التصنيف: أصول المحاكمات المدنية

قانون أصول المحاكمات المدنية السوري

  • الدفوع الشكلية في الدعوى المدنية في القانون السوري

    الدفوع الشكلية في الدعوى المدنية في القانون السوري

    الدفوع الشكلية في الدعوى المدنية في القانون السوري

    تعرف الدفوع الشكلية بأنها تلك المتعلقة بالإجراءات وقواعد الأصول من حيث الإعلانات أو بالاختصاص، ومنها ما يتعلق بصحة الخصومة والتمثيل أو الحضور أمام المحاكم وممارسة حق الدفاع أمامها، أو بإصدار الأحكام، منها ما يتعلق بقواعد رفع الدعوى، أو هي الوسائل القانونية التي يلجأ إليها الخصوم قبل مناقشة الموضوع أو التعرض له بهدف منع إصدار حكم فيها قبل البت في صحة تلك المسائل.

     لذلك، فإن بعض الدفوع الشكلية تتعلق بالقواعد الموضوعة لمصلحة المتقاضين والتي تمكنهم من الوصول إلى اقتضاء حقوقهم أو الدفاع عنها عن طريق عدالة الدولة، وبالتالي على الخصوم أن يتمسكوا بالدفوع التي تنظم هذا الجانب قبل أي دفع أخر وأمام محاكم الأساس، وقبل التعرض الموضوع تحت طائلة سقوط الحق بها،

     وتوجد دفوع أخرى تتعلق بالقواعد الموضوعة لتنظيم الجهاز القضائي ولحسن سير العدالة كتلك المتعلقة بالاختصاص الدولي للمحاكم أو بالاختصاص النوعي أو القيمي، أو بطرق الطعن ومهله،

     وهذه الدفوع تتعلق بالنظام العام وبالتالي يجوز إثارتها والتمسك بها في أية مرحلة كانت عليها الدعوى، حتى ولو كان ذلك لأول مرة أمام المحكمة النقض، وللمحكمة أن تثيرها من تلقاء نفسها دون الحاجة لإثارتها من قبل الخصوم.

    لهذا يمكن القول:

     يقصد بالدفوع الشكلية الإجرائية بأنها تلك الموجهة إلى الخصومة أو إجراءاتها، ويقضي المبدأ القانوني بضرورة الفصل بها قبل البحث في موضوع وقبل أي دفع موضوعي مال تكن تتعلق بالنظام العام.

    وقد نص المشرع اللبناني على: 

     (( أن الدفع الإجرائي هو كل سبب يرمي به الخصم إلى إعلان عدم قانونية المحاكمة أو سقوطها أو وقف سيرها)) ،

     وهكذا، نميز بالنسبة للدفوع الإجرائية بين دفوع تتعلق بالنظام العام، ودفوع غیر متعلقة بالنظام العام، ويترتب على هذا التمييز أنه يحق للخصوم التمسك بالدفوع المتعلقة بالنظام العام في أية مرحلة كانت عليه الدعوى، ولو كان ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، كما يمكن للمحكمة أن تثيرها من تلقاء نفسها ولو لم يتمسك بها الخصوم،

    أما الدفوع غير المعلقة بالنظام العام، فيجب التمسك بها قبل أي دفاع آخر والا سقط الحق بها، لأنها في الأصل مشرعة لمصلحتهم، ولا يجوز التمسك بها أمام محكمة النقض، مالم يكن قد تم التمسك بها أمام محاكم الأساس، ونبين ما هي الدفوع الإجرائية المتعلقة بالنظام العام، والدفوع الإجرائية غير المتعلقة بالنظام العام وفق الأتي:

    1 – الدفوع الشكلية المتعلقة بالنظام العام:

    توجد مجموعة من الدفوع المتعلقة بالنظام العام لارتباطها بالتنظيم القضائي وبحسن سير العدالة نبينها في الأتي:

    أ. الدفع بعدم الاختصاص الولائي :

     يكون الدفع بعدم الاختصاص الولائي عندما لا يكون للمحكمة سلطة النظر في الدعوى إما لكونها لا تدخل في اختصاص القضاء العادي لأن المنازعة إدارية وتدخل في اختصاص محكمة القضاء الإداري، أو لأنها غير مختصة وفق قواعد الاختصاص الدولى للمحاكم، أو لأنها تدخل في اختصاص جهات قضائية أخرى. فهذا الدفع ينكر على المحكمة سلطة النظر في الدعوى لخروجها عن حدود الاختصاص التي قررها القانون.

    ب. الدفع بعدم الاختصاص النوعي:

    يتم الدفع بعدم الاختصاص النوعي عندما يخرج عن سلطة المحكمة المرفوعة إليها الدعوى كونه يدخل في اختصاص محكمة أخرى بحسب نوع الدعوى وفقا لقواعد توزيع الاختصاص النوعي بين درجات وطبقات المحاكم.

    ج. الدفع بعدم الاختصاص القیمي :

    إن عدم اختصاص المحكمة عدم اختصاص المحكمة بسبب قيمة الدعوى تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى إلا أن المشرع والاجتهاد خرجا عن هذا المبدأ في معرض تحديد الاختصاص القيمي للعقار حيث أوجب الاعتراض على القيمة قبل الدخول في الموضوع تحت طائلة سقوط الحق بالتمسك به.

    د. الدفع بالبطلان المطلق :

    يعد الدفع بالبطلان المطلق من النظام العام، ويتم التمسك به في أية مرحلة كانت عليها الدعوى لأنه يجعل ما بني عليه بحكم المعدوم، ويقضي المبدأ أن الإجراء لا يكون باطلا إلا إذا نص القانون صراحة على بطلانه أو إذا شابه عيب لم تتحقق بسببه الغاية من الإجراء، ومن الأمثلة على الدفع بالبطلان المطلق الآتي:

    (1) – عدم حضور كاتب المحكمة مع هيئة المحكمة في الجلسات ليتولى تحرير المحضر والتوقيع عليه مع القاضي أو رئيس الهيئة.

    (2) – بطلان الإجراءات التي تتم خلال انقطاع الخصومة، وقد ميز الاجتهاد القضائي بين حالتين , حالة الإجراءات التي تتم خلال فترة الانقطاع حيث تكون باطلة نسبية، وأن البطلان موضوع لمصلحة الورثة، لذالك لا يجوز التمسك به من غيرهم ولا يحق للمحكمة إثارته من تلقاء نفسها، وحالة الإجراءات التي تتم ابتداء بمواجهة شخص ميت حيث يكون الحكم الصادر بالاستناد إليه معدومة وليس باطلاً.

    (3) عدم صلاحية القاضي للحكم في الدعوى أو مباشرته لأي إجراء من إجراءاتها يجعل كل ما يصدرعنه باطلا بطلانا مطلقا لتعلق ذلك بأصول توزيع العدالة.

     (4) – عدم السماح بممارسة حق الدفاع . وهو حق مقدس واجب الاحترام كي تكون المحاكمة عادلة، والإخلال بهذا الحق يعد اعتداء على الحقوق الأساسية للمواطنين، وبالتالي فهو يدخل في دائرة النظام العام التي يستطيع أن يتمسك من خلالها صاحب الحق بحقه في أية مرحلة كانت عليها الدعوى، ويترتب على مخالفة ذلك البطلان، إلا أن لا يجوز إبداء أوجه دفاع جديدة أمام محكمة النقض. .

    2- الدفوع الشكلية غير المتعلقة بالنظام العام وتطبيقاتها:

     هناك مجموعة من الدفوع الموضوعة المصلحة الخصوم التي لا تتعلق بحسن سير العدالة، وبالتالي فهي ليست من النظام العام، وهي تشترك فيما بينها في مجموعة من الأحكام. لذلك سوف نعرض بعض تطبيقاتها، وأحكامها المشتركة وفق الآتي:

    أ- تطبيقات الدفوع الشكلية التي لا تتعلق بالنظام العام:

    نص المشرع على مجموعة من الدفوع الشكلية غير المتعلقة بالنظام العام ومنها على سبيل المثال :

    (1) – الدفع بعدم الاختصاص المحلي أو المكاني :

    يتعين الدفع بعدم اختصاص المحكمة المحلي قبل أي دفع أخر وإلا سقط الحق به، ولا يجوز للمحكمة إثارته من تلقاء نفسها بل على صاحب المصلحة أن يتمسك به قبل الإجابة على موضوع الدعوى أو الدخول في نقاش وسائل الإثبات وصحتها، ويستثنى منها الاختصاص المحلي في الدعاوى العينية العقارية والشخصية العقارية ودعاوى الحيازة إذ تعد من النظام العام.

     (2). الدفع بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى للارتباط :

    يمكن أن يلجأ كل من الطرفين إلى إقامة الدعوى ب ذاته أمام دائرتين مختلفتين أو أمام الدائرة ذاتها حيث قد يكون كل منهما دائن ومدينة، ويقيم الدعوى كل منهما للمطالبة بدينه كأن يقيم المشتري الدعوى بتسليم المبيع، ويقيم البائع الدعوى بإلزام المشتري بتسديد الثمن أو ما تبقى منه، أو كأن ترتبط الدعوى بموضوع دعوى أخرى أو بسببها،

    ففي هاتين الحالتين يمكن الدفع بإحالة إحدى الدعويين إلى المحكمة التي تنظر في الدعوى الأخرى وتوحيدهما معا كي يصدر بهما حكم واحد منعاً من نشوء حالة تعارض الأحكام وتناقضها، ونسمي هذه الحالة بحالة توحيد الدعاوی وليس بضم الدعاوى كما تفيد بعض المحاكم الأن مصطلح الضم يكون في حالة ضم دعوى مفصولة إلى دعوی منظورة للاستفادة من الوثائق أو المستندات الواردة فيها في الدعوى المنظورة، أما التوحيد يكون في الحالتين المشار إليهم.

    (3)- الدفوع المتعلقة بالبطلان النسبي :

    يكون البطلان نسبياً عندما يتعلق بالإجراءات، وفي الحالات التي ينص القانون على ترتيبه عند عدم القيام به ومنها:

    (أ)- تبلیغ مذكرات الدعوة أو التنفيذ عن غير طريق الجهات المحددة في القانون.

    (ب)- التبليغ قبل السابعة صباحا أو بعد السادسة مساء أو في أيام العطل الرسمية بغير موافقة

    المحكمة.

     (ج)- عدم اشتمال التبليغ على البيانات المطلوبة.

    (د) – عدم تسليم سند التبليغ إلى الأشخاص الذين يصح تسليمها لهم أو خلافا لما نص عليه

    القانون. .

     (هـ) – إذا لم يحقق الإجراء الغاية المرجوة منه.

    لذا، هناك أحكام مشتركة بين جميع حالات البطلان النسبي والمترتبة على التمسك عدم نوجزها في الآتي:

     (1)- إن بطلان استدعاء الدعوى وتبليغها، و بطلان مذكرات الدعوة الناشئ عن عيب في التبليغ أو في بيان المحكمة أو في تاريخ الجلسة يزول بحضور المطلوب تبليغه في الجلسة أو بإيداع مذكرة بدفاعه.

    (2) – لا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء.

     (3) – لا يجوز أن يتمسك بالبطلان إلا من شرع البطلان لمصلحته، ولا يجوز التمسك بالبطلان من الخصم الذي تسبب فيه.

     (4) – يزول البطلان يزول البطلان إذا تنازل عنه من شرع لمصلحته أو إذا رد على الإجراء بما يدل على أنه اعتبره صحيحا، أو قام بعمل أو إجراء أخر باعتباره كذلك.

     (5) يجوز تصحيح الإجراء الباطل ولو بعد التمسك بالبطلان على أن يتم ذلك في الميعاد المقرر قانوناً لاتخاذ الإجراء، فإذا لم يكن للإجراء میعاد مقرر في القانون حددت المحكمة ميعاد مناسباً لتصحيحه ولا يعتد بالإجراء إلا من تاريخ تصحيحه.

     (6) – إذا كان الإجراء باطلاً وتوفرت فيه عناصر إجراء أخر فإنه يكون صحيحة باعتباره الإجراء الذي توفرت عناصره، وإذا كان الإجراء باطلاً في شق منه فإن هذا الشق وحده هو الذي يبطل ولا يترتب على بطلان الإجراء بطلان الإجراءات السابقة عليه أو الإجراءات اللاحقة إذا لم تكن مبنية عليه.

    3- الأحكام المشتركة بين الدفوع الشكلية التي لا تتعلق بالنظام العامة :

    توجد مجموعة من الأحكام المشتركة بين جميع الدفوع الشكلية غير المتعلقة بالنظام العام تتلخص بالأتي:

    أ- يجب إبداء الدفوع الشكلية دفعة واحدة قبل التعرض الموضوع الدعوى وقبل أي دفع أخر تحت طائلة سقوطها، وليس من تفاضل أو أولوية بين تلك الدفوع.

     ب- إن الحكم بالدفع الشكلي ليس حكماً بالموضوع، ولا يسقط ولاية المحكمة للنظر في الموضوع. فإذا ما تم استئنافه، وقررت محكمة الاستئناف فسخه عليها أن تعيد الدعوى إلى محكمة الموضوع، لا أن تفصل في الدعوى حتى لا تحرم المتقاضين درجة من درجات التقاضي.

    ج- تفصل المحكمة في الدفع الشكلي قبل الفصل في الموضوع ويمكن أن ترجئ البت فيه إلى حين البت في الموضوع، وهذا يعني التفات المحكمة عن الدفع المذكور كونه لا يؤثر في نتيجة الدعوى.

  • الدفوع في الدعوى ( تعريفها – أنواعها )

    الدفوع في الدعوى ( تعريفها – أنواعها )

    الدفوع في الدعوى ( تعريفها - أنواعها )

    تقتضي حقوق الدفاع في الدعوى تمكين المدعى عليه من اتخاذ الوسائل القانونية المتاحة التي تحول دون الحكم عليه وفق مطالب المدعي الأصلية أو الإضافية، وتمكين المدعي من الرد على مطالب ودفوع المدعى عليه، ويطلق على تلك الوسائل القانونية مصطلح الدفوع،

     وتكون هذه الدفوع شكلية موجهة إلى الخصومة أو إجراءات المحاكمة، أو موضوعية موجهة إلى الحق مضمون الدعوى، أو على إمكانية الحصول على حكم في الموضوع، أو قد تهدف إلى مجرد إنكار إمكانية حق الخصم في استعمال الدعوى وتسمى في هذه الحالة بالدفوع المتعلقة بعدم القبول،

    وفي الأحوال جميعها يتعين على الخصوم أن يتقدموا بكامل طلباتهم ودفوعهم ومستنداتهم دفعة واحدة واثباتها، وإن المحكمة غير ملزمة بتكليفهم بتقديمها أو إثباتها. لذلك نعرض المفهوم الدفوع، وأنواعها، في الجزئين الآتيين:

    تعريف مفهوم الدفوع أو الدفاع

    جاءت التشريعات الوضعية خالية من تعريف محدد للدفوع أو الدفاع باستثناء قانون أصول المحاكمات اللبناني الذي عرف الدفاع بأنه

    ((كل سبب يرمي به الخصم إلى رد طلب خصمه لعدم صحته بعد بحث الحق بالموضوع))،

    إلا أن الفقهاء وضعوا تعريفا للدفوع وقالوا عنها بالمعنى الواسع أنها الوسائل التي يلجأ إليها المدعى عليه للرد على دعوى المدعى ويكون من شأنها منع أو تأخير أو الحؤول دون صدور حکم ضده في الدعوى.

     كما يعرف الدفاع بأنه الحق الممنوح بقوة القانون للخصوم في الدعوى من أن يدافع عن نفسه في الدعوى المقامة بمواجهته سواء كان مدعية أم مدعى عليه وذلك بهدف عدم الحكم عليه بمطالب الطرف الأخر أو الحكم له بطلباته في الدعوى،

     وقد اعتبر قانون أصول المحاكمات اللبناني حق الدفاع أو الدفاع جزءا من تعريف الدعوى وذلك بالنص على أن :

    ((الدعوى هي الحق الذي يعود لكل صاحب مطلب بأن يتقدم به إلى القضاء للحكم له بموضوعه، وهي بالنسبة للخصم الحق بأن يدلي بأسباب دفاع أو بدفوع ترمي إلى دحض ذلك المطلب)).

     فمهما كان تعريف الدفاع فإنه يشكل جوهر مسألة الدفوع، التي يعبر عنها بأنها وسائل قانونية يرد الخصم بها في الدعوى على طلبات أو دفوع الخصم الآخر بحيث يقنع المحكمة أو القاضي أنه في مركز قانوني متفوق على الخصم الآخر وبالتالي تجعل تلك المحكمة أو ذلك القاضي يحكم له وفقها.

    لذا، نجد أن الدفوع تتصف بخصائص الدعوى من حيث أنها وسائل قانونية، أي أنها مكنة وضعها القانون بين يدي الخصوم كي يدفع كل منهما مطالب ودفوع الآخر، وبالتالي فهي مصلحية أيضاً إذ لا يسمع أي دفع ليس لصاحبة مصلحة قائمة مشروعة فيه، كما أنها شخصية أي لا يجوز تقديمها  إلا من ذوي الشأن في الدعوى أو من قبل من يمثلهم قانوناً أو اتفاق، ويجب أن تتعلق بهم مباشرة وبالتالي لا يجوز لأحد الخصوم في الدعوى أن يتمسك بدفع عدم صحة إعلان خصم أخر لم يحضر جلسات المحاكمة لأن كل نفس بما كسبت رهينة)،

    ولقوله تعالى لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت)، وهذا ما نسميه بلغة بالقانون بوجوب توفر الصفة في صاحب الدفع، وتقسم الدفوع إلى أنواع عدة فبعضها تسمى دفوعة جوهرية، وتكون الدفوع جوهرية عندما تكون مؤثرة، وتكون مؤثرة عندما تؤدي إلى نتيجة مغايرة في الحكم، وبعضها غير جوهري لأنه لا يؤثر في النتيجة بالحكم، وبعض الدفوع يجب التمسك بها من قبل الخصوم أنفسهم كي تؤثر في الحكم، وبعضها للمحكمة أن تثيرها من تلقاء نفسها وفي أية مرحلة كانت عليها الدعوى لتعلقها بالنظام العام.

    أنواع الدفوع والتمسك بها

    يمكن أن نميز بين أنواع أو تصنيفات متعددة للدفوع، حيث أن بعض التشريعات نصت على ثلاثة أنواع منها هي: الدفوع الموضوعية، والدفوع الشكلية أو الإجرائية، والدفوع بعدم قبول الدعوى. بينما عمل فقهاء القانون على تصنيف الدفوع ضمن تصنيفين رئيسين هما: الدفوع الشكلية، والدفوع الموضوعية، حيث جعلوا التصنيفين المتعلقين بالإجراءات وبعدم القبول في تصنيف واحد تحت عنوان الدفوع الشكلية، لأنه يتم البحث فيها قبل التعرض للموضوع.

     لذلك سوف نأخذ بتفصيل أنواع الدفوع بتقسيمها إلى ثلاثة أنواع، من خلال قراءة نص المادة (144) من قانون أصول المحاكمات، إذ نفرق بين دفوع شكلية أو إجرائية، ودفوع بعدم القبول، ودفوع موضوعية، وهذا ما سنفصله في المواضيع اللاحقة.

  • الإدخال أو اختصام الغير في الدعوى

    الإدخال أو اختصام الغير في الدعوى

    الإدخال أو اختصام الغير في الدعوى

    يطلق على الإدخال مفهوم اختصام الغير أو التدخل الجبري، حيث لا يقوم هذا الغير اختيارة بطلب التدخل في دعوى مرفوعة، بل يرغم على أن يكون خصماً فيها دون إرادته بل وعلى الرغم من معارضته، وحتى أمام محكمة غير محكمته استناداً إلى نظرية الارتباط بين الدعاوی تحقيقا لفائدة الخصوم ولمصلحة العدالة منع من قيام نزاع جديد، أو لعدم الاحتجاج بالحكم الصادر بمواجهة المدخل لكونه لم يكون خصما أو طرفا فيه، أو لممارسة حق الدفاع.

    أولا – أنواع الإدخال أو الاختصام:

    يعد الإدخال نوعاً من الطلبات العارضة، أو شكلا من الإجراءات القضائية التي تستدعيها العدالة، وعلى ذلك، فإن الإدخال يمكن أن يكون بناء على طلب أحد الخصوم، أو بناء على أمر من المحكمة.

    1- الاختصام أو الإدخال بناء على الطلب:

    يقضي المبدأ القانوني أن يصح اختصام الغير عن طريق الإدخال في دعوى مرفوعة إذا كان يصح اختصامه فيها ابتداء عند رفعها، وعليه أجاز المشرع لصاحب المصلحة وذلك بمنحه رخصة سلك طريق مختصرة في أن يتقدم بطلب أو باستدعاء إلى المحكمة يعبر فيها عن إرادة جدية بمخاصمة من لم يخاصم بالدعوى عند رفعها،

    وبالتالي لا يجوز طلب الإدخال الشفهي، أو بناء على الطلب على محضر الجلسة، إلا أن هذه الرخصة مشروطة بموافقة المحكمة، لأن الصفة الأصلية في المخاصمة قد تتوفر في أكثر من شخص كما لو كانت تقوم بينهم رابطة تضامن،

    وقد اختار المدعي أحدهم ليقيم الدعوى عليه، كما أنه يمكن اختصام المتضامنين الأخرين بناء على طلب المدين، فقد تقام الدعوى على مرتكب الفعل الضار في حادث مروري، وقد يكون قد أجرى تأمين من المسؤولية المدنية لدى شركة التأمين.

    فذلك، عندما ترفع الدعوى على المؤمن لمصلحته يكون له الحق في طلب إدخال شركة التأمين، وقد يقيم المدعي الدعوى على السائق الذي يعمل لدى رب عمل في مثل الحادث المذكور، ثم يطلب المضرور المدعي إدخال المتبوع باعتباره مسؤولاً مع المسبب في تعويض الضرر، وقد يكون الأكثر ملاءة من الناحية المالية. لذلك، يلزم في جميع الأحوال لقبول طلب الإدخال وجود ارتباط بينه وبين الدعوى الأصلية، ويتحقق هذا الارتباط عند وجود المصلحة من جهة إضافة إلى أن يكون المطلوب إدخاله من الأشخاص الذين كان يصح مخاصمتهم بالدعوى عند رفعها.

    لهذا، تعد دعوى الضمان الفرعية الشكل النموذجي لإدخال الغير في دعوى منظورة، حيث يقوم مفهوم الضمان على التزام الضامن حماية المضمون بمواجهة طرف ثالث يمكن أن يقيم عليه دعوى المسؤولية بصدد حوادث معينة كما هو الحال في التزام شركات التأمين بتغطية المسؤولية الناجمة عن حوادث المرور،

    وكذلك الأمر في جميع دعاوى المتعلقة بتحصيل الديون المضمونة بكفالة عينية أو شخصية، وبمقتضى ذلك فإنه كان يكون من حق المضرور في حوادث المرور، وكذلك الدائن في الدين المضمون أن يوجه الخصومة على المسؤول أو المدين مباشرة، ويمكن أن يرفعها بمواجهة الضامن بصفة دعوى أصلية، إذ صادف إن أقام المضرور أو الدائن المضمون الدعوى على المسبب المسؤول، أو على المدين، فإنه يكون من حق هذا، أن يطلب إدخال الضامن في الدعوى کي يقود الدفاع معه من جهة، ولكي يتحمل نتيجة الحكم عند خسارة الدعوى، وأن الأفضل له أن يلجأ إلى الدعوى الفرعية عن طريق الإدخال وألا ينتظر الفصل في الدعوى ثم اللجوء إلى الضامن ليطالبه بالضمان في حدود الالتزام الذي حكم عليه به.

    كما أنه من مصلحة المتبوع ومن مصلحة الضامن إذا رفعت عليه الدعوى استنادا إلى عقود الضمان أن يطلب إدخال المسؤول أو المدين في الدعوى عن طريق دعوى الضمان الفرعية التي تخوله الحق بالرجوع على المضمون في بعض الحالات وكل ذلك دون الحاجة إلى دعوى جديدة، وإن جرت العادة أن الذي يستعمل دعوى الضمان الفرعية هو المدعى عليه وليس المدعي، ويتعين على المحكمة أن تفصل في الدعوى الأصلية وفي طلب الضمان بحكم واحد كلما أمكن ذلك.

    2- الاختصام أو الإدخال بناء على أمر المحكمة:

    إن إدخال أشخاص غي مختصمين في الدعوى بناء على أمر من المحكمة مجانية لمبدأ حرية التقاضي وحرية الأطراف في اختيار من يخاصمون ومن لا يخاصمون بحسبان أن الخصومة هي ملك أطرافها. إلا أن المشرع على الرغم من وجاهة هذا الأمر أخذ بإمكانية إدخال الغير أو اختصامهم في دعوى مرفوعة، وذلك لمصلحة العدالة، أو من أجل إظهار الحقيقة،

    وهذا يتمشى مع الدور الإيجابي التي يتولاه القاضي في إدارة دفة القضاء بما يؤدي إلى العدالة. فالمحكمة تأمر بإدخال طرف ثالث في الدعوى لمصلحة العدالة عندما يكون الهدف من الإدخال هو صدور الحكم بمواجهته كي يكون حجة له أو عليه تفادياً لتناقض الأحكام ومنعاً من إثارة نزاعات جديدة أمام القضاء، لوجود ارتباط بن الإدخال وبين موضوع المطروح في الدعوى، أو لحماية الغير من ضرر يلحق به من احتمال قیام تواطؤ بين الخصوم الأصلين في الدعوى المنظورة،

    كما لو أقيمت دعوى تثبيت مبيع عقار بين شخصين وكان يوجد على صحيفة العقار إشارة لصلح أحد الأشخاص ترجح أن له حقاً على العقار محل البيع، وكذلك حق المدعى عليه في إدخال البائع السابق للعقار والذي أعطاه حق الانتفاع بالعقار للرجوع عليه بما سيحكم به للمدعي باعتباره ضامنة، واختصام الغير بناء على أمر من المحكمة لا يستلزم بالضرورة قيام رابطة بين الإدخال والدعوى، بل يمكن أن يكون بناء على ملاحظة المحكمة أن أحد الأشخاص كان مختصمين في الدعوى في مرحلة سابقة، أو لأن المحكمة ترى أن مصلحة العدالة تتحقق بوجود مصلحة للمدخل لأن الطلبات المقدمة في الدعوى قد تمس حقوقه،

    وعلى هذا لا يصح اختصام الغير سواء بناء على طلب الخصوم، أو بأمر من المحكمة إلا أمام محاكم الدرجة الأولى. كما يكون الإدخال بناء على أمر من المحكمة لإظهار الحقيقة، كما لو قررت المحكمة إدخال طرف ثالث فيها لإبراز ورقة أو سند موجود تحت يديه، ومن شأنه أن يظهر حقوق الخصوم فيها،

    والإدخال لإظهار الحقيقة جائر أمام محاكم الأساس سواء منها محاكم الدرجة الأولى أو محاكم الاستئناف بعكس الإدخال المصلحة العدالة الذي لا يجوز إلا أمام محاكم الدرجة الأولى، وإن مصطلح إظهار الحقيقة مرن بحيث يسمح للمحكمة استعماله في ضوء وقائع كل نزاع، وبذلك يتم رسم حدود العدالة التي تقتضي المصلحة بيانها، وإن كان هذا الأمر يمارس في أضيق الحدود.

    ثانيا- إجراءات الإدخال :

    للخصم أن يدخل في الدعوى من كان يصح اختصامه فيها عند رفعها، ويقدم طلب الإدخال باستدعاء أو بمذكرة، ولا يصح تقديمه بطلب عارض على محضر الجلسة،

    ويجب أن يبلغ من يطلب إدخاله صورة الطلب ويدعى للمحاكمة في الموعد المحدد لذلك مع مراعاة مواعيد الحضور ومهل المسافة، وإن طلب إدخال خصم في الدعوى ممن يصح اختصامهم فيها بصورة مستقلة ملزم للمحكمة وليس لها سلطة جوازيه في ذلك،

    ويتوجب في حال تقرير إدخال خصم بالدعوى عدم فصلها قبل اكتمال الخصومة بمواجهة المدخل، وإن عدم معالجة صحة إجراءات التقاضي في المرحلة الثانية من التقاضي بالرغم من إثارتها في لائحة الاستئناف يجعل الحكم الصادر سابق لأوانه ومستوجب للنقض،

    ويجوز بعد نقض الحكم إدخال من كان يصح اختصامه فيها عند رفع الدعوى المادة (151أصول)، ولا محل لتطبيق المادة (239) أصول المتعلقة بطلبات الإدخال أمام محكمة الاستئناف حصرا.

  • التدخل في الدعوى في قانون أصول المحاكمات المدنية

    التدخل في الدعوى في قانون أصول المحاكمات المدنية

    التدخل في الدعوى في قانون أصول المحاكمات المدنية

    تقضي قواعد العدالة بأن أثر الدعوى نسبي. بمعنى أنه لا يستفيد منها سوى الذي رفعها، ولا يمكن أن تلحق ضررا بالغير الذين ليسوا طرفا فيها.

    لذلك فإن المصلحة قد تقتضي توسيع نطاق الخصومة سواء بقبول شخص ثالث فيها بعد رفعها عن طريق ما يسمى بالتدخل الاختياري، أو بإدخال شخص ثالث فيها إما لوجود علاقة ما تربطه بالدعوى المرفوعة أو لأن مصلحة العدالة تقتضي اختصامه فيها، وهذا ما يعبر عنه بالتدخل الإجباري أو اختصام الغير، ويدرس موضوع التدخل والإدخال أو اختصام الغير تحت عنوان الطلبات العارضة التي يصح تقديمها بعد رفع الدعوى، إلا أنها تتمتع بصفات خاصة، لذلك آثرنا إفراد بحث مستقل بها، ولهذا، سوف نعرض هذا البحث في المطلبين الآتيين:

    التدخل الاختياري في الدعوى 

    أجاز المشرع لكل ذي مصلحة أن يتخل في الدعوى إما طالبا الحكم لنفسه فيها بطلب مرتبط بها، أو بطلب الانضمام إلى أحد الخصوم فيها.

    إذ يشترط لطلب التدخل، إما الانضمام لأحد الخصوم للمحافظة على حقوقه عن طريق مساعدته، كالمتدخل ضد الدائن، ليعين المدين على الدفاع عن حقوقه، حتى لا يخسر المدين القضية، ويتأثر بذلك الضمان العام المقرر له، وهو التدخل الانضمامي، أو أن يطلب المتدخل بحق لنفسه مرتبط بالدعوى، ويطلب الحكم به في مواجهة الطرفين.

    كتدخل صاحب اليد في دعوى استرداد الحيازة، أو المشتري في دعوى استحقاق العين، وهو التدخل الخصامي، وهذا يعني البحث في أنواع التدخل وإجراءاته، ومن ثم بيان الآثار المترتبة عليه على النحو الآتي:

    أولا- أنواع التدخل :

    تعد إجازة التدخل في دعوى مرفوعة من قبل المشرع وسيلة لتجنب خصومات أخرى لإمكانية نشوء نزاعات متفرعة عن المعروض فيها، لوجود رابطة بين هذا ومسائل أخرى يمكن أن تتصل به برابطة لا تقبل التجزئة، أو لأن مراكز قانونية نشأت أو ترتبت بعد نشوء الحق المطالب به في الدعوى المنظورة، وعلى ذلك فإن التدخل يمكن أن يكون هجومية أو مستقلا، ويمكن أن يكون انضمامية أو تبعية لأحد الخصوم في الدعوى، وعلى هذا سوف نعرض لنوعي التدخل وفق الآتي:

    1- التدخل الاستقلالي أو الأصلي أو الهجومي:

    يقوم التدخل الاستقلالي أو الهجومي أو الأصلي على أساس أن المتدخل يطلب الحكم لنفسه، دون أن يتبنى أي من طلبات المدعي أو دفوع المدعى عليه، بل يطالب بالحكم له بالحق موضوع الدعوى أو بحق متفرع عنه بوصفه ذي مركز مستقل في الخصومة.

    كما لو طالب المشتري الأول بتثبيت ملكية عقار اشتراه المدعي في الدعوى الذي قام وسبق بوضع إشارة الدعوى على صحيفته في السجل العقاري، بالاستناد إلى أنه الأولى بالحماية لأن المشتري الثاني سيئ النية،

    أو التدخل في دعوى منظورة بمادة تعويض عن فعل ضار للمطالبة بالتعويض عن الضار اللاحق به من الفعل الضار ذاته، أو أنه تدخل في دعوى مرفوعة بمادة تثبيت عقد بيع كي يطالب ببطلان العقد لأن له مصلحة مرتبطة بالعقد ذاته.

    فالمتدخل في هذا النوع يهاجم طرفي الخصومة فيها مدعية الحق لنفسه، ويعد هذا التدخل اختصامية أيضا لأنه المتدخل يخاصم كل من المدعي والمدعى عليه لأن يطالب بالحق لنفسه بمواجهتهما.

    2- التدخل الانضمامي أو التبعي:

    يقتصر التدخل الانضمامي أو التبعي على انضمام طرف ثالث غير ممثل في الدعوى إلى أحد طرفيها دون أن يطالب المتدخل بحق أو بمركز قانوني لنفسه، فهو يهدف من تدخله دعم أو تأييد طلبات المدعي أو دفوع المدعى عليه لذلك يسمى بالتدخل التبعي أو الدفاعي،

    وقد يقصد المتدخل من تدخله الاحتفاظ بحق أو الإبقاء على مركز قانونی تحصل عيه من أحد الطرفين، أو للحفاظ على أموال مدینه باعتبارها تشكل ضمانة عامة للوفاء بديونه،كما لو تدخل الضامن إلى جانب المضمون ليساعده في كسب الدعوى كي يتجنب تحمل الخسارة والرجوع عليه بالدين المضمون،

    وكذلك تدخل البائع إلى جانب المشتري في نزاع يتعلق بالمبيع بين المشتري وشخص أخر كي لا يعود المشتري على البائع في حال استحقاق المبيع كلاً أو جزءاً،

    وعلى هذا، لا يجوز للمتدخل المنضم لأحد الأطراف أن يتقدم بطلبات تغاير طلبات الخصم الذي تدخل لتأييده، وذلك تقتصر وظيفة المحكمة في تدخل الانضمام على الفصل في موضوع الدعوى الأصلي،

    كما لا يحق لطالب التدخل المنضم لأحد الأطراف أن يطالب بطلبات جديدة في الاستئناف تخالف الطلبات التي طالب بها من انضم إليه، وإذا كانت الدعوى في الأصل مفتقرة إلى الصفة والمصلحة والدليل، فإنها تكون غير صحيحة. ولا يصححها تدخل من أخر إلى جانب المدعي.

    ثانيا- إجراءات وشروط التدخل:

    يقدم طلب التدخل باستدعاء يبلغ للخصوم قبل موعد الجلسة، ولا يقبل التدخل بعد إقفال باب المرافعة، ولكن إذا فتح باب المرافعة جاز التدخل فيه، وكذلك الأمر إذا أعيد الحكم منقوضأ من محكمة النقض، لأنه يجوز التدخل في الدعوى لأول مرة أمام محكمة الاستئناف مادام من حق المتدخل التقدم باعتراض الغير وفق أحكام المادة (239) أصول،

    وإن وجود دعوى استحقاق على المتدخل لا يحجب عنه حق التدخل دفاعا عن مصالحه.

    إلا أن عدم استئناف المتدخل الحكم الصادر برد تدخله شكلاً أو موضوعاً إنما يمنعه من التدخل من جديد في الاستئناف المرفوع في الدعوى الأصلية.

    ذلك أنه يجب على المتدخل وقد مثل طرفة في الخصومة التي فصل فيها الحكم الابتدائي ولو متدخلاً تدخل انضمام أن يسلك سبيل الطعن في ذلك الحكم، وإن طلب التدخل المقدم بموجب مذكرة ودون أداء رسم الطابع ورسم القيد باطل لأن المتدخل يعد مدعية، وقانون الرسوم والتأمينات لا يجيز قيد الدعوى قبل دفع الرسم والصاق الطوابع القانونية،

    ويكفي للمتدخل أن تتوافر لديه المصلحة الواجبة لرفع دعوى مستقلة في الحق الذي يطالب الحكم له به سواء كان هذا الحق محل الدعوى الأصلية أو مرتبطة به، أي لا يشترط أن يكون الحق الذي يدعيه المتدخل هو نفس الحق محل، وإنما يكفي وجود ارتباط بين الطلبين يبرر عرضهما على نفس المحكمة،

    كما يكفي للمتدخل أن يكون الحق الذي يدعي به مرتبط بموضوع الدعوى الأصلية القائمة بين طرفي الخصومة ويشكل جزء من ذات الموضوع المعروض على المحكمة.

    ثالثا- آثار التدخل:

    يقضي المبدأ القانوني أنه لا يترتب على طلب التدخل بنوعيه إرجاء الحكم في الدعوى الأصلية متى توافرت أسباب الحكم فيها، وأنه يجب تحكم المحكمة على وجه السرعة في كل نزاع يتعلق بقبول طلب التدخل شکلاً،

    كما تحكم المحكمة في موضوع طلب التدخل في مع الدعوى الأصلية ما لم تر ضرورة التفريق بينها، وعلى هذا فإنه وإن كان لا يترتب على الطلبات العارضة أو التدخل أرجاء الحكم في الدعوى الأصلية متى توفرت أسباب الحكم فيها وإن للمحكمة التفريق بين الطلبات العارضة، أو طلبات التدخل، وبين طلبات الدعوى الأصلية بمقتضى المادة (162) من قانون أصول المحاكمات،

    إلا أن هذا التفريق أو الفصل في الدعوى الأصلية لا يستدعي رد الدعوى المتقابلة المدفوع عنها الرسوم شكلا لمجرد جاهزية الدعوى الأصلية للحكم، إذا لم يكن ثمة مانع قانوني أو شكلي يحول دون قبول الدعوى الأصلية أو طلب التدخل.

  • طلبات المدعى عليه العارضة في الدعوى

    طلبات المدعى عليه العارضة في الدعوى

    طلبات المدعى عليه العارضة

    طلبات المدعى عليه العارضة في الدعوى

    يدخل في مفهوم المدعى عليه كل من تدخل أو أدخل إلى جانبه سواء بالانضمام أم على وجه الاستقلال، وتتميز طلبات المدعى عليه عن دفوعه في الانتقال من موقف الدفاع إلى مرحلة الهجوم، فهو لا يهدف من طلباته الحكم برد دعوى المدعي فقط، بل بالحكم له فيها أيضاً،

     فهو يتحول من مجرد مدعى عليه إلى مدعي في الدعوى ذاتها التي أقامها المدعي ابتداء، بحيث يصبح كل منهما مدعياً ومدعى عليه.

     لهذا أجاز المشرع للمدعى عليه تقديم نوعين من الطلبات يسمى الأول منها بالطلب المقابل ( الدعوى المقابلة أو الادعاء بالتقابل)، ويطلق على الثاني اسم الطلبات العارضة، لذلك سنفصل في كل من الطلبين وفق الآتي:

    أولا- الطلب المقابل ( الدعوى المتقابلة ) :

    يعد الطلب المقابل طلباً طارئاً إذا تم بعد إقامة الدعوى، وقد يكون أصلياً عندما تقام به دعوى مبتدئة على وجه الاستقلال أمام محكمة أخرى غير المحكمة التي أقيمت أمامها الدعوى المنظورة، أو أنها سجلت دعوی مستقلة أمام ذات المحكمة،

     كما لو كان المدعى عليه لا يعلم بإقامة الدعوى عليه، وفي الحالة هذه توحد الدعويين معاً ليصدر بهما حكم واحد منعاً من خشية صدور أحكام متناقضة في الحق الواحد،

    كما لو رفع أحد الخصمين الدعوى ابتداء بتثبيت عقد والزام الطرف الأخر بتنفيذ التزاماته الواردة به، وكان هذا الطرف قد أقام الدعوى بمادة فسخ عقد أو إبطاله وإعادة الطرفين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد، وإذا قدم مثل هذا  الطلب في الدعوى المنظورة يسمى طلبأ عارضة، ويندرج تحت الطلبات العارضة التي تبينها في الفقرة التالية.

    ثانيا – الطلبات العارضة التي يجوز تقديمها من المدعى عليه:

    أجاز القانون للمدعى عليه تقديم مجموعة من الطلبات العارضة الحصرية في مواجهة المدعى منها ما يهدف إلى عدم الحكم للمدعي بكل طلباته، ومنها ما يتضمن الحكم له بما يتفرع عن الدعوى، وقد حدد المشرع هذه الطلبات حصرا وفق لما هو آت:

     1- طلب المقاصة القضائية:

    يجب التفريق بين المقاصة القانونية والمقاصة القضائية، حيث تعد المقاصة قانونية عندما يوجد نص قانوني عليها، أما المقاصة القضائية فهي التي تتم من قبل المحاكم في منازعة قضائية، ولا تحتاج المقاصة القانونية إلى طلب عارض، بل يكفي التمسك بها كدفع لأنها تؤدي إلى انقضاء الدين بقوة القانون متى توافرت شروطها.

     أما المقاصة القضائية فلا يكفي فيها الدفع بل تحتاج إلى ادعاء بطلب عارض، ولا يلزم أن يقوم بنها وبين الدعوى الأصلية أية رابطة سواء من حيث الموضوع أو السبب بين الدينين، ويقضي القانون المدني بأن المقاصة القانونية تكون عندما يكون لكل من الطرفين دين بذمة الطرف الآخر، وأن يكون كل من الدينين مستحق الأداء وصالح للمطالبة به قضاء.، وأن يكون كل من الدينين خالية من النزاع ومحققة ومعلوم المقدار .

    أما المقاصة القضائية فتقوم عندما لا تتوفر شروط المقاصة القانونية، وبالتالي فإنه يكون من حق المدعى عليه تقديم طلب عارض بها متى كان يدعي وجود دین له بذمة المدعي، لأن المقاصة بالديون أمر جائز مهما كان نوعها أو مصدرها متى كانت مملوكة ملكية خالصة، ويصح إيقاع الحجز عليها، لأن كل ما صح حجزه صح بيعه، وكل ما صح بيعه يصح التنفيذ عليه. .

     2- طلب التعويض عن ضرر لحقه من الدعوى الأصلية أو من إجراء فيها:

    يستطيع المدعى عليه أن يتقدم بطلب عارض يتضمن الحكم له عن الضرر اللاحق به من سرد وقائع كاذبة في استدعاء الدعوى تتعلق بالسمعة أو الشرف أو الكرامة، أو الدعوى المقامة من المدعي تنطوي تحت مفهوم التعسف في استعمال الحق.

     كما يستطيع المطالبة بالتعويض عن الضر اللاحق به من أي إجراء تم في الدعوى إذا ثبت عدم وجود ما يبرر ذلك الإجراء كالحجز التحفظي، وتبرير هذا أن محكمة الدعوى هي الأقدر على تقدير حجم الضرر والتعويض عنه.

    3 – أي طلب يترتب على إجابته ألا يحكم للمدعي بطلباته كلها أو بعضها أو يحكم له بها مقيدة المصلحة المدعي عليه:

    أجاز المشرع للمدعى عليه تقديم الطلبات العارضة بمواجهة المدعي مهما كان سببها أو مصدرها إذا كان يترتب عليها ألا يحكم للمدعي بدعواه أو يحكم له بها منقوصة، كما لو أقيمت الدعوى بمادة تنفيذ عقد، فيقدم الطلب العارض بفسخ العقد، أو أن تقام الدعوى بمادة إخلاء عقار وتسليمه خالية من الشواغل لأن الإيجار تم دون إذن من المالك، فيقدم المدعى عليه طلبة عارضة بتثبيت العلاقة الإيجارية ومنع المعارضة في إشغال العقار….. إلخ.

    4- أي طلب يكون متصلاً بالدعوى الأصلية اتصالاً لا يقبل التجزئة:

    قد يقيم المدعي دعوى بمطالبة المستأجر بالأجور، فيتقدم المدعى عليه بطلب عارض بإنقاص الأجرة عن المدة التي لم يستعمل بها العقار المأجور لقيام إصلاحات فيه، أو أي طلب متفرع عن العلاقة الإيجارية، ويشترط في هذه الحالة لقبول الطلب العارض أن لا يكون قابلا للتجزئة، فإذا كان بالإمكان فصله عن الدعوى الأصلية، بحيث تقام به دعوی مستقلة، تحكم المحكمة بعدم القبول.

    5- ما تأذن المحكمة بتقديمه مما يكون مرتبطة بالدعوى الأصلية:

    تحدد المحكمة ما هي الطلبات العارضة التي ترتبط بالدعوى المقامة أمامها، وتقرر في ضوء ذلك الارتباط قبول الطلب أو رفضه، ولا يشترط في هذه الحالة أن يكون الارتباط عضوية بل تكفي أية رابطة تمنع  في المستقبل من إصدار أحكام متناقضة، أو إمكانية حسم نزاع من جميع جوانبه،

     ويجب تقديم الطلبات وفقا لما نص عليه القانون وليس بصيغة دفع والا أهملتها المحكمة وعدتها كأنها لم تكن.

    كما لا يجوز للخصوم تقديم طلبات عارضة خارج تلك الحالات التي نص عليها القانون، وقد اعتبر ذلك من النظام العام.

  • طلبات المدعي العارضة في الدعوى

    طلبات المدعي العارضة في الدعوى

    طلبات المدعي العارضة

     طلبات المدعي العارضة في الدعوى

    تفتح الدعوى أمام المحكمة المختصة باستدعاء الدعوى التي تتضمن طلبات المدعي الأصلية، مع ذلك يستطيع أن يقدم الطلبات العارضة في بعد رفع الدعوى في جميع الحالات التي يقوم ارتباط أو تلازم بينها وبين الدعوى الأصلية (الطلبات الأصلية)،

    ولذلك أجاز المشرع تقديم الطلبات العارضة في مسائل محددة على سبيل الحصر مع الإشارة إلى أن مصطلح المدعي ينصرف إلى المتدخلين أو المدخلين في الدعوى سواء كان تدخلهم أو إدخالهم إلى جانبه أو كان تدخلهم بطلب الحكم لأنفسهم استقلاة، والطلبات العارضة التي يحق للمدعي تقديمها بعد رفع الدعوى هي:

    أولا- ما يتضمن تصحيح الطلب الأصلي أو تعديل موضوعه لمواجهة ظروف طرأت أو تبينت بعد رفع الدعوى:

    ترفع الدعوى ابتداء مثلا بمادة تثبيت مبيع وتسليم، ثم يتبين أن المبيع قد هلك، فيعدل المدعي الدعوى الأصلية عن طريق الطلب العارض إلى إعلان انفساخ العقد مع الرد والتعويض إن كان له مقتضى، وقد تقام الدعوى بمادة تعويض عن ضرر قائم بتاريخ رفعها، إلا أنه يتبين للمدعي تفاقم الضرر بعد ذلك، فله الحق طلب زيادة التعويض لمواجهة ما تفاقم من ضرر،

    ولكن لا يجوز في جميع الحالات أن يطالب بأصل الحق في دعاوى الحيازة تحت طائلة سقوط دعوى الحيازة، ويشترط لقبول الطلب العارض في هذه الحالة أن يتبين الظرف أو يتحقق بعد رفع الدعوى، أما إذا كان المدعي يعرف مسبقا بقيام أسبابه وموضوعه، ولم يتعرض له في عريضة الدعوى، فإن لا يعد طلبأ عارضا وفقا لأصول قبول الطلبات العارضة قانوناً.

    ثانيا- ما يكون مكملاً للطلب الأصلي أو مترتبة عليه أو متصلا به بصلة لا تقبل التجزئة:

    يكون الطلب العارض مكملاً للطلب الأصلي، عندما يكون من طبيعة الحق محل الدعوى، بحيث يمكن جمعهما معا في طلب واحد، كالمطالبة بالدعوى الأصلية باسترداد الدين أو الأجور، وأن يتضمن الطالب العارض المطالبة بالفوائد، وبما استحق من أجور بعد رفع الدعوى، أو المطالبة بتسليم العقار محل دعوى منع المعارضة، والمطالبة بثمرات العقار أو التعويض عن فوات المنفعة.

    كما يكون الطلب العارض مترتبة على الطلب الأصلي عندما يكون نتيجة حتمية له كما لو تم الادعاء بوجود تجاوز من بالبناء أو الغراس من المدعى عليه على عقار المدعي، فإنه يكون الطلب العارض بإزالة البناء أو الغرس مترتبة على الدعوى الأصلية، ويكون الطلب العارض متصلا بالطلب الأصلي بصلة لا تقبل التجزئة، عندما يكون من غير الممكن إقامة دعوى مستقلة بالطلب العارض إلا مع احتمال وجود تعارض بالأحكام،

     كما لو رفع المدعي الدعوى بطلب إنهاء عقد وكالة، وتقديم طلب عارض بمحاسبة الوكيل عن الأعمال التي قام بها الحسابه ومصلحته، أو طلب الثمار مع دعوى الحيازة..إلخ.

     لذا، يعد الطلب العارض مكملا للطلب الأصلي كل طلب يرتبط به على نحو لا يقبل الانفصال كالريع والتسليم والإزالة. لكن يجب أن يدخل الطلب العارض في اختصاص المحكمة المرفوعة إليها الدعوى في الحالات المذكورة جميعها التي يجوز فيها تقديم مثل هذا الطلب.

    ثالثا- ما يتضمن إضافة أو تغيير في سبب الدعوى مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حاله:

    يعبر عن موضوع الدعوى بمضمونها، أو الحق المطالب به أو الحق المراد حمايته من خلالها، أما السبب فهو الأساس القانوني الذي تقوم عليه المطالبة بالحق أو الحماية والذي يعبر عنه أيضا بمصدر الحق أو الالتزام، كأن تقام الدعوى بالتعويض على أساس قواعد المسؤولية العقدية، ثم يتقدم المدعي بطلب عارض يقيمها على أساس قواعد المسؤولية التقصيرية،

    أو أن يقيم دعوى الملكية على أساس العقد أو الوصية أو الهبة أو الإرث، فيغير السبب لتقوم على أساس الحيازة والتقادم، إذا ما ظهر بطلان العقد أو الوصية أو الهبة، أو ظهر أنه غير وارث، وعلة السماح بتقديم مثل هذا الطلب العارض هو تجنب رفع دعوى جديدة بسبب جديد طالما أن الأمر يتعلق بالموضوع نفسه وبالأطراف أنفسهم.

    رابعاً- طلب إجراء تحفظي أو مؤقت:

    يجوز تقديم جميع الطلبات التحفظية أو الوقتية مع الدعوى الأصلية أو تبعا لها عن طريق الطلبات العارضة، كطلب الحجز الاحتياطي (التحفظ ي ) على أموال المدين، وطلب إجراء معاينة، أو وصف حالة راهنة أو طلب حراسة قضائية، أو وضع أختام، وعلى ذلك هو الارتباط الوثيق بين الطلب الوقتي والطلب الأصلي والذي يجعل محكمة الموضوع هي الأقدر على تقدير مدى الحاجة إلى اتخاذ التدبير من عدمه.

    خامساً – ما تأذن المحكمة بتقديمه مما يكون مرتبطة بالدعوى الأصلية:

    يجوز للمدعي أن يتقدم بطلبات عارضة إضافة إلى ما ذكر سابقا بشرطين هما: موافقة المحكمة علي تقديمها، وأن تكون تلك الطلبات ترتبط بالدعوى الأصلية، ولا يشترط في قيام تلك الرابطة أن تكون لا تقبل التجزئة، كطلب فسخ عقد الإيجار والتعويض عما لحق من ضرر من جراء الإخلال بتنفيذ العقد، كما لو ألحق ضررة بالمأجور من جراء استعماله له استعمالا غير مألوف، وبالتالي لا تقبل المحكمة الطلبات العارضة الجديدة إذا لم تتصل بالدعوى الأصلية، ونشير إلى أن الطلبات العارضة من المدعي لا تحتاج إلى رسوم جديدة، ولا يحتاج الأمر إلى تقرير قبولها قبل الفصل بالموضوع ولكن يجب الإشارة إليها في الحكم الفاصل فيه.

  • إجراءات جلسة المحاكمة ونظامها في القانون السوري

    إجراءات جلسة المحاكمة ونظامها في القانون السوري

    إجراءات جلسة المحاكمة ونظامها في القانون السوري

    يقصد بإجراءات المحاكمة تلك القواعد التي تبين التحضير لجلسة المواجهة المحاكمة وزمان ومكان انعقادها، وتحديد آليات ووقائع جلسات المحاكمة من حيث تحددي الحضور والبدء في المحاكمة، وكيفية إجراء المحاكمة، كما يعني نظام الجلسة الأحكام والقواعد التي تتعلق بحسن إدارة الجلسة وإقامة النظام في قاعة المحاكمة، لذلك سنعرض لكل هذه المسائل في المطلبين الآتيين:

    1- إجراءات الجلسة والمحاكمة فيها

    يقوم كاتب المحكمة بإعداد قائمة بالدعاوى التي تعرض في كل جلسة مرتبة بحسب الساعات المعينة لرؤيتها، وتعرض هذه القائمة على القاضي أو رئيس المحكمة، وتعلق صورتها في اللوحة المعدة لذلك على باب المحكمة قبل افتتاح الجلسة، وقد رسم القانون مجموعة من الإجراءات التفصيلية والدقيقة والمهمة في مسيرة العدالة في يوم الجلسة المحددة للنظر في الدعوى.

    فمن هذه الإجراءات ما يتعلق بافتتاح الجلسة، و مكان عقدها، و منه مايتعلق بكيفية افتتاحها، وأخرى تتعلق بإجراءات ما بعد افتتاح الجلسة وذلك وفق الأتي :

    أولا- إجراءات افتتاح جلسة المحاكمة:

    يقوم حاجب المحكمة أو المستخدم أو العامل فيها في الساعة المحددة للنظر في كل دعوی بالنداء على الخصوم أو موكليهم، وإذا غاب الوكيل لايصح تثبيت غيابه قبل النداء على الموكل،

     والنداء على الوكيل يفيد النداء على جميع الموكلين الذين يمثلهم، ويكفي النداء على الوكيل دون الموكل من حيث المبدأ، واذا ورد في ضبط المحاكمة أن النداء على المدعى عليه اقتصر على اسمه الأول دون لقبه، فإن ذلك لا ينفي في ذكر الاسم الكامل عند النداء و لا يعيب الإجراءات.

    كما، يقضي النص القانوني بأن تفتتح جلسات المحاكمة بحضور كاتب المحكمة أو كاتب الضبط، والهيئة الحاكمة سواء كانت المحكمة مشكلة من قاضي واحد أم من عدة قضاة،

     ويعني ذلك أنه ليس للقاضي أن يدون أي ضبط أو محضر بخط يده، وكاتب الضبط بمنزلة ذراع يمنى ثانية له، ويجب أن يجلس في مكان يسمح للقاضي أو الرئيس أن يرى ما تم إملائه وتدوينه من وقائع الجلسة على محضرها، ولا يوقع ضبط الجلسة إلا من القاضي أو الرئيس والكاتب،

    ويعد محضر الجلسة، وما ورد فيه سندا رسمياً لا يطعن فيه بغير التزوير. أما محاضر الإثبات التي تتضمن معاینات و مشاهدات المحكمة، إضافات إلى بعض التحقيقات بحضور الخصوم، فيتوجب توقيعها من الذين حضروا الإجراء، وإذا امتنع أحد المذكورين عن التوقيع وجب ذكر ذلك في المحضر دون أن يؤثر هذا الامتناع على صحة ما ورفي المحضر،

    وتتم المرافعة في القاعة المخصصة لعمل المحكمة، سواء انطوت على قوس للمحاكمات، أم اقتصرت على مكاتب الهيئة وكاتب الضبط، بالإضافة إلى عدد من المقاعد الجلوس الحضور من الخصوم وغيرهم،

    ولا يكفي أن تعقد الجلسة في قاعة المحكمة بل يجب عقدها في أيام العمل وأثناء الدوام الرسمي، ويمكن أن تمتد إلى ما بعد الدوام الرسمي إذا افتتحت أثناء الدوام، ويجب أن تكون الجلسة علنية،

     والغاية من علانية المحاكمة هو تمكن كل مهتم أو مختص من متابعة وقائع الجلسات، لأن قاعات المحاكمات هبي مدارس لتثقيف الشعب من جهة، كما تؤدي العلانية إلى الشفافية وخضوع عمل القاضي لرقابة الجمهور من جهة أخرى. إذ تشكل العلانية ضمانة لعمل القضاة.

     إلا أن هذا المبدأ لا يجري على إطلاقه إذ يجوز عقد جلسات المحاكمة سراً بناء على طلب الخصوم أو بناء على قرار من المحكمة ذاتها للمحافظة على النظام العام، أو مراعاة للآداب العامة، أو لحرمة الأسرة، كما يجوز عقد جلسات المحاكمة في غير قاعة المحكمة، وفي أي وقت يحدده قاضي الأمور المستعجلة في القضايا التي تدخل في اختصاصه.

    ثانياً – إجراءات ما بعد افتتاح الجلسة:

    يتعين على القاضي بعد افتتاح الجلسة بحضور الخصوم أو بحضور من يمثلهم قانون أن يسعی للمصالحة بين الخصوم في الدعاوى الصلحية قبل الدخول في موضوع الدعوى، وعليه أن يثبت عرض الصلح والسعي إليه على ضبط جلسات المحاكمة، والا شكل ذلك خلط بواجب قانوني دون أن يرتب عليه القانون البطلان،

     ويستطيع المدعى عليه في الدعاوى البسيطة أو المستعجلة أن يلتمس مهلة إلى جلسة تالية الإبداء دفوعه، وعلى القاضي أن يعطي الخصوم بناء على طلبهم المهل الكافية والمناسبة من أجل الاطلاع على المستندات، والرد عليها في الدعاوى الخاضعة لتبادل اللوائح، وكل ذلك يتعلق بحق الدفاع الذي يعد النظام العام،

     وفي جميع حالات الاستمهال للدفاع أو لتقديم مذكرات أو مستندات إذا لم يتم ذلك في الميعاد الذي حدده القاضي يمكن له أن يحكم في محضر الجلسة بحكم قابل للتنفيذ فورا عن طريق النيابة العامة على المتخلف بغرامة لا تتجاوز خمس وعشرين ليرة.

    2- إدارة الجلسة ونظامها

    يرأس القاضي أو الرئيس جلسة المحاكمة ويديرها ويشرف عليها، وعلى جميع من يحضر الجلسة واجب الاحترام والامتناع عن كل ما يعكر الهدوء والنظام والأمن في قاعة المحاكمة،

     وتثير مسألة إدارة الجلسة ونظامها بعض المسائل منها ما يتعلق بإجراءات الجلسة بعد افتتاحها، والشروع في المحاكمة الوجاهية، أو المحاكمة بمثابة الوجاهي، وبعد عرض الصلح وافساح المجال للجواب على الدعوى ومستنداتها،

    ومن هذه المسائل إجراءات المرافعة، وقفل باب المرافعة، والصلح في الدعوى، والنظام في الجلسة، والتوقيع على محضر الجلسة وذلك وفق الأتي:

    أولا- المرافعة في جلسة المحاكمة:

    تعد المرافعة أمام المحكمة حق للخصوم في الكلام بحضرة القاضي، ويمكن أن تكون المرافعة  كتابية في الدعاوى المدنية، والأصل فيها أن تكون شفوية في الدعاوى الجزائية،

     ويمكن للمحاكم المدنية أن تسمح بتقديم مرافعة شفوية، وتقوم المرافعة على شرح وتلخيص للمذكرات والطلبات والدفوع يتم تدوينه في ضبط جلسة المحاكمة،

     ويتولى كاتب المحكمة أو كاتب الضبط إنشاء محضر رسمي بافتتاح جلسة المحاكمة بإشراف القاضي أو الرئيس الذي يتلو استدعاء الدعوى ومستنداتها، والمذكرات الجوابية ومستنداتها، ويطلق على هذا عادة (كافة الأوراق المبرزة في ملف الدعوى)،

     وبعدها يأذن القاضي أو الرئيس للمدعي أو وكيله في الكلام ومن ثم يعطي الفرصة ذاتها للمدعى عليه أو وكيله، ويكون المدعى عليه إذا لم تكن النيابة العامة خصم منضمة أخر المتكلمين.

    كما أنه للقاضي أو الرئيس الحق في أن يستوقف المرافعات الطرح الأسئلة والملحوظات التي يراها ضرورية، وله أن يأمر بمحو العبارات الجارحة أو المخالفة للنظام العام والآداب العامة، والتي لا تقتضيها حقوق الدفاع سواء وردت في مذكرة دفاع أم في أية ورقة من أوراق الدعوى،

     كما يتولى القاضي أو الرئيس توجيه الأسئلة للخصوم وللشهود سواء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب الخصوم،

    ولا يجوز توجيه الأسئلة إلا عن طريق القاضي أو الرئيس، ويجب أن يكون ذلك كله في محضر جلسة المحاكمة بصيغة سؤال وجواب، ويجب أن يذكر الجواب بصيغة المتكلم، وأن تنصب الشهادة على ما يصل الشاهد من علم عن طريق الحواس الخمس (السمع والبصر واللمس والشم والتذوق)، وعلى القاضي أن يوجه الإفادات والأدلة بحيث تتعلق بوقائع الدعوى، وتكون منتجه فيها، ويعد ضبط جلسة المحاكمة سند رسمي بما دون فيه ولا يطعن فيه بغير التزوير.

    ثانيا- قفل باب المرافعة:

    يقضي المبدأ القانوني بقفل باب المرافعة بمجرد انتهاء الخصوم من مدافعاتهم، وتستخدم عادة عبارة:

     (( حيث لم يبق ما يقال تقرر قفل باب المرافعة ورفع الجلسة إلى يوم معين للحكم))،

    وإن كانت أكثر المحاكم لا تقفل باب المرافعة، بل تستخدم عبارة أخرى هي (رفع القضية أو الأوراق أو الدعوى للتدقيق)، ولا تعني هذه العبارة قفط لباب المرافعة، بل تعني دراسة الدعوى، والعبارتين مختلفتين في المدلول أو الأثر القانوني، حيث لا يسع المحكمة إلا قبول المذكرة المقدمة خلال فترة التدقيق، لأن رفع القضية التدقيق لا يعني حرمان الخصوم من إبداء ما لديهم من دفوع و مطالب مادامت المحكمة لم تعلن قفل باب المرافعة،

    كما يقضي المبدأ ذاته أن باب المرافعة لا يقفل إلا بعد انتهاء الخصوم من مرافعاتهم، وكل طلب قبل ذلك يجب أن يطرح للبحث والمناقشة، ورفع القضية التدقيق لا يعني حرمان الخصوم من إبداء ما لديهم من دفوع ومطالب مادامت المحكمة لم تعلن قفل باب المرافعة، وكانت محكمة النقض السورية قد قررت أنه لا يجوز للمحكمة قفل باب المرافعة وإصدار الحكم في الدعوى قبل سؤال الخصوم عن أقوالهم الأخيرة،

    إلا أن الهيئة العامة قد ذهبت إلى القول أن:

    ((المحكمة غير ملزمة بسؤال الطرفين عن أقوالهما الأخيرة وأن الانتهاء من الأقوال يستنتج من تصرفات الأطراف أثناء المحاكمة))

    كما أن قرار المحكمة بحجز القضية للحكم بعد تكرار الطرفين أقوالهما وختمها يفيد صراحة قفل باب المرافعة، إلا أنه إذا رفعت الدعوى للتدقيق بمسألة فرعية قبل ختام أقوال الطرفين فصدور الحكم فيها برمتها مخالف للقانون،

    ولا يعد قفل باب المرافعة نهاية المطاف في المرافعة أمام المحاكم. إذ أجاز القانون للخصوم أن يقدموا للمحكمة خلال الأيام الثلاثة التي تلي إقفال باب المرافعة مذكرة واحدة خطية لاستكمال بعض النقاط أو تصحيحها، وتقدم هذه المذكرة بواسطة ديوان المحكمة، وتودع منها نسخ بعدد الخصوم، ويعطى الخصوم میعاد ثلاثة أيام للجواب عليها،

    إلا أنه يحكم في هذه الحالة على من تقدم بالمذكرة وعلى من أجاب عليها بغرامة لا تتجاوز المائة ليرة سورية، ويصدر الحكم على ضبط جلسة المحاكمة العلنية وينفذ عن طريق النيابة العامة.

     إلا أنه بعد إقفال باب المرافعة لا تقبل مذكرات جديدة إذا انقضت المهلة المحددة من قبل المحكمة، إذا كانت المحكمة قد حددت أجلاً أو أعطت رخصة لتقديم مذكرة بعد قفل باب المرافعة، إلا أنه على المحكمة أن تقول كلمتها سلباً أو إيجاباً في طلب تقديم البينة المعاكسة ولو قدم هذا الطلب بعد قفل باب المرافعة كما أن قفل باب المرافعة ليس نهاية المطاف في ممارسة حق الدفاع، بل أجاز القانون إعادة فتح باب المرافعة بناء على طلب الخصوم أو من قبل المحكمة ذاتها لمواجهة وقائع جديدة أو وقائع غير معلومة ظهرت بعد قفل باب المرافعة، أو لأن الدعوى غير جاهزة للفصل في الموضوع،

    وإذا قررت المحكمة فتح باب المرافعة ثم قبلت في الجلسة التالية الطلب المقدم من أحد الخصوم مرفقة بالأوراق التي تم تبليغ صورة عنها للخصم الآخر في الدعوى، فإنه يستدل من ذلك على إعادة فتح باب المرافعة مجددا وأن حضور الخصم الجلسة دون أن يبدي أي تحفظ عليها يعتبر قابلاً بالإجراءات،

    إلا أنه عند فتح باب المرافعة لأي سبب يتعين فسح المجال للطرفين لإبداء دفوعهما في الوقائع الجديدة ويمكن للمحكمة بعد انتهاء الخصوم من المرافعة أن تصدر الحكم في الجلسة ذاتها دون الحاجة إلى إقفال باب المرافعة،

     ويمكن أن تقرر قفل باب المرافعة وتحديد جلسة قريبة للنطق بالحكم، ويدون موعد الجلسة اللاحقة على محضر ضبط الجلسة، ويعلن الخصوم فيها، ولا يجوز تأجيل جلسة النطق بالحكم أكثر من مرة واحدة ويرد تفصيل ذلك في الجزء الخاص بنظرية الأحكام.

    ثالثاً- الصلح في الدعوى:

    يستطيع الخصوم في الدعوى في أية مرحلة كانت عليها سواء قبل فتح باب المرافعة فيها أو أثناء المرافعة، أو بعد قفل باب المرافعة أن يطلبوا من المحكمة فتح المرافعة في الدعوى لتدوين الصلح الذي اتفقوا عليه في محضر المحاكمة، والصلح الواقع بين أطراف الدعوى في أي محاكمة يعد عقداً رسمياً لتوثيقه من قبل القاضي ولا يعد حكماً قضائية بالمعنى الفني للحكم،

    وبالتالي فإن الطعن فيه كالطعن بالعقود، ولاشيء يمنع من تضمينه بنودة تتجاوز موضوع الدعوى، وتحسم الخلاف بين الطرفين في أمور أخرى، وإن عقد المصالحة الجاري أمام المحكمة والمصادق عليه من قبلها، يعد من العقود الرسمية وينفذ بواسطة دائرة التنفيذ،

    ويمكن أن يكون الصلح على ضبط جلسة المحاكمة، ويوقع عليه الخصوم مع القاضي أو الرئيس وكاتب الضبط، ويمكن لصاحب المصلحة أن يأخذ عنه صورة تنفيذية، ويمكن أن يرد بمذكرة خطية مشتركة موقعة من الخصوم،

     وفي الحالين يمكن أن يصدر حكم من المحكمة متضمنة الصلح وبنوده ويقتصر الحكم على تثبيت الصلح، ولا يصح تثبيت صلح إذا كان يخالف القواعد المتعلقة بالنظام العام أو الآداب العامة.

    رابعاً – النظام في الجلسة:

    يدير القاضي أو الرئيس جلسة المحاكمة، ويشرف على النظام في قاعة المحكمة، ويتجلى ضبط النظام في الجلسة وفق الأتي:

    1- للرئيس أو القاضي أن يخرج من الجلسة من يخل بنظامها، فإن لم يمتثل وتمادي كان للمحكمة أن تحكم على الفور بحبسه أربع وعشرين ساعة، أو بتغريمه عشر ليرات حكما غير قابل لطريق من طرق الطعن يبلغه الرئيس إلى النيابة العامة لتنفيذه في الحال.

     2- يأمر الرئيس أو القاضي بكتابة محضر عن كل جريمة تقع أثناء الجلسة، وقد يباشر إجراء بعض التحقيقات اللازمة بشأن تلك الجريمة،

     وإذا كانت الجريمة من نوع الجناية أو الجنحة يستطيع أن يأمر بالقبض على من ارتكب الجريمة وإحالته إلى النيابة العامة،

    وإذا كان مرتكب الجريمة من المحامين قام بتنظيم ضبط بالواقعة وأحال الموضوع إلى النيابة العامة لإجراء اللازم، مع مراعاة قانون مهنة المحاماة.

    3- للمحكمة أن تحاكم من تقع منه أثناء انعقاد الجلسة جنحة تعد على هيئتها أو على أحد أعضائها أو أحد موظفيها، وأن تحكم عليه بالعقوبة المقررة للجنحة،

     ويكون حكمها في هذا الشأن نافذا في الحال، وإن كان يخضع للاستئناف وفق القواعد المقررة في قانون الإجراءات الجزائية، ونرى أن هذا الأمر يجعل المحكمة خصمة وحكمة ويتنافى وضمانات الحقوق.

    لذلك يفضل أن تكتفي المحكمة بتنظيم محضر بالواقعة وتحيله مع الشخص موقوفة إلى النيابة العامة لإجراء المقتضیالقانوني.

    4- للمحكمة أن تحاكم من شهد زورة في جلسة المحاكمة وأن تحكم عليه بالعقوبة المقررة لشهادة الزور ، ويكون حكمها نافذاً في الحال ولو كان يقبل الاستئناف وفق الفقرة السابقة

    . خامساً – التوقيع على محضر أو ضبط الجلسة:

    جاء في المادة (138) أصول محاكمات أن ينشئ كاتب الضبط محضر المحاكمة ويوقع عليه مع الرئيس في أخر كل جلسة ويذكر فيه ساعة افتتاحها وساعة ختامها، وأسماء القضاة والنيابة العامة إذا مثلت في المحاكمة، وأسماء المحامين، والوقوعات التي حدثت، والشروح التي يأمره الرئيس بتدوينها،

     وقد عد الاجتهاد القضائي أن المبدأ المذكور من النصوص الآمرة المتعلقة بالنظام العام، وبالتالي فإن مخالفتها تؤدي إلى البطلان المطلق، وعليه فإن عدم توقيع ضبط الجلسة من قبل القاضي أو رئيس الهيئة الحاكمة يشكل خلط في إجراءات التقاضي ويجعلها باطلة، والحكم المبني عليها باطلاً وإن خلو ضبط الجلسة من أسماء رئيس وأعضاء المحكمة جميعهم يصم إجراءات المحاكمة بالخلل ويؤدي إلى بطلان الحكم، إلا أنه لا محل التوقيع القاضي و مساعده على ضبط الجلسة الأخيرة طالما أن الحكم مكمل لمحضرها.

     

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1