يمنع المؤمن له من التصرف بها إلى حائز حسن النية .

    خوفاً من أن تنتقل ملكيتها إلى هذا الأخير وفق قاعدة “الحيازة في المنقول سند الحائز”.

    وكما تنتقل ملكية الشيء المؤمن عليه فتنتقل إليه أيضا الحقوق المتصلة به، كما لو كانت هناك دعاوی تعويض متعلقة به، فإنها قد تنتقل إلى المؤمن أيضا تبعا لانتقال الشيء محل التأمين إليه عن طريق الترك .

    2 – انتقال الملكية من وقت إعلان المؤمن له عن رغبته في الترك:

    يترتب على الترك انتقال ملكية الشيء المؤمن عليه، أو ما تبقى منه إلى المؤمن،

    وقضت الفقرة الثالثة من المادة 383 من قانون التجارة البحرية بأن يحدث انتقال الملكية أثره بين الطرفين من يوم إعلان المؤمن له رغبته في الترك إلى المؤمن.

    ذلك أن للمؤمن له أن يختار بين التسوية بطريق التعويض والتسوية بطريق الترك، فإذا اختار طريق الترك فلا ينتج هذا الاختيار أثره إلا من تاريخ الإفصاح عنه للمؤمن، ويكون لهذا الإعلان أثره الرجعي حتى ولو اختلف المؤمن والمؤمن له على قبول الترك أو رفضه ثم صدر حكم بذلك، لأن الموافقة في الحالة الأولى وصدور الحكم في الحالة الثانية يقتصر أثر كل منهما على مجرد إثبات حق المؤمن له في التخلي أي أنه يعتبر كل منهما كاشفا لحقه السابق لا منشأ له.

    3 – رفض المؤمن لملكية الأشياء المؤمن عليها:

    انتقال ملكية الأشياء المؤمن عليها إلى المؤمن قد ينطوي في بعض الأحيان على خطر كبير أو ضررة بالغة على المؤمن. كما لو وقع الترك على حطام سفينة تسيره الرياح والتيارات المائية بعد أن هجره الربان والبحارة، فمن المحتمل اصطدامه بسفينة أو بأي منشأة عائمة ويلحق بها ضررة يسأل عنه المؤمن بصفته حارسا للأشياء. 

    لذلك أجاز المشرع في الفقرة الرابعة من المادة 383 من قانون التجارة البحرية للمؤمن دون إخلال بالتزامه بدفع مبلغ التأمين أن يرفض انتقال ملكية الأشياء المؤمن عليها إليه. وعليه فقد جرى بعض المؤمنين على تضمين وثيقة التأمين شرطة صريحة يجيز لهم رفض انتقال ملكية الأشياء المؤمن عليها إليهم.

    4 – أداء مبلغ التعويض:

    يتوجب في حال التخلي التزام المؤمن أن يدفع للمؤمن له مبلغ التأمين كاملا، وذلك لأن الشيء المؤمن عليه قد هلك هلاكا كلياً.

    ويلتزم المؤمن بدفع التعويض في الوقت المحدد في عقد التأمين فإذا لم يكن هناك وقت متفق عليه فإن المؤمن يلتزم بدفع التعويض خلال مدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ تبليغه بالترك (الفقرة الثانية من المادة 384 من قانون التجارة البحرية)، وإذا امتنع المؤمن عن تنفيذ التزامه بدفع التعويض المتفق عليه في وثيقة التأمين أو تأخر فيه بدون عذر أو سبب مقبول جاز للمؤمن له أن يطالبه بالتنفيذ الجبري وبالتعويض عما لحقه من ضرر وخسارة بسبب هذا التأخير

  • حلول شركة التأمين محل المؤمن في ملاحقة الغير المسؤول

    آثار تنفيذ التزام شركة التأمين

    حلول شركة التأمين محل المؤمن في ملاحقة الغير المسؤول

    أساس حلول شركة التأمين

    تلتزم شركة التأمين في التأمين من الأضرار بدفع مبلغ التأمين المتفق عليه عند تحقق الخطر المؤمن. حتى ولو كان سبب تحقق الكارثة يعود على فعل الغير.

    وهنا نكون أمام حالة معقدة جدا تختلط فيها علاقات المسؤولية بعلاقات التأمين: بموجب قواعد المسؤولية المدنية، يجب على الغير المسؤول أن يعوض عن كامل الأضرار التي ترتبت على خطئه، وبموجب عقد التأمين يقع على عاتق شركة التأمين التعويض عن الأضرار التي لحقت بالمؤمن، وبالنتيجة لا يحق للمؤمن المتضرر أن يثري من عقد التأمين الخاضع لمبدأ التعويض. وكذلك من دعوی المسؤولية تجاه الغير مسبب الحادث.

    ذلك لأنه إذا جمع بين تعويض شركة التأمين والتعويض الذي يتوجب على الغير مسبب الضرر، فإنه سيجمع بين مبلغ التأمين والتعويض.

    وهذا لا يتفق والصفة التعويضية لعقد التأمين من الأضرار، على أنه يجب أن نلاحظ أن ذلك مقبول في عقد التأمين على الأشخاص، الذي يخضع للصفة الاتفاقية لمبلغ التأمين، حيث يمكن الجمع بين مبلغ التأمين، في التأمين على الحياة، والتعويض الذي يدفعه مسبب الحادث.

    لذلك، واستبعاد لأي إثراء مقيد بالصفة التعويضية لعقد التأمين من الأضرار ومن المسؤولية، كان لا بد من حل يسمح لشركة التأمين، التي دفعت مبلغ التأمين للمؤمن أو للمستفيد، أن تلاحق الغير المسؤول عن الحادث، وبذلك لا يتقاضى المؤمن المتضرر سوی مبلغ التأمين، ويدفع الغير المسؤول عن الحادث دينه، ويعد ذلك حلاً عادلاً.

    ولكن ما هو الأساس الذي تستند إليه دعوى شركة التأمين على الغير المسؤول عن الحادث؟.

    ذهب الاجتهاد القضائي الفرنسي، في أول الأمر، إلى أن رجوع شركة التأمين على المسؤول يؤسس على المسؤولية التقصيرية، إذ يعد المسؤول قد سبب بخطئه ضررة لشركة التأمين وهذا الخطأ هو الذي حقق الحادث المؤمن فرتب على ذلك التزام شركة التأمين بدفع مبلغ التأمين، إلا أن القضاء الفرنسي تراجع عن هذا الرأي، إذ أن ضمان شركة التأمين إنما نشأ عن عقد التأمين لا من خطأ المسؤول ، بمبلغ أكبر من الضرر الذي لحق به، فهو مقصور على العلاقة ما بين المؤمن وشركة التأمين، ولا يتعدى إلى العلاقة ما بين المؤمن والمسؤول .

    وذهب رأي آخر إلى أن شركة التأمين ترجع على المسؤول بدعوى الحلول وفقا للمبادئ العامة، إذ أنه بوفائها مبلغ التأمين للمؤمن تكون قد دفعت دين الغير المسؤول، إلا أن القضاء الفرنسي لم يقر هذا الرأي، لأن شركة التأمين إنما تدفع دينا يقع على عاتقها نشأ من عقد التأمين لا دين المسؤول الناشئ عن الخطأ .

    والواقع أنه لم يكن هناك أساس قانوني يجعل شركة التأمين تحل محل المؤمن تجاه الغير المسؤول، بل إنه لا يوجد سبب قانوني يمنع المؤمن، بعد استيفائه مبلغ التأمين من الشركة، أن يرجع بالتعويض على المسؤول.

    ومبدأ التعويض الذي يسود عقد التأمين من الأضرار، إنما يمنع المؤمن من أن يرجع على شركة التأمين.

    لذلك جرت العادة بأن تحصل شركة التأمين من المؤمن مقدمة على حوالة بحقوق هذا الأخير قبل المسؤول، وكانت هذه الحوالة توصف بأنها حلول إتفاقي، والصحيح أنها حوالة من المؤمن لشركة التأمين عن حق محتمل، وهي مشروطة بتحقق الخطر المؤمن منه. 

    وقد فتح هذا الحلول الاتفاقي للمشرع الفرنسي إلى وضع نص ينظم الحلول وكان ذلك بالمادة 36 من القانون المدني رقم 13 لعام 1930 والمعدلة بالمادة التشريعية 121-12 من قانون التأمين والتي تنص الفقرة الأولى منها على ما يلي:

    “تحل شركة التأمين، والتي دفعت مبلغ التأمين، محل المؤمن في سائر الحقوق والدعاوى التي تكون له تجاه الغير الذي بفعله نشأ الضرر الذي نجم عنه مسؤولية شركة التأمين”.

    أما المشرع السوري فقد نص على حلول شركة التأمين محل المؤمن فيما يتعلق بالتأمين من الحريق واستبعده من التأمين على الحياة. فقد نصت المادة 731 من القانون المدني على أنه:

    “في التأمين على الحياة لا يكون للمؤمن(لشركة التأمين )الذي دفع مبلغ التأمين حق في الحلول محل المؤمن له أو المستفيد في حقوقه قبل من تسبب في الحادث المؤمن منه أو قبل المسؤول عن هذا الحادث”.

    أما المادة 737 فقد نصت على ما يلي : 

    ” يحل المؤمن (شركة التأمين) قانوناً بما دفعه من تعويض عن الحريق في الدعاوى التي تكون للمؤمن له قبل من تسبب بفعله في الضرر الذي نجمت عنه مسؤولية المؤمن (شركة التأمين) ما لم يكن من أحدث الضرر قريبة أو صهرة للمؤمن له ممن في معيشة واحدة، أو شخصاً يكون المؤمن له مسؤولا عن أفعاله”.

    كما جاءت وثائق التأمين السورية بمختلف أنواعها، ماعدا وثائق التأمين على الأشخاص، على نص يقضي بالحلول الاتفاقي وذلك لأن الحلول القانوني اقتصر على التأمين من الحريق.

    وعلى سبيل المثال فقد نصت المادة العاشرة من عقد التأمين من أخطار النقل البري على ما يلي:

    ” بموجب هذا العقد تحل الشركة محل المؤمن له بما دفعه له من تعويض عن الخسائر والأضرار التي لحقت ببضاعته في جميع الحقوق والدعاوى والمطالبات التي يتمتع بها المؤمن له قبل الغير (المسؤول)”.

    من خلال من هذه النصوص، نجد أن شركة التأمين تحل محل المؤمن في ملاحقة الغير المسؤولية عن الحادث بعد أن تعوض المؤمن عما أصابه من ضرر. ونعرض في بحثنا لشروط هذا الحلول ونطاقه والقيود التي ترد عليه.

     

    شروط الحلول

    لكي تستطيع شركة التأمين أن تحل محل المؤمن في ملاحقة الغير المسؤول عن الحادث، الذي تولد عنه ضمان الشركة بدفع مبلغ التأمين للمؤمن، لابد من توافر الشروط التالية:

    الشروط الأول: أن تدفع شركة التأمين فعلا مبلغ التأمين للمؤمن.. إذ لا حلول دون وفاء مبلغ التأمين، فالوفاء بمبلغ التأمين هو أساس الحلول. ويجب على شركة التأمين أن تثبت ذلك بأي وسيلة إثبات كانت (شيك، إيصال تسديد، حوالة مصرفية..)، وبالتالي فإن المؤمن الذي حصل على كامل مبلغ التأمين من الشركة يفقد حقه في الرجوع على الغير المسؤول .

    الشرط الثاني: أن تكون هناك دعوى مسؤولية يرجع بها المؤمن على الغير المسؤول، فتحل فيها شركة التأمين محل المؤمن.

    ذلك أنه لا يمكن أن يكون هنالك حلول إذا لم تكن هنالك دعوى مسؤولية أو كانت دعوى المسؤولية قد انقضت. ودعوى المسؤولية قد تكون دعوى مسؤولية عقدية، مثالها المسؤولية العقدية للمستأجر تجاه مالك المنزل الذي احترق.

    على أنه قد تنقضي دعوى المسؤولية، وبالتالي لا مجال لإعمال الحلول، وذلك في حالات عديدة

    أهمها:

    1 – إذا دفع الغير المسؤول تعويضة للمتضرر.

    2 – إذ تنازل المؤمن عن دعوى المسؤولية تجاه الغير المسؤول أو أعفى الغير من مبلغ التعويض. وفي هذه الحالة ترجع شركة التأمين على المؤمن لمطالبته بمبلغ التعويض كليا أو جزئياً.

    3 – إذا ترك المؤمن دعواه تجاه المسؤول تسقط بالتقادم، فلا يمكن لشركة التأمين أن ترجع على المسؤول بدعوى الحلول.

     

    نطاق الحلول

    يتحدد نطاق حلول شركة التأمين محل المؤمن في الرجوع على المسؤول بمقدار ما دفعته الشركة للمؤمن، ولو كان هذا المقدار أقل مما يترتب في ذمة الغير المسؤول للمؤمن.

    ذلك أن شركة التأمين قد لا تعوض المؤمن بشكل كامل ولأسباب عديدة: إما بسبب التخفيض النسبي للبدل أو التعويض، أو بسبب الإعفاءات…

    ففي هذه الحالة لا يمكن لشركة التأمين أن تمارس دعوى الحلول إلا ضمن حدود المبلغ الذي دفعته،

    وبالتالي يحق للمؤمن المتضرر أن يلاحق الغير بدعوى المسؤولية بالنسبة لباقي مبلغ التعويض عن الأضرار التي لحقت به.

    وفي هذه الحالة يكون هناك تزاحم بين المؤمن و شركة التأمين في الرجوع على الغير المسؤول. وتعترضنا مشكلة من يتقدم منهما على الآخر في حال عدم ملاءة المسؤول أي إذا كان الغير المسؤول لا يستطيع أن يدفع مبلغ التعويض إلا بشكل جزئي.

    تطبيقاً لقاعدة أنه لا يمكن للمرء أن يحل ضد نفسه، فإن المؤمن يتقدم على شركة التأمين في الرجوع على المسؤول الذي تعهدت الشركة بضمان الضرر الذي يسببه.

    وبالمقابل إذا تعددت عقود التأمين، وكان هناك عدة شركات تأمين، وحلت محل المؤمن تجاه الغير المسؤول عن الكارثة نفسها، فإنها تتمتع بالحقوق نفسها، والوضع نفسه أيا كان تاریخ دفع كل منها مبلغ التأمين للمؤمن.

    ولا يمكن في هذه الحالة أن يوضع نص اتفاقي خاص يعطي أفضلية لإحدى الشركات على الأخرى، لأن ذلك سيضر بالمؤمن، فإذا ما حلت إحداها محله في مطالبة الغير المسؤول وحصلت منه على التعويض، فإن ذلك يعني أن تعود باقي الشركات على المؤمن لانتفاء الحلول بانقضاء دعوى المسؤولية تجاه الغير.

    لذلك فإذا كان هذا الغير معسرة فإن هذه الشركات تتمتع بحقوق متماثلة وتقتسم ما يدفعه هذا الغير أو ما يحصل منه قسمة غرماء.

     

    آثار الحلول

    يترتب على حلول شركة التأمين، محل المؤمن، بعد أن دفعت مبلغ التأمين، في ملاحقة الغير المسؤول أن يفقد المؤمن حقه في إقامة دعوى المسؤولية قبل الغير من جهة وأن شركة التأمين تمارس دعوى المسؤولية نفسها التي كانت من حق المؤمن.

    أولاً- فقدان المؤمن لحقه في إقامة دعوى المسؤولية قبل الغير المسؤول:

    ويعد ذلك طبيعية لأن المؤمن، الذي تم تعويضه عن الأضرار التي لحقت به من قبل شركة التأمين، لا يمكنه أن يرجع على الغير المسؤول، بعد أن حلت محله شركة التأمين في سائر الحقوق والدعاوی تجاه الغير المسؤول بموجب نص قانوني أو اتفاقي، لذلك فلم يعد للمؤمن مصلحة ولم تعد له صفة في إقامة دعوى المسؤولية، إلا إذا لم يكن قد حصل على تعويض كامل من شركة التأمين، حيث يمكنه أن يلاحق الغير بشكل جزئي بموجب دعوى المسؤولية.

    ثانياً – تمارس شركة التأمين دعوى المسؤولية نفسها التي يتمتع بها المؤمن:

    تمارس شركة التأمين، عن طريق الحلول، محل المؤمن نفس الدعاوى التي يتمتع بها قبل الغير المسؤول عن الضرر.

    لذلك فهي تتمتع بالحقوق والمزايا نفسها التي يستفيد منها المؤمن، وبالمقابل يمكن للغير أن يحتج تجاه شركة التأمين بالدفوع كافة التي من حقه التمسك بها تجاه المؤمن.

    ويمكن توضيح هذا الأثر بالنقاط التالية:

    1 – إن دعوى شركة التأمين تجاه الغير المسؤول لها طبيعة دعوى المؤمن نفسها ونطاقها.

    فحسب الحالات قد تستند دعوى المسؤولية إلى المسؤولية العقدية أو إلى المسؤولية التقصيرية دون أن يحق لشركة التأمين أن تغير أساس هذه الدعوى.

    2 – من حيث الاختصاص يجب على شركة التأمين أن ترفع دعوى المسؤولية أمام المحكمة نفسها التي كان سيرفع أمامها المؤمن دعواه قبل الحلول. سواء كان القضاء المدني أم الجزائي هو المختص بالنظر في هذه الدعوى.

    هذا من حيث الاختصاص النوعي. أما من حيث الاختصاص المكاني، فإن شركة التأمين تقيم دعواها، مبدئية، في موطن الغير المسؤول. على أنه إذا كانت مسؤولية الغير ذات صفة جزائية، فإن لشركة التأمين أن تقيم الدعوى في مكان وقوع الضرر أو في مكان إقامة الغير المسؤول.

    وإذا كان هناك اتفاق بين المؤمن والمسؤول عن الضرر على اختصاص مكاني لمحكمة معينة، فإن هذا الشرط هو الذي يطبق وعلى شركة التأمين الالتزام به.

    3 – من حيث التقادم، فإن التقادم الذي يحكم دعوى المؤمن تجاه المسؤول عن الحادث هو الذي يطبق دعوى على شركة التأمين التي حلت محل المؤمن.

    وبما أن دعوى المؤمن تجاه المسؤول غير ناجمة عن عقد التأمين، لذلك فإن دعواه تخضع لتقادم آخر غير التقادم الثلاثي الذي تخضع له الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين.

    4 – يمكن للغير المسؤول أن يتمسك تجاه شركة التأمين بسائر الدفوع والحجج التي من حقه التمسك بها تجاه المؤمن.

    كانقضاء الدين بالوفاء أو المقاصة أو بتنازل المؤمن عن حقه .

    وفي مثل هذه الحالة يحق لشركة التأمين أن تعود على المؤمن بما دفعته له من تعويض. 

    5- إذا كان الغير المسؤول قد أبرم عقد التأمين من المسؤولية، فإن شركة تأمين المتضرر، بحلولها محله، يحق لها أن تمارس الدعوى المباشرة تجاه شركة تأمين الغير المسؤول عن الضرر، مما يبعدها عن مزاحمة باقي دائني الغير.

     

    القيود التي ترد على الحلول

    ترد على الحلول قيود معينة ينتفي معها الحلول، لا تحل شركة التأمين محل المؤمن في ملاحقة المسؤول عن الحادث.

    القيد الأول: انتفاء الحلول تجاه بعض الأشخاص:

    فقد نصت المادة 737 من القانون المدني السوري على استثناء من الحلول:

    مالم يكن من أحدث الضرر قريبة أو صهرة للمؤمن له ممن يكون معه في معيشة واحدة، أو شخصاً يكون المؤمن له مسؤولا عن أفعاله”.

    وسبب هذا القيد، أنه فيما يتعلق بالأقارب والأصهار ممن يكونون مع المؤمن في معيشة واحدة، وهم ذوو المؤمن من زوجة وأولاد وأقارب وأصهار، فرض القانون إنهم إذا كانوا هم الذين تسببوا في الحادث، فلن يرجع المؤمن عليهم بالتعويض لعلاقته الخاصة بهم التي تأكدت بأنهم يعيشون معهم في بيت واحد، فإذا كان هو لا يرجع عليهم فأولى بشركة التأمين ألا ترجع.

    أما فيما يتعلق بالأشخاص الذين يكون المؤمن مسؤولا عن أفعالهم، كالخدم والأتباع ويدخل أيضا من هم تحت رقابته ولو لم يقيموا معه في معيشة واحدة، فقد منع المشرع هنا أيضا المؤمن من الرجوع

    عليهم بدعوى الحلول، ليس من أجل العلاقة الخاصة التي تربطهم بالمؤمن فحسب، وإنما أيضا لأن المؤمن هو المسؤول بالمال عنهم.

    ويعد هذا القيد من النظام العام ولا يجوز الاتفاق على ما يخالفه، ومن ثم لا يجوز لشركة التأمين أن تشترط الرجوع على هؤلاء بدعوى الحلول، ولا أن تتفق مع المؤمن على تحويل حق هذا الأخير إليها .

    القيد الثاني: إذا أصبح حلول شركة التأمين محل المؤمن متعذرة بسبب يعود إلى المؤمن. كأن يقر المؤمن للغير المسؤول بعدم مسؤوليته، أو يبرئ ذمته منها، أو يصالحه دون موافقة شركة التأمين. وفي هذه الحالة تبرأ ذمة شركة التأمين تجاه المؤمن بقدر ما أضاعه هذا الأخير عليها من الرجوع بدعوى الحلول على الغير المسؤول، إذا لم تكن قد دفعت له مبلغ التأمين.

    أما إذا كانت قد دفعت له مبلغ التأمين، كان من حقها أن تسترد من المؤمن مبلغا بمقدار ما أضاعه عليها، دون أي زيادة. فإذا اتفق طرفان على خصم أكثر مما ضاع ضد مصلحة المؤمن كان هذا الاتفاق مخالفة للنظام العام ومن ثم يكون باطلاً.

    القيد الثالث: أن تتنازل شركة التأمين عن حقها في الحلول.

    وقد يكون هذا النزول عامة قبل وقوع الحادث المؤمن، فيدرج كشرط في وثيقة التأمين وتقابله عادة زيادة في قسط التأمين. وقد يكون النزول عن هذا الحق خاصة بحادث معين بعد وقوعه.

    ولا يجوز التوسع في تفسير هذا التنازل، ويقتصر على الحادث المبين وعلى الأشخاص الذين تنازلت شركة التأمين عن الحلول لصالحهم.

    فيجوز، رغم هذا التنازل، لشركة التأمين، مبدئية، أن تعود على شركة التأمين التي أمن الغير المسؤول لديها عن مسؤوليته .

  • التزام شركة التأمين بتسوية الكارثة

    مضمون التزام شركة التأمين بتسوية الكارثة

    عندما يتحقق الخطر المؤمن أو يحل أجل العقد، يصبح التعويض أو مبلغ التأمين المستحق واجب الأداء بعد أن يكون المؤمن قد نفذ التزاماته فور وقوع الكارثة.

    وبالتالي فإنه من الضروري للبحث في مضمون التزام شركة التأمين بتسوية الكارثة أن تتعرض على التوالي لطبيعة الالتزام والدائن به وإثبات الحق به وتحديد مبلغ التأمين المتوجب على مبلغ التأمين ووفائه.

    أولاً – طبيعة الالتزام:

    عند إبرام العقد يكون تحقق الخطر المؤمن موضوع العقد أمرة احتمالية، ويكون بالتالي التزام شركة التأمين مشروط، ولا يصبح هذا الالتزام محققة وأكيدة إلا بوقوع الكارثة أي بتحقق الخطر المؤمن.

    وبالمقابل، إذا كان تحقق الحادث المتفق عليه بعقد التأمين أمر مؤكدة، مثال ذلك، الوفاة في التأمين على الحياة في حالة الوفاة، فإن تاريخ تحقق الحادث فقط غير معروف، والتزام شركة التأمينغير مؤكد من حيث الأجل ويصبح واجب التنفيذ عند تحقق الحادث.

     ثانياً – الدائن في الالتزام:

    الدائن الذي تدفع له شركة التأمين مبلغ التعويض عند حلول أجله هو غالبا المؤمن طالب التسجيل. وقد ينتقل حق المؤمن إلى الخلف العام أو الخاص. فيكون الخلف هو الدائن.

    فإذا أمن شخص على مصنعه من الحريق، ثم مات فانتقل حق المصنع إلى ورثته، كانت الورثة – خلفه العام- هم الدائنون. وإذا باع هذا الشخص مصنعه المؤمن قبل وفاته، كان المشتري – خلفه الخاص – هو الدائن بمبلغ التعويض عند تحقق الخطر المؤمن.

    وقد ينتقل الحق إلى دائني المؤمن إذا ما شهر إفلاسه، فيحل محله في الدائنية بمبلغ التأمين كتلة الدائنين.

    ومع ذلك، ففي التأمين الذي يشترط لمصلحة الغير، يكون الدائن هو المستفيد من التأمين. كما في التأمين على الحياة، إذا أمن شخص على حياته لمصلحة أولاده فإن الأولاد هم الدائنون بمبلغ التأمين.

    وكذلك في التأمين من المسؤولية، فإن المتضرر الذي يملك الحق بإقامة الدعوى المباشرة تجاه شركة التأمين يكون دائنا لها بمبلغ التأمين، إذا لم يكن المؤمن قد سدد له مسبقة تعويضا عن مسؤوليته، وفي حدود مقدار التعويض المستحق له.

    وقد يثبت للغير حق مباشر تجاه شركة التأمين، فيكون هو الدائن بمبلغ التأمين مثال ذلك، أن يكون الشيء المؤمن عليه مرهونة أو إثباتا فيه حق امتیاز لدائن، فينتقل حق الرهن أو حق الامتياز إلى مبلغ التأمين، ويكون للدائن المرتهن أو الدائن صاحب حق الامتياز دائنة بمبلغ التأمين في حدود حقه.

    ثالثاً- إثبات الحق بمبلغ التأمين:

    وفقا للقواعد العامة في الإثبات، يقع على عاتق الدائن بمبلغ التأمين، وسواء أكان المؤمن أم المستفيد، عبء إثبات وجود التأمين ووقوع الحادث المؤمن من جهة وإثبات التزام شركة التأمين بالتعويض عن الكارثة من جهة أخرى.

    وإثبات وجود التأمين، يكون، كما أسلفنا، بموجب وثيقة التأمين أو بأي وسيلة أخرى من وسائل الإثبات كون شركة التأمين تتمتع بصفة التاجر.

    أما إثبات تحقق الكارثة المؤمنة، فيكون من خلال الوقائع التي تعبر عن وجود الحادث بالأدلة البسيطة كالحريق والوفاة والكسر والخلع في السرقة.

    كما يجب على الدائن أن يثبت بأن الخطر المحقق هو من الأخطار المؤمنة ولم يستبعده عقد التأمين.

    وإذا كان من السهل أن يثبت الدائن أو المؤمن من خلال الوقائع الحق بمبلغ التأمين والتزام شركة التأمين بدفعه، فإن الاجتهاد القضائي قد جرى على تيسير بحث الإثبات على الدائن في الحالات التي يكون فيها الإثبات صعبة ففي التأمين على الحياة يفترض الاجتهاد القضائي أن وفاة المؤمن لا تعود إلى الانتحار العمد وعلى شركة التأمين أن تثبت أن الوفاة تعود إلى انتحار المؤمن على حياته عن قصد وأنه كامل الوعي والإرادة وإن الانتحار قد تم خلال سنين من تاريخ إبرام العقد .

    وكذلك الأمر في التأمين من الأضرار، عندما يكون هناك استبعاد من التأمين للأضرار الناجمة عن الحرب الخارجية أو الداخلية أو التمرد والعصيان، فإنه يقع على عاتق التأمين أن تثبت أن الأضرار قد نجمت عن خطر مستثنى من التأمين وهو الحرب الخارجية أو الداخلية أو التمرد…

    ذلك لأن القرينة تقوم على عدم علاقة الأضرار بهذه الأخطار وعلى شركة التأمين، لكي تتخلص من الضمان، أن تثبت على هذه القرينه بأن الكارثة ترجع فعلا إلى سبب منها.

    وفي التأمين من الإصابات الجسدية يكفي أن يثبت الدائن أن ظروف الحادث تنفي أي تعمد في الإصابة وأن عنصر المفاجأة في وقوع الحادث هو أساس الإصابة، وعلى شركة التأمين أن تهدم هذه القرينة بقرينة أقوى تدل على أن الإصابة متعمدة من خلال أدلة معاكسة وجدية.

    رابعاً – محل الالتزام (مبلغ التأمين المتوجب على الشركة):

    إن محل التزام شركة التأمين هو، بشكل أساسي، مبلغ من النقود .

    حتى ولو تعهدت شركة التأمين بأداء التزام طبيعي بإصلاح الضرر مثلاً عن طريق شخص معتمد من قبلها، فإن الشركة ستلتزم في النهاية بتسديد فاتورة الإصلاح لهذا الشخص. على أن تحديد مبلغ التأمين، كما أسلفنا، يختلف بشكل جذري في التأمين على الأشخاص منه في التأمين من الأضرار.

    ففي التأمين على الأشخاص حيث يكون التأمين ذا طابع إتفاقي، فإن مبلغ التأمين المذكور في عقد التأمين، هو المبلغ الذي تلتزم شركة التأمين بدفعه كاملا إذا حل أجل العقد أو تحقق الخطر المؤمن. ومع ذلك، قد ترد بعض الشروط في وثيقة التأمين التي تحاول إيجاد الملائمة بين مبلغ التأمين وبين التغيرات الاقتصادية والنقدية.

    وبالمقابل في التأمين من الأضرار، الذي يسيطر عليه مبدأ التعويض والذي يفترض تقديرا صحيحة للخسائر الناجمة عن وقوع الكارثة سواء أكانت الأضرار جسدية أم مادية، لا يجوز أن يكون مبلغ التعويض يفوق قيمة الأضرار التي لحقت بالمؤمن، ذلك بان يجد نفسه بوضع أفضل مما كان عليه قبل وقوع الكارثة.

    كما لا يجوز أن يزيد محل التزام شركة التأمين، في حالة ما إذا كان مبلغ التأمين أقل من قيمة الشيء المؤمن وكان بعض هذا الشيء هو الذي لحقه التلف، على نسبة من مبلغ التأمين تعادل نسبة الجزء الذي تلف إلى الشيء المؤمن كله، وذلك وفقا لقاعدة النسبية .

    وبشكل عام، لا بد من الإشارة إلى أنه، إذا استحق بدل التأمين وقت وقوع الكارثة ولم يكن قد سدده المؤمن، ولم يكن قد توقف سريان التأمين لعدم دفعه فإنه يحق لشركة التأمين أن تحسم مقدار القسط المستحق من مبلغ التأمين الذي يتوجب عليها دفعة.

    ويمكن الاحتجاج بهذا الحق ليس فقط تجاه المؤمن المدين بالقسط وإنما أيضا تجاه كل شخص يطالب بالاستفادة من عقد التأمين. ولاسيما المستفيد والدائنون والمرتهنون أو صاحبوا امتیازات على الشيء المؤمن، وكذلك الأمر بالنسبة للمتضرر في التأمين من المسؤولية.

    خامساً – الوفاء بالالتزام (دفع مبلغ التأمين):

    يتم تسوية الكارثة بدفع مبلغ التأمين للمؤمن أو المستفيد أو الغير متضرر.

    وفي التأمين من الأضرار يسبق دفع مبلغ التأمين الخبرة الفنية لتقدير الأضرار ودعوى قضائية التي قد تحفظ حقوق المؤمن أو حقوق شركة التأمين تجاه الغير المسؤول عن الحادث.

    وإذا تمت تسوية الحادثة بموجب قرار قضائي، فإن هذه التسوية قطعية بين الأطراف، وذلك وفقا لقاعدة حجية الشيء المقضي به .

    ومع ذلك ففي التأمين من المسؤولية، إذا أصاب المتضرر أضرارة جسدية أدت إلى عجز دائم وطالب بالتعويض عن هذه الأضرار وقت وقوعها دون أن تضع له بالحسبان تفاقم هذه الأضرار في المستقبل، فإن مبدأ حجية الشيء المقضي به لا يطبق، وبالتالي يستطيع المتضرر إذا تفاقمت إصابته الجسدية أن يطالب بتعويض عن هذه الأضرار التي ظهرت فيما بعد إذا لم يكن القاضي قد أخذ بها في حياته في التعويض عن الأضرار وقت وقوعها .

    وقد تتم تسوية الكارثة بشكل ودي، حيث تدفع شركة التأمين للمؤمن أو للمستفيد أو للغير المتضرر أو الدائن التعويض مباشرة وبشكل ودي دون اللجوء إلى نزاع قضائي لتسوية الكارثة.

    ومع ذلك فقد تعترض هذه التسوية بعض الصعوبات، کادعاء شركة التأمين بأنها وقعت بغلط في التعويض، وبالتالي شاب إرادتها عيب. وكذلك قد يدعي المؤمن أو الغير المتضرر أنه قد التبس عليه الأمر في أهمية حقوقه، ومدى الأضرار التي لحقت به (في التأمين من الأضرار)، ويحتج بأنه كان ضحية غلط أو تدليس.

    ولوضع حد لذلك تلجأ شركة التأمين إلى طلب صك مخالصة قطعي من المؤمن أو المتضرر بعد أن يتم تعويضه بشكل نهائي بمبلغ يعادل الأضرار التي لحقت به، وبقيمة اتفاقية تأخذ صفة المصالحة، ويتنازل المؤمن أو المتضرر بموجب هذا الصك عن أي مطالبة لاحقة. على أن مثل هذه المصالحة يمكن إبطالها، وفقا للقواعد العامة، بسبب الإكراه أو التدليس .

    ومع ذلك فإن الاجتهاد القضائي الفرنسي ميز في مجال إبطال صك المصالحة، بين الأضرار التي لحقت بالغير وهو على علم بها أثناء المصالحة، وبالتالي لا يمكنه أن يطالب بإبطالها بسبب الغبن الذي وقع به بسبب تقدیر کامل قيمة هذه الأضرار التي لم يتفق عليها وقد ظهرت بشكل لاحق للمصالحة، وبالتالي يمكن إبطال المصالحة بسبب الغلط الذي وقع فيه المتضرر حول نطاق الأضرار التي أصابته.

    لأن ذلك يتعلق بالغلط الواقع على أمر جوهري في الشيء محل العقد.

    بالإضافة إلى مبلغ التأمين، قد تلتزم شركة التأمين، بموجب حكم قضائي، بدفع فوائد التأخير وتعويض عن العطل و الضرر الذي لحق بالمؤمن أو المتضرر نتيجة الدفاع التعسفي الذي اتخذته شركة التأمين وأخرت بموجبه تسوية الكارثة.

    أن المحاكم لا تقر هذا التعويض إذا لم يثبت خطأ شركة التأمين في متابعة الدعوى أو إذا لم يجد قاضي الموضوع ضرورة لذلك .

     

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1