التصنيف: شرح قانون العقوبات

  • ماهي جريمة القتل أو الإيذاء الواقع أثناء مشاجرة وما أركانها؟

    القتل أو الإيذاء الواقع أثناء مشاجرة

    هذه الحالة نصت عليها المادة 546 كما يلي: “- إذا وقع قتل شخص أو إيذاؤه أثناء مشاجرة اشترك فيها جماعة، ولم تمكن معرفة الفاعل بالذات عوقب جميع من حاولوا الإيقاع بالمجني عليه بعقوبة الجريمة المقترفة بعد تخفيض العقوبة حتى نصفها. – وإذا كانت الجريمة تستوجب الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو الاعتقال المؤبد قضي بالعقاب لا أقل من عشر

    سنوات”.

    يلاحظ في هذا النص أن المشرع أوجد به حكمة خاصة للمشاجرة التي ينتج عنها قتل أحد الأشخاص أو إيذائه دون أن يعرف الفاعل .

    فمجرد الاشتراك في مشاجرة من هذا النوع يعتبره القانون جريمة قائمة بذاتها يعاقب عليها بنصف العقوبة المقررة لجريمة القتل أو الإيذاء التي ارتكبت. يستنتج من ذلك أن المشاجرة التي لم تفض إلى موت أو إيذاء لا يطبق عليها النص المذكور، ولا يعاقب عليها أصلا.

     كذلك إذا عرف مرتكب فعل القتل أو الإيذاء فلا مجال أيضا التطبيق النص المذكور، وإنما تطبق على هذه الواقعة قواعد المساهمة الجرمية، فيعاقب المساهمين كل على حسب الدور الذي قام به من فاعل أو شريك أو متدخل.

     فالمشرع إذن أوجد هذا النص ليحل به مشكلة صعوبة إثبات مرتكب الفعل القاتل أو المؤذي في المعارك الجماعية التي يصعب معرفة وتحديد مسئولية المشتركين فيها، معتبراً جهالة الفاعل في هذه الجريمة عذراً قانونياً مخففاً لعقوبة القتل أو الإيذاء الناتج عنها.

    أركان الجريمة

    لا بد أن يتوفر لقيام هذه الجريمة أربعة أركان: وجود مشاجرة – نتج عنها قتل أو إيذاء – لم يعرف مرتكبه – القصد الجرمي.

    1- وجود مشاجرة:

     المشاجرة تعني العراك والمضاربة بين عدة أشخاص يتبادلون فيها العنف، سواء باحتكاك مباشر بينهم أو بدون احتكاك مباشر، كما لو تمت المشاجرة بالرمي بالحجارة بين أطرافها. وعلى الأغلب فإن العراك الجماعي يتخلله عنف وجرح ورض وإيذاء وموت أحيانا.

    والمشاجرة بهذا المعنى لا تتوفر في حالة الملاسنة والسباب والشتائم، حتى لو أدت إلى إيذاء أو موت لأحد بين اثنين ومات أحدهما أو تعرض لأذى، فالفاعل فيها معروف حتماً.

     بالتالي لتطبيق حكم المادة المذكورة لا بد أن يكون الفاعل مجهولاً.

    وجهالة الفاعل تفترض أن يكون المشتركين ثلاثة على الأقل، قتل أحدهم أو تعرض لأذى دون أن يعرف الفاعل.

    2- أن ينتج عن المشاجرة قتل أو إيذاء:

     إن هذه النتيجة الجرمية هي الشرط الأساسي للعقاب على الاشتراك بمشاجرة، باعتبار أنه لا عقاب على الاشتراك بمشاجرة ما لم تؤدي إلى وفاة أو إيذاء.

    ومتى قامت الصلة السببية بين المشاجرة و النتيجة الحاصلة، فهل يسأل كل من ساهم في المشاجرة عن هذه النتيجة؟ الواضح أن المشرع السوري لم يطلق المسئولية عن النتيجة الحاصلة على جميع من ساهم بالمشاجرة، بل قيدها  بالمساهمين الذين حاولوا الإيقاع بالمجني عليه.

    وان كانت هذه العبارة يعتريها اللبس والغموض في صياغتها، وكان أولى بالمشرع استعمال صياغة أوضح وأدق للتعبير عن إرادته في قصر العقاب عن النتيجة الحاصلة على الأشخاص الذين ثبت عليهم عملياً بين المساهمين الذين حاولوا الإيقاع أنهم سعوا لقتل المجني عليه أو إيذاءه، مع التسليم بصعوبة التمييز بالمجني عليه والمساهمين الذين لم يحاولوا ذلك.

    وعند توفر الشرط الأساسي للعقاب في هذه الجريمة، وهو حصول النتيجة الجرمية المتمثلة بالوفاة أو الإيذاء، فسيان، بعد ذلك، أن يكون المجني عليه فيها مشتركاً في المشاجرة أو غير مشترك: كأن يقتل شخص كان ماراً مصادفة أثناء المشاجرة، أو متفرجاً عليها، أو شخص حاول تفريق المتشاجرين فأصيب بطعنة طائشة لم يعرف مصدرها.

    وسيان أيضاً وسيلة المساهمة في المشاجرة، مادية كانت أم معنوية.

    فقد تتجلى المساهمة بصورة مادية، بإحدى وسائل التدخل: كما لو استعد مثلا زيد وبكر للدخول في عراك مع عمر وأخيه، فيقوم أحدهم بتزويد زيد وبكر بأدوات للاعتداء على عمر، وبالفعل تنتهي المشاجرة بإيذاء عمر أو وفاته دون معرفة الفاعل، فيلاحق زيد وبكر عن الجرم الوارد في المادة 546، أما من قدم لهم الأدوات فيلاحق کمتدخل في هذه الجريمة، على ضوء المادة 218 من قانون العقوبات.

    وقد تتجلى المساهمة بصورة معنوية، بالتحريض: كما لو حمل أحدهم فئة من المتشاجرين على النيل من أحد المساهمين فيها، وبالفعل تم النيل منه قتلاً أو إيذاء دون معرفة الفاعل، فيسأل المحرض مع المساهمين الأخرين عن الجريمة الواردة في المادة 546.

    3- جهالة الفاعل:

     إن العلة من عقاب المشتركين في المشاجرة ممن حاولوا الإيقاع بالسجني عليه بدون تمييز تكمن في هذا الركن. فلقيام هذه الجريمة لا بد أن يكون مرتكب القتل أو الإيذاء مجهولا. لأنه لو عرف الفاعل لعوقب لوحده

    عن النتيجة الحاصلة، الموت أو الإيذاء، ولعوقب باقي المشتركين وفق قواعد المساهمة الجرمية، كشريك أو متدخل او محرض، أي لعوقب كل مساهم عن الدور الذي قام به فقط.

    4- القصد الجرمي:

    لم يكتف المشرع لقيام هذه الجريمة بضرورة توافر القصد الجرمي العام المتمثل بقصد الاشتراك بالمشاجرة، بل تتطلب، إضافة لذلك، توافر قصداً جرميً خاصً متمثلاً بقصد الإيقاع بالمجنى عليه.

    لا بد إذن لقيام هذه الجريمة أن يتوفر لدى الفاعل عناصر القصد العام، بعلمه بأركان الجريمة، من حيث كونه يشترك بمشاجرة قد ينتج عنها أذا من نوع ما، واتجاه إرادته، حرة مختارة، إلى دخول المشاجرة، دون أن يكون مكرها أو في حالة ضرورة، أو أن يكون في حالة دفاع مشروع عن النفس برد الاعتداء عنه أو عن غيره.

     فلو كان كذلك الاستفاد من سبب تبرير أو مانع عقاب إذا توافرت شروطه.

     وأن لا يقتصر قصده على مجرد التفرج على المشاجرة أو على تفريق المشتركين فيها عن بعضهم. فمثل هؤلاء لا يعتبرون قد اشتركوا بالمشاجرة بالمعنی القانوني.

    إضافة لضرورة توافر القصد العام، لابد أن يتوفر لدى الفاعل قصداً جرمياً خاصاً متمثلاً باتجاه إرادته إلى الإيقاع بالمجني عليه، أي اتجاه إرادته إلى النتيجة الحاصلة، من موت أو إيذاء. بالتالي، کي يسأل المشترك بمشاجرة عن النتيجة التي تولدت عنها لابد أن يثبت لديه القصد الخاص، أي اتجاه إرادته لهذه النتيجة، مع التسليم بصعوبة ذلك في المشاجرات التي يكثر فيها عدد المشاركين.

    وغني عن البيان أن إصابة المشترك في مشاجرة بجروح أو رضوض مهما بلغت جسامتها لا يمنع من ملاحقته عن موت أحد المشتركين أو إيذاءه، إذا ثبت أنه أراد هذه النتيجة من خلال محاولته الإيقاع بالمجني عليه.

    – عند توافر أركان الجريمة يعاقب جميع من حاول الإيقاع بالمجني عليه من المشتركين بعقوبة الجريمة المقترفة المؤقتة بعد تخفيضها حتى النصف.

     أما إذا كانت العقوبة الإعدام أو المؤبد، فيجب أن لا تقل العقوبة عن عشر سنوات.

    وقد أورد المشرع لهذه العقوبة ظرفا مشددا نص عليه في المادة 547، كما يلي: التشدد العقوبات السابق ذكرها وفاقا لما نصت عليه المادة 247 على من كان السبب في المشاجرة”.

    يلاحظ في هذا النص أن عبارة “السبب في المشاجرة” يعتريها اللبس والغموض وعدم الدقة في الصياغة.

     فمن هو الشخص المسبب للمشاجرة؟ هل هو من نشأت المشاجرة من أجله؟ أم هو من بدأها؟ أم هو من أشعل فتيلها وحرض عليها؟

    في الحقيقة لا يمكن أن يكون مسبب المشاجرة، المعني بالنص، هو الذي حصلت بسببه أو من أجله المشاجرة.

     فقد تنشأ المشاجرة مثلاً بسبب توجيه كلام غزل إلى أنثى أو التحرش بها، فتثور حمية من كان معها، أو أحد أقاربها أو معارفها، فتبدأ المشاجرة وينتج عنها قتل او إيذاء.

     فلا يعقل أن تلاحق الفتاة بهذه الجريمة لمجرد أن المشاجرة قد نشأت بسببها، فكيف بتشدید عقابها ! فهي لم تشترك فيها ولم تحاول الإيقاع بالمجني عليه.

     بتقديرنا، أن مسبب المشاجرة الذي يستحق تشدید عقابه هو من أشعل نار ها وحرض عليها، سواء اشترك بها أم لم يشترك.

     فعلة التشديد تكمن في خطورة ما قام به هذا الشخص.

  • ماهي عقوبة جريمة الحمل أو المساعدة على الانتحار وما أركانها؟

    الحمل أو المساعدة على الانتحار

    لم يعتبر المشرع الحديث، على خلاف التشريعات الجزائية القديمة، الانتحار جرماً معاقباً عليه.

     فالنظرة القانونية الحديثة تعتبر أن حياة الإنسان حق من حقوقه الشخصية، له التصرف فيها دون أن يحاسبه أحد.

     وإذا كان المشرع الحديث لا يعاقب الإنسان على قتل نفسه أو إيذائه إياها، فإن موقفه يختلف تجاه الشخص الذي يحمل الغير أو يساعده على قتل نفسه.

    بعض التشريعات، كالمصري، لا يعاقب هذا الشخص باعتبار أن الانتحار هو فعل مباح، فالتحريض والمساعدة على فعل مباح يعتبر مباحأ أيضاً  بعض التشريعات الأخري  تعتبر أفعال الحمل و المساعدة على الانتحار أفعالاً غير مشروعة، بالرغم من اعتبارها مباح، كان لا بد للمشرع من إيجاد نص خاص وصريح بالمعاقبة عليها.

    وهذا ما أخذ به المشرع السوري بنص المادة 539 من قانون العقوبات، كما يلي:

    “1- من حمل إنسانا بأي وسيلة كانت على الانتحار أو ساعده بطريقة من الطرق المذكورة في المادة 218 – الفقرات أ- ب – د – على قتل نفسه، عوقب بالاعتقال عشر سنوات على الأكثر إذا تم الانتحار.

     2- وعوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين في حالة الشروع في الانتحار إذا نجم عنه إيذاء أو عجز دائم.

     3- وإذا كان الشخص المحمول أو المساعد على الانتحار حدثا دون الخامسة عشرة من عمره أو معتوها طبقت عقوبات التحريض على القتل أو التدخل فيه”.

     

    من استقراء هذا النص يمكننا استخلاص النتائج التالية:

    1- أن المشرع السوري لا يجرم الانتحار بحد ذاته، ولكنه يجرم الحمل أو المساعدة عليه.

     2- أن المشرع لا يعاقب على الحمل أو المساعدة على الانتحار إلا إذا حصلت النتيجة الجرمية الضارة، وهي وفاة المنتحر أو عجزه الدائم أو إيذاءه.

     أما إذا تم فعل الحمل أو المساعدة، وأقدم المنتحر فعلا على الانتحار، إلا أن مساعيه لم تفلح، فلم يمت، ولم يصب بعجز أو إيذاء، كأن يخطى في التنفيذ أو يتدخل شخص آخر فينقذه، فلا مجال الملاحقة من حمله أو ساعده على ذلك.

     3- لا عقاب على الشروع في الحمل أو المساعدة على الانتحار.

    لأنه لا بد للعقاب من تحقق النتيجة التي استوجبها المشرع، أي الوفاة أو العجز أو الإيذاء.

     4- يستبعد تطبيق أحكام المادة 539 إذا وقع الحمل على الانتحار أو المساعدة عليه على حدث دون الخامسة عشرة من عمره أو على معتوه.

    فالشخص الذي يقوم بهذه الأفعال في هذه الحالة يعتبر فاعلا معنويا لجريمة القتل، ويطبق عليه أحكام التحريض على القتل أو التدخل فيه، ويستبعد تطبيق المادة 539.

    أركان الجريمة

    لهذه الجريمة ركنين مادي و معنوي.

    أولا- الركن المادي :

    لابد أن يتوفر في الركن المادي لهذه الجريمة أربعة عناصر:

     – النشاط الجرمي الذي يتمثل في صورة الحمل على الانتحار أو صورة المساعدة عليه.

     – النتيجة الجرمية المتمثلة في الانتحار الفعلي أو حدوث إيذاء أو عجز دائم.

     – الرابطة السببية بين النشاط و النتيجة.

    – أن يكون المجني عليه أهلا للمسئولية الجزائية.

    1– النشاط الجرمي:

     ويتجلی كما أسلفنا بصورة الحمل على الانتحار، وصورة المساعدة عليه.

    الصورة الأولى – الحمل على الانتحار .

    إن الحمل على الانتحار يعني خلق فكرة قتل النفس لدى الشخص وحمله على تنفيذها.

    وحمل شخص بأي وسيلة، مادية كانت أم معنوية، على قتل نفسه، يعني وفق المدلول اللغوي تحريضه على الانتحار.

    إلا أن المشرع لم يستخدم عبارة التحريض، لأن هذه العبارة لا تطلق، حسب المادة 216 من قانون العقوبات إلا على من حمل أو حاول أن يحمل شخص أخر بأي وسيلة كانت على ارتكاب جريمة”.

    وباعتبار أن المشرع السوري لم يعتبر الانتحار بحد ذاته جريمة، لذلك فإن المدلول القانوني لكلمة تحريض لا ينطبق هذا على الفعل المذكور.

     إضافة إلى أن الأحكام العامة للتحريض، الواردة في المادة 217، تقضي بعقاب المحرض سواء أفضى التحريض إلى نتيجة أم لم يفض.

     بخلاف الجرم الوارد في المادة 539، حيث أن حصول النتيجة الجرمية شرط لازم للعقاب فيه. فمن يحمل إنسانا أو يساعده على الانتحار لا يعاقب إلا إذا تم الانتحار أو شرع به على الأقل.

    ولا بد أن يكون فعل الحمل هو السبب في وقوع الانتحار أو الشروع فيه، أي لا بد أن تتوافر الرابطة السببية بين الانتحار والحمل عليه، أي ثبوت أنه لولا الحمل لما أقدم المجني عليه على قتل نفسه أو على الشروع فيه على الأقل.

     فلو حاول زيد أن يحمل بكرة، بأي وسيلة، على الانتحار، إلا أن ذلك لم يفض إلى نتيجة، وبعد مدة أقدم بكر على قتل نفسه لسبب أخر، فهنا تنتفي الرابطة السببية بين الانتحار وبين فعل زيد، ولم يعد هناك مجال للتجريم والعقاب.

    الصورة الثانية – المساعدة على الانتحار.

    في هذه الصورة من صور الركن المادي للجريمة لا يقوم الفاعل بخلق فكرة الانتحار لدى الشخص، وإنما تكون هذه الفكرة موجودة لدى الشخص، بيد أنه يتردد في تنفيذها، فيقوم الجاني بمساعدته على ذلك.

     وهذه المساعدة لا يعاقب عليها الفاعل إلا إذا تمثلت بإحدى الحالات الثلاث التي نصت عليها الفقرات (أ – ب – د) (9) من المادة 218 من قانون العقوبات المتعلقة بالتدخل الجرمي، وهذه الحالات الثلاث هي:

    أ- إعطاء الإرشادات :

    ومثالها إرشاد المنتحر إلى طريقة سهلة وسريعة في قتل النفس، لا ينتج عنها ألما، باستخدام سلاح ناري كوسيلة أفضل و أسرع في إزهاق الروح من استخدام السم، أو من القفز من مكان شاهق، الذي قد يسبب آلام شديدة قبل حصول الوفاة.

     ب- تشديد العزيمة:

    هذه الحالة تفترض أن المنتحر قد اتخذ قراره بقتل نفسه، إلا أنه متردد، خائف، ومتهيب منه، فيكون دور الفاعل عندئذ تقوية عزيمته وتشجيعه على الإقدام على ذلك.

     كأن يسود الحياة في مخيلة تاجر مفلس مهدد بالسجن، ويقنعه بصعوبة خروجه من مأزقه، وتعهده بإعالة عائلته، فيقوي أعصابه ويحرره من رهبة الموت.

     د- المساعدة الفعلية:

    على خلاف الحالتين السابقتين حيث تكون المساعدة فيهما معنوية، ومقتصرة على المرحلة التي تسبق الانتحار.

    فهذه الحالة تتمثل بالمساعدة المادية التي يقدمها الفاعل عند البدء بمرحلة الإعداد للانتحار أو أثناء مرحلته التنفيذية.

    فهنا يقوم الفاعل بمساعدة المنتحر على الأفعال التي هيأت الانتحار أو سهلت أو أتمت ارتكابه.

    كإعطاء المنتحر الأداة التي سيقتل نفسه بها، أو إقفال المكان الذي سيقوم المجني عليه بقتل نفسه فيه كي لا تصل إليه النجدة إلا بعد فوات الأوان، أو إحداث جلبة وضوضاء في المكان كي لا ينتبه أحد إلى المنتحر أثناء قتل نفسه.

    وتجدر الإشارة هنا إلى أنه لا بد في أفعال المساعدة هذه أن تبقى ذات طابع سلبي.

     أما إذا تحولت إلى أفعال ذات طابع ايجابي، فيختلف الوصف القانوني للجريمة من مساعدة على الانتحار إلى قتل مقصود.

    ومثالها أن يجبن المجني عليه عن قتل نفسه فيطلب من الفاعل المساعدة، فيقوم بقتله، بإطلاق النار عليه، أو خنقه، أو فتح ماسورة الغاز، أو دفعه من مكان مرتفع.

     فهذا نرى أن الفاعل قد تعدى دور المساعدة إلى دور التنفيذ المباشر.

    2- النتيجة الجرمية:

     يجب أن يؤدي ارتكاب إحدى صورتي الركن المادي إلى حدوث الوفاة فعلا، أو إلى حدوث إيذاء أو عجز دائم .وفي حال لم تتحقق مثل هذه النتيجة فلا عقاب .

    فحدوث النتيجة الجرمية الضارة التي أرادها الفاعل من وراء صورة الحمل أو صورة المساعدة، شرط أساسي من شروط المعاقبة وتطبيق أحكام المادة 539.

    فيفرض قيام شخص بحمل شخص أخر على قتل نفسه، وقدم له الوسيلة لذلك بعد إقناعه بها، إلا أن هذا الشخص تراجع عن تنفيذ الانتحار، بعد اقتناعه به، أو أنه أقدم فعلاً على الانتحار وتناول سماً لذلك، إلا أن الكمية كانت غير كافية إطلاقاً لإحداث الوفاة، أو حتى لتصيبه بعجز أو لتسبب له أذى، فلا عقاب في مثل هذه الحالات على الحمل أو المساعدة، وذلك لعدم تحقق النتيجة التي تطلبها النص القانوني صراحة.

    و تأكيداً لاعتبار المشرع حصول النتيجة الجرمية كشرط أساسي للعقاب، جعله من جسامة هذه النتيجة معيارا لتقدير العقوبة، دون الالتفات بذلك إلى خطورة الفعل الذاتية.

     فعند حصول الوفاة فعلا نتيجة الحمل أو المساعدة، تكون العقوبة جنائية الوصف تتراوح بين الثلاث والعشر سنوات اعتقال.

     أما إذا لم تحصل الوفاة، ونتج فقط عن الحمل أو المساعدة إيذاء أو عجز دائم، تكون العقوبة جنحية الوصف تتراوح بين الثلاثة أشهر والسنتين حبس.

    3- العلاقة السببية:

    لابد أن ترتبط النتيجة الجرمية الضارة بنشاط الفاعل ارتباط السيب بالمسبب.

    أي أن يكون الانتحار التام، أو الإيذاء أو العجز الدائم، ناتجة مباشرة عن فعل الحمل أو المساعدة، بحيث انه لولا قيام الفاعل بهذا النشاط لما قتل الشخص نفسه، أو شرع به على الأقل.

    4- أن لا يكون المجني عليه عديم المسؤولية:

     إن أهلية المنتحر هنا تعتبر عنصر من عناصر الركن المادي للجريمة، أو شرطاً مسبقاً، وليست ركن من أركانها.

     باعتبار أن غياب أحد أركان الجريمة ينفي الجريمة أصلاً، أما وجوب توفر العنصر أو الشرط المسبق يفيد قيام الجريمة وفق النموذج القانوني المطلوب، وفي حال غيابه، ينتفي قيام الجرم وفق هذا النموذج.

    فلقيام النموذج القانوني لجريمة الحمل أو المساعدة على الانتحار لا بد أن يكون المجني عليه أهلاً للمسئولية الجزائية، وفي حال انتفاء مسئوليته، يستبعد تطبيق المادة 539، أي ينتفي النموذج القانوني المطلوب هنا ويصبح الفعل معاقبة عليه وفق نموذج أخر، هو القتل البسيط أو المشدد، باعتبار أن من حمل أو ساعد وفق هذا النموذج أصبح فاعلا معنويا للجريمة.

    وقد أشارت الفقرة 3 من المادة 539 إلى هذه الحالة بصراحة، بقولها “إذا كان الشخص

    المحمول أو المساعد على الانتحار حدثا دون الخامسة عشرة من عمره أو معتوها طبقت عقوبات التحريض على القتل أو التدخل فيه”.

    بالرغم من أن هذا النص يعتريه اللبس والغموض في صياغته، سواء فيما يتعلق بعبارة ” دون الخامسة عشرة ” أو عبارة “معتوها”، ولم تكن إرادة المشرع فيه واضحة، يمكننا القول أن هذا النص يشمل الأشخاص العديمي الأهلية كالمجانين و المعاتيه، إلى جانب الأحداث الذين لم يتموا الخامسة عشرة من أعمارهم، وهذا المعنى هو الأقرب إلى الصواب والى إرادة المشرع الحقيقية.

    بذلك نستطيع أن نستخلص أنه لابد لتطبيق المادة 539 أن يقع الحمل أو المساعدة على الانتحار على شخص أتم الخامسة عشرة من عمره، وكان أهلاً للمسئولية الجزائية.

    أما إذا كان هذا الشخص لم يتم الخامسة عشرة من عمره، أو أتمها إلا أنه كان مجنوناً أو معتوها، فيستبعد تطبيق نص المادة 539، ويطبق بحق الفاعل أحكام التحريض على القتل والتدخل فيه، ويصبح من حمل أو ساعد على الانتحار، محرضاً أو متدخلا في القتل، أو فاعلاً أصلياً لجرم القتل المقصود، ويعاقب كذلك حتى ولو لم يفض التحريض أو التدخل إلى نتيجة، تبعا لنظرية الفاعل المعنوي، باعتبار أن من يحرض شخصا غير أهل للمسئولية على ارتكاب جريمة يصبح فاعلا معنويا لهذا الجرم وليس محرضا عليه.

    ثانياً – الركن المعنوي

    لا بد لقيام هذه الجريمة من توفر القصد الجرمي العام لدى من حمل أو ساعد على الانتحار. أي أن يأتي فعله عن علم وإرادة. فيجب أن ينصب علمه وإدراكه على أنه يحمل شخصاً على الانتحار أو يساعده على ذلك، وأن تتجه إرادته إلى النتيجة الجرمية الضارة، أي الانتحار. فلو أعطی زید سماً لبكر ليضعه في طعام أو شراب عمر، إلا أن بكر تناوله ومات، لا يطبق على زيد الجرم الوارد في المادة 539، الحمل أو المساعدة على الانتحار، بل يطبق عليه أحكام التحريض أو التدخل في جرم القتل.

    وجريمة الحمل أو المساعدة على الانتحار لا يمكن أن تقع غير مقصودة، استنادا للخطأ، كما لو أهمل الفاعل أو لم يتخذ الحيطة أو الحذر فترك سلاحه في مكان ظاهر فتلقفه احدهم وانتحر به.

    ولا عبرة بالباعث الذي حدا بالفاعل إلى حمل شخص أو مساعدته على قتل نفسه في قيام القصد الجرمي. فالركن المعنوي يعتبر قائما عندما يتوفر القصد الجرمي بصرف النظر عن الباعث أو الدافع الذي يعتد به فقط في تقدير العقوبة، بتشديدها إذا كان دنيئاً أو سافلاً: كما لو ساعده على الانتحار طمعاً في ماله، وبتخفيفها إذا كان شريفاً: كما الو ساعده على الانتحار معتقدا بأن وفاته ستحقق فائدة كبيرة للبشرية أو لفئة محددة من الناس.

    – عند توفر أركان الجريمة، بالشكل السالف تفصيله، يعاقب الفاعل استنادا إلى خطورة النتيجة الجرمية الحاصلة.

    فإذا أدى نشاط الفاعل إلى وفاة المنتحر عوقب الفاعل بالاعتقال من ثلاث سنوات إلى عشر سنوات.

    أما إذا أدى نشاط الفاعل إلى عجز دائم أو إيذاء فقط، يعاقب الفاعل بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين. ولا ننسى أن حصول هذه النتيجة الجرمية شرط أساسي للعقاب، ففي حال انتقائها ينتفي العقاب، بالرغم من قيام الفاعل بالنشاط الجرمي من حمل أو مساعدة على الانتحار.

    وفي حال انصب الحمل أو المساعدة على حدث لم يتم الخامسة عشرة من عمره أو على مجنون أو معتوه، فيستبعد تطبيق أحكام المادة 539، ويعاقب الشخص كفاعل معنوي لجريمة القتل سواء أدي حمله أو مساعدته إلى نتيجة أم لا.

  • ماهو القتل بدافع الشفقة وماهي عقوبته؟

    القتل بدافع الشفقة

    مما لاشك فيه أن هناك فارق كبير بين الشخص الذي يقدم على القتل بدافع العطف والرحمة الإنسانية، وإشفاقاً على المجني عليه، المريض الذي يعاني آلام شديدة من جراء داء عضال عجز الطب عن شفائه، وبناء على رضاه وإلحاحه في الطلب، وذاك الذي يقدم على القتل بغياً وعدواناً وإضرار بالغير، منقاداً بالأعم الأغلب بدافع دنيء، طمعاً أو جشعاً أو انتقام ….. فالأول يستحق الشفقة والرأفة من جانب المشرع بمقابل الشدة التي يجب أن يؤخذ بها الثاني.

    وإن كانت هذه النظرة تعتبر مخالفة لموقف الدين، الذي لا يعتبر حياة الإنسان حقا من حقوقه، بل هي من حقوق الله، الذي وحده يهب الحياة، ووحده له الحق في سلبها.

    وبالرغم من عدم تأثير الدافع، مبدئياً، على وصف القتل، وعدم الاعتداد به كعنصر من عناصر التجريم، إلا أن المشرع راعى حالة إقدام الشخص على القتل مدفوعاً بعامل إنساني نبيل هو الشفقة والرحمة، وخفف عقاب القتل الواقع بدافع الشفقة معتبراً هذا الدافع قصد جرمياً خاصاً لا بد من توافره لقيام النموذج القانوني المطلوب لهذه الجريمة.

    ولقد نصت على هذه الصورة المخففة للقتل المادة 538 من قانون العقوبات، كما يلي:

     “يعاقب بالاعتقال عشر سنوات على الأكثر من قتل إنساناً قصداً بعامل الإشفاق بناء على إلحاحه بالطلب”.

     بتحليل هذا النص نستخلص أنه لا بد أن تتوفر في هذه الجريمة الأركان العامة لجريمة القتل البسيط، من اعتداء مميت ونية إزهاق الروح، إضافة لركنين خاصين بهذه الجريمة بالذات، أحدهما يتعلق بالمجني عليه وهو إلحاحه بالطلب، والثاني يتعلق بالركن المعنوي، وهو ضرورة توافر قصدأ جرمية خاصة لدى الفاعل متمثلاً بدافع الشفقة.

    أولا: إلحاح المجني عليه بالطلب.

     إن عبارة بناء على إلحاحه بالطلب، الواردة في صلب النص، تقتضي أن يصدر طلب الخلاص من الحياة من المجني عليه حتى يستفيد قاتله من التخفيف.

     فالمجني عليه هو صاحب المبادرة في طلب الموت.

     أما إذا كانت المبادرة صادرة عن القاتل، بأن أقنع المجني عليه المريض أن يخلصه من الامه وعذابه بتعجيل موته، فلا يستفيد من هذا النص حتى ولو كان دافعه الشفقة.

     بل يلاحق عن جرم القتل البسيط، وان كان يؤخذ بعين الاعتبار عند تحديد العقوبة نبل الدافع، بمنح القائل عذر الدافع الشريف العام الوارد في المادة 192 من قانون العقوبات.

    وطلب التعجيل بالموت يجب أن يكون صريحا واضحا وجدية، لا لبس فيه ولا غموض.

    أما مجرد التعبير عن الرغبة في الموت وطلبه للتخلص من الآلام المبرحة فلا يكفي لأخذ هذا الطلب بعين الاعتبار.

     ولم يشترط القانون صيغة أو شكل معين في الطلب.

    فسيان أن يكون كتابي أو شفهياً، لفظاً أو إشارة، ما دام ينم بوضوح عن رغبة المريض في الموت، فهو يحقق شرط التخفيف.

    والمهم في هذه الحالة هو إثبات صدور الطلب من المجني عليه بصرف النظر عن طريقته أو شكله أو صيغته.

    ولا يكفي لاعتبار هذا الركن متوفرة مجرد طلب المجني عليه الصريح والواضح والجدي التعجيل في موته، بل يجب أن يلح في هذا الطلب، أي أن يصدر منه هذا الطلب أكثر من مرة مع الإصرار عليه.

     فصدور الطلب لمرة واحدة لا يكفي لتخفيف العقاب مهما كان هذا الطلب جدية.

    ولا بد أخيراً کي يعتد بالطلب أن يصدر من شخص أهل للمسئولية الجزائية.

     أي صدور الطلب عن إرادة حرة وواعية.

     فالطلب الصادر من مريض مجنون أو قاصر أو مكره لا يعتد به بتاتاً .

    ثانيا: القصد الجرمي الخاص.

    لابد أن يتوفر لدى الفاعل، إضافة للقصد الجرمي العام لجرم القتل البسيط، قصد جرمية خاصة متمثلا بالدافع الذي دفع القاتل إلى القتل.

    فهذا لا يكفي مجرد طلب المريض الجدي والمتكرر لإنهاء حياته تخلصة من آلامه، بل لا بد أن يتفاعل القاتل إنسانية مع هذا المريض، فيشفق عليه لما يعانيه من الام لا تحتمل، نتيجة هذا المرض الميئوس من شفائه، فيعجل بوفاته شفقة عليه ورحمة به.

     فيجب إذن أن يثبت توفر هذا القصد الخاص في نفس الجاني حين إقدامه على تلبية طلب المجني عليه الموت.

     أما إذا انقاد القاتل الدافع أخر غير الشفقة، وأقدم على قتل المريض بناء على طلبة الصريح والجدي، ليوفر مثلا على نفسه نفقات علاجه، أو ليستفيد من وصية حررها لصالحه، أو ليستفيد من جثته علمياً، أو للحصول على أية مصلحة، فلا مجال لتخفيف عقابه.

    – عند توفر الأركان، بالشكل السابق شرحه، تقوم الجريمة الواردة بالمادة 538، ويعاقب فاعلها بعقوبة جنائية تتراوح بين الثلاث و العشر سنوات.

    – ودافع الشفقة هو سبب تخفيف شخصي يستفيد منه فقط من يثبت قيامه لديه.

     أما غيره من المساهمين في الجريمة فلا يستفيدون منه ما داموا لم يعملوا بدافع الشفقة.

  • ماهي عقوبة قتل الوليد اتقاء للعار؟

    قتل الوليد اتقاء للعار

    قبل التصدي لهذه الحالة من حالات القتل المخفف، لابد من الإشارة إلى أن المشرع السوري، بالرغم من توفيرها حماية خاصة للطفل، باعتباره الطفولة ظرفاً مشدداً للعقاب، سواء كان الفاعل غريبا أو قريبة للطفل، فلقد ارتأى الاعتبارات إنسانية تخفيف عقاب القتل الواقع عليه، إذا كان وليداً غير شرعي، وكان الجاني هو الأم، وكان الدافع هو إخفاء العار.

    وعلة التخفيف في هذه الحالة مردها الدافع على ارتكاب القتل وظروف ارتكابه.

     فلا ريب أن الأم التي تقضي على مولودها التي حملت به نتيجة علاقة جنسية غير مشروعة ، تحت تأثير الاضطراب البدني والنفسي الناجم عن عملية الولادة، درءاً للفضيحة، وحياء من العار، و إنقاذاً لسمعتها من رد الفعل الذي سيثيره حملها غير المشروع، متجاهلة بذلك عاطفة الأمومة، لهي جديرة بالرأفة والشفقة.

    نصت المادة 537 من قانون العقوبات على هذه الحالة في القتل كما يلي:

     “1- تعاقب بالاعتقال المؤقت الوالدة التي تقدم، اتقاء للعار، على قتل وليدها الذي حبلت به سفاحا .

     2- ولا تنقص العقوبة عن خمس سنوات إذا وقع القتل عمدا”.

    بتحليل هذا النص نستطيع أن نستخلص أنه لا بد أن تتوفر في هذه الجريمة الأركان العامة لجريمة القتل البسيط، إضافة لبعض الأركان الخاصة بهذه الجريمة بالذات، والتي تتعلق بالمجني عليه، وبالجاني، وبالقصد الجرمي الخاص .

    أولاً: المجني عليه:

     يتطلب النص أن يكون المجني عليه وليدة غير شرعي، والوليد هو الطفل حديث الولادة.

    كما يتطلب النص أن يكون الوليد حية عند الاعتداء عليه، بصرف النظر عن حالته الصحية، إذا ولد قابلا للحياة، أو مقدرا له الموت بعد فترة العلة فيه.

     ولم يحدد النص مدة معينة من الزمن تستمر أثناءها صفة الوليد لصيقة بالطفل، بحيث إذا انقضت هذه المدة تزول عنه صفة الوليد ويصبح قتله كقتل أي حدث دون الخامسة عشرة من عمره.

    في تطبيق النص على هذه الفترة الوجيزة فقط تكمن في أن علة التخفيف أصلا تعود، من جهة، إلى حالة النفاس المضطربة التي تعقب عملية الوضع. ومن جهة أخرى، إلى سعي الأم لإخفاء عملية الولادة قبل افتضاح أمرها بشيوع نبأ الولادة، الذي لا بد أن يحصل بعد مضي مدة من الزمن على الوضع، فتنتفي الحكمة من التخفيف في هذه الحالة إذا أقدمت الأم على قتل الطفل بعد شيوع خبر حملها وولادتها.

    فكيف للأم أن تتقي العار بإخفاء الخبر بعد شيوعه بين الناس؟

     ويشترط النص أيضا أن يكون الوليد غير شرعي، أي ثمرة علاقة جنسية غير مشروعة.

    فهذا الوليد قد تحمل به أنثي عزباء أو متزوجة، أرملة أو مطلقة، أخطأت أو اغتصبت أو زنت، فأقدمت على قتله عند ولادته خوفاً من الفضيحة و العار الذي سيلحق بها إذا افتضح أمر حملها غير الشرعي هذا.

    وعبارة “حبلت به سفاح” الواردة في النص لا تعني العلاقة الجنسية بين الأصول والفروع والأخوة والأخوات والأصهار بذات الدرجة، وهي الجريمة الواردة في المادة 476 من قانون العقوبات.

     بل إن هذه العبارة تفهم من خلال معناها الواسع، أي العلاقة الجنسية غير المشروعة، وهي كل علاقة تحصل خارج إطار الرابطة الزوجية.

    ثانياً: الجاني :

    لقد حدد النص شخص الجاني الذي يستفيد من التخفيف بأنه الأم التي حبلت بوليدها سفاحاً.

    أما إذا كان الوليد شرعية، أي نتيجة علاقة جنسية داخل إطار الزواج، وأقدمت أمه على قتله، فإن جريمتها يطبق عليها ظرف التشديد الوارد في المادة 535 وتعاقب بالإعدام.

     فظرف التخفيف هنا هو ظرف شخصي خاص بالأم غير الشرعية، ولا يمتد ليشمل من يساهم معها في القتل، كفاعل أو شريك أو متدخل. فهؤلاء تبقى مسئوليتهم كاملة.

     فإذا كان المساهم غریباً عن الطفل، كالطبيب أو القابلة أو الممرضة، فيطبق عليه ظرف التشديد الوارد في المادة 534 الخاص بالحدث دون الخامسة عشرة من عمره، وعقابه المؤبد.

     أما إذا كان المساهم أصلاً للطفل، کوالده مثلا، فيطبق عليه ظرف التشديد الوارد في المادة 535 الخاص بقتل الفرع، وعقابه الإعدام، وان كان قد أقدم على فعله اتقاء للعار.

    لأن ظرف التخفيف هو شخصي خاص بالأم غير الشرعية، ولأن علة التخفيف فيه لا تقتصر فقط على الدافع، وإنما تستند أيضا على حالة الاضطراب الفيزيولوجي والنفسي التي تصيب المرأة أثناء مرحلة النفاس.

     وما من شك بأن ظرف التخفيف الشخصي هذا تستفيد منه الأم غير الشرعية أيا كانت طبيعة المساهمة التي قدمتها في قتل وليدها، سواء كانت فاعلة أو شريكة أو متدخلة أو محرضة.

    ثالثاً: القصد الجرمي الخاص:

     قلنا أنه لا بد أن يتوفر في هذه الجريمة الأركان العامة القتل البسيط، إضافة إلى أركانها الخاصة.

    ومن الأركان العامة ضرورة توفر القصد الجرمي العام المتمثل بنية إزهاق روح إنسان حي. ولا بد لقيام هذه الجريمة، إضافة للقصد العام المتمثل بنية الأم إزهاق روح وليدها الذي حملت به نتيجة علاقة غير مشروعة، من توفر قصداً جرمیاً خاصاً يتمثل في الدافع الذي حدا بالأم إلى فعلتها ، وهو اتقاء الفضيحة أو العار.

     وإذا غاب هذا القصد الخاص فلا يقوم ظرف التخفيف، بالتالي تصبح المسئولية كاملة عن قتل مشدد.

    .فالأنثى التي حملت نتيجة علاقة غير مشروعة، ثم جاهرت بحملها، بحيث علم بمقتض القاعدة العامة الواردة في المادة 191 من قانون العقوبات فإن الدافع لا يعتبر عنصراً من عناصر التجريم، إلا في الأحوال التي نص عليها القانون، باشتراطه الدافع كقصد جرمي خاص لابد من توافره لقيام الجريمة وفق النموذج القانوني المطلوب، كما هو الحال في المادة 537 والمادة 538.

    فعند غياب هذا الدافع تنتفي الجريمة وفق النموذج المطلوب، وتلاحق وفق نموذج أخر: فبغياب دافع اتقاء العار في المادة 537 ودافع الشفقة في المادة 538، تنتفي هذه الجرائم، وتلاحق كجرائم قتل بسيطة أو مشددة.

    فاذا علم به القاصي والداني، لا تستطيع الاحتجاج بقصد اتقاء العار، إذا أقدمت على قتل وليدها.

    كما أن الأنثى التي تمتهن الدعارة، لا يهمها عادة شرفها وسمعتها، فإذا حملت من أحد زبائنها أو من عشيقها، فهي لا تستفيد من الظرف المخفف، إذا أقدمت على قتل وليدها، لتخلف القصد الخاص لديها.

    عند توفر القصد الجرمي العام والخاص، بالشكل السابق، فيكون عقاب الأم الاعتقال المؤقت من ثلاث إلى خمس عشرة سنة.

    أما إذا توفر لدى الأم العمد، أي النية المبينة في قتل وليدها، فيرفع الحد الأدنى لذات العقوبة من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات اعتقال .

  • جريمة قتل الأصل أو الفرع في القانون السوري

    قتل الأصل أو الفرع

    أطلقت بعض التشريعات العربية ظرف التشديد المستند إلى صلة القربي ليشمل إضافة للقرابة المباشرة بين الأصول والفروع، قرابة الحواشي والنسب، فشددت القتل الواقع على الأخوة والأخوات، والقتل الواقع على الزوج أو الزوجة .

    في حين أن تشريعات أخرى قصرت ظرف التشديد هذا على الجرم الواقع على الأصول دون الفروع .

     أما قانون العقوبات السوري فلقد اتخذ موقفاً وسط مشدداً عقاب القتل إلى الإعدام، في الفقرة الثالثة من المادة 435، إذا ارتكب على أحد أصول المجرم أو فروعه”.

     فهو، من جهة، قصر ظرف التشديد على القرابة المباشرة بين القاتل والمقتول، دون أن يشمل علاقة الزوجية والأخوة والأخوات.

     ومن جهة أخرى لم يقصر ظرف التشديد على القتل الواقع على الأصل دون الفرع، بل جاء النص شاملاً جميع الأصول وإن علوا، الأب والأم والجد والجدة وأبو أو أم الجد أو الجدة. وجميع الفروع ، الأبناء والأحفاد مهما نزلوا، ذكورا كانوا أو إناث.

    ولا ريب أن تشديد المشرع عقاب قاتل أصله أو فرعه إلى الإعدام مرده إلى صلة القربي التي تفترض أقوى الأواصر وأقدس القيم الإنسانية، بحنان الأصل على الفرع، وبر الفرع للأصل.

     ولا بد لتوفر هذا الظرف المشدد أن يكون هناك اعتداء مقصود منه إزهاق روح إنسان حي، سواء أفضى هذا الاعتداء إلى نتيجة أم بقي في حيز الشروع.

    وأن يكون هناك صلة القربی المحددة بالنص، وهي القرابة المباشرة، فلا يجوز القياس أو التوسع في التفسير ليشمل التشديد الأخ أو الأخت أو العم أو الخال، أو الأزواج فيما بينهم. وأن يتوفر أخيراً القصد الجرمي، الذي يجب أن يكون “مزدوجاً أو مضاعفاً “.

     فيجب أن يتوفر لدى الفاعل القصد الجرمي العام المطلوب توافره أصلاً لجرم القتل البسيط، وهو نية إزهاق روح إنسان حي، إضافة لوجوب اتجاه هذا القصد إلى الأصل أو الفرع.

    ويبني على ذلك مجموعة من النتائج:

     1- إذا حصلت الوفاة نتيجة الاعتداء الفاعل، بالرغم من انتفاء القصد العام، أي نية إزهاق الروح، فالجرم لا يعدو أن يكون سوى قتلا خطأ، أو إيذاء مفضي إلى الموت.

    وفي الحالتين تنتفي إمكانية تشديد العقاب، إذا كان الميت احد أصول الفاعل أو فروعه.

    2- إن أسباب التبرير وموانع العقاب تسري على جميع الجرائم، بما فيها القتل الواقع على الأصل أو الفرع.

     وعلى ذلك فلا تشديد ولا عقاب على من يقدم على قتل أصله أو فرعه دفاعاً عن النفس أو إنفاذاً لنص قانوني أو في حالة جنون أو قوة قاهرة.

     3- ينتفي هذا الظرف المشدد عند وقوع غلط في الشخصية.

    فلو أن أحدهم أطلق النار على شخص قاصدا قتله، معتقدا أنه خصمه، فإذا به يفاجأ أنه قتل أصله أو فرعه.

    فهنا توفر لدى هذا القاتل القصد الجرمي العام المتمثل بنية إزهاق روح إنسان حي، وانتفى لديه القصد المضاعف أو المزدوج، فهو لم يكن يريد أن يزهق روح أصله أو فرعه.

     4- كما ينتفي هذا الظرف المشدد عند وقوع غلط في الشخص أو خطأ في التصويب.

     فلو أراد الفاعل قتل خصمه فأخطأه فأصاب ابنه أو أبيه الذي كان واقفاً أو مارة بجانب خصمه.

     فلا تشديد أيضاً لانتقاء القصد المزدوج أو المضاعف.

    بالمقابل يتوفر هذا الظرف إذا توفر القصد المزدوج، في حالة اتجاه قصد الفاعل إلى إزهاق روح أصله أو فرعه، فأطلق عليه النار فأصاب شخصا أخر ومات نتيجة لذلك.

    لأن الجريمة التي تقع على غير الشخص المقصود بها يعاقب فاعلها كما لو كان اقترف الفعل بحق من كان يقصد .

     ويرى بعض الفقه، الذي نؤيده، أن نص المادة 205لا يجب أن يطبق في هذه الحالة بحرفيته، وإنما يجب تطبيقه الضمن إطار المبادئ العامة التي عالجت أحكام الغلط المادي وأثره في المسئولية الجزائية .

    لاسيما وأن المادة 223 من قانون العقوبات في فقرتها الثانية قضت بأنه

     “إذا وقع الغلط على أحد الظروف المشددة فإن المجرم لا يكون مسئولا عن هذا الظرف، و هو بعكس ذلك يستفيد من العذر الذي جهل وجوده”.

    يستخلص من ذلك أن الفاعل الذي قصد قتل أباه أو ابنه فأصاب شخص أخر وقتله، إنما يعاقب بالعقوبة المقررة للقتل المقصود، ولا سبيل للأخذ بالظرف المشدد المستند إلى صلة القربي.

    ويرى بعض الفقه أن الفاعل يلاحق في هذه الحالة عن قتل تام غير مشدد بالنسبة للضحية، و عن شروع في قتل مشدد بالنسبة لأصله أو فرعه.

     وهذا يشكل اجتماعاً معنوياً الجرائم، تطبق فيه عقوبة الجرم الأشد، و هي عقوبة القتل التام .

    والمسألة الأخيرة التي تثار في هذا الصدد تتعلق بتعدد المساهمين في جريمة قتل الأصل أو الفرع.

    فهل يشمل ظرف التشديد جميع المساهمين أم يقتصر فقط على الشخص الذي يتوافر فيه؟

     إن المادة 215 من قانون العقوبات قد وضعت حلاً عاماً لهذه المسألة.

     بمقتضاه إن الظروف المادية التي من شأنها تشديد العقوبة أو تخفيفها أو الإعفاء منها تسري على جميع الشركاء في الجريمة والمتدخلين فيها.

    كما تسري عليهم أيضاً الظروف المشددة الشخصية والمزدوجة التي سهلت اقتراف الجريمة. وما عدا ذلك من الظروف فلا تطال إلا الشخص الذي تتعلق به.

     ولا ريب أن صلة القربي هي ظرف مشدد شخصي يقتصر مفعوله على الشخص الذي تتوافر فيه صلة القربي هذه دون غيره من الشركاء والمتدخلين، بشرط أن لا تكون هذه القرابة هي التي سهلت اقتراف الجريمة، فإن العقوبة المشددة تطال الجميع عندئذ.

  • القتل العمد في القانون السوري

    التشديد تبعاً لقصد الجاني (العمد la prénnéditation)

    إن التشديد المبني على العمد يستند على القصد المصمم عليه، أو النية المبينة لدى الفاعل. فالقاتل الذي يقدم على فعله قصداً بتصميم مسبق، أي بنية مبيتة، لهو أخطر من القائل الذي يقدم على فعله دون تصمیم مسبق، أي بنية آنية، وهي النية التي توجد لدي الفاعل وقت ارتكاب الجريمة.

     كما يحدث في جرائم المشاجرات أو الجرائم التي تحدث فجأة بغير تدبیر سابق، فيرتكبها الأشخاص تحت تأثير الانفعال والغضب. فخطورة القاتل الإجرامية تظهر بشكل واضح عندما يعد لتنفيذ جريمته بهدوء وروية وتصميم، واعيا لكل آثارها و عواقبها ومع ذلك يقدم على ارتكابها.

    والملاحظ أن المشرع السوري لم يعرف معنى العمد، الذي يطلق عليه في تشريعات أخرى عبارة سبق الإصرار.

     ويمكننا تعريف العمد بأنه

     (التروي والتدبر والتفكير الهادئ بالجريمة قبل الإقدام عليها وانتهاء ذلك بالتصميم على ارتكابها).

     أما الاجتهاد القضائي، فنستطيع تلمس تحديده لمعنى العمد من خلال بعض الأحكام الصادرة عنه.

    فلقد اعتبرت محكمة النقض السورية بأن العمد في جريمة القتل يستلزم حتماً أن يكون الجاني قد أتم تفكيره وعزمه في هدوء يسمح بترديد الفكر بين الإقدام والإحجام وترجيح أحدهما على الآخر، وأن يكون للجاني من الفرصة ما يسمح له بالتروي والتفكير المطمئن فيما هو مقدم عليه، وان يكون قد رتب ما عزم عليه وهيأ وسائله وهو هادئ البال .

     واعتبرت أيضا أن ” العمد “لا يتم إلا بعد أن يفكر المجرم فيما عزم عليه ويتدبر عواقبه ويصمم على ارتكابه ويهيئ أسبابه، بعد أن يكون لديه متسع من الوقت يكفي لإزالة حالة التوتر والانفعال، ثم يقدم عليه هادئ النفس مطمئن البال، فإذا لم يتيسر له التدبير والتفكير وارتكب الجرم تحت تأثير الغضب والهياج فلا يكون العمد متوفرة .

    نستخلص من ذلك أن العبرة في وجود العمد هو هدوء البال، بعد زوال الغضب، والتروي في ما للجريمة وما عليها، ثم تنفيذها بعد التصميم عليها.

     وهذا يفترض مضي فترة من الزمن قد تطول أو تقصر بين مرحلة التصميم ومرحلة التنفيذ، هذه الفترة لا بد منها ليتخلص الفاعل من الانفعال، الذي سببته الواقعة التي دفعته إلى ارتكاب الجريمة، ويفكر ويتروى في جريمته ببال هادئ.

     وعلى هذا فالعمد يتألف من عنصرين:

     العنصر النفسي المتمثل في التفكير الهادئ والتروي في القتل،

     والعنصر الزمني المتمثل بتوافر التصميم على القتل قبل تنفيذه فعلا.

     والعنصر النفسي أهم من العنصر الزمني، بل إن هذا الأخير ليست له أهمية ذاتية، وإنما هو متطلب من أجل العنصر النفسي.

     فتوافر التفكير الهادئ والروية يقتضي مضي فترة كافية من الزمن، والتفكير الهادئ غير متصور عند اتخاذ قرار الجريمة وتنفيذها بمجرد أن تخطر فكرتها بيال الشخص، بل لا بد أن يستغرق التفكير الهادئ فترة من الزمن.

     بيد أن العنصر الزمني غير كاف في ذاته، فإذا ثبت مضي فترة من الزمن بين التفكير في الجريمة والتصميم عليها وتنفيذها، ولكن ثبت كذلك أنه لم يتوافر لدى الفاعل خلال هذا الوقت الهدوء في التفكير والسيطرة على النفس، بل ظل تحت تأثير الغضب والهياج الناتج عن الواقعة المسببة للقتل، فإن العمد لا يعد متوافراً.

     وبذلك قضت محكمة النقض السورية بأن

     ” العبرة في توافر العمد ليس بمضي الزمن لذاته بصرف النظر عن طوله أو قصره، بل العبرة فيما يقع في ذلك الزمن من هدوء ووعي وإدراك ومن تفكير وتدبير “ .

     بل أن أهمية العنصر الزمني قد تتناقص لأقصى حد إذا ثبت لدى القائل هدوء التفكير بالرغم من قصر المدة الفاصلة بين فكرة الجريمة والتصميم عليها ثم تنفيذها.

    وهذا يعني أن الضابط في تحديد هذا الزمن هو صلاحيته للتفكير الهادئ بالنظر إلى ظروف كل واقعة والى شخصية الفاعل.

     فالمدة المطلوبة لزوال حالة الهياج والغضب، ولتوافر الروية والتفكير الهادئ تختلف باختلاف الأشخاص والظروف، فقد تكون ساعة أو يوما أو أسبوعا أو شهرة أو سنة، وتقديرها يعود إلى قاضي الموضوع.

     وعند توافر العمد، بالمعنى الذي سبق شرحه، فلا عبرة بعد ذلك يكون القصد محدداً أو غير محدد، أو كان ثمة غلط في الشخص أو في الشخصية.

    فالعمد يعد متوافر سواء كان قصد القتل محددة بشخص معين أو غير محدد.

     فيكفي أن يصمم الفاعل على إزهاق روح أي إنسان يعترض سبيله أو يقابله.

     كما يعد العمد متوافرة ولو كان القتل معلقا على شرط أو متوقفا على حدوث أمر.

    فيسأل عن قتل عمد من صمم بعد تفكير هادئ على قتل مدینه إذا طالبه بدينه، أو من صممت على قتل زوجها إذا تزوج عليها.

    كما لا ينفي الغلط في الشخصية أو في الشخص توافر العمد. فيعتبر متعمداً من صمم على قتل شخص بعد تفكير وتروي فأودى فعله بحياة شخص أخر اعتقده غريمه، أو أصاب شخصا أخر غير غريمه لأنه لم يحسن توجيه فعله.

     والعمد يعد من الظروف المشددة الشخصية التي يقتصر أثرها على من توافرت به من المساهمين في الجريمة، ولا تشمل غيره من فاعل أو شريك أو متدخل.

    وباعتبار أن العمد (القصد أو النية المبينة) يعتبر من الأمور الداخلية، فإن الاستدلال عليه يكون من خلال الوقائع والظروف المادية الخارجية التي أحاطت بالجريمة، والتي تدل على ما كان يضمره الفاعل بداخله: كأن يعد عدته للقتل بشراء السلاح، ومراقبة غريمه، و أماكن تواجده، ووضع خطة لطمس معالم وأدلة الجريمة…

    واستخلاص العمد يعتبر من المسائل الموضوعية التي تدخل ضمن سلطة محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض، بشرط أن يكون هذا الاستخلاص مقبول عقلاً، ولا يتنافى مع مدلول العمد .

  • ماهي شروط تشديد عقوبة القتل تحت التعذيب؟

    التشديد تبعاً لأسلوب التنفيذ (أعمال التعذيب والشراسة)

    إن إقدام القائل على تعذيب ضحيته، وجعله يتحمل آلاما كبيرة، قبل أو أثناء قتله لهو دليل على عراقته في الإجرام، وعلى انعدام القيم الإنسانية لديه.

     بعض التشريعات جعلت من هذا الظرف سبب يوجب تشديد العقوبة إلى الإعدام.

    أما القانون السوري فلقد اكتفي باعتبار هذا السبب موجباً للأشغال الشاقة المؤبدة.

    ولتوفر ظرف تشديد التعذيب لابد أن يلجأ إليه الفاعل لقتل ضحيته:

     كما لو تم القتل عن طريق فقئ عيني الضحية، أو بتر أعضائه، أو دفنه حيا، أو تعذيبه بواسطة آلة كهربائية تسبب له الموت.

    بيد أنه لا يشترط في أعمال التعذيب أن تكون السبب في الوفاة، ولا أن يكون الباعث إليها إحداث الوفاة، وإنما يكفي أن يكون الفاعل قد ” هيأ أو سهل أو أتم بها تنفيذ جريمة القتل المقصود” .

    بالمقابل، يشترط أن تكون أعمال التعذيب قد وقعت على المجني عليه وهو حي، أي أن يسبق التعذيب تنفيذ القتل أو يرافقه على الأقل.

     أما قيام القاتل بيتر أعضاء ضحيته بعد إزهاق روحه، أو فقئ عينيه، أو قطع لسانه… فلا يعتبر كل ذلك تعذيباً يوجب تشديد العقاب، لأن هذه الأفعال الشنيعة قد وقعت على جثة هامدة، وبالتالي، يعتبر ما قام به القاتل تمثيلاً بالجثة، موجبا لتطبيق حكم المادة 465 من قانون العقوبات عليه، وملاحقته بجرم التعدي على حرمة الأموات.

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1